الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يكون ما بين الستين والسبعين، وحينئذ يظهر ضعف القوة بالنقص والانحطاط، فينبغي له الإقبال على الآخرة بالكلية لاستحالة أن يرجع إلى الحالة الأولى من النشاط والقوة»
(1)
.
وخير الناس من طال عمره وحسن عمله، روى الترمذي في سننه من حديث نفيع بن الحارث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: أي الناس خير؟ قال: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ» ، قِيلَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ»
(2)
.
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رجلان من بلي حي من قضاعة أسلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشهد أحدهما وأُخر الآخر سنة، قال طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: فأُريت الجنة فرأيت فيها المؤخر منهما أُدخل الجنة قبل الشهيد، فعجبت لذلك، فأصبحت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، أو ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ السَّنَةِ»
(3)
.
ومن فوائد الحديث:
1 -
أن من بلغ الستين فقد أعذر الله إليه في العمر، فإن أعظم حدث في حياة الإنسان الموت، وانقضاء الأجل، ومفارقة الأهل والمال والولد، ولذلك عليه أن يكثر من الطاعات والقربات والاستغفار لعله يختم له بعمل صالح.
(1)
. فتح الباري (11/ 240).
(2)
. برقم 2330 وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
. مسند الإمام أحمد (14/ 127) برقم 8399 وقال محققوه: إسناده حسن.
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي عنبة الخولاني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَرَادَ اللَّه بِعَبْدِهِ خَيْرًا عَسَلَهُ» ، قِيلَ: وَمَا عَسْلُهُ
(1)
؟ قَالَ: «يَفْتَحُ اللَّهُ لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ»
(2)
.
وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا»
(3)
.
2 -
من مد الله له في العمر فزاد على الستين، فهذه نعمة من الله تستوجب الشكر، ويكون ذلك بالإقبال على الله والدار الآخرة والحرص على كثرة الذكر والبعد عن المعاصي.
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عَبْدِ اللَّه بْنِ شَدَّاد رضي الله عنه، أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي عَذْرَةَ ثَلاثَةً أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمُوا، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَكْفِينيهِم؟ » ، قَالَ طَلْحَةُ: أَنَا، قَالَ: فَكَانُوا عِنْدَ طَلْحَةَ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا، فَخَرَجَ فِيهِ أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِدَ، قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ بَعْثًا فَخَرَجَ فِيهِمْ آخَرُ فَاسْتُشْهِدَ، قَالَ: ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ عَلَى فِرَاشِهِ، قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةَ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدِي فِي الْجَنَّةِ، فَرَأَيْتُ الْمَيِّتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَمَامَهُمْ، وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَخِيرًا يَلِيهِ، وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ، قَالَ: فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: فَقَالَ: «وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ
(1)
. قال ابن قتيبة في غريب الحديث (1/ 302): قوله عسله: أُراه مأخوذًا من العسل، شبه العمل الصالح الذي يفتح للعبد حتى يرضى الناس عنه ويطيب ذكره فيهم بالعسل.
(2)
. (29/ 323) برقم 17784 وقال محققوه: صحيح لغيره.
(3)
. صحيح البخاري برقم 6493، وصحيح مسلم برقم 2651 واللفظ للبخاري.