المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المثال الثاني: قصة جليبيب: - الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة - جـ ٩

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلمة الأولىفوائد من حديث: إن الله إذا استودع شيئًا حفظه

- ‌الكلمة الثانيةفوائد من حديث بركة الغازي في ماله حيًّا وميتًا

- ‌من فوائد الحديث السابق:

- ‌الكلمة الثالثةالتحذير من اللعن

- ‌الكلمة الرابعةتأملات في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين

- ‌ومن فوائد الحديث:

- ‌فائدة:

- ‌الكلمة الخامسةنواقض الوضوء

- ‌الكلمة السادسةآداب قضاء الحاجة

- ‌الكلمة السابعةمن آداب المجالس

- ‌الكلمة الثامنةفضل الإصلاح بين الناس

- ‌ومن فوائد الصلح:

- ‌الكلمة التاسعةوقفات مع حديث: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة

- ‌هذا الحديث اشتمل على أمور ثلاث:

- ‌من فوائد الحديث:

- ‌الكلمة العاشرةفضل الرباط في سبيل الله

- ‌ونذكر إخواننا المرابطين في سبيل الله بالأمور التالية:

- ‌فائدة:

- ‌الكلمة الحادية عشرةالخوارج صفاتهم وخطرهم

- ‌فتبين مما تقدم أن من صفات الخوارج ما يلي:

- ‌الكلمة الثانية عشرةجمع الكلمة

- ‌الكلمة الثالثة عشرةأحكام التعزية

- ‌ويُروى عن الشافعي أنه قال:

- ‌ومات ابن للإمام الشافعي فأنشد من [الطويل]:

- ‌وقد سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، يقول السائل:

- ‌وسُئلت اللجنة الدائمة عن صنع الطعام في التعزية من قبل أهل الميت

- ‌ومن بدع ومخالفات العزاء:

- ‌الكلمة الرابعة عشرةزيارة القبور

- ‌والمقصود من زيارة القبور شيئان:

- ‌ومن البدع والشركيات التي تحصل عند القبور، وأشير إلى بعضها:

- ‌الكلمة الخامسة عشرةالتحذير من الفتن

- ‌فائدة مهمة:

- ‌الكلمة السادسة عشرةالتلبية وأحكامها

- ‌الكلمة السابعة عشرةإسلام الكافر

- ‌سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، يقول السائل:

- ‌الكلمة الثامنة عشرةالإقامة في بلاد الكفار

- ‌سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، يقول السائل:

- ‌الكلمة التاسعة عشرةالعمل أو الدراسة لدى الكفار

- ‌والخلاصة: «أن إجارة المسلم نفسه للكافر ثلاثة أنواع:

- ‌سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، يقول السائل:

- ‌سُئل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، يقول السائل:

- ‌وسُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، يقول السائل:

- ‌الكلمة العشرونالزواج من الكتابيات

- ‌الكلمة الحادية والعشرونشرح اسم من أسماء الله تعالى: الرحمن، الرحيم

- ‌ومن آثار الإيمان بهذين الاسمين العظيمين:

- ‌الكلمة الثانية والعشرونصفة الصلاة

- ‌الكلمة الثالثة والعشرونفضائل التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير

- ‌فمن فضائل هذه الكلمات:

- ‌الكلمة الرابعة والعشرونمن آداب الضيافة واستقبال الضيوف والزوار

- ‌الكلمة الخامسة والعشرونمن أحكام الغسل

- ‌وذكر أهل العلم الأغسال المستحبة:

- ‌الكلمة السادسة والعشرونفضل كفالة الأيتام

- ‌الكلمة السابعة والعشرونمن أحكام الأطعمة رقم 2

- ‌الكلمة الثامنة والعشرونالتحذير من اليمين الكاذبة

- ‌الكلمة التاسعة والعشرونالمسارعة في الاستجابة لأمر الله ورسوله

- ‌فمن ذلك ما حصل

- ‌المثال الثاني: قصة جليبيب:

- ‌الكلمة الثلاثونمن آداب القرآن

- ‌الكلمة الواحدة والثلاثونمن آداب المساجد

- ‌تنبيه:

- ‌الكلمة الثانية والثلاثونمن آداب الاستئذان

- ‌الكلمة الثالثة والثلاثونآداب السلام رقم 1

- ‌الكلمة الرابعة والثلاثونآداب السلام رقم 2

- ‌الكلمة الخامسة والثلاثونآداب السلام رقم 3

- ‌هل يشرع السلام على أهل المعاصي والبدع

- ‌الكلمة السادسة والثلاثونصلاة التطوع

- ‌والتطوع أنواع:

- ‌تنبيه:

- ‌الكلمة السابعة والثلاثونأوقات النهي عن الصلاة

- ‌تنبيهات:

- ‌الكلمة الثامنة والثلاثونتنظيم النسل

- ‌الفرق بين منع الحمل وتنظيمه وتحديد النسل:

- ‌الكلمة التاسعة والثلاثونالإحداد

- ‌ولعدة المتوفى عنها زوجها أحكام تختص بها، فمن ذلك:

- ‌وهذه بعض فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء فيما يتعلق بمسائل الإحداد التي يكثر السؤال عنها:

- ‌الكلمة الأربعونأشراط الساعة الكبرى العشر

- ‌الكلمة الواحدة والأربعونصفات أهل الفردوس

- ‌ومن فوائد الآيات الكريمات:

- ‌الكلمة الثانية والأربعونتحقيق شهادة أن محمدًا رسول الله

- ‌الكلمة الثالثة والأربعونالفطرة السليمة

- ‌الكلمة الرابعة والأربعونمن محاسن الدين الإسلامي

- ‌ومن فوائد معرفة هذا العلم "محاسن الدين

- ‌الكلمة الخامسة والأربعونوقفات مع قوله تعالى:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13]

- ‌الكلمة السادسة والأربعونالتوسل المشروع والممنوع

- ‌النوع الثاني: التوسل الممنوع:

- ‌تنبيه:

- ‌الكلمة السابعة والأربعونأسباب تفرق المسلمين

- ‌الكلمة الثامنة والأربعونالتشبه بالكفار

- ‌أحكام التشبه:

- ‌الكلمة التاسعة والأربعونالتلبيس على الناس

- ‌الكلمة الخمسونالصراط المستقيم والأمة الوسط

الفصل: ‌المثال الثاني: قصة جليبيب:

«لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى أَصْبَحَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِذَلِكَ، فَارْتَدَّ نَاسٌ ممَنْ كَانوا آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ، وسَعَى رِجَالٌ مَن المُشْرِكين إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَالُوا: هَلْ لَكَ إِلَى صَاحِبِكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: أَوَقَالَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: لَئِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ، قَالُوا: أَوَتُصَدِّقُهُ أَنَّهُ ذَهَبَ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَجَاءَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنِّي لأَصُدِّقُهُ فِيمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غُدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه»

(1)

.

قال الإمام الطحاوي رحمه الله: «إن سبب تسمية أبي بكر رضي الله عنه بالصديق، إنما هو سبقه الناس إلى تصديقه رسول الله صلى الله عليه وسلم على إتيانه لبيت المقدس من مكة، ورجوعه منه إلى منزله بمكة في تلك الليلة، وإن كان المؤمنون يشهدون لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك إذا وقفوا عليه»

(2)

.

‌المثال الثاني: قصة جليبيب:

روى الإمام أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه من حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قَالَ: وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَيِّمٌ لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا حَاجَةٌ أَمْ لَا، فَقَالَ:

(1)

. مستدرك الحاكم (4/ 25) برقم (4515)، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، فإن محمد بن كثير الصنعاني صدوق ووافقه الذهبي، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله كما في السلسلة الصحيحة برقم (306).

(2)

. شرح مشكل الآثار (3/ 393).

ص: 205

رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: «زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ» ، فَقَالَ: نِعِمَّ وَكَرَامَةٌ يَا رَسُولَ اللَّه، وَنُعْمَ عَيْنِي. فَقَالَ:«إِنِّي لَسْتُ أُرِيدُهَا لِنَفْسِي» قَالَ: فَلِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّه؟ قَالَ: «لِجُلَيْبِيبٍ» قَالَ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه أُشَاوِرُ أُمَّهَا. فَأَتَى أُمَّهَا، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ ابْنَتَكِ. فَقَالَتْ: نِعِمَّ وَنُعْمَةُ عَيْنِي. فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ يَخْطُبُهَا لِنَفْسِهِ، إِنَّمَا يَخْطُبُهَا لِجُلَيْبِيبٍ، فَقَالَتْ: أَجُلَيْبِيبٌ إنِيهِ؟ أَجُلَيْبِيبٌ إنِيهِ؟ أَجُلَيْبِيبٌ إنِيهِ؟ لَا لَعَمْرُ اللَّه، لَا نُزَوَّجُهُ. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ لِيَأْتِيَ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم لِيُخْبِرَهُ بِمَا قَالَتْ أُمُّهَا، قَالَتِ الْجَارِيَةُ: مَنْ خَطَبَنِي إِلَيْكُمْ؟ فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّهَا. فَقَالَتْ: أَتَرُدُّونَ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَمْرَهُ، ادْفَعُونِي، فَإِنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْنِي. فَانْطَلَقَ أَبُوهَا إِلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: شَأْنُكَ بِهَا. فَزَوَّجَهَا جُلَيْبِيبًا.

قَالَ: فَخَرَجَ رَسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ لَهُ، قَالَ: فَلَمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْهِ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ:«هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ » قَالُوا: نَفْقِدُ فُلَانًا، وَنَفْقِدُ فُلَانًا. قَالَ:«انْظُرُوا هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ » قَالُوا: لَا. قَالَ: «لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا» قَالَ: «فَاطْلُبُوهُ فِي الْقَتْلَى» . قَالَ: فَطَلَبُوهُ، فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه، هَا هُوَ ذَا إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:«قَتَلَ سَبْعَةً وَقَتَلُوهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَلَى سَاعِدَيْهِ، وَحَفَرَ لَهُ، مَا لَهُ سَرِيرٌ إِلَّا سَاعِدَا رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ. وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّهُ غَسَّلَهُ.

قَالَ ثَابِتٌ: فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقَ مِنْهَا. وَحَدَّثَ

ص: 206

إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّه بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ثَابِتًا، قَالَ: هَلْ تَعْلَمُ مَا دَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا الْخَيْرَ صَبًّا، وَلَا تَجْعَلْ عَيْشَهَا كَدًّا كَدًّا» . قَالَ: فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقَ مِنْهَا

(1)

.

ومن الأمثلة على خسارة من لم يستجب للحق، ويمتثل لأمر الله ورسوله:

المثال الأول: قال القرطبي: ورُوي أن الزيال بن حرملة قال: ] قال جابر بن عبد الله [: قال الملأ من قريش وأبو جهل: قد التبس علينا أمر محمد، فلو التمستم رجلًا عالمًا بالشعر والكهانة والسحر فكلَّمه ثم أتانا ببيان من أمره؛ فقال عتبة بن ربيعة: والله، لقد سمعت الكهانة والشعر والسحر، وعلمت من ذلك علمًا لا يخفى عليَّ إن كان كذلك، فقالوا: ائته فحدثه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا محمد، أنت خيرٌ أم قصي بن كلاب؟ أنت خيرٌ أم هاشم؟ أنت خيرٌ أم عبد المطلب؟ أنت خيرٌ أم عبد الله؟ فبم تشتم آلهتنا، وتُضلل آباءنا، وتُسفه أحلامنا، وتذم ديننا؟ فإن كنت إنما تريد الرياسة عقدنا إليك ألويتنا، فكنت رئيسنا ما بقيت، وإن كنت تريد الباءة زوجناك عشر نساء من أي بنات قريش شئت، وإن كنت تريد المال جمعنا لك ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًّا من الجن قد غلب عليك بذلنا لك أموالنا

(1)

. مسند الإمام أحمد (33/ 29) برقم (19784)، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم، وأصله في صحيح مسلم برقم (2472).

ص: 207

في طلب ما تتداوى به أو نغلب فيك، والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت، فلما فرغ قال:«أَفَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟ » قال: نعم، قال:«اسْمَعْ» : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا

الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8) قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13)} [فصلت]. فوثب عتبة ووضع يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم، وناشده الله والرحم ليسكُتَنَّ، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش؛ فجاءه أبو جهل فقال: أصبوت إلى محمد؟ أم أعجبك طعامه؟ فغضب عتبة وأقسم ألا يكلم محمدًا أبدًا، ثم قال: والله، لقد تعلمون أني من أكثر قريش مالًا، ولكني لما قصصت عليه القصة أجابني بشيء -والله- ما هو بشعر ولا

ص: 208

كهانة ولا سحر؛ ثم تلا عليهم ما سمع منه إلى قوله: {مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} وأمسكت بفيه وناشدته بالرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمدًا إذا قال شيئًا لم يكذب، فوالله، لقد خفت أن ينزل بكم العذاب؛ يعني الصاعقة»

(1)

.

فهذه القصة تدل على أن عتبة عرف أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم الحق، لكنه استكبر عن قبوله وأعرض عنه، فقُتل يوم بدرٍ كافرًا، نعوذ بالله من خاتمة السوء.

المثال الثاني: ما رواه مسلم في صحيحه من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رجلًا أكل عند النبي صلى الله عليه وسلم بشماله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلْ بِيَمِينِكَ» ، فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ:«لَا اسْتَطَعْتَ» ، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ، قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ

(2)

.

فهذا الرجل تكبر على أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت عاقبته أن شُلت يده.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1)

. سيرة ابن هشام (1/ 321 - 322) قال الشيخ الألباني رحمه الله: هذه القصة أخرجها ابن إسحاق في المغازي (1/ 185) من سيرة ابن هشام، بسند حسن عن محمد ابن كعب القرظي مرسلًا، ووصله عبد بن حميد وأبو يعلى البغوي من طريق أخرى من حديث جابر رضي الله عنه كما في تفسير ابن كثير رحمه الله (4/ 9 - 91) وسنده حسن إن شاء الله .. فقه السيرة النبوية للشيخ محمد الغزالي، تحقيق: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله، ص 113.

(2)

. برقم (2021).

ص: 209