المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلمة الرابعة والثلاثونآداب السلام رقم 2 - الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة - جـ ٩

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلمة الأولىفوائد من حديث: إن الله إذا استودع شيئًا حفظه

- ‌الكلمة الثانيةفوائد من حديث بركة الغازي في ماله حيًّا وميتًا

- ‌من فوائد الحديث السابق:

- ‌الكلمة الثالثةالتحذير من اللعن

- ‌الكلمة الرابعةتأملات في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين

- ‌ومن فوائد الحديث:

- ‌فائدة:

- ‌الكلمة الخامسةنواقض الوضوء

- ‌الكلمة السادسةآداب قضاء الحاجة

- ‌الكلمة السابعةمن آداب المجالس

- ‌الكلمة الثامنةفضل الإصلاح بين الناس

- ‌ومن فوائد الصلح:

- ‌الكلمة التاسعةوقفات مع حديث: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة

- ‌هذا الحديث اشتمل على أمور ثلاث:

- ‌من فوائد الحديث:

- ‌الكلمة العاشرةفضل الرباط في سبيل الله

- ‌ونذكر إخواننا المرابطين في سبيل الله بالأمور التالية:

- ‌فائدة:

- ‌الكلمة الحادية عشرةالخوارج صفاتهم وخطرهم

- ‌فتبين مما تقدم أن من صفات الخوارج ما يلي:

- ‌الكلمة الثانية عشرةجمع الكلمة

- ‌الكلمة الثالثة عشرةأحكام التعزية

- ‌ويُروى عن الشافعي أنه قال:

- ‌ومات ابن للإمام الشافعي فأنشد من [الطويل]:

- ‌وقد سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، يقول السائل:

- ‌وسُئلت اللجنة الدائمة عن صنع الطعام في التعزية من قبل أهل الميت

- ‌ومن بدع ومخالفات العزاء:

- ‌الكلمة الرابعة عشرةزيارة القبور

- ‌والمقصود من زيارة القبور شيئان:

- ‌ومن البدع والشركيات التي تحصل عند القبور، وأشير إلى بعضها:

- ‌الكلمة الخامسة عشرةالتحذير من الفتن

- ‌فائدة مهمة:

- ‌الكلمة السادسة عشرةالتلبية وأحكامها

- ‌الكلمة السابعة عشرةإسلام الكافر

- ‌سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، يقول السائل:

- ‌الكلمة الثامنة عشرةالإقامة في بلاد الكفار

- ‌سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، يقول السائل:

- ‌الكلمة التاسعة عشرةالعمل أو الدراسة لدى الكفار

- ‌والخلاصة: «أن إجارة المسلم نفسه للكافر ثلاثة أنواع:

- ‌سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، يقول السائل:

- ‌سُئل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، يقول السائل:

- ‌وسُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، يقول السائل:

- ‌الكلمة العشرونالزواج من الكتابيات

- ‌الكلمة الحادية والعشرونشرح اسم من أسماء الله تعالى: الرحمن، الرحيم

- ‌ومن آثار الإيمان بهذين الاسمين العظيمين:

- ‌الكلمة الثانية والعشرونصفة الصلاة

- ‌الكلمة الثالثة والعشرونفضائل التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير

- ‌فمن فضائل هذه الكلمات:

- ‌الكلمة الرابعة والعشرونمن آداب الضيافة واستقبال الضيوف والزوار

- ‌الكلمة الخامسة والعشرونمن أحكام الغسل

- ‌وذكر أهل العلم الأغسال المستحبة:

- ‌الكلمة السادسة والعشرونفضل كفالة الأيتام

- ‌الكلمة السابعة والعشرونمن أحكام الأطعمة رقم 2

- ‌الكلمة الثامنة والعشرونالتحذير من اليمين الكاذبة

- ‌الكلمة التاسعة والعشرونالمسارعة في الاستجابة لأمر الله ورسوله

- ‌فمن ذلك ما حصل

- ‌المثال الثاني: قصة جليبيب:

- ‌الكلمة الثلاثونمن آداب القرآن

- ‌الكلمة الواحدة والثلاثونمن آداب المساجد

- ‌تنبيه:

- ‌الكلمة الثانية والثلاثونمن آداب الاستئذان

- ‌الكلمة الثالثة والثلاثونآداب السلام رقم 1

- ‌الكلمة الرابعة والثلاثونآداب السلام رقم 2

- ‌الكلمة الخامسة والثلاثونآداب السلام رقم 3

- ‌هل يشرع السلام على أهل المعاصي والبدع

- ‌الكلمة السادسة والثلاثونصلاة التطوع

- ‌والتطوع أنواع:

- ‌تنبيه:

- ‌الكلمة السابعة والثلاثونأوقات النهي عن الصلاة

- ‌تنبيهات:

- ‌الكلمة الثامنة والثلاثونتنظيم النسل

- ‌الفرق بين منع الحمل وتنظيمه وتحديد النسل:

- ‌الكلمة التاسعة والثلاثونالإحداد

- ‌ولعدة المتوفى عنها زوجها أحكام تختص بها، فمن ذلك:

- ‌وهذه بعض فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء فيما يتعلق بمسائل الإحداد التي يكثر السؤال عنها:

- ‌الكلمة الأربعونأشراط الساعة الكبرى العشر

- ‌الكلمة الواحدة والأربعونصفات أهل الفردوس

- ‌ومن فوائد الآيات الكريمات:

- ‌الكلمة الثانية والأربعونتحقيق شهادة أن محمدًا رسول الله

- ‌الكلمة الثالثة والأربعونالفطرة السليمة

- ‌الكلمة الرابعة والأربعونمن محاسن الدين الإسلامي

- ‌ومن فوائد معرفة هذا العلم "محاسن الدين

- ‌الكلمة الخامسة والأربعونوقفات مع قوله تعالى:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13]

- ‌الكلمة السادسة والأربعونالتوسل المشروع والممنوع

- ‌النوع الثاني: التوسل الممنوع:

- ‌تنبيه:

- ‌الكلمة السابعة والأربعونأسباب تفرق المسلمين

- ‌الكلمة الثامنة والأربعونالتشبه بالكفار

- ‌أحكام التشبه:

- ‌الكلمة التاسعة والأربعونالتلبيس على الناس

- ‌الكلمة الخمسونالصراط المستقيم والأمة الوسط

الفصل: ‌الكلمة الرابعة والثلاثونآداب السلام رقم 2

‌الكلمة الرابعة والثلاثون

آداب السلام رقم 2

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..

فلا زال الحديث عن آداب السلام، فمن ذلك:

أنه يشرع السلام على النساء، فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها إحدى نساء بني عبد الأشهل تقول: مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في نسوة، فسلم علينا وقال:«إِيَّاكُنَّ وَكُفْرَ الْمُنَعَّمِينَ» ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّه، وَمَا كُفْرُ الْمُنَعَّمِينَ؟ قَالَ:«لَعَلَّ إِحْدَاكُنَّ أَنْ تَطُولَ أَيْمَتُهَا بَيْنَ أَبَوَيْهَا وَتَعْنُسَ، فَيَرْزُقَهَا اللَّهُ عز وجل زَوْجًا، وَيَرْزُقَهَا مِنْهُ مَالًا وَوَلَدًا، فَتَغْضَبَ الْغَضْبَةَ، فَرَاحَتْ تَقُولُ: مَا رَأَيْتُ مِنْهُ يَوْمًا خَيْرًا قَطُّ»

(1)

.

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث مولى أم هانئ بنت أبي طالب أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها تقول: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يغتسل، وفاطمة رضي الله عنها ابنته تستره، فسلمت عليه فقال:«مَنْ هَذِهِ؟ » قُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ:«مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ»

(2)

.

(1)

. (45/ 542) برقم (27561)، وقال محققوه: حديث حسن.

(2)

. صحيح البخاري برقم (3171)، وصحيح مسلم برقم (336).

ص: 243

وروى البخاري في صحيحه من حديث سهل رضي الله عنه قال: «كنا نفرح يوم الجمعة، قلت لسهل: ولم؟ قال: كانت لنا عجوز ترسل إلى بُضاعة - قال ابن مسلمة: نخل بالمدينة - فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في قدر، وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا، ونسلم عليها فتقدمه إلينا فنفرح من أجله»

(1)

.

وروى البيهقي في الشعب من طريق مبارك بن فضالة قال: سئل الحسن عن السلام على النساء؟ قال: لم يكن الرجال يسلمون على النساء، ولكن النساء هن من يسلمن على البعال

(2)

.

قال الشيخ الألباني رحمه الله: «وتعليقًا على هذا الاثر أقول: لقد ثبت سلامه صلى الله عليه وسلم على النساء كما في حديث أسماء السابق، كما ثبت سلام أم هانئ عليه في الحديث السابق وهي ليست من محارمه، فهذا كله ثابت عنه صلى الله عليه وسلم فهذا هو الأصل، وأما الآثار فهي مختلفة فبعضها تطلق الجواز، ولا تفرق بين الشابة والعجوز فهي على الأصل، وبعضها تمنع مطلقًا، وبعضها تجيزه على العجوز دون الشابة، وبعضهم يفرق تفريقًا آخر فيمنع تسليم الرجال على النساء مطلقًا، ويجيز لهن السلام عليهم مطلقًا كما في أثر الحسن هذا، والذي يتبين لي والله أعلم البقاء على الأصل؛ ولأنه داخل في عموم الأدلة الآمرة بإفشاء السلام، مع مراعاة قاعدة «دفع المفسدة قبل جلب المصلحة» ما أمكن، وإليه جنح الحليمي فيما نقله البيهقي عنه، قال: «إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يخشى الفتنة،

(1)

. برقم 6248.

(2)

. (13/ 105) برقم 8508، وقال محققه: إسناده حسن.

ص: 244

فلذلك سلم عليهن، فمن وثق من نفسه بالتماسك فليسلم، ومن لم يأمن نفسه فلا يسلم، فإن الحديث ربما جر بعضه بعضًا والصمت أسلم»

(1)

. وأقره البيهقي ثم العسقلاني»

(2)

(3)

.

ويشرع كذلك السلام على الصبيان، ففي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أنه مر على صبيان فسلم عليهم، وقال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ

(4)

.

وفي رواية لمسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على غلمان فسلم عليهم

(5)

.

ويشرع للمسلم أن يسلم إذا دخل بيتًا أن يسلم سواء كان فيه آدمي أم لا، فإن كان لغيره فليستأذن وليسلم لعموم قوله تعالى:{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61].

روى الترمذي في سننه من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا بُنَيَّ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ تَكُن بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ»

(6)

.

فإن لم يكن في البيت أحد فقد قال نافع: كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

(1)

. (13/ 106)، طبعة وزارة الأوقاف القطرية.

(2)

. فتح الباري لابن حجر رحمه الله (11/ 33 - 34).

(3)

. صحيح الأدب المفرد ص (399) بتصرف.

(4)

. صحيح البخاري برقم (6247)، وصحيح مسلم برقم (2186).

(5)

. برقم (2186).

(6)

. برقم (2698)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

ص: 245

يقول: «السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّه الصَّالِحِينَ»

(1)

.

وكان ابن عمر يذهب إلى السوق ليس له حاجة إلا السلام، روى البخاري في الأدب المفرد من حديث الطفيل بن أُبي بن كعب أنه كان يأتي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فيغدو معه إلى السوق، قال: فإذا غدونا إلى السوق، لم يمر عبد الله بن عمر على سقاط ولا صاحب بيعة ولا مسكين ولا أحد إلا يسلم عليه، قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يومًا، فاستتبعني إلى السوق فقلت: ما تصنع بالسوق؟ وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع، ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس السوق، فاجلس بنا هنا نتحدث، فقال لي عبد الله: يا أبا بطن! - وكان الطفيل ذا بطن - إنما نغدو من أجل السلام نسلم على من لقينا

(2)

.

أما المصافحة فقد وردت الأحاديث بفضلها وتشرع عند كل لقاء، فقد روى أبو داود في سننه من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا»

(3)

.

وروى الترمذي في سننه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّه! الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي

(1)

. الأدب المفرد للإمام البخاري ص (407) برقم (1055)، وحسن إسناده الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الأدب، وحسنه الحافظ في فتح الباري (11/ 20).

(2)

. الأدب المفرد للإمام البخاري بتحقيق الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله ص (385 - 386) برقم (1006)، وقال: حديث صحيح.

(3)

. برقم (5212)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله كما في صحيح سنن أبي داود (3/ 979) برقم (4343).

ص: 246

لَهُ؟ قَالَ: «لَا» ، قَالَ: أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: «لَا» ، قَالَ: أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»

(1)

.

وفي الحديث الآخر عن قتادة قال: قلت لأنس بن مالك: هل كانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم

(2)

.

أما المعانقة، فتشرع عند القدوم من السفر، أو بُعد العهد .. ونحو ذلك.

سُئل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عن المعانقة

(3)

والقيام؟ فقال: أما إذا قدم من سفر فلا أعلم به بأسًا إذا كان على التدين يحبه في الله، أرجو لحديث جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتنقه وقبل بين عينيه

(4)

.

قال البغوي رحمه الله: «ويكره من المعانقة والتقبيل ما كان على

(1)

. برقم (2728)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

(2)

. صحيح البخاري برقم (6263).

(3)

. العناق: بكسر العين، الالتزام وهو المعانقة، وقد عانقه إذا جعل يده على عنقه وضمه إلى نفسه، قاله الجوهري، الآداب الشرعية للحجاوي ص (240).

(4)

. مستدرك الحاكم (3/ 529) برقم (4308) وهو مرسل، قال الشيخ الألباني رحمه الله: هذا وقد كنت منذ بعيد لا أرى تقبيل ما بين العينين لضعف حديث جعفر هذا بسبب الإرسال، وعدم وقوفي على شاهد معتبر له، فلما طبع المعجم الكبير ووقفت فيه على إسناده من طريق أنس بن سليم، وعلى ترجمته عند ابن عساكر وتبين لي أنه شاهد قوي للحديث المرسل، رأيت أنه من الواجب علي نشره في هذه السلسلة أداء للأمانة العلمية، ولعلمي أن الكثيرين من أمثالي لم تقع أعينهم عليه فضلًا عن غيرهم، فأحببت لهم أن يكونوا على بصيرة منه، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، السلسلة الصحيحة (6/ 338) برقم (2657).

ص: 247

وجه الملَقِ والتعظيم، وفي الحضر.

فأما المأذون فيه، فعند التوديع وعند القدوم من السفر، وطول العهد بالصاحب، وشدة الحب في الله.

ومَنْ قَبَّل، فلا يقبل الفم، ولكن اليد والرأس والجبهة، وإنما كره ذلك في الحضر، فيما يُرى؛ لأنه يكثر، ولا يستوجبه كل أحد، فإن فعله الرجل ببعض الناس دون بعض، وجد عليه الذين تركهم وظنوا أنه قد قصر بحقوقهم، وآثر عليهم، وتمام التحية المصافحة»

(1)

.

وقال إسماعيل بن إسحاق الثقفي: سألت أبا عبد الله قلت: ترى أن يقبل الرجل رأس الرجل أو يده؟ قال: نعم

(2)

.

روى أبو داود في سننه من حديث زارع رضي الله عنه وكان في وفد عبدالقيس قال: لما قدمنا المدينة فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

وأما تقبيل الأطفال أو المحارم من النساء على وجه الشفقة والرحمة واللطف ومحبة القرابة، فقد وردت الأدلة بجوازه.

روى أبو داود في سننه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا- وَقَالَ

(1)

. شرح السنة للبغوي (12/ 293).

(2)

. الآداب الشرعية للحجاوي ص (239).

(3)

. برقم (5225)، وقال الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود (3/ 981) برقم (4353): حسن دون ذكر الرجل الواردة في بعض روايات الحديث.

ص: 248

الْحَسَنُ

(1)

: حَدِيثًا وَكَلَامًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَسَنُ السَّمْتَ وَالْهَدْيَ وَالدَّلَّ بِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم مِنْ فَاطِمَةَ رضي الله عنها، كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ، فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ، فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا»

(2)

.

وروى البخاري في صحيحه من حديث البراء رضي الله عنه قال: فدخلت مع أبي بكر رضي الله عنه على أهله فإذا عائشة ابنته مضطجعة قد أصابتها حمى، فرأيت أباها فقبل خدها وقال: كيف أنت يا بنية

(3)

.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وكان دخول البراء على أهل أبي بكر قبل أن ينزل الحجاب قطعًا، وأيضًا فكان حينئذ دون البلوغ وكذلك عائشة»

(4)

.

أما مصافحة النساء غير المحارم، فقد ورد النهي عن ذلك، فروى الطبراني في المعجم الكبير من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ رَجُلٍ بِمِخْيَطٍ

(5)

مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ تَمَسَّهُ امْرَأَةٌ لا تَحِلُّ لَهُ»

(6)

.

وقبَّل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن حابس

(1)

. أحد رواة الحديث.

(2)

. برقم (5217)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله كما في صحيح سنن أبي داود (3/ 979) برقم (4347).

(3)

. برقم (3918).

(4)

. فتح الباري (7/ 256).

(5)

. المخيط: هو ما يخاط به كالإبرة والمسلة ونحوهما.

(6)

. معجم الطبراني الكبير (20/ 210) برقم (786)، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في غاية المرام برقم (196).

ص: 249

التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم واحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:«مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ»

(1)

.

وقال ثابت عن أنس رضي الله عنه: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه

(2)

.

ولا بأس بتقبيل وجه الميت، ففي صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها في الحديث الطويل في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت:«دَخَلَ أَبُو بَكر رضي الله عنه، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ بَكَى»

(3)

.

وقد ورد النهي عن السلام بالإشارة، فقد روى الترمذي في سننه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ، وَلَا بِالنَّصَارَى، فَإِنَّ تَسْلِيمَ الْيَهُودِ الْإِشَارَةُ بِالْأَصَابِعِ، وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الْإِشَارَةُ بِالْأَكُفِّ»

(4)

.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1)

. صحيح البخاري برقم (5997)، وصحيح مسلم برقم (2318).

(2)

. صحيح البخاري، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته.

(3)

. برقم (1241 - 1242).

(4)

. برقم (2695)، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله كما في صحيح سنن الترمذي (2/ 346) برقم (2168).

ص: 250