الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم} ؟ وماذا سيفعل مع قوله تبارك وتعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} وغيرها من الآيات الكثيرة التي ذكرناها مرارًا؟ هم الذين اتخذوا القرآنَ مهجورًا، هم الذين جفوه وقاطعوه، وقطعوا أحكامه، وخالفوا نهجَه، عصوا الله عز وجل وعصوا الرسول صلى الله عليه وسلم ببعدهم عن هذه الآيات.
إذن، هذه الآية لا دلالة فيها أبدًا، هل الذي يطبق السنة يهجر القرآن، ما هذا الفهم؟ إنه فهم سقيم حقيقة، مخالف للآيات مخالف للقرآن مخالف للسنة، بل الذي -كما قلت- يعارض في حجية السنة هو الذي يهجر القرآن، ويقاطع القرآن، ولا يطبق القرآن، مهما زعم من صلته بالقرآن ومهما ادعى الغيرة على القرآن وعلى أحكامه.
قوله تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} ، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}
أيضًا آية: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} (الأعراف: 185) نؤمن بالقرآن، ونعلم أنه حق وأنه من عند الله تبارك وتعالى وأنه نزل به الروح الأمين وسيدنا جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين، نعلم ذلك كله ونتيقنه، وندين الله تعالى به، ونعلم أننا أيضًا لا نؤمن بغير القرآن، إنما نستجيب للقرآن وللسنة؛ استجابةً لأوامر القرآن، السنة مع القرآن، السنة التي أوصى الله تبارك وتعالى بها في القرآن الكريم، هل آمنت بالقرآن حين أنكرت حجية السنة؟ نعم:{فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} ولا بأي حديث غيره يا رب، إنما حديث النبي صلى الله عليه وسلم هو جزء من القرآن، هو الذي يبين القرآنَ، هو الذي يشرع مع القرآن، هو الذي أوجب الله تبارك وتعالى طاعته في القرآن الكريم في عشرات الآيات.
فالذين يُعاندون سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا يؤمنون بحجيتها هم الذين عاندوا القرآن وجحدوه، وجحدوا أحكامه وجحدوا آياته، واتبعوا منهجًا غير منهجه، وسبيلًا غير سبيله، نعم:{فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} نؤمن بكتاب الله تبارك وتعالى نؤمن بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، نؤمن بأنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي يخبر عن الله تبارك وتعالى والذي هو أعلم هذه الأمة بمراد الله تبارك وتعالى والذي أوكل الله تبارك وتعالى إليه بيانَ القرآن الكريم للناس أجمعين إلى يوم القيامة، ويواصل مهمته أهلُ العلم الذين هم ورثة الأنبياء على ما استقرت عليه أفهام الأمة من سلفها إلى خلفها، ومن قديمها إلى حديثها، وأيضًا أجمع الجميع ممن يعتد بإجماعهم على ذلك من أهل السنة والجماعة، الذين نحن منهم بإذن الله تبارك وتعالى.
أيضًا آية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة: 3) نعم لا دلالة في هذه الآية على البعد عن السنة، ولا أي شبهة لا من قريب ولا من بعيد، كل الأمة مجمعة على أننا نأخذ الإسلام من القرآن الكريم، ومن السنة المطهرة، وهما المصدران الرئيسان للإسلام، وأحكامه، وتشريعاته، وعقيدته، وعبادته، وأخلاقه
…
إلى آخره، والأدلة الأخرى التي يلجأ إليها العلماء على نقاشٍ فيما بينهم من القياس ومن الإجماع، إنما كل ذلك مرده إلى الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة المطهرة.
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الذي هو دين الإسلام: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} أتم الإسلام وكمل الإسلام، وتم تشريع الله، وكمل شرع الله الحنيف:{وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ، الحمد لله، ونحن رضينا بالله تبارك وتعالى-
ربًّا وبالإسلام دينًا وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا، ونعلم أن الإسلام إنما يؤخذ من القرآن الكريم ويؤخذ من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
والذين يجافون سنة النبي صلى الله عليه وسلم هم على جفوة مع القرآن الكريم، هم على جفوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أين رضاهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وما علامة رضاهم بالنبي صلى الله عليه وسلم؟! الذي أمرنا أن يكون هذا من الأذكار اليومية، وأن نعلنه صباحًا مساءً:"رضيت بالله تبارك وتعالى ربًّا وبالإسلام دينًا، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا". لم يرضَ الإسلام دينًا مَن جحد السنةَ، بل لم يرض الله ربًّا؛ لأنه خالف أمره في عدم اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم ولم يرضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقر برسالته، لكن المنافقون زعموا أنهم قالوا:{إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّه} (المنافقون: 1) والله عز وجل سجّل عليهم الكذبَ.
معاندة السنة قد تصل بالإنسان إلى ما هو أسوأ من النفاق -والعياذ بالله تبارك وتعالى ولا دليلَ على الرضا بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا أن نصدق بأنه النبي الصادق المصدوق الذي أمرنا الله تبارك وتعالى باتباعه، وهو صادق في كل ما بلغه عن الله عز وجل وصادق في كل قول يقوله:{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: 3، 4).
هذا ما ندين الله تبارك وتعالى به، ونعلم أن الإسلام هو القرآن، وهو السنة المطهرة، والدليل المأخوذ منهما هو الدليل الشرعي الذي تسير عليه الأمةُ في كل أحكامها الشرعية.
وهذه معظم الآيات التي يستند إليها المعاندون للسنة، ويتصورون أنهم بذلك قد أتوا بأدلةٍ تحث على اتباع القرآن الكريم وحدَه، وقد رددنا عليها بما وفّق الله تبارك وتعالى به أقول: إننا نتناقش في البدهيات، آيات القرآن الكريم واضحة الدلالة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم بل في وجوب اتباعه، بل في تعليق الإيمان على ذلك، كما ذكرنا مرارًا.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.