الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثامن عشر
(حديث الإسراء والمعراج، ودفع ما أثير حوله من شبهات)
تخريج الحديث، وبيان درجته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأحبابه وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
حديث الإسراء والمعراج:
وهذا أيضًا من الأحاديث التي تكلموا فيها بعقولهم وأثاروا الشبه حولها؛ مما يجعلنا دائمًا في حاجة إلى مناقشة حدود العقل في الكلام عن الغيبيات، وعن أمور الوحي، وعن المعجزات، وما إلى ذلك للتنبيه على أن هذا إقحام للعقل فيما ليس من مجال عمله، وهذا ليس احترامًا للعقل أبدًا، وحين نتصدى لهذا فإن ذلك ليس من باب المصادرة على العقل في حرية التفكير، وما إلى ذلك على كل سنحاول أن نفهم وجهة نظرهم ونتوقف مع بعض الشبهات التي أثاروها حول الإسراء والمعراج، ونرد عليهم في ذلك، ونبدأ ببيان الحديث أو ذكر الحديث، وهو حديث طويل، وهو أيضًا موجود في كل كتب السنة من مصادرها، يعني نقول بلا مبالغة: لا يوجد مصدر من مصادرها في السنة إلا وذكر معجزة الإسراء والمعراج بتفصيلات طويلة جدًّا.
الحديث ننقله الآن من البخاري:
رواه البخاري في صحيحه: عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن مالك بن صعصعة -يعني: صحابي يروي عن صحابي-: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم حدثه عن ليلة أُسري به)) هذه بداية الحديث. ((بينما أنا في الحَطِيم -وربما قال: في الحِجْر)) يعني: إما هنا أو هنا ((إذ أتاني آتٍ فقال: وسمعته يقول: فَشَقَّ ما بين هذه إلى جنبي)) يعني: شَقَّ من صدر النبي الشريف من أعلاه إلى منطقة الشعر من أسفل، واستخرج قلبه الشريف ((فاستخرج قلبي، ثم أُتِيت بطَست من ذهب مملوءةً إيمانًا فغسل قلبي، ثم حُشِيَ ثم أُعِيد)) الرحلة بدأت بشق صدره صلى الله عليه وسلم ((ثم أُتِيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض هو البُراق)) أحد رواة الحديث اسمه الجارود يسأل
سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أَهُوَ البُرَاق يا أبا حمزة؟ قال: "نعم، يضع خطوه عند أقصى طرفه". يعني: عند أقصى ما يصل إليه نَظَرُه.
إذن بعد شق الصدر الشريف وإعادته إلى مكانه والْتِئَامه أُتِي بالبُراق، وهو دابة دون البغل وفوق الحمار، وخطوته إلى أن ينتهي بصره إلى مدّ بصره، إذا انطلق بصره إلى عشرات الكيلو مترات هي خطوة واحدة.
((فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قال: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قال: مرحبًا به -قال- فَنِعْمَ المجيء جاء فَفَتَح، فلما خَلَصْتُ فإذا فيها آدم فقال: هذا أبوك آدم فَسلِّم عليه، فسلمتُ عليه فردّ السلام، ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل: مَن هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أُرسِل عليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، فَنِعْمَ المجيء جاء فَفُتح -أو فَفَتَح- فلما خَلَصْتُ إذا يحيى وعيسى وهما ابنَا خالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلِّم عليهما، فسلمت فردَّا ثم قالَا: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صَعِد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح، قيل: مَن هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أُرسِل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، فَنِعْمَ المجيء جاء فَفُتح -أو فَفَتَح- فلما خَلَصْتُ فإذا يوسف، قال: هذا يوسف فسلِّم عليه، فسلمت عليه فَرَدَّ ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح)).
وهكذا في الرابعة التقى بإدريس عليه السلام وفي الخامسة التقى بهارون عليه السلام وفي السادسة التقى بموسى عليه السلام وفي السابعة التقى بأبي الأنبياء الخليل عليه السلام كلهم رحبوا به، وألقى عليهم السلام.
((ثم رُفعت إلى سِدْرة المُنتهى، فإذا نَبْقُها مثل قِلال هَجَر، وإذا ورقها مثل آذان الفِيَلة، قال: هذه سِدْرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار؛ نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: ما هذان يا جبريل؟ قال: الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات، ثم رُفع لي البيت المعمور، ثم أُتِيت بإناء من خمر، وإناء من لبن، وإناء من عسل، فأخذت اللبنَ، فقال: هي الفِطرة التي أنت عليها وأمتك، ثم فُرضت عَلَيَّ الصلاة خمسين صلاة كل يوم ثم رجعت فمررت على موسى فقال: بما أُمِرتَ؟ قال: أُمِرْتُ بخمسين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربت الناسَ قَبْلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك، فاسأله التخفيفَ لأمتك، فرجعت فَوضَع عني عشرًا)).
وظلت المراجعة إلى أن أُمر بخمس صلوات بعد أن استحى النبي صلى الله عليه وسلم من مراجعته لربه: ((ون ادى مُنادٍ: أمضيت فريضتي، وخَفَّفْتُ على عبادي)) هذا حديث أخرجه البخاري ومسلم.
ومن حديث أبي هريرة أيضًا: ((أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به بإيلياء بقدحين من خمر ولبن، فنظر إليهما فأخذ اللبن)).
ومن حديث أبي ذر: ((كان يُحَدِّث أن الرسول صلى الله عليه وسلم فُرِجَ سَقْفُ بيتي -أو سقفي- وأنا بمكة، فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدر ي، ثم غسله بماء زمزم)).
ومن حديث أنس أيضًا، وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وعن جابر بن عبد الله:((لما كَذَّبتني قريش، قمت في الحِجْر، فَجَلّا الله لي بيتَ المقدس، فَطَفِقْتُ أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه)).
وفي أحاديث كثيرة جدًّا تعددت فيها الروايات.