الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسمّى مُضِلاً والمستفتي مُضَلاً، وقد سمّاها بذلك في الحديث الصّحيح (1). والله سبحانه أعلم.
الوجه الحادي عشر:
لو صحّ ما ذكره المعترض -والعياذ بالله- من انطماس معالم العلم، وتعفّي رسوم الهدى، إلا تقليد العلماء -رضي الله تعالى عنهم- يلزم من ذلك أن يبطل الطريق إلى جواز التّقليد، لأنّ تقليدهم لا يجوز إلا بعد معرفة الدّليل، والدّليل لا بد أن يكون مستنداً إلى معرفة الكتاب والسّنة، وهذا ظاهر على أصول المعتزلة والزّيدية، فإنّهم قد شحنوا مصنّفاتهم بتحريم الإقدام على ما لا يؤمن قبحه.
وأمّا أهل السّنّة قد نقل ابن الحاجب في ((مختصر المنتهى)) (2)
(1) في هامش (أ) و (ي) ما نصّه:
((هذا بناءً على أن المقلد يصدق عليه اسم الجهالة المذكور في الحديث، والظاهر خلافه، فإن فقهاء المذاهب في كل قرن يفتون العوام بمذاهب أئمتهم، والإجماع أنهم ليسوا هم المرادين بالحديث، فتعين أن يكون المراد بالجهال هم الذين لا يميزون بين الحرام من الحلال لا اجتهاداً ولا تقليداً.
من أنظار سيدي العلاّمة هاشم بن يحيى الشامي -رحمه الله تعالى-.
قلت: لا يخلو إمّا أن يقال: لا يفتوا بمذاهب أئمتهم وهو عندهم أرجح من خلافه، فليسوا بمقلدين، وإن أفتوا وهو عندهم مرجوح فهم جهال بل أعظم فتأمل. تمت. شيخنا -حفظه الله-)) يعني: أحمد بن عبد الله الجنداري.
(2)
(3/ 350) مع شرحه للأصفهاني.
و [شرّاحه](1) ما يقتضي ذلك، ولم يذكروا فيه خلافاً، ذكره ابن الحاجب في بيان حدّ التّقليد والمقلّد؛ وإنّما قلنا: إنّ ذلك يستلزم بطلان التّقليد لأنّ أدلّته من النّصّ والإجماع مترتبة على ذلك.
وبيانه أنّ الاستدلال بقوله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُم لَا تَعلَمُونَ} [الأنبياء:7]. يحتاج إلى معرفة أنّها غير منسوخة ولا مخصّصة ولا معارضة، ويحتاج إلى معرفة معنى الآية، فهذان أمران:
أحدهما: معرفة أنّ الآية غير منسوخة ولا معارضة ولا مخصّصة، / وهذا ينبني على أنّ هنا سنّة صحيحة، يخصّص بها، وينسخ بمتواترها أو بها على قول، وعلى أنّ إلى معرفة تلك السّنّة [طريقاً](2) يمكن معها معرفة ذلك.
وثانيهما: معرفة معنى الآية، ولابدّ فيه من النّظر في قواعد العربيّة واللّغة، إذ ليس معلوماً بالضّرورة، فاحتاج النّاظر في معنى الآية إلى أن يكون من أهل الاجتهاد.
فإن قلت: إن دلالتها على جواز التّقليد جليّة لا تحتاج إلى اجتهاد.
قلت: ليس كذلك، فإن في معناها غموضاً واختلافاً، والذي يدلّ على ذلك أنّ السّؤال من الأفعال التي تُعدّى إلى مفعولين، تارة بواسطة حرف الجرّ مثل: سألت العالم عن الدّليل، وتارة بغير واسطة مثل: سألت الأمير مالاً، وسألت العالم دليلاً. إذا عرفت هذا فاعلم
(1) في (أ): ((وشرحه)) ، والمثبت من (ي) و (س).
(2)
في (أ): ((طريق))!.
أنّه لابد من مسئول ومسئول عنه، فالمسئول مذكور في الآية، وهم أهل الذّكر، والمسئول عنه محذوف، والقول بأنّ المسئول عنه هو: أقوال المجتهدين، من هذه الأمة مجرّدة عن الأدلة هو [مما](1) لا يدلّ عليه دليل، وهذا المسئول عنه المحذوف يحتمل أنّه الأدلّة، ويحتمل أنّه (2) المذاهب من غير أدلّة، وقد قال بعض العلماء: هو السّؤال عمّا أنزل الله تعالى، لقوله تعالى:{اتَّبِعُواْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِنْ رَبِّكُم} [الأعراف:3] فلمّا أمر (3) بسؤال أهل الذكر، كان المفهوم أنّه أمرنا بسؤالهم عمّا أمرنا باتّباعه مما أنزله علينا من الشّرائع.
وهذه [الأقوال](4) كلّها مخالفة للمفهوم على قواعد العربيّة، والمختار: أنّ المراد: السّؤال عن الرّسل هل كانوا بشراً؟ لأنّ ذلك هو المذكور في أوّل الآية، والعرف العربيّ يقضي بأنّ ذلك هو المراد، والقرائن تسوق الفهم إليه.
فإنّه تعالى لما قال: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَاّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِم فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [الأنبياء:7]. كان السّابق إلى الأفهام؛ فاسألوهم عن كوننا ما أرسلنا إلا رجالاً، كما لو قال القائل: واجهت اليوم الخليفة، وسل وزراءه، كان المفهوم واسألهم عن كوني واجهته. وهذا الذي ذكرت أنّه المحذوف هو الذي اختاره الزّمخشري في ((كشّافه)) (5) ،
(1) في (أ): ((ما))!.
(2)
في (أ): ((أنه من)) وهو خطأ.
(3)
في (ي) و (س): ((أمرنا)).
(4)
في (أ): ((الأفعال))! وهو خطأ.
(5)
(3/ 4).