الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتمهّدت بهم قواعده، وتقيّدت أوابده.
وهل هذا إلا مثل إنكار الشّعوبية لفضل علماء العربيّة، بل هو أقبح منه بدرجات عديدة، ومسافات بعيدة، /لأنّ الآثار النّبويّة هي ركن الإيمان، وأخت القرآن، وهي شعار الفقه والدثار، وعليها في أمور الإسلام المدار.
وأمّا الوجوه التّفصيليّة: فقد اشتمل كلامه على مسائل:
المسألة الأولى:
مثّل المردود من كتب المحدّثين بحديث (1): جرير بن عبد الله البجلي في الرّؤية (2) وهذا من الإغراب الكثير والجهل العظيم، فإنّ المحدّثين يروون في الرّؤية أحاديث كثيرة تزيد على ثمانين حديثاً عن خلق كثير من الصّحابة أكثر من ثلاثين صحابيّاً، منهم:
أبو هريرة، وأبو سعيد الخدريّ، وأبو موسى، وعديّ بن حاتم، وأنس بن مالك، وجرير بن عبد الله، وكلّ هؤلاء أحاديثهم متفق عليها مخرّجة في صحيح البخاريّ ومسلم معاً، وفي غيرهما من كتب الحديث.
ومنهم: بُريدة بن الحُصيب، وأبو رزين العُقيلي، وجابر بن عبد الله، وأبو أمامة، وزيد بن ثابت، وعمّار بن ياسر، وعبد الله بن عمر بن الخطّاب، وعمارة ابن رويبة (3) ، وأبو بكر الصّدّيق، وعائشة أمّ المؤمنين، وسلمان الفارسيّ، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله بن
(1) في (أ) و (ي): ((كحديث)).
(2)
أخرجه البخاري (الفتح): (13/ 430) ، ومسلم برقم (633).
(3)
في (س): ((ابن رؤية)) وهو تحريف، وانظر:((الإكمال)): (4/ 102).
العباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكعب بن عجرة، وفضالة بن عبيد، والزّبير بن العوّام، ولقيط بن صبرة، وعمر (1) بن ثابت الأنصاري (2) ، وعبد الله بن بُريدة، وأبو برزة الأسلميّ، وأبو الدّرداء، وأبو ثعلبة الخشني، وعبادة بن الصّامت، وأُبيّ بن كعب، وروى حديث الرؤية علماء الحديث كلّهم في جميع دواوين الإسلام من طرق كثيرة، حتى رووه من طريق زيد بن عليّ -رضي الله تعالى عنهما-.
وفي الصّحيحين منها ثلاثة عشر حديثاً، اتفقا منها على ثمانية أحاديث، وانفرد البخاريّ بحديثين، ومسلم بثلاثة أحاديث، ولولا خوف التّطويل لذكرت ما في كتب السّنن، وقد استوفاها شيخنا الحافظ (3) النّفيس العلوي اليمنيّ (4) -أدام الله علوّه- في كتابه ((الأربعين)) (5) وذكر كثيراً منها الحافظ الكبير البارع الشّهير بابن قيّم الجوزيّة في كتابه ((حادي الأرواح إلى دار الأفراح)) (6) وغيرهما.
(1) في (س): ((عمرو)) ، وعمرو بن ثابت، صحابي، ليس له حديث البتّة، أسلم يوم أحد واستشهد فيها.
(2)
والصّواب أنّ هذا تابعيّ لا صحابيّ.
(3)
((الحافظ)) ليست في (س).
(4)
هو محدّث اليمن في وقته: سليمان بن إبراهيم بن عمر أبو الربيع التعزّي الحنفي، ت (825هـ).
انظر: ((الضوء اللامع)): (3/ 259)، و ((البدر الطالع)):(1/ 265).
(5)
ذكر السخاوي: أنّ الحافظ ابن حجر خرّج له أربعين حديثاً وسمّاها ((الأربعين المهذّبة)) ولعله الجزء الذي سمعه منه الحافظ، كما في ((المجمع المؤسّس)):(3/ 115).
(6)
(ص/204 - 246).
فاعتقاد المعترض أنّ حديث الرّؤية مرويّ من طريق جرير بن عبد الله فقط، وأنّ جريراً مطعون فيه بما لم يصحّ، من تخريب عليّ رضي الله عنه لداره، بل بما لو صحّ (1)
لم يكن قادحاً على مذهب المحدّثين ولا مذهب الزّيديّة، أمّا [المحدّثون](2) فظاهر، وأمّا الزّيديّة فلأنّ المتأوّلين عندهم مقبولون، وإن لم يكونوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا كانوا أصحابه كانوا أولى بالقبول لأنّ صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسباب الزّيادة لا من أسباب النّقص، فثبت بهذا أنّه قدح بما لا يقدح به [في مذهبه، ولا](3) في مذهب خصمه، وأنّه باعتقاده لانفراد جرير بالحديث في مرتبة ينبغي أن يرحم صاحبها، لما هو عليه من البعد عن المعرفة والتّعاطي للرّدّ على من لم يحط من علمه بشيء يعتدّ به، فالله المستعان!.
وهذا كلّه من /تعرّضه لما لا يحسنه، ودخوله فيما لا يعرفه، فإنّ علم الحديث علم جليل القدر غزير البحر، والخوض مع نقّاده بغير البصيرة يؤدّي إلى التّخبّط في مثل هذه الجهالة. والتّورّط في مثل هذه الضّلالة، وإنّما الذي كان يحسنه هذا المعترض أن ينقل من (([تعليق] (4)
(1) في هامش (ي) ما نصّه:
((بل لم يصح لأنه رجع جرير إلى أمير المؤمنين، ثم رجع بلاده، ولم يسر إلى معاوية إلا بإرساله عليه السلام ، ذكره ابن أبي الحديد وغيره)) تمت.
(2)
في (أ): ((المحدثين)) ، وهو خطأ.
(3)
ما بينهما ساقط من (أ).
(4)
في (أ): ((معلق)).