الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كثير من رواتهم الذين هم من أعراب، أو يفدون عليه مرة واحدة كما جاء في حديث وفد تميم (1) وأنزل الله تعالى فيه:{إَنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُم لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات:4] ، وكحديث وفد عبد القيس (2).
أقول: اشتمل كلامه في هذا الوجه على مسائل:
المسألة الأولى:
القدح على المحدّثين بقبول المجهول من الصّحابة رضي الله عنهم، وقولهم:[إنّ](3) الجميع عدول بتعديل الله، والجواب عليه من وجوه:
الوجه الأوّل: أنّ الذّاهب إلى هذا المذهب لا يستحق الإنكار؛ لأنّ هذا المذهب إن لم يكن هو الحق دون غيره؛ فلا أقلّ من أن يكون غير محرّم ولا منكر، لأنّه لا دليل قاطع على تحريمه، ومن ادّعى شيئاً من ذلك فليدلّ عليه.
والعجب من المعترض أنه خصّ المحدثين بهذا المذهب، وهو مذهب أكثر أهل الإسلام من المحدّثين والفقهاء وغيرهم، بل هو مرويّ عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو مذهب مشهور مستفيض حتّى
(1) انظر: ((سيرة ابن هشام)): (4/ 560) ، و ((تفسير ابن جرير)) (11/ 382) ، و ((أسباب النزول)) (ص/447) للواحدي، وابن مردويه كما في ((الدر المنثور)):(6/ 90).
(2)
أخرجه البخاري (الفتح): (1/ 157) ، ومسلم برقم (17) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(3)
في (أ) و (ي): ((إنهم)) ، والمثبت من (س).
في مذهب المعتزلة والزّيدية.
أمّا المعتزلة: فرواه ابن الحاجب عنهم الجميع، لفظه:((قالت المعتزلة: الصحابة (1) عدول إلا من حارب عليّاً)). وذكروه أيضاً في كتبهم، فممن ذكره منهم: عالمهم وإمامهم بغير منازعة: الشّيخ أبو الحسن البصريّ في ((المعتمد)) (2) فإنه قال فيه ما لفظه: ((واعلم أنّه إذا ثبت اعتبار العدالة وغيرها من الشّروط التي ذكرناها، وجب إن كان لها ظاهر أن يعتمد، وإلا لزم اختبارها، ولا شبهة أن في بعض الأزمان كزمن النّبي صلى الله عليه وسلم قد كانت العدالة منوطة بالإسلام، فكان الظاهر من المسلم كونه عدلاً، ولهذا اقتصر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قبول خبر الأعرابي عن رؤية الهلال على ظاهر إسلامه، واقتصرت (3) الصّحابة على إسلام من كان يروي الأخبار من الأعراب)).
وقال الحاكم المحسن بن كرامة المعتزلي في: ((شرح العيون)) له ما لفظه: ((إن أحوال المسلمين كانت أيّام رسول الله صلى الله عليه وسلم معلومة، وكانت مستقيمة مستغنية عن اعتبارها (4))).
وأمّا الزّيدية: فقد ثبت عن كثير منهم ما يدل على ذلك كما سنذكره، من ذلك قول الإمام الكبير المنصور بالله عبد الله بن حمزة بن
(1)((الصحابة)) سقطت من (س)!.
(2)
(2/ 620).
(3)
في (أ) و (ي) و (س): ((واقتصر)) والمثبت من (ت)، و ((العواصم)):(1/ 375) ، و ((المعتمد)).
(4)
في (س): ((اختبارها)).
سليمان رضي الله عنه ، فإنّه قال في:((الرسالة الإمامية، في الجواب على المسائل التّهامية)) (1) ما لفظه: ((فأمّا ما ذكره المتكلّم حاكياً عنّا من تضعيف آراء الصحابة، فعندنا أنّهم أشرف قدراً، وأعلى أمراً، وأرفع ذكراً من أن تكون آراؤهم ضعيفة، أو موازينهم في الشّرف والدّين خفيفة. فلو كان ذلك، لما اتّبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومالوا عن إلف دين الآباء والأتراب و [القرباء] (2) إلى أمر لم يسبق لهم به أُنس، ولم يسمع له /ذكر، شاقّ على القلوب، ثقيل على النّفوس فهم خير النّاس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده، فرضي الله عنهم، وجزاهم عن الإسلام خيراً)) إلى قوله:((فهذا مذهبنا لم نخرجه غلطة، ولم نكتم سواه تقيّة. وكيف وموجبها زائل! ومن هو دوننا مكانة وقدرة يسبّ ويلعن، ويذمّ ويطعن، ونحن إلى الله سبحانه من فعله براء، وهذا ما يقضي به علم آبائنا منّا إلى علي عليه السلام)) إلى قوله: ((وفي هذه الجهة من يرى محض الولاء بسبّ الصّحابة رضي الله عنهم والبراءة منهم فتبرّأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث لا يعلم.
إذا كنت لا أَرمِي وتُرمي كِنانتي
…
تُصب جانحات النّبل كشحِي ومِنكبِي
انتهى ما أردنا نقله من كلام المنصور بالله، وما فيه من نسبة مذهبه هذا إلى جميع آبائه رضي الله عنهم.
(1) أجاب فيها عن مسائل وردت من الفقيه محمد بن أسعد الواقدي الصليحي، منها نسخ في المتحف البريطاني برقم (3828). انظر:((مصادر الفكر)): (ص/596).
(2)
في (أ): ((القرنا)) ، والمثبت من (ي) و (س).
وفي كلامات المؤيد بالله يحيى بن حمزة رضي الله عنه في الذّبّ عن الصّحابة والثّناء عليهم، ما هو أكثر من هذا، ولكن لم يحضرني تأليفه فأنقل ألفاظه في ذلك، وقد أفرد الكلام في ذلك وجوّده في كتابه ((التحقيق)) (1) وانتصر للذّبّ عن الصّحابة غاية الانتصار، وذكر مثل ذلك في كتابيه:((الشامل)) (2) و ((الانتصار)) (3).
وأمّا المنصور بالله فله في ذلك كلامات مختلفة، في أماكن من كتبه متفرقة. من ذلك كلامه في كتاب ((هداية المسترشدين)) ، واحتجاجه بتأمير النّبي صلى الله عليه وسلم لعتّاب بن أسيد ثاني يوم من إسلامه واكتفاؤه في أمره بمجرّد الإسلام.
وفي ((الاستيعاب)) (4) وغيره أنّه أسلم يوم الفتح، وولاّه النّبي صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى حنين.
وفي الاحتجاج على العدالة بالولاية نظر، لكن المنصور بالله
(1)((التحقيق في أدلّة الإكفار والتفسيق)) منه نسختان إحداهما في مكتبة الأستاذ حسين السياغي، والأخرى بمكتبة الجامع ((الكتب المصادرة)). ((مصادر الفكر)):(ص/618).
(2)
((الشامل لحقائق الأدلة وأصول المسائل الدنيوية)) له نسختان بمكتبة الجامع. انظر: ((مصادر الفكر)): (ص/620).
(3)
((الانتصار الجامع لمذاهب علماء الأمصار في تقرير المختار من مذاهب الأئمة، وأقاويل علماء الأمة في المباحث الفقهية والمضطربات الشرعية)) كبير، منه أجزاء متفرقة في مكتبة الجامع. ((مصادر الفكر)):(ص/617).
وللمؤيد بالله رسائل مفردة في الذّبّ عن الصحابة رضي الله عنهم.
(4)
(3/ 153)((بهامش الإصابة)).
ذكر أنّه ولاه على القضاء فيما حكى لي بعض أهل العلم. فعلى الجملة؛ فغرضنا حاصل بكلام المنصور، فإنّ القصد الاستشهاد به على ذهاب المنصور بالله إلى عدالة مجهول الصّحابة، وفي هذا الاحتجاج ما يؤخذ له منه عدالة الصّحابة كلّهم رضي الله عنهم على أنّه قد ثبت في كلام غير واحد من الزّيديّة: أنّه يقبل المجهول من جميع المسلمين؛ الصّحابة وغيرهم. كما قدّمنا ذلك من كلام عبد الله بن زيد، والمنصور بالله، وأبي طالب، فخذه من مكانه المقدّم (1). وذلك أيضاً مشهور عن الحنفية وغيرهم. فمع هذا ما سبب إنكار هذا المعترض على المحدّثين، وتخصيصهم بردّ هذا المذهب من بين سائر طوائف المسلمين؟ وهل هذا إلا محض الجهل أو التّجاهل، وصريح التّعنّت والتّحامل؟ والله المستعان.
الوجه الثاني: أنّ الشّيخ أبا الحسن روى في ((المعتمد)) (2) عن الصّحابة أنّهم اقتصروا على إسلام من كان يروي الأخبار من الأعراب، وهذا يفيد إجماع الصّحابة على ذلك. والمعترض يعتقد عدالة الصّحابة، وقبول خبره، وقد كان الرّجل -على ما ذهب إليه، من أهل الدّيانة والأمانة، يعترف له بذلك أهل المعرفة بعلم الرّجال من المحدّثين كما ذكره الذّهبي (3) ، وإنّما الذي قدحوا به عليه كونه كان رأساً في الاعتزال داعية إلى القول به، وذلك كثير في الرّواة الثقات
(1)(ص/56).
(2)
(2/ 620).
(3)
حيث قال في ((الميزان)): (5/ 101): ((وله تصانيف، وشهرة بالذكاء والديانة على بدعته)) اهـ.
المتفق على إخراج حديثهم في ((الصّحيحين)) ، وغيرهما كقتادة وغيره. وإذا ثبت ذلك؛ فكيف ينكر المعترض على المحدّثين، مذهباً قد روى الثّقة عنده أنّه قول الصّحابة، بل الذي روى أوسع من مذهب المحدّثين فإنّهم اقتصروا على قبول من رأى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، وأبو الحسين روى قبول الصّحابة لمن أسلم من الأعراب من غير تقييد لذلك برؤية النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقال النّواويّ/ رضي الله عنه: إنه قول من يعتبر به من الأمّة أو كما قال، ذكره في ((شرح مسلم)) (1) وهذه العبارة تفيد دعوى الإجماع. وقد روى الحفّاظ من فرسان علم الأثر ما يدلّ على كلام الشّيخ أبي الحسين.
فمن ذلك: ما روى معمر البصريّ عن أبي العوّام البصري قال: كتب عمر إلى موسى -وساق كتابه الطّويل في القضاء- وفيه من كلام عمر رضي الله عنه: ((والمسلمون عدول بعضهم على بعض في الشّهادات، إلا مجلوداً في حدّ، أو مجرّباً عليه شهادة الزّور، أو ظنيناً في ولاءٍ أو دية (2). فإن الله تعالى تولّى من العباد السّرائر، وستر عليهم الحدود إلا بالبيّنات والأيمان)) وساق بقيّة كتابه، رواه البيهقي هكذا، ثم قال:((وهذا [كتاب] (3) معروف مشهور)) (4).
(1)(15/ 149).
(2)
في جميع المصادر: ((أو قرابة)) بدلاً من ((دية)).
(3)
من (ي) و (س) ، و ((معرفة السنن والآثار)).
(4)
((معرفة السنن والآثار)): (7/ 366 - 367)، وبقية كلامه:((لا بدّ للقضاة من معرفته، والعمل به)) اهـ.
وأخرجه أيضاً في ((السنن الكبرى)): (10/ 150).
وقال شيخ الإسلام عن هذا الكتاب: ((ورسالة عمر المشهورة في القضاء إلى أبي موسى الأشعري تداولها الفقهاء، وبنوا عليها واعتمدوا على ما فيها من الفقه، وأصول الفقه .. )) اهـ.
((منهاج السنة)): (6/ 71).
وقال ابن قيم الجوزية في ((إعلام الموقعين)): (1/ 86): ((وهذا كتاب جليل، تلقّاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة، والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه، وإلى تأمّله، والتّفقه فيه)) اهـ.
وأفرط ابن حزم فادّعى أنّ هذه الرسالة مكذوبة على عمر كما في ((المحلّى)): (1/ 59) ، وانظر ردّ الشيخ أحمد شاكر عليه في حاشية الصفحة نفسها.
وفيه ما يدلّ على مذهب المحدّثين، وأنّ مذهبهم هذا مشهور في السّلف والخلف.
وفي حديث شقيق [ابن سلمة](1) عن كتاب عمر رضي الله عنه: ((لا تفطروا حتّى يشهد رجلان مسلمان [أنّهما] (2) أهلاّه بالأمس)) رواه الدّارقطنيّ (3) والبيهقي، قال:((وهو أثر صحيح)) (4) ذكره ابن النّحويّ في ((البدر المنير)) و ((الخلاصة)) (5)(6).
(1) من (ي) و (س).
(2)
سقطت من (أ).
(3)
((السّنن)): (2/ 168)، قال ابن كثير في ((الإرشاد)):(1/ 278): ((بإسناد صحيح)) اهـ.
(4)
((السّنن الكبرى)): (4/ 248).
(5)
(1/ 332).
(6)
في هامش (ي): ((وأخرجه الإمام المرشد بالله في أماليه)).
ومن ذلك أثر عليّ رضي الله عنه وفيه: أنه كان يستحلف بعض الرّواة [إذا اتّهمه](1) ، فإن حلف صدّقه. وقد روى ذلك عنه من الزّيديّة الإمام المنصور محتجّاً به، وكذلك رواه الإمام أبو طالب وهو -أيضاً- معروف عند حفّاظ الحديث، رواه أبو عبد الله الذّهبي في ((تذكرة الحفّاظ)) (2) وقال:((وهو حديث حسن)) (3).
وهو يدلّ على مثل مذهب المحدّثين، لأنّ التّهمة والتّحليف لا يكون للمخبورين المأمونين. وإنما يكون لمن يجهل حاله فيقوى الظّنّ بيمينه.
فإن قيل: هذا يدلّ على خلاف مذهب المحدّثين، لأنّ المفهوم منه: أنّه لو لم يحلف له الرّاوي ما قبله.
والجواب: أنّ ذلك عير صحيح لوجهين:
أحدهما: أنّ المحدّثين إنما يقولون بذلك في الصّحابة الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس يعلم أنّ هذا منهم لجواز أن يكون من الأعراب.
وثانيهما: أنّهم لا يقولون: [إنه](4) لا يجوز الوهم على الصّحابي، إنّما قالوا: إنه ثقة، والوهم جائز على الثّقة، وعليّ
…
- رضي
(1) من (ي) و (س).
(2)
(1/ 11).
(3)
في هامش (ي): و [أخرجه] الإمام المتوكل أحمد بن سليمان في ((الحقائق)) ، والحسين بن القاسم في ((الغاية)) و ((شرحها)).
(4)
من (ي) و (س).
الله عنه - لم يتّهم الرّاوي بتعمّد الكذب؛ لأنّه لو اتّهمه بذلك لاتّهمه بالفجور باليمين، ولم يصدّقه إذا حلف، وإنّما اتّهمه بالتّساهل في الرّواية بالظّنّ الغالب، فمع يمينه قوي ظنّه بأنّه متقن لما رواه حفظاً. ومع امتناعه من اليمين يعرف أنّه غير متقن ولا مستيقن، فتكون هذه علّة في قبول حديثه.
ولا شكّ أنّ حديث الثّقة قد يكون معلولاً بأمر يوجب الوقف، ولهذا توقّف النبي صلى الله عليه وسلم في قبول حديث ذي اليدين (1) حتّى سأل، وتوقّف عمر رضي الله عنه في قبول حديث فاطمة بنت قيس (2) ، وذلك مقرّر في مواضعه من الأصول.
الوجه الثالث: أنّ الأدلّة قد دلّت على ما ذهب إليه أهل الحديث، وغيرهم من قبول الصّحابة رضي الله عنهم المعروف منهم بالعدالة والمجهول حاله. والأدلّة على ذلك من الكتاب، والسنّة، والنّظر كثيرة، نذكر طرفاً يسيراً [منها] (3):
أما الكتاب؛ فمثل قوله تعالى: {كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ} [آل عمران:110].
وأمّا السّنّة؛ ففي ذلك آثار كثيرة، نذكر منها نبذة يسيرة:
الأثر الأول: ما روى ابن عمر عن أبيه رضي الله عنهما: أنّ
(1) أخرجه البخاري (الفتح): (1/ 674)، ومسلم برقم:(573) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
أخرجه مسلم برقم (1480).
(3)
من (ي) و (س).
رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فيهم فقال: ((أوصيكم بأصحابي، ثمّ الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتّى يحلف الرّجل ولا يستحلف، ويشهد الشّاهد ولا يستشهد)) (1) ، الحديث رواه أحمد والتّرمذيّ.
وقد رواه عن شعبة: أبو داود الطّيالسيّ، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر ابن سمرة، عن عمر، وله طرق أُخر، وهو حديث مشهور جيّد، قال ذلك الحافظ ابن كثير في ((إرشاده)) (2).
قلت: وفيه ما يدلّ على أنّه أراد بأصحابه أهل زمانه، يفهم (3) من قوله:((ثمّ الذين يلونهم)) ، فإنّه جعل أهل زمانه طبقة، ثمّ الذين يلونهم، فلم يكن ليخرج من لم يره ممن أدرك زمانه، مع دخول من لم يره من التّابعين الذين لم يدركوا زمانه.
الأثر الثاني: عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال -يعني رمضان- فقال: ((أتشهد أنّ لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله؟)) قال: نعم. /فقال: ((يا بلال أذّن في النّاس أن يصوموا غداً)) رواه أهل السّنن (4) ، وابن حبان
(1) رواه الشافعي في ((الرسالة)): (ص/473 - 474)، وأحمد:(1/ 18، 26)، والتّرمذيّ:(4/ 404)، والحاكم في ((المستدرك)):(1/ 113) ، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وقد صححه الترمذي، والحاكم، والذّهبيّ، وابن كثير، وأحمد شاكر.
(2)
(2/ 401).
(3)
في (س): ((وفهم))!.
(4)
أخرجه أبو داود: (2/ 754)، والترمذيّ:(3/ 74)، والنّسائي:(4/ 131 - 132)، وابن ماجه:(1/ 529).
صاحب ((الصحيح)) (1) والحاكم أبو عبد الله (2)
وقال: ((حديث حسن صحيح)).
وذكره الحاكم أبو سعد (3) في ((شرح العيون)) واحتجّ به أبو الحسين في ((المعتمد)) واحتجّ به: عبد الله بن زيد العنسيّ.
الأثر الثالث: حديث أبي محذورة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم علّمه الأذان عقيب إسلامه، واتّخذه مؤذناً (4) من ذلك الوقت، وذلك يدلّ على عدالته من قبل الخبرة؛ لأنّ العدالة معتبرة في المؤذن [إذ](5) هو مخبر بدخول وقت الصلاة (6) معتمد عليه في تأدية (7) الفرائض وإجزائها.
(1)((الإحسان)): (8/ 229 - 230) ، وكرر الناسخ في (أ) ذكر ابن حبّان!.
(2)
((المستدرك)): (1/ 424) ، من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما، قال أبو داود:((رواه جماعة عن سماك عن عكرمة مرسلاً)) اهـ.
وقال التّرمذيّ: ((حديث ابن عباس فيه اختلاف، وروى سفيان الثوري وغيره عن سماك عن عكرمة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً
…
)) اهـ.
وله شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أخرجه أبو داود: (2/ 756)، وابن حبان ((الإحسان)):(8/ 231)، والحاكم:(1/ 423) وغيرهم.
والحديث صحّحه ابن حبان، وقال الحاكم:((صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) اهـ. وهو كذلك.
(3)
في (س): ((أبو سعيد صاحب العيون))! وفي (ي): ((أبو سعيد))!.
(4)
أخرجه مسلم برقم (379) من حديث أبي محذورة رضي الله عنه.
(5)
في (أ): ((و)) ، والمثبت من (ي).
(6)
ما بينهما ساقط من (س).
(7)
في (س): ((في تأدية أداء))!.
الأثر الرّابع: وهو أثر صحيح، ثابت في دواوين الإسلام، بل معلوم، متواتر النّقل، وهو حجّة قويّة، وذلك: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى اليمن عليّاً ومعاذاً رضي الله عنهما، واليين قاضيين ومفتيين (1) ، ولا شكّ أنّ القضاء بين النّاس، متركّب على عدالة الشّهود، ومعرفة الحاكم عدالتهم أو عدالة معدّليهم، وهما غريبان في أرض اليمن، لا يعرفان عدالتهم، ولا يخبران أحوالهم، وهم لا يجدون شهوداً على ما يجري بينهم من الخصومات إلا منهم، فلولا أنّ الظّاهر العدالة في أهل الإسلام ذلك الزّمان؛ وإلا لما كان إلى حكمهما بين أهل اليمن على الإطلاق سبيل.
وهذا يدلّ على عدالة أهل الإسلام ذلك الزمان، لا على عدالة من صحب النّبيّ صلى الله عليه وسلم دون غيره، وهذا أوسع من مذهب المحدّثين، ولأمر ما أشار أبو الحسين إلى إجماع الصّحابة عليه مع ذكاء أبي الحسين، فقد قال الذّهبيّ -مع كراهته للمعتزلة-إنّها كانت لأبي الحسين شهرة بالذّكاء والدّيانة (2) ، فتأمّل أحوال الصّحابة رضي الله عنهم تعلم صحّة ما قاله، وحُسن استخراجه.
الأثر الخامس: ما ثبت عن عليّ رضي الله عنه أنّه ((كان يستحلف من اتّهمه من الرّواة، فإن حلف له صدّقه)) رواه الذّهبيّ في
(1) إرسال عليّ أخرجه البخاري (الفتح): (7/ 663)، وإرسال معاذ أخرجه البخاري (الفتح):(7/ 657)، ومسلم برقم:(1733).
(2)
((الميزان)): (5/ 101).
((تذكرة الحفّاظ)) (1) وحكم بحسنه.
وقد احتجّ به غير واحد من أئمة الزّيديّة -منهم الإمامان أبو طالب، والمنصور بالله- ووجه الحجّة فيه: أنّ التّحليف والتّهمة إنّما يكون لمجهول الحال، أو من هو شرّ منه من المخبورين بقلة أهل الإسلام في ذلك الزّمان.
الأثر السادس: حديث الجارية السّوداء راعية الغنم التي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعرّف إيمانها، ويختبر إسلامها، فقال لها:((من ربّك)) فأشارت، أي: ربها الله. فقال لها: ((من أنا؟)) قال: رسول الله. قال عليه السلام: ((هي مؤمنة)) ، والمؤمن مقبول. وقد وصف الله رسوله بتصديق المؤمنين في قوله تعالى:
…
{وَيُؤمِنُ لِلْمُؤمِنِينَ} [التوبة:61].
وحديث الجارية هو ثابت في ((صحيح مسلم)) (2) رواه الشّافعيّ (3) عن مالك (4) ذكر ذلك ابن النّحويّ في ((البدر المنير)) و ((الخلاصة)) (5).
الأثر السابع: حديث عقبة بن الحارث المتفق على صحّته وفيه
(1)(1/ 11).
(2)
برقم (537) واللفظ في المصادر:» أين الله؟ قالت في السماء «.
(3)
في ((الرسالة)): (ص/75).
(4)
في ((الموطأ)): (2/ 776 - 777).
(5)
(2/ 231).
أنّه تزوج أمّ يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء وقالت: قد أرضعتكما، فذكرتُ ذلك للنّبيّ صلى الله عليه وسلم فأعرض عنّي، فتنحّيتُ فذكرت ذلك له فقال:((وكيف وقد زعمت أن قد أرضعَتُكُما)) هذا لفظ البخاري (1) ومسلم (2).
/وفي رواية التّرمذيّ (3) بإسناد حسن صحيح: ((أنه زعم أنّها كاذبة)) وأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهاه عنها، فدلّ على اعتبار قولها مع الجهالة وتكذيب المدّعى عليه، ولو لم يعتبر قولها لم ينهه (4) ، ولا أمره بالطّلاق، لعدم [تحقّق](5) انفساخ النّكاح، ولخيّره بين الإمساك مع الكراهة، أو الطّلاق [للحيطة](6) ، فإنّ التّفريق بين الزّوجين من مؤكّدات الأمور، وقد قال بمقتضى ذلك مع يمين المرأة: ابن عبّاس وأحمد وإسحاق (7) ، وإنّما ترك العمل بظاهره بعض أهل العلم لتعلّقه بحقوق المخلوقين التي ورد الشّرع باعتبار الشّهادة فيها.
(1) البخاري (الفتح): (5/ 316).
(2)
الصواب أنه من أفراد البخاري، كما في ((تحفة الأشراف)):(7/ 299).
(3)
((الجامع)): (3/ 459)، أقول: وهي إحدى روايات البخاري (الفتح):
…
(9/ 56).
(4)
في (أ): ((لم يتهمه في القول
…
)) ، وفي (س):((ولم يتهمه، ولا أمره .. )) ، والمثبت من (ي).
(5)
في (أ) و (ي): ((تحقيق)) ، والمثبت من (س).
(6)
في (أ) و (ي): ((للحيضة))! وهو خطأ، والمثبت من (س).
(7)
وهذه إحدى الروايات عن أحمد، والأخرى: أنها تقبل إذا كانت مرضيّة، والثالثة: لا تقبل، ولابدّ من شهادة امرأتين. انظر:((المغني)):
…
(9/ 222).
فأمّا قبول الخبر النّبويّ في الأحكام؛ فمقبول من المرأة الصّحابيّة وإن لم تعرف، بدليل هذا الحديث وغيره.
الأثر الثامن: أنّ الكافر كان يأتي النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيسلم، فيأمره النّبيّ صلى الله عليه وسلم[أن يذهب](1) إلى [قومه](2) داعياً لهم إلى الإسلام ومعلّماً لهم ما علّمه النّبيّ صلى الله عليه وسلم من شرائع الإسلام، وهذا موجود في السّيرة، لكنّها لم تحضرني فأنقله بلفظه (3).
ومثل هذا له شواهد كثيرة يعرفها من طالع السّيرة النّبويّة، وفيه دلالة على عدالة الدّاخل في الإسلام، وإلا لوجب أن يبين له النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه لا يحل لقومه أن يتعلّموا منه شيئاً حتّى يختبروه بعد إسلامه، وفي هذا الأثر وفي السابع إشارة إلى آثار كثيرة، والله أعلم.
وأما النظر: فلأنّ العدل من ظهر عليه من القرائن ما يدلّ على الدّيانة والأمانة دلالة ظنّية. [إذ](4) لا طريق إلى العلم بالبواطن؛ وهذا ظاهر في الصّحابة، فإنهم كما قال المنصور بالله: ((لولا ثقل موازينهم في الشّرف والدّين ما تبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومالوا عن إلف دين الآباء، والأتراب والقرباء إلى أمرٍ شاقّ على القلوب، ثقيل على النّفوس، لا سيّما وهم في ذلك الزّمان أهل الأنفة العظيمة والحميّة الكبيرة،
(1) ما بين المعكوفين سقط من (أ) و (ي) ، والمثبت من (س).
(2)
في (أ) و (ي): ((قوم)) ، والتصويب من (س).
(3)
كما في قصة الطّفيل بن عمرو الدّوسي في ((الصحيح)) ، وقصة إسلام أبي ذرّ الغفاري في ((الصحيحين)) وغيرها.
(4)
من (ي) و (س)، وفي (أ):((و)).
يرون أن يقتل جميعهم وتستأصل شأفتهم حذراً من أيسر عار يلم بساحتهم أو ينسب إلى قرابتهم، ولا أعظم عاراً عليهم من الاعتراف بضلال الآباء، وكفرهم، وتفضيل الأنعام السّائمة عليهم، فلولا صدقهم في الإسلام ومعرفتهم لصدق الرّسول عليه السلام ، ما لانت عرائكهم [لذلك](1) ولا سلكوا في مذلّلات المسالك.
وممّا يدلّ على صحّة ذلك ويوضّحه: أنّ أكثرهم تساهلاً في أمر الدّين: من يتجاسر على الإقدام على الكبائر، لا سيما معصية الزّنا، فقد علمنا أنّ جماعة من أهل الإسلام في ذلك العصر من رجال ونساء وقعوا في ذلك، فهم (2) فيما يظهر لنا أكثر أهل ذلك الزّمان تساهلاً في الوقوع في المعاصي، وذلك دليل خفّة الأمانة ونقصان الدّيانة، لكنّا نظرنا في حالهم فوجدناهم فعلوا ما لا يفعله المتأخرين إلا أهل الورع الشّحيح، والخوف العظيم، ومن يُضرب بصلاحه المثل، ويتقرّب بحبه إلى الله عز وجل، وذلك أنّهم بذلوا أرواحهم في مرضاة ربّ /العالمين، وليس يفعل هذا إلا من يحقّ له منصب الإمامة في أهل التّقوى واليقين، وذلك كثير في أخبارهم، مشهور الوقوع في زمانهم.
من ذلك حديث المرأة التي [زنت](3) فجاءت النّبيّ صلى الله عليه وسلم مقرّة بذنبها، سائلة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يقيم الحدّ عليها، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستثبت في ذلك، فقالت: يا رسول! إنّي حبلى به، فأمر أن تُمهل
(1) من (ي) و (س)، وفي (أ):((لتلك))!.
(2)
أي: من وقع في الكبائر يومئذ.
(3)
سقطت من (أ) ، والمثبت من (ي) و (س).
حتّى تضع، فلمّا وضعت جاءت بالمولود وقالت: يا رسول الله هو هذا قد ولدته، فقال:((أرضعيه حتّى يتمّ رضاعه)) ، فأرضعته حتّى أتمّت مدة الرّضاع، ثمّ جاءت به في يده كسرة من خبز، فقالت: يا رسول الله! هو هذا يأكل الخبز، فأمر بها فرجمت (1). رواه الحافظ ابن كثير في ((إرشاده)) (2).
فانظر إلى عزم هذه الصّحابية رضي الله عنها على أصعب قتلة على النّفوس، وأوجع ميتة للقلوب، وبقاء عزمها على ذلك هذه المدّة الطّويلة، ومطالبتها في ذلك غير مكرهة ولا متوانية، وهذا -أيضاً- وهي من النّساء الموصوفات بنقصان العقول والأديان، فكيف برجالهم رضي الله عنهم!؟.
ومن ذلك حديث الرّجل الذي أتى إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره أنّه سرق، فأمر بقطع يده، فلما قطعت قال: الحمد لله الذي خلّصني منك، أردت أن تدخليني النّار (3) ، أو كما قال.
(1) أخرجه مسلم برقم (1695) من حديث بُرَيدة بن الحصيب رضي الله عنه.
(2)
(2/ 364).
(3)
أخرجه ابن ماجه: (2/ 863)، والطبراني في ((الكبير)):(2/ 86).
من طريق سعيد بن أبي مريم، ثنا ابن لهيعة، ثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن ثعلبة الأنصاري، عن أبيه: أنّ عمرو بن حبيب بن عبد شمس، جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني سرقت جملاً لبني فلان، فأرسل إليهم النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنّا افتقدنا جملاً لنا، فأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقطعت يده.
قال ثعلبة: أنا أنظر إليه حين وقعت يده وهو يقول: الحمد لله الذي طهّرني منك، أردت أن تُدخلي جسدي النّار)).
قال البوصيري في ((مصباح الزُّجاجة)): (2/ 75): ((هذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن لهيعة)) اهـ.
وفيه أيضاً: عبد الرحمن بن ثعلبة الأنصاري، قال الذهبي في ((الكاشف)):(2/ 159): ((يجهل)) ، وقال الحافظ في ((التقريب)):((مجهول)).
وحديث المجامع في رمضان (1).
وحديث ماعز بطوله (2).
وحديث الذي قال: إنّي أتيت امرأة فلم أترك شيئاً مما يفعله الرّجال بالنّساء إلا أتيته، إلا أنّي لم أجامعها (3)؛ وغير ذلك مما لا يحضرني الآن الإشارة إليه.
فأخبرني على الإنصاف: من في زماننا، وقبل زماننا من أهل الدّيانة قد سار إلى الموت نشيطاً، وأتى إلى ولاة الأمر مقرّاً بذنبه، مشتاقاً إلى لقاء ربّه، باذلاً في مرضاة الله لروحه، ممكّناً للولاة والقضاة من الحكم بقتله؟
وهذه الأشياء تنبّه الغافل، وتقوّي بصيرة العاقل، وإلا ففي قوله تعالى:{كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ} [آل عمران:110]. كفاية وغنية، مع ما عضدها من شهادة المصطفى عليه السلام بأنهم خير القرون،
(1) أخرجه البخاري (الفتح): (4/ 193) ، ومسلم برقم (1111) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري (الفتح): (12/ 138) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ومسلم برقم (1695) من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.
(3)
أخرجه البخاري (الفتح): (2/ 12) ومسلم برقم (2763) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
وبأنّ غيرهم لو أنفق مثل أُحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه، إلى أمثال ذلك من مناقبهم الشّريفة ومراتبهم المنيفة.
وقد ذكر ابن عبد البرّ في ديباجة ((الاستيعاب)) (1) جملة شافية ممّا يدلّ على فضل أهل ذلك الزّمان، [وذكر في ذلك أحاديث كثيرة](2).
منها الحديث الصّحيح الشّهير أنه ((لا يدخل النّار أحد شهد بدراً والحديبية)) (3) رواه من طرق كثيرة.
وروى الحديث المشهور من طريق أبي الزّبير عن جابر مرفوعاً ((لا يدخل النّار أحد بايع تحت الشجرة)) (4) ثمّ روى أنّ أهل الحديبية كانوا ألفاً وأربع مائة، وأهل بيعة الرضوان ألفاً وخمس مائة، وأهل بدر ثلاث مئة وبضعة عشر، وذكر الحديث ((ألا إنّكم توفّون /سبعين أمّة أنتم خيرها وأكرمها على الله)) (5) والحديث الذي فيه:((إنّ الله نظر إلى قلوب العباد فوجد قلوب أصحاب محمد خير قلوب العباد)) (6) ،
(1)(1/ 2 - 5) بحاشية ((الإصابة)).
(2)
النّص مضطرب في (أ) ، وتصويبه من (ي) و (س).
(3)
أخرجه مسلم برقم (2495) من حديث جابر رضي الله عنه.
(4)
أخرجه مسلم برقم (2496) من حديث أم مبشر رضي الله عنها يرويه عنها جابر.
(5)
أخرجه أحمد: (5/ 3)، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)):(1/ 29)، وأخرجه ابن عبد البرّ في ((الاستيعاب)):(1/ 5) من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده. وهذا إسناد حسن.
(6)
رواه أحمد: (1/ 379)، والطّيالسي في ((مسنده)):(ص/33)، والطّبراني في ((الكبير)): رقم (8582)، و ((الأوسط)):(4/ 367)، والحاكم:(3/ 78)، والبيهقي في ((المدخل)):(ص/114) ، من قول ابن مسعود رضي الله عنه موقوفاً. وصححه الحاكم والذهبي، وقال الحافظ في ((الدراية)):(2/ 187): ((أخرجه أحمد موقوفاً على ابن مسعود بإسناد حسن)) اهـ، وكذا حسّنه السخاوي في ((المقاصد الحسنة)):(ص/367).
وجاء مرفوعاً من حديث أنس رضي الله عنه أخرجه الخطيب في ((التاريخ)): (4/ 165)، وابن الجوزي في ((العلل المتناهية)):(1/ 281)، وقال:((تفرّد به النخعي -أي أبا داود- قال أحمد بن حنبل: كان يضع الحديث، وهذا الحديث إنّما يعرف من كلام ابن مسعود)) اهـ.
وأمثال ذلك.
وقد ظهر بهذه الجملة بيان قوّة ما أنكره المعترض على أهل الحديث، وأنّه مذهب العلماء الجلّة، من أهل الملّة، قويّ الموادّ، منصور الأدلّة. والحمد لله.
المسألة [الثانية](1): ممّا اشتمل عليه كلامه، إنكاره لقول أهل الحديث: إنّ الصّحابيّ من رأى النّبيّ صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، وقوله: إنّ هذا باطل، وأنّه يبطل ببطلانه كثير من حديث الصّحاح.
وقد تحامل المعترض على أهل الحديث في هذه المسألة، وأطلق عليها اسم ((الباطل)) الذي لا يطلق على أمثالها من المسائل الظّنّيّة المحتملة، والخلاف في هذه المسألة مشهور في الأصول، وعلوم الحديث، وقد ذكر ابن الحاجب في ((مختصر المنتهى)) (2): أنها
(1) في (أ): ((الثالثة)) وهو سبق قلم.
(2)
(1/ 714) مع شرح الأصفهاني ((بيان المختصر)).