الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع التاسع بعد المائة
علم حقيقته ومجازه
النوع التاسع بعد المائة علم حقيقته ومجازه لا خلاف في وقوع الحقيقة في القرآن وأما المجاز فالجمهور على وقوعه وأنكره جماعة من الظاهرية وابن القاص من الشافعية
وابن خويز منداد من المالكية وشبهتهم أن المجاز أخو الكذب وأن القرآن منزه عنه وأن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير وذلك محال على الله تعالى.
وهذه شبهة باطلة ولو سقط المجاز من القرآن لسقط منه شطر الحسن، فقد اتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة.
وقد أفرده بالتصنيف: الإمام العز بن عبد السلام ولخصه الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى مع زيادة في كتاب سماه: (مجاز الفرسان إلى
مجاز القرآن).
والمجاز: مفرد ومركب أما المفرد فهو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب مع قرينة مانعة من إرادة ما وضع له والقرينة هي: ما يفصح أن المراد في هذا اللفظ المجاز لا الحقيقة مثلًا ولا بدّ من العلاقة بين ما وضع له وهو الحقيقة وبين المجاز.
والعلاقة: السبب الذي يوجب انتقال الذهن من المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي وكل منهما أي من الحقيقة والمجاز لغوي وشرعي وعرفي خاص أو عام كـ (أسد) للسبع، والرجل الشجاع، و (صلاة): للعبادة والدعاء والمجاز الفرد يسمى مجازًا مرسلًا إن كانت العلاقية فيه غير المشابهة وإلا فاستعارة.
وقد عد بعض المتأخرين من أهل البيان علاقات المجاز المفرد إلى نيف وعشرين نوعًا:
(1)
أحدها: حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ويسمى مجاز النقصان كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] أي أهل القرية.
(2)
الثاني: الزيادة كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] فالكاف زائدة أي ليس مثله.
(3)
الثالث: تسمية الشيء باسم جزئه نحو قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ
وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن: 27] أي ذاته.
(4)
الرابع عكسه كالأصابع في الأنامل في قوله تعالى: {يَجْعَلُونَ
أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [البقرة: 19] أي أناملهم ونكتة التعبير عنها بالأصابع: الإشارة إلى أنهم يدخلون أناملهم في آذانهم على غير الصفة المعتادة من الخوف والفرار والفزع فكأنهم أدخلوا جميع أصابعهم.
(5)
الخامس تسمية الشيء باسم سببه كقوله تعالى: {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ}
[هود: 20] أي: القبول والعمل.
(6)
السادس: تسمية الشيء باسم مسببه نحو قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ
رِزْقًا} [غافر: 13] أي مطرًا يتسبب عنه الرزق.
(7)
السابع: ما كان عليه نحو وقوله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2].
(8)
الثامن: ما يؤول إليه نحو قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ} [الزمر: 30]، {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ
خَمْرًا} [يوسف: 36].
(9)
التاسع: محله نحو قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)} [العلق: 17]
(10)
العاشر: آلته نحو قوله تعالى: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84)}
[الشعراء: 84] أي ذكرًا حسنًا.
(11)
الحادي عشر: إطلاق الخاص على العام نحو قوله تعالى: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
[الشعراء: 16] أي رسوله والنكتة في الأفراد الإشارة إلى أنهم في معنى الرسالة والتبليغ والصدق فيما بعثوا به كواحد.
(12)
الثاني عشر: عكسه كقول الله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 5]
أي المؤمنين بدليل قول الله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: 7] والنكتة في ذلك: جعل غير المؤمنين كالعدم فكأن أهل الأرض ومن في الأرض هم المؤمنون.
(13)
الثالث عشر: تسمية الشيء باسم ضده نحو قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}
[آل عمران: 21] والبشارة حقيقة في الخبر وكتسمية البرية المهلكة مفازة.
(14)
الرابع عشر: تسمية الشيء بما قاربه أو شارفه أو إرادة الفاعل نحو قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ} [الطلاق: 2] أي:
قاربن بلوغ الآجل أي انقضاء العدة لأن الإمساك لا يكون بعدة. {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل: 61] أي فإذا قارب مجيئه لا يستأخرون فـ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] أي أردتم القيام إلى الصيام. وقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل: 98] أي أردت قراءة القرآن.
(15)
الخامس عشر: القلب نحو قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ
بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص: 76] أي لتنوء العصبة بها.
(16)
السادس عشر: إطلاق المتعلق بالكسر على المتعلق بالفتح كقول الله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} [لقمان: 11] أي مخلوقه.
(17)
السابع عشر: إطلاق المتعلق بالفتح على المتعلق بالكسر نحو قوله تعالى: {بِأَيِّكُمُ
الْمَفْتُونُ (6)} [القلم: 6] أي الفتنة.
(18)
الثامن عشر: إطلاق الحال على المحل كقول الله تعالى: {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 107] أي في الجنة لأن الرحمة حالة فيها.
(19)
التاسع عشر: إطلاق ما بالقوة على الفعل كتسمية الخمر في الدن مسكرًا أو سكرًا.
(20)
العشرون: تسمية الشيء بما جاوره كتسمية الرواية التي هي ظرف المآء رواية باسم من يحملها من جمل أو بغل أو حمار لمجاورتها لهم وكتسمية البول والنجاسة غائط باسم ما جاوره وهو المحل المطمئن من الأرض.
(21)
الواحد والعشرون: الحذف كقول الله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176] أي لئلا تضلوا.
(22)
الثاني والعشرون: إطلاق النكرات في الإثبات والمراد بها العموم والنكرة في الإثبات لا تعم كقول الله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)} [التكوير: 14] أي كل نفس.
(23)
الثالث والعشرون: إطلاق المعرف باللام وإرادة واحد منه، كقول الله تعالى:{وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] أي ادخلوا بابًا من أبواب المدينة.
(24)
الرابع والعشرون: إطلاق المشبه على ما يشبهه كقوله لصورة إنسان منقوشة على جدار هذا إنسان وليس هذا من قبيل التشبيه بل من قبيل المجاز.
(25)
الخامس والعشرون: تسمية الشيء بما كان كقولك لمن فرغ من الضرب: هذا ضارب كذا قال بعضهم.
(26)
السادس والعشرون إقامة صيغة مقام صيغة أخرى، وتحت هذا أنواع كثيرة.
(1)
من ذلك: إطلاق المصدر وإرادة اسم الفاعل كقول الله تعالى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} [الشعراء: 77] بمعنى فإنهم معادون لي.
(2)
وعلى المفعول نحو قوله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة: 255] أي: من معلومه.
(3)
ومن ذلك إطلاق الفاعل على المصدر نحو قوله تعالى: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2)}
[الواقعة: 2] أي تكذيب.
(4)
ومنها إطلاق المفعول على المصدر نحو قوله تعالى: {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (6)} [القلم: 6] أي الفتنة على أن الياء غير زائدة.
(5)
ومنها: إطلاق الفاعل على المفعول كقوله تعالى: {أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا}
[العنكبوت: 67] أي مأمون فيه.
(6)
وإطلاق المفعول على الفاعل كقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} [مريم: 61] أي آتيًا.
(7)
ومن ذلك إطلاق فعيل على مفعول نحو قوله تعالى: {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا}
[الفرقان: 55].
(8)
ومن ذلك: إطلاق الفرد على المثنى نحو قوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ
إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 62] أي يرضوهما وأفرد لتلازم الرضاءين.
(9)
ومن ذلك: إطلاق المثنى على المفرد نحو قوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [ق: 24]
بمعنى ألق وهو كثير في كلام العرب ومنه قوله تعالى: {نَسِيَا حُوتَهُمَا} [الكهف: 61] والناسي يوشع.
(10)
ومن ذلك إطلاق الجمع على المفرد نحو قوله تعالى: {رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: 99]
أي: ارجعني.
(11)
ومن ذلك: إطلاق الجمع على المثنى نحو قوله تعالى: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}
[فصلت: 11] أي طائعتان وقوله تعالى: {قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ} [ص: 22] أي قالا وقوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] أي قلباكما وقوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ} إلى قوله: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [الأنبياء: 78].
(12)
ومن ذلك: إطلاق الماضي على المستقبل نحو قوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] يعني الساعة وهي آتية لم تأتِ لتحقق الوقوع.
(13)
ومن ذلك إطلاق المستقبل على الماضي مثل قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ}
[البقرة: 44] أي أمرت الناس بالبر لفائدة الدوام والاستمرار.
(14)
ومن ذلك: إطلاق الخبر على الطلب أمرًا أو نهيًا أو دعاء مبالغة في الحث عليه كأنه وقع وأخبر عنه.
قال الزمخشري: ورود الخبر والمراد: الأمر والنهي أبلغ من صريح
الأمر والنهي كأنه سورع فيه إلى الامتثال وأخبر عنه نحو قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} [البقرة: 233] وقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228]، وقوله تعالى:{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] على قراءة الرفع، وقوله تعالى:{وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} [البقرة: 272] أي لا تنفقوا إلا ابتغاء وجه الله، وقوله تعالى:{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)} [الواقعة: 79].
(15)
ومن ذلك: إطلاق الأمر على الخبر نحو قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ
فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مريم: 75] أي يمد.
(16)
ومن ذلك: وضع النداء موضع التعجب نحو قوله تعالى: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ}
[يس: 30] قال الفراء معناه: يا لها من حسرة!
(17)
ومن ذلك: وضع جملة القلة موضع جمع الكثرة كقوله تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ
آمِنُونَ} [سبأ: 37] والغرف لا تحصى.
(18)
ومن ذلك: تذكير المؤنث على أويله بمذكر نحو قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ
بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 78] أي الشخص أو الطالع قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56].
قال الجوهري: ذكرت على معنى ...............................
الإحسان.
أقول ويدل عليه قوله تعالى: {الْمُحْسِنِينَ} وقوله تعالى: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} [ق: 11] على تأويل البلدة بالمكان.
(19)
ومن ذلك: تأنيث المذكر نحو قوله تعالى: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
(11)
} [المؤمنون: 11] أنث الضمير في (فيها) وهو عائد على مذكر وهو الفردوس لتأويله بالجنة وهي مؤنثة.
(20)
ومن ذلك التغليب نحو قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} [الرحمن: 19] أي المالح والعذب وإنما البحر اسم للمالح ويسمى العذب بحرًا تغليبًا وقوله تعالى: {يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} [الزخرف: 38] أي المشرق والمغرب.
قال ابن الشجري: وغلب المشرق لأنه أشهر ...............................
الجهتين.
(21)
ومن ذلك: استعمال حروف الجر في غير معانيها الأصلية.
(22)
ومن ذلك التضمين وهو إعطاء الشيء معنى آخر ويكون فيه معنى الشيئين ويكون في الأسماء والأفعال والحروف مثاله: قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] فـ (يشرب) إنما يتعدى بـ (من)، فتعديه بـ (الباء) إما على تضمينه معنى يلتذ أو تضمين (الباء) معنى (من) نحو قوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] فالرفث لا يتعدى بـ (إلى) إلا على تضمينها معنى الافضاء.
قوله تعالى: {يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [التوبة: 104] عدى بـ (عن) لتتضمن التوبة معنى الصفح والعفو.
(23)
ومن ذلك استعمال أفعل لغير الوجوب ولا تفعل لغير التحريم وأدوات الاستفهام لغير طلب التصور والتصديق وأدوات التمني والترجي والنداء لغيرها.
وأما المجاز المركب ويقال له المجاز العقلي والمجاز في الإسناد قال في (تلخيص المفتاح) وهو إسناده أي إسناد الفعل إلى ملابس له غير ما هو له بتأويل وله ملابسات شتى يلابس الفاعل والمفعول به والمصدر والزمان والمكان والسبب.
فإسناده إلى الفاعل والمفعول به إذا كان مبنيًا له حقيقة كما مر وإسناده إلى غيرهما للملابسة مجاز كقولهم عيشة راضية، وسيل مفعم، وشعر شاعر، ونهاره صائم، ونهر جار، وبنى الأمير المدينة.
وقولنا: (بتأول) يخرج ما مر من قول الجاهل ولهذا لم يحمل نحو قوله:
أشاب الصغير وأفتى الكبير ..... كر الغداة ومر العشي على المجاز ما لم يعلم أو يظن أن قائله لم يرد ظاهره.
كما استدل على أن إسناد (ميز) في قول أبي النجم: ميز عنه قنزعًا عن قنزع .... جذب الليلالي أبطئي أو أسرعي.
مجاز بقوله عقيبه: أفناه قيل الله للشمس: اطلعي.
وأقسامه أربعة: لأن طرفيه أما حقيقتان نحو أنبت الربيع البقل أو مجازان نحو أحيا الأرض شباب الزمان أو مختلفان نحو أنبت البقل شباب الزمان وأحيا الأرض الربيع وهو في القرآن كثير نحو قوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: 2] وقوله تعالى: {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ} [القصص: 4] وقوله تعالى: {يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا} [الأعراف: 27] وقوله تعالى: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17] وقوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)} [الزلزلة: 2].
وغير مختص بالخبر بل يجري في الإنشاء نحو: {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} [غافر: 36] ولا بد له من قرينة لفظية كما مر أو معنوية كاستحالة قيام المسند بالمذكور عقلًا كقولك: محبتك جاءت بي إليك أو عادة نحو: هزم الأمير الجند وصدوره عن الموحد مثل: أشاب الصغير ........ ...........
ومعرفة حقيقته أما ظهرة كما في قوله تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} [البقرة: 16] أي فما ربحوا في تجارتهم وأما خفية كما في قولك: سرتني رؤيتك أي سرني الله عند رؤيتك.
وقوله:
يزيدك وجهه حسنًا ....... إذا ما زدته نظرا أي يزيدك الله في وجهه حسنًا.
وأنكره السكاكي ذاهبًا إلى أن ما مر ونحوه استعارة بالكناية على أن المراد بالربيع الفاعل الحقيقي بقرينة نسبة الإثبات إليه وعلى هذا القياس غيره وفيه نظر لأنه يستلزم أن يكون المراد بـ (عشية) في قوله تعالى: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21] صاحبها كما سيأتي ونحو نهاره صائم لبطلان إضافة الشيء إلى نفسه وأن لا يكون الأمر بالبناء لهامان وأن يتوقف نحو: أنبت الربيع البقل على السمع واللوازم كلها منتفية ولأنه ينتقض بنحو نهاره صائم لاشتماله على ذكر طرفي التشبيه.