المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الحادي عشر بعد المائةعلم تشبيه القرآن الكريم - الزيادة والإحسان في علوم القرآن - جـ ٥

[محمد عقيلة]

فهرس الكتاب

- ‌النوع السادس والتسعون علم المحكم والمتشابه

- ‌فأما المحكم:

- ‌وأما المتشابه:

- ‌تنبيه: قال ابن اللبان: ليس من المتشابه قوله تعالى: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [

- ‌النوع السابع والتسعون علم خاصّه وعامّه

- ‌ العام:

- ‌فصل: العام على ثلاثة أقسام:

- ‌الأول: الباقي على عمومه

- ‌الثاني: العام المراد به الخصوص

- ‌الثالث: العام المخصوص

- ‌ الخاص:

- ‌وحكمه:

- ‌فروع وفوائد تتعلق بالعموم والخصوص

- ‌فائدة: العطف على العام لا يقتضي العموم في المعطوف

- ‌فائدة: في الخطاب الخاص به

- ‌فائدة: اختلف في الخطاب بـ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} هل يشمل الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌فائدة: الأصح في الأصول أن الخطاب

- ‌فائدة: المخاطب داخل في خطابه وإن كان خيرًا

- ‌النوع الثامن والتسعونعلم مشتركه ومؤوَّله

- ‌والمشترك:

- ‌وأما المؤوَّل:

- ‌فائدة: هل يجوز استعمال المشترك في كلا المعنيين مثلًا إذا احتمل الكلام ذلك

- ‌النوع التاسع والتسعونعلم ظاهره وخفيِّه

- ‌فالظاهر:

- ‌ الخفي

- ‌النوع المائةعلم نصه ومشكله

- ‌ النص

- ‌ المُشْكِل:

- ‌النوع الحادي والمائةعلم مفسره ومجمله

- ‌ المفسَّر:

- ‌ المجمل

- ‌وللإجمال أسباب:

- ‌فصل: قد يقع التبيين متصلًا

- ‌تنبيه: اختلف في آيات هل هي من قبيل المجمل أو لا

- ‌تنبيه: قال ابن الحصار: من الناس من جعل المجمل والمحتمل بإزاء شيء واحد

- ‌والمبهم:

- ‌النوع الثاني بعد المائةعلم منطوقه ومفهومه

- ‌ المنطوق:

- ‌المفهوم:

- ‌النوع الثالث بعد المائةعلم مطلقه ومقيده

- ‌ المطلق:

- ‌والفرق بين العام والمطلق:

- ‌النوع الرابع بعد المائةعلم مقدمه ومؤخره

- ‌ التأخير:

- ‌ أسباب التقديم وأسراره

- ‌النوع الخامس بعد المائةعلم ما أوهم التناقض والتعارض وليس بمتناقض ولا بمتعارض

- ‌فصل: قال الزركشي في البرهان للاختلاف أسباب:

- ‌فائدة: قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني إذا تعارضت الآي وتعذر فيها الترتيب والجمع

- ‌النوع السادس بعد المائةمعرفة وجوهه ونظائره

- ‌فصل: قال ابن فارس في كتاب الأفراد: كل ما في القرآن من ذكر الأسف فمعناه الحزن

- ‌فرع:

- ‌النوع السابع بعد المائةعِلْمُ وجوهِ مُخاطَباتِه

- ‌ ذكر ابن الجوزي في كتاب المدهش الخطاب في القرآن على خمسة عشر وجهًا.وقال غيره: على أكثر من ثلاثين وجهًا:

- ‌أحدها: خطاب العام

- ‌والثاني: خطاب الخاص والمراد به الخصوص

- ‌الثالث: خطاب العام والمراد به الخصوص

- ‌الرابع: خطاب الخاص والمراد به العموم

- ‌الخامس: خطاب الجنس

- ‌السادس: خطاب النوع

- ‌السابع: خطاب العي

- ‌الثامن: خطاب المدح

- ‌التاسع: خطاب الذم

- ‌العاشر: خطاب الكرامة

- ‌الحادي عشر: خطاب الإهانة

- ‌الثاني عشر: خطاب التهكم

- ‌الثالث عشر: خطاب الجمع بلفظ الواحد

- ‌الرابع عشر: خطاب الواحد بلفظ الجمع

- ‌الخامس عشر: خطاب الواحد بلفظ الاثني

- ‌السادس عشر: خطاب الاثنين بلفظ الواحد

- ‌السابع عشر: خطاب الاثنين بلفظ الجمع

- ‌الثامن عشر: خطاب الجمع بلفظ الاثنين

- ‌‌‌التاسع عشر: خطاب الجمع بعد الواحد

- ‌التاسع عشر: خطاب الجمع بعد الواحد

- ‌العشرون: عكسه وهو خطاب الواحد بعد الجمع

- ‌الحادي والعشرون: خطاب الاثنين بعد الواحد

- ‌الثاني والعشرون: عكسه أي خطاب الواحد بعد الاثنين

- ‌الثالث والعشرون: خطاب العين والمراد به الغير

- ‌الرابع والعشرون: خطاب الغير والمراد العين

- ‌الخامس والعشرون: الخطاب العام الذي لم يقصد به مخاطب مُعَيَّن

- ‌السادس والعشرون: خطاب الشخص ثم العدول إلى غيره

- ‌السابع والعشرون: خطاب التلوين وهو الالتفات

- ‌الثامن والعشرون: خطاب الجمادات خطاب من لا يعقل

- ‌التاسع والعشرون: خطاب التهييج

- ‌الثلاثون: خطاب التحنن والاستعطاف

- ‌الحادي والثلاثون: خطاب التحبب

- ‌الثاني والثلاثون: خطاب التعجيز

- ‌الثالث والثلاثون: خطاب التشريف وهو كل ما في القرآن مخاطبة بـ (قل) فإنه تشريف منه تعالى

- ‌الرابع والثلاثون: خطاب المعدوم ويصح ذلك تبعًا لموجود

- ‌فائدة: قال بعضهم خطاب القرآن ثلاثة أقسام قسم لا يصلح إلا للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فائدة: قال ابن القيم: تأمل خطاب القرآن تجد ملِكًا له الملك كله وله الحمد كله

- ‌فائدة: قال بعض الأقدمين: أُنزل القرآن على ثلاثين نحوًا كل نحو منه غير صاحبه

- ‌النوع الثامن بعد المائةعلم ناسخه ومنسوخه

- ‌والنسخ:

- ‌ومعناه في العرف:

- ‌والناسخ:

- ‌والمنسوخ:

- ‌والناسخ أربعة أنواع:

- ‌ ونبدأ من أول كل سورة فيها منسوخ أو ناسخ بعدد

- ‌سورة البقرة مدنية

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة التوبة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌سورة طه

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة غافر

- ‌سورة فصلت:

- ‌سورة الشورى

- ‌سورة الزخرف

- ‌سورة الدخان

- ‌سورة الجاثية

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة محمد

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذاريات

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصف والجمعة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم والملك

- ‌سورة القلم

- ‌سورة الحاقة

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الإنسان

- ‌سورة المرسلات، والنبأ، والنازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التكوير

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر إلى آخر سورة التكاثر

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة إلى آخر الكوثر

- ‌سورة الكافرون

- ‌سورة النصر إلى آخر المعوذتين

- ‌فوائد منشورة

- ‌تنبيه: حكى القاضي أبو بكر في (الانتصار)

- ‌تنبيه: قال ابن الحصار في هذا النوع إن قيل كيف يقع النسخ إلى غير بدل

- ‌النوع التاسع بعد المائةعلم حقيقته ومجازه

- ‌فصل: اختلف الناس في أنواع هل هي من الحقيقة أو المجاز

- ‌فائدة: من المجاز مجاز المجاز وجعل

- ‌فائدة: يوصف بعض الألفاظ بأنه حقيقة ومجاز باعتبارين

- ‌النوع العاشر بعد المائةعلم صريحه وكنايته

- ‌ الصريح

- ‌ الكناية

- ‌فائدة: للناس في الفرق بين الكناية والتعريض عبارات:

- ‌النوع الحادي عشر بعد المائةعلم تشبيه القرآن الكريم

- ‌فائدة: قال ابن أبي الأصبع: لم يقع في القرآن تشبيه شيئين بشيئين

- ‌فائدة: الأصل في المشبه أن يكون أدنى والمشبه به أعلى

- ‌النوع الثاني عشر بعد المائةعلم استعارته

- ‌ الاستعارة:

- ‌النوع الثالث عشر بعد المائةعلم أحوال المسند والمسند إليه

- ‌وأما علم المعاني فيشتمل على أبحاث ثمانية:

الفصل: ‌النوع الحادي عشر بعد المائةعلم تشبيه القرآن الكريم

‌النوع الحادي عشر بعد المائة

علم تشبيه القرآن الكريم

ص: 465

النوع الحادي عشر بعد المائة علم تشبيه القرآن الكريم التشبيه من أفضل أنواع البلاغة وأشرفها قال المبرد في الكامل لو قال قائل هو أكثر كلام العرب لم يبعد وقد أفرد تشبيهات القرآن بكتاب أبو القاسم ابن المنذر البغدادي سماه: الجمان.

ص: 466

قال ابن أبي الأصبع التشبيه هو إخراج الأغمض إلى الأظهر.

وقال غيره هو الحاق شيء ذي وصف في وصفه وقال بعضهم هو أن يثبت للشبه حكمًا من أحكام المشبه به والغرض منه تأنيس النفس بإخراجها من خفي إلى جليّ وإدنائه البعيد من القريب ليفيد بيانًا.

وقيل الكشف عن المعنى المقصود مع الاختصار.

وقال في التلخيص التشبيه هو الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى والمراد هاهنا ما يكن على وجه الاستعارة التحقيقية والاستعارة بالكناية والتجريد فدخل فيه نحو قولنا زيد أسد وقوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ} [البقرة: 18]

ص: 467

والنظر في أركانه وهي طرفاه وهما المشبه والمشبه به ووجهه أي وجه الشبه بين المشبه والمشبه به وأداته وهي الكاف وما في معناها ومثل وما في معناها.

فأما طرفاه فهما إما حسيان كالخد والورد والصوت الضعيف والهمس والنكتة والعنبر والريق والخمر والجلد الناعم والحرير.

مثال ذلك قول الله جل شأنه: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)} [يس: 39] وكقوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [القمر: 20]، {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7]، وقوله تعالى:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)} [آل عمران: 59] فهذه الأمثلة هما طرفان حسيان وهما المشبه والمشبه بع.

أو عقليان كقولنا زيد علمه كالحياة أي تحيا بعلمه القلوب كما تحيا الأجسام بالحياة.

أو مختلفان بأن يكون المشبه عقليًا والمشبه به حسيًا كقول الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} [إبراهيم: 18] وكقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)} [إبراهيم: 24]، {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)} [إبراهيم: 26].

ص: 468

ويكون المشبه حسيًا والمشبه به عقليًا ولم يقع في القرآن ومنعه أهل البيان لأن العلوم العقلية مستفادة من الحواس ومنتهية إليها فإذا شبه المحسوس بالمعقول جعل الأصل فرعًا والفرع أصلًا وهو غير جائز.

قال في المطول: وأمّا ما جاء من الأشعار من تشبيه المحسوس بالمعقول فوجهه أن يقدر المعقول محسوسًا ويجعل كالأصل لذلك المحسوس على طريق المبالغة فيصح التشبيه حينئذ.

أقول: إذا جعل لتشبيه المحسوس بالمعقول وجه فلأي شيء يمنع؟ بل ينبغي أن يجوز ذلك، فلو قال قائل الشمس كدليل فلان وحجته على هذه المسألة لصح ذلك. وقد وجد من هذا القبيل في كلام البلغاء ومنه قوله تعالى:{إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65)} [الصافات: 64، 65] فإن المشبه وهو شجرة الزقوم وأخبر الحق جل شأنه عنها فهي مما يدرك بالحاسة البصرية ولو في الدار الآخرة، وأما المشبه به وهو قوله تعالى:{كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: 65] فمن القاعدة المعلومة المشهورة أن المشبه به لا بد أن يكون ظاهرًا واضحًا معلومًا عند السامع حتى يشبه به غيره ولا وجود لرؤوس الشياطين في المحسوس لكن لمّا شاع وذاع قبح الشياطين وصفاتهم على لسان الأنبياء

ص: 469

تمثل في العقل قبح صورهم وصارت ثابتة لديه فشبهت شجرة الزقوم بذلك لتصور قبح رؤوسهم في العقل.

وأما وجه التشبيه فهو ينقسم إلى قسمين تارة يكون مفردًا وتارة يكون مركبًا.

فأما المفرد فأن يشبه شيئًا بشيء في شيء واحد كقولنا زيد كالأسد في الشجاعة وأما المركب فكالآيات المتقدمة مثل قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} [النور: 35] فإن وجه التشبيه مركب وأيضًا ينقسم وجه التشبيه إلى حسي وعقلي لأنه لا يخلو أما أن يكون وجه الشبه مما يدرك بالحس أو مما لا يدرك إلى غير ذلاك من التقسيمات وأما أداته فالكاف ومثل وما في معناها.

والأصل في نحو الكاف أن يليه المشبه به كقول الله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [البقرة: 17] ولو تقديرًا كقوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} الآية [البقرة: 19 [فإن التقدير أو كمثل ذي صيب فحذف ذي لدلالة قوله تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ} [البقرة: 19] وحذف مثل لعطفه على قوله تعالى: {كَمَثَلِ

ص: 470

الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [البقرة: 17] فهو قرينة على ثبوت مثل في الآية الثانية والمقدر كالملفوظ وأما قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [الصف: 14] فقيل التقدير كونوا أنصار الله ككون الحواريين من أنصارًا لله وقت قول عيسى من أنصاري إلى الله على أن ما مصدرية والزمان مقدر فالمشبه به وهو كون الحواريين أنصارًا مقدر يلي الكاف كمثل ذي صيب حذف لدلالة ما أقيم مقامه عليه إذ لا يمكن أن يشبه كونهم أنصارًا لله بقول عيسى وقد يليه غيره أي قد يلي نحو الكاف غير المشبه به كقوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} [الكهف: 45] وقد يذكر فعل ينبئ عنه كما في علمته زيدًا أشدًا إن قرب وحسبت إن بعد.

وأما الغرض منه أي من التشبيه ففي الأغلب يعود إلى المشبه وهو بيان إمكانه كما في قوله: فإن تفق الأنام وأنت منهم .... فإن المسك بعض دم الغزال أو بيان حاله كما في تشبيه بآخر في السود أو مقدارها أي بيان مقدار حال المشبه في القوة والضعف والزيادة والنقصان كما في تشبيهه بالغراب في شدته أو تقريرها كما في تشبيه من لا يحصل من

ص: 471

سعيه على طائل بمن يرقم على الماء وهذه الأربعة تقتضي أن يكون وجه التشبيه في المشبه به أتم وهو به أشهر أو تزيينه للترغيب فيه كما في تشبيه وجه أسود بمقلة الظبي أو تشويهه كما في تشبيه وجه مجدور بسلحة جامدة قد نقرتها الديكة أو استطرافه كما في تشبيه فحم فيه جمر موقد ببحر من المسك موجه الذهب لابرازه في صورة الممتنع عادة وللاستطراف وجه آخر وهو أن يكون المشبه به نادر الحضور في الذهن أمّا مطلق كما مر أو عند حضور المشبه كما في قوله: ولا زوردية تزهو بزرقتها .... بين الرياض على حمر اليواقيت كأنها فوق قامات ضعفن بها

أوائل النار في أطراف كبريت

ص: 472

وقد يعود إلى المشبه به وهو ضربان: أحدهما: إيهام أنه أتم من المشبه وذلك في التشبيه المقلوب كقوله: وبدأ الصباح كأن غرته ...... وجه الخليفة حين يمتدح

ص: 473

والثاني: بيان الاهتمام به كتشبيه الجائع وجهًا كالبدر في الإشراق والاستدارة بالرغيف ويسمى هذا إظهار المطلوب هذا إذا أريد الحاق الناقص حقيقة أو ادعاء بالزائد فإن أريد الجمع بين شيئين في أمر فالأحسن ترك التشبيه إلى الحكم بالتشابه احترازًا من ترجيح أحد المتساويين كقوله: تشابه دمعي إذ جرى ومدامتي

فمن مثل ما في الكأس عيني تسكب فو الله ما أدر: أبا الخمر أسلبت .... جفوني أم من عبرتي كنت أشرب ويجوز التشبيه أيضًا كتشبيه غرة الفرس بالصبح وعكسه متى أريد ظهور منير في مظلم أكثر منه وهو أي التشبيه باعتبار الطرفين أربعة

ص: 474

أقسام لأنه أما تشابه مفرد بمفرد وهما غير مقيدين كتشبيه الخد بالورد وكقول الله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187] على حذف أداة التشبيه أي هن كاللباس لكم وأنتم كاللباس لهن لأن كل واحد من الزوجين يشتمل على صاحبه عند الاعتناق كاللباس ويحتمل أن يكون قول الله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} على معنى المجاز المرسل أطلق لفظ اللباس على الرجال والنساء بعلاقة المباشرة والمقاربة كما أن اللباس يباشر الجسد ويقاربه أو مقيدان كقولهم: لمن لا يحصل من سعيد على طائل هو كالراقم على الماء أو مختلفان كقوله: ........ والشمس كالمرأة في كف الأشل وعكسه وأمّا تشبيه مركب بمركب كما في بيت بشار وهو قوله: كأن مثار النقع فوق رؤوسنا .... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه

ص: 475

وكقول الله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} [البقرة: 265]

وأما تبيه مفرد بمركب كما في قوله: وكأن محمر الشقيق إذا

تصوب أو تصعد أعلام ياقوت نشر ..... ن على رماح من زبرجد وكقول الله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا

ص: 476

يَرْجِعُونَ (18)} [البقرة: 17، 18] فإن هذا من التشبيه المركب وهو تشبيه حال المنافق في إظهاره الإيمان وإبطانه الكفر وسلوك حال في الدنيا وانتظام أمره بحقن الدم وسلامة الأموال ومشاركة المسلمين فيما غنموه في هذه الدار التي عمرها قصير وزمنها قليل كمثل المستوقد نارًا ليدفأ بها ويبصر من حوله وينتفع بها فلما أضاءت انطفأت وبقي في ظلمة الحيرة والدهشة لا يرة ولا يصبر فكذلك حال المنافقين إذا انكشف الحجاب يوم الحساب رأوا ما انتفعوا به من سلوك الحال في الدنيا كحالة المستوقد وبقوا في الحيرة والدهشة والعذاب.

ومن التشبيه المركب قول الله تعالى بعد ذلك: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} [البقرة: 19، 20]

شبه حال المنافقين أيضًا في اندراج حالهم من المؤمنين في هذه الدار كمثل من يمشي في مطر ورعد وبرق يضيء له الطريق فيأنس ويبصر ثم يذهب عنه بسرعة ويبقى في حيرته وظلمته وكذلك المنافقين راحتهم كراحة الماشي حين يستأنس بلمح البرق ويرى الطريق فإذا انكشف الحجاب في يوم الحساب كانت تلك الراحة بمنزلة هذه الساعة.

ومن التشبيه المركب أيضًا على أحد الوجوه قول الله جل شأنه: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} الآية [النور: 35] فإن التقدير مثل نور الله المفاض على قلوب عبادة كمثل مشكاة وهي ألطافه فيها مصباح وهو السراح المصباح في زجاجة فالمشكاة جسد الإنسان والمصباح النور والزجاجة القلب الصنوبري فهو من باب تشبيه المفرد بالمركب فإن هذه الألفاظ كلها مفردة والمشبه به مركب ولم تستفد معانيها إلا من المشبه.

ص: 477

وأما تشبيه مركب بمفرد كقوله: يا صاحبي تقصيًا نظريكما

تريا وجوه الأرض كيف تصور تريا نهارًا مشمسًا قد شابه .... زهر الربى فكأنما هو مقمر وكقول الله تعالى: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24)} [الرحمن: 24] فإن المشبه هي السفن السائرات في البحر والمشبه به مفرد وهي الأعلام.

فائدة: الأصل دخول أداة التشبيه على المشبه به وقد تدخل على المشبه وذلك لقصد المبالغة في الشيء كما في قول الله تعالى: {قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ

ص: 478