الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثاني بعد المائة علم منطوقه مفهومه
المنطوق:
ما دل عليه اللفظ في محل النطق وكان المعنى في ذلك واضحًا غير متوقف على شيء ويدخل تحت منطوق العبارة ما تقدم من نوع النص والظاهر والمفسر والمحكم فإن هذه العبارات منطوقة يفهم معناها من صريح ألفاظها وما سيقت له.
وإن أفاد منطوق اللفظ المعنى من غير تقدير ولا إضمار يسمى ذلك
المفهوم:
عبارة النص نحو قول الله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ
إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196]، فبيان العدد وتوضيحه بقول الله تعالى:{تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} عبارة النص ومنطوقه. وإن احتاج الحال إلى تقدير وإضمار تسمى تلك الدلالة دلالة اقتضاء كقول الله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] إذ القرية لا تسأل والأبنية وقول الله تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ} [البقرة: 60] أي فضرب ففهم سؤال أن المقصود سؤال أهل القرية وأن الانفجار إنما يكون بعد الضرب بمقتضى النص وإن لم يكن المفهوم متبادر في المقصود لكن ليس هناك حذف ولا تقدير، يسمى ذلك المفهوم «إشارة النص» كقول الله تعالى:
{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] يفهم من إشارة النص صحة صوم الجنب لجواز الجماع إلى آخر جزء من الليل وفي ذلك الجزء لا يمكن الغسل فصار الغسل متأخر إلى الفجر.
القسم الثاني: المفهوم وهو: ما دل عليه اللفظ لا من فحوى النطق.
فإن وافق المنطوق سمي ذلك مفهوم الموافقة. وإن كان أولى من المنطوق سمي مفهوم الأولى، وإن خالف سمي مفهوم
المخالفة. وهو صفة يدخل فيه مفهوم العدد والعلة والحال واللقب وغير ذلك وسيأتي تمثيله.
مثال مفهوم الموافقة قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10] فإحراق مال اليتيم وإذهابه مساويًا لأكله إذ كل منهما سبب للإتلاف.
ومثال مفهوم الأولى قول الله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] فيفهم تحريم ضرب الوالدين إذ الضرب أشد من التأفيف فهو أولى بالتحريم.
وأما مفهوم المخالفة فقد اختلف العلماء فيه فأنكره جمع منهم فقالوا ليس مفهوم المخالفة حجة وهو ينقسم إلى أقسام لأنه إما مفهوم صفة،
أو حال، أو ظرف، أو عدد، أو شرط، ......................................
أو غاية.
مثال الصفة قول الله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] مفهومه أن غير الفاسق لا يجب التبيين في خبره فيجب قبول خبر الواحد العدل.
ومثال الحال نحو قول الله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].
ومثال الظرف قول الله تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198] فيفهم منه أن الذكر عند غيره ليس محصلًا للمطلوب.
ومثال العدد كقول الله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] أي لا أقل ولا أكثر.
ومفهوم الشرط نحو قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] فيفهم منه أن غير ذوات الحمل لا يجب الإنفاق عليهن.
ومفهوم الغاية نحو قوله تعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
ومفهوم الحصر نحو قوله تعالى: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا
هُوَ .... } [طه: 98] فغيره ليس بإله ومن الحصر أيضًا فصل المبتدأ من الخبر بضمير الفصل نحو: { .... أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ .... } [الشورى: 9] فغيره ليس بولي ومن الحضر أيضًا تقدم المعمول نحو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] أي لا غيرك.
ومن جعل مفهوم المخالفة حجة جعل لذلك شروطًا منها: أن لا يكون خرج للغالب مثل قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] أو خرج لسؤال عنه أو حادثة تتعلق به أو
للجهل بحكمه أو خرج المذكور لغير ما ذكر مما يقتضي التخصيص بالذكر وأصح التقاسيم عند من ذهب إلى القول بمفهوم المخالفة مفهوم الحصر وأكثرهم لا يقول بمفهوم اللقب وذهب بعض المتأخرين إلى إنكاره في غير الشرع من الكتاب والسنة مثل كتب المصنفين من الفقه والعبادات في التآليف. والله سبحانه وتعالى أعلم.