الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وينتفع بذلك في حساب الحج والأعياد وغير ذلك.
وعلى هذا فيكون الجواب مطابقًا للسؤال نصًا في المعنى الذي سألوا عنه وقد قال كثير من الناس إن الجواب ليس مطابقًا للسؤال وسمى هذا الجواب أسلوب الحكيم وهو: إذا سئل الحكيم عن أمر فرأى أن السؤال يحتاج إلى شيء أهم من ما سألوا عنه يعدل عن جوابه إل إفادته بذلك المعنى المطلوب فيكون السؤال على هذا التقدير: يسألونك عن سبب زيادة الأهلة ونقصها بأي شيء يحصل؟ فأجابهم الله جلّ شأنه على غير سؤالهم بما ذكر.
وهذا الذي ذكروه بعيد عندي وإن كان السؤال يحتمله لكن الجواب بيَّن أن السؤال ما كان إلا عن ما ذكروه ومتى أمكن حمل اللفظ على ظاهره لا يعدل عنه والله أعلم.
وَأَمّا
المُشْكِل:
فهو ما أشكل معناه على السامع ولم يصل إلى إدراكه إلا بدليل آخر فمن ذلك قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى
شِئْتُمْ .... } [البقرة: 223] فيحتمل اللفظ «أينما شئتم» ، وهذا يلزم منه جواز إتيانهم في غير الفروج. ويحتمل «كيفما شئتم» ، وهذا لا يدل فأشكل الحال فبيَّن المعنى سبب نزول الآية فإن اليهود كانوا يقولون إذا جامع الرجل زوجته في فرجها من جهة دبرها جاء الولد أخول فأنزل الله تعالى في الرد عليهم:{ .... نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ .... } ، فتبين المعنى بأن المقصود «كيفما شئتم» ، وعلى أي صفة شئتم فانتفى المعنى الأول.
ومن ذلك قوله تعالى: { .... فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ
…
} [البقرة: 115] فظاهر الآية جواز التوجه إلى أي جهة القبلة أو غيرها في الصلاة لكن سبب النزول بيَّن المعنى وهو أن قومًا مسافرين اشتبه عليهم القبلة فصاروا إلى جهات شتى باجتهادهم ثم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تعالى: {
…
فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ .... }، فانكشف الإشكال.
ومن ذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82] لما سمع الصحابة رضي الله تعالى عنهم هذه الآية أشكلت عليهم فقالوا وأينا لم يلبس إيمانه بظلم يا رسول الله؟ !
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ليس الشأن كما ظننتم إنما المقصود بالظلم: (هو الظلم الذي قال الله تعالى: {
…
إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13])، فبيَّن لهم ما أشكل عليهم من الظلم بأن المقصود به الشرك لا مطلق الظلم. والله أعلم. انتهى.