الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والبراهين ويجيب عن شبه أعدائه أحسن الأجوبة ويصدق الصادق ويكذب الكاذب ويقول الحق ويهدي السبيل ويدعو إلى دار السلام ويذكر أوصافها وحُسنها ونعيمها ويحذر من دار البوار ويذكر عذابها وقبحها وآلامها ويذكر عباده فقرهم إليه وشدة حاجتهم إليه من كل وجه لا غنى لهم عنه طرفة عين ويذكرهم غناه عنهم وعن جميع الموجودات وأنه الغني بنفسه عن كل ما سواه وكل ما سواه فقير إليه وأنه لا ينال أحد ذرة من الخير فما فوقها إلا بفضله ورحمته ولا ذرة من الشر فما فوقها إلا بعدله وحكمته ويشهد من خطابه عتابه لأحبابه ألطف عتاب وأنه مع ذلك مقيل عثراتهم وغافر زلاتهم ومقيم أعذارهم ومصلح فسادهم والدافع عنهم والمحامي عنهم والناصر لهم والكفيل بمصالحهم والمنجي لهم من كل كرب والموفي لهم بوعده وأنه وليهم الذي لا ولي لهم سواه فهو مولاهم الحق ونصيرهم على عدوهم فنعم المولى ونعم النصير.
وإذا شهدت القلوب من القرآن ملِكًا عظيمًا رحيمًا جوادًا جميلًا هذا شأنه فكيف لا تحبه وتنافس في القرب منه وتتفق أنفاسها في التودد إليه ويكون أحب إليها من كل ما سواه ورضاه آثر عندها من رضا كل ما سواه؟ وكيف لا تلهج بذكره ويصير حبه والشوق إليه والأنس به هو غذاؤها وقوتها ودواؤها بحيث إن فقدت ذلك فسدت وهلكت ولم تنتفع بحياتها؟
فائدة: قال بعض الأقدمين: أُنزل القرآن على ثلاثين نحوًا كل نحو منه غير صاحبه
فمن عرف وجوهها ثم تكلم في الدين أصاب ووُفِّق ومن لم يعرفها فتكلم في الدين كان الخطأ إليه أقرب وهي: المكي والمدني،
والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والتقديم والتأخير، والمقطوع والموصول، والسبب والإضمار، والخاص والعام، والأمر والنهي، والوعد والوعيد، والحدود والأحكام، والخبر والاستفهام، والأبهة والحروف المصرفة، والإعذار والإنذار، والحجة والاحتجاج، والمواعظ والأمثال، والقَسَم.
قال: فالمكي: مثل قوله تعالى: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} [المزمل: 10].
والمدني: مثل قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 189، 190]. والناسخ والمنسوخ واضح.
والمحكم مثل قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} الآية [النساء: 93]. {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى} [النساء: 10] ونحو مما أحكمه الله وبينه.
والمتشابه: مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النور: 27] ولم يقل: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} [النساء: 30] كما قال في المحكم وقد ناداهم في هذه الآية بالإيمان ونهاهم عن المعصية ولم يجعل فيها وعيدًا، فاشتبه على أهلها ما يفعل الله بهم.
والتقديم والتأخير: مثل قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180]، التقدير: كتب عليكم الوصية إذا حضر أحدكم الموت.
والمقطوع والموصول مثل قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)} [القيامة: 1، 2] و (لا) مقطوع من (أقسم) وإنما هو في المعنى: {أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)} ولم يقسم.
والسبب والإضمار مثل قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] أي أهل القرية.
والخاص والعام: مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ} فهذا في المسموع خاص بـ: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: 1] فصار في المعنى عامًا.
والأمر وما بعده إلى الاستفهام: أمثلتها واضحة.
والأبهة: مثل قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا} [القمر: 19، 31، 34، نوح: 1، المزمل: 15]، {نَحْنُ قَسَمْنَا} [الزخرف: 32] عبر بالصيغة الموضوعة للجماعة للواحد تعالى تفخيما وتعظيما وأبهة.
والحروف المصرفة: كـ (الفتنة) تطلق على (الشرك) نحو قوله تعالى: {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193].
وعلى (المعذرة) نحو قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} [الأنعام: 23] أي معذرتهم.
وعلى (الاختبار) نحو قوله تعالى: {
…
قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ} [طه: 85].
و(الإعذار) نحو قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ} [المائدة: 13] اعتذر أنه لم يفعل ذلك إلا بمعصيتهم.
والبواقي أمثلتها واضحة.