الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثالث عشر بعد المائة علم أحوال المسند والمسند إليه ولم يذكر هذا النوع الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى اعلم أيدنا الله وإياك أن علم البيان يشتمل على أربعة مباحث: 1 - بحث الحقيقة والمجاز.
2 -
وبحث الصريح والكناية 3 - وبحث الاستعارة 4 - وبحث التشبيه وقد تقدمت هذه الأنواع كلها.
وأما علم المعاني فيشتمل على أبحاث ثمانية:
الأول: في أحوال الإسناد.
الثاني: في أحوال المسند إليه.
الثالث: في أحوال المسند الرابع: في أحوال متعلقات الفعل الخامس: في القصر السادس: في الإنشاء والخبر السابع: في الفصل والوصل الثامن: في الإيجاز والإطناب والمساواة.
وهذا النوع نتكلم فيه في أحوال الإسناد والمسند إليه فأما الإسناد: فهو إثبات النسبة الحكمية بين المسند والمسند إليه مثل قولك زيد قائم فإثبات نسبة القيام إلى زيد والحكم عليه بأنه قائم يسمى إسنادًا وزيد مسند إليه وقائم مسند ثم إن هذا الإسناد يكون حقيقة وهو إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ما هو له وإلى من قام به الفعل ومجازًا وهو إسناد الفعل إلى غير ما هو له وقد تقدم في
المجاز ثم إن المتكلم إذا قصد بالإسناد إفادة المخاطب بالحكم يسمى فائدة الخبر فإن قصد إعلامه بكونه عالمًا سمي لازمها ثم إن كان السامع غير متردد أو خالي الذهن عن الحكم أتى له من الخطاب بما يناسبه وإذا فهم منه التردد في الأمر وعدم ثبوت النسبة في ذهنه جيء له بما يؤكد الثبوت وإن ارتقى إلى مرتبة الإنكار والفساد زيد له في التأكيد فالأول: كقول الله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] مما يشتمل على غير تأكيد.
والثاني: كما قال الله تعالى حكاية عن رسل عيسي: عليه السلام {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14)} [يس: 13، 14]
والثالث: كقول الله تعالى في هذه السورة: {قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16)} [يس: 15، 16] ففي الأول لم يكن تأكيد والثاني: كان التوكيد بأن والجملة وفي الثاني كان التأكيد بأن والجملة الإسمية واللام ويسمى الضرب الأول ابتدائيًا والثاني طلبيًا والثالث إنكاريًا وإخراج الكلام عليها إخراج على مقتضى الحال وقد يخرج الكلام على غير مقتضى الحال وذلك لنكتة فيجعل غير السائل كالسائل نحو قول الله تعالى: {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} [هود: 37] وغير المنكر كالمنكر
كقول الله تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 1، 2]
وأما أحوال المسند إليه يعني الأمور التي تعرض للمبتدأ والفاعل من كونه مذكورًا أو محذوفًا أو مؤكدًا إلى غير ذلك فأما حذفه فقد يكون لكونه معلومًا ظاهرًا عند السامع فلا حاجة إلى ذكره كقوله تعالى: {
…
مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ} [الهمزة: 5، 6]، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)} [القارعة: 10، 11] فحذف المسند إليه لظهوره عند السامع وكقوله تعالى:{لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الجاثية: 14] فحذف الفاعل لظهوره عند السامع وقد يحذف للتحقير وصونًا للسان عن ذكره نحو قول الله تعالى: {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} [فصلت: 49]
أو التعظيم نحو قول الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] أي الملة التي هي أقوم وقد يحذف لأشياء أخرى كضيق المقام أو تأتي الإنكار أو تعين المسند إليه كقول الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] أي فالشاهد رجل وامرأتان.
وأما ذكر المسند إليه فلكونه الأصل ويقصد بذلك الإيضاح والتبيين أو إظهار تعظيمه كقوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)} [البقرة: 5] أو إهانته أو الاستلذاذ بذكره وبسط الكلام حيث الإصغاء مطلوب كقول الله تعالى: {هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} [طه: 18] إلى آخر الآية إلى غير ذلك وأما تعريف المسند إليه: فالتعريف بأنواع منها الضمير واسم
الإشارة والموصول والإضافة إلى واحدة من هذه والمحلى بالألف واللام فأما تعريفه بالمضمر فلتعيينه كقول الله تعالى: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [غافر: 65] وبالإشارة لتمييزه نحو قول الله تعالى: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 62] وقد يؤتى باسم الإشارة لتعظيمه بالبعد ورفعه في الرتبة نحو قول الله تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 1، 2] أو للتحقير نحو وقله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} [آل عمران: 175]
وبالموصول فلعدم علم المخاطب بالأحوال المختصة به سوى الصلة كقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)} [الأنبياء: 101] أو استهجان التصريح بالاسم نحو قول الله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا} [يوسف: 23] أو للتفخيم نحو قول الله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [طه: 78]
أو تنبيه المخاطب على الخطأ نحو قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} [الحج: 73] وبالعلمية فلإحضاره بعينه في ذهن السامع باسم مختص به نحو قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] أو للتعظيم بأن يكون الاسم مشتملًا على معنى
المدح أو الكنية أو اللقب مثل قول الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29] فذكر العلم للتعظيم لما في لفظ محمد صلى الله عليه وسلم من الإشارة للمدح كقول القائل جاء زين العابدين وجاء أبو الخير وقد يكون ذكره للإهانة والذم كقول الله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1]
وبالإضافة إلى واحدة من هذه للاختصار أو تعظيم شأن المضاف إليه كقول الله سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1] وقوله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} [الجن: 19] أو المضاف كقوله تعالى: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} [الأحقاف: 31]
أو للتحقير كقول الله تعالى على لسان الكفار: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء: 27] وبالألف واللام للإشارة إلى معهود كقول الله تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران: 36] يعني ليس الذكر الذي طلبته كالأنثى الذي وهبت لك وتكون الألف واللام للإشارة إلى الحقيقة كقول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] وتكون الألف واللام لواحد أو طائفة مقصود في الذهن معلوم كقول القائل: ادخل السوق لا يريد كل سوق إنما يريد سوقًا معلومًا في الذهن وفي التنزيل قول الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: 173] والناس الأول هو الأخنس بن شريق الثقفي كما صح ذلك ومن ذلك قول الله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}
[الفاتحة: 7] إذا كان المقصود بالمغضوب عليهم هم اليهود والضالين هم النصارى وتكون الألف واللام للاستغراق كقول الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26)} [الجن: 26] يعني كل غيب وقول الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} [الفاتحة: 2] وقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195] وأمثال هذا وأما تنكير المسند إليه فلمعان منها الإفراد نحو قوله تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} [القصص: 20] أو للتعظيم نحو قوله تعالى: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] عظيمة وقول الله تبارك وتعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)} [الواقعة: 13، 14]، {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)} [الواقعة: 39 - 41] أو للتحقير نحو وقله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] أو كقوله تعالى حكاية
{إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا} [الجاثية: 32] أي ظنًا حقيرًا ضعيفًا أو التكثير كقوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} [فاطر: 4] أي ذو عدد كثير أو التقليل كقوله تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: 72] وأما وصف المسند إليه فلمعان منها بيانه وإيضاحه وكشف حقيقته عند السامع كقوله تبارك شأنه {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)} [العلق: 6 - 8] وقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 19 - 21] أو لتخصيصه وبيان أوصافه مدحًا كقول الله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] أو ذمًا كقولك جاء زيد الجاهل.
وأما توكيد المسند إليه فلمعان منها تقريره وتحقيقه في ذهن السامع وقطع التجوز في الكلام نحو زيد نفسه وكقول الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30)} [الحجر: 30]
وأما تعقيب المسند إليه بعطف البيان فلإيضاحه نحو جاء عمر صديقك وفي القرآن في غير هذا البحث قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ
الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97] وقول الله تعالى: {أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} [هود: 60]
وأورد السكاكي في عطف البيان قول الله تعالى وتبارك شأنه: {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النحل: 51] فـ (اثنين) بيان لـ (الإلهين) و (واحد) بيان لـ (الإله).
وقال بعضهم مقصود عطف البيان في هذا المقام هو الإيضاح والصفة لا عطف البيان الصناعي.
وأما الإبدال من المسند إليه فلمعان منها زيادة التقرير نحو جاء زيد أخوك وفي التنزيل في غير المسند إليه: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 52]، وقوله تعالى:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 6، 7] وقوله تعالى: {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ} [إبراهيم: 1، 2] على قراءة الجر بدل من الحميد
وأما العطف على المسند إليه فللإشارة إلى مشاركة المعطوف عليه في الحكم على وجه الاختصار فإنك إذا قلت جاء زيد وعمرو ليس كقولك جاء زيد وجاء عمرو ويختلف المعنى بحسب أدوات العطف فإن لكل حرف من حروف العطف إذا نظم في الكلام معنى ليس للآخر فمن حروفه الواو وهي لمطلق الجمع في الحكم لا تفيد ترتيبًا ولا معية بل هي صالحة للكل قال الله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [البقرة: 127] والفاء تفيد التعقيب والترتيب كقول الله تعالى: {
…
أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21] و (ثم) وتفيد الترتيب والمهلة كقول الله تعالى: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22)} [عبس: 22] و (أو) وتكون للتشكيك غالبًا أو للتخيير كقول الله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24] و (بل) وهي للإضراب نحو جاء زيد بل عمرو فصرفت الحكم عن زيد وأثبته لعمرو وأما تقديمه أي المسند إليه فهو الأصل وإذا جاء الحكم على
أصله فلا يسأل عنه وقد يكون التقديم لنكتة مثل سرعة التفاؤل وكونه لا يزول عن الخاطر وأمثال هذا من النكت.
وأما تأخيره فلإقتضاء المقام ذلك وسيأتي ذلك في باب التخصيص والقصر والحصر ومن أبحاث المسند إليه وضع المضمر موضع المظهر ويدخل فيه الالتفات ومثاله قول الله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} [الكوثر: 1، 2] فإنه التفات من المتكلم إلى الغائب وانتقال من التكلم إلى الخطاب على وجه الالتفات وكقوله تعالى: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22)} [يس: 22]
ومن الخطاب إلى الغيبة كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ} [يونس: 22] ومن الغيبة إلى المتكلم كقول الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} [الروم: 48] ومن الغيبة إلى الخطاب كقول الله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} [الفاتحة: 4، 5]
بعد قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} [الفاتحة: 2]
وسر الالتفات أن الكلام إذا انتقل من أسلوب إلى أسلوب آخر كان ألطف وأوقع في النفس وأنشط للسامع مثل قول الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: 2] فإنه لما جرى الحمد على لسان العبد ووصف الحق جل شأنه بصفات الكمال استشعر قلبه التعظيم لمولاه وصار كأنه مشاهد حاضر عنده فخاطبه بخطاب الحاضر وهو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5].
وليس الالتفات من خواص المسند إليه بل كذلك يكون في المسند ويكون في الفعل وإنما ذكر في باب (المسند إليه) لكونه: يجري فيه.