الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع العاشر بعد المائة علم صريحه وكنايته أما
الصريح
فهو المعنى المتبادر عند إطلاق اللفظ ويكون حقيقة ومجازًا.
وقد تقدم الحقيقة والمجاز وأقسامهما.
وأما
الكناية
فهي عبارة عن لفظ أريد به لازم معناه كقولك: زيد كثير الرماد يعني أنه كثير الأضياف إذ كثرة الرماد من كثرة الأضياف والإطعام مع جواز إرادة المعنى الظاهر وهو كثرة الرماد وبهذا تفترق الكناية عن المجاز لأن المجاز لا يراد فيه إلا المعنى المجازي دون الحقيقي بخلاف الكناية فإنها تحتمل المعنى اللازم والمعنى الظاهر.
وهي في القرآن كثير كقول الله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] فهو كناية عن الجماع والإفضاء فأتى بما هو لازمه وهو اللمس استقباحًا أن يذكر الجماع ومن ذلك قول الله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وأما قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187] وقول الله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] وقول الله تعالى: {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [محمد: 27] فهو من قبيل المجاز المرسل كما تقدم لا من قبيل الكناية وكذا قول الله تعالى: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} [ص: 23] فهو من قبيل الاستعارة وقول الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] فهو من التشبيه المحذوف الأداة وليس من الكناية في شيء.
وقال الشيخ بدر الدين بن مالك في (المصباح) إنما يعدل عن
التصريح إلى الكناية لنكته كالإيضاح أو بيان حال الموصوف أو مقدار حاله أو القصد إلى المدح أو الذم أو الاختصار أو الستر أو الصيانة أو التعمية والألغاز أو التعبير عن الصعب بالسهل أو عن المعنى القبيح باللفظ الحسن.
واستنبط الزمخشري نوعًا من الكناية غريبًا وهو أن تعمد إلى جملة معناها على خلاف الظاهر وتأخذ الخلاصة من غير اعتبار مفرداتها بالحقيقة والمجاز فتعبر بها عن المقصود كما تقول في نحو: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5] أنه كناية عن الملك فإن الاستوى على السرير لا يحصل إلا مع الملك فجعل كناية عنه وكذا قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] كناية عن عظمته وجلالته من غير ذهاب بالقبض واليمين إلى جهتين حقيقة أو مجاز.