الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإذَا طَلَّقَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ في مَرَضِهِ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، وَتَزَوَّجَ أرْبَعًا سِوَاهُنَّ، فَالْمِيرَاثُ لِلزَّوْجَاتِ. وَعَنْهُ، أنَّهُ بَينَ الثَّمَانِي.
ــ
2868 - مسألة: (إذا طَلَّقَ أرْبَعَ نِسوةٍ في مرَضِه فانقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، ثم تَزَوَّجَ أربعًا سواهُنَّ، فالميراثُ للزوجاتِ. وعنه، أنَّه بينَ الثَّمانِ)
وجملةُ ذلك، أنَّ المريضَ إذا طَلَّقَ امرأتَه، ثم نَكَحَ أُخْرى، ثم مات، لم يخْلُ مِن حالينِ؛ أحدُهما، أن يموتَ في عِدَّةِ المُطَلَّقَةِ، فتَرِثاه جميعًا. وهذا قولُ أبي حنيفةَ، وأهلِ العراقِ، وأحدُ قَوْلَي الشافعيِّ. والقولُ الآخرُ، لا تَرِثُ المبتوتَةُ، فيكونُ الميراثُ كُلُّه للثانيةِ. وقال مالكٌ: الميراثُ كُلُّه للمطَلَّقَةِ. لأنَّ نِكاحَ المريضِ عندَه غيرُ صحيحٍ. وذكره بعضُ أصحابِنا وجهًا في المذهبِ؛ لأنَّها تَرِثُ منه ما كانت تَرِثُ قبلَ طَلاقِها، وهو جميعُ الميراثِ، فكذلك بعدَه. وليس هذا صحيحًا؛ فإنَّها إنَّما تَرِثُ ما كانت تَرِثُ لو لم يُطَلقْها، ولو تَزَوَّجَ عليها ولم يُطَلِّقْها لم تَرِثْ إلَّا نِصفَ ميراثِ الزوجاتِ، فكذلك إذا طلَّقَها. فعلى هذا، لو تَزَوَّجَ ثلاثًا في مرَضِه، فليس للمُطَلَّقَةِ إلَّا رُبْعُ ميراثِ الزوجاتِ، ولكُلِّ واحدةٍ مِن الزوجاتِ رُبْعُه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحالُ الثاني، أن يموتَ بعدَ انْقِضاءِ عِدَّةِ المُطَلَّقَةِ، فيكونَ الميراثُ كُلُّه للزوجاتِ، في إحْدَى الرِّوايَتَين. وهو قولُ الشافعيِّ، وأبي حنيفةَ وأصحابِه. وفي الرِّوايَةِ الأُخْرى، الميراثُ للأرْبَعِ، كما لو مات في عِدَّةِ المُطَلَّقةِ. وعندَ مالكٍ، الميراثُ كُلُّه للمُطَلَّقةِ. فإن كان له أرْبَعُ نِسوةٍ فطَلَّقَ إحْداهُنَّ ثلاثًا في مرَضِه، ثم نَكَحَ أُخْرى في عِدَّةِ المُطَلَّقةِ، أو طَلَّق امرأةً واحدةً ونَكَح أخْتَها في عِدَّتِها ومات في عِدَّتِها فالنِّكاحُ باطِلٌ، والميراثُ بينَ المُطَلَّقةِ وباقي الزَّوجاتِ الأوائِلِ. وهذا قولُ أبي حنيفةَ، ومالكٍ. وقال الشافعيُّ: النِّكاحُ صَحيحٌ، والميراثُ للجديدَةِ مع باقِي المنْكوحاتِ دُونَ المُطَلَّقةِ. ويَجِئُ على قولِه القديمِ وجْهان؛ أحدُهما، أن يكونَ الميراثُ بينَ المُطَلَّقةِ وباقي الزوجاتِ كقولِ الجُمْهورِ، ولا شيءَ للمنكوحَةِ. والثاني، أن يكونَ بينَهُنَّ علَى خَمْسةٍ، لكُلِّ واحِدةٍ خُمْسُه (1). فإن مات بعدَ انقضاءِ عِدَّةِ المُطَلَّقةِ، ففي مِيراثِها رِوايَتان؛ إحداهما، لا مِيراثَ لها، فيكونُ الميراثُ لباقي الزوجاتِ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، وأهلِ العراقِ. والثانيةُ، تَرِثُ معَهُنَّ، ولا شيءَ للمنكوحةِ. وعندَ الشافعيِّ، الميراثُ للمنكوحاتِ، ولا شيءَ للمُطَلَّقةِ. فإن تَزَوَّجَ
(1) في م: «خمسة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخامسةَ بعدَ انقضاءِ عِدَّةِ المُطَلَّقةِ صَحَّ نِكاحُها. وهل تَرِثُ المطلقةُ؟ على روايتين؛ إحداهما، لا تَرِثُ. وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ؛ لأنَّه قال: يلزمُ مَن قال: يصِحُّ النِكاحُ في العِدَّةِ. أن يَرِثَ ثَمانِ نسْوةٍ، وأن تَرِثَه أُخْتان، فيكونُ مسلمٌ يَرِثُه ثمانٍ وأُخْتان. وتَوْرِيثُ المُطلَّقاتِ بعدَ العِدَّةِ يَلْزَمُ منه (1) هذا، أو حِرْمانُ الزوجاتِ، المَنْصُوصِ على مِيراثِهِنَّ، فيكونُ مُنْكِرًا له غيرَ قائلٍ به. فعسى هذا، يكونُ الميراثُ للزوجاتِ دُونَ المُطَلَّقةِ. والروايَةُ الثانيةُ، تَرِثُ المُطَلَّقةُ. فيُخرَّجُ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، يكونُ الميراثُ بينَ الخَمْسِ. والثَّاني، يكونُ للمُطَلَّقةِ والمَنْكُوحاتِ الأوائل دُونَ الجَديدةِ؛ لأنَّ المريضَ ممنوعٌ مِن أن يَحْرِمَهُنَّ ميراثَهُنَّ بالطَّلاقِ، فكذلك يُمْنَعُ مِن تَنْقيصِهنَّ منه. قال شيخُنا (2): وكِلَا الوجْهَين بعيدٌ؛ أمَّا أحدُهما فيَرُدُّه نصُّ الكتاب على تَوْرِيثِ الزوجاتِ، فلا تجوزُ مخالفَتُه بغيرِ نَصٍّ ولا إجماعٍ ولا قياسٍ على صورةٍ مخصوصةٍ مِن النَّصِّ في مَعْناه، وأمَّا
(1) في م: «من» .
(2)
في: المغني 9/ 203.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الآخَرُ، فلأَنَّ اللهَ لم يُبِحْ نِكاحَ أكثَرَ مِن أرْبَعٍ، ولا الجَمْعَ بينَ الأُخْتَين، فلا يجوزُ أن يجْتَمِعْنَ في مِيراثِه بالزوجِيَّةِ. وعلى هذا، لو طَلَّقَ أربعًا في مَرضِه وانْقَضت عِدَّتُهنَّ، ونَكَحِ أربعًا سِواهُنَّ، ثم مات مِن مَرَضِه، فعلى القَولِ الأوَّلِ، وهو المخْتارُ، ترِثُه المنكوحات خاصةً. وعلى الثاني، يكونُ فيه وَجْهانِ، أحدُهما، أنَّه بينَ الثمانِ. والثَّاني، أنَّ الميراثَ كُلَّه للمُطَلَّقاتِ. وهو قولُ مالكٍ؛ لأنَّ نِكاحَ المُتَجَدِّداتِ غيرُ صحيحٍ عندَه. وإن صَحَّ مِن مرَضِه، ثم تَزَوَّجَ أربعًا في صِحَّتِه ثم مات، فالميراثُ لهُنَّ في قولِ الجمهورِ، ولا شيءَ للمُطَلَّقاتِ، إلا في قولِ مالكٍ ومَن وافَقَه. وكذلك إن تَزوَّجَتِ المُطَلَّقاتُ، لم يَرِثْنَ إلَّا في قول مالكٍ ومَن وافَقَه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولو طَلَّقَ أرْبعًا بعدَ دُخُولِه بهِنَّ في مرَضِه، وقال: قد أخْبَرْنَنِي بانْقِضاءِ عِدَّتِهِنَّ. وكَذَّبْنَه، فله أنا يَنْكِحَ أرْبعًا سِواهُنَّ إذا كان ذلك في مُدَّةٍ يُمْكِنُ انْقِضاءُ العِدَّةِ فيها، ولا يُقْبَلُ قولُه عليهِنَّ في حِرْمانِ الميراثِ. وهذا قولُ أبِي حنيفةَ، وأبي يوسفَ، واللُّؤْلُؤِيِّ، إذا كان بعدَ أرْبَعةِ أشْهُرٍ. وقال زُفَرُ: لا يجوزُ له التَّزْويجُ أيضًا. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ هذا حُكْمٌ فيما بَينَه وبينَ اللهِ تعالى لا حَقَّ لهُنَّ فيه، فقُبِلَ قولُه فيه. فعلى هذا، إن تَزَوَّجَ أرْبعًا في عَقْدٍ واحدٍ ثم مات، وَرِثَه المُطَلَّقاتُ دُونَ المَنْكوحاتِ، إلَّا أن يَمُتْنَ قبلَه، فيكونَ الميراثُ للمنكوحاتِ. وإن أقْرَرْنَ بانْقِضاءِ عِدَّتِهِنَّ، وقلنا: لا ميراثَ لهُنَّ بعد انْقِضاءِ العِدَّةِ. فالميراثُ للمَنْكوحاتِ أيضًا. وإن مات منهُنَّ ثلاثٌ، فالميراثُ للباقِيَةِ. وإن ماتت منهُنَّ واحدةٌ ومِن المنكوحاتِ واحدةٌ أو اثنتان، أو مات مِن المُطَلَّقاتِ اثنتان ومِن المنكوحاتِ واحدةٌ، فالميراثُ لباقي المُطَلَّقاتِ. وإن مات مِن المُطَلَّقاتِ واحدةٌ ومِن المنكوحاتِ ثلاثةٌ، أو من المُطَلَّقاتِ اثنتان ومِن المنكوحاتِ اثنتانْ، أو مِن المطلقاتِ ثلاثٌ ومِن المنكوحاتِ واحدةٌ، فالميراثُ بينَ البواقي مِن المطلقاتِ والمنكوحاتِ معًا؛ لأنَّه لو اسْتَأْنَفَ العَقْدَ على الباقياتِ مِن الجميعِ جاز وكان صحيحًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإن تَزَوَّجَ المَنْكوحاتِ في أَربَعِة عُقودٍ، فمات مِن المُطَلَّقاتِ واحدةٌ، وَرِثَ مكانَها الأُولَى مِن المنكوحاتِ. وإن مات اثنتان وَرِثَتِ الأُولَى والثَّانِيةُ. وإن مات ثلاثٌ وَرِثَتِ الأُولَى والثانيةُ والثالثةُ مِن المنكوحاتِ، مع مَن بَقِيَ مِن المطلقاتِ. وهذا على قياسِ قولِ أبي حنيفةَ، وأبي يوسفَ، واللُّؤْلُؤِيِّ فأما زُفَرُ، فلا يَرَى صِحَّةَ نِكاحِ المنكوحاتِ حتى يُصَدِّقَه المُطَلَّقاتُ. وأما الشافعيُّ، فيُباحُ عندَه التَّزْويجُ في عِدَّةِ المطلقاتِ. فعلَى قولِه، إذا طَلَّقَ أرْبعًا، ونَكَحَ أرْبعًا في عَقْدٍ أو عُقودٍ، ثم مات مِن مَرَضِه، فالميراثُ للمَنْكوحاتِ. وعلى قولِه القديمِ يُخَرَّجُ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، أنَّ الميراثَ بينَ الثَّمانِ. وعلى الثاني، هو للمطلقاتِ خاصةً.
وإن مات بعضُ المطلقات أو انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، فللمَنْكوحاتِ ميراثُ الميِّتاتِ. وإن ماتت وَاحدةٌ فللزَّوجاتِ رُبْعُ ميراثِ النِّساءِ. وإن مات اثنتان فللزوجاتِ نِصْفُ الميراثِ. وإن مات ثَلاثٌ فلهُنَّ ثلاثةُ أرباعِه إن كان نِكاحُهُنَّ في عَقْدٍ واحدٍ وإن كان في عُقُودٍ مُتَفَرِّقةٍ، فإذا ماتت مِن المُطَلَّقاتِ واحدةٌ فميراثُها للأولَى مِن المنكوحاتِ، وميراثُ الثانيةِ للثانيةِ، وميراثُ الثالثةِ للثالثةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا قال الرجلُ لنِسائِه: إحداكُنَّ طالِقٌ. يعني واحدةً بعَينِها، طَلُقَتْ وحدَها، ويُرْجَعُ إلى تَعيِينِه، ويُؤْخَذُ بنَفَقَتِهِنَّ كُلِّهِنَّ إلى أن يُعَيِّنَ. وإن كان الطلاقُ بائنًا مُنِع منهنَّ إلى أن يُعَيِّنَ. فإن قال: أرَدْتُ هذه. طَلُقَتْ وحدَها. وإن قال: لم أُرِدْ هؤلاءِ الثلاثَ. طَلُقَتِ الرابعةُ. فإن عاد فقال: أخطأتُ، إنَّما أرَدْتُ هذه. طَلُقتِ الأُخْرَى. وإن مِتْنَ أو إحْداهنَّ قَبْلَ أن يُبَيِّنَ رُجِعَ إلى قولِه، فمَن أقَرَّ بطَلاقِها حَرَمْناه مِيراثَها وأحْلَفْناه لوَرَثةِ مَن لم يُعَيِّنْها. وهذا قولُ الشافِعيِّ. وإن لم يُعَيِّنْ بذلك واحدةً بعَينِها أو مات قبلَ التَّعْيِينِ، أُخْرِجَتْ بالقُرْعَةِ. وكذلك إن طَلَّقَ واحدةً مِن نسائِه بعَينِها وأُنْسِيَها فماتَتْ، أُخْرِجَتْ بالقُرعَةِ، فمَن تَقَعُ علَيها القرعَةُ فلا مِيراثَ لها. رُوِيَ ذلك عن عليٍّ، رضي الله عنه. وهو قولُ أبي ثورٍ. وروَى عطاءٌ عن ابنِ عباس، أنَّ رجلًا سألَه فقال: إنَّ لي ثَلاثَ نِسْوةٍ، وإنِّي طَلَّقْتُ إحْداهُنَّ فبتَتُّ طَلاقَها. فقال ابنُ عباسٍ: إن كنتَ نَويتَ واحدةً بعَينِها ثم أُنْسِيتَها فقد اشْتَرَكْنَ في الطلاقِ، وإن لم تكُنْ واحدةً بعَينِها طَلِّقْ أَيَتهنَّ شِئْتَ. وقال الشافعيُّ. وأهلُ العراقِ: يُرْجَعُ إلى تَعْيينِه في المسائِل كُلِّها. فإن وَطِئَ إحْداهُنَّ كان تَعْيِينًا لها بالنِّكاحِ، في قولِ أهلِ العراقِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبعضِ أصحابِ الشافعيِّ. وقال الشافِعيُّ: لا يكونُ تَعْيينًا. فإن مات قبلَ أن تَتَبَيَّنَ، فالميراثُ بينَهُنَّ كُلِّهنَّ في قولِ أهلِ العراقِ. وقال مالكٌ: يَطْلُقْنَ كُلُّهُنَّ، ولا ميراثَ لهُنَّ. وقال الشافعيُّ: يُوقَفُ مِيراثُهنَّ، وإن كان الطَّلاقُ قبلَ الدُّخولِ دُفِعَ إلى كلِّ واحدةٍ نِصْفُ مهرٍ، وَوُقِفَ الباقي مِن مُهورِهنَّ. وقال داودُ: يَبْطُلُ حُكْمُ طلَاقِهِنَّ؛ لموْضِعِ الجَهالةِ، ولكُلِّ واحدةٍ مهرٌ كاملٌ، والميراثُ بَينَهُنَّ. وإن مِتْنَ قبلَه طَلُقَتِ الأخيرَةُ، في قولِ أهلِ العراقِ. وقال الشافعيُّ: يُرْجَعُ إلى تعْيينِه. على ما ذكرنا. ولَنا، قولُ عليٍّ (1)، رضي الله عنه، ولا يُعارِضُه قولُ ابنِ عباسٍ؛ لأنَّ ابنَ عباس يَعْتَرِفُ لعليٍّ بتَقْديمِ قولِه؛ فإنَّه قال: إذا ثَبَت لنا عن عليٍّ قولٌ لم نَعْدُه إلى غيرِه. وقال: ما عِلْمِي إلى عِلْمِ عليٍّ إلَّا كالقَرارةِ إلى الْمُثْعَنْجَرِ (2). ولأنَّه إزالةُ مِلْكٍ عن الآدَمِيِّ، فتُسْتَعْمَلُ فيه القُرْعَةُ عندَ الاشْتِباهِ، كالعِتْقِ، وقد ثَبَت هذا في العِتْقِ بخَبَرِ عِمْرانَ بنِ حُصَينٍ (3). ولأنَّ الحُقوقَ تَساوتْ على وجهٍ تَعَذَّرَ تَعْيِينُ المسْتَحِقِّ فيه مِن غير قُرْعةٍ، فيَنْبَغِي أن تُسْتَعْملَ فيه القُرْعةُ، كالسَّفَرِ والقِسْمةِ بينَ
(1) في م: «عمر» .
(2)
القرارة: الغدير الصغير، والمثعنجر: أكثر موضع في البحر ماء. النهاية في غريب الحديث والأثر. 1/ 212.
(3)
تقدم تخريجه في 17/ 124.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النِّساءِ. فأمَّا قَسْمُ الميراثِ بينَ الجميعِ، ففيه دَفْعٌ إلى إحْداهُنَّ ما لا تَسْتَحِقُّه، وتَنْقِيصُ بعضِهنَّ حَقًّا يَقينًا، والوَقْفُ إلى غيرِ غايةٍ تَضْييعٌ لحُقُوقِهِنَّ، وحِرْمانُ الجميعِ مَنْعُ الحَقِّ عن صاحِبه يقينًا.
فصل: ولو كان له امْرأتان، فطَلَّقَ إحْداهُما، [ثم ماتت إحداهما، ثم مات](1)، أُقْرِعَ بَينَهما، فمن وقَعَتْ عليها قُرْعَةُ الطَّلاقِ لم يَرِثْها إن كانتِ الميِّتةَ، ولم تَرِثْه إن كانتِ الأُخْرَى. وفي قولِ أهلِ العراقِ، يَرِثُ الأُولَى ولا تَرِثُه الأُخْرى. وللشافعيِّ قولان، أحدُهما، يُرْجَعُ إلى تَعْيين الوارثِ، فإن قال: طَلَّقَ الميِّتَةَ. لم يَرِثْها ووَرِثَتْه الحيَّةُ، وإن قال: طَلَّقَ الحيَّةَ. حَلَف علَى ذلك وأخَذَ مِيراثَ الميِّتَةِ ولم تُوَرَّثِ الحيَّةُ. والقولُ الثاني، يُوقَفُ مِن مالِ الميِّتَةِ ميراثُ الزوجِ ومِن مالِ الزوجِ ميراثُ الحيَّةِ. وإن كان له امرأتان قد دَخَل بإحْداهُما دُونَ الأُخْرَى، فطَلَّقَ إحْداهُما لا بعَينِها، فمَن خَرَجَتْ لَها القُرْعَةُ فلها حُكْمُ الطَّلاقِ وللأُخْرَى حُكمُ الزوجيَّةِ. وقال أهلُ العراقِ: للمَدْخُولِ بها ثَلاثةُ أرباعَ الميراثِ إن مات في عِدَّتِها، وللأُخْرَى رُبْعُه؛ لأنَّ للمَدْخولِ بها نِصْفَه بيَقِينٍ، والنِّصفُ الآخَرُ يَتَداعَيانِه، فيكونُ بَينَهما. وفي قولِ الشافِعيِّ، النِّصفُ للمَدْخولِ بها والباقي مَوقوفٌ. وإن كانتا مَدْخولًا بهما، فقال في مَرضِه: أرَدْتُ هذه. ثم مات في عِدَّتِها، لم يُقْبَلْ قولُه، لأنَّ الإِقْرارَ بالطَّلاقِ في المرضِ كالطَّلاقِ فيه. وهذا قولُ أبي حنيفةَ، وأبي يوسفَ. وقال زُفَرُ: يُقْبَلُ
(1) في الأصل: «ثم مات ثم ماتت إحداهما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قولُه، والميراثُ للأُخْرَى. وهو قياسُ قولِ الشافِعيِّ. ولو كان للمَريض امرأةٌ أُخْرى سِوَى هاتَين فلها نِصْفُ الميراثِ وللاثْنَتَين نِصفُه. وعندَ الشافعيِّ، يُوقفُ نِصْفُه.
فصل: ولو كان له أرْبَعُ نِسْوَةٍ، فطَلَّقَ إحْداهُنَّ غيرَ مُعَيَّنَةٍ، ثم نَكَحَ خامسةً بعدَ انقضاءِ عِدَّتِها، ثم مات ولم يُبَيِّنْ، فللخامسةِ رُبْعُ المِيراثِ والمَهْرُ، ويُقْرَعُ بينَ الأرْبَعِ. وقال أهلُ العراقِ: لهُنَّ ثلاثةُ أرْباعِ الميراثِ بَينهنَّ، وإن كُنَّ غيرَ مدخولٍ بهِنَّ فلهُنَّ ثلاثةُ مهورٍ ونِصْفٌ. وفي قولِ الشافعيِّ، يُوقَفُ ثلاتةُ أرباعِ الميراثِ ومهرٌ ونِصفٌ بينَ الأرْبَعِ، فإن جاءت واحدة تَطْلُبُ مِيراثَها لم تُعْطَ شيئًا. وإن طَلَبَه اثْنتانِ دُفِعَ إليهما رُبْعُ الميراثِ، وإن طلبَه ثلاث دُفِعَ إليهنَّ نِصْفُه، وإن طلبَه الأرْبَعُ دُفِعَ إليهنَّ. ولو قال بعد نِكاحِ الخامسةِ: إحْداكُنَّ طَالِقٌ. فعلَى قولِهم، للخامسةِ رُبْعُ المِيراثِ؛ لأنَّها شَرِيكةُ ثلاثٍ، وباقِيه بينَ الأرْبَعِ كالأُولَى، وللخامسةِ سَبْعةُ أثمانِ مَهْرٍ؛ لأنَّ الطَّلاقَ نَقَصَها وثَلاثًا (1) معها نِصْفَ مَهْرٍ، ويَبْقَى للأربعِ ثلاثةُ مُهورٍ وثُمْنٌ بَينَهنَّ، في قولِ أهلِ العراقِ. فإن تَزَوَّجَ بعدَ ذلك سادِسةً فلها رُبْعُ الميراثِ ومَهْرٌ كامِلٌ، وللخامِسَةِ رُبْعُ ما بَقِيَ وسَبْعَةُ أثْمانِ مَهْرٍ، وللأرْبَعِ رُبْعُ ما بَقِيَ وثلاثةُ مُهُورٍ وثُمْنٌ، ويكونُ الرُّبْعُ مَقْسومًا على أرْبَعَةٍ وسِتِّينَ. فإن قال بعدَ ذلك: إحداكُنَّ طَالِقٌ. لم يَخْتَلِفِ الميراثُ، ولكنْ تَخْتَلِفُ المهُورُ، فللسَّادسةِ سَبْعةُ أثْمانِ
(1) في م: «ثلثًا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَهْرٍ، وللخامسةِ خَمْسةٌ وعشرون جزءًا مِن اثنين وثلاثينَ جزءًا مِن مَهْرٍ، ويَبْقَى للأربعِ مَهْران وسبعةٌ وعشرون جزءًا مِن مَهْرٍ. وعندَ الشافعيِّ يُوقَفُ رُبْعُ الميراثِ بينَ السِّتِّ وربْعٌ آخرُ بينَ الخمسِ وباقِيه بينَ الأرْبعِ، ويُوقَفُ نِصفُ مَهْرٍ بينَ السِّتِّ ونصفٌ بيتَ الخَمْسِ ونصفٌ بينَ الأرْبعِ، ويُدْفَعُ إلى كلِّ واحدةٍ نِصفٌ (1).
فصل في الاشْتِراكِ في الطُّهْرِ: إذا وَطِئَ رجلان امرأةً في طُهْرٍ واحدٍ وَطْأً يَلْحَق النَّسَبُ مِن مثْلِه، فأتتْ بوَلَدٍ يُمْكِنُ أن يكُونَ منهما، كأن يَطأَ الشريكان جارِيَتَهُما المشْتَرَكَةَ، أو يَطَأَ الإِنسانُ جارِيتَه ثم يَبِيعَها قبلَ أن يَسْتَبْرِئَها فيَطَأَها المُشْتَرِي قبلَ اسْتِبْرائِها، أو يَطأها رجلان بشُبْهَةٍ، أو يُطَلِّقَ رجلٌ امرأتَه فيَتَزَوَّجَها رجلٌ في عِدَّتِها ويَطأها، أو يَطَأَ إنسانٌ جارِيَةَ آخَرَ أو امَرأتَه بشُبْهةٍ في الطُّهْرِ الذي وَطِئَها سيِّدُها أو زوجُها فيه ثم تَأْتِي بوَلَدٍ يُمْكِنُ أن يكونَ مِنْهُما، فإنَّه يُرَى القافةَ معهما. وهذا قولُ عطاءٍ، ومالكٍ، واللَّيثِ، والأوْزَاعِيِّ، والشافعيِّ، ([وأبي ثورٍ] (2). فإن ألْحَقَتْه بأحدِهما لَحِقَ به، وإن نَفَتْه عن أحدِهما لَحِقَ الآخرَ. وسواءٌ ادَّعَياه أو لم يَدَّعِياه، أو ادَّعاه أحدُهما وأنْكَره الآخَرُ. وإن ألحقَتْه القافةُ بهما، لَحِقَ بهما وَكان ابْنَهُما. وهذا قولُ الأوْزاعِيِّ، والثَّوْرِيِّ، وأبي ثَوْرٍ. ورَواه بعضُ أصحابِ مالكٍ عنه، وعن مالكٍ:
(1) في م: «نصيب» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا يُرَى ولدُ الحُرَّةِ للقافةِ، بل يكونُ لصاحبِ الفِراشِ الصَّحِيحِ دُونَ الوَاطِئِ بشُبْهةٍ. وقال الشافِعيُّ: لا يُلْحَقُ بأكثرَ مِن واحدٍ، وَإن ألحقَتْه القافةُ بأكَثرَ مِن واحدٍ كان بمَنْزِلَةِ ما لم يُوجَدْ قافةٌ. ومتى لم يُوجَدْ قافةٌ أو أُشْكِلَ عليها أو اخْتَلَفَ القائفان في نَسَبِه، فقال أبو بكرٍ: يَضِيعُ نَسَبُه، ولا حُكْمَ لاخْتيارِه، ويَبْقَى على الجَهالةِ أبدًا. وهو قولُ مالكٍ. وقال ابنُ حامدٍ: يُتْركُ حتى يَبْلُغَ فيَنْتَسِبَ إلى أحدِهما. وهو قولُ الشافِعيِّ (1) الجديدُ. وقال في القديم: يُتْرَكُ حتى يُمَيِّزَ -وذلك لسَبْعٍ أو ثَمانٍ- فيَنْتَسِبَ إلى أحدِهما، ونفَقَتُه عليهما إلى أن يَنْتَسِبَ إلى أحدِهما، فيَرْجِعُ الآخرُ عليه بما أنْفَقَ.
وإذا ادَّعَى اللَّقيطَ اثنانِ أُرِيَ القافةَ معهما. وإن مات الولدُ المُدَّعَى في هذه المواضِعِ قبلَ أن يُرَى القافةَ، وله ولدٌ، أُرِيَ ولدُه القافةَ مع المُدَّعِينَ. ولو مات الرجلانِ أُرِيَ القافةَ مع عَصَبَتِهما. فإنِ ادَّعاه أكثرُ مِن اثْنَين فألحقَتْه القافةُ بهم، لَحِقَ. ونصَّ أحمدُ على أنَّه يُلْحَقُ بثلاثةٍ، ومُقْتَضَى هذا أنَّه يُلْحَقُ بهم وإن كَثُرُوا. وقال القاضي: لا يُلْحَقُ بأكثرَ مِن ثلاثةٍ. وهو قولُ محمدِ بنِ الحسنِ. ورُوِيَ عن (2) أبي يوسفَ. وقال ابنُ حامدٍ: لا يُلْحَقُ بأكْثَرَ مِن اثْنَين. ورُوِيَ أيضًا عن أبي يوسفَ. وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه، وشَرِيكٌ، ويحيى بنُ آدمَ: لا حُكْمَ للقافةِ،
(1) بعده في م: «في» .
(2)
بعده في م: «أبي ثورو» .