الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ يَرِثُ بِهِ عَصَبَاتُهُ مِنْ بعدِهِ، الأقْرَبُ فَالأقْرَبُ،
ــ
عبدًا، فقال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: ما ترى في مالِه؟ قال: «إنْ ماتَ ولم يَدَع وارثًا فهو لكَ» (1). ولأنَّ النَّسبَ أقْوَى مِن الوَلَاءِ، بدَلِيلِ أنَّه يَتَعَلَّقُ به التَّحرِيمُ، والنَّفَقَةُ، وسُقُوطُ القِصاصِ، ورَدُّ الشَّهادةِ، ولا يَتَعَلَّقُ ذلك بالوَلاءِ.
2888 - مسألة: (ثم يَرِثُ به عَصَباتُه الأقْرَبُ فالأقْرَبُ)
وجملةُ ذلك، أنَّ العَتِيقَ إذا لم يُخَلِّفْ مِن نَسَبِه مَن يَرِثُه، كان مالُه لمَوْلَاه. فإن كان مَولَاه مَيِّتًا فهو لأقرَبِ عَصَبَتِه، سواء كان ولدًا، أو أخًا، أو عمًّا، أو أبا، أو غيرَه مِن العَصَباتِ، وسواء كان المُعتِقُ ذكرًا أو أنثى. فإن لم يكنْ له عَصَبة مِن أقاربِهِ كان الميراثُ لمَوْلاه، ثم لعَصَباتِه الأقْرَبِ فالأقْرَبِ، ثم لمَوْلاه، وكذلك أبدًا. رُوِيَ هذا عن عمرَ، رضي الله عنه. وبه قال الشَّعبِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وقتادةُ، ومالك، والثَّوْرِيُّ، والأوْزَاعِيّ، والشافعيُّ، وأبو حنيفةَ وصاحباه. ورُوِيَ عن علي، رضي الله عنه، ما يدُلُّ على أنَّ مذهبَه في امرأةٍ ماتت وخَلَّفَتِ ابْنَها وأخاها، أو ابنَ أخيها، أنَّ ميراثَ مَواليها لأخِيها وابنِ أخيها، دُونَ ابْنِها. ورُوِيَ عنه الرُّجوعُ إلى مثلِ قولِ الجماعةِ، فرُوِيَ عن إبراهيمَ، أنَّه قال: اخْتَصَمَ عليٌّ والزُّبَيرُ،
(1) أخرجه البيهقي، في: باب ميراث الولاء، من كتاب الفرائض. السنن الكبرى 6/ 240. وأعله بالإرسال.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في مَوالِي صَفِيَّةَ بنتِ عبدِ المُطَّلب، فقال على: أنا أحَقُّ بهم، أنا أرِثُهم وأعقِلُ عنهم. وقال الزُّبَيرُ: هم مَوالِي أمِّي، وأنا أرِثُهم. فقَضى عمرُ للزُّبَيرِ بالمِيراثِ، والعَقْلِ على عليٍّ. رَواه سعيدٌ (1)، [قال: نا] (2) أبو معاويةَ، نا (3) عُبَيدَةُ الضَّبِّيُّ، عن إبراهيمَ. وقال: ثنا هُشَيم، ثنا الشَّيبانيُّ، عن الشَّعبِيِّ، قال: قَضَى بوَلاءِ مَوالِي صَفِيَّةَ للزُّبَيرِ دُونَ العباسِ، وقَضَى في أمِّ هانِيء، بنتِ أبي طالبٍ لابنِها جَعدَةَ بنِ هُبَيرَةَ دُونَ علي. وروَى الإمَامُ (4) بإسنادِه عن زيادِ بنِ أبي مريمَ، أنَّ امرأةً أعتَقَتْ عبدًا لها، ثم توُفِّيَتْ وتَرَكَتِ ابنًا لها وأخاها، ثم توُفيَ مَوْلاها مِن بعدِها، فأتى أخو المرأةِ وابنُها رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في مِيراثِه، فقال عليه السلام:«ميراثُه لابنِ المرأةِ» . فقال أخوها: يا رسولَ اللهِ: لو جَرَّ جَرِيرَةً كانت عليَّ، ويكونُ مِيراثُه لهذا! قال:«نعم» . وروَى (5) بإسنادِه عن سعيدِ
(1) أخرجهما سعيد، في: باب الرجل يعتق فيموت. . . . السنن 1/ 94.
(2)
في م: «ورواه» .
(3)
في النسختين: «بن» . وانظر سنن سعيد 1/ 94.
(4)
أي أحمد. والحديث أخرجه الدارمي، في: باب الولاء، من كتاب الفرائض. سنن الدارمي 2/ 372. وليس في المسند، انظر: إرواء الغليل 6/ 136.
(5)
لم نجده في المسند: وأخرجه الدارمي، في: باب الولاء، من كتاب الفرائض. سنن الدارمي 2/ 372. والبيهقي، في: باب الولاء للكبر من عصبة المعتق. . . .، من كتاب الولاء. السنن الكبرى 10/ 304. وسعيد بن منصور، في: باب الرجل يعتق فيموت. . . .، السنن 1/ 94. كلهم عن الزهري مرسلًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنِ المسيَّبِ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«المَوْلَى أخٌ في الدِّينِ، ومَوْلَى نِعمَةٍ، يَرِثُه أوْلَى النَّاسِ بالمُعتِقِ» . إذا ثَبَت هذا، فإنَّ المُعتِقَةَ [إذا ماتت و](1) خَلَّفَتِ ابنَها وأخاها، أو ابنَ أخيها، ثم مات مَوْلَاها، فمِيراثُه لابنِها، وإن مات ابنُها بعدَها وقبلَ مَوْلَاها، وتَرَكَ عَصَبَةً كأعمامِه وبَنِي أعمامِه، ثم مات العبدُ وتَرَكَ أخا مَوْلاتِه وعَصَبةَ ابنِها، فميراثُه لأخِي مَوْلاتِه، لأنَّه أقْربُ عَصَبةِ المُعتِقِ، فإنَّ المرأةَ لو كانت هي المَيتةَ لوَرِثَها أخوها وعَصَبَتُها. فإنِ انْقَرَضَ عَصَبَتُها، كان بيتُ المالِ أحَقَّ به مِن عَصَبةِ ابنِها. يُروَى هذا عن علي. وبه قال أبانُ بنُ عثمانَ، وقَبِيصَةُ بنُ ذُؤيبٍ (2)، وعطاء، وطاوس، والزُّهْرِيُّ، وقَتادةُ، ومالك، والشافعيُّ، وأهلُ العراقِ. ورُوِيَ عن علي رواية أخْرَى، أنَّه لعَصَبةِ الابنِ. ورُوِيَ ذلك عن عمرَ، وابنِ عباس، وسعيدِ بنِ المسيَّبِ. وبه قال شُرَيح. وهذا مبْنِيٌّ على أنَّ الوَلاءَ يُورَثُ؛ يُورَثُ المالُ. وقد رُوِيَ عن أحمدَ نحوُ هذا. واحتَجُّوا بأنَّ عمرَو بنَ شُعَيبٍ روَى عن أبِيه عن جَدِّه، أنَّ رِئَابَ (3) بنَ حُذَيفَةَ تَزَوَّجَ امرأةً، فولَدَتْ له ثلاثةَ غِلْمةٍ، فماتَتْ أمُّهم، فوَرِثُوا عنها ولاءَ مَوالِيها، وكان عمروُ بنُ العاصِ عَصَبةَ بنيها، فأخْرَجَهُم إلى الشامِ، فماتوا، فقَدِمَ عَمْرُو بنُ العاصِ، ومات مَوْلاها
(1) في م: «لو» .
(2)
في النسختين: «عثمان» . وانظر المغني 9/ 245.
(3)
كذا في النسختين، وضبطه الحافظ المنذري:«رياب» . انظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود 3/ 87. وفي سنن ابن ماجه: «رباب».
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وتَرَك مالًا، فخاصَمه إخْوَتُها إلى عمرَ، فقال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ما أحرَزَ الوَالِدُ والوَلَدُ فَهُوَ لعَصَبَتِه مَنْ كَانَ» . قال: وكَتَب له كتابًا فيه شَهادَةُ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ وزيدِ بنِ ثابتٍ ورجُل آخَرَ، فنحنُ فيه إلى الساعةِ. رَواه أبو داودَ، وابنُ ماجَه (1). والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ فإن الولاءَ لا يُورَثُ، على ما نَذْكُرُه، إن شاء اللهُ تعالى، وإنما يُورَثُ به، وهو باقٍ للمعتِقِ، يَرِثُه به أقْرَبُ عَصَباتِه، ومَن لم يكنْ مِن عَصَبةِ أمِّهِ لم يَرِث شيئًا، وعَصَبةُ الابنِ غيرُ عَصَبَةِ أمِّه، فلا يَرِثُ الأجانِبُ منها بولائها دُونَ عَصَباتِها. وحديثُ عَمرِو بنِ شُعَيبٍ غَلَطٌ. قال أحمدُ (2): الناسُ يُغَلِّطُونَ عَمرَو بنَ شُعَيبٍ في هذا الحديثِ. فعلى هذا، لا يَرِثُ المَوْلَى العَتِيقَ مِن أقاربِ مُعتِقِه إلَّا عَصَباتُه، الأقْرَبُ منهم فالأقْربُ، على ما ذكرنا في ترتيبِ العَصَباتِ. ولا يَرِثُ ذو فرضٍ بفَرضِه، ولا ذو رَحِم، إلَّا أن يكونَ الأبُ والجَدُّ مع البَنِينَ، والجَدُّ مع الإِخْوَةِ على ما نذكرُه. فإنِ اجْتَمَعَ لرجل مِنهم فَرضٌ وتعصيبٌ، كالأبِ والجَدِّ، والزوجِ والأخ مِن الأمِّ إذا كانا ابنَيْ عَمٍّ، وَرِثَ بما فيه مِن التَّعصيبِ دُونَ الفَرضِ. فإن كان (3) عَصَباتٌ في دَرَجَةٍ واحِدَةٍ، كالبَنِينَ وبَنِيهم، والإِخوةِ وبَنِيهم،
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في الولاء، من كتاب الفرائض. سنن أبي داود 2/ 114. وابن ماجه، في: باب ميراث الولاء، من كتاب الفرائض. سنن ابن ماجه 2/ 912.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 27.
(2)
في المغني 9/ 246: «حميد» .
(3)
في م: «كانا» .