الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ، فَمَا كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ فَلِوَرَثَتِهِ، وَيَرِثُ وَيَحْجُبُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ الْحُرِّيَّةِ.
ــ
الحُرِّ، وقَدْرِ ما رَقَّ منه دِيَةَ العبدِ». قال يحيى بنُ أبي كثيرٍ: وكان عليٌّ، رضي الله عنه، ومروانُ بنُ الحكمِ يقولان ذلك. وقد رُوِيَ حديثُ ابنِ عباسٍ عن عكرمةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا. والحديثُ الذي رَوَيناه (1) لقولِنَا أصَحُّ، ولا نعلمُ أحدًا مِن الفقهاءِ قال بهذا، وما ذكرناه أولى، إن شاء اللهُ.
2882 - مسألة: (فأمَّا المُعْتَقُ بعضُه، فما كَسَبَه بجزئِه الحرِّ، فهو لوَرَثَتِه، ويَرِثُ ويَحْجُبُ بقَدْرِ ما فيه مِن الحُريَّةِ)
وجملةُ ذلك، أنَّ المُعْتَقَ بعضُه إذا اكْتَسَبَ مالًا ثم ماتَ وخَلَّفَه؛ فإن كان قد كَسَبَه بجُزْئِه الحر، مثلَ أن يكونَ قد هايأ سيدَه على مَنْفَعَتِه، فاكْتَسَبَ في أيامِه أو وَرِثَ شيئًا، فإنَّ الميراثَ إنَّما يستَحِقه بجُزئِه الحرِّ، أو كان قد قاسَمَ سيدَه في حياتِه، فتَرِكَتُه كُلُّها لورَثَتِه، لا حقَّ لمالكِ باقيهِ فيها. وقال قومٌ: جميعُ ما خَلَّفَه
(1) في م: «روياه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بينَه وبينَ سيدِه. قال ابنُ اللبَّانِ: هذا غلطٌ؛ لأنَّ الشَّريكَ إذا أخَذَ حقَّه مِن كسْبِه لم يَبْقَ له حَقٌّ في الباقي، ولا سبيلَ له على ما كَسَبَه بنصفِه الحرِّ، كما لو كان بينَ الشريكَين فاقْتَسَما كَسْبَه، لم يكنْ لأحَدِهما حَقٌّ في حِصَّةِ الآخَرِ، والعبدُ يخْلُفُ أحدَ الشريكَين فيما عَتَقَ منه.
فأمَّا إن لم يكنْ كَسَبَه بجُزْئِه الحرِّ خاصَّةً، ولا اقْتَسَما كسْبَه، فللمالكِ باقِيه مِن تَرِكَتِه بقَدْرِ مِلْكِه فيه، والباقي لوَرَثَتِه، فإن مات له مَن يَرِثُه، فإنَّه يَرِثُ ويُورَثُ ويَحْجُبُ، على قَدْرِ ما فيه مِن الحُريَّةِ. هذا قولُ عليٍّ، وابنِ مسعودٍ، رضي الله عنهما. وبه قال. عثمانُ البَتِّيُّ (1)، وحمزَةُ الزَّيَّاتُ، وابنُ المبارَكِ، والمُزَنِيّ، وأهلُ الظاهرِ. وقال زيدُ بنُ ثابتٍ: لا يَرِثُ ولا يُورَثُ، وأحكامُه أحكامُ العبدِ. وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ في القَدِيم، وجعلا ما لَه لمالكِ باقِيهِ. قال ابنُ اللَّبَّانِ: هذا غلطٌ؛ لأنه ليس لمالكِ باقِيهِ على ما عَتَقَ منه مِلْكٌ، ولا وَلاءٌ، [ولا] (2) هو ذو رَحِم. قال ابنُ سُرَيجٍ (3): يَحْتَمِلُ على قولِ الشافعيِّ القديمِ أن
(1) في م: «التيمي» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «شريح» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُجْعَلَ في بيتِ المالِ؛ لأنَّه لا حَقَّ له فيما كسَبَه بجُزْئِه الحرِّ. وقال الشافعيُّ في الجديدِ: ما كسَبَه بجُزْئِه الحرِّ لورَثَتِه، ولا يَرِثُ هو ممَّن مات شيئًا. وبه قال طاوسٌ، وعمرُو بنُ دينارٍ، وأبو ثورٍ. وقال ابنُ عباسٍ: هو كالحُرِّ في جميعِ أحكامِه؛ في تَوْرِيثه والإِرْثِ منه، وغيرِهما. وبه قال الحسنُ، وجابرُ بنُ زيدٍ، والشَّعْبِيّ، والنَّخَعِيُّ، والحكَمُ، وحمادٌ، وابنُ أبي لَيلَى، والثَّوْرِيّ، وأبو يوسف، ومحمدٌ، واللُّولُؤِيّ، ويحيى بنُ آدمَ، وداودُ. وقال أبو حنيفةَ: إن كان الذي لم يُعْتِقِ استَسْعى العبدَ، فله مِن تَركَتِه سِعايتُه (1)، وله نصفُ ولايةٍ، وإن كان أغْرَمَ (2) الشَّريكَ، فولاؤه كلّه للذي أعْتَقَ بَعْضَه. ولَنا، ما روَى عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ، ثنا الرَّمْلِيُّ، عن يزيدَ بنِ هارونَ، عن عِكْرِمةَ، عن ابنِ عباسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال في العبدِ (3) يَعْتِقُ بعضُه:«يَرِثُ ويُورَث على قَدْرِ ما عَتَقَ منه» (4). ولأنَّه يَجِبُ أنْ يَثْبُتَ لكُلِّ بعضٍ حُكْمُه، كما لو كان الآخَرُ مثلَه، وقياسًا لأحَدِهما على الآخَرِ. إذا ثَبَت هذا، فالتَّفْرِيعُ على قولِنا؛ لأنَّ العملَ على غيرِه واضحٌ. وكَيفِيةُ تَوْرِيثِه أن يُعْطَى مَن له فرْضٌ بقَدْرِ ما فيه مِن الحريَّةِ مِن فَرْضِه، وإن كان عَصَبَةً، نُظِرَ ما لَه مع الحُريَّةِ الكامِلَةِ، فأُعْطِيَ بقدرِ
(1) في م: «سعاية» .
(2)
في م: «غرم» .
(3)
في م: «العتيق» .
(4)
انظر تخريج حديث: «إذا أصاب المكاتب حدًّا. . . .» المتقدم. وانظر إرواء الغليل 6/ 161، 162.
فَإِذَا كَانَتْ بِنْتٌ وَأمٌّ نِصْفُهُما حُرٌّ، وَأَبٌ حُرٌّ، فَلِلْبِنْتِ بنِصْفِ حُرِّيَّتِهَا نِصْفُ مِيرَاثِهَا وَهُوَ الرُّبْعُ، وَلِلأمِّ مَعَ حُرِّيَّتِهَا وَرِقِّ الْبِنْتِ الثُّلُثُ، وَالسُّدْسُ مَعَ حُرِّيَّةِ الْبِنْتِ، فَقَدْ حَجَبَتْهَا حُرِّيّتهَا عَنِ السُّدْسِ، فَبِنِصْفِ حُرِّيَّتِهَا تَحْجُبُهَا عَنْ نِصْفِهِ، يَبْقَى لَهَا الرُّبْعُ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً، فَلَهَا بِنِصْفِ حُرِّيَّتِهَا نِصْفُهُ وهُوَ الثُّمْنُ، وَالْبَاقِي لِلْأَبِ. وَإنْ شِئْتَ نَزَّلْتَهُمْ أَحْوَالًا، كَتَنْزِيلِ الْخَنَاثَى.
ــ
ما فيه منها. فإذا خَلَّفَ (أُمًّا وبنتًا نصفُهما حرٌّ، وأبًا حرًّا؛ فللبنتِ بنصفِ حُرِّيَّتِهَا نصفُ مِيراثِها وهو الرُّبْعُ، وللأمِّ مع حُرِّيَّتِهَا وْرِقِّ البنتِ الثُّلُثُ، والسُّدْسُ مع حُرِّيَّةِ البنتِ، فقد حَجَبَتْها حُرِّيَّتِهَا عن السُّدْسِ، فبنِصْفِ حُرِّيَّتِهَا تَحْجُبُها عن نِصْفِه، يَبْقَى لها الرُّبْعُ لو كانت حرَّةَ، فلها بنصفِ حُرِّيَّتِهَا نِصْفُه وهو الثُّمْنُ، والباقي للأبِ، وإن شِئْتَ نزَّلْتَهم أحوالًا، كتنْزِيلِ الخنَاثَى) فتَقُولُ: إن كانتا حرَّتَين فالمسألةُ مِن سِتَّةٍ؛ للبنتِ ثلاثةٌ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وللأُمِّ السُّدْسُ سَهْمٌ، والباقي للأبِ، وإن كانا رقيقَين فالمالُ للأبِ، وإن كانتِ البنتُ وحدَها حرَّةً فلها النِّصفُ، والمسألةُ مِن اثْنَين، وإن كانتِ الأمُّ وحدَها حرةً فلها الثُّلُثُ وهي مِن ثلاثةٍ، وكُلُّها تَدْخُلُ في السِّتَّةِ، فتَضْرِبُها في الأرْبَعةِ الأحوالِ تكنْ أربعةً وعشرين؛ للبنتِ سِتَّةٌ وهي الرُّبْعُ؛ لأنَّ لها النِّصْفَ في حالين، وللأُمِّ الثُّمْنُ وهو ثلاثةٌ؛ لأنَّ لها السُّدْسَ في حالٍ والثُّلُثَ في حالٍ، والباقي للأبِ، وتَرْجِعُ بالاختصارِ إلى ثمانيةٍ.