الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْوَلَاءُ لَا يُورَثُ، وَإنَّمَا يُورَثُ بِهِ،
ــ
الشافعيُّ: ومَن جَعَل الجدَّ والأخَ سواءً، فجَدُّ الأب والعَمُّ سَواءٌ، وهو أوْلَى مِن ابنَ العَمِّ. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«يَرِثُه أَوْلَى النَّاسِ بالمُعْتِقِ» (1). فالجَدُّ أوْلَى بالْمُعْتِقِ، بدليلِ أنَّه أوْلَى النَّاسِ بمالِه وولايته، ويُقَدَّمُ في تَزْويجِه والصلاةِ عليه وغيرِ ذلك. والعَجَبُ أنَّ الشافعيَّ، رحمه اللهُ تعالى، نَزَّلَ (2) الجَدَّ أبًا في ولايةِ المالِ والإِجْبارِ على النِّكاحِ، ووافَق غيرَه في وُجوبِ الإنْفاقِ عليه وله، وعِتْقِه على ابنِ ابنِه، وعِتْقِ ابنِ ابنِه عليه، وانْتِفاءِ القِصاصِ عنه بقَتْلِ ابنِ ابنِه، والحَدِّ بقَذْفِه، وغيرِ ذلك مِن أحْكامِ الأبِ، ثم جَعَل أبعدَ العَصَباتِ أوْلَى منه بالوَلاءِ!
2901 - مسألة: (والوَلاءُ لا يُورَثُ، وإنَّما يُورَثُ بِه)
وهذا قولُ الجمهورِ. رُوِيَ نحوُ ذلك عن عمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وابنِ مسعودٍ، وابنِ عمرَ، وأسامةَ بنِ زيدٍ، وأبي مسعودٍ البدْرِيِّ، وأُبيِّ بنِ كعبٍ.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 411.
(2)
في م: «ترك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبه قال عطاءٌ، وطاوسٌ، وسالمٌ، والزُّهْرِيُّ، والحسنُ، وابنُ سيرينَ، وقَتادَةُ، والشَّعْبِيُّ، وإبراهيمُ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأهلُ العراقِ، وداودُ. وشَذَّ شُرَيحٌ فجعَلَه مَوْروثًا، كالمالِ؛ لأنَّه رُوِيَ عن عمرَ، رضي الله عنه، أنَّه قال: ما أحْرَزَه الولَدُ أو (1) الوالدُ، فهو لعَصَبَتِه مَن كان (2). ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّما الوَلاءُ لمَنْ أعْتَقَ» . وقولُه: «الوَلَاءُ لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النَّسبِ» . والنَّسبُ يُورَثُ به ولا يُورَثُ، فكذلك الوَلَاءُ.
ولأنَّ الوَلاء إنَّما يَحْصُلُ بإنْعامِ السيدِ على عبدِه بالعِتْقِ، وهذا المَعْنَى لا يَنْتَقِلُ عن المُعْتِقِ، فكذلك الوَلَاءُ. ورَواهُ حنبلٌ، ومحمدُ بنُ الحَكَمِ، عن أحمدَ. وغَلَّطَهُما أبو بكرٍ، وهو كما قال؛ فإنَّ الجماعةَ رَوَوْا عن أحمدَ مِثْلَ ما ذكرنا مِن قول الجمهورِ. وقد روَى سعيدٌ (3) بإسْنادِه، عن الزُّهْرِيِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«المَوْلَى أخٌ في الدِّينِ ومَوْلَى نِعْمَةٍ، وأوْلَى النَّاسِ بمِيرَاثِه أقْرَبُهم مِن المُعْتِقِ» . ولأنَّه قولُ مَن سمَّينا مِن الصحابةِ، ولم يَظْهرْ عنهم خِلافُه. ولا يَصِحُّ قِياسُه على المالِ؛ لأنَّ الوَلاءَ لا يُورَثُ، بدليلِ أنَّه لا يَرِثُ منه ذوو الفُرُوضِ، بخِلافِ المالِ. فعلى هذا، يُنْظَرُ أقْرَبُ العَصَباتِ إلى المُعْتِقِ يومَ موتِ العَتِيقِ، فيكونُ هو الوارثَ للمَوْلَى دُونَ غَيرِه، كما أنَّ السيدَ لو مات في تلكَ الحالِ، وَرِثَه وَحْدَه.
(1) في م: «و» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 423.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 411.