الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَسْقُطُ وَلَدُ الأبِ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَبالأْخِ مِنَ الْأَبَوَينِ. وَيَسْقُطُ وَلَدُ الأُمِّ بِأرْبَعَةٍ؛ بِالْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ أَو أُنْثَى، وَوَلَدِ الابنِ، وَالْأبِ، وَالْجَدِّ.
ــ
وأُنْثَاهم بالثَّلاثَةِ المَذْكورِين -وإنْ نَزَلَ وَلَدُ الابنٍ- وهم الأبُ، لأنَّهم يُدْلُون به، والابنُ، لأنَّهم يَأْخُذونَ الفاضِلَ عِن فرضِ البَناتِ، والابنُ لا يَفضُلُ عنه شيءٌ، وكذلك ابنُ الابنِ وإن نزَلَ، لأنَّه ابن (ويَسقُطُ وَلَدُ الأبِ بهؤلاء الثّلاثةِ، وبالأخِ مِن الأبوين) لِما روَى عليٌّ، رضي الله عنه، أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بالدَّينِ قبلَ الوَصِيَّةِ، وأنَّ أعيانَ بَنِي الأُمِّ يَتَوارَثُون دُونَ بَنِي العَلَّاتِ، يَرِثُ الرَّجُلُ أَخَاهُ لِأَبيه وأُمِّهِ دُونَ أخِيه لِأَبِيه. أخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (1).
2805 - مسألة: (وَيَسْقُطُ وَلَدُ الأُمِّ بأرْبَعَةٍ؛ بالْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَوَلَدِ الابْنِ، والأبِ، والْجَدِّ)
أجْمَعَ على هذا أهلُ العلمِ، فلا نَعْلَمُ أحَدًا خالفَ فيه، إلَّا روايةً واحِدةً شَذَّتْ عن ابنِ عباسٍ، في أَبَوَين وأخَوَين لأمٍّ، للأمِّ الثُّلُثُ وللأَخَوَينِ الثُّلُثُ. وقِيلَ عنه: لهما ثُلُثُ الباقِي.
(1) تقدم تخريجه في 17/ 146. وإسناده حسن. انظر الإرواء 6/ 131.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا بَعِيدٌ جِدًّا، فإنَّه يُسْقِطُ الإِخْوَةَ كُلَّهم بالجَدِّ، فكيف يُوَرِّثُهم مع الأبِ! ولا خِلافَ بينَ سائرِ أهلِ العلمِ في أنَّ وَلَدَ الأمِّ يَسْقُطُونَ بالجَدِّ، فكيف يَرِثُونَ مع الأبِ! والأصْلُ في هذه الجُمْلَةِ قولُ الله تعالى:{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} . والمُرادُ بهذه الآيةِ الأخُ والأخْتُ مِن الأُمِّ بإجْماعِ أهلِ العلمِ. وَفى قِراءَةِ سَعْدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ: (وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ). والْكَلَالةُ فِي قَولِ الجُمْهُورِ مَن ليس له وَلَدٌ ولا والِدٌ، فشَرَط في تَوْرِيثِهم عَدمَ الوَلدِ والوالدِ، والوَلَدُ يَشْتَمِلُ على الذَّكَرِ والأُنْثَى، والوالدُ يَشْمَلُ الأبَ والجَدَّ، ووَلَدُ الابنَ وَلَدٌ.
فصل: واخْتَلَفَ أهلُ العلمِ الكَلالةِ، فقِيلَ: الكَلالةُ اسْمٌ للوَرَثَةِ مَا عَدَا الْوَالِدِينَ والمَوْلُودِينَ. نصَّ عليه أحمدُ. وَرُوىَ عن أبي بكرٍ، رضي الله عنه، أنَّهُ قال: الكَلالةُ مَن عَدَا الوَالِدَ والولَدَ (1). واحْتَجَّ مَن ذَهَب إلى هذا بقولِ الفَرَزْدَقِ في بني أُميَّةَ (2):
وَرِثْتُم قَناةَ المجْدِ لا عن كَلالةٍ
…
عن ابْنَيْ مَنافٍ عبدِ شمسٍ وهاشِمِ
(1) أخرجه الدارمي، في: باب الكلالة، من كتاب الفروض. سنن الدارمي 2/ 365، 366. والبيهقي، في: باب حجب الأخوة والأخوات. . . .، من كتاب الفرائض. السنن الكبرى 6/ 224. وعبد الرزاق، في: باب الكلالة، من كتاب الفرائض. المصنف 10/ 304. وإسناده ضعيف. انظر سنن سعيد بن منصور. تحقيق د / سعد بن عبد الله آل حميد 3/ 1185، 1186.
(2)
ديوان الفرزدق 852.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واشْتِقَاقُه مِن الإِكْلِيلِ الَّذِي يُحِيطُ بالرَّأْسِ ولا يَعْلُو عليه، فكأن الوَرَثةَ ما عَدا الوَلدَ والوالدَ قد أحاطُوا بالميِّتِ مِن حَوْلِه لا مِنْ طَرَفَيه أعلاه وَأسْفَلِه، كإحاطَةِ الإِكْلِيلِ بالرَّأْسِ. فأمَّا الوَلدُ والوالدُ فهما طَرَفا الرَّجُلِ، فإذا ذَهَبا كان بَقيَّةُ النَّسبِ كَلَالةً. قال الشاعرُ (1):
فكيفَ بأطْرافِي إذا ما شَتَمْتَنِي
…
وما بعدَ شَتْمِ الوالِدَينِ صُلُوحُ
وقالت طائِفةٌ: الكَلالةُ الميِّتُ نَفْسُه الذي لا وَلَدَ له ولا وَالِدَ. يُرْوَى ذالك عن عمرَ، وعليٍّ، وابنِ مسعودٍ. وقِيلَ: الْكَلَالةُ قَرابةُ الأمِّ. واحْتَجُّوا ببيتِ الفَرَزْدَقِ الذي أنشدْناه، عَنَى أنَّكم وَرِثْتُم المُلْكَ عن آبائِكم لا عن أُمَّهاتِكم. ويُرْوَى عن الزُّهْرِيِّ أنَّه قال: المَيِّتُ الذي لا وَلَدَ له ولا والدَ كَلالةٌ، ويُسمَّى وارِثُه كَلالةً. والآيتان في سورةِ النِّساءِ المُرادُ بالكَلالةِ فيهما المَيِّتُ. ولا خِلافَ في أنَّ اسمَ الكَلَالةِ يَقعُ على الإخْوةِ من الجِهاتِ كلِّها. وقد دلَّ علي صحةِ ذلك قولُ جابِرٍ: يا رسولَ اللهِ، كيف المِيراثُ؟ إنَّما يَرثُني كَلَالةٌ (2). فجعلَ الوارثَ هو الكَلالةَ، ولم يكُنْ لجابرٍ يومَئذٍ وَلدٌ ولا وَالِدٌ. وممَّن ذَهبَ إلى أنَّه يُشْتَرَطُ في الكَلَالةِ عدمُ الوَلدِ والوالدِ زيدٌ، وابنُ عَبَّاس، وجابرُ بنُ زيدٍ، والحسنُ، وقَتادةُ، والنَّخَعِيُّ، وأهلُ المدينةِ والبَصرةِ والكُوفةِ. ويُروَى عن ابنِ
(1) البيت لعون بن عبد الله بن عتبة، وهو في اللسان والتاج (ص ل ح) و (ط ر ف)، والجمهرة 2/ 164، ومعجم مقاييس اللغة 3/ 303، 448.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 78.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عبَّاسٍ أنَّه قال: الكَلالةُ مَن لا وَلدَ له. ويُروَى ذلك عن عمرَ (1). والصحيحُ عنهما كقولِ (2) الجَماعةِ.
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 10/ 303. والبيهقي، في: السنن الكبرى 6/ 224. وإسناده صحيح. وانظر: تفسير سعيد بن منصور 3/ 1182.
(2)
في م: «قول» .