الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بل إذا سَبَق أحدُهما بالدَّعْوَى فهو ابنُه، فإنِ ادَّعَياه معًا فهو ابْنُهما. وكذلك إن كَثُرَ الواطِئُونَ وادَّعَوْه معًا فإنَّه يكونُ لهم حميعًا. ورُوِيَ أيضًا (1) عن عليٍّ، رضي الله عنه، أنَّه قَضَى في ذلك بالقُرْعَةِ مع اليَمينِ. وبه قال ابنُ أبي لَيلَى، وإسحاقُ. وعن أحمدَ نحوُه إذا عُدِمَت القافةُ. وقد ذَكَرْنا أكثرَ هذه المسائلِ مَشْرُوحَةً مَدْلُولًا عليها في بابِ اللَّقِيطِ، والغَرَضُ ههُنا ذِكْرُ مِيراثِ المُدَّعَى والتَّوْرِيثِ منه، وبيانُ مسائلِه.
2869 - مسألة: إذا أُلْحِقَ باثْنَين، فمات وتَرَك أُمًّا حرةً، فلها الثُّلُثُ، والباقي لهما. وإن كان لِكُلِّ واحدٍ منهما ابنٌ سواه، أو لأحدِهما ابنان، فلأمِّه السُّدْسُ. وإن مات أحدُ الأبوين، وله ابنٌ آخَرُ، فمالُه بينَهما نِصْفَين، فإن مات الغُلامُ بعدَ ذلك، فلأُمِّهِ السُّدْسُ والباقي للباقي
(2) مِن أبويه، ولا شيءَ لإِخوتِه؛ لأنَّهما مَحْجوبان بالأبِ الباقي. فإن مات الغُلامُ وتَرَك ابنًا، فللباقي مِن الأبوين السُّدْسُ، والباقي لابنِه. وإن مات قبلَ أبَويهِ وتَرَك ابنًا، فلهما جميعًا السُّدْسُ، والباقي لابنِه. فإن كان لكُلِّ واحدٍ منهما أبوان، ثم ماتا، ثم ماتَ الغُلامُ، وله جَدَّةٌ أمُّ أُمٍّ وابنٌ، فلأُمِّ أُمِّه نِصفُ السُّدْسِ، ولأُمِّي المُدَّعِيَين نِصفُه، كأنَّهما جَدَّةٌ واحدةٌ، وللجَدَّين السُّدْسُ، والباقي للابنِ، فإن لم يكنِ ابنٌ، فللجَدَّين الثُّلُثُ؛ لأنَّهما بمنزِلةِ جَدٍّ واحدٍ، والباقي للأخَوَين. وعندَ أبي حنيفةَ، الباقي كُلُّه للجَدَّين؛ لأنَّ الجَدَّ يُسْقِطُ الإِخْوَةَ. وإن كان المُدَّعِيان أخَوَين،
(1) زيادة من: م.
(2)
في الأصل: «لأبيه للباقي» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمُدَّعَى جارِيَةً، فماتا وخَلَّفا أباهما، فلها مِن مالِ كلِّ واحدٍ نِصْفُه، والباقي للأَب. فإن مات الأبُ بعدَ ذلك فلها النِّصْفُ؛ لأنَّها بنتُ ابنٍ. وحَكَى الخَبْرِيُّ عن أحمدَ، وزُفَرَ، وابنِ أبي زائدةَ (1)، أنَّ لها الثُّلُثَين؛ لأنَّها بنتُ ابْنَيه (2)، فلها ميراثُ بنْتَي ابنٍ. وإن كان المُدَّعِي ابنًا، فمات أَبَواهُ، ولأحدِهما بنتٌ، ثم مات أبوهُما، فمِيراثُه بينَ الغلامِ والبنتِ على ثلاثةٍ. وعلى القولِ الآخَرِ، على خمسةٍ؛ لأنَّ الغلامَ يضْرِبُ بنَصيبِ ابْنَي ابْنٍ. فإن كان لكلِّ واحدٍ منهما بنتٌ، فللغُلامِ مِنِ مالِ كلِّ واحدٍ منهما ثُلُثاه، وله مِن مالِ جَدِّه نِصْفُه. وعلى القولِ الآخرِ، له ثُلُثاه، ولهما سُدْساه. وإن كان المُدَّعِيان رَجُلًا وعَمَّه (3)، والمُدَّعَى جارِيةً، فماتا وخَلَّفَا أبَوَيهما، ثم مات أبو الأصْغَرِ، فلها النِّصْفُ والباقي لأبي العَمِّ؛ لأنَّه أبوه. وإذا مات أبو العَمِّ، فلها النِّصْفُ مِن مالِه أيضًا. وعلى القولِ الآخَرِ، لها الثُّلُثان؛ لأنَّها بنْتُ ابنٍ وبنتُ ابنِ ابنٍ. وإن كان المُدَّعِي رجلًا وابنَه، فمات الابنُ، فلها نِصْفُ مالِه. وإذا مات الأبُ فلها النِّصفُ أيضًا. وعلى القولِ الآخرِ، لها الثُّلُثان. وقال أبو حنيفةَ: إذا تَداعَى الأبُ وابنُه، قُدِّمَ الأبُ، ولم يكنْ للابنِ شيءٌ. وإن مات الأبُ أولًا، فمالُه بَينَ ابنِه (4)
(1) يحيى بن زكريا بن خالد (أبي زائدة) الهمداني الوادعي مولاهم الحنفي، أفقه أهل الكوفة في زمانه، توفي سنة اثنتين، وقيل: ثلاث ومائتين. الجواهر المضية 3/ 585، 586.
(2)
في م: «ابنته» .
(3)
في م: «عمة» .
(4)
في النسختين: «أبيه» . وانظر المغني 9/ 210.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبَينَها (1) على ثلاثةٍ، وتَأْخُذُ نِصْفَ مالِ الأصْغَرِ؛ لكونِها بنتَه، وباقيَه (2) لكونِها أخْتَه. وفي كُلِّ ذلك إذا لم يَثْبُتْ نَسَبُ المُدَّعَى وُقِفً نَصِيبُه، ودُفِعَ إلى كُلِّ وارثٍ اليَقِينُ، ووُقِفَ الباقي حتى يَثْبُتَ نَسَبُه أو يصْطَلِحُوا.
فصل: وإذا كان المُدَّعُون ثلاثةً، فمات أحَدُهم وتَرَك ابنًا وألْفًا، ثم مات الثاني وتَرَك ابنًا وألْفَين، ثم مات الثالثُ وتَرَك ابنًا وعشرين ألْفًا، ثم مات الغُلامُ وترك أرْبَعةَ آلافٍ وأُمَّا حرةً، وقد ألْحَقَتْه القافةُ بهم، فقد تَرَك خمسةَ عَشَرَ ألْفًا وخَمْسَمائةٍ، فالأُمِّه سُدْسُها، والباقي بينَ إخْوتِه الثَّلاثةِ أثْلاثًا. وإن كان مَوْتُهم قبلَ ثُبُوتِ نَسَبِه، دُفِعَ إلى الأُمِّ ثُلُثُ تَرِكَتِه، وهو ألْفٌ وخَمْسُمائةٍ؛ لأنَّ أدْنَى الأحْوالِ أن يكونَ ابنَ صاحبِ الألْفِ، فيَرِثُ منه خَمْسَمائةٍ، وقد كان وُقِفَ له مِن مالِ كُلِّ واحدٍ مِن المُدَّعِين (3) نِصْفُ مالِه، فيُرَدُّ إلى ابنِ صاحبِ الألْفِ وابنِ صاحبِ الألْفَين ما وُقِفَ مِن مالِ أبَوَيهما؛ لأنَّه إن لم يكنْ أخًا لهما فذلك لهما مِن مالِ أبوَيهِما، وإن كان أخًا أحدِهما، فهو يَسْتَحِقُّ ذلك وأكثرَ منه بإرْثِه منه، ويُرَدُّ على ابنَ الثالثِ تِسْعَةُ آلافٍ وثُلُثُ ألفٍ، ويَبْقَى ثُلُثا ألفٍ مَوْقُوفَةً بينَه وبينَ الأُمِّ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ أخاه (4)، فيكونُ قد مات عن أربعةَ
(1) في م: «بينهما» .
(2)
في م: «الباقي» .
(3)
في م: «المدعيين» .
(4)
في م: «أخا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عشَرَ ألفًا؛ لأُمِّه ثُلُثُها، ويَبْقَى مِن مالِ الابن ألفان وخَمْسُمائةٍ مَوْقوفةٌ يَدَّعِيها ابنُ صاحبِ الألْفِ كلَّها، ويَدَّعِي منها ابنُ صاحبِ الألْفَين ألْفَين وثُلُثًا، فيكونُ ذلك موقوفًا بينَهما وبينَ الأُمِّ، وسُدْسُ الألْفِ بينَ الأُمِّ وابنِ صاحبِ الألْفِ. فإنِ ادَّعَى أخَوان ابنًا ولهما أبٌ، فمات أحَدُهما وخَلَّفَ بنتًا، ثم مات الآخَرُ قبلَ ثُبوتِ نَسَبِ المُدَّعَى، وُقِفَ مِن مالِ الأوَّلِ خَمْسةُ أتْساعِه، منها تُسْعان بينَ الغلامِ والبنتِ، وثلاثةُ أتْساعٍ بينَه وبينَ الأب، ويُوقَفُ مِن مالِ الثاني خمسةُ أسْداس بينَه وبينَ الأبِ، فإن مات الأَبُ بعدَهما وخَلَّفَ بنتًا، فلها نصفُ مالِه ونصف ما وَرِثَه عن ابنَتِه، والباقي بينَ الغلامِ وبنتِ الابنِ؛ لأنَّه ابنُ ابنِه بيَقينٍ، ويُدْفَعُ إلى كُلِّ واحدٍ منهم مِن الموْقوفِ اليقينُ، فتُقَدِّرُه مَرَّةً ابنَ صاحبِ البنتِ، ومرةً ابنَ الآخرِ، وتَنْظُرُ ما لَه مِن كلِّ واحدٍ منهم في الحالين فتُعْطِيه أقَلَّهما، فللغُلامِ في حالٍ كُلُّ المَوْقوفِ مِن مالِ الثاني وخُمْسُ المَوْقُوفِ مِن مالِ الأوَّلِ، وفي حالٍ كُلُّ الموقوفِ مِن مالِ الأوَّلِ وثُلُثُ المَوْقوفِ مِن مالِ (1) الثاني، فله أُقلُّهما، ولبنتِ الميِّتِ الأوَّلِ في حالٍ النِّصْفُ مِن مالِ أبيها، وفي حالٍ السُّدْسُ مِن مالِ عمِّها، ولبنتِ الأبِ في حالٍ نِصْفُ المَوْقوفِ مِن مالِ الثاني، وفي حالٍ ثلاثةُ أعْشارٍ مِن مالِ الأولِ، فتَدْفَعُ إليها أقَلَّهما، ويَبْقَى باقي التَّرِكةِ مَوْقوفًا بَينَهم حتى يصْطَلِحُوا عليه. ومِنَ الناسِ مِن يَقْسِمُه بينَهم على حَسَبِ الدَّعاوَى. فإنِ اخْتَلَفَتْ أجْناسُ التَّركةِ، ولم يَصِرْ بعضُها
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قِصاصًا عن بعض، قُوِّمَتْ وعُمِلَ في قِيمَتِها ما بَيَّنَّا في الدراهمِ إن تَراضَوْا بذلك، أو يَبِيعُ الحاكِمُ عليهم ليَصِيرَ الحقُّ كُلُّه مِن جنْس واحدٍ؛ لما فيه مِن الصَّلاحِ لهم، ويُوقَفُ الفَضْلُ المشكوَكُ فيه على الصُّلْحِ.
فصل: ولو ادَّعَى اثنان غلامًا، فألْحقَتْه القافةُ بهما، ثم مات أحدُهما وتَرَك ألفًا وعمًّا وبنتًا، ثم مات الآخَرُ وتَرَك ألْفَين وابنَ ابنٍ، ثم مات الغلامُ وتَرَك ثلاثةَ آلافٍ وأمًّا، كان للبنتِ مِن تَرِكةِ أبيها ثُلُثُها، وللغلامِ ثُلُثاها، وتَرِكةُ الثانِي كلُّها له، لأنَّه ابنُه، فهو أحَقُّ مِن ابنِ الابنِ، ثم مات الغلامُ عن خمسةِ آلافٍ وثُلُثَيْ ألفٍ، فلأُمِّه ثلثُ ذلك، ولأُخْتِه نِصْفُه، وباقِيه لابنِ الابنِ؛ لأنَّه ابنُ أخِيه، ولا شيءَ للعَمِّ. وإن لم يَثْبُتْ نَسَبُه، فلابنِه الأوَّلِ ثُلُثُ الألفِ، ويُوقَفُ ثُلُثاها وجَمِيعُ تَرِكةِ الثاني. فإذا مات الغلامُ، فلأُمِّه مِن تَرِكَتِه ألفٌ وتُسْعَا ألفٍ؛ لأنَّ أقلَّ أحوالِه أن يكونَ ابنَ الأوَّلِ، فيكونَ قد مات عن ثلاثةِ آلافٍ وثُلُثَيْ ألفٍ، ويُرَدُّ المَوْقُوفُ مِن مالِ أبي البِنْتِ على البنتِ والعَمِّ، فيَصْطَلِحانِ عليه؛ لأنه لهما إمَّا عن صاحبِهما أو الغُلامِ، ويُرَدُّ المَوْقُوفُ مِن مالِ الثاني إلى ابنِ ابنِه؛ لأنَّه له إمَّا عن جَدِّه وإمَّا عن عَمِّه، وتُعْطىَ الأُمُّ مِن تَرِكةِ الغلامِ ألفًا وتُسْعَىْ ألفٍ؛ لأنَّها أقلُّ ما لَها، ويَبْقَى ألْفٌ وسَبْعَةُ أتْسَاعِ ألْفٍ، تَدَّعِي منها الأُمُّ أرْبعةَ أتْساعِ ألفٍ، تَمامَ ثُلُثِ خَمْسةِ آلافٍ، ويَدَّعِي منها ابنُ الابْنِ ألفًا وثُلُثًا، تمامَ ثُلُثَيْ خَمْسةِ آلافٍ، وتَدَّعِي البنتُ والعَمُّ جميعَ الباقي، فيكونُ ذلك موقوفًا بَينَهم حتى يَصْطَلِحُوا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولو كان المولودُ في يَدَيِ امْرأتَين وادَّعَتاه معًا، أُرِيَ القافةَ معهما، فإن ألْحَقَتْه بإحداهُما لَحِقَ بها ووَرِثَها، ووَرِثَتْه في إحدى الرِّواياتِ. وإن ألحقتْه بهما، أو نَفَتْه عنهما، لم يُلْحَقْ بواحدةٍ منهما. وإن قامت لكلِّ واحدةٍ منهما بَيِّنَةٌ، تَعارَضَتا، ولم تُسْمَع بَيِّنتُهما. وبه قال أبو يوسفَ، واللُّؤْلُؤِيُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَثْبُتُ نسَبُه منهما، ويَرِثاه ميراثَ أُمٍّ واحدةٍ، كما يُلْحَقُ برَجُلَين. ولَنا، أنَّ إحدى البَيِّنتَين كاذبةٌ يَقِينًا، فلم تُسْمَعْ، كما لو عُلِمَتْ، ومِن ضَرُرورةِ رَدِّها رَدُّهما؛ لعَدَمِ العلم بعَينِهْا، ولأنَّ هذا مُحالٌ، فلم يثْبُتْ ببَيِّنَةٍ ولا غيرِها، كما لو كان الولدُ أكبرَ منهما.
ولو أنَّ امرأةً معها صَبِيٌّ ادَّعاه رَجُلانِ، كلُّ واحدٍ يَزْعُمُ أنَّه ابنُه منها وهي زوجتُه، فكَذَّبَتْهُما، لم يَلْحَقْهُما، وإن صَدَّقَتْ أحَدَهُما، لَحِقَه، كما لو كان بالغًا فادَّعَياه فصَدَّقَ أحَدَهُما. ولو أنَّ صَبِيًّا مع امرأةٍ، فقال زَوْجُها: هو ابنِي مِن غيرِكِ. فقالت: بل هو ابنِي منكَ. لَحِقَهُما جميعا. وقد ذكرنا لَحاقَ النَّسَبِ في هذه المسائلِ والاخْتِلافَ فيه، وإنَّما ذكرناه ههُنا لأجْلِ الميراثِ؛ لأنَّه مبْنِيٌّ عليه. واللهُ سبحانه وتعالى أعلمُ.