الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإذَا خَلَّفَ أُمًّا وَخَالًا، فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ وَبَاقِيهِ لِلْخَالِ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الأخْرَى، الْكُلُّ لِلأُمِّ.
ــ
وأبو حنيفةَ، وصاحِباه، وأهلُ البصرةِ، إلَّا أنَّ أبا حنيفةَ وأهلَ البصرةِ جَعَلُوا الرَّدَّ وذَوي الأرْحامِ أحقَّ مِن بيتِ المالِ؛ لأنَّ الميراثَ إنَّما يَثْبُت بالنَّصِّ، ولا نَصَّ في تَوْرِيثِ الأمِّ أكثرَ مِن الثُّلُثِ، ولا في تَوْرِيثِ أخٍ مِن أُمٍّ أكثرَ مِن السُّدْسِ، ولا في تَوْرِيثِ أبي الأُمِّ وأشْباهِه مِن عَصَباتِ الأُمِّ، ولا قِياسَ أيضًا، فلا وَجْهَ لإثْباتِه. ووجهُ الرِّوايةِ الأُولَى قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«ألْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلِأوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» (1). وأَوْلَى الرجالِ بهِ أقاربُ أُمِّهِ. وعن عمرَ، رضي الله عنه، أنَّه ألْحَق وَلَدَ المُلاعِنَةِ بعَصَبَةِ أمِّه. وعن عليٍّ، رضي الله عنه، أنَّه لمَّا رَجَم المرأةَ دعا أولياءَها، فقال: هذا ابنُكم، ترِثُونه ولا يَرِثُكِم، وإن جَنَى جِنايَةً فعليكم (2). حَكاه الامامُ أحمدُ عنه. ولأنَّ الأُمَّ لو كانتْ عَصَبَةً كأبيه لحَجَبَت إخوتَه. ولأنَّ مَوْلاها مَوْلَى أوْلادِها، فيَجِبُ أن يكونَ عَصَبَتُها عَصَبَتَه، كالأبِ.
2792 - مسألة: (فإذا خَلَّفَ أُمًّا وخالًا، فلأُمِّه الثُّلُثُ)
بلا خِلافٍ (والباقِي للخالِ) لأنَّه عَصَبَةُ أُمِّه (وعلى الرِّوايَةِ الأُخْرَى، الكلُّ للأمِّ) وهذا قولُ عليٍّ، وابنِ مسعودٍ، وأبي حنيفةَ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 11.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: المصنف 11/ 348.
فَإنْ كَانَ مَعَهُمْ أخٌ لأُمٍّ فَلَهُ السُّدْسُ وَالْبَاقِي لَهُ، أوْ لِلْأُمِّ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
ــ
ومُوافِقِيه، إلَّا أنَّ ابنَ مسعودٍ يُعْطِيها إيَّاهُ؛ لكَوْنِها عَصَبَتَه، والباقونَ بالرَّدِّ، وعن زيدٍ، الباقي لبيتِ المالِ (فإن كان معهما أخٌ لأمٍّ فله السُّدْسُ، والباقِي له) إن قُلْنا: إنَّه العَصَبَةُ. على الرِّوايةِ الأُولَى. وعلى الأُخْرَى، الكلُّ للأمِّ. ولا شيءَ للخالِ على الرِّوايَتَين. فإن كانَ معهما مَوْلَى أُمٍّ فلا شيءَ له عندَنا. وقال زيدٌ ومَن وافَقَه، وأبو حنيفةَ: الباقي له. وإن لم يَكُنْ لأمِّه عَصَبَةٌ إلَّا مَوْلاها، فالباقي له إذا قُلْنا: عَصَبَتُها عَصَبَتُه. وعلى الرِّوايةِ الأخرَى، هو للأُمِّ. وهو قولُ ابنِ مسعودٍ؛ لأنَّها عَصَبَةُ ابنِها.
فصل: فإن لم يُخلِّفْ إلَّا أُمَّه، فلها الثُّلُثُ فَرْضًا والباقي بالرَّدِّ. وهو قولُ عليٍّ وسائرِ مَن يرَى الرَّدَّ. وفي الرِّوايةِ الأُخْرَى، لها الباقي بالتَّعْصِيبِ. فإن كان مع الأُمِّ عَصَبَة لها، فهل يكونُ الباقي لها أولَه؟ على رِوايَتَين ذَكَرناهما.
فإن كان لها عَصَباتٌ، فهو لأقْربِهم منها على الرِّوايةِ الأُولَى. فإذا كان معها أبوها وأخُوها فهو لأبيها، فإن كان مكانَ الأبِ جَدٌّ فهو بينَ أخيها وجَدِّها نِصْفين، فإن كان معهم ابْنُها -وهو أخوه لأُمِّه- فلا شيءَ لأخيها، ويكونُ لأمِّه الثُّلُثُ ولأخيه السُّدْسُ ولأخيه الباقي، أو (1) ابنِ أخيهِ. وإن خَلَّفَ أُمَّه وأخاه وأختَه، فلكلِّ واحدٍ منهمُ السُّدْسُ، والباقي لأخيه دونَ أُخْتِه. وإن خَلَّفَ ابنَ أخيِه وبِنْتَ أَخِيه، أو خاله وخالته،
(1) في الأصل: «و» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فالبَاقِي للذَّكَرِ. وإن خَلَّف أُخْتَه وابنَ أُخْتِه، فلأُخْتِه السُّدْسُ والباقي لابنِ أخْتِه. وعلى الرِّوايةِ الأُخْرَى، الكلُّ للأمِّ في [هذه المَواضِعِ](1).
فصل: ابنُ مُلاعِنَةٍ مات وتَرَك بِنْتًا وبِنْتَ ابْن ومَوْلَى أُمِّه، البَاقِي لمَوْلَى الأُمِّ في قولِ الجمهورِ. وقال ابنُ مَسْعودٍ: الرَّدُّ أوْلى مِن المَوْلَى. فإن كان معهم أُمٌّ فلها السُّدْسُ، وفي الباقي رِوايتان؛ إحْداهما، للمَوْلَى. وهو قولُ الأكْثَرينَ. والثانيةُ، للأُمِّ. وهو قولُ ابنِ مسعودٍ. فإن لم يكنْ معهم مَوْلًى فالباقي مَرْدُودٌ عليهم في إحْدَى الرِّوايَتَين. والأُخْرى، هو للأمِّ. فإن كان معهم أخٌ فلا شيءَ له بالفَرْضِ، وله الباقي في روايةٍ. والأُخْرى، هو للأُمِّ.
بنتٌ وأخٌ، أو ابنُ أخٍ أو خالٌ، أو أبو أُمٍّ، أو غيرُهم مِن العَصبَاتِ؛ للبنتِ النِّصْفُ، والباقي للعَصَبَةِ، في قولِ العبادِلَةِ. وإن كان معها أخٌ و (2) أخْتٌ، أو ابنُ أخٍ وأخْتُه، أو خالٌ وخالةٌ، فالباقي للذَّكَرِ وَحْدَه في قولِهم. وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: المالُ للبنْتِ بالفَرْضِ والرَّدِّ. ورَوَوْا ذك عن عليٍّ، عليه السلام، أنَّه جَعَل ذا السَّهْمِ أحَقَّ ممَّن لا سَهْمَ له، وأنَّه وَرَّث ابنَ مُلاعِنَةٍ ذَوي أرْحامِه كما يَرِثُون من غَيرِه. قال ابنُ اللَّبَّانِ: وليس هذا مَحْفُوظًا عن عليٍّ، إنَّما المشْهورُ عنه قولُه لأولياءِ المرْجومَةِ عنٍ ابْنِها: هذا ابْنُكم، تَرِثُونه ولا يَرِثُكم، فإن جَنَى جِنايةً
(1) في م: «هذا الموضع» .
(2)
في م: «أو» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعليكم. وفسَّر القاضي قولَ أحمدَ: إن، يكنْ أمٌّ فَعَصَبَتُها عَصَبَتُه. بتقديمِ الردِّ على عَصَبَةِ الأُمِّ، كقولِه في أُخْتٍ وابنِ أخٍ: المالُ كلُّه للأُخْتِ. قال شيخُنا (1): وهذا تفسيرٌ للكلامِ بضِدِّ ما يَقْتَضِيه، وحَمْلٌ للَّفْظِ على خلافِ ظاهرِه، وإنَّما هذه الرِّوايةُ كمذهبِ ابنِ مسعودٍ وروايةِ الشَّعْبيِّ عن عليٍّ وعبدِ اللهِ، أنَّهما قالا: عصبةُ ابنِ المُلاعِنَةِ أمُّه، تَرِثُ ماله أجْمَعَ، فإن لم يكْن أمٌّ فعصبتُها عصبتُه.
امرأةٌ وجَدَّةٌ وأُخْتان وابنُ أخٍ؛ للمرأَةِ الرُّبْعُ، وللجَدَّةِ السُّدْسُ، وللأُخْتَين الثُّلُثُ، والباقي لابنِ الأخِ، في الروايتَين جميعًا. وقال أبو حنيفةَ: الباقي يُرَدُّ على الأُخْتَين والجَدَّةِ. وهو قولُ القاضي في الروايةِ الثَّانيةِ.
أبو أمٍّ وبنتٌ وابنُ أخٍ وبنتُ أخٍ، الباقي لابنِ الأخِ وَحْدَه. ويَحْتَمِلُ أن يكون لأبي الأُمِّ سُدْسُ باقِي المالِ، وخَمْسَةُ أسْداسِه لابنِ الأخِ. وقال أبو حنيفةَ: المالُ بينَ أبي الأُمِّ والبِنْتِ، على أرْبَعَةٍ، بالفَرْضِ والرَّدِّ.
فصل: فإن لم يَتْرُكِ ابنُ المُلاعِنَةِ ذا سَهْمٍ فالمالُ لعَصَبَةِ أُمِّه في قولِ الجماعةِ. وقد رُوِيَ ذلك عن عليٍّ. وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: هو بينَ ذَوي الأرْحامِ كمِيراثِ غيرِه. ورَوَوْه عن عليٍّ. وذلك مِثلُ خالٍ وخالةٍ، وابنِ أخٍ وأُختِه، المالُ للذَّكَرِ. وفي قولِ أبي حنيفةَ، هو بينَهما في المسْألَتَين نِصْفَين.
(1) في: المغني 9/ 119.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خالةٌ لأبٍ وأُمٍّ وخالٌ لأبٍ، المالُ للخالِ. وقال أبو حنيفةَ: هو للخالةِ.
خالةٌ وبنتُ بنتٍ، المالُ بينَهما على أربعةٍ. وإذا لم يُخَلِّفِ ابنُ المُلاعِنَةِ إلَّا ذا رحِمٍ، فحكمُهم في ميراثِه كحكمِهم في ميراثِ غيرِه، على ما نذكرُه.
فصل: وإذا قُسِم ميراثُ ابنِ المُلاعِنَةِ ثُمَّ أكْذَبَ المُلاعِنُ نَفْسَه، لحِقَه الولدُ ونُقِضَتِ القِسْمَةُ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَلْحَقُه النَّسَبُ بعدَ موتِه إلَّا أن يكُونا تَوْأمَين مات أحدُهما وأكذَب نَفْسَه والأخُ باقٍ، فيَلْحَقُه نَسَبُ الباقي والميِّتِ معًا. وقد مضَى الكلامُ معه في غيرِ هذا المَوْضِعِ.
فصل: ولو كان المَنْفِيُّ باللِّعانِ تَوْأمَينْ، ولهما أخٌ آخَرُ من الزَّوجِ لم يَنْفِه، فماتَ أحدُ التَّوْأمَين، فميراثُ تَوْأمِه منه كمِيراثِ الآخَرِ في قولِ الجمهورِ. وقال مالكٌ: يرثُه تَوْأمُه كمِيراثِ أخٍ لأبَوَين؛ لأنَّه أخُوهُ لأبَوَيه، بدليلِ أنَّ الزُّوْجَ لو أقَرَّ بأحَدِهما لَحِقَه الآخرُ. وهذا أَحَدُ الوَجْهَين لأصْحابِ الشَّافعيِّ. ولَنا، أنَّهما تَوْأمان لم يثْبُتْ لهما أبٌ يَنْتَسِبان إليه، فَأشْبَها (1) تَوْأَمَي الزَّانيةِ، ولا خلافَ في تَوْأَمَي الزَّانيةِ. وفارَق هذا ما إذا اسْتَلْحَق أحدَهما؛ لأنَّه ثَبَت باستِلْحاقِه أنَّه أبُوهما.
فصل: قولُهم: إنَّ الأُمَّ عَصَبَةُ ولدِها. أو: إنَّ عَصَبَتَها عَصَبتُه. إنَّما
(1) بعده في الأصل: «توأما» .