الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ مَاتَ فِي رِدَّتِهِ فَمَالُهُ فَيْءٌ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ أهْلِ الدِّينِ الَّذِي اخْتَارَهُ.
ــ
أحدًا. وهذا قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأصحابِ الرَّأْي؛ وذلك أنَّه لا يَرِثُ المسلمَ، لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لا يَرِثُ الكافِرُ المسْلِمَ (1)» . ولا يَرِثُ الكافِرَ؛ لأنَّه يُخالِفُه في حُكْمِ الدينِ، لأنَّه لا يُقَرُّ عَلى كُفْرِه، فلم يَثْبُتْ له حُكْمُ الدِّينِ الذي انْتَقَلَ إليه، ولهذا لا تَحِلُّ ذَبيحَتُه، ولا نِكَاحُ نسائِهم وإنِ انْتَقلوا إلى دينِ أهلِ الكِتابِ. ولأنَّ المُرْتَدَّ تزولُ أمْلاكُه الثَّابِتَةُ له أو اسْتِقْرارُها، فلأَن لا يثْبُت له مِلْكٌ أوْلَى. ولو ارتَدَّ مُتَوارِثان فمات أحدُهما لم يَرِثْه الآخرُ؛ لأنَّ المُرْتَدَّ لا يَرِثُ ولا يُورَثُ. فإن أسْلَمَ قبلَ قَسْمِ الميراثِ وَرِثَ؛ لما ذكرْنا مِن الحديثِ، وقد ذكرناه والخلافَ فيه.
فصل: والزِّنْدِيقُ كالمُرْتَدِّ فيما ذكرنا. والزِّنْدِيقُ الذي يُظْهِرُ الإسلامَ ويَسْتَسِرُّ الكُفْرَ، وهوْ الذي كان يُسَمَّى منافِقًا في عَصْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويُسَمَّى اليومَ زِنْديقًا. قال أحمدُ: مالُ الزِّنْديقِ في بَيتِ المالِ.
2854 - مسألة: (وإن مات على رِدَّتِه فمالُه فَيْءٌ. وعنه، أنَّه لِوَرَثَتِه مِن المسلمين. وعنه، أنَّه لوَرَثَتِه مِن أهْلِ الدينِ الذي اخْتَارَه)
(1) بعده في م: «ولا المسلم الكافر» . والحديث تقدم تخريجه في صفحة 266.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ، رحمه الله، في مالِ المُرْتَدِّ إذا مات أو قُتِلَ على رِدَّتِه، فرُوىَ عنه أنَّه يكونُ فَيئًا في بيتِ مالِ المسْلِمين. قال القَاضي: وهو الصحيحُ في المذْهَبِ. وبه قال ابنُ عباسٍ، ورَبيعَةُ، ومالِكٌ، وابنُ أبي لَيلَى، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المنذرِ. وعن أحمدَ ما يدُلُّ على أنَّه لوَرَثَتِه مِن المُسْلمين. يُرْوَى ذلك عن أبي بكرٍ الصِّديقِ، وعليٍّ، وابنِ مسعودٍ، رضي الله عنهم. وبه قال سعيدُ بنُ المسيَّب، وجابِرُ بنُ زيدٍ، والحسنُ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وعطاءٌ، والشَّعْبِيُّ، والحَكَمُ، والأوْزاعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، وابنُ شُبْرُمَةَ، وأهْلُ العراقِ، وإسْحاقُ. إلَّا أنَّ الثَّوْرِيَّ، وأبا حنيفَةَ، واللُّؤْلُؤِيَّ، وإسْحاقَ، قالوا: ما اكْتَسَبه في رِدَّتِه يكونُ فَيئًا. ولم يُفَرِّقْ أصْحابُنا بين تِلادِ مالِه وطَارِفِه. ووجْهُ ذلك، أنَّه قَوْلُ الخليفَتَين الراشدَين، فإنَّه يُرْوَى عن زيدِ بنِ ثابتٍ قال: بَعَثَنِي أبو بكرٍ عِنْدَ رجوعِهِ إلى أهْلِ الرِّدَّةِ أن أقْسِمَ مالهم بينَ وَرَثَتِهم المُسْلِمين. ولأنَّ رِدَّتَه يَنْتَقِلُ بها مالُه، فوجَبَ أنْ يَنْتَقِلَ إلى وَرَثَتِه مِن المُسْلمين، كما لو انْتَقَلَ بالموتِ. ورُوِيَ عنه رِوايةٌ ثالِثَةٌ، أنَّه يكونُ لأهْلِ الدِّينِ الذي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اخْتارَه إن كان منهم مَن يَرِثُه وإلَّا فهو فَيْءٌ. وبه قال داودُ. ورُوِيَ ذلك عن عَلْقَمَةَ، وسعيدِ بنِ أبي عَرُوبَةَ (1)؛ لأنَّه كافِر، فَوَرِثَه. أهْلُ دينِه، كالحَرْبِيِّ وسائِرِ الكفَّارِ. والمشهورُ الأوَّلُ؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكافِرَ، ولا الكافِرُ المسْلِمَ» . وقولِه: «لا يَتَوَارَثُ أهْلُ مِلَّتَينِ شَتَّى» . ولأنَّه كافِرٌ، فلا يَرِثُه المسْلِمُ، كالكافِرِ الأصْلِيِّ، ولأنَّ ماله مالُ مُرْتَدٍّ، فأشْبَهَ الذي كَسَبَه في رِدَّتِه، ولا يُمْكِنُ جَعْلُه لأهْلِ دينِه؛ لأنَّه لا يَرِثُهم، فلا يَرِثُونَه، كغيرِهم مِن أهْلِ الأدْيانِ، [ولأنَّه يُخالِفُهم في حُكْمِهم، فإنَّه لا يُقَرُّ على ما انْتَقَلَ إليه، ولا تُؤْكَلُ ذبِيحتُه، ولا يَحِل نِكاحُه إن كان امْرَأةً، فأشْبَهَ الحرْبِيَّ مع الذِّمِّيِّ](2). فإن قيل: إذا جَعَلْتُموه فَيئًا فقد ورَّثْتُموه للمسلمين. قلنا: لا يأْخُذُونه ميراثًا، بل يأْخُذُونَه فَيئًا، كما يُؤْخَذُ (3) مالُ الذِّمِّيِّ الذي لم يُخَلِّفْ وارِثًا، وكالعُشورِ.
فصل: قد ذكرنا أنَّ الزِّنْدِيقَ كالمُرْتَدِّ، لا يَرِثُ ولا يُورَثُ. وقال
(1) سعيد بن أبي عروبة (مهران) العدوي، مولاهم، الإمام الحافظ، عالم أهل البصرة، ثقة، توفي سنة ست وخمسين ومائة. سير أعلام النبلاء 6/ 413 - 418.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «يأخذ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مالكٌ في الزِّنْدِيقِ الذي يُتَّهَمُ بزَيِّ (1) وَرَثَتِه عندَ موتِه: مالُه لوَرَثَتِه مِن المُسْلمين، مثل مَن يَرْتَدُّ إذا حضَرَه الموتُ. قال: وتَرِثُه زوجَتُه سواءٌ انْقَضَتْ عِدَّتُها أو لم تَنْقَضِ، كالذي يُطَلِّقُها زوجُها في مَرَضِ موتِه ليَحْرِمَها الميراثَ؛ لأنَّه فارٌّ مِن ميراثِ مَن (2) انْعَقَدَ سَبَبُ (3) ميراثِه، فوَرِثَه، كالمُطَلَّقَةِ (4) في مرضَ الموتِ. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الكافِرَ» . قال شيخُنا (5): وقياسُ المذهبِ أنَّ أحدَ الزوجَين إذا ارْتَدَّ في مَرَضِ موتِه ورِثَه الآخَرُ؛ لأنَّه فعَل ما يَفْسَخُ النِّكاحَ في مَرَضِ موتِه، أشْبَه الطَّلاقَ، وفِعْلُ المرْأةِ ما يفْسَخُ نِكاحَها لا يُسْقِطُ مِيراثَ زَوْجِها. ويُخَرَّجُ في ميراثِ سائِرِ الورثَةِ مثلُ ما في الزَّوْجَين، فيكونُ مثلَ مذهبِ مالكٍ. وقال أبو يوسفَ: إذا ارتَدَّتِ المَريضةُ فماتت في عِدَّتِها أو لحِقَتْ بدارِ الحربِ، ورِثَها زوجُها. وروَى اللَّؤْلُؤيُّ عن أبي حنيفَةَ:
(1) في م: «بذمي» . وبزي: أي بحرمان.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «بسبب» .
(4)
في م: «كالمطلق» .
(5)
في: المغني 9/ 163.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا ارْتَدَّ الرجلُ فقُتِلَ على رِدَّتِه أو لَحِقَ بدارِ الحربِ بانَتْ منه امْرَأتُه، فإن كانت مدْخولًا بها ورِثَتْه في عِدَّتِها، وإن كانت غيرَ مدْخولٍ بها بانَت ولم تَرِثْه. وإنِ ارتَدَّتِ المرْأةُ في غيرِ مَرَضٍ فماتَتْ لم يَرِثْها زوجُها؛ لأنَّها عندَهم لا تُقْتَلُ، فلم تكنْ فارَّةً مِن ميراثِه، بخلافِ الرَّجُلِ.
فصل: وارْتِدادُ الزوجَين معًا كارْتِدادِ أحَدِهما، في فَسْخِ نكاحِهما، وعَدَمِ مِيراثِ أحَدِهما مِن الآخَرِ، سواءٌ لَحِقا بدارِ الحربِ أو أقَاما بدارِ الإِسْلامِ. وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: إذا ارتدَّا معًا لم يَنْفَسِخِ النِّكاحُ، ولم يتَوارَثا؛ [لأنَّ المُرْتَدَّ لا يَرِثُ المُرْتَدَّ ما داما في دارِ الإِسلامِ، فإن لَحِقا بدارِ الحربِ توارثا](1). ولَنا، أنَّهما مُرْتَدَّان، فلم يَتَوارَثا، كما لو كانا في دارِ الإِسْلامِ. ولو ارْتدَّا جميعًا ولهما أولادٌ صغارٌ، لم يَتْبَعوهم في رِدَّتِهم، ولم يَرِثُوا منهم شيئًا، ولم يَجُزِ اسْتِرْقاقُهم، سواء ألحَقُوهم بدارِ الحربِ أو لا. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: مَن ألْحَقُوه بدارِ الحرْبِ منهم يصيرُ مُرْتَدًّا يجوزُ سَبْيُه،
(1) سقط من: م.
فَصْلٌ: وَإنْ أَسْلَمَ الْمَجُوسُ أوْ تَحَاكَمُوا إِلَينَا وُرِّثُوا بِجَميِعِ قَرَابَاتِهِمْ.
ــ
ومَن لم يُلْحِقُوه بدارِ الحرْبِ فهو في حُكْمِ الإِسْلامِ. فأمَّا مَن وُلِدَ بعدَ الرِّدَّةِ بستةِ أشْهُرٍ، فذكرَ الخِرَقِيُّ ما يدلُّ على أنَّه يجوزُ اسْتِرْقاقُه. وهو قولُ أبي حنيفةَ، وأحدُ قَوْلَي الشافعيِّ. والقولُ الثَّانِي، لا يُسْبَوْنَ. وهو منصوصُ الشافعيِّ.
فصل: قال الشَّيخُ، رضي الله عنه؛ (وإن أسْلَمَ المجُوسُ أو تَحاكَمُوا إلينا وُرِّثُوا بجميعِ قَراباتِهم) إن أمْكَنَ ذلك. نصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ عمرَ، وعليٍّ، وابنِ مسعودٍ، وابنِ عباسٍ، وزيدٍ في الصَّحيحِ عنه. وبه قال الثَّوْرِيُّ، والنَّخَعِيُّ، وقَتَادَةُ، وابنُ أبي لَيلَى، وأبو حنيفَةَ وأصحابُه، ويحيى بنُ آدمَ، وإسحاقُ، وداودُ، والشافعيُّ في أحَدِ قَوْلَيه. واختارَه ابنُ اللَّبَّانِ. وعن زيدٍ، أنَّه وَرَّثَه بأقْوَى القرابَتَينِ، وهي التي لا تَسْقُطُ بحالٍ. وبه قال الحسَنُ، والزُّهْرِيّ، والأوْزَاعِيُّ، ومالِكٌ، واللَّيثُ، وحَمّادٌ. وهو الصَّحِيحُ عن الشافعيِّ. وعن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، ومَكْحولٍ، والشَّعْبِيِّ، القولان جميعًا، واحْتَجُّوا بأنَّهما قَرابتان لا يُورَثُ بهما في الإِسلامِ، فلا يُورَثُ بهما في غيرِه، كما لو أسْقَطَتْ إحْداهما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأُخْرَى. ولَنا، أنَّ الله تعالى فَرَض للأُمِّ الثُّلُثَ وللأُخْتِ النِّصْفَ، فإذا كانتِ الأُمُّ أُخْتًا وَجَب إعْطاؤُها ما فَرَض اللهُ تعالى لها في الآيَتَين (1)، كالشَّخصين، ولأنَّهما قَرابتان تَرِثُ بِكُلِّ واحدةٍ منهما مُنْفَرِدةً، لا تَحْجُبُ إحداهما الأُخْرَى ولا تُرَجَّحُ بها، فتَرِثُ بهما مُجْتمِعتَين، كَزَوْجٍ هو ابنُ عَمٍّ، أو ابنِ عَمٍّ هو أخٌ لأُمٍّ، وكذَوي (2) الأرْحامِ المُدْلِين بقرابَتَين. وقياسُهم فاسدٌ؛ لأنَّ القرابتَينِ في الأصْلِ تُسْقِطُ إحْداهما الأُخْرى إذا كانا في شخصين، فكذلِك إذا كانا في شخصٍ واحدٍ. وقولُهم: لا يُورَثُ بهما في الإِسْلامِ. ممنوعٌ، فإنَّه إذا وُجِدَ ذلك مِن وَطْءِ شبْهةٍ في الإِسلامِ وَرِثَ بهما، ثم إن امْتِناعَ الإِرْثِ بهما في الإسلامِ لعَدَمِ وجودِهما، فلو تُصُوِّرَ وجودُهما وَرِثَ بهما، بدليلِ أنَّه قد وَرِثَ بنَظِيرِهما في ابنِ عَمٍّ هو زَوجٌ أو أخٌ مِن أُمٍّ. قال ابنُ اللَّبَّانِ: واعتبارُهم عندي فاسِدٌ مِن قِبَلِ أنَّ الجَدَّةَ تكونُ أُخْتًا لأبٍ، فإن وَرَّثُوها بكونِها جَدَّةً لكونِ الابنِ يُسْقِطُ الأُخْتَ دونَها، لَزِمَهم تَوْرِيثُها بكَوْنِها أُخْتًا، لكَوْنِ الأُمِّ تُسْقِطُ الجدَّةَ دونَها، وخالفوا نَصَّ الكتابِ في فَرْضِ الأُختِ، وورَّثُوا الجَدّةَ التي لا نَصَّ للكتابِ في فرْضِها، وهو مُخْتَلَفٌ فيه (3)، فمنهم مَن قال: هو طُعْمَةٌ
(1) في م: «الاثنين» .
(2)
في م: «لذوي» .
(3)
في م: «فيهم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وليس بفَرْضٍ مُسَمًّى ويَلْزَمُهَم أنَّ الميِّتَ إذا خَلَّف أُمَّه وأمَّ أُمٍّ هي أُخْتٌ أن لا يُؤْتوها شيئًا؛ لأن الجُدودَةَ محْجوبَةٌ، وهي أقْوَى القرابتين. [وإن قالوا: نُوَرِّثُها مع الأم بكونِها أختًا. نقضوا اعتبارَهم بكونِها أقوى القرابتين] (1)، وجعلوا الأُخوَّةَ تارةً أقْوى وتارةً أضْعَفَ. وإن قالوا: أقْوَى القرابتين الأخُوَّةُ؛ لأنَّ ميراثَها أوْفَرُ. لَزِمَهم في أُمٍّ هي أخْتٌ جَعْلُ الأُخوَّةِ أقْوَى مِن جِهَةِ الأُمومَةِ، ويَلْزَمُهم في إسْقاطِ ميراثِها (2) مع الابنِ والأخِ مِن الأبَوين ما لَزِمَ القائلين بتَقْديمِ الجُدودَةِ مَع الأُمِّ. فإن قالوا: تَوْرِيثُها بالقَرابتَينِ يُفْضِي إلى حَجْبِ الأمِّ بنَفْسِها إذا كانت أُخْتًا وللميِّتِ أُختٌ أُخْرَى. قلنا: وما المانِعُ مِن هذا؟ فإنَّ اللهَ تعالى حَجَب الأُمَّ بالأُختين بقولِه: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} (3). مِن غيرِ تَقْيِيدٍ بغيرِها، ثم هم قد (4) حَجَبُوها عن ميراثِ الأُختِ بنَفْسِها، فقد دَخَلوا فيما أنْكَرُوه، بل هو أعْظَمُ؛ لأنَّهم فَرُّوا مِن حَجْبِ التَّنْقِيصِ إلى حَجْبِ الإِسْقاطِ، فأسْقَطوا الفَرْضَ الذي هو أوْكَدُ بالكُلِّيَّةِ مُحافَظةً على بعضِ الفَرْضِ (5) الأدْنَى، وخالفوا مَدْلُولَ أرْبَعَةِ نُصوصٍ مِن كتابِ اللهِ
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
(3)
سورة النساء 11.
(4)
سقط من: م.
(5)
في م: «الغرض» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تعالى؛ لأنَّهم أعْطَوُا الأُمَّ الثُّلُثَ، وإنَّما فَرَض اللهُ تعالى لها مع الأُختين السُّدْسَ. والثَّاني، أنَّ اللهَ تعالى إنَّما فَرَض لِكُلِّ واحِدَةٍ مِن الأُختين ثُلُثًا، فأعْطَوْا إحداهما النِّصْفَ كامِلًا. والثَّالثُ، أنَّ اللهَ تعالى فَرَض للأُختين الثُّلُثَين، وهاتان أُخْتان، فلم يَجْعلوا لهما الثُّلُثَينِ. الرَّابع، أنَّ مُقْتَضى الآيَةِ أن يكونَ لِكُل واحِدَةٍ مِن الأُختينِ الثُّلُثُ، وهذه أُخْتٌ، فلم يُعْطُوها بكونِها أُخْتًا شَيئًا. هذا كُلُّه معنى كلامِ ابنِ اللَّبَّانِ.
فصل: والمسائِلُ التي يَجْتَمِعُ فيها قَرابَتان ويَصِحُّ الإِرْثُ بهما سِتٌّ؛ إحْداهُنَّ في الذُّكورِ، وهو عَمٌّ هو أخٌ لأُمٍّ، وخَمْسٌ في الإناثِ، وهي بنتٌ هي أخْتٌ، أو بنتُ ابنٍ، وأُمٌّ هي أُخْتٌ، وأمُّ أُمٍّ هي أَخْتٌ لِأبٍ، وأُمُّ أبٍ هي أُخْت لأُمٍّ، فمَن وَرَّثَهم بأقْوَى القَرابتين، وَرَّثَهم بالبُنُوَّةِ والأُمُومَةِ دُونَ الأُخوةِ وبُنُوَّةِ الابنِ. واخْتَلفوا في الجَدَّةِ إذا كانت أُخْتًا؛ فمنهم مَن قال: الجُدودةُ أقْوَى؛ لأنَّها جِهَةُ ولادَةٍ لا تَسْقُطُ بالوَلَدِ. ومنهم مَن قال: الأُخُوَّةُ أقْوَى؛ لأنَّها أكْثَرُ مِيراثًا. وقال ابنُ سُرَيجٍ (1) وغيرُه: هو الصّحيحُ. ومَن وَرَّثَ بأقْوى القرابَتَينِ لَم يَحْجُبِ الأُمَّ بأُخُوَّةِ نفسِها، إلَّا ما حَكاه سَحْنُونُ عن مالكٍ، أنَّه حَجَبها بذلك. والصَّحِيحُ عنه الأوَّلُ. ومَن وَرَّثَ بالقرابتينِ حَجَبَها بِذلك. ومتى كانتِ البنتُ أُخْتًا، والميِّتُ
(1) في م: «شريح» .