الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنِ اسْتَكمَلَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَينِ سَقَطَ بَنَاتُ الابْن، إلا أن يَكُونَ مَعَهُنَّ أوْ أُنْزَلَ مِنهُنَ ذَكَرٌ فَيُعَصِّبَهُنَّ فِيمَا بَقِيَ.
ــ
اسْتَكْمَلَ البَنَاتُ الثُّلُثَين، إلا أنَّه ناقَضَ (1) في المُقاسَمَةِ إذا كانت أَضرَّ بهنَّ، وكان يَنْبَغِي أن يُعْطِيَهُنَّ السُّدْسَ على كلِّ حالٍ. ولنا، قولُ اللهِ تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَينِ} . ولأنَّهُ يقاسِمُهما لو لم يَكُنْ غيرُهما، فقاسَمَهما مع بنتِ الصُّلْبِ، كما لو كانتِ المُقاسَمَةُ أضرَّ بهنَّ. ولا يَصِحُّ أصلُه الذي بَنى عليه، كما قدَّمنا.
2802 - مسألة: (وإنِ اسْتَكْمَلَ البَنَاتُ الثُّلُثَين سَقَط بَناتُ الابنِ، إلَّا أن يَكُونَ مَعَهُنَّ أو أنْزَلَ مِنْهُنَّ ذَكَرٌ فَيُعَصِّبَهُنَّ فِيمَا بَقِيَ)
أجمَعَ أهلُ العلمِ على ذلك؛ لأنَّ اللهَ تعالى لم يَفْرِضْ للأولادِ إذا كانوا نِساءً إلَّا الثُّلُثَين، قَلِيلاتٍ كُنَّ أو كَثيراتٍ، وهؤلاء لم يَخْرُجْنَ عن كَوْنِهِنَّ نساءً مِن الأولادِ، وقد ذَهَب الثُّلُثان لولَدِ الصُّلبِ، فلم يَبْقَ لهُنَّ شَيْءٌ، ولا يُمكِنُ أن يُشارِكْنَ بناتِ الصُّلْبِ؛ لأنَّهنَّ دُونَ دَرَجَتِهِنَّ. فإن كان مع بناتِ الابنَ ابنٌ في دَرَجتِهنَّ؛ كأخيهِنَّ أو ابنَ عَمِّهِنَّ، أو أنْزَلَ منهنَّ؛ كابنَ أخِيهنَّ أو ابنِ ابنِ عَمِّهنَّ أو ابنِ ابنِ ابنِ عمِّهِنَّ، عَصَّبَهُنَّ في الباقي فجُعِلَ بينَهم، للذَّكرِ مِثلُ حظِّ الأُنثَيَين. وهذا قولُ عامَّةِ العُلماءِ. يُرْوَى ذلك عن عليٍّ، وزيدٍ، وعائشةَ، رضي الله عنهم. وبه قال مالكٌ،
(1) في م: «ناقص» وغير منقوطة في المخطوطة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثَّورِيُّ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأصحابُ الرَّأْي. وبه قال سائرُ الفُقهاءِ إلَّا ابنَ مسعودٍ ومَن تَبِعَه، فإنَّه خالفَ الصحابةَ في ستِّ مَسائلَ مِن الفَرائضِ، هذه إحْداهُنَّ، فجعلَ الباقِيَ للذَّكرِ دونَ أخَواتِه. وهو قولُ أبي ثَوْرٍ، لأنَّ النساءَ مِن الأولادِ لا يَرِثْنَ أكثَرَ مِن الثُّلُثَين، بدَليلِ ما لو انْفَرَدْنَ، وتَوريثُهنَّ ههُنا يُفْضِي إلى تَوريثِهنَّ أكثرَ مِن ذلك. ولَنا، قولُ الله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَينِ} وهؤلاء يَدْخُلونَ في عُمومِ هذا اللفظِ، بدَليلِ تَناوُلِه لهم لو لم يَكُنْ بنات، وعدمُ البناتِ لا يُوجِبُ لهم هذا الاسْمَ. ولأنَّ كلَّ ذكرٍ وأُنثى يَقْتَسمُون المال إذا لم يكُنْ معهم ذو فَرْض، يجِبُ أن يَقْتَسِما الفاضِلَ عنه؛ كأولادِ الصُّلبِ، والإخْوةِ مع الأخواتِ. وما ذَكروه فهو في الاسْتِحْقاقِ للفَرْضِ، فأمّا في مَسْألتِنا فإنَّما يَسْتحِقون بالتَّعْصِيبِ، فكانَ مُعْتَبَرًا بأولادِ الصُّلبِ والإخوةِ والأخواتِ، ثُمَّ يَبْطُلُ ما ذَكرُوه بما إذا خلَّفَ ابنًا وسِتَّ بَناتٍ، فإنهُنَّ يَأْخُذْنَ ثَلاثةَ أرباعِ المالِ. وإن كُنَّ ثمانيًا أخذْنَ أَربعةَ أخماسِه. وإن كُنَّ عَشْرًا أخَذْنَ خَمسةَ أسْداسِه. وكُلَّما زِدْنَ في العَدَدِ زاد اسْتِحْقاقُهُنَّ.
فصل: وحُكمُ بَناتِ ابنِ الابنِ مع بَناتِ الابنِ حُكْمُ بَناتِ الابنِ مع بَناتِ الصُّلْبِ، في جَميعِ ما ذَكَرْنا في هاتين المَسْألَتَينِ، وفي أَنَّه متى اسْتَكْمَلَ مَن فوقَ السُّفلى الثُّلُثَينِ سَقَطَتْ إذا لم يكُنْ لها مَن يُعَصِّبُها، سواءٌ كَمَلَ الثُّلثان لِمن في درجةٍ واحدةٍ أو للعُلْيا والتي تَلِيها.
فصلٌ: وَفَرْضُ الْأخَوَاتِ مِنَ الْأبَوَينِ مِثْلُ فَرْضِ الْبَنَاتِ سَوَاءٌ، وَالْأَخَوَاتُ مِنَ الْأَبِ مَعَهُنَّ كَبَنَاتِ الابْنِ مَعَ الْبَنَاتِ سَوَاءٌ، إلا أَنَّهُنَّ لَا يُعَصِّبُهُنَّ إلا أخُوهُنَّ.
ــ
وكذلك كلُّ مَن نزلَتْ دَرجتُه مع مَن هو أعْلَى منه.
فصل: (وفَرْضُ الأخَواتِ مِن الأبَوَين كفَرْضِ البَناتِ سواءٌ، إلَّا أنَّه لا يُعَصِّبُهُنَّ إلَّا أخُوهُنَّ) يَعْنِي أنَّ للواحِدَةِ مِن الأخَواتِ للأبَوَين النِّصفَ، وللأخْتَين فما زاد الثُّلُثان. فإن كانت أُخْتٌ لأبَوَين وأختٌ أو أخواتٌ لأب، فلهُنَّ باقي الثُّلُثَين، وذلك السُّدْسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَين (كبَناتِ الابنِ مع البَناتِ) فيما ذَكَرْنا. وإن لم يَكُنْ للمَيِّتِ أخَواتٌ لأبَوَين وكان له أخَواتٌ لأبٍ، فلهُنَّ حُكْمُهُنَّ، للواحِدَةِ النصفُ وللأخْتَين فما زاد الثُّلُثان، وهذا لا خلافَ فيه بينَ أهلِ العلمِ. فإنِ اسْتَكْمَلَ الأخَواتُ للأبوَين الثُّلُثَين سَقَط الأخواتُ للأبِ، إلَّا أن يَكُونَ مَعَهُنَّ أخوهُنَّ فَيُعَصِّبَهُنَّ فيما بَقِيَ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَينِ. وخالفَ ابنُ مَسْعودٍ في ذلك ومَن تَبِعَه (1) سائرَ الصحابةِ والفُقهاءِ، فقال: إذا اسْتَكْملَ الأخَواتُ للأبَوين الثُّلُثَين، فالباقِي للذُّكورِ مِن ولدِ الأبِ دُونَ الإِناثِ. فإن كانت أُخت لأبَوَين وإخْوةٌ وأخواتٌ لأبٍ، جَعَل للإِناثِ مِن وَلدِ الأبِ الأضَرَّ بِهِنَّ؛ مِن المُقاسَمَةِ أو السُّدْسِ، وجَعَل الباقيَ للذُّكورِ، كما فَعلَ في ولدِ الابنَ مع البناتِ، وقد ذَكَرْناه.
(1) بعده في م: «من» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأمّا فَرْضُ الثُّلُثَين لِلأُخْتَينِ فصاعدًا، والنِّصْفِ للواحِدةِ المُفْرَدةِ، فثابتٌ بقولِ الله تعالى:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَينِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} (1). والمرادُ بهذِه الآيةِ ولدُ الأبوَين وولَدُ الأب بإجْماعِ أهلِ العلمِ. وعن جابرٍ، قال: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، كيفَ أَصْنَعُ في مالِي ولي أخَواتٌ؟ قال: فنزلَتْ آيةُ الميراثِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} الآية. رَواه أبو داودَ (2). ورَوَى أنَّ جابرًا اشْتَكَى وعندَه سَبْعُ أخَواتٍ، فقال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ أنْزَلَ اللهُ عز وجل فِي أخَواتِكَ» (3). فبيَّنَ لهُنَّ الثُّلُثَين. وما زاد على الاثنَتَين في حكمِهما، لأنَّه إذا كان للأُخْتين الثُّلُثان، فالثَّلاثُ أُخْتان فَصاعدًا. وأمّا سُقوطُ الأخَواتِ مِن الأبِ باسْتِكْمالِ ولدِ الابوين الثُّلُثَين، فلأنَّ اللهَ تعالى
(1) سورة النساء 176.
(2)
في: باب في الكلالة، من كتاب الفرائض. سنن أبي داود 2/ 107.
كما أخرجه البخاري، في: باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه، من كتاب الرضوء، وفي: باب دعاء العائد للمريض، من كتاب المرضى، وفي: باب قول الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ. . . .} ، من كتاب الفرائض، وفي: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل مما لم ينزل عليه الوحي. . . .، من كتاب الاعتصام. صحيح البخاري 1/ 60، 7/ 157، 8/ 185، 9/ 124. ومسلم، في: باب ميراث الكلالة، من كتاب الفرائض. صحيح مسلم 3/ 1234، 1235. والترمذي، في: باب ميراث الأخوات، من أبواب الفرائض. عارضة الأحوذي 8/ 249. وابن ماجه، في: باب الكلالة، من كتاب الفرائض. سنن ابن ماجه 2/ 911. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 298.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب من كان ليس له ولد وله أخت، من كتاب الفرائض. سنن أبي داود 2/ 108. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 372.