الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ، يَرِثْنَ مَا فَضَلَ كَالإخْوَةِ، وَلَيسَتْ لَهُنَّ مَعَهُن فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ.
ــ
إنَّما فَرَض للأخَواتِ الثُّلُثين، فإذا أخَذَه ولدُ الأبَوَين لم يَبْقَ مما فَرَضَه اللهُ للأخَواتِ شيءٌ يَسْتَحِقُّه ولدُ الأبِ، فإن كانت واحدةٌ مِن أبوَين، فلها النِّصْفُ بنَصِّ الكتابِ، و (1) بَقِيَ من الثُّلُثَين المَفْروضَةِ، للأخَواتِ سُدْسٌ، يُكَمَّلُ به الثُّلُثَان، فيكونُ للأخَواتِ للأبِ. ولذلك قال الفُقَهاءُ: لَهُنَّ السُّدْسُ تَكْمِلةُ الثُّلثينِ. فإن كان ولدُ الأبِ ذُكورًا وإناثًا فالباقِي بينَهم؛ لقولِ الله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَينِ} . ولا يُفارِقُ ولدُ الأبِ مع وَلدِ الأبَوين ولدَ الابنِ مع ولدِ الصُّلْب، إلَّا في أنَّ بنتَ الابنِ يُعَصِّبُها ابنُ أخيها، [وهو أنزلُ منها، وابنُ عَمِّها](2)، والأُختُ مِن الأبِ لا يُعَصِّبُها إلَّا أخُوها، فلو اسْتكْمَلَ الأخَواتُ مِن الأبوين الثُّلُثَين وثَمَّ أخَوات لأبٍ وابنُ أخٍ لهُنَّ، لم يَكُنْ للأخواتِ للأبِ شيءٌ، وكان الباقِي لابنِ الأخِ؛ لأنَّ ابنَ الابنِ وإن نَزَلَ ابنٌ، وابنَ الأَخَ ليس بأخٍ.
2803 - مسألة: (والأخَواتُ مع البنات عَصَبَةٌ، يَرِثْنَ ما فَضَل كالإِخْوةِ، وليستْ لهُنَّ معهُنَّ فريضةٌ مُسَمّاةٌ)
المُرادُ بالأخَواتِ ها هنا الأخَواتُ مِن الأبوَين أو مِن الأبِ؛ لأنَّ ولدَ الأمِّ يَسْقُطْنَ بالوَلَدِ ووَلَدِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الابنِ. وسنَذْكُرُ ذلك إن شاء الله تعالى. وهذا قولُ عامَّةِ أهلِ العلمِ، يُرْوَى ذلك عن عمرَ، وعليٍّ، وزيدٍ، وابن مسعودٍ، ومعاذٍ، وعائشةَ، رضي الله عنهم. وإليه ذَهَب عامَّةُ الفقهاءِ إلَّا ابنَ عباسٍ ومن تابعه، فإنَّه رُوِيَ عنه أنه لا يَجْعَلُ الأخَواتِ مع البناتِ عَصَبَةً، وقال ليس بنتٍ وأُخْتٍ: للبنتِ النِّصفُ، ولا شيءَ للأُخْتِ. فقيل له: إن عمرَ قَضَى بخلافِ ذلك، جَعَل للأُخْتِ النِّصفَ. فقال ابنُ عباسٍ: أنتم أعْلَمُ أمِ اللهُ (1)؟. يريدُ قولَه سبحانه وتعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} . فإنَّما جَعَل لها المِيراثَ بشَرْطِ عدمِ الوَلدِ. والحقُّ فيما ذَهَب إليه الجمهورُ، فإنَّ ابنَ مسعودٍ قال في بنتٍ وبنتِ ابنٍ وأختٍ: لأقْضِيَنَّ فيها بقَضاءِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ للبنتِ النِّصفُ، ولبنْتِ الابنِ السُّدْسُ، وما بَقِيَ فللأُخْتِ. رواه البخاريُّ، وغيرُه (2). واحْتِجاجُ ابنِ عباس لا يَدُلُّ على ما ذَهَب إليه، بل يَدُلُّ على أنَّ الأخْتَ لا يُفْرَضُ لها النِّصفُ مع الولدِ، ونحن نَقُولُ به، فإنَّ ما يَأْخُذُه مع البِنْتِ ليس بفرْضٍ وإنَّما هو بالتَّعْصِيبِ، كميراثِ الأخِ. وقد وَافَقَ ابنُ عباسٍ على ثُبُوتِ مِيراثِ الأخِ مع الوَلدِ مع قولِه تعالى:{وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} . وعلى قِياسِ قولِه يَنْبَغِي أن يَسْقُطَ الأخُ؛ لاشْتِراطِه في تَوْريثِه منها عَدَمَ الوَلدِ، وهو خِلافُ الإجماعِ، ثم إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم هو المُبَيِّنُ لكلامِ اللهِ تعالى،
(1) تقدم تخريجه في صفحة 72.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 70.
فصلٌ: وَلِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الأمِّ السُّدْسُ، ذَكَرًا كَانَ أوْ أُنْثَى، فَإن كَانَا اثْنَينِ فَصَاعِدًا فَلَهُمُ الثُّلُثُ بَينَهُمْ بِالسَّويَّةِ.
ــ
وقد جَعَل للأُخْتِ مع البِنْتِ وبِنْتِ الابنِ الباقيَ عن فَرْضِهما، وهو الثُّلُثُ.
ولو كانتِ ابْنَتان وبِنْتُ ابن، سَقَطَت بِنْتُ الابنِ، وكان للأُخْتِ الباقي، وهو الثُّلُثُ. فإن كان معهم أمٌّ فلها السُّدْسُ، ويَبْقَى للأخْتِ السُّدْسُ. فإن كان بَدَلَ الأمِّ زَوْجٌ، فالمسألةُ مِن اثْنَيْ عَشرَ؛ للزَّوْجِ الرُّبْعُ، وللبِنْتَين الثُّلُثان، وبَقِيَ للأُخْتِ نِصْفُ السُّدْسِ. فإن كان معهم أمٌّ عالت إلى ثلاثةَ عَشَرَ وسَقَطَتِ الأُخْتُ.
فصل: (وللواحِدِ مِن وَلدِ الأم السُّدْسُ ذكرًا كان أو أنْثَى، فإن كانا اثْنَين فصاعِدًا فلهمُ الثُّلُثُ بينَهم بالسَّويَّةِ) أمّا اسْتِحْقاقُ الواحِدِ مِن وَلدِ الأمِّ السُّدْسَ فلا خلافَ فيه، ذكرًا كان أو أُنْثَى؛ لقولِ اللهِ تعالى:{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (1). يعني وَلدَ الأمِّ بإجماعِ أهلِ العلمِ، وفي قِراءَةِ سعدٍ وعبدِ اللهِ:(وَلَهُ أَخٌ أو أُخْتٌ مِن أُمٍّ)(2). وأمّا التَّسويَةُ بينَ وَلدِ الأمِّ فلا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، إلَّا رِوايةً شَذَّت عن ابنِ عباسٍ، أنَّه فَضَّلَ الذَّكَرَ على الأُنثَى؛ لقولِ اللهِ: {فَهُمْ شُرَكَاءُ
(1) سورة النساء 12.
(2)
أخرجه الدارمي في سننه 2/ 366. والبيهقي في سننه 6/ 231. وابن جرير في تفسيره 4/ 287. كلهم عن سعد.
فصلٌ فِي الْحَجْبِ: يَسْقُطُ الْجَدُّ بِالْأَبِ، وَكُلُّ جَدٍّ بِمَن هُوَ أقْرَبُ مِنْهُ، وَالْجَدَّاتُ بِالْأُمِّ، وَوَلَدُ الابنِ بِالابنِ،
ــ
فِي الثُّلُثِ}. وقال في آيةٍ أُخرى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَينِ} . ولنا، قولُ الله تعالى:{وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} . فسَوَّى بينَ الذَّكَرِ والأُنْثَى. وقولُه: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} . مِن غيرِ تَفْضِيلٍ، يَقْتَضِي التَّسويَةَ بينَهم، كما لو وَصَّى لهم بشيءٍ أو أقَرَّ لهم به. وأمّا الآيةُ الأخْرَى، فالمُرادُ بها وَلدُ الأبَوَين ووَلدُ الأبِ، بدليلِ أنَّه جَعَل للواحِدَةِ النِّصفَ، وللأثنَتَين الثُّلُثَين، وجَعَل الأخَ يَرِثُ أُخْتَه (1) الكَلَّ، وهذا مُجْمعٌ عليه، فلا عِبْرَةَ بقولٍ شاذٍّ.
فصل في الحَجْبِ: قال، رحمه الله:(يَسْقُطُ الجدُّ بالأبِ، وكُلُّ جدٍّ بمَن هو أقْرَبُ مِنه) قال ابنُ المنذِرِ: أجْمَعَ أهلُ العلمِ مِن أَصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم على أنَّ الجدَّ أبا الأبِ لا يَحْجُبُه عن الميراثِ غيرُ الأبِ. وكذلك كلُّ جدٍّ يَسْقُطُ بمن هو أقْرَبُ منه؛ لأنَّه يُدْلِي به، فهو كإسْقاطِ الجدِّ بالأب. (و) تَسْقُطُ (الجدّاتُ بالأمِّ) قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهلُ العلمِ على أَنَّ للجَدَّةِ السُّدْسَ إذا لم يكنْ للمَيِّتِ أُمٌّ. ولأنَّهُنَّ أُمّهاتٌ فسَقَطْنِ بالأُمِّ، كما يُسْقِطُ الأبُ الجدَّ. (و) يَسْقُطُ (وَلدُ الابنِ بالابنِ) لأنَّه
(1) في م: «أخاه» .