الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِلَل؛ الْيَهُودِيَّةُ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ، وَدِينُ سَائِرِهِمْ.
ــ
بعضُهم بعضًا] (1). وقولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «وهل تَرَك لَنَا عَقِيلٌ مِنْ دارٍ» (2). دليلٌ عَلى أنَّ عَقِيلًا وَرِثَ أبا طالبٍ دُونَ جَعْفَرٍ وعَلِيٍّ؛ لأنَّهما كانا مُسلِمَين، وكان عَقِيل على دينِ أبيه مُقيمًا بمكةَ، فكذلك لمّا قيل للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: أينَ تَنْزِلُ غدًا؟ قال: «وهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ» . وقال عمرُ في عَمَّةِ الأشْعَثِ بنِ قَيسٍ: يَرِثُها أهْلُ دينِها.
2850 - مسألة: (وهم ثلاثُ مِلَلٍ؛ اليهوديَّةُ، والنَّصرانيَّةُ، ودينُ سائِرِهم)
اخْتَلَفَتِ الروايةُ عن أحمدَ، رحمه الله، في ذلك، فرَوَى عنه حَرْبٌ أَنَّ الكُفْرَ كُلَّه ملةٌ واحِدَةٌ. اخْتارَها الخَلَّالُ. وبه قال حَمادٌ، وابنُ شُبْرُمَةَ، وأبو حنيفَةَ، والشافعيُّ، وداودُ؛ لأنَّ توْريثَ الآباءِ مِن الأبناءِ والأبناءِ مِن الآباءِ، مذكورٌ في كتابِ الله تعالى ذِكْرًا عامًّا، فلا يُتْرَكُ إلَّا فيما اسْتَثْناه الشَّرْعُ، وما لم يسْتَثْنِه يَبْقَى على العُموم. ولأنَّ قولَ اللهِ تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (3). عامٌّ في جميعِهم. ورُوِيَ عن أحمدَ أنَّ الكُفْرَ مِلَلٌ مُخْتَلِفَةٌ. اخْتارَه أبو بكرٍ. وهو قولُ كثيرٍ مِن أهْلِ العلمِ؛ لأنَّ قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لا يَتَوارَثُ أهْلُ مِلَّتَينِ شَتَّى» . ينْفي تَوارُثَهما ويَخُصُّ عمومَ الكتابِ، ولم نَسْمَعْ عن أحمدَ تصريحًا بذكرِ أقْسامِ المِلَلِ. وقال القاضي: الكفرُ ثَلاثُ مِلَلٍ؛ اليهوديَّةُ،
(1) سقط من: م.
(2)
تقدم تخريجه في 11/ 74.
(3)
سورة الأنفال 73.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والنَّصرانيَّةُ، ودينُ مَن عَدَاهم؛ لأنَّ مَن عَداهم يجْمَعُهم أنَّه لا كتابَ لهم. وهذا قولُ شُرَيحٍ، وعطاءٍ، وعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، والضَّحَّاكِ، والحَكَمِ، والثَّوْرِيِّ، واللَّيثِ، وشَرِيكٍ، ومُغِيرَةَ الضَّبيِّ، وابنِ أبي لَيلَى، والحسنِ بنِ صالحٍ، ووَكيعٍ. ورُوِيَ ذلك عن مَالِكٍ. وعن النَّخَعِيِّ والثَّوْرِيِّ، القَوْلانِ معًا. وما رُوِيَ عن أحمدَ أنَّه قال: الكُفْرُ مِلَلٌ مُخْتَلِفَةٌ. يَحْتَمِلُ أن يكونَ مِلَلًا كثِيرَةً تَزيدُ على ثَلاثٍ، فتكونُ المجوسِيَّةُ مِلَّةً، وعبدةُ الأوْثانِ ملةً، وعُبَّادُ الشمسِ ملَّةً، فلا يَرِثُ بعضُهم بعضًا. يُرْوَى ذلك عن عليٍّ. وبه قال الزُّهْرِيُّ، ورَبيعَةُ، وطائِفَةٌ مِن أهْلِ المدينةِ، وأهْل البَصْرةِ، وإسحاقُ. وهو أصَحُّ الأقوالِ، إن شاء الله. اخْتارَه شيخُنا (1)؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لا يَتَوارَثُ أهْلُ مِلَّتَين شَتَّى» . رَواه أبو داودَ. ولأنَّ كلَّ فريقَين منهم لا مُوَالاةَ بينَهم ولا اتِّفاقَ في دينٍ، فلم يَرِثْ
(1) انظر: المغني 9/ 157.