الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ أنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى مَا زَادَ عَنْ نَصِيبِهِ فَيَقْسِمُوهُ.
ــ
فعلى هذا، يكونُ في المسألَةِ روايتان. وإن عَلِمْنا أنَّ المفقودَ مات ولم نَدْرِ متى مات، رُدَّ الموقوفُ له إلى ورَثةِ الأوَلِ؛ لأنَّه مشكوكٌ في حياتِه، فلا نُوَرِّثه مع الشَّكِّ. واتَّفَقَ الفقهاءُ على أنَّه لا يَرِثُ المفقودَ إلا الأحياءُ مِن ورَثَتِه، وقد مَضَى ذكْرُه.
2841 - مسألة: (ولباقي الورثةِ أن يَصْطَلِحُوا على ما زاد عن نصيبِه فيَقْسِمُوه)
اخْتارَه ابنُ اللَّبَّانِ؛ لأنَّه لا يَخْرُجُ عنهم. وأنْكَرَ ذلك الوَنِّيُّ، وقال: لا فائِدَةَ في أن يَنْقُصَ بَعْضُ الوَرَثَةِ عَمّا يَسْتَحِقُّه في مَسْألَةِ الحياةِ وهي مُتَيَقَّنَةٌ، ثمَّ يُقَالُ له: لك أنْ تُصالِحَ على بَعْضِه. بل إن جاز ذلك، فالأوْلَى أن تُقْسَمَ المسألةُ على تَقْديرِ الحياةِ، ويَقِفَ نَصيبُ المَفْقودِ لا غيرُ. قال شيخُنا (1): والأوَّلُ أصَح إن شاءَ الله تعالى؛ فإنَّ الزّائِدَ عن نَصِيبِ
(1) في: المغني 9/ 189.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَفْقودِ مِن الموْقوفِ مَشْكوكٌ في مُسْتَحِقِّه، ويَقِينُ الحَياةِ مُتعارَضٌ بظُهورِ الموتِ، فيَنْبَغِي أن يُوَرَّثَ (1)، كالزّائِدِ عن اليَقينِ في مَسائِلِ الحَملِ والاسْتِهْلالِ. فعلى هذا، يجوزُ للوَرَثَةِ الموجودين الصُّلْحُ عليه؛ لأنَّه حَقُّهُم لا يَخْرُجُ عنهم، وإباحَةُ الصُّلْحِ عليه لا تَمْنَعُ وُجوبَ وَقْفِه، كما تَقَدَّمَ في نَظائِرِه، ووُجوبُ وَقْفِه لا يَمْنَعُ الصُّلْحَ عليه لذلك (2)، ولأنَّ تَجْويزَ أخْذِ الإِنْسانِ حَقَّ غَيرِه بِرِضاه وَصُلْحِه لا يَلْزَمُ منه جَوازُ أخْذِه بغيرِ إذْنِه. وظاهِرُ قَوْلِ الوَنِّيِّ هذا أنَّه يَقْسِمُ المسألَةَ علَى أنَّه حَيٌّ ويَقِفُ نَصيبَ المفقودِ لا غيرُ. وقال بعضُ أصْحابِ الشافعيِّ: يُقْسَمُ المالُ على الموجودين؛ لأنَّهم مُتَحَقَّقون، والمفقودُ مَشْكوكٌ فيه، فلا يُوَرَّثُ مع الشَّكِّ. وقال محمدُ بنُ الحسنِ: القولُ قَولُ مَن المالُ في يَدِه، فلو مات رجلٌ وخَلَّفَ ابْنَتَيه، وابنَ ابنٍ أبوه مَفْقُودٌ، والمالُ في أيدِي البِنْتَين، فاخْتَصَمُوا إلى القاضِي، فإنَّه لا يَنْبَغِي للقاضِي أن يُحَوِّلَ المال عن مَوْضِعِه ولا يَقِفَ منه شَيئًا، سواءٌ اعْتَرَفَ البنتانِ بفَقْده أو ادَّعيا موتَه، وإن كان المالُ في يَدِ ابنِ (3) المَفقودِ لم نُعْطِ الابنتين إلَّا النِّصْفَ، أقلُّ ما يكونُ لهما، فإن كان المالُ في يَدِ أجْنَبِيٍّ فأقَرَّ بأنَّ الابنَ مفْقُودٌ، وُقِفَ له النِّصْفُ على يَدَيهِ، وإن قال: قد مات المَفْقودُ. لَزِمَه دَفْعُ الثُّلُثَينِ إلى البِنْتَين، ويُوقَفُ الثُّلُثُ، إلَّا أن
(1) في النسختين: «يوقف» وانظر المغني 9/ 189.
(2)
في م: «كذلك» .
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُقِرَّ ابنُ الابنِ بموتِ أبيه، فيُدْفَعُ إليه الباقي. والجُمْهورُ على القولِ الأوَّلِ. مسائلُ ذلك: زَوْجٌ وأُمٌّ وأُخْتٌ وجَدٌّ وأَخٌ مَفْقودٌ، مسألةُ الموتِ مِن سَبْعَةٍ وعِشْرِين؛ لأنَّها الأكْدَرِيَّةُ، ومَسْألَةُ الحَياةِ مِن ثَمانِيَةَ عَشَرَ، وهما يَتَّفِقان بالأتساعِ، فتَضْرِبُ تُسْعَ إحداهما في الأخْرى تَكُنْ أرْبَعَةً وخَمْسِين، للزَّوْجِ النِّصفُ مِن مسألةِ الحَياةِ والثُّلُثُ مِن مسألةِ الموتِ، فيُعْطَى الثُّلُثَ، وللأُمِّ التُّسْعَانِ مِن مَسْألةِ الموتِ والسُّدْسُ مِن مسألةِ الحياةِ، فتُعْطَى السُّدْسَ، وللجَدِّ سِتَّةَ عَشَرَ سهْمًا مِن مسألةِ الموتِ وتِسْعَةٌ مِن مسألةِ الحياةِ، فيأْخُذُ التِّسْعَةَ، وللأُخْتِ ثَمانِيَةٌ مِن مسألةِ الموتِ وثَلاثَةٌ مِن مسألةِ الحياةِ، [فتَأْخُذُ ثَلاثَةً](1)، ويَبْقَى خَمْسةَ عَشَرَ مَوْقوفَةً، [إن بانَ الأخُ حيًّا أخَذَ سِتَّةً وأخَذَ الزَّوْج تِسْعَةً، وإن بانَ ميِّتًا أو مَضَتِ المُدَّةُ قَبْلَ قُدومِه](1) أخَذَتِ الأُمُّ ثَلاثَةً والأُخْتُ خَمْسَةً والجَدُّ سَبْعَةً. هذا على الرِّوايةِ التي تَقُولُ: إنَّ المَوْقوفَ للمَفْقودِ يُرَدُّ إلى وَرَثَةِ الأوَّلِ. واختار الخَبْرِيُّ أنَّ المُدَّةَ إذا مَضَتْ ولم يَتَبَيَّنْ أمْرُه، أنَّه يُقسَمُ نَصِيبُه مِن المَوْقوفِ على وَرَثَتِه وهو سِتَّةٌ، يَبْقَى تِسْعَةٌ. وهي الروايةُ الثانيةُ؛ لأنَّه كانَ محكومًا بحياتِه، لأنَّها اليَقينُ، وإنَّما حَكَمْنا بموتِه بمُضِيِّ المُدَّةِ. ووجه الأُولَى، أنَّه مالٌ مَوْقُوفٌ لِمَن يُنْتَظرُ مِمَّن لا نَعْلَمُ حاله، فإذا لم تَتَبَيَّنْ حياته، لم
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكنْ لورثتِه، كالموقوفِ للحَمْلِ. وللورثةِ أن يصْطَلِحُوا على التِّسعةِ قبلَ مُضِيِّ المُدَّةِ.
زوجٌ وأبَوان وابْنَتان مَفْقودَتان، مسألةُ حياتِهما مِن خمسةَ عَشَرَ، وفي حياة إحْداهما مِن ثلاثةَ عَشَرَ، وفي مَوْتِهما مِن سِتَّةٍ، فتَضْرِبُ ثُلُثَ السِّتَّةِ، وهي اثنان، في خمسةَ عشرَ ثم في ثلاثةَ عشرَ، تَكُنْ ثَلاثَمائةٍ وتِسعين، ثم تُعْطِي الزَّوْجَ والأبوَين حُقوقَهم مِن مسألةِ الحياةِ مضروبًا في اثْنَين ثم في ثلاثةَ عشرَ، وتَقِفُ الباقِيَ. وإن كان في المسألةِ ثلاثةٌ مَفْقُودون عَمِلْتَ (1) لهم أربعَ مَسائلَ. فإن كانوا أربعةً عَمِلْتَ لهم خَمْسَ مسائلَ. وعلى هذا، فإن كان المفقودُ يَحْجُبُ ولا يَرِثُ، كزوجٍ وأُخْتٍ لأبَوَين وأختٍ لأبٍ وأخٍ لها مَفْقُودٍ، وَقَفْتَ السُّبْعَ بينَهما وبينَ الزوجِ والأخْتِ مِن الأبوَينِ. وقيل: لا يُوقَفُ ههُنا شيءٌ، وتُعْطىَ الأُختُ مِن الأبِ السُّبْعَ؛ لأنَّها لا تُحْجَبُ بالشَّكِّ، كما لا تُوَرثُ بالشَّكِّ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ دَفْعَ السُّبْعِ إليها توْرِيثٌ بالشَّكِّ، وليس في الوَقْفِ حَجْبٌ يقينًا، إنَّما هو تَوَقُّفٌ عن صَرْفِ المالِ إلى إحْدَى الجِهَتين المَشْكُوكِ فيهما. ويُعارِضُ قولَ هذا القائِلِ قولُ مَن قال: إن اليقينَ حياتُه، فيُعْمَلُ على أنه حَيٌّ، ويُدْفَعُ المالُ إلى الزوجِ والأُخْتِ مِن (2) الأبَوَين. والتَّوَسُّطُ بما ذَكَرْناه
(1) سقط من: م.
(2)
في النسختين: «و» . وانظر المغني 9/ 191.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أوْلَى.
فصل: والأسيرُ كالمفقودِ إذا انْقَطع خبرُه، وإن عُلِمَتْ حياتُه وَرِثَ في قَولِ الجمُهورِ. وحُكِيَ عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ، والنَّخَعِيِّ، وقَتادَةَ، أنَّه لا يَرِث؛ لأنَّه عَبْدٌ. والصحيحُ الأولُ؛ لأنَّ الكفارَ لا يَمْلِكُون الأحْرارَ. واللهُ سبحانه وتعالى أعلمُ.