المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لِأَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى حَسَبِ الْمَوَارِيثِ (، وَلَوْ) (ذُبِحَتْ) قَبْلَ مَوْتِ - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٢

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[سُنَن الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُحَرِّمَ بِالْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌(بَابُ الذَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ الْمُبَاحِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمُحَرَّمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمَكْرُوهُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابٌ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌ الْعَقِيقَةِ وَحُكْمِهَا

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمِين وَشَرَائِطه]

- ‌[كَفَّارَة الْيَمِين]

- ‌(فَصْلٌ) فِي النَّذْرِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[بَابٌ الْجِهَادَ]

- ‌(فَصْلٌ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ

- ‌[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ]

- ‌[بَاب بَعْضُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ مِنْ الْأَحْكَامِ]

- ‌(بَابٌ) فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[أَقْسَام النِّكَاح الْفَاسِد]

- ‌[الْكِفَاءَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَوَانِعِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصَلِّ خِيَار أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا وَالْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ]

- ‌ مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْل وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فِرَاقهُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ

- ‌[الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلِ فِي شُرُوط الصَّدَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم تَنَازُع الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاح وَالصَّدَاق أَوْ مَتَاع الْبَيْت وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ]

- ‌[فَصَلِّ الْوَلِيمَة]

- ‌[فَصَلِّ الْقَسْم بَيْن الزَّوْجَات فِي الْمَبِيت]

- ‌ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَلَام عَلَى الْخُلْعِ]

- ‌(فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ)

- ‌[فَصَلِّ أَرْكَان الطَّلَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ)

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[بَاب الظِّهَار وَأَرْكَانَهُ وَكَفَّارَتَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[كِنَايَات الظِّهَار]

- ‌[بَاب اللِّعَان وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌ أَسْبَابُ اللِّعَانِ

- ‌[عدة الْحُرَّة]

- ‌(فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌بَابِ تَدَاخُلِ الْعَدَدِ

- ‌[بَاب أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب أَسْبَابَ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّفَقَةِ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةُ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَضَانَةِ]

الفصل: لِأَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى حَسَبِ الْمَوَارِيثِ (، وَلَوْ) (ذُبِحَتْ) قَبْلَ مَوْتِ

لِأَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى حَسَبِ الْمَوَارِيثِ (، وَلَوْ)(ذُبِحَتْ) قَبْلَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ (لَا) يَجُوزُ (بَيْعٌ) لَهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الذَّبْحِ (فِي دَيْنٍ) عَلَى الْمَيِّتِ لِتَعَيُّنِهَا بِالذَّبْحِ.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى‌

‌ الْعَقِيقَةِ وَحُكْمِهَا

فَقَالَ (وَنُدِبَ) لِأَبٍ مِنْ مَالِهِ (ذَبْحُ وَاحِدَةٍ) مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (تُجْزِئُ ضَحِيَّةً) فَشَرْطُهَا مِنْ سِنٍّ، وَعَدَمِ عَيْبِ صِحَّةٍ، وَكَمَالٍ كَالضَّحِيَّةِ (فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ) وَسَقَطَتْ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا بِغُرُوبِ السَّابِعِ (نَهَارًا) مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَنُدِبَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (وَأُلْغِيَ يَوْمُهَا) أَيْ يَوْمُ الْوِلَادَةِ فَلَا يُحْسَبُ مِنْ السَّبْعَةِ (إنْ سَبَقَ بِالْفَجْرِ) بِأَنْ وَلَدَهُ بَعْدَهُ فَإِنْ وُلِدَ مَعَهُ حُسِبَ (وَ) نُدِبَ، وَلَوْ لَمْ يَعُقَّ عَنْهُ حَلَقُ رَأْسَ الْمَوْلُودِ، وَلَوْ أُنْثَى، وَ (التَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ) ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ رَأْسَهُ تَحَرَّى زِنَتَهُ (وَجَازَ)(كَسْرُ عِظَامِهَا) ، وَلَا يُنْدَبُ، وَقِيلَ يُنْدَبُ لِمُخَالَفَةِ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ كَانُوا لَا يَكْسِرُونَ عِظَامَهَا، وَإِنَّمَا يَقْطَعُونَهَا مِنْ الْمَفَاصِلِ مَخَافَةَ مَا يُصِيبُ الْوَلَدَ بِزَعْمِهِمْ فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِنَقِيضِ ذَلِكَ (وَكُرِهَ)(عَمَلُهَا وَلِيمَةً) يَدْعُو النَّاسَ إلَيْهَا بَلْ تُطْبَخُ، وَيَأْكُلُ مِنْهَا أَهْلُ الْبَيْتِ وَغَيْرُهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ، وَلَا حَدَّ فِي الْإِطْعَامِ مِنْهَا وَمِنْ الضَّحِيَّةِ بَلْ يَأْكُلُ مِنْهَا مَا شَاءَ، وَيَتَصَدَّقُ، وَيُهْدِي بِمَا شَاءَ (وَ) كُرِهَ (لَطْخُهُ بِدَمِهَا) خِلَافًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ تَلْطِيخِ رَأْسِهِ بِدَمِهَا (وَ) كُرِهَ (خِتَانُهُ يَوْمَهَا) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلُ الْيَهُودِ، وَإِنَّمَا يُنْدَبُ زَمَانَ أَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ، وَهُوَ فِي الذُّكُورِ سُنَّةٌ، وَأَمَّا خِفَاضُ الْأُنْثَى فَمَنْدُوبٌ وَيُنْدَبُ أَنْ لَا تَنْهِكَ أَيْ لَا تَجُورَ فِي قَطْعِهَا الْجِلْدَةَ.

(بَابٌ)(الْيَمِينُ تَحْقِيقٌ) أَيْ تَقْرِيرُ وَتَثْبِيتُ (مَا) أَيِّ أَمْرٍ (لَمْ يَجِبْ) عَقْلًا أَوْ عَادَةً فَدَخَلَ الْمُمْكِنُ عَادَةً، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا أَوْ مُمْتَنِعًا شَرْعًا نَحْوُ وَاَللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ أَوْ لَا أَدْخُلُهَا أَوْ لَأُصَلِّيَنَّ الصُّبْحَ أَوْ لَا أُصَلِّيهَا أَوْ لَأَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ أَوْ لَا أَشْرَبُهُ وَالْمُمْكِنُ عَقْلًا وَلَوْ امْتَنَعَ عَادَةً نَحْوُ لَأَشْرَبَنَّ الْبَحْرَ، وَلَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ، وَيَحْنَثُ فِي هَذَا بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْفِعْلِ وَدَخَلَ الْمُمْتَنِعُ عَقْلًا نَحْوُ لَأَجْمَعَنَّ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، وَلَأَقْتُلَنَّ زَيْدًا الْمَيِّتَ بِمَعْنَى إزْهَاقِ رُوحِهِ وَيَحْنَثُ فِي هَذَا أَيْضًا بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ لِمَا مَرَّ فَالْمُمْتَنِعُ عَقْلًا أَوْ عَادَةً إنَّمَا يَأْتِي فِيهِ صِيغَةُ الْحِنْثِ كَمَا مَثَّلْنَا، وَأَمَّا صِيغَةُ الْبِرِّ نَحْوُ لَا أَشْرَبُ الْبَحْرَ، وَلَا أَجْمَعُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَهُوَ عَلَى بِرٍّ دَائِمًا ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْفِعْلُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْوَاضِحَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بَيْعٌ) أَيْ وَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ فِي الْأُضْحِيَّةِ لَا فِي كُلِّهَا، وَلَا بَعْضِهَا قَوْلُهُ:(وَلَوْ ذُبِحَتْ) يَعْنِي أَنَّ لِلْوَرَثَةِ الْقَسْمَ سَوَاءٌ مَاتَ بَعْدَ أَنْ ذُبِحَتْ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُذْبَحَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ أَوْجَبَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُوجِبَهَا، وَفَعَلَ الْوَرَثَةُ مَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ مِنْ الذَّبْحِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُوجِبَهَا، وَلَمْ يَفْعَلْ الْوَارِثُ الْمُسْتَحَبَّ فَهِيَ كَمَالٍ مِنْ أَمْوَالِهِ (قَوْلُهُ: لَا بَيْعَ بَعْدَهُ فِي دَيْنٍ) يَعْنِي أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَا تُبَاعُ بَعْدَ الذَّبْحِ فِي دَيْنٍ عَلَى مُفْلِسٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ فَلَا مَفْهُومَ لِلْمَيِّتِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُذْبَحْ فَلِلْغُرَمَاءِ أَخْذُهَا فِي الدَّيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ مَنْذُورَةً، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الدَّيْنِ سَابِقًا عَلَى نَذْرِهَا أَوْ طَارِئًا عَلَيْهِ.

[الْعَقِيقَة وَحُكْمهَا]

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ ذَبْحُ وَاحِدَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلُودُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى خِلَافًا لِمَنْ كَانَ يَعُقُّ عَنْ الْأُنْثَى بِوَاحِدَةٍ، وَعَنْ الذَّكَرِ بِاثْنَيْنِ فَلَوْ وُلِدَ تَوْأَمَانِ فِي بَطْنٍ وَاحِدَةٍ عَقَّ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا فِيهِ، وَقِيلَ إنَّهَا لَا تَفُوتُ بِفَوَاتِ الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ بَلْ تُفْعَلُ فِي الْأُسْبُوعِ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ تُفْعَلْ فَفِي الْأُسْبُوعِ الثَّالِثِ، وَلَا تُفْعَلْ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ) فِي ح نَقْلًا عَنْ أَبِي الْحَسَنِ جَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْوَقْتَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ. مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ مِنْ الضَّحْوَةِ لِلزَّوَالِ. وَمَكْرُوهٌ بَعْدَ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ. وَمَمْنُوعٌ، وَهُوَ الذَّبْحُ بِاللَّيْلِ فَلَا تُجْزِي إذَا ذُبِحَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: إنْ سَبَقَ) أَيْ الْمَوْلُودُ بِالْفَجْرِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ التَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ) أَيْ فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ قَبْلَ الْعَقِيقَةِ فِيمَنْ يُعَقُّ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَةِ الْجَاهِلِيَّةِ) فِيهِ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَحْصُلُ بِجَوَازِ الْكَسْرِ نَعَمْ فِي النَّدْبِ شِدَّةُ مُخَالَفَةٍ، وَقَوْلُهُ مَخَافَةَ مَا يُصِيبُ الْوَلَدَ أَيْ مِنْ كَسْرِ عِظَامِهِ، وَقَوْلُهُ بِنَقِيضِ ذَلِكَ أَيْ، وَهُوَ جَوَازُ الْكَسْرِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ عَمَلُهَا وَلِيمَةً) أَيْ، وَأَمَّا ذَبْحُ شَاةٍ أُخْرَى وَغَيْرِهَا، وَعَمَلُهَا وَلِيمَةً فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا فُقَرَاءَ أَوْ أَغْنِيَاءَ جِيرَانًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَيَتَصَدَّقُ، وَيُهْدِي بِمَا شَاءَ) أَيْ نِيئًا أَوْ مَطْبُوخًا وَالْجَمْعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَوْلَى فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَكْلِهَا فِي الْبَيْتِ كَفَى (قَوْلُهُ: مِنْ تَلْطِيخِ رَأْسِهِ) أَيْ تَفَاؤُلًا بِأَنَّهُ يَصِيرُ شُجَاعًا سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْخِتَانُ (قَوْلُهُ: فِي قَطْعِهَا الْجِلْدَةَ) أَيْ لِأَجْلِ تَمَامِ اللَّذَّةِ.

[بَابُ الْأَيْمَانِ]

ِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ) أَيْ لَمْ يَجِبْ وُقُوعُهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الضِّدِّ يُتَصَوَّرُ كَأَنْ يَعْزِمَ عَلَى عَدَمِ شُرْبِ الْبَحْرِ، وَعَلَى عَدَمِ صُعُودِ السَّمَاءِ لَكِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ فَالْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ، وَيَقُولُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى إزْهَاقِ رُوحِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ بِهَذَا الْمَعْنَى مُمْتَنِعٌ عَقْلًا؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلٌ -

ص: 126

وَخَرَجَ الْوَاجِبُ الْعَادِيُّ وَالْعَقْلِيُّ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ وَتَحَيُّزِ الْجُرْمِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ إنَّ الْجُرْمَ مُتَحَيَّزٌ فَهُوَ صَادِقٌ، وَإِنْ قَالَ لَيْسَ بِمُتَحَيِّزٍ فَهُوَ غَمُوسٌ فَعُلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْيَمِينِ الَّتِي تُكَفَّرُ (بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَحْقِيقٍ فَهَذَا مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ وَشَمَلَ كُلَّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى (أَوْ صِفَتِهِ) الذَّاتِيَّةِ كَالْعِلْمِ، وَكَذَا الْقِدَمُ وَالْبَقَاءُ وَالْوَحْدَانِيَّةُ، وَكَذَا الْمَعْنَوِيَّةُ لَا صِفَةُ الْفِعْلِ كَخَلْقِهِ وَرِزْقِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَمِينَ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَجَمَاعَةٍ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ الْقَسَمُ بِاَللَّهِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ وَالْتِزَامِ مَنْدُوبٍ غَيْرِ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةُ نَحْوُ إنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ، وَمَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ كَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ النَّوْعَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ لَيْسَا مِنْ الْيَمِينِ، وَعَلَيْهِ فَهُمَا مِنْ الِالْتِزَامَاتِ لَا الْيَمِينِ (كَبِاللَّهِ) وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ (وَهَاللَّهُ) بِحَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ، وَإِقَامَةِ هَا التَّنْبِيهِ مَقَامَهُ (وَأَيْمُ اللَّهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَكَسْرِهَا أَيْ بَرَكَتُهُ، وَأَصْلُهَا أَيْمَنُ اللَّهِ (وَحَقِّ اللَّهِ) إذَا أَرَادَ الْحَالِفُ بِهِ الصِّفَةَ الْقَدِيمَةَ كَعَظَمَتِهِ لَا إنْ أَرَادَ بِهِ حَقَّهُ عَلَى عِبَادَةٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ (وَالْعَزِيزِ) مِنْ عَزِيزٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ إذَا غَلَبَ أَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَثَلٌ وَبِكَسْرِهَا إذَا قَلَّ حَتَّى لَا يَكَادُ يُوجَدُ لَهُ نَظِيرٌ (وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ، وَإِرَادَتِهِ، وَكَفَالَتِهِ) أَيْ الْتِزَامِهِ، وَيَرْجِعُ لِكَلَامِهِ كَالْوَعْدِ بِالثَّوَابِ (وَكَلَامِهِ)(وَالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ) مَا لَمْ يَنْوِ النُّقُوشَ أَوْ هِيَ مَعَ الْأَوْرَاقِ.

(وَإِنْ)(قَالَ) الشَّخْصُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ ثُمَّ قَالَ (أَرَدْت) بِقَوْلِيِّ بِاَللَّهِ (وَثِقْتُ) أَوْ اعْتَصَمْتُ (بِاَللَّهِ ثُمَّ ابْتَدَأْت) أَيْ اسْتَأْنَفْت قَوْلِي (لَأَفْعَلَنَّ) ، وَلَمْ أَقْصِدْ الْيَمِينَ (دُيِّنَ) أَيْ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ (لَا بِسَبَقِ لِسَانِهِ) مُخْرَجٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ دُيِّنَ يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ أَيْ لَا تَلْزَمُهُ يَمِينٌ بِذَلِكَ لَا بِسَبَقِ لِسَانِهِ فِي الْيَمِينِ يَعْنِي غَلَبَةَ جَرَيَانِهِ عَلَى لِسَانِهِ نَحْوَ لَا وَاَللَّهِ مَا فَعَلْت كَذَا وَاَللَّهِ مَا فَعُلَتْ كَذَا فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ، وَلَيْسَ بِسَبَقِ اللِّسَانِ الْتِفَاتُهُ إلَيْهِ عِنْدَ إرَادَةِ النُّطْقِ بِغَيْرِهِ إذْ هَذَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيَدِينُ

(وَكَعِزَّةِ اللَّهِ) أَرَادَ بِهَا صِفَتَهُ الْقَدِيمَةَ الَّتِي هِيَ مَنَعَتُهُ وَقُوَّتُهُ (وَأَمَانَتِهِ) أَيْ تَكْلِيفِهِ مِنْ إيجَابٍ وَتَحْرِيمٍ فَهِيَ تَرْجِعُ لِكَلَامِهِ (وَعَهْدِهِ) أَيْ إلْزَامِهِ وَتَكَالِيفِهِ بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ (وَعَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ) فَإِنَّهَا يَمِينٌ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِعِزَّةِ اللَّهِ، وَمَا بَعْدَهُ الْمَعْنَى (الْمَخْلُوقَ) فِي الْعِبَادِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات: 180] {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72]{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 125] ، فَلَا تَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ.

(وَكَأَحْلِفُ وَأُقْسِمُ، وَأَشْهَدُ) لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَهِيَ أَيْمَانٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلْحَاصِلِ، وَأَمَّا قَتْلُهُ بِمَعْنَى حَزِّ رَقَبَتِهِ فَهُوَ مُمْكِنٌ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ الْوَاجِبُ) أَيْ خَرَجَ مَا وُقُوعُهُ وَاجِبٌ عَقْلًا أَوْ عَادَةً فَلَا يَكُونُ تَحْقِيقُ وُقُوعِهِ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ يَمِينًا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مُحَقَّقٌ فِي نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ تَحْقِيقُ وُقُوعِ مَا لَمْ يَجِبْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ خَاصَّةً، وَأَوْرَدَ تت عَلَى الْمُصَنِّفِ عَدَمَ شُمُولِهِ لِلَّغْوِ وَالْغَمُوسِ إذَا تَعَلَّقَا بِغَيْرِ الْمُسْتَقْبَلِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمِينٌ، وَرَدَّهُ طفى بِأَنَّ تَعْرِيفَهُ الْمَذْكُورَ لِلْيَمِينِ الْمُوجِبَةِ لِلْكَفَّارَةِ لَا لِمُطْلَقِ الْيَمِينِ، وَاللَّغْوُ وَالْغَمُوسُ إذَا تَعَلَّقَا بِغَيْرِ الْمُسْتَقْبَلِ كَالْمَاضِي لَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ كُلُّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى) ؛ لِأَنَّ اسْمَ فِي كَلَامِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ، وَأَرَادَ بِالِاسْمِ مَا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ، سَوَاءٌ دَلَّ عَلَيْهَا وَحْدَهَا كَالْجَلَالَةِ أَوْ مَعَ صِفَةٍ كَالْخَالِقِ وَالْقَادِرِ وَالرَّازِقِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: غَيْرِ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةَ) أَيْ بَلْ الْمَقْصُودُ بِهِ امْتِنَاعُ النَّفْسِ مِنْ الْفِعْلِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ غَيْرِ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةَ النَّذْرُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ دِينَارٌ صَدَقَةً فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْقُرْبَةُ بِخِلَافِ الْيَمِينِ نَحْوَ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الِامْتِنَاعَ مِنْ دُخُولِ الدَّارِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ) هَذَا يَشْمَلُ الْمَنْدُوبَ نَحْوَ أَنْتَ حُرٌّ إنْ فَعَلَتْ كَذَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فَيُقَيَّدُ الْإِنْشَاءُ بِمَا لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ بِأَنْ يُقَالَ وَمَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ، وَإِلَّا تَدَاخَلَ مَعَ مَا قَبْلَهُ، وَمَا يَجِبُ بِإِنْشَاءِ حَالَ كَوْنِهِ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ إذَا دَخَلَتْ وَجَبَ الطَّلَاقُ بِسَبَبِ إنْشَاءِ الْيَمِينِ، وَلَيْسَ لِلطَّلَاقِ كَفَّارَةٌ (قَوْلُهُ: لَا إنْ أُرِيدَ بِهِ حَقُّهُ) أَيْ لَا إنْ أَرَادَ الْحَالِفُ بِهِ الْحُقُوقَ الَّتِي لَهُ عَلَى عِبَادَةٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ شَيْئًا فَفِي عبق أَنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا مِثْلَ مَا إذَا أَرَادَ بِهِ الصِّفَةَ كَالْعَظَمَةِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُلُوهِيَّةَ، وَاَلَّذِي فِي عج أَنَّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا لَا يَكُونُ يَمِينًا وَتَبِعَهُ شب.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَيْمَنَ اللَّهِ قَسَمٌ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ ذَكَرَ مَعَهُ حَرْفَ الْقَسَمِ، وَهُوَ الْوَاوُ أَوْ لَا بِخِلَافِ حَقِّ اللَّهِ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لَا إذَا ذَكَرَ مَعَهُ حَرْفَ الْقَسَمِ؛ لِأَنَّ أَيْمَنَ تُعُورِفَ فِي الْيَمِينِ بِخِلَافِ حَقِّ اللَّهِ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَفِي بْن الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ، وَأَيْمُ اللَّهِ فِي جَوَازِ إثْبَاتِ الْوَاوِ وَحَذْفِهَا فَتَكُونُ مُقَدَّرَةً (قَوْلُهُ: وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ) هَاتَانِ الصِّفَتَانِ رَاجِعَتَانِ لِلْقُدْرَةِ، وَقِيلَ إنَّهُمَا مِنْ الصِّفَاتِ الْجَامِعَةِ لِلصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ وَالْوُجُودِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْلَى. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ إلَّا إذَا أُرِيدَ بِهِمَا الْمَعْنَى الْقَدِيمُ الْقَائِمُ بِهِ تَعَالَى، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْحَالِفُ بِهِمَا الْعَظَمَةَ وَالْجَلَالَ أَيْ الْمَهَابَةَ اللَّتَيْنِ جَعَلَهُمَا اللَّهُ فِي خَلْقِهِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِمَا يَمِينٌ (قَوْلُهُ: أَوْ هِيَ مَعَ الْأَوْرَاقِ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي تَسْمِيَةِ الْحَادِثِ مِنْ الْأَصْوَاتِ وَالْحُرُوفِ قُرْآنًا، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْخِلَافَ فِي تَسْمِيَةِ الْقَدِيمِ قُرْآنًا.

(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ) أَيْ، وَلَوْ تَحَقَّقَ سَبْقُ لِسَانِهِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى إلَخْ) الْأَوْلَى كَأَنْ يُرِيدَ بِالْعِزَّةِ الْمَنَعَةَ وَالْقُوَّةَ الَّتِي خَلَقَهَا فِي السَّلَاطِينِ وَالْجَبَابِرَةِ، وَيُرِيدُ بِأَمَانَةِ اللَّهِ أَمَانَتُهُ الَّتِي خَلَقَهَا فِي زَيْدٍ الْمُضَادَّةِ لِلْخِيَانَةِ، وَيُرِيدُ بِالْعَهْدِ مَا عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ كَتَطْهِيرِ الْبَيْتِ الَّذِي عَاهَدَ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ (قَوْلُهُ:{إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُمْ فَسَرُّوا

ص: 127

(إنْ نَوَى) بِاَللَّهِ لَا إنْ لَمْ يَنْوِهِ (وَأَعْزِمُ) أَوْ عَزَمْتُ (إنْ قَالَ بِاَللَّهِ) لَا إنْ لَمْ يَقُلْ، وَلَوْ نَوَى لِأَنَّ مَعْنَى أَعْزِمُ أَقْصِدُ، وَأَهْتَمُّ، وَتَقْيِيدُهُ بِاَللَّهِ يَقْتَضِي أَنَّ مَعْنَاهُ أُقْسِمُ.

(وَفِي أُعَاهِدُ اللَّهَ) لَأَفْعَلَنَّ أَوْ لَا فَعَلْتُ (قَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا لَيْسَ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّ مُعَاهَدَةَ الشَّخْصِ رَبَّهُ لَيْسَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الرَّبِّ وَعَطَفَ عَلَى بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ قَوْلَهُ: (لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ أَوْ أُعْطِيكَ عَهْدًا)(وَ) لَا بِقَوْلِهِ (عَزَمْتُ عَلَيْك بِاَللَّهِ) إلَّا مَا فَعَلْت كَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ (وَ) لَا بِقَوْلِهِ (حَاشَا اللَّهَ) مَا فَعَلْت (وَمَعَادِ اللَّهِ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْعَوْدِ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ وَبِالْمُعْجَمَةِ مِنْ الْإِعَادَةِ أَيْ التَّحْصِينِ وَعَلَى كُلٍّ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ (وَ) لَا بِقَوْلِهِ (اللَّهُ رَاعٍ أَوْ) اللَّهُ (كَفِيلٌ) أَوْ، وَكِيلٌ أَوْ شَهِيدٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ لَا الْإِنْشَاءِ.

(وَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ) وَالرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَسِرِّ الْإِمَامِ وَالْوَلِيِّ فُلَانٍ مِنْ كُلِّ مَخْلُوقٍ مُعَظَّمٍ شَرْعًا فَعَلْتُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ، وَفِي حُرْمَةِ الْحَلِفِ بِذَلِكَ، وَكَرَاهَتِهِ وَهُوَ صَادِقٌ قَوْلَانِ، وَأَمَّا الْحَلِفُ بِالسُّلْطَانِ أَوْ نِعْمَةِ السُّلْطَانِ أَوْ بِرَأْسِهِ أَوْ رَأْسِ أَبِيهِ أَوْ تُرْبَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَحَرَامٌ قَطْعًا.

(وَ) لَا بِصِفَاتِ الْأَفْعَالِ (كَالْخَلْقِ) وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ (وَالْإِمَاتَةِ) وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ بِالْمَقْدُورِ فَهِيَ أُمُورٌ اعْتِبَارِيَّةٌ مُتَجَدِّدَةٌ بِتَجَدُّدِ الْمَقْدُورِ

(أَوْ) قَالَ (هُوَ يَهُودِيٌّ) أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ أَوْ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ إنْ فَعَلَ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ فَلَا شَيْءَ لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ فِرِدَّةٌ، وَلَوْ هَازِلًا (وَ) لَا كَفَّارَةَ فِي كُلِّ يَمِينٍ (غَمُوسٍ) تَعَلَّقَتْ بِمَاضٍ سُمِّيَتْ غَمُوسًا لِغَمْسِهَا صَاحِبَهَا فِي النَّارِ أَيْ لِكَوْنِهَا سَبَبًا فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْغَمْسَ فِي النَّارِ، وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ (بِأَنْ شَكَّ) الْحَالِفُ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (أَوْ ظَنَّ) ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ، وَأَوْلَى إنْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ (وَحَلَفَ) شَاكًّا أَوْ ظَانًّا أَوْ مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ (بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ) فَإِنْ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ لَمْ تَكُنْ غَمُوسًا وَفِيهِ نَظَرٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْأَمَانَةَ بِالتَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْإِلْزَامَاتُ، نَحْوُ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ إلَخْ، وَهِيَ تَرْجِعُ لِكَلَامِهِ تَعَالَى الْقَدِيمِ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ، وَكَذَا قَوْلُهُ:{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا} [البقرة: 125] إلَخْ إذْ مَعْنَاهُ أَلْزَمْنَاهُمَا بِالتَّظْهِيرِ وَحِينَئِذٍ فَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ نَظَرٌ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الِاسْتِدْلَالَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمَانَةِ الْأَعْمَالُ الْمُكَلَّفُ بِهَا أَوْ الشَّهْوَةُ كَمَا هُوَ أَحَدُ التَّفَاسِيرِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِزَّةِ الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ الَّتِي خَلَقَهَا فِي بَعْضِ خَلْقِهِ أَوْ أَنَّهَا حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ مُحِيطَةٌ بِالْعَرْشِ أَوْ بِجَبَلِ قَافٍ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَهْدِ الْأُمُورُ الَّتِي عَاهَدَهُمْ عَلَيْهَا، وَأَمَرَهُمْ بِهَا كَمَا قِيلَ.

(قَوْلُهُ: إنْ نَوَى بِاَللَّهِ) أَيْ، وَأَوْلَى إذَا نَطَقَ بِهِ الْمُرَادُ بِنِيَّتِهِ تَقْدِيرُهُ أَيْ إنْ قَدَّرَ هَذَا اللَّفْظَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقَدِّرْهُ وَيُلَاحِظْهُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَقُلْ، وَلَوْ نَوَى) أَيْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّ النِّيَّةَ فِيهِ كَافِيَةٌ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى أَعْزِمُ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنْ أَعْزِمَ لَمَّا كَانَ مَعْنَاهُ أَسْأَلُ، وَهُوَ غَيْرُ مَوْضُوعٍ لِلْقَسَمِ احْتَاجَ فِي كَوْنِهِ قَسَمًا إلَى التَّصْرِيحِ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْضُوعًا لِلْقَسَمِ كَانَتْ نِيَّةُ الْجَلَالَةِ، وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيحِ بِهَا فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلٍّ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ نَوَى بِهِمَا الْيَمِينَ، وَبِهِ قِيلَ، وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ النَّوَادِرِ مَحَلُّ كَوْنِهِمَا غَيْرَ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِمَا الْيَمِينَ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ صَادِقٌ) أَيْ، وَأَلَّا يَكُنْ صَادِقًا كَانَ حَرَامًا قَطْعًا

(قَوْلُهُ: وَكَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ) عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، وَفَصَلَهُ بِالْكَافِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ غَيْرُ مَا سَبَقَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْيَمِينَ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، وَلَا بِالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ، فَتَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ بِهَا لَيْسَ يَمِينًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا دَلَّ عَلَى صِفَاتِ الْأَفْعَالِ مِنْ الْأَسْمَاءِ كَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ يَمِينٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ، وَلَا يَرْتَدُّ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ كَاذِبًا فِيمَا عَلَّقَ لِقَصْدِهِ بِذَلِكَ إنْشَاءَ الْيَمِينِ لَا إخْبَارَهُ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ فَرِدَّةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ، وَقَوْلُهُ، وَلَوْ هَازِلًا أَوْ جَاهِلًا (قَوْلُهُ: وَغَمُوسٌ) قَالَ اللَّقَانِيُّ مُخْرَجٌ مِمَّا فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ الْيَمِينُ الْمُوجِبَةُ لِلْكَفَّارَةِ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، وَلَا بِغَمُوسٍ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَتْ بِمَاضٍ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْحَالِ أَوْ بِالْمُسْتَقْبَلِ فَفِيهَا الْكَفَّارَةُ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ تُسَمَّى غَمُوسًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْغَمُوسَ تُطْلَقُ عَلَى هَذَا الْمَفْهُومِ، سَوَاءٌ وَجَبَتْ فِيهَا كَفَّارَةُ أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ اللَّغْوُ اسْمٌ لِلْمَفْهُومِ الْآتِي وَجَبَتْ فِيهِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ كَذَا نَقُلْ شَيْخُنَا عَنْ عج (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ) أَيْ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي مَجِيءِ زَيْدٍ أَمْسِ، وَعَدَمِ مَجِيئِهِ ثُمَّ حَلَفَ مَعَ شَكِّهِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ جَاءَ وَحَلَفَ أَنَّهُ جَاءَ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ صِدْقُهُ بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا حَلَفَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا إذَا عَلِمَ عَدَمَ مَجِيئِهِ وَحَلَفَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ لَمْ يَكُنْ غَمُوسًا) أَيْ، وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ مُسْتَمِرٌّ، قَالَ عج: وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ ابْنُ عَتَّابٍ لَفْظَ الْعُتْبِيَّةِ فِيمَا يُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ وَافَقَ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الظَّاهِرِ لَا أَنَّ إثْمَ الْجَرَاءَةِ يَسْقُطُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُزِيلُهُ إلَّا التَّوْبَةُ، قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ إلَّا أَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. بْن فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ تَكُنْ غَمُوسًا أَيْ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ مُسْتَمِرَّةٌ بَلْ تَنْقَطِعُ، وَقَوْلُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ فَإِنَّ إثْمَ الْجَرَاءَةِ

ص: 128

كَذَا إنْ قَوِيَ الظَّنُّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ، وَكَذَا إذَا قَالَ فِي يَمِينِهِ فِي ظَنِّيٍّ (وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ) وُجُوبًا بِأَنْ يَعْزِمَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ نَادِمًا عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ فِي هُوَ يَهُودِيٌّ، وَمَا بَعْدَهُ (وَإِنْ)(قَصَدَ) فِي حَلِفِهِ (بِكَالْعُزَّى) مِنْ كُلِّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (التَّعْظِيمَ) مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ (فَكُفْرٌ) وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فَحَرَامٌ.

(وَلَا) كَفَّارَةَ فِي يَمِينٍ (لَغْوٍ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى غَمُوسٍ أَيْ لَا بِغَمُوسٍ، وَلَا لَغْوٍ تَعَلَّقَتْ بِمَاضٍ أَوْ حَالٍ بِأَنْ حَلَفَ (عَلَى مَا) أَيْ عَلَى شَيْءٍ (يَعْتَقِدُهُ) أَيْ يَجْزِمُ بِهِ (فَظَهَرَ) لَهُ (نَفْيُهُ) فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْتَقْبَلِ كُفِّرَتْ كَالْغَمُوسِ، فَاللَّغْوُ وَالْغَمُوسُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا إنْ تَعَلَّقَا بِمَاضٍ، وَفِيهِمَا الْكَفَّارَةُ إنْ تَعَلَّقَا بِالْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ تَعَلَّقَا بِالْحَالِ كُفِّرَتْ الْغَمُوسُ دُونَ اللَّغْوِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْأُجْهُورِيِّ:

كَفِّرْ غَمُوسًا بِلَا مَاضٍ تَكُونُ كَذَا

لَغْوٌ بِمُسْتَقْبَلٍ لَا غَيْرُ فَامْتَثِلَا

(وَلَمْ يُفِدْ) لَغْوُ الْيَمِينِ (فِي غَيْرِ) الْحَلِفِ بِ (اللَّهِ) وَالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مَشْيٍ لِمَكَّةَ فَإِذَا حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ خِلَافُهُ لَزِمَهُ.

(كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَيُفِيدُ فِي اللَّهِ، وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ فَإِنْ قَالَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَزِمَهُ، وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا فَعَلْت كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ نَفَعَهُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (إنْ قَصَدَهُ) أَيْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ أَيْ حَلَّ الْيَمِينِ إلَّا إنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ أَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ سَهْوًا (كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ يُرِيدُ أَوْ يَقْضِي عَلَى الْأَظْهَرِ) فِي الْأَخِيرَيْنِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَمُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَلَا يُفِيدُ فِي غَيْرِهِ (وَأَفَادَ) الِاسْتِثْنَاءُ (بِكَإِلَّا) مِنْ خَلَا، وَعَدَا وَحَاشَا وَلَيْسَ، وَلَا يَكُونُ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ شَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ غَايَةٍ (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ فِي جَمِيعِ مُتَعَلِّقَاتِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ مُسْتَقْبَلَةً أَوْ مَاضِيَةً كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً أَوْ غَمُوسًا كَمَنْ حَلَفَ أَنْ يَشْرَبَ الْبَحْرَ ثُمَّ اسْتَثْنَى نَحْوَ إلَّا أَكْثَرَهُ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ فَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَى الْجَمِيعِ جَمِيعُ الْأَيْمَانِ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِاَللَّهِ أَوْ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً لَكِنْ يَخُصُّ الِاسْتِثْنَاءَ حِينَئِذٍ بِغَيْرِ الْمَشِيئَةِ، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يَعُمُّهَا وَغَيْرَهَا نَحْوُ لَأَشْرَبَنَّ الْبَحْرَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَكْثَرَهُ.

ثُمَّ أَشَارَ لِشُرُوطِ الِاسْتِثْنَاء الْأَرْبَعَةِ بِقَوْلِهِ (إنْ اتَّصَلَ) الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ انْفَصَلَ لَمْ يُفِدْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَا يَسْقُطُ عَنْهُ إذَا تَبَيَّنَ صِدْقُهُ، وَإِنَّمَا تُزِيلُهُ التَّوْبَةُ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ قَوِيَ الظَّنُّ) أَيْ لَمْ يَكُنْ غَمُوسًا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ صِدْقُهُ فِيمَا حَلَفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ، وَكَذَا لَا يَكُونُ غَمُوسًا إذَا لَمْ يَقْوَ ظَنُّهُ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ صِدْقُهُ، وَلَكِنْ قَالَ فِي يَمِينِهِ فِي ظَنِّي، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ بِأَنْ شَكَّ مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ، وَهُوَ تَعَلُّقُهَا بِمَاضٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ ظَنَّ مُقَيَّدٌ بِثَلَاثِ قُيُودٍ تَعَلُّقُهَا بِمَاضٍ، وَعَدَمُ قُوَّةِ الظَّنِّ، وَعَدَمُ قَوْلِهِ فِي يَمِينِهِ فِي ظَنِّي (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ بَكَالْعُزَّى التَّعْظِيمَ إلَخْ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ كُلَّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِثْلُ الْلَاتِ وَالْمَسِيحِ وَالْعُزَيْرِ، وَمَا نُسِبَ لَهُ فِعْلٌ كَالْأَزْلَامِ، وَهِيَ الْأَقْدَاحُ وَاحِدُهَا زَلَمٌ كَجَمَلٍ فَكَانُوا إذَا قَصَدُوا فِعْلًا ضَرَبُوا ثَلَاثَةَ أَقْدَاحٍ مَكْتُوبٌ عَلَى أَوَّلِهَا أَمَرَنِي رَبِّي، وَعَلَى الثَّانِي نَهَانِي رَبِّي، وَعَلَى الثَّالِثِ غُفْلَ وَالْمُرَادُ بِضَرْبِهَا تَحْرِيكُهَا فِي كِيسٍ مِنْ جِلْدٍ فَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ مَضَى، وَإِنْ خَرَجَ الثَّانِي تَرَكَ، وَإِنْ خَرَجَ الثَّالِثُ أَعَادُوا الضَّرْبَ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ) ، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِالْحَلِفِ بِهَا تَعْظِيمَهَا لَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَفَرَ فِي الْأَصْنَامِ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ) الْمُرَادُ بِهِ النَّذْرُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا فَإِذَا قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَعَلَيَّ نَذْرٌ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ مُعْتَقِدٌ أَنَّهُ فِي الدَّارِ وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ، وَمَا بَعْدَهُ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ خِلَافُهُ لَزِمَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ لَقَدْ دَفَعَ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ لِبَائِعِهَا فَبَانَ أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهُ لِأَخِيهِ فَقَالَ مَا كُنْت ظَنَنْت أَنِّي دَفَعْته إلَّا لِلْبَائِعِ قَالَ مَالِكٌ يَحْنَثُ بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَيُفِيدُ اللَّغْوَ فِيهَا فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] الْمُرَادُ بِهَا الْأَيْمَانَ الشَّرْعِيَّةَ، وَهِيَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ، وَأَمَّا الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَالْمَشْيُ وَالصَّدَقَةُ فَلَيْسَتْ أَيْمَانًا شَرْعِيَّةً، وَإِنَّمَا هِيَ إلْزَامَاتٌ، وَلِذَلِكَ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمَا حُرُوفُ الْقَسَمِ، وَكَانَ الْحَلِفُ بِهَا مَمْنُوعًا

(قَوْلُهُ: كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ مَجَازًا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ (قَوْلُهُ: وَيُفِيدُ فِي اللَّهِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ غَمُوسًا، وَفَائِدَتُهُ رَفْعُ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَهُ) هَذَا شَرْطٌ فِي الْمَفْهُومِ، وَهُوَ الْإِفَادَةُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّهُ أَوْ يَقْضِي اللَّهُ لَا يَنْفَعُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَلَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِكَإِلَّا) أَيْ بِإِلَّا، وَمَا مَاثَلَهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَدَوَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ نَحْوَ لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ مَا خَلَا اللَّهَ أَوْ مَا حَاشَا اللَّهَ أَوْ مَا عَدَا اللَّهَ أَوْ لَيْسَ اللَّهُ أَوْ لَا يَكُونُ اللَّهُ (قَوْلُهُ: مِنْ شَرْطٍ) نَحْوُ لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ إنْ كَانَ فِيهَا أَوْ لَا أَدْخُلُ دَارِهِ الْفُلَانِيَّةَ أَوْ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: مُسْتَقْبَلَةً) أَيْ نَحْوَ وَاَللَّهِ لَا تَطْلُعُ

ص: 129