المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل أركان الطلاق] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٢

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[سُنَن الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُحَرِّمَ بِالْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌(بَابُ الذَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ الْمُبَاحِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمُحَرَّمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمَكْرُوهُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابٌ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌ الْعَقِيقَةِ وَحُكْمِهَا

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمِين وَشَرَائِطه]

- ‌[كَفَّارَة الْيَمِين]

- ‌(فَصْلٌ) فِي النَّذْرِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[بَابٌ الْجِهَادَ]

- ‌(فَصْلٌ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ

- ‌[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ]

- ‌[بَاب بَعْضُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ مِنْ الْأَحْكَامِ]

- ‌(بَابٌ) فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[أَقْسَام النِّكَاح الْفَاسِد]

- ‌[الْكِفَاءَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَوَانِعِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصَلِّ خِيَار أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا وَالْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ]

- ‌ مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْل وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فِرَاقهُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ

- ‌[الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلِ فِي شُرُوط الصَّدَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم تَنَازُع الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاح وَالصَّدَاق أَوْ مَتَاع الْبَيْت وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ]

- ‌[فَصَلِّ الْوَلِيمَة]

- ‌[فَصَلِّ الْقَسْم بَيْن الزَّوْجَات فِي الْمَبِيت]

- ‌ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَلَام عَلَى الْخُلْعِ]

- ‌(فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ)

- ‌[فَصَلِّ أَرْكَان الطَّلَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ)

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[بَاب الظِّهَار وَأَرْكَانَهُ وَكَفَّارَتَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[كِنَايَات الظِّهَار]

- ‌[بَاب اللِّعَان وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌ أَسْبَابُ اللِّعَانِ

- ‌[عدة الْحُرَّة]

- ‌(فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌بَابِ تَدَاخُلِ الْعَدَدِ

- ‌[بَاب أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب أَسْبَابَ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّفَقَةِ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةُ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَضَانَةِ]

الفصل: ‌[فصل أركان الطلاق]

(و) لَوْ قَالَ (ثَلَاثًا لِلْبِدْعَةِ أَوْ بَعْضَهُنَّ لِلْبِدْعَةِ وَبَعْضَهُنَّ لِلسُّنَّةِ)(فَثَلَاثٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا.

{فَصْلٌ وَرُكْنُهُ} أَيْ الطَّلَاقِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَهُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ فَصَحَّ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِالْمُتَعَدِّدِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ (أَهْلٌ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَوْقِعُهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ وَلِيِّهِ وَلَا يَرِدُ الْفُضُولِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُوقِعَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الزَّوْجُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِيقَاعِ (وَقَصْدٌ) أَيْ قَصْدُ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ حَلَّ الْعِصْمَةِ وَقَصَدَ حَلَّهَا فِي الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ، وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ سَبْقِ اللِّسَانِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَمِ قَصْدِ حَلِّهَا فِي الثَّالِثِ (وَمَحَلٌّ) أَيْ عِصْمَةٌ مَمْلُوكَةٌ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ مَا مَلَكَ قَبْلَهُ وَإِنْ تَعْلِيقًا (وَلَفْظٌ) صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ عَنْ تَفْصِيلِهِمَا الْآتِي لَا بِمُجَرَّدِ نِيَّةٍ وَلَا بِفِعْلٍ إلَّا لِعُرْفٍ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِالرُّكْنِ مَا تَتَحَقَّقُ بِهِ الْمَاهِيَّةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِيهَا

وَأَشَارَ لِشُرُوطِ صِحَّتِهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنَّمَا يَصِحُّ)(طَلَاقُ الْمُسْلِمِ) لِزَوْجَتِهِ وَلَوْ كَافِرَةً احْتِرَازًا مِنْ الْكَافِرِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ (الْمُكَلَّفُ) أَيْ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ وَلَوْ سَفِيهًا فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَوُقُوعُهُ عَلَيْهِ إذَا ارْتَدَّ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لَا أَنَّهُ مُوقِعٌ لَهُ وَلَا مِنْ مَجْنُونٍ وَلَوْ غَيْرَ مُطْلَقٍ إذَا طَلَّقَ حَالَ جُنُونِهِ وَلَا مِنْ مَغْمِيٍّ عَلَيْهِ وَلَا مِنْ سَكْرَانَ بِحَلَالٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَجْنُونِ فَقَوْلُهُ (وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا) مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُكَلَّفُ سَكِرَ أَصْلًا بَلْ وَلَوْ سَكِرَ سَكَرًا حَرَامًا فَيَصِحُّ طَلَاقُهُ (وَهَلْ) صِحَّةُ طَلَاقِ السَّكْرَانِ بِحَرَامٍ (إلَّا أَنْ لَا يُمَيِّزَ) فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَجْنُونِ (أَوْ) صَحِيحٌ لَازِمٌ لَهُ (مُطْلَقًا) مَيَّزَ أَمْ لَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ (تَرَدُّدٌ) وَمَحَلُّ الْقَوْلِ فِي السَّكْرَانِ لُزُومُ الْجِنَايَاتِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ لَهُ دُونَ الْإِقْرَارَاتِ وَالْعُقُودِ عَلَى الْمَشْهُورِ

(وَطَلَاقُ الْفُضُولِيِّ) وَلَوْ كَافِرًا أَوْ صَبِيًّا صَحِيحٌ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا لِلْبِدْعَةِ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً لِلْبِدْعَةِ أَوْ لِلسُّنَّةِ أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ وَلَا لِلسُّنَّةِ فَوَاحِدَةٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ لِلسُّنَّةِ أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ وَلَا لِلسُّنَّةِ فَوَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا) هُوَ مُقْتَضَى مَا فِي النَّوَادِرِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَقَيَّدَ ابْنُ سَحْنُونٍ هَذَا بِكَوْنِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ وَتَحِيضُ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ اُنْظُرْ طفي اهـ بْن

[فَصَلِّ أَرْكَان الطَّلَاق]

{فَصْلٌ وَرُكْنُهُ أَهْلٌ} (قَوْلُهُ وَرُكْنُهُ) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ أَوْ عَاطِفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ جَازَ الْخُلْعُ وَهُوَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ وَلَا يَكُونُ الْفَصْلُ بِالْفَصْلِ مَانِعًا مِنْ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا بِعِوَضٍ أَوْ بِدُونِ عِوَضٍ (قَوْلُهُ أَوْ نَائِبِهِ) الْمُرَادُ بِهِ الْحَاكِمُ وَالْوَكِيلُ وَمِنْ الْوَكِيلِ الزَّوْجَةُ إذَا جَعَلَهُ بِيَدِهَا (قَوْلُهُ أَوْ وَلِيِّهِ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، وَأَمَّا وَلِيُّ السَّفِيهِ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ فَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ بِدُونِ إذْنِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ) أَيْ عَلَى تَفْسِيرِ الْمُوقِعِ لَهُ بِالزَّوْجِ وَنَائِبِهِ وَوَلِيِّهِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْمُرَادُ بِمَوْقِعِهِ الزَّوْجُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ غَيْرُهُمَا لِأَجْلِ دُخُولِ الْفُضُولِيِّ.

(قَوْلُهُ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِيقَاعِ) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَوَضَعَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ (قَوْلُهُ أَيْ قَصْدُ النُّطْقِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقَصْدِ قَصْدَ حَلِّ الْعِصْمَةِ مُطْلَقًا كَانَ اللَّفْظُ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً ظَاهِرَةً أَوْ خَفِيَّةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَزِمَ وَلَوْ هَزْلٌ (قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ عَنْ سَبْقِ اللِّسَانِ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ (قَوْلُهُ فِي الثَّالِثِ) أَيْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَفْظٌ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الْإِشَارَةِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَزِمَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ، وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ وَالْكَلَامُ النَّفْسِيُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ لَا بِمُجَرَّدِ نِيَّةٍ) أَيْ عَزْمٌ لَيْسَ مَعَهُ لَفْظٌ وَلَا كَلَامٌ نَفْسَانِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَلَا بِفِعْلٍ) أَيْ كَنَقْلِ مَتَاعِهَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا رُكْنًا مِنْ الْفِعْلِ فَكَيْفَ يَجْعَلُ الْأَهْلَ وَالْمَحَلَّ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ الَّذِي هُوَ رَفْعُ حِلِّيَّةٌ تَمَتُّعِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ مَا تَتَحَقَّقُ بِهِ الْمَاهِيَّةُ) أَيْ مَا يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُهَا عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ) أَيْ وَأَمَّا الْوَكِيلُ عَنْ الزَّوْجِ وَالْفُضُولِيِّ مَعَ الْإِجَازَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إسْلَامٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا تَكْلِيفٌ بَلْ التَّمْيِيزُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمُوقِعَ حَقِيقَةً الزَّوْجُ الْمُوَكِّلُ وَالْمُجِيزُ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَتُهُ الَّتِي طَلَّقَهَا كَافِرَةً أَوْ مُسْلِمَةً فَإِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْكَافِرَةَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَأَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَإِذَا أَسْلَمَتْ النَّصْرَانِيَّةُ وَزَوْجُهَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ وَلَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهَا لَمْ يُعَدَّ طَلَاقُهُ طَلَاقًا وَكَانَ عَلَى نِكَاحِهِ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَنَكَحَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا وَطَلَاقُهُ فِي شِرْكِهِ بَاطِلٌ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ) أَيْ وَلَوْ مُرَاهِقًا (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ سَكْرَانَ بِحَلَالٍ) أَيْ كَمَا إذَا شَرِبَ لَبَنًا أَوْ نَحْوَهُ مِنْ الْأَنْبِذَةِ مُتَحَقِّقًا أَوْ ظَانًّا أَنَّهُ لَا يُغَيِّبُ عَقْلَهُ فَغَابَ بِاسْتِعْمَالِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا) بِأَنْ اسْتَعْمَلَ عَمْدًا مَا يُغَيِّبُ عَقْلَهُ سَوَاءٌ كَانَ جَازِمًا حِينَ الِاسْتِعْمَالِ بِأَنَّهُ يُغَيِّبُ عَقْلَهُ أَوْ كَانَ شَاكًّا فِي ذَلِكَ؛ كَانَ مِمَّا يُسْكِرُ جِنْسُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَلَبَنٍ حَامِضٍ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُغَيِّبُ مُرْقِدًا أَوْ مُخَدِّرًا اهـ. وَقَوْلُهُ: حَرَامًا، صِفَةٌ لِمَفْعُولٍ مُطْلَقٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَلَوْ سَكِرَ سَكَرًا حَرَامًا أَوْ حَالٌ مِنْ السُّكْرِ الْمَفْهُومِ مِنْ سَكِرَ لَا مِنْ فَاعِلِ سَكِرَ؛ لِأَنَّ الْحَرَامَ وَصْفٌ لِلسُّكْرِ لَا لِصَاحِبِهِ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ السَّكْرَانَ بِحَرَامٍ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ سَوَاءٌ مَيَّزَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُكَلَّفُ سَكِرَ أَصْلًا) أَيْ وَلَيْسَ مَعْنَى هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُكَلَّفُ سَكِرَ أَصْلًا أَوْ سَكِرَ بِحَلَالٍ بَلْ وَلَوْ سَكِرَ سَكَرًا حَرَامًا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إذَا سَكِرَ بِحَلَالٍ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَّا أَنْ لَا يُمَيِّزَ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِطَرِيقَةٍ ثَالِثَةٍ وَهِيَ إنْ مَيَّزَ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ (قَوْلُهُ مُحَصَّلُ الْقَوْلِ فِي السَّكْرَانِ) أَيْ بِحَرَامٍ وَأَمَّا السَّكْرَانُ

ص: 365

(كَبَيْعِهِ) فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الزَّوْجُ لَمْ يَقَعْ، وَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ فَلَوْ أَوْقَعَهُ وَهِيَ حَامِلٌ وَأَجَازَهُ الزَّوْجُ بَعْدَ الْوَضْعِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ إنْ أَجَازَ بَعْدَ الْحَيْضِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ مِنْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ هُنَا عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ

(وَلَزِمَ وَلَوْ هَزْلٌ) كَضَرْبٍ أَيْ لَمْ يَقْصِدْ بِلَفْظِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي الصَّرِيحِ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ بِأَنْ خَاطَبَهَا بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمَزْحِ وَالْمُلَاعَبَةِ وَمِثْلُ الطَّلَاقِ الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ لِمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ (لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) بِأَنْ قَصَدَ التَّكَلُّمَ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَزَلَّ لِسَانُهُ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مُطْلَقًا إنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ قَبْلُ (فِي الْفَتْوَى) دُونَ الْقَضَاءِ (أَوْ)(لُقِّنَ) الْأَعْجَمِيُّ لَفْظَهُ (بِلَا فَهْمٍ) مِنْهُ لِمَعْنَاهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (أَوْ هَذَى) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ بِوَزْنِ رَمَى مِنْ الْهَذَيَانِ وَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ (لِمَرَضٍ) أَصَابَهُ فَتَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ لَمْ أَشْعُرْ بِشَيْءٍ وَقَعَ مِنِّي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِصِحَّةِ عَقْلِهِ لِقَرِينَةٍ أَوْ قَالَ وَقَعَ مِنِّي شَيْءٌ وَلَمْ أَعْقِلْهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ شُعُورَهُ بِوُقُوعِ شَيْءٍ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عَقَلَهُ قَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَسَلَّمُوهُ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَثِيرًا مَا يُتَخَيَّلُ لِلْمَرِيضِ خَيَالَاتٌ فَيَتَكَلَّمُ عَلَى مُقْتَضَاهَا بِكَلَامٍ خَارِجٍ عَنْ قَانُونِ الْعُقَلَاءِ فَإِذَا أَفَاقَ اسْتَشْعَرَ أَصْلَهُ وَأَخْبَرَ عَنْ الْخَيَالَاتِ الْوَهْمِيَّةِ كَالنَّائِمِ.

(أَوْ قَالَ) مُنَادِيًا (لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقُ يَا طَالِقُ) فَلَا تَطْلُقُ فِي الْفُتْيَا وَلَا الْقَضَاءِ (وَقُبِلَ مِنْهُ فِي) نِدَاءِ (طَارِقٍ) بِالرَّاءِ بِيَا طَالِقُ بِاللَّامِ (الْتِفَاتُ لِسَانِهِ) فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ وَكَذَا فِي الَّتِي بَعْدَهَا فَقَوْلُهُ وَطَلَقَتَا مَعَ الْبَيِّنَةِ يَرْجِعُ لِهَذِهِ أَيْضًا (أَوْ)(قَالَ) لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ (يَا حَفْصَةُ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِحَلَالٍ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ وَلَا طَلَاقٌ وَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَجِنَايَاتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَالْمَجْنُونِ

(قَوْلُهُ بَعْدَ الْحَيْضِ) أَيْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ أَجَازَ فِي حَالِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ) أَيْ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ) أَيْ بِالْحُرْمَةِ وَالْجَوَازِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ أَنَّ النَّاسَ شَأْنُهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا الْأَرْبَاحَ فِي سِلَعِهِمْ بِالْبَيْعِ بِخِلَافِ النِّسَاءِ

(قَوْلُهُ وَلَزِمَ) أَيْ وَلَزِمَ الطَّلَاقُ بِمَعْنَى حَلِّ الْعِصْمَةِ بِذِكْرِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ هَازِلٍ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ كَانَ هَازِلًا بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِمُقَابِلِهِ بِلَوْ.

{تَنْبِيهٌ} يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ كَذَا ذَكَرَ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ.

(قَوْلُهُ كَضَرْبٍ) الَّذِي فِي الْقَامُوسِ أَنَّ هَزَلَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَفَرِحَ (قَوْلُهُ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ) أَيْ وَأَمَّا الْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ فَلَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهَا حَلَّ الْعِصْمَةِ كَمَا مَرَّ وَكَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِأَنْ خَاطَبَهَا بِهِ) أَيْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ كَأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَائِنٌ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الطَّلَاقِ) أَيْ فِي لُزُومِهِ بِالْهَزْلِ (قَوْلُهُ لِمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ) أَيْ وَهُوَ ثَلَاثٌ هَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ وَالْعِتْقُ بَدَلَ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ فِي الْفَتْوَى) أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ أَمْ لَا وَمَفْهُومٌ فِي الْفَتْوَى أَنَّ الْقَضَاءَ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَيْضًا وَإِلَّا لَزِمَهُ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلًا فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ أَوْ لُقِّنَ الْأَعْجَمِيُّ لَفْظَهُ) أَيْ مِنْ عَرَبِيٍّ وَكَذَا إذَا لُقِّنَ الْعَرَبِيُّ لَفْظَهُ مِنْ عَجَمِيٍّ مِنْ غَيْرِ فَهْمٍ مِنْهُ لِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ لِعَدَمِ قَصْدِ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى حَلِّ الْعِصْمَةِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ هَذَى لِمَرَضٍ) أَيْ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا تَكَلَّمَ بِالْهَذَيَانِ وَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي حَالِ هَذَيَانِهِ فَلَمَّا أَفَاقَ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَجْنُونِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا شَعَرَ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَتَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ) أَيْ فِي حَالِ هَذَيَانِهِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ) هَكَذَا أَطْلَقَ الْبَاجِيَّ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ إلَخْ تَقْيِيدٌ لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَالَ وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَمْ أَعْقِلْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَتَكَلَّمُ) أَيْ حَالَ تَخَيُّلِهَا لَهُ (قَوْلُهُ اسْتَشْعَرَ أَصْلَهُ) أَيْ أَصْلَ مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ الْكَلَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِشْعَارِ بِالشَّيْءِ عَقْلُهُ لَهُ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ كَالنَّائِمِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا أَفَاقَ مِنْ نَوْمِهِ يُخْبِرُ عَمَّا خُيِّلَ لَهُ فِي نَوْمِهِ وَلَا يَعْرِفُ عَيْنَهُ (قَوْلُهُ الْتِفَاتُ لِسَانِهِ) أَيْ دَعْوَاهُ الْتِفَاتَ لِسَانِهِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَارِقَ فَنَادَاهَا وَقَالَ لَهَا: يَا طَالِقُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ يَا طَارِقُ فَالْتَفَتَ لِسَانُهُ وَالْتَوَى عَنْ مَقْصُودِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى لَا فِي الْقَضَاءِ، وَتَغْيِيرُ الْمُصَنِّفِ الْأُسْلُوبَ يُشْعِرُ بِذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ لَقَالَ كَمَنْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقٌ يَا طَالِقُ مُدَّعِيًا الْتِفَاتَ لِسَانِهِ وَحُذِفَ قَوْلُهُ وَقُبِلَ مِنْهُ فِي طَارِقُ إلَخْ. فَلَوْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ مَعَ إبْدَالِ الرَّاءِ لَامًا وَادَّعَى الْتِفَاتَ لِسَانِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ لِحُصُولِ شَيْئَيْنِ: الْإِبْدَالُ وَعَدَمُ النِّدَاءِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الَّتِي بَعْدَهَا) أَيْ يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ لِهَذِهِ أَيْضًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقُ وَعَمْرَةُ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ) عَطْفٌ عَلَى سَبْقِ لِسَانِهِ فَهُوَ وَاقِعٌ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ أَيْ لَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ، وَلَا إنْ قَالَ: يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا أَيْ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ الْمُجِيبَةُ لَهُ وَهِيَ عَمْرَةُ فِي الْفَتْوَى بِدَلِيلِ

ص: 366

يُرِيدُ طَلَاقَهَا (فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ) تَظُنُّ أَنَّهُ طَالِبُ حَاجَةٍ (فَطَلَّقَهَا) أَيْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا حَفْصَةَ (فَالْمَدْعُوَّةُ) وَهِيَ حَفْصَةُ تَطْلُقُ مُطْلَقًا فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَأَمَّا الْمُجِيبَةُ فَفِي الْقَضَاءِ فَقَطْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَطَلَقَتَا) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ وَيُحْتَمَلُ طَارِقُ وَعَمْرَةُ وَهُوَ أَوْلَى وَأَتَمُّ فَائِدَةً (مَعَ) قِيَامِ (الْبَيِّنَةِ) وَلَوْ قَالَ فِي الْقَضَاءِ كَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ قِيَامَ الْبَيِّنَةِ مَعَ الْإِنْكَارِ وَحُصُولِ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَتَى قِيلَ مَعَ الْبَيِّنَةِ فَالْمُرَادُ الْقَضَاءُ الشَّامِلُ لِلْإِقْرَارِ

(أَوْ)(أُكْرِهَ) عَلَى إيقَاعِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي فَتْوَى وَلَا قَضَاءٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ بَلْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَأَوْقَعَ أَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ كَالْمَجْنُونِ أَيْ وَلَمْ يَكُنْ قَاصِدًا بِطَلَاقِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ بَاطِنًا وَإِلَّا لَوَقَعَ عَلَيْهِ

وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِكْرَاهَ إمَّا شَرْعِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى أَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ طَوْعٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ جَزْمًا خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا خَرَجَتْ زَوْجَتُهُ فَأَخْرَجَهَا قَاضٍ لِتَحْلِفَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ فِي نِصْفِ عَبْدٍ يَمْلِكُهُ لَا بَاعَهُ فَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ نِصْفَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ الْحَالِفِ وَكَمَّلَ بِهِ عِتْقَ الشَّرِيكِ أَوْ حَلَفَ لَا اشْتَرَاهُ فَأَعْتَقَ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ لِتَكْمِيلِ عِتْقِهِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْمُصَنِّفِ رحمه الله اخْتَارَ مَذْهَبَ الْمُغِيرَةِ وَرَدَّ بِلَوْ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الرَّاجِحَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ) الَّذِي حَلَفَ لَا بَاعَهُ أَوْ لَا اشْتَرَاهُ وَكَانَ الصَّوَابُ الْعَكْسَ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَا كَانَ الْإِكْرَاهُ فِيهِ شَرْعِيًّا (أَوْ فِي فِعْلٍ) دَاخِلٍ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ فَلَا يَحْنَثُ كَحَلِفِهِ بِطَلَاقٍ لَا أَدْخُلُ دَارًا فَأُكْرِهَ عَلَى دُخُولِهَا أَوْ حُمِلَ وَأُدْخِلَهَا مُكْرَهًا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِالْحِنْثِ فِي الْإِكْرَاهِ الْفِعْلِيِّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ صِيغَةَ بِرٍّ كَمَا مَثَّلْنَا فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ حِنْثٍ نَحْوُ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ فَأُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْيَمِينِ حَيْثُ قَالَ: وَوَجَبَتْ بِهِ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ وَمُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَأْمُرْ الْحَالِفُ غَيْرَهُ أَنْ يُكْرِهَهُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَيُكْرَهُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَقُلْ فِي يَمِينِهِ لَا أَدْخُلُهَا طَوْعًا وَلَا كُرْهًا وَأَنْ لَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ حَيْثُ كَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِأَجَلٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا بَعْدَهُ فَقَوْلُهُ فَالْمَدْعُوَّةُ لَيْسَ بَيَانًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَطْفُ بَلْ هُوَ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ فَتَطْلُقُ الْمَدْعُوَّةُ وَهِيَ حَفْصَةُ فِي الْفَتْوَى (قَوْلُهُ يُرِيدُ طَلَاقَهَا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُرِيدًا لِطَلَاقِهَا (قَوْلُهُ أَيْ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ) فَحَفْصَةُ تَطْلُقُ بِقَصْدِهِ وَعَمْرَةُ بِلَفْظِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ طَارِقُ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَعَمْرَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَإِذَا طَلُقَتْ عَمْرَةُ وَهِيَ الْمُجِيبَةُ فِي الْقَضَاءِ فَأَوْلَى حَفْصَةُ الْمَدْعُوَّةُ (قَوْلُهُ وَأَتَمُّ فَائِدَةً) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ الْقَضَاءُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَعَ الْبَيِّنَةِ مَعْنَاهُ مَعَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ تَشُدُّ عَلَى أَلْفَاظِهِ عِنْدَ إنْكَارِهِ أَوْ لَا بِأَنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ

(قَوْلُهُ أَوْ أُكْرِهَ) عَطْفٌ عَلَى سَبَقَ لِسَانُهُ أَيْ لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ وَلَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى إيقَاعِهِ

(قَوْلُهُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ) أَيْ وَهُوَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ طَوْعٍ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا اشْتَرَاهُ) أَيْ نَصِيبَ شَرِيكِهِ فِي الْعَبْدِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِكَتَقْوِيمٍ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ غَيْرَ شَرْعِيٍّ بَلْ وَلَوْ كَانَ بِكَتَقْوِيمٍ إلَخْ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ صَوَابَ وَضْعِ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَفِي فِعْلٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ صُوَرِ الْفِعْلِ لَا الْقَوْلِ فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى فِعْلٍ إلَّا بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ فَتُتَحَرَّرُ الْعِبَارَةُ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ.

(قَوْلُهُ وَكَانَ الصَّوَابُ الْعَكْسَ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَا بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَا كَانَ الْإِكْرَاهُ فِيهِ شَرْعِيًّا) أَيْ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ لَا يُطِيعُ أَبَوَيْهِ أَوْ لَا يَقْضِي فُلَانًا دَيْنَهُ الَّذِي عَلَيْهِ فَإِذَا أَكْرَهَهُ الْقَاضِي عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى طَاعَةِ أَبَوَيْهِ أَوْ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَذْهَبُ لُزُومُهُ كَمَا عَلِمْت.

(قَوْلُهُ أَوْ فِي فِعْلٍ) فِي بِمَعْنَى عَلَى هَذَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى إيقَاعِهِ بَلْ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى فِعْلٍ وَالْمُرَادُ بِالْفِعْلِ الْفِعْلُ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الَّتِي فِيهَا خِلَافُ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَمَّا الَّتِي فِيهَا حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ فَهِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ وَفِيهَا خِلَافُ الْمُغِيرَةِ وَالْمُدَوَّنَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أُكْرِهَ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ لَمْ يَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى فِعْلٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِالشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الشَّارِحِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِلُزُومِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى فِعْلٍ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ الْحِنْثِ مُقَيَّدٌ (قَوْلُهُ كَمَا مَثَّلْنَا) وَنَحْوُ إنْ دَخَلْتِ دَارَ زَيْدٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأُكْرِهَ عَلَى فِعْلِهِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةً حَنِثَ) أَيْ وَلَا يَنْفَعُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ لِانْعِقَادِهَا عَلَى الْحِنْثِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ صِيغَةَ الْبِرِّ لَا حِنْثَ فِيهَا بِالْإِكْرَاهِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا صِيغَةُ الْحِنْثِ فَلَا يَنْفَعُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ لِانْعِقَادِهَا عَلَى الْحِنْثِ.

(قَوْلُهُ وَوَجَبَتْ بِهِ) أَيْ وَوُجِّهَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ إنْ انْتَفَى الْإِكْرَاهُ بِبِرٍّ أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ إكْرَاهٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ إكْرَاهٌ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أُكْرِهَ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ حِينَ الْحَلِفِ أَنَّهُ سَيُكْرَهُ أَيْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَفْعَلَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ) أَيْ وَإِلَّا حَنِثَ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِأَجَلٍ) وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِأَجَلٍ

ص: 367

(إلَّا أَنْ يَتْرُكَ) الْمُكْرَهُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ (التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا) وَعَدَمِ دَهْشَتِهِ بِالْإِكْرَاهِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْإِتْيَانُ بِلَفْظٍ فِيهِ إيهَامٌ عَلَى السَّامِعِ كَأَنْ يَقُولَ هِيَ طَالِقٌ وَيُرِيدُ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ وَجِعَةٌ بِالطَّلْقِ فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ مَعْرِفَتِهَا حَنِثَ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ وَلَوْ عَرَّفَهَا وَتَرَكَ. وَالْإِكْرَاهُ الَّذِي لَا حِنْثَ مَعَهُ يَكُونُ (بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ) وَيَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ وَلَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُهُ وَبَيَّنَ الْمُؤْلِمَ بِقَوْلِهِ (مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ) وَإِنْ قَلَّ (أَوْ سِجْنٍ) ظُلْمًا (أَوْ قَيْدٍ) وَلَوْ لَمْ يَطُلْ (أَوْ صَفْعٍ) بِكَفٍّ فِي قَفًا (لِذِي مُرُوءَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ فِي الْأَفْصَح وَضَمِّهَا (بِمَلَإٍ) أَيْ جَمَاعَةٍ مِنْ النَّاسِ لَا فِي خَلْوَةٍ وَلَا غَيْرِ ذِي مُرُوءَةٍ أَيْ إنْ قَلَّ فَإِنْ كَثُرَ فَإِكْرَاهٌ مُطْلَقًا (أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ) وَإِنْ سَفَلَ وَكَذَا بِعُقُوبَتِهِ إنْ كَانَ بَارًّا.

(أَوْ) بِأَخْذٍ (لِمَالِهِ) أَوْ بِإِتْلَافِهِ (وَهَلْ إنْ كَثُرَ) بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ وَلَوْ قَلَّ (تَرَدُّدٌ لَا) بِخَوْفِ قَتْلِ (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الْوَلَدِ مِنْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ، وَأَمَّا قَتْلُ الْأَبِ فَقِيلَ إكْرَاهٌ كَالْوَلَدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقِيلَ لَا كَالْأَخِ (أُمِرَ) نَدْبًا فِي الْأَجْنَبِيِّ (بِالْحَلِفِ) بِالطَّلَاقِ مَا رَأَيْته وَلَا أَعْلَمُ مَوْضِعَهُ (لِيَسْلَمَ) الْأَجْنَبِيُّ مِنْ قَتْلِ الظَّالِمِ إنْ دَلَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ حَنِثَ وَكَفَّرَ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ (وَكَذَا)(الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَالْإِقْرَارُ) أَيْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَفَرَغَ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ طَائِعًا فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُتْرَكَ الْمُكْرَهُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِلْإِكْرَاهِ الْقَوْلِيِّ لَا الْفِعْلِيِّ إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّوْرِيَةُ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ لَكَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيَّ وَهُوَ اللَّفْظُ الَّذِي لَهُ مَعْنَيَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ فَيُطْلَق وَيُرَادُ مِنْهُ الْبَعِيدُ اعْتِمَادًا عَلَى قَرِينَةٍ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) أَيْ وَكَأَنْ يَقُولَ جَوْزَتِي طَالِقٌ وَيُرِيدُ جَوْزَةَ حَلْقِهِ لَيْسَ فِيهَا لُقْمَةٌ مَثَلًا بَلْ سَالِكَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ إلَخْ) أَيْ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ) أَيْ بِخَوْفِ شَيْءٍ مُؤْلِمٍ يَحْصُلُ لَهُ حَالًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ) أَيْ بِحُصُولِ ذَلِكَ الْمُؤْلِمِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُهُ أَيْ تَيَقُّنُ حُصُولِهِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ خِلَافًا لِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ السِّجْنِ وَالْقَيْدِ وَهَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُكْرَهُ مِنْ ذَوِي الْأَقْدَارِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا يُعَدُّ إكْرَاهًا إلَّا إذَا هَدَّدَ بِطُولِ الْإِقَامَةِ فِي السِّجْنِ أَوْ الْقَيْدِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لَا فِي خَلْوَةٍ) أَيْ فَلَيْسَ إكْرَاهًا لَا فِي حَقِّ ذِي الْمُرُوءَةِ وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَلَأَ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمَاعَةِ مِنْ الْأَشْرَافِ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا فُعِلَ مَعَهُ ذَلِكَ فِي الْخَلَاءِ.

(قَوْلُهُ فَإِكْرَاهٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَلَإِ أَوْ فِي الْخَلَاءِ لِذِي مُرُوءَةٍ أَوْ غَيْرِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ خَوْفَ الصَّفْعِ الْكَثِيرِ إكْرَاهٌ مُطْلَقًا كَانَ حُصُولُهُ فِي الْمَلَإِ أَوْ فِي الْخَلَاءِ لِذِي مُرُوءَةٍ وَغَيْرِهِ وَخَوْفُ الصَّفْعِ الْقَلِيلِ إنْ كَانَ حُصُولُهُ فِي الْخَلَاءِ فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَلَإِ فَهُوَ إكْرَاهٌ لِذِي الْمُرُوءَةِ لَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ) عَطْفُ عَلَى مُؤْلِمٍ أَيْ أَوْ خَوْفِ قَتْلِ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَفَلَ) أَيْ وَلَوْ عَاقًّا (قَوْلُهُ أَوْ بِأَخْذٍ لِمَالِهِ إلَخْ) أَيْ أَوْ بِخَوْفِ أَخْذٍ لِمَالِهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُؤْلِمٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ جَرَى فِي التَّخْوِيفِ بِأَخْذِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قِيلَ إكْرَاهٌ، وَقِيلَ لَيْسَ إكْرَاهًا، وَقِيلَ إنْ كَثُرَ فَإِكْرَاهٌ وَإِلَّا فَلَا. وَالْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَالثَّانِي لِأَصْبَغَ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، ثُمَّ إنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الثَّالِثَ تَفْسِيرًا لِلْأَوَّلَيْنِ وَذَلِكَ كَابْنِ بَشِيرٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَعَلَى هَذَا فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَمِنْهُمْ كَابْنِ الْحَاجِبِ مَنْ جَعَلَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ مُتَقَابِلَةً إبْقَاءً لَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَإِلَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إنْ كَثُرَ إلَخْ فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إنْ كَثُرَ لِطَرِيقَةِ الْوِفَاقِ وَحَذْفِ طَرِيقَةِ الْخِلَافِ أَيْ أَوْ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ تَرَدُّدٌ مَعْنَاهُ طَرِيقَتَانِ فِي رُجُوعِ الْأَقْوَالِ لِقَوْلٍ وَاحِدٍ أَوْ بَقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ كَوْنِهَا أَقْوَالًا مُتَبَايِنَةً.

(قَوْلُهُ لَا أَجْنَبِيٍّ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى وَلَدِهِ أَيْ لَا خَوْفِ قَتْلِ أَجْنَبِيٍّ أَيْ فَلَيْسَ إكْرَاهًا فَإِذَا قَالَ لَهُ ظَالِمٌ إنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا قَتَلْت فُلَانًا صَاحِبَك أَوْ أَخَاك أَوْ عَمَّك فَطَلَّقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ التَّخْوِيفَ بِقَتْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ غَيْرُ الْوَلَدِ لَا يُعَدُّ إكْرَاهًا شَرْعًا.

(قَوْلُهُ وَأُمِرَ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ ظَالِمٌ لِشَخْصٍ فُلَانٌ عِنْدَك وَتَعْلَمُ مَكَانَهُ ائْتِنِي بِهِ أَقْتُلُهُ أَوْ آخُذُ مِنْهُ كَذَا أَوْ إنْ لَمْ تَأْتِنِي بِهِ قَتَلْت زَيْدًا صَاحِبَك أَوْ أَخَاك فَقَالَ: لَيْسَ عِنْدِي وَلَا أَعْلَمُ مَكَانَهُ فَأَحْلَفَهُ الظَّالِمُ عَلَى ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ يَعْلَمُ مَكَانَهُ وَقَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ لِذَلِكَ الظَّالِمِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَكِنْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي الْحَلِفِ بَلْ أَتَى بِمَنْدُوبٍ فَيُثَابُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَوْ تَحَقَّقَ الْحَالِفُ حُصُولَ مَا يَنْزِلُ بِزَيْدٍ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ وَهُوَ كَذَلِكَ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ نَدْبِ الْحَلِفِ لَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ تَخْلِيصِ الْمُسْتَهْلَكِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ مَا لَمْ يُؤَدِّ التَّخْلِيصُ إلَى الْحَلِفِ كَاذِبًا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ.

{تَنْبِيهٌ} لَوْ تَرَكَ الْمَأْمُورُ الْحَلِفَ وَقُتِلَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ الْمَطْلُوبُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَلِكَ الْمَأْمُورِ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ إنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ نَعَمْ إنْ دَلَّ الْمَأْمُورُ الظَّالِمَ عَلَى ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ ضَمِنَ.

(قَوْلُهُ وَكَفَّرَ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ) أَيْ وَيُكَفِّرُ ذَلِكَ الْحَالِفُ عَنْ يَمِينِهِ إذَا كَانَتْ بِاَللَّهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ غَمُوسًا إلَّا أَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِالْحَالِ وَقَدْ مَرَّ

ص: 368

مِثْلُ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ بِمَا ذُكِرَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْعِتْقِ إلَخْ نَحْوُ إنْ لَمْ تُعْتِقْ عَبْدَك أَوْ لَمْ تُزَوِّجْنِي بِنْتَك أَوْ تُقِرَّ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِك كَذَا قَتَلْتُك أَوْ ضَرَبْتُك إلَخْ (وَالْيَمِينُ) بِاَللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ نَحْوُ إنْ لَمْ تَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَوْ بِصَوْمِ الْعَامِ أَوْ بِعِتْقِ عَبْدِك عَلَى أَنْ لَا تُكَلِّمَ زَيْدًا أَوْ لَا تَدْخُلَ دَارِي لَقَتَلْتُك إلَخْ (وَنَحْوُهُ) كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ لَا تَلْزَمُ بِالْإِكْرَاهِ بِمَا ذُكِرَ (وَأَمَّا الْكُفْرُ) أَيْ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمَا يَقْتَضِي الِاتِّصَافَ بِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (وَسَبُّهُ عليه الصلاة والسلام) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَشَدِّيَّتِهِ (وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ) وَكَذَا سَبُّ الصَّحَابَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ قَذْفٍ (فَإِنَّمَا يَجُوزُ) الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ (لِلْقَتْلِ) أَيْ لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مُعَايَنَتِهِ لَا بِغَيْرِهِ وَلَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ وَلَوْ فَعَلَ ارْتَدَّ وَحُدَّ لِلْمُسْلِمِ (كَالْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ) مِنْ الْقُوتِ (مَا يَسُدُّ) أَيْ يَحْفَظُ (رَمَقَهَا) بَقِيَّةَ حَيَاتِهَا وَلَوْ بِمَيْتَةٍ أَوْ خِنْزِيرٍ (إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا) فَيَجُوزُ لَهَا الزِّنَا لِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ سَدُّ رَمَقِ صِبْيَانِهَا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ.

(وَصَبْرُهُ) أَيْ مَنْ ذُكِرَ عَلَى الْقَتْلِ كَصَبْرِ الْمَرْأَةِ عَلَى الْمَوْتِ (أَجْمَلُ) عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْكُفْرِ وَالسَّبِّ وَالْقَذْفِ وَإِقْدَامِهَا عَلَى الزِّنَا (لَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ) وَلَوْ رَقِيقًا فَلَا يَجُوزُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ (وَقَطْعُهُ) أَيْ قَطْعُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ أُنْمُلَةً فَلَا يَجُوزُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ بَلْ يَرْضَى بِقَتْلِ نَفْسِهِ وَلَا يَقْطَعُ أُنْمُلَةَ غَيْرِهِ (وَ) لَا (أَنْ يَزْنِيَ) أَيْ بِمُكْرَهَةٍ أَوْ ذَاتِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ فَلَا يَجُوزُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ وَأَمَّا بِطَائِعَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ فَيَجُوزُ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِالْقَتْلِ لَا غَيْرِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهَا أَنَّهَا تُكَفَّرُ إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْحَالِ أَوْ الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ اللَّغْوِ فَإِنَّهَا لَا تُكَفَّرُ إلَّا إذَا تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ مِثْلُ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ بِمَا ذُكِرَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْعِتْقِ إلَخْ) أَيْ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ قَتَلْتُك أَوْ ضَرَبْتُك) أَيْ أَوْ سَجَنْتُك أَوْ صَفَعْتُك بِمَلَإٍ أَوْ قَتَلْت وَلَدَك أَوْ نَهَبْت مَالَك فَإِذَا خَافَ وَأَعْتَقَ أَوْ زَوَّجَ أَوْ أَقَرَّ أَوْ بَاعَ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَقَتَلْتُك إلَخْ) أَيْ أَوْ ضَرَبْتُك أَوْ سَجَنْتُك أَوْ صَفَعْتُك بِمَلَإٍ أَوْ قَتَلْت وَلَدَك أَوْ نَهَبْت مَالَك فَإِذَا خَافَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ لَهُ يَفْعَلُ مَعَهُ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ فَحَلَفَ لَهُ فَلَا تَنْعَقِدُ تِلْكَ الْيَمِينُ فَإِذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) نَحْوُ إنْ لَمْ تَبِعْ شَيْئَك الْفُلَانِيَّ أَوْ إنْ لَمْ تَشْتَرِ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ وَإِلَّا قَتَلْتُك أَوْ ضَرَبْتُك أَوْ سَجَنْتُك أَوْ قَتَلْت وَلَدَك أَوْ نَهَبْت مَالَك، فَإِذَا خَافَ أَنْ يَفْعَلَ مَعَهُ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ إنْ لَمْ يَبِعْ شَيْئَهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشْتَرِ فَبَاعَ أَوْ اشْتَرَى فَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ وَلَا الشِّرَاءُ (قَوْلُهُ وَسَائِرِ الْعُقُودِ) أَيْ كَعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالصَّرْفِ وَالْهِبَةِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْكُفْرُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأُمُورَ الْمُتَقَدِّمَةَ مِنْ طَلَاقٍ وَأَيْمَانٍ بِغَيْرِهِ وَنِكَاحٍ وَعِتْقٍ وَإِقْرَارٍ وَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَسَائِرِ الْعُقُودِ يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ إلَّا بِالْخَوْفِ مِنْ الْقَتْلِ وَمَا مَعَهُ وَأَمَّا هَذِهِ الْأُمُورُ وَهِيَ الْكُفْرُ وَمَا مَعَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ إلَّا بِالْخَوْفِ مِنْ الْقَتْلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ بِمَا يَقْتَضِي الِاتِّصَافَ بِهِ) أَيْ فِي الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَالْمُكْرَهُ عَلَى الْكُفْرِ لَا يَكْفُرُ (قَوْلُهُ مِنْ قَوْلٍ) أَيْ كَسَبِّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَوْلُهُ أَوْ فِعْلٍ أَيْ كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ فِي قَذَرٍ (قَوْلُهُ وَسَبُّهُ عليه الصلاة والسلام) وَكَذَا سَبُّ نَبِيٍّ مُجْمَعٍ عَلَى نُبُوَّتِهِ أَوْ مَلَكٍ مُجْمَعٍ عَلَى مَلَكِيَّتِهِ أَوْ الْحُورِ الْعِينِ فَلَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْقَتْلَ، أَمَّا مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ كَالْخَضِرِ وَمَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى مَلَكِيَّتِهِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ فَيَجُوزُ سَبُّهُمَا إذَا خَافَ مُؤْلِمًا مِمَّا مَرَّ وَلَوْ غَيْرَ الْقَتْلِ كَذَا فِي عبق وَفِيهِ أَنَّ سَبَّ الصَّحَابَةِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَهُمْ أَوْلَى فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُمْ كَالصَّحَابَةِ وَلَا يَجُوزُ سَبُّهُمْ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ (قَوْلُهُ وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ) أَيْ رَمْيُهُ بِالزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ (قَوْلُهُ وَكَذَا سَبُّ الصَّحَابَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ قَذْفٍ) أَيْ وَأَمَّا سَبُّ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ فَيَجُوزُ وَلَوْ خَوْفٌ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَكَذَا قَذْفُ غَيْرِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَعَلَ ارْتَدَّ) أَيْ وَلَوْ خَوْفٌ بِغَيْرِ الْقَتْلِ كَالضَّرْبِ وَقَتْلِ الْوَلَدِ وَنَهْبِ الْمَالِ وَفَعَلَهُ أَيْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ النَّبِيَّ ارْتَدَّ بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَّ لِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَلَا يَرْتَدُّ وَلَا يُحَدُّ لِلْقَذْفِ (قَوْلُهُ بَقِيَّةَ حَيَاتِهَا) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لَهَا الزِّنَا لِذَلِكَ) أَيْ لِسَدِّ رَمَقِهَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ لِذَلِكَ وَيَقُولَ فَيَجُوزَ لَهَا الزِّنَا بِمَا يُشْبِعُهَا لَا بِمَا يَسُدُّ رَمَقَهَا فَقَطْ، فَإِذَا وَجَدَتْ مَنْ يَزْنِي بِهَا وَيُشْبِعُهَا وَمَنْ يَزْنِي بِهَا وَيَسُدُّ رَمَقَهَا زَنَتْ لِمَنْ يُشْبِعُهَا وَلَوْ كَانَ يَزْنِي بِهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَالْمَرْأَةُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُمَكِّنَ مِنْ اللِّوَاطِ فِيهِ وَلَوْ أَدَّى الْجُوعُ لِمَوْتِهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا تَجِدُ إلَخْ عَدَمُ جَوَازِ إقْدَامِهَا عَلَى ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ مَيْتَةٍ تَسُدُّ رَمَقَهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ لِلْمُضْطَرِّ وَمَفْهُومُ الْمَرْأَةِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ إلَّا أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةٍ تُعْطِيهِ مَا يَسُدُّ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ فِي عبق، وَالْحَقُّ الْجَوَازُ إذَا كَانَتْ طَائِعَةً وَلَا مَالِكَ لِبُضْعِهَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ أُخِذَ مِمَّا يَأْتِي كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ مَنْ ذُكِرَ) أَيْ وَهُوَ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ سَبِّ النَّبِيِّ أَوْ عَلَى قَذْفِ الْمُسْلِمِ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ أَجْمَلُ عِنْدَ اللَّهِ) أَيْ أَنَّهُ أَفْضَلُ وَأَكْثَرُ ثَوَابًا اهـ خش (قَوْلُهُ لَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ إلَخْ) فَإِذَا قَالَ لَهُ ظَالِمٌ إنْ لَمْ تَقْتُلْ فُلَانًا أَوْ تَقْطَعْهُ قَتَلْتُك فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ فُلَانٍ وَقَطْعُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْضَى بِقَتْلِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَزْنِيَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الظَّالِمَ إذَا قَالَ لَهُ إنْ لَمْ تَزْنِ بِفُلَانَةَ قَتَلْتُك فَلَا يَجُوزُ لَهُ الزِّنَا بِهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرِّضَا بِقَتْلِ نَفْسِهِ إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مُكْرَهَةً أَوْ كَانَتْ طَائِعَةً وَكَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ

ص: 369

(وَفِي لُزُومِ) يَمِينِ (طَاعَةٍ أُكْرِهَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْحَلِفِ بِهَا نَفْيًا وَإِثْبَاتًا كَمَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ أَوْ لَا يَغُشَّ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لَيَتَصَدَّقَنَّ بِكَذَا أَوْ لَيُصَلِّيَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَمَتَى شَرِبَ أَوْ غَشَّ وَمَتَى لَمْ يَتَصَدَّقْ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ حَنِثَ وَلَا يُعَدُّ مُكْرَهًا وَعَدَمُ اللُّزُومِ فَلَا حِنْثَ نَظَرًا لِلْإِكْرَاهِ (قَوْلَانِ) وَأَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى يَمِينٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِمَعْصِيَةٍ كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ لَيَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ أَوْ بِمُبَاحٍ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ اتِّفَاقًا وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ قَوْلَهُ (كَإِجَازَتِهِ) أَيْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ (كَالطَّلَاقِ) بِمَعْنَى مِثْلُ فَيَدْخُلُ الْعِتْقُ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَنَحْوُهَا أَيْ أَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى فِعْلِ مَا ذُكِرَ ثُمَّ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ أَجَازَهُ (طَائِعًا) فَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا أَجَازَهُ نَظَرًا لِلطَّوْعِ أَوْ لَا؟ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَلِأَنَّ حُكْمَ الْإِكْرَاهِ بَاقٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فَاسِدًا لَا يَصِحُّ بَعْدُ قَوْلَانِ (وَالْأَحْسَنُ الْمُضِيُّ) فَيَلْزَمُهُ مَا أَجَازَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَدْخُلُ النِّكَاحُ تَحْتَ الْكَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ اتِّفَاقًا

(وَمَحَلُّهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (مَا مَلَكَ) مِنْ الْعِصْمَةِ فَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى عِصْمَةٍ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ نُفُوذِ الطَّلَاقِ (وَإِنْ تَعْلِيقًا كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ هِيَ طَالِقٌ عِنْدَ خِطْبَتِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَيْ قَالَ عِنْدَ خِطْبَتِهَا هِيَ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ (إنْ دَخَلْت) الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ (وَنَوَى) إنْ دَخَلْتهَا (بَعْدَ نِكَاحِهَا)(وَتَطْلُقُ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ اللَّامِ أَيْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (عَقِبَهُ) بِدُونِ يَاءٍ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ أَيْ عَقِبَ النِّكَاحِ فِي الْأُولَى وَعَقِبَ دُخُولِ الدَّارِ فِي الثَّانِيَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (النِّصْفُ) أَيْ نِصْفُ صَدَاقِهَا لَكِنْ فِي الثَّانِيَةِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَمَّا لَوْ كَانَتْ طَائِعَةً وَلَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ فَيَجُوزُ لَهُ الزِّنَا بِهَا إذَا خُوِّفَ بِالْقَتْلِ لَا بِغَيْرِهِ كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ سَحْنُونًا سَوَّى بَيْنَ الزِّنَا بِالطَّائِعَةِ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ وَبَيْنَ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يَكُونُ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مُطْلَقًا اهـ بْن

(قَوْلُهُ وَفِي لُزُومِ يَمِينِ طَاعَةٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى طَاعَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الطَّاعَةُ تَرْكًا أَوْ فِعْلًا فَهَلْ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الْيَمِينُ أَوْ لَا تَلْزَمُهُ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ مِنْهُمَا قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَالثَّانِي قَوْلُ أَصْبَغَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الثَّانِي اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ عَلَى الْحَلِفِ بِهَا أَيْ بِالطَّاعَةِ أَيْ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ نَفْيًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ تِلْكَ الطَّاعَةِ نَفْيًا أَيْ تَرْكًا لِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ أَوْ إثْبَاتًا أَيْ فِعْلًا لِشَيْءٍ.

(قَوْلُهُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ فِعْلُ الْمَعْصِيَةِ أَوْ الْمُبَاحِ وَلَا يَحْنَثُ بِعَدَمِ فِعْلِهِمَا (قَوْلُهُ عَلَى فِعْلِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهَا أَيْ وَفِعْلُهُ وَقَوْلُهُ أَجَازَهُ أَيْ أَجَازَ مَا فَعَلَهُ مُكْرَهًا (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فَاسِدًا) أَيْ حَالَ الْإِكْرَاهِ وَقَوْلُهُ لَا يَصِحُّ بَعْدَ أَيْ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَاسِدًا (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) هُمَا لِسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ مَا أَجَازَهُ) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَأَحْكَامُ الطَّلَاقِ مِنْ عِدَّةٍ وَغَيْرِهَا مِنْ يَوْمِ الْوُقُوعِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ بِخِلَافِ طَلَاقِ الْفُضُولِيِّ إذَا أَجَازَهُ الزَّوْجُ فَإِنَّ أَحْكَامَ الطَّلَاقِ تُعْتَبَرُ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُوقِعَ وَالْمُجِيزَ هُنَا وَاحِدٌ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْفُضُولِيِّ فَالْمُوقِعُ لَهُ غَيْرُ الْمُجِيزِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ ثُمَّ زَالَ الْإِكْرَاهُ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِجَازَتِهِ اتِّفَاقًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَلَوْ انْعَقَدَ لَبَطَلَ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فِيهِ خِيَارٌ

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعْلِيقًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمِلْكُ تَحْقِيقًا بَلْ وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ تَعْلِيقًا أَيْ ذَا تَعْلِيقٍ أَوْ مُعَلَّقًا عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَلِقَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ كَانَ أَوْلَى، ثُمَّ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ التَّعْلِيقِ غَيْرَ صَرِيحٍ بِأَنْ كَانَ بِالنِّيَّةِ كَفُلَانَةُ طَالِقٌ وَنَوَى بَعْدَ تَزْوِيجِهِ بِهَا، وَكَالْمِثَالِ الثَّانِي فِي الْمَتْنِ أَوْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَانَ صَرِيحًا كَإِنْ تَزَوَّجَتْ فُلَانَةُ فَهِيَ طَالِقٌ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ التَّصْرِيحَ بِهِ لِوُضُوحِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّعْلِيقِ غَيْرِ الصَّرِيحِ لِخَفَائِهِ، فَإِنْ كَانَتْ الْعِصْمَةُ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ وَقْتَ الطَّلَاقِ لَا حَقِيقَةً وَلَا تَعْلِيقًا فَلَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ كَمَا إذَا قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مِنْ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ رحمه الله.

(قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ) أَيْ لَا أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِهِ لَهَا فَوُقُوعُ هَذَا الْكَلَامِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيقِ وَأَنَّ الْمُرَادَ هِيَ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجَهَا (قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ) حَذْفُهُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ إنْ دَخَلْت فَقَطْ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ إذْ لَوْ رَجَعَ لَهُ لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهَا (قَوْلُهُ وَتَطْلُقُ عَقِبَهُ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ فَذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِحُكْمِ حَاكِمٍ بِلُزُومِ التَّعْلِيقِ، وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْعَقِبِ الْمُقَارَنَةُ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنَّهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُمْ الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ يَقَعَانِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَيْ قَدْ يَقَعَانِ فَلَيْسَ كُلِّيًّا تَأَمَّلْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ) أَيْ الْمَرْأَتَيْنِ وَهُمَا الَّتِي قَالَ لَهَا عِنْدَ الْخِطْبَةِ

ص: 370

قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْمُسَمَّى كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَيَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ النِّصْفُ كُلَّمَا عَقَدَ عَلَيْهَا إذَا أَتَى بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَقَوْلِهِ كُلَّمَا تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ (إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ) أَيْ إلَّا بَعْدَ ثَالِثِ مَرَّةٍ وَهِيَ الرَّابِعَةُ أَيْ وَقَبْلَ زَوْجٍ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا رَابِعَ مَرَّةٍ قَبْلَ زَوْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (عَلَى الْأَصْوَبِ) وَأَمَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَيَعُودُ الْحِنْثُ وَلُزُومُ النِّصْفِ إلَّا أَنْ تَتِمَّ الْعِصْمَةُ وَهَكَذَا؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَمْ تَكُنْ حَاصِلَةً حِينَ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا حَلَفَ عَلَى عِصْمَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ بِخِلَافِ لَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِهَا فَحَلَفَ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ فَيَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي هِيَ مَمْلُوكَةٌ فَقَطْ

(وَلَوْ دَخَلَ) بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (فَالْمُسَمَّى فَقَطْ) إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَرُدَّ بِقَوْلِهِ فَقَطْ عَلَى مَنْ يَقُولُ يَلْزَمُهُ صَدَاقٌ وَنِصْفٌ أَمَّا النِّصْفُ فَلِلُزُومِهِ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَلِدُخُولِهِ وَلَيْسَ بِزِنًا مَحْضٍ ثُمَّ شُبِّهَ فِي لُزُومِ الْمُسَمَّى بِالْبِنَاءِ.

قَوْلُهُ (كَوَاطِئٍ) زَوْجَتَهُ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ وَقَدْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى دُخُولِ دَارٍ مَثَلًا (بَعْدَ حِنْثِهِ) أَيْ وَطِئَهَا بَعْدَ دُخُولِهَا الدَّارَ (وَلَوْ يَعْلَمُ) بِحِنْثِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُكْمِ وَهُوَ حُرْمَةُ الْوَطْءِ بَعْدَ الْحِنْثِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْمُسَمَّى فَقَطْ عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَا كَانَتْ طَائِعَةً أَوْ مُكْرَهَةً وَلَوْ وَطِئَ مِرَارًا فَلَوْ عَلِمَ تَعَدَّدَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ فَيَلْزَمُهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِكُلِّ وَطْأَةٍ بَعْدَ حِنْثِهِ حَيْثُ كَانَتْ هِيَ غَيْرَ عَالِمَةٍ أَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنْتِ طَالِقٌ وَاَلَّتِي قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا وَمَحَلُّ لُزُومِ نِصْفِ الْمُسَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا إنْ كَانَ هُنَاكَ مُسَمًّى وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ وَبَعْدَ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ وَيَتَكَرَّرُ إلَخْ) هَذَا دُخُولٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الصِّيغَةَ إذَا كَانَتْ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْوَسِيلَةَ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا مَقْصِدُهَا لَمْ تُشْرَعْ وَالْمَقْصِدُ مِنْ النِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٌ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا تَزَوَّجَ طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ صَدَاقٌ؛ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ كَطَلَاقِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ فِي حَاشِيَةِ التَّوْضِيحِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ كَطَلَاقِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ فَاسِدًا لِصَدَاقِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ هُنَاكَ اهـ بْن.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ فَاسِدًا لِصَدَاقِهِ إذَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ طَلَّقَ مِنْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ كَمَا هُنَا فَفِي الطَّلَاقِ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ نِصْفُ الْمُسَمَّى.

(قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَنْحَلُّ بِالدُّخُولِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا ثَانِيًا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ) أَيْ إلَّا إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ثَالِثِ مَرَّةٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ مِنْ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى فَسَادِهِ إذْ لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَكُلُّ مَا كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصْوَبِ) أَيْ عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِإِلْغَاءِ التَّعْلِيقِ كَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فِي الْمَرْجُوعِ عَنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إلَى أَنْ تَتِمَّ الْعِصْمَةُ) أَيْ فَإِذَا أَتَمَّتْ وَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ عَادَ الْحِنْثُ وَلُزُومُ النِّصْفِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَهَكَذَا أَيْ يَسْتَمِرُّ عَوْدُ الْحِنْثِ وَلُزُومُ النِّصْفِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِهَا فَحَلَفَ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى

(قَوْلُهُ وَلَوْ)(دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الَّتِي قَالَ لَهَا عِنْدَ خِطْبَتِهَا هِيَ طَالِقٌ وَنَوَى إنْ نَكَحَهَا وَاَلَّتِي قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ تَزْوِيجَاتٍ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الثَّلَاثِ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْمُسَمَّى إذَا دَخَلَ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ بَعْدَ الثَّلَاثِ تَزْوِيجَاتٍ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ مِنْ الْفَاسِدِ الَّذِي يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِعَقْدِهِ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِيهِ الْمُسَمَّى إذَا فُسِخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ فَالْمُسَمَّى فَقَطْ) أَيْ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْوَطْءُ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ عِلْمِهِ حِينَ الْوَطْءِ بِأَنَّهَا هِيَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا عَلَى النِّكَاحِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ الْآتِي وَإِلَّا تَعَدَّدَ الصَّدَاقُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَا رَدَّ عبق قَوْلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ لِلصُّورَتَيْنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَرَدَّ بِقَوْلِهِ فَقَطْ عَلَى مَنْ يَقُولُ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ وَهْبٍ وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَطْءَ الْمُسْتَنِدَ لِعَقْدِهِ لَهُ مُسَمًّى صَحِيحٌ لَا يَزِيدُ عَلَى مَهْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِزِنًا مَحْضٍ) أَيْ لِاسْتِنَادِهِ لِلْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِحِنْثِهِ) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُكْمِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْحِنْثِ وَقَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج قَالَ بْن وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحِنْثِ عَلِمَ بِالْحُكْمِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْمُسَمَّى) أَيْ الْمَهْرُ الَّذِي تَزَوَّجَهَا بِهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ وَطْؤُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ مُسْتَنِدًا لِعَقْدٍ وَالْوَطْءُ إذَا اسْتَنَدَ لِلْعَقْدِ وَلَوْ تَكَرَّرَ لَا يُوجِبُ مَهْرًا آخَرَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَتِهِ فَكَأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالْفَرْضُ أَنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي عَلَّقَهُ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ وَكَانَ وَطْؤُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَا) مُقْتَضَى مَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا إذَا عَلِمَتْ إلَّا النِّصْفُ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْعَالِمَةَ الطَّائِعَةَ لَا مَهْرَ لَهَا بِالْوَطْءِ وَلَوْ كَانَ الْوَاطِئُ ذَا شُبْهَةٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَ)

ص: 371

وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَإِلَّا فَلَا يَتَعَدَّدُ وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَمْ لَا عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَا إذْ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ (كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ أَيْ فَكَمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِيمَا تَقَدَّمَ يَلْزَمُهُ أَيْضًا إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ الرُّومِ أَوْ مِنْ السُّودَانِ فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ حَيْثُ أَبْقَى مِنْ غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَثِيرًا مِنْ النِّسَاءِ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَأَنْ أَبْقَى أَهْلَ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ كَثِيرًا شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ نِسَاءٍ أَوْ زَمَانٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ زَمَانٍ وَقَوْلُهُ (بِذِكْرِ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأَبْقَى كَمَا مَثَّلْنَا لَهُمَا

(أَوْ زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا) نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى سَنَةِ كَذَا أَوْ فِي مُدَّةِ عَشْرِ سِنِينَ طَالِقٌ وَقَوْلُهُ ظَاهِرًا أَيْ غَالِبًا وَهِيَ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ الْآتِي بَيَانُهَا وَلَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ مُدَّةٍ بَعْدَ مَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا يَتَزَوَّجُ فِيهَا وَيَحْصُلُ لَهُ فِيهَا النَّفْعُ بِالتَّزَوُّجِ (لَا فِيمَنْ) أَيْ زَوْجَةٍ (تَحْتَهُ) حَالَ الْيَمِينِ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُهَا (إلَّا إذَا) أَبَانَهَا ثُمَّ (تَزَوَّجَهَا) فَتَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ (وَلَهُ نِكَاحُهَا) أَيْ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ هِيَ طَالِقٌ عِنْدَ خِطْبَتِهَا إلَخْ وَلِمَنْ أَبَانَهَا حَيْثُ كَانَتْ الْأَدَاةُ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَلَمْ يَذْكُرْ جِنْسًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ بِالْحِنْثِ وَبِحُرْمَةِ الْوَطْءِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَالِمَةً طَائِعَةً (قَوْلُهُ كَانَ أَبْقَى كَثِيرًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِتَعْلِيقٍ أَوْ بِدُونِهِ وَقَدْ مَثَّلَ الشَّارِحُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا.

(قَوْلُهُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ الرُّومِ أَوْ مِنْ السُّودَانِ فَهِيَ طَالِقٌ) فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ وَأَهْلِ بَلَدِ كَذَا وَالسُّودَانُ وَالرُّومِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَقِيَ فَإِذَا تَزَوَّجَ مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ طَلُقَتْ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ (قَوْلُهُ مِنْ كَذَا) أَيْ مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ الرُّومِ أَوْ مِنْ السُّودَانِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ أَيْ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ حَيْثُ أَبْقَى إلَخْ) هَذِهِ حَيْثِيَّةُ تَقْيِيدٍ أَيْ إنْ أَبْقَى وَهُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ يَلْزَمُهُ أَيْضًا إذَا قَالَ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَأَنْ أَبْقَى أَهْلَ مَكَّةَ) نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ (قَوْلُهُ مِنْ نِسَاءٍ) نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ فَهِيَ طَالِقٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ زَمَانٍ نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَهِيَ طَالِقٌ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ زَمَانٍ) أَيْ فَذِكْرُهُ الزَّمَانَ يَقْتَضِي أَنْ يُقَدِّرَ الْمَوْصُوفُ شَيْئًا إذْ لَوْ قَدَّرَ نِسَاءً فَقَطْ لَزِمَ أَنْ يُفَسِّرَ كَثِيرًا بِمَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَهُ

(قَوْلُهُ الْآتِي بَيَانُهَا) أَيْ مِنْ كَوْنِهَا سَبْعِينَ سَنَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ ثَمَانِينَ أَوْ خَمْسًا وَسَبْعِينَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُعَمَّرُ هُنَا بِالتِّسْعِينَ بِتَقْدِيمِ التَّاءِ احْتِيَاطًا فِي الْفُرُوجِ أَيْ بِخِلَافِ الْمَفْقُودِ فَإِنَّهُ يُعَمَّرُ فِيهِ بِسَبْعِينَ أَوْ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ لَهُ النَّفْعُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فِيهَا النَّفْعُ بِالتَّزْوِيجِ مِنْ حَيْثُ الْوَطْءُ لَا مُجَرَّدُ الْعَقْدِ كَأَنْ يُقَدَّرَ لَهُ سَنَتَانِ وَلَا يُشْتَرَطُ الِانْتِفَاعُ بِوِلَادَةِ الْأَوْلَادِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِذَا كَانَ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً وَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فِي مُدَّةِ عَشْرَةِ أَعْوَامٍ أَوْ عِشْرِينَ عَامًا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِذَا ضُمَّتْ الْمُدَّةُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ كَانَتْ الْجُمْلَةُ ثَلَاثِينَ عَامًا أَوْ أَرْبَعِينَ فَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْعُمْرِ الْمُعْتَادِ ثَلَاثُونَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعُونَ وَهَذِهِ الْمُدَّةُ يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّزَوُّجُ وَالِانْتِفَاعُ بِالزَّوَاجِ، فَإِذَا تَزَوَّجَ فِي الزَّمَانِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَنِثَ وَأَمَّا إذَا كَانَ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً وَحَلَفَ عَلَى تَرْكِ الزَّوَاجِ خَمْسِينَ سَنَةً فَلَا يَحْنَثُ إذَا تَزَوَّجَ؛ لِأَنَّ السَّبْعِينَ مُدَّةُ الْعُمْرِ الْمُعْتَادِ فَلَمْ يَبْقَ زَمَانٌ يَتَزَوَّجُ فِيهِ وَيَنْتَفِعُ بِالزَّوَاجِ فِيهِ.

ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا غَيْرَ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ مُسْتَقْبَلٍ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ يُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى التَّزَوُّجِ فِي زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ وَمَا يَأْتِي عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى نَفْسِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ الَّذِي يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ سَنَةٍ وَحَيْثُ كَانَ الْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفًا فَلَا يَكُونُ مَا يَأْتِي تَكْرَارًا مَعَ مَا هُنَا (قَوْلُهُ لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ وَلَهُ زَوْجَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ الْبَلَدِ تَحْتَهُ قَبْلَ الْحَلِفِ فَإِنَّهَا لَا تَدْخُلُ لِأَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ نِكَاحُهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ عِنْدَ خِطْبَتِهَا هِيَ طَالِقٌ وَنَوَى إذَا تَزَوَّجَهَا أَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَالْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ وَهِيَ أَنَّ مَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ لَا يُشْرَعُ، وَالْمَقْصُودُ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ بِهَذَا الْعَقْدِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَتَزَوَّجُك عَلَى أَنِّي طَالِقٌ عَقِبَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ صَدَاقًا إنْ تَزَوَّجَتْهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّ جَوَازَ تَزَوُّجِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ وَهُوَ الْوَطْءُ لَكِنْ لَهُ فَائِدَةٌ تَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ حِلِّيَّتُهَا لَهُ وَتَبْقَى مَعَهُ بِطَلْقَتَيْنِ وَلِذَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ لَمْ يُبَحْ لَهُ تَزَوُّجُهَا لَأَنْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ أَبَانَهَا) أَيْ وَلِمَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَتْ الْأَدَاةُ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) هَذَا الْقَيْدُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ

ص: 372

وَلَا بَلَدًا وَلَا زَمَنًا بَلَغَهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا كَمَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَلَوْ ثَلَاثًا فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا وَفَائِدَةُ جَوَازِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمَقْصُودُ مِنْ حِلِّهَا لَهُ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ حَيْثُ كَانَ بِالثَّلَاثِ وَلِذَا لَوْ كَانَتْ الْأَدَاةُ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ ذَكَرَ جِنْسًا أَوْ بَلَدًا لَمْ يَجُزْ لَهُ زَوَاجُهَا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ

(وَ) لَهُ (نِكَاحُ الْإِمَاءِ فِي) قَوْلِهِ (كُلُّ حُرَّةٍ) أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِيَمِينِهِ كَعَادِمِ الطَّوْلِ حَيْثُ خَافَ الزِّنَا (وَلَزِمَ) التَّعْلِيقُ (فِي الْمِصْرِيَّةِ) مَثَلًا (فِيمَنْ أَبُوهَا كَذَلِكَ) مِصْرِيٌّ وَأُمُّهَا شَامِيَّةٌ وَالْأُمُّ تَبَعٌ لِلْأَبِ وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَ أُمِّهَا بِالشَّامِ (وَ) لَزِمَ فِي (الطَّارِئَةِ) عَلَى مِصْرَ (إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ) أَيْ طِبَاعِهِنَّ لَا إنْ لَمْ تَتَخَلَّقْ وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهَا (وَ) إنْ حَلَفَ لَا أَتَزَوَّجُ (فِي مِصْرَ)(يَلْزَمُ فِي) جَمِيعِ (عَمَلِهَا إنْ نَوَى) عَمَلَهَا وَهُوَ إقْلِيمُهَا أَوْ جَرَى بِهِ عُرْفٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ نَوَى خُصُوصَهَا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (فَلِمَحَلِّ لُزُومِ الْجُمُعَةِ) ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَرُبْعٌ فِي الصُّورَتَيْنِ فَتَدْخُلُ بُولَاقُ وَجَزِيرَةِ الْفِيلِ وَمِصْرَ الْعَتِيقَةُ وَجَمِيعُ مَنْ فِي تُرَبِهَا كَمَنْ فِي تُرْبَةِ الْإِمَامِ اللَّيْثِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْحَالِفِ لَا يَتَزَوَّجُ بِمِصْرَ (الْمُوَاعَدَةُ بِهَا) وَالتَّزَوُّجُ خَارِجَهَا وَذَكَرَ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا بِقَوْلِهِ (لَا إنْ عَمَّ النِّسَاءَ) الْحَرَائِرَ وَالْإِمَاءَ فِي يَمِينِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَعْنِي مَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا فَإِدْخَالُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ فَقَطْ وَتَقْيِيدُهُ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ حَقَّهُ لَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ وَلَهُ نِكَاحُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ.

(قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) أَيْ بِدُونِ زَوْجٍ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ غَيْرَ ثَلَاثٍ وَبَعْدَ زَوْجٍ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْأَدَاةِ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَلَمْ يَذْكُرْ جِنْسًا وَلَا بَلَدًا وَلَا زَمَنًا (قَوْلُهُ لَوْ كَانَتْ الْأَدَاةُ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) نَحْوُ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَزَوُّجُهَا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي زَوَاجِهَا؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا تَزَوَّجَهَا طَلُقَتْ وَقَوْلُهُ أَوْ ذَكَرَ جِنْسًا نَحْوُ إنْ تَزَوَّجْت مِنْ الْقَوْمِ الْفُلَانِيِّينَ فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ ذَكَرَ بَلَدًا نَحْوُ إنْ تَزَوَّجْت مِنْ مِصْرَ فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ الْقَوْمِ الْفُلَانِيِّينَ أَوْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الزَّوَاجِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْهُمْ أَوْ مِنْهَا طَلُقَتْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ

(قَوْلُهُ وَلَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ) أَيْ وَلَوْ وَجَدَ طَوْلَ الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِيَمِينِهِ كَعَادِمِ الطَّوْلِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا (قَوْلُهُ حَيْثُ خَافَ الزِّنَا) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ إبَاحَةِ نِكَاحِ الْإِمَاءِ لَهُ إذَا خَشِيَ الزِّنَا مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّسَرِّي وَإِلَّا وَجَبَ كَمَا فِي خش وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ الْأَمِيرِ عَلَى عبق أَنَّ لَهُ نِكَاحَ الْإِمَاءِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّسَرِّي، فَإِنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ الَّتِي تَزَوَّجَ بِهَا فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ فِي مَسْأَلَةٍ لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ أَنْ لَا تَطْلُقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ دَوَامَ تَزَوُّجِهِ بِالْحُرَّةِ الَّتِي عَتَقَتْ لَيْسَ كَابْتِدَاءِ التَّزْوِيجِ بِالْحُرَّةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمَّا إنْ قُلْنَا: إنَّ دَوَامَ التَّزْوِيجِ كَابْتِدَاءِ التَّزْوِيجِ بِهَا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَلَزِمَ فِي الْمِصْرِيَّةِ إلَخْ) فَإِذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ مِصْرَ فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: كُلُّ مِصْرِيَّةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ إنْ تَزَوَّجْت مِصْرِيَّةً أَوْ امْرَأَةً مِنْ مِصْرَ فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَتَزَوَّجُ مِصْرِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أَبُوهَا مِصْرِيٌّ وَأُمُّهَا غَيْرُ مِصْرِيَّةٍ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ بِنْتَ الْمِصْرِيِّ مِصْرِيَّةٌ وَلَوْ لَمْ تُقِمْ بِمِصْرَ هَكَذَا يُصَوَّرُ الْمَتْنُ وَقَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ لَيْسَ صُورَتُهُ عَلَى الطَّلَاقِ لَا أَتَزَوَّجُ مِصْرِيَّةً مُرَادُهُ لَيْسَ هَذَا صُورَتُهُ فَقَطْ بَلْ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّا ذَكَرْنَا فَلَيْسَ مُرَادُهُ النَّفْيَ حَقِيقَةً بَلْ نَفْيُ الْحَصْرِ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّيَغِ الْمَذْكُورَةِ يَقْتَضِي الْعُمُومَ أَمَّا الصِّيغَةُ الَّتِي فِيهَا كُلٌّ فَلِأَنَّهَا لِاسْتِغْرَاقِ أَفْرَادِ الْمُنَكَّرِ، وَأَمَّا الَّتِي لَيْسَ فِيهَا كُلٌّ فَلِأَنَّ النَّكِرَةَ فِيهَا وَاقِعَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ أَوْ الشَّرْطِ.

(قَوْلُهُ وَلَزِمَ فِي الطَّارِئَةِ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَتَزَوَّجُ مِصْرِيَّةً أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ الصِّيَغِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ فِي مِصْرَ) وَمِثْلُهُ مِنْ مِصْرَ أَوْ بِمِصْرَ وَقَوْلُهُ يَلْزَمُ أَيْ الطَّلَاقُ إنْ تَزَوَّجَ بِمِصْرِيَّةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ مِنْ عَمَلِهَا أَيْ وَأَوْلَى بِتَزَوُّجِهِ فِيهَا (قَوْلُهُ فَلِمَحَلِّ لُزُومِ الْجُمُعَةِ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِيمَنْ تَزَوَّجَهَا فِي مَحَلِّ لُزُومِ الْجُمُعَةِ أَيْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَلْزَمُ السَّعْيُ مِنْهُ لِمِصْرِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَالتَّزَوُّجُ خَارِجَهَا) أَيْ خَارِجَ عَمَلِهَا إنْ نَوَاهُ وَإِلَّا فَخَارِجُ الْمَحَلِّ الَّذِي تَلْزَمُ مِنْهُ الْجُمُعَةُ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْمُوَاعَدَةُ فِيهَا مَعَ كَوْنِهِ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ لَا بِمَوْضِعِ الْمُوَاعَدَةِ.

(قَوْلُهُ لَا إنْ عَمَّ النِّسَاءَ) مِثْلُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الشَّرْعِ أَنَّ الْأَمْرَ إذَا اتَّسَعَ ضَاقَ وَإِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عُمُومِ النِّسَاءِ بِدُونِ تَعْلِيقٍ كَمَا مَثَّلْنَا أَوْ بِتَعْلِيقٍ نَحْوُ إنْ دَخَلْت دَارًا أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ، فَإِذَا دَخَلَ الدَّارَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ سَوَاءٌ قَصَدَ بِالتَّعْرِيفِ دَارًا مُعَيَّنَةً أَوْ قَصَدَ الِاسْتِغْرَاقَ خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَالَ: إذَا قَصَدَ بِالتَّعْرِيفِ دَارًا بِعَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ طَلَاقُ كُلِّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ دُخُولِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْدُوحَةً فِي التَّخَلُّصِ مِنْ يَمِينِهِ لِإِمْكَانِ بَيْعِهَا أَوْ إيجَارِهَا وَسُكْنَى غَيْرِهَا وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَقَّ عَدَمُ الْحِنْثِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَهَا صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَمَّمَ ابْتِدَاءً وَمِثْلُ عُمُومِ النِّسَاءِ مَا إذَا أَبْقَى كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ لَا يَجِدُ مَا يُوصِلُهُ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ إذَا عَمَّ النِّسَاءَ وَإِنْ كَانَ أَبْقَى لِنَفْسِهِ التَّسَرِّي

ص: 373

(أَوْ أَبْقَى قَلِيلًا) فِي ذَاتِهِ بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ (كَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا تَفْوِيضًا) فَطَالِقٌ لِقِلَّةِ التَّفْوِيضِ وَعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهِ (أَوْ) إلَّا (مِنْ قَرْيَةٍ) سَمَّاهَا وَهِيَ (صَغِيرَةٌ) فِي نَفْسِهَا دُونَ الْمَدِينَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ (أَوْ) قَالَ كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (حَتَّى أَنْظُرَهَا) أَيْ إلَّا أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا (فَعَمِيَ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ (أَوْ) عَمَّ (الْأَبْكَارَ) بِأَنْ قَالَ كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (بَعْدَ) قَوْلِهِ (كُلُّ ثَيِّبٍ) أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْأَبْكَارِ؛ لِأَنَّهُنَّ الَّتِي حَصَلَ بِهِنَّ التَّضْيِيقُ وَيَلْزَمُهُ فِي الثِّيَابِ لِتَقَدُّمِهِنَّ (وَبِالْعَكْسِ) فَيَلْزَمُهُ فِي الْأَبْكَارِ دُونَ الثِّيَابِ (أَوْ خَشِيَ) عَلَى نَفْسِهِ (فِي الْمُؤَجَّلِ) بِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا كَكُلُّ (امْرَأَةٍ) أَتَزَوَّجُهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ طَالِقٌ (الْعَنَتَ وَتَعَذَّرَ) عَلَيْهِ (التَّسَرِّي) فَلَهُ التَّزَوُّجُ.

(أَوْ) قَالَ (آخِرُ امْرَأَةٍ) أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَتَزَوَّجُ مَنْ شَاءَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ (وَصَوَّبَ وُقُوفَهُ عَنْ) الزَّوْجَةِ (الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً) فَتَحِلُّ الْأُولَى (ثُمَّ كَذَلِكَ) أَيْ يُوقَفُ عَنْ الثَّانِيَةِ حَتَّى يَنْكِحَ ثَالِثَةٌ فَتَحِلُّ لَهُ الثَّانِيَةُ وَهَكَذَا ضَعِيفٌ (وَ) عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِأَنَّ الزَّوْجَةَ أَضْبَطُ لِمَا لَهُ مِنْ السُّرِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَبْقَى قَلِيلًا فِي ذَاتِهِ) أَيْ كَقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا مِنْ قَرْيَةِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ تَبْقِيَةَ ذَلِكَ الْقَلِيلِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ كَالْعَدَمِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ مِثَالٌ لِهَذَا، فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ عَمَّ النِّسَاءَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَمَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يَطْلُقُ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ، قُلْت: إنَّ الْأَوْلَى عَمَّمَ فِيهَا التَّحْرِيمَ وَلَمْ يُبْقِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَخُفِّفَ عَلَيْهِ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقَدْ خَصَّ التَّحْرِيمَ بِاَلَّتِي يَتَزَوَّجُهَا وَأَبْقَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا كَثِيرًا وَهُوَ الَّتِي لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا الصَّادِقُ بِمَنْ تَحْتَ عِصْمَتِهِ وَبِغَيْرِهَا فَشَدَّدَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ الْتِزَامٌ لِلْغَيْرِ فَرُوعِيَ حَقُّ الْغَيْرِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ الْتِزَامٌ لِلْغَيْرِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيقَ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ عَامٌّ وَلَيْسَ فِيهِ الْتِزَامٌ لِلْغَيْرِ وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ فَالتَّعْلِيقُ فِيهَا خَاصٌّ وَفِيهِ الْتِزَامٌ لِلْغَيْرِ.

(قَوْلُهُ كَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا تَفْوِيضًا) أَيْ فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُ مَنْ تَزَوَّجَهَا غَيْرَ تَفْوِيضٍ (قَوْلُهُ لِقِلَّةِ التَّفْوِيضِ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ لِقِلَّةِ التَّفْوِيضِ أَيْ إنَّ شَأْنَهُ الْقِلَّةُ فِي نَفْسِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُعْتَادًا لِقَوْمٍ لُزُومُ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ حَتَّى أَنْظُرَهَا) حَتَّى هُنَا اسْتِثْنَائِيَّةٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فِي كُلِّ حَالٍ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهَا أَيْ إلَّا أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَالطَّلَاقُ مُعَلَّقٌ عَلَى التَّزْوِيجِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَبِهَذَا أَيْ جَعَلَهَا اسْتِثْنَائِيَّةً وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ ظَهَرَ كَلَامُهُ، وَأَمَّا لَوْ جُعِلَتْ غَائِيَّةً كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَيَسْتَمِرُّ الطَّلَاقُ إلَى أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَإِذَا نَظَرْت إلَيْهَا ارْتَفَعَ الطَّلَاقُ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ لَا يَرْتَفِعُ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ) أَيْ وَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ عَمَّ النِّسَاءَ وَمِثْلُهُ يَنْظُرُهَا فُلَانٌ فَعَمِيَ أَوْ مَاتَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَتَزَوَّجُ حَتَّى يَخْشَى الزِّنَا وَلَمْ يَجِدْ مَا يَتَسَرَّى بِهِ وَكُلُّ هَذَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ حَتَّى أَنْظُرَهَا أَوْ يَنْظُرَهَا فُلَانٌ وَأَمَّا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ حَتَّى أَنْظُرَهَا أَوْ يَنْظُرَهَا فُلَانٌ فَعَمِيَ فَإِنَّ الْيَمِينَ لَازِمَةٌ لَهُ وَمَتَى تَزَوَّجَ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ بَعْدَ عَمَاهُ طَلُقَتْ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَدْرِ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَمَّ الْأَبْكَارَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَكُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ الْيَمِينِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ كِنَانَةَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ لِدَوَرَانِ الْحَرَجِ مَعَ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِيهِمَا نَظَرًا لِلتَّخْصِيصِ فِيهِمَا وَقِيلَ لَا تَلْزَمُهُ فِيهِمَا وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ.

(قَوْلُهُ وَبِالْعَكْسِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَكُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (قَوْلُهُ أَوْ خَشِيَ فِي الْمُؤَجَّلِ الْعَنَتَ) ال فِي الْمُؤَجَّلِ لِلْعَهْدِ أَيْ الْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ تَنْعَقِدُ فِيهِ الْيَمِينُ بِأَنْ يَبْلُغَهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا أَيْ وَأَمَّا إنْ أُجِّلَ بِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ (قَوْلُهُ فَلَهُ التَّزَوُّجُ) أَيْ بِحُرَّةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ التَّزَوُّجُ بِالْأَمَةِ حَيْثُ أُبِيحَتْ لَهُ الْحُرَّةُ إلَّا إذَا عَدِمَ الطَّوْلَ خِلَافًا لعبق اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمَوْتِ وَلَا يُطَلَّقُ عَلَى مَيِّتٍ وَلِأَنَّهُ مَا مِنْ وَاحِدَةٍ إلَّا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا الْأَخِيرَةُ فَكَانَ كَمَنْ عَمَّ النِّسَاءَ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَ وُقُوفَهُ) أَيْ صَوَّبَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ وُقُوفَهُ إلَخْ وَظَاهِرُهُ الْوَقْفُ، وَلَوْ قَالَ لَا أَتَزَوَّجُ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْدُو لَهُ الزَّوَاجُ.

(قَوْلُهُ فَتَحِلُّ الْأُولَى) أَيْ وَيَرِثُهَا إذَا مَاتَتْ وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ الْمَوْقُوفُ عَنْهَا فَإِنَّهُ يُوقَفُ مِيرَاثُ الزَّوْجِ مِنْهَا فَإِنْ تَزَوَّجَ ثَانِيَةً أَخَذَهُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ رُدَّ لِوَرَثَتِهَا وَإِذَا مَاتَ الزَّوْجُ عَمَّنْ وَقَفَ عَنْهَا فَلَا تَرِثُهُ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ؛ لِأَنَّهَا آخِرُ امْرَأَةٍ لَهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَيُلْغَزُ بِالثَّانِيَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ مَوْتِ الزَّوْجِ فَيُقَالُ

ص: 374

فَ (هُوَ فِي الْمَوْقُوفَةِ كَالْمَوْلَى) فَإِنْ رَفَعَتْهُ فَالْأَجَلُ مِنْ الرَّفْعِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ فَإِنْ انْقَضَى وَلَمْ تَرْضَ بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ طَلَّقَ عَلَيْهِ (وَاخْتَارَهُ) أَيْ الْوَقْفَ اللَّخْمِيُّ (إلَّا فِي) الزَّوْجَةِ (الْأُولَى) فَلَا يُوقَفُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ عَلِمْنَا أَنَّهُ جَعَلَ لِنَفْسِهِ أُولَى لَمْ يُرِدْهَا بِيَمِينِهِ

(وَلَوْ)(قَالَ) الرَّجُلُ (إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ) أَهْلِ (الْمَدِينَةِ)(فَهِيَ) أَيْ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِهَا (طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ) امْرَأَةً (مِنْ غَيْرِهَا)(نُجِّزَ طَلَاقُهَا) بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَعْدَ؛ إذْ هِيَ قَضِيَّةٌ حَمْلِيَّةٌ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ طَالِقٌ وَقِيلَ بَلْ هِيَ شَرْطِيَّةٌ نَحْوُ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ قَبْلَ دُخُولِهَا طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا فَكَذَا هُنَا إنْ تَزَوَّجَ قَبْلَ تَزْوِيجِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَلَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ) أَيْضًا (عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا قَبْلَهَا) وَهُوَ وَجِيهٌ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ.

(وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ) أَيْ وِلَايَةِ الْأَهْلِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَحَلِّ (حَالُ النُّفُوذِ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلٍ أَيْ لَا حَالُ التَّعْلِيقِ (فَلَوْ فَعَلَتْ) الزَّوْجَةُ الْمَحْلُوفُ بِطَلَاقِهَا عَلَى أَنْ لَا تَدْخُلَ الدَّارَ مَثَلًا الشَّيْءَ (الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ) كَأَنْ دَخَلَتْ الدَّارَ (حَالَ بَيْنُونَتِهَا) وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ كَخُلْعٍ أَوْ بِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ (لَمْ يَلْزَمْ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ حَالَ النُّفُوذِ فَالْمَحَلُّ مَعْدُومٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ حَالَ التَّعْلِيقِ وَكَذَا مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَفِعْلِهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَلَوْ فَعَلَ إلَخْ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ حَلَفَ لِغَرِيمِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيَأْتِيَنَّهُ أَوْ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ وَقْتَ كَذَا فَقَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ طَلَّقَهَا طَلَاقَ الْخَلْعِ لِخَوْفِهِ مِنْ مَجِيءِ الْوَقْتِ وَهُوَ مُعْدِمٌ أَوْ قَصَدَ عَدَمَ الذَّهَابِ لَهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَعْقِدُ عَلَيْهَا بِرِضَاهَا بِرُبْعِ دِينَارٍ وَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَيَبْقَى لَهُ فِيهَا طَلْقَتَانِ

(وَلَوْ)(نَكَحَهَا) بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا وَكَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِزَمَنٍ كَدُخُولِ دَارٍ وَأَطْلَقَ (فَفَعَلَتْهُ) بَعْدَ نِكَاحِهَا سَوَاءٌ فَعَلَتْهُ أَيْضًا حَالَ بَيْنُونَتِهَا أَمْ لَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

شَخْصٌ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ نَكَحَهَا بِصَدَاقٍ مُسَمًّى وَأَخَذَتْ نِصْفَهُ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَا عِدَّةَ وَيُلْغَزُ بِالْأُولَى أَيْ مَسْأَلَةِ مَوْتِ الزَّوْجَةِ الْمَوْقُوفَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ فَيُقَالُ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَوُقِفَ إرْثُهَا وَلَيْسَ فِي وَرَثَتِهَا حَمْلٌ وَيُقَالُ أَيْضًا مَاتَتْ امْرَأَةٌ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ وَلَا يَرِثُهَا إلَّا إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَهُوَ فِي الْمَوْقُوفَةِ) أَيْ فِي الْمَوْقُوفِ عَنْهَا أَيْ سَوَاءٌ أُولَى أَوْ ثَانِيَةٌ أَوْ ثَالِثَةٌ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ رَفَعَتْهُ) أَيْ لِلْقَاضِي وَادَّعَتْ أَنَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَطَأَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى فَتَرَكَ ذَلِكَ ضَرَرًا ضَرَبَ لَهُ الْقَاضِي أَجَلَ الْإِيلَاءِ وَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ إلَّا فِي الْأُولَى) أَيْ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ بِالْوَقْفِ لَكِنْ فِي غَيْرِ الْأُولَى، وَأَمَّا الْأُولَى فَاخْتَارَ فِيهَا عَدَمَ الْوَقْفِ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَآخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي أَوَّلِ مَنْ تَزَوَّجَ وَيَجْرِي فِي آخِرِ امْرَأَةٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ وَلَا يَجْرِي فِيهَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ

(قَوْلُهُ إذْ هِيَ قَضِيَّةٌ حَمْلِيَّةٌ) أَيْ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَتْ مُقْتَرِنَةً بِإِنْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ هِيَ شَرْطِيَّةٌ) أَيْ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا إنْ تَزَوَّجْت مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ انْتَفَى تَزَوُّجِي مِنْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ تَزَوُّجُهُ مِنْهَا فَلَا تَطْلُقُ فَهَذَا وَجْهُ ذِكْرِ الْقَبْلِيَّةِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ رُشْدٍ وَاعْتَمَدَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالثَّانِي فَهْمُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ قَالَ بْن وَلَمْ يُعَوِّلْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ إلَّا عَلَى كَلَامِهِمَا وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ التَّأْوِيلُ الثَّانِي اهـ. (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ إلَخْ) هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ شَرْحٌ لِقَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ مَا مَلَكَ قَبْلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ وِلَايَةِ الْأَهْلِ) أَيْ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَحَلِّ الْمُرَادُ بِهِ الْعِصْمَةُ وَالْمُرَادُ بِوِلَايَةِ الزَّوْجِ عَلَى الْمَحَلِّ مِلْكُهُ لَهُ وَالْمُرَادُ بِحَالِ النُّفُوذِ فِعْلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاعْتُبِرَ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ لِلْعِصْمَةِ وَقْتَ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا وَقْتَ التَّعْلِيقِ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ فَعَلْت الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا لَمْ يَلْزَمْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ فَعَلَتْهُ قَبْلَ بَيْنُونَتِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُنْعَقِدَةٍ حَالَ التَّعْلِيقِ كَمَا إذَا عَلَّقَ صَبِيٌّ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ فَبَلَغَ وَدَخَلَتْ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ (قَوْلُهُ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ) أَيْ إذْ لَا مِلْكَ لِلزَّوْجِ لِلْمَحَلِّ حَالَ النُّفُوذِ وَقَوْلُهُ فَالْمَحَلُّ مَعْدُومٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ وَهُوَ الْعِصْمَةُ وَقْتَ النُّفُوذِ مَعْدُومٌ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُعْدِمٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ وَقَوْلُهُ أَوْ قَصَدَ عَدَمَ الذَّهَابِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِيَأْتِيَنَّهُ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ (قَوْلُهُ وَيَبْقَى لَهُ فِيهَا طَلْقَتَانِ) أَيْ إنْ كَانَ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْخَلْعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْخَلْعِ طَلْقَةً كَانَ الْبَاقِي لَهُ فِيهَا بَعْدَ الْعَقْدِ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَهُمْ لِمِلْكِ الْعِصْمَةِ حَالَ النُّفُوذِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْحِنْثِ، وَأَمَّا الْبِرُّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ لِكَوْنِهِ مُوجِبًا لِلطَّلَاقِ اُشْتُرِطَ فِيهِ مِلْكُ الْعِصْمَةِ وَالْبِرِّ لِكَوْنِهِ مُسْقِطًا لِلْيَمِينِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ مِلْكِ الْعِصْمَةِ فِيهِ بَلْ فِي أَيِّ وَقْتٍ وَقَعَ الْفِعْلُ الَّذِي حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ بَرَّ مِنْهُ فَإِذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَن هُوَ أَوْ هِيَ كَذَا فَأَبَانَهَا فَفَعَلَ حَالَ بَيْنُونَتِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِفِعْلِهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ عَدَمِ الْبِرِّ

(قَوْلُهُ وَلَوْ نَكَحَهَا) أَيْ أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ أَبَانَهَا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهَا فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إنْ بَقِيَ إلَخْ فَقَوْلُهُ وَلَوْ نَكَحَهَا

ص: 375

(حَنِثَ إنْ بَقِيَ) لَهُ (مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ) بِأَنْ طَلَّقَهَا دُونَ الْغَايَةِ لِعَوْدِ الصِّفَةِ عِنْدَنَا لِتَمَامِ الْعِصْمَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَعُودُ مُطْلَقًا فَإِنْ قُيِّدَ بِزَمَنٍ وَمَضَى كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت أَنَا أَوْ أَنْت الدَّارَ غَدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبَانَهَا ثُمَّ عَاوَدَهَا فَدَخَلَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ، بَلْ لَوْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَفَعَلَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ نَكَحَهَا أَيْ مُطْلَقًا تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَهْدِمُ الْعِصْمَةَ السَّابِقَةَ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ بَقِيَ إلَخْ عَمَّا لَوْ أَبَانَهَا بِالثَّلَاثِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَفَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا قَدْ انْهَدَمَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْ كَانَ تَعْلِيقُهُ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ (كَالظِّهَارِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ أَبَانَهَا فَدَخَلَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَلَوْ نَكَحَهَا فَدَخَلَتْ لَزِمَهُ الظِّهَارُ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ كَمَا إذَا أَبَانَهَا بِالثَّلَاثِ ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَفَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ الْأُولَى

(لَا مَحْلُوفٍ لَهَا) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ هُوَ مُتَعَلِّقُ مَفْهُومِ الشَّرْطِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا لَا فِي مَحْلُوفٍ لَهَا كَأَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ (فَفِيهَا) أَيْ فَيَلْزَمُهُ طَلَاقُ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى (وَ) فِي (غَيْرِهَا) فَلَوْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ لَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَاَلَّتِي تَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ اخْتِصَاصُهُ بِالْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا فَقَطْ كَالْمَحْلُوفِ بِهَا أَيْ بِطَلَاقِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ وَأَمَّا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا فَلَا تَخْتَصُّ بِالْأُولَى كَمَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ حَفْصَةُ وَهِنْدٌ وَقَالَ: إنْ وَطِئْتُ هِنْدًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ فَهِنْدُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا كَمَا أَنَّ دُخُولَ الدَّارِ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مَتَى وَطِئَ هِنْدًا وَلَوْ فِي عِصْمَةٍ أُخْرَى بِأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ مَا دَامَتْ حَفْصَةُ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ فَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْيَمِينُ إنْ وَطِئَ هِنْدًا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَمَحْلُوفٍ لَهَا لَا عَلَيْهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا لَكَانَ مَاشِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَعَ ذِكْرِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ بِاخْتِصَارٍ

(لَوْ)(طَلَّقَهَا) أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهَا بِأَنْ قَالَ: كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ طَلَاقًا بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ (ثُمَّ تَزَوَّجَ) أَجْنَبِيَّةً (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهَا بِأَنْ أَعَادَهَا لِعِصْمَتِهِ (طَلُقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ) بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا (وَلَا حُجَّةَ لَهُ) فِي دَعْوَاهُ (أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا) وَإِنَّمَا تَزَوَّجَهَا عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ (وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً) فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا (لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا) وَقَدْ جَمَعَ أَيْ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ (وَهَلْ) عَدَمُ قَبُولِ نِيَّتِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ بِعَيْنِهَا فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا (قَوْلُهُ حَنِثَ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ إلَخْ) ثُمَّ بَعْدَ حِنْثِهِ بِالْفِعْلِ أَوَّلًا لَا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ الْحِنْثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَفْظُهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ طَلَّقَهَا دُونَ الْغَايَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ طَلَاقُهُ لَهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ دُونَ الْغَايَةِ بِأَنْ كَانَ خُلْعًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ لِعَوْدِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَنِثَ إنْ بَقِيَ إلَخْ وَأَرَادَ الشَّارِحُ بِالصِّيغَةِ حُكْمَ الْيَمِينِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقُ فِيهَا شَيْءٌ أَمْ لَا، فَإِذَا قَالَ لَهَا: إنْ فَعَلْت أَنَا أَوْ أَنْتِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ خَالَعَهَا انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، فَإِذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخَلْعِ وَقَبْلَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهِيَ فَسْخَةٌ عَظِيمَةٌ يَجُوزُ لِغَيْرِ الشَّافِعِيِّ أَنْ يُقَلِّدَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ لَا يَهْدِمُ الْعِصْمَةَ السَّابِقَةَ) أَيْ وَلَا يَهْدِمُ مَا حَصَلَ فِيهَا مِنْ التَّعْلِيقِ

(قَوْلُهُ فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى) أَيْ فِي عِصْمَةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا الْأُولَى وَغَيْرِ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ أَنَّ الْحَقَّ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ.

وَحَاصِلُ مَا لَهُمْ هُنَا أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعَلُّقِ الْحِنْثِ بِهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ وَأَنَّ الْمَحْلُوفَ بِهَا أَيْ بِطَلَاقِهَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْمَحْلُوفُ لَهَا فَهِيَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَاَلَّذِي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ كَالْمَحْلُوفِ بِهَا فِي تَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَعَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا أَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَرَأَوْا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا لَا فِي الْمَحْلُوفِ لَهَا بِالطَّلَاقِ وَانْظُرْ الرَّدَّ عَلَيْهِ فِي بْن.

(قَوْلُهُ فَهِنْدٌ مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا) أَيْ وَحَفْصَةٌ مَحْلُوفٌ بِهَا (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ) أَيْ طَلَاقُ حَفْصَةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي عِصْمَةٍ أُخْرَى) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا الَّتِي هِيَ هِنْدٌ فِي عِصْمَةٍ أُخْرَى

(قَوْلُهُ أَيْ الْمَحْلُوفُ لَهَا) أَيْ وَهِيَ الَّتِي قَالَ لَهَا كُلُّ إلَخْ فَقَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ إلَخْ تَصْوِيرٌ لِلْمَحْلُوفِ لَهَا وَقَوْلُهُ طَلَاقًا بَائِنًا مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ طَلَّقَهَا (قَوْلُهُ دُونَ الثَّلَاثِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا لَا يَخْتَصُّ الْحِنْثُ فِيهَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى أَوْ طَلَّقَهَا بِالثَّلَاثِ بِنَاءً عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا لَا يَخْتَصُّ الْحِنْثُ فِيهَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَحْلُوفِ لَهَا (قَوْلُهُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ) أَيْ وَلَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ إذَا قَالَ إنَّمَا تَزَوَّجْت الْمَحْلُوفَ لَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَلَمْ أَتَزَوَّجْ غَيْرَهَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا) أَيْ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى أَنْ لَا يُحْدِثَ زَوَاجَ غَيْرِهَا عَلَيْهَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِتِلْكَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا) هَذَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَيْ لَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ

ص: 376

(لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا) وَنِيَّتُهَا أَنْ لَا يَجْمَعَ مَعَهَا غَيْرَهَا (أَوْ) لِكَوْنِهِ (قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) وَرَفَعَتْهُ وَلَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا لَقُبِلَتْ نِيَّتُهُ (تَأْوِيلَانِ وَ) لَزِمَ الْحَالِفَ الْيَمِينُ (فِي) قَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (مَا عَاشَتْ) فُلَانَةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فُلَانَةُ زَوْجَتَهُ أَمْ لَا (مُدَّةَ حَيَاتِهَا) ظَرْفٌ لَلَزِمَ الْمُقَدَّرِ أَيْ لَزِمَهُ الْيَمِينُ مُدَّةَ حَيَاتِهَا (إلَّا لِنِيَّةِ كَوْنِهَا) أَيْ فُلَانَةَ (تَحْتَهُ) فَإِذَا أَبَانَهَا وَتَزَوَّجَ وَقَالَ: نَوَيْت بِقَوْلِي مَا عَاشَتْ أَيْ فِي عِصْمَتِي قُبِلَ مِنْهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ

(وَلَوْ)(عَلَّقَ عَبْدٌ) الطَّلَاقَ (الثَّلَاثَ عَلَى الدُّخُولِ) لِدَارٍ مَثَلًا (فَعَتَقَ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ (وَدَخَلَتْ) بَعْدَ الْعِتْقِ (لَزِمَتْ) الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ النُّفُوذِ وَهُوَ حَالُ النُّفُوذِ حُرٌّ فَإِنْ دَخَلَتْ قَبْلَ الْعِتْقِ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَوْ عَتَقَ بَعْدُ

(وَ) لَوْ عَلَّقَ الْعَبْدُ عَلَى الدُّخُولِ (اثْنَتَيْنِ) فَدَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ (بَقِيَتْ) لَهُ (وَاحِدَةٌ) وَهُوَ عَبْدٌ (ثُمَّ عَتَقَ) تَبْقَى لَهُ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ كَحُرٍّ طَلَّقَ نِصْفَ طَلَاقِهِ

(وَلَوْ عَلَّقَ) الْحُرُّ (طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَالْمُرَادُ مَنْ يَرِثُهُ (عَلَى مَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ أَبِيهِ بِأَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ يَوْمَ أَوْ عِنْدَ مَوْتِ أَبِي (لَمْ يَنْفُذْ) هَذَا التَّعْلِيقُ لِانْتِقَالِ تَرِكَةِ أَبِيهِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا إلَيْهِ بِمَوْتِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْأَمَةُ فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ عِنْدَ مَوْتِ الْأَبِ مَحَلًّا يَقَعُ عَلَيْهِ وَجَازَ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ، وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ ثَلَاثًا وَكَذَا نِكَاحُهُمْ بَعْدَ عِتْقِهَا قَبْلَ زَوْجٍ

وَلَمَّا كَانَتْ أَلْفَاظُ الطَّلَاقِ وَهِيَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: صَرِيحٌ، وَكِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَكِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ وَالْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بَيْنَهُمَا وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ مَعَ جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَصْدُهُ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُفْتٍ وَقَاضٍ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ إلَخْ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ حَلَفَ لِلزَّوْجَةِ وَالْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَنِيَّتُهَا أَنْ لَا يُجْمَعَ مَعَهَا غَيْرُهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا تُقْبَلُ تِلْكَ النِّيَّةُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَلَا عِنْدَ الْقَاضِي، وَظَاهِرُ هَذَا التَّأْوِيلِ كَانَ الْيَمِينُ حَقًّا لَهَا بِأَنْ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ تَطَوَّعَ لَهَا بِتِلْكَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لَهَا وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ فِي التَّطَوُّعِ إذَا نَوَى وَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ (قَوْلُهُ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) هَذَا التَّأْوِيلُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ قَبُولِ النِّيَّةِ عِنْدَ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَهِيَ هُنَا مُوَافِقَةً لَا مُخَالِفَةً فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ يَمِينَهُ مَحْمُولَةٌ شَرْعًا عَلَى عَدَمِ الْجَمْعِ وَحِينَئِذٍ فَالنِّيَّةُ مُخَالِفَةٌ لِمَدْلُولِ اللَّفْظِ شَرْعًا.

(قَوْلُهُ أَيْ لَزِمَهُ الْيَمِينُ مُدَّةَ حَيَاتِهَا) فَلَوْ أَتَتْهَا وَتَزَوَّجَ أَيْ غَيْرَهَا طَلُقَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَإِذَا أَبَانَهَا) أَيْ بِالثَّلَاثِ وَقَوْلُهُ وَتَزَوَّجَ أَيْ غَيْرَهَا وَلَوْ بَعْدَ عَوْدِهَا لِعِصْمَتِهِ بَعْدَ زَوْجٍ وَقَوْلُهُ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا مَحْلُوفٌ لَهَا وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا كَالْمَحْلُوفِ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ مَا عَاشَتْ وَنَوَى مَا دَامَتْ تَحْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ فَيَأْتِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِي اخْتِصَاصِ الْحِنْثِ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى وَعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِهَا اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ الثَّلَاثَ إلَخْ) هَذَا مِنْ الْفُرُوعِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى اعْتِبَارِ مِلْكِ الْعِصْمَةِ حَالَ النُّفُوذِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ النُّفُوذِ وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ الرَّقَبَةُ الْمَوْجُودَةُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ مَا لَزِمَهُ إلَّا اثْنَتَانِ إذْ لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُ سِوَاهُمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ) أَيْ بِمِلْكِ الْعِصْمَةِ وَقَوْلُهُ حُرٌّ أَيْ وَالْحُرُّ يَمْلِكُ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ

(قَوْلُهُ بَقِيَتْ لَهُ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ النُّفُوذِ وَهُوَ حَالُ النُّفُوذِ حُرٌّ يَمْلِكُ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ فَوَقَعَ عَلَيْهِ اثْنَتَانِ وَبَقِيَتْ لَهُ فِيهَا وَاحِدَةٌ وَلَوْ اُعْتُبِرَ حَالَ التَّعْلِيقِ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا شَيْءٌ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ نِصْفَ طَلَاقِهِ) أَيْ وَلَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ أَوْقَعَ تِلْكَ الطَّلْقَةَ وَهُوَ حُرٌّ بَقِيَ لَهُ اثْنَتَانِ وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَ طَلَاقِهِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ إنْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ اُنْظُرْ ح

(قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ أَوْ عِنْدَ مَوْتِ أَبِي) أَيْ وَأَمَّا إنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ مَاتَ أَبِي أَوْ إذَا مَاتَ أَبِي نُجِّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَالًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنُجِّزَ إنْ عُلِّقَ بِمُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ كَذَا فِي عبق وشب تَبَعًا لعج.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قُيِّدَ بِشَرْطٍ تَنَجَّزَ وَإِنْ قُيِّدَ بِظَرْفٍ فَلَا وَاَلَّذِي فِي خش أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ يَوْمَ مَوْتِ أَبِي أَوْ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ إنْ مَاتَ وَمِثْلُهُ إذَا مَاتَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَالْحَقُّ مَعَهُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ إنْ مِتُّ أَوْ إذَا مِتُّ أَوْ مُتِّ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعًا اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَنْفُذْ هَذَا التَّعْلِيقُ) أَيْ الْمُعَلَّقُ وَهُوَ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ عِنْدَ مَوْتِ الْأَبِ مَحَلًّا يَقَعُ عَلَيْهِ) .

حَاصِلُهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ لَهُ مَحَلًّا وَشَرْطُ صِحَّةِ الطَّلَاقِ مِلْكُ الزَّوْجِ لِلْعِصْمَةِ وَقْتَ وُقُوعِهِ كَمَا مَرَّ لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عِنْدَ مَوْتِ أَبِي وَلَا يَظْهَرُ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ مَوْتِ أَبِي؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْأَبُ وَسَطَ النَّهَارِ تَبَيَّنَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ أَوَّلَهُ فَيَكُونُ لِطَلَاقِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ مَحَلٌّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ بِالْيَوْمِ مُطْلَقَ الزَّمَنِ فَيُرَادُ بِيَوْمِ مَوْتِهِ وَقْتُ مَوْتِهِ وَإِلَّا نُجِّزَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ إلَخْ) هَذَا فَائِدَةُ عَدَمِ النُّفُوذِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ فَائِدَةَ عَدَمِ النُّفُوذِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ ثَلَاثًا فَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ زَوْجٍ وَلَوْ أَعْتَقَهَا لَحَلَّ لَهُ أَيْضًا وَطْؤُهَا بِالْعَقْدِ قَبْلَ

ص: 377

ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَلَا يَنْوِي وَمَا يَلْزَمُ فِيهِ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا وَمَا يَلْزَمُ فِيهِ الثَّلَاثُ وَيَنْوِي مُطْلَقًا شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَلَفْظُهُ) الصَّرِيحُ الَّذِي تَنْحَلُّ بِهِ الْعِصْمَةُ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ حَلَّهَا مَتَى قَصَدَ اللَّفْظَ (طَلُقَتْ وَأَنَا طَالِقٌ) مِنْك (أَوْ أَنْتِ) طَالِقٌ (أَوْ مُطَلَّقَةٌ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ (أَوْ الطَّلَاقُ لِي) أَوْ عَلَيَّ أَوْ مِنِّي أَوْ لَك أَوْ عَلَيْك أَوْ مِنْك وَنَحْوُ ذَلِكَ (لَازِمٌ) وَنَحْوُهُ (لَا مُنْطَلِقَةٌ) وَمَطْلُوقَةٌ وَمُطْلَقَةٌ بِسُكُونِ الطَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ مُخَفَّفَةً حَيْثُ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَمْ يَنْفُلْ ذَلِكَ لِحَلِّ الْعِصْمَةِ فَهُوَ مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ.

(وَتَلْزَمُ) فِي لَفْظٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ) فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْوَاحِدَةِ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ مَا هُوَ مِنْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ بِقَوْلِهِ (كَاعْتَدِّي) فَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ اعْتَدِّي فَوَاحِدَةٌ إنْ نَوَى إخْبَارَهَا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ كَمَا لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ بِخِلَافِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ فَإِنَّهُ كَعَدَمِ الْعَطْفِ لِكَوْنِ الْفَاءِ السَّبَبِيَّةَ (وَصُدِّقَ) بِيَمِينٍ (فِي) دَعْوَى (نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ فِي اعْتَدِّي بِأَنْ قَالَ: لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا مُرَادِي عَدُّ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا (إنْ دَلَّ بِسَاطٌ) أَيْ قَرِينَةٌ (عَلَى الْعَدِّ) دُونَ إرَادَةِ الطَّلَاقِ (أَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً) بِقَيْدٍ وَنَحْوِهِ وَسَأَلَتْهُ حَلَّهَا مِنْهُ (فَقَالَتْ أَطْلِقْنِي) فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا أَرَادَ مِنْ الْوَثَاقِ فَيُصَدَّقُ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ بِيَمِينٍ (وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ) الْمُوثَقَةُ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي تَصْدِيقِهِ بِيَمِينٍ وَعَدَمِهِ وَمَحَلُّهُمَا فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا فِي الْفُتْيَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

زَوْجٍ وَلَوْ قِيلَ بِالنُّفُوذِ لَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ.

(قَوْلُهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ) بَلْ خَمْسَةً وَالرَّابِعُ مَا يَلْزَمُ فِيهِ ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَوَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ كَمَا يَأْتِي فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ نَوَاهَا بِخَلَّيْتُ سَبِيلَك أَوْ اُدْخُلِي وَالْخَامِسُ مَا يَلْزَمُ فِيهِ وَاحِدَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ وَهُوَ اعْتَدِّي (قَوْلُهُ وَلَفْظُهُ إلَخْ) أَيْ لَفْظُهُ الصَّرِيحُ مَحْصُورٌ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْأَرْبَعَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْقَرَافِيِّ مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْفُقَهَاءِ يَقْتَضِي أَنَّ الصَّرِيحَ مَا كَانَ فِيهِ الْحُرُوفُ الثَّلَاثَةُ الطَّاءُ وَاللَّامُ وَالْقَافُ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِشُمُولِهِ نَحْوُ مُنْطَلِقَةٌ وَمُطَلَّقَةٌ وَمَطْلُوقَةٌ فَلِذَا عَدَلَ هُنَا عَنْ ضَبْطِ الصَّرِيحِ بِمَا ذُكِرَ إلَى ضَبْطِهِ بِالْأَلْفَاظِ الْأَرْبَعَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ مَتَى قَصَدَ اللَّفْظَ) أَيْ التَّلَفُّظَ وَالنُّطْقَ بِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ لِحَلِّ الْعِصْمَةِ) أَيْ بِخِلَافِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَإِنَّهَا فِي الْأَصْلِ أَخْبَارٌ نَقَلَهَا الْعُرْفُ لِإِنْشَاءِ حَلِّ الْعِصْمَةِ فَمَتَى قَصَدَ النُّطْقَ بِهَا لَزِمَ الطَّلَاقُ؛ قَصَدَ بِهَا حَلَّ الْعِصْمَةِ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ إنْ قَصَدَ بِهَا الطَّلَاقَ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ وَتَلْزَمُ وَاحِدَةٌ) وَفِي حَلِفِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَعَدَمِ حَلِفِهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكِ بْنِ بَشِيرٍ الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَهَذَا الْخِلَافُ مُخَرَّجٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ وَعَدَمِ تَوَجُّهِهَا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا فِي الْفَتْوَى فَلَا يَمِينَ.

(قَوْلُهُ إنْ نَوَى إخْبَارَهَا بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ) أَيْ وَإِلَّا يَنْوِ إخْبَارَهَا بِأَنْ نَوَى الطَّلَاقَ بِاعْتَدِّي أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَطَلْقَتَانِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاعْتَدِّي فَيَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ وَلَا تَقْبَلُ نِيَّتُهُ إرَادَةَ الْوَاحِدَةِ حِينَ عَطَفَ بِالْوَاوِ وَإِنَّمَا نَوَى فِي الْأُولَى وَهِيَ أَنْتِ طَالِقٌ اعْتَدِّي بِدُونِ عَطْفٍ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَادَ مُرَتَّبٌ عَلَى الطَّلَاقِ كَتَرَتُّبِ جَوَابِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ وَالْعَطْفُ بِالْوَاوِ يُنَافِي ذَلِكَ اهـ خش (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ فَاعْتَدِّي فَيَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إنْ نَوَى إخْبَارَهَا بِذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ اعْتَدِّي فَقَطْ بِدُونِ عَاطِفٍ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ تَأْتِي لِلسَّبَبِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ وَالِاعْتِدَادُ مُسَبَّبٌ عَنْ الطَّلَاقِ وَمُرَتَّبٌ عَلَيْهِ كَتَرَتُّبِ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَطْفَ بِثُمَّ كَالْعَطْفِ بِالْوَاوِ اهـ خش وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْعِدَّةِ وَالطَّلَاقِ تَرَاخٍ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ.

(قَوْلُهُ وَصُدِّقَ بِيَمِينٍ) أَيْ فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا فِي الْفَتْوَى فَلَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ قَالَ بْن لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْيَمِينَ مَعَ الْبِسَاطِ غَيْرُ عج وَنَصُّهُ هَلْ بِيَمِينٍ أَوْ لَا وَلَكِنَّ الْمُرْتَضَى أَنَّهُ حَيْثُ صُدِّقَ يَحْلِفُ اهـ. لَكِنْ رُبَّمَا يَشْهَدُ لَهُ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَنَوَى فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الشَّرْطِ (قَوْلُهُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ سَتَطْلُقِينَ وَإِلَّا كَانَ كَذِبًا فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهَا مُوثَقَةٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَقَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ سَتَطْلُقِينَ مِنْ الْوَثَاقِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُوثَقَةٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّهَا إمَّا مُوثَقَةٌ وَتَسْأَلُهُ أَوْ لَا تَسْأَلُهُ أَوْ تَكُونُ غَيْرَ مُوثَقَةٍ وَيَقُولُ لَهَا أَنْت طَالِقٌ وَيَدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ الْإِخْبَارَ بِأَنَّهَا مَطْلُوقَةٌ مِنْ الْوَثَاقِ الْأَوَّلَيْنِ وَمَطْلُوقَةٌ مِنْهُ فِي الثَّالِثِ فَفِي الْأَوَّلِ يُدَيَّنُ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الثَّالِثِ لَا يُدَيَّنُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهَلْ يُدَيَّنُ أَوْ لَا خِلَافٌ (قَوْلُهُ فَتَأْوِيلَانِ) هُمَا قَوْلَانِ قَالَ مُطَرِّفٌ يُصَدَّقُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُصَدَّقُ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الْأَوَّلِ

ص: 378

فَيُصَدَّقُ عَلَى بَحْثِ الْقَرَافِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُوثَقَةِ فَلَا يُصَدَّقُ فَقَوْلُهُ وَصُدِّقَ فِي نَفْيِهِ إشَارَةً إلَى اللُّزُومِ فِي الصَّرِيحِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِ فَإِنْ كَانَ قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ

وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ لَفْظِهِ وَهُوَ الْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ بِقَوْلِهِ (وَ) تَلْزَمُ (الثَّلَاثُ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَلَا يَنْوِي (فِي) أَحَدِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ أَنْتِ (بَتَّةٌ) إذْ الْبَتُّ الْقَطْعُ فَكَأَنَّ الزَّوْجَ قَطَعَ الْعِصْمَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا (وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك) أَيْ عِصْمَتُك عَلَى كَتِفِك كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا عِصْمَةٌ كَالْمُمْسِكِ بِزِمَامِ دَابَّةٍ يَرْمِيهِ عَلَى كَتِفِهَا. ثُمَّ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَلْفَاظٍ يَلْزَمُهُ فِيهَا الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَوَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ لُزُومَ الثَّلَاثِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ (أَوْ) قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ بَعْدَ الدُّخُولِ إنَّمَا هِيَ بِالثَّلَاثِ وَقَطَعُوا النَّظَرَ عَنْ لَفْظِ وَاحِدَةٍ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ، أَوْ أَنَّ وَاحِدَةً صِفَةٌ لِمَرَّةٍ أَوْ دَفْعَةٍ لَا لِطَلْقَةٍ (أَوْ نَوَاهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ إمَّا (بِخَلَّيْتُ سَبِيلَك) وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ كِنَايَةٍ ظَاهِرَةٍ (أَوْ) بِقَوْلِهِ (اُدْخُلِي) الدَّارَ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ كِنَايَةٍ خَفِيَّةٍ وَأَوْلَى إذَا نَوَاهَا بِقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ مَعَ الْكِنَايَةِ وَلَوْ الْخَفِيَّةُ فَأَوْلَى مَعَ الصَّرِيحِ ثُمَّ التَّحْقِيقُ حَذْفُ قَوْلِهِ خَلَّيْت سَبِيلَك؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ فَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ أَوْ نَوَاهَا بِطَالِقٍ أَوْ اُدْخُلِي.

وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنْ يَلْفِظَ بِوَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ نَوَاهَا بِلَفْظٍ آخَرَ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَوَاحِدَةٌ (وَ) يَلْزَمُ (الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي) قَوْلِهِ أَنْتِ (كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ) وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ (وَوَهَبْتُك) لِأَهْلِك أَوْ نَفْسِك (أَوْ رَدَدْتُك لِأَهْلِك وَأَنْتِ) حَرَامٌ (أَوْ مَا أَنْقَلِبُ) أَيْ أَرْجِعُ (إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ) زَوْجَتِي (حَرَامٌ) وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ عَلَّقَ أَوْ لَمْ يُعَلِّقْ (أَوْ) أَنْتِ (خَلِيَّةٌ) أَوْ بَرِيَّةٌ (أَوْ بَائِنَةٌ أَوْ أَنَا) مِنْك خَلِيٌّ أَوْ بَرِيٌّ أَوْ بَائِنٌ فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إنْ لَمْ يَنْوِ أَقَلَّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ إنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الثَّانِي اهـ بْن وَالظَّاهِرُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ تَصْدِيقُهُ (قَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ عَلَى بَحْثِ الْقَرَافِيِّ حَيْثُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ تَحْمِلَهُ مَسْأَلَةُ الْوَثَاقِ عَلَى اللُّزُومِ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى اهـ وَاعْتَمَدَهُ طفي قَالَ بْن وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ وَالصَّوَابُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّأْوِيلَانِ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ فَانْظُرْهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ الْأُولَى تَجْعَلُ الْخِلَافَ خَاصًّا بِالْقَضَاءِ وَالثَّانِيَةُ تَجْعَلُهُ جَارِيًا فِي الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَالْأُولَى لِلْقَرَافِيِّ وعج وَالرَّمَاصِيِّ وَالثَّانِيَةُ اعْتَمَدَهَا بْن.

(قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ وَهُوَ الْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ) أَيْ وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلَا تَصْرِفُ الصَّرِيحَ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ عَنْ الطَّلَاقِ لِأَنَّ نِيَّةَ صَرْفِهِ مُبَايِنَةٌ لِوَضْعِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ وَالْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ لَا يَصْرِفُهُمَا عَنْ الطَّلَاقِ إلَّا الْبِسَاطُ لَا النِّيَّةُ وَلَا يَتَوَقَّفُ صَرْفُهُمَا إلَيْهِ عَلَى النِّيَّةِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى قَصْدِ النُّطْقِ بِهِمَا تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ يَلْزَمُ فِيهَا الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) أَيْ وَلَا يَنْوِي فِي الْعَدَدِ (قَوْلُهُ إنَّمَا هِيَ بِالثَّلَاثِ) أَيْ وَأَمَّا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ قَارَنَتْ عِوَضًا فَوَاحِدَةٌ وَفِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَصْرِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْبَيْنُونَةَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِغَيْرِ عِوَضٍ تَكُونُ بِلَفْظِ الْخَلْعِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَبِغَيْرِ لَفْظِ الْخَلْعِ إنَّمَا هِيَ بِالثَّلَاثِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ وَاحِدَةً صِفَةٌ لِمَرَّةٍ إلَخْ) وَالْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ مَرَّةً وَاحِدَةً حَالَةَ كَوْنِك بَائِنَةً (قَوْلُهُ وَأَوْلَى) أَيْ فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلُزُومُ الْوَاحِدَةِ فِي غَيْرِهَا إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ إذَا نَوَاهَا أَيْ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ بِقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لعبق حَيْثُ عَمَّمَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ فَعَلَى كَلَامِهِ إذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَنَوَى وَاحِدَةً بَائِنَةً يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَأَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ نَوَاهَا بِخَلَّيْتُ سَبِيلَك لَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ إذَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ) أَيْ بِنِيَّةِ الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ مَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ) أَيْ إلَّا لِنِيَّةِ أَقَلَّ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَنِيَّةُ الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ مَعَ خَلَّيْت سَبِيلَك لَا فَائِدَةَ لَهَا وَقَدْ يُقَالُ: إنْ خَلَّيْت سَبِيلَك وَإِنْ لَزِمَ بِهَا الثَّلَاثُ عِنْدَ عَدَمِ نِيَّةِ الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ إلَّا أَنَّهُ يَنْوِي فِي الْعَدَدِ وَأَمَّا إذَا نَوَاهَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَلَا يَنْوِي وَحِينَئِذٍ فَلِنِيَّتِهَا فَائِدَةٌ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَوْ كِنَايَةٌ) أَيْ ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) رَاجِعٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ لَا لِقَوْلِهِ وَالثَّلَاثُ وَمُحَصَّلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِوَاحِدَةٍ فَإِنْ كَانَ طَلَاقُهُ خُلْعًا اسْتَوَتْ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا فِي قَبُولِ نِيَّةِ الْوَاحِدَةِ قَالَهُ الْمَوَّاقُ وَبِهَذَا كَانَ يُفْتِي أَشْيَاخُنَا وَقَدْ نَصَّ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَأَنْتِ حَرَامٌ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ وَمِثْلُهُ أَنَا مِنْك حَرَامٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَا انْقَلَبَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ) وَكَذَا لَوْ أَسْقَطَ

ص: 379

كَخَلِيَّةٍ وَبَرِيَّةٍ وَحَبْلِك عَلَى غَارِبِك وَكَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ إنَّمَا يَلْزَمُ بِهَا مَا ذُكِرَ إذَا جَرَى بِهَا الْعُرْفُ وَأَمَّا إذَا تُنُوسِيَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الطَّلَاقِ بِحَيْثُ لَمْ تَجْرِ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا هُوَ الْآنَ فَيَكُونُ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ إنْ قَصَدَ بِهَا الطَّلَاقَ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا قَيَّدَهُ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ (وَ) إذَا نَوَى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَأَرَادَ نِكَاحَهَا (حَلَفَ) فِي الْقَضَاءِ (عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ) أَنَّهُ مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ نِكَاحَهَا لَمْ يَحْلِفْ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا (وَدُيِّنَ) أَيْ وُكِلَ إلَى دِينِهِ بِأَنْ يُصَدَّقَ (فِي) دَعْوَى (نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَوْلِهِ كَالْمَيْتَةِ إلَى آخِرِهَا بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ وَبِغَيْرِهَا فِي الْفَتْوَى (إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى نَفْيِهِ هَذَا ظَاهِرُهُ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي لَفْظِ خَلِيَّةٍ وَبَرِيَّةٍ وَبَائِنَةٍ وَانْظُرْ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الْبَاقِي وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَاسَ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ غَيْرَهَا إمَّا بِالْمُسَاوَاةِ أَوْ الْأَوْلَى بِجَامِعِ ظُهُورِ الْقَرِينَةِ كَأَنْ يَقُولَ لِمَنْ ثَقُلَ نَوْمُهَا أَوْ لِمَنْ رَائِحَتُهَا كَرِيهَةٌ أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ أَوْ كَالدَّمِ فِي الِاسْتِقْذَارِ وَخَلِيَّةٌ مِنْ الْخَيْرِ أَوْ مِنْ الْأَقَارِبِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَبَائِنٌ مِنِّي إذَا كَانَتْ مُنْفَصِلَةً أَيْ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ وَالْحَدِيثُ فِي شَأْنِ ذَلِكَ.

(وَ) لَزِمَ (ثَلَاثٌ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا (فِي لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك) فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَ هَذِهِ فِيمَا قَبْلَهُ (أَوْ اشْتَرَتْهَا) أَيْ الْعِصْمَةَ (مِنْهُ) فَيَلْزَمُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا دَخَلَ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ (إلَّا لِفِدَاءٍ) فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ؛ لِأَنَّهُ خُلْعٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ، رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك لَا لِقَوْلِهِ اشْتَرَتْهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا لِفِدَاءٍ إلَّا مَعَ مَالٍ فَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا مَا لَمْ تَدْفَعْ لَهُ مَالًا فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ فَوَاحِدَةٌ مُطْلَقًا، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَتْهَا مِنْهُ فَهِيَ مُصَاحِبَةٌ لِلْمَالِ دَائِمًا فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فَلَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَ الْأُولَى كَانَ أَحْسَنَ وَمَعْنَى اشْتَرَتْهَا مِنْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ بِعْنِي عِصْمَتَك عَلَيَّ أَوْ مَا تَمْلِكُ عَلَيَّ مِنْ الْعِصْمَةِ أَوْ اشْتَرَيْت مِنْك مِلْكَك عَلَيَّ أَوْ طَلَاقَك فَفَعَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا (وَ) لَزِمَ (ثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مُطْلَقًا) دَخَلَ أَمْ لَا (فِي خَلَّيْت

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِنْ أَهْلٍ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي مُحَاشَاتِهَا فَيُعْمَلُ بِهَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْأَهْلَ وَلَا يُعْمَلُ بِهَا حَيْثُ ذَكَرَهُ وَجَعَلَهُ مَا انْقَلَبَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٍ مُسَاوِيًا لِأَنْتِ حَرَامٌ فِي الْحُكْمِ لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ مَا نَصَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ أَصْبَغُ إذَا قَالَ: الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ مَا أُحِلَّ لِي أَوْ مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ حَرَامٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ تَحْرِيمٌ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَ امْرَأَتَهُ اهـ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ: أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَهِيَ ثَلَاثٌ وَلَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَهُ نِيَّتُهُ فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا اهـ اللَّخْمِيُّ وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ لَهَا: مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ حَرَامٌ إنْ كُنْت لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ إنْ لَمْ أَضْرِبْك فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْنَثُ فِي زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ الْيَمِينِ إذْ حِينَ أَوْقَعَ الْيَمِينَ عَلَيْهَا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهَا بِالتَّحْرِيمِ وَإِنَّمَا أَرَادَ غَيْرَهَا نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ كَخَلِيَّةٍ وَبَرِيَّةٍ وَحَبْلِك عَلَى غَارِبِك) أَيْ وَكَذَا رَدَدْتُك لِأَهْلِك (قَوْلُهُ إذَا جَرَى بِهَا الْعُرْفُ) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ بِهَا الطَّلَاقَ أَيْ حَلَّ الْعِصْمَةِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ إنْ قَصَدَ بِهَا الطَّلَاقَ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ قَصْدُ الطَّلَاقِ بِالْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ وَعَدَمُ قَصْدِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفُ اسْتِعْمَالِهَا فِي الطَّلَاقِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) هَذَا تَمْثِيلٌ لِمَا إذَا دَلَّ الْبِسَاطُ عَلَى نَفْيِهِ (قَوْلُهُ وَالْحَدِيثُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْكَلَامَ الْجَارِيَ بَيْنَهُمَا فِي شَأْنِ ذَلِكَ أَيْ فِي شَأْنِ كَوْنِهَا مُنْفَصِلَةً أَوْ خَلِيَّةً مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ مِنْ الْخَيْرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ جَارِيًا بَيْنَهُمَا فِي شَأْنِ ذَلِكَ وَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ كَلَامًا مُبْتَدَأً بَانَتْ مِنْهُ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إرَادَةَ نَفْيِ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ الْبِسَاطِ (قَوْلُهُ فِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ مَعَ مَا قَبْلَهَا بِأَنْ يَذْكُرَ قَوْلَهُ أَوْ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ بَائِنَةً أَوْ أَنَا وَمِثْلُ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك لَا ذِمَّةَ لِي عَلَيْك.

(قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ هَذِهِ مِثْلُ بَتَّةٌ وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهَا عِنْدَهَا (قَوْلُهُ إلَّا لِفِدَاءٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك مُصَاحِبًا لِفِدَاءٍ.

(قَوْلُهُ فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ بِمَعْنَى النَّفْيِ أَيْ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَدَّمَهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ عِنْدَ الْأُولَى أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك (قَوْلُهُ وَثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إلَخْ) .

حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا خَلَّيْت سَبِيلَك لَزِمَهُ الثَّلَاثُ إنْ نَوَى ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ نَوَى أَقَلَّ لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَإِنْ نَوَى الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يَنْوِي وَلَزِمَهُ وَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا كَمَا مَرَّ.

{تَنْبِيهٌ} مِنْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الثَّلَاثُ أَنْتِ خَالِصَةٌ أَوْ لَسْت لِي عَلَى ذِمَّةٍ وَأَمَّا عَلَيْهِ السُّخَامُ فَيَلْزَمُ فِيهِ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ، وَأَمَّا نَحْوُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مِنْ ذِرَاعِهِ أَوْ مِنْ فَرَسِهِ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْحَلِفِ بِذَلِكَ التَّبَاعُدُ عَنْ الْحَلِفِ بِالزَّوْجَةِ اهـ تَقْرِيرُ مُؤَلِّفٍ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ مِنْ تَقْرِيرِ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ أَنَّ لَسْتِ لِي عَلَى ذِمَّةٍ وَأَنْتِ خَالِصَةٌ يَلْزَمُ فِيهِ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَسْتِ لِي عَلَى ذِمَّةٍ أَوْ أَنْتِ خَالِصَةٌ لَا نَصَّ فِيهِمَا وَقَدْ اخْتَلَفَ اسْتِظْهَارُ الْأَشْيَاخِ فِي اللَّازِمِ بِهِمَا فَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ لُزُومَ طَلْقَةٍ بَائِنَةٍ

ص: 380

سَبِيلَك وَ) يَلْزَمُ (وَاحِدَةٌ) إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ (فِي فَارَقْتُك) دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا

ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ بِقَوْلِهِ (وَنَوَى فِيهَا) أَيْ فِي إرَادَةِ الطَّلَاقِ فَإِنْ نَوَى عَدَمَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ (وَ) إذَا نَوَاهُ نَوَى (فِي عَدَدِهِ) فَيَلْزَمُ مَا نَوَاهُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ (فِي) قَوْلِهِ لَهَا (اذْهَبِي وَانْصَرِفِي أَوْ لَمْ أَتَزَوَّجْك أَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَلَك امْرَأَةٌ فَقَالَ لَا أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مُعْتَقَةٌ أَوْ الْحَقِي) بِفَتْحِ الْحَاءِ مِنْ لَحِقَ (بِأَهْلِك أَوْ لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ فِي) هَذَا الْفَرْعِ (الْأَخِيرِ) نَحْوَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلَسْت لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ مَا أَنْتِ لِي بِامْرَأَةٍ فَفَعَلَتْ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ إنْ نَوَى بِهِ مُطْلَقَ الطَّلَاقِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا لَزِمَهُ وَإِنْ نَوَى غَيْرَ الطَّلَاقِ صُدِّقَ بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ وَبِغَيْرِهَا فِي الْفَتْوَى هَذَا هُوَ الَّذِي رُجِّحَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ وَلَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ تَصْدِيقِهِ بِمَا إذَا دَلَّ عَلَيْهِ بِسَاطٌ.

(وَإِنْ)(قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك)(فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عِتَابًا وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِتَابًا بَلْ قَالَهُ ابْتِدَاءً أَوْ فِي نَظِيرِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَهُ (فَبَتَاتٌ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ بِلَفْظِ يَنْبَغِي (وَهَلْ تَحْرُمُ) عَلَى الزَّوْجِ وَلَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا (بِ)(قَوْلِهِ) لَهَا (وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ) وَيَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَهُوَ الرَّاجِحُ بَلْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) وَجْهِي (عَلَى وَجْهِك) حَرَامٌ بِتَخْفِيفِ يَاءِ عَلَى فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ لَهَا (مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ) فَهَلْ تَحْرُمُ وَلَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ (أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَاسْتَظْهَرَ الشَّارِحُ لُزُومَ الثَّلَاثِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ خَالِصَةً وَيَمِينَ سَفَهٍ وَلَسْت لِي عَلَى ذِمَّةٍ فِي عُرْفِ مِصْرَ بِمَنْزِلَةِ فَارَقْتُك يَلْزَمُ فِيهِ طَلْقَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَأَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَبَائِنَةٌ فِي غَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ وَوَاحِدَةٌ فِي فَارَقْتُك دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَلَهُ فِي غَيْرِهَا يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنْ قَالَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا فَثَلَاثٌ وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى عَدَمَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ) وَكَذَا إذَا كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ أَصْلًا لَا بِطَلَاقٍ وَلَا بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي عَدَدٍ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ كَمَا فِي خش وَفِيهِ أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِيهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فَمَا وَجْهُ كَوْنِ ذَلِكَ فِيهِ الثَّلَاثُ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الصَّرِيحِ أَوْجَبَ رِيبَةً عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الثَّلَاثِ ذَكَرَهُ أَصْبَغُ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَفْتَى بِوَاحِدَةٍ إلَى أَنْ مَاتَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا بَائِنَةٌ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَرَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدهُ اُنْظُرْ عج اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِمَتَى وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا أَطْلَقَ فَإِنْ قَيَّدَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَتَقْرِيرُ الشُّرَّاحِ الْمَتْنَ عَلَى إطْلَاقِهِ يَدُلُّ عَلَى قُوَّتِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَنْوِ عَدَدًا مُعَيَّنًا مِنْ الطَّلَاقِ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَوْ الْحَقِي) هُوَ بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ مِنْ لَحِقَ يَلْحَقُ لَا مِنْ أَلْحَقَ يُلْحِقُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا تُلْحِقُ الْغَيْرَ بِأَهْلِهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهَا تَلْحَقُ بِأَهْلِهَا، وَمِثْلُهُ انْتَقِلِي لِأَهْلِك أَوْ قَالَ لِأُمِّهَا اُنْقُلِي إلَيْك ابْنَتَك (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا لَزِمَهُ إلَخْ) مُغَايِرُ التَّعْلِيقِ لِعَدَمِهِ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنَّهُ فِي التَّعْلِيقِ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ دُونَ غَيْرِهِ وَتَظْهَرُ فِيمَا إذَا نَوَى مُطْلَقَ الطَّلَاقِ فَفِي التَّعْلِيقِ يَلْزَمُ الثَّلَاثُ وَفِي غَيْرِهِ يَجْرِي الْخِلَافُ السَّابِقُ بَيْنَ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَصْبَغَ (قَوْلُهُ تَقْيِيدُ تَصْدِيقِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا نَوَى الطَّلَاقَ.

(قَوْلُهُ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا) أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ، وَقَوْلُهُ قَالَهُ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ بِهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ مَا ذَكَرَهُ ح مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَلَا يُنَوَّى وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اهـ شب (قَوْلُهُ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا) أَيْ يُقْبَلُ مَا نَوَاهُ مِنْ الْعَدَدِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ.

(قَوْلُهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَلَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ أَنَّهُ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَدْخُولِ بِهَا إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَلَا يُنَوَّى فِي الْقَضَاءِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَيُنَوَّى فِيهَا فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ بِاتِّفَاقٍ وَفِي عبق مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ أَوْ وَجْهِي عَلَى وَجْهِك حَرَامٌ فَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَيُنَوَّى فِي الْعَدَدِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ إنَّهُ لَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَإِنَّهُ يُنَوَّى وَظَاهِرُ عبق اعْتِمَادُهُ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ وَالْقَوْلُ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ هُوَ الرَّاجِحُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعُ عِيسَى وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلُهُ بِتَخْفِيفِ يَاءِ عَلَى) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ عَلَيَّ وَجْهُكِ حَرَامٌ بِتَشْدِيدِ يَاءِ عَلَيَّ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ لِجُزْءٍ فَيَكْمُلُ عَلَيْهِ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَيْ فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي السَّلْمَانِيَّةِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلُ قَدْ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ

ص: 381

وَهُمَا فِي هَذِهِ مُسْتَوِيَانِ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعَيْشِ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي قَوْلَهُ (كَقَوْلِهِ لَهَا يَا حَرَامُ أَوْ الْحَلَالُ حَرَامٌ) وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ (أَوْ) قَالَ (حَرَامٌ عَلَيَّ) أَوْ عَلَيَّ حَرَامٌ بِالتَّنْكِيرِ وَلَمْ يَقُلْ أَنْتِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ (أَوْ) قَالَ (جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ) وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ (وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فِي هَذَا الْفَرْعِ بِأَنْ نَوَى إخْرَاجَهَا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَقَوْلُهُ (قَوْلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ (وَإِنْ)(قَالَ) لِزَوْجَتِهِ أَنْت (سَائِبَةٌ مِنِّي أَوْ عَتِيقَةٌ أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ) فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ طَلَاقًا (حَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(فَإِنْ نَكَلَ نَوَى فِي عَدَدِهِ) وَقُبِلَ مِنْهُ نِيَّةُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ وَاسْتُشْكِلَ تَنْوِيَتُهُ فِي عَدَدِهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ وَسَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا وَلَا يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ نُكُولَهُ أَثْبَتَ عَلَيْهِ إرَادَةَ الطَّلَاقِ فَكَأَنَّهُ بِنُكُولِهِ قَالَ أَرَدْته وَكَذَبْت فِي قَوْلِي لَمْ أُرِدْهُ (وَعُوقِبَ) بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ عُقُوبَةً مُوجِعَةً؛ لِأَنَّهُ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ إذْ لَا يَعْلَمُ مَا أَرَادَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَسَوَاءٌ حَلَفَ أَوْ نَكَلَ وَكَذَا يُعَاقَبُ فِي الْقِسْمِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ نَوَى فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي إلَخْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَهُمَا) أَيْ الْقَوْلَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْعَيْشِ إلَّا بِالنِّيَّةِ أَيْ وَلَا تَدْخُلُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْعَامَّةِ إنْ فَعَلَ كَذَا تَكُونُ عِيشَتُهُ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ مِثْلُ قَوْلِهِ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ، فَإِنْ نَوَى بِمَا يَعِيشُ فِيهِ الزَّوْجَةَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّ الْكِنَايَةَ الْخَفِيَّةَ لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ) أَيْ لَا مُقَدَّمَةٌ وَلَا مُؤَخَّرَةٌ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: الْحَلَالُ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُحَاشَاةِ، فَإِنْ حَاشَى الزَّوْجَةَ وَأَخْرَجَهَا بِالنِّيَّةِ أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ الْحَلِفِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَأَقْوَالٌ مَشْهُورُهَا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَيَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْأَقَلِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ وُضِعَ لِإِبَانَةِ الْعِصْمَةِ وَأَنَّهَا لَا تَبِينُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ وَتَبِينُ قَبْلَهُ بِوَاحِدَةٍ، وَكَوْنُهَا فِي الْعَدَدِ غَالِبًا فِي الثَّلَاثِ وَنَادِرًا فِي أَقَلَّ مِنْهَا حَمَلَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى الثَّلَاثِ وَنَوَى فِي الْأَقَلِّ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَلَيَّ حَرَامٌ بِالتَّنْكِيرِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ الْحَرَامُ بِالتَّعْرِيفِ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يُنَوَّى فِيهَا وَتَلْزَمُهُ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا لَكِنَّهُ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ عَلَيَّ حَرَامٌ وَبَيْنَ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَنَّ عَلَيَّ الْحَرَامُ اُسْتُعْمِلَ فِي الْعُرْفِ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ بِخِلَافِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَمَنْ قَاسَ عَلَيَّ الْحَرَامُ عَلَى عَلَيَّ حَرَامٌ فَقَدْ أَخْطَأَ فِي الْقِيَاسِ لِوُجُودِ الْفَارِقِ وَخَالَفَ الْمَنْصُوصَ فِي كَلَامِهِمْ أَفَادَهُ عج قَالَ بْن وَقَدْ جَرَى الْعَمَلُ بِفَاسَ وَنَوَاحِيهَا فِي الْقَائِلِ عَلَيَّ الْحَرَامُ بِالتَّعْرِيفِ أَنَّهُ إذَا حَنِثَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مُعْتَمَدٌ وَحَكَى الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ فِي الْحَرَامِ أَقْوَالًا أُخَرَ غَيْرَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ فَقِيلَ إنَّ الْحَرَامَ لَغْوٌ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ، وَقِيلَ إنَّهُ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَقِيلَ يُنَوَّى فِيهِ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَزِمَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَإِذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَيُنَوَّى فِي عَدَدِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ أَنْتِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ فَثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يُنَوَّى وَكَذَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَكِنَّهُ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ وَتَجْرِي فِيهِ بَقِيَّةُ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فِي هَذَا الْفَرْعِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: الْحَلَالُ حَرَامٌ إنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَقَصَدَ إدْخَالَ الزَّوْجَةِ وَكَلَّمَهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالشَّارِحُ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا لِهَذَا الْفَرْعِ خَاصَّةً جَدّ عج وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ غَيْرُهُمَا مِنْ جَعْلِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا رَاجِعًا لِلْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْوِ إدْخَالَهَا أَنَّهُ لَوْ نَوَى إدْخَالَهَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا.

(قَوْلُهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ مَا أَمْلِكُهُ مِلْكَ الذَّاتِ وَذَاتُ الزَّوْجَةِ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِإِدْخَالِهِ لَهَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لَهَا فَاحْتِيجَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ لِإِخْرَاجِهَا أَوَّلًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ نُوِّيَ فِي الْعَدَدِ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ أَوْ وَاحِدَةٌ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ أَصْبَغَ وَابْنِ عَرَفَةَ الَّذِي قَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ وَقُبِلَ مِنْهُ نِيَّةُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ (قَوْلُهُ سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا إلَخْ) أَيْ وَالْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا نَكَلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَدْت وَاحِدَةً مَثَلًا. قَالَ بْن وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ لَا عَنْ مَالِكٍ وَلَا يَلْزَمُ مُوَافَقَتُهُ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ وَعُوقِبَ) أَيْ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَهُوَ سَائِبَةٌ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى حَلَفَ أَيْ وَحَلَفَ وَعُوقِبَ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْلِفْ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ حَلَفَ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعُوقِبَ (قَوْلُهُ وَكَذَا يُعَاقَبُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ

ص: 382

(وَلَا يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ) بَلْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ (بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ) أَوْ بَتَّةٌ (جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك) وَنَحْوُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا وَقَدْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ صُدِّقَ إنْ تَقَدَّمَ بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا وَأَمَّا إنْ لَمْ يُنْكِرْ قَصْدَهُ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي بَتَّةٍ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَا يُنَوَّى وَفِي غَيْرِهَا يُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَطْ وَسَوَاءٌ كَانَ جَوَابًا لِقَوْلِهَا الْمَذْكُورِ أَمْ لَا (وَإِنْ قَصَدَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِكَاسْقِنِي الْمَاءَ) حَقُّهُ اسْقِينِي بِالْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِمُؤَنَّثٍ يُبْنَى عَلَى حَذْفِ النُّونِ وَالْيَاءُ فَاعِلٌ وَأَصْلُهُ اسْقِينَنِي (أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ) كَادْخُلِي وَكُلِي وَاشْرَبِي (لَزِمَهُ) مَا قَصَدَ مِنْ الطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ بِخِلَافِ قَصْدِهِ بِفِعْلٍ كَضَرْبٍ وَقَطْعِ حَبْلٍ مَا لَمْ يَكُنْ عَادَةَ قَوْمٍ فَيَلْزَمُ (لَا إنْ قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِالطَّلَاقِ فَلَفَظَ بِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِهِ اسْقِنِي الْمَاءَ وَنَحْوَهُ (غَلَطًا) بِأَنْ سَبَقَهُ لِسَانُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.

قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ فَقَالَ كُلِي أَوْ اشْرَبِي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ رُكْنِهِ وَهُوَ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ أَوْ غَيْرُهُ مَعَ نِيَّتِهِ بَلْ أَرَادَ إيقَاعَهُ بِلَفْظِهِ فَوَقَعَ فِي الْخَارِجِ غَيْرُهُ (أَوْ)(أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ الثَّلَاثَ) بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَسَكَتَ) عَنْ اللَّفْظِ بِالثَّلَاثِ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ إذْ لَمْ يَقْصِدْ بِأَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالثَّلَاثِ فَلَمَّا أَخَذَ فِي التَّلَفُّظِ بَدَا لَهُ عَدَمُ الثَّلَاثِ فَسَكَتَ عَنْهَا (وَسُفِّهَ) زَوْجٌ (قَائِلٌ) لِزَوْجَتِهِ (يَا أُمِّي وَيَا أُخْتِي) أَوْ يَا عَمَّتِي أَوْ يَا خَالَتِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنَّهُ إنَّمَا يُعَاقَبُ فِي مَسْأَلَةٍ وَإِنْ قَالَ سَائِبَةٌ إلَخْ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَوَّى إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك فَقَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَتَّةٌ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى اهـ وَمَعْنَى قَوْلِهَا وَلَا يَنْوِي أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ قَصْدِ الطَّلَاقِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا إذَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ حَذْفُ لَفْظِ الْعَدَدِ لِيُطَابِقَ نَصَّهَا وَلِأَنَّ التَّنْوِيَةَ فِي الْعَدَدِ فَرْعٌ عَنْ إرَادَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ هُنَا مُنْكِرٌ إرَادَةَ الطَّلَاقِ فَلَا يَتَأَتَّى تَنْوِيَتُهُ فِي الْعَدَدِ.

(قَوْلُهُ أَوَدُّ) أَيْ أَتَمَنَّى وَقَوْلُهُ أَنْ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي أَيْ عَنِّي وَقَوْلُهُ مِنْ صُحْبَتِك أَيْ بِصُحْبَتِك أَيْ بِسَبَبِ زَوَالِ صُحْبَتِك فَمِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ الَّتِي لِلسَّبَبِيَّةِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا) أَيْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا فِي الْأَلْفَاظِ كُلِّهَا لَكِنْ فِي بَتَّةٍ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَا يُنَوَّى وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَيَلْزَمُهُ إنْ دَخَلَ بِهَا وَلَا يُنَوَّى وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّهُ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ جَوَابًا إلَخْ) قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ أَقْسَامَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَارَةً تَقَعُ جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ إلَخْ وَتَارَةً لَا تَقَعُ جَوَابًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُقْصَدَ بِهَا الطَّلَاقُ أَوْ لَا وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَهُ بِكَاسْقِنِي الْمَاءَ إلَخْ) هَذَا كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ حَيْثُ حَصَرُوا أَلْفَاظَ الطَّلَاقِ فِي صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ ظَاهِرَةٍ وَخَفِيَّةٍ وَجَعَلَ هَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ مِنْ غَيْرِ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ بِقِسْمَيْهَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ اسْقِنِي الْمَاءَ وَنَحْوَهُ لَا يَنْبَغِي عَدُّهُ فِي الْكِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ حَلَّ الْعِصْمَةِ لَيْسَ لَازِمًا لِسَقْيِ الْمَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا اصْطِلَاحٌ وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهِ اهـ أَيْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْكِنَايَةِ مَا قَابَلَ الصَّرِيحَ وَهَذَا اصْطِلَاحُهُمْ لَهُمْ.

(قَوْلُهُ أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ) أَيْ وَلَوْ صَوْتًا سَاذَجًا أَوْ مِزْمَارًا وَأَمَّا صَوْتُ الضَّرْبِ بِالْيَدِ مَثَلًا فَمِنْ الْفِعْلِ الْآتِي احْتِيَاجُهُ لِعُرْفٍ أَوْ قَرَائِنَ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا، وَقَوْلُهُ أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ أَيْ غَيْرِ صَرِيحِ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ وَلَوْ قَصَدَهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي غَيْرِ بَابِ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَصَدَهُ بِهِ إلَّا أَنْتِ حُرَّةٌ اهـ. وَقِيلَ: إذَا نَوَى الطَّلَاقَ بِلَفْظِ الظِّهَارِ لَزِمَهُ الظِّهَارُ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى وَالطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ مَعًا فِي الْقَضَاءِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَا قَصَدَ مِنْ الطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّ الْكِنَايَةَ الْخَفِيَّةَ لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَاهُ بِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَصْدِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ بِمَعْنَى حَلِّ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ الثَّلَاثَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ وَاحِدَةً فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْقَضَاءِ وَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا نَوَاهُ فِي الْفَتْوَى وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَلَا يَنْوِي مُطْلَقًا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ إلَخْ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّقَ الثَّلَاثَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَسَكَتَ وَلَمْ

ص: 383

مِنْ الْمَحَارِمِ أَيْ نُسِبَ لِلسَّفَهِ وَلَغْوِ الْحَدِيثِ الْمُسْقِطِ لِلشَّهَادَةِ وَفِي كَرَاهَتِهِ وَحُرْمَتِهِ قَوْلَانِ

وَلَمَّا كَانَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ وَهُوَ اللَّفْظُ قَدْ يَقُومُ مَقَامَهُ شَيْءٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَ) الطَّلَاقُ (بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ) بِأَنْ احْتَفَّ بِهَا مِنْ الْقَرَائِنِ مَا يَقْطَعُ مَنْ عَايَنَهَا بِدَلَالَتِهَا عَلَى الطَّلَاقِ وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ مِنْ أَخْرَسَ أَوْ مُتَكَلِّمٍ وَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ لِبَلَادَتِهَا وَهِيَ كَالصَّرِيحِ فَلَا تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُفْهِمَةِ فَلَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَوْ قَصَدَهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَفْعَالِ لَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ مَا لَمْ تَكُنْ عَادَةَ قَوْمٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفِعْلِ (وَ) لَزِمَ أَنْ يَقَعَ (بِمُجَرَّدِ إرْسَالِهِ بِهِ مَعَ رَسُولٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَخْبَرَهَا بِطَلَاقِهَا وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا أَيْ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لِلرَّسُولِ ذَلِكَ أَيْ بِقَوْلِهِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْوُصُولِ (وَبِالْكِتَابَةِ) لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا (عَازِمًا) عَلَى الطَّلَاقِ بِكِتَابَتِهِ فَيَقَعُ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ كِتَابَةِ هِيَ طَالِقٌ.

وَنَحْوُهُ لَوْ كَتَبَ إذَا جَاءَك كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكَذَا إنْ كَتَبَهُ مُسْتَشِيرًا أَوْ مُتَرَدِّدًا وَأَخْرَجَهُ عَازِمًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ لِحَمْلِهِ عَلَى الْعَزْمِ عِنْدَهُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ (أَوْ) كَتَبَهُ (لَا) عَازِمًا بَلْ مُتَرَدِّدًا أَوْ مُسْتَشِيرًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ فَيَحْنَثُ (إنْ وَصَلَ لَهَا) أَوْ لِوَلِيِّهَا وَلَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا فَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ يَلْزَمُهُ لِحَمْلِهِ عَلَى الْعَزْمِ أَيْ النِّيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكْتُبَهُ عَازِمًا أَوْ مُتَرَدِّدًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ كَذَلِكَ أَوْ لَا يُخْرِجَهُ وَفِي هَذِهِ الِاثْنَيْ عَشْرَةَ صُورَةً إمَّا أَنْ يَصِلَ أَوْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ كِتَابَتِهِ إنْ عَزَمَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَبِإِخْرَاجِهِ كَذَلِكَ فِي الْمُتَرَدِّدِ وَصَلَ أَوْ لَمْ يَصِلْ وَأَمَّا إنْ كَتَبَهُ مُتَرَدِّدًا أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ فَإِنْ وَصَلَهَا حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَأْتِ بِالشَّرْطِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ فَهُوَ قَدْ نَطَقَ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا وَسَكَتَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ حَذَفَهَا فِيهَا (قَوْلُهُ مِنْ الْمَحَارِمِ) أَيْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَحَارِمِ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ لَوْ قَالَ لَهَا: يَا سِتِّي أَوْ يَا حَبِيبَتِي فَإِنَّهُ يُسَفَّهُ أَيْضًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ وَفِي كَرَاهَتِهِ وَحُرْمَتِهِ قَوْلَانِ) قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي النَّهْيِ الْوَارِدِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ لِمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا أُخْتِي أَأُخْتك هِيَ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَأَنْكَرَهُ وَنَهَى عَنْهُ

(قَوْلُهُ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ) أَيْ الَّتِي شَأْنُهَا الْإِفْهَامُ (قَوْلُهُ بِأَنْ احْتَفَّ بِهَا) أَيْ انْضَمَّ لَهَا مِنْ الْقَرَائِنِ مَا أَيْ قَرِينَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُفْهِمْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا فَهِمَتْ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ مِنْ الْإِشَارَةِ بَلْ وَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ ذَلِكَ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُفْهِمَةِ) أَيْ وَهِيَ الَّتِي لَا قَرِينَةَ مَعَهَا أَوْ مَعَهَا قَرِينَةٌ لَكِنْ لَا يَقْطَعُ مَنْ عَايَنَ تِلْكَ الْإِشَارَةَ بِدَلَالَتِهَا عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) أَيْ كخش فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ غَيْرَ الْمُفْهِمَةِ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إرْسَالُهُ) أَيْ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالطَّلَاقِ فَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ لِلرَّسُولِ بَلِّغْ زَوْجَتِي أَنِّي طَلَّقْتهَا أَوْ أَخْبِرْهَا بِطَلَاقِهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لِلرَّسُولِ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا.

(قَوْلُهُ وَبِالْكِتَابَةِ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ وَالْمَدَارُ عَلَى الْعَزْمِ أَوْ الْوُصُولِ وَلَوْ لِصَاحِبٍ يُخْبِرُهُ مَثَلًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ عَازِمًا) أَيْ نَاوِيًا الطَّلَاقَ حِينَ كَتَبَ وَسَوَاءٌ أَخْرَجَ ذَلِكَ الْكِتَابَ عَازِمًا عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ مُسْتَشِيرًا أَوْ مُتَرَدِّدًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ وَصَلَ لَهَا أَمْ لَا فَهَذِهِ عَشَرَةٌ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ يَتَأَتَّى وُصُولُهُ إلَيْهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكْتُبَهُ وَيُبْقِيَهُ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ فَيَأْخُذَهُ شَخْصٌ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ وَيُوصِلَهُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ فَيَقَعُ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ كِتَابَةِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ الْكِتَابَ وَلَوْ لَمْ يُرْسِلْهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ عِنْدِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَتَبَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَتَبَ هِيَ طَالِقٌ بَلْ وَلَوْ كَتَبَ إذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْت طَالِقٌ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ إذَا لِمُجَرَّدِ الظَّرْفِيَّةِ فَيُنَجَّزُ كَمَنْ أَجَّلَ الطَّلَاقَ بِمُسْتَقْبَلٍ وَفِي طفي أَنَّهُ إذَا كَتَبَ إنْ وَصَلَ لَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْت طَالِقٌ يُوقَفُ الطَّلَاقُ عَلَى الْوُصُولِ وَإِذَا كَتَبَ إذَا وَصَلَ لَك كِتَابِي فَفِي تَوَقُّفِهِ عَلَى الْوُصُولِ خِلَافٌ وَقَوِيَ الْقَوْلُ بِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْوُصُولِ لِتَضَمُّنِ إذَا مَعْنَى الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إنْ كَتَبَهُ مُسْتَشِيرًا) أَيْ أَنَّهُ كَتَبَهُ عَلَى أَنْ يَسْتَشِيرَ فِيهِ، فَإِنْ رَأَى أَنْ يُنْفِذَهُ أَنْفَذَهُ وَإِنْ رَأَى أَنْ لَا يُنْفِذَهُ لَمْ يُنْفِذْهُ (قَوْلُهُ وَأَخْرَجَهُ عَازِمًا) أَيْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ إخْرَاجِهِ عَازِمًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ فَهَذِهِ ثَمَانِ صُوَرٍ (قَوْلُهُ لِحَمْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ الْكَاتِبِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ مُتَرَدِّدًا أَوْ مُسْتَشِيرًا.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَتَبَهُ مُتَرَدِّدًا أَوْ مُسْتَشِيرًا وَأَخْرَجَهُ كَذَلِكَ أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ فَإِمَّا أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا وَإِمَّا أَنْ لَا يَصِلَ إلَيْهَا، فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ فَلَا حِنْثَ وَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا) أَيْ حِينَ الْكِتَابَةِ سَوَاءٌ أَخْرَجَهُ عَازِمًا أَوْ مُتَرَدِّدًا أَوْ مُسْتَشِيرًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ وَصَلَ إلَيْهَا أَمْ لَا فَهَذِهِ عَشْرَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً إمَّا أَنْ يَصِلَ أَوْ لَا) أَيْ فَالصُّوَرُ حِينَئِذٍ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ وَإِنْ نَظَرْت إلَى زِيَادَةِ كَوْنِهِ مُسْتَشِيرًا حِينَ الْكِتَابَةِ وَحِينَ الْإِخْرَاجِ زَادَتْ الصُّوَرُ وَبَلَغَتْ أَرْبَعِينَ صُورَةً إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّرَدُّدِ مَا يَشْمَلُ الْمُسْتَشِيرَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ عَزَمَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ سَوَاءٌ أَخْرَجَهُ عَازِمًا أَوْ مُتَرَدِّدًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ وَسَوَاءٌ وَصَلَ لَهَا أَوْ لَا فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً (قَوْلُهُ وَبِإِخْرَاجِهِ كَذَلِكَ) أَيْ عَازِمًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ فِي الْمُتَرَدِّدِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَتَبَهُ مُتَرَدِّدًا (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَصِلْ) فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) فَهَذِهِ

ص: 384

فَعَدَمُ الْحِنْثِ فِي صُورَتَيْنِ فَقَطْ

(وَفِي لُزُومِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ) بِأَنْ يَقُولَ لَهَا بِقَلْبِهِ أَنْت طَالِقٌ (خِلَافٌ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اللُّزُومِ وَأَمَّا الْعَزْمُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ عَدَمُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا

(وَإِنْ)(كَرَّرَ الطَّلَاقَ) أَيْ لَفْظَهُ (بِعَطْفٍ بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ) كَرَّرَ الْمُبْتَدَأَ مَعَ كُلِّ لَفْظٍ أَمْ لَا (فَثَلَاثٌ إنْ دَخَلَ) كَأَنْ لَمْ يَدْخُلْ وَنَسَقُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَنْ أَتْبَعَ الْخُلْعَ طَلَاقًا نَسَقًا وَإِلَّا فَلَا (كَ) مَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (مَعَ طَلْقَتَيْنِ) فَثَلَاثٌ (مُطْلَقًا) دَخَلَ أَمْ لَا (وَ) إنْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا (بِلَا عَطْفٍ) لَزِمَهُ (ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ (إنْ نَسَقَهُ) وَلَوْ حُكْمًا كَفَصْلِهِ بِسُعَالٍ (إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فَيُصَدَّقُ بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ وَبِغَيْرِهَا فِي الْفَتْوَى بِخِلَافِ الْعَطْفِ فَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّةُ التَّأْكِيدِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُنَافِي التَّأْكِيدَ (فِي غَيْرِ مُعَلَّقٍ بِمُتَعَدِّدٍ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّقًا أَصْلًا كَأَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ أَوْ مُعَلَّقًا بِمُتَّحِدٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا ثُمَّ كَلَّمَتْهُ فَثَلَاثٌ إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ فَإِنْ عَلَّقَهُ بِمُتَعَدِّدٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلْت الرَّغِيفَ فَفَعَلَتْ الثَّلَاثَ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ نِيَّةُ التَّأْكِيدِ لِتَعَدُّدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ

(وَلَوْ طَلَّقَ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلْت فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْبَارَهُ) أَيْ وَلَا إنْشَاءَ طَلَاقٍ (فَفِي لُزُومِ طَلْقَةٍ) حَمْلًا عَلَى الْإِخْبَارِ (أَوْ اثْنَتَيْنِ) حَمْلًا عَلَى الْإِنْشَاءِ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا فِي الْقَضَاءِ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْأُولَى فَقَطْ اتِّفَاقًا، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَفِي لُزُومِ ثَانِيَةٍ قَوْلَانِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ وَلَمَّا كَانَ حُكْمُ تَجَزُّؤِ الطَّلَاقِ أَنْ يَكْمُلَ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) لَزِمَ (فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ) مَثَلًا وَلَوْ قَالَ جُزْءٌ لَكَانَ أَشْمَلَ (أَوْ) نِصْفِ (طَلْقَتَيْنِ) طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ (أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَرْبَعٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَعَدَمُ الْحِنْثِ فِي صُورَتَيْنِ فَقَطْ) أَمَّا إذَا كَتَبَهُ مُتَرَدِّدًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ مُتَرَدِّدًا وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فِيهِمَا

(قَوْلُهُ وَفِي لُزُومِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ خِلَافٌ) التَّوْضِيحِ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا أَنْشَأَ الطَّلَاقَ بِقَلْبِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ وَالْقَوْلُ بَعْدَ اللُّزُومِ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَرَافِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْقَوْلُ بِاللُّزُومِ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الْأَشْهَرُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُكْتَفَى بِالنِّيَّةِ فِي التَّكَالِيفِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقَلْبِ لَا فِيمَا بَيْنَ الْآدَمِيِّينَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْعَزْمُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا إلَخْ) أَيْ وَكَذَا مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا طَلُقَتْ مِنْهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إجْمَاعًا

(قَوْلُهُ فَثَلَاثٌ إنْ دَخَلَ) أَيْ سَوَاءٌ نَسَقَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَنَسَقُهُ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُهُ الْآتِي إنَّ نَسَقَهُ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ مَا هُنَا أَيْضًا فَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا إنْ نَسَقَهُ كَالْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْقِسْمَيْنِ مَا هُوَ بِعَطْفٍ وَمَا هُوَ بِدُونِهِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّسَقِ النَّسَقُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ لَا الْمُتَابَعَةُ لَا الِاصْطِلَاحِيُّ وَهُوَ تَوَسُّطُ أَحَدِ حُرُوفِ الْعَطْفِ التِّسْعَةِ بَيْنَ التَّابِعِ وَالْمَتْبُوعِ (قَوْلُهُ إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ فِيهِمَا) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينٍ إلَخْ) أَيْ وَتُقْبَلُ نِيَّةُ التَّأْكِيدِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَوْ طَالَ مَا بَيْنَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَنْفَعُ فِيهَا التَّأْكِيدُ حَيْثُ لَمْ يَطُلْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّانِي وَلَوْ نَوَى بِهِ الْإِنْشَاءَ قَالَهُ عج قَالَ شَيْخُنَا نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ لَا يُفِيدُ التَّأْكِيدُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا إذَا كَانَ نَسَقًا وَإِلَّا لَزِمَهُ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مُعَلَّقٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ، فَإِنْ نَوَى التَّأْكِيدَ فَلَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الطَّلَاقُ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِمُتَعَدِّدٍ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ عَلَّقَهُ بِمُتَعَدِّدٍ إلَخْ) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ إنْ كَلَّمْت إنْسَانًا فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ فَبِكَلَامِهِ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْخُصُوصِ غَيْرُ جِهَةِ الْعُمُومِ كَمَا فِي المج

(قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَ) أَيْ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَلَمْ يَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَقِيلَ لَهُ إلَخْ فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِأَنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْخَلْعِ أَوْ كَانَ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ قَالَ مُطَلَّقَةٌ أَوْ طَلَّقْتهَا فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا الطَّلْقَةُ الْأُولَى اتِّفَاقًا فَمَحَلُّ الْخِلَافِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ خَمْسَةٍ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا وَأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، وَأَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ وَالْإِنْشَاءَ كَمِثَالِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يَكُونَ فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إخْبَارًا وَلَا إنْشَاءً فَهُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْبَارَهُ) أَيْ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ إخْبَارَهُ وَلَا إنْشَاءَ طَلَاقٍ فَفِي لُزُومِ طَلْقَةٍ أَيْ وَأَمَّا إنْ نَوَى إخْبَارَهُ فَاللَّازِمُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا وَإِنْ نَوَى إنْشَاءَ الطَّلَاقِ فَيَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ اتِّفَاقًا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَطْرَافٍ ثَلَاثَةٍ.

(قَوْلُهُ حَمْلًا عَلَى الْإِخْبَار) أَيْ حَمْلًا لِلَفْظِهِ عَلَى الْإِخْبَارِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِلْمُتَأَخِّرِينَ الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ كَمَا فِي المج وَالثَّانِي لِعِيَاضٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي ح عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَحَلَّ هُنَا لِلتَّرَدُّدِ اهـ بْن ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ لُزُومِ وَاحِدَةٍ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إنْشَاءَ طَلْقَةٍ ثَانِيَةٍ حَيْثُ كَانَ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا ح، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مُطْلَقًا أَرَادَ رَجْعَتَهَا أَمْ لَا، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ مُطْلَقًا، فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهَا طَلَاقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَنِصْفُ طَلْقَةٍ عَطْفٌ عَلَى الْإِشَارَةِ وَأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي أَيْ

ص: 385

(أَوْ نِصْفِ وَثُلُثِ طَلْقَةٍ أَوْ) طَالِقٌ (وَاحِدَةٌ فِي وَاحِدَةٍ) وَكَانَ يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ (أَوْ) عَلَّقَ بِأَدَاةٍ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ نَحْوُ إذَا مَا أَوْ (مَتَى مَا فَعَلْت) كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَكَرَّرَ) الْفِعْلَ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْأُخْرَى (أَوْ طَالِقٌ أَبَدًا طَلْقَةً) وَاحِدَةً فِي الْجَمِيعِ وَالرَّاجِحُ فِي الْأَخِيرِ لُزُومُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ التَّأْبِيدَ ظَاهِرٌ فِيهَا (وَ) لَزِمَ (اثْنَتَانِ فِي رُبُعِ طَلْقَةٍ وَنِصْفِ طَلْقَةٍ) أَوْ رُبُعِ طَلْقَةٍ وَرُبُعِ طَلْقَةٍ لِإِضَافَةِ طَلْقَةٍ صَرِيحَةٍ إلَى كُلِّ كَسْرٍ فَكُلٌّ مِنْ الْكَسْرَيْنِ أُخِذَ مُمَيِّزُهُ فَاسْتُقْبِلَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ نِصْفِ وَثُلُثِ طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ كَمَا قَدَّمَهُ (وَ) اثْنَتَانِ فِي (وَاحِدَةٍ فِي اثْنَتَيْنِ) إنْ عَرَفَ الْحِسَابَ وَإِلَّا فَثَلَاثٌ (وَ) اثْنَتَانِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ (الطَّلَاقُ كُلُّهُ إلَّا نِصْفَهُ) ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ يَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ بِالتَّكْمِيلِ (وَ) اثْنَتَانِ فِي (أَنْت طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك ثُمَّ قَالَ كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ) مُشِيرًا إلَى قَرْيَتِهَا (فَهِيَ طَالِقٌ) ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَاحِدَةٌ بِالْخُصُوصِ وَالْأُخْرَى بِانْدِرَاجِهَا فِي عُمُومِ الْقَرْيَةِ (وَ) لَزِمَ (ثَلَاثٌ فِي) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ (إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ) فِي أَنْتِ طَالِقٌ (اثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ) عَرَفَ الْحِسَابَ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (كُلَّمَا حِضْت) أَوْ كُلَّمَا جَاءَ يَوْمُ حَيْضِك أَوْ شَهْرُهُ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ مِنْ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ غَالِبٌ وَقَصْدُهُ التَّكْثِيرَ كَطَالِقٍ مِائَةَ مَرَّةٍ وَلَا يُنْتَظَرُ بِوُقُوعِهِ حَيْضُهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَلَزِمَ فِي الْإِشَارَةِ وَفِي نِصْفِ طَلْقَةٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ نِصْفِ وَثُلُثِ طَلْقَةٍ) مَحَلُّ كَوْنِهِ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ إذَا عَطَفَ كَسْرًا عَلَى كَسْرٍ مَا لَمْ يَزِدْ مَجْمُوعُ الْجُزْأَيْنِ عَلَى طَلْقَةٍ فَإِذَا قَالَ نِصْفٌ وَثُلُثَا طَلْقَةٍ بِتَثْنِيَةِ ثُلُثٍ لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ؛ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ الْمَذْكُورَةَ تَزِيدُ عَلَى طَلْقَةٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ ثَلَاثَةُ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ أَرْبَعَةُ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ وَقَعَتْ اثْنَتَانِ لِزِيَادَةِ الْأَجْزَاءِ عَلَى الْوَاحِدَةِ نَقَلَهُ طفي وَتَنْظِيرُ التَّوْضِيحِ فِي ذَلِكَ قُصُورٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ نَحْوُ إذَا مَا إلَخْ) فَإِذَا قَالَ: إذَا مَا دَخَلْت الدَّارَ أَوْ مَتَى مَا كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ وَفَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ، وَأَمَّا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَكُلَّمَا فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ لُزُومُ الطَّلَاقِ بِتَكَرُّرِ الْفِعْلِ وَمَحَلُّ عَدَمِ تَكْرَارِ الطَّلَاقِ فِي مَتَى مَا وَإِذَا مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِمَا مَعْنَى كُلَّمَا وَإِلَّا تَعَدَّدَ الطَّلَاقُ بِتَعَدُّدِ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَهْمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِمَنْزِلَةِ كُلَّمَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ وَكَرَّرَ الْفِعْلَ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَكَرَّرَ اللَّفْظَ؛ لِأَنَّ تَكْرَارَ اللَّفْظِ وَنِيَّةَ التَّأْكِيدِ أَوْ عَدَمَهُ قَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي غَيْرِ مُعَلَّقٍ بِمُتَعَدِّدٍ فَلَا حَاجَةَ لِإِدْخَالِهِ هُنَا فَقَوْلُ عبق وَكَرَّرَ اللَّفْظَ أَوْ الْفِعْلَ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ قَصْرُهُ عَلَى تَكَرُّرِ الْفِعْلِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لِمَا عَلِمْت ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَكَرَّرَ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ لَوْ قَالَ مَتَى مَا فَعَلْت كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ وَفَعَلَتْهُ مَرَّةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ طَالِقٌ أَبَدًا) أَيْ أَوْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْوَاحِدَةُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ وَيَسْتَمِرُّ طَلَاقُك أَبَدًا أَوْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ إذَا طَلَّقَهَا وَلَوْ يُرَاجِعُهَا اسْتَمَرَّ طَلَاقُهَا أَبَدًا أَيْ اسْتَمَرَّ أَثَرُ طَلَاقِهَا وَهُوَ مُفَارَقَتُهَا أَبَدًا أَوْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ فِي الْأَخِيرِ لُزُومُ الثَّلَاثِ) أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ الْوَاحِدَةِ فَهُوَ ظَاهِرُهَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ لِإِضَافَةِ طَلْقَةٍ صَرِيحَةٍ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَصَوَابُهَا لِإِضَافَةِ كُلِّ كَسْرٍ صَرِيحًا إلَى طَلْقَةٍ أَيْ إنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الرُّبُعِ وَالنِّصْفِ الْمَذْكُورَيْنِ مُضَافٌ إلَى طَلْقَةٍ غَيْرِ الَّتِي أُضَيَّف إلَيْهَا الْآخَرُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا أَخَذَ مُمَيِّزَهُ فَاسْتَقَلَّ، وَلِأَنَّ النَّكِرَةَ إذَا ذُكِرَتْ ثُمَّ أُعِيدَتْ بِلَفْظِ النَّكِرَةِ كَانَتْ الثَّانِيَةُ غَيْرَ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ وَالطَّلَاقُ كُلُّهُ إلَّا نِصْفَهُ) مِثْلُهُ إلَّا نِصْفًا بِالتَّنْوِينِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ نِصْفُ مَا سَبَقَ، وَكَذَلِكَ مِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَهَا، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ كُلَّهُ إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ فَفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ إلَّا نِصْفَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُبْهَمَ الْوَاقِعَ فِي الْمُسْتَثْنَى وَاحِدَةٌ وَاسْتِثْنَاؤُهُ لَا يُفِيدُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَالْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ طَلْقَتَانِ وَنِصْفُ طَلْقَةٍ فَتَكْمُلُ عَلَيْهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَضَافَ النِّصْفَ لِلضَّمِيرِ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ وَإِنْ أَضَافَهُ لِلطَّلَاقِ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ.

(قَوْلُهُ وَاثْنَتَانِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك إلَخْ) وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَلَدِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَةٍ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا اسْتَصْوَبَهُ شَيْخُ ابْنِ نَاجِيٍّ الْعَلَّامَةِ الْبُرْزُلِيِّ عَكْسُ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ نَاجِيٍّ مِنْ لُزُومِ طَلْقَتَيْنِ وَوَجْهُ كَلَامِ الْبُرْزُلِيِّ إنْ ذَكَرَهَا بِالْخُصُوصِ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي عُمُومِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَمْ يَزِدْهَا شَيْئًا فَحُمِلَ عَلَى التَّأْكِيدِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ عَلَّقَ فِيهَا مَرَّةً بِالْخُصُوصِ ثُمَّ مَرَّةً بِالْعُمُومِ وَالْعَامُّ بَعْدَ الْخَاصِّ فِيهِ تَأْسِيسٌ فِي الْجُمْلَةِ فَطَرَدَ التَّأْسِيسَ فِي جَمِيعِ مَدْلُولِهِ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ إنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُهُ فِي نَفْسِهِ وَقَدْ اعْتَمَدَ الْأَشْيَاخُ كَلَامَ الْبُرْزُلِيِّ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ ابْنِ نَاجِيٍّ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ وَاحِدَةٌ بِالْخُصُوصِ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ وَاثْنَتَانِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ طَلْقَتَانِ وَنِصْفٌ فَيَكْمُلُ ذَلِكَ النِّصْفُ وَإِنَّمَا كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثُ وَقَدْ أَخْرَجَ مِنْهُ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى نِصْفَ الطَّلْقَةِ عَلِمَ أَنَّ الْغَرَضَ بِالطَّلَاقِ غَيْرِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ إلَّا نِصْفَهُ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَزِمَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُسْتَغْرِقٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ غَالِبٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مُحْتَمَلٌ غَالِبٌ

ص: 386

وَهَذَا فِيمَنْ تَحِيضُ أَوْ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا كَصَغِيرَةٍ وَأَمَّا الْآيِسَةُ وَمَنْ شَأْنُهَا عَدَمُ الْحَيْضِ وَهِيَ شَابَّةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا) طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ (أَوْ مَتَى مَا) طَلَّقْتُك (أَوْ إذَا مَا طَلَّقْتُك أَوْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً) فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ السَّبَبِ فَاعِلُ الْمُسَبَّبِ فَيَلْزَمُهُ مِنْ وُقُوعِ الْأُولَى وُقُوعُ الثَّانِيَةِ وَمِنْ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ وُقُوعُ الثَّالِثَةِ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ (أَوْ) قَالَ (إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا) وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً لَزِمَهُ ثَلَاثٌ وَيُلْغَى قَوْلُهُ قَبْلَهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَ) تَلْزَمُ (طَلْقَةٌ) وَاحِدَةٌ (فِي) كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ (أَرْبَعٍ) مِنْ الزَّوْجَاتِ (قَالَ لَهُنَّ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ) أَوْ طَلْقَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعُ طَلْقَاتٍ (مَا لَمْ يَزِدْ الْعَدَدَ)(عَلَى) الطَّلْقَةِ (الرَّابِعَةِ) .

فَإِنْ قَالَ: بَيْنَكُنَّ خَمْسٌ إلَى ثَمَانِيَةٍ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ قَالَ بَيْنَكُنَّ تِسْعٌ فَأَكْثَرُ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا قَالَ (سَحْنُونٌ) الْإِفْرِيقِيُّ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ مُدَوِّنُ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ إمَامِهِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَشْهَرُ فَتْحُ سِينِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَاسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ (وَإِنْ)(شَرِكَ) الْأَرْبَعَ فِي ثَلَاثٍ بِأَنْ قَالَ شَرِكْت بَيْنَكُنَّ فِي ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ (طَلَقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) قِيلَ إنَّهُ خِلَافُ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ فَلَا فَرْقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ بَيْنَكُنَّ ثَلَاثٌ وَشَرِكْتُكُنَّ فِي ثَلَاثٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مُحْتَمَلٍ غَالِبٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ، وَقَوْلُهُ وَقَصْدُهُ التَّكْثِيرَ أَيْ فَلِذَا كَانَ الْمُنَجَّزُ ثَلَاثًا لَا أَقَلَّ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا فِيمَنْ تَحِيضُ أَوْ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا إلَخْ) هَذَا نَحْوُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ قَالَ هَذَا فِي غَيْرِ الْيَائِسَةِ أَيْ مَنْ تَحِيضُ بِالْفِعْلِ وَالصَّغِيرَةِ وَأَمَّا الْيَائِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ يَقُولُ لَإِحْدَاهُمَا إذَا حِضْت فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ حَتَّى تَرَى دَمَ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ وَهِيَ شَابَّةٌ) أَيْ فِي سِنِّ مَنْ تَحِيضُ، وَقَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ طَلَاقٌ وَإِنْ طَرَقَ الدَّمُ الشَّابَّةَ الَّتِي لَا تَحِيضُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ النِّسَاءُ إنَّهُ حَيْضٌ طَلُقَتْ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْتُك إلَخْ) أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا حُلِّيتِي حَرُمْتِي نَظَرٌ لِقَصْدِهِ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ كُلَّمَا حُلِّيتِي لِي بَعْدَ زَوْجٍ حَرُمْتِي تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا، وَإِنْ أَرَادَ كُلَّمَا حُلِّيتِي لِي بِالرَّجْعَةِ فِي هَذِهِ الْعِصْمَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ حَرُمْتِي حَلَّتْ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ نُظِرَ لِعُرْفِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نُظِرَ لِلْبِسَاطِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلتَّأْبِيدِ احْتِيَاطًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا حَلَّكِ شَيْخٌ حَرَّمَك شَيْخٌ وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا كُلَّمَا حَلَّيْتِي حَرُمْتِي، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ حِلِّيَّةٌ الزَّوْجِ الثَّانِي بَعْدَ هَذِهِ الْعِصْمَةِ لَا تُحِلُّهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ؛ لِأَنَّ إرَادَتَهُ ذَلِكَ بَاطِلَةٌ شَرْعًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَحَلَّهَا بَعْدَهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا إنْ حَلَّتْ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ وَتَزَوَّجَهَا فَهِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا.

(قَوْلُهُ أَوْ مَتَى مَا أَوْ إذَا مَا) جَعَلَهُمَا مِنْ أَدَوَاتِ التَّكْرَارِ ضَعِيفٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا لَا يَدُلَّانِ عَلَى التَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِمَا إلَّا اثْنَتَانِ وَلَا تَلْزَمُهُ الثَّالِثَةُ، كَمَا أَنَّ مَنْ قَالَ: إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً يَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ؛ لِأَنَّ إنْ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَمِثْلُهَا مَتَى مَا وَإِذَا مَا، هَذَا مَا قَالُوهُ وَإِنْ كَانَ الْمَنَاطِقَةُ جَعَلُوا إنْ وَلَوْ لِلْإِهْمَالِ وَإِذَا مَا وَمَتَى مَا لِلسُّورِ الْكُلِّيِّ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ السَّبَبِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الطَّلْقَةُ الْأُولَى وَالْمُرَادُ بِالْمُسَبَّبِ الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ وَإِذَا كَانَ فَاعِلُ السَّبَبِ فَاعِلَ الْمُسَبَّبِ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ فِعْلُهُ فَتُجْعَلُ سَبَبًا لِلثَّالِثَةِ بِمُقْتَضَى أَدَاةِ التَّكْرَارِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّانِيَةَ لَمَّا وَقَعَتْ مِمَّا هُوَ فِعْلُهُ وَهِيَ الْأُولَى صَارَتْ تِلْكَ الثَّانِيَةُ فِعْلَهُ أَيْضًا وَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى فِعْلِهِ فَتَلْزَمُ الثَّالِثَةُ بِالثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ وَيُلْغَى قَوْلُهُ قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُتَّصِفَةٌ بِالْحِلِّ إلَى زَمَانِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَفِي زَمَانِ حُصُولِهِ قَدْ مَضَى الزَّمَانُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَبْلِهِ وَالْمَاضِي لَا تَرْتَفِعُ الْحِلِّيَّةُ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَالثَّلَاثُ تَلْزَمُ بَعْدَ مُضِيِّهِ، وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ: إذَا قَالَ: إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا لَا يَلْزَمْهُ شَيْءٌ أَصْلًا وَلَا يَلْحَقُهُ فِيهِ طَلَاقٌ لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَتَى طَلَّقَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَهُ ثَلَاثًا وَمَتَى وَقَعَ قَبْلَهُ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا كَانَ طَلَاقُهُ الصَّادِرُ مِنْهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ الصَّادِرَ مِنْهُ لُزُومُهُ يُؤَدِّي لِإِلْغَائِهِ وَكُلُّ مَا أَدَّى ثُبُوتُهُ لِنَفْيِهِ كَانَ مُنْتَفِيًا قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَتَقْلِيدُ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ضَلَالٌ مُبِينٌ.

(قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ) أَيْ كَمَا يُلْغَى الْأَمْسُ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَجْلِ لُزُومِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُلْغَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِمُضِيِّ زَمَنِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَاسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ) أَيْ وَاسْمُ أَبِيهِ سَعِيدٌ وَكَانَ شَامِيًّا مِنْ حِمْصَ وَلُقِّبَ هُوَ بِسَحْنُونٍ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ أَوْ لِطَيْرٍ سَرِيعِ الطَّيَرَانِ فَلِقُوَّةِ ذِهْنِهِ وَسُرْعَةِ فَهْمِهِ لُقِّبَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ: شَرِكْت بَيْنَكُنَّ فِي ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ قَالَ: شَرِكْت بَيْنَكُنَّ فِي طَلْقَةٍ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَطْلُقُ عَلَيْهِ طَلْقَةً وَإِنْ قَالَ: شَرِكْت بَيْنَكُنَّ فِي طَلْقَتَيْنِ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَتَيْنِ (قَوْلُهُ طَلَقْنَ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَثَلَاثًا حَالٌ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَثَلَاثًا الثَّانِي عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَوَجْهُ لُزُومِ الثَّلَاثِ إذَا شَرِكَهُنَّ فِي ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ أَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا نَطَقَ بِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ يُوجِبُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا مِنْ كُلِّ طَلْقَةٍ وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ يُكْمِلُ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ) أَيْ وَأَمَّا سَحْنُونٌ فَيَقُولُ إنْ

ص: 387

وَقِيلَ بَلْ هُوَ تَقْيِيدٌ لَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَطَلْقَةٌ فِي أَرْبَعٍ قَالَ لَهُنَّ بَيْنَكُنَّ مَا لَمْ يُشْرِكْ فَإِنْ شَرِكَ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا وَمَسْأَلَةُ التَّشْرِيكِ الْآتِيَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ وَإِلَّا لَزِمَ الثَّانِيَةُ ثَلَاثًا كَالطَّرَفَيْنِ

(وَإِنْ)(قَالَ) لِإِحْدَى زَوْجَاتِهِ الثَّلَاثَةِ أَنْت طَالِقٌ بِالثَّلَاثِ وَقَالَ لِثَانِيَةٍ (أَنْت شَرِيكَةٌ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا وَلِثَالِثَةٍ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا)(طَلُقَتْ) الثَّانِيَةُ (اثْنَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا شَارَكَتْ الْأُولَى اقْتَضَتْ الشَّرِكَةُ لَهَا وَاحِدَةً وَنِصْفًا (وَ) طُلِّقَ (الطَّرَفَانِ ثَلَاثًا) أَمَّا الْأُولَى فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّ لَهَا مَعَ الْأُولَى طَلْقَةً وَنِصْفًا فَيَكْمُلُ النِّصْفُ وَلَهَا مَعَ الثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ (وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ) لِلطَّلَاقِ بِتَشْرِيكٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (كَمُطَلِّقِ جُزْءٍ) تَشْبِيهٌ فِي اللُّزُومِ وَالْأَدَبِ، هَذَا إذَا كَانَ الْجُزْءُ شَائِعًا كَبَعْضُك أَوْ رُبُعُك طَالِقٌ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مَعْنِيًّا (كَيَدٍ) وَرِجْلٍ (وَلَزِمَ) الطَّلَاقُ (بِشَعْرِك طَالِقٌ) ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ حَيْثُ قَصَدَ بِهِ الْمُتَّصِلَ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ لَا إنْ قَصَدَ الْمُنْفَصِلَ فَكَالْبُصَاقِ وَالسُّعَالِ وَمِثْلُ الشَّعْرِ كُلُّ مَا يُلْتَذُّ بِهِ كَرِيقُك أَوْ عَقْلُك (أَوْ كَلَامُك عَلَى الْأَحْسَنِ لَا بِسُعَالٍ وَبُصَاقٍ وَدَمْعٍ) وَنَحْوِهَا إذْ لَيْسَتْ مِنْ الْمَحَاسِنِ الَّتِي يُلْتَذُّ بِهَا

(وَصَحَّ)(اسْتِثْنَاءٌ) فِي الطَّلَاقِ (بِإِلَّا) وَأَخَوَاتِهَا (إنْ اتَّصَلَ) الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ انْفَصَلَ اخْتِيَارًا لَمْ يَصِحَّ فَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِكَسُعَالٍ (وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ اسْتَغْرَقَهُ نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَطَلَ وَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ وَأَنْ يَنْطِقَ بِهِ وَلَوْ سِرًّا لَا إنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا إنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ فَمُرَادُهُ بِالْمُسْتَغْرِقِ مَا يَشْمَلُ الْمُسَاوِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَغْرِقِ بِالذَّاتِ أَوْ التَّكْمِيلِ كَطَالِقٍ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَرُبْعًا، وَفَرَّعَ عَلَى الشَّرْطَيْنِ قَوْلَهُ (فَفِي ثَلَاثٍ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً) اثْنَتَانِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الثَّلَاثِ مِنْ نَفْسِهَا لَغْوٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً (أَوْ) قَالَ طَالِقٌ (ثَلَاثًا) بِالنَّصْبِ وَكَانَ الْأَوْلَى الْجَرَّ بِالْعَطْفِ عَلَى ثَلَاثٍ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً اثْنَتَانِ (أَوْ) طَالِقٌ (أَلْبَتَّةَ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَالَ: بَيْنَكُنَّ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ وَإِنْ قَالَ: شَرِكْتُكُنَّ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ هُوَ) أَيْ كَلَامُ سَحْنُونٍ تَقْيِيدٌ لِلْأَوَّلِ أَيْ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

(قَوْلُهُ وَاحِدَةً وَنِصْفًا) أَيْ فَيَكْمُلُ ذَلِكَ النِّصْفُ (قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الثَّلَاثَ فِيهِ (قَوْلُهُ بِتَشْرِيكٍ) كَانَتْ شَرِيكَةً مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُ كَانَتْ طَالِقَ نِصْفَ طَلْقَةٍ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُ الشَّعْرِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ كُلُّ مَا يُلْتَذُّ بِهِ أَيْ أَوْ يُلْتَذُّ بِالْمَرْأَةِ بِسَبَبِهِ فَالْأَوَّلُ كَالرِّيقِ وَالثَّانِي كَالْعَقْلِ؛ لِأَنَّ بِالْعَقْلِ يَصْدُرُ مِنْهَا مَا يُوجِبُ لِلرَّجُلِ الْإِقْبَالَ عَلَيْهَا وَالِالْتِذَاذَ مِنْهَا بِخِلَافِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ كَرِيقُك) هُوَ الْمَاءُ مَا دَامَ فِي فَمِهَا، فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْ الْفَمِ فَهُوَ بُصَاقٌ وَالْأَوَّلُ يُسْتَلَذُّ بِهِ بِمَصِّ لِسَانِهَا أَوْ شَفَتِهَا دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ عَلَى الْأَحْسَنِ) خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَيْثُ قَالَ: لَا يَلْزَمُ بِكَلَامِك؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ رُؤْيَةَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يُحَرِّمْ كَلَامَهُنَّ عَلَى أَحَدٍ وَرُدَّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِحِلٍّ وَلَا بِحُرْمَةٍ فَإِنَّ وَجْهَ الْأَجْنَبِيَّةِ غَيْرُ حَرَامٍ وَتَطْلُقُ بِهِ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ إنْ قَالَ: اسْمُك طَالِقٌ لَمْ يَلْزَمْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُنْفَصِلِ قَالَ فِي المج وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ حُكْمٍ وَرَدَ عَلَى لَفْظٍ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مُسَمَّاهُ وَقَدْ قِيلَ الِاسْمُ عَيْنُ الْمُسَمَّى فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَصَحَّ اسْتِثْنَاءٌ) أَيْ إخْرَاجٌ لِعَدَدٍ (قَوْلُهُ وَأَخَوَاتِهَا) وَهِيَ سِوَى وَخَلَا وَعَدَا وَحَاشَا (قَوْلُهُ إنْ اتَّصَلَ الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ وَهُوَ الْمَحْلُوفُ بِهِ فَلَوْ فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ضَرَّ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ إنْ اتَّصَلَ بِالْمَحْلُوفِ بِهِ أَوْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ إلَخْ) أَيْ لِاتِّصَالِهِ حُكْمًا (قَوْلُهُ بَطَلَ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ وَقَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الثَّلَاثُ أَيْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا.

(قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يُقْصَدَ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ وَالْإِخْرَاجُ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَنْطِقَ بِهِ وَلَوْ سِرًّا) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْحَلِفُ مُتَوَثِّقًا بِهِ فِي حَقٍّ فَلَا يَنْفَعُ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا كَانَ سِرًّا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ كَمَا مَرَّ فِي الْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ مَا يَشْمَلُ الْمُسَاوِي) أَيْ لَا خُصُوصَ الزَّائِدِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يُسَاوِ كَانَ أَظْهَرَ لِعِلْمِ الزَّائِدِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ فَفِي ثَلَاثٍ إلَّا ثَلَاثًا إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الِاثْنَتَيْنِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا ثَلَاثًا مَلْغِيٌّ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إنَّهُ لَا تَلْزَمُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْكَلَامَ بِآخِرِهِ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الثَّلَاثَ الَّتِي أَخْرَجَ مِنْهَا الْوَاحِدَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الثَّلَاثِ اثْنَتَانِ يَبْقَى وَاحِدَةٌ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْحَقُّ وَعَلَى عَكْسِ الْقَوْلَيْنِ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا الِاثْنَتَيْنِ فَعَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ مِنْ إلْغَاءِ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ تَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَعَلَى مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ الْحَقُّ يَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ اثْنَتَانِ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ طَرِيقَةِ ابْنِ شَاسٍ وَطَرِيقَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إثْبَاتٌ وَقَوْلُهُ إلَّا اثْنَتَيْنِ نَفْيٌ مِنْ الثَّلَاثِ فَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ إلَّا وَاحِدَةً اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ الْمَنْفِيَّتَيْنِ

ص: 388

(إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً) لَزِمَهُ (اثْنَتَانِ) ؛ لِأَنَّ أَلْبَتَّةَ ثَلَاثٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ لَهُ وَعَكْسُهُ فَقَوْلُهُ ثَلَاثًا أَوْ بَتَّةً إثْبَاتٌ وَإِلَّا اثْنَتَيْنِ نَفْيٌ أُخْرِجَ مِنْهُ بَقِيَ وَاحِدَةٌ ثُمَّ أَثْبَتَ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ وَاحِدَةً تُضَمُّ لِلْأُولَى فَاللَّازِمُ اثْنَتَانِ

(وَ) فِي قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ)(إنْ كَانَ) الِاسْتِثْنَاءُ (مِنْ الْجَمِيعِ) الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (فَوَاحِدَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ اثْنَتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ فَالْبَاقِي وَاحِدَةٌ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْجَمِيعِ بَلْ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ الثَّانِي أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (فَثَلَاثٌ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ عَلَى الرَّاجِحِ فِي الثَّالِثَةِ (وَفِي إلْغَاءِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ) فَلَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (وَاعْتِبَارُهُ) فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ نَظَرًا لِوُجُودِهِ لَفْظًا (قَوْلَانِ) الرَّاجِحُ مِنْهُمَا الثَّانِي، فَإِذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ خَمْسًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَعَلَى الثَّانِي ثَلَاثٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَلَوْ قَالَ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا يَلْزَمُهُ عَلَى الْأَوَّلِ ثَلَاثٌ لِبُطْلَانِهِ بِالِاسْتِغْرَاقِ حَيْثُ أُلْغِيَ الزَّائِدُ وَيَلْزَمُهُ عَلَى الثَّانِي اثْنَتَانِ

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى أَمْرٍ مُقَدَّرٍ وُقُوعُهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي أَوْ الْمُسْتَقْبَلِ وَحُكْمُ التَّعْلِيقِ الْكَرَاهَةُ وَقِيلَ الْحُرْمَةُ وَبَدَأَ بِالْمَاضِي فَقَالَ (وَنُجِّزَ) الطَّلَاقُ أَيْ حُكْمُ الشَّرْعِ بِوُقُوعِهِ حَالًا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمٍ (إنْ عُلِّقَ بِمَاضٍ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا) نَحْوُ عَلَيْهِ طَلَاقُهُ أَوْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لَوْ جَاءَ زَيْدٌ أَمْسِ لَجَمَعْت بَيْنَ وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ (أَوْ عَادَةً) كَلَوْ جَاءَ أَمْسٌ لَرَفَعْته لِلسَّمَاءِ (أَوْ شَرْعًا) كَلَوْ جَاءَ أَمْسٌ لَزَنَى بِامْرَأَتِهِ (أَوْ) عُلِّقَ عَلَى (جَائِزٍ) عَادَةً وَلَوْ وَجَبَ شَرْعًا (كَلَوْ جِئْت) أَمْسِ (قَضَيْتُك) حَقَّك وَهُوَ جَائِزٌ عَادَةً وَإِنْ وَجَبَ شَرْعًا أَوْ نُدِبَ وَمِثَالُ الْجَائِزِ شَرْعًا لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ أَكَلْت رَغِيفًا إنَّمَا حَنِثَ لِلشَّكِّ فِي الْفِعْلِ وَعَدَمِهِ وَلَا يُقْدَمُ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَائِزِ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْحِنْثِ إنْ جُزِمَ بِالْفِعْلِ كَقَضَاءِ الْحَقِّ حَالَ الْيَمِينِ وَإِلَّا حَنِثَ لِلشَّكِّ أَوْ الْكَذِبِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ مُمْتَنِعٌ عَمَّا لَوْ عَلَّقَهُ بِمَاضٍ وَاجِبٍ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ فَلَا حِنْثَ

وَأَشَارَ لِلْمُسْتَقْبَلِ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَهِيَ مُثْبَتَةٌ فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى وَقَبْلَهُ طَلْقَةٌ فَيَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ.

(قَوْلُهُ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةٌ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ ثَلَاثًا وَأَلْبَتَّةَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي

(قَوْلُهُ وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ) فِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْعَطْفَ بِثُمَّ كَالْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ خش أَنَّ الْعَطْفَ بِغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي هُنَا كَالْفَاءِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ قَصْدُهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ فَوَاحِدَةٌ أَيْ فَيَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ بِدُونِ يَمِينٍ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَثَلَاثٌ) أَيْ لِبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأُولَيَيْنِ لِاسْتِغْرَاقِهِ وَاحْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ فِي الثَّالِثَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فِي الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِسَحْنُونٍ وَالثَّانِي مِنْهُمَا هُوَ مَا رَجَعَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَقْوَى فِي النَّظَرِ

(قَوْلُهُ وَبَدَأَ بِالْمَاضِي) أَيْ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ مُقَدَّرٍ وُقُوعُهُ فِي الْمَاضِي (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمٍ) أَيْ مِنْ الْقَاضِي إلَّا فِي مَسَائِلَ ثَلَاثَةٍ أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ وَمَسْأَلَةِ إنْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ وَمَسْأَلَةِ مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ كَإِنْ صَلَّيْت فَالتَّنْجِيزُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَمَا عَدَاهَا مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِهِ.

(قَوْلُهُ إنْ عُلِّقَ بِمَاضٍ) أَيْ إنْ رُبِطَ بِأَمْرٍ مُقَدَّرٍ وُقُوعُهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي لِأَجْلِ قَوْلِهِ مُمْتَنِعٍ؛ لِأَنَّ الْمَاضِي لَا يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ اهـ عَدَوِيٌّ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ انْتِفَاءُ وُجُودِهِ وَانْتِفَاءُ وُجُودِهِ مُحَقَّقٌ وَاجِبٌ فَلِذَا نُجِّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ لَوْ جَاءَ زَيْدٌ أَمْسِ لَجَمَعْت إلَخْ) لَا شَكَّ أَنَّ الْجَمْعَ الْمَذْكُورَ مُمْتَنِعٌ وَقَدْ عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ انْتِفَاؤُهُ وَبِمُقْتَضَى لَوْ؛ لِأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى انْتِفَاءِ الْجَوَابِ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَانْتِفَاءُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ وَاجِبٌ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ وَاجِبٍ عَقْلِيٍّ مُحَقَّقٍ فَلِذَا أُنْجِزَ الطَّلَاقُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مُرْتَبِطٌ بِالْمُحَالِ بِأَوْجُهِهِ وَفِي الْوَاقِعِ إنَّمَا هُوَ بِنَقِيضِهِ فَإِذَا كَانَ مُرْتَبِطًا ظَاهِرًا بِالْمُحَالِ عَقْلًا فَهُوَ فِي الْمَعْنَى مُعَلَّقٌ عَلَى ضِدِّهِ وَهُوَ الْوُجُوبُ الْعَقْلِيُّ وَقِسْ اهـ عَدَوِيٌّ، وَعِبَارَةُ بْن وَقَوْلُهُ إنْ عُلِّقَ بِمَاضٍ يَعْنِي عَلَى وَجْهِ الْحِنْثِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْلِيقٌ عَلَى انْتِفَاءِ وُجُودِ ذَلِكَ الْمُمْتَنِعِ وَالِانْتِفَاءُ لَهُ هُوَ الْمُحَقَّقُ فَلِذَا نُجِّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ لَزَنَى بِامْرَأَتِهِ) أَيْ أَوْ لَقَتَلَهُ أَوْ ضَرَبَهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْمُبَالَغَةَ وَيَكُونَ قَادِرًا عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى ضَرْبِهِ الَّذِي أَرَادَهُ بِالْقَتْلِ مَثَلًا وَكَوْنُهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ وَقَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْحِنْثُ وَيَظْهَرُ مِنْ ح تَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ أَوْ عُلِّقَ عَلَى جَائِزٍ) أَيْ عُلِّقَ عَلَى أَمْرٍ مُقَدَّرٍ وُقُوعُهُ فِي الْمَاضِي جَائِزٌ عَادَةً وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ جَائِزًا عَادَةً أَنْ يَكُونَ جَائِزًا عَقْلًا (قَوْلُهُ وَلَوْ وَجَبَ شَرْعًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ جَائِزًا شَرْعًا أَيْضًا بَلْ وَلَوْ وَجَبَ شَرْعًا أَوْ نُدِبَ (قَوْلُهُ أَوْ نُدِبَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ وَجَبَ شَرْعًا كَعَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ لَأَعْطَيْتُك كَذَا لِشَيْءٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمِثَالُ الْجَائِزِ شَرْعًا) أَيْ وَعَادَةً أَيْضًا (قَوْلُهُ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ) فَالْوَاجِبُ الْعَادِيُّ

ص: 389

(أَوْ) عُلِّقَ عَلَى (مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ) لِوُجُوبِهِ عَقْلًا أَوْ عَادَةً (وَيُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا) مَعًا إلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِمَا يُشْبِهُ مَا كَانَ مُدَّةَ التَّعْمِيرِ فَأَقَلَّ وَمَا لَا يُشْبِهُ مَا زَادَ عَنْ مُدَّتِهَا (عَادَةً كَ) أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْدَ سَنَةٍ) فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الْآنَ حَالَ التَّعْلِيقِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (يَوْمَ مَوْتِي) أَوْ مَوْتِك وَأَوْلَى قَبْلَ مَوْتِي أَوْ مَوْتِك بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَقْتَ التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَوْتِك أَوْ إنْ أَوْ مُتِّي أَوْ إذَا مِتّ أَوْ مُتِّي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذْ لَا طَلَاقَ بَعْدَ مَوْتٍ، وَأَمَّا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ إذَا مَاتَ زَيْدٌ أَوْ يَوْمَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ حَالًا فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِمُحَقَّقٍ يُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا إلَيْهِ عَادَةً.

(أَوْ) قَالَ (إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ) فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذْ مَسُّهَا لَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ فَعَدَمُهُ مُحَقَّقٌ وَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ فَيُنَجَّزُ (أَوْ) قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا) أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الطَّائِرُ طَائِرًا فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ يُعَدُّ نَدَمًا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَلَوْ أَخَّرَ أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إنْ قَالَ: إنْ كَانَ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا بِصِيغَةِ الْبِرِّ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا قَدَّمَهُ عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ أَخَّرَهُ (أَوْ لِهَزْلِهِ) أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَجْلِ هَزْلِهِ (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ (طَالِقٌ أَمْسِ) ؛ لِأَنَّ مَا يَقَعُ الْآنَ لَا يَكُونُ وَاقِعًا بِالْأَمْسِ فَيَكُونُ هَازِلًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَكَانَ الصَّوَابُ حَذْفَ هَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّعْلِيقِ لَا فِي الْهَزْلِ وَالنَّدَمِ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ) لِوُجُوبِهِ عَادَةً (كَإِنْ قُمْت) أَوْ قَعَدْت أَوْ أَكَلْت أَنْتِ أَوْ أَنَا أَوْ فُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَطْلَقَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَقَوْلِهِ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ لَوْ لَقِيَنِي أَسَدٌ أَمْسِ لَفَرَرْت مِنْهُ وَالْوَاجِبُ الْعَقْلِيُّ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَوْ لَقِيتُك أَمْسِ مَا جَمَعْت بَيْنَ وُجُودِك وَعَدَمِك أَوْ مَا طَلَعْت بِك السَّمَاءَ وَلَا نَزَلْت بِك الْأَرْضَ وَالْوَاجِبُ الشَّرْعِيُّ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَوْ كُنْت غَيْرَ نَائِمٍ أَمْسِ لَصَلَّيْت الظُّهْرَ

(قَوْلُهُ أَوْ عُلِّقَ عَلَى مُسْتَقْبَلِ) أَيْ رُبِطَ بِأَمْرٍ مُحَقَّقِ الْوُجُودِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا مَعًا إلَيْهِ) وَأَمَّا إنْ كَانَ يُشْبِهُ بُلُوغَ أَحَدِهِمَا إلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ فَلَا يُنَجَّزُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ يَبْلُغُ الْأَجَلَ ظَاهِرًا صَارَ شَبِيهًا بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ يَبْلُغُهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَلَا يَأْتِي الْأَجَلُ إلَّا وَالْفُرْقَةُ حَصَلَتْ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يُشْبِهْ الْمُتْعَةَ حِينَئِذٍ، وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَا نَصُّهُ هَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْأَجَلُ مِمَّا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا فَهَذَا يَلْزَمُ أَوْ يَكُونُ مِمَّا لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا أَوْ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ أَوْ عُمْرُهَا فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا إذْ لَا تَطْلُقُ مَيِّتَةٌ وَلَا يُؤْمَرُ مَيِّتٌ بِطَلَاقٍ ابْنِ يُونُسَ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ أَوْ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا طَلَّقَهَا إلَى وَقْتٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهَا أَوْ لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ أَوْ لَا يَبْلُغَانِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ) هَذَا مِثَالٌ لِلْوَاجِبِ الْعَادِيِّ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَمِثَالُ الْوَاجِبِ الْعَقْلِيِّ إنْ انْتَفَى اجْتِمَاعُ الضِّدَّيْنِ بَعْدَ سَنَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ رَبَطَ الطَّلَاقَ بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ وُقُوعُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِوُجُوبِهِ عَادَةً إذْ حُصُولُ الْمَوْتِ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاجِبٌ عَادِيٌّ فَلَوْ بَقِيَ مِنْ غَيْرِ تَنْجِيزٍ لِلطَّلَاقِ كَانَ جَاعِلًا حِلِّيَّتَهَا لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ فَيَكُونُ شَبِيهًا بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَعْدَ مَوْتِي) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَا يَأْتِي إلَّا وَقَدْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ بِالْمَوْتِ وَلِأَنَّهُ لَا يُطَلَّقُ عَلَى مَيِّتَةٍ وَلَا يُؤْمَرُ مَيِّتٌ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ وَكَذَا قَبْلَهُ بِيَوْمٍ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا فِي الْأَرْبَعِ) هَذَا مَا ذَكَرَهُ التَّوْضِيحُ وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ مَوْتِ فُلَانٍ أَوْ بَعْدَهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى مَوْتِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ يَوْمٍ وَإِنْ وَإِذَا وَقَبْلَ وَبَعْدَ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْجَمِيعِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ عَلَى مَوْتِ سَيِّدِ الزَّوْجَةِ إذَا كَانَ أَبًا لِلزَّوْجِ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي يَوْمٍ وَقَبْلُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي إنْ وَإِذَا وَبَعْدُ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ) أَيْ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ (قَوْلُهُ فَعَدَمُهُ مُحَقَّقٌ) أَيْ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا عَادِيًّا وَقَوْلُهُ وَقَدْ عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى عَدَمِ الْمَسِيسِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الَّذِي هُوَ مُحَقَّقٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الطَّائِرُ طَائِرًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْإِنْسَانُ إنْسَانًا (قَوْلُهُ يُعَدُّ نَدَمًا بَعْدَ الْوُقُوعِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ نَدِمَ فَأَحَبَّ أَنْ يَرْفَعَ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى انْتِفَاءِ الْحَجَرِيَّةِ عَنْ الْحَجَرِ وَهِيَ لَا تَنْتَفِي فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقٍ وَهُوَ ثُبُوتُ الْحَجَرِيَّةِ لِلْحَجَرِ وَمَحَلُّ تَنْجِيزِهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ الْكَلَامُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَجَازِ وَهُوَ تَمَامُ الْأَوْصَافِ كَكَوْنِهِ صُلْبًا لَا يَتَأَثَّرُ بِالْحَدِيدِ فَيُنْظَرُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ نُجِّزَ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ كَطَالِقٍ أَمْسِ) أَيْ قَاصِدًا بِهِ الْإِنْشَاءَ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، فَإِنْ ادَّعَى الْإِخْبَارَ كَذِبًا دُيِّنَ عِنْدَ الْمُفْتِي (قَوْلُهُ حُذِفَ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ لِهَزْلِهِ كَطَالِقٍ أَمْسِ وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَيْ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ) أَيْ أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَلَى تَرْكِهِ كَالْقِيَامِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَصْبِرُ عَلَى تَرْكِهِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَاضٍ أَيْ وَنُجِّزَ إنْ عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ لَا صَبْرَ لَهُ أَوْ لَهَا عَلَى تَرْكِهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا صَبْرَ عَلَى تَرْكِهِ كَالْمُحَقَّقِ الْوُقُوعِ فَكَأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقِ الْوُقُوعِ وَمَنْ عَلَّقَهُ عَلَى حُصُولِ أَمْرٍ مُحَقَّقِ الْوُقُوعِ نُجِّزَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ بِلَا تَنْجِيزٍ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ.

ص: 390

أَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةٍ يَعْسُرُ فِيهَا تَرْكُ الْقِيَامِ مَثَلًا (أَوْ) عَلَّقَ عَلَى (غَالِبٍ) وُقُوعَهُ (كَإِنْ حِضْت) أَوْ إذَا حِضْت فَأَنْت طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ ذَلِكَ تَنْزِيلًا لِلْغَالِبِ مَنْزِلَةَ الْمُحَقَّقِ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ أَوْ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا كَصَغِيرَةٍ لَا آيِسَةٍ (أَوْ) عَلَّقَهُ عَلَى (مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ) شَرْعًا (كَإِنْ صَلَّيْت) فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ صَلَّى فُلَانٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ أَوْ كَافِرَةً تَنْزِيلًا لِوُجُوبِهَا مَنْزِلَةَ وُقُوعِهَا.

(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا) وَيُعْلَمُ مَآلًا (كَ) قَوْلِهِ لِظَاهِرَةِ الْحَمْلِ (إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ) إنْ (لَمْ يَكُنْ) فِي بَطْنِك غُلَامٌ فَأَنْت طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَلَا يُنْتَظَرُ حَتَّى يَظْهَرَ مَا فِي بَطْنِهَا (أَوْ) قَالَ إنْ كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ (فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ وَلَا يُمْهَلُ حَتَّى تُكْسَرَ اللَّوْزَةُ لِلشَّكِّ حِينَ الْيَمِينِ وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ لِقَرِينَةٍ وَظَهَرَ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ (أَوْ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) أَوْ أَهْلِ النَّارِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُقْطَعْ بِذَلِكَ كَالْعَشَرَةِ الْكِرَامِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَكَأَبِي جَهْلٍ وَفِرْعَوْنَ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِإِيمَانِهِ (أَوْ) قَالَ لِامْرَأَةٍ غَيْرِ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ (إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ) إنْ (لَمْ تَكُونِي) حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ (وَحَمَلَتْ) الْمَرْأَةُ (عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَمْلِ إذَا كَانَ حَالَ يَمِينِهِ (فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ أَوْ قُيِّدَ بِمُدَّةٍ يَعْسُرُ فِيهَا تَرْكُ الْقِيَامِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ مُدَّةً لَا يَعْسُرُ تَرْكُ الْقِيَامِ فِيهَا كَمَا إذَا قَالَ: إنْ قُمْت فِي مُدَّةِ سَاعَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا قِيَامٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا قِيَامٌ فِيهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ، فَإِنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقُومُ كَسِيحًا نَحْوُ إنْ قَامَ فُلَانٌ أَوْ إنْ قُمْت أَنْتِ أَوْ أَنَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَانَ فُلَانٌ أَوْ هُوَ أَوْ الزَّوْجَةُ كَسِيحًا حَالَ الْيَمِينِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ زَالَ الْكُسَاحُ بَعْدَ الْيَمِينِ نُجِّزَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ) أَيْ الطَّلَاقُ غَيْرُ الثَّلَاثِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يُنَجَّزُ الثَّلَاثُ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ نَحْوُ كُلَّمَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّنْجِيزِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُنَجَّزُ بَلْ يُنْتَظَرُ حُصُولُ الْحَيْضِ فَإِذَا جَاءَ الْمَفْقُودُ وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ تَنَجَّزَ وَإِلَّا فَلَا نَحْوُ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ حِضْت أَوْ إنْ لَمْ تُكَلِّمِي فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ حِضْت، فَإِنْ كَلَّمَتْهُ فِي الْأُولَى انْتَظَرَ حَيْضَهَا وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ كَلَامِهَا وَإِنْ تَلَوَّمَ لَهَا فِي الثَّانِيَةِ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ فَيُنَجَّزُ طَلَاقُهَا وَلَا يُنْتَظَرُ حَيْضُهَا.

(قَوْلُهُ لَا آيِسَةٍ) أَيْ وَلَا مَنْ شَأْنُهَا عَدَمُ الْحَيْضِ وَهِيَ شَابَّةٌ وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا بَغْلَةٌ اللَّهُمَّ إلَّا إذَا حَاضَتْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ النِّسَاءُ إنَّهُ حَيْضٌ ذَكَرَهُ ح وَهُوَ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا مَعًا عَادَةً فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ بَلَغَاهُ كَذَا بَحَثَ بَعْضُهُمْ.

(قَوْلُهُ أَوْ مُحْتَمَلٌ وَاجِبٌ) هَذَا يَتَوَقَّفُ التَّنْجِيزُ فِيهِ عَلَى الْحُكْمِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمُحَرَّمٍ إلَخْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وح اهـ بْن، فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ فَلَا حِنْثَ وَقَوْلُهُ مُحْتَمَلٌ أَيْ لِلْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَلَا يُنْتَظَرُ إلَخْ) أَيْ لِلشَّكِّ فِي الْيَمِينِ فِي الْحَالِ هَلْ هِيَ لَازِمَةٌ أَوْ لَا فَالْبَقَاءُ مَعَهَا بَقَاءٌ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُنَجَّزُ وَلَوْ عَلِمَ انْتِفَاءَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ عَقِبَ الْيَمِينِ بِأَنْ وَلَدَتْ بِنْتًا عَقِبَ الْيَمِينِ.

فَإِنْ قُلْت: إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ يُنْتَظَرُ مَعَ أَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ حَالًا وَيُعْلَمُ مَآلًا.

قُلْت: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ فِي مَسْأَلَةِ دَخَلَتْ مُحَقَّقُ عَدَمُ وُقُوعِهِ فِي الْحَالِ لَا إنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُحْتَمَلُ الْوُقُوعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُقُوعِهِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلِذَا لَمْ يُنَجَّزْ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك إلَخْ فَالطَّلَاقُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فِي الْحَالِ هَلْ لَزِمَ أَوْ لَا فَالْبَقَاءُ مَعَهَا بَقَاءٌ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ.

(قَوْلُهُ لِلشَّكِّ حِينَ الْيَمِينِ) أَيْ هَلْ لَزِمَتْ الْيَمِينُ أَمْ لَا فَالْبَقَاءُ مَعَ تِلْكَ الْيَمِينِ حَتَّى تُكْسَرَ اللَّوْزَةُ بَقَاءً عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ لِقَرِينَةٍ) كَتَحْرِيكِهَا قُرْبَ أُذُنِهِ وَظَنَّ أَنَّ فِيهَا قَلْبَيْنِ (قَوْلُهُ وَظَهَرَ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ) أَيْ فَإِذَا قَالَ: إنْ كَانَ فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ فِيهَا قَلْبَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَرْجِعُ لَهُ؛ لِأَنَّ تَنْجِيزَ الطَّلَاقِ هُنَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ (قَوْلُهُ أَوْ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) قَالَ ح لَيْسَ هَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ مَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَلَا مَآلًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَالْأَنْسَبُ ذِكْرُهُ هُنَاكَ ثُمَّ مَحَلُّ الْحِنْثِ مَا لَمْ يُرِدْ الْعَمَلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَيَكُونُ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُقْطَعْ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ أَوْ نَصَّ الْقُرْآنُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي أَبِي لَهَبٍ (قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِإِيمَانِهِ) أَيْ بِإِيمَانِ فِرْعَوْنَ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس: 90] وَرُدَّ بِأَنَّ تَوْبَةَ الْكَافِرِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ لَا تُقْبَلُ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِلشَّكِّ فِي الْيَمِينِ هَلْ لَزِمَتْهُ أَمْ لَا، وَهَذَا إذَا كَانَ قَدْ مَسَّهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ وَأَنْزَلَ وَلَوْ مَعَ الْعَزْلِ وَلَوْ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بُرْءٍ أَوْ حِنْثٍ كَمَا مَثَّلْنَا، فَإِنْ كَانَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَصْلًا أَوْ مَسَّ فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَحُمِلَتْ عَلَى الْبَرَاءَةِ إلَخْ.

ص: 391

أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ وَفَائِدَةُ الْحَمْلِ عَلَى الْبَرَاءَةِ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ أَيْ إنْ كُنْت حَامِلًا وَالْحِنْثُ فِي صِيغَتِهِ أَيْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا (وَاخْتَارَهُ) أَيْ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْحَمْلَ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي طُهْرٍ مَسَّ فِيهِ (مَعَ الْعَزْلِ) وَهُوَ الْإِنْزَالُ خَارِجَ الْفَرْجِ فَلَا حِنْثَ فِي إنْ كُنْت وَيَحْنَثُ فِي إنْ لَمْ تَكُونِي كَمَا إذَا لَمْ يُنْزِلْ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ فَلَا يُقَاسُ عَلَى عَدَمِ الْإِنْزَالِ (أَوْ) عُلِّقَ بِمَا (لَمْ يُمْكِنْ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ كَ) قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَيُنَجَّزُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهَا (أَوْ) إنْ شَاءَتْ (الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ أَوْ صَرَفَ الْمَشِيئَةَ) أَيْ مَشِيئَةَ اللَّهِ أَوْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْجِنِّ فَأَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ (عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ) وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَصَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلدُّخُولِ أَيْ إنْ دَخَلْت بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ إنْ وُجِدَ الدُّخُولُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَأَمَّا إنْ صَرَفَهَا لِلْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ أَوْ لَهُمَا أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَيَلْزَمُ اتِّفَاقًا فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (بِخِلَافِ) أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا (إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي) أَوْ إلَّا أَنْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ أَوْ إلَّا أَنْ يُغَيِّرَ اللَّهُ مَا فِي خَاطِرِي وَنَوَى صَرْفَهُ (فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) كَالدُّخُولِ (فَقَطْ) فَلَا يُنَجَّزُ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَبَدَا لِي جَعْلُهُ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِذَا لَمْ يَبْدُ لِي ذَلِكَ فَلَا فَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مُعَلَّقٌ عَلَى التَّصْمِيمِ وَالتَّصْمِيمُ لَمْ يُوجَدْ حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا لَوْ صَرَفَهُ لِلطَّلَاقِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ نَدَمًا وَرَفْعًا لِلْوَاقِعِ (أَوْ) عَلَّقَهُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ لَا يَدْرِي أَيُوجَدُ أَوْ يُعْدَمُ (كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا) فَأَنْت طَالِقٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ) أَيْ أَصْلًا لَا إنْ أَنْزَلَ وَلَوْ مَعَ الْعَزْلِ فَلَا تُحْمَلُ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَحَصَلَتْ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فَإِنَّهُ اخْتَارَ الْحَمْلَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ فِيمَا إذَا أَنْزَلَ مَعَ الْعَزْلِ (قَوْلُهُ فَلَا حِنْثَ فِي إنْ كُنْت إلَخْ) أَيْ لَا يَحْنَث فِي صِيغَةِ الْبِرِّ وَيَحْنَثُ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ، وَقَوْلُهُ كَمَا إذَا لَمْ يُنْزِلْ أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا لَمْ يُنْزِلْ أَصْلًا سَوَاءٌ مَسَّهَا فِي طُهْرٍ أَوْ لَمْ يَمَسَّهَا أَصْلًا (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالشَّكُّ فِي لُزُومِ الْيَمِينِ وَعَدَمِ لُزُومِهَا حَاصِلٌ مَعَ الْعَزْلِ فَلَوْ لَمْ يُنَجَّزْ الطَّلَاقُ وَأَبْقَى حَتَّى يَظْهَرَ الْحَالُ لَزِمَ الْبَقَاءُ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِي إبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ) أَيْ لَا فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَآلِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَالًا فَقَطْ.

(قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ فِيهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا تَنْفَعُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ كَمَا مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ يُونُسَ فِي تَمْثِيلِ مَا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ لَا حَالًا وَلَا مَآلًا بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ التَّمْثِيلَ بِهَذَا لَمَّا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى كَلَامِ الْقَدَرِيَّةِ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْأُمُورِ عَلَى خِلَافِ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْيَمِينَ لَازِمَةٌ وَأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ، أَمَّا إنْ قُلْنَا كُلُّ مَا فِي الْكَوْنِ بِمَشِيئَتِهِ فَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّعْلِيقِ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقٍ إنْ أَرَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ نُطْقِهِ بِالطَّلَاقِ عَلِمَ أَنَّهُ شَاءَ وَإِنْ أَرَادَ إنْ شَاءَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ لَاغٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ حَكَمَ بِالطَّلَاقِ فَلَا يُعَلَّقُ بِمُسْتَقْبَلٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ جُعِلَ ذَلِكَ مِثَالًا لِمَا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْمَشِيئَةِ فِي ذَاتِهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تُعْلَمُ بِتَحَقُّقِ الْمُشِيءِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا أَصْلًا حَتَّى تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ لُزُومُ الْيَمِينِ وَعَدَمُ لُزُومِهَا فَالْيَمِينُ مَشْكُوكٌ فِي لُزُومِهَا وَعَدَمِهِ فَالْبَقَاءُ مَعَهَا بَقَاءٌ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي مَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ (قَوْلُهُ عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِصَرْفٍ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى سُلِّطَ (قَوْلُهُ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ الدُّخُولُ) أَيْ أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ حَيْثُ قَالَا: إذَا صَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَا طَلَاقَ وَلَوْ فَعَلَتْ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ كَالدُّخُولِ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ اتِّفَاقًا) .

الْحَاصِلُ إذَا صَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلْمُعَلَّقِ كَالطَّلَاقِ أَوْ لِلْمُعَلَّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الطَّلَاقُ اتِّفَاقًا حَيْثُمَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا صَرَفَهَا لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَخِلَافٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَوْ حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَوَجْهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الشَّرْطَ مُعَلَّقٌ بِمُحَقَّقٍ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِثْنَاءُ لَاغٍ وَتَنَاقُضٌ وَتَعْقِيبٌ بِالرَّفْعِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا إذَا شَاءَ اللَّهُ الدُّخُولَ فَكَانَ كَالِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ إذْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى حَالَةٌ أُخْرَى.

(قَوْلُهُ وَنَوَى صَرْفَهُ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي وَيَظْهَرَ لِي عَدَمُ جَعْلِهِ أَيْ الدُّخُولِ سَبَبًا فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ وَلَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ وَقَوْلُهُ فَلَا يُنَجَّزُ أَيْ فِي الْحَالِ فَصَحَّ الْإِضْرَابُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا دَخَلَتْ الدَّارَ، وَلَوْ بَدَا لَهُ جَعْلُ الدُّخُولِ سَبَبًا فِي الطَّلَاقِ فَلَا عِبْرَةَ بِإِرَادَتِهِ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ عج وَاَلَّذِي قَالَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَنْظُرُ لِمَا يَبْدُو لَهُ فَإِنْ بَدَا لَهُ جَعْلُ الدُّخُولِ غَيْرَ سَبَبٍ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا دَخَلَتْ وَإِنْ بَدَا لَهُ جَعْلُهُ سَبَبًا وَقَعَ الطَّلَاقُ إنْ دَخَلَتْ وَاسْتَصْوَبَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ.

(قَوْلُهُ فَفِي الْحَقِيقَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ مَوْكُولٌ إلَى إرَادَةِ الْمُكَلَّفِ لَا يَكُونُ سَبَبًا إلَّا بِتَصْمِيمِهِ وَجَعْلِهِ سَبَبًا (قَوْلُهُ كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ إلَخْ) تُمْطِرُ بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ أَمْطَرَ الرُّبَاعِيِّ أَفْصَحُ

ص: 392

فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَلَا يُنْتَظَرُ وُجُودُهُ (إلَّا أَنْ يَعُمَّ الزَّمَنُ) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ ولَمْ يُقَيَّدْ بِزَمَنٍ إذْ لَا بُدَّ أَنْ تُمْطِرَ فَهُوَ مُعَلَّقٌ عَلَى عَدَمِ وَاجِبٍ عَادِيٍّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَمِثْلُ مَا إذَا عَمَّ الزَّمَنُ إذَا قُيِّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ كَخَمْسِ سِنِينَ وَلَمْ يُقَيَّدْ بِمَكَانٍ (أَوْ يَحْلِفُ) بِصِيغَةِ الْحِنْثِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (لِعَادَةٍ) كَمَا إذَا رَأَى سَحَابَةً وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا أَنْ تُمْطِرَ فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ فَأَنْت طَالِقٌ (فَيُنْتَظَرُ) هَلْ تُمْطِرُ فَلَا يَحْنَثُ أَوْ لَا فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى الْغَالِبِ ظَنُّهُ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ خِلَافُ النَّقْلِ، وَحَاصِلُ النَّقْلِ أَنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ جَزْمًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى حَصَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَهَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْحَقُّ بَلْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ وَقَعَ بِمُجَرَّدِ حَلِفِهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ هَذَا الْبَابِ أَوْ لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ عِيَاضٍ وَقِيلَ إنْ كَانَ حَلَّفَهُ أَوَّلًا لِأَمْرٍ تَوَسَّمَهُ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ شَرْعًا لَمْ يُطَلِّقْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنِدًا لِكِهَانَةٍ أَوْ مُجَرَّدِ تَخْمِينٍ طَلَّقَ عَلَيْهِ

(وَهَلْ يُنْتَظَرُ فِي) صِيغَةِ (الْبِرِّ) الْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ بَعْدَ شَهْرٍ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) مِنْ الْأَشْيَاخِ (أَوْ يُنَجَّزُ) بِمُجَرَّدِ حَلِفِهِ (كَالْحِنْثِ) الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا حَلَفَ لَا لِعَادَةٍ وَقُيِّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ كَشَهْرٍ فَدُونَ وَأَمَّا لِعَادَةٍ فَيُنْتَظَرُ قَطْعًا أَوْ قُيِّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ كَخَمْسِ سِنِينَ نُجِّزَ عَلَيْهِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَادِيٌّ إذْ لَا بُدَّ مِنْ مَطَرٍ عَادَةً فِي هَذَا الْأَجَلِ وَاسْتَظْهَرُوا أَنَّ السَّنَةَ مِنْ حَيِّزِ الْبَعِيدِ إذْ لَا تَخْلُو السَّنَةُ مِنْ مَطَرٍ عَادَةً (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمُحَرَّمٍ) أَيْ نَفْيِ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ (كَإِنْ لَمْ أَزْنِ) أَوْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ فَهِيَ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ فِعْلِ الْحَرَامِ لَكِنْ يُنَجِّزُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَاكِمُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ قَبْلَ الْحُكْمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ) مِنْهُ فِعْلُ الْمُحَرَّمِ (قَبْلَ التَّنْجِيزِ) فَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ وَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ.

(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمَا) أَيْ عَلَى شَيْءٍ (لَا يُعْلَمُ حَالًا وَ) لَا (مَآلًا) فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ يَمِينِهِ (وَدُيِّنَ) أَيْ وُكِلَ إلَى دِينِهِ وَقُبِلَ قَوْلُهُ (إنْ أَمْكَنَ) الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ (حَالًا) عَادَةً بِحَيْثُ لَا تُحِيلُهُ الْعَادَةُ (وَادَّعَاهُ) كَحَلِفِهِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ وَالسَّمَاءُ مُطْبِقَةٌ بِالْغَيْمِ

وَمِنْ فُرُوعِ قَوْلِهِ دُيِّنَ إلَخْ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ حَلَفَ اثْنَانِ عَلَى النَّقِيضِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ) أَيْ لِلشَّكِّ فِي الْيَمِينِ هَلْ لَزِمَتْ أَمْ لَا فَيَكُونُ الْبَقَاءُ مَعَهَا بَقَاءً عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ لَكِنَّ تَنْجِيزَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ هُنَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْتَظَرُ وُجُودُهُ) أَيْ وُجُودُ الْمَطَرِ فِي غَدٍ فَإِنْ أَمْطَرَتْ بَعْدَ كَلَامِهِ لَمْ تُرَدَّ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ بَعْدَ التَّنْجِيزِ (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ وَاجِبٍ) أَيْ وَهُوَ الْمَطَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَادِيٌّ فَلَا يَتَخَلَّفُ وَقَدْ عَلَّقَ ذَلِكَ الْحَالِفُ الطَّلَاقَ عَلَى انْتِفَائِهِ فَلَا يَقَعُ ذَلِكَ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ خِلَافُ النَّقْلِ إلَخْ) الَّذِي فِي بْن أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا هُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ التَّنْبِيهَاتِ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا وَلَا يُنْتَظَرُ، فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاءَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَقِيلَ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ إنْ كَانَ حَلَفَهُ أَوْ لَا لِأَمْرٍ تَوَسَّمَهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ شَرْعًا كَالسَّحَابِ لَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ، إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مَنْقُولُ غَايَةِ الْأَمْرِ أَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَا قَالَهُ خِلَافُ النَّقْلِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ جَزْمًا) أَيْ أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ اتِّفَاقًا وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ

(قَوْلُهُ وَهَلْ يُنْتَظَرُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَى مُسْتَقِلٍّ لَا يَدْرِي أَيُوجَدُ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ حِنْثٍ كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا، فَإِنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ وَأُجِّلَ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ فَقَوْلَانِ (قَوْلُهُ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) الَّذِي فِي نَقْلِ التَّوْضِيحِ تَمْثِيلُ الْقَرِيبِ بِغَدٍ وَاَلَّذِي فِي نَقْلِ اللَّخْمِيِّ بِشَهْرٍ فَلِذَا مَثَّلَ الشَّارِحُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا لِعَادَةٍ) أَيْ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لِعَادَةٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ قُيِّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ فِي شَهْرِ بَؤُونَةَ أَوْ فِي شَهْرِ بَشَنْسَ: إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ غَدًا أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ (قَوْلُهُ مِنْ حَيِّزِ الْبَعِيدِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ أَوْ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا أَوْ إنْ لَمْ أَضْرِبْهُ أَوْ إنْ لَمْ آخُذْ مَالَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ قَبْلَ الْحُكْمِ) فَإِنْ أَفْتَاهُ مُفْتٍ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فَاعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ الْمُحَرَّمَ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تُرَدُّ إلَيْهِ فَعِصْمَةُ الْأَوَّلِ لَمْ تَرْتَفِعْ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِ وَطْءِ الثَّانِي وَطْءَ شُبْهَةٍ يَدْرَأُ الْحَدَّ وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ.

(قَوْلُهُ يُنَجِّزُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَاكِمُ) أَيْ وَكَذَلِكَ فِيمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ شَرْعًا كَإِنْ صَلَّيْت فِي شَهْرِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ إنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ فَإِذَا أَمْطَرَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَالطَّلَاقُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَلَا مَآلًا) هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ مَا لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ وَأَعَادَهُ لِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ قَالَهُ الشَّارِحُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ) أَيْ لِلشَّكِّ وَلُزُومِ الْيَمِينِ لَهُ حِينَ الْحَلِفِ وَعَدَمِ لُزُومِهَا لَهُ فَالْبَقَاءُ مَعَ تِلْكَ الْيَمِينِ بَقَاءٌ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ وَدُيِّنَ) أَيْ وَيَحْلِفُ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ اهـ بْن (قَوْلُهُ كَحَلِفِهِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ) أَيْ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ

ص: 393

أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَقِيضِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْآخَرُ (كَإِنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا) فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ (أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ) غُرَابًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَحَلَفَ الثَّانِي عَلَى نَقِيضِهِ (فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ) أَحَدُهُمَا الصَّادِقُ بِالِاثْنَيْنِ (يَقِينًا) أَيْ جَزْمًا بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ (طَلُقَتْ) امْرَأَةُ مَنْ لَمْ يَدَّعِ الْيَقِينَ سَوَاءٌ كَانَ كُلًّا مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا يَقِينًا طَلُقَتَا بِالتَّثْنِيَةِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى الْجَزْمَ الصَّادِقَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا لَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ وَيُدَيَّنُ وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَكْشِفْ الْغَيْبُ خِلَافَ مَا جَزَمَ بِهِ فَيَحْنَثُ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا يُنَجَّزُ فِيهِ الطَّلَاقُ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا لَا يُنَجَّزُ فِيهِ أَعَمُّ مِمَّا لَا شَيْءَ فِيهِ حَالًا وَمَآلًا أَوْ حَالًا لَا مَآلًا فَقَالَ (وَلَا يَحْنَثُ إنْ)(عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِمُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ) عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا فِي صِيغَةِ بِرٍّ، مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ جَمَعْت بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَمِثَالُ الثَّانِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَإِنْ لَمَسْتِ السَّمَاءَ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ) فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَذَا إنْ قَدِمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فِي الْمِثَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطٍ مُمْتَنِعٍ وُجُودُهُ وَمِثَالُ الثَّالِثِ إنْ زَنَيْت فَأَنْتِ طَالِقٌ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْحِنْثِ فِي الْجَمِيعِ (أَوْ) عَلَّقَهُ عَلَى مَا (لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ) حَيْثُ كَانَ شَأْنُهُ أَنْ تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ هُوَ الْآدَمِيُّ كَطَالِقٍ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَمَاتَ زَيْدٌ وَلَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَشَأْ أَوْ شَاءَ شَيْئًا لَمْ تُعْلَمْ حَقِيقَتُهُ فَلَا حِنْثَ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ فَإِنْ شَاءَ مَنْ ذُكِرَ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ عَادَةً.

(أَوْ) عَلَّقَهُ بِمُسْتَقْبَلٍ (لَا يُشْبِهُ الْبُلُوغَ) أَيْ بُلُوغَهُمَا مَعًا (إلَيْهِ) بِأَنْ لَا يَبْلُغَهُ عُمْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ يَبْلُغُهُ عُمْرُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَالْمُعْتَبَرُ الْعُمْرُ الشَّرْعِيُّ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْفَقْدِ (أَوْ) قَالَ لَهَا (طَلَّقْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ)(أَوْ مَجْنُونٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ كَإِنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا إلَخْ) أَيْ وَكَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَقَدْ قُلْت لِي كَذَا فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ مَا قُلْتُ لَك كَذَا وَكَحَلِفِهِ أَنَّ فُلَانًا يَعْرِفُ أَنَّ لِي حَقًّا فِي كَذَا فَحَلَفَ الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي كَذَا، وَكَحَلِفِهِ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كَانَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَحَلَفَ الْآخَرُ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُخَاطَبٌ بِيَقِينِهِ لَا بِيَقِينِ غَيْرِهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ حَلَفَ اثْنَانِ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ وَاحِدٌ عَلَى النَّقِيضَيْنِ مِنْ امْرَأَتَيْهِ بِأَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ فُلَانَةَ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَالْأُخْرَى عَلَى النَّفْيِ، فَإِنْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْحَالُ وَتَعَذَّرَ التَّحَقُّقُ طَلُقَتَا وَإِنْ بَانَ لَهُ شَيْءٌ عَمِلَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ عَلَى مَا يُنَجَّزُ فِيهِ الطَّلَاقُ) أَيْ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي يُنَجَّزُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ) أَيْ لَا حَالًا وَلَا مَآلًا؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ إنْ عَلَّقَهُ إلَخْ) أَيْ، فَإِنْ وَقَعَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كَالْمُمْتَنِعِ شَرْعًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ (قَوْلُهُ إنْ جَمَعْت بَيْنَ الضِّدَّيْنِ) أَيْ فَقَدْ عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ مُحَالٌ عَقْلًا (قَوْلُهُ كَإِنْ لَمَسْتِ السَّمَاءَ) أَيْ أَوْ إنْ حَمَلْت الْجَبَلَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَيْ فَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى لَمْسِ السَّمَاءِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ حَمْلِ الْجَبَلِ هُوَ مَمْنُوعٌ عَادَةً (قَوْلُهُ أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي النَّوَادِرِ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِهَزْلِهِ وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَذَكَرَهُمَا عَبْدُ الْوَهَّابِ رِوَايَتَيْنِ وَذِكْرُ أَنَّ لُزُومِ الطَّلَاقِ أَصَحُّ اهـ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطٍ مُمْتَنِعٍ وُجُودُهُ) أَيْ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الشَّرْطِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ (قَوْلُهُ إنْ زَنَيْت إلَخْ) أَيْ فَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الزِّنَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ شَرْعًا.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْحِنْثِ) أَيْ إنْ لَمْ أَجْمَعْ بَيْنَ وُجُودِك وَعَدَمِك أَوْ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ أَزْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ، هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي صِيغَةِ بِرٍّ وَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِصِيغَةِ الْبِرِّ؛ لِأَنَّ نَحْوَ إنْ لَمْ أَزْنِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ التَّعْلِيقُ فِيهِ عَلَى وَاجِبٍ لَا عَلَى مُمْتَنِعٍ.

(قَوْلُهُ عَلَى مَا لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَشِيئَةِ شَخْصٍ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مَشِيئَتِهِ (قَوْلُهُ فَمَاتَ إلَخْ) فَرَضَ الشَّارِحُ الْكَلَامَ فِيمَ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَى مَشِيئَتِهِ حَيًّا وَقْتَ التَّعْلِيقِ ثُمَّ مَاتَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ مَيِّتًا وَقْتَ التَّعْلِيقِ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ بِاتِّفَاقٍ فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِمَوْتِهِ وَقْتَهُ فَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ: يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى مَشِيئَتِهِ اللَّهُ وَالْجِنُّ وَالْمَلَائِكَةُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مَشِيئَةُ مَنْ ذُكِرَ وَهَذَا يُعَارِضُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِقَوْلِهِ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَتِهِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَنْ تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ وَهُوَ الْآدَمِيُّ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ فَإِنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى مَشِيئَتِهِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ فَلَا مُعَارَضَةَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ لَا تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ وَالْحَالُ أَنَّ شَأْنَهُ أَنْ تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ وَبَيْنَ الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ لَا تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ وَالْحَالُ أَنَّ شَأْنَهُ أَنْ لَا تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ فَفِي الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي الثَّانِي يُنَجَّزُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِمُسْتَقْبَلٍ لَا يُشْبِهُ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى أَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا مَعًا فِي الْغَالِبِ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى أَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا غَالِبًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا حَالًا وَلَا مَآلًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ انْخَرَمَتْ الْعَادَةُ

ص: 394

حَيْثُ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَعُلِمَ تَقَدُّمُ جُنُونِهِ وَأَتَى بِلَفْظٍ مَا ذُكِرَ نَسَقًا وَإِلَّا حَنِثَ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (إذَا مِتّ) أَنَا (أَوْ مُتِّي) أَنْت (أَوْ إنْ) مِتّ أَوْ مُتِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا طَلَاقَ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمَوْتِ بِخِلَافِ يَوْمَ مَوْتِي كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْمَوْتِ يَصْدُقُ بِأَوَّلِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَوْتِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِأَنَّ (نَفْيَهُ) أَيْ نَفْيَ الْمَوْتِ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ مِنْ مَرَضٍ خَاصٍّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَمُوتُ أَوْ لَا تَمُوتِينَ (أَوْ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا (إنْ وَلَدْت جَارِيَةً) أَوْ غُلَامًا فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً أَوْ مُمْكِنَةَ الْحَمْلِ وَقَالَهُ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ وَلَمْ يُنْزِلْ وَلَوْ حَذَفَ جَارِيَةً كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ (أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ حَمَلْت) فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَحَقُّقِ عَدَمِ حَمْلِهَا (إلَّا أَنْ يَطَأَهَا) وَيُنْزِلَ وَهِيَ مُمْكِنَةُ الْحَمْلِ (مَرَّةً) وَأَوْلَى أَوْأَكْثَرَ (وَإِنْ) كَانَ الْوَطْءُ (قَبْلَ يَمِينِهِ) وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِحُصُولِ الشَّكِّ فِي الْعِصْمَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَعَاشَا إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى حَيْضِ بَغْلَةٍ وَطَرَقَهَا الدَّمُ وَقَالَ النِّسَاءُ إنَّهُ حَيْضٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّسَاءَ مَحَلٌّ لِلْحَيْضِ فِي الْجُمْلَةِ فَاعْتُبِرَ وَأَمَّا مُجَاوَزَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَنَادِرٌ لَا حُكْمَ لَهُ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَعُلِمَ تَقَدُّمُ جُنُونِهِ إلَخْ) هَذَا الشَّرْطُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَعُلِمَ إلَخْ مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْقَيْدُ فِي الْمَجْنُونِ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا الْقَيْدُ فِي الصَّبِيِّ فَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَأَطْلَقَ الْأَكْثَرُ اهـ بْن وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي الْمَجْنُونِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنِدًا فِي قَوْلِهِ لِإِخْبَارِ مُخْبِرٍ لَا لِعِلْمِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَنِثَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَوْلُهُ وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ نَدَمًا مِنْهُ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ مِتُّ أَوْ مُتِّي) أَيْ أَوْ مَتَى مِتُّ أَوْ مُتِّي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ يَوْمِ مَوْتِي) أَيْ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِشَبَهِهِ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَأَوْلَى قَبْل مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِإِنْ) أَيْ أَوْ بِإِذَا كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ تَغْلِيبًا لِلشَّرْطِيَّةِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُمَا مُتِّي اهـ بْن وَعَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ نَفْيَهُ) أَيْ عِنَادًا (قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَمُوتُ) أَيْ وَهَذِهِ صِيغَةُ بِرٍّ فِي مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ إنْ مِتّ أَيْ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ فَهُوَ فِي الْأَوَّلِ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقٍ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ وَاجِبٌ عَادِيٌّ وَفِي الثَّانِي عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ حَالًا.

(قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَتْ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا أَيْ بِسَبَبِ كَوْنِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَهَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا إنْ حَمَلْت إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا إلَخْ) أَيْ وَيَقُولُ لَهَا مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ يَطَأَهَا قَبْلَ قَوْلِهِ مَا ذُكِرَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ قُبِلَ يَمِينُهُ إنْ لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْوَطْءُ بَعْدَ يَمِينِهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ قَبْلَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَقَوْلُهُ إنْ قُبِلَ يَمِينُهُ كَذَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.

(قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ حَيْثُ قَالَ: إذَا قَالَ لَهَا: إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ كَانَ لَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً إلَى أَنْ تَحْمِلَ أَوْ تَحِيضَ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَإِنَّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً وَيُمْسِكُ إلَى أَنْ تَحْمِلَ أَوْ تَحِيضَ وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بِمَنْعِ النِّكَاح لِأَجَلٍ وَجَوَازِ الْعِتْقِ لَهُ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ إنْ وَلَدَتْ أَوْ إنْ حَمَلَتْ بِمَا إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا، فَإِنْ وَطِئَ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَحُمِلَ قَوْلُهُ سَابِقًا إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي عَلَى مَا إذَا مَسَّهَا فِي طُهْرٍ وَأَنْزَلَ وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهَا: ذَلِكَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرِّ مُسَاوَاةِ مَا هُنَا وَهُوَ إنْ وَلَدَتْ أَوْ حَمَلَتْ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي فَحُكْمُ الْأَرْبَعِ وَاحِدٌ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَخَالَفَهُ عِيَاضٌ فِي صُورَةِ إنْ وَلَدَتْ فَقَطْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِيَاضًا يُوَافِقُ اللَّخْمِيَّ فِي إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي أَوْ إنْ حَمَلَتْ فَإِنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةَ الْبَرَاءَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةَ الْحَمْلِ أَوْ مَشْكُوكَتَهُ بِأَنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ وَأَنْزَلَ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ وَلَدَتْ جَارِيَةً، فَإِنْ كَانَتْ بَرَاءَتُهَا مُحَقَّقَةً فَيَتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ التَّنْجِيزِ لَكِنْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ يُنْتَظَرُ إلَى الْوَطْءِ، فَإِنْ وَطِئَ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ عِيَاضٍ إذَا وَطِئَ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ يُنْتَظَرُ لِلْوِلَادَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةَ الْحَمْلِ أَوْ مَشْكُوكًا فِي حَمْلِهَا فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَعِنْدَ عِيَاضٍ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ يُنْتَظَرُ لِلْوِلَادَةِ وَالْمَشْهُورُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي ح اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ لِحُصُولِ الشَّكِّ فِي الْعِصْمَةِ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْيَمِينُ قَبْلَ الْوَطْءِ يُحْتَمَلُ الْحَمْلُ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ الْمُتَأَخِّرِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ مُتَقَدِّمًا وَحَلَفَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا يُحْتَمَلُ أَنَّهَا حَامِلٌ قَبْلَ الْيَمِينِ فَيَكُونُ قَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ حَاصِلٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ اهـ شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَطْءُ مُتَقَدِّمًا وَحَلَفَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا لَمْ يُعَلِّقْ الطَّلَاقَ عَلَى حَمْلٍ يَحْصُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا تَقْتَضِيهِ إذَا بَلْ عَلَى حَمْلٍ حَاصِلٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ إذَا حَمَلْت إنْ كُنْت حَامِلًا تَأَمَّلْ.

ص: 395

وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (كَإِنْ) قَالَ لَهَا إنْ (حَمَلْت وَوَضَعْت) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً وَإِنْ قَبْلَ يَمِينِهِ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَإِلَّا نُجِّزَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ نَظَرًا لِلْغَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ لِظَاهِرَةِ الْحَمْلِ إنْ حَمَلْت فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ حَدَثَ بِك حَمْلٌ غَيْرُ هَذَا

(أَوْ) عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ (مُحْتَمَلٍ غَيْرُ غَالِبٍ) وُقُوعُهُ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا اسْتَوَى وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ وَبِمَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ عَدَمَهُ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ مُحْتَمَلٌ غَالِبٌ ثُمَّ تَارَةً يُثْبِتَ وَتَارَةً يَنْفِي وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَانْتُظِرَ) بِالْحِنْثِ وُقُوعُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا (إنْ أَثْبَتَ) بِأَنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ) يَعْنِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى قُدُومِ زَيْدٍ وَالزَّمَنُ تَبَعٌ لَهُ فَيَحْنَثُ بِالْقُدُومِ وَلَوْ لَيْلًا فَلَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى الزَّمَنِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ نُجِّزَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْغَالِبِ الْوُقُوعُ أَوْ الْمُحَقَّقُ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ يَوْمَ لَكَانَ أَصْوَبَ (وَتَبَيَّنَ الْوُقُوعُ) أَيْ وُقُوعُ الطَّلَاقِ (أَوَّلَهُ) أَيْ أَوَّلَ الْيَوْمِ (إنْ قَدِمَ فِي نِصْفِهِ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ الْعِدَّةُ.

وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ عِنْدَ الْفَجْرِ طَاهِرًا أَوْ حَاضَتْ وَقْتَ الْقُدُومِ لَمْ يَكُنْ مُطْلَقًا فِي الْحَيْضِ وَتَحْسُبُ هَذَا الطُّهْرَ مِنْ عِدَّتِهَا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إنْ وَلَدَتْ أَوَّلَهُ وَثَمَرَتُهُ أَيْضًا التَّوَارُثُ. ثُمَّ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْحِنْثَ فِي هَذَا بِنَفْسِ الْقُدُومِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ قَوْلِهِ وَتَبَيَّنَ إلَخْ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ، وَذِكْرُ الزَّمَنِ لَغْوٌ كَمَا عَرَفْت وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَيُنْتَظَرُ مَشِيئَتُهُ فَإِنْ شَاءَ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا (وَ) قَوْلُ الْحَالِفِ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ مِثْلُ) قَوْلِهِ (إنْ شَاءَ) أَيْ هَذَا اللَّفْظُ مِثْلُ هَذَا اللَّفْظِ فِي كَوْنِهِ إنْ شَاءَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ مِثْلُ إلَخْ خَبَرُهُ (بِخِلَافِ) أَنْتِ طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي) فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ بَلْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَكَذَا إنْ بَدَا لِي أَوْ ظَهَرَ لِي أَوْ إلَّا إنْ أَشَأْ أَوْ شِئْت أَنَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعْقِيبِ الرَّافِعِ.

وَأَمَّا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَيَنْفَعُهُ كَمَا مَرَّ (كَالنَّذْرِ وَالْعِتْقِ) تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فَإِذَا قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ نَذْرُ كَذَا أَوْ عِتْقُ عَبْدِ أَوْ عَبْدِي فُلَانٍ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ تَوَقَّفَ عَلَى وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَيُنَجَّزُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي وَرُدَّ الِاسْتِثْنَاءُ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى قَسِيمِ قَوْلِهِ إنْ أَثْبَتَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ نَفَى) بِأَنْ أَتَى بِصِيغَةِ حِنْثٍ وَلَوْ مَعْنًى نَحْوُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَيُكَلِّمَن زَيْدًا فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُكَلِّمْهُ فَهِيَ طَالِقٌ (وَلَمْ يُؤَجَّلْ) بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ (كَإِنْ لَمْ أَقْدَمْ) الْأَوْلَى كَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ كَمَا قَالَ جَدّ عج وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ وَلَدْت أَوْ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً) أَيْ وَيُنْزِلُ وَالْحَالُ أَنَّهَا مُمْكِنَةُ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهَا إنْ حَمَلْت وَوَضَعْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ نَظَرًا لِلْغَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَوَضَعْت فَإِنَّهُ بِالنَّظَرِ لَهَا قَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ غَالِبٍ

(قَوْلُهُ ثُمَّ تَارَةً يُثْبَتُ) أَيْ يَأْتِي بِصِيغَةِ الْإِثْبَاتِ وَهِيَ صِيغَةُ الْبِرِّ (قَوْلُهُ وَتَارَةً يُنْفَى) أَيْ يَأْتِي بِصِيغَةِ النَّفْيِ وَهِيَ صِيغَةُ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ كَيَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ قُدُومُهُ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهَا مُدَّةَ الِانْتِظَارِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ نُجِّزَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَادِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا قَصْدَ لَهُ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُهُ وَأَنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى نَفْسِ الزَّمَنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ يَوْمٍ وَإِذَا أَنْظَرَ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ وَتَبَيَّنَ الْوُقُوعُ إلَخْ) .

حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ لَيْلًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْقُدُومِ وَلَا يَتَبَيَّنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ أَوَّلَ الْيَوْمِ وَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مِنْ أَوَّلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ طَاهِرًا وَحَاضَتْ وَقْتَ مَجِيئِهِ لَمْ يَكُنْ مُطَلِّقًا فِي الْحَيْضِ وَعَلَيْهِ فَتَحْسُبُ هَذَا الطُّهْرَ مِنْ عِدَّتِهَا إذْ لَمْ يَقَعْ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ الْمُقْتَضِي لِلْإِلْغَاءِ.

(قَوْلُهُ التَّوَارُثُ) فَإِذَا مَاتَتْ أَوَّلَ النَّهَارِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَدِمَ فِي أَثْنَائِهِ فَلَا يَرِثُهَا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مَاتَتْ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ (قَوْلُهُ فِي هَذَا) أَيْ فِي هَذَا الْمِثَالِ وَهُوَ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ وَقَوْلُهُ بِنَفْسِ الْقُدُومِ أَيْ حَيًّا وَأَمَّا لَوْ قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدِمَ وَإِنَّمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدِمَ بِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَانْتُظِرَ إنْ أَثْبَتَ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ بَابِ تَعْقِيبِ الرَّافِعِ) أَيْ مِنْ تَعْقِيبِ الطَّلَاقِ الَّذِي قَدْ وَقَعَ بِالرَّافِعِ لَهُ (قَوْلُهُ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا صَرَفَهُ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ لَا إنْ صَرَفَهُ لِلْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ أَوَّلَهُمَا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ تَوَقَّفَ عَلَى وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ قُدُومُ زَيْدٍ وَشِفَاءُ الْمَرِيضِ وَمَشِيئَةُ زَيْدٍ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ) أَيْ وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ نَذْرُ كَذَا أَوْ عِتْقُ عَبْدٍ أَوْ عَبْدِي إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَرُدَّ الِاسْتِثْنَاءُ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ رَدَّهُ لِلْمُعَلَّقِ أَوْ لَهُمَا مَعًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَيَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ عِتْقٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُؤَجَّلْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ

ص: 396

يَعْنِي أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ نَحْوُ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ أَوْ إنْ لَمْ أَقْدَمْ مِنْ سَفَرِي فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ يُنْتَظَرُ وَ (مُنِعَ مِنْهَا) فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا حَتَّى يَحْصُلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَفَعَتْهُ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ كَمَا يَأْتِي (إلَّا) أَنْ يَكُونَ بِرُّهُ فِي وَطْئِهَا نَحْوُ (إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا أَوْ) إنْ (لَمْ أَطَأْهَا) فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ بِرَّهُ فِي وَطْئِهَا وَمَحَلُّهُ فِي إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا حَيْثُ يُتَوَقَّعُ حَمْلُهَا فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ وَلَوْ مِنْ جِهَتِهِ نُجِّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (وَهَلْ يُمْنَعُ) مِنْ نَفْيٍ وَلَمْ يُؤَجَّلْ مِنْ وَطْئِهَا (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ لِلْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلٍ قَبْلَهُ عَادَةً أَمْ لَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ مَحَلُّ الْمَنْعِ مِنْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ يَقَعُ فِيهِ وَلَا يُمْكِنُ عَادَةً فِعْلُهُ قَبْلَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا إلَّا إذَا جَاءَ وَقْتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) يُمْنَعُ (إلَّا فِي كَإِنْ لَمْ أَحُجَّ) فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ وَلَمْ يَقُلْ (فِي هَذَا الْعَامِ) وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْعَامِ لَكَانَ صَوَابًا؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ.

(وَلَيْسَ) الْوَقْتُ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ (وَقْتَ سَفَرٍ) لِكَالْحَجِّ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ عَادَةً مِنْ السَّفَرِ (تَأْوِيلَانِ) رَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّانِي قَائِلًا؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَلَا يَقْصِدُ أَحَدٌ الْحَجَّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ، فَإِنْ قُيِّدَ بِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْعَامِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا إذَا جَاءَ وَقْتُ الْخُرُوجِ لَهُ فَيُمْنَعُ فَإِنْ خَرَجَ وَإِلَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلِذَا جَعَلْنَا قَوْلَهُ فِي هَذَا الْعَامِ مُتَعَلِّقًا بِمَنْفِيٍّ مَحْذُوفٍ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَسُقُوطُهُ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ كَمَا عَلِمْت إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى الْمَحْذُوفِ وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْحَالِفَ عَلَى حِنْثٍ مُطْلَقٍ يُمْنَعُ وَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَعَلَى مُؤَجَّلٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مُؤَجَّلًا فَلَا يَمْنَعُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَ بِهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ) أَيْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ دُخُولَ دَارٍ أَوْ قُدُومًا مِنْ سَفَرٍ أَوْ أَكْلًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْفِعْلُ الَّذِي حَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ غَيْرَ مُحَرَّمٍ وَإِلَّا نُجِّزَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ أَوْ إنْ لَمْ يَزْنِ زَيْدٌ هَكَذَا قِيلَ وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ غَالِبٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّقَيُّدِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ مُنِعَ مِنْهَا) أَيْ وَيُنْتَظَرُ فَحُذِفَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ أَثْبَتَ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا وَمِنْ هُنَا قَوْلُهُ وَيُنْتَظَرُ فَهُوَ شِبْهُ احْتِبَاكٍ وَقَوْلُهُ مَنَعَ مِنْهَا ابْنُ عَرَفَةَ، فَإِنْ تَعَدَّى وَوَطِئَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاءٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَيْسَ لِخَلَلٍ فِي مُوجِبِ الْوَطْءِ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ كُلُّ وَطْءٍ فَاسِدٍ لَا يَطَأُ فِيهِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ يُرِيدُ فَاسِدٍ لِسَبَبِ حِلِّيَّتِهِ أَلَا تَرَى وَطْءَ الْمُحْرِمَةِ وَالْمُعْتَكِفَةِ وَالصَّائِمَةِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ رَفَعَتْهُ) أَيْ، فَإِنْ تَضَرَّرَتْ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ وَرَفَعَتْهُ لِلْقَاضِي ضُرِبَ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ) أَيْ لَا مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ مُنِعَ مِنْهَا أَيْ يُمْنَعُ مِنْهَا فِي كُلِّ لَفْظٍ فِيهِ نَفْيٌ وَلَمْ يُؤَجَّلْ إلَّا فِي هَذَا اللَّفْظِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا وَيَسْتَرْسِلُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ بِرَّهُ فِي وَطْئِهَا فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي يَضْرِبُ لَهَا أَجَلَ الْإِيلَاءِ عِنْدَ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَعَلَيْهِ إذَا تَضَرَّرَتْ بِتَرْكِ الْوَطْءِ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِدُونِ ضَرْبِ أَجَلٍ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ انْتِظَارِهِ وَعَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ أَوْ مَحَلُّ الْمَنْعِ مِنْهَا إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا لَكِنْ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ مُطْلَقٌ، وَالثَّانِي قَوْلٌ لِغَيْرِهِ مُفَصَّلٌ وَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ إنَّ شُرَّاحَهَا اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ فَالْقَوْلُ الْمُفَصَّلُ تَقْيِيدٌ لِلْمُطْلَقِ وَاسْتَظْهَرَ هَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ) ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَرَيَانَ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا إذَا عَيَّنَ الْعَامَّ مَعَ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا إلَّا إذَا جَاءَ وَقْتُ خُرُوجِهِ فَيَمْنَعُ مِنْهَا حَتَّى يَحُجَّ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لَهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّانِي) فِيهِ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّمَا اسْتَظْهَرَ كَوْنَ الْقَوْلَيْنِ بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ وَلَيْسَ عِنْدَهُ خِلَافٌ بَيْنَهُمَا حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ اسْتَظْهَرَ الثَّانِي.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ كَمَا يَجْرِي فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ قَبْلَهُ عَادَةً يَجْرِي فِيمَا إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ الْخُرُوجِ لِبَلَدٍ وَكَانَ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَأُسَافِرَنَّ لِمِصْرِ مَثَلًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ السَّفَرُ لِفَسَادِ طَرِيقٍ أَوْ غُلُوِّ كِرَاءٍ أَوْ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَيَشْكِيَنَّ زَيْدًا لِلْحَاكِمِ وَلَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ يَشْتَكِي إلَيْهِ فَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الزَّوْجَةِ إلَّا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْفِعْلِ بِأَنْ تَمَكَّنَ مِنْ السَّفَرِ أَوْ جَاءَ الْحَاكِمُ.

(قَوْلُهُ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى الْمَحْذُوفِ) تَمَحَّلَ بَعْضُهُمْ لِجَوَابٍ آخَرَ حَيْثُ جَعَلَ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْعَامِ مُتَعَلِّقًا بِالْقَوْلِ الْمَدْخُولِ لِحَرْفِ الْجَرِّ لَا بِأَحُجُّ وَالْأَصْلُ أَوْ إلَّا فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْعَامِ إنْ لَمْ أَحُجَّ فَالْقَوْلُ مُقَيَّدٌ وَالْحَجُّ مُطْلَقٌ (قَوْلُهُ يُمْنَعُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى مُؤَجَّلٍ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ مَثَلًا فِي هَذَا الشَّهْرِ وَهَذَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ صَرِيحًا بَلْ عُلِمَ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ

ص: 397

لَا يُمْنَعُ مِنْهَا.

وَكَانَ هُنَاكَ مَسَائِلُ يُنَجَّزُ فِيهَا الطَّلَاقُ فِي مُطْلَقِهَا وَمُؤَجَّلِهَا عَلَيْهِ أَخْرَجَهَا بِقَوْلِهِ (إلَّا) إذَا قَالَ (إنْ لَمْ أُطَلِّقْك) فَأَنْت طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (مُطْلِقًا) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ (أَوْ مُقَيِّدًا إلَى أَجَلٍ) كَإِنْ لَمْ أُطَلِّقْك بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْت طَالِقٌ (أَوْ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْت طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ) نُجِّزَ عَلَيْهِ الْآنَ (أَوْ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (الْآنَ) أَلْبَتَّةَ (فَيُنَجَّزُ) رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ (وَيَقَعُ) طَلَاقُ أَلْبَتَّةَ فِي الْأَخِيرِ وَهُوَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ نَاجِزًا لِأَنَّ أَلْبَتَّةَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا أَمَّا الْآنَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَخَّرَ لِرَأْسِ الشَّهْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُتْعَةِ، فَتَعَيَّنَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِهِ حَالًا لَا يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ عَلَّقَ بَتَّهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ عَلَى عَدَمِ بَتِّهَا آخِرَهُ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الصَّبْرَ لِآخِرِ الشَّهْرِ لِتَحْصِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ بَتُّهَا آخِرَهُ فَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ تَرْكُ ذَلِكَ وَاخْتِيَارُ الْحِنْثِ كَمَا لِكُلِّ حَالِفٍ.

وَإِذَا اخْتَارَ الْحِنْثَ لَمْ يُمْكِنْهُ وُقُوعُهُ لِانْعِدَامِ زَمَانِ الْمَحْلُوفِ بِهِ لِمُضِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ أَلْبَتَّةَ فِي زَمَانِ الْحَالِ الَّذِي صَارَ مَاضِيًا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ وَالشَّيْءُ يَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ قَيْدِهِ وَالْقَيْدُ وَهُوَ الزَّمَانُ الَّذِي صَارَ مَاضِيًا لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ فَأَلْبَتَّةَ الْمُقَيَّدَةُ بِهِ لَا يُمْكِنُ إيقَاعُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَتَّةً أَيْ يَحْكُمُ الشَّرْعُ بِوُقُوعِهِ (وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ) إذْ لَيْسَ لِتَقْيِيدِهِ بِالزَّمَنِ وَجْهٌ يُعْتَبَرُ شَرْعًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ آخِرَ الشَّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ الْآنَ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ لِآخِرِ الشَّهْرِ فَإِنْ دَخَلَ وَإِلَّا طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ الْآنَ، وَهُنَا لَمَّا كَانَ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ آخِرَ الشَّهْرِ طَلُقَتْ وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ آخِرَ الشَّهْرِ طَلُقَتْ نُجِّزَ عَلَيْهِ حَالًا فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَيَقَعُ وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ كَالْعِلَّةِ لِقَوْلِهِ فَيُنَجَّزُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ الْأَخِيرِ أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَحْكُمُ بِوُقُوعِهِ آخِرَ الشَّهْرِ وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ فَهُوَ وَاقِعٌ آخِرَ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اخْتَارَ الْحِنْثَ أَوْ عَدَمَهُ فَلِذَا نُجِّزَ عَلَيْهِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي بُحِثَ بِالْبَحْثِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَالْمُصَنِّفُ رحمه الله قَاسَهُ عَلَى فَرْعِ الْعُتْبِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ بِقَوْلِهِ (كَ) أَنْتِ (طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا غَدًا) وَكَلَّمَهُ غَدًا فَيَقَعُ حَالَ تَكَلُّمِهِ وَلَوْ فِي آخِرِهِ لَا مِنْ فَجْرِ الْغَدِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ وَقَوْلُهُ الْيَوْمَ يُعَدُّ لَغْوًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

سَابِقًا وَلَمْ يُؤَجَّلْ (قَوْلُهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ وَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ

(قَوْلُهُ إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك إلَخْ) لِمَا تَضَمَّنَ قَوْلُهُ أَوَّلًا مَنَعَ مِنْهَا حُكْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مُصَرَّحٌ بِهِ وَهُوَ الْحَيْلُولَةُ وَالْآخَرُ لَازِمٌ وَهُوَ عَدَمُ التَّنْجِيزِ اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْحَيْلُولَةُ قَوْلُهُ إلَّا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا وَبِاعْتِبَارِ الثَّانِي قَوْلُهُ إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك إلَى آخِرِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي هَذِهِ صَرِيحًا احْتَاجَ لِبَيَانِهِ بِقَوْلِهِ فَيُنَجَّزُ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَرَنَ إلَّا الثَّانِيَةَ بِوَاوِ الْعَطْفِ كَانَ أَصْنَعَ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ (قَوْلُهُ كَإِنْ لَمْ أُطَلِّقْك بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ فَالطَّلَاقُ لَازِمٌ لَهُ إمَّا الْآنَ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ أَوْ فِي آخِرِ الشَّهْرِ بِإِيقَاعِهِ ذَلِكَ وَيَصِحُّ أَنْ يُؤَخَّرَ لِرَأْسِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتْعَةِ فَتَعَيَّنَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِهِ حَالًا.

(قَوْلُهُ نُجِّزَ عَلَيْهِ الْآنَ) أَيْ؛ لِأَنَّ إحْدَى الْبَتَّتَيْنِ وَاقِعَةٌ بِرَأْسِ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ إمَّا بِإِيقَاعِهِ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَوْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَخَّرَ لِرَأْسِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتْعَةِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ وَهَذَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى أَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا.

(قَوْلُهُ أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ أَوْ قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْت طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ) أَيْ عَلَيْهِ الْآنَ (قَوْلُهُ وَيَقَعُ طَلَاقُ أَلْبَتَّةَ) أَيْ يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ نَاجِزًا وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَائِلِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْآنَ) أَيْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ وَقَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ أَيْ بِإِيقَاعِهِ لَهُ (قَوْلُهُ أَوَّلَ الشَّهْرِ) أَيْ وَهُوَ الْآنَ (قَوْلُهُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ صَارَ مَاضِيًا (قَوْلُهُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ إلَخْ) أَيْ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ آخِرُ الشَّهْرِ صَارَ الْمُعَلَّقُ وَهُوَ طَلَاقُ أَلْبَتَّةَ الْمُقَيَّدُ بِقَيْدٍ وَهُوَ الْآنَ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) هَذَا الْبَحْثُ أَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَذَكَرَ هَذَا الْبَحْثَ تَوْجِيهًا.

(قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لِتَقْيِيدِهِ بِالزَّمَنِ) وَهُوَ قَوْلُهُ الْآنَ وَجْهٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَحِينَئِذٍ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ آخِرَ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ اخْتَارَ عَدَمَ الْحِنْثِ بِأَنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهُوَ طَلَاقُهَا أَوْ اخْتَارَ الْحِنْثَ بِأَنْ لَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا فِي آخِرِ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ نُجِّزَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لِآخِرِ الشَّهْرِ مِنْ قَبِيلِ الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ طَلَاقُهَا أَلْبَتَّةَ (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ آخِرَ الشَّهْرِ طَلُقَتْ) أَيْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ نُجِّزَ عَلَيْهِ حَالًا) أَيْ وَلَمْ يَبْقَ لِآخِرِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ أَيْ نُجِّزَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَحْكُمُ بِوُقُوعِهِ) أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ وَإِنَّمَا نُجِّزَ عَلَيْهِ فِي الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّا نَحْكُمُ إلَخْ (قَوْلُهُ الَّذِي بُحِثَ بِالْبَحْثِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ) أَيْ وَقَالَ إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ هَذَا وَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِعَدَمِ التَّنْجِيزِ فِي الْحَلِفِ بِالْبَتَّةِ قَائِلًا قَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَا يَلْزَمُ غَيْرُ

ص: 398

(وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك وَاحِدَةً بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْت طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ فَإِنْ عَجَّلَهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ قَبْلَ الشَّهْرِ (أَجْزَأَتْ) وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّهْرِ شَيْءٌ لِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يُعَجِّلْهَا (قِيلَ لَهُ إمَّا عَجَّلْتهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ (وَإِلَّا بَانَتْ) مِنْك بِالثَّلَاثِ بِأَوَّلِ فَرَاغِ الْأَجَلِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك؛ لِأَنَّهَا لَا تَبِينُ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ التَّعْجِيلِ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاوَزَ الْأَجَلَ وَلَمْ يَفْعَلْ الْوَاحِدَةَ قَبْلَ مَجِيئِهِ طَلُقَتْ أَلْبَتَّةَ

(وَإِنْ)(حَلَفَ) زَوْجٌ (عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ)(فَفِي) صِيغَةِ (الْبِرِّ) الْمُطْلَقِ حُكْمُهُ (كَنَفْسِهِ) فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إنْ دَخَلْت أَنَا الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَبَيْنَ إنْ دَخَلْت أَنْتِ أَوْ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيَنْتَظِرُ إذَا أَثَبَتَ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءٍ وَلَا بَيْعٍ أَمَّا الْبِرُّ الْمُوَقَّتُ كَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ قَبْلَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ فَيُمْنَعُ فِي الرَّقِيقِ مِنْ الْبَيْعِ وَلَا يُمْنَعُ فِيهِ وَلَا فِي الزَّوْجَةِ مِنْ الْوَطْءِ

(وَهَلْ كَذَلِكَ فِي) صِيغَةِ (الْحِنْثِ) الْمُطْلَقِ يَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِ حَلِفِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إنْ رَفَعَتْهُ وَيَكُونُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ (أَوْ لَا) يَكُونُ كَحَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا (يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ) بَلْ يُمْنَعُ مِنْهَا (وَيُتَلَوَّمُ لَهُ) قَدْرُ مَا يَرَى الْحَاكِمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقَعُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمِ حَاكِمٍ (قَوْلَانِ) الرَّاجِحُ الثَّانِي فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى مَا قَرَّرْنَا فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَجَلِ وَالتَّلَوُّمِ لَا فِي الْمَنْعِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَاحِدَةٍ اهـ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ فِي جَعْلِهِمَا قَوْلَ مُحَمَّدٍ شَاذًّا مُقَابَلًا بِالْقَوْلِ بِالتَّنْجِيزِ وَصَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ التَّنْجِيزُ وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك وَاحِدَةً رَأْسَ الشَّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ الْآنَ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَهِيَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَعْدَ الشَّهْرِ لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَكَوْنُهَا قَبْلَ الشَّهْرِ لَا يَضُرُّ لِمَا عَلِمْت أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالزَّمَانِ لَغْوٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ بَعْدَ شَهْرٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الْآنَ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُعَجِّلَهَا وُقِفَ وَقِيلَ لَهُ إمَّا أَنْ تُعَجِّلَ التَّطْلِيقَةَ الْآنَ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك الْآنَ، فَإِنْ طَلَّقَ بَرَّ وَإِنْ امْتَنَعَ بَانَتْ مِنْهُ، فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاوَزَ الْأَجَلَ وَلَمْ يَفْعَلْ الْوَاحِدَةَ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ طَلُقَتْ مِنْهُ أَلْبَتَّةَ، وَقَالَ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي جَعَلَهَا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهَا وَإِنْ أَبَى أَنْ يُعَجِّلَهَا تُرِكَ وَلَمْ يُوقَفْ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ حَتَّى حَلَّ رَأْسُ الشَّهْرِ بَانَتْ مِنْهُ بِالثَّلَاثِ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إنَّهُ لَا يُوقَفُ حَتَّى يَأْتِيَ آخِرُ الشَّهْرِ فَيَبَرُّ بِطَلَاقِ الْوَاحِدَةِ عِنْدَهُ أَوْ يَحْنَثُ بِالثَّلَاثِ وَإِنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ آخِرُ الشَّهْرِ لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَإِلَّا حَنِثَ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ شَهْرٍ) الْمُرَادُ بِالْبَعْدِيَّةِ رَأْسُ الشَّهْرِ كَمَا فِي النَّصِّ (قَوْلُهُ بِأَوَّلِ فَرَاغِ الْأَجَلِ) الْأَوْلَى وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك بِالثَّلَاثِ حَالًا لِمَا عَلِمْت مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك) أَيْ بِدُونِ قَوْلِهِ وَإِلَّا قِيلَ لَهُ إمَّا عَجَّلْتهَا (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ التَّعْجِيلِ) أَيْ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْوَقْفِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ تَعْجِيلِ الْوَاحِدَةِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ) أَيْ وَلَمْ يُوقَفْ (قَوْلُهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ) الْأَوْلَى قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ وَقَوْلُهُ طَلُقَتْ أَلْبَتَّةَ أَيْ تَقَرَّرَ الطَّلَاقُ الَّذِي ثَبَتَ أَوَّلًا لَا أَنَّهُ يُسْتَحْدَثُ طَلَاقُ أَلْبَتَّةَ الْآنَ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ الزَّوْجَةَ أَوْ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ حُكْمُهُ كَنَفْسِهِ) أَيْ حُكْمُ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ حُكْمُ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ إذَا أَثْبَتَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَفِي صِيغَةِ الْبِرِّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا بَيْعٍ) أَيْ إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ دَخَلْت أَنَا أَوْ أَنْت أَوْ زَيْدٌ الدَّارَ فَأَنْت حُرَّةٌ (قَوْلُهُ أَمَّا الْبِرُّ الْمُؤَقَّتُ) أَيْ وَهُوَ صِيغَةُ الْحِنْثِ الْمُؤَجَّلِ (قَوْلُهُ وَلَا يَمْنَعُ إلَخْ) أَيْ إلَّا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ أَمَةً وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ زَوْجَةً وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مِثْلُ الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ أَيْضًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ فَالْحَلِفُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ كَالْحَلِفِ عَلَى فِعْلِهِ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ مُطْلَقٍ أَوْ مُقَيَّدٍ خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ وَهَلْ كَذَلِكَ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ) كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ أَنْت حُرَّةٌ (قَوْلُهُ كَحُكْمِ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ) أَيْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ) أَيْ حَتَّى يَدْخُلَ فُلَانٌ الدَّارَ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ) أَيْ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إذَا رَفَعَتْهُ الزَّوْجَةُ لِلْقَاضِي لِتَضَرُّرِهَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ) أَيْ لَا مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ قَدْرُ مَا يَرَى إلَخْ) أَيْ فَإِذَا رَأَى الْحَاكِمُ أَنَّ ذَلِكَ الْحَالِفَ أَرَادَ بِيَمِينِهِ شَهْرًا أَوْ جُمُعَةً، فَإِنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَقَدْ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِنْ مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدْخُلْ وَقَعَ عَلَيْهِ الْحِنْثُ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَالْخِلَافُ) أَيْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَجَلِ وَالتَّلَوُّمِ أَيْ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إذَا تَضَرَّرَتْ وَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهِ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلَا يَضْرِبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ بَلْ يُتَلَوَّمُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدْخُلْ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ وَالْقَوْلَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ يُمْنَعُ

ص: 399

وَقِيلَ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ كَمَنْ حَلَفَ وَضَرَبَ أَجَلًا وَهُوَ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا إلَى الْأَجَلِ كَمَا مَرَّ وَعَلَيْهِ فَالْخِلَافُ فِي الْأَجَلِ مَعَ الْمَنْعِ وَالتَّلَوُّمِ بِلَا مَنْعٍ وَرُجِّحَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فِي النَّظَرِ وَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَصَرَ النَّفْيَ عَلَى ضَرْبِ الْأَجَلِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَمَدَ

(وَإِنْ)(أَقَرَّ) عَلَى نَفْسِهِ (بِفِعْلٍ) كَدُخُولِ دَارٍ أَوْ تَزَوُّجِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَكَذَا إنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (ثُمَّ)(حَلَفَ) بِالطَّلَاقِ (مَا فَعَلْت) هَذَا الْفِعْلَ (صُدِّقَ بِيَمِينٍ) بِاَللَّهِ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَذَا إنْ رُوفِعَ فَإِنْ نَكَلَ نُجِّزَ عَلَيْهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا لَمْ يَحْلِفْ.

وَقَوْلُهُ صُدِّقَ أَيْ فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ فَيُحَدُّ (بِخِلَافِ إقْرَارِهِ) أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا كَأَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى (بَعْدَ الْيَمِينِ) مِنْهُ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَسَرَّى ثُمَّ يَقُولُ كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي بِذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا وَحِينَئِذٍ (فَيُنَجَّزُ) عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْقَضَاءِ وَمِثْلُ إقْرَارِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فَعَلَ فَلَا يُصَدَّقُ إنْ أَنْكَرَ (وَلَا تُمَكِّنُهُ زَوْجَتُهُ) مِنْ نَفْسِهَا أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ (إنْ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ) أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا بَعْدَ الْيَمِينِ وَكَذَا إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ كُنْت كَاذِبًا وَلَمْ أَفْعَلْ وَلَمْ تَعْلَمْ صِدْقَهُ فِي قَوْلِهِ كُنْت كَاذِبًا (وَبَانَتْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ بَائِنًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِنْهَا.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ كَمَنْ حَلَفَ وَضَرَبَ أَجَلًا) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ قَبْلَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ إلَّا إذَا جَاءَ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَالْخِلَافُ) أَيْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْأَجَلِ إلَخْ أَيْ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَقُولُ يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إذَا تَضَرَّرَتْ وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي فَيَقُولُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُتَلَوَّمُ لَهَا بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ وَلَا يُضْرَبُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ.

(قَوْلُهُ وَرُجِّحَ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ وَقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَيْ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ فَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْمُفَرَّعَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّلَوُّمِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ قِيلَ إنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَقِيلَ يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُتَلَوَّمُ لَهُ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَقِيلَ يُتَلَوَّمُ لَهُ مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ وَالْقَوْلَانِ الْأَخِيرَانِ رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لَا يَفْتَرِقَانِ إلَّا بِضَرْبِ الْأَجَلِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْوَطْءِ ثَابِتٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَمَّا عَلَى ضَرْبِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى التَّلَوُّمِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ بِالْمَنْعِ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ التَّلَوُّمِ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي ح فَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ لَهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ مُخَالِفٌ لِنَصِّهَا

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِفِعْلٍ) أَيْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا فَخَاصَمَتْهُ فِي ذَلِكَ فَحَلَفَ لَهَا بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ وَأَنِّي كُنْت كَاذِبًا فِي قَوْلِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ بِيَمِينٍ بِاَللَّهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ وَفِي الْفَتْوَى بِدُونِ يَمِينٍ وَإِنَّمَا لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ أَوَّلًا أَوْجَبَ التُّهْمَةَ وَمِنْ قَبِيلِ مَا إذَا أَقَرَّ بِفِعْلٍ ثُمَّ حَلَفَ مَا فَعَلْت مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا أَخَذَ مَعْلُومَهُ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ دَيْنَهُ مِنْ مَدِينِهِ فَأَظْهَرَ النَّاظِرُ أَوْ الْمَدِينُ وَرَقَةً بِخَطِّ الْحَالِفِ عَلَى أَنَّهُ قَبَضَ حَقَّهُ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدِينِ فَادَّعَى الْحَالِفُ أَنَّ خَطَّهُ كَانَ مَوْضُوعًا بِلَا أَصْلٍ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خَطَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ قَبْلَ يَمِينِهِ لَا بَعْدَهُ لِسَبْقِيَّةِ الْخَطِّ عَلَى الْحَلِفِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا بَعْدَ الْحَلِفِ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى النَّاظِرِ وَلَا عَلَى الْمَدِينِ فَدَعْوَاهُ أَنَّ خَطَّهُ مَوْضُوعٌ بِلَا أَصْلٍ وَتَكْذِيبُهُ لِلْوَثِيقَةِ إنَّمَا يَنْفَعُهُ فِي عَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ وَلَا يَنْفَعُهُ فِي أَخْذِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ وَلَا فِي أَخْذِ الْمَعْلُومِ مِنْ النَّاظِرِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ عج.

(قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ) كَمَا لَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَذَفَ فُلَانًا مَثَلًا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا قَذَفَهُ وَإِنَّ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ كَاذِبَةٌ فِي شَهَادَتِهَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يُحَدُّ فَلَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ قَذَفَهُ حَنِثَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ إلَخْ أَيْ أَوْ ثُبُوتِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا) أَيْ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِالْقَضَاءِ) أَيْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْفُتْيَا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَنَصُّهَا، فَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَعَلِمَ هُوَ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ هَلْ لَهُ الْمَقَامُ عَلَيْهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا يُحِلُّ الْمَقَامَ عَلَيْهِ يَجُوزُ الْفُتْيَا بِهِ بَلْ لَا طَرِيقَ لِمَعْرِفَتِهِ إلَّا مِنْهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمِثْلُ إقْرَارِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِهِ قَالَ عج مَا نَصُّهُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلَ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ فَعَلَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ فَعَلَ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَفِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ قَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا تُمَكِّنُهُ إلَخْ) ، فَإِنْ مَكَّنَتْهُ طَائِعَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِلشُّبْهَةِ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ لَمْ

ص: 400

وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا سَمِعَتْهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَالْمَدَارُ عَلَى عِلْمِهَا بَيْنُونَتَهَا (وَلَا تُزَيَّنُ) لَهُ (إلَّا كَرْهًا) بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ مُكْرَهَةً فِي التَّمْكِينِ وَالتَّزَيُّنِ فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لَهُمَا وَكَرْهًا اسْمُ مَصْدَرِ أَكْرَهَ وَمَصْدَرُهُ إكْرَاهًا فَأَطْلَقَ اسْمُ الْمَصْدَرِ وَأَرَادَ الْمَصْدَرَ أَيْ الْإِكْرَاهَ فَسَاوَى مُكْرَهَةً فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْكَرْهَ مَا قَامَ بِالْقَلْبِ مِنْ الْبُغْضِ فَالصَّوَابُ مُكْرَهَةٌ (وَلْتَفْتَدِ مِنْهُ) وُجُوبًا بِكُلِّ مَا أَمْكَنَهَا الِافْتِدَاءُ بِهِ لِتَتَخَلَّصَ مِنْ الزِّنَا (وَفِي جَوَازِ قَتْلِهَا لَهُ عِنْدَ مُحَاوَرَتِهَا) أَيْ طَلَبِ الْوَطْءِ مِنْهَا وَلَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ إذَا أَمْكَنَهَا ذَلِكَ وَعَلِمَتْ أَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ وَلَكِنْ لَا تُمَكِّنُهُ إلَّا إذَا خَافَتْ مِنْهُ الْقَتْلَ (قَوْلَانِ)

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ يُؤْمَرُ فِيهَا بِالْحِنْثِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ بِقَوْلِهِ (وَأُمِرَ) وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا (بِالْفِرَاقِ) مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ (فِي) تَعْلِيقِهِ عَلَى مَا لَمْ يُعْلَمْ صِدْقُهَا فِيهِ مِنْ عَدَمِهِ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ (إنْ كُنْت تُحِبِّينِي) أَوْ تُحِبِّي فِرَاقِي (أَوْ تَبْغُضِينِي) بِفَتْحِ التَّاءِ مِنْ بَغَضَ كَنَصَرَ (وَهَلْ) مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِلَا جَبْرٍ (مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَجَابَتْ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ أَمْ لَا لِاحْتِمَالِ كَذِبِهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ) .

وَمِثْلُهُ سُكُوتُهَا (أَوْ) الْأَمْرُ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ إلَّا أَنْ تُجِيبَ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ جَبْرًا وَفِي نُسْخَةٍ فَيُجْبَرُ فَإِنْ أَجَابَتْ بِمَا لَا يَقْتَضِيهِ أَوْ سَكَتَتْ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى هَذَا (تَأْوِيلَانِ وَفِيهَا مَا يَدُلُّ لَهُمَا) وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ كُنْت دَخَلْت الدَّارَ فَإِنْ قَالَتْ لَمْ أَدْخُلْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، وَإِنْ قَالَتْ دَخَلْت فَإِنْ صَدَّقَهَا جُبِرَ عَلَى الْفِرَاقِ بِالْقَضَاءِ وَإِنْ كَذَّبَهَا أُمِرَ بِفِرَاقِهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَسَوَاءٌ فِيهِمَا رَجَعَتْ لِتَصْدِيقِهِ أَوْ تَكْذِيبِهِ أَوْ لَمْ تَرْجِعْ (وَ) أُمِرَ (بِالْأَيْمَانِ) أَيْ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ (الْمَشْكُوكِ فِيهَا) مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، فَلَوْ حَلَفَ وَحَنِثَ وَشَكَّ هَلْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلْيُطَلِّقْ نِسَاءَهُ وَيُعْتِقْ رَقِيقَهُ وَيَمْشِ لِمَكَّةَ وَيَتَصَدَّقْ بِثُلُثِ مَالِهِ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَلَا يُؤْمَرُ) بِالْفِرَاقِ (إنْ)(شَكَّ هَلْ طَلَّقَ) أَيْ هَلْ حَصَلَ مِنْهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَفْعَلْ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي حَلَفَ بِهِ بَائِنًا وَقَوْلُهُ إذَا سَمِعَتْهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَيْ وَلَمْ تَسْمَعْ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ وَلَمْ تَسْمَعْ إقْرَارَهُ بِهِ وَإِلَّا حُكِمَ بِالتَّنْجِيزِ عَاجِلًا (قَوْلُهُ إلَّا كُرْهًا) وَالْإِكْرَاهُ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ سِجْنٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ، وَلَا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الزِّنَا لَا يُسَوِّغُ وَلَوْ خُوِّفَ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ مُخْتَصٌّ بِالزِّنَا بِمَنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ كَالْمُكْرَهَةِ وَذَاتِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ وَأَمَّا مَا فُقِدَ مِنْهُ ذَلِكَ فَيَقَعُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ) لَا يُقَالُ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ ذُو زَوْجَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُتَصَوَّرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْإِحْصَانَ إنَّمَا يَكُونُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَوَطِئَ فِيهِ وَطْئًا مُبَاحًا اهـ بْن (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِمُحَمَّدٍ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ قَائِلًا إنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَطْءِ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ بِوَجْهٍ وَبَعْدَهُ صَارَ حَدًّا وَالْحَدُّ لَيْسَ لَهَا إقَامَتُهُ وَأَجَابَ الْمُقْرِي فِي قَوَاعِدِهِ بِأَنَّ ابْنَ الْمَوَّازِ يَقُولُ بِقَتْلِهِ دِفَاعًا كَالْمُحَارِبِ وَالدَّفْعُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَتْلَ اهـ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا عَقِبَهُ قُلْت فَيَخْتَصُّ الْمَعْنَى إذًا بِمُدَافَعَتِهِ وَإِنْ أَدَّتْ إلَى قَتْلِهِ لَا قَصْدِ قَتْلِهِ أَوَّلًا وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ اهـ بْن

(قَوْلُهُ وُجُوبًا) أَيْ لَكِنْ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ لَمْ يُطِقْ كَانَ عَاصِيًا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَعِصْمَتُهُ بَاقِيَةٌ غَيْرُ مُنْحَلَّةٍ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْفِرَاقَ الْمَأْمُورَ بِهِ إنَّمَا يُوقِعُهُ بِلَفْظٍ آخَرَ يُنْشِئُهُ لَا أَنَّهُ يَقَعُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ إذْ لَوْ وَقَعَ الْفِرَاقُ بِهِ لَانْحَلَّتْ الْعِصْمَةُ بِهِ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِتَنْجِيزِ الْفِرَاقِ وَالْفَرْضُ بِخِلَافِهِ اهـ بْن، وَإِذَا فَارَقَ بِإِنْشَاءِ صِيغَةٍ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ وَاحِدَةٌ بِالصِّيغَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا وَوَاحِدَةٌ بِالتَّعْلِيقِ بَلْ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِمَا أَنْشَأَهُ مِنْ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّهَا تَنْحِيَةٌ لِلشَّكِّ الْحَاصِلِ قَالَهُ فِي المج.

(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْقَوْلُ بِالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ سُكُوتُهَا) أَيْ وَكَذَا قَوْلُهَا لَا أُحِبُّك وَلَا أَبْغَضُك (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُجِيبَ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُصَدِّقُهَا فِيمَا أَجَابَتْ بِهِ وَإِلَّا جُبِرَ عَلَى الطَّلَاقِ قَطْعًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا أَجَابَتْ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ إنْ كَذَّبَهَا فِي جَوَابِهَا، وَأَمَّا إذَا صَدَّقَهَا فِي جَوَابِهَا بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الطَّلَاقِ بِالْقَضَاءِ اتِّفَاقًا كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ ح وَغَيْرِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَيْ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْأَمْرِ بِالْأَيْمَانِ إلَّا الْأَمْرُ بِإِنْفَاذِهَا فَتَقْدِيرُ هَذَا الْمُضَافِ ظَاهِرٌ مِنْ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ وَالْمُحَاوَرَاتِ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ (قَوْلُهُ الْمَشْكُوكِ فِيهَا) أَيْ مَعَ تَحَقُّقِهِ يَمِينًا وَلَمْ يَدْرِ مَا هُوَ مِنْهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ حَلَفَ وَحَنِثَ إلَخْ) هَذَا لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ إلَى قَوْلِهِ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ فَهِمَ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ قَوْلَهَا يُؤْمَرُ عَلَى الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا أَرَادَ نَفْيَ الْجَبْرِ وَفَهِمَ شَيْخُنَا الْبُرْزُلِيُّ قَوْلَهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِقَرِينَةِ قَوْلِهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ اهـ نَقَلَهُ ح (قَوْلُهُ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ) أَيْ الطَّلَاقِ فَضْلًا عَنْ جَبْرِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ إلَخْ) وَأَمَّا إنْ ظَنَّ أَنَّهُ طَلَّقَ وَقَعَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ هَلْ طَلَّقَ أَيْ وَأَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ أُعْتِقُ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْحُرِّيَّةِ وَبُغْضِهِ لِلطَّلَاقِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْفُرُوجِ وَقَدْ أَتَوْا هُنَا عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ إلْغَاءِ الشَّكِّ فِي الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَانِعٌ مِنْ حِلِّيَّةٌ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ

ص: 401

مَا يُوجِبُ الطَّلَاقَ (أَمْ لَا) فَيَشْمَلُ شَكَّهُ هَلْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْ لَا وَشَكُّهُ هَلْ حَلَفَ وَحَنِثَ أَوْ لَا وَشَكُّهُ فِي حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ هَلْ فَعَلَهُ أَمْ لَا (إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ) فِي شَكِّهِ لِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ) مِنْ الْوَسْوَاسِ أَيْ غَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ الشَّكَّ (كَرُؤْيَةِ شَخْصٍ دَاخِلًا) فِي دَارٍ وَقَدْ كَانَ حَلَفَ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا لَا يَدْخُلُهَا (شَكَّ فِي كَوْنِهِ) زَيْدًا (الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ) أَوْ هُوَ غَيْرُهُ وَغَابَ عَنْهُ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ تَحْقِيقُهُ فَيُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ اتِّفَاقًا (وَهَلْ يُجْبَرُ) عَلَيْهِ وَيُنَجَّزُ أَوْ يُؤْمَرُ بِلَا جَبْرٍ (تَأْوِيلَانِ) فَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَالِمِ الْخَاطِرِ بِأَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

(وَإِنْ) طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِعَيْنِهَا وَ (شَكَّ أَهِنْدٌ هِيَ أَمْ غَيْرُهَا) طَلُقَتَا مَعًا نَاجِزًا (أَوْ قَالَ) لَهُمَا (إحْدَاكُمَا طَالِقٌ) وَلَوْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً أَوْ نَوَاهَا وَنَسِيَهَا طَلُقَتَا مَعًا وَكَذَا إنْ كُنَّ أَكْثَرَ وَقَالَ إحْدَاكُنَّ (أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ) ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى (بَلْ أَنْت)(طَلُقَتَا) مَعًا جَوَابٌ عَنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ (وَإِنْ)(قَالَ) لِإِحْدَاهُمَا أَنْت طَالِقٌ وَلِلْأُخْرَى (أَوْ أَنْت) وَلَا نِيَّةَ لَهُ (خُيِّرَ) فِي طَلَاقِ أَيَّتِهِمَا أَحَبَّ فَإِنْ نَوَى طَلَاقَ وَاحِدَةٍ أَوْ طَلَاقَهُمَا طَلُقَتْ مَنْ نَوَى طَلَاقَهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

وُجُودُهُ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ لِسُهُولَةِ الْأَمْرِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ مَا يُوجِبُ الطَّلَاقَ) أَيْ حَلَّ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَاصِرًا عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَشَكُّهُ فِي حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَشَكُّهُ هَلْ فَعَلَهُ أَوْ لَا كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا وَشَكَّ هَلْ كَلَّمَهُ أَمْ لَا، فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ عَلَى طَرِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ إنْ كَانَ شَكُّهُ لِسَبَبٍ قَائِمٍ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ وَعَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيُّ عَدَمَ الْحِنْثِ وَأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ لَا بِفُتْيَا وَلَا بِقَضَاءٍ مِثْلُ مَا إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ سَالِمُ الْخَاطِرِ أَيْ الْقَلْبِ فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْحَالِّ وَإِرَادَةِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ دَاخِلًا) حَالٌ مِنْ شَخْصٍ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَخَصَّصَتْ بِالصِّفَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ شَكَّ إلَخْ فَإِنَّهُ صِفَةٌ لِشَخْصٍ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ.

(قَوْلُهُ وَغَابَ عَنْهُ) أَيْ غَابَ ذَلِكَ الدَّاخِلُ عَنْ الْحَالِفِ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ لِاسْتِنَادِهِ فِي شَكِّهِ لِمُوجِبٍ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ مَعَ الْأَمْرِ بِهِ وَقَوْلُهُ وَيُنَجَّزُ أَيْ إذَا أَبَى (قَوْلُهُ أَوْ يُؤْمَرُ) أَيْ بِإِنْشَائِهِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) أَيْ لِأَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ

(قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ أَهِنْدٌ هِيَ) أَيْ الْمُوقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ أَمْ غَيْرُهَا أَيْ بِأَنْ قَالَ: هِنْدٌ طَالِقٌ ثُمَّ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ هِنْدًا أَوْ غَيْرَهَا أَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهِنْدٌ طَالِقٌ وَدَخَلَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ حَلَفَ بِطَلَاقِ هِنْدٍ أَوْ غَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ طَلُقَتَا مَعًا نَاجِزًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ إمْهَالٍ وَقِيلَ يُمْهَلُ لِيَتَذَكَّرَ، فَإِنْ ذَكَرَهَا لَمْ يُطَلِّقْ غَيْرَهَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي طَلَاقِهَا إلَى اسْتِئْنَافِ طَلَاقٍ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت: فَإِنْ تَذَكَّرَ عَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِغَيْرِ مَنْ ذَكَرَ عَيْنَهَا وَيَكُونُ فَوَّتَ هَذِهِ الْغَيْرَ كَامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ اهـ بْن وَقَوْلُهُ طَلُقَتَا مَعًا أَيْ كَالْتِبَاسِ الْمُذَكَّى بِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ كُلٌّ بِيَدِ شَخْصٍ وَجَزَمَ كُلُّ وَاحِدٍ بِذَكَاةِ مَا بِيَدِهِ أَكَلَاهُمَا مِنْ بَابِ مَسْأَلَةِ الْغُرَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى النَّقِيضِ فِيهَا، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ رَأَى إحْدَاهُنَّ مُشْرِفَةً مِنْ طَاقَةٍ فَقَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَصَوَاحِبُك طَوَالِقُ فَرَدَّتْ رَأْسَهَا وَلَمْ يَعْرِفْهَا بِعَيْنِهَا وَأَنْكَرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُشْرِفَةَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلَاقُ الْأَرْبَعِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالصَّوَابُ مَا أَفْتَى بِهِ تِلْمِيذُهُ الْأَبِيُّ أَنَّ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ وَاحِدَةً وَيَلْزَمُهُ طَلَاقُ مَا عَدَاهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الَّتِي أَمْسَكَهَا هِيَ الْمُشْرِفَةَ فَقَدْ طَلَّقَ صَوَاحِبَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْمُشْرِفَةُ إحْدَى الثَّلَاثِ اللَّاتِي طَلَّقَهُنَّ فَلَا حِنْثَ فِي الَّتِي تَحْتَهُ كَذَا فِي ح أَمَّا لَوْ قَالَ: الْمُشْرِفَةُ طَالِقٌ وَجُهِلَتْ طَلَّقَ الْأَرْبَعَ قَطْعًا كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً أَوْ نَوَاهَا وَنَسِيَهَا طَلُقَتَا مَعًا) أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَبِاتِّفَاقٍ يَلْزَمُهُ طَلَاقُ الْجَمِيعِ وَأَمَّا فِي الْأُولَى وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً فَطَلَاقُ الْجَمِيعِ هُوَ قَوْلُ الْمِصْرِيِّينَ وَرِوَايَتُهُمْ، وَقَالَ الْمَدَنِيُّونَ يَخْتَارُ وَاحِدَةً لِلطَّلَاقِ كَالْعِتْقِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَرِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ شُذُوذٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْعِتْقَ كَالطَّلَاقِ، وَأَمَّا إذَا نَوَى مُعَيَّنَةً وَنَسِيَهَا فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ يَتَّفِقُ فِيهَا الْمِصْرِيُّونَ وَالْمَدَنِيُّونَ عَلَى طَلَاقِ الْجَمِيعِ، وَكَذَلِكَ فِي الْعِتْقِ إذَا قَالَ: أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ وَنَوَى وَاحِدًا ثُمَّ نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَتَّفِقُ عَلَى عِتْقِ جَمِيعِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ نَوَاهَا وَنَسِيَهَا) وَأَمَّا إذَا نَوَى وَاحِدَةً وَلَمْ يَنْسَهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى بِغَيْرِ يَمِينٍ مُطْلَقًا، وَكَذَا فِي الْقَضَاءِ إنْ نَوَى الشَّابَّةَ أَوْ الْجَمِيلَةَ أَوْ مَنْ يَعْلَمُ مَيْلَهُ لَهَا وَإِلَّا فَبِيَمِينٍ.

(قَوْلُهُ جَوَابٌ عَنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ) أَيْ وَلَا يَكُونُ إضْرَابُهُ فِي الْأَخِيرَةِ عَنْ الْأُولَى رَافِعًا لِطَلَاقِهَا (قَوْلُهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ فِي طَلَاقِ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ خَيْرٌ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَكَانَ قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ نَسَقًا وَإِلَّا طَلُقَتْ الْأُولَى قَطْعًا وَالثَّانِيَةُ بِإِرَادَتِهِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِضْرَابَ وَإِلَّا طَلُقَتَا كَمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يُحْدِثْ نِيَّةَ التَّخْيِيرِ بَعْدَ تَمَامِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَإِلَّا طَلُقَتْ الْأُولَى خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ

ص: 402

(وَ) إنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ (لَا أَنْت)(طَلُقَتْ الْأُولَى) خَاصَّةً (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِأَوْ أَوْ بِلَا (الْإِضْرَابَ) عَنْ الْأُولَى وَإِثْبَاتَهُ لِلثَّانِيَةِ فَيُطَلَّقَانِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ أَوْ تَأْتِي لِلْإِضْرَابِ كَبَلْ وَمَعْنَى الْإِضْرَابِ فِي لَا أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَ الْأُولَى رَفَعَهُ عَنْهَا بِلَا وَأَوْقَعَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ عَنْ الْأُولَى بَعْدَ وُقُوعِهِ

(وَإِنْ)(شَكَّ) بَعْدَ تَحَقُّقِ الطَّلَاقِ (أَطَلَّقَ) زَوْجَتَهُ طَلْقَةً (وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا)(لَمْ تَحِلَّ) لَهُ (إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ ثَلَاثًا (وَصُدِّقَ إنْ ذَكَرَ) أَنَّ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ الثَّلَاثِ وَارْتَجَعَ (فِي الْعِدَّةِ) بِلَا عَقْدٍ وَبَعْدَهَا بِعَقْدٍ بِلَا يَمِينٍ فِيهِمَا

(ثُمَّ إنْ)(تَزَوَّجَهَا) بَعْدَ زَوْجٍ (وَطَلَّقَهَا) طَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ (فَكَذَلِكَ) لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ اثْنَتَيْنِ وَهَذِهِ ثَالِثَةٌ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ وَاحِدَةً وَهَاتَانِ اثْنَتَانِ مُحَقَّقَتَانِ ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا ثَالِثَةً بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ ثَلَاثًا وَقَدْ تَحَقَّقَ بَعْدَهَا ثَلَاثٌ وَهَكَذَا لِغَيْرِ نِهَايَةٍ (إلَّا أَنْ يَبُتَّ) طَلَاقَهَا كَأَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ طَلَاقِي عَلَيْك ثَلَاثًا فَقَدْ أَوْقَعْت عَلَيْك تَكْمِلَةَ الثَّلَاثِ فَيَقْطَعُ الدَّوْرَ وَتَحِلُّ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الدُّولَابِيَّةَ لِدَوَرَانِ الشَّكِّ فِيهَا

(وَإِنْ حَلَفَ صَانِعُ طَعَامٍ) مَثَلًا (عَلَى غَيْرِهِ) بِالطَّلَاقِ مَثَلًا (لَا بُدَّ أَنْ تَدْخُلَ) لِتَأْكُلَ مِنْ الطَّعَامِ (فَحَلَفَ الْآخَرُ لَا دَخَلْتُ حُنِّثَ الْأَوَّلُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

رَفَعَ الطَّلَاقَ عَنْهَا بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَا تَطْلُقُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ طَلَاقَهَا عَلَى خِيَارٍ وَهُوَ لَا يَخْتَارُ طَلَاقَهَا لَمَّا طَلُقَتْ الْأُولَى قَالَهُ اللَّخْمِيُّ

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ وَإِنْ قَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ لِلْأُخْرَى لَا أَنْتِ وَقَوْلُهُ طَلُقَتْ الْأُولَى خَاصَّةً؛ أَيْ لِأَنَّهُ نَفَى الطَّلَاقَ عَنْ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِأَوْ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِلَا أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهُ الْإِضْرَابَ قَالَ خش وَانْظُرْ إذَا قَالَ: أَرَدْت بِالْإِضْرَابِ بَقَاءَ الْأُولَى فِي عِصْمَتِي فَهَلْ يَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ مُطْلَقًا قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَعْمَلَ بِهَا فِي الْفَتْوَى وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَلَا يَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: قَصَدْت الْإِضْرَابَ فَكَأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِطَلَاقِهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ فَيُطَلَّقَانِ) أَيْ؛ لِأَنَّ إضْرَابَهُ عَنْ الْأُولَى لَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ عَنْهَا (قَوْلُهُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ فَإِنَّهُمَا يُطَلَّقَانِ مَعًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ إذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ لَا أَنْت إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ فَيُطَلَّقَانِ مَعًا

(قَوْلُهُ وَارْتَجَعَ فِي الْعِدَّةِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الْعِدَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ إنْ ذُكِرَ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَهَا لَا يُصَدَّقُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبَعْدَهَا) أَيْ وَارْتَجَعَ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ فِيهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِصُدِّقَ وَضَمِيرُ فِيهِمَا لِلْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا أَيْ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ سَوَاءٌ تَذَكَّرَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا

(قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا) أَيْ ثُمَّ إنْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا) أَيْ ثَانِي مَرَّةٍ.

(قَوْلُهُ وَهَكَذَا لِغَيْرِ نِهَايَةٍ) فَإِذَا تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا رَابِعًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ابْتِدَاءَ اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ مِنْ الْأَرْبَعِ تَمَامُ الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْبَاقِي عِصْمَةٌ ثَانِيَةٌ قَدْ تَمَّتْ، ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا خَامِسًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ابْتِدَاءَ وَاحِدَةٍ فَاثْنَتَانِ تَمَامُ الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْبَاقِي عِصْمَةٌ ثَانِيَةٌ قَدْ تَمَّتْ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ وَطَلَّقَهَا سَادِسًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ثَلَاثًا وَالسِّتَّةُ بَعْدَهُ عِصْمَتَانِ تَامَّتَانِ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا سَابِعًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ابْتِدَاءَ اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ مُكَمِّلَةٌ لِلْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْبَاقِي عِصْمَتَانِ قَدْ تَمَّتَا ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا ثَامِنًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ وَاحِدَةً فَاثْنَتَانِ تَكْمِلَةُ الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالسِّتَّة الْبَاقِيَة عِصْمَتَانِ وَإِنَّ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا تَاسِعًا فَلَا تَحِلّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ثَلَاثًا، وَهَكَذَا كُلُّ ثَلَاثَةِ أَزْوَاجٍ دَوْرٌ لِأَوَّلِهِمْ سَبْقُ اثْنَتَيْنِ وَلِثَانِيهِمْ سَبْقُ وَاحِدَةٍ وَلِثَالِثِهِمْ سَبْقُ ثَلَاثَةٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ اطِّرَادِ الدَّوَرَانِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ كُلِّ زَوْجٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ أَطْلَقَ وَبَيَانُ ذَلِكَ إذَا طَلَّقَهَا فِي الثَّانِيَةِ طَلْقَتَيْنِ وَفِي الثَّالِثَةِ طَلْقَةً وَفِي الرَّابِعَةِ طَلْقَةً، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ ثَلَاثٌ فَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ أَوْلَى مِنْ عِصْمَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ اثْنَتَانِ فَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ ثَانِيَةٌ مِنْ عِصْمَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ وَتُضَمُّ الِاثْنَانِ لِلِاثْنَيْنِ الْأَوَّلُ يَصِيرُ الْأَمْرُ فِيهِ كَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَرْبَعًا فَتُلْغَى وَاحِدَةٌ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ وَاحِدَةٌ فَالْأَخِيرَةُ ثَانِيَةٌ مِنْ عِصْمَةٍ أَيْضًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ يُلْغَى وَيَصِيرُ الْأَمْرُ فِيهِ كَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَرْبَعًا وَقَدْ ظَهَرَ لَك بِهَذَا عَدَمُ اطِّرَادِ الدَّوَرَانِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَدَدِ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ صَانِعُ طَعَامٍ مَثَلًا) أَيْ فَقَوْلُهُ طَعَامٍ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ بَلْ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنْ يَرْكَبَ أَوْ يَقْرَأَ أَوْ يُسَافِرَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَحَلَفَ الْآخَرُ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ فَإِذَا تَنَازَعَا حُنِّثَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ فَحَلَفَ الْآخَرُ) الْأَوْلَى فَحَلَفَ الْآخَرُ بِالْوَاوِ لِيُصَدَّقَ بِحَلِفِ الْآخَرِ قَبْلَ حَلِفِ صَانِعِ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ وَلَعَلَّهُ نَبَّهَ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (قَوْلُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) أَيْ وَتَشْدِيدِ

ص: 403

أَيْ قُضِيَ بِتَحْنِيثِهِ لِحَلِفِهِ عَلَى مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ يَمْلِكُهُ إنْ لَمْ يَحْنَثْ الثَّانِي نَفْسُهُ بِالدُّخُولِ طَوْعًا وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدُّخُولِ لَمْ يُحَنَّثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا

(وَإِنْ) عَلَّقَ الطَّلَاقَ مَثَلًا عَلَى مَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ وَيُسَمَّى تَعْلِيقَ التَّعْلِيقِ كَأَنْ (قَالَ إنْ كَلَّمْت) زَيْدًا (إنْ دَخَلْت) الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ (لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِهِمَا) مَعًا فَعَلَتْ الْأَمْرَيْنِ عَلَى تَرْتِيبِهِمَا فِي التَّعْلِيقِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَسَائِلِ التَّعْلِيقِ شَرَعَ فِيمَا تُلَفَّقُ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَمَا لَا تُلَفَّقُ مِنْ إنْشَاءٍ أَوْ تَعْلِيقٍ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّلْفِيقَ يَكُونُ فِي الْأَقْوَالِ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ إذَا اتَّفَقَ مَعْنَى الْقَوْلِ وَفِي الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ لَا فِي الْمُخْتَلِفِ مِنْهُ وَلَا فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ فَأَشَارَ إلَى تَلْفِيقِ الْقَوْلَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ شَهِدَ) عَلَيْهِ (شَاهِدٌ بِحَرَامٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ لَهَا أَنْت حَرَامٌ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حَرَامٌ (وَ) شَهِدَ عَلَيْهِ (آخَرُ بِبَتَّةٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ بَتَّةٌ أَوْ طَالِقٌ بِالثَّلَاثِ لُفِّقَتْ شَهَادَتُهُمَا وَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى عَلَى الْبَيْنُونَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي اللَّفْظِ.

وَكَذَا إنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْأَيْمَانِ تَلْزَمُنِي وَالْآخَرُ بِالْحَلَالِ عَلَيَّ حَرَامٌ (أَوْ) شَهِدَ أَحَدُهُمَا (بِتَعْلِيقِهِ عَلَى دُخُولِ دَارٍ) مَثَلًا (فِي رَمَضَانَ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعْلِيقِهِ أَيْ بِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ فِي رَمَضَانَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ (وَ) شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ عَلَّقَهُ فِي (ذِي الْحِجَّةِ) وَثَبَتَ الدُّخُولُ بِهِمَا أَوْ بِغَيْرِهِمَا أَوْ بِإِقْرَارِهِ لُفِّقَتْ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِقَوْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ التَّعْلِيقُ وَإِنْ اخْتَلَفَ زَمَنُهُ (أَوْ) شَهِدَا (بِدُخُولِهَا) أَيْ الدَّارَ (فِيهِمَا) أَيْ فِي رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ أَيْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ دَخَلَهَا فِي رَمَضَانَ وَالْآخَرُ أَنَّهُ دَخَلَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ مَعَ ثُبُوتِ التَّعْلِيقِ الْوَاقِعِ مِنْهُ قَبْلَ رَمَضَانَ لُفِّقَتْ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ فِعْلُ حَدٍّ وَإِنْ اخْتَلَفَ زَمَنُهُ (أَوْ) شَهِدَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ حَلِفِهِ لَا كَلَّمَ زَيْدًا (بِكَلَامِهِ)(لَهُ فِي السُّوقِ) وَآخَرُ بِكَلَامِهِ لَهُ فِي (الْمَسْجِدِ) لُفِّقَتْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَكَانُهُ.

(أَوْ) شَهِدَ أَحَدُهُمَا (بِأَنْ طَلَّقَ يَوْمًا بِمِصْرَ) فِي رَمَضَانَ مَثَلًا (وَ) شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا (يَوْمًا بِمَكَّةَ) فِي ذِي الْحِجَّةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ يُمْكِنُ عَادَةً أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ فِيهَا بِمِصْرَ وَبِمَكَّةَ كَمَا مَثَّلْنَا أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا فَهُوَ تَكَاذُبٌ وَسَقَطَتْ الشَّهَادَةُ وَقَوْلُهُ (لُفِّقَتْ) جَوَابُ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ وَشَبَّهَ فِي التَّلْفِيقِ قَوْلَهُ (كَشَاهِدٍ بِوَاحِدَةٍ) أَيْ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ (وَ) شَاهِدٌ (آخَرُ بِأَزْيَدَ) مِنْ طَلْقَةٍ لُفِّقَتْ فِي الْوَاحِدَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

النُّونِ لَا بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَوْ أَطَاعَ الثَّانِيَ بِالدُّخُولِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ قُضِيَ بِتَحْنِيثِهِ) أَيْ حَكَمَ الْقَاضِي بِتَحْنِيثِهِ وَوُقُوعِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُلِ (قَوْلُهُ لِحَلِفِهِ عَلَى مَا لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ وَهُوَ فِعْلُ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ يَمْلِكُهُ أَيْ وَهُوَ فِعْلُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ حَنِثَ الثَّانِي نَفْسُهُ بِالدُّخُولِ طَوْعًا فَلَا حِنْثَ عَلَى الْأَوَّلِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بَهْرَامُ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ يَحْنَثُ، وَلَوْ دَخَلَ الثَّانِي وَاسْتَظْهَرَهُ تت فِي كَبِيرِهِ قَالَ طفي وَنُصُوصُ الْمَذْهَبِ مُصَرِّحَةٌ بِخِلَافِهِ وَمُطْبِقَةٌ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ عِنْدَ الْفِعْلِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى الدُّخُولِ وَقَدْ حَصَلَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ دُخُولَهُ مُكْرَهًا إلَّا أَنْ يَأْمُرَ الثَّانِي غَيْرَهُ بِإِكْرَاهِهِ عَلَى الدُّخُولِ أَوْ يَكُونَ يَمِينُهُ لَا أَدْخُلُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا وَإِلَّا حَنِثَ بِالْإِكْرَاهِ وَإِنْ كَانَ الصَّانِعُ يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى الدُّخُولِ وَقَدْ حَصَلَ

(قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِهِمَا مَعًا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ لَا تَوَقَّفَ الطَّلَاقُ عَلَى تَكْلِيمِ زَيْدٍ وَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ لَا تَوَقَّفَ الطَّلَاقُ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ فَلَا يَحْصُلُ الْحِنْثُ إلَّا بِمَجْمُوعِهِمَا (قَوْلُهُ فَعَلْت الْأَمْرَيْنِ عَلَى تَرْتِيبِهِمَا فِي التَّعْلِيقِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْجَوَابَ وَهُوَ قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِلثَّانِي وَالثَّانِي وَجَوَابُهُ جَوَابًا لِلْأَوَّلِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِلْأَوَّلِ وَالْمَجْمُوعُ دَلِيلُ جَوَابِ الثَّانِي وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالِاثْنَيْنِ احْتِيَاطًا تَقَدَّمَ هَذَا عَلَى هَذَا أَوْ بِالْعَكْسِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا فَعَلَهُمَا عَلَى عَكْسِ التَّرْتِيبِ فِي التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ جَوَابٌ فِي الْمَعْنَى عَنْ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ فِي النِّيَّةِ إلَى جَانِبِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَجْمُوعُ دَلِيلَ جَوَابِ الثَّانِي فَيَكُونُ فِي النِّيَّةِ بَعْدَهُ فَمُحَصَّلُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الطَّلَاقَ مُعَلَّقًا عَلَى الْكَلَامِ وَجَعَلَ الطَّلَاقَ بِالْكَلَامِ مُعَلَّقًا عَلَى الدُّخُولِ فَلَا بُدَّ فِي الطَّلَاقِ بِالْكَلَامِ مِنْ حُصُولِ الدُّخُولِ أَوَّلًا ثُمَّ إنَّ هَذَا أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِهِمَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي بَابِ الْيَمِينِ مِنْ التَّحْنِيثِ بِفِعْلِ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ تَعْلِيقُ وَاحِدٍ وَمَا هُنَا فِيهِ تَعْلِيقُ التَّعْلِيقِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعَلَّقَ لَا يُوجَدُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ هُنَا تَوَقُّفَ الطَّلَاقِ عَلَى مَجْمُوعِهِمَا

(قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِحَرَامٍ وَآخَرُ بِبَتَّةِ) أَيْ وَلَمْ يَذْكُرَا زَمَانًا وَلَا مَكَانًا (قَوْلُهُ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى عَلَى الْبَيْنُونَةِ) لَا يُقَالُ أَلْبَتَّةَ لَا يَنْوِي فِيهَا مُطْلَقًا وَأَنْتِ حَرَامٌ يَنْوِي فِيهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَأَيْنَ الِاتِّفَاقُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مُنْكِرٌ فَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ تَنْوِيَةٌ (قَوْلُهُ وَثَبَتَ الدُّخُولُ) أَيْ بَعْدَ ذِي الْحِجَّةِ (قَوْلُهُ مَعَ ثُبُوتِ إلَخْ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةِ غَيْرِ الشَّاهِدَيْنِ بِالدُّخُولِ أَوْ بِهِمَا (قَوْلُهُ وَسَقَطَتْ الشَّهَادَةُ) أَيْ وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لُفِّقَتْ سَوَاءٌ

ص: 404