المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل موانع الحج والعمرة بعد الإحرام] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٢

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[سُنَن الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُحَرِّمَ بِالْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌(بَابُ الذَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ الْمُبَاحِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمُحَرَّمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمَكْرُوهُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابٌ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌ الْعَقِيقَةِ وَحُكْمِهَا

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمِين وَشَرَائِطه]

- ‌[كَفَّارَة الْيَمِين]

- ‌(فَصْلٌ) فِي النَّذْرِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[بَابٌ الْجِهَادَ]

- ‌(فَصْلٌ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ

- ‌[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ]

- ‌[بَاب بَعْضُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ مِنْ الْأَحْكَامِ]

- ‌(بَابٌ) فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[أَقْسَام النِّكَاح الْفَاسِد]

- ‌[الْكِفَاءَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَوَانِعِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصَلِّ خِيَار أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا وَالْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ]

- ‌ مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْل وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فِرَاقهُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ

- ‌[الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلِ فِي شُرُوط الصَّدَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم تَنَازُع الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاح وَالصَّدَاق أَوْ مَتَاع الْبَيْت وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ]

- ‌[فَصَلِّ الْوَلِيمَة]

- ‌[فَصَلِّ الْقَسْم بَيْن الزَّوْجَات فِي الْمَبِيت]

- ‌ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَلَام عَلَى الْخُلْعِ]

- ‌(فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ)

- ‌[فَصَلِّ أَرْكَان الطَّلَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ)

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[بَاب الظِّهَار وَأَرْكَانَهُ وَكَفَّارَتَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[كِنَايَات الظِّهَار]

- ‌[بَاب اللِّعَان وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌ أَسْبَابُ اللِّعَانِ

- ‌[عدة الْحُرَّة]

- ‌(فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌بَابِ تَدَاخُلِ الْعَدَدِ

- ‌[بَاب أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب أَسْبَابَ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّفَقَةِ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةُ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَضَانَةِ]

الفصل: ‌[فصل موانع الحج والعمرة بعد الإحرام]

دَرْسٌ (فَصْلٌ) فِي ذِكْرِ مَوَانِعِ الْحَجِّ ذِكْرُ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَيُقَالُ لِلْمَمْنُوعِ مَحْصُورٌ، وَلَمَّا كَانَ الْحَصْرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ عَنْ الْبَيْتِ، وَعَرَفَةَ مَعًا، وَعَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ، وَعَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ مِنْهَا مُصَدِّرًا بِوَاوِ الِاسْتِئْنَافِ فَقَالَ (وَإِنْ)(مَنَعَهُ) أَيْ الْمُحْرِمَ (عَدُوٌّ) كَافِرٌ (أَوْ فِتْنَةٌ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَالْوَاقِعَةِ بَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجِ (أَوْ حَبْسٌ لَا بِحَقٍّ) بَلْ ظُلْمًا كَثُبُوتِ عُسْرِهِ فَخَرَجَ حَبْسُهُ بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ عُسْرِهِ (بِحَجٍّ) أَيْ فِيهِ (أَوْ عُمْرَةٍ فَلَهُ التَّحَلُّلُ) بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ لَهُ مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ لِقَابِلٍ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَمْ لَا (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) حِينَ إحْرَامِهِ (بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَدُوِّ، وَمَا بَعْدَهُ فَإِنْ عَلِمَ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنَعَهُ (وَأَيِسَ) وَقْتَ حُصُولِ مَنْعٍ (مِنْ زَوَالِهِ) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ لَا إنْ شَكَّ (قَبْلَ فَوْتِهِ) أَيْ الْحَجِّ (وَلَا دَمَ) عَلَيْهِ لِمَا فَاتَهُ مِنْ الْحَجِّ بِحَصْرِ الْعَدُوِّ عَلَى الْمَشْهُورِ (بِنَحْرِ هَدْيِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَلَهُ التَّحَلُّلُ أَيْ يَتَحَلَّلُ بِنَحْرِ هَدْيِهِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ بِأَنْ سَاقَهُ عَنْ شَيْءٍ مَضَى أَوْ تَطَوُّعًا فِي أَيِّ مَكَان إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ (وَحَلْقِهِ) رَأْسَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

[فَصْلٌ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ]

فَصْلٌ: فِي ذِكْرِ مَوَانِعِ الْحَجِّ) (قَوْلُهُ: أَوْ حَبْسٌ) يَصِحُّ كَوْنُهُ مَصْدَرًا عَطْفًا عَلَى عَدُوٍّ، وَكَوْنُهُ فِعْلًا مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ عَطْفًا عَلَى مَنْعِهِ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ حَبْسُهُ بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ عُسْرِهِ) أَيْ فَهُوَ كَالْمَنْعِ لِمَرَضٍ فَلَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْحَبْسِ بِحَقٍّ ظَاهِرُ الْحَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى إنَّهُ إذَا حُبِسَ لِتُهْمَةٍ ظَاهِرَةٍ فَهُوَ كَالْمَرَضِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ بَرِيءٌ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ كَمَا نَقَلَهُ ح قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَفِيهِ عِنْدِي نَظَرٌ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُحَالَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ وَالْإِحْرَامَ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُ الطِّرَازِ يُوَافِقُهُ. اهـ. بْن، وَذَكَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ الرِّيحَ إذَا تَعَذَّرَ عَلَى أَصْحَابِ السُّفُنِ لَا يَكُونُ تَعَذُّرُهُ كَحَصْرِ الْعَدُوِّ بَلْ هُوَ مِثْلُ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْخُرُوجِ لِلْبَرِّ فَيَمْشُونَ (قَوْلُهُ: أَيْ فِيهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي؛ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ مُتَلَبِّسًا بِذَلِكَ وَالْأَوْلَى جَعْلُهَا بِمَعْنَى عَنْ مُتَعَلِّقَةً بِمَنْعِهِ أَيْ أَنَّ مَنْعَهُ مَا ذُكِرَ عَنْ إتْمَامِ حَجٍّ بِأَنْ أُحْصِرَ عَنْ الْوُقُوفِ وَالْبَيْتِ مَعًا أَوْ عَنْ إكْمَالِ عُمْرَةٍ بِأَنْ أَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ أَوْ السَّعْيِ، وَقَوْلُهُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ أَيْ بِالنِّيَّةِ مِمَّا هُوَ مُحْرِمٌ بِهِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ، قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ لَا دَخَلَهَا أَوْ لَا، وَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ أَيْضًا إلَّا أَنَّ تَحَلَّلَهُ أَفْضَلُ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِنَحْرِ الْهَدْيِ وَالْحَلْقِ (قَوْلُهُ: قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا) مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ التَّحَلُّلِ عَلَى الْبَقَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ مُطْلَقًا قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ لَا دَخَلَهَا أَوْ لَا؛ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا قَوْلُ خش: وَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ إنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ، وَيُكْرَهُ لَهُ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا فَغَيْرُ صَوَابٍ غَرَّهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي مَعَ أَنَّ مَا يَأْتِي إنَّمَا هُوَ فِي الَّذِي لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَجَازَ لَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ إنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ لِمَشَقَّةِ السَّيْرِ لِلْعُمْرَةِ، وَأَمَّا هَذَا فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ) أَيْ، وَيَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يَحُجَّ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنَعَهُ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ حِينَئِذٍ بِالنِّيَّةِ كَمَا وَقَعَ لَهُ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ» عَالِمًا بِالْعَدُوِّ ظَانًّا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنَعَهُ فَلَمَّا مَنَعَهُ تَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَفْهُومُهُ تَفْصِيلٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمَنْعَ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْحَجِّ، وَالْحَالُ أَنَّ إحْرَامَهُ بِوَقْتٍ يُدْرِكُ فِيهِ الْحَجَّ لَوْلَا الْحَصْرُ، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِوَقْتٍ لَا يُدْرَكُ فِيهِ الْحَجُّ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ، وَإِنْ أُحْصِرَ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى الْبَقَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ، وَقَوْلُهُ: وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ هَذَا خَاصٌّ بِالْحَجِّ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَالْمَدَارُ فِي التَّحَلُّلِ مِنْهَا عَلَى ظَنِّ حُصُولِ الضَّرَرِ لَهُ إذَا بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ لِزَوَالِ الْحَصْرِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ شَكَّ) أَيْ فِي أَنَّ ذَلِكَ الْمَنْعَ يَزُولُ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ أَوْ بَعْدَ فَوَاتِهِ أَيْ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ مَانِعٌ تَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ إذَا شَكَّ فِي زَوَالِ الْمَانِعِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا بِشَرْطِ الْإِحْلَالِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ فَوْتِهِ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فَلَهُ التَّحَلُّلُ رَدًّا لِقَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ التَّحَلُّلَ لَا يَكُونُ إلَّا يَوْمَ النَّحْرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِزَوَالِهِ، وَعَلَيْهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحِلُّ إذَا أَيِسَ مِنْ زَوَالِ الْمَانِعِ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَوْ زَالَ الْمَانِعُ لَأَدْرَكَ فِيهِ الْحَجَّ، وَهُوَ ظَاهِرُ أَوَّلِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَسَنَدٌ مَا فِي آخِرِ كَلَامِهَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَكُونَ فِي زَمَنٍ يُخْشَى فِيهِ فَوَاتُ الْحَجِّ، وَقَالَا إنَّ كَلَامَهَا الثَّانِيَ مُفَسِّرٌ لِكَلَامِهَا الْأَوَّلِ قَالَ ح إذَا عُلِمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ، وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَيْلَةِ النَّحْرِ زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ السَّيْرُ لَوْ زَالَ الْعُذْرُ. اهـ.

بْن (قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ بِوُجُوبِ الْهَدْيِ وَاسْتَدَلَّ بِآيَةٍ {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] وَأُجِيبُ عَنْ دَلِيلِهِ بِأَنَّ الْهَدْيَ فِي الْآيَةِ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْحَصْرِ، وَإِنَّمَا

ص: 93

وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ بَلْ هِيَ كَافِيَةٌ (وَلَا دَمَ) عَلَيْهِ (إنْ أَخَّرَهُ) أَيْ التَّحَلُّلَ أَوْ تَحَلَّلَ وَأَخَّرَ الْحَلْقَ لِبَلَدِهِ إذْ الْقَصْدُ بِهِ التَّحَلُّلُ لَا النُّسُكُ.

(وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُحْصَرُ مُطْلَقًا لَا خُصُوصَ الْمُحْصَرِ عَنْ عَرَفَةَ وَالْبَيْتِ مَعًا فَقَطْ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (طَرِيقٌ مَخُوفٌ) عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ بِخِلَافِ الْمَأْمُونَةِ فَيَلْزَمُهُ سُلُوكُهَا، وَإِنْ بَعُدَتْ إنْ كَانَ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْحَجِّ، وَلَمْ تَعْظُمْ مَشَقَّتُهَا (وَكُرِهَ) لِمَنْ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَهُوَ الَّذِي تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ، وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ (إبْقَاءُ إحْرَامِهِ) بِالْحَجِّ لِقَابِلٍ مِنْ غَيْرِ تَحَلُّلٍ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا) فَالْوَجْهُ أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا إلَى مَنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ وَأَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِلَا فِعْلِ عُمْرَةٍ، وَهُوَ الْمَحْصُورُ عَنْهُمَا الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ فَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّحَلُّلَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا أَمْ لَا (وَلَا يَتَحَلَّلُ) بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (إنْ) اسْتَمَرَّ عَلَى إحْرَامِهِ مُرْتَكِبًا لِلْمَكْرُوهِ حَتَّى (دَخَلَ وَقْتُهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ لِيَسَارَةِ مَا بَقِيَ (، وَإِلَّا) بِأَنْ خَالَفَ، وَتَحَلَّلَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ، وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ (فَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (يَمْضِي) تَحَلُّلُهُ (، وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ) فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَحَلُّلِهِ بِتَمَتُّعِهِ، وَأَوَّلُهَا يَمْضِي وَبِئْسَمَا صَنَعَ، وَلَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَهَذَا مِنْ حَجٍّ إلَى حَجٍّ أَيْ؛ لِأَنَّ عُمْرَتَهُ كَلَا عُمْرَةٍ إذْ شَرْطُهَا الْإِحْرَامُ، وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا وَثَانِيهَا لَا يَمْضِي، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالْإِنْشَاءِ.

(وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُحْصَرِ الَّذِي تَحَلَّلَ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ أَوْ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (الْفَرْضُ) الْمُتَعَلِّقُ بِذِمَّتِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

سَاقَهُ بَعْضُهُمْ تَطَوُّعًا فَأُمِرُوا بِذَبْحِهِ فَلَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا يَقُولُ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ) أَيْ فَلَوْ نَحَرَ الْهَدْيَ وَحَلَقَ، وَلَمْ يَنْوِ التَّحَلُّلَ لَمْ يَتَحَلَّلْ كَمَا نَقَلَهُ ح عَلَى الطِّرَازِ (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ كَافِيَةٌ) أَيْ وَحْدَهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ انْضِمَامُ حَلْقٍ أَوْ هَدْيٍ لَهَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ التَّحَلُّلَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِ رَأْسِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْحَلْقُ وَالنَّحْرُ سُنَّةٌ، وَلَيْسَا شَرْطًا فَقَصَدَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بَلْ هِيَ كَافِيَةٌ التَّوَرُّكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِ رَأْسَهُ لِلْمُصَاحَبَةِ، وَفِي كَلَامِهِ حَذْفٌ، وَالْأَصْلُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ بِالنِّيَّةِ مَعَ نَحْرِ هَدْيِهِ أَيْ الْمُصَاحَبَةُ هَدْيُهُ وَحَلْقُ رَأْسِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيُفِيدُ أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ.

(قَوْلُهُ: إذْ الْقَصْدُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْحَلْقَ لَمَّا لَمْ يَقَعْ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لَمْ يَكُنْ نُسُكًا بَلْ تَحَلُّلًا، وَحِينَئِذٍ فَلَا دَمَ فِي تَأْخِيرِهِ لِرُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ طَرِيقٌ مَخُوفٌ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الْمُحْصَرَ سُلُوكُ طَرِيقٍ يُدْرِكُ مِنْهَا الْحَجَّ حَيْثُ كَانَتْ مَخُوفَةً يَخَافُ السَّالِكُ فِيهَا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ الْكَثِيرِ أَوْ الْقَلِيلِ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ يَنْكُثُ بَلْ سُلُوكُهَا حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لِمَنْ يَتَحَلَّلُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ، وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا إنَّمَا يَكُونُ فِيمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ لِخَطَرِ عَدُوٍّ أَوْ لِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ أَوْ عَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ، وَكَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْبَيْتِ فَهَؤُلَاءِ يَتَحَلَّلُونَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَيُكْرَهُ لَهُمْ الْبَقَاءُ عَلَى الْإِحْرَامِ لِقَابِلٍ إنْ قَارَبُوا مَكَّةَ وَدَخَلُوهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، وَلَمْ يُقَارِبُوهَا كَانَ لَهُمْ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ، وَأَمَّا الْمَحْصُورُ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ مَعًا فَالْأَفْضَلُ لَهُ التَّحَلُّلُ بِالنِّيَّةِ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ لَا دَخَلَهَا أَوْ لَا، وَيُكْرَهُ لَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ مُطْلَقًا، وَوَجْهُ التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِعُمْرَةٍ خُيِّرَ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ لِتَعَارُضِ مَشَقَّةِ الْبَقَاءِ عَلَى الْإِحْرَامِ، وَمَشَقَّةِ الْوُصُولِ لِلْبَيْتِ، وَكُرِهَ الْبَقَاءُ مَعَ الْقُرْبِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيْتِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مُقَارَبَةِ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ فَإِحْلَالُهُ أَوْلَى لَهُ وَأَسْلَمُ، وَإِذَا بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ، وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْعُتْبِيَّةِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَحَلَّلُ) أَيْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَحَلَّلَ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ مَعًا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ، وَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ فَلَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى إحْرَامِهِ مُرْتَكِبًا لِلْمَكْرُوهِ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ، وَزَالَ الْمَانِعُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ لِيَسَارَةِ مَا بَقِيَ. وَكَذَا يُقَالُ فِيمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيْتِ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُهُ سَوَاءٌ بَعُدَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ لِيَسَارَةِ مَا بَقِيَ فَهَذَا أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَتَحَلَّلُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ يَجْرِي فِيمَنْ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ، وَفِيمَنْ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: مُتَمَتِّعٌ) تَمَتُّعُهُ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْعُمْرَةِ الَّتِي وَقَعَ بِهَا الْإِحْلَالُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ الَّتِي آلَ إلَيْهَا الْأَمْرُ فِي التَّحَلُّلِ كَإِنْشَاءِ عُمْرَةٍ ابْتِدَاءً بِنِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عَلَى الْحَجِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ إنْشَاء الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ لَغْوٌ فِي قَوْلِهِ وَلَغَا عُمْرَةٌ عَلَيْهِ، فَلِذَا قِيلَ لَا يَمْضِي تَحَلُّلُهُ بِالْعُمْرَةِ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ.

وَأَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَمَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ أَيْ أَنَّ الْعُمْرَةَ الَّتِي آلَ إلَيْهَا الْأَمْرُ فِي التَّحَلُّلِ، وَهِيَ مُرَادُهُ بِالدَّوَامِ لَيْسَتْ كَإِنْشَاءِ عُمْرَةٍ ابْتِدَاءً بِنِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عَلَى الْحَجِّ، وَإِلَّا كَانَتْ لَاغِيَةً لِمَا سَبَقَ، وَلَغَا عُمْرَةٌ عَلَيْهِ فَلِذَا قِيلَ إنَّ تَحَلُّلَهُ بِفِعْلِ الْعُمْرَةِ يَمْضِي. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ: فِيهَا ثَلَاثًا إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا ثَلَاثًا فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ) أَيْ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَبِي مُصْعَبٍ وَابْنِ سَحْنُونٍ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَقْدُورَهُ وَبَذَلَ وُسْعَهُ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِمْ بِلُزُومِ الْإِسْقَاطِ إذَا حَصَلَ الْحَصْرُ قَبْلَ

ص: 94

مِنْ حَجَّةِ إسْلَامٍ أَوْ نَذْرٍ مَضْمُونٍ أَوْ عُمْرَةِ إسْلَامِ (وَلَمْ يَفْسُدْ) إحْرَامُهُ (بِوَطْءٍ) حَصَلَ مِنْهُ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ (إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ) عَلَى إحْرَامِهِ بِأَنْ نَوَى عَدَمَهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ مَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَنْ نَوَى الْبَقَاءَ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ فَيَفْسُدُ إحْرَامُهُ فَلَوْ قَالَ إنْ نَوَى التَّحَلُّلَ كَانَ أَحْسَنَ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَوَانِعِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ)(وَقَفَ) بِعَرَفَةَ (وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ) لِمَرَضٍ أَوْ عَدُوٍّ أَوْ حَبْسٍ وَلَوْ بِحَقٍّ (فَحَجُّهُ تَمَّ) ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ عَرَفَةَ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَدْرَكَهُ إذْ الرُّكْنُ الَّذِي يَفُوتُ الْحَجُّ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ قَدْ فُعِلَ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا الْإِفَاضَةُ الَّتِي يَصِحُّ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ الزَّمَانِ فَيَبْقَى مُحْرِمًا، وَلَوْ أَقَامَ سِنِينَ (وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ) أَيْ طَوَافِهَا (وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ، وَمَبِيتِ) لَيَالِي (مِنًى وَ) نُزُولِ (مُزْدَلِفَةَ) لِحَصْرٍ عَمَّا ذَكَرَهُ (هَدْيٌ) وَاحِدٌ (كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ بَلْ، وَلَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا فَهَدْيٌ وَاحِدٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.

، وَذَكَرَ الْمَانِعَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَ (حُصِرَ) بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ (عَنْ الْإِفَاضَةِ) يَعْنِي عَرَفَةَ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ (أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ بِغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ مَا مَرَّ مِنْ الْعَدُوِّ، وَمَا مَعَهُ (كَمَرَضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ) فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ) إنْ شَاءَ التَّحَلُّلَ، وَلَمَّا كَانَ فِعْلُ الْعُمْرَةِ يُوهِمُ أَنَّهُ يُجَدِّدُ إحْرَامًا رَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (بِلَا) تَجْدِيدِ (إحْرَامٍ) بِالْمَعْنَى السَّابِقِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ بِهَا فَيَطُوفُ، وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ، وَيَكْفِيهِ الْإِحْرَامُ السَّابِقُ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَكُرِهَ إبْقَاءَ إحْرَامِهِ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا هُنَا فَإِنَّ هَذَا مَحَلُّهُ (وَلَا يَكْفِي قُدُومُهُ) أَيْ طَوَافُ قُدُومِهِ وَسَعْيِهِ بَعْدَهُ عَنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَسَعْيِهَا الَّتِي طَلَبَ بِهَا لِلْإِحْلَالِ بَعْدَ الْفَوَاتِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْإِحْرَامِ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقْ بِأَنَّ الْمَشَقَّةَ الَّتِي تَحْصُلُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَعْظَمُ مِنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَجَّةِ إسْلَامٍ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَى مَنْ صُدَّ فِيهِ إذَا كَانَ التَّحَلُّلُ قَبْلَ الْفَوَاتِ، وَأَمَّا إنْ تَحَلَّلَ بَعْدَ الْفَوَاتِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَكَذَلِكَ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَا قَضَاءَ عَلَى مَنْ صُدَّ فِيهِ لِفَوَاتِ زَمَانِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَفْسُدْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أُحْصِرَ، وَقُلْنَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ فَتَارَةً يَنْوِي الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ وَتَارَةً لَا يَنْوِي ذَلِكَ فَإِنْ نَوَى الْبَقَاءَ ثُمَّ أَصَابَ النِّسَاءَ فَقَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ، وَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ، وَقَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ بِأَنْ نَوَى عَدَمَ الْبَقَاءِ، وَأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ مِنْ إحْرَامِهِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ لَمْ يَتَحَلَّلْ حَتَّى أَصَابَ النِّسَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ حَجِّهِ، وَلَا قَضَاؤُهُ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَفَ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ، وَإِنْ وَقَفَ وَحُصِرَ عَمَّا بَعْدَهُ لَأَفَادَ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ أَيْ سَوَاءٌ حُصِرَ عَمَّا قَبْلَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ، وَعَلَيْهِ الرَّمْيُ إلَخْ أَيْ حَيْثُ مُنِعَ مِمَّا قَبْلَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُبِسَ، وَلَوْ بِحَقٍّ) أَيْ أَوْ فِتْنَةٍ فَالْمَمْنُوعُ بِهِ هُنَا أَعَمُّ مِمَّا سَبَقَ لِزِيَادَةِ مَا هُنَا بِالْحَبْسِ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ: فَحَجُّهُ تَمَّ) أَيْ، وَيُجْزِيهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ) أَيْ بِتَمَامِهِ أَنَّهُ أَدْرَكَهُ أَيْ الْحَجَّ وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَالْمُرَادُ بِتَمَامِهِ أَمْنُهُ مِنْ الْفَوَاتِ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَنٍ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِتَمَامِهِ مَا ذَكَرَهُ فَلَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدُ: وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ) هَذَا إذَا كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ عِنْدَ الْقُدُومِ ثُمَّ حُصِرَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ قَدْ حُصِرَ قَبْلَ سَعْيِهِ فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ (قَوْلُهُ: وَنُزُولُ إلَخْ) إنَّمَا قَدَّرَهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْهَدْيَ لِتَرْكِ الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ مَعَ أَنَّ الْهَدْيَ إنَّمَا هُوَ لِتَرْكِ النُّزُولِ بِهَا بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَهُ وَمُزْدَلِفَةَ عَطْفٌ عَلَى مَبِيتٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) ، وَقَالَ أَشْهَبُ يَتَعَدَّدُ الْهَدْيُ بِتَعَدُّدِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْعَدُوِّ وَالْفِتْنَةِ وَالْحَبْسِ ظُلْمًا (قَوْلُهُ: يَعْنِي عَرَفَةَ) أَيْ فَسَمَّاهَا إفَاضَةً مَجَازًا مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ يَتَسَبَّبُ عَنْ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِغَيْرِ) قَالَ ح هَذَا، وَإِنْ كَانَ كَالْحَصْرِ عَنْ الْوُقُوفِ فِي كَوْنِهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ لَكِنْ يُخَالِفُهُ الْمُحْصَرُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلتَّطَوُّعِ كَالْمُحْصَرِ عَنْهُمَا الْمُتَقَدِّمِ بِخِلَافِ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلَوْ كَانَ تَطَوُّعًا كَمَا فِي النَّوَادِرِ وَغَيْرِهَا. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ) صُورَتُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنْ يَعْلَمُوا أَوَّلَ الشَّهْرِ ثُمَّ إنَّهُمْ سَهَوْا وَوَقَفُوا فِي الثَّامِنِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ الْخَطَأُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْعَاشِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُبِسَ بِحَقٍّ) قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ قَوْلِهِ بِغَيْرِ، وَمَفْهُومُهُ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ حُصِرَ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ عَنْ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ التَّحَلُّلَ) أَيْ، وَإِنْ شَاءَ بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ لَكِنْ إنْ دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ قَارَبَهَا فَالْأَفْضَلُ لَهُ التَّحَلُّلُ، وَيُكْرَهُ بَقَاؤُهُ لِقَابِلٍ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهَا فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْبَقَاءِ وَالْإِحْلَالِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ، وَهُوَ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي حُرُمَاتِ الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي إلَخْ) أَيْ، وَلَا يَكْفِي طَوَافُ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ بَعْدَهُ الْحَاصِلَيْنِ قَبْلَ الْفَوَاتِ عَنْ طَوَافِ وَسَعْيِ الْعُمْرَةِ الَّتِي يَنْوِي بِهَا التَّحَلُّلَ بَعْدَ الْفَوَاتِ.

قَالَ خش لَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إحْرَامَهُ لَا يَنْقَلِبُ عُمْرَةً مِنْ أَوَّلِهِ

ص: 95

(وَحَبَسَ) مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ نَدْبًا (هَدْيَهُ مَعَهُ) لِيَأْخُذَهُ مَعَهُ لِيَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ إذَا تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ (إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ) مِنْ عَطَبِهِ عِنْدَهُ، وَلَوْ أَمْكَنَ إرْسَالَهُ فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ بَعَثَهُ إنْ أَمْكَنَ، وَهَذَا فِي الْمَرِيضِ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِ كَمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ، وَلَمْ يَصِلْ مَكَّةَ (وَلَمْ يُجْزِهِ) أَيْ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ هَدْيٌ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ (عَنْ) هَدْيِ (فَوَاتٍ) لِلْحَجِّ سَوَاءٌ بَعَثَهُ إلَى مَكَّةَ أَوْ أَبْقَاهُ حَتَّى أَخَذَهُ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَجَبَ لِغَيْرِ الْفَوَاتِ فَلَا يُجْزِي عَنْ الْفَوَاتِ بَلْ عَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ لِلْفَوَاتِ.

(وَخَرَجَ) وُجُوبًا كُلُّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ، وَأَرَادَ التَّحَلُّلَ بِعُمْرَةٍ (لِلْحِلِّ) ، وَيُلَبِّي مِنْهُ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ إحْرَامٍ (إنْ أَحْرَمَ) بِحَجَّةٍ أَوْ لَا (بِحَرَمٍ أَوْ أَرْدَفَ) الْحَجَّ فِيهِ لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ لِتَحَلُّلِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَيَقْضِي حَجَّهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ (وَأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ) الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ لِأَجْلِهٍ (لِلْقَضَاءِ) أَيْ لِعَامِهِ لِيَجْتَمِعَ لَهُ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ وَالْمَالِيُّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ وُجُوبَ الْقَضَاءِ وَلَوْ كَانَ الْفَائِتُ نَفْلًا، وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَرَهُ الْعَدُوُّ عَنْ النَّفْلِ فَلَا قَضَاءَ (وَأَجْزَأَ إنْ قَدِمَ) عَامُ الْفَوَاتِ وَخَافَ الْوَاجِبَ (وَإِنْ أَفْسَدَ) إحْرَامَهُ أَوَّلًا، وَقُلْنَا يَجِبُ إتْمَامُهُ فَتَمَادَى (ثُمَّ فَاتَ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ فَاتَهُ ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ مِنْهُ الْإِفْسَادُ (بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ) أَيْ شَرَعَ فِيهَا فَلَمْ يُتِمَّهَا حَتَّى أَفْسَدَ (تَحَلَّلَ) وُجُوبًا فِي الصُّورَتَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّمَادِي عَلَى الْفَسَادِ وَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ إنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ أَوْ أَرْدَفَ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَقَضَاهُ) أَيْ الْحَجَّ (دُونَهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَقْضِيهَا؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ تَحَلُّلٌ لَا عُمْرَةٌ (وَعَلَيْهِ) فِي الصُّورَتَيْنِ (هَدْيَانِ) هَدْيٌ لِلْفَوَاتِ يُؤَخِّرُهُ لِلْقَضَاءِ، وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بَلْ مِنْ وَقْتِ نِيَّةِ فِعْلِ الْعُمْرَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ ح الْخِلَافَ فِي هَذَا فَقَالَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَتَى عَرَفَةَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلْيَرْجِعْ إلَى مَكَّةَ، وَيَطُوفُ، وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ، وَيَنْوِي بِهَا عُمْرَةً، وَهَلْ تَنْقَلِبُ عُمْرَةً مِنْ أَصْلِ الْإِحْرَامِ أَوْ مِنْ وَقْتِ يَنْوِي فِعْلَ الْعُمْرَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. اهـ.

فَقَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ وَبَيَّنَ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا نَوَى الْعُمْرَةَ. (قَوْلُهُ: وَحُبِسَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمَحْبُوسَ بِحَقٍّ إذَا فَاتَ كُلًّا مِنْهُمَا الْوُقُوفُ، وَكَانَ مَعَهُ هَدْيٌ سَاقَهُ فِي إحْرَامِهِ تَطَوُّعًا أَوْ لِنَقْصٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْعَطَبَ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ لِطُولِ زَمَنِ الْمَرَضِ وَالْحَبْسِ أَوْ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْعَطَبَ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَجِدَ مَنْ يُرْسِلُهُ لِمَكَّةَ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ إذَا بَقِيَ فَإِنَّهُ يَحْبِسُهُ عِنْدَهُ رَجَاءَ أَنْ يَخْلُصَ، وَيَنْحَرَ هَدْيَهُ فِي مَحِلِّهِ أَمْكَنَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ إنْ أَمْكَنَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ أَرْسَلَهُ، وَإِلَّا ذَبَحَهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَانِعُ لَهُ مِنْ الْوُقُوفِ عَدُوًّا أَوْ فِتْنَةً أَوْ حَبْسًا ظُلْمًا فَمَتَى قَدَرَ عَلَى إرْسَالِهِ لِمَكَّةَ بِأَنْ وَجَدَ مَنْ يُرْسِلَهُ مَعَهُ إلَيْهَا أَرْسَلَهُ كَأَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْعَطَبَ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُرْسِلَهُ مَعَهُ ذَبَحَهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ كَأَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْعَطَبَ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ أَمْ لَا فَعَلِمَ أَنَّ الْهَدْيَ لَا يُحْبَسُ مَعَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ، وَكَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ، وَلَا يُحْبَسُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ حَبْسَ هَدْيِ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ بِحَقٍّ مَنْدُوبٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا كَمَا فِي نَقْلِ ح عَنْ سَنَدٍ، وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ الْحَبْسُ وَاجِبٌ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ، وَمَنْدُوبٌ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ، وَجَعَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ الْحَبْسَ وَاجِبًا، وَأَطْلَقَ وَلَكِنْ حَمَلَ عج كَلَامَهُ عَلَى الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَشَارِحُنَا مَشَى عَلَى كَلَامِ سَنَدٍ وَالْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ فَوَاتٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ أُحْصِرَ عَنْ الْوُقُوفِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ، وَكَانَ عِنْدَهُ هَدْيُ تَطَوُّعٍ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ وَسَاقَهُ فِي إحْرَامِهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ دَمِ الْفَوَاتِ سَوَاءٌ بَعَثَهُ إلَى مَكَّةَ أَوْ تَرَكَهُ عِنْدَهُ حَتَّى أَخَذَهُ مَعَهُ لِيَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ إذَا تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ، وَأَخَذَهُ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْهَدْيَ بِالتَّقْلِيدِ أَوْ الْإِشْعَارِ وَجَبَ لِغَيْرِ الْفَوَاتِ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ آخَرُ لِلْفَوَاتِ مَعَ حَجَّةِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: حَتَّى أَخَذَهُ مَعَهُ) أَيْ لِيَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ إذَا تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ أَوْ أَخَذَهُ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ إحْرَامٍ) أَيْ نِيَّةِ الدُّخُولِ فِي حُرُمَاتِ الْعُمْرَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ) أَيْ إنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا مِنْ الْحَرَمِ لِكَوْنِهِ مُقِيمًا بِمَكَّةَ أَوْ كَانَ آفَاقِيًّا، وَدَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي الْحَرَمِ قَبْلَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَخَرَجَ لِلْحِلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَقْضِي حَجَّهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ) أَيْ، وَيَقْضِي ذَلِكَ الَّذِي فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، حَجَّهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ إذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِمَرَضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فَوَاتُ الْوُقُوفِ لِعَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ أَوْ حَبْسٍ ظُلْمًا فَلَا يُطَالَبُ بِالْقَضَاءِ، وَهَذَا فِي التَّطَوُّعِ، وَأَمَّا حَجَّةُ الْفَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: مَا إذَا حَصَرَهُ الْعَدُوُّ) أَيْ أَوْ الْفِتْنَةُ أَوْ الْحَبْسُ ظُلْمًا.

(قَوْلُهُ: فَتَمَادَى) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْإِحْرَامِ الْفَاسِدِ لِيُتِمَّهُ (قَوْلُهُ: تَحَلَّلَ وُجُوبًا) أَيْ بِعُمْرَةٍ فَيَغْلِبُ الْفَوَاتُ عَلَى الْفَسَادِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْفَسَادُ سَابِقًا عَلَى الْفَوَاتِ أَوْ كَانَ لَاحِقًا لَهُ، وَلَا يَغْلِبُ الْفَسَادُ بِحَيْثُ يُطَالَبُ بِإِتْمَامِ الْمُفْسَدِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ) أَيْ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَحَلَّلَ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ مَا إذَا حَصَلَ مِنْهُ الْإِفْسَادُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ تَحَلُّلٌ لَا عُمْرَةٌ) أَيْ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَجْدِيدِ إحْرَامٍ لَهَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ) أَيْ إنْ

ص: 96

يُؤَخِّرُهُ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ هَدْيٌ ثَالِثٌ أَيْضًا لِقِرَانِ الْقَضَاءِ أَوْ تَمَتُّعِهِ إنْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُتَمَتِّعًا أَوْ مُفْرِدًا، وَقَضَى مُتَمَتِّعًا أَوْ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَارِنًا، وَقَضَى قَارِنًا، وَلَا هَدْيَ فِي الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْفَاسِدِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (لَا) يَجِبُ (دَمُ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (لِلْفَائِتِ) ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَتِمَّ الْقِرَانُ أَوْ التَّمَتُّعُ (وَلَا يُفِيدُ) الْمُحْرِمُ (لِمَرَضٍ) أَصَالَةً بِأَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، وَيَنْوِي إنْ مَرِضَ تَحَلَّلَ أَوْ زِيَادَةً بِأَنْ يَكُونَ مَرِيضًا، وَيَنْوِي إنْ زَادَ عَلَيْهِ الْمَرَضُ تَحَلَّلَ (أَوْ غَيْرِهِ) كَعَدُوٍّ أَوْ حَبْسٍ (نِيَّةُ التَّحَلُّلِ) مِنْ الْإِحْرَامِ (بِحُصُولِهِ) أَيْ الْمَانِعِ مِنْ إتْمَامِ الْحَجِّ، وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّحَلُّلِ أَيْ فَهُوَ عِنْدَ حُصُولِهِ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يُحْدِثَ نِيَّةَ التَّحَلُّلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا تَكْفِيهِ النِّيَّةُ السَّابِقَةُ عَلَى وُجُودِ الْعُذْرِ.

(وَلَا يَجُوزُ) أَيْ يَحْرُمُ (دَفْعُ مَالٍ) ، وَلَوْ قَلَّ (لِحَاصِرٍ) لِيُخَلِّيَ الطَّرِيقَ (إنْ كَفَرَ) ؛ لِأَنَّهُ ذِلَّةٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ جَوَازَ الدَّفْعِ قَالَ؛ لِأَنَّ وَهْنَ الرُّجُوعِ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ إعْطَائِهِ، وَمَفْهُومُ إنْ كَفَرَ جَوَازُ الدَّفْعِ لِمُسْلِمٍ، وَيَجِبُ مَا قَالَ إنْ كَانَ لَا يَنْكُثُ.

(وَفِي جَوَازِ)(الْقِتَالِ) لِلْحَاصِرِ (مُطْلَقًا) أَسْلَمَ أَوْ كَفَرَ، وَمَنْعِهِ (تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْحَاصِرُ بِالْحَرَمِ، وَلَمْ يَبْدَأْ بِالْقِتَالِ، وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا وَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَافِرِ.

(وَلِلْوَلِيِّ مَنْعُ سَفِيهٍ) مِنْ حَجٍّ، وَلَوْ فَرْضًا (كَزَوْجٍ) لَهُ مَنْعُ زَوْجَتِهِ الرَّشِيدَةِ (فِي تَطَوُّعٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَا فَرْضٍ، وَأَمَّا السَّفِيهَةُ فَدَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا (وَإِنْ)(لَمْ يَأْذَنْ) كُلٌّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ لَهُمَا فِي الْإِحْرَامِ، وَأَحْرَمَا (فَلَهُ التَّحَلُّلُ) لَهُمَا مِمَّا أَحْرَمَا بِهِ كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ (وَعَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الْقَضَاءُ) لِمَا حَلَّلَهَا مِنْهُ إذَا أَذِنَ لَهَا أَوْ تَأَيَّمَتْ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ إذَا حَلَّلَهُمَا وَلِيُّهُمَا فَلَا قَضَاءَ (كَعَبْدٍ) ، وَلَوْ مُكَاتَبًا لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا أَذِنَ لَهُ أَوْ عَتَقَ (وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ) مَا أَمَرَ بِهِ الْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ مِنْ التَّحَلُّلِ (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ إذَا امْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ التَّحَلُّلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَضَى مُفْرِدًا سَوَاءٌ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُفْرِدًا أَوْ مُتَمَتِّعًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُتَمَتِّعًا، وَقَضَى مُتَمَتِّعًا أَوْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَارِنًا، وَقَضَى قَارِنًا أَوْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُفْرِدًا، وَقَضَى مُتَمَتِّعًا فَعَلَيْهِ ثَلَاثُ هَدَايَا فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ هَدْيٌ لِلْفَسَادِ، وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ، وَهَدْيٌ لِلْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْحَاصِلِ فِي الْقَضَاءِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْفَاسِدِ الَّذِي فَاتَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا دَمَ قِرَانٍ أَوْ مُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ، وَهَذَا حَاصِلُ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَعَلَيْهِ دَمٌ ثَالِثٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُؤَخِّرُهُ أَيْضًا) الَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا أَنَّ هَدْيَ الْفَسَادِ يُقَدِّمُهُ، وَهَدْيَ الْفَوَاتِ يُؤَخِّرُهُ إلَى الْقَضَاءِ، وَكَذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعَمْرُوسِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ) أَيْ أَمْرُ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُفِيدُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا نَوَى عِنْدَ إحْرَامِهِ أَوْ شَرَطَ بِاللَّفْظِ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ أَوْ حُصِرَ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ حُبِسَ ظُلْمًا أَوْ بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ تَمَامِ نُسُكِهِ كَانَ مُتَحَلِّلًا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ فِي الْحَصْرِ عَنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَمِنْ غَيْرِ فِعْلِ عُمْرَةٍ فِي الْحَصْرِ عَنْ الْوُقُوفِ فَإِنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ، وَذَلِكَ الِاشْتِرَاطُ لَا يُفِيدُهُ، وَلَوْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الْمَانِعُ فَهُوَ عِنْدَ وُجُودُهُ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يُحْدِثَ نِيَّةَ التَّحَلُّلِ أَوْ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ عَلَى مَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لَا يُفِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ أَوْ الشَّرْطَ السَّابِقَ يُفِيدُهُ حِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ تَحَلُّلٍ أَوْ لِإِحْدَاثِ عُمْرَةٍ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَهْنَ الرُّجُوعِ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ إعْطَائِهِ) قَالَ ح قَدْ لَا يَسْلُمُ هَذَا؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَالِ رِضًا بِالذُّلِّ كَالْجِزْيَةِ، وَأَمَّا الرُّجُوعُ فَهُوَ كَسِجَالِ الْحَرْبِ لَا يُوهِنُ الدِّينَ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ الرُّجُوعَ وَقَعَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ أَصْحَابِهِ دُونَ دَفْعِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: جَوَازُ الدَّفْعِ لِمُسْلِمٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لَكِنَّ الْقَلِيلَ يَجِبُ دَفْعُهُ إذَا كَانَ لَا يَمْكُثُ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ لِلْمُتَأَخِّرِينَ أَيْ فِي النَّقْلِ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي جَوَازِ قِتَالِ غَيْرِ بَادٍ نَقْلًا عَنْ سَنَدٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ ابْنِ شَاسٍ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَالْأَوَّلُ وَهُوَ الْجَوَازُ هُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ الْحَاصِرُ فِي غَيْرِ مَكَّةَ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنْ كَانَ بِهَا فَالْأَظْهَرُ نَقْلُ ابْنِ شَاسٍ مِنْ الْمَنْعِ لِحَدِيثِ «إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» . اهـ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْحَاصِرُ) بِالْحَرَمِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا جَازَ أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي الْحِلِّ أَوْ كَانَ فِي الْحَرَمِ وَبَدَأَنَا بِالْقِتَالِ جَازَ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: فَدَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ فَاَلَّذِي يَمْنَعُهَا فِي الْفَرْضِ وَلِيُّهَا، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا وَلِيَّهَا كَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَلِيٌّ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ زَوْجٌ (قَوْلُهُ: فَلَهُ التَّحَلُّلُ لَهُمَا) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِأَنْ يَتَحَلَّلَا بِالنِّيَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يَتَحَلَّلُ لَهُمَا بِأَنْ يَنْوِيَ تَحْلِيلَ امْرَأَتِهِ أَوْ مَحْجُورِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَكْفِي كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ مَا يَأْتِي عَنْ بْن لَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ أَيْ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّلَهُمَا بِالنِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ تَحَلُّلَهُمَا وَرَفْضَ إحْرَامِهِمَا، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَيُحْرِمُ وَلِيٌّ عَنْ رَضِيعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ) أَيْ عَنْ الْوُقُوفِ وَالْبَيْتِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّفِيهِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ سَنَدٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ مِنْ لُزُومِ الْقَضَاءِ فِي السَّفِيهِ وَالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ، وَعَزَاهُ لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَعَزَا الْقَوْلَ

ص: 97

(مُبَاشَرَتُهَا) كَارِهَةً، وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا وَشَبَهٌ فِي جَوَازِ تَحْلِيلِهَا مِنْ التَّطَوُّعِ قَوْلُهُ:(كَفَرِيضَةٍ) أَحْرَمَتْ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَبْلَ الْمِيقَاتِ) الزَّمَانِيِّ أَوْ الْمَكَانِيِّ بِبُعْدٍ وَاحْتَاجَ لَهَا، وَلَمْ يُحْرِمْ، وَإِلَّا لَمْ يُحْلِلْهَا فَإِنْ حَلَّلَهَا لَمْ يَلْزَمْهَا غَيْرُ حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلسَّفِيهِ أَوْ السَّيِّدُ أَوْ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ فِي التَّطَوُّعِ (فَلَا) مَنْعَ لَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ (إنْ دَخَلَ) كُلٌّ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ فِي النَّذْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ.

(وَلِلْمُشْتَرِي) لِعَبْدٍ مُحْرِمٍ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) حِينَ الشِّرَاءِ بِإِحْرَامِهِ (رَدُّهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ كَتَمَهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَقْرُبَ زَمَنُ الْإِحْرَامِ فَلَا رَدَّ (لَا تَحْلِيلُهُ) فَلَيْسَ لَهُ (وَإِنْ)(أَذِنَ) السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ فِي الْإِحْرَامِ (فَأَفْسَدَهُ) أَيْ الرَّقِيقُ مَا أَحْرَمَ بِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ إذْنٌ) ثَانٍ (لِلْقَضَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ) ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ إذْنِهِ (وَمَا لَزِمَهُ) أَيْ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ (عَنْ خَطَأٍ) صَدَرَ مِنْهُ كَأَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِخَطَأِ عَدَدٍ أَوْ هِلَالٍ أَوْ خَطَأِ طَرِيقٍ (أَوْ) عَنْ (ضَرُورَةٍ) كَلُبْسٍ أَوْ تَطَيُّبٍ لِلتَّدَاوِي (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِخْرَاجِ) لِذَلِكَ الْهَدْيِ أَوْ الْفِدْيَةِ بِنُسُكٍ أَوْ إطْعَامٍ فَعَلَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِهِ، وَمَالِ السَّيِّدِ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى إذْنٍ فِي الْإِخْرَاجِ (وَإِلَّا) يَأْذَنُ لَهُ فِي الْإِخْرَاجِ (صَامَ بِلَا مَنْعٍ) مِنْ السَّيِّدِ لَهُ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ عَمَلُهُ (وَإِنْ)(تَعَمَّدَ) الرَّقِيقُ مُوجِبَ الْهَدْيِ أَوْ الْجَزَاءِ أَوْ الْفِدْيَةِ (فَلَهُ مَنْعُهُ) مِنْ الْإِخْرَاجِ أَوْ الصَّوْمِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِسُقُوطِهِ فِي الْجَمِيعِ لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَوَّازِ اُنْظُرْ ح. اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ: لُزُومُ الزَّوْجَةِ وَالسَّفِيهِ وَالْعَبْدِ الْقَضَاءَ. وَعَدَمُ لُزُومِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْقَضَاءَ. وَلُزُومُ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ دُونَ السَّفِيهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِسَنَدٍ ثُمَّ إنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى طَرِيقَةِ سَنَدٍ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ فَلِذَا لَمْ يُطْلَبْ بِالْقَضَاءِ، وَالْحَجْرُ عَلَى الزَّوْجَةِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَلِذَا طُلِبَتْ بِالْقَضَاءِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ التَّحَلُّلُ مِنْ غَيْرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِأَنْ كَانَ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ أَوْ الْمَنْذُورِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ مَضْمُونًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّحَلُّلُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَا يُطَالَبُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِزَائِدٍ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَضَاءً عَمَّا وَقَعَ التَّحَلُّلُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: مُبَاشَرَتُهَا) قَالَ خش، وَيَنْوِي بِتِلْكَ الْمُبَاشَرَةِ التَّحَلُّلَ وَتَكْفِي نِيَّةُ الزَّوْجِ عَنْهَا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَحَلُّلَهَا بِالْمُبَاشَرَةِ فَسَدَ عَلَيْهَا، وَعَلَيْهَا إتْمَامُهُ، وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَمْكِينُهَا مِنْ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي المج قَالَ بْن، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ نِيَّةَ الزَّوْجِ تَحْلِيلُهَا لَا يَكْفِي، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْمُحْرِمِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ إنْ لَمْ تَقْبَلْ مَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ أَثِمَتْ لِمَنْعِهَا حَقَّهُ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّحَلُّلَ إنَّمَا يَقَعُ مِنْ الْمُحْرِمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ. اهـ كَلَامُهُ. وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ أَيْ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَارِحُنَا تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الْإِحْرَامِ فَلَا اعْتِرَاضَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ السَّفِيهَ وَالْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ إذَا أُمِرُوا بِعَدَمِ الْإِحْرَامِ فَخَالَفُوا، وَأَحْرَمُوا فَإِنَّ الْإِثْمَ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ قَبُولِهِمْ مَا أُمِرُوا بِهِ (قَوْلُهُ: كَفَرِيضَةٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ لَهُ تَحْلِيلَهَا، وَمُبَاشَرَتَهَا إذَا أَحْرَمَتْ بِفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ، وَلَوْ كَانَ إحْرَامُهَا مِنْ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ أَوْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ، وَلَوْ كَانَ إحْرَامُهَا فِي الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهَا قَبْلَ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا لِلْجِمَاعِ، وَأَنْ لَا يُحْرِمَ هُوَ أَيْضًا فَإِنْ تَخَلَّفَ قَيْدٌ مِنْ الْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُحْلِلْهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهَا أَوْ كَانَ يَحْتَاجُ لَهَا، وَأَذِنَ لَهَا أَوْ أَحْرَمَ فَالنَّفْيُ رَاجِعٌ لِلْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ حَلَّلَهَا أَيْ فَإِنْ أَحْرَمَتْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا، وَلَمْ يُحْرِمْ وَحَلَّلَهَا، وَقَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهَا غَيْرُ حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ أَيْ لَمْ يَلْزَمْهَا أَنْ تَقْضِيَ إلَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْحَجَّةُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَمِثْلُ مَا إذَا حَلَّلَهَا مَا إذَا أَفْسَدَهُ عَلَيْهَا بِأَنْ بَاشَرَهَا، وَلَمْ يَنْوِ بِهَا التَّحَلُّلَ فَيَجِبُ عَلَيْهَا إتْمَامُهَا، وَلَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهَا إلَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْحَجَّةُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا حَجَّتَانِ إحْدَاهُمَا قَضَاءٌ لِلْمُفْسَدَةِ وَالْأُخْرَى حَجَّةُ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا رَدَّ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ بَاعَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ، وَهُمَا مُحْرِمَانِ جَازَ بَيْعُهُ، وَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يُحَلِّلَهُمَا، وَلَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِإِحْرَامِهَا الرَّدُّ كَعَيْبٍ بِهِمَا إلَّا أَنْ يَقْرَبَا مِنْ الْإِحْلَالِ. اهـ.

فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَذْهَبَهَا جَوَازُ بَيْعِ الْعَبْدِ مُحْرِمًا سَوَاءٌ قَرُبَ الْإِحْلَالُ أَوْ لَا، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيُفْسَخُ أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ إذَا آجَرَ عَبْدَهُ شَهْرًا لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُحْرِمَ مَنَافِعُهُ لِمُشْتَرِيهِ، وَفِي الْإِجَارَةِ مَنَافِعُهُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي مُدَّةَ الْإِجَارَةِ، وَقَيَّدَ ابْنُ بَشِيرٍ خِلَافَ سَحْنُونٍ بِأَنْ يَبْقَى مِنْ مُدَّةِ الْإِحْرَامِ زَمَنٌ كَثِيرٌ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَظَاهِرُ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْهُ الْعُمُومُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ إذْنٌ ثَانٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عِبَادَةٌ ثَانِيَةٌ غَيْرَ الَّتِي أَذِنَ فِيهَا هَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ أَشْهَبَ، وَمُقَابِلُهُ لِأَصْبَغَ وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ حَيْثُ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَمَا لَزِمَهُ عَنْ خَطَأٍ) أَيْ مِنْ هَدْيٍ أَوْ فِدْيَةٍ، وَقَوْلُهُ، وَمَا لَزِمَهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجُمْلَةُ

ص: 98