المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ جِهَتِهَا إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ شَرْطٍ.   (وَ) جَازَ - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٢

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[سُنَن الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُحَرِّمَ بِالْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌(بَابُ الذَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ الْمُبَاحِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمُحَرَّمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمَكْرُوهُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابٌ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌ الْعَقِيقَةِ وَحُكْمِهَا

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمِين وَشَرَائِطه]

- ‌[كَفَّارَة الْيَمِين]

- ‌(فَصْلٌ) فِي النَّذْرِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[بَابٌ الْجِهَادَ]

- ‌(فَصْلٌ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ

- ‌[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ]

- ‌[بَاب بَعْضُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ مِنْ الْأَحْكَامِ]

- ‌(بَابٌ) فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[أَقْسَام النِّكَاح الْفَاسِد]

- ‌[الْكِفَاءَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَوَانِعِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصَلِّ خِيَار أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا وَالْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ]

- ‌ مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْل وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فِرَاقهُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ

- ‌[الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلِ فِي شُرُوط الصَّدَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم تَنَازُع الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاح وَالصَّدَاق أَوْ مَتَاع الْبَيْت وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ]

- ‌[فَصَلِّ الْوَلِيمَة]

- ‌[فَصَلِّ الْقَسْم بَيْن الزَّوْجَات فِي الْمَبِيت]

- ‌ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَلَام عَلَى الْخُلْعِ]

- ‌(فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ)

- ‌[فَصَلِّ أَرْكَان الطَّلَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ)

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[بَاب الظِّهَار وَأَرْكَانَهُ وَكَفَّارَتَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[كِنَايَات الظِّهَار]

- ‌[بَاب اللِّعَان وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌ أَسْبَابُ اللِّعَانِ

- ‌[عدة الْحُرَّة]

- ‌(فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌بَابِ تَدَاخُلِ الْعَدَدِ

- ‌[بَاب أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب أَسْبَابَ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّفَقَةِ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةُ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَضَانَةِ]

الفصل: إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ جِهَتِهَا إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ شَرْطٍ.   (وَ) جَازَ

إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ جِهَتِهَا إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ شَرْطٍ.

(وَ) جَازَ بَلْ نُدِبَ (تَفْوِيضُ الْوَلِيِّ) وَأُولِي الزَّوْجِ (الْعَقْدَ لِفَاضِلٍ) رَجَاءً لِبَرَكَتِهِ (وَ) جَازَ (ذِكْرُ الْمَسَاوِئِ) لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَيْ الْعُيُوبِ لِلتَّحْذِيرِ مِمَّنْ هِيَ فِيهِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ مَا لَمْ يُسْأَلْ عَنْ ذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّصِيحَةِ.

(وَكُرِهَ عِدَةٌ) بِالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ (مِنْ أَحَدِهِمَا) لِلْآخَرِ دُونَ أَنْ يَعِدَهُ الْآخَرُ وَإِلَّا كَانَ مُوَاعَدَةً وَتَقَدَّمَ حُرْمَتُهَا.

(وَ) كُرِهَ (تَزْوِيجُ) امْرَأَةٍ (زَانِيَةٍ) أَيْ مَشْهُورَةٍ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا ذَلِكَ (أَوْ) تَزْوِيجُ (مُصَرَّحٍ لَهَا) بِالْخِطْبَةِ فِي عِدَّتِهَا (بَعْدَهَا) مُتَعَلِّقٌ بِتَزْوِيجِ الْمُقَدِّرِ أَيْ يُكْرَهُ لِلْمُصَرِّحِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ (وَنُدِبَ فِرَاقُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَةِ مِنْ زَانِيَةٍ وَمُصَرَّحٍ لَهَا فِي الْعِدَّةِ.

(وَ) نُدِبَ (عَرْضُ) مُتَزَوِّجِ امْرَأَةٍ (رَاكِنَةٍ لَغَيْرٍ) أَيْ كَانَتْ رَكَنَتْ لِغَيْرِهِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ الَّذِي كَانَتْ رَكَنَتْ لَهُ وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يُبْنَ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ عَدَمِ الْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.

(وَرُكْنُهُ) أَيْ النِّكَاحِ أَيْ أَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ (وَلِيٌّ وَ) الثَّانِي (صَدَاقٌ وَ) الثَّالِثُ (مَحَلٌّ) زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ مَعْلُومَانِ خَالِيَانِ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْإِحْرَامِ كَمَا يَأْتِي (وَ) الرَّابِعُ (صِيغَةٌ) وَلَمْ يُعَدَّ الشُّهُودُ مِنْ الْأَرْكَانِ؛ لِأَنَّ مَاهِيَّةَ الْعَقْدِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّدَاقَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى جَعْلُهُمَا شَرْطَيْنِ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الصِّيغَةِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ فَقَالَ مُصَوَّرَةً (بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت) ، وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا كَمَا يَأْتِي فِي التَّفْوِيضِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ جِهَتِهَا) أَيْ لِأَنَّ الَّذِي أَعْطَى لِأَجْلِهِ لَمْ يَتِمَّ أَمَّا إنْ كَانَ الرُّجُوعُ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا

(قَوْلُهُ: تَفْوِيضُ الْوَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ.

(قَوْلُهُ: وَأُولِي الزَّوْجِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْأَوْلَوِيَّةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمِثْلُهُ الزَّوْجُ.

(قَوْلُهُ: لِفَاضِلٍ) أَيْ وَأَمَّا تَفْوِيضُ الْعَقْدِ لِغَيْرِ فَاضِلٍ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الْمَسَاوِئِ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ اسْتَشَارَهُ الزَّوْجُ فِي أَنَّ قَصْدَهُ التَّزَوُّجُ بِفُلَانَةَ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ مَا يَعْلَمُهُ فِيهَا مِنْ الْعُيُوبِ لِيَحْذَرَ مِنْهَا وَيَجُوزُ لِمَنْ اسْتَشَارَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي أَنَّ قَصْدَهَا التَّزَوُّجُ بِفُلَانٍ أَنْ يَذْكُرَ لَهَا مَا يَعْلَمُهُ فِيهِ مِنْ الْعُيُوبِ لِتَحْذَرَ مِنْهُ

وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ ذِكْرِ الْمَسَاوِئِ جَائِزًا لِمَنْ اسْتَشَارَهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَعْرِفُ حَالَ الْمَسْئُولِ عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ الْمَسْئُولِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْجُزُولِيِّ وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ لِلْقُرْطُبِيِّ.

وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا اسْتَشَارَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْمَسَاوِئِ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَعْرِفُ تِلْكَ الْمَسَاوِئَ غَيْرَهُ أَمْ لَا وَإِلَّا فَيُنْدَبُ لَهُ ذِكْرُهَا فَقَطْ، وَطَرِيقَةُ عج أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَسْأَلْهُ عَمَّا فِيهَا مِنْ الْعُيُوبِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مَشَى شَارِحُنَا تَبَعًا لعبق، وَاسْتَبْعَدَ بْن الْوُجُوبَ خُصُوصًا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَسْئُولُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِمَعْرِفَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَمَّا فِيهَا مِنْ الْعُيُوبِ.

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ عِدَّةٌ مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْصُلَ عَلَى مَا وَعَدَ بِهِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ إخْلَافِ الْوَعْدِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا ذَلِكَ) أَيْ هَذَا إذَا ثَبَتَ عَلَيْهَا ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ لَا، وَأَمَّا مَنْ يَتَكَلَّمُ فِيهَا وَلَيْسَتْ مَشْهُورَةً بِذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي زَوَاجِهَا وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ تَزَوُّجِ الْمَرْأَةِ الَّتِي ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ زِنَاهَا إذَا لَمْ تُحَدَّ أَمَّا إذَا حُدَّتْ فَلَا كَرَاهَةَ فِي زَوَاجِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ وَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْله تَعَالَى {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ} [النور: 3] يُفِيدُ حُرْمَةَ نِكَاحِهَا لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ لَا يَنْكِحُهَا فِي حَالِ زِنَاهَا أَوْ أَنَّهُ بَيَانٌ لِلْأَلْيَقِ بِهَا أَوْ أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ لِلْمُصَرِّحِ) أَيْ لِلَّذِي صَرَّحَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ فِرَاقُهَا) وَإِذَا فَارَقَ الزَّانِيَةَ الْمُبِيحَةَ لِفَرْجِهَا لِلْغَيْرِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا تَزَوَّجَهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ كَانَتْ رَكَنَتْ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَعْرِضَهَا عَلَى مَنْ كَانَتْ رَكَنَتْ لَهُ أَوَّلًا فَإِنْ عَرَضَهَا عَلَيْهِ وَحَلَّلَهُ وَسَامَحَهُ مِنْهَا فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يُحْلِلْهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِرَاقُهَا.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفَسَخَ إنْ لَمْ يَبْنِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُوَافِقَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ فَسْخِ النِّكَاحِ أَنَّ عَرْضَهَا وَاجِبٌ لَا مَنْدُوبٌ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ وَفَسَخَ إنْ لَمْ يَبْنِ أَيْ اسْتِحْبَابًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ مَا هُنَا مَبْنِيًّا عَلَى الضَّعِيفِ الْمُقَابِلِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ اُنْظُرْ بْن وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى اسْتِحْبَابِ الْعَرْضِ فِيمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَهُوَ وَاجِبٌ وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي كَلَامُهُ هَذَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ وُجُوبِ الْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقَدْ يُقَالُ حَيْثُ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَاجِبًا فَأَيُّ ثَمَرَةٍ فِي الْعَرْضِ مَعَ كَوْنِ النِّكَاحِ يُفْسَخُ مُطْلَقًا طَلَبَهُ الْأَوَّلُ أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ بَلْ سَامَحَهُ تَأَمَّلْ

[أَرْكَان النِّكَاح]

(قَوْلُهُ: وَرُكْنُهُ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ بِمَعْنَى وَكُلُّ أَرْكَانِهِ، ثُمَّ يُرَادُ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ أَيْ مَجْمُوعُ أَرْكَانِهِ وَلِيٌّ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمُفْرَدِ بِالْمُتَعَدِّدِ وَالضَّمِيرُ فِي رُكْنِهِ رَاجِعٌ لِلنِّكَاحِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ وَمُرَادُهُمْ بِالرُّكْنِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حَقِيقَةُ الشَّيْءِ فَيَشْمَلُ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ وَالْوَلِيَّ وَالصِّيغَةَ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ الصَّدَاقَ كَذَلِكَ) إذْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِجَوَازِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ.

(قَوْلُهُ: جَعْلُهُمَا) أَيْ الصَّدَاقِ وَالشُّهُودِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: جَعْلُ الشُّهُودِ شَرْطًا وَالصَّدَاقِ رُكْنًا مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ لَهُمْ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت) وَمُضَارِعُهُمَا كَمَاضِيهِمَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ

ص: 220

(وَ) صَحَّ (بِ) تَسْمِيَةِ (صَدَاقٍ وَهَبْتُ) لَك ابْنَتِي مَثَلًا أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْك بِهَا بِكَذَا، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا لَمْ يَنْعَقِدْ (وَهَلْ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَبِعْتُ) لَك ابْنَتِي بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا أَوْ مَلَّكْتُك إيَّاهَا أَوْ أَحْلَلْت وَأَعْطَيْت وَمَنَحْتُك إيَّاهَا بِكَذَا.

(كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ وَهَبْت حَيْثُ سَمَّى صَدَاقًا فَيَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ أَوْ لَا يَنْعَقِدُ، وَلَوْ سَمَّى صَدَاقًا كَكُلِّ لَفْظٍ لَا يَقْتَضِي الْبَقَاءَ كَالْحَبْسِ وَالْوَقْفِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْعُمْرَى وَهُوَ الرَّاجِحُ (تَرَدُّدٌ وَكَقَبِلْتُ) عَطْفٌ عَلَى أَنْكَحْت أَيْ الصِّيغَةُ مُصَوَّرَةٌ بِأَنْكَحْتُ مِنْ الْوَلِيِّ وَقَبِلْتُ نَحْوُهُ كَرَضِيتُ مِنْ الزَّوْجِ (وَ) انْعَقَدَ (بِ) قَوْلِ الزَّوْجِ لِلْوَلِيِّ (زَوِّجْنِي) أَوْ أَنْكِحْنِي ابْنَتَك مَثَلًا (فَيَفْعَلُ) أَيْ الْوَلِيُّ بِأَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُك إيَّاهَا أَوْ أَنْكَحْتُك أَوْ فَعَلْت، إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْإِيجَابِ عَلَى الْقَبُولِ بَلْ يُنْدَبُ (وَلَزِمَ) النِّكَاحُ بِالصِّيغَةِ مِنْهُمَا (وَإِنْ لَمْ يَرْضَ) الْآخَرُ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ الْهَزْلِ مِنْهُمَا مَعًا كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الصِّيغَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَاقِي الْأَرْكَانِ عَلَى تَرْتِيبِهَا فِي الْمَتْنِ أَوَّلُهَا الْوَلِيُّ وَهُوَ ضَرْبَانِ مُجْبِرٌ وَهُوَ الْمَالِكُ فَالْأَبُ فَوَصِيُّهُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَنْ سِوَاهُمْ فَبَدَأَ بِالْمَالِكِ لِقُوَّتِهِ فَقَالَ [دَرْسٌ](وَجَبَرَ الْمَالِكُ) الْمُسْلِمُ الْحُرُّ، وَلَوْ أُنْثَى وَوَكَّلْت (أَمَةً وَعَبْدًا) لَهُ (بِلَا إضْرَارٍ) عَلَيْهِمَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ إضْرَارٌ كَتَزْوِيجِهِمَا مِنْ ذِي عَاهَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْجَبْرُ وَلَهُمَا الْفَسْخُ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ (لَا عَكْسُهُ) فَلَا يُجْبِرُ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ السَّيِّدَ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُمَا، وَلَوْ حَصَلَ لَهُمَا الضَّرَرُ بِعَدَمِهِ (وَلَا) يُجْبِرُ (مَالِكُ بَعْضٍ) لِرَقِيقٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ذَلِكَ الرَّقِيقَ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ إمَّا حُرٌّ أَوْ مِلْكَ غَيْرِهِ (وَلَهُ) أَيْ لِمَالِكِ الْبَعْضِ (الْوِلَايَةُ) عَلَى الْأَمَةِ فَلَا تُزَوَّجُ بِإِذْنِهِ فَلَا تُزَوَّجُ الْمُشْتَرَكَةُ إلَّا بِإِذْنِ الْجَمِيعِ فَإِنْ رَضِيَا بِتَزْوِيجِهَا فَلَهُمَا مَعًا الْجَبْرُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَاعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ قَائِلًا فِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْعُقُودُ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالْمَاضِي دُونَ الْمُضَارِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْوَعْدُ وَفِي الْمَاضِي اللُّزُومُ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ بِتَسْمِيَةِ صَدَاقٍ) أَيْ حَقِيقَةً كَأَنْ يَقُولَ: وَهَبْتهَا لَك بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا أَوْ حُكْمًا كَأَنْ يَقُولَ: وَهَبْتهَا لَك تَفْوِيضًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَصَدَّقْت إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَلَامُهُ هُنَا مَقْصُورٌ عَلَى لَفْظِ وَهَبْتُ، إذْ هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجَمِيعُ مَا عَدَا هَذَا اللَّفْظِ دَاخِلٌ فِي التَّرَدُّدِ الْآتِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَرَدُّدَ ابْنِ الْقَصَّارِ وَابْنِ رُشْدٍ فِي جَمِيعِ مَا عَدَا أَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ وَوَهَبْتُ بِصَدَاقٍ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: يَقْتَضِي الْبَقَاءَ) أَيْ تَمْلِيكَ الذَّاتِ.

(قَوْلُهُ: فَيَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْإِشْرَاقِ وَالْبَاجِيِّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَنْعَقِدُ، وَلَوْ سَمَّى صَدَاقًا) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ.

(قَوْلُهُ: كَكُلِّ لَفْظٍ لَا يَقْتَضِي إلَخْ) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَمَّى صَدَاقًا أَوْ لَا وَهُوَ أَنْكَحْت وَزَوَّجْت وَالثَّانِي مَا يَنْعَقِدُ بِهِ إنْ سَمَّى صَدَاقًا وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ وَهَبْت فَقَطْ، وَالثَّالِثُ مَا فِيهِ التَّرَدُّدُ وَهُوَ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ قِيلَ: يَنْعَقِدُ بِهِ إنْ سَمَّى صَدَاقًا وَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ بِهِ مُطْلَقًا، وَالرَّابِعُ مَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا وَهُوَ كُلُّ لَفْظٍ لَا يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الْوَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ.

(قَوْلُهُ: فَيَفْعَلُ) أَشْعَرَ إتْيَانُهُ بِالْفَاءِ بِاشْتِرَاطِ الْفَوْرِ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالْإِيجَابِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَانِينَ فَقَالَ وَالنِّكَاحُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْخِيَارُ وَيَلْزَمُ فِيهِ الْفَوْرُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ يَسِيرًا جَازَ، وَلَكِنَّ الَّذِي فِي الْمِعْيَارِ عَنْ الْبَاجِيَّ مَا يَقْتَضِي الِاتِّفَاقَ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ مَعَ تَأَخُّرِ الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْعَبْدُوسِيُّ وَالْقُورِيُّ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْإِيجَابِ) أَيْ مِنْ الْوَلِيِّ عَلَى الْقَبُولِ أَيْ مِنْ الزَّوْجِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ) أَيْ بَعْدَ حُصُولِ الصِّيغَةِ مِنْهُمَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ عِنْدَنَا فِي النِّكَاحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَعْمُولٌ بِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ بِهِ إذَا اُشْتُرِطَ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْهَزْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ خِلَافًا لِقَوْلِ الْقَابِسِيِّ: إنَّهُ إذَا عُلِمَ الْهَزْلُ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ.

(قَوْلُهُ: كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ) أَيْ وَكَذَلِكَ الرَّجْعَةُ.

(قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهِ) أَيْ فِي التَّصَرُّفِ بِسَبَبِ تَزْوِيجِهِ الْأَمَةَ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ وَلَهُ أَنْ يُجْبِرَ الثَّيِّبَ وَالْبِكْرَ وَالْكَبِيرَةَ وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُمَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ وَلَهُ أَنْ يُصْلِحَ مَالَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ شَاءَ (قَوْلُهُ: وَجَبَرَ الْمَالِكُ) أَيْ لِكُلِّ الرَّقِيقِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: الْمُسْلِمُ) وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: الْحُرُّ) أَيْ، وَأَمَّا الْمَالِكُ الرَّقِيقُ فَلَا جَبْرَ لَهُ وَالْجَبْرُ لِسَيِّدِهِ وَالْمُرَادُ الْحُرُّ الْمَالِكُ لِأَمْرِ نَفْسِهِ وَإِلَّا كَانَ الْجَبْرُ لِوَلِيِّهِ وَمِثْلُ الْحُرِّ الْمَالِكُ لِأَمْرِ نَفْسِهِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يُجْبِرُ رَقِيقَهُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ ذِي عَاهَةٍ) أَيْ مِمَّنْ فِيهِ أَمْرٌ مُوجِبٌ لِلْخِيَارِ كَجُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ أَوْ جُنُونٍ لَا قُبْحِ مَنْظَرٍ وَفَقْرٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَصَلَ لِهُمَا الضَّرَرُ بِعَدَمِهِ) بَلْ وَلَوْ قَصَدَ إضْرَارَهُمَا بِعَدَمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُؤْمَرُ حِينَئِذٍ بِبَيْعٍ وَلَا تَزْوِيجٍ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ إنَّمَا يَجِبُ رَفْعُهُ إذَا كَانَ فِيهِ مَنْعُ حَقٍّ وَاجِبٍ وَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي النِّكَاحِ وَمَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ جَبْرِهِمَا لَهُ عَلَى التَّزْوِيجِ إذَا قَصَدَ بِمَنْعِهِمَا مِنْهُ الْمَصْلَحَةَ وَلَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ أَمَّا إذَا قَصَدَ الضَّرَرَ أُمِرَ إمَّا بِالْبَيْعِ أَوْ التَّزْوِيجِ فَهُوَ ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ: ذَلِكَ الرَّقِيقَ) مَفْعُولُ يُجْبِرُ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِمَالِكِ الْبَعْضِ الْوِلَايَةُ أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْمُبَعَّضِ فَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِهِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَالِكَ

ص: 221

(وَ) لَهُ أَيْضًا (الرَّدُّ) وَالْإِجَازَةُ فِي الْعَبْدِ إنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَمَّا فِي الْأَمَةِ فَيَتَحَتَّمُ الرَّدُّ، وَلَوْ عَقَدَ لَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (وَالْمُخْتَارُ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ زِيَادَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ جَبْرِ مَالِك الْبَعْضِ (وَلَا) يُجْبِرُ السَّيِّدُ (أُنْثَى بِشَائِبَةٍ) مِنْ حُرِّيَّةِ غَيْرِ التَّبْعِيضِ الْمُتَقَدِّمِ كَأُمِّ وَلَدٍ وَتَعَيَّنَ رَدُّهُ إنْ جَبَرَهَا وَالرَّاجِحُ كَرَاهَتُهُ فَيَمْضِي إنْ جَبَرَهَا (وَ) لَا شَخْصٍ (مُكَاتَبٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (بِخِلَافِ) شَخْصٍ (مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ) ، وَلَوْ أُنْثَى فَلَهُ جَبْرُهُمَا (إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ) مَرَضًا مَخُوفًا فِي الْمُدَبَّرِ (وَ) إنْ لَمْ (يَقْرُبْ الْأَجَلُ) فِي الْمُعْتِقِ لِأَجَلٍ وَالْقُرْبُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَدُونَ وَقُبِلَ بِالشَّهْرِ.

(ثُمَّ) جَبَرَ بَعْدَ الْمَالِكِ (أَبٌ) رَشِيدٌ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ وَلَهُ الْجَبْرُ، وَلَوْ لِأَعْمَى أَوْ أَقَلَّ حَالًا أَوْ مَآلًا مِنْهَا أَوْ قَبِيحِ مَنْظَرٍ أَوْ بِرُبْعِ دِينَارٍ، وَلَوْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا قِنْطَارًا وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ كَوَصِيٍّ (يُجْبِرُ الْمَجْنُونَةَ) الْمُطْبِقَةَ، وَلَوْ ثَيِّبًا أَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ لَا مَنْ تُفِيقُ فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا بَالِغًا (وَ) جَبَرَ (الْبِكْرَ، وَلَوْ عَانِسًا) بَلَغَتْ سِتِّينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ (إلَّا لِ) ذِي عَاهَةٍ (كَخَصِيٍّ) مَقْطُوعِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَيَيْنِ قَائِمِ الذَّكَرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْبَعْضِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَبَرٌ لَكِنَّ الْوِلَايَةَ ثَابِتَةٌ لَهُ فَإِنْ تَزَوَّجَ الْمُبَعَّضُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُبَعَّضُ ذَكَرًا أَوْ إنْ كَانَ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا رِقًّا لَهُ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ حُرًّا كَانَ لِلسَّيِّدِ الَّذِي هُوَ مَالِكُ الْبَعْضِ الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا رِقًّا لِلسَّيِّدِ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ رِقًّا لِغَيْرِهِ تَحَتَّمَ الرَّدُّ كَذَا قَرَّرَ طفى، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ح أَنَّ الْمُبَعَّضَةَ بِالْحُرِّيَّةِ كَالْمُبَعَّضَةِ بِالشَّرِكَةِ فِي تَحَتُّمِ الرَّدِّ وَاخْتَارَهُ بْن.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ أَيْضًا الرَّدُّ وَالْإِجَازَةُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الرَّدَّ لَيْسَ قَسِيمًا لِلْوِلَايَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ بَلْ قِسْمٌ مِنْ ثَمَرَتِهَا وَالْقِسْمُ الْآخَرُ الْإِجَازَةُ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَلَهُ الْوِلَايَةُ فَلَهُ الرَّدُّ وَالْإِجَازَةُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ تَخْيِيرَهُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ فِي الْمَمْلُوكِ الذَّكَرِ دُونَ الْأُنْثَى.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْأَمَةِ) أَيْ الْمُتَزَوِّجَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَقَدَ لَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَقَدْ جَزَمَ ح فِيهَا بِتَحَتُّمِ الرَّدِّ كَالْمُشْتَرَكَةِ، وَنَازَعَهُ طفى بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ عَدَمُ تَحَتُّمِ الرَّدِّ فِيهَا بَلْ يُخَيَّرُ وَرَدَّهُ بْن وَقَوِيَ مَا قَالَهُ ح بِمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ) مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَالْمُخْتَارُ مَا يُذْكَرُ بَعْدُ مِنْ الْحُكْمِ وَهُوَ وَلَا أُنْثَى أَيْ لَا يُجْبِرُ أُنْثَى مُتَلَبِّسَةً بِشَائِبَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ إلَخْ لَفْظُ اللَّخْمِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ اُخْتُلِفَ هَلْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ مَنْ فِيهِ عَقْدُ حُرِّيَّةٍ بِتَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ فَقِيلَ لَهُ: إجْبَارُهُمْ وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُمْ وَقِيلَ: يَنْظُرُ لِمَنْ يَنْتَزِعُ مَالَهُ فَيُجْبِرُهُ وَمَنْ لَا فَلَا وَقِيلَ: لَهُ إجْبَارُ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، ثُمَّ قَالَ وَالصَّوَابُ مَنْعُهُ مِنْ إجْبَارِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُكَاتَبِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُتَعَلِّقِ لِأَجَلٍ فَلَهُ جَبْرُهُمَا إلَّا أَنْ يَمْرَضَ السَّيِّدُ أَوْ يَقْرَبَ الْأَجَلُ وَيُمْنَعُ مِنْ إجْبَارِ الْإِنَاثِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ اهـ بِلَفْظِهِ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمُخْتَارُ حَقُّهُ وَاخْتَارَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارٌ لَهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَا مِنْ خِلَافٍ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ تَفْصِيلَ اللَّخْمِيِّ لَمَّا كَانَ غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي نَقَلَهَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالِاسْمِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: كَأُمِّ وَلَدٍ) أَيْ وَمُكَاتَبَةٍ وَمُدَبَّرَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ.

(قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ رَدُّهُ) أَيْ النِّكَاحِ إنْ جَبَرَهَا هَذَا بِنَاءً عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ بِمَنْعِ الْجَبْرِ وَهِيَ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّخْمِيُّ وَقَوْلُهُ الرَّاجِحُ كَرَاهَتُهُ أَيْ كَرَاهَةُ جَبْرِهَا وَهَذِهِ رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهَا مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي فِي بَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَكُرِهَ تَزْوِيجُهَا، وَإِنْ بِرِضَاهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا هُوَ الْحَقُّ لَا لِلْحَالِ كَمَا قِيلَ.

(قَوْلُهُ: ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) الْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى دَخَلَتْ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ وَلَا يُجْبِرُ أُنْثَى بِشَائِبَةٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ، وَلَوْ أُنْثَى) الصَّوَابُ قَصْرُهُ عَلَى الذَّكَرِ أَمَّا الْأُنْثَى الْمُدَبَّرَةُ أَوْ الْمُعْتَقَةُ لِأَجَلٍ فَيُمْنَعُ جَبْرُهَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ رَشِيدًا بَلْ كَانَ سَفِيهًا فَاَلَّذِي يُجْبِرُهَا وَلِيُّهُ نَحْوُهُ فِي عبق وخش قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ أَنَّهُ لَا جَبْرَ لِوَلِيِّ الْأَبِ إذَا كَانَ سَفِيهًا بَلْ السَّفِيهُ إذَا كَانَ ذَا عَقْلٍ وَدِينٍ فَلَهُ جَبْرُ بِنْتِهِ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ التَّمْيِيزِ خُصَّ وَلِيُّهُ بِالنَّظَرِ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَتَزْوِيجِ بِنْتِهِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ يَلِي الْعَقْدَ هَلْ الْوَلِيُّ أَوْ الْأَبُ، وَلَوْ عَقَدَ حَيْثُ يُمْنَعُ مِنْهُ نَظَرٌ فَإِنْ حَسُنَ إمْضَاؤُهُ أَمْضَى وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ فِيمَا يَأْتِي اهـ.

وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا قَالَهُ الشُّرَّاحُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى نَاقِصِ التَّمْيِيزِ فَإِنَّ وَلِيَّهُ يُجْبِرُ فَيُوَافِقُ مَا فِي بْن تَأَمَّلْ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ الْأَبُ سَفِيهًا وَلَا وَلِيَّ لَهُ جَرَى فِي جَبْرِ ابْنَتِهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي بَابِ الْحَجْرِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصَرُّفِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ عبق.

(قَوْلُهُ: فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا) أَيْ فَإِذَا أَفَاقَتْ فَلَا تُزَوَّجُ إلَّا بِرِضَاهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بِكْرًا فَإِنَّهُ يُجْبِرُهَا وَلَا تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَانِسًا) أَيْ وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهَا عِنْدَ أَبِيهَا وَعَرَفَتْ مَصَالِحَ نَفْسِهَا قَبْلَ الزَّوَاجِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَبْرِ الْبِكْرِ، وَلَوْ عَانِسًا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ حَيْثُ قَالَ: لِلْأَبِ جَبْرُ الْبِكْرِ مَا لَمْ تَكُنْ عَانِسًا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا عَنَّسَتْ صَارَتْ كَالثَّيِّبِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ الْعِلَّةُ فِي

ص: 222

حَيْثُ كَانَ لَا يُمْنِي فَلَا يُجْبِرُهَا (عَلَى الْأَصَحِّ) وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ الْمَجْنُونُ وَالْمُبْرَصُ وَالْمُجْذَمُ أَوْ الْعِنِّينُ وَالْمَجْبُوبُ وَالْمُعْتَرِضُ (وَ) جَبَرَ (الثَّيِّبَ) ، وَلَوْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ (إنْ صَغُرَتْ أَوْ) كَبِرَتْ بِأَنْ بَلَغَتْ وَثَيُبَتْ (بِعَارِضٍ) كَوَثْبَةٍ أَوْ ضَرْبَةٍ (أَوْ بِحَرَامٍ) زِنًا أَوْ غَصْبٍ، وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ هُنَا عَلَى الِابْنِ (وَهَلْ) يُجْبِرُهَا (إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ الزِّنَا) حَتَّى طَارَ مِنْهَا الْحَيَاءُ أَوْ يُجْبِرُهَا مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَرْجَحُ (تَأْوِيلَانِ لَا) إنْ ثُيِّبَتْ الْبَالِغَةُ (بِ) نِكَاحٍ (فَاسِدٍ) مُخْتَلَفٍ فِيهِ أَوْ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ وَدَرَأَ الْحَدَّ فَلَا يُجْبِرُهَا (وَإِنْ) كَانَتْ (سَفِيهَةً) وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وِلَايَةِ الْمَالِ وِلَايَةُ النِّكَاحِ فَإِنْ لَمْ يَدْرَأْ الْحَدَّ جَبَرَهَا إلْحَاقًا لَهُ بِالزِّنَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِحَرَامٍ (وَ) لَا يُجْبِرُ (بِكْرًا رُشِّدَتْ) إنْ بَلَغَتْ، وَلَوْ رَشَّدَهَا قَبْلَهُ بِأَنْ قَالَ لَهَا رَشَّدْتُك أَوْ أَطْلَقْت يَدَك أَوْ رَفَعْت الْحَجْرَ عَنْك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا كَمَا يَأْتِي (أَوْ)(أَقَامَتْ) الْمَرْأَةُ (بِبَيْتِهَا) الَّذِي دَخَلَتْ فِيهِ مَعَ زَوْجِهَا (سَنَةً) مِنْ يَوْمِ الدُّخُولِ (وَأَنْكَرَتْ) بَعْدَ فِرَاقِهَا الْوَطْءَ فَلَا جَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا تَنْزِيلًا لِإِقَامَتِهَا السَّنَةَ مَنْزِلَةَ الثُّيُوبَةِ.

(وَجَبْرُ وَصِيٍّ) ، وَإِنْ نَزَلَ كَوَصِيِّ الْوَصِيِّ (أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ) أَيْ بِالْجَبْرِ، وَلَوْ ضِمْنًا كَزَوْجِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ (أَوْ) لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ وَلَكِنْ (عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ) وَلَكِنْ لَا جَبْرَ لِلْوَصِيِّ إلَّا إذَا بَذَلَ الزَّوْجُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَلَمْ يَكُنْ فَاسِقًا فَلَيْسَ هُوَ كَالْأَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَإِلَّا) يَأْمُرُهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ وَلَا عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْت وَصِيٌّ عَلَى بَنَاتِي أَوْ بِنْتِي فُلَانَةَ أَوْ زَوِّجْهَا مِمَّنْ أَحْبَبْت (فَخِلَافٌ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْجَبْرِ الْبَكَارَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ أَوْ الْجَهْلُ بِمَصَالِحِ النِّسَاءِ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ، وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِلرَّدِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِلَوْ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ لَا يُمْنِي) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ يُمْنِي فَلَهُ جَبْرُهَا عَلَى نِكَاحِهِ أَيْ لِأَنَّهَا تَلْتَذُّ بِنُزُولِ الْمَنِيِّ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْبَاجِيِّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَلَوْ قَالَ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَصَحِّ كَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ إلَخْ) مُحَصِّلُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِكَالْخَصِيِّ مَنْ قَامَ بِهِ مُوجِبُ الْخِيَارِ.

(تَنْبِيهٌ) كَمَا أَنَّ الْأَبَ لَيْسَ لَهُ جَبْرُ بِنْتِهِ الْبِكْرِ عَلَى التَّزْوِيجِ بِذِي عَاهَةٍ مُوجِبَةٍ لِخِيَارِهَا لَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا عَلَى التَّزْوِيجِ بِعَبْدٍ، وَلَوْ كَانَ عَبْدَهُ وَإِنَّمَا تُزَوَّجُ بِهِ بِرِضَاهَا بِهِ بِالْقَوْلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَبْكَارِ السَّبْعَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ ثُيُوبَتُهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ بِعَارِضٍ أَوْ بِزِنًا بَلْ وَلَوْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ.

(قَوْلُهُ: إنْ صَغُرَتْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُجْبِرُهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ فَإِنْ تَثَيَّبَتْ وَتَأَيَّمَتْ قَبْلَهُ، ثُمَّ بَلَغَتْ قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَا تُجْبَرُ وَهُوَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ وَصَوَّبَهُ وَمُقَابِلُهُ لِسَحْنُونٍ يُجْبِرُهَا مُطْلَقًا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَرْجَحُ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّقْيِيدِ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ.

(قَوْلُهُ: لَا بِفَاسِدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ بِعَارِضٍ كَمَا أَفَادَهُ تَقْرِيرُهُ وَقَوْلُهُ: لَا إنْ ثِيبَتْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَيْ وَأَوْلَى صَحِيحٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا مُولًى عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ الْمَالِ أَنْ تَكُونَ مُولًى عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ النِّكَاحِ وَبَالَغَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ مُسَاوَاتِهِمَا وَأَنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ كَمَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا فِي الْمَالِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبِرُ بِكْرًا رُشِّدَتْ) أَيْ كَمَا لَا يُجْبِرُ الْأَبُ ثَيِّبًا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا يُجْبِرُ بِكْرًا رُشِّدَتْ أَيْ رَشَّدَهَا أَبُوهَا وَثَبَتَ تَرْشِيدُهَا بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ إنْ أَنْكَرَ وَحَيْثُ كَانَتْ لَا تُجْبَرُ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا وَإِذْنِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ جَبْرِ الْأَبِ لِلْمُرَشَّدَةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَهُ جَبْرُهَا وَمِثْلُ الْبِكْرِ الَّتِي رَشَّدَهَا أَبُوهَا فِي كَوْنِهِ لَا جَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا الْبِكْرُ إذَا رَشَّدَهَا الْوَصِيُّ وَفِي بَقَاءِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهَا قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ بَقَاءُ وِلَايَتِهِ كَمَا هُوَ نَقْلُ الْمُتَيْطِيِّ عَنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا، وَأَمَّا لَوْ رَشَّدَ الْوَصِيُّ الثَّيِّبَ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَالْوِلَايَةُ لِأَقَارِبِهَا. .

(تَنْبِيهٌ) إذَا رَشَّدَ الْبِكْرَ أَبُوهَا كَمَا لَا يُجْبِرُهَا عَلَى النِّكَاحِ لَا يَحْجُرُ عَلَيْهَا فِي الْمُعَامَلَةِ وَمَا فِي خش وعبق مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهَا عَلَى النِّكَاحِ وَيَحْجُرُ عَلَيْهَا فِي الْمُعَامَلَةِ فَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ، إذْ الرُّشْدُ لَا يَتَبَعَّضُ فَلَا يَكُونُ فِي أَمْرٍ دُونَ أَمْرٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْوَنْشَرِيسِيِّ فِي طُرَرِ الْقَشْتَالِيِّ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَشَّدَهَا قَبْلَهُ) هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ الرُّشْدُ مِنْ لَوَازِمِهِ الْبُلُوغُ، وَقَدْ قَالَ ح كَبِكْرٍ رُشِّدَتْ يَعْنِي بَعْدَ الْبُلُوغِ، اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَقَامَتْ إلَخْ) أَيْ لَا يُجْبِرُ الْأَبُ مَنْ أَقَامَتْ فِي بَيْتِهَا السَّاكِنَةِ فِيهِ مَعَ زَوْجِهَا سَنَةً مِنْ حِينِ دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا مِنْ حِينِ بُلُوغِهَا كَمَا قَالَ عبق وَقَوْلُهُ: وَأَنْكَرَتْ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا أَنْكَرَتْ بَعْدَ فِرَاقِهَا الْوَطْءَ مَعَ الْعِلْمِ بِخَلْوَتِهَا هَذَا إذَا كَذَّبَهَا الزَّوْجُ بَلْ، وَلَوْ وَافَقَهَا عَلَى عَدَمِهِ أَوْ جَهِلَتْ خَلْوَتَهُ بِهَا وَأَنْكَرَتْ الْمَسَّ أَيْضًا وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْجَبْرِ إقْرَارُهَا بِمَسِّهِ لَكِنْ مَعَ الْإِقْرَارِ لَا يُجْبِرُهَا حَتَّى فِيمَا دُونَ السَّنَةِ، وَأَمَّا إنْ عُلِمَ عَدَمُ الْخَلْوَةِ بِهَا وَعَدَمُ الْوُصُولِ إلَيْهَا فَلَا يَرْتَفِعُ إجْبَارُ الْأَبِ عَنْهَا، وَلَوْ أَقَامَتْ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ.

(قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ الثُّيُوبَةِ) أَيْ فِي تَكْمِيلِ الصَّدَاقِ

(قَوْلُهُ: وَجَبَرَ وَصِيٌّ) أَيْ كُلُّ مَنْ يُجْبِرُهَا الْأَبُ وَهِيَ الْمَجْنُونَةُ مُطْلَقًا وَالْبِكْرُ، وَلَوْ عَانِسًا وَالثَّيِّبُ إنْ صَغُرَتْ مُطْلَقًا وَالثَّيِّبُ الْبَالِغَةُ إنْ ثُيِّبَتْ بِعَارِضٍ أَوْ بِحَرَامٍ كَالزِّنَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ) أَيْ وَكَانَ غَيْرَ فَاسِقٍ، إذْ لَا عِبْرَةَ بِتَعْيِينِ الْفَاسِقِ كَمَا فِي المج.

(قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا جَبْرَ لِلْوَصِيِّ) أَيْ فِيمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ الْأَبُ الزَّوْجَ أَوْ أَمَرَهُ بِالْجَبْرِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا بَذَلَ الزَّوْجُ مَهْرَ الْمِثْلِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ

ص: 223

وَالرَّاجِحُ الْجَبْرُ (وَهُوَ) أَيْ الْوَصِيُّ (فِي الثَّيِّبِ) الْمُوصَى عَلَى نِكَاحِهَا (وَلِيٌّ) مِنْ أَوْلِيَائِهَا يُزَوِّجُهَا بِرِضَاهَا وَيَكُونُ فِي مَرْتَبَةِ الْأَبِ (وَصَحَّ) النِّكَاحُ بِقَوْلِ الْأَبِ (إنْ مِتّ) فِي مَرَضِي هَذَا (فَقَدْ زَوَّجْت ابْنَتِي) لِفُلَانٍ وَكَانَ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ (بِمَرَضٍ) مَخُوفٍ أَمْ لَا طَالَ أَوْ قَصُرَ إذَا مَاتَ مِنْهُ وَصِحَّتُهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ (وَهَلْ) صِحَّتُهُ (إنْ قَبِلَ) الزَّوْجُ (بِقُرْبِ مَوْتِهِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِقُرْبٍ لَا قَبْلَهُ أَوْ يَصِحُّ، وَلَوْ بِبُعْدٍ (تَأْوِيلَانِ) وَالْقُرْبُ بِالْعُرْفِ (ثُمَّ) بَعْدَ السَّيِّدِ وَالْأَبِ وَوَصِيِّهِ.

(لَا جَبْرَ) لِأَحَدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لِأُنْثًى، وَلَوْ بِكْرًا يَتِيمَةً تَحْتَ حِجْرِهِ وَحِينَئِذٍ (فَالْبَالِغُ) هِيَ الَّتِي تُزَوَّجُ بِإِذْنِهَا فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَعْرَبَتْ عَنْ نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا كَفَى صَمْتُهَا إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ كَمَا يَأْتِي مُفَصَّلًا فِي كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ غَيْرِ الْبَالِغِ فَلَا تُزَوَّجُ بِوَجْهٍ (إلَّا يَتِيمَةً خِيفَ فَسَادُهَا) أَيْ فَسَادُ حَالِهَا بِفَقْرٍ أَوْ زِنًا أَوْ عَدَمِ حَاضِنٍ شَرْعِيٍّ أَوْ ضَيَاعِ مَالٍ أَوْ دَيْنٍ (وَبَلَغَتْ) مِنْ السِّنِينَ (عَشْرًا) أَيْ أَتَمَّتْهَا وَأَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا بِالْقَوْلِ كَمَا يَأْتِي الْمُصَنِّفُ وَلَكِنْ رَجَّحَ أَشْيَاخُنَا أَنَّهُ يَكْفِي صَمْتُهَا (وَشُووِرَ الْقَاضِي) الَّذِي يَرَى ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَالِكِيًّا لِيَثْبُتَ عِنْدَهُ مَا ذُكِرَ وَأَنَّهَا خَلِيَّةٌ مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْحَالِ وَالْمَالِ وَأَنَّ الصَّدَاقَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَأَنَّ الْجِهَازَ الَّذِي جُهِّزَتْ بِهِ مُنَاسِبٌ لَهَا فَيَأْذَنُ لِلْوَلِيِّ فِي تَزْوِيجِهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ أَوْ كَانَ مِنْ الْجَائِرِينَ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ كَفَى جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ (وَإِلَّا) بِأَنْ زُوِّجَتْ مَعَ فَقْدِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضِهَا (صَحَّ) النِّكَاحُ (إنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا (وَطَالَ) أَيْ النِّكَاحُ أَيْ أَمَدُهُ بِأَنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنَيْنِ أَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ تَلِدُ فِيهَا ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ لَمْ يَطُلْ فُسِخَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الرِّضَا بِدُونِهِ لِلْوَصِيِّ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَمَا يَأْتِي بَعْدَهُ مَصْلَحَةُ عَدَمِ الْفِرَاقِ.

(قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ الْجَبْرُ) الْحَقُّ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: إنَّ الرَّاجِحَ الْجَبْرُ إنْ ذُكِرَ الْبُضْعُ أَوْ النِّكَاحُ أَوْ التَّزْوِيجُ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْأَبُ: أَنْت وَصِيِّي عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى نِكَاحِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى تَزْوِيجِهِنَّ أَوْ وَصِيِّي عَلَى بِنْتِي تُزَوِّجُهَا أَوْ تُزَوِّجُهَا مِمَّنْ أَحْبَبْت، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْجَبْرِ كَمَا إذَا قَالَ: وَصِيِّي عَلَى بَنَاتِي أَوْ عَلَى بَعْضِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى بِنْتِي فُلَانَةَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: وَصِيِّي فَقَطْ أَوْ عَلَى مَالِي أَوْ عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِي أَوْ قَبْضِ دَيْنِي فَلَا جَبْرَ اتِّفَاقًا وَهَذِهِ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ زَوَّجَ جَبْرًا فَاسْتَظْهَرَ عج الْإِمْضَاءَ وَتَوَقَّفَ فِيهِ النَّفْرَاوِيُّ، وَأَمَّا إنْ زَوَّجَهَا بِلَا جَبْرٍ صَحَّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ زَوَّجَ مُوصًى عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ وَقَبْضِ دُيُونِهِ صَحَّ.

(قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ) أَيْ وَلَا بَعْدَهُ بِبُعْدٍ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي وَهُوَ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا أَيْ قُبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ

(قَوْلُهُ: إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ) أَيْ مِنْ الْأَبْكَارِ السَّبْعَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ: وَأَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا بِالْقَوْلِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ وَلَا تُزَوَّجُ إلَّا بِرِضَاهَا وَهُوَ مَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَحُكِيَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ وَسَلَّمَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَهُوَ ظَاهِرُ عَدِّ الْمُصَنِّفِ لَهَا مِنْ الْأَبْكَارِ الَّتِي تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا كَالثَّيِّبِ.

(قَوْلُهُ: وَشُووِرَ الْقَاضِي) هَذَا الْقَوْلُ لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا الْمُتَيْطِيُّ وَلَا ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا أَبُو الْحَسَنِ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي جَوَازَ نِكَاحِ الْيَتِيمَةِ الْقَاصِرِ وَإِنَّمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، ثُمَّ إنَّهُ إنْ أَرَادَ بِمُشَاوَرَةِ الْقَاضِي الرَّفْعَ لَهُ لِأَجْلِ إثْبَاتِ الْمُوجِبَاتِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ عج وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا فَذَلِكَ صَحِيحٌ وَمَعْنَى وَرُفِعَ وُجُوبًا لِلْقَاضِي لِإِثْبَاتِ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ مُشَاوَرَتِهِ فَلَا يَصِحُّ بِدُونِهَا فَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: يَرَى ذَلِكَ) أَيْ جَوَازَ نِكَاحِهَا.

(قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ خَوْفِ الْفَسَادِ وَبُلُوغِهَا عَشْرًا.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ) أَيْ فِي التَّدَيُّنِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَالنَّسَبِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَعْلُومَ الْأَبِ لَا إنْ كَانَ لَقِيطًا أَوْ مِنْ زِنًا (قَوْلُهُ: كَفَى جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فِي ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ لَدَيْهِمْ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَكْفِي.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ زُوِّجَتْ مَعَ فَقْدِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضِهَا) الَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَحُلُولُو اخْتِصَاصَ قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ إنْ دَخَلَ وَطَالَ بِمَفْهُومِ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ خِيفَ فَسَادُهَا قَالَا: وَلَمْ نَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي بَاقِي مَفَاهِيمِ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ اهـ.

أَقُولُ فَحِينَئِذٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ تَكُونَ بَلَغَتْ عَشْرًا فَعَلَى فَرْضِ إذَا لَمْ تَبْلُغْهَا وَزُوِّجَتْ صَحَّ النِّكَاحُ اهـ عَدَوِيٌّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ بُلُوغَهَا عَشْرًا مَطْلُوبٌ لِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ الْآخَرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ أَنَّهَا أَيْ الْيَتِيمَةَ لَا تُزَوَّجُ إلَّا إذَا بَلَغَتْ وَلَيْسَ شَرْطًا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِتَزْوِيجِهَا وَكَذَلِكَ مُشَاوَرَةُ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَيْسَ شَرْطًا عَلَى مَا عَلِمْت فَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ: الْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا ارْتَضَاهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى خِيفَةِ الْفَسَادِ فَمَتَى خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ فِي مَالِهَا أَوْ فِي حَالِهَا زُوِّجَتْ بَلَغَتْ عَشْرًا أَوْ لَا رَضِيَتْ بِالنِّكَاحِ أَمْ لَا فَيُجْبِرُهَا وَلِيُّهَا عَلَى التَّزْوِيجِ وَوَجَبَ مُشَاوَرَةُ الْقَاضِي فِي تَزْوِيجِهَا فَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا الْفَسَادَ وَزُوِّجَتْ صَحَّ إنْ دَخَلَ وَطَالَ، وَإِنْ خِيفَ فَسَادُهَا وَزُوِّجَتْ مِنْ غَيْرِ مُشَاوَرَةِ الْقَاضِي صَحَّ النِّكَاحُ إنْ دَخَلَ، وَإِنْ لَمْ يُطِلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ تَلِدُ فِيهَا ذَلِكَ)

ص: 224

عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ شَرَعَ فِي تَفْصِيلِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ لَا جَبْرَ فَقَالَ (وَقُدِّمَ) عِنْدَ اجْتِمَاعِ أَوْلِيَاءٍ غَيْرِ مُجْبِرِينَ (ابْنٌ) ، وَلَوْ مِنْ زِنًا إنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً (فَابْنُهُ) ، وَإِنْ سَفَلَ (فَأَبٌ فَأَخٌ) لِأَبٍ (فَابْنُهُ) ، وَإِنْ سَفَلَ (فَجَدٌّ) لِأَبٍ (فَعَمٌّ فَابْنُهُ)(وَقُدِّمَ) فِي الْأَخِ أَوْ ابْنِهِ وَالْعَمِّ أَوْ ابْنِهِ (الشَّقِيقُ) عَلَى الَّذِي لِلْأَبِ (عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ لِقُوَّةِ الشَّقِيقِ عَلَى الَّذِي لِلْأَبِ (فَمَوْلًى) أَعْلَى وَهُوَ مَنْ أَعْتَقَهَا أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقَهَا أَوْ أَعْتَقَ أَبَاهَا (ثُمَّ هَلْ) بَعْدَهُ الْمَوْلَى (الْأَسْفَلُ) وَهُوَ مَنْ أَعْتَقَتْهُ الْمَرْأَةُ (وَبِهِ فُسِّرَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (أَوْ لَا) وِلَايَةَ لَهُ أَصْلًا عَلَيْهَا (وَصُحِّحَ) وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ هُنَا إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالتَّعْصِيبِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (فَكَافِلٌ) وَهُوَ الْقَائِمُ بِأُمُورِهَا حَتَّى بَلَغَتْ عِنْدَهُ أَوْ بَلَغَتْ عَشْرًا بِشُرُوطِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ (وَهَلْ) مَحَلُّ تَحَقُّقِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهَا (إنْ كَفَلَ) الْمَرْأَةَ (عَشْرًا) مِنْ الْأَعْوَامِ (أَوْ أَرْبَعًا أَوْ) إنْ كَفَلَ (مَا) أَيْ زَمَنًا (يُشْفَقُ) فِيهِ أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ الشَّفَقَةُ بِالْفِعْلِ عَلَيْهَا (تَرَدُّدٌ) أَظْهَرُهُ الْأَخِيرُ (وَظَاهِرُهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (شَرْطُ الدَّنَاءَةِ) لِلْمَرْأَةِ الْمَكْفُولَةِ بِأَنْ يَكُونَ لَا قَدْرَ لَهَا وَإِلَّا فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْحَاكِمُ وَالْكَافِلُ حِينَئِذٍ مِنْ جُمْلَةِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُهَا فَشَرْطُ وِلَايَةِ الْكَافِلِ أَمْرٌ إنْ مَضَى زَمَنٌ يُشْفَقُ فِيهَا وَدَنَاءَتُهَا (فَحَاكِمٌ) هُوَ السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي إنْ كَانَ لَا يَأْخُذُ دَرَاهِمَ عَلَى تَوْلِيَةِ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَعَدَمٌ فَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَأَقَلُّهَا ثَلَاثُ سِنِينَ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) هَذَا الْقَوْلُ شَهَرَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمُتَيْطِيِّ وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُفْسَخُ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَشَهَرَ هَذَا الْقَوْلَ أَبُو الْحَسَنِ وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ ابْنٌ) أَيْ وُجُوبًا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ: نَدْبًا وَعَلَيْهِمَا يَتَخَرَّجُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ بِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ وَلَمْ يَجُزْ فَرُوعِيَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَحُكِمَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ عِنْدَ فَقْدِهِ وَرُوعِيَ الْقَوْلُ بِالنَّدْبِ فَحُكِمَ بِالصِّحَّةِ كَذَا قِيلَ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَلَمْ يَجُزْ وَحِينَئِذٍ فَالصِّحَّةُ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ زِنًا) أَيْ بِأَنْ ثُيِّبَتْ الْبَالِغُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، ثُمَّ زَنَتْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْأَبِ، وَأَمَّا إذَا ثُيِّبَتْ بِزِنًا وَأَتَتْ مِنْهُ بِابْنٍ فَإِنَّ الْأَبَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مُجْبِرَةٌ لِلْأَبِ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ إذَا لَمْ يُفَرِّقْ فِي الْحَرَامِ بَيْنَ أَنْ يَنْشَأَ عَنْهُ ابْنٌ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً) أَيْ وَإِلَّا قُدِّمَ الْمُجْبِرُ عَلَى الِابْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُجْبِرُ أَبًا أَوْ وَصِيًّا.

(قَوْلُهُ: فَأَبٌ) أَيْ شَرْعِيٌّ أَيْ وَأَمَّا الْأَبُ الزَّانِي فَلَا عِبْرَةَ بِهِ كَالْأَبِ مِنْ الرَّضَاعِ.

(قَوْلُهُ: فَأَخٌ لِأَبٍ) صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ فَقَطْ وَخَرَجَ الْأَخُ لِلْأُمِّ فَإِنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ.

(قَوْلُهُ: فَأَخٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَخِ وَابْنِهِ عَلَى الْجَدِّ هُنَا كَالْوَلَاءِ وَإِمَامَةِ الْجِنَازَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْجَدَّ وَأَبَاهُ، وَإِنْ عَلَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الْأَخِ وَابْنِهِ قَالَ عج:

بِغُسْلٍ وَإِيصَاءٍ وَلَاءٍ جِنَازَةٍ

نِكَاحٍ أَخًا وَابْنًا عَلَى الْجَدِّ قَدِّمْ

وَعَقْلٍ وَوَسْطِهِ بِبَابِ حِضَانَةٍ

وَسَوِّهِ مَعَ الْآبَاءِ فِي الْإِرْثِ وَالدَّمِ

، ثُمَّ يَلِي ابْنَ الْعَمِّ أَبُو الْجَدِّ فَعَمُّ الْأَبِ وَهَكَذَا يُقَدَّمُ الْأَصْلُ عَلَى فَرْعِهِ وَفَرْعُهُ عَلَى أَصْلِ أَصْلِهِ وَقِيلَ: إنَّ الْجَدَّ، وَإِنْ عَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ أَيْ عَلَى عَمِّهَا وَابْنِهِ وَعَلَى عَمِّ أَبِيهَا وَابْنِهِ وَعَلَى عَمِّ جَدِّهَا وَابْنِهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَالْمُخْتَارُ أَيْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ وَمَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الشَّقِيقَ مِنْ الْإِخْوَةِ وَغَيْرَهُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَقْتَرِعَانِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْأَخَوَيْنِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ أَعْتَقَهَا) أَيْ وَعَصَبَتُهُ الْمُتَعَصِّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَنْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقَهَا أَوْ أَعْتَقَ أَبَاهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ وَعَصَبَتِهِ الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَوْلًى أَعْلَى وَتَرْتِيبُ عَصَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ كَتَرْتِيبِ عَصَبَتِهَا.

(قَوْلُهُ: إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالتَّعْصِيبِ) أَيْ وَالْعَتِيقُ لَيْسَ مِنْ عَصَبَتِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُعَبِّرْ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلَانِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ أَصَحُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَقُلْ خِلَافٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعَبَّرُ بِهِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ شُهِرَ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فَكَافِلٌ) الْمُرَادُ بِالْمَكْفُولَةِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا مَنْ مَاتَ أَبُوهَا وَغَابَ أَهْلُهَا.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْبِنْتَ إذَا مَاتَ أَبُوهَا وَغَابَ أَهْلُهَا وَكَفَلَهَا رَجُلٌ أَيْ قَامَ بِأُمُورِهَا حَتَّى بَلَغَتْ عِنْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِحَضَانَتِهَا شَرْعًا أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا وَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا فَإِنْ مَاتَ زَوْجُ الْمَكْفُولَةِ أَوْ طَلَّقَهَا فَهَلْ تَعُودُ وِلَايَةُ الْكَافِلِ أَوْ لَا تَعُودُ. ثَالِثُهَا تَعُودُ إنْ كَانَ فَاضِلًا وَرَابِعُهَا تَعُودُ الْوِلَايَةُ إنْ عَادَتْ الْمَرْأَةُ لِكَفَالَتِهِ وَأَشْعَرَ إتْيَانُ الْمُصَنِّفِ بِالْوَصْفِ مُذَكَّرًا أَنَّ الْمَرْأَةَ الْكَافِلَةَ لَا وِلَايَةَ لَهَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ: لَهَا الْوِلَايَةُ لَكِنَّهَا لَا تُبَاشِرُ الْعَقْدَ بَلْ تُوَكِّلُ مَنْ يَعْقِدُ لِمَكْفُولَتِهَا.

(قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهَا) أَيْ بِالشُّرُوطِ الَّتِي بَلَغَتْ عَشْرًا.

(قَوْلُهُ: وَأَظْهَرُهُ الْأَخِيرُ) قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ: أَقَلُّ الْكَفَالَةِ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْوِلَايَةُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَقِيلَ: عَشْرُ سِنِينَ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا تُحَدَّ إلَّا بِمَا يُوجِبُ الْحَنَانَ وَالشَّفَقَةَ اهـ أَبُو الْحَسَنِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَهَا قَدْرٌ بِأَنْ كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ أَوْ جَمَالٍ.

(قَوْلُهُ: مِنْ جُمْلَةِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاكِمِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا.

(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُهَا) أَيْ وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي وِلَايَةِ الْكَافِلِ الدَّنَاءَةُ بَلْ وِلَايَتُهُ عَامَّةٌ لِلدَّنِيئَةِ وَالشَّرِيفَةِ

ص: 225

إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ صِحَّتُهَا أَوْ خُلُوُّهَا مَعَ مَانِعٍ وَأَنَّهُ لَا وَلِيَّ لَهَا أَوْ عَضَلَهَا أَوْ غَابَ عَنْهَا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْحَالِ وَالْمَهْرِ فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ أَمْرَ نَفْسِهَا، وَأَمَّا الرَّشِيدَةُ فَلَهَا إسْقَاطُ الْكَفَاءَةِ فِيمَا ذُكِرَ (فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ ذُكِرَ فَيَتَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِهَا أَيُّ فَرْدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِإِذْنِهَا حَيْثُ عُلِمَ خُلُوُّهَا مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الزَّوْجُ فَيَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا يَأْتِي (وَصَحَّ) النِّكَاحُ (بِهَا) أَيْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ (فِي) تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ (دَنِيئَةٍ) كَمَسْلَمَانِيَّةِ وَمُعْتَقَةٍ وَفَقِيرَةٍ سَوْدَاءَ غَيْرِ ذَاتِ نَسَبٍ وَلَا حَسَبٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا إنْ عَدِمَتْ النَّسَبَ وَالْحَسَبَ فَدَنِيئَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ جَمِيلَةً ذَاتَ مَالٍ (مَعَ) وُجُودِ وَلِيٍّ (خَاصٍّ) مِمَّنْ تَقَدَّمَ (لَمْ يُجْبِرْ) ، وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِهَا فَإِنْ وُجِدَ الْمُجْبِرُ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى فِي الدَّنِيئَةِ (كَشَرِيفَةٍ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبِرْ فِي شَرِيفَةٍ أَيْ ذَاتِ قَدْرٍ مِنْ حَسَبٍ وَعُلُوِّ نَسَبٍ وَجَمَالٍ وَمَالٍ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا (وَطَالَ) بِأَنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ غَيْرَ تَوْأَمَيْنِ أَوْ مَضَى قَدْرُ ذَلِكَ كَثَلَاثِ سِنِينَ (وَإِنْ قَرُبَ) فِي الشَّرِيفَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ (فَلِلْأَقْرَبِ) عِنْدَ اجْتِمَاعِ أَقْرَبَ وَأَبْعَدَ وَلِلْبَعِيدِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِيبِ (أَوْ الْحَاكِمِ إنْ) عُدِمَ الْوَلِيُّ الْعَاصِبُ أَوْ وُجِدَ وَ (غَابَ) عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ (الرَّدُّ) فَإِنْ غَابَ غَيْبَةً قَرِيبَةً كَتَبَ إلَيْهِ الْحَاكِمُ وَيُوقَفُ الزَّوْجُ عَنْهَا (وَفِي تَحَتُّمِهِ) أَيْ تَحَتُّمِ الرَّدِّ أَيْ فَسْخِ النِّكَاحِ (إنْ طَالَ) الزَّمَنُ.

(قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ دَخَلَ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ: قَبْلَهُ مُتَعَلِّقٌ بِطَالَ وَعَدَمِ تَحَتُّمِهِ فَلِلْوَلِيِّ الْإِجَازَةُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ (تَأْوِيلَانِ)(وَ) صَحَّ النِّكَاحُ حَالَ وُجُودِ أَوْلِيَاءٍ أَقْرَبَ وَأَبْعَدَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ ظَاهِرُهَا تَبِعَ فِيهِ عج، وَقَدْ اعْتَمَدَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ وَالْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ مُقَابِلَهُ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رَجَحَ.

(قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ صِحَّتُهَا) أَيْ خُلُوُّهَا مِنْ الْمَرَضِ وَقَوْلُهُ: وَخُلُوُّهَا مِنْ مَانِعٍ أَيْ كَالْإِحْرَامِ وَالْعِدَّةِ (وَقَوْلُهُ: وَإِنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ) أَيْ التَّدَيُّنِ وَالْعَمَلِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ شِرِّيبًا وَلَا فَاسِقًا.

(قَوْلُهُ: وَالْحَالِ) أَيْ السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَا يُوجِبُ الْخِيَارَ، وَقِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ مُسَاوَاتُهُ لَهَا فِيمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ فَهُمَا تَقْرِيرَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَهْرِ) أَيْ وَأَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ مِثْلِهَا.

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ إلَخْ) أَيْ وَإِثْبَاتُ الْكَفَاءَةِ فِي الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا يُحْتَاجُ لَهُ فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الرَّشِيدَةُ) أَيْ وَهِيَ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِ نَفْسِهَا وَقَوْلُهُ: فَلَهَا إسْقَاطُ إلَخْ أَيْ فَلَا يُحْتَاجُ فِي حَقِّهَا لِإِثْبَاتِ الْكَفَاءَةِ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ لَهَا إسْقَاطَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْحَالِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ. .

(تَنْبِيهٌ) لَوْ عَقَدَ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ صَحَّ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ.

(قَوْلُهُ: فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ) الْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِ الْجِنْسُ وَإِضَافَةُ عَامَّةٍ لَهُ مِنْ إضَافَةِ الْمُؤَكِّدِ بِالْكَسْرِ لِلْمُؤَكَّدِ بِالْفَتْحِ أَيْ فَوِلَايَةُ الْمُسْلِمِينَ عَامَّتِهِمْ أَيْ كُلِّهِمْ فَلَا يَخْتَصُّ بِتِلْكَ الْوِلَايَةِ شَخْصٌ دُونَ آخَرَ بَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِيهَا مَدْخَلٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ شَرِيفَةً أَوْ دَنِيئَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] وَمَتَى قَامَ بِهَا وَاحِدٌ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِي عَلَى طَرِيقِ الْكِفَايَةِ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ بِهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ صَحَّ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالْحَقُّ الْجَوَازُ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ فَتُّوحٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ.

(قَوْلُهُ: كَمَسْلَمَانِيَّةِ وَمُعْتَقَةٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَاتَ مَالٍ وَجَمَالٍ وَحَسَبٍ وَهُوَ مَا قَالَهُ عج قَالَ بْن وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ الَّذِي فِي كَلَامِ زَرُّوقٍ أَنَّ الْمَسْلَمانِيَّةَ وَالْمُعْتَقَةَ إنَّمَا تَكُونُ دَنِيئَةً إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ بِالْمَالِ وَالْجَمَالِ وَالْحَسَبِ، وَنَصُّهُ فَإِنْ زَوَّجَ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْخَاصَّةِ فَإِنْ كَانَتْ دَنِيئَةً كَالسَّوْدَاءِ وَالْمَسْلَمَانِيَّةِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمَا مِمَّنْ لَا يُرْغَبُ فِيهِ لِحَسَبٍ وَلَا مَالٍ وَلَا جَمَالٍ صَحَّ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ يَرْغَبُ فِيهَا مِنْهُنَّ لِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَشَرِيفَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا حَسَبٍ) هُوَ مَا يُعَدُّ مِنْ مَفَاخِرِ الْآبَاءِ كَالْكَرَمِ وَالصَّلَاحِ.

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ وَقَوْلُهُ: إنْ عَدِمَتْ النَّسَبَ أَيْ عُلُوَّ النَّسَبِ. وَقَوْلُهُ: فَدَنِيئَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ جَمِيلَةً ذَاتَ مَالٍ أَيْ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ ذَاتَ نَسَبٍ وَحَسَبٍ كَانَتْ شَرِيفَةً، وَلَوْ فَقِيرَةً غَيْرَ جَمِيلَةٍ وَهَذَا غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ بَلْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ زَرُّوقٌ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُجْبِرْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ الْمُجْبِرِ كَالْأَبِ فِي ابْنَتِهِ وَالسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا وَيُفْسَخُ أَبَدًا، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ.

(قَوْلُهُ: فَلِلْأَقْرَبِ الرَّدُّ) أَيْ وَلَهُ الْإِجَازَةُ، قَالَ عبق فَإِنْ سَكَتَ الْوَلِيُّ عِنْدَ عَقْدِ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا مَعَ حُضُورِهِ الْعَقْدَ فَهُوَ إقْرَارٌ لَهُ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ لُبٍّ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِرِضَا الْأَقْرَبِ إذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ وَلَا قَدَّمَ مَنْ تَوَلَّاهُ وَلَا يُعَدُّ هَذَا إقْرَارًا لِلنِّكَاحِ ذَكَرَهُ فِي نَوَازِلِهِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ الْخَالِي مَعَ حُضُورِ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَرِضَاهُ دُونَ تَقْدِيمٍ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ وَبَعْدَ الْعَقْدِ أَيْ إنْ طَالَ مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْبِنَاءِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عُقِدَ لِلشَّرِيفَةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ غَيْرِ الْمُجْبِرِ وَطَالَ الزَّمَانُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ دَخَلَ أَمْ لَا فَهَلْ يَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ أَوْ لَا يَتَحَتَّمُ وَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ تَأْوِيلَانِ وَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ مِنْ تَحَتُّمِ الْفَسْخِ فَانْظُرْ هَلْ بِطَلَاقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ التَّبَّانِ وَالثَّانِي لِابْنِ سَعْدُونٍ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ) أَيْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِنَدْبِ التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ أَنَّ

ص: 226

(بِأَبْعَدَ مَعَ) وُجُودِ (أَقْرَبَ) كَعَمٍّ مَعَ أَخٍ وَأَبٍ مَعَ ابْنٍ وَكَغَيْرِ شَقِيقٍ مَعَ شَقِيقٍ (إنْ لَمْ يُجْبِرْ) الْأَقْرَبُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ أَجَازَ مُجْبَرٌ إلَخْ (وَلَمْ يَجُزْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا وَمَا بَعْدَهُ وَشُبِّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ قَوْلُهُ: (كَأَحَدِ الْمُعْتِقَيْنِ) كَكُلِّ وَلِيَّيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ غَيْرِ مُجْبِرَيْنِ كَعَمَّيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ دُونَ عَدَمِ الْجَوَازِ، إذْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمَرْضِيِّ، وَأَمَّا الْمُجْبِرَانِ كَوَصِيَّيْنِ وَشَرِيكَيْنِ فِي أَمَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ، وَإِنْ أَجَازَ الْآخَرَ.

وَلَمَّا كَانَتْ غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا وَرِضَاهَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَرِضَاءُ الْبِكْرِ) بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ (صَمْتٌ) يَعْنِي صَمْتُهَا رِضًا وَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا (كَتَفْوِيضِهَا) لِلْوَلِيِّ فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي صَمْتُهَا بِأَنْ قِيلَ لَهَا هَلْ تُفَوِّضِينَ لَهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ نَشْهَدُ عَلَيْك أَنَّك قَدْ فَوَّضْتِ الْعَقْدَ لَهُ؟ فَسَكَتَتْ (وَنُدِبَ إعْلَامُهَا بِهِ) أَيْ بِأَنَّ صَمْتَهَا رِضًا مِنْهَا (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا) بَعْدَ الْعَقْدِ (دَعْوَى جَهْلِهِ) أَيْ جَهْلِهَا أَنَّ صَمْتَهَا رِضًا (فِي تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ) مِنْ الْعُلَمَاءِ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَ النَّاسِ، وَلَوْ كَانَ شَأْنُهَا الْجَهْلَ وَالْبَلَادَةَ (وَإِنْ مَنَعَتْ أَوْ نَفَرَتْ لَمْ تُزَوَّجْ) لِعَدَمِ رِضَاهَا (لَا إنْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ) فَتُزَوَّجُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ بُكَاهَا عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَنْعٌ لَمْ تُزَوَّجْ (وَالثَّيِّبُ) غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ (تُعْرِبُ) أَيْ تُبَيِّنُ بِاللَّفْظِ عَمَّا فِي نَفْسِهَا وَلَمَّا كَانَ يُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ سَبْعَةُ أَبْكَارٍ أَشَارَ لَهُنَّ بِالتَّشْبِيهِ بِهَا بِقَوْلِهِ.

(كَبِكْرٍ) بَالِغٍ (رُشِّدَتْ) مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ، وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْوُجُوبَ غَيْرُ شَرْطِيٍّ.

(قَوْلُهُ: بِأَبْعَدَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْأَبْعَدُ هُوَ الْحَاكِمَ كَمَا قَالَهُ ح فَإِذَا لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ بِحُضُورِ أَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِهَا وَزَوَّجَهَا الْحَاكِمُ كَانَتْ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَوْ لَمْ تَرْضَ إلَّا بِوَكَالَةِ وَاحِدٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ الْحَاكِمِ جَرَى فِيهِ قَوْلُهُ: سَابِقًا وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيئَةٍ، ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبْعَدِ الْمُؤَخَّرُ عَنْ الْآخَرِ فِي الْمَرْتَبَةِ وَبِالْأَقْرَبِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ فِي الرُّتْبَةِ، وَلَوْ كَانَتْ جِهَتُهُمَا مُتَّحِدَةً فَيَشْمَلُ تَزْوِيجَ الْأَخِ لِلْأَبِ مَعَ وُجُودِ الشَّقِيقِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْأَقْرَبَ وَالْأَبْعَدَ فِي الْجِهَةِ وَإِلَّا لَأَوْهَمَ أَنَّ تَزْوِيجَ الْأَخِ لِلْأَبِ مَعَ وُجُودِ الشَّقِيقِ جَائِزٌ ابْتِدَاءً لِاتِّحَادِ جِهَتِهِمَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا وَمَا بَعْدَهَا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ عَدَمُ الْجَوَازِ خَاصٌّ بِقَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إلَخْ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيئَةٍ إلَخْ اهـ بْن وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ فِيهَا هُوَ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْجَوَازُ ابْتِدَاءً، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَيْثُ حُكِمَ بِالْجَوَازِ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ بَلْ كَانَ الْقِيَاسُ الْعَكْسُ.

(قَوْلُهُ: فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ لَا لِلتَّمْثِيلِ لِعَدَمِ شُمُولِ مَا قَبْلَهَا لِمَا بَعْدَهَا خِلَافًا لعبق حَيْثُ جَوَّزَ جَعْلَهَا لِلتَّمْثِيلِ فَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ: كَأَحَدِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إذَا تَوَلَّاهُ أَحَدُ الْمُعْتِقِينَ

(قَوْلُهُ: بَيَّنَهُ) أَيْ بَيَّنَ أَنَّ رِضَاهَا يَكُونُ بِأَيِّ شَيْءٍ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي صَمْتَهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَلْبًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِخْبَارُ عَنْ الصَّمْتِ بِكَوْنِهِ رِضًا لَا الْإِخْبَارُ عَنْ الرِّضَا بِالصَّمْتِ.

(قَوْلُهُ: رِضًا) أَيْ بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ إلَخْ) يَعْنِي إذَا قِيلَ لَهَا: فُلَانٌ يُرِيدُ تَزَوُّجَك وَجَعَلَ لَك مِنْ الصَّدَاقِ كَذَلِكَ فَسَكَتَتْ فَقِيلَ لَهَا: هَلْ تُفَوِّضِينَ لِفُلَانٍ فِي الْعَقْدِ فَسَكَتَتْ فَعَقَدَ لَهَا فُلَانٌ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالصَّدَاقِ الَّذِي سُمِّيَ لَهَا فَبَعْدَ الْعَقْدِ ادَّعَتْ أَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ الزَّوْجِ أَوْ الصَّدَاقِ أَوْ الْوَلِيِّ الَّذِي عَقَدَ لَهَا، وَادَّعَتْ أَنَّهَا تَجْهَلُ أَنَّ الصَّمْتَ رِضًا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا وَتَمَّ النِّكَاحُ وَهَذَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَتَأْوِيلُ الْأَقَلِّ أَنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَاهَا أَنَّهَا تَجْهَلُ أَنَّ الصَّمْتَ رِضًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ إعْلَامِهَا بِهِ، وَقَالَ حَمْدِيسٌ: إنْ عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ قُبِلَ دَعْوَاهَا الْجَهْلَ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ.

(قَوْلُهُ: كَتَفْوِيضِهَا لِلْوَلِيِّ فِي الْعَقْدِ) فَيَكْفِي صَمْتُهَا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ حَاضِرَةً فِيهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهَا بِكْرٌ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا يَكْفِي سُكُوتُهَا فِي التَّفْوِيضِ لِلْوَلِيِّ فِي الْعَقْدِ إلَّا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ غَائِبَةً فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَكْفِي صَمْتُ الثَّيِّبِ فِي الْإِذْنِ لِلْوَلِيِّ حَضَرَتْ أَوْ غَابَتْ فَهِيَ كَالْبِكْرِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ فَفِي الْبِكْرِ يَكْفِي الصَّمْتُ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النُّطْقِ.

(قَوْلُهُ: دَعْوَى جَهْلِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: لِشُهْرَتِهِ) أَيْ لِشُهْرَةِ أَنَّ صَمْتَهَا رِضًا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَتْ) أَيْ بِالْقَوْلِ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهَا الصَّدَاقُ أَوْ الزَّوْجُ بِأَنْ قَالَتْ: لَا أَتَزَوَّجُ. وَقَوْلُهُ: أَوْ نَفَرَتْ أَيْ بِالْفِعْلِ بِأَنْ قَامَتْ أَوْ غَطَّتْ وَجْهَهَا حَتَّى ظَهَرَ كَرَاهَتُهَا وَقَوْلُهُ: لَمْ تُزَوَّجْ لِعَدَمِ رِضَاهَا فَإِنْ زُوِّجَتْ فُسِخَ نِكَاحُهَا أَبَدًا، وَلَوْ بَعْدَ بِنَاءٍ وَطُولٍ، وَلَوْ أَجَازَتْهُ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ اُشْتُرِطَ فِي الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهَا مَنْعٌ وَهَذِهِ قَدْ أَظْهَرَتْهُ.

(قَوْلُهُ: فَتُزَوَّجُ) أَيْ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَى الرِّضَا صَرِيحًا وَلِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ ضِمْنًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ بُكَاهَا عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا وَتَقُولُ فِي نَفْسِهَا: لَوْ كَانَ أَبِي حَيًّا لَمْ أَحْتَجْ لِاسْتِئْذَانٍ.

(قَوْلُهُ: عَمَّا فِي نَفْسِهَا) أَيْ مِنْ الرِّضَا بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا، وَأَمَّا إذْنُهَا فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي فِيهِ الصَّمْتُ، كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا فِي التَّفْوِيضِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا مَا قَالَهُ عبق فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهَا إلَخْ) صَوَابُهُ بَعْدَ بُلُوغِهَا؛ لِأَنَّ الرُّشْدَ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا مَرَّ

ص: 227

فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا لَهُ (أَوْ) بِكْرٍ مُجْبَرَةٍ (عُضِلَتْ) أَيْ مَنَعَهَا أَبُوهَا مِنْ النِّكَاحِ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ فَزَوَّجَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا فَإِنْ أَمَرَ الْحَاكِمُ أَبَاهَا فَزَوَّجَهَا لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنٍ (أَوْ) بِكْرٍ (زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ) وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُزَوَّجُونَ بِهِ وَلَيْسَتْ مُجْبَرَةً (أَوْ) زُوِّجَتْ (بِرِقٍّ) بِأَنْ زُوِّجَتْ بِعَبْدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا، وَلَوْ مُجْبَرَةً (أَوْ) زُوِّجَتْ (بِ) زَوْجٍ ذِي (عَيْبٍ) لَهَا فِيهِ خِيَارٌ كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ، وَلَوْ مُجْبَرَةً فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا (أَوْ) بِكْرٍ (يَتِيمَةٍ) وَهِيَ الَّتِي قَدَّمَهَا بِقَوْلِهِ إلَّا يَتِيمَةٍ إلَخْ ذَكَرَهَا هُنَا لِبَيَانِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَكْفِي صَمْتُهَا.

(أَوْ) بِكْرٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ (اُفْتِيتَ عَلَيْهَا) الِافْتِيَاتُ التَّعَدِّي أَيْ تَعَدَّى عَلَيْهَا وَلِيُّهَا غَيْرُ الْمُجْبِرِ فَعَقَدَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا، ثُمَّ وَصَلَ لَهَا الْخَبَرُ فَرَضِيَتْ بِذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا بِالْقَوْلِ وَلَا يَكْفِي الصَّمْتُ (وَصَحَّ) الْعَقْدُ حِينَئِذٍ بِشُرُوطٍ (إنْ قَرُبَ رِضَاهَا) بِأَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ بِالسُّوقِ أَوْ الْمَسْجِدِ مَثَلًا وَيُسَارُ إلَيْهَا بِالْخَبَرِ مِنْ وَقْتِهِ وَالْيَوْمُ بُعْدٌ فَلَا يَصِحُّ رِضَاهَا بِهِ مَعَهُ وَأَنْ تَكُونَ الَّتِي اُفْتِيتَ عَلَيْهَا (بِالْبَلَدِ) حَالَ الِافْتِيَاتِ وَالرِّضَا فَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ قَرُبَا أَيْ الْمَكَانَانِ وَأَنْهَى إلَيْهَا الْخَبَرُ مِنْ وَقْتِهِ (وَلَمْ يُقِرَّ) الْوَلِيُّ (بِهِ) أَيْ بِالِافْتِيَاتِ (حَالَ الْعَقْدِ) بِأَنْ سَكَتَ أَوْ ادَّعَى الْإِذْنَ وَكَذَّبَتْهُ وَبَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنْ لَا تَرُدَّ قَبْلَ الرِّضَا فَإِنْ رَدَّتْ فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهَا بَعْدَهُ وَالِافْتِيَاتُ عَلَى الزَّوْجِ كَالِافْتِيَاتِ عَلَيْهَا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ، وَأَمَّا الِافْتِيَاتُ عَلَيْهِمَا مَعًا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ مُطْلَقًا.

وَلَمَّا كَانَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبَرْ إنْ عَقَدَ غَيْرُ الْمُجْبِرِ مَعَ وُجُودِ الْمُجْبِرِ لَا يَصِحُّ أَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ أَشْخَاصًا ثَلَاثَةً بِقَوْلِهِ (وَإِنْ)(أَجَازَ) نِكَاحًا وَلِيٌّ (مُجْبِرٌ) أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مَالِكٌ (فِي) عَقْدِ (ابْنٍ) لِلْمُجْبِرِ (وَأَخٍ) لَهُ (وَجَدٍّ) لِلْمُجْبَرَةِ وَهُوَ أَوْ الْمُجْبِرُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا) أَيْ بِأَنَّهَا رَاضِيَةٌ بِذَلِكَ الزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ وَلَا يَكُونُ سُكُوتُهَا إذْنًا مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلُّ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَرْضَى بِهِ بِالْقَوْلِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ فَيَكْفِي فِي الرِّضَا بِهِ صَمْتُهَا كَمَا يَظْهَرُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ مُجْبَرَةً) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ يَتِيمَةً لَا أَبَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ وَهِيَ يَنْظُرُ فِي حَالِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا بِالرِّضَا بِذَلِكَ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ مُشْتَرِيَةٌ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لَا يَلْزَمُ بِالصَّمْتِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُزَوَّجُونَ بِهِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ تُزَوَّجُ بِهِ فَلَا يُحْتَاجُ لِنُطِقْهَا وَيَكْفِي فِي رِضَاهَا بِالصَّدَاقِ صَمْتُهَا.

(قَوْلُهُ: بِرِقٍّ) أَيْ بِزَوْجٍ ذِي رِقٍّ، وَلَوْ كَانَ عَبْدَ أَبِيهَا وَزَوَّجَهَا أَبُوهَا بِهِ لِمَا فِي تَزْوِيجِهَا بِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمَعَرَّةِ الَّتِي لَا يَحْصُلُ مِثْلُهَا فِي تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ عَبْدِ أَبِيهَا اهـ خش.

(قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا) أَيْ بِالرِّضَا بِهِ، وَلَوْ مُجْبَرَةً.

(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَكْفِي صَمْتُهَا) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّهَا تُجْبَرُ إذَا خِيفَ فَسَادُهَا

(قَوْلُهُ: أَوْ اُفْتِيتَ عَلَيْهَا) أَيْ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِالْخِطْبَةِ قَبْلُ وَلَمْ تَأْذَنْ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْخِطْبَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِجَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْهَا فَلَا تَكْفِي عَنْ عَرْضِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَالِاسْتِئْذَانِ فِيهِ وَتَعْيِينِ الصَّدَاقِ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَى الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا إذَا رَضِيَتْ بِعَقْدِ وَلِيِّهَا عَلَيْهَا افْتِيَاتًا.

(قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ رَضِيَتْ بِالْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ: وَالْيَوْمُ بُعْدٌ) لَا يَخْفَى مُعَارِضُهُ مَفْهُومَ هَذَا مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَيُسَارُ إلَيْهَا بِالْخَبَرِ فِي وَقْتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَفْهُومِ هَذَا اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ رِضَاهَا بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: مَعَهُ أَيْ مَعَ تَأَخُّرِ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهَا يَوْمًا وَقِيلَ: يَصِحُّ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ كَالشَّرْطِيِّ أَمْ لَا أَيْ أَهَلْ الْخِيَارُ الَّذِي جَرَى إلَيْهِ الْحُكْمُ وَهُوَ الْخِيَارُ الَّذِي فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ الْعَقْدِ وَرِضَاهَا كَالْخِيَارِ الْحَاصِلِ بِالشَّرْطِ وَحِينَئِذٍ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ الرِّضَا الْوَاقِعِ بَعْدَ الْيَوْمِ أَوْ لَيْسَ مِثْلَهُ.

(قَوْلُهُ: بِالْبَلَدِ) أَيْ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ افْتِيَاتًا، وَلَوْ بَعُدَ طَرَفَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْبَلَدُ وَاحِدًا نَزَلَ بُعْدُ الطَّرَفَيْنِ مَنْزِلَةَ الْقُرْبِ بِخِلَافِ الْبَلَدَيْنِ، وَلَوْ تَقَارَبَا فَإِنَّ شَأْنَهُمَا بُعْدُ الْمَسَافَةِ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْمَكَانَانِ) أَيْ الْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ الزَّوْجَةُ وَالْمَكَانُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ افْتِيَاتًا.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقِرَّ الْوَلِيُّ بِهِ) فَإِنْ أَقَرَّ الْوَلِيُّ الْوَاقِعُ مِنْهُ الِافْتِيَاتَ بِالِافْتِيَاتِ حَالَ الْعَقْدِ فُسِخَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ قَرُبَ رِضَاهَا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ اهـ خش.

(قَوْلُهُ: وَبَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ) فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ شَرْطٌ خَامِسٌ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا.

وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُفْتَاتَ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا إنَّمَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا إذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ الْعَقْدِ بِالنُّطْقِ وَأَنْ يَكُونَ رِضَاهَا قَرِيبًا زَمَنُهُ مِنْ الْعَقْدِ وَأَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ فِي الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْعَقْدُ افْتِيَاتًا وَأَنْ لَا يُقِرَّ الْوَلِيُّ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ الِافْتِيَاتُ بِالِافْتِيَاتِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَأَنْ لَا يَقَعَ مِنْهَا رَدٌّ قَبْلَ الرِّضَا. وَالشَّارِحُ جَعَلَ الشُّرُوطَ أَرْبَعَةً نَظَرًا لِكَوْنِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ صِحَّةَ نِكَاحِ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا الَّتِي رَضِيَتْ بِالْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الرَّدِّ، وَلَوْ قَرُبَ الرِّضَا.

(قَوْلُهُ: كَالِافْتِيَاتِ عَلَيْهَا) أَيْ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ إنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِهِ نُطْقًا بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَتْ كُلُّ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضُهَا أَوْ عُدِمَتْ رَأْسًا

(قَوْلُهُ: أَشْخَاصًا ثَلَاثَةً) جَعَلَهَا ثَلَاثَةً بِاعْتِبَارِ اسْتِثْنَائِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَاقِعِ لَا خُصُوصِيَّةَ لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ بَلْ كُلُّ وَلِيٍّ كَذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُجْبِرَ إذَا كَانَ لَهُ ابْنٌ أَوْ أَخٌ أَوْ أَبٌ أَوْ جَدٌّ، ثُمَّ إنَّهُ زَوَّجَ ابْنَةَ ذَلِكَ الْمُجْبِرِ أَوْ أَمَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ حَاضِرٌ فَلَمَّا اطَّلَعَ الْمُجْبِرُ عَلَى ذَلِكَ أَجَازَهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَمْضِي إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُجْبِرُ

ص: 228

صَدَرَ مِنْهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُجْبِرِ وَيُحْتَمَلُ جَدُّ الْمُجْبِرِ وَهُوَ جَدُّ أَبِيهَا، وَكَذَا سَائِرُ الْأَوْلِيَاءِ بِالشَّرْطِ الْآتِي وَاقْتُصِرَ عَلَى مَنْ ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا فَالْأَخْصَرُ وَالْأَشْمَلُ أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ فِي وَلِيٍّ (فَوَّضَ) الْمُجْبِرُ (لَهُ أُمُورَهُ) بِالصِّيغَةِ أَوْ بِالْعَادَةِ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ لَهُ تَصَرُّفًا عَامًّا كَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ وَثَبَتَ التَّفْوِيضُ الْمَذْكُورُ (بِبَيِّنَةٍ جَازَ) جَوَابُ الشَّرْطِ أَيْ الْعَقْدُ (وَهَلْ) مَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ قَرُبَ) مَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْعَقْدِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَوْ مُطْلَقًا (تَأْوِيلَانِ وَفُسِخَ) أَبَدًا إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْمُجْبِرُ أَوْ لَمْ يُفَوِّضْ لِمَنْ ذُكِرَ (تَزْوِيجُ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَأَخٍ وَجَدٍّ (ابْنَتَهُ) أَيْ ابْنَةَ الْمُجْبِرِ، وَكَذَا أَمَتُهُ، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ أَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ (فِي) غَيْبَتِهِ غَيْبَةً قَرِيبَةً (كَعَشْرٍ) مِنْ الْأَيَّامِ ذَهَابًا فَالْأَوْلَى إذَا كَانَ حَاضِرًا وَهَذَا إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ جَارِيَةً عَلَيْهَا وَلَمْ يَخْشَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ وَكَانَتْ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْقَاضِي.

، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ بَعِيدَةً جِدًّا فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ) ابْنَةَ الْغَائِبِ الْمُجْبَرَةَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (فِي) غَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ (كَإِفْرِيقِيَّةَ) إذَا لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ بِسُرْعَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَوْطِنْ، وَلَوْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا ضَيْعَةٌ وَإِذْنُهَا صَمْتُهَا فَإِنْ خِيفَ فَسَادُهَا زَوَّجَهَا، وَلَوْ جَبْرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَظُهِّرَ) لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ إفْرِيقِيَّةَ مُبْتَدَأَةٌ (مِنْ مِصْرَ) ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ كَانَ بِهَا وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَقَالَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا كَانَ بِهَا وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعُ أَشْهُرٍ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِالِاسْتِيطَانِ) بِالْفِعْلِ وَلَا يَكْفِي مَظِنَّتُهُ، وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ لِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَوَّضَ لِذَلِكَ الْعَاقِدِ أُمُورَهُ وَثَبَتَ التَّفْوِيضُ بِبَيِّنَةٍ.

(قَوْلُهُ: صَدَرَ) أَيْ ذَلِكَ النِّكَاحُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَلْحَقَ بِهِمْ ابْنُ حَبِيبٍ سَائِرَ الْأَوْلِيَاءِ إذَا قَامُوا هَذَا الْمَقَامَ الْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ تَفْوِيضَ الْمُجْبِرِ فَلَا فَرْقَ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِابْنِ حَبِيبٍ خَاصَّةً اهـ كَلَامُهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ احْتِمَالَاتٌ فَقَطْ، وَظَاهِرُ عبق أَنَّهَا تَأْوِيلَاتٌ لِلشُّيُوخِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: فِي وَلِيٍّ) أَيْ فِي صُورَةِ عَقْدِ وَلِيٍّ.

(قَوْلُهُ: وَثَبَتَ التَّفْوِيضُ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ تَشْهَدُ عَلَى أَنَّ الْمُجْبِرَ نَصَّ لَهُ عَلَى التَّفْوِيضِ بِأَنْ قَالَ: لَهُ فَوَّضْت إلَيْك جَمِيعَ أُمُورِي أَوْ أَقَمْتُكَ مَقَامِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي أَوْ تَشْهَدُ عَلَى أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ يَتَصَرَّفُ لَهُ تَصَرُّفًا عَامًّا كَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ لَهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّفْوِيضَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِقَوْلِ الْمُجْبِرِ وَهُوَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ مَضَى (قَوْلُهُ: وَهَلْ مَحَلُّ الْجَوَازِ) أَيْ الْمُضِيِّ وَالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِحَمْدِيسٍ وَالثَّانِي لِأَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَفُسِخَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُجْبِرَ إذَا كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ كَانَ حَاضِرًا، ثُمَّ إنَّ الْحَاكِمَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ زَوَّجَ ابْنَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَمْ يُفَوِّضْ لَهُ أُمُورَهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ أَبَدًا، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ بَعْدَ عِلْمِهِ، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَحَتُّمِ الْفَسْخِ، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ جَارِيَةً إلَخْ أَيْ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ إضْرَارُهُ بِهَا بِغَيْبَتِهِ بِأَنْ قَصَدَ تَرْكَهَا مِنْ غَيْرِ زَوَاجٍ فَإِنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ كَتَبَ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ تَحْضُرَ تَزَوُّجَهَا أَوْ تُوَكِّلَ وَكِيلًا يُزَوِّجُهَا وَإِلَّا زَوَّجْنَاهَا عَلَيْك فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَلَا فَسْخَ كَمَا قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْقَاضِي) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بَالِغَةً أَوْ لَا، وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا، وَلَوْ لَمْ تَأْذَنْ بِالْقَوْلِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الصَّغِيرَةَ غَيْرَ الْيَتِيمَةِ تُزَوَّجُ إذَا خِيفَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ أَوْ عُدِمَتْ النَّفَقَةُ وَأَنَّهُ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ لَا وَلِيُّهَا خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ فَلَيْسَتْ كَالْيَتِيمَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ هَذِهِ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْحَاكِمُ وَالْيَتِيمَةُ يُزَوِّجُهَا وَلِيُّهَا بَعْدَ مَشُورَةِ الْحَاكِمِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ

(قَوْلُهُ: وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ إلَخْ) يَبْقَى الْكَلَامُ فِي الْغَيْبَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمُهُ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي النِّصْفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهِ وَيَلْحَقُ بِالْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ فَيُفْسَخُ.

(قَوْلُهُ: فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ) أَيْ فِي كُلِّ غَيْبَةٍ بَعِيدَةٍ كَإِفْرِيقِيَّةَ وَمَحَلُّ جَوَازِ تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ لَهَا إذَا كَانَتْ بَالِغًا وَإِلَّا فَلَا يُزَوِّجُهَا مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا الْفَسَادَ وَإِلَّا زَوَّجَهَا كَمَا قَالَ ابْنُ حَارِثٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا فِي ح خِلَافًا لِمَا اعْتَمَدَهُ طفى مِنْ اشْتِرَاطِ قَطْعِ النَّفَقَةِ وَخَوْفِ الضَّيْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِيَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ: وَإِذْنُهَا صَمْتُهَا) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِقَوْلِ عبق لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ إذْ لَمْ يَعُدَّهَا فِيمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَبْرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) هُوَ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: وَظُهِّرَ مِنْ مِصْرَ) اسْتَبْعَدَ هَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَكْثَرُ إلَخْ) اسْتَظْهَرَ هَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِمَالِكٍ لَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمَسْأَلَةَ وَإِنْ كَانَتْ لِمَالِكٍ لَكِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَمَّا قَرَّرَهَا بِمِصْرَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَبْدَأَ فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ إفْرِيقِيَّةَ بَعِيدَةٌ مِنْ الْبَلَدَيْنِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي قَالَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِالِاسْتِيطَانِ) أَيْ كَمَا أَنَّهَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُزَوِّجَهَا فِي غَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ كَإِفْرِيقِيَّةَ سَوَاءٌ كَانَ مُتَوَطِّنًا بِهَا أَمْ لَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَوَطِّنًا بِالْفِعْلِ بِإِفْرِيقِيَّةَ وَنَحْوِهَا وَأُخِّرَ هَذَا التَّأْوِيلُ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ضَعَّفَهُ وَقَالَ: لَا وَجْهَ لَهُ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ لِتِجَارَةٍ) أَيْ لِإِفْرِيقِيَّةَ وَنَحْوِهَا

ص: 229

وَنِيَّتُهُ الْعَوْدُ فَلَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ ابْنَتَهُ، وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ إلَّا إذَا خِيفَ فَسَادُهَا وَشُبِّهَ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ قَوْلُهُ:(كَغَيْبَةِ) الْوَلِيِّ (الْأَقْرَبِ) غَيْرِ الْمُجْبِرِ (الثَّلَاثَ) فَمَا فَوْقَهَا فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ دُونَ الْأَبْعَدِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ وَكِيلُ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَتْ دُونَ الثَّلَاثِ أَرْسَلَ إلَيْهِ فَإِنْ حَضَرَ أَوْ وَكَّلَ وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ لَا الْحَاكِمُ.

(وَإِنْ)(أُسِرَ) الْوَلِيُّ مُجْبِرًا كَانَ أَوْ لَا (أَوْ فُقِدَ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ (فَالْأَبْعَدُ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَا الْحَاكِمُ.

ثَمَّ شُبِّهَ فِي الِانْتِقَالِ لِلْأَبْعَدِ مَنْ فَقَدَ شَرْطَ الْوَلِيِّ وَهِيَ سِتَّةٌ الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَعَدَمُ الْإِحْرَامِ وَعَدَمُ الْكُفْرِ فِي الْمُسْلِمَةِ، وَأَمَّا الرُّشْدُ وَالْعَدَالَةُ فَشَرْطَا كَمَالٍ بِقَوْلِهِ (كَذِي رِقٍّ) أَبٍ أَوْ مَالِكٍ فَإِنْ عَقَدَ الرَّقِيقُ عَلَى وَلِيَّتِهِ فُسِخَ أَبَدًا، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَوْ كَانَتْ دَنِيئَةً أَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ بِطَلْقَةٍ (وَصِغَرٍ وَعَتَهٍ) ضَعْفِ عَقْلٍ وَأُولِي جُنُونٍ (وَأُنُوثَةٍ) فَإِذَا كَانَ الْأَقْرَبُ مُتَّصِفًا بِوَصْفٍ مِنْ هَذِهِ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ مِنْهُ لِلْأَبْعَدِ (لَا) ذِي (فِسْقٍ) فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهُ لِلْأَبْعَدِ، إذْ الْفِسْقُ لَا يَسْلُبُهَا عَلَى الرَّاجِحِ (وَسَلَبَ الْكَمَالَ) فَإِذَا كَانَ مَعَ الْفَاسِقِ عَدْلٌ فِي دَرَجَتِهِ فَالْعَدْلُ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ مِنْ الْفَاسِقِ.

(وَوَكَّلَتْ) امْرَأَةٌ (مَالِكَةٌ) لِأَمَةٍ (وَوَصِيَّةٌ) عَلَى أُنْثَى (وَمُعْتِقَةٌ) لِأُنْثًى ذَكَرًا مُسْتَوْفِيًا لِلشُّرُوطِ فِي عَقْدِ الْأُنْثَى فِي الثَّلَاثِ (وَإِنْ) كَانَ الْوَكِيلُ (أَجْنَبِيًّا) مِنْ الْمُوَكِّلَةِ فِي الثَّلَاثِ مَعَ حُضُورِ أَوْلِيَائِهَا وَمِنْ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهَا فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَا فِي الثَّالِثَةِ حَيْثُ يَكُونُ لَهَا وَلِيُّ نَسَبٍ، إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْمُعْتِقَةِ حِينَئِذٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْدِيمِ وَلِيِّ النَّسَبِ عَلَى الْمُعْتِقَةِ بِالْكَسْرِ فَعُلِمَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي تَزْوِيجِ الْأُنْثَى، وَأَمَّا فِي تَزْوِيجِ الذَّكَرِ فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا تَلِي تَزْوِيجَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَلِمَا ذُكِرَ سَلْبُ الْوِلَايَةِ عَنْ ذِي الرِّقِّ ذُكِرَ أَنَّ بَعْضَ الْأَرِقَّاءِ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ الْمُبَاشَرَةَ كَبَعْضِ الْإِنَاثِ وَهُنَّ الْمَذْكُورَاتُ مُشَبَّهًا لَهُ بِهِنَّ بِقَوْلِهِ (كَعَبْدٍ أُوصِيَ) عَلَى أُنْثَى فَإِنَّهُ يُوَكِّلُ مَنْ يُزَوِّجُهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ (وَمُكَاتَبٍ فِي) تَزْوِيجِ (أَمَةٍ) لَهُ إذَا (طَلَبَ فَضْلًا) فِي مَهْرِهَا بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا يُجِيرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ وَعَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا كَأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا خَمْسِينَ وَبِعَيْبِ التَّزْوِيجِ أَرْبَعِينَ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا عَشَرَةٌ فَزَوَّجَهَا بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فَهِيَ أَزْيَدُ مِنْ صَدَاقِهَا وَمَا يَجْبُرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ مَعًا فَإِنَّهُ يُوَكِّلُ مَنْ يَعْقِدُ لَهَا (وَإِنْ كَرِهَ) ذَلِكَ (سَيِّدُهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ مَعَ عَدَمِ تَبْذِيرِهِ فِيهِ فَإِنْ تَوَلَّى الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ فُسِخَ أَبَدًا، وَإِنْ أَجَازَهُ سَيِّدُهُ.

(وَمَنَعَ) صِحَّةَ النِّكَاحِ (إحْرَامٌ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ) الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَوَلِيِّهَا فَلَا يَقْبَلُ زَوْجٌ وَلَا تَأْذَنُ زَوْجَةٌ وَلَا يُوجِبُ وَلِيُّهَا وَلَا يُوَكِّلُونَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَنِيَّتُهُ الْعَوْدُ) الْأَوْلَى وَيُرْجَى عَوْدُهُ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ ابْنَتَهُ أَيْ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلُ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ غَيْرَ الْمُجْبِرِ إذَا غَابَ غَيْبَةً مَسَافَتُهَا مِنْ بَلَدِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوُهَا وُدِعَتْ لِكُفْءٍ وَأَثْبَتَتْ مَا تَدَّعِيهِ مِنْ الْغَيْبَةِ وَالْمَسَافَةِ وَالْكَفَاءَةِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُهَا لَا الْأَبْعَدَ فَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحَّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ فَلَوْ كَانَ لِهَذَا الْغَائِبِ وَكِيلٌ مُفَوَّضٌ لِتَوَلِّي التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ نَفْسِهِ وَلَيْسَتْ الثَّيِّبُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْوَكَالَةِ كَالْبِكْرِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ فَالْأَبْعَدُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ) أَيْ يُزَوِّجُهَا بِرِضَاهَا لَوْ جَرَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا ضَيْعَةً قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَلَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ قَالَ بْن: وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا مَا رَجَّحَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْأَسِيرَ وَالْمَفْقُودَ كَذِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ لَا يُزَوِّجُ ابْنَتَهُمَا إلَّا الْحَاكِمُ وَلَا يُنْقَلُ الْأَمْرُ لِلْأَبْعَدِ وَصَوَّبَهُ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ قَائِلًا أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْفَقْدِ وَالْأَسْرِ وَبَعْدَ الْغَيْبَةِ، اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا أَنَّ الْمَشْهُورَ مَا قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَذَلِكَ لِتَنْزِيلِ أَسْرِ الْأَقْرَبِ وَفَقْدِهِ مَنْزِلَةَ مَوْتِهِ وَهُوَ إذَا مَاتَ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ بِخِلَافِ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ فَإِنَّ حَيَاتَهُ مَعْلُومَةٌ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: مَنْ فَقَدَ شَرْطَ الْوَلِيِّ) أَيْ مَنْ فَقَدَ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِهِ فَشَرْطٌ فِي كَلَامِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ.

(قَوْلُهُ: كَذِي رِقٍّ) أَيْ كَمَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ فِي الْعَقْدِ لِلْأَبْعَدِ إذَا كَانَ الْأَقْرَبُ ذَا رِقٍّ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَبُ أَوْ الْمَالِكُ رَقِيقًا.

(قَوْلُهُ: عَلَى وَلِيَّتِهِ) أَيْ الَّتِي هِيَ بِنْتُهُ أَوْ أَمَتُهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ دَنِيئَةً أَيْ وَلَوْ كَانَتْ دَنِيئَةً، وَلَوْ كَانَ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فَهُمَا دَاخِلَانِ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ.

(قَوْلُهُ: بِطَلْقَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فُسِخَ أَبَدًا

(قَوْلُهُ: ذَكَرًا) مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ وَكَّلَتْ وَقَوْلُهُ: مُسْتَوْفِيًا لِلشُّرُوطِ أَيْ السِّتَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْوَلِيِّ الْمُبَاشِرِ لِعَقْدِ الْأُنْثَى وَقَوْلُهُ: فِي عَقْدِ الْأُنْثَى مُتَعَلِّقٌ بِوَكَّلْتُ وَإِنَّمَا وَكَّلَتْ مَنْ ذُكِرَ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ حَقًّا فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَلَا يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهَا لَهُ.

(قَوْلُهُ: فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ ذُكِرَ تَلِي تَزْوِيجَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ الْمَرْأَةُ لِلذَّكَرِ نَقَلَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ

(قَوْلُهُ: كَبَعْضِ الْإِنَاثِ) أَيْ وَهُوَ الْمَالِكَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْمُعْتِقَةُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُنَّ فَإِنَّهُنَّ يَمْنَعْنَ الْمُبَاشَرَةَ لِلْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَتْ الْوِلَايَةُ ثَابِتَةً لَهُنَّ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ) أَيْ وَلَا يُبَاشِرُ الْعَقْدَ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِمُبَاشَرَتِهِ (قَوْلُهُ: طَلَبَ فَضْلًا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ فَضْلًا بِزَوَاجِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهَا بَلْ الْمُتَوَلِّي لِعَقْدِهَا إنَّمَا هُوَ سَيِّدُهُ وَتَوْكِيلُهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ جَازَ فَلَوْ جُهِلَ الْأَمْرُ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ طَلَبَ بِزَوَاجِهَا فَضْلًا أَمْ لَا حُمِلَ عَلَى عَدَمِ طَلَبِ الْفَضْلِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَزِيدَ) أَيْ مَا طَلَبَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَحْرَزَ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا جَازَ لِلْمُكَاتَبِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ إذَا طَلَبَ فَضْلًا فِي مَهْرِهَا

(قَوْلُهُ: وَلَا يُوَكِّلُونَ) أَيْ لَا يُوَكِّلُ الزَّوْجُ وَلَا الْمَرْأَةُ وَلَا الْوَلِيُّ الْمُحْرِمُ كُلٌّ مِنْهُمْ وَيَسْتَمِرُّ الْمَنْعُ إلَى تَمَامِ الْإِحْلَالِ بِالرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فِي

ص: 230

وَلَا يُجِيزُونَ وَيُفْسَخُ أَبَدًا (كَكُفْرٍ) فَإِنَّهُ يَمْنَعُ عَقْدَ النِّكَاحِ (لِمُسْلِمَةٍ) فَلَا يَتَوَلَّى الْكَافِرُ عَقْدَ ابْنَتِهِ الْمُسْلِمَةِ (وَعَكْسِهِ) فَلَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ وَلِيًّا لِقَرِيبَتِهِ الْكَافِرَةِ (إلَّا لِأَمَةٍ) لَهُ كَافِرَةٍ فَيُزَوِّجُهَا سَيِّدُهَا الْمُسْلِمُ لِكَافِرٍ فَقَطْ (وَ) إلَّا لِ (مُعْتَقَةٍ) لَهُ كَافِرَةٍ (مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ) بِأَنْ أَعْتَقَهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَيُزَوِّجُهَا، وَلَوْ لِمُسْلِمٍ حَيْثُ كَانَتْ كِتَابِيَّةً (وَزَوَّجَ الْكَافِرُ) وَلِيَّتَهُ الْكَافِرَةَ (لِمُسْلِمٍ) .

(وَإِنْ)(عَقَدَ مُسْلِمٌ) عَلَى كَافِرَةٍ، وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً (لِكَافِرٍ)(تُرِكَ) عَقْدُهُ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ بِفَسْخٍ، وَقَدْ ظَلَمَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الرُّشْدِ فِي الْوَلِيِّ لَا يُعْتَبَرُ عَلَى الرَّاجِحِ بِقَوْلِهِ [دَرْسٌ](وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ) أَيْ الْعَقْلِ وَالْفِطْنَةِ، وَلَوْ مُجْبِرًا، إذْ سَفَهُهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُجْبَرًا (بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) اسْتِحْسَانًا وَلَيْسَ بِشَرْطِ صِحَّةٍ فَلَوْ عَقَدَ بِغَيْرِ إذْنِهِ نُدِبَ اطِّلَاعُهُ عَلَيْهِ لِيَنْظُرَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَضَى كَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، وَأَمَّا ضَعِيفُ الرَّأْيِ فَيَنْفَسِخُ عَقْدُهُ (وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجٍ) فِي قَبُولِ الْعَقْدِ لَهُ (الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْوِلَايَةِ كَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَكَافِرٍ وَصَبِيٍّ إلَّا الْمُحْرِمَ وَالْمَعْتُوهَ.

(لَا) يَصِحُّ تَوْكِيلُ (وَلِيٍّ) لِامْرَأَةٍ (إلَّا كَهُوَ) أَيْ إلَّا مِثْلَهُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَعَدَمِ الْإِحْرَامِ وَالْعَتَهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ، وَلَوْ أَبًا غَيْرَ مُجْبِرٍ وُجُوبًا (الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ) رَضِيَتْ بِهِ (وَ) لَوْ دَعَتْ لِكُفْءٍ وَدَعَا وَلِيُّهَا لِكُفْءٍ غَيْرِهِ كَانَ (كُفْؤُهَا أَوْلَى) أَيْ أَوْجَبَ أَيْ فَيَتَعَيَّنُ كُفْؤُهَا (فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ) بِتَزْوِيجِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُجِيزُونَ) أَيْ إذَا اُفْتِيتَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَالْإِحْرَامُ كَمَا يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ يَمْنَعُ مِنْ التَّوْكِيلِ عَلَيْهِ وَيَمْنَعُ مِنْ إجَازَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ أَبَدًا) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ لَكِنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ بِهِ التَّحْرِيمُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ قَدَّمَ سَعْيَهُ وَأَفَاضَ وَنَسِيَ الرَّكْعَتَيْنِ وَعَقَدَ فَإِنْ نَكَحَ بِالْقُرْبِ فُسِخَ، وَإِنْ تَبَاعَدَ جَازَ نِكَاحُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ الْقُرْبُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَبْتَدِئَ طَوَافَهُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ مَنْظُورٌ فِيهِمَا لِتَرْكِ الرَّكْعَتَيْنِ مَعَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ مَنْظُورٌ فِيهِمَا لِلْعَقْدِ مَعَ وَقْتِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَإِذَا عَقَدَ أَنْ يَصِلَ لِبَلَدِهِ كَانَ ذَلِكَ قُرْبًا، وَإِنْ عَقَدَ بَعْدَ الْوُصُولِ لِبَلَدِهِ كَانَ بَعْدًا.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ وَلِيًّا لِقَرِيبَتِهِ الْكَافِرَةِ) أَيْ وَأَوْلَى غَيْرُهَا فَلَوْ وَقَعَ وَتَوَلَّى نِكَاحَهَا فَإِنْ كَانَ لِمُسْلِمٍ فُسِخَ، وَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ تُرِكَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ.

(قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُهَا سَيِّدُهَا الْمُسْلِمُ لِكَافِرٍ فَقَطْ) أَيْ لِعَبْدٍ كَافِرٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا لِمُسْلِمٍ، وَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ فِي تَزْوِيجِهَا لِحُرٍّ كَافِرٍ وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ فِيهِ شَيْئًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِوُجُودِ عِلَّةِ عَدَمِ تَزْوِيجِ الْحُرِّ الْأَمَةَ وَهُوَ اسْتِرْقَاقُ الْوَلَدِ. وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ: عُمُومَاتُ كَلَامِهِمْ تَشْمَلُ عَقْدَهُ لِلْكَافِرِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ تِلْكَ الْمُعْتَقَةِ لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا أَهْلِ لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِنَّ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ أَصَالَةً أَوْ الْمُعْتَقِينَ بِفَتْحِ التَّاءِ إذَا كَانَ عِتْقُهُمْ مِنْ كَافِرٍ مُطْلَقًا أَيْ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ عِتْقُهُمْ مِنْ مُسْلِمٍ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَطْ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ عَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ بِأَنْ عَتَقَهَا مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ أَمَتَهُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا، إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُسْلِمَ

(قَوْلُهُ: عَلَى كَافِرَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً لَهُ بَلْ وَلَوْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: تُرِكَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ زَوَّجَهَا الْمُسْلِمُ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ أَبَدًا خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَلَمَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ) أَيْ لِإِعَانَتِهِ الْكَافِرَ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ

(قَوْلُهُ: لِيَنْظُرَ فِيهِ) أَيْ فَإِنْ وَجَدَهُ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ لِوَلِيٍّ.

(قَوْلُهُ: كَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ ذُو رَأْيٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْكَاحُهُ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: فَيُفْسَخُ عَقْدُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ نَظَرَ وَإِلَّا مَضَى أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ مُعَرَّضًا لِلْفَسْخِ بِحَيْثُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ النَّظَرُ فِيهِ فَإِنْ وَجَدَهُ نَظَرًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَفِي الْمَوَّاقِ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ التَّمْيِيزِ خُصَّ وَلِيُّهُ بِالنَّظَرِ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَتُزَوَّجُ بِنْتُهُ كَيَتِيمَةٍ وَيُخْتَلَفُ فِيمَنْ يَلِي الْعَقْدَ هَلْ الْأَبُ أَوْ الْوَلِيُّ، وَلَوْ عَقَدَ حَيْثُ يَمْنَعُ مِنْهُ نَظَرٌ فَإِنْ كَانَ حَسَنَ النَّظَرِ أَمْضَاهُ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجِ الْجَمِيعِ) اعْلَمْ أَنَّ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ لِلْجَمِيعِ جَائِزٌ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالصِّحَّةِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ لَا وَلِيَّ إلَّا كَهُوَ اهـ بْن وَيَدُلُّ لِجَوَازِهِ ابْتِدَاءً مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى وَنَصُّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُوَكِّلَ الرَّجُلُ نَصْرَانِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى عَقْدِ نِكَاحِهِ اهـ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالصَّبِيُّ أَيْ الْمُمَيِّزُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ كَالْمَعْتُوهِ

(قَوْلُهُ: إلَّا كَهُوَ) أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى الضَّمِيرِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ مَالِكٍ الْقَائِلِ بِجَوَازِهِ عَلَى قِلَّةٍ وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي الضَّرُورَةِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ رَضِيَتْ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ طَلَبَتْهُ لِلتَّزَوُّجِ بِهِ أَوْ لَمْ تَطْلُبْهُ بِأَنْ خَطَبَهَا وَرَضِيَتْ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهَا مُضْطَرَّةً لِعَقْدِهِ كَانَ ذَلِكَ ضِرَارًا بِهَا، وَأَمَّا الْأَبُ الْمُجْبِرُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْئِهَا؛ لِأَنَّهُ يُجْبِرُهَا إلَّا لِكَخَصِيٍّ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ عَضْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْئِهَا وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا لَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةٌ وَتَدْعُو لِمُسْلِمٍ وَإِلَّا فَلَا تُجَابُ لَهُ حَيْثُ امْتَنَعَ أَوْلِيَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ غَيْرُ كُفْءٍ لَهَا عِنْدَهُمْ فَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى تَزْوِيجِهَا بِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَكُفْؤُهَا أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِدَوَامِ الْعِشْرَةِ.

(قَوْلُهُ: فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ) أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ

ص: 231

فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ (ثُمَّ) إنْ امْتَنَعَ (زَوَّجَ) الْحَاكِمُ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهَا، وَلَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا وَلَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَصِيرُ عَاضِلًا بِرَدِّهِ أَوَّلَ كُفْءٍ بِخِلَافِ الْمُجْبِرِ.

كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ) مُجْبِرٌ وَمِثْلُهُ وَصِيُّهُ الْمُجْبِرُ (بِكْرًا) الْأَوْلَى مُجْبَرَةٌ لِيَشْمَلَ الثَّيِّبَ الْمُجْبَرَةَ (بِرَدٍّ) لِلْكُفْءِ (مُتَكَرِّرٍ) نَعْتٌ لِرَدِّ تَعَدُّدِ الْخَاطِبِ أَوْ اتَّحِدْ أَيْ لَا يُعَدُّ عَاضِلًا (حَتَّى يَتَحَقَّقَ) عَضْلُهُ وَإِضْرَارُهُ، وَلَوْ بِمَرَّةٍ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ، ثُمَّ زَوَّجَ.

(وَإِنْ)(وَكَّلَتْهُ) الْمَرْأَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا (مِمَّنْ أَحَبَّ) الْوَكِيلُ (عَيَّنَ) لَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ وُجُوبًا مَنْ أَحَبَّهُ لَهَا لِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ النِّسَاءِ فِي أَعْيَانِ الرِّجَالِ (وَإِلَّا) يُعَيِّنُ (فَلَهَا الْإِجَازَةُ) وَالرَّدُّ (وَلَوْ بَعْدَ) مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَاطِّلَاعِهَا عَلَى التَّزْوِيجِ (لَا الْعَكْسُ) يَعْنِي إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ شَخْصًا عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمَرْأَةَ فَزَوَّجَهُ مِنْ امْرَأَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا لَهُ لَزِمَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

تَزْوِيجِهَا بِالْكُفْءِ الَّذِي رَضِيَتْ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) الْأَوْلَى مَا إذَا طَلَبَهَا كُفْءٌ وَرَضِيَتْ بِهِ طَلَبَتْ التَّزْوِيجَ بِهِ أَوْ لَا وَالثَّانِيَةُ مَا إذَا دَعَتْ لِكُفْءٍ وَدَعَا وَلِيُّهَا لِكُفْءٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ سَأَلَهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ فَأَبْدَى لَهُ وَجْهَهُ وَرَآهُ صَوَابًا رَدَّهَا إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ امْتَنَعَ) أَيْ بَعْدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْوَلِيُّ غَيْرُ الْمُجْبِرِ مِنْ تَزْوِيجِهَا بِالْكُفْءِ الَّذِي رَضِيَتْ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ فَإِنْ أَبْدَى وَجْهًا وَرَآهُ صَوَابًا رَدَّهَا إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُبْدِ وَجْهًا صَحِيحًا أُمِرَ بِتَزْوِيجِهَا فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا بَعْدَ الْأَمْرِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق فَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَقِلُ) أَيْ بِسَبَبِ امْتِنَاعِهِ مِنْ تَزْوِيجِهَا لِكُفْئِهَا الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ مِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ قَالَ فِي الْعُمْدَةِ: الْمُزَوِّجُ مَعَ عَضْلِ الْأَبِ الْحَاكِمُ بِلَا إشْكَالٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ لَا لِلْأَبْعَدِ. وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ: إنَّمَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ غَيْرِ الْعَاضِلِ، وَأَمَّا عِنْدَ وُجُودِهِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ؛ لِأَنَّ عَضْلَ الْأَقْرَبِ وَاسْتِمْرَارَهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ صَيَّرَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ وَكِيلًا لَهُ إلَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ امْتِنَاعٌ كَمَا لَوْ كَانَ غَائِبًا مَثَلًا وَمَا فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ اسْتَصْوَبَهُ بْن وَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اسْتَصْوَبَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَلِيَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ، ثُمَّ زَوَّجَ الْحَاكِمُ أَوْ كُلُّ مَنْ يَعْقِدُ لَهَا

(قَوْلُهُ: وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ) أَيْ لَا يُعَدُّ الْأَبُ الْمُجْبِرُ عَاضِلًا لِمُجْبَرَتِهِ بِرَدِّهِ لِكُفْئِهَا رَدًّا مُتَكَرِّرًا وَذَلِكَ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ الْأَبُ مِنْ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى بِنْتِهِ وَلِجَهْلِهَا بِمَصَالِح نَفْسِهَا فَرُبَّمَا عَلِمَ الْأَبُ مِنْ حَالِهَا أَوْ مِنْ حَالِ الْخَاطِبِ مَا لَا يُوَافِقُ فَلَا يُعَدُّ عَاضِلًا بِمَا ذُكِرَ حَتَّى يَتَحَقَّقَ عَضْلُهُ. وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَنَعَ مَالِكٌ بَنَاتِهِ، وَقَدْ رَغِبَ فِيهِنَّ خِيَارُ الرِّجَالِ وَفَعَلَهُ الْعُلَمَاءُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَحَاشَاهُمْ أَنْ يَقْصِدُوا بِهِ الضَّرَرَ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ وَصِيَّةُ الْمُجْبِرِ) وَقِيلَ: إنَّ الْوَصِيَّ الْمُجْبِرَ يُعَدُّ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: الْأَوْلَى مُجْبَرَةٌ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا مُرَشَّدَةً فَيُعَدُّ الْأَبُ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ كَمَا أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ اتَّحَدَ) أَيْ وَلَكِنَّهُ رَدَّهُ رَدًّا مُتَكَرِّرًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَرَّةٍ) بَلْ وَلَوْ بِدُونِ مَرَّةٍ أَصْلًا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: أَمَرَهُ الْحَاكِمُ أَيْ بِالتَّزْوِيجِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ زَوَّجَ أَيْ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهِ وَلَا يَسْأَلُهُ الْحَاكِمُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ، إذْ لَا مَعْنَى لِلسُّؤَالِ مَعَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ عُضِلَتْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ

(قَوْلُهُ: أَنْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ أَحَبَّ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْت وَأَوْلَى إذَا لَمْ تَقُلْ مِمَّنْ أَحْبَبْت بِأَنْ قَالَتْ وَكَّلْتُك عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي فَلَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ لَهَا الزَّوْجَ قَبْلَ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُعَيِّنُ) أَيْ وَإِلَّا يُعَيِّنُهُ لَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ بَلْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَهُ مُعْتَمِدًا عَلَى عُمُومِ إذْنِهَا.

(قَوْلُهُ: فَلَهَا الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ) أَيْ سَوَاءٌ زَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهَا وَمِنْ نَفْسِهِ خُيِّرَتْ اهـ بْن وَسَوَاءٌ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِدُونِهِ فَالْخِيَارُ لَهَا مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعُدَ) الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلْإِجَازَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيهَا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْبُعْدُ جِدًّا وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْمُبَالَغَةِ رَاجِعَةً لِلْإِجَازَةِ فَقَطْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ لَهَا الرَّدَّ فِي حَالَةِ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ لَهَا الْإِجَازَةُ فِي حَالَةِ الْقُرْبِ اتِّفَاقًا وَفِي حَالَةِ الْبُعْدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ: إنَّهُ يَتَحَتَّمُ الرَّدُّ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ وَإِنَّمَا كَانَ لَهَا الْإِجَازَةُ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ لِأَنَّهَا وَكَّلَتْ بِخِلَافِ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَمَّا لَمْ تُوَكِّلْ اُشْتُرِطَ قُرْبُ رِضَاهَا وَإِجَازَتُهَا. .

(تَنْبِيهٌ) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ مَا إذَا وَكَّلَتْهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ أَحَبَّ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَا إذَا وَكَّلَتْهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ أَحَبَّتْ هِيَ فَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا كَالْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا فَيَصِحُّ النِّكَاحُ إنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ

ص: 232

إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ (وَلِابْنِ عَمٍّ وَنَحْوَهُ) مِنْ كُلِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ نِكَاحِهَا وَتَزْوِيجِهَا مِنْ نَفْسِهِ فَيَشْمَلُ الْكَافِلَ وَالْحَاكِمَ وَمَنْ يُزَوِّجُ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ (تَزْوِيجُهَا مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ لِنَفْسِهِ (إنْ عَيَّنَ لَهَا أَنَّهُ الزَّوْجُ فَرَضِيَتْ بِالْقَوْلِ أَوْ الصَّمْتِ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ

وَأَشَارَ لِتَصْوِيرِ التَّزْوِيجِ بِقَوْلِهِ (بِتَزَوَّجْتُك بِكَذَا) مِنْ الْمَهْرِ أَوْ تَفْوِيضًا (وَتَرْضَى) بِذَلِكَ الْمَهْرِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ، وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِهِ لِنَفْسِهِ حَيْثُ كَانَتْ مُقِرَّةً بِالْعَقْدِ (وَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ) الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ وَهُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ عَطْفًا عَلَى تَزْوِيجٍ وَأَتَى بِهِ، وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا قَبْلَهُ لِلتَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ.

(وَإِنْ)(أَنْكَرَتْ) الْمَرْأَةُ (الْعَقْدَ) بِأَنْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْك عَقْدٌ وَقَالَ بَلْ عَقَدْت (صُدِّقَ الْوَكِيلُ) بِلَا يَمِينٍ (إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ ادَّعَى النِّكَاحَ (الزَّوْجُ) لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِالْإِذْنِ وَالْوَكِيلُ قَائِمٌ مَقَامَهَا فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ الزَّوْجُ صُدِّقَتْ فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ إنْ شَاءَ (وَإِنْ)(تَنَازَعَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُتَسَاوُونَ) دَرَجَةً كَإِخْوَةٍ أَوْ بَنِيهِمْ أَوْ أَعْمَامٍ (فِي) تَوَلِّي (الْعَقْدِ) مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الزَّوْجِ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَا الَّذِي أَتَوَلَّاهُ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِيمَنْ يَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ (أَوْ) تَنَازَعُوا فِي تَعْيِينِ (الزَّوْجِ) بِأَنْ يُرِيدَ كُلٌّ مِنْهُمْ تَزْوِيجَهَا لِغَيْرِ مَا يُرِيدُهُ الْآخَرُ وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمَرْأَةُ وَاحِدًا وَإِلَّا أُجِيبَتْ لِمَا عَيَّنَتْهُ إنْ كَانَ كُفُؤًا كَمَا مَرَّ (نَظَرَ الْحَاكِمُ) فِيمَنْ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ.

(وَإِنْ)(أَذِنَتْ) غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ فِي تَزْوِيجِهَا (لِوَلِيَّيْنِ) مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ (فَعَقَدَا) لَهَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَعَلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

حَالَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ لِشِدَّةِ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لِإِسْنَادِهَا الْمَحَبَّةَ لَهَا فِيهَا (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَرِهَ النِّكَاحَ قَدَرَ عَلَى حَلِّهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِضَيَاعِ الْمَالِ وَهُوَ نِصْفُ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَيْهِ بِتَوْكِيلِهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ أَنَّهُ إنْ زَوَّجَهُ مَا لَا تَلِيقُ بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهَا لَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَلْزَمُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ صِيغَةُ الزَّوْجِ لِلْوَكِيلِ زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْت أَنْتَ أَوْ أَنَا أَوْ زَوِّجْنِي وَأَطْلَقَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ يَعْنِي إذَا وَكَّلَ إلَخْ لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا عَكْسٌ لِلْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فِي الْحُكْمِ وَفِي التَّصْوِيرِ فِي الْجُمْلَةِ، أَمَّا كَوْنُ الْعَكْسِ فِي الْحُكْمِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي التَّصْوِيرِ فَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ فِي الْأُولَى امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ رَجُلًا وَهُنَا الْمُوَكِّلُ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا فَلِذَا قُلْنَا فِي الْجُمْلَةِ فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ وَكَّلَ امْرَأَةً كَانَ عَكْسًا فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ حَقِيقَةً، وَإِنْ حُمِلَ الْعَكْسُ عَلَى هَذَا صَحَّ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مَا إذَا زَوَّجَتْهُ الْوَكِيلَةُ مِنْ نَفْسِهَا وَإِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ لِأَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى شَيْءٍ لَا يُسَوَّغُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَ نَفْسِهِ فَلَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ يُزَوِّجُ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ وَالْمُعْتِقُ الْأَعْلَى وَالْوَصِيُّ وَالْمَوْلَى الْأَسْفَلُ عَلَى الْقَوْلِ بِوِلَايَتِهِ.

(قَوْلُهُ: فَرَضِيَتْ بِالْقَوْلِ) أَيْ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا مِنْ الْأَبْكَارِ السَّبْعَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ الصَّمْتِ) أَيْ إنْ كَانَتْ بِكْرًا لَيْسَتْ مِنْ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

(قَوْلُهُ: بِتَزَوَّجْتُك بِكَذَا) أَيْ وَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ قَبِلْت نِكَاحَك بِنَفْسِي بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَزَوَّجْتُكِ فِيهِ قَبُولٌ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَبَهْرَامُ فِي كَبِيرِهِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى تَزْوِيجٍ) أَيْ عَطْفُ مُرَادِفٍ أَوْ تَفْسِيرٍ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ بَعْدَ تَزَوُّجِهَا مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ أَوْ مُرَادِفٌ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: تَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: وَقَالَ بَلْ عَقَدْت) أَيْ لَك عَلَى فُلَانٍ.

(قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ) أَيْ الْمَعْهُودُ وَهُوَ الَّذِي عَيَّنَهُ الْوَكِيلُ.

(قَوْلُهُ: فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ) أَيْ فَلَوْ صَدَّقَتْهُ عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ وَادَّعَتْ عَزْلَهُ قَبْلَهُ وَقَالَ الْوَكِيلُ: بَلْ الْعَزْلُ إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَهُ فَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ فِي أَيِّهِمَا يُصَدَّقُ قَوْلَيْنِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْعَزْلِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَا الَّذِي أَتَوَلَّاهُ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا فَوَّضَتْ أَمْرَ الْعَقْدِ لِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْ أَعْمَامِهَا مَثَلًا، وَأَمَّا لَوْ عَيَّنَتْ وَاحِدًا مِنْ الْإِخْوَةِ مَثَلًا فَلَا كَلَامَ لِغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْإِخْوَةِ وَلَا يَسُوغُ لَهُ مُنَازَعَتُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمَرْأَةُ) بَلْ قَالَتْ كُلُّهُمْ خِيَارٌ وَبَرَكَةٌ.

(قَوْلُهُ: نَظَرَ الْحَاكِمُ فِيمَنْ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِيمَنْ يَرَاهُ أَحْسَنَهُمْ رَأْيًا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَيَحْكُمُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تُزَوَّجُ بِفُلَانٍ وَاَلَّذِي يُبَاشِرُ الْعَقْدَ الْوَلِيُّ لَا أَنَّ الْحَاكِمَ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ لَهُ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ) هَذَا فَرْضُ مِثَالٍ، إذْ لَوْ أَذِنَتْ لِأَوْلِيَاءٍ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا أَذِنَتْ لِوَلِيٍّ وَاحِدٍ أَنْ يُزَوِّجَهَا فَعَقَدَ لَهَا عَلَى اثْنَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ نِكَاحِ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَعْقِدَا لَهَا بِزَمَنَيْنِ وَيُعْلَمُ السَّابِقُ أَوْ يُجْهَلُ أَوْ بِزَمَنٍ وَاحِدٍ فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ تَكُونُ لِلْأَوَّلِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الِاثْنَيْنِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ حِينَ عُيِّنَ لَهَا الثَّانِي نَاسِيَةً لِلْأَوَّلِ أَوْ اتَّحِدْ اسْمُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ اعْتَقَدَتْ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَوَّلُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ أَشْهَرَ الْقَوْلَيْنِ لَا بُدَّ أَنْ يُعَيَّنَ لَهَا الزَّوْجُ وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ عَيَّنَ كُلٌّ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ الزَّوْجَ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا التَّفْصِيلُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا لِعِلْمِهَا بِالثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كُلٌّ مِنْهُمَا الزَّوْجَ فَلَهَا الْبَقَاءُ عَلَى مَنْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِتَلَذُّذٍ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَعَقَدَا لَهَا عَلَى التَّرْتِيبِ) أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ

ص: 233

(فَ) هِيَ (لِلْأَوَّلِ) دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ ذَاتَ زَوْجٍ (إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ) بِهَا (الثَّانِي) بِمُقَدِّمَاتِ وَطْءٍ فَفَوْقُ (بِلَا عِلْمٍ) مِنْهُ أَنَّهُ ثَانٍ أَيْ إنْ انْتَفَى تَلَذُّذُهُ حَالَةَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ أَصْلًا أَوْ تَلَذَّذَ عَالِمًا بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ عَقْدِهِ فَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، وَهُمَا مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي بِلَا طَلَاقٍ وَقِيلَ بِطَلَاقٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ تَلَذَّذَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهُ ثَانٍ كَانَتْ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلَوْ تَأَخَّرَ تَفْوِيضُهُ) أَيْ الْإِذْنُ مِنْهَا لَهُ أَيْ لِلْوَلِيِّ الَّذِي عَقَدَ لَهُ أَيْ لِلثَّانِي فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ: إنْ فَوَّضَتْ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ كَانَتْ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلثَّانِي إنْ تَلَذَّذَ غَيْرَ عَالِمٍ (إنْ لَمْ تَكُنْ) حَالَ تَلَذُّذِهِ بِهَا (فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) مِنْ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَلْ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ أَيْ لِإِكْمَالِ عِدَّتِهَا مِنْهُ وَتَرِثُهُ فَهَذَا شَرْطٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْضًا فَهُوَ شَرْطٌ ثَانٍ فِي كَوْنِهَا لِلثَّانِي، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَوَّلُ تَلَذَّذَ بِهَا قَبْلَ تَلَذُّذِ الثَّانِي وَإِلَّا كَانَتْ لَهُ مُطْلَقًا دُونَ الثَّانِي فَهِيَ لِلثَّانِي بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِالْأَوَّلِ وَأَنْ لَا تَكُونَ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ وَأَنْ لَا يَتَلَذَّذَ بِهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ تَلَذُّذِ الثَّانِي فَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ فُسِخَ الثَّانِي (وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ) لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يُقَرُّ نِكَاحُهُ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَلِلْأَوَّلِ وَقَوْلِهِ وَعُلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ.

(قَوْلُهُ فَلِلْأَوَّلِ) أَيْ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ أَيْ فَهِيَ لِلْمَعْقُودِ لَهُ أَوَّلًا.

(قَوْلُهُ: أَيْ وَإِنْ انْتَفَى إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ تَلَذُّذُهُ بِهَا فِي حَالِ عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ ثَانٍ مُنْتَفِيًا.

(قَوْلُهُ: عَالِمًا) أَيْ بِأَنَّهُ ثَانٍ.

(قَوْلُهُ: بِبَيِّنَةٍ إلَخْ) أَيْ وَثَبَتَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ قَبْلَ التَّلَذُّذِ بِأَنْ أَقَرَّ قَبْلَ أَنْ يَتَلَذَّذَ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ ثَانٍ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ، ثُمَّ تَلَذَّذَ، وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَقَطْ بَعْدَ التَّلَذُّذِ أَيْ بِأَنْ أَقَرَّ بَعْدَهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ قَبْلَهُ أَنَّهُ ثَانٍ فَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَتَكُونُ لِلثَّانِي وَلَكِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِطَلَاقٍ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي أَوْ الزَّوْجَةِ بَعْدَ التَّلَذُّذِ أَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنَّهُ ثَانٍ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ فِيهَا إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مَا ذُكِرَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْوَلِيِّ بِمَا ذُكِرَ فَلَا أَثَرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ فُسِخَ نِكَاحُ كُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِطَلَاقٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَعَمَلًا بِإِقْرَارِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِطَلَاقٍ) هَذَا الْقَوْلُ لِلْقُورِيِّ قَالَ شَيْخُنَا لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَعَلَيْهِ فَلَا حَدَّ عَلَى الثَّانِي بِدُخُولِهِ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ.

(قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ تَلَذَّذَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالتَّلَذُّذِ إرْخَاءُ السُّتُورِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُقَدِّمَاتٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِمْ خِلَافًا لِلشَّارِحِ تَبَعًا لخش مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ التَّلَذُّذُ بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ فَمَا فَوْقَهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ: كَانَتْ لَهُ) أَيْ لِلثَّانِي لَا لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا الثَّانِي وَيَلْزَمُهُ مَا أَوْقَعَهُ مِنْ الطَّلَاقِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ لَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِحَالٍ (قَوْلُهُ: تَفْوِيضُهُ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ تَفْوِيضُهَا لَهُ.

(قَوْلُهُ: رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الْبَاجِيَّ.

(قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ) أَيْ الثَّانِي بِهَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَكُنْ حَالَ تَلَذُّذِهِ إلَخْ) يَرِدُ عَلَى هَذَا الْحِلِّ مَنْ عَقَدَ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ وَوَطِئَ بَعْدَهَا فَإِنَّ مَنْطُوقَهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَكُونُ لِلثَّانِي مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ الْفَسْخُ وَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ بِوَطْءٍ، وَلَوْ بَعْدَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَرَّرَ كَلَامُهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ لَمْ تَكُنْ حِينَ عَقَدَ الثَّانِي أَوْ تَلَذُّذِهِ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ هَذِهِ الصُّورَةَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ، إذْ لَا تَكُونُ الْعِدَّةُ هُنَا إلَّا عِدَّةَ وَفَاةٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ مِنْ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ دَخَلَ بِهَا وَتَكُونَ لِلثَّانِي.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ لَهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي فِي حَالِ عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ الْأَوَّلِ لَمْ تَكُنْ لَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ عَنْهَا قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَتُرَدُّ لِإِكْمَالِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ كَانَ الْعَقْدُ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ أَوْ قَبْلَ وَفَاتِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَظْهَرِ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ شَرْطٌ ثَانٍ) أَيْ وَالْأَوَّلُ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ الشَّرْطُ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ أَيْ حَالَ تَلَذُّذِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا تَأَخَّرَ عَقْدُ الثَّانِي عَلَى مَوْتِ الْأَوَّلِ بَلْ وَلَوْ تَقَدَّمَ عَقْدُهُ عَلَى مَوْتِهِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي عَلَى الْأَظْهَرِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) قَالَ ح الْأَلْيَقُ بِقَاعِدَةِ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُشِيرَ لِابْنِ رُشْدٍ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى مَا ظَهَرَ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مُقَابِلًا لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَا أَنَّهُ اخْتِيَارٌ لَهُ مِنْ خِلَافٍ وَأَجَابَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ هُنَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ إطْلَاقَاتِ الْأَقْوَالِ كَأَنَّهُ اخْتِيَارٌ مِنْ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ إنَّهَا لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِحَالٍ وَالْبَاجِيِّ يَقُولُ إذَا تَقَدَّمَ التَّفْوِيضُ لِلثَّانِي فَهِيَ لَهُ بِالتَّلَذُّذِ مُطْلَقًا، وَلَوْ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ عَقْدَ الثَّانِي الْمُتَلَذِّذِ بِهَا فِي عِدَّةِ

ص: 234

وَعَلَى اسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ (وَفُسِخَ) النِّكَاحَانِ مَعًا (بِلَا طَلَاقٍ إنْ عُقِدَا بِزَمَنٍ) وَاحِدٍ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا (أَوْ لِبَيِّنَةٍ) شَهِدَتْ عَلَى الثَّانِي بِإِقْرَارِهِ (بِعِلْمِهِ) قَبْلَ الدُّخُولِ (أَنَّهُ ثَانٍ) فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِلَا طَلَاقٍ وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ (لَا إنْ أَقَرَّ) الثَّانِي بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنَّهُ دَخَلَ عَالِمًا بِأَنَّهُ ثَانٍ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَأَنَّهُ دَخَلَ غَيْرَ عَالِمٍ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ وَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ (أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ) أَيْ جُهِلَ تَقَدُّمُ زَمَنِ عَقْدِ أَحَدِهِمَا عَلَى زَمَنِ عَقْدِ الْآخَرِ مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِمَا فِي زَمَنَيْنِ فَيُفْسَخُ النِّكَاحَانِ بِطَلَاقٍ إذَا لَمْ يَدْخُلَا أَوْ دَخَلَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ وَإِلَّا كَانَتْ لَهُ فَإِنْ دَخَلَ وَاحِدٌ فَقَطْ فَهِيَ لَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ ثَانٍ (وَإِنْ مَاتَتْ) بَعْدَ أَنْ دَخَلَا مَعًا فِي مَسْأَلَةِ جَهْلِ الزَّمَنِ (وَجُهِلَ الْأَحَقُّ) بِهَا مِنْهُمَا (فَفِي) ثُبُوتِ (الْإِرْثِ) لَهُمَا مَعًا مِيرَاثُ زَوْجٍ وَاحِدٍ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا لِتَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ، وَالشَّكُّ إنَّمَا هُوَ فِي تَعْيِينِ الْمُسْتَحِقِّ وَهُوَ لَا يَضُرُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَلَا وَجْهَ لِتَرْجِيحِ غَيْرِهِ وَعَدَمِ إرْثِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الشَّكَّ فِي تَعْيِينِ الْمُسْتَحِقِّ كَالشَّكِّ فِي السَّبَبِ (قَوْلَانِ وَعَلَى) الْقَوْلِ بِثُبُوتِ (الْإِرْثِ فَالصَّدَاقُ) يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا كَامِلًا لِلْوَرَثَةِ لِإِقْرَارِهِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ إلَّا الصَّدَاقُ وَقَعَ الْإِرْثُ فِيهِ (وَإِلَّا) نُقِلَ بِالْإِرْثِ بَلْ بِعَدَمِهِ (فَزَائِدُهُ) أَيْ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا زَادَ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى إرْثِهِ أَنْ لَوْ كَانَ يَرِثُ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا الصَّدَاقُ غَرِمَهُ لِلْوَرَثَةِ وَلَا إرْثَ لَهُمَا فِيهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَفَاةِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ وَاقِعًا بَعْدَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى اسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ) وَتَرِثُ الْأَوَّلَ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ فَتُزَوَّجُ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَيَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا فَيَنْكَشِفُ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ قَبْلَ وَفَاةِ الْمَفْقُودِ وَدَخَلَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَقَدْ جَزَمُوا بِتَأْبِيدِ حُرْمَتِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ اهـ

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْوَفَاةِ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَتَأْبِيدُ تَحْرِيمِهَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ نَظَرًا لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ لَا عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ زَوْجٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِبَيِّنَةٍ) أَيْ وَكَذَا يُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي فَقَطْ بِلَا طَلَاقٍ لِأَجْلِ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ ثَانٍ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَقْدَ لَهُمَا وَقَعَ عَلَى التَّرْتِيبِ وَعَلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِلَا طَلَاقٍ) فِيهِ أَنَّهُ نِكَاحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ إنَّهَا لِلثَّانِي، وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ (قَوْلُهُ: وَتُرَدُّ إلَخْ) وَهَلْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي إذَا وَطِئَ فِي الْعِدَّةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ عَقَدَ قَبْلَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ زَوْجٍ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ نَظَرًا لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ كَمَا هُوَ الَّذِي جَزَمُوا بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ كَذَا قُرِّرَ وَأَظُنُّهُ لعج اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ دَخَلَ عَالِمًا) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ ثَانٍ وَقَوْلُهُ: لِاحْتِمَالٍ إلَخْ الْأُولَى عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالٍ إلَخْ عِلَّةً لِقَوْلِهِ وَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِطَلَاقٍ بَائِنٍ (قَوْلُهُ: مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِمَا فِي زَمَنَيْنِ) أَيْ، وَأَمَّا مَعَ احْتِمَالِ اتِّحَادِ زَمَنِهِمَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ فَالْفَسْخُ لِلنِّكَاحَيْنِ بِلَا طَلَاقٍ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَدْخُلَا إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا فِي الشَّيْخُ سَالِمٌ وشب وح نَقْلًا عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ فَسْخِ النِّكَاحَيْنِ مُطْلَقًا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَتْ) أَيْ قَبْلَ الْفَسْخِ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَجُهِّلَ الْأَحَقُّ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ جُهِلَ الْأَحَقُّ بِهَا مِنْهُمَا أَيْ جُهِلَ الْمُسْتَحِقُّ لَهَا مِنْهُمَا فَأَفْعَلُ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ وَهُوَ الَّذِي يُقْضَى لَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَلَوْ عَلِمَ بِهِ وَهُوَ إمَّا الْأَوَّلُ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي أَوْ الثَّانِي بَعْدَ دُخُولِهِ.

(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَأَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاخْتَارَ التُّونُسِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ بَهْرَامَ وَالْمَوَّاقِ تَرْجِيحُهُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْعَقْدَانِ مُتَرَتِّبَيْنِ تَحْقِيقًا وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا، وَأَمَّا إنْ وَقَعَا فِي زَمَنٍ، وَلَوْ وَهِمَا وَمَاتَتْ قَبْلَ الْفَسْخِ فَلَا إرْثَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى فَسَادِهِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا الصَّدَاقَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ غَيْرَ الصَّدَاقِ وَقَعَ الْإِرْثُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا زَادَ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى إرْثِهِ إلَخْ) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ وَهِيَ مَجْمُوعُ مَا خَلَفَتْ وَالصَّدَاقِ الَّذِي عَلَيْهِ وَلَا يُنْظَرُ لِلصَّدَاقِ الَّذِي عَلَى صَاحِبِهِ فَلَوْ كَانَ مَا يَرِثُهُ مِنْ التَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ أَزْيَدَ مِنْ صَدَاقِهَا لَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا إذَا كَانَ مَا يَرِثُهُ مُسَاوِيًا لِصَدَاقِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ أَصْلًا غَرِمَ الصَّدَاقَ كُلَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ وَوَرِثَ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ لَزِمَهُ الزَّائِدُ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى مَا يَرِثُهُ لِوَرَثَتِهَا فَإِذَا خَلَفَتْ خَمْسِينَ وَأَصْدَقَهَا أَحَدُهُمَا خَمْسِينَ وَأَصْدَقَهَا الْآخَرُ مِائَةً فَلَا شَيْءَ عَلَى ذِي الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهَا قَدْرُ إرْثِهِ مِنْ مَجْمُوعِ صَدَاقِهَا وَمَا خَلَفَتْهُ وَيَغْرَمُ صَاحِبُ الْمِائَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ مَا خَلَفَتْهُ مَعَ صَدَاقِهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ يَرِثُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ حَيْثُ لَا وَلَدَ وَزِيَادَةُ صَدَاقِهِ عَلَى إرْثِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ بِالْإِرْثِ مِنْ مَالِهَا كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَيَدْفَعُ الصَّدَاقَ وَيَرِثُ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ أَصْلًا

ص: 235