الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ كَانَا زَائِرَيْنِ صُدِّقَ الزَّوْجُ فِي نَفْيِهِ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) الزَّوْجُ (فَقَطْ أُخِذَ) بِإِقْرَارِهِ فِي الْخَلْوَتَيْنِ اهْتِدَاءً وَزِيَارَةً أَوْ لَمْ تُعْلَمْ بَيْنَهُمَا خَلْوَةٌ (إنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (سَفِيهَةً) حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ صَغِيرَةً مُطِيقَةً (وَهَلْ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ) بِأَنَّهُ وَطِئَ تَكُونُ (الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ) أَيْ كَالسَّفِيهَةِ فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ كَذَّبَتْهُ أَوْ سَكَتَتْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَطِئَهَا نَائِمَةً أَوْ غَيَّبَ عَقْلَهَا بِمُغَيِّبٍ فَإِنْ لَمْ يُدِمْهُ بِأَنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ أُخِذَ بِهِ أَيْضًا إنْ سَكَتَتْ لَا إنْ كَذَّبَتْهُ فَيُعْمَلُ بِرُجُوعِهِ وَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ فَقَطْ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (أَوْ) إنَّمَا يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ (إنْ كَذَّبَتْ) الرَّشِيدَةُ (نَفْسَهَا) وَرَجَعَتْ لِمُوَافَقَتِهِ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ (تَأْوِيلَانِ) أَمَّا إنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا النِّصْفُ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِ الصَّدَاقِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلٍ فِيهِ بِفَقْدِ شَرْطٍ وَبَدَأَ مِنْ ذَلِكَ بِالْفَاسِدِ لِأَقَلِّهِ فَقَالَ (وَفَسَدَ) النِّكَاحُ (إنْ نَقَصَ) صَدَاقُهُ (عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ شَرْعِيٍّ)(أَوْ) عَنْ (ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ) فِضَّةً (خَالِصَةً) مِنْ الْغِشِّ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ خُلُوصُ رُبْعِ الدِّينَارِ (أَوْ) نَقَصَ عَنْ (مُقَوَّمٍ) يَوْمَ الْعَقْدِ (بِهِمَا) أَيْ بِرُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَأَيُّهُمَا سَاوَاهُ صَحَّ بِهِ، وَلَوْ نَقَصَ عَنْ الْآخَرِ وَلَمَّا كَانَ كَانَ الْفَسَادُ يُوهِمُ وُجُوبَ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَوْ أَتَمَّهُ وَصَدَاقُ الْمِثْلِ بَعْدَهُ كَمَا فِي كُلِّ فَاسِدٍ لِصَدَاقِهِ أَوْ أَغْلَبِهِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ أَنَّ فِيهِ نِصْفَ الْمُسَمَّى أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ تَسَمُّحًا بِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: فَإِنْ)(كَانَا زَائِرَيْنِ) أَيْ لِغَيْرِهِمَا وَاجْتَمَعَا فِي بَيْتِ ذَلِكَ الْغَيْرِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا زَائِرَيْنِ صُدِّقَ الزَّوْجُ فِي نَفْيِهِ) أَيْ فَإِنْ ادَّعَى الْوَطْءَ وَكَذَّبَتْهُ فَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ إلَخْ بَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَيَا فِي بَيْتٍ أَوْ فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَيْسَ بِهِ أَحَدٌ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا زَائِرًا فَتُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي دَعْوَاهَا الْوَطْءَ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَنْشَطُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ) أَيْ ثُمَّ طَلَّقَهَا أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ سَفِيهَةً) أَيْ سَوَاءٌ أَدَامَ الْإِقْرَارَ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا أَمْ لَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ مَحْجُورَةً لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ وَالصَّغِيرَةَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَرَادَ بِالسَّفِيهَةِ مُطْلَقَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ عُمُومِ الْمَجَازِ هَذَا وَذُكِرَ ح أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَرَى فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ مُؤَاخَذَتِهِ بِإِقْرَارِهِ إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ سَفِيهَةً عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الصَّغِيرَةِ وَالْأَمَةِ وَالسَّفِيهَةِ إنَّ الْمَشْهُورَ قَبُولُ قَوْلِهَا اهـ قَالَ بْن قُلْت نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ فِي أَوَّلِ إرْخَاءِ السُّتُورِ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ عَزَا قَبُولَ قَوْلِهَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَصْبَغَ وَعَدَمَهُ لِمُطَرِّفٍ وَقَالَ فِيهِ مَا نَصُّهُ وَهُوَ أَحْسَنُ إذَا كَانَتْ خَلْوَةَ بِنَاءٍ اهـ فَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ يُوَافِقُ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ أَدَامَ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ إذَا اسْتَمَرَّ الزَّوْجُ عَلَى إقْرَارِهِ سَوَاءٌ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا أَمْ لَا أَوْ يُشْتَرَطُ تَكْذِيبُ نَفْسِهَا وَرُجُوعِهَا لِمُوَافَقَتِهِ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى طَرَفَيْنِ وَوَاسِطَةٍ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَكَذَّبَتْهُ أَيْ وَكَانَتْ تُكَذِّبُهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَكَذَّبَتْهُ أَيْ اسْتَمَرَّتْ عَلَى تَكْذِيبِهِ فَهُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ، وَإِنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَرَجَعَتْ لِدَعْوَاهُ وَهُوَ مُدِيمٌ لِإِقْرَارِهِ فَيُؤَاخَذُ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَأَكْذَبَتْهُ فَلَهَا أَخْذُهُ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ بِإِقْرَارِهِ اهـ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهَا رَجَعَتْ إلَى قَوْلِ الزَّوْجِ أَوْ أَقَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهَا أَخْذُ جَمِيعِ الصَّدَاقِ حَتَّى تُصَدِّقَهُ فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدَّمَاتِ عَلَى الْوِفَاقِ وَغَيْرُهُمَا عَلَى الْخِلَافِ اُنْظُرْ بْن إذَا عَلِمَتْ هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ بِأَنَّهُ وَطِئَ تَكُونُ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ سَحْنُونٍ خِلَافًا وَقَوْلُهُ: أَوْ إنْ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا أَيْ عَلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا وِفَاقًا فَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ أَيْ بِالْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ.
(قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ إذَا طَلَّقَهَا.
(قَوْلُهُ: كَذَّبَتْهُ أَوْ سَكَتَتْ) فِيهِ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ إمَّا مُكَذِّبَةٌ لَهُ أَوْ سَاكِتَةٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَرَجَعَتْ لِمُوَافَقَتِهِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ) أَيْ بِحَيْثُ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ وَهَلْ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا رَجَعَ عَنْهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا سَكَتَتْ.
[الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلِ فِي شُرُوط الصَّدَاق]
(قَوْلُهُ: عَلَى شُرُوطِ الصَّدَاقِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ كَوْنُهُ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ.
(قَوْلُهُ: بِالْفَاسِدِ لِأَقَلِّهِ) أَيْ لِنَقْصِهِ عَنْ أَقَلِّهِ اعْلَمْ أَنَّ أَقَلَّ الصَّدَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ خَالِصَةٌ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ مَا يُسَاوِي أَحَدَهُمَا مِنْ الْعُرُوضِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ إجَازَتِهِ بِدِرْهَمٍ وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ وَأَنَّ النِّكَاحَ يَجُوزُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، ثُمَّ إنَّ مِنْ عَادَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِالْأَضْدَادِ عَنْ الشُّرُوطِ فَكَأَنَّهُ قَالَ شَرْطُ الصَّدَاقِ أَنْ يَكُونَ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَإِنْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ فَسَدَ لَكِنْ فَسَادُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ يُتِمَّهُ.
(قَوْلُهُ: خَالِصَةً مِنْ الْغِشِّ) أَيْ فَلَا تُجْزِئُ الْمَغْشُوشَةُ، وَلَوْ رَاجَتْ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَ عَنْ مُقَوَّمٍ) أَيْ أَوْ نَقَصَ عَنْ عَرْضٍ مُقَوَّمٍ.
(قَوْلُهُ: فَأَيُّهُمَا سَاوَاهُ) أَيْ فَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ سَاوَى الْمُقَوِّمَ صَحَّ.
(قَوْلُهُ: أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ تَسَمُّحًا)
(وَأَتَمَّهُ) أَيْ النَّاقِصَ عَمَّا ذُكِرَ وُجُوبًا (إنْ دَخَلَ وَإِلَّا) يَدْخُلْ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُتِمَّهُ فَلَا فَسْخَ (فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ فُسِخَ) بِطَلَاقٍ وَوَجَبَ فِيهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى.
(أَوْ) أَيْ وَفَسَدَ إنْ تَزَوَّجَهَا (بِمَا لَا يُمْلَكُ) شَرْعًا (كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ، وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ كِتَابِيَّةً (وَحُرٍّ) وَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَلَوْ قَالَ أَوْ بِمَا لَا يُبَاعُ لَكَانَ أَشْمَلَ لِشُمُولِهِ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ وَجِلْدَ الْمَيِّتَةِ الْمَدْبُوغَ.
(أَوْ) وَقَعَ الْعَقْدُ (بِإِسْقَاطِهِ) أَيْ عَلَى شَرْطِ إسْقَاطِهِ أَيْ الصَّدَاقِ فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَفِيهِ بَعْدَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ.
(أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ (كَقِصَاصٍ) وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى غَيْرِهَا فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ وَيَرْجِعُ لِلدِّيَةِ (أَوْ) بِمَا فِيهِ غَرَرٌ نَحْوَ (آبِقٍ) أَوْ جَنِينٍ أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ.
(أَوْ) عَلَى (دَارِ فُلَانٍ) مَثَلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا بِمَالِهِ وَيَجْعَلَهَا صَدَاقًا؛ لِأَنَّ فُلَانًا قَدْ لَا يَبِيعُ دَارِهِ (أَوْ سَمْسَرَتِهَا) أَيْ الدَّارِ لَا بِقَيْدِ دَارِ فُلَانٍ بِأَنْ يَتَوَلَّى سَمْسَرَةَ دَارٍ مَثَلًا تَشْتَرِيهَا الزَّوْجَةُ وَتَدْفَعُ ثَمَنَهَا أَوْ تَبِيعُهَا وَجَعَلَ صَدَاقَهَا سَمْسَرَتَهُ لَهَا وَمَحَلُّ الْفَسَادِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ سَمْسَرَتَهُ فِيهَا حَقٌّ تَرَتَّبَ لَهُ عَلَيْهَا لَهُ أَخْذُهَا بِهِ.
(أَوْ) عَلَى صَدَاقٍ (بَعْضُهُ) أُجِّلَ (لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ) كَمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِاتِّفَاقٍ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ الْمَجْهُولِ أَوْ رَضِيَ بِتَعْجِيلِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ كَمَا يَأْتِي فِي مَبْحَثِ الشِّغَارِ (أَوْ) أُجِّلَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ لِأَجَلٍ وَ (لَمْ يُقَيَّدْ الْأَجَلُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ وَالْمُرَادُ تَعَرَّضَ لِلْفَسَادِ إنْ لَمْ يُتِمَّهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَتَمَّهُ إنْ دَخَلَ) أَيْ إنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ وَقَوْلُهُ: وَأَتَمَّهُ أَيْ أَتَمَّهُ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ وَلَا يَلْزَمُهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ عَلَى الْقَاعِدَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَدْخُلْ) أَيْ بِأَنْ عَثَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ.
(قَوْلُهُ: وَوَجَبَ فِيهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى) أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ فَسَدَ لِعَقْدِهِ أَوْ لِصَدَاقِهِ وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا نِكَاحُ الدِّرْهَمَيْنِ وَفُرْقَةُ الْمُتَرَاضِعَيْنِ وَالْمُتَلَاعِنِينَ
(قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ وَلَا شَيْءَ لَهَا.
(قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ) أَيْ حَتَّى فِي الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بِالْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ، وَلَوْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ ذَلِكَ وَاسْتَهْلَكَتْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي الصَّدَاقِ سَقَطَ بِقَبْضِهَا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِلُّهُ وَبَقِيَ حَقُّ اللَّهِ اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِشُمُولِهِ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَوْ بِمَا لَا يُمْلَكُ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ وَجِلْدَ الْمَيْتَةِ بَعْدَ دَبْغِهِ يُمْلَكُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُبَاعُ
(قَوْلُهُ: كَقِصَاصِ) أَيْ كَعَدَمِ قِصَاصٍ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ امْرَأَةً قَتَلَتْ أَبَا رَجُلٍ وَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ دَمَهَا فَاتَّفَقَ مَعَهَا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَيَجْعَلَ صَدَاقَهَا عَدَمَ قَتْلِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا إذَا كَانَ أَخُوهَا قَدْ قَتَلَ أَبَا ذَلِكَ الرَّجُلِ وَاسْتَحَقَّ دَمَهُ.
(تَنْبِيهٌ) أُدْخِلَتْ الْكَافُ مَا أَشْبَهَ الْقِصَاصَ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ كَتَزَوُّجِهِ بِقِرَاءَتِهِ لَهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ كَسُورَةِ يس مَثَلًا وَيَجْعَلُ ذَلِكَ صَدَاقًا، وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ فَسَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَكَتَزْوِيجِهِ بِعِتْقِهِ أَمَةً عَلَى أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» فَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ التَّزَوُّجِ سَوَاءٌ فَسَخَ النِّكَاحَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ ثَبَتَ بِالدُّخُولِ.
(قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ لِلدِّيَةِ) أَيْ لِدِيَةِ الْعَمْدِ سَوَاءٌ فَسَخَ النِّكَاحَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ دَخَلَ وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لِلْقِصَاصِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى التَّبْقِيَةِ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى الْجَذِّ فَيَجُوزُ بِشَرْطِهِ الْآتِي
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى دَارِ فُلَانٍ) أَيْ كَأَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا دَارَ فُلَانٍ بِمَالِهِ وَيَجْعَلَهَا لَهَا صَدَاقًا وَقَوْلُهُ أَوْ سَمْسَرَتَهَا أَيْ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا دَارَ فُلَانٍ بِمَالِهَا وَيَجْعَلَ سَمْسَرَتَهُ فِيهَا صَدَاقًا لَهَا، وَإِنَّمَا مُنِعَ النِّكَاحُ بِمَا ذُكِرَ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَبِيعُهَا رَبُّهَا أَمْ لَا وَهَلْ يُبَاعُ فِي يَوْمٍ مَثَلًا أَوْ يَوْمَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْفَسَادِ) أَيْ فِي صُورَةِ السَّمْسَرَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْبَيْعِ أَيْ إذَا تَزَوَّجَهَا بِالسَّمْسَرَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا بَعْدَهُ أَيْ وَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا بِالسَّمْسَرَةِ بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: بَعْضُهُ أُجِّلَ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ) أَيْ وَبَعْضُهُ الْآخَرُ حَالٌّ أَوْ أُجِّلَ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ إذَا أَجَّلَ بَعْضَهُ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ كَمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ كَالْحَنَفِيِّ وَإِلَّا كَانَ صَحِيحًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ لِأَجَلٍ) قَالَ الْمُتَيْطِيُّ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَبِهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ إذَا أَجَّلَ الصَّدَاقَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِأَجَلٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرَهُ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْ الْأَجَلَ) أَيْ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرَهُ بِأَنْ قَالَ أَتَزَوَّجُهَا بِعَشْرَةٍ كُلِّهَا أَوْ خَمْسَةٍ مِنْهَا مُؤَجَّلَةٍ بِأَجَلٍ وَتَرَكَ تَعْيِينَ قَدْرِهِ قَصْدًا أَمَّا إذَا كَانَ تَرَكَ تَعْيِينَ قَدْرِ الْأَجَلِ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَفْلَةٍ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَيُضْرَبُ لَهُ مِنْ الْأَجَلِ بِحَسَبِ عُرْفِ الْبَلَدِ فِي الْكَوَالِئِ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ الْخِيَارِ إذَا لَمْ يُضْرَبْ لِلْخِيَارِ أَجَلٌ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْخِيَارِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ عَلَى خِيَارٍ وَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ وَابْنِ رُشْدٍ
كَمَتَى شِئْت مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ فَإِنْ جَرَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ يَدْفَعُ فِيهِ لَمْ يَفْسُدْ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: لَمْ يُقَيَّدْ الْأَجَلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُذْكَرْ أَجَلٌ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةٍ وَأَطْلَقَ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْحُلُولِ (أَوْ) قَيَّدَ الْأَجَلَ وَ (زَادَ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً) يَعْنِي عَلَى الدُّخُولِ فِي خَمْسِينَ سَنَةً بِأَنْ حَصَلَ تَمَامُهَا؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّ التَّأْجِيلَ بِالْخَمْسِينَ مُفْسِدٌ، وَلَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِسْقَاطِ.
(أَوْ) وَقَعَ الصَّدَاقُ (بِمُعَيَّنٍ) عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ (بَعِيدٍ) جِدًّا عَنْ بَلَدِ الْعَقْدِ (كَخُرَاسَانَ) بَلَدٌ بِأَرْضِ الْعَجَمِ فِي أَقْصَى الْمَشْرِقِ (مِنْ الْأَنْدَلُسِ) بِأَقْصَى الْمَغْرِبِ (وَجَازَ) مُعَيَّنٌ غَائِبٌ عَلَى مَسَافَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ (كَمِصْرِ مِنْ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ إذَا وَقَعَ (لَا بِشَرْطِ الدُّخُولِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ شَرَطَ الدُّخُولَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَدَ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعَقَارِ، وَأَمَّا فِي الْعَقَارِ فَيَصِحُّ (إلَّا الْقَرِيبُ جِدًّا) كَالْيَوْمَيْنِ فَيَجُوزُ مَعَهُ اشْتِرَاطُ الدُّخُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا وَقَعَ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ وَصْفٍ وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ فِي فَسَادِهِ وَلَهَا بِالدُّخُولِ صَدَاقُ الْمِثْلِ.
(وَضَمِنَتْهُ) الزَّوْجَةُ فِي هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ (بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ فَاتَ) بِيَدِهَا بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَغَيْرِهِمَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: كَمَتَى شِئْت إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ إنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ تَرَكَ تَعْيِينَ قَدْرِ الْأَجَلِ مِثْلُ مَا قُلْنَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا مَتَى شِئْت فَيَجُوزُ إنْ كَانَ مَلِيًّا كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ فَإِذَا قَالَ لَهَا: أَتَزَوَّجُكِ بِعَشَرَةٍ مَتَى شِئْت خُذِيهَا كَانَ مِثْلُ أَتَزَوَّجُك بِعَشَرَةٍ أَدْفَعُهَا لَك عِنْدَ الْمَيْسَرَةِ فَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَيُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْحُلُولِ) نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ إذَا اتَّفَقَ هَذَا فِي زَمَانِنَا فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَرَى بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْكَالِئِ فَيَكُونُ الزَّوْجَانِ قَدْ دَخَلَا عَلَى الْكَالِئِ وَلَمْ يَضْرِبَا لَهُ أَجَلًا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: أَوْ زَادَ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا أَجَّلَ الصَّدَاقَ كُلَّهُ أَوْ عَجَّلَ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَمَّا إذَا عَجَّلَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَأَجَّلَ الْبَاقِيَ إلَى الْخَمْسِينَ فَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ الْفَسَادَ هُنَا بِأَنَّهُ مَظِنَّةُ إسْقَاطِ الصَّدَاقِ أَنَّ هَذَا صَحِيحٌ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: إنَّ التَّأْجِيلَ بِالْخَمْسِينَ مُفْسِدٌ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ يَبْلُغُهَا عُمْرُهُمَا فَإِنْ نَقَصَ الْأَجَلُ عَنْ الْخَمْسِينَ لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ يَسِيرًا جِدًّا طَعَنَا فِي السِّنِّ جِدًّا اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِسْقَاطِ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَا يَعِيشَانِ إلَى ذَلِكَ غَالِبًا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَا مُسِنَّيْنِ اهـ خش
(قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ الصَّدَاقُ بِمُعَيَّنٍ) الْأَوْلَى أَوْ وَقَعَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ مُعَيَّنٍ أَيْ بِالْوَصْفِ أَوْ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى الْعَقْدِ، وَأَوْلَى إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَائِبُ لَمْ يُرَ وَلَمْ يُوصَفْ وَإِنَّمَا فَسَخَ النِّكَاحَ لِلْغَرَرِ، إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَسْتَمِرُّ بَاقِيًا حَتَّى تَقْبِضَهُ أَوْ يَهْلَكَ قَبْلَ قَبْضِهَا لَهُ وَهُوَ الْغَالِبُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْأَنْدَلُسِ) بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ ضَمَّتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ بِمُعَيَّنٍ) أَيْ جَازَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ مُعَيَّنٍ غَائِبٍ عَلَى مَسَافَةٍ مُتَوَسِّطَةِ أَيْ لِأَنَّهُ بِمَظِنَّةِ السَّلَامَةِ وَقَوْلُهُ: عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ لَكِنْ الضَّمَانُ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ الزَّوْجِ وَفِي الْعَقَارِ مِنْ الزَّوْجَةِ كَالْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْعَقَارِ فَيَصِحُّ) أَيْ إذَا أَسْقَطَ الشَّرْطَ.
(قَوْلُهُ: كَالْيَوْمَيْنِ) أَيْ وَالثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ أَصْبَغَ قَالَ بِهَا اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَازِ فِي الْمُتَوَسِّطَةِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الدُّخُولَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَفِي الْقَرِيبَةِ جِدًّا مُطْلَقًا، وَلَوْ اشْتَرَطَ الدُّخُولَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ بِوَصْفٍ وَإِلَّا كَانَ فَاسِدًا فَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْمُتَوَسِّطِ وَالْقَرِيبِ، وَأَمَّا الْبَعِيدُ جِدًّا فَالْفَسَادُ فِيهِ مُطْلَقٌ كَمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِمَا فِي خش عَنْ الْجِيزِيِّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْوَصْفِ أَوْ رُؤْيَةٍ يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: وَضَمِنَتْهُ) أَيْ ضَمِنَتْ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ الَّذِي يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ.
(قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ) أَيْ الَّتِي فِيهَا الْفَسَادُ لِأَجْلِ الصَّدَاقِ كَالنِّكَاحِ لِأَجْلِ مَجْهُولٍ وَكَالنِّكَاحِ بِالْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَبِأَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهَا لَا تَضْمَنُ الصَّدَاقَ بِالْقَبْضِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ عج قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَضَمِنَتْهُ بِالْقَبْضِ هَذَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ لِصَدَاقِهِ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ كَانَ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ وَكَانَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ كَنِكَاحِ الْمُحَلِّلِ أَوْ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الْمُسَمَّى وَحَصَلَ الضَّمَانُ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ كَمَا إذَا قَبَضَتْ الصَّدَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهَلَكَ بِيَدِهَا فَضَمَانُهُ مِنْهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ وَدَخَلَ كَانَ ضَمَانُهَا لِلصَّدَاقِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَالصَّحِيحِ سَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَوْ كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ، وَقَالَ اللَّقَانِيِّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَاسِدِ مُطْلَقًا حَيْثُ قَالَ وَضَمِنَتْهُ أَيْ ضَمِنَتْ الصَّدَاقَ الَّذِي يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَانَ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ أَوْ لِصَدَاقِهِ اهـ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: وَهُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ: إنْ فَاتَ) لَيْسَ الْفَوَاتُ شَرْطًا فِي الضَّمَانِ كَمَا يُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ بَلْ الْقَبْضُ كَافٍ فِي الضَّمَانِ فَقَوْلُهُ: إنْ فَاتَ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ وَتَرُدُّ قِيمَتَهُ إنْ فَاتَ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ رَدَّتْهُ لِلزَّوْجِ وَأَخَذَتْ صَدَاقَ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ سَوَاءٌ رَدَّتْهُ أَوْ رَدَّتْ قِيمَتَهُ كَذَا بَحَثَ طفي، وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ: إنْ فَاتَ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ بِالْفِعْلِ وَاَلَّذِي
فَأَعْلَى فَتَدْفَعُ قِيمَتَهُ لِلزَّوْجِ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ.
(أَوْ) وَقَعَ الصَّدَاقُ (بِمَغْصُوبٍ عِلْمَاهُ) مَعًا قَبْلَ الْعَقْدِ وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ (لَا) إنْ عَلِمَهُ (أَحَدُهُمَا) دُونَ الْآخَرِ فَلَا يُفْسَخُ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ.
(أَوْ) وَقَعَ (بِاجْتِمَاعِهِ مَعَ بَيْعٍ) أَوْ قَرْضٍ أَوْ قِرَاضٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ أَوْ صَرْفٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُفْسَخُ لِتَنَافِي الْأَحْكَامِ، إذْ مَبْنَى النِّكَاحِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِلنِّكَاحِ وَمَا مَعَهُ مَا يَخُصُّهُ أَوَّلًا وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَصَوَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (كَدَارٍ دَفَعَهَا هُوَ) لَهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مِائَةً (أَوْ) دَفَعَهَا (أَبُوهَا) لِلزَّوْجِ أَوْ هِيَ لَهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ مِنْ مَالِهِ لَهَا مِائَةً فِي نَظِيرِ الصَّدَاقِ وَثَمَنِ الدَّارِ (وَجَازَ) الْبَيْعُ (مِنْ الْأَبِ) أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ فَلَا مَفْهُومَ لِلْأَبِ (فِي) نِكَاحِ (التَّفْوِيضِ) كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك دَارِي بِمِائَةٍ وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي تَفْوِيضًا وَكَأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ: بِعْتُك دَارِي بِمِائَةٍ وَتَزَوَّجْتُ ابْنَتَكَ تَفْوِيضًا.
(وَ) جَازَ (جَمْعُ امْرَأَتَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (سَمَّى لَهُمَا) أَوْ لَهُنَّ أَيْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرًا عَلَى حِدَةٍ تَسَاوَتْ التَّسْمِيَةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ (أَوْ) سَمَّى (لِإِحْدَاهُمَا) وَنَكَحَ الْأُخْرَى تَفْوِيضًا أَيْ أَوْ لَمْ يُسَمِّ بَلْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا (وَهَلْ) مَحَلُّ جَوَازِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ (وَإِنْ شَرَطَ) فِي نِكَاحِ إحْدَاهُمَا (تَزَوُّجَ الْأُخْرَى) إذَا سَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا دُونَ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا دُونَهُ وَالثَّانِيَةِ صَدَاقَ مِثْلِهَا أَوْ تَفْوِيضًا (أَوْ) إنَّمَا يَجُوزُ مَعَ الشَّرْطِ (إنْ سَمَّى صَدَاقَ الْمِثْلِ) حَيْثُ حَصَلَ التَّسْمِيَةُ فِي جَانِبٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفَوَاتُ الضَّمَانُ بِالْقُوَّةِ فَلَا اعْتِرَاضَ.
(قَوْلُهُ: فَأَعْلَى) أَيْ مِنْ حَوَالَةِ السُّوقِ كَتَغَيُّرِهِ فِي بَدَنِهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ الصَّدَاقُ بِمَغْصُوبٍ) الْأَوْلَى أَوْ وَقَعَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ مَغْصُوبٍ.
(قَوْلُهُ: عَلِمَاهُ) إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِلْمُهُمَا إذَا كَانَا رَشِيدَيْنِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ عِلْمُ وَلِيِّهِمَا وَعِلْمُ الْمُجْبَرَةِ، وَكَذَا عِلْمُ الْمُجْبَرِ اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمَ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لِدُخُولِهَا عَلَى الْعِوَضِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَدُخُولُهُ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ دُونَهَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلَ الْمِثْلِيِّ يَقُومَانِ مَقَامَهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ بِاجْتِمَاعِهِ مَعَ بَيْعٍ) أَيْ أَوْ وَقَعَ النِّكَاحُ مُلْتَبِسًا بِاجْتِمَاعِهِ مَعَ بَيْعٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ لِصَدَاقِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَإِذَا ثَبَتَ النِّكَاحُ بِالدُّخُولِ ثَبَتَ مَا مَعَهُ مِنْ الْبَيْعِ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفَوِّتٌ، كَذَا قَالَ عبق وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ هُوَ الْجُلُّ أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ اجْتِمَاعِهِ مَعَ الْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَوَّتَ النِّكَاحَ إنْ كَانَ هُوَ الْجُلُّ فَوَّتَ لِلسِّلْعَةِ، وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً وَفَوَّتَهَا وَهِيَ الْجُلُّ لَيْسَ فَوْتًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ اهـ وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مِائَةً) أَيْ فَبَعْضُ الدَّارِ صَدَاقٌ وَبَعْضُهَا مَبِيعٌ.
(قَوْلُهُ: مِائَةٌ فِي نَظِيرِ الصَّدَاقِ وَثَمَنِ الدَّارِ) أَيْ فَبَعْضُ الْمِائَةِ ثَمَنٌ لِلْمَبِيعِ وَبَعْضُهَا صَدَاقٌ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك إلَخْ) هَذَا التَّصْوِيرُ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَمِثْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَصَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ تت تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ بِأَنْ قَالَ الْأَبُ زَوَّجْتُك ابْنَتِي لَك وَهَذِهِ الدَّارُ. قَالَ طفي وَهَذَا أَيْ اجْتِمَاعُ الْعَطِيَّةِ وَالنِّكَاحِ تَفْوِيضًا هُوَ الَّذِي عَنَاهُ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا تَصْوِيرُ الشَّيْخ سَالِمٍ وَمَنْ تَبِعَهُ بِاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ تَفْوِيضًا فَيُحْتَاجُ لِنَقْلٍ فِي جَوَازِهَا؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ مِمَّا فِي السَّمَاعِ لِلتَّصْرِيحِ فِيهَا بِالْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا فِي تت فَإِنَّهُ تَلَفَّظَ بِالْعَطِيَّةِ وَاعْتِرَاضُهُ سَاقِطٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ مَا صَوَّرَ بِهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: أَيْ أَوْ لَمْ يُسَمِّ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَلْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا الْأَخِيرَ لِأَجْلِ مَا رَتَّبَهُ مِنْ الْخِلَافِ الْآتِي فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَوْلَاهُ لَقَالَ سَمَّى لَهُمَا أَوْ لَا وَيَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ شَامِلًا لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ اهـ خش.
(قَوْلُهُ: وَهَلْ، وَإِنْ شَرَطَ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ يَجُوزُ جَمْعُهَا فِي عَقْدٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ أَوْ سَمَّى لِوَاحِدَةٍ صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ وَنَكَحَ الْأُخْرَى تَفْوِيضًا، أَوْ سَمَّى لِوَاحِدَةِ صَدَاقَ الْمِثْلِ وَسَمَّى لِلْأُخْرَى دُونَهُ أَوْ لَمْ يُسَمِّ لِوَاحِدَةٍ وَنَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا، وَإِنْ شَرَطَ تَزَوُّجَ الْأُخْرَى أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ بَلْ، وَإِنْ اشْتَرَطَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ إنْ سَمَّى إلَخْ أَيْ وَإِنَّمَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا عِنْدَ شَرْطِهِ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى إذَا سَمَّى صَدَاقَ الْمِثْلِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَوْ حُكْمًا أَوْ إحْدَاهُمَا وَنَكَحَ الْأُخْرَى تَفْوِيضًا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا عَلَى تَزَوُّجِ الْأُخْرَى وَأَنْ يَفْرِضَ لِكُلٍّ أَوْ لِبَعْضٍ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَحِينَئِذٍ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ ثَلَاثُ صُوَرٍ مَا إذَا سَمَّى لِكُلٍّ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا صَدَاقَ الْمِثْلِ وَالْأُخْرَى دُونَهُ أَوْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا دُونَهُ وَنَكَحَ الْأُخْرَى تَفْوِيضًا وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ شَرَطَ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَالْجَوَازُ بِاتِّفَاقٍ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَلَكِنْ سَمَّى لِكُلٍّ صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ سَمَّاهُ لِوَاحِدَةٍ وَنَكَحَ الْأُخْرَى تَفْوِيضًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ لِوَاحِدَةٍ أَصْلًا بَلْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا فَالْجَوَازُ بِاتِّفَاقٍ وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ قَالَ عج
أَوْ جَانِبَيْنِ.
(قَوْلَانِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَمَحِلُّهُمَا إذَا شَرَطَ تَزَوُّجَ الْأُخْرَى كَمَا أَشَرْنَا لَهُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ أَصْلًا أَوْ سَمَّى لِكُلٍّ صَدَاقَ مِثْلِهَا أَوْ لِوَاحِدَةٍ صَدَاقَ مِثْلِهَا وَالثَّانِيَةَ تَفْوِيضًا فَالْجَوَازُ اتِّفَاقًا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ شَرَطَ تَزَوُّجَ الْأُخْرَى أَوْ لَا كَأَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ (وَلَا يُعْجِبُ) الْإِمَامُ وَقِيلَ ابْنُ الْقَاسِمِ (جَمْعُهُمَا) فِي صَدَاقٍ وَاحِدٍ، إذْ لَا يَعْلَمُ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُ (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الشُّيُوخِ (عَلَى التَّأْوِيلِ) أَيْ تَأْوِيلٍ لَا يُعْجِبُنِي فِي الْمُدَوَّنَةِ (بِالْمَنْعِ وَالْفَسْخِ قَبْلَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ (وَصَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدُ لَا) عَلَى التَّأْوِيلِ بِ (الْكَرَاهَةِ) كَمَا هُوَ تَأْوِيلُ الْأَقَلِّ لِأَنَّهُ كَجَمْعِ رَجُلٍ وَاحِدٍ سِلْعَتَيْهِ فِي بَيْعَةٍ فَلَا يُفْسَخُ وَيُفَضُّ الْمُسَمَّى عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهِمَا وَأَفَادَ صَنِيعُ الْمُصَنِّفِ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَجَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي ذِكْرِ التَّأْوِيلَيْنِ.
(أَوْ تَضَمَّنَ) مَعْطُوفٌ عَلَى نَقَصَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَيْ وَفَسَدَ النِّكَاحُ إنْ تَضَمَّنَ (إثْبَاتُهُ رَفْعَهُ كَدَفْعِ)(الْعَبْدِ) الَّذِي زَوَّجَهُ سَيِّدُهُ امْرَأَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً (فِي صَدَاقِهِ) بِأَنْ جَعَلَهُ نَفْسَ الصَّدَاقِ أَوْ سَمَّى لَهَا شَيْئًا، ثُمَّ دَفَعَ الْعَبْدَ فِيهِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ مِلْكِهَا لِزَوْجِهَا يُوجِبُ فَسْخَ نِكَاحِهَا فَيَلْزَمُ رَفْعُهُ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ وَيُفْسَخُ قَبْلُ (وَبَعْدَ الْبِنَاءِ تَمْلِكُهُ) لِأَنَّهُ فَاسِدٌ لِعَقْدِهِ فَفِيهِ الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ وَيُفْسَخُ أَيْضًا.
(أَوْ) إنْ عَقَدَ (بِدَارٍ مَضْمُونَةٍ) فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَلَمْ يَصِفْهَا فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ وَصَفَهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ وَصْفًا شَافِيًا وَعَيَّنَ مَوْضِعَهَا جَازَ كَمَا لَوْ عَيَّنَهَا.
(أَوْ) عَقَدَ (بِأَلْفٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا (وَ) شَرَطَ عَلَيْهِ (إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ فَأَلْفَانِ) فَيُفْسَخُ قَبْلُ لِلشَّكِّ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ حَالَ الْعَقْدِ فَأَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ (بِخِلَافِ) تَزَوُّجِهَا بِ (أَلْفٍ) عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا (أَوْ إنْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا) أَوْ بَيْتِ أَبِيهَا (أَوْ تَزَوَّجَ) أَوْ تَسَرَّى (عَلَيْهَا فَأَلْفَانِ) فَصَحِيحٌ، إذْ لَا شَكَّ فِي قَدْرِهِ حَالَ الْعَقْدِ وَالشَّكُّ فِي الزَّائِدِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْتَقْبَلِ (وَلَا يَلْزَمُ) الزَّوْجَ (الشَّرْطُ) أَيْ الْمَشْرُوطُ وَهُوَ عَدَمُ التَّزَوُّجِ وَالْإِخْرَاجِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِهِ إنْ وَقَعَ (وَكُرِهَ) أَيْ هَذَا الشَّرْطُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ عَلَيْهِ كَمَا يُكْرَهُ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِهِ فَالشَّرْطُ يُكْرَهُ ابْتِدَاءً فَإِنْ وَقَعَ اُسْتُحِبَّ الْوَفَاءُ بِهِ وَكُرِهَ عَدَمُهُ (وَلَا) يَلْزَمُهُ (الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ إنْ خَالَفَ) بِأَنْ أَخْرَجَهَا أَوْ تَزَوَّجَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ قَوْلِهِ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ تَزَوَّجَ الْأُخْرَى وَإِلَّا فَهَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ، وَلَوْ حُكْمًا صَدَاقَ الْمِثْلِ قَوْلَانِ لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ اهـ وَمُرَادُهُ بِالتَّسْمِيَةِ حُكْمًا أَنْ يَتَزَوَّجَهُمَا تَفْوِيضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ صَارَ فِي حُكْمِ تَسْمِيَتِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ جَانِبَيْنِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا.
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّهُمَا لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ الْأَوَّلُ لِابْنِ سَعْدُونٍ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ كَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ وَظَاهِرِ ابْنِ عَرَفَةَ عَزَوْهُ لِلَّخْمِيِّ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ أَصْلًا) أَيْ بَلْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُعْجِبُ الْإِمَامُ) كَذَا فِي خش وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ أَيْ وَهُوَ مَا فِي الْمَوَّاقِ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وَهُوَ الصَّوَابُ.
(قَوْلُهُ: جَمْعُهُمَا فِي صَدَاقٍ وَاحِدٍ) أَيْ وَمَا مَرَّ جَمْعُهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقًا أَوْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا أَوْ لَمْ يُسَمِّ لَهُمَا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُغَايِرَةٌ لِلْأُولَى.
(قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ) أَيْ لِأَنَّهُ كَجَمْعِ رَجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُفْسَخُ) أَيْ النِّكَاحُ عَلَى تَأْوِيلِ الْأَقَلِّ لَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَيُفَضُّ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْسِبَ صَدَاقَ مِثْلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ لِمَجْمُوعِ الصَّدَاقَيْنِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ تَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذَا الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى فَلَوْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِ إحْدَاهُمَا عَشَرَةً وَصَدَاقُ مِثْلِ الْأُخْرَى عِشْرِينَ فَالْمَجْمُوعُ ثَلَاثُونَ فَالْمُسَمَّى عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ
(قَوْلُهُ: أَوْ تَضَمَّنَ إثْبَاتَهُ) أَيْ النِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ قَبْلُ) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهَا.
(قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ أَيْضًا) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ كَمَا يُفْسَخُ قَبْله
(قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي مِلْكِهِ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ وَصَفَهَا وَصْفًا شَافِيًا وَعَيَّنَ مَوْضِعَهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ جَازَ، وَأَمَّا لَوْ وَصَفَهَا وَعَيَّنَ مَوْضِعَهَا وَهِيَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَالْمَنْعُ وَيُفْسَخُ قَبْلَهُ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ عَيَّنَهَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ: أَتَزَوَّجُك بِهَذِهِ الدَّارِ أَوْ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ
(قَوْلُهُ: وَشَرَطَ عَلَيْهِ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ) أَيْ فِي عِصْمَتِهِ غَيْرُهَا وَقَوْلُهُ: فَأَلْفَانِ أَيْ كَانَ صَدَاقُهَا أَلْفَيْنِ.
(قَوْلُهُ: حَالَ الْعَقْدِ) إذْ لَا تَدْرِي حَالَ الْعَقْدِ هَلْ فِي عِصْمَتِهِ زَوْجَةٌ فَيَكُونُ الصَّدَاقُ أَلْفَيْنِ أَوْ لَيْسَ فِي عِصْمَتِهِ زَوْجَةٌ فَالصَّدَاقُ أَلْفٌ.
(قَوْلُهُ: فَأَثَّرَ) أَيْ ذَلِكَ الشَّكُّ.
(قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْتَقْبَلِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ يَحْصُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَالْغَرَرُ فِيهِ أَخَفُّ مِنْ الْوَاقِعِ فِي الْحَالِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا فِي الثَّانِيَةِ عَالِمَةٌ بِأَنَّ الصَّدَاقَ أَلْفٌ فَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَيْهِ فَقَطْ وَالزَّائِدُ مُعَلَّقٌ عَلَى أَمْرٍ مَعْدُومٍ فِي الْحَالِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهَا لَا تَدْرِي مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ، إذْ لَا تَدْرِي هَلْ وَجَبَ لَهَا بِالْعَقْدِ أَلْفٌ أَوْ أَلْفَانِ وَعِبَارَةُ أَبِي الْحَسَنِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا تَدْرِي مَا صَدَاقُهَا أَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ فَلَهَا أَلْفَانِ أَوْ لَيْسَتْ عِنْدَهُ فَلَهَا أَلْفٌ وَالْأُخْرَى لَيْسَ فِيهَا غَرَرٌ إنَّمَا هُوَ شَرَطَ لَهَا إنْ فَعَلَ فِعْلًا زَادَهَا أَلْفًا فِي صَدَاقِهَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: أَيْ هَذَا الشَّرْطُ) أَيْ اشْتِرَاطُ هَذَا الشَّرْطِ بِمَعْنَى الْمَشْرُوطِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ إلَخْ)
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِ اللُّزُومِ قَوْلَهُ (كَأَنْ) قَالَ لِمَنْ هِيَ فِي عِصْمَتِهِ حِينَ قَالَتْ لَهُ: أَخَافُ أَنْ تُخْرِجَنِي إنْ (أَخْرَجْتُك) مِنْ بَيْتِ أَبِيك أَوْ مِنْ بَلَدِك (فَلَكَ) عَلَيَّ (أَلْفٌ أَوْ أَسْقَطَتْ) الزَّوْجَةُ عَنْهُ (أَلْفًا قَبْلَ الْعَقْدِ) مِنْ أَلْفَيْنِ مَثَلًا سَمَّاهُمَا لَهَا (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَخَالَفَ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ (إلَّا أَنْ تُسْقِطَ) عَنْهُ (مَا) أَيْ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ (تَقَرَّرَ) بِالْعَقْدِ كَأَلْفٍ مِنْ أَلْفَيْنِ (بَعْدَ الْعَقْدِ) عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا (فَخَالَفَ فَيَلْزَمُهُ مَا أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ) لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ شَيْئًا تَقَرَّرَ لَهَا فِي نَظِيرِ شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ وَبَعْدُ مُتَعَلِّقٌ بِتُسْقِطَ وَهَذَا الْإِسْقَاطُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ (بِلَا يَمِينٍ مِنْهُ) فَإِنْ كَانَ بِيَمِينٍ أَيْ تَعْلِيقٌ عَلَى عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إنْ خَالَفَ دُونَ الْأَلْفِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ، وَأَمَّا الْإِسْقَاطُ مَعَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ بِأَنْ حَلَفَ لَهَا بِاَللَّهِ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا فَخَالَفَ فَكَالْإِسْقَاطِ بِلَا يَمِينٍ فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ إنْ خَالَفَ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينٍ لِسُهُولَةِ كَفَّارَتِهَا.
(أَوْ) كَانَ نِكَاحَ شِغَارٍ (كَزَوِّجْنِي أُخْتَك) مَثَلًا (بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك أُخْتِي بِمِائَةٍ)(وَهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ) وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: عَلَى إلَخْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْمُكَافَأَةِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى لَجَازَ (وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (فَصَرِيحُهُ وَفُسِخَ) النِّكَاحُ (فِيهِ) أَيْ فِي الصَّرِيحِ أَبَدًا وَفِيهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ صَدَاقُ الْمِثْلِ هَذَا إذَا كَانَ صَرِيحًا فِيهِمَا بَلْ (وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ) بِأَنْ سَمَّى لِوَاحِدَةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَرْعٌ) لَوْ اشْتَرَطَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ فِي حِينِ الْعَقْدِ الْخُرُوجَ لِتُمَشِّطَ كَالْبَلَّانَةِ أَوْ لِتُوَلِّدَ كَالدَّايَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الشَّرْطُ.
(قَوْلُهُ: وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِ اللُّزُومِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ وَإِنَّمَا هُوَ تَطَوُّعٌ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا بَيَّنَهُ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَطْ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعَقْدِ) لَوْ حَذَفَهُ لِيَقَعَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْعُمُومِ كَانَ أَوْلَى وَالِاسْتِثْنَاءُ مِمَّا تَضَمَّنَهُ التَّشْبِيهُ مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ خِلَافًا لخش فِي قَوْلِهِ: إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ لِلشَّرْطِ فَإِنَّهُ لَا لُزُومَ لَهُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ مَا أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ) أَيْ لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُسْقِطَ مَا تَقَرَّرَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَخَالَفَ فَيَلْزَمُهُ مَا أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ وَقَيَّدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رُجُوعَهَا عَلَيْهِ بِمَا إذَا خَالَفَ عَنْ قُرْبٍ، وَأَمَّا إذَا خَالَفَ عَنْ بُعْدٍ كَالسَّنَتَيْنِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ كَمَنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا فَفَعَلَ، ثُمَّ حَصَلَ مُوجِبُ الْخِلَافِ بِأَنْ طَلَّقَ الْمَرْأَةَ أَوْ أَعَادَ الضَّرَّةَ لِعِصْمَتِهِ فَإِنْ كَانَ عَنْ قُرْبٍ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَتْ لَهُ، وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ طُولٍ فَلَا رُجُوعَ لَهَا وَكَمَنْ سَأَلَ مُشْتَرِيًا الْإِقَالَةَ فَقَالَ: إنَّمَا تُرِيدُ الْبَيْعَ لِغَيْرِي؛ لِأَنِّي اشْتَرَيْت بِرُخْصٍ فَقَالَ مَتَى بِعْتهَا لِغَيْرِك فَهِيَ لَك بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَإِنْ بَاعَ لِغَيْرِ الْمُقِيلِ قُرْبَ الْإِقَالَةِ فَلِلْمُقِيلِ شَرْطُهُ، وَإِنْ بَاعَ بَعْدَ طُولٍ فَالْبَيْعُ لِغَيْرِ الْمُقِيلِ نَافِذٌ وَلَا قِيَامَ لِلْمُقِيلِ بِشَرْطِهِ وَالطُّولُ سَنَتَانِ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ التَّقْيِيدِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بِالْقُرْبِ اعْتَرَضَهُ ح فِي الْتِزَامَاتِهِ بِأَنَّ اللَّخْمِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ خَالَفَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ فَتْحُونٍ وَغَيْرِهِمْ كَذَا فِي بْن وَنَحْوِهِ فِي شب وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا الْإِسْقَاطُ مُقَيَّدٌ إلَخْ) الْأَوْلَى وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِمَا أَسْقَطَتْهُ إذَا لَمْ تَتَوَثَّقْ مَعَ إسْقَاطِهَا بِيَمِينٍ أَمَّا لَوْ تَوَثَّقَتْ مَعَهُ بِيَمِينٍ فَلَا تَرْجِعُ كَمَا إذَا قَالَ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ إنْ تَزَوَّجْت فَسُرِّيَّتِي حُرَّةٌ أَوْ فَضَرَّتُك طَالِقٌ أَوْ فَأَمْرُك بِيَدِك.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِيَمِينٍ) أَيْ مُصَاحِبًا لِيَمِينٍ.
(قَوْلُهُ: عَلَى عِتْقٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ عَلَى أَيْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا.
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَجْتَمِعَ إلَخْ) الظَّاهِرُ فِي الْعِلَّةِ هُوَ أَنَّ الْأَلْفَ أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ فِي مُقَابَلَةِ الْيَمِينِ، وَقَدْ وُجِدَتْ فَلِذَا لَمْ تَرْجِعْ بِهَا اهـ بْن
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِأَوْ مَحْذُوفٌ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِعْلُ الشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ نَقَصَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ.
(قَوْلُهُ: كَزَوِّجْنِي أُخْتَك مَثَلًا) أَيْ أَوْ بِنْتَك أَوْ أَمَتَك فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُجْبِرُهَا عَلَى النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك أُخْتِي) أَيْ أَوْ ابْنَتِي أَوْ أَمَتِي وَقَوْلُهُ: بِمِائَةٍ أَيْ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي وَجْهِ الشِّغَارِ اتِّحَادُ الْمَهْرِ كَمَا فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ بَلْ الْمَدَارُ فِيهِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ) الشِّغَارُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ رَفْعُ الْكَلْبِ رِجْلَهُ عِنْدَ الْبَوْلِ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ لُغَةً فِيمَا يُشْبِهُهُ مِنْ رَفْعِ رِجْلِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْجِمَاعِ، ثُمَّ نَقَلَهُ الْفُقَهَاءُ وَاسْتَعْمَلُوهُ فِي رَفْعِ الْمَهْرِ مِنْ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَجْهًا؛ لِأَنَّهُ شِغَارٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ سَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقًا فَلَيْسَ بِشِغَارٍ لِعَدَمِ خُلُوِّ الْعَقْدِ عَنْ الصَّدَاقِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرَطَ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَهُوَ شِغَارٌ فَكَأَنَّ التَّسْمِيَةَ فِيهِمَا كَلَا تَسْمِيَةٍ فَلِذَا سَمَّى وَجْهَ الشِّغَارِ، وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْقِسْمِ الثَّانِي صَرِيحًا فَهُوَ وَاضِحٌ لِلْخُلُوِّ عَنْ الصَّدَاقِ، وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَجْهَ الشِّغَارِ اعْتِنَاءً بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَهُ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ صِحَّةُ نِكَاحِ الشِّغَارِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: بَلْ عَلَى وَجْهِ الْمُكَافَأَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ أُخْتَهُ وَابْنَتَهُ فَكَافَأَهُ
دُونَ الْأُخْرَى وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الشِّغَارِ وَهُوَ الْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا فَالْمُسَمَّى لَهَا تُعْطَى حُكْمَ وَجْهِهِ وَغَيْرُهَا تُعْطَى حُكْمَ صَرِيحِهِ.
(وَ) فُسِخَ النِّكَاحُ إنْ وَقَعَ (عَلَى) شَرْطِ (حُرِّيَّةِ وَلَدِ الْأَمَةِ) الْمُتَزَوِّجَةِ (أَبَدًا) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْأَجِنَّةِ وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا بِالشَّرْطِ وَوَلَاؤُهُمْ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ وَلَهَا بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى.
(وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (فِي الْوَجْهِ) مِنْ الشِّغَارِ، وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ (وَ) لَهَا فِي نِكَاحِهَا عَلَى (مِائَةٍ وَخَمْرٍ) مَثَلًا (أَوْ) عَلَى (مِائَةٍ) حَالَّةٍ (وَمِائَةٍ) مُؤَجَّلَةٍ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ (لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ) مَثَلًا (الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى) الْحَلَالِ (وَصَدَاقِ الْمِثْلِ) وَلَا يَنْظُرُ لِمَا صَاحَبَ الْحَلَالَ مِنْ الْخَمْرِ وَالْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَلَوْ)(زَادَ) صَدَاقُ الْمِثْلِ (عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ بِأَنْ كَانَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مَثَلًا فَتَأْخُذُهَا حَالَّةً فَلَوْ كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ مِائَتَيْنِ أَوْ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَخَذَتْهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ وَهُوَ الْمِائَةُ، وَلَوْ كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ تِسْعِينَ أَخَذَتْ مِائَةً؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى الْحَلَالَ أَكْثَرُ مِنْ تِسْعِينَ صَدَاقِ الْمِثْلِ (وَقُدِّرَ) صَدَاقُ الْمِثْلِ (بِالتَّأْجِيلِ) أَيْ بِالْمُؤَجَّلِ (الْمَعْلُومِ إنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمُسَمَّى مُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَيْ يُعْتَبَرُ مِنْ الْمُؤَجَّلِ مَا أُجِّلَ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَيُلْغَى الْمَجْهُولُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ اُعْتُبِرَ الْحَالُّ وَأُلْغِيَ الْمَجْهُولُ فَإِذَا كَانَ صَدَاقُهَا ثَلَثَمِائَةٍ مِائَةٌ حَالَّةٌ وَمِائَةٌ مُؤَجَّلَةٌ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ كَسَنَةٍ وَمِائَةٌ حَالَّةٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ يُلْغَى، وَيُقَالُ مَا صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّ فِيهِ مِائَةً مُؤَجَّلَةً إلَى سَنَةٍ وَمِائَةً حَالَّةً فَإِنْ قِيلَ مِائَتَانِ فَقَدْ اسْتَوَى الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ فَتَأْخُذُهُ مِائَةً حَالَّةً وَمِائَةً إلَى سَنَةٍ، وَإِنْ قِيلَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ أَخَذَتْ الْمُسَمَّى وَهُوَ الْمِائَتَانِ مِائَةً حَالَّةً وَمِائَةً إلَى سَنَةٍ، وَإِنْ قِيلَ: ثَلَثُمِائَةٍ أَخَذَتْ مِائَتَيْنِ حَالَّتَيْنِ وَمِائَةً إلَى سَنَةٍ وَلَمَّا قَدَّمَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْآخَرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْهَمَ تَوَقُّفَ نِكَاحِ إحْدَاهُمَا عَلَى نِكَاحِ الْأُخْرَى.
(قَوْلُهُ: دُونَ الْأُخْرَى) أَيْ كَزَوِّجْنِي ابْنَتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي أَوْ أَمَتِي بِلَا مَهْرٍ.
(قَوْلُهُ: فَالْمُسَمَّى لَهَا تُعْطَى حُكْمَ وَجْهِهِ) أَيْ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ.
(قَوْلُهُ: تُعْطَى حُكْمَ صَرِيحِهِ) أَيْ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَلَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ صَدَاقُ الْمِثْلِ
(قَوْلُهُ: وَعَلَى حُرِّيَّةٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى فِيهِ وَعَلَى مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ فِي خِيَاطَةِ الْمَتْنِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً وَشَرَطَ عَلَى سَيِّدِهَا أَنَّ أَوْلَادَهَا كُلَّهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ يَكُونُونَ أَحْرَارًا فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ أَبَدًا وَلَهَا بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى إذَا حَصَلَ مِنْهَا أَوْلَادٌ كَانُوا أَحْرَارًا بِالشَّرْطِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَالْوَلَاءِ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ، وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ السَّيِّدُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا فَسْخَ وَيَلْزَمُ عِتْقُهُمْ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْأَجِنَّةِ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا الصَّدَاقَ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَوْلَادِ وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ.
(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا) أَيْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ مِنْهَا أَوْلَادٌ فَإِنَّهُمْ يَكُونُونَ أَحْرَارًا بِالشَّرْطِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ مَا لَمْ تُسْتَحَقَّ تِلْكَ الْأَمَةُ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا الَّذِي زَوَّجَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقَّ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ: وَلَهَا بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى) أَيْ لِأَنَّ فَسَادَ هَذَا النِّكَاحَ لِعَقْدِهِ لَا لِصَدَاقِهِ
(قَوْلُهُ: الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ) الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ مِنْ لِلْبَيَانِ الْمَشُوبِ بِتَبْعِيضٍ أَيْ لَهَا الْأَكْثَرُ الَّذِي هُوَ أَحَدُهُمَا إلَّا أَنَّهَا لِلْمُفَاضَلَةِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّهَا تَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْظُرُ) أَيْ فِي الْمُسَمَّى لَمَّا صَاحَبَ الْحَلَالَ.
(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَوْ زَادَ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِالْمُسَمَّى الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْهُ إلَّا إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْجَمِيعِ فَلَا يُبَالِغُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ إلَخْ) هَذِهِ الْمُبَالَغَةُ بِالنِّسْبَةِ لِمَسْأَلَةِ مِائَةٍ حَالَّةٍ وَمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَالْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى زَائِدًا عَلَى الْمُسَمَّى الْحَلَالِ فَقَطْ بَلْ وَلَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْجَمِيعِ، وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ لَهَا الْأَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى الْحَلَالِ إنْ لَمْ يَزِدْ صَدَاقَ الْمِثْلِ عَلَى جَمِيعِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَإِنْ زَادَ صَدَاقُ الْمِثْلِ عَلَيْهِمَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْجَمِيعُ تَأْخُذُهُ حَالًّا؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْمِائَةِ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ تَأْخُذُهَا حَالَّةً أَحْسَنُ لَهَا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ وَهُوَ الْمِائَةُ) أَيْ الْمُصَاحِبَةِ لِلْمِائَةِ الْمُؤَجَّلَةِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُسَمَّى الْحَلَالَ) أَيْ وَهُوَ الْمِائَةُ الْمُصَاحِبَةُ لِلْمِائَةِ الْمُؤَجَّلَةِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَكْثَرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَقُدِّرَ بِالتَّأْجِيلِ إلَخْ) قُدِّرَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ: بِالتَّأْجِيلِ مُتَعَلِّقٌ بِقُدِّرَ وَالْمَعْلُومُ صِفَةٌ لِلتَّأْجِيلِ بِمَعْنَى الْمُؤَجَّلِ وَالْمَعْنَى وَقُدِّرَ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالنَّظَرِ لِلْمُؤَجَّلِ الْمَعْلُومِ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِّ لَا بِالنَّظَرِ لِلْمَجْهُولِ إنْ وُجِدَ فِي الْمُسَمَّى مُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقَ الْمِثْلِ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ صَدَاقَ الْمِثْلِ إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ لِأَوْصَافِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَالٍ وَجَمَالٍ وَحَسَبٍ وَنَسَبٍ وَلَا يُنْظَرُ فِيهِ لِحُلُولٍ وَلَا تَأْجِيلٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّظَرَ لِلْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ عِنْدَ جَهْلِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ.
(قَوْلُهُ: أَيْ بِالْمُؤَجَّلِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمُؤَجَّلِ الْمَعْلُومِ كَمَا يُقَدَّرُ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِّ وَلَا يُقَدَّرُ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْهُولِ.
(قَوْلُهُ: وَيَلْغَى الْمَجْهُولُ) أَيْ مَا أُجِّلَ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ) أَيْ فِي الْمُسَمَّى مُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْمُسَمَّى صَدَاقَهَا الْمُسَمَّى
أَنَّ لَهَا فِي الْوَجْهِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ لُبَابَةَ عَلَى خِلَافِهِ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا فِيمَا إذَا)(سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا) دُونَ الْأُخْرَى (وَدَخَلَ) الزَّوْجُ (بِالْمُسَمَّى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ) مُتَعَلِّقٌ بِتُؤُوِّلَتْ أَيْ تُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ فَالتَّأْوِيلَانِ إنَّمَا هُمَا فِي الْمُرَكَّبِ أَيْ فِي أَحَدِ فَرْدَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ مَعَ أَنَّهُمَا فِيهِ وَفِيمَا إذَا سَمَّى لَهُمَا مَعًا، فَلَوْ قَالَ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا فِيمَا إذَا دَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لَشَمِلَهُمَا وَهَذَا التَّأْوِيلُ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ.
(وَ) اُخْتُلِفَ (فِي مَنْعِهِ) أَيْ النِّكَاحِ (بِمَنَافِعَ) لِدَارٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ بِأَنْ جَعَلَ صَدَاقَهَا مَنَافِعَ مَا ذُكِرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً (وَتَعْلِيمُهَا قُرْآنًا) مَحْدُودًا بِحِفْظٍ أَوْ نَظَرٍ (وَإِحْجَاجُهَا) فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا (بِقِيمَةِ عَمَلِهِ) مِنْ خِدْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لِلْفَسْخِ) أَيْ إلَى فَسْخِ الْإِجَارَةِ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ مَاضٍ قَبْلُ وَبَعْدُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَنَافِعِ وَلَا فَسْخَ لَهُ وَلَا لِلْإِجَارَةِ، وَإِنْ مُنِعَ ابْتِدَاءً (وَكَرَاهَتُهُ) وَعَلَيْهِ فَمُضِيُّهُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَنَافِعِ ظَاهِرٌ (كَالْمُغَالَاةِ فِيهِ) أَيْ فِي الصَّدَاقِ فَتُكْرَهُ وَالْمُرَادُ بِهَا مَا خَرَجَتْ عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهَا، إذْ هِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، إذْ الْمِائَةُ قَدْ تَكُونُ كَثِيرَةً جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِامْرَأَةٍ وَقَلِيلَةً جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِأُخْرَى (وَالْأَجَلُ) فِي الصَّدَاقِ أَيْ يُكْرَهُ تَأْجِيلُهُ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَلَوْ إلَى سَنَةٍ لِئَلَّا يَتَذَرَّعَ النَّاسُ إلَى النِّكَاحِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَيُظْهِرُونَ أَنَّ هُنَاكَ صَدَاقًا مُؤَجَّلًا وَلِمُخَالَفَتِهِ لِفِعْلِ السَّلَفِ وَقَوْلُهُ:.
(قَوْلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ.
(وَإِنْ أَمَرَهُ) أَيْ أَمَرَ الزَّوْجُ وَكِيلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً (بِأَلْفٍ) مَثَلًا سَوَاءٌ (عَيَّنَهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ بِأَنْ قَالَ لَهُ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ بِأَلْفٍ (أَوْ لَا) بِأَنْ قَالَ لَهُ زَوِّجْنِي امْرَأَةً بِأَلْفٍ (فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ) تَعَدِّيًا وَلَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالتَّعَدِّي (فَإِنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا (فَعَلَى الزَّوْجِ أَلْفٌ) وَهِيَ الَّتِي أَمَرَ الْوَكِيلَ بِهَا (وَغَرِمَ الْوَكِيلُ أَلْفًا إنْ تَعَدَّى) أَيْ ثَبَتَ تَعَدِّيهِ (بِإِقْرَارٍ) مِنْهُ (أَوْ بَيِّنَةٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: أَنَّ لَهَا فِي الْوَجْهِ) أَيْ وَجْهِ الشِّغَارِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى مَا سَبَقَ.
(قَوْلُهُ: بِالْمُسَمَّى لَهَا) أَيْ وَأَمَّا إذَا دَخَلَ بِغَيْرِ الْمُسَمَّى لَهَا فَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا هُمَا فِي الْمُرَكَّبِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا سَمَّى لَهُمَا مَعًا فَكُلُّ مَنْ دَخَلَ بِهَا مِنْهُمَا لَهَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ اتِّفَاقًا هَذَا ظَاهِرُهُ.
(قَوْلُهُ: أَيْ فِي أَحَدِ فَرْدَيْهِ) وَهُوَ مَا إذَا دَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا فَابْنُ أَبِي زَيْدٍ حَمَلَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ لُزُومِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَابْنُ لُبَابَةَ حَمَلَهَا عَلَى لُزُومِ صَدَاقِ الْمِثْلِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُمَا فِيهِ) أَيْ فِي الْمُرَكَّبِ.
(قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا سَمَّى لَهُمَا مَعًا) أَيْ الَّذِي هُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ فَإِذَا حَصَلَ مِنْهُ دُخُولٌ كَانَ لَهَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: صَدَاقُ الْمِثْلِ فَقَطْ
(قَوْلُهُ: بِأَنْ جَعَلَ صَدَاقَهَا مَنَافِعَ مَا ذُكِرَ مُدَّةً) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أَتَزَوَّجُك بِمَنَافِعِ دَارِي أَوْ دَابَّتِي أَوْ عَبْدِي سَنَةً، وَيَجْعَلَ تِلْكَ الْمَنَافِعَ صَدَاقَهَا وَكَأَنْ يَجْعَلَ صَدَاقَهَا خِدْمَتَهُ لَهَا فِي زَرْعٍ أَوْ فِي بِنَاءِ دَارٍ أَوْ فِي سَفَرِ الْحَجِّ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمِهَا قُرْآنًا) أَيْ وَأَمَّا تَزَوَّجَهَا بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ لَهَا وَيَجْعَلُ ثَوَابَ الْقِرَاءَةِ صَدَاقًا فَهُوَ فَاسِدٌ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: مَحْدُودًا) أَيْ كَرُبْعِ الْقُرْآنِ أَوْ سُورَةٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: بِحِفْظٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ التَّعْلِيمِ مُلْتَبِسًا بِحِفْظٍ أَوْ بِالنَّظَرِ وَالْمُطَالَعَةِ فِي الْمُصْحَفِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ كَالتَّعْلِيمِ وَالرُّكُوبِ وَالسُّكْنَى وَالِاسْتِخْدَامِ.
(قَوْلُهُ: لِلْفَسْخِ) أَيْ مِنْ وَقْتِ أَخْذِهِ فِي التَّعْلِيمِ أَوْ الْخِدْمَةِ إلَى وَقْتِ الْفَسْخِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ الْفَسْخِ وَرُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ عَمَلِهِ ضَعِيفٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ عَمَلِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ النِّكَاحُ صَحِيحٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَيَمْضِي بِمَا وَقَعَ بِهِ مِنْ الْمَنَافِعِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ) مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الرَّاجِحَ هُوَ الْمَنْعُ مَعَ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا هُوَ الَّذِي فَسَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي كَوْنِ الصَّدَاقِ مَنَافِعَ كَخِدْمَتِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ تَعْلِيمِهِ قُرْآنًا مَنَعَهُ مَالِكٌ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ، وَإِنْ وَقَعَ مَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ.
فَقَالَ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا نَسَبَهُ لِمَالِكٍ مِنْ الْمَنْعِ، وَأَمَّا عَلَى الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي الْإِمْضَاءِ وَإِنَّمَا يَمْضِي عَلَى الْمَشْهُورِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ) أَيْ بِهِ أَيْ مُضِيَّهُ ظَاهِرٌ بِمَا وَقَعَ بِهِ مِنْ الْمَنَافِعِ لَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ.
(قَوْلُهُ: كَالْمُغَالَاةِ فِيهِ) تَشْبِيهٌ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي فَقَطْ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ لَا فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهَا إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا كَثْرَةَ الصَّدَاقِ فِي نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ: إذْ هِيَ إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَالْمُرَادُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ تَأْجِيلُهُ) أَيْ تَأْجِيلُ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي أَنَّ الْمَكْرُوهَ تَأْجِيلُ كُلِّهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: يَتَذَرَّعُ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَتَوَسَّلُ
(قَوْلُهُ: بِأَلْفٍ) هَذَا فَرْضُ مِثَالٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ: بِأَلْفَيْنِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ فَزَادَ عَلَيْهِ زِيَادَةً لَا تُغْتَفَرُ وَالدِّينَارَانِ فِي عِشْرِينَ وَالْأَرْبَعَةُ فِي الْمِائَةِ يَسِيرٌ
عَايَنَتْ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ بِالْأَلْفِ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ (وَإِلَّا) يَثْبُتْ التَّعَدِّي حَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ الْوَكِيلَ بِأَلْفٍ وَبَرِئَ فَيَحْلِفُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ حَلَفَ ضَاعَتْ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ بِالْأَلْفِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَتُحَلِّفُ هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْوَكِيلَ (إنْ حَلَفَ الزَّوْجُ) إنَّهُ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفٍ وَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْأَلْفِ الثَّانِيَةِ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَوْلُهُ: تُحَلِّفُ هُوَ ثُلَاثِيٌّ مُضَعَّفُ اللَّامِ مُتَعَدٍّ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ الْوَكِيلَ كَمَا قَدَّرْنَا فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ فَإِنْ حَلَفَ وَنَكَلَ الْوَكِيلُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ فَإِنْ حُقِّقَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى حَلَّفَتْ وَأَلْزَمَتْهُ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ فَإِنْ نَكَلَتْ سَقَطَتْ (وَفِي تَحْلِيفِ الزَّوْجِ لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (إنْ نَكَلَ) الزَّوْجُ (وَغَرِمَ) لَهَا بِنُكُولِهِ (الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ) فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ لِلزَّوْجِ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ الَّتِي كَانَ غَرِمَهَا لِلزَّوْجَةِ بِنُكُولِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ.
(قَوْلَانِ) مَبْنَاهُمَا عَلَى أَنَّ النُّكُولَ هَلْ هُوَ كَالْإِقْرَارِ فَلَا يَكُونُ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَوْ لَا فَلَهُ التَّحْلِيفُ وَأَشَارَ إلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ دَخَلَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ) الزَّوْجُ بِهَا (وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِمَا قَالَهُ صَاحِبُهُ (لَزِمَ الْآخَرُ) النِّكَاحَ فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِالْأَلْفَيْنِ لَزِمَ الزَّوْجَةَ أَوْ رَضِيَتْ هِيَ بِالْأَلْفِ لَزِمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ فُسِخَ النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَزِمَ الْآخَرُ سَوَاءٌ ثَبَتَ تَعَدِّي الْوَكِيلِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ (لَا إنْ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الْأَلْفَ) الثَّانِيَةَ وَأَبَى الزَّوْجُ فَلَا يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ، وَلَوْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ (وَلِكُلٍّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ (تَحْلِيفُ الْآخَرِ) إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ (فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارَهُ) وَهُوَ الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ لَا الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ وَالسَّفِيهُ فَالْكَلَامُ لِلسَّيِّدِ وَالْوَالِي فَمَا هُنَا لِمَنْ يَعْقِلُ فَالْمَحَلُّ لِمَنْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: عَايَنَتْ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ) أَيْ وَحَضَرَتْ عَقْدَ الْوَكِيلِ عَلَى الْأَلْفَيْنِ فَالتَّعَدِّي لَا يَثْبُتُ بِالنِّيَّةِ إلَّا إذَا وُجِدَ الْأَمْرَانِ، أَمَّا لَوْ شَاهَدَتْ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ فَقَطْ أَوْ شَاهَدَتْ الْعَقْدَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ فَالتَّعَدِّي لَا يَثْبُتُ حِينَئِذٍ إلَّا بِالْإِقْرَارِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَثْبُتُ التَّعَدِّي) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ مِنْ أَنَّهُ حَصَلَ دُخُولٌ وَأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى أَلْفَيْنِ وَالْوَكِيلُ يَقُولُ: وَكَّلَنِي الزَّوْجُ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَهُ بِأَلْفَيْنِ وَفَعَلْت كَمَا أَمَرَنِي وَالزَّوْجُ يَقُولُ: إنَّمَا أَمَرْته بِأَلْفٍ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا أَمَرَ الْوَكِيلَ بِأَلْفٍ) أَيْ وَأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْأَلْفِ الثَّانِيَةِ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ زَادَ بَعْضُهُمْ وَأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ بِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ: أَتَّهِمُك فِي أَنَّك قَدْ تَعَدَّيْت بِزِيَادَةِ الْأَلْفِ الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَقَّقَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ لَهُ: أَنَا مُحَقِّقَةٌ وَجَازِمَةٌ بِأَنَّك تَعَدَّيْت بِزِيَادَةِ الْأَلْفِ الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ: حَلَفَتْ) أَيْ عِنْدَ نُكُولِ الْوَكِيلِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ) أَيْ الْوَكِيلُ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ النُّكُولَ) أَيْ نُكُولَ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ: هَلْ هُوَ كَالْإِقْرَارِ أَيْ كَإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِأَلْفَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِهَا) أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالتَّعَدِّي قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا عَلِمَا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَ الْآخَرُ) مَحَلُّ اللُّزُومِ إذَا كَانَ الرَّاضِي مِنْهُمَا حُرًّا رَشِيدًا وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ فُسِخَ النِّكَاحُ بِلَا طَلَاقٍ، وَأَمَّا إنْ دَخَلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا فِي دُخُولِ السَّفِيهِ وَالْعَبْدِ الْقَدْرُ الَّذِي أَذِنَ بِهِ السَّيِّدُ وَوَلِيُّ الزَّوْجِ وَهُوَ الْأَلْفُ لَا مَا زَوَّجَ بِهِ الْوَكِيلُ، كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وشب نَقْلًا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ.
(قَوْلُهُ: بِطَلَاقٍ) أَيْ وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّ فَسْخَهُ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي قَدْرِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَمَحَلُّ فَسْخِ النِّكَاحِ إذَا لَمْ يَرْضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ إذَا قَامَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) أَيْ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ ثُبُوتِ تَعَدِّيهِ وَعَدَمِهِ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِيمَا إذَا حَصَلَ دُخُولٌ.
(قَوْلُهُ: لَا إنْ الْتَزَمَ) عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ لَزِمَ النِّكَاحُ إنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِمَا قَالَ الْآخَرُ لَا إنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ وَالْتَزَمَ الْوَكِيلُ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ وَأَبَى الزَّوْجُ فَلَا يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ، وَأَمَّا لَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَلْزَمُ، وَلَوْ أَبَتْ الْمَرْأَةُ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ النِّكَاحُ، وَلَوْ رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ لِمِنَّةِ الْوَكِيلِ عَلَى الزَّوْجِ وَلِحُصُولِ الضَّرَرِ لَهُ بِزِيَادَةِ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ مَنْ صَدَاقُهَا كَثِيرٌ أَكْثَرُ مِنْ نَفَقَةِ مَنْ صَدَاقُهَا قَلِيلٌ.
(قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَرَضِيَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِمَا ادَّعَى الْآخَرُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ وَلَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بِمَا ادَّعَاهُ بَيِّنَةٌ أَيْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَهُ أَنَّهُ وُكِّلَ بِأَلْفٍ فَقَطْ وَلَا لَهَا إنْ عَقْدُهَا وَقَعَ بِأَلْفَيْنِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لَهَا وَلَمْ تَقُمْ لِلزَّوْجِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلزَّوْجِ دُونَهَا فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يُحَلِّفَ صَاحِبَهُ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ، وَأَمَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا وَلَيْسَ إلَّا الْفَسْخُ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَقَالَ غَيْرُهُ يَحْلِفَانِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَتَسَاقُطِهِمَا لَمْ يَبْقَ إلَّا مُجَرَّدُ تَدَاعِيهِمَا فَاحْتِيجَ لِيَمِينِهِمَا وَفِيهِ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا أَصْلًا فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ
أَوْ أَنَّهَا كِنَايَةٌ عَنْ حَالَةٍ أَيْ فِي حَالَةٍ يُفِيدُ فِيهَا إقْرَارُهُ وَهِيَ حَالَةُ الْحُرِّ إلَخْ، وَلَوْ قَالَ: إنْ أَفَادَ إقْرَارُهُ كَانَ أَبْيَنَ وَأَخْصَرَ (إنْ لَمْ تَقُمْ) لَهُمَا مَعًا (بَيِّنَةٌ) بِأَنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ وَكَّلَ بِأَلْفٍ وَلَا لَهَا أَنَّ عَقْدَهَا وَقَعَ عَلَى أَلْفَيْنِ أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لَهُ دُونَهَا أَوْ لَهَا دُونَهُ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ تَحْلِيفُ صَاحِبِهِ فَفِي الْأُولَى لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْلِيفُ صَاحِبِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ وَكَّلَ عَلَى أَلْفٍ هُوَ لَا يَحْلِفُ وَلَهُ تَحْلِيفُهَا أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ بِأَلْفٍ فَإِنْ نَكَلَتْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ بِأَلْفٍ، وَإِنْ حَلَفَتْ قِيلَ لِلزَّوْجِ: إمَّا أَنْ تَرْضَى بِالْأَلْفَيْنِ أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَكُمَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ. وَفِي الثَّالِثَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ دُونَهُ لَا تَحْلِفُ وَلَهَا تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ فَقَطْ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِأَلْفَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ قِيلَ لَهَا إمَّا أَنْ تَرْضَيْ بِالْأَلْفِ أَوْ بِفَسْخِ النِّكَاحِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ فَقَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ أَيْ مَعًا إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَى الْبَدَلِ إنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا إلَّا أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى هِيَ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ أَفَادَ هُنَا أَنَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِمَا وَفِيمَا يَأْتِي مِنْ الْمُبْدَأِ بِالْيَمِينِ (وَلَا تُرَدُّ) الْيَمِينُ الَّتِي تَوَجَّهَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا بَلْ يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ بِمَا قَالَ الْآخَرُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ (إنْ اتَّهَمَهُ) أَمَّا لَوْ حَقَّقَ كُلَّ الدَّعْوَى عَلَى صَاحِبِهِ كَأَنْ قَالَتْ أَتَحَقَّقُ أَنَّك أَمَرْت الْوَكِيلَ بِأَلْفَيْنِ أَوْ قَالَ أَتَحَقَّقُ أَنَّك رَضِيت بِأَلْفٍ رُدَّتْ الْيَمِينُ وَلَا يَلْزَمُ الْحُكْمُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ (وَرَجَّحَ) ابْنُ يُونُسَ (بُدَاءَةً حَلَفَ الزَّوْجُ) عَلَى الزَّوْجَةِ (مَا أَمَرَهُ) أَيْ الْوَكِيلَ (إلَّا بِأَلْفٍ) مَعْمُولُ حَلَفَ وَبَيَانٌ لِصِفَةِ يَمِينِهِ أَيْ يَحْلِفُ مَا أَمَرْت الْوَكِيلَ إلَّا بِأَلْفٍ (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ يَثْبُتُ (لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ) أَوْ الرِّضَا بِالْأَلْفِ (إنْ قَامَتْ) لَهَا (بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ) فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِأَلْفَيْنِ هَذَا وَالْمُصَنِّفُ مُعْتَرِضٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ بُدَاءَةً حَلَفَ الزَّوْجُ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّوْجَةَ تَحْلِفُ أَيْضًا مَعَ بَيِّنَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا عِنْدَ قِيَامِ بَيِّنَتِهَا اتِّفَاقًا مِنْ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ فَكَيْفَ يُعْقَلُ تَرْجِيحُهُ فَالصَّوَابُ أَنَّ تَرْجِيحَ ابْنِ يُونُسَ فِيمَا إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهِيَ الصُّورَةُ الْأُولَى مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) تَقُمْ لَهَا بَيِّنَةٌ كَمَا لَمْ تَقُمْ لَهُ بِأَنْ عُدِمَتْ بَيِّنَتُهُمَا مَعًا (فَكَالِاخْتِلَافِ) أَيْ فَالْحُكْمُ حِينَئِذٍ كَحُكْمِ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ (فِي) قَدْرِ (الصَّدَاقِ) قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْيَمِينُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَتَبْدَأُ الزَّوْجَةُ بِالْيَمِينِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ فَتَحْلِفُ أَنَّ الْعَقْدَ بِأَلْفَيْنِ، ثُمَّ لِلزَّوْجِ الرِّضَا بِذَلِكَ أَوْ يَحْلِفُ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفٍ فَإِنْ حَلَفَ وَلَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ بِأَلْفٍ فُسِخَ النِّكَاحُ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَيَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى حُكْمٍ، ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الَّذِي يَبْدَأُ هُوَ الزَّوْجُ خِلَافًا لِتَرْجِيحِ ابْنِ يُونُسَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَرُجِّحَ عِنْدَ عَدَمِ بَيِّنَتِهِمَا بُدَاءَتُهَا بِالْيَمِينِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ وَإِلَّا صَحَّ خِلَافُهُ لَكَانَ صَوَابًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فُسِخَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَهُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهَا كِنَايَةٌ إلَخْ) هَذَا الِاحْتِمَالُ أَنْسَبُ بِالظَّرْفِيَّةِ بِخِلَافِ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَلَا تَظْهَرُ فِيهِ الظَّرْفِيَّةُ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ حَالَةُ الْحُرِّ إلَخْ) أَيْ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ وَحَالَتُهُ هِيَ الْحُرِّيَّةُ وَالرُّشْدُ وَالتَّكْلِيفُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَالَةِ الَّتِي يُفِيدُ فِيهَا الْإِقْرَارُ حَالَةَ الْحُرِّ إلَخْ تَبِعَ فِيهِ الْبِسَاطِيَّ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْحَالَةِ الَّتِي يُفِيدُ فِيهَا إقْرَارُهُ هُوَ أَنْ لَا تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ زِيَادَةُ بَيَانٍ لِقَوْلِهِ فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ تَحْلِيفُ صَاحِبِهِ) أَيْ وَيَبْدَأُ الزَّوْجُ بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ تَبْدِئَةِ الزَّوْجَةِ فَتَحْلِفُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِمَا حَلَفَ مَا أَمَرَ الْوَكِيلَ إلَّا بِأَلْفٍ وَإِذَا لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ بِهَا فُسِخَ النِّكَاحُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا إذَا قَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا وَقَعَ بِأَلْفَيْنِ.
(قَوْلُهُ: بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ) أَيْ لِأَنَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا تُرَدُّ إنْ اتَّهَمَهُ) فَإِذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ فَنَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِأَلْفَيْنِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ كَانَتْ تَتَّهِمُهُ أَنَّهُ أَمَرَ الْوَكِيلَ بِأَلْفَيْنِ أَوْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ لِلزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ بِأَلْفٍ فَنَكَلَتْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ بِأَلْفٍ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهَا إنْ كَانَ يَتَّهِمُهَا عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: أَتَحَقَّقُ أَنَّك أَمَرْت) أَيْ أَوْ عَلِمْت قَبْلَ الْعَقْدِ بِأَلْفَيْنِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّك رَضِيت) أَيْ أَوْ عَلِمْت قَبْلَ الْعَقْدِ بِأَلْفٍ.
(قَوْلُهُ: رُدَّتْ الْيَمِينُ) أَيْ إذَا نَكَلَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) أَيْ وَأَمَّا مَتَى قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِأَحَدِهِمَا فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي أَنَّ مَنْ قَامَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْيَمِينُ عَلَى صَاحِبِهِ.
(قَوْلُهُ: وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا) فَكَمَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بَعْدَ حَلِفِهِمَا وَعَدَمِ رِضَا الزَّوْجَةِ بِالْأَلْفِ كَذَلِكَ يُفْسَخُ إذَا نَكَلَا وَلَمْ تَرْضَ بِأَلْفٍ.
(قَوْلُهُ: وَيَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى حُكْمٍ) هَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ وَمُقَابِلُهُ لِسَحْنُونٍ أَنَّ الْفَسْخَ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ كَاللِّعَانِ وَخِلَافُهُمَا جَارٍ فِيمَا إذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: أَنَّ الَّذِي يَبْدَأُ هُوَ الزَّوْجُ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَا حَلَفَ وَرَضِيَتْ الزَّوْجَةُ بِالْأَلْفِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ حَلَفَتْ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِأَلْفَيْنِ فُسِخَ النِّكَاحُ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَحَّ خِلَافُهُ) أَيْ وَهُوَ تَبْدِئَةُ الزَّوْجِ بِالْيَمِينِ وَأَنَّهُ لَيْسَ كَالِاخْتِلَافِ
(وَإِنْ عَلِمَتْ) الزَّوْجَةُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ الْعَقْدِ (بِالتَّعَدِّي) مِنْ الْوَكِيلِ (وَمَكَّنَتْ) مِنْ نَفْسِهَا أَوْ مِنْ الْعَقْدِ (فَأَلْفٌ) وَيَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ عَلِمَ الزَّوْجُ فَقَطْ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ يَلْزَمُ الزَّوْجَ (أَلْفَانِ) لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ (وَإِنْ عَلِمَ كُلٌّ) مِنْهُمَا بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ (وَعَلِمَ) أَيْضًا (بِعِلْمِ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ انْتَفَى الْعِلْمُ عَنْهُمَا مَعًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (فَأَلْفَانِ) تَغْلِيبًا لِعِلْمِهِ عَلَى عِلْمِهَا (وَإِنْ عَلِمَ) كُلٌّ بِالتَّعَدِّي وَلَكِنْ عَلِمَ الزَّوْجُ (بِعِلْمِهَا فَقَطْ) وَلَمْ تَعْلَمْ هِيَ بِعِلْمِهِ (فَأَلْفٌ) لِزِيَادَةِ الزَّوْجِ بِعِلْمِهِ (وَبِالْعَكْسِ أَلْفَانِ) فَمَجْمُوعُ الصُّوَرِ سِتٌّ لَهَا فِي صُورَتَيْنِ أَلْفٌ وَفِي أَرْبَعٍ أَلْفَانِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَسَائِلِ تَعَدِّي وَكِيلِ الزَّوْجِ شَرَعَ فِي تَعَدِّي وَكِيلِ الزَّوْجَةِ فَقَالَ [دَرْسٌ](وَلَمْ يَلْزَمْ)(تَزْوِيجُ) امْرَأَةٍ (آذِنَةٍ) لِوَكِيلِهَا بِالتَّزْوِيجِ (غَيْرِ مُجْبَرَةٍ) وَلَمْ تُعَيِّنْ لَهُ قَدْرًا مِنْ الصَّدَاقِ وَسَوَاءٌ عَيَّنَتْ لَهُ الزَّوْجَ أَمْ لَا تَزْوِيجًا (بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ) فَإِنْ زَوَّجَهَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا لَزِمَهَا النِّكَاحُ إنْ عَيَّنَتْ الزَّوْجَ أَوْ عَيَّنَهُ لَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ أَيْضًا.
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِالتَّعَدِّي وَأَشَارَ هُنَا لِمَا إذَا عَلِمَ بِهِ أَحَدُهُمَا أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَمَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْعَقْدِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِذَا عَلِمَتْ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا أَوْ عَلِمَتْ بِتَعَدِّيهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَمَكَّنَتْ مِنْ الْعَقْدِ كَانَ الْوَاجِبُ لَهَا أَلْفًا فَقَطْ كَذَا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ.
وَاَلَّذِي قَالَهُ عج وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ: إنَّ عِلْمَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ بِالتَّعَدِّي لَا يُوجِبُ لُزُومَ النِّكَاحِ لَهَا بِأَلْفٍ إلَّا إذَا انْضَمَّ لِذَلِكَ تَلَذُّذُهُ أَوْ وَطْؤُهُ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وَالتَّوْضِيحُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَصَوَّبَهُ بْن.
(قَوْلُهُ: فَأَلْفٌ) أَيْ فَالْوَاجِبُ لَهَا أَلْفٌ؛ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا مِنْ نَفْسِهَا أَوْ مِنْ الْعَقْدِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ عِلْمِهَا بِالتَّعَدِّي مُسْقِطٌ لِلْأَلْفِ الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ عَلِمَ الزَّوْجُ فَقَطْ) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ: بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ) أَيْ وَاسْتَوْفَى الْبُضْعَ وَقَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى الْأَلْفَيْنِ وَتَفْوِيتُهُ الْبُضْعَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلِمَ بِعِلْمِ الْآخَرِ) أَيْ وَعَلِمَ بِعِلْمِ صَاحِبِهِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ انْتَفَى الْعِلْمُ عَنْهُمَا) أَيْ انْتَفَى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِلْمُهُ بِعِلْمِ صَاحِبِهِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ.
(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ) أَيْ وَهُوَ عِلْمُ أَحَدِهِمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ دُونَ الْآخَرِ فَذِكْرُهُ فِيمَا بَعْدَ انْتِفَاءِ الْعِلْمِ عَنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا انْتِفَاءُ الْعِلْمِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لِعِلْمِهِ عَلَى عِلْمِهَا) لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ بِذَلِكَ وَدَخَلَ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ وَلَا عِبْرَةَ بِعِلْمِ الزَّوْجَةِ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ الزَّوْجِ بِعِلْمِهِ) فَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَهَا قَدْ مَكَّنْتنِي مِنْ نَفْسِك مَعَ عِلْمِك بِالتَّعَدِّي وَأَنَا مَا دَخَلْت عَلَيْك إلَّا مَعَ عِلْمِي بِأَنَّك رَضِيت بِالْأَلْفِ.
(قَوْلُهُ: وَبِالْعَكْسِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ هِيَ الَّتِي قَدْ عَلِمَتْ بِعِلْمِ الزَّوْجِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِأَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا عَلِمَ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فَقَدْ دَخَلَ رَاضِيًا بِالْأَلْفَيْنِ وَالزَّوْجَةُ قَدْ عَلِمَتْ بِعِلْمِهِ بِذَلِكَ فَلَمْ تُمَكِّنْهُ إلَّا عَلَى الْأَلْفَيْنِ.
(قَوْلُهُ: فَمَجْمُوعُ الصُّوَرِ سِتٌّ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّعَدِّي مِنْ أَحَدِهِمَا فِيهِ صُورَتَانِ وَالْعِلْمُ بِهِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ أَرْبَعٌ أَنْ يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ بِعِلْمِ الْآخَرِ أَوْ لَا يَعْلَمَ وَاحِدٌ بِعِلْمِ الْآخَرِ أَوْ يَعْلَمَ الزَّوْجُ فَقَطْ بِعِلْمِهَا أَوْ تَعْلَمَ هِيَ فَقَطْ بِعِلْمِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْزَمْ تَزْوِيجُ آذِنَةٍ) يُعْلَمُ مِنْ كَوْنِهَا آذِنَةً أَنَّهَا غَيْرُ مُجْبَرَةٍ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِلتَّأْكِيدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْإِذْنِ مَا يَشْمَلُ الْمُسْتَحَبَّ الَّذِي فِي الْمُجْبَرَةِ فَأَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ غَيْرُ مُجْبَرَةٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مَالِكَةً لِأَمْرٍ عَلَى نَفْسِهَا كَالرَّشِيدَةِ وَالْيَتِيمَةِ الَّتِي تُزَوَّجُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا أَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ إذَا أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَمْ تُسَمِّ لَهُ قَدْرًا مِنْ الصَّدَاقِ وَسَوَاءٌ عَيَّنَتْ لَهُ الزَّوْجَ أَوْ لَمْ تُعَيِّنْهُ فَزَوَّجَهَا بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا النِّكَاحُ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ بِذَلِكَ، فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِإِتْمَامِ صَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَ أَنْ أَبَتْ لَزِمَ النِّكَاحُ إنْ كَانَ مَعَ الْقُرْبِ لَا مَعَ الطُّولِ، وَإِذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ حَيْثُ زُوِّجَتْ بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ كَانَ عَلَى الزَّوْجِ لَا عَلَى الْمُزَوِّجِ أَنْ يُكْمِلَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَ سِلْعَتِهَا بِخِلَافِ الْمُزَوِّجِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ وَكَّلَ شَخْصًا عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ فَبَاعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا فَإِنَّ بَاقِيَ الْقِيمَةِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ حَيْثُ فَاتَتْ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي.
وَبَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ مَا إذَا آجَرَ النَّاظِرُ عَقَارًا أَوْ أَرْضَ زِرَاعَةٍ بِغَيْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَذَكَرَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ يَرْجِعُونَ بِمَا وَقَعَتْ بِهِ الْمُحَابَّاتُ عَلَى النَّاظِرِ الْمُؤَجِّرِ لَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ أَقْرَبُ لِلْبَيْعِ مِنْ النِّكَاحِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ وَفِي الْبَرْمُونِيِّ أَنَّ تَكْمِيلَ الصَّدَاقِ عَلَى الْوَلِيِّ قِيَاسًا عَلَى وَكِيلِ الْبَيْعِ يَبِيعُ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَتَفُوتُ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ عج اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ.
(قَوْلُهُ: غَيْرِ مُجْبَرَةٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ مُجْبَرَةِ الْأَبِ أَوْ السَّيِّدِ إذَا زَوَّجَهَا بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا، وَلَوْ بِرُبْعِ دِينَارٍ وَكَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَلْفًا إذَا كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا لَهَا وَلَا مَقَالَ لِسُلْطَانٍ وَلَا لِغَيْرِهِ وَفِعْلُهُ أَبَدًا مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ أَيْضًا) أَيْ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِ
(وَعُمِلَ) عِنْدَ التَّنَازُعِ (بِصَدَاقِ السِّرِّ) أَيْ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ (إذَا أَعْلَنَ غَيْرَهُ) فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهُمَا أَنَّهُمَا رَجَعَا عَمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ وَقَالَ الزَّوْجُ: لَمْ نَرْجِعْ عَنْ ذَلِكَ بَلْ الْعَقْدُ عَلَى صَدَاقِ السِّرِّ (وَحَلَّفَتْهُ) الزَّوْجَةُ (إنْ ادَّعَتْ) عَلَيْهِ (الرُّجُوعَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ صَدَاقِ السِّرِّ الْأَقَلِّ (إلَّا) أَنْ يَثْبُتَ (بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ عَلَى (أَنَّ الْمُعْلَنَ لَا أَصْلَ لَهُ) فَيُعْمَلُ بِصَدَاقِ السِّرِّ وَلَيْسَ لَهَا تَحْلِيفُهُ.
(وَإِنْ)(تَزَوَّجَ بِثَلَاثِينَ) مَثَلًا (عَشَرَةً نَقْدًا) أَيْ حَالَّةً (وَعَشَرَةً) مِنْهَا (إلَى أَجَلٍ) مَعْلُومٍ (وَسَكَتَا عَنْ عَشَرَةٍ) سَقَطَتْ الْعَشَرَةُ الْمَسْكُوتُ عَنْهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَتَلْزَمُ حَالَّةً وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يَظْهَرُ فِيهِ قَدْرٌ لِلْمُفَاخَرَةِ وَيَكُونُ فِي السِّرِّ دُونَهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
(وَ) كِتَابَةُ الْمُوَثِّقِينَ فِي وَثِيقَةِ النِّكَاحِ (نَقَدَهَا) بِصِيغَةِ الْمَاضِي (كَذَا) مِنْ الْمَهْرِ (مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ عَجَّلَ لَهَا كَذَا، وَأَمَّا النَّقْدُ مِنْهُ كَذَا فَلَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْدِ مَا قَابَلَ الْمُؤَجَّلَ، وَأَمَّا نَقْدُهُ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ مُضَافًا فَفِيهِ قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي.
(وَجَازَ) بِلَا خِلَافٍ (نِكَاحُ التَّفْوِيضِ وَ) نِكَاحُ (التَّحْكِيمِ) وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ (عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ) أَيْ تَسْمِيَةِ (مَهْرٍ) وَلَا دُخُولٍ عَلَى إسْقَاطِهِ وَيَزْدَادُ فِي نِكَاحِ التَّحْكِيمِ وَصُرِفَ تَعْيِينُهُ لِحُكْمِ شَخْصٍ (بِلَا وَهَبْت) مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ فَإِنْ قَالَ: وَهَبْتُك ابْنَتِي قَاصِدًا بِذَلِكَ إنْكَاحَهَا مَعَ إسْقَاطِ الصَّدَاقِ فُسِخَ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: وَهَبْتهَا لَك تَفْوِيضًا فَإِنَّهُ مِنْ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ تَفْوِيضًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ وَكَّلَتْهُ مِمَّنْ أَحَبَّ عَيَّنَ وَإِلَّا فَلَهَا الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ
(قَوْلُهُ: وَعُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى صَدَاقٍ بَيْنَهُمَا فِي السِّرِّ وَأَظْهَرَا فِي الْعَلَانِيَةِ صَدَاقًا يُخَالِفُهُ قَدْرًا أَوْ صِفَةً أَوْ جِنْسًا فَإِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ وَالْمُعْتَبَرَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ سَوَاءٌ كَانَ شُهُودُ السِّرِّ هُمْ شُهُودُ الْعَلَانِيَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ، خِلَافًا لِأَبِي حَفْصِ بْنِ الْعَطَّارِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِ بَيِّنَةِ السِّرِّ بِمَا وَقَعَ فِي الْعَلَانِيَةِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْهُ فَإِنْ تَنَازَعَا وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ أَنَّهُمَا رَجَعَا عَمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ إلَى مَا أَظْهَرَاهُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَأَكْذَبَهَا الزَّوْجُ كَانَ لَهَا أَنْ تُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ عُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ، وَإِنْ نَكَلَ عُمِلَ بِصَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ بَعْدَ حَلِفِهَا عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا نَقَلَهُ بْن عَنْ ابْنِ عَاشِرٍ وَمَحَلُّ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ صَدَاقَ الْعَلَانِيَةِ لَا أَصْلَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ ظَاهِرِيٌّ، وَالْمُعْتَبَرُ إنَّمَا هُوَ صَدَاقُ السِّرِّ وَإِلَّا عُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ مِنْ غَيْرِ تَحْلِيفِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ التَّحْلِيفِ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الرُّجُوعَ عَمَّا أَشْهَدَا عَلَيْهِ مُمْكِنٌ كَالرُّجُوعِ عَمَّا تَصَادَقَا عَلَيْهِ قَالَهُ الْبَدْرُ.
(قَوْلُهُ: فَادَّعَتْ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَتْ إلَخْ وَهَذَا تَصْوِيرٌ لِلتَّنَازُعِ.
(قَوْلُهُ: وَحَلَّفَتْهُ) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ عُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ، وَإِنْ نَكَلَ عُمِلَ بِصَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ بَعْدَ حَلِفِهَا كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَزَوَّجَ إلَخْ) هَذَا كَالتَّفْرِيعِ عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِ السِّرِّ؛ لِأَنَّهُمْ أَظْهَرُوا ثَلَاثِينَ وَاللَّازِمُ إنَّمَا هُوَ الْعِشْرِينَ.
(قَوْلُهُ: سَقَطَتْ الْعَشَرَةُ الْمَسْكُوتُ عَنْهَا) أَيْ لِأَنَّ تَفْصِيلَهُ بِالْبَعْضِ كَالنَّاسِخِ لِإِجْمَالِهِ الْكَثِيرِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِثَلَاثِينَ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِعِشْرِينَ وَقَالُوا: عَشَرَةٌ نَقْدًا، وَسَكَتُوا عَنْ الْعَشَرَةِ الثَّانِيَةِ فَنَظَرَ فِيهِ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ كَمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُقَابِلٍ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَنَقَدَهَا) وَمِثْلُ عَجَّلَ لَهَا وَدَفَعَ لَهَا.
(قَوْلُهُ: مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ) أَيْ مُقْتَضٍ عُرْفًا أَنَّ الزَّوْجَةَ قَدْ قَبَضَتْهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَعْنَاهُ عُجِّلَ لَهَا) أَيْ وَالتَّعْجِيلُ مَعْنَاهُ الدَّفْعُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّقْدُ مِنْهُ كَذَا) أَيْ كَمَا إذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ تَزَوَّجَ فُلَانٌ فُلَانَةَ بِمِائَةٍ النَّقْدُ مِنْهَا كَذَا وَالْمُؤَجَّلُ مِنْهَا كَذَا فَلَا يَكُونُ مُقْتَضِيًا أَنَّ الزَّوْجَةَ قَدْ قَبَضَتْهُ.
(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْدِ مَا قَابَلَ الْمُؤَجَّلَ لَا الْمَقْبُوضَ وَإِلَّا لَكَانَ قَوْلُهُ: النَّقْدُ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا مُقْتَضِيًا لِقَبْضِهِ، وَقَدْ مَرَّ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ مِنْ جَانِبِ مَنْ صَدَّقَ اهـ خش.
(قَوْلُهُ: فِيمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ فِيمَا إذَا وَقَعَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِأَنْ ادَّعَى الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ دَفَعَ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ شَيْئًا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ) أَيْ فِي أَنَّهُ دَفَعَ كَذَا إذَا وَقَعَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ سَوَاءٌ وُجِدَ فِي الْوَثِيقَةِ نَقْدُهَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي أَوْ نَقْدُهُ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ أَوْ الْمُحَلَّى بِأَلْ
(قَوْلُهُ: وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ ح قَوْلُهُ: عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ تَفْسِيرٌ لِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ النَّوْعَيْنِ فَسَّرَهُمَا بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ عَدَمُ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَلِكُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ فَصْلٌ يَمْتَازُ بِهِ فَيَمْتَازُ التَّفْوِيضُ بِزِيَادَةٍ لَمْ يُصْرَفْ تَعْيِينُهُ لِحُكْمِ أَحَدٍ وَيَمْتَازُ التَّحْكِيمُ بِزِيَادَةِ صَرْفِ تَعْيِينِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ فِيمَا يُعَيِّنُهُ مِنْ مَهْرِهَا وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمْ أَنَّ جَعْلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَعْرِيفًا لِلتَّفْوِيضِ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ وَيُزَادُ إلَخْ أَيْ لِأَنَّهُ يُزَادُ إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ كَمَا يُزَادُ مَا ذُكِرَ فِي التَّحْكِيمِ يُزَادُ فِي التَّفْوِيضِ مَا مَرَّ عَنْ ح. وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ وَاحِدًا مِنْ الْقَيْدَيْنِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ تَعْرِيفًا لَهُمَا بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ: بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ) صِفَةٌ لِقَوْلِهِ عَقْدٌ وَقَوْلُهُ: بِلَا
فَإِنْ عَيَّنَ مَهْرًا فَنِكَاحُ تَسْمِيَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ (وَفُسِخَ إنْ وُهِبَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَ (نَفْسُهَا) تَأْكِيدٌ لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ أَيْ وُهِبَتْ هِيَ لَا مَهْرُهَا وَإِلَّا فَهِيَ مَا قَبْلَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَاهِبُ لَهَا وَلِيُّهَا أَوْ هِيَ.
(قَبْلَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِفُسِخَ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ (صُحِّحَ) أَيْ صَحَّحَ الْبَاجِيَّ (أَنَّهُ) أَيْ أَنَّ هِبَةَ ذَاتِهَا لَيْسَتْ مِنْ النِّكَاحِ فِي شَيْءٍ بَلْ هُوَ (زِنًا) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَيُحَدَّانِ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (وَاسْتَحَقَّتْهُ) أَيْ صَدَاقَ الْمِثْلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ أَوْ الْمَهْرِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ أَيْ اسْتَحَقَّتْ مَهْرَ مِثْلِهَا (بِالْوَطْءِ) وَلَوْ حَرَامًا مِنْ بَالِغٍ فِي مُطِيقَةٍ حَيَّةٍ لَا مَيِّتَةٍ (لَا بِمَوْتٍ) قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ ثَبَتَ لَهَا الْإِرْثُ (أَوْ طَلَاقٍ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ) لَهَا دُونَ الْمِثْلِ فِيهِمَا (وَتَرْضَى) بِهِ فَلَهَا جَمِيعُهُ فِي الْمَوْتِ وَنِصْفُهُ فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ فَرَضَ الْمِثْلَ لَزِمَهَا وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا (وَ) لَوْ فَرَضَ دُونَ الْمِثْلِ، ثُمَّ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ وَادَّعَتْ الرِّضَا بِهِ (لَا تُصَدَّقُ فِيهِ) أَيْ فِي الرِّضَا (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِأَنَّهَا رَضِيَتْ (وَلَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (طَلَبُ التَّقْدِيرِ) أَيْ الْفَرْضِ وَلَهَا عَدَمُ الطَّلَبِ وَهَذَا مَا لَمْ يَقْصِدْ الدُّخُولَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْفَرْضِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وُهِبَتْ حَالٌ مِنْ النَّكِرَةِ الْمُخَصَّصَةِ وَهِيَ عَقْدٌ؛ لِأَنَّهَا خُصِّصَتْ بِالصِّفَةِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ فِيهِ تَعَلُّقَ حَرْفَيْ جَرٍّ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ مَهْرًا) بِأَنْ قَالَ: وَهَبْتهَا لَك بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا، أَوْ قَالَ: وَهَبْتهَا لَك بِكَذَا.
(قَوْلُهُ: وَفُسِخَ إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا إلَخْ) هَذِهِ صُورَةٌ أُخْرَى غَيْرُ الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْأُولَى قَصَدَ فِيهَا الْوَلِيُّ النِّكَاحَ وَهِبَةَ الصَّدَاقِ وَهَذِهِ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَالْفَرْضُ أَنَّ هِبَةَ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالْهِبَةُ مَاضِيَةٌ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَلَا فَسْخَ وَلَا شَيْءَ، وَأَمَّا هَذِهِ فَقَصَدَ فِيهَا هِبَةَ نَفْسِ الْمَرْأَةِ لَا النِّكَاحَ وَلَا هِبَةَ الصَّدَاقِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْحُكْمُ فِيهَا الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَاعْتَرَضَهُ الْبَاجِيَّ وَقَالَ: إنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ زِنًا وَيَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ وَيَنْتَفِي الْوَلَدُ اُنْظُرْ ح.
(قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) هَذَا الضَّبْطُ أَوْلَى مِنْ بِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ لِشُمُولِ الْأَوَّلِ لِمَا إذَا كَانَ الْوَاهِبُ لَهَا وَلِيُّهَا أَوْ هِيَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ الْهِبَةُ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: تَأْكِيدٌ لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ) أَيْ الَّذِي هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ تَوْكِيدًا؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ الرَّفْعِ الْمُتَّصِلِ لَا يُؤَكَّدُ بِالنَّفْسِ أَوْ الْعَيْنِ إلَّا بَعْدَ تَوْكِيدِهِ بِضَمِيرٍ مُنْفَصِلٍ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ هُنَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَإِنْ تُؤَكِّدْ الضَّمِيرَ الْمُتَّصِلْ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنِ فَبَعْدَ الْمُنْفَصِلْ. عَنَيْت ذَا الرَّفْعِ إلَخْ فَالصَّوَابُ أَنْ يَجْعَلَ نَفْسَهَا هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ أَيْ وَهَبَتْ ذَاتَهَا.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ مَا قَبْلَهَا) أَعْنِي قَوْلَهُ بِلَا وَهَبَتْ وَقَوْلُهُ: سَابِقًا وَبِإِسْقَاطِهِ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَتْ مِنْ النِّكَاحِ فِي شَيْءٍ) لِأَنَّ تَمْلِيكَ الذَّاتِ مُنَافٍ لِلنِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّتْهُ بِالْوَطْءِ) أَيْ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَسْتَحِقُّ صَدَاقَ مِثْلِهَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ إلَّا بِالْوَطْءِ، وَلَوْ حَرَامًا لَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا الْمِيرَاثُ وَلَا بِطَلَاقٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَوْ بَعْدَ إقَامَتِهَا سَنَةً فَأَكْثَرَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَانْظُرْ نِكَاحَ التَّحْكِيمِ هَلْ تَسْتَحِقُّ فِيهِ صَدَاقَ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ إلَّا مَا حَكَمَ بِهِ الْمُحَكِّمُ، وَلَوْ حَكَمَ بِهِ بَعْدَ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ حُكْمُهُ بِكُلِّ حَالٍ كَانَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ اهـ عَدَوِيٌّ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَخِيرِ فِيمَا يَأْتِي تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ طَلَاقٍ) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَفْرِضَ لَهَا دُونَ الْمِثْلِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ: وَتَرْضَى بِهِ) أَيْ وَيَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَضَ الْمِثْلَ لَزِمَهَا) أَيْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ بِمَا فَرَضَهُ وَاسْتَحَقَّتْ ذَلِكَ الْمَفْرُوضَ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَشْطُرُ بِالطَّلَاقِ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْمُصَنِّفِ الرِّضَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَفْرُوضُ لَهَا أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَمَّا إنْ كَانَ الْمَفْرُوضُ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى رِضَاهَا، إذْ هُوَ لَازِمٌ لَهَا تَسْتَحِقُّهُ بِالْمَوْتِ وَتَشْطُرُ بِالطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا تُصَدَّقُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ فَرَضَ لِزَوْجَتِهِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَثْبُتْ رِضَاهَا بِهِ حَتَّى طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَبَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ ادَّعَتْ أَنَّهَا كَانَتْ رَضِيَتْ بِمَا فَرَضَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ دَعْوَاهَا بِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ بِمُجَرَّدِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ قَبْلَهُمَا فَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ فَرَضَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَثْبُتْ رِضَاهَا بِهِ فَلَمَّا مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا ادَّعَتْ أَنَّهَا كَانَتْ رَضِيَتْ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ كَانَ لَهَا الْجَمِيعُ فِي الْمَوْتِ وَالنِّصْفُ فِي الطَّلَاقِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إذَا فَرَضَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ فَرَضَ لَهَا قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا ادَّعَتْ ذَلِكَ بَعْدَهُمَا فَلَا تُصَدَّقُ سَوَاءٌ ادَّعَتْ أَنَّهُ فَرَضَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِنْدَنَا حَالَتَيْنِ أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ فَرَضَ لَهَا وَفِي هَذِهِ يُفْصَلُ بَيْنَ كَوْنِ الْمَفْرُوضِ صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ وَالثَّانِيَةُ أَنْ لَا يَثْبُتَ فَرْضُهُ لَهَا قَبْلَهُمَا وَإِنَّمَا ادَّعَتْ ذَلِكَ بَعْدَهُمَا وَفِي هَذِهِ لَا تُصَدَّقُ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: أَيْ فِي الرِّضَا) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَرْضَى.
(قَوْلُهُ: وَلَهَا طَلَبُ التَّقْدِيرِ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ وَتَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا صَدَاقًا تَعْلَمُهُ قَبْلَ
وَإِلَّا فَيُكْرَهُ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا قَبْلَ الْفَرْضِ (وَلَزِمَهَا فِيهِ) أَيْ فِي التَّفْوِيضِ.
(وَ) فِي (تَحْكِيمِ الرَّجُلِ) يَعْنِي الزَّوْجَ (إنْ فَرَضَ) لَهَا (الْمِثْلَ) أَيْ صَدَاقَ مِثْلِهَا (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَنْ يَفْرِضَ مَهْرَ الْمِثْلِ بَلْ إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إنْ فَرَضَ الْمِثْلَ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ مَتَى فَرَضَ شَيْئًا لَزِمَهُ (وَهَلْ تَحْكِيمُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (وَتَحْكِيمُ الْغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ الزَّوْجِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (كَذَلِكَ) أَيْ كَتَحْكِيمِ الزَّوْجِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْمُحَكَّمِ فَإِنْ فَرَضَ الزَّوْجُ الْمِثْلَ لَزِمَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ فَرْضُ الْمِثْلِ، وَإِنْ فَرَضَهُ الْمُحَكَّمُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِرِضَاهُ فَالْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالزَّوْجِ (أَوْ إنْ فَرَضَ) الْمُحَكِّمُ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (الْمِثْلَ لَزِمَهُمَا) مَعًا وَلَا يُلْتَفَتُ لِرِضَا الزَّوْجِ كَمَا لَا يُلْتَفَتُ لِرِضَاهَا (وَ) إنْ فَرَضَ الْمُحَكَّمُ (أَقَلَّ) مِنْ الْمِثْلِ (لَزِمَهُ) أَيْ الزَّوْجَ (فَقَطْ) وَلَهَا الْخِيَارُ (وَ) إنْ فَرَضَ (أَكْثَرَ فَالْعَكْسُ) فَالْعِبْرَةُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بِالْمُحَكَّمِ كَمَا أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيمَا قَبْلَهُ بِالزَّوْجِ (أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الزَّوْجِ وَالْمُحَكِّمِ) زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا فَإِنْ رَضِيَا بِشَيْءٍ لَزِمَهَا، وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ الْمِثْلِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ.
(وَ) جَازَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (الرِّضَا بِدُونِهِ) أَيْ دُونَ صَدَاقِ الْمِثْلِ (لِلْمُرَشَّدَةِ) أَيْ الَّتِي رَشَّدَهَا مُجْبِرُهَا وَأَوْلَى مِنْ رُشِّدَتْ بِنَفْسِهَا بِأَنْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِتَرْشِيدِهَا (وَ) جَازَ الرِّضَا بِدُونِهِ (لِلْأَبِ) فِي مُجْبَرَتِهِ كَالسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ (وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (وَلِلْوَصِيِّ) فِي مَحْجُورَتِهِ.
(قَبْلَهُ) أَيْ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ حَيْثُ كَانَ نَظَرًا لَهَا لَا بَعْدَهُ، وَلَوْ مُجْبَرًا لِتَقَرُّرِهِ بِالْوَطْءِ فَإِسْقَاطُ شَيْءٍ مِنْهُ غَيْرُ نَظَرٍ فَلَيْسَ الْوَصِيُّ كَالْأَبِ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِ الْأَبِ دُونَهُ (لَا) الْبِكْرُ (الْمُهْمَلَةُ) الَّتِي لَا أَبَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ وَلَا مُقَدِّمِ قَاضٍ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهَا رُشْدٌ فَلَيْسَ لَهَا الرِّضَى
ــ
[حاشية الدسوقي]
الدُّخُولِ لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَهَا أَنْ لَا تَطْلُبَهُ بِذَلِكَ وَإِذَا فَرَضَ لَهَا شَيْئًا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا حَتَّى تَقْبِضَهُ بَلْ تُجْبَرُ عَلَى التَّمْكِينِ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لَهَا مَنْعَ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ مَا حَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ خَاصٌّ بِنِكَاحِ التَّسْمِيَةِ كَذَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَقِيلَ لَهَا الْمَنْعُ حَتَّى تَقْبِضَ مَا فَرَضَهُ لَهَا كَنِكَاحِ التَّسْمِيَةِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُنْدَبُ لَهَا طَلَبُ التَّقْدِيرِ قَبْلَ الدُّخُولِ.
(قَوْلُهُ: وَلَزِمَهَا) أَيْ الْمُقَدَّرُ وَهُوَ الْمَفْرُوضُ كَمَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْرِضَ مَهْرَ الْمِثْلِ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ لِلْمَهْرِ وَكَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ فِي نِكَاحِ التَّحْكِيمِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَيْ لَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَلَا فِي نِكَاحِ التَّحْكِيمِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ كَتَحْكِيمِ الزَّوْجِ) أَيْ فِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فَرْضُ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِالْمُحَكَّمِ أَيْ بِفَرْضِهِ سَوَاءٌ فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ: لَزِمَهَا أَيْ النِّكَاحُ بِذَلِكَ وَلَا خِيَارَ لَهَا.
(قَوْلُهُ: فَالْعَكْسُ) أَيْ فَيَلْزَمُهَا النِّكَاحُ بِذَلِكَ وَلِلزَّوْجِ الْخِيَارُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَا بُدَّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَكِّمَ إذَا كَانَ زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا إذَا فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجِ وَالْمُحَكِّمِ مَعًا.
(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَاتٌ ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ لِبَعْضِ الصَّقَلِّيِّينَ وَحَكَاهُ فِي الْوَاضِحَةُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالثَّانِي لِلْقَابِسِيِّ وَالثَّالِثُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا اهـ بْن
(قَوْلُهُ: وَجَازَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا قَوْلُ خش: كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَأَمَّا نِكَاحُ التَّسْمِيَةِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الرِّضَا بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ لَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا بَعْدَهُ إلَّا لِلْأَبِ فَقَطْ اهـ فَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ الْمُرَشَّدَةُ لَهَا هِبَةُ الصَّدَاقِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَهُ فَأَحْرَى أَنْ تَرْضَى بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: الَّتِي رَشَّدَهَا مُجْبِرُهَا) أَيْ رَفَعَ الْحَجْرَ عَنْهَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُجْبِرُ أَبًا أَوْ وَصِيًّا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ) مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ ظَاهِرٌ فِي كُلٍّ مِنْ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ، وَأَمَّا مَا بَعْدَهَا فَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَلَا يَتَأَتَّى فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ هَذَا قَوْلُهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُهَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ رِضَا الْمُرَشَّدَةِ بِدُونِهِ وَرِضَا الْأَبِ فِي مُجْبَرَتِهِ بِدُونِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ أَرَ مَنْ حَكَى الْخِلَافَ فِي الْأُولَى اهـ بْن وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ الصَّوَابُ قَصْرُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، إذْ لَا وَجْهَ لِلْخِلَافِ فِي الْمُرَشَّدَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلِلْوَصِيِّ قَبْلَهُ) أَيْ وَجَازَ لِلْوَصِيِّ الرِّضَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مَحْجُورَتِهِ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا وَسَوَاءٌ كَانَ مُجْبِرًا أَوْ لَا وَأَرَادَ بِالْوَصِيِّ مَا عَدَا الْأَبِ وَالسَّيِّدِ فَيَشْمَلُ الْوَصِيَّ حَقِيقَةً وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا مَعَ رِضَى الْوَصِيِّ قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ شُيُوخِنَا وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِرِضَاهُمَا مَعًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَمَدَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ نَظَرًا لَهَا) أَيْ حَيْثُ كَانَ الرِّضَى بِدُونِهِ نَظَرًا وَمَصْلَحَةً لَهَا بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ غَنِيًّا أَوْ صَالِحًا أَوْ لَا يُشَوِّشُ عَلَيْهَا فِي عِشْرَةٍ فَلَوْ كَانَ إسْقَاطُهُ لِغَيْرِ نَظَرٍ فَلَا يَمْضِي فَإِنْ أُشْكِلَ الْأَمْرُ وَلَمْ يُعْرَفْ هَلْ هُوَ نَظَرٌ أَوْ لَا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ نَظَرٍ بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّ أَفْعَالَهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ.
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهَا الرِّضَى) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا الرِّضَى بِدُونِ مَهْرِ
بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُهَا.
(وَإِنْ) تَزَوَّجَهَا تَفْوِيضًا فِي صِحَّتِهِ وَ (فَرَضَ) لَهَا شَيْئًا (فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا (فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ) بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَارِثُ فَعَطِيَّةٌ مِنْهُ هَذَا فِي الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ (وَفِي الذِّمِّيَّةِ وَالْأَمَةِ قَوْلَانِ) بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ وَتَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ لَا رَأْسِ الْمَالِ تَحَاصَصَ بِهِ أَهْلُ الْوَصَايَا وَالْبُطْلَانُ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَرَضَ لِأَجْلِ الْوَطْءِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَلَيْسَ مَا وَقَعَ مِنْهُ وَصِيَّةً بَلْ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقٌ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ فَرَضَ فِي الْمَرَضِ وَمَاتَ قَبْلَ الْوَطْءِ (وَرَدَّتْ) الزَّوْجَةُ، وَلَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِي صِحَّتِهِ تَفْوِيضًا وَفَرَضَ لَهَا فِي الْمَرَضِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (زَائِدَ الْمِثْلِ) فَقَطْ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ لَهَا (إنْ وَطِئَ) وَمَاتَ وَيَكُونُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (وَلَزِمَ) الزَّائِدُ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ (إنْ صَحَّ) الزَّوْجُ مِنْ مَرَضِهِ صِحَّةً بَيِّنَةً، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ (لَا إنْ أَبْرَأَتْ) الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضَهُ.
(قَبْلَ الْفَرْضِ) وَقَبْلَ الْبِنَاءِ، ثُمَّ فَرَضَ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَلْزَمُهَا إبْرَاؤُهَا؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ (أَوْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا) لَهَا إسْقَاطُهُ.
(قَبْلَ وُجُوبِهِ) وَبَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْإِسْقَاطُ وَلَهَا الْقِيَامُ بِهِ كَمَا إذَا شَرَطَ لَهَا عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا أَوْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ بَيْتِ أَهْلِهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا أَوْ أَمْرُ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا بِيَدِهَا فَأَسْقَطَتْ ذَلِكَ الشَّرْطَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ حُصُولِ ذَلِكَ الْفِعْلِ فَلَا يَلْزَمُهَا لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ شَيْئًا قَبْلَ وُجُوبِهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْمُعْتَمَدِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي فَصْلِ الرَّجْعَةِ مِنْ لُزُومِ الْإِسْقَاطِ.
وَلَمَّا تَقَدَّمَ لَهُ ذِكْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَخَذَ يُبَيِّنُهُ بِقَوْلِهِ (وَمَهْرُ الْمِثْلِ مَا) أَيْ قَدْرٌ مِنْ الْمَالِ (يَرْغَبُ بِهِ مِثْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (فِيهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (بِاعْتِبَارِ دِينٍ) أَيْ تَدَيُّنٍ مِنْ مُحَافَظَةٍ عَلَى أَرْكَانِ الدِّينِ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَعِفَّةٍ وَصِيَانَةٍ (وَجَمَالٍ) حِسِّيٍّ وَمَعْنَوِيٍّ كَحُسْنِ خُلُقٍ (وَحَسَبٍ) وَهُوَ مَا يُعَدُّ مِنْ مَفَاخِرِ الْآبَاءِ كَكَرَمٍ وَمُرُوءَةٍ وَعِلْمٍ وَصَلَاحٍ (وَمَالٍ وَبَلَدٍ) ، إذْ هُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ (وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ) مُوَافِقَةٌ لَهَا فِي الْأَوْصَافِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَغَابَتْ الْمَخْطُوبَةُ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ مَا سَمَّى لَهَا وَحَصَلَ تَنَازُعٌ فِيهِ أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَلَمْ يَكُنْ فَرَضَ لَهَا شَيْئًا وَحَضَرَتْ أُخْتُهَا، وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا مِثْلُهَا فِي الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّ صَدَاقَهَا مَنْظُورٌ فِيهِ لِتِلْكَ الْأَوْصَافِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمِثْلِ لَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَهُ وَإِذَا رَضِيَتْ فَلَا يُلْزِمُهَا ذَلِكَ الرِّضَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ رِضَاهَا بِدُونِهِ وَطَرَحَهُ سَحْنُونٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا لَيْسَ جَارِيًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ لَهُ فِي الْحَجْرِ فِي تَصَرُّفِ السَّفِيهِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَتَصَرُّفِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي خُصُوصِ الذَّكَرِ الَّذِي عُلِمَ سَفَهُهُ الْمُهْمَلُ، وَأَمَّا الْأُنْثَى الْمَعْلُومَةُ السَّفَهِ أَوْ مَجْهُولَةُ الْحَالِ الْمُهْمَلَةِ فَيُرَدُّ تَصَرُّفُهَا اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَضَعَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ الطَّلَاقِ
(قَوْلُهُ: فَعَطِيَّةً) أَيْ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَطِيَّةً مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: بِالصِّحَّةِ) هَذَا مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ: وَالْبُطْلَانُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَإِنَّمَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ صَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ.
(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَالتَّوْضِيحِ خِلَافًا لِقَوْلِ عبق مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا فَرَضَ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَرَضَ لِأَجْلِ أَمْرٍ يَحْصُلُ، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ وَصِيَّةٌ بَلْ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقٌ وَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّهُ بِالْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ: وَمَاتَ قَبْلَ الْوَطْءِ) وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ وَمَاتَ لَكَانَ لَهَا الْمُسَمَّى مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ قَدْرَ صَدَاقِ الْمِثْلِ بِلَا خِلَافٍ فَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ مِنْهُ كَانَ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ يَصِحَّ مِنْ مَرَضِهِ صِحَّةً بَيِّنَةً وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرُدَّتْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَزِمَ الزَّائِدُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحَ تَفْوِيضٍ فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ مَرِضَ فَفَرَضَ لَهَا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ صَحَّ بَعْدَ ذَلِكَ صِحَّةً بَيِّنَةً وَالزَّوْجَةُ حَيَّةٌ أَوْ مَيِّتَةٌ فَإِنَّ جَمِيعَ مَا فَرَضَهُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَطِئَ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ وَيَدْفَعُهُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتَةِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهَا إبْرَاؤُهَا) وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرُدُّ الْفَرْضَ بَلْ يُقْضَى لَهَا بِمَا فَرَضَهُ لَهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْإِبْرَاءِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: يَلْزَمُهَا لِجَرَيَانِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ الْفَرْضِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ بَعْدَهُ لَيْسَ قَبْلَ الْفَرْضِ، إذْ بِالدُّخُولِ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَحِينَئِذٍ فَإِبْرَاؤُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ لَازِمٌ لَهَا.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْمُعْتَمَدِ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَسْقَطَتْ عَطْفٌ عَلَى صَحَّ أَيْ وَلَزِمَ إنْ صَحَّ أَوْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا لَكِنْ تَقْدِيرُ الْفَاعِلِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الزَّائِدِ كَمَا مَرَّ وَفِي الْمَعْطُوفِ الْإِسْقَاطُ أَيْ وَلَزِمَ الْإِسْقَاطُ إنْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا إلَخْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ لُزُومِ الْإِسْقَاطِ) أَيْ وَلَا قِيَامَ لَهَا بِشَرْطِهَا
(قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ دِينٍ) أَيْ بِاعْتِبَارِ اتِّصَافِهَا بِدِينٍ أَيْ بِتَدَيُّنٍ إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّ اعْتِبَارَ اتِّصَافِهَا بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً حُرَّةً، وَأَمَّا الذِّمِّيَّةُ وَالْأَمَةُ فَلَا يُعْتَبَرُ اتِّصَافُهُمَا بِالدِّينِ وَلَا بِالنَّسَبِ كَكَوْنِهَا قُرَشِيَّةً وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْمَالُ وَالْجَمَالُ وَالْبَلَدُ.
(قَوْلُهُ: إذْ هُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِي الْمِصْرِيَّةِ مَثَلًا تُخَالِفُ الرَّغْبَةَ فِي غَيْرِهَا كَمَا أَنَّ الرَّغْبَةَ فِي الْمُتَّصِفَةِ بِالدِّينِ أَوْ الْجَمَالِ
فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ: إنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُخْتُ مُوَافِقَةً فِي الْأَوْصَافِ فَالْعِبْرَةُ بِهَا وَيُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ نَاقَضَ مَا قَبْلَهُ وَعَلَى مَا قَرَّرْنَا فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (لَا الْأُمِّ وَ) لَا (الْعَمَّةِ) لِلْأُمِّ أَيْ أُخْتِ أَبِيهَا مِنْ أُمِّهِ فَلَا يُعْتَبَرُ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا قَدْ يَكُونَانِ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ، وَأَمَّا الْعَمَّةُ الشَّقِيقَةُ أَوْ لِأَبٍ فَتُعْتَبَرُ (وَ) مَهْرُ الْمِثْلِ (فِي) النِّكَاحِ (الْفَاسِدِ) وَفِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ تُعْتَبَرُ الْأَوْصَافُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِ (يَوْمَ الْوَطْءِ) بِخِلَافِ الصَّحِيحِ، وَلَوْ تَفْوِيضًا فَيَوْمُ الْعَقْدِ.
(وَاتَّحَدَ الْمَهْرُ) فِي تَعَدُّدِ الْوَطْءِ فِي وَاحِدَةٍ (إنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ) بِالنَّوْعِ (كَالْغَالِطِ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ) مِرَارًا يَظُنُّهَا فِي الْأُولَى زَوْجَتَهُ هِنْدٌ وَفِي الثَّانِيَةِ دَعْدُ وَفِي الثَّالِثَةِ زَيْنَبُ وَأَوْلَى إذَا كَانَ يَظُنُّهَا فِي الثَّلَاثِ هِنْدٌ أَمَّا لَوْ عَلِمَتْ كَانَتْ زَانِيَةً لَا شَيْءَ لَهَا وَتُحَدُّ (وَإِلَّا) تَتَّحِدْ الشُّبْهَةُ بَلْ تَعَدَّدَتْ كَأَنْ يَطَأَ غَيْرَ عَالِمَةٍ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ، ثُمَّ أُخْرَى يَظُنُّهَا أَمَتَهُ (تَعَدَّدَ) الْمَهْرُ عَلَيْهِ بِتَعَدُّدِ الظُّنُونِ (كَالزِّنَا بِهَا) أَيْ بِالْحُرَّةِ الْغَيْرِ الْعَالِمَةِ إمَّا لِنَوْمِهَا أَوْ لِظَنِّهَا أَنَّهُ زَوْجٌ فَيَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ لِعُذْرِهَا مَعَ تَجَرُّئِهِ وَسَمَّاهُ زِنًا بِاعْتِبَارِهِ لَا بِاعْتِبَارِهَا فَإِنَّهُ شُبْهَةٌ (أَوْ) الزِّنَا (بِالْمُكْرَهَةِ) يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ عَلَى الْوَطْءِ كَانَ هُوَ الْمُكْرِهُ لَهَا أَوْ غَيْرُهُ.
(وَجَازَ) فِي النِّكَاحِ (شَرْطُ أَنْ لَا يَضُرَّ) الزَّوْجُ (بِهَا فِي عِشْرَةٍ) أَيْ مُعَاشَرَةٍ (أَوْ كُسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا) مِنْ كُلِّ شَرْطٍ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيه فَإِنْ كَانَ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ حَرُمَ وَفَسَدَ النِّكَاحُ إنْ نَاقَضَهُ كَشَرْطِ أَنْ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَإِلَّا كُرِهَ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يُخْرِجَهَا كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ رضي الله عنه (وَلَوْ)(شَرَطَ) الزَّوْجُ لَهَا عِنْدَ الْعَقْدِ (أَنْ لَا يَطَأَ) مَعَهَا (أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً) وَإِنْ فَعَلَ كَانَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ حُرَّةً (لَزِمَ) الشَّرْطُ (فِي) أُمِّ الْوَلَدِ أَوْ السُّرِّيَّةِ (السَّابِقَةِ) عَلَى الشَّرْطِ (مِنْهُمَا عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ) وَأَوْلَى اللَّاحِقَةُ مِنْهُمَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ الْمَالِ تُخَالِفُ الرَّغْبَةَ فِي غَيْرِهَا فَمَتَى وُجِدَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَظُمَ مَهْرُهَا وَمَتَى فُقِدَتْ أَوْ بَعْضُهَا قَلَّ مَهْرُهَا فَاَلَّتِي لَا يُعْرَفُ لَهَا أَبٌ وَلَا هِيَ ذَاتُ مَالٍ وَلَا جَمَالٍ وَلَا دِيَانَةٍ وَلَا صِيَانَةٍ فَمَهْرُ مِثْلِهَا رُبْعُ دِينَارٍ مَثَلًا وَالْمُتَّصِفَةُ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ مَهْرُ مِثْلِهَا الْأُلُوفُ وَالْمُتَّصِفَةُ بِبَعْضِهَا بِحَسَبِهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ بَيَّنَ مَا تُعْتَبَرُ بِهِ الْمِثْلِيَّةُ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا تُعْتَبَرُ بِهِ الْمِثْلِيَّةُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ مَعَ أَنَّ الزَّوْجَ يُعْتَبَرُ حَالُهُ بِالنِّسْبَةِ لِصَدَاقِ الْمِثْلِ أَيْضًا فَقَدْ يَرْغَبُ فِي تَزْوِيجِ فَقِيرٍ لِقَرَابَةٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ حِلْمٍ وَفِي تَزْوِيجِ أَجْنَبِيٍّ لِمَالٍ أَوْ جَاهٍ وَيَخْتَلِفُ الْمَهْرُ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ وُجُودًا وَعَدَمًا.
(قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ بِمَا قَالَهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ بَلْ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيَّاتِ إذَا كُنَّ عَلَى مِثْلِ أَوْصَافِهَا بَلْ الظَّاهِرُ فِي دَفْعِ الْإِشْكَالِ خِلَافُ مَا قَالَهُ وَأَنَّ الْوَاوَ عَلَى مَعْنَاهَا وَأَنَّ هَذَا كَالْقَيْدِ فِيمَا قَبْلَهُ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَوْصَافِ الَّتِي يُعْتَبَرُ بِهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ صَدَاقِ الْمِثْلِ بِالدِّينِ وَالْجَمَالِ وَالْحَسَبِ وَالْمَالِ وَالْبَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مُمَاثِلٌ فِي الْأَوْصَافِ مِنْ قَبِيلَتِهَا كَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا وَإِلَّا كَانَ الْمُعْتَبَرُ صَدَاقُهُمَا، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ، فَإِذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَمْثَالٌ فِي الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَبِيلَتِهَا وَأَمْثَالٌ فِيهَا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا اُعْتُبِرَ فِيهَا مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ أَمْثَالُهَا مِنْ قَبِيلَتِهَا، وَإِنْ زَادَ عَلَى صَدَاقِ أَمْثَالِهَا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا أَوْ نَقَصَ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلِفًا فِيهِ.
(قَوْلُهُ: فَيَوْمُ الْعَقْدِ) إذْ مِنْهُ يَجِبُ الْمِيرَاثُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ يَوْمِ الْعَقْدِ فِي الصَّحِيحِ مُطْلَقًا، وَلَوْ تَفْوِيضًا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ اتِّصَافُهَا بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ يَوْمَ الْبِنَاءِ إنْ دَخَلَ وَيَوْمَ الْحُكْمِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ، إذْ لَوْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ ذَلِكَ بِلَا شَيْءٍ وَنَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عِيَاضٍ.
(قَوْلُهُ: بِالنَّوْعِ) وَأَوْلَى بِالشَّخْصِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَأَوْلَى إذَا كَانَ يَظُنُّهَا فِي الثَّلَاثِ هِنْدٌ، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالنَّوْعِ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ إنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ بِسَبَبِ اتِّحَادِ النَّوْعِ أَوْ الشَّخْصِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ لَا تَكُونُ مُتَّحِدَةً إلَّا إذَا اتَّحَدَ النَّوْعُ أَوْ الشَّخْصُ فَمَا كَانَ بِالتَّزْوِيجِ نَوْعٌ وَمَا كَانَ بِالْمِلْكِ نَوْعٌ.
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ عَالِمَةٍ) أَيْ بِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ بِأَنْ كَانَتْ نَائِمَةً أَوْ اعْتَقَدَتْ أَنَّهُ زَوْجُهَا.
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ عَلِمَتْ) أَيْ بِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ بِالْحُرَّةِ) أَيْ وَأَمَّا الزِّنَا بِالْأَمَةِ الْغَيْرِ الْعَالِمَةِ فَلَهَا مَا نَقَصَهَا.
(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا - عِلْمُهُمَا مَعًا بِأَنَّهُمَا أَجْنَبِيَّانِ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَهُوَ زِنًا مَحْضٌ.
الثَّانِي - عِلْمُهَا دُونَهُ فَهِيَ زَانِيَةٌ لَا شَيْءَ لَهَا وَهَذَانِ يُفْهَمَانِ مِنْ قَوْلِهِ كَالْغَالِطِ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ.
الثَّالِثُ - جَهْلُهُمَا مَعًا وَهُوَ مَنْطُوقُ قَوْلِهِ كَالْغَالِطِ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ فَيَتَّحِدُ الْمَهْرُ إنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ وَإِلَّا تَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهَا.
الرَّابِعَةُ - عِلْمُهُ دُونَهَا فَهُوَ زَانٍ وَيَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَهُوَ قَوْلُهُ: كَالزِّنَا بِغَيْرِ عَالِمَةٍ إلَخْ.
وَالْأَرْبَعَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كَلَامِهِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا وَاعْلَمْ أَنَّ اتِّحَادَ الشُّبْهَةِ وَتَعَدُّدَهَا إنَّمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِيهِمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: وَالْمُرَادُ بِالْوَطْءِ إيلَاجُ الْحَشَفَةِ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ. خِلَافًا لِمَا فِي عبق حَيْثُ قَالَ: وَالظَّاهِرُ تَبَعًا لَهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَطْءِ مَا فِيهِ إنْزَالٌ إلَخْ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا فِي بْن.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُمَا مِنْ لُزُومِ الشَّرْطِ فِي اللَّاحِقَةِ دُونَ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى اللَّاحِقَةُ) أَيْ وَأَوْلَى لِلُّزُومِ فِي اللَّاحِقَةِ مِنْهُمَا وَيُتَصَوَّرُ
وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ فَيَلْزَمُ فِي اللَّاحِقَةِ دُونَ السَّابِقَةِ وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ، وَأَمَّا شَرْطُ لَا أَتَسَرَّى فَيَلْزَمُ فِي السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّمَا يَلْزَمُ فِي اللَّاحِقَةِ دُونَ السَّابِقَةِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَّخِذَ وَإِلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (فِي) وَطْءِ (أُمِّ وَلَدٍ) أَوْ سُرِّيَّةٍ (سَابِقَةٍ فِي) شَرْطِهِ لِزَوْجَتِهِ (لَا أَتَسَرَّى) وَيَلْزَمُهُ فِي اللَّاحِقَةِ (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الْخِيَارُ) أَيْ الْقِيَامُ (بِبَعْضٍ) أَيْ بِسَبَبِ فِعْلِ الزَّوْجِ بَعْضَ (شُرُوطٍ) شُرِطَتْ لَهَا وَعُطِفَتْ بِالْوَاوِ كَمَا لَوْ شَرَطَ لَهَا أَلَّا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَسَرَّى وَلَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا، وَإِنْ فَعَلَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَفَعَلَ الْبَعْضَ فَلَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ بِحَقِّهَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ هَذَا إذَا قَالَ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا) فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا بِأَنْ قَالَ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَيْ وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَكِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهَا إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ قَالَ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
(وَهَلْ) الزَّوْجَةُ (تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ) أَيْ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَيَكْتَمِلُ بِالدُّخُولِ أَوْ الْمَوْتِ وَعَلَيْهِ (فَزِيَادَتُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ (كَنِتَاجٍ وَغَلَّةٍ) كَأُجْرَةٍ وَثَمَرَةٍ وَصُوفٍ (وَنُقْصَانُهُ) بِمَوْتٍ أَوْ تَلَفٍ (لَهُمَا) رَاجِعٌ لِلزِّيَادَةِ (وَعَلَيْهِمَا) رَاجِعٌ لِلنُّقْصَانِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (أَوْ لَا) تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَتَحْتَهُ قَوْلَانِ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا فَزِيَادَتُهُ وَنَقْصُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ فَإِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقَدْ تَلِفَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهَا قِيمَةَ نِصْفِهِ، وَإِنْ زَادَ فَالزِّيَادَةُ لَهُ أَوْ تَمْلِكُ الْجَمِيعَ فَهُمَا لَهَا وَعَلَيْهَا (خِلَافٌ) إلَّا أَنَّ الثَّالِثَ لَمْ يُشْهَرْ فَلِذَا لَمْ يَجْعَلْهُ بَعْضُهُمْ مُنْدَرِجًا فِي الْخِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ النِّتَاجَ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ فَلَا يُنَاسِبُ تَفْرِيعَهُ عَلَى الْأَوَّلِ خَاصَّةً فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغَلَّةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَوْنُ أُمِّ الْوَلَدِ لَاحِقَةً بِالنَّظَرِ لِوَقْتِ الْحَلِفِ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ لَهَا غَيْرَ بَتَاتٍ، ثُمَّ أَوْلَدَ أَمَةً بَعْدَ طَلَاقِهَا، ثُمَّ رَاجَعَهَا، ثُمَّ وَطِئَ الَّتِي أَوْلَدَهَا فَيَلْزَمُهُ مَا عَلَّقَهُ عَلَى وَطْئِهَا مَا دَامَ فِي الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ فَقَدْ اتَّضَحَ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ وَطْءُ أُمِّ الْوَلَدِ لَاحِقَةً أَيْ مُتَجَدِّدَةً بَعْدَ الْحَلِفِ، وَإِنْ كَانَتْ سَابِقَةً حِينَ الْوَطْءِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ) أَيْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً عَلَيْهَا، وَإِنْ اتَّخَذْت وَاحِدَةً فَأَمْرُك بِيَدِك أَوْ فَاَلَّتِي اتَّخَذَهَا حُرَّةٌ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا شَرْطُ لَا أَتَسَرَّى) أَيْ عَلَيْهَا، وَإِنْ تَسَرَّيْت عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ فَهِيَ حُرَّةٌ فَيَلْزَمُ فِي السَّابِقَةِ أَيْ فَيَلْزَمُهُ مَا شَرَطَهُ إذَا وَطِئَ أُمَّ الْوَلَدِ أَوْ السُّرِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَى الشَّرْطِ أَوْ اللَّاحِقَةَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ سَحْنُونٌ إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي الْمَشْيِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الضَّعِيفِ وَالْعُدُولِ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ فِي اللَّاحِقَةِ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ بِوَطْئِهِ لِلَّاحِقَةِ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهَا إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ مَعْطُوفَةً بِالْوَاوِ وَكَانَ الْمُعَلَّقُ أَمْرَهَا بِيَدِهَا كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ أَوَّلَ الْخِيَاطَةِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ مَعْطُوفَةً بِأَوْ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ بِبَعْضِهَا اتِّفَاقًا قَالَ: إنْ فَعَلَ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَقُلْ، وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ وَقَعَ بِفِعْلِ بَعْضِهَا مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ لَهَا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْيَمِينِ وَبِالْبَعْضِ عَكْسُ الْبِرِّ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ وَكَّلَ الزَّوْجُ مَنْ يَعْقِدُ لَهُ فَعَقَدَ لَهُ عَلَى شُرُوطٍ اُشْتُرِطَتْ عَلَيْهِ وَنَطَقَ بِهَا الْوَكِيلُ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ وَكَّلَهُ عَلَى الْعَقْدِ وَالشُّرُوطِ فَنَطَقَ بِهَا الْوَكِيلُ لَزِمَتْ الزَّوْجَ، وَإِنْ وَكَّلَهُ عَلَى الْعَقْدِ فَقَطْ فَلَا تَلْزَمُهُ
(قَوْلُهُ: فَزِيَادَتُهُ) أَيْ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي نُقْصَانِهِ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ ثَمَرَةَ قَوْلِهِ فَزِيَادَتُهُ إلَخْ إنَّمَا تَظْهَرُ إذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ: الصَّوَابُ وَضْعُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتُشْطَرُ إلَخْ كَمَا صَنَعَ ابْنُ الْحَاجِبِ لِيُفِيدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ فَسَخَ فَالزِّيَادَةُ لِلزَّوْجِ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ وَقَعَ مَوْتٌ فَالزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ لِلزَّوْجَةِ وَعَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: وَغَلَّةٍ) عَطْفُهُ عَلَى النِّتَاجِ يَقْتَضِي أَنَّ النِّتَاجَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ الْقَائِلِ إنَّهُ غَلَّةٌ قَالَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَزِيَادَتُهُ وَنَقْصُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ) تَبِعَ بَهْرَامُ فِي هَذَا التَّفْرِيعِ وَاعْتَرَضَهُ طفي قَائِلًا لَمْ أَرَ مَنْ فَرَّعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا أَنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لِلزَّوْجِ وَإِنَّمَا فَرَّعُوا حُكْمَ الْغَلَّةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَقَطْ وَهُمَا أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْجَمِيعَ أَوْ النِّصْفَ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: فَهُمَا) أَيْ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ.
(قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ أَنَّ قَوْلَهُ: كَنِتَاجٍ وَغَلَّةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَلَدَ كَالْغَلَّةِ يَأْتِي فِيهِ التَّفْرِيعُ الْمَذْكُورُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْوَلَدُ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّدَاقِ فِي أَنَّهُ يَتَشَطَّرُ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْ الْمَهْرِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ وَصَنِيعُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِأَنَّ الْوَلَدَ كَالْمَهْرِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْغَلَّةِ وَالْبِنَاءُ فِيهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَكَذَا صَنِيعُ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ طفي وَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ لَيْسَ بِغَلَّةٍ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ وَنَسْلَ الْحَيَوَانِ أَنْ يَكُونَ فِي الطَّلَاقِ بَيْنَهُمَا اهـ بْن
ثُمَّ مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا إنْ كَانَ الصَّدَاقُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَتَلِفَ بِيَدِهَا فَإِنَّهَا تَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ بِيَدِهَا كَالْعَارِيَّةِ (وَعَلَيْهَا) إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (نِصْفُ قِيمَةِ) الصَّدَاقِ (الْمَوْهُوبِ وَالْمُعْتَقِ) أَيْ الَّذِي وَهَبَتْهُ أَوْ أَعْتَقَتْهُ (يَوْمَهُمَا) أَيْ يَوْمَ الْعِتْقِ وَالْهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْإِتْلَافِ لَا يَوْمُ الْقَبْضِ (وَ) عَلَيْهَا إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقَدْ بَاعَتْهُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ (نِصْفُ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ) وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مُحَابَاةٍ (وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ) الْوَاقِعُ مِنْهَا فِي الصَّدَاقِ الرَّقِيقِ (إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ لِعُسْرِهَا) الْحَاصِلِ (يَوْمَ الْعِتْقِ) فَلَا عِبْرَةَ بِعُسْرِهَا أَوْ يُسْرِهَا قَبْلَهُ، وَكَذَا لَهُ الرَّدُّ إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى ثُلُثِهَا كَهِبَتِهَا وَصَدَقَتِهَا بِهِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْعُسْرِ لِأَجْلِ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ رَدِّ الزَّوْجِ (إنْ طَلَّقَهَا) قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهُوَ بِيَدِهَا (عَتَقَ النِّصْفُ) الَّذِي وَجَبَ لَهَا بِالطَّلَاقِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَهُوَ حَقُّ الزَّوْجِ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِهِ (بِلَا قَضَاءٍ) عَلَيْهَا بِهِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الزَّوْجِ رَدُّ إيقَافٍ عَلَى مَذْهَبِ الْكِتَابِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: رَدُّ إبْطَالٍ فَلَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِذَا رَدَّ الْعِتْقَ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ فَأَوْلَى الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَنَحْوُهُمَا لَكِنَّ الرَّدَّ فِي ذَلِكَ رَدُّ إبْطَالٍ فَإِذَا طَلَّقَ أَوْ مَاتَ بَقِيَ مِلْكُهَا لَهَا وَلَا تُؤْمَرُ بِإِنْفَاذِهِ (وَتَشْطُرُ) الصَّدَاقَ (وَمَزِيدٌ) لَهَا (بَعْدَ الْعَقْدِ) عَلَى أَنَّهُ مِنْ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى حُكْمِ الصَّدَاقِ كَانَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ لَا اتَّصَفَ بِصِفَاتِهِ مِنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ أَوْ لَا قَبَضَتْهُ أَوْ لَا. إجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الصَّدَاقِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ أَوْ فَلَسَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَبْطُلُ فَحَكَمُوا لَهُ بِحُكْمِ الْعَطِيَّةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَمْ يَكُنْ كَالصَّدَاقِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّ الْمَزِيدَ قَبْلَهُ أَوْ حِينَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الصَّدَاقِ صَدَاقٌ قَطْعًا، وَأَمَّا الْمَزِيدُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِلْوَلِيِّ فَهُوَ لَهُ وَلَا يَتَشَطَّرُ (وَ) تَشَطَّرَتْ (هَدِيَّةٌ اُشْتُرِطَتْ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا) أَوْ لِغَيْرِهِمَا.
(قَبْلَهُ) أَيْ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ مِنْ كَوْنِ النَّقْصِ الْحَاصِلِ فِي الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِمَا مَعًا، وَقَوْلُهُ: إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُمَا مَعًا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَكَذَا حُكْمُ الزِّيَادَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا مَا بَنُوهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَهُوَ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقَدْ تَصَرَّفَتْ فِي الصَّدَاقِ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَهِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ إخْدَامٍ فَإِنَّهَا تَغْرَمُ لِلزَّوْجِ نِصْفَ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَنِصْفَ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ يَوْمَ التَّصَرُّفِ وَهُوَ يَوْمُ الْهِبَةِ وَالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْإِتْلَافِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ: يَوْمُ الْقَبْضِ قَالَ بْن: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نُفُوذِ تَصَرُّفِهَا وَغُرْمِهَا نِصْفَ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ، وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ النِّصْفَ؛ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِتَكْمِيلِهِ لَهَا وَمُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا فَيَرُدُّ مَا فَعَلَتْهُ فِي نِصْفِ الزَّوْجِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا فُضُولِيَّةٌ فِي الْجَمِيعِ وَقْتَ التَّصَرُّفِ، وَقَدْ حَقَّقَ الطَّلَاقُ لَهَا النِّصْفَ فَيَمْضِي تَصَرُّفُهَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ: بِنِصْفِ الْمُحَابَاةِ) أَيْ إنْ بَاعَتْهُ بِمُحَابَاةٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ) أَيْ وَلَا الْهِبَةُ وَلَا الصَّدَقَةُ وَلَا الْإِخْدَامُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَتْهُ الزَّوْجَةُ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِ نَفْسِهَا أَوْ وَهَبَتْهُ أَوْ تَصَدَّقَتْ بِهِ أَوْ أَخْدَمَتْهُ فَإِنَّ الْعِتْقَ وَمَا مَعَهُ لَا يُرَدُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مُعْسِرَةً يَوْمَ التَّصَرُّفِ بِالْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ أَوْ كَانَ ثُلُثُهَا لَا يَحْمِلُ مَا تَصَرَّفَتْ فِيهِ وَإِلَّا كَانَ لِلزَّوْجِ رَدُّ الْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ وَيَرْجِعُ النِّصْفُ مِلْكًا لَهَا.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ لِعُسْرِهَا) أَيْ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُعْسِرَةً يَوْمَ الْعِتْقِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرُدَّ عِتْقَهَا حِينَئِذٍ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَلَهُ أَيْضًا بَعْدَ الطَّلَاقِ أَنْ يَرُدَّ عِتْقَهَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَهَا وَكَانَتْ مُعْسِرَةً يَوْمَ الْعِتْقِ وَاسْتَمَرَّ عُسْرُهَا إلَى يَوْمِ الطَّلَاقِ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ اللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ ح.
(قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي رَدِّ الْعِتْقِ وَعَدَمِ رَدِّهِ عُسْرُهَا وَيُسْرُهَا يَوْمَ الْعِتْقِ كَانَتْ قَبْلَهُ مُوسِرَةً أَوْ مُعْسِرَةً وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ عُسْرُهَا أَوْ يُسْرُهَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ الرَّدُّ فِي ذَلِكَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْخِلَافُ فِي مُطْلَقِ تَبَرُّعِ الزَّوْجَةِ إذَا رَدَّهُ الزَّوْجُ هَلْ هُوَ رَدُّ إيقَافٍ أَوْ إبْطَالٍ.
(قَوْلُهُ: وَتَشَطَّرَ الصَّدَاقُ) أَيْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] الْآيَةَ، ثُمَّ إنَّ تَشَطُّرَ الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ كُلَّ الصَّدَاقِ، وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ التَّشْطِيرَ إمَّا مِنْ مِلْكِهَا أَوْ مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ فَالتَّشْطِيرُ بِالطَّلَاقِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَشَطِّرٌ قَبْلَ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمَعْنَى تَحَتَّمَ تَشْطِيرُهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِتَكْمِيلِهِ.
(قَوْلُهُ: كَانَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ مِنْ جِنْسِ مَا سَمَّاهُ صَدَاقًا.
(قَوْلُهُ: إجْرَاءً إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا أَيْ وَإِنَّمَا تَشَطَّرَ الْمَزِيدُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالطَّلَاقِ إذَا لَمْ تَقْبِضْهُ إجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الصَّدَاقِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى أَنَّهُ صَدَاقٌ.
(قَوْلُهُ: صَدَاقٌ قَطْعًا) أَيْ فَيَتَشَطَّرُ وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ لِعِلْمِهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَزِيدُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِلْوَلِيِّ) كَالْبَلَصَةِ فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ
وَكَذَا إذَا أُهْدِيَتْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ قَبْلَهُ أَوْ؛ لِأَنَّهَا مُشْتَرَطَةٌ حُكْمًا، وَأَمَّا مَا أُهْدِيَ بَعْدَهُ لِغَيْرِهَا فَلَا يَتَشَطَّرُ وَيَكُونُ لِمَنْ أُهْدِي لَهُ (وَلَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (أَخْذُهُ) أَيْ أَخْذُ ذَلِكَ الْمُشْتَرَطِ فِي الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ (مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ اشْتَرَطَ لَهُ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَيَأْخُذُ الزَّوْجُ مِنْهُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِعْطَاءِ لَيْسَ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الزَّوْجِ لِوَلِيِّهَا فَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ أَوْ الْمُعْتَقِ يَوْمَهُمَا وَقَوْلُهُ:(بِالطَّلَاقِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَشَطَّرَ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ.
وَقَوْلُهُ: (قَبْلَ الْمَسِّ) مُتَعَلِّقٌ بِالطَّلَاقِ أَوْ حَالٌ مِنْهُ وَجُمْلَةُ وَلَهَا أَخْذُهُ مُعْتَرِضَةٌ وَأَرَادَ بِالْمَسِّ الْوَطْءَ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَإِقَامَتِهَا سَنَةً بِبَيْتِهَا، إذْ هِيَ يَتَكَمَّلُ بِهَا الصَّدَاقُ.
(وَضَمَانُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ (إنْ هَلَكَ) وَثَبَتَ هَلَاكُهُ (بِبَيِّنَةٍ) كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ لَا (أَوْ) لَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَ (كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ) كَالْحَيَوَانِ وَالزَّرْعِ وَالْعَقَارَاتِ (مِنْهُمَا) مَعًا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَيَحْلِفُ مَنْ كَانَ بِيَدِهِ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ عَلَى الْأَظْهَرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا (فَ) ضَمَانُهُ (مِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ فَعَلَيْهِ غُرْمُ النِّصْفِ الْآخَرِ.
(وَتَعَيَّنَ) لِلتَّشْطِيرِ قَبْلَ الْبِنَاءِ (مَا اشْتَرَتْهُ) الزَّوْجَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ السِّلَعِ (مِنْ الزَّوْجِ) صَلُحَتْ لِلْجَهَازِ أَمْ لَا فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهَا بِتَشْطِيرِ الْأَصْلِ وَلَيْسَ لَهَا جَبْرُهُ عَلَى أَخْذِ شَطْرِ الْأَصْلِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا (وَهَلْ مُطْلَقًا) قَصَدَتْ بِالشِّرَاءِ مِنْهُ التَّخْفِيفَ عَلَيْهِ أَمْ لَا (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ) مَحَلٌّ تَعَيَّنَ تَشْطِيرُ مَا اشْتَرَتْهُ (إنْ قَصَدَتْ) بِالشِّرَاءِ مِنْهُ (التَّخْفِيفَ) عَنْهُ وَالرِّفْقَ بِهِ (تَأْوِيلَانِ) وَيُحْمَلُ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى التَّخْفِيفِ (وَ) تَعَيَّنَ (مَا اشْتَرَتْهُ) مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا مِمَّا صَلُحَ أَنْ يَكُونَ (مِنْ جَهَازِهَا) إذَا اشْتَرَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا الْمَدْفُوعِ لَهَا بَلْ وَإِنْ اشْتَرَتْهُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ صَدَاقٍ بَلْ مِنْ أَصْلِ مَالِهَا (وَسَقَطَ) عَنْ الزَّوْجِ (الْمَزِيدُ) عَلَى الصَّدَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ (فَقَطْ) دُونَ أَصْلِ الصَّدَاقِ وَدُونَ الْمَزِيدِ قَبْلَهُ أَوْ فِيهِ أَوْ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ (بِالْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ فَلَسُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَبْضِهَا أَشْهَدَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ تُقْبَضْ قَبْلَ الْمَانِعِ، وَأَمَّا مَوْتُ الزَّوْجَةِ فَلَا يُبْطِلُ الْهِبَةَ أَشْهَدَ أَمْ لَا لِحُصُولِ الْقَبُولِ مِنْهَا قَبْلَ الْمَوْتِ.
(وَفِي)(تَشَطُّرِ هَدِيَّةٍ) تَطَوَّعَ بِهَا الزَّوْجُ (بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ) بِالطَّلَاقِ قَبْلَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا أُهْدِيَتْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ مَتَى كَانَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَهُ فَإِنَّهَا تُشْطَرُ سَوَاءٌ اشْتَرَطَتْ أَوْ لَا كَانَتْ لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَا تَكُونُ مُشْتَرِطَةً فَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهَا فَلَا تُشْطَرُ، وَإِنْ كَانَتْ لَهَا فَرِوَايَتَانِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا أُهْدِيَ بَعْدَهُ لِغَيْرِهَا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مَا أُهْدِيَ لَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي قَوْلِهِ وَفِي تُشْطَرُ هَدِيَّةٌ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ، ثُمَّ إنَّ مَا أُهْدِيَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِغَيْرِهَا هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَأَمَّا الْمَزِيدُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِلْوَلِيِّ فَهُوَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقُلْنَا بِتَشَطُّرِ مَا أَخَذَهُ وَلِيُّهَا مِنْ الْهَدِيَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ لَهُ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى وَلِيِّهَا وَتَأْخُذَ مِنْهُ النِّصْفَ وَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ الْآخَرُ يَأْخُذُهُ مِنْ الْوَلِيِّ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مُطَالَبَتُهَا بِالنِّصْفِ الْآخَرِ الَّذِي أَخَذَهُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ لِلْوَلِيِّ لَيْسَ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الزَّوْجِ وَحِينَئِذٍ فَيَتْبَعُهُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ الَّتِي طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَشْطُرُ مَا أَخَذَهُ وَلِيُّهَا.
(قَوْلُهُ: أَخْذُ ذَلِكَ) أَيْ أَخْذُ نِصْفِ ذَلِكَ الْمُشْتَرَطِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الْمُعْتَقِ يَوْمَهُمَا) أَيْ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالطَّلَاقِ) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِ فِي الْمَعْنَى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِلطَّلَاقِ أَوْ حَالٌ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: إذْ هِيَ يَتَكَمَّلُ بِهَا الصَّدَاقُ) أَيْ كَمَا يَتَكَمَّلُ بِالْوَطْءِ
(قَوْلُهُ: إنْ هَلَكَ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ مَاتَ أَوْ حُرِقَ أَوْ سُرِقَ أَوْ تَلِفَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ.
(قَوْلُهُ: مَا اشْتَرَتْهُ) أَيْ بِالْمَهْرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا إذَا اشْتَرَتْ بِالصَّدَاقِ سِلَعًا مِنْ الزَّوْجِ سَوَاءٌ كَانَتْ تَصْلُحُ جَهَازًا أَوْ لَا فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ لِلتَّشْطِيرِ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، إذْ كَأَنَّهُ أَصْدَقَهَا تِلْكَ السِّلَعَ (قَوْلُهُ: صَلُحَتْ) أَيْ تِلْكَ السِّلَعُ لِلْجَهَازِ أَمْ لَا هَذَا مَا فِي الْمَوَّاقِ وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا أَصْدَقَهَا عَيْنًا فَاشْتَرَتْ بِهَا مِنْ الزَّوْجِ مَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَهَازًا كَدَارٍ وَعَبْدٍ وَدَابَّةٍ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَتْ مَا يَصْلُحُ لِلْجَهَازِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ شِرَائِهَا مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إلَّا بِنِصْفِهِ؛ لِأَنَّهَا مَجْبُورَةٌ عَلَى شِرَاءِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: بِتَشْطِيرِ الْأَصْلِ) أَيْ وَهِيَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الَّتِي دَفَعَهَا لَهَا الزَّوْجُ وَاشْتَرَتْ بِهَا تِلْكَ السِّلَعَ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) أَيْ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إنْ قَصَدَتْ التَّخْفِيفَ) فَإِنْ لَمْ تَقْصِدْ التَّخْفِيفَ تَعَيَّنَ تَشْطِيرُ الْأَصْلِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
(قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ مَا اشْتَرَتْهُ) أَيْ وَتَعَيَّنَ لِلتَّشْطِيرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ مَا اشْتَرَتْهُ.
(قَوْلُهُ: وَسَقَطَ الْمَزِيدُ) أَيْ الَّذِي زَادَهُ الزَّوْجُ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى صَدَاقِهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا بِهِ.
(قَوْلُهُ: دُونَ أَصْلِ الصَّدَاقِ وَدُونَ الْمَزِيدِ قَبْلَهُ أَوْ فِيهِ) أَيْ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ لَهَا بِمَوْتِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ إلَخْ) أَيْ وَدُونَ
فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهَا (أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ) مِنْهَا (وَإِنْ) كَانَتْ قَائِمَةً (لَمْ تَفُتْ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَإِنْ بَنَى لَهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا، وَلَوْ قَائِمَةً وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَأَشَارَ لِلْفَاسِدِ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُفْسَخَ) النِّكَاحُ.
(قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَأْخُذُ) الزَّوْجُ (الْقَائِمَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْهَدِيَّةِ وَضَاعَ عَلَيْهِ مَا فَاتَ مِنْهَا فَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَاسِدِ وَمَا قَبْلَهُ فِي الصَّحِيحِ (لَا إنْ فُسِخَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا، وَلَوْ قَائِمَةً لِأَنَّ الَّذِي أُهْدِيَ لِأَجْلِهِ قَدْ حَصَلَ (رِوَايَتَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ.
(وَفِي)(الْقَضَاءِ) عَلَى الزَّوْجِ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ (بِمَا يُهْدِي) لِلزَّوْجَةِ (عُرْفًا) قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَيْسَ مُشْتَرَطًا فِيهِ وَعَدَمُهُ.
(قَوْلَانِ) وَعَلَى الْقَضَاءِ فَقِيلَ: يَتَكَمَّلُ بِالْمَوْتِ وَيَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ بِهِمَا إذَا لَمْ يَقْبِضْ وَعَلَى عَدَمِهَا فَهِيَ هِبَةٌ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحَوْزِ وَتَكُونُ كَالْهِبَةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ خُيِّرَتْ وَطَلَّقَ قَبْلَهُ فَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ لَا شَيْءَ لَهُ كَمَا مَرَّ.
(وَصُحِّحَ)(الْقَضَاءُ) عَلَى الزَّوْجِ إنْ طَالَبَتْهُ الزَّوْجَةُ (بِالْوَلِيمَةِ) وَهِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَسَيَأْتِي نَدْبُهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ فَلَا يُقْضَى بِهَا (دُونَ أُجْرَةِ الْمَاشِطَةِ) وَالدُّفِّ وَالْكَبَرِ وَالْحَمَّامِ وَنَحْوِهَا إلَّا لِعُرْفٍ.
(وَتَرْجِعُ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ) الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا (وَ) نَفَقَةِ (الْعَبْدِ) الصَّدَاقُ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَذَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مَا ذُكِرَ بِيَدِهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ وَرَجَعَ الْمُنْفِقُ بِنِصْفِ النَّفَقَةِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ (وَفِي) رُجُوعِهَا عَلَيْهِ بِنِصْفِ (أُجْرَةِ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ) شَرْعِيَّةٍ عَلَّمَتْهَا لِلرَّقِيقِ أَوْ الدَّابَّةِ الْمَدْفُوعَةِ صَدَاقًا وَارْتَفَعَ ثَمَنُهُ بِهَا وَطَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ.
(قَوْلَانِ) مَحِلُّهُمَا إذَا اسْتَأْجَرَتْ عَلَى التَّعْلِيمِ لَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُعَلَّمَةُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ صَنْعَةَ الْعِلْمِ كَالنَّحْوِ وَالْحِسَابِ وَالْكِتَابَةِ وَالْقِرَاءَةِ.
(وَعَلَى الْوَلِيِّ) أَيْ الْخَاصِّ مِنْ مَالِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً (أَوْ الرَّشِيدَةِ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ) أَيْ حَمْلَهَا أَوْ حَمْلَ الْجَهَازِ (لِبَلَدِ الْبِنَاءِ الْمُشْتَرَطِ) الْبِنَاءُ فِيهِ غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ، وَكَذَا لِمَحِلِّهِ حَيْثُ الْبَلَدُ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الْوَلِيِّ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ (إلَّا لِشَرْطٍ) عَلَى الزَّوْجِ أَوْ عُرْفٍ كَعُرْفِ مِصْرَ فَعَلَى الزَّوْجِ (وَلَزِمَهَا التَّجْهِيزُ عَلَى الْعَادَةِ) فِي جَهَازِ مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ (بِمَا قَبَضَتْهُ) مِنْ مَهْرِهَا (إنْ)(سَبَقَ) الْقَبْضُ (الْبِنَاءَ) كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُشْتَرَطِ مِنْ الْهَدِيَّةِ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَبِنِصْفِ قِيمَتِهَا إنْ فَاتَتْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ) وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِاخْتِيَارِهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ بَنَى بِهَا) أَيْ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَائِمَةً أَيْ بِاتِّفَاقٍ أَيْ لِأَنَّ الَّذِي أُهْدِيَ لِأَجْلِهِ قَدْ حَصَلَ.
(قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُ الزَّوْجُ الْقَائِمَ مِنْهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُتَغَيِّرًا؛ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى الْفِرَاقِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْفَسْخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ انْتَفَعَ
(قَوْلُهُ: بِمَا يُهْدِي لِلزَّوْجَةِ عُرْفًا قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ كَالْخُفِّ وَالْقَلَنْسُوَةِ.
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) فِي الْمَوَّاقِ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ رِوَايَتَانِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا قَوْلَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ.
(فَرْعٌ) ذَكَرَ ابْنُ سَلْمُونٍ أَنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْمَرْأَةِ بِكِسْوَةِ الرَّجُلِ إذَا جَرَى بِهَا عُرْفٌ وَاشْتُرِطَتْ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ لَكِنْ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَشَرْطُ كِسْوَةٍ مِنْ الْمَحْظُورِ لِلزَّوْجِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَّلُوهُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَقَالَ ابْنُ نَاظِمٍ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ مَا لِابْنِ سَلْمُونٍ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَلَكِنْ جَرَى بِهِ الْعَمَلُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَتَكُونُ كَالْهِبَةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ) فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ فَلَّسَ قَبْلَ قَبْضِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ لَمْ تُقْبَضْ.
(قَوْلُهُ فَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ لَا شَيْءَ لَهُ) وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ ذَلِكَ يَتَشَطَّرُ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَبِنِصْفِ قِيمَتِهَا إنْ فَاتَتْ
- (قَوْلُهُ: وَصَحَّ الْقَضَاءُ بِالْوَلِيمَةِ) أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ الصَّوَابُ الْقَضَاءُ بِهَا «لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُقْضَى بِهَا) مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ تُشْتَرَطْ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ يَجْرِ بِهَا الْعُرْفُ وَإِلَّا قَضَى بِهَا اتِّفَاقًا بِالْأَوْلَى مِمَّا بَعْدَهُ وَرُجِعَ لِلْعُرْفِ فِي عَمَلِهَا بِبَيْتِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ
(قَوْلُهُ: وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ نَفَقَةِ التَّمْرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا) أَيْ الَّتِي دَفَعَهَا لَهَا صَدَاقًا مَعَ الْأُصُولِ أَوْ وَحْدَهَا عَلَى الْقَطْعِ لَا عَلَى التَّبْقِيَةِ وَإِلَّا فُسِخَ النِّكَاحُ كَمَا مَرَّ كَالْبَيْعِ وَإِذَا فُسِخَ النِّكَاحُ رَجَعَتْ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَطَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ وَعَدَمُ رُجُوعِهَا بِذَلِكَ قَوْلَانِ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ صَنْعَةِ الْعِلْمِ) أَيْ كَمَا خَرَجَ بِالشَّرْعِيَّةِ غَيْرُهَا كَضَرْبٍ بِعُودٍ وَرَقْصٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَإِنْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهَا فَلَا رُجُوعَ لَهَا اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: وَالْكِتَابَةُ) أَدْرَجَ الْكِتَابَةَ فِي الْعِلْمِ تَبَعًا لخش نَظَرًا لِكَوْنِهَا مِنْ طُرُقِهِ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ الْكِتَابَةَ صَنْعَةً كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: أَيْ الْخَاصِّ) أَيْ الَّذِي تَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِهَا بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ عَلَى الزَّوْجِ، وَأَمَّا قَوْلُ عبق أَيْ وَلِيُّ الْمَالِ فَغَيْرُ صَوَابٍ وَوَلِيُّ الْمَالِ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِيهِ لِسَفَهِهَا أَوْ صِغَرِهَا وَهُوَ الْأَبُ وَوَصِيُّهُ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي، وَأَمَّا وَلِيُّ الْعَقْدِ فَهُوَ مَنْ تَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِهَا كَانَ وَلِيَّ الْمَالِ أَوْ لَا.
(قَوْلُهُ: بِمَا قَبَضَتْهُ) أَيْ فَقَطْ لَا بِأَزْيَدَ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ وَشَهَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَقَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ إنَّمَا يَلْزَمُهَا التَّجْهِيزُ بِمَا قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إنْ كَانَ حَالًّا، أَمَّا إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ قَبْلَ الْبِنَاءِ
فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ عَنْ الْبِنَاءِ لَمْ يَلْزَمْهَا التَّجْهِيزُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ حَلَّ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ (وَقُضِيَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (إنْ دَعَاهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ (لِقَبْضِ مَا حَلَّ) مِنْ صَدَاقِهَا لِتَجْهَرَ بِهِ لَا لِمَا لَمْ يَحِلَّ لِتَتَجَهَّزَ بِهِ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا (إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ شَيْئًا) أَزْيَدَ مِمَّا قَبَضَتْهُ أَوْ يَجْرِيَ بِهِ عُرْفٌ (فَيَلْزَمُ) مَا سَمَّاهُ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَهَا التَّجْهِيزُ بِمَا قَبَضَتْهُ.
(وَلَا تُنْفِقُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى نَفْسِهَا (وَلَا تَقْضِي) مِنْهُ (دَيْنًا) عَلَيْهَا أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ يَلْزَمُهَا التَّجْهِيزُ بِمَا قَبَضَتْهُ (إلَّا الْمُحْتَاجَةُ) فَإِنَّهَا تُنْفِقُ مِنْهُ وَتَكْتَسِي الشَّيْءَ الْقَلِيلَ بِالْمَعْرُوفِ، ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ اتَّبَعَ ذِمَّتَهَا (وَ) إلَّا الدَّيْنَ الْقَلِيلَ (كَالدِّينَارِ) مِنْ مَهْرٍ كَثِيرٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ قَلِيلًا فَتَقْضِي مِنْهُ بِحَسَبِهِ.
(وَلَوْ)(طُولِبَ) الزَّوْجُ (بِصَدَاقِهَا) أَيْ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِمْ مِنْهُ (لِمَوْتِهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ كَانَ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ تَجْهِيزَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ (فَطَالَبَهُمْ) الزَّوْجُ (بِإِبْرَازِ جَهَازِهَا) الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ لِيَنْظُرَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ مِنْهُ (لَمْ يَلْزَمْهُمْ) إبْرَازُهُ (عَلَى الْمَقُولِ) وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَلْزَمُهُمْ وَعَلَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ جَمِيعُ مَا سَمَّى مِنْ الصَّدَاقِ بَلْ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّهَا مُجَهَّزَةٌ بِمَا قَبَضَ قَبْلَ الْبِنَاءِ جَهَازَ مِثْلِهَا وَيَحُطُّ عَنْهُ مَا زَادَ لِأَجْلِ جَهَازِهَا.
(وَلِأَبِيهَا) الْمُجْبَرِ جَوَازُ (بَيْعِ رَقِيقٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ (سَاقَهُ الزَّوْجُ لَهَا) صَدَاقًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا ذَلِكَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَلَا حَقَّ لِلزَّوْجِ فِي التَّجْهِيزِ بِهِ وَلِغُرَمَائِهَا أَخْذُهُ فِي دُيُونِهِمْ مِثْلَ مَا قَبَضَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الزَّوْجَةَ الرَّشِيدَةَ الَّتِي لَهَا قَبْضُ صَدَاقِهَا وَسَيَأْتِي غَيْرُهَا إذَا قَبَضَتْ الْحَالَّ مِنْ صَدَاقِهَا قَبْلَ بِنَاءِ الزَّوْجِ بِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ حَضَرٍ أَوْ بَدْوٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعُرْفُ شِرَاءَ خَادِمٍ أَوْ دَارٍ لَزِمَهَا ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِأَزْيَدَ مِنْهُ وَمِثْلُ حَالِّ الصَّدَاقِ مَا إذَا عَجَّلَ لَهَا الْمُؤَجَّلَ وَكَانَ نَقْدًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهَا قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَقَعُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ نَقْدًا وَعَجَّلَهُ الْمُشْتَرِي أَجْبَرَ الْبَائِعَ عَلَى قَبُولِهِ وَلَا يُجَابُ لِتَأْخِيرِهِ لِأَجْلِهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ عَنْ الْبِنَاءِ لَمْ يَلْزَمْهَا إلَخْ) كَمَا لَوْ كَانَ الصَّدَاقُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عُرُوضًا أَوْ عَقَارًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَيْعُهُ لِتَتَجَهَّزَ بِهِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَرَوَاهُ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ زَرْبٍ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: يَجِبُ بَيْعُهُ لِأَجْلِ التَّجْهِيزِ بِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَزِمَهَا التَّجْهِيزُ بِمَا قَبَضَتْهُ إلَخْ أَيْ إذَا كَانَ عَيْنًا، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ لُزُومِ بَيْعِ الْعَقَارِ لَا يُنَافِيه مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ الْمُقْتَضِي لِتَسَاوِيهِمَا؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَالْقَوْلَانِ الْآتِيَانِ فِي الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَلَّ) أَيْ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ بَعْدَ مُضِيِّ أَجَلِهِ وَقَبَضَتْهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَقُضِيَ لَهُ) أَيْ عَلَيْهَا بِقَبْضِ مَا حَلَّ إنْ دَعَاهَا لِقَبْضِهِ وَقَوْلُهُ: إنْ دَعَاهَا أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَقُضِيَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا دَعَا زَوْجَتَهُ لِقَبْضِ مَا اتَّصَفَ بِالْحُلُولِ مِنْ صَدَاقِهَا سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا فِي الْأَصْلِ أَوْ حَلَّ بَعْدَ مُضِيِّ أَجَلِهِ لِأَجْلِ أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ وَأَبَتْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهَا بِقَبْضِ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ حَارِثٍ حَيْثُ قَالَ: لَا يَلْزَمُهَا قَبْضُ مَا حَلَّ بِمُضِيِّ أَجَلِهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سَلَفٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أَجَّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا كَمَا يَأْتِي وَهِيَ إذَا قَبَضَتْهُ لَزِمَهَا التَّجْهِيزُ بِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ زَرْبٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُمْنَعُ التَّعْجِيلُ فَإِنْ قَبَضَتْهُ أُجْبِرَتْ عَلَى التَّجْهِيزِ بِهِ.
(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ مَا سَمَّاهُ) أَيْ أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ أَيْ الزَّوْجُ وَمِثْلُ تَسْمِيَتِهِ تَسْمِيَةُ وَلِيِّهَا بِأَنْ يَقُولَ: نَحْنُ نَشْتَرِي لَهَا كَذَا أَوْ أَنَّ عِنْدَهَا مِنْ الْجِهَازِ كَذَا وَكَذَا
(قَوْلُهُ: اتَّبَعَ ذِمَّتَهَا) أَيْ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَتْ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَانَ) أَيْ الْمَهْرُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ طُولِبَ الزَّوْجُ) أَيْ طَالَبَهُ وَرَثَتُهَا بَعْدَ مَوْتِهَا.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ لَا يَلْزَمُهُمْ إبْرَازُ الْجَهَازِ الْمُشْتَرَطِ بَلْ جَهَازِ مِثْلِهَا وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّهَا مُجَهَّزَةٌ بِجَهَازِ مِثْلِهَا وَيُحَطُّ عَنْهُ مَا زَادَهُ لِأَجْلِ الْجَهَازِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ.
وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا سَمَّى لَهَا صَدَاقًا مِائَةً مَثَلًا وَدَفَعَ مِنْهُ خَمْسِينَ وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ جَهَازًا بِمِائَتَيْنِ فَمَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَطَالَبَهُ وَرَثَتُهَا بِمَا يَخُصُّهُمْ مِنْ الْمِيرَاثِ مِنْ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ فَطَالَبَهُمْ بِإِحْضَارِ الْجَهَازِ الْمُشْتَرَطِ أَوْ بِإِحْضَارِ قِيمَتِهِ لِيَعْرِفَ إرْثَهُ مِنْهُ، فَقَالَ الْمَازِرِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ: لَا يَلْزَمُهُمْ إبْرَازُ ذَلِكَ الْجِهَازِ الْمُشْتَرَطِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الزَّوْجِ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّهَا مُجَهَّزَةٌ بِمَا قَبَضَ مِنْ الصَّدَاقِ وَهُوَ خَمْسُونَ، فَإِذَا قِيلَ: مَا صَدَاقُ مَنْ يَتَجَهَّزُ بِخَمْسِينَ؟ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرَ جَهَازِهَا خَمْسِينَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ كَثَمَانِينَ أَوْ أَكْثَرَ كَثَمَانِينَ، فَإِذَا قِيلَ: مَنْ تَتَجَهَّزُ بِخَمْسِينَ صَدَاقُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ فَلَا يَدْفَعُ لَهُمْ شَيْئًا غَيْرَ مَا دَفَعَهُ أَوَّلًا وَيَكُونُ الْجَهَازُ الْمُشْتَرَى بِالْخَمْسِينَ الْمَدْفُوعَةِ أَوْ لَا تَرِكَةَ يَسْتَحِقُّ الزَّوْجُ نِصْفَهَا، وَإِنْ قِيلَ: صَدَاقُ مَنْ تَتَجَهَّزُ بِخَمْسِينَ ثَلَاثُونَ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِمْ بِعِشْرِينَ مِنْ الْخَمْسِينَ الَّتِي دَفَعَهَا وَيَكُونُ مِيرَاثُ الزَّوْجِ مِنْ جَهَازٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ، وَإِنْ قِيلَ: صَدَاقُ مَنْ جَهَازُهَا خَمْسُونَ ثَمَانُونَ دَفَعَ الزَّوْجُ ثَلَاثِينَ وَيَكُونُ مِيرَاثُ الزَّوْجِ فِي تِلْكَ الثَّلَاثِينَ وَفِي جَهَازٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ
(قَوْلُهُ وَلِأَبِيهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا دَفَعَ لَهَا الزَّوْجُ الصَّدَاقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ حَيَوَانًا أَوْ عَرْضًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَلَا يَلْزَمُ أَبَاهَا إذَا كَانَ مُجْبَرًا وَلَا يَلْزَمُهَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ بَيْعُ ذَلِكَ لِأَجْلِ تَجْهِيزِهَا بَلْ يَجُوزُ لَهُمَا بَيْعُهُ لِتَجْهِيزِهَا بِثَمَنِهِ وَلَهُمَا عَدَمُ بَيْعِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ عِنْدَ الْبِنَاءِ أَنْ يَأْتِيَ بِغِطَاءٍ وَوِطَاءٍ مُنَاسِبَيْنِ لِحَالِهِمَا وَمَحَلُّ
إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ (لِلتَّجْهِيزِ) مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعٍ لَا بِسَاقَهُ، إذْ لَوْ سَاقَهُ لِلتَّجْهِيزِ لَوَجَبَ الْبَيْعُ لِأَجْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ فَعَلَى الزَّوْجِ عِنْدَ الْبِنَاءِ أَنْ يَأْتِيَ بِغِطَاءٍ وَوِطَاءٍ مُنَاسِبَيْنِ لِحَالِهِمَا (وَفِي) جَوَازِ (بَيْعِهِ) أَوْ بَيْعِهَا (الْأَصْلَ) أَيْ الْعَقَارَ الْمُسَوَّقَ فِي صَدَاقِهَا بِالنَّظَرِ وَلَا كَلَامَ لِلزَّوْجِ وَمَنَعَهُ مِنْهُ أَيْ إذَا مَنَعَهُ الزَّوْجُ.
(قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِالْبَيْعِ أَوْ بِعَدَمِهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ بَيْعِهِ يَأْتِي الزَّوْجُ بِالْغِطَاءِ وَالْوِطَاءِ الْمُنَاسِبَيْنِ.
(وَ) لَوْ ادَّعَى الْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ أَنَّ بَعْضَ الْجَهَازِ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَخَالَفَتْهُ الِابْنَةُ الرَّشِيدَةُ أَوْ وَافَقَتْهُ وَهِيَ سَفِيهَةٌ.
(قَبْلَ دَعْوَى الْأَبِ) وَوَصِيِّهِ (فَقَطْ) دُونَ الْأُمِّ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَغَيْرِهِمْ (فِي إعَارَتِهِ لَهَا) شَيْئًا مِنْ الْجَهَازِ إنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ (فِي السَّنَةِ) مِنْ يَوْمِ الْبِنَاءِ لَا الْعَقْدِ وَأَنْ تَكُونَ مُجْبَرَةً أَوْ سَفِيهَةً وَأَنْ يَبْقَى بَعْدَمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعَارِيَّةِ مَا يَفِي بِجَهَازِهَا الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ، وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ صَدَاقِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ وَفَاءٌ فَاَلَّذِي فِي الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ أَصْلَ الْمَتَاعِ لَهُ فَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ وَيُتَّبَعُ بِمَا فِيهِ وَفَاءٌ وَالْأَبُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِيمَا عُرِفَ أَصْلُهُ سَوَاءٌ وَقَوْلُهُ:(بِيَمِينٍ) مُعْتَرَضٌ بِأَنَّهُ قَوْلٌ مُلَفَّقٌ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِقَبُولِ قَوْلِهِ فِي السَّنَةِ يَقُولُ بِلَا يَمِينٍ وَالْقَائِلُ بِقَبُولِهِ فِي السَّنَةِ وَبَعْدَهَا بِشَهْرَيْنِ وَثَلَاثَةٍ يَقُولُ بِيَمِينٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي السَّنَةِ (وَإِنْ خَالَفَتْهُ الِابْنَةُ) فِي دَعْوَاهُ (لَا إنْ بَعْدَ) قِيَامِهِ عَنْ السَّنَةِ (وَلَمْ يَشْهَدْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ أَنَّ هَذَا الْحُلِيَّ مَثَلًا عَارِيَّةٌ عِنْدَ بِنْتِهِ فَإِنْ أَشْهَدَ، وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ قَبْلَ قَوْلِهِ بَعْدَهَا، وَلَوْ طَالَ (فَإِنْ صَدَّقَتْهُ) ابْنَتُهُ فِي دَعْوَاهُ بَعْدَ السَّنَةِ وَهِيَ رَشِيدَةٌ وَلَمْ يَشْهَدْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَدَمِ لُزُومِ بَيْعِهِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ بَيْعَهُ لِأَجْلِ التَّجْهِيزِ أَوْ يَجْرِي عُرْفٌ بِذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ بَيْعُهُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا لِشَرْطٍ) أَيْ بِالْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَوْ سَاقَهُ لِلتَّجْهِيزِ) أَيْ لَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الصَّدَاقِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ بَيْعِهِ) أَيْ الْأَبِ.
(قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُ مِنْهُ أَيْ إذَا مَنَعَهُ الزَّوْجُ) هَذَا الْقَيْدُ مِثْلُهُ فِي عبق وخش وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُتَيْطِيِّ وَنَصُّهُ، وَأَمَّا مَا سَاقَهُ الزَّوْجُ إلَيْهَا مِنْ الْأُصُولِ فَهَلْ لِلْأَبِ بَيْعُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِابْنَتِهِ أَمْ لَا حَكَى الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ رِضَا الزَّوْجِ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي لِلزَّوْجِ فِيهِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِي ذَلِكَ مَا شَاءَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَلَا مَقَالَ لِلزَّوْجِ وَيَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا كَانَ عَلَيْهَا نِصْفُ الثَّمَنِ إنْ لَمْ تُحَابَّ اهـ وَابْنُ بَشِيرٍ هَذَا صَاحِبُ الْإِمَامِ لَا ابْنُ بَشِيرٍ الْقَاضِي وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ تَرَدُّدٌ اهـ بْن.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ جَهَازًا قِيمَتُهُ كَذَا أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ وَمَنَعَهُ الْوَلِيُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَانَ الطَّلَاقُ لَهُ بِلَا شَيْءٍ إنْ لَمْ يَرْضَ، وَإِنْ رَضِيَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنْ طَلَّقَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَنْعِهِ غَرِمَ نِصْفَ الْمُسَمَّى عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِنْ دَخَلَ أُجْبِرَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى مَا سَمَّى مِنْ الْجَهَازِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مَوْتٌ أَوْ فِرَاقٌ فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا يُجْبَرُونَ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ بَيْعِهِ) أَيْ إذَا مُنِعَ الزَّوْجُ مِنْ بَيْعِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ كَالْأُمِّ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ) أَيْ عِنْدَ الْبِنْتِ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ دَعْوَى الْأَبِ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا إمَّا رَشِيدَةٌ أَوْ غَيْرُ رَشِيدَةٍ فَإِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى مُدَّعِي إعَارَتِهَا لَا فِي السَّنَةِ وَلَا بَعْدَهَا حَيْثُ خَالَفَتْ الْمُدَّعِي وَلَمْ تُصَدِّقْهُ كَانَ الْمُدَّعِي أَبَاهَا أَوْ غَيْرَهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ، وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَمَا لَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْإِعَارَةِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تُخَالِفْ الْمُدَّعِي بَلْ صَدَّقَتْهُ أَخَذَتْ بِإِقْرَارِهَا كَانَتْ الدَّعْوَى بَعْدَ السَّنَةِ أَوْ قَبْلَهَا كَانَ الْمُدَّعِي أَبًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَوْ أَجْنَبِيًّا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ بِأَنْ كَانَتْ مُوَلًّى عَلَيْهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا سَفِيهَةً فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى غَيْرِ الْأَبِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ صَدَّقَتْهُ أَوْ خَالَفَتْهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ وَأَخَذَهُ وَلَوْ بَعْدَ السَّنَةِ، وَأَمَّا الْأَبُ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِي السَّنَةِ إذَا كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ الْمُدَّعَى بِهِ يَفِي بِالْجَهَازِ الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ السَّنَةِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ أَصْلَ الْمُدَّعَى بِهِ لَهُ وَمَا لَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْعَارِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: دُونَ الْأُمِّ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَغَيْرِهِمْ) سَوَاءٌ كَانَتْ دَعْوَاهُمْ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا مَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ الْمَتَاعِ الْمُدَّعَى أَنَّهُ عَارِيَّةٌ لَهُمْ وَإِلَّا حَلَفَ عَلَيْهِ وَأَخَذَهُ، وَلَوْ بَعْدَ السَّنَةِ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ فِي السَّنَةِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَبُولَ دَعْوَى الْأَبِ الْإِعَارَةَ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ مُجْبَرَةً أَوْ سَفِيهَةً) الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ تَقْيِيدُ الْبِنْتِ بِالْبِكْرِ وَنَصُّهُ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ إلَّا مِنْ الْأَبِ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ فَقَطْ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا قَضَاءَ لِلْأَبِ فِي مَالِهَا اهـ قَالَ ح قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَمِثْلُ الْبِكْرِ الثَّيِّبُ الَّتِي فِي وِلَايَةِ أَبِيهَا لِسَفَهِهَا قِيَاسًا عَلَى الْبِكْرِ وَمِثْلُ الْأَبِ الْوَصِيُّ فِيمَنْ فِي وِلَايَتِهِ مِنْ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ مُوَلًّى عَلَيْهَا اهـ فَالشَّرْطُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ مُوَلًّى عَلَيْهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا لَا مُجْبَرَةً فَقَطْ كَمَا فِي عبق؛ لِأَنَّ الْمُجْبَرَةَ قَدْ تَكُونُ ثَيِّبًا غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَزْيَدَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ جَهَازُهَا الْمُشْتَرَطُ أَوْ الْمُعْتَادُ أَزْيَدَ.
(قَوْلُهُ: وَيُتَّبَعُ بِمَا فِيهِ وَفَاءٌ) أَيْ بِالْجَهَازِ الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَتْهُ الِابْنَةُ) أَيْ هَذَا إذَا وَافَقَتْهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ بَلْ، وَإِنْ خَالَفَتْهُ بِأَنْ قَالَتْ: إنَّهُ غَيْرُ عَارِيَّةٍ بَلْ هُوَ لِي.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَشْهَدَ، وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ فَإِنْ أَشْهَدَ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ بِأَنْ أَشْهَدَ عِنْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَهَا أَيْ بِغَيْرِ يَمِينٍ إنْ كَانَ الْإِشْهَادُ
(فَفِي ثُلُثِهَا) فَإِنْ زَادَ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ خَاصَّةً هُنَا (وَاخْتَصَّتْ) الْبِنْتُ عَنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (بِهِ) أَيْ الْجَهَازِ الَّذِي جَهَّزَهَا بِهِ أَبُوهَا مِنْ مَالِهِ زِيَادَةً عَلَى مَهْرِهَا لَا بِقَدْرِهِ فَقَطْ، إذْ لَا نِزَاعَ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ (إنْ وَرَدَ بِبَيْتِهَا) الَّذِي بَنَى بِهَا الزَّوْجُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْحِيَازَةِ (أَوْ أَشْهَدَ) الْأَبُ بِذَلِكَ (لَهَا) فَالشَّهَادَةُ وَحْدَهَا كَافِيَةٌ فِي ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ إبْقَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَحْتَ يَدِهِ وَحَوْزُهُ لَهَا بَعْدَ الْإِشْهَادِ (أَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ لَهَا وَوَضَعَهُ عِنْدَ) غَيْرِهِ (كَأُمِّهَا) وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِذَلِكَ.
(وَإِنْ)(وَهَبَتْ) الرَّشِيدَةُ (لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ (الصَّدَاقَ) الْمُسَمَّى قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْهُ (أَوْ) وَهَبَتْ لَهُ مِنْ خَالِصِ مَالِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ (مَا) أَيْ شَيْئًا (يَصْدُقُهَا بِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ جُبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ) وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ حَيْثُ أَرَادَ الدُّخُولَ فَإِنْ طَلَّقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَيَسْتَمِرُّ الصَّدَاقُ مِلْكًا لَهُ فِي الْأُولَى وَيَرُدُّهُ لَهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَ) إنْ وَهَبَتْهُ لَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ (أَوْ) وَهَبَتْ لَهُ (بَعْضَهُ) ، وَلَوْ قَبْلَ الْبِنَاءِ (فَالْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ) وَمَعْنَاهُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ خَلَلًا وَفِي الثَّانِي أَنَّ الْبَاقِيَ هُوَ الصَّدَاقُ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَكَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ جُبِرَ عَلَى تَكْمِيلِهِ وَإِلَّا فَلَا وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ قَوْلَهُ (إلَّا أَنْ تَهَبَهُ) شَيْئًا مِنْ صَدَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (عَلَى) قَصْدِ (دَوَامِ الْعِشْرَةِ) مَعَهَا فَطَلَّقَهَا أَوْ فَسَخَ النِّكَاحَ لِفَسَادِهِ قَبْلَ حُصُولِ مَقْصُودِهَا فَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ بَلْ يَرُدُّهُ لَهَا (كَعَطِيَّتِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا أَعْطَتْ زَوْجَهَا مَالًا غَيْرَ الصَّدَاقِ (لِذَلِكَ) أَيْ لِدَوَامِ الْعِشْرَةِ (فَفُسِخَ) النِّكَاحُ لِفَسَادِهِ جَبْرًا عَلَيْهِ فَتَرْجِعُ بِمَا أَعْطَتْهُ لَهُ وَأَحْرَى لَوْ طَلَّقَ اخْتِيَارًا هَذَا إذَا فَارَقَ بِالْقُرْبِ، وَأَمَّا بِالْبُعْدِ بِحَيْثُ يَرَى أَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهَا فَلَا تَرْجِعُ وَفِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ تَرْجِعُ بِقَدْرِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عِنْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَبِيَمِينٍ.
(قَوْلُهُ: فَفِي ثُلُثِهَا) أَيْ فَهُوَ نَافِذٌ فِي ثُلُثِهَا.
(قَوْلُهُ: رَدَّ مَا زَادَ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إجَازَةٌ لَهُ.
(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ وَأَمَّا فِي غَيْرِ مَا هُنَا لِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ.
(قَوْلُهُ: عَنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ أَبِيهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَشْهَدَ الْأَبُ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّ ذَلِكَ الْجَهَازَ الزَّائِدَ عَلَى مَهْرِهَا مِلْكٌ لَهَا.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ الْإِشْهَادِ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِشْهَادِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِإِغْنَاءِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَوَضَعَهُ عِنْدَ كَأُمِّهَا وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْبِنْتِ وَذِكْرُهُ الْإِشْهَادَ فِي هَذِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ إذَا وَقَعَ لَا يُشْتَرَطُ مَعَهُ الْحَوْزُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: قَبْلَ هَذَا أَوْ أَشْهَدَ لَهَا وَهَذَا قَسِيمُهُ فَلَا إشْهَادَ فِيهِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ الْأَبُ وَسَمَّاهُ لَهَا وَنَسَبَهُ إلَيْهَا وَوَضَعَهُ عِنْدَهَا أَوْ عِنْدَ كَأُمِّهَا فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِهِ إذَا أَقَرَّ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ سَمَّاهُ لَهَا أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَهَذَا غَيْرُ الْإِشْهَادِ قَبْلَهُ، قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ: وَلَعَلَّ مَا هُنَا مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّسْمِيَةِ مَخْصُوصٌ بِالشُّورَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الشُّورَةَ إنَّمَا تُشْتَرَى وَتُسَمَّى لِلْبِنْتِ بِقَصْدِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ، وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ فِي الْهِبَةِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِوَلَدِهِ: اجْعَلْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَرْمًا أَوْ جِنَانًا أَوْ ابْنِ فِيهِ دَارًا، فَفَعَلَ الِابْنُ فِيهِ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَالْأَبُ يَقُولُ: كَرْمُ ابْنِي أَوْ جِنَانُ ابْنِي أَنَّ الْبُقْعَةَ لَا تُسْتَحَقُّ بِذَلِكَ وَهِيَ مَوْرُوثَةٌ وَلَيْسَ لِلِابْنِ إلَّا قِيمَةُ عَمَلِهِ مَنْقُوضًا قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ وَقَوْلُ الرَّجُلِ فِي شَيْءٍ يُعْرَفُ لَهُ هَذَا كَرْمُ وَلَدِي أَوْ دَابَّةُ وَلَدِي لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ الِابْنُ فِيهِ شَيْئًا إلَّا بِإِشْهَادٍ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ صَغِيرًا كَانَ الِابْنُ أَوْ كَبِيرًا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْهُ إلَخْ) فَإِنْ قَبَضَتْهُ مِنْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، ثُمَّ وَهَبَتْهُ لَهُ فَقَبِلَهُ أَيْضًا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ كَالْمَوْهُوبِ بَعْدَ الْبِنَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرُّ الصَّدَاقُ مِلْكًا لَهُ فِي الْأَوْلَى) أَيْ لِصِحَّةِ الْهِبَةِ، قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَلَا بُدَّ مِنْ إشْهَادِ الزَّوْجِ بِالْقَبُولِ. قَالَ: وَهُوَ فِي مَعْنَى الْحِيَازَةِ لَهُ فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ بَطَلَتْ الْهِبَةُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ الْعَمَلُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: جُبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤ عَلَى تَرْكِ الصَّدَاقِ فَيَعْرَى الْبُضْعُ عَنْ الصَّدَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَهَبَتْهُ لَهُ بَعْدَهُ) أَيْ وَإِنْ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ بَعْدَ الْبِنَاءِ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَتْهُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ خَلَلًا) أَيْ فِي الصَّدَاقِ فَإِذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ الْهِبَةِ أَقَلُّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَقَوْلُهُ: وَكَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَيْ وَكَانَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْهِبَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَوْلُهُ: جُبِرَ عَلَى تَكْمِيلِهِ أَيْ إنْ أَرَادَ الدُّخُولَ وَإِلَّا طَلَّقَ وَأَعْطَاهَا نِصْفَ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْهِبَةِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا ابْتِدَاءً بِأَقَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ الشَّرْعِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ إلَخْ) الصَّوَابُ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ جَمِيعِ مَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ فَقَطْ اهـ بْن.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَلَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَ مَا قَبَضَتْهُ أَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ أَوْ عَلَى حُسْنِهَا وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ قَبْلَ حُصُولِ مَقْصُودِهَا أَوْ ظَهَرَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَسَادُ النِّكَاحِ فَفُسِخَ لِذَلِكَ فَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ بَلْ يَرُدُّهُ إلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ رُجُوعُهَا عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ إذَا فَارَقَ بِالْقُرْبِ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ تَمَامِ سَنَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا بِالْبُعْدِ أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُفَارَقَةُ مُلْتَبِسَةً بِالْبُعْدِ بِأَنْ كَانَتْ بَعْدَ سَنَتَيْنِ فَلَا تَرْجِعُ إلَخْ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ سَمَاعُ أَشْهَبَ فِيمَا إذَا أَعْطَتْهُ مَالًا أَوْ أَسْقَطَتْ
وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ.
وَلَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ هِبَةِ الرَّشِيدَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ هِبَةِ السَّفِيهَةِ فَقَالَ (وَإِنْ)(أَعْطَتْهُ سَفِيهَةٌ مَا يَنْكِحُهَا بِهِ) قَدْرَ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ (ثَبَتَ النِّكَاحُ وَ) لَكِنْ (يُعْطِيهَا مِنْ مَالِهِ) وُجُوبًا (مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ مَا أَعْطَتْهُ وَيُجْبَرُ إنْ امْتَنَعَ فَإِنْ أَعْطَتْهُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا رَدَّهُ لَهَا وَأَعْطَاهَا مِنْ مَالِهِ صَدَاقَ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ الْمُجْبَرِ لَيْسَ لَهُ عَقْدٌ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ.
(وَإِنْ وَهَبَتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ سِيَاقِهِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تُعْتَبَرُ هِبَتُهَا فَاتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى أَيْ وَهَبَتْ الرَّشِيدَةُ صَدَاقَهَا الَّذِي أَعْطَاهُ الزَّوْجُ لَهَا (الْأَجْنَبِيُّ) أَيْ غَيْرُ الزَّوْجِ (وَقَبَضَهُ) مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ (ثُمَّ طَلَّقَ) الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ (اتَّبَعَهَا) بِنِصْفِهِ (وَلَمْ تَرْجِعْ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِمَا غَرِمَتْهُ لِلزَّوْجِ (إلَّا إنْ تَبَيَّنَ) لَهُ (أَنَّ الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ) وَيَنْبَغِي إنْ عَلِمَهُ كَبَيَانِهَا فَإِنْ بَيَّنَتْ أَوْ عَلِمَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا النِّصْفُ الَّذِي مَلَكَتْهُ بِالطَّلَاقِ فَلَا تَرْجِعُ بِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ جَمِيعَ مَا وَهَبَتْهُ وَإِلَّا بَطَلَ جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي الْحَجْرِ وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ الْمُقْتَضِي لِلصِّحَّةِ حَتَّى يَرُدَّهُ الزَّوْجُ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي تَبَرُّعِهَا فِي خَالِصِ مَالِهَا وَهُنَا الزَّوْجُ قَدْ طَلَّقَ فَقَدْ تَبَرَّعَتْ بِمَا نِصْفُهُ لِلزَّوْجِ (وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ) الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَجْنَبِيُّ وَطَلَّقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ (أُجْبِرَتْ هِيَ) عَلَى إمْضَاءِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مُعْسِرَةً كَانَتْ يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ مُوسِرَةً وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فِي مَالِهَا (وَ) يُجْبَرُ (الْمُطَلِّقُ) أَيْضًا عَلَى إنْفَاذِ هِبَتِهَا (إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ) فَإِنْ أَعْسَرَتْ يَوْمَهُ لَمْ يُجْبَرْ هُوَ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِنِصْفِهِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي جَبْرِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا هِيَ فَتُجْبَرُ مُطْلَقًا.
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ صَدَاقِهَا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا فَفَارَقَهَا أَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَطَلَّقَهَا أَمَّا إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يَتَسَرَّى فَتَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى فَقَالَ ح فِي الِالْتِزَامَاتِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ تَسَرَّى فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ أَوْ بِالْبُعْدِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ إلَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ فِي الشُّرُوطِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ كَمَا فَرَّقُوا فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُمَا مَا لَمْ يَقِفَا عَلَى نِصْفِ فِي ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ) أَيْ إنَّ مَحَلَّ رُجُوعِهَا عَلَيْهِ بِالْعَطِيَّةِ إذَا فَارَقَهَا عَنْ قُرْبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْحِنْثَ فِيهَا وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ طَلَاقُهَا لَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ أَوْ لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ وَتَعَمَّدَ الْحِنْثَ فِيهَا فَالْأُولَى كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا ابْتِدَاءً لِتَشَاجُرٍ وَالثَّانِيَةُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى دُخُولِهِ الدَّارَ، ثُمَّ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ فَدَخَلَ الدَّارَ عَمْدًا فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ فِيهِمَا، وَأَمَّا إنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ بِضَمِّ التَّاءِ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ نَاسِيًا أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى دُخُولِهَا فَدَخَلَتْ لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ: خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ أَيْ الْقَائِلِ أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا فَارَقَهَا عَنْ قُرْبٍ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُفَارَقَةُ لِأَجْلِ يَمِينٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْحِنْثَ فِيهَا قَالَ بْن وَهَذَا الْقَيْدُ لِأَصْبَغَ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَإِنَّ قُصَارَى الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ الْفِرَاقُ هُنَا كَالْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ جَبْرِيٌّ فِيهِمَا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْفَسْخِ الرُّجُوعُ فَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَا قَوْلُ أَصْبَغَ اهـ كَلَامُهُ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ إلَخْ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَلَا تَرْجِعُ الزَّوْجَةُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَرْجِعُ عِيَاضٌ قِيلَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا وَهَبَتْهُ هِبَةً مُطْلَقَةً وَقَالَتْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: أَقْبِضُهَا مِنْ زَوْجِي، وَلَوْ صَرَّحَتْ لَهُ أَنَّ الْهِبَةَ مِنْ الصَّدَاقِ كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَحَمَلَ ابْنُ يُونُسَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ اهـ وَنَحْوُهُ مَا لِابْنِ يُونُسَ لِلَّخْمِيِّ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ بِالْوِفَاقِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ جَمِيعَ مَا وَهَبَتْهُ) أَيْ ثُلُثَ مَالِهَا.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَ جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الثُّلُثَ إذَا لَمْ يَحْمِلْ جَمِيعَهُ بَطَلَ الْجَمِيعُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ مِثْلُهُ فِي خش وعبق، وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ هِبَتَهَا مَاضِيَةٌ مُطْلَقًا وَلَا كَلَامَ لِلزَّوْجِ فِيهَا لِخُرُوجِ الزَّوْجَةِ مِنْ عِصْمَتِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَجْنَبِيُّ) أَيْ لَا مِنْهَا وَلَا مِنْ الزَّوْجِ.
(قَوْلُهُ: إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ) أَيْ إنْ أَيْسَرَتْ بِالنِّصْفِ الَّذِي وَجَبَ لِلزَّوْجِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَلَا يُشْتَرَطُ يُسْرُهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ بِالْجَمِيعِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: إنْ أَيْسَرَتْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُطَلِّقِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِحَقِّهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ التَّمَسُّكُ) أَيْ وَلَهُ حَبْسُ نِصْفِهِ لِحَقِّهِ فِيهِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ فِي إنْفَاذِهَا حِينَئِذٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهَا مَالٌ غَيْرُ الصَّدَاقِ الْمَوْهُوبِ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الْهِبَةِ أَيْضًا أَمْ لَا فَإِنَّهَا تُجْبَرُ هِيَ وَزَوْجُهَا الْمُطَلِّقُ عَلَى إنْفَاذِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فِي مَالِهَا فَهَاتَانِ صُورَتَانِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ أَيْسَرَتْ يَوْمَ
(وَإِنْ خَالَعَتْهُ) الرَّشِيدَةُ قَبْلَ الْبِنَاءِ (عَلَى كَعَبْدٍ) وَفَرَسٍ وَثَوْبٍ (أَوْ) عَلَى (عَشَرَةٍ) مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا (وَلَمْ تَقُلْ) هُوَ (مِنْ صَدَاقِي فَلَا نِصْفَ لَهَا) مِنْ الصَّدَاقِ وَتَدْفَعُ مَا خَالَعَتْهُ بِهِ مِنْ مَالِهَا زِيَادَةً عَلَى الصَّدَاقِ (وَلَوْ) كَانَتْ.
(قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ) وَدَفَعَتْ مَا ذُكِرَ مِنْ مَالِهَا زِيَادَةً عَلَيْهِ (لَا إنْ)(قَالَتْ: طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ) وَلَمْ تَقُلْ: مِنْ صَدَاقِي أَيْضًا فَطَلَّقَهَا فَلَهَا جَمِيعُ النِّصْفِ وَتَدْفَعُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَقَطْ (أَوْ لَمْ تَقُلْ) صَوَابُهُ أَوْ قَالَتْ خَالِعْنِي أَوْ طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ (مِنْ صَدَاقِي فَنِصْفُ مَا بَقِيَ) يَكُونُ لَهَا بَعْدَ أَخْذِهِ الْعَشَرَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَهُمَا مَفْهُومَا اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا (وَتَقَرَّرَ) الصَّدَاقُ (بِالْوَطْءِ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ: وَإِنْ خَالَعَتْهُ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ خَالَعَتْهُ بَعْدَهُ عَلَى عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَتَدْفَعُ مَا سَمَّتْ لَهُ فَقَطْ وَالصَّدَاقُ كُلُّهُ لَهَا لِتَقَرُّرِهِ بِالْوَطْءِ.
(وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ (إنْ)(أَصْدَقَهَا) مِنْ قَرَابَتِهَا (مَنْ يَعْلَمُ) هُوَ (بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا) فَعَتَقَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَسَوَاءٌ فِيهِمَا عَلِمَتْ أَمْ لَا وَيَعْتِقُ الرَّقِيقُ عَلَيْهَا فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَالْوَلَاءُ لَهَا (وَهَلْ) الْعِتْقُ عَلَيْهَا فِي الْأَرْبَعِ (إنْ رَشَدَتْ) لَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ مُجْبَرَةً (وَصُوِّبَ أَوْ مُطْلَقًا) ، وَلَوْ سَفِيهَةً بِشَرْطٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ) لِلسَّفِيهَةِ بِالْعِتْقِ عَلَيْهَا تَأْوِيلَانِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْهِبَةِ أَمْ لَا فَتُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ نِصْفِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَأَمَّا الْمُطَلِّقُ فَلَا يُجْبَرُ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِنِصْفِهِ وَلَا يَتْبَعُهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِنِصْفِ الزَّوْجِ وَلَهُ إمْضَاءُ الْهِبَةِ وَيَتْبَعُهَا بِنِصْفِهِ فِي ذِمَّتِهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ نِصْفِهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا مَالِكَةٌ يَتَصَرَّفُ فِي الصَّدَاقِ يَوْمَ الْهِبَةِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ فَلَا يُجْبَرُ إلَّا إذَا كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَعَتْهُ) أَيْ قَالَتْ لَهُ خَالِعْنِي عَلَى كَذَا.
(قَوْلُهُ: فَلَا نِصْفَ لَهَا) أَيْ لِأَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ يَقْتَضِي تَرْكَ كُلِّ مَالَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَزَادَتْهُ مَا الْتَزَمَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَصَرَهُ أَشْهَبُ عَلَى الْعِصْمَةِ وَالْمَهْرِ كَدَيْنٍ فَيَكُونُ لَهَا نِصْفُ الْبَاقِي.
قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَهُوَ أَحْسَنُ لِكُلِّ الَّذِي شَهَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ وَالْخِلَافُ إذَا خَالَعَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَدْ رَسَخَ الْمَهْرُ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ مِنْ صَدَاقِي لَكَانَ لَهَا نِصْفُ مَا بَقِيَ كَمَا لَوْ كَانَ صَدَاقُهَا ثَلَاثِينَ وَقَالَتْ: خَالِعْنِي عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ صَدَاقِي لَكَانَ لَهَا نِصْفُ مَا بَقِيَ بَعْدَهَا وَهُوَ عَشَرَةٌ مِنْ عِشْرِينَ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ مِنْ أَنَّهَا تَفُوزُ بِمَا قَبَضَتْهُ.
(قَوْلُهُ: فَهُمَا) أَيْ قَوْلُهُ: لَا إنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ أَوْ قَالَتْ: مِنْ صَدَاقِي، وَقَوْلُهُ: اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا أَيْ وَهُمَا قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى كَعَبْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ: مِنْ صَدَاقِي.
(قَوْلُهُ: وَالصَّدَاقُ كُلُّهُ لَهَا) أَيْ سَوَاءٌ قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ لَا
(قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ إنْ أَصْدَقَهَا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ لِأَجْلِ الْبُضْعِ وَاسْتَقَرَّ مِلْكُهَا عَلَيْهِ وَانْتَفَعَتْ بِعِتْقِ قَرِيبِهَا كَانَ كَاشْتِرَائِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: مَنْ يَعْلَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا) أَيْ كَمَا إذَا أَصْدَقَهَا أَحَدًا مِنْ أُصُولِهَا أَوْ مِنْ فُصُولِهَا أَوْ مِنْ حَاشِيَتِهَا الْقَرِيبَةِ كَأَخِيهَا أَوْ أُخْتِهَا.
(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِيهِمَا عَلِمَتْ) أَيْ وَقْتَ الْعَقْدِ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ تَعْلَمْ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَهِيَ عِلْمُهُمَا وَجَهْلُهُمَا وَعِلْمُهَا دُونَهُ وَعَكْسُهُ إلَّا أَنَّهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ اتِّفَاقًا وَفِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ وَهِيَ عِلْمُهُ دُونَهَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالْقَوْلُ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُ إذَا أَصْدَقَهَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَالِمٌ دُونَهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ بَلْ يَعْتِقُ الْعَبْدُ عَلَيْهِ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَوَجَّهَ ذَلِكَ الْقَوْلَ أَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ عَدَمَ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهَا عَلَيْهِ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى الْإِعَانَةِ عَلَى الْعِتْقِ فَلَوْ رَجَعَ كَانَ رُجُوعًا عَمَّا أَرَادَ.
(قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ رَشَدَتْ إلَخْ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ تَزَوَّجَهَا بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهَا عَتَقَ عَلَيْهَا بِالْعَقْدِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَظَاهِرُهَا سَوَاءٌ كَانَا عَالِمَيْنِ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا أَوْ جَاهِلَيْنِ لِذَلِكَ أَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ دُونَ الْآخَرِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهَا: عَتَقَ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، ظَاهِرُهُ كَانَتْ رَشِيدَةً أَوْ سَفِيهَةً أَوْ مُجْبَرَةً وَبِهِ قِيلَ. وَقِيلَ: إنَّ كَلَامَهَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً لَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ مُجْبَرَةً فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَخْ أَيْ وَهَلْ عِتْقُهُ عَلَيْهَا فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ عَلَى الْمَرْجُوعِ عَنْهُ أَوْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ عَلَى الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ إنْ رَشَدَتْ سَوَاءٌ عَلِمَ الْوَلِيُّ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، إذْنُهَا وَلَمَّا أَذِنَتْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِعَبْدٍ كَانَتْ مُجَوِّزَةً لِكَوْنِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ مُجْبَرَةً) أَيْ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهَا عَلِمَ الْوَلِيُّ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهَا أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَصُوِّبَ) الْمُصَوِّبُ لِاخْتِصَاصِ الْعِتْقِ بِالرَّشِيدَةِ ابْنُ يُونُسَ وَعِيَاضٌ وَأَبُو الْحَسَنِ وَالْمُقَيِّدُ لِلْقَوْلِ بِالْإِطْلَاقِ بِعَدَمِ عِلْمِ الْوَلِيِّ هُوَ ابْنُ رُشْدٍ وَنَصُّهُ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهَا عَتَقَ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عِلْمًا أَوْ جَهْلًا أَوْ أَحَدُهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَهَذَا فِي الْبِكْرِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهَا وَفِي عِتْقِهِ
وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذِهِ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذِهِ عَلَيْهَا وَذِكْرُ مَفْهُومٍ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ عَلِمَ) الْوَلِيُّ (دُونَهَا) الْوَجْهُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عِلْمِهِ عَلِمَتْ أَمْ لَا (لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهَا) جَزْمًا (وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ وَعَدَمِ الْعِتْقِ.
(قَوْلَانِ) وَعَلَى الْعِتْقِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَلَى عَدَمِ الْعِتْقِ يَكُونُ رَقِيقًا لِلزَّوْجِ وَيَغْرَمُ لَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَلَا يَكُونُ رَقِيقًا لَهُمَا، إذْ لَا يَبْقَى فِي مِلْكِهَا مَنْ يَعْتِقُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ عَلَيْهَا.
(وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ) الصَّدَاقَ حَالَ كَوْنِهِ (فِي يَدِهِ) أَيْ الزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لَهَا وَأَوْلَى فِي يَدِهَا (فَلَا كَلَامَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ لَهَا (، وَإِنْ أَسْلَمَتْهُ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ مِنْ الْعَبْدِ وَلَا نِصْفَ قِيمَتِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ (إلَّا أَنْ تُحَابِيَ) فِي إسْلَامِهِ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (فَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَالشَّرِكَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَبْدِ بِالنِّصْفِ وَلَهُ إجَازَةُ فِعْلِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ (وَإِنْ فَدَتْهُ بِأَرْشِهَا) أَيْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (فَأَقَلَّ لَمْ يَأْخُذْهُ) الزَّوْجُ أَيْ لَمْ يَأْخُذْ نِصْفَهُ مِنْهَا (إلَّا بِذَلِكَ) أَيْ بِدَفْعِ نِصْفِ الْفِدَاءِ (وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ وَ) إنْ فَدَتْهُ (بِأَكْثَرَ) مِنْ أَرْشِهَا (فَكَالْمُحَابَاةِ) فَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ فِعْلَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا نِصْفَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَقَطْ دُونَ الزَّائِدِ وَيَأْخُذَ نِصْفَ الْعَبْدِ فَيَكُونُ شَرِيكًا لَهَا فِيهِ (وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ) عَلَى الزَّوْجِ (بِمَا) أَيْ بِجَمِيعِ الَّذِي (أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ) صَدَاقٍ (أَوْ ثَمَرَةٍ) ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُ النِّكَاحِ فَفَسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا تَرْجِعُ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ وَالْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ حَيْثُ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ.
(وَجَازَ)(عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ الْمُجْبَرَةَ) كَالثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ دُونَ غَيْرِهِ (عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] لَا قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ (ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَبْلَهُ لِمَصْلَحَةٍ وَهَلْ) وَهُوَ (وِفَاقٌ) لِقَوْلِ الْإِمَامِ بِحَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ الْمَصْلَحَةِ أَوْ خِلَافٌ بِحَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ (تَأْوِيلَانِ) لَا بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ رَشَدَتْ (وَقَبَضَهُ) أَيْ الصَّدَاقَ (مُجْبَرٌ وَصِيٌّ) ، وَكَذَا وَلِيُّ سَفِيهَةٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْوَصِيِّ وَصِيَّ الْمَالِ وَهُوَ غَيْرُ مُجْبَرٍ بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى الْمُجْبَرِ فَيَشْمَلُ وَلِيَّ السَّفِيهَةِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَلَيْهِ قَوْلَانِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ رُجُوعِهِ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ: مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذِهِ أَيْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ عِتْقِهِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذِهِ عَلَيْهَا أَيْ كَمَا فَعَلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ عَلِمْت نَصَّهَا
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْكَلَامُ لَهَا) أَيْ فَإِنْ شَاءَتْ دَفَعَتْ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَأَبْقَتْهُ، وَإِنْ شَاءَتْ أَسْلَمَتْهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْجِنَايَةِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عِشْرِينَ وَقَوْلُهُ: فَلَهُ دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ أَيْ وَهُوَ عَشَرَةٌ فِي الْمِثَالِ.
(قَوْلُهُ: وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) ذَكَرَ ابْنُ غَازِيٍّ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْفَسْخِ قَبْلَهُ بِمَا أَنْفَقَتْ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَجَازَ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ) الْأَوْلَى عَفْوُ أَبِي الْمُجْبَرَةِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا صَغُرَتْ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ كَلَامُ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ أَيْ دُونَ غَيْرِ الْأَبِ، وَلَوْ كَانَ وَصِيًّا مُجْبَرًا وَخَصَّ الْأَبَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ شَفَقَتِهِ دُونَ الْوَصِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ.
(قَوْلُهُ: عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ) أَيْ وَأَوْلَى عَنْ أَقَلَّ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) حَمَلَهُ أَصْحَابُنَا عَلَى الْأَبِ وَحَمَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى الزَّوْجِ عَنْ التَّشْطِيرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي بِيَدِهِ حَلُّ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ طَلَّقَ.
(قَوْلُهُ: وَقَبْلَهُ) أَيْ وَجَازَ الْعَفْوُ قَبْلَ الطَّلَاقِ لِمَصْلَحَةٍ كَعُسْرِ الزَّوْجِ فَيُخَفَّفُ عَنْهُ بِطَرْحِ الْبَعْضِ.
(قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ الدُّخُولِ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ بَعْضِ الصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ رَشَدَتْ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ ثَيِّبًا صَارَ الْكَلَامُ لَهَا فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ صَغِيرَةً فَالْكَلَامُ لِلْأَبِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ بَعْضِ الصَّدَاقِ لِمَصْلَحَةٍ، كَذَا فِي خش وعبق وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ، إذْ الْحَقُّ أَنَّهُ لَا عَفْوَ لَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ سَوَاءٌ كَانَتْ رَشِيدَةً أَوْ لَا فَفِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَافْتَضَّهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ لَا مِنْ الْأَبِ وَلَا مِنْهَا. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَافْتَضَّهَا فَقَدْ وَجَبَ لَهَا جَمِيعُ صَدَاقِهَا بِالْمَسِيسِ وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَضَعَ حَقًّا قَدْ وَجَبَ لَهَا إلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَهُوَ قَبْلَ الْمَسِيسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] الْآيَةَ وَإِذَا مُنِعَ الْعَفْوُ فِي الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَفِي السَّفِيهَةِ أَحْرَى اهـ بْن، وَكَذَا لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَقَبَضَهُ مُجْبَرٌ) أَيْ وَهُوَ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ، وَلَوْ عَانِسًا وَالثَّيِّبُ إنْ صَغُرَتْ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ بَالِغَةً أَمْ لَا ثَيِّبًا أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَوَصِيٌّ) أَيْ أَوْصَاهُ الْأَبُ بِإِنْكَاحِهَا وَأَمَرَهُ بِجَبْرِهَا أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا وَلِيُّ سَفِيهَةٍ) أَيْ الْمُوَلَّى عَلَى النَّظَرِ فِي مَالِهَا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ تَوْلِيَةُ الْعَقْدِ كَالْأَبِ أَوْ لَا كَالْأَجْنَبِيِّ، فَوَلِيُّ الْعَقْدِ فَقَطْ لَا يَقْبِضُ صَدَاقَهَا، وَلَوْ كَانَ أَخًا أَوْ أَبًا فَإِنْ كَانَتْ السَّفِيهَةُ مُهْمِلَةً فَلَا تَقْبِضُ صَدَاقَهَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَلْ يُرْفَعُ أَمْرُهَا لِلْحَاكِمِ فَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ وَاشْتَرَى لَهَا بِهِ جَهَازًا، وَإِنْ شَاءَ عَيَّنَ لَهَا مَنْ يَقْبِضُهُ وَيَصْرِفُهُ فِيمَا يَأْمُرُهُ بِهِ مِمَّا يَجِبُ لَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ الرَّفْعُ إلَيْهِ أَوْ خِيفَ عَلَى الصَّدَاقِ مِنْهُ حَضَرَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ فَيَشْتَرُونَ لَهَا بِصَدَاقِهَا جَهَازًا وَيُدْخِلُونَهُ بَيْتَ الْبِنَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ عَازِيًا ذَلِكَ لِمَالِكٍ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَصِيُّ الْمَالِ) أَيْ الْوَصِيُّ الَّذِي أَوْصَاهُ الْأَبُ أَوْ أَقَامَهُ الْقَاضِي عَلَى النَّظَرِ فِي مَالِهَا
وَيَكُونُ الْوَصِيُّ الْمُجْبَرُ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْ (وَصُدِّقَا) أَيْ الْمُجْبَرُ وَالْوَصِيُّ فِي دَعْوَى تَلَفِهِ أَوْ ضَيَاعِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ (وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمُصِيبَتُهُ مِنْ الزَّوْجَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَى زَوْجٍ وَلَا غَيْرِهِ (وَحَلَفَا) ، وَلَوْ عُرِفَا بِالصَّلَاحِ (وَرَجَعَ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ (إنْ طَلَّقَهَا) قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ (فِي مَالِهَا إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ) أَيْ دَفْعِ الزَّوْجِ الصَّدَاقَ لِمَنْ لَهُ قَبْضُهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ، وَلَوْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ الْقِيَامِ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا فَإِنْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ لَمْ يَرْجِعْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ، وَلَوْ أَيْسَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ (وَإِنَّمَا يُبَرِّئُهُ) أَيْ الْمُجْبَرُ وَالْوَصِيُّ مِنْ الصَّدَاقِ أَحَدُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (شِرَاءُ جِهَازٍ) بِهِ يَصْلُحُ لِحَالِهَا وَ (تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ لَهَا) وَمُعَايَنَةُ قَبْضِهَا لَهُ (أَوْ إحْضَارِهِ بَيْتَ الْبِنَاءِ) وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِوُصُولِهِ لَهُ (أَوْ تَوْجِيهِهِ) بِأَنْ عَايَنَتْ الْجَهَازَ مُوَجَّهًا (إلَيْهِ) أَيْ إلَى بَيْتِ الْبِنَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَصْحَبُوهُ إلَى الْبَيْتِ وَلَا تُسْمَعُ حِينَئِذٍ دَعْوَى الزَّوْجِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ وَأَتَى بِالْحَصْرِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ مَنْ لَهُ قَبْضُهُ لَوْ دَفَعَهُ لِلزَّوْجَةِ عَيْنًا لَمْ يَبْرَأْ وَيَضْمَنُهُ لِلزَّوْجِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهَا مُجْبِرٌ وَلَا وَصِيٌّ وَلَا مُقَدَّمُ قَاضٍ (فَالْمَرْأَةُ) الرَّشِيدَةُ هِيَ الَّتِي تَقْبِضُهُ فَإِنْ ادَّعَتْ تَلَفَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ وَلَا يَلْزَمُهَا تَجْهِيزُهَا بِغَيْرِهِ (وَإِنْ قَبَضَ) أَيْ قَبَضَهُ مَنْ لَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلِهَا لَهُ فِي الْقَبْضِ فَتَلَفَ فَهُوَ مُتَعَدٍّ فِي قَبْضِهِ وَالزَّوْجُ مُتَعَدٍّ فِي دَفْعِهِ لَهُ فَإِنْ شَاءَتْ (اتَّبَعَتْهُ) الْمَرْأَةُ لِضَمَانِهِ بِتَعَدِّيهِ (أَوْ) اتَّبَعَتْ (الزَّوْجَ) فَإِنْ أَخَذَتْهُ مِنْهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْوَلِيِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَقَرَارُ الْغُرْمِ عَلَى الْوَلِيِّ.
(وَلَوْ قَالَ الْأَبُ) وَمَنْ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِهِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ زَوْجَةٍ (بَعْدَ الْإِشْهَادِ) عَلَيْهِ (بِالْقَبْضِ) لِلصَّدَاقِ مِنْ الزَّوْجِ أَيْ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ (لَمْ أَقْبِضْهُ) مِنْهُ وَإِنَّمَا اعْتَرَفْت بِذَلِكَ تَوْثِقَةً مِنِّي بِالزَّوْجِ وَظَنِّي فِيهِ الْخَيْرَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ بِعَدَمِ الْقَبْضِ وَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَ (حَلَفَ الزَّوْجُ) لَقَدْ أَقَبَضْته لَهُ أَوْ لَقَدْ قَبَضَهُ إنْ كَانَ الْأَمْرُ قَرِيبًا مِنْ يَوْمِ الْإِشْهَادِ بِأَنْ كَانَ (فِي كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ) فَمَا دُونَهَا مِنْ يَوْمِ الِاعْتِرَافِ بِالْقَبْضِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْخَمْسَةَ زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ فَمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ صُدِّقَ الزَّوْجُ فِي دَفْعِهِ لَهُ بِلَا يَمِينٍ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ وَأَمَّا الْوَصِيُّ الَّذِي أَمَرَهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي الْمُجْبَرِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) ظَاهِرَةٌ عَلَى التَّلَفِ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَحَلَفَ مُشْكِلٌ مَعَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّلَفِ صُدِّقَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَى تَصْدِيقِهِمَا عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لَا يَحْتَاجُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِلْحَالِ وَقَرَّرَ الْمَتْنَ بِتَقْرِيرٍ آخَرَ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا ادَّعَيَا قَبْضَهُ مِنْ الزَّوْجِ وَأَنَّهُ تَلِفَ فَإِنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ فِي الْقَبْضِ فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ هَذَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْقَبْضِ بَلْ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ عَدَمُهَا وَيَغْرَمُ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقَهَا فَالْمُبَالَغَةُ مِنْ حَيْثُ بَرَاءَةُ الزَّوْجِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَتَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ هُوَ الْقَبْضُ لَا التَّلَفُ وَقَوْلُهُ: وَحَلَفَ أَيْ عَلَى التَّلَفِ لَا عَلَى الْقَبْضِ كَذَا حَلَّ الْمَوَّاقُ وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فَالْمُبَالَغَةُ صَحِيحَةٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إذَا ادَّعَيَا التَّلَفَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا خِلَافَ فِي بَرَاءَةِ الزَّوْجَ بِإِقْرَارِهِمَا بِقَبْضِهِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَحَلَفَا) أَيْ لَقَدْ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَا يُقَالُ فِيهِ تَحْلِيفُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلزَّوْجِ وَهُوَ الْجَهَازُ بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً مُهْمِلَةً وَعَقَدَ لَهَا الْحَاكِمُ وَقَبَضَ صَدَاقَهَا وَادَّعَى تَلَفَهُ فَهَلْ يَحْلِفُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَلِيٌّ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ خش.
(قَوْلُهُ: بِنِصْفِهِ) أَيْ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ الَّذِي دَفَعَهُ لِمَنْ لَهُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ لَهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ) وَأَمَّا إنْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ مُطْلَقًا أَوْ لَمْ تَقُمْ وَكَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الدَّفْعِ أَوْ مُعْسِرَةً؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُبَرِّئُهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِدَفْعِ الصَّدَاقِ لَهَا فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ حَبِيبٍ: لِلزَّوْجِ سُؤَالُ الْوَلِيِّ فِيمَا صَرَفَ نَقْدَهُ فِيهِ مِنْ الْجَهَازِ، وَعَلَى الْوَلِيِّ تَفْسِيرُ ذَلِكَ وَيُحَلِّفُهُ إنْ اتَّهَمَهُ.
(قَوْلُهُ: تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ لَهَا) أَيْ فِي بَيْتِ الْبِنَاءِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ بِقَبْضِهِ.
(قَوْلُهُ: وَمُعَايَنَةٌ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ.
(قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ مَنْ لَهُ قَبْضُهُ) أَيْ مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَوَلِيِّ السَّفِيهَةِ وَقَوْلُهُ: إذَا دَفَعَهُ لِلزَّوْجَةِ أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الرَّشِيدَةُ فَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَقْبِضُهُ بِنَفْسِهَا أَوْ تُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُهُ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ أَيْ وَلَوْ اعْتَرَفَتْ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ بِأَخْذِهِ مِنْ الْوَلِيِّ الْمَذْكُورِ وَصَرَفَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ تَلِفَ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهُ لِلزَّوْجِ) أَيْ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ جَهَازًا.
(قَوْلُهُ: فَالْمَرْأَةُ الرَّشِيدَةُ هِيَ الَّتِي تَقْبِضُهُ) أَيْ وَلَا يَقْبِضُهُ وَلِيُّهَا إلَّا بِتَوْكِيلِهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهَا تَجْهِيزُهَا بِغَيْرِهِ) أَيْ فَتَصْدِيقُهَا بِالنَّظَرِ لِعَدَمِ لُزُومِ التَّجْهِيزِ بِهِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِرُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا تُصَدَّقُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُمَا
(قَوْلُهُ: حَلَفَ الزَّوْجُ فِي كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ) فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْوَلِيِّ إنْ كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ فَإِنْ نَكَلَ الْوَلِيُّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ حَلَفَ أَخَذَهُ مِنْ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ غَرِمَ الزَّوْجُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْوَلِيِّ