الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَرْسٌ] (فَصْلٌ يَجِبُ)(الِاسْتِبْرَاءُ) لِجَارِيَةٍ (بِحُصُولِ الْمِلْكِ) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِانْتِزَاعِهَا مِنْ عَبْدِهِ لَا بِتَزَوُّجٍ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ تُوقَنُ الْبَرَاءَةُ) فَإِنْ تُيُقِّنَتْ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا أَيْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ فَلَا اسْتِبْرَاءَ كَحَيْضِ مُودَعَةٍ عِنْدَهُ أَوْ مَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ تَحْتَ يَدِهِ وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا حَتَّى اشْتَرَاهَا (وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا) قَبْلَ حُصُولِ الْمِلْكِ وَإِلَّا فَلَا اسْتِبْرَاءَ كَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ أَوْ وُهِبَتْ لَهُ (وَلَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ (فِي الْمُسْتَقْبَلِ) احْتِرَازًا مِمَّنْ اشْتَرَى مُحَرَّمَةً أَوْ مُتَزَوِّجَةً بِغَيْرِهِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لِلْوَطْءِ وَهُوَ لَا يَطَأُ (وَإِنْ صَغِيرَةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ) لَا إنْ لَمْ تُطِقْهُ كَبِنْتِ ثَمَانٍ (أَوْ كَبِيرَةً لَا يَحْمِلَانِ عَادَةً) كَبِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ وَبِنْتِ سَبْعِينَ فَيَجِبُ اسْتِبْرَاءُ كُلٍّ بِثَلَاثَةِ شُهُورٍ كَمَا يَأْتِي (أَوْ وَخْشًا أَوْ بِكْرًا أَوْ رَجَعَتْ) لِسَيِّدِهَا (مِنْ غَصْبٍ) وَقَدْ غَابَ عَلَيْهَا الْغَاصِبُ الْبَالِغُ غِيبَةً يُمْكِنُ فِيهَا إصَابَتُهَا وَلَا يُصَدَّقَانِ فِي نَفْيِهِ فَقَوْلُهُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ مُرَادُهُ بِهِ الِاسْتِقْرَارُ لِيَشْمَلَ هَذِهِ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]
فَصْلٌ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ) حَيْثُ عَلَّقَ الْوُجُوبَ بِالِاسْتِبْرَاءِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَشْفُ عَنْ حَالِ الرَّحِمِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاجِبُ لَا الْمُدَّةُ وَقَوْلُهُ: بِحُصُولِ الْمِلْكِ أَيْ بِسَبَبِ الْمِلْكِ الْحَاصِلِ أَيْ الْمُتَجَدِّدِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهَا الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضٍ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ حَتَّى يَنْظُرَهَا النِّسَاءُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: بِشِرَاءٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ وُهِبَتْ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيْهِ وَأَرَادَ وَطْأَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا، وَفِي عج يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ عِبَارَاتِ الْأَئِمَّةِ فَفِي الْجَلَّابِ وَمَنْ اشْتَرَى أَمَةً يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ اهـ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ مَا نَصُّهُ: وَاسْتِبْرَاءُ الْإِمَاءِ فِي الْبَيْعِ وَاجِبٌ لِحِفْظِ النَّسَبِ ثُمَّ قَالَ فَوَجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِلْكُ أَمَةٍ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ، أَوْ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا رَفِيعَةً كَانَتْ أَوْ وَضَيْعَةً اهـ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ مَا نَصُّهُ: الِاسْتِبْرَاءُ لِتَمْيِيزِ مَاءِ الْمُشْتَرِي مِنْ مَاءِ الْبَائِعِ ثُمَّ قَالَ فِيمَنْ لَا تَتَوَاضَعُ وَهِيَ الَّتِي لَمْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَهَذِهِ لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا وَلَا اسْتِبْرَاءَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُشْتَرِي الْوَطْءَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ لِنَفْسِهِ مِمَّا لَعَلَّهَا أَحْدَثَتْهُ اهـ وَفِي الْمَعُونَةِ مَا نَصُّهُ مَنْ وَطِئَ أَمَةً ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا اهـ فَتَحْصُلُ أَنَّهُ لَا يَسْتَبْرِئُ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا أَرَادَ الْوَطْءَ، وَالْبَائِعُ لَا يَسْتَبْرِئُ إلَّا إذَا وَطِئَ، وَكَذَلِكَ سُوءُ الظَّنِّ لَا يَسْتَبْرِئُ الْمَالِكُ لِأَجْلِهِ إلَّا إذَا أَرَادَ الْوَطْءَ أَوْ التَّزْوِيجَ كَمَا يَأْتِي اهـ بْن.
(قَوْلُهُ لَا بِتَزَوُّجٍ) أَيْ فَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا (قَوْلُهُ تَحْتَ يَدِهِ) أَيْ وَكَانَتْ تَحْتَ يَدِهِ مُدَّةَ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا) أَيْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا أَيْ لَمْ يَخْتَلِ بِهَا (قَوْلُهُ حَتَّى اشْتَرَاهَا) أَيْ كَشِرَاءِ بَائِعِهَا قَبْلَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي لَهَا عَلَيْهِ فَإِذَا بَاعَهَا سَيِّدُهَا لِإِنْسَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِالْحَضْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِيَ بِهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ كَمَنْ كَانَ يَطَأُ أَمَتَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَاشْتَرَاهَا مِنْ مُسْتَحِقِّهَا فَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا فِي الظَّاهِرِ إلَّا أَنَّهُ فَاسِدٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَغِيرَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ الَّتِي حَصَلَ مِلْكُهَا كَبِيرَةً يُمْكِنُ حَمْلُهَا بَلْ وَإِنْ صَغِيرَةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ أَوْ كَبِيرَةً لَا يَحْمِلَانِ عَادَةً فَمَصَبُّ الْمُبَالَغَةِ، قَوْلُهُ: لَا يَحْمِلَانِ عَادَةً لَا قَوْلُهُ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ هَذَا إذَا لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ بَلْ وَإِنْ أَطَاقَتْهُ وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَبِنْتِ ثَمَانٍ) هَذَا مِثَالٌ لِمَا لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَقَدْ نَصَّ الْمُتَيْطِيُّ عَلَيْهِ وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ (قَوْلُهُ: كَبِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ) مِثَالٌ لِلصَّغِيرَةِ الَّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ، وَلَا تَحْمِلُ عَادَةً.
(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ اسْتِبْرَاءُ كُلٍّ إلَخْ) لَا يُقَالُ إنَّ الَّتِي لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَادَةً قَدْ تَيَقَّنَتْ بَرَاءَتَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ أَنْ لَا تُوقِنَ الْبَرَاءَةَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّرْطُ عَدَمُ تَيَقُّنِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْوَطْءِ لَا مِنْ الْحَمْلِ فَمَتَى لَمْ تَتَيَقَّنْ بَرَاءَتَهَا مِنْ الْوَطْءِ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ تَيَقَّنَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ وَخْشًا) عَطْفٌ عَلَى صَغِيرَةً فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا هَذَا إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا بَلْ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَالْوَخْشُ بِسُكُونِ الْخَاءِ الْحَقِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَيُطْلَقُ الْوَخْشُ أَيْضًا عَلَى الرَّذْلِ مِنْ النَّاسِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِكْرًا) أَيْ لِاحْتِمَالِ إصَابَتِهَا خَارِجَ الْفَرْجِ، وَحَمْلِهَا مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ رَجَعَتْ لِسَيِّدِهَا) أَيْ أَوْ لِزَوْجِهَا إنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً، وَقَوْلُهُ: مِنْ غَصْبٍ إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ نَفَقَتَهَا فِي حَالِ اسْتِبْرَائِهَا عَلَى سَيِّدِهَا لَا عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ حَمَلَتْ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْمَدَارَ فِي كَوْنِ النَّفَقَةِ عَلَى الْوَاطِئِ لَا عَلَى كَوْنِ الْوَلَدِ لَاحِقًا بِهِ كَمَا أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْمَسْكَنِ عَلَى كَوْنِهَا مَحْبُوسَةً بِسَبَبِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ: بِحُصُولِ الْمِلْكِ مُرَادُهُ بِهِ الِاسْتِقْرَارُ) أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِحُصُولِ الْمِلْكِ الِاسْتِقْرَارُ تَحْتَ يَدِ الْمَالِكِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ هَذِهِ أَيْ الرَّاجِعَةَ
(أَوْ) رَجَعَتْ مِنْ (سَبْيٍ) بِأَنْ سَبَاهَا الْحَرْبِيُّ وَغَابَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَتْ لِسَيِّدِهَا (أَوْ غُنِمَتْ) مِنْ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْغَانِمِ اسْتِبْرَاؤُهَا (أَوْ اُشْتُرِيَتْ وَلَوْ مُتَزَوِّجَةً) الْأَوْلَى حَذْفُ وَلَوْ؛ لِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي مُتَزَوِّجَةٍ اشْتَرَاهَا رَجُلٌ غَيْرُ الزَّوْجِ (وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ) فَإِنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا وَلَا يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الزَّوْجِ فِي عَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَشُبِّهَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ قَوْلُهُ: (كَالْمَوْطُوءَةِ) لِسَيِّدِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا (إنْ بِيعَتْ أَوْ زُوِّجَتْ) أَيْ إنْ أَرَادَ بَيْعَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا، وَمَفْهُومُ مَوْطُوءَةٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطَأْهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يُزَوِّجَهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ لِلْأَمْنِ مِنْ حَمْلِهَا مِنْهُ (وَقُبِلَ قَوْلُ سَيِّدِهَا) لِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ: إنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا فَيَعْتَمِدُ الزَّوْجُ عَلَى قَوْلِهِ وَيَعْقِدُ عَلَيْهَا وَيَطَأُ فَهَذَا خَاصٌّ بِقَوْلِهِ: أَوْ زُوِّجَتْ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ لِلْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ.
(وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ) بَائِعٍ (مُدَّعِيهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ (تَزْوِيجُهَا) فَاعِلُ جَازَ أَيْ جَازَ لِمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً ادَّعَى بَائِعُهَا أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا لِرَجُلٍ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ اسْتِبْرَاءِ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا لَهَا اعْتِمَادًا عَلَى دَعْوَى بَائِعِهَا.
(وَ) جَازَ (اتِّفَاقُ الْبَائِعِ) لِأَمَةٍ (وَالْمُشْتَرِي) لَهَا (عَلَى) اسْتِبْرَاءٍ (وَاحِدٍ) حَيْثُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ غَصْبٍ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا، وَهِيَ الرَّاجِعَةُ مِنْ سَبْيٍ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ بَلْ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ بِحُصُولِ الْمِلْكِ أَيْ عَلَى جِهَةِ الْإِنْشَاءِ، أَوْ التَّمَامِ فَيَنْطَبِقُ حِينَئِذٍ عَلَى الرَّاجِعَةِ مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَبْيٍ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ لَا تُمْلَكُ إلَّا أَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ خَلَلٌ بِعَدَمِ التَّصَرُّفِ، فَإِذَا رَجَعَتْ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ السَّابِي فَقَدْ تَمَّ الْمِلْكُ
(قَوْلُهُ: أَوْ رَجَعَتْ مِنْ سَبْيٍ) قَالَ فِيهَا إذَا سَبَى الْعَدُوُّ أَمَةً أَوْ حُرَّةً لَمْ تُوطَأْ الْحُرَّةُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثِ حِيَضٍ، وَالْأَمَةُ إلَّا بَعْدَ حَيْضَةٍ وَلَا يُصَدَّقْنَ فِي نَفْيِ الْوَطْءِ وَإِنْ زَنَتْ الْحَامِلُ فَلَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَضَعَ أَيْ لَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا الَّذِي حَمَلَتْ مِنْهُ قَبْلَ الزِّنَا حَتَّى تَضَعَ، وَالنَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ، وَقِيلَ: إنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ، وَقِيلَ: إنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ: إنَّ الْوَطْءَ جَائِزٌ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ وَطْءَ الزَّوْجِ لَهَا قَبْلَ وَضْعِهَا حَرَامٌ أَمَّا لَوْ حَصَلَ لَهَا الْحَمْلُ مِنْ الْغَاصِبِ لَحَرُمَ عَلَى زَوْجِهَا وَطْؤُهَا حَتَّى تَضَعَ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: أَوْ غُنِمَتْ أَوْ اُشْتُرِيَتْ وَلَوْ مُتَزَوِّجَةً) قِيلَ: إنَّ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِحُصُولِ الْمِلْكِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْهُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ إحْيَاءٌ عَلَيْهِ مُنْدَرِجٌ تَحْتَهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ نَعَمْ يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِاعْتِرَاضٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ غُنِمَتْ أَوْ اُشْتُرِيَتْ لَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ أَوْ رَجَعَتْ مِنْ غَصْبٍ أَيْ هَذَا إذَا غُنِمَتْ أَوْ اُشْتُرِيَتْ بَلْ وَلَوْ رَجَعَتْ مِنْ غَصْبٍ انْتَهَى عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي مُتَزَوِّجَةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ اُشْتُرِيَتْ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: صَغِيرَةً وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَوْ اُشْتُرِيَتْ مُبَالَغَةً فِي: " مُتَزَوِّجَةٍ " اشْتَرَاهَا غَيْرُ الزَّوْجِ، وَالْحَالُ أَنَّهَا طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِذَا كَانَتْ الْمُبَالَغَةُ الْمَذْكُورَةُ حَصَلَتْ بِالْعَطْفِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: وَلَوْ لِحُصُولِ الْمُبَالَغَةِ بِغَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ وَلَا يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الزَّوْجِ فِي عَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ اعْتِمَادًا عَلَى إخْبَارِ السَّيِّدِ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْتَمِدُ عَلَى إخْبَارِهِ اتِّفَاقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا تَعَبُّدِيٌّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) الْقَائِلِ: إنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي اسْتِبْرَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ كَالْمَوْطُوءَةِ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ كَمَا يَجِبُ بِإِخْرَاجِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ كَالْمَوْطُوءَةِ لِسَيِّدِهَا مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً لِغَيْرِهِ بِأَنْ زَنَتْ فَلَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الْبَيْعِ إلَّا مِنْ وَطْءِ الْمَالِكِ وَفِي التَّزْوِيجِ يَجِبُ مِنْ وَطْءِ الْمَالِكِ وَغَيْرِهِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ فِي الْمُسْتَبْرَأَةِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ إذَا أَرَادَ وَطْأَهَا وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِ الْبَائِعِ إنَّهُ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ بَيْعِهِ
(قَوْلُهُ: وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مُدَّعِيهِ تَزْوِيجُهَا قَبْلَهُ) قَالَ شَيْخُنَا: هَذِهِ يُفْهَمُ مِنْهَا قَوْلُهُ: وَقُبِلَ قَوْلُ سَيِّدِهَا بِالْأَوْلَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا مِمَّنْ يَدَّعِي أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا فَأَوْلَى أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى قَوْلِهِ اسْتَبْرَأْتُهَا وَقَوْلُهُ: تَزْوِيجُهَا أَيْ وَأَمَّا وَطْؤُهُ هُوَ أَيْ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِيهِ عَلَى دَعْوَى الْبَائِعِ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا كَمَا مَرَّ أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مُدَّعِيهِ بَيْعُهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ اعْتِمَادًا عَلَى دَعْوَى الْبَائِعِ كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا الِاعْتِمَادِ؛ إذْ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ لِإِرَادَةِ الْبَيْعِ إلَّا فِي الْمَوْطُوءَةِ لِلْبَائِعِ، وَهَذِهِ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ لِلْبَائِعِ
(قَوْلُهُ: عَلَى اسْتِبْرَاءٍ وَاحِدٍ) قَالَ بْن الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ عَقْدِ الشِّرَاءِ فَقَطْ، وَبِذَلِكَ يَنْتَفِي تَكْرَارُهُ مَعَ الْمُوَاضَعَةِ الْآتِيَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ تُوضَعَ إلَخْ أَيْ قَبْلَ عَقْدِ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ: حَتَّى تَرَى الدَّمَ أَيْ فَبَعْدَ رُؤْيَتِهِ يَحْصُلُ الشِّرَاءُ وَلَا يَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي لِاسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا)
لِحُصُولِ غَرَضِهِمَا بِذَلِكَ بِأَنْ تُوضَعَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ حَتَّى تَرَى الدَّمَ.
(وَكَالْمَوْطُوءَةِ بِاشْتِبَاهٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَالْمَوْطُوءَةِ إنْ بِيعَتْ وَأَعَادَ الْكَافَ لِبُعْدِ الْفَصْلِ أَيْ وَيَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ إذَا وُطِئَتْ غَلَطًا كَمَا لَوْ زَنَتْ أَوْ غُصِبَتْ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا، وَفَائِدَةُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي هَذِهِ مَعَ أَنَّ الْوَلَدَ لَاحِقٌ بِهِ تَظْهَرُ فِيمَنْ رَمَاهُ بِأَنَّهُ ابْنُ شُبْهَةٍ فَلَا يُحَدُّ إذَا لَمْ يَسْتَبْرِئْ، وَإِلَّا حُدَّ.
(أَوْ سَاءَ الظَّنَّ) أَيْ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ إذْ أَسَاءَ الْمُشْتَرِي مَثَلًا ظَنَّهُ بِالْأَمَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَمِثْلُهُ بِقَوْلِهِ (كَمَنْ) أَيْ كَأَمَةٍ (عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُودَعَةٍ أَوْ مَرْهُونَةٍ مَثَلًا (تَخْرُجُ) فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ، أَوْ يُدْخَلُ عَلَيْهَا فَاشْتَرَاهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ قَدْ وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ غَصْبٍ، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَمَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ تَخْرُجُ فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَشُقُّ فِي أَمَتِهِ (أَوْ) كَانَتْ مَمْلُوكَةً (لِكَغَائِبٍ) عَنْهَا لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا عَادَةً أَوْ لِصَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ (أَوْ مَجْبُوبٍ) فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا مَثَلًا (أَوْ مُكَاتَبَةٍ) تَتَصَرَّفُ بِالْخُرُوجِ وَالدُّخُولِ (عَجَزَتْ) عَنْ الْأَدَاءِ وَرَجَعَتْ رِقًّا فَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهَا اسْتِبْرَاؤُهَا، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ أَمْثِلَةِ سُوءِ الظَّنِّ.
(أَوْ)(أَبْضَعَ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَمَةِ بِأَنْ دَفَعَ ثَمَنًا لِمَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُ بِهِ فَاشْتَرَاهَا (وَأَرْسَلَهَا مَعَ غَيْرِهِ) مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فِي إرْسَالِهَا فَحَاضَتْ فِي الطَّرِيقِ وَجَبَ عَلَى سَيِّدِهَا اسْتِبْرَاؤُهَا، وَلَا يَكْتَفِي بِهَذِهِ الْحَيْضَةِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِأَمِينِهِ بِخِلَافِ لَوْ قَدِمَ بِهَا الْمُبْضَعُ مَعَهُ أَوْ أَرْسَلَهَا بِإِذْنٍ.
(وَ) يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْوَارِثِ (بِمَوْتِ سَيِّدٍ) وَسَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا.
(وَإِنْ)(اُسْتُبْرِئَتْ) أَيْ اسْتَبْرَأَهَا سَيِّدُهَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَاءِ الْوَارِثِ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ بِأَنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ وَطِئَهَا وَالْمُشْتَرِي اشْتَرَاهَا لِأَجْلِ الْوَطْءِ
(قَوْلُهُ: أَيْ وَيَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ) أَيْ وَكَذَلِكَ الْحُرَّةُ إذَا وُطِئَتْ غَلَطًا لَكِنْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ زَنَتْ) أَيْ كَمَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا لَوْ زَنَتْ أَوْ غُصِبَتْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ إذَا وُطِئَتْ غَلَطًا، وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ اسْتِبْرَائِهَا وَلَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ مِنْ السَّيِّدِ قَبْلَ الْوَطْءِ بِاشْتِبَاهٍ وَمَا مَعَهُ مِنْ الزِّنَا وَالْغَصْبِ، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِاحْتِمَالِ انْفِشَاشِ الْحَمْلِ، وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا، وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ بِاشْتِبَاهٍ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْوَلَدَ لَا حَقَّ بِهِ) أَيْ بِالسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لِلْفِرَاشِ وَقَوْلُهُ: تَظْهَرُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْحَدِّ وَعَدَمِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَمَّا إنْ أَتَتْ بِهِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ فَالْحَدُّ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْفِهِ السَّيِّدُ، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ رَمَاهُ) أَيْ رَمَى وَلَدَ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ
(قَوْلُهُ: مُودَعَةً أَوْ مَرْهُونَةً مَثَلًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا حَاضَتْ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا) أَيْ يَخْتَلِي بِهَا سَيِّدُهَا أَوْ غَيْرُهُ وَهِيَ عِنْدَ الْمُودَعِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى الْأَمَةَ الْمُودَعَةَ أَوْ الْمَرْهُونَةَ عِنْدَهُ وَالْحَالُ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ عِنْدَهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ لَا تَخْرُجُ وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَمَا يَأْتِي مَفْهُومُ مَا هُنَا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ يَشُقُّ فِي أَمَتِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ فِي أَمَتِهِ كُلَّمَا خَرَجَتْ وَدَخَلَتْ فِيهِ مَشَقَّةٌ بِخِلَافِ الْمَرْهُونَةِ وَالْمُودَعَةِ إذَا كَانَتَا تَخْرُجَانِ وَاسْتَبْرَأَهُمَا فَإِنْ اسْتَبْرَأَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَا مَشَقَّةَ فِيهِ هَذَا، وَقَدْ أَفَادَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ أَمَتِهِ الَّتِي تَخْرُجُ فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ لَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا إذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً أَمَّا غَيْرُهَا فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا خَرَجَتْ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي الْمَجْهُولَةِ الْحَالِ قَوْلَانِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْرَمٍ) أَيْ أَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مَمْلُوكَةً لِمَحْرَمٍ مِنْ مَحَارِمِهَا بِأَنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِابْنِ أَخِيهَا أَوْ ابْنِ أُخْتِهَا وَبَاعَهَا لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا أَرَادَ وَطَأَهَا (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا) أَيْ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهَا، وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ إلَّا إذَا وَطِئَ، وَمَا فِي عبق فَغَيْرُ صَوَابٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا مَعَ تَحَقُّقِ زِنَاهَا فَأَحْرَى مَعَ سُوءِ الظَّنِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ وَكَذَا مَنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ لَهَا بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ (قَوْلُهُ: تَتَصَرَّفُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ سَيِّدِهَا ثُمَّ عَجَزَتْ فَلَا يَجِبُ عَلَى سَيِّدِهَا اسْتِبْرَاؤُهَا
(قَوْلُهُ: وَلَا يُكْتَفَى إلَخْ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يُكْتَفَى بِهَا وَلَا تُسْتَبْرَأُ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدِمَ بِهَا الْمُبْضَعُ مَعَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُبْضَعِ وَالرَّسُولِ الَّذِي بِإِذْنٍ يَدُهُ كَيَدِ الْمَالِكِ، وَالظَّاهِرُ إنْ عِلْمَ الْمُبْضَعُ أَنَّ الْمُبْضَعَ مَعَهُ لَا يَأْتِي بِهَا، وَإِنَّمَا يُرْسِلُهَا مَعَ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِرْسَالِ اهـ خش
(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ) أَيْ قَبْلَ مَوْتِهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا أَيْ وَكَانَ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا خُفْيَةً، وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَائِبًا، وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا، وَكَانَتْ لَا تَخْرُجُ فِي حَوَائِجِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَلَهُ وَطْؤُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ أَيْ وَسَوَاءٌ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْئِهَا أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْأَمَةُ قِنًّا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لَا يُقَالُ: إنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تُورَثُ فَلَا يَظْهَرُ هَذَا مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ: وَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْوَارِثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَظْهَرُ هَذَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا أَرَادَ الْوَارِثُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا تَأَمَّلْ اهـ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ قِيلَ فِي الْأَمَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا وَلَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا: لَا تَحْتَاجُ لِلِاسْتِبْرَاءِ غَائِبًا كَانَ سَيِّدُهَا أَوْ حَاضِرًا مَا كَانَ
(أَوْ)(انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) مِنْ زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى أَوْ الْمُطَلِّقِ لَهَا بِحَيْثُ حَلَّتْ لِسَيِّدِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْوَارِثِ بِخِلَافِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا.
(وَ) يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ (بِالْعِتْقِ) تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا فَلَيْسَ لِأَجْنَبِيٍّ تَزَوُّجُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ إنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا مُعْتِقُهَا قَبْلَ الْعِتْقِ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ عِدَّةِ زَوْجِهَا قَبْلَ الْعِتْقِ أَيْضًا وَأَمَّا لَوْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَأَعْتَقَهَا فَقَدْ حَلَّتْ مَكَانَهَا لِلْأَزْوَاجِ وَأَمَّا الْمُعْتِقُ فَلَهُ تَزَوُّجُهَا بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ عِدَّةٍ وَهَذَا فِي الْقِنِّ وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَسْتَأْنِفَ الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَ عِتْقِهَا.
وَلَوْ اسْتَبْرَأَهَا السَّيِّدُ قَبْلَ الْعِتْقِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَاسْتَأْنَفَتْ) الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضَةٍ بَعْدَ عِتْقِهَا (إنْ اُسْتُبْرِئَتْ) قَبْلَ عِتْقِهَا، أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَلَا يَكْفِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ، وَلَا الْعِدَّةُ السَّابِقَانِ عَلَى الْعِتْقِ (أَوْ)(غَابَ) سَيِّدُهَا عَنْهَا (غَيْبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ) مِنْهَا فَحَاضَتْ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ أَرْسَلَ لَهَا الْعِتْقَ (أُمُّ الْوَلَدِ)(فَقَطْ) فَاعِلُ اسْتَأْنَفَتْ؛ لِأَنَّهَا فِرَاشٌ لِلسَّيِّدِ فَالْحَيْضَةُ فِي حَقِّهَا كَالْعِدَّةِ فِي الْحُرَّةِ فَكَمَا أَنَّ الْحُرَّةَ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَا تَكْتَفِي بِمَا ذُكِرَ فَكَذَا أُمُّ الْوَلَدِ، وَقَوْلُهُ: فَقَطْ أَيْ بِخِلَافِ الْقِنِّ فَتَكْتَفِي بِالِاسْتِبْرَاءِ السَّابِقِ عَلَى الْعِتْقِ، وَقَوْلُهُ:(بِحَيْضَةٍ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ إلَى هُنَا مِمَّنْ يُمْكِنُ حَيْضُهَا وَسَيَأْتِي اسْتِبْرَاءُ الصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ.
(وَإِنْ)(تَأَخَّرَتْ) الْحَيْضَةُ لِلْقِنِّ أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ بِلَا سَبَبٍ عَنْ عَادَتِهَا، وَكَانَتْ عَادَتَهَا أَنْ يَأْتِيَهَا قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ تَأَخَّرَتْ لِسَبَبِ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ أَرْضَعَتْ أَوْ مَرِضَتْ) سَوَاءٌ كَانَتْ عَادَتَهَا أَنْ تَأْتِيَهَا قَبْلَ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْدَهَا (أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ) بَيْنَ دَمِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ (فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) مُدَّةُ اسْتِبْرَائِهَا، وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَادَتَهَا أَنْ تَأْتِيَهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عَلَى الرَّاجِحِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بَعِيدًا أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يَلْحَقْ بِسَيِّدِهَا فَلَمْ يَبْقَ الِاسْتِبْرَاءُ إلَّا لِسُوءِ الظَّنِّ
(قَوْلُهُ: أَوْ انْقَضَتْ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْأَمَةَ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَاعْتَدَّتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى وَارِثِهِ؛ لِأَنَّهَا حَلَّتْ لِلسَّيِّدِ زَمَنًا مَا فَالِاسْتِبْرَاءُ هُنَا لِسُوءِ الظَّنِّ؛ إذْ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ وَطْئِهَا، وَكَذَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ بَاعَهَا سَيِّدُهَا.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ مَاتَ) أَيْ السَّيِّدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى أَوْ الْمُطَلِّقِ لَهَا فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدِهَا زَمَنًا مَا، فَإِذَا عَلِمْت أَنَّ حُكْمَ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مُغَايِرٌ لِحُكْمِ مَا إذَا مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: أَوْ انْقَضَتْ عَطْفٌ عَلَى إنْ اُسْتُبْرِئَتْ لَا عَلَى اُشْتُرِيَتْ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ هَذَا إذَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بَلْ وَإِنْ انْقَضَتْ مَعَ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَنْقَضِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ
(قَوْلُهُ:)(وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ عِدَّةِ زَوْجِهَا) أَيْ الْمُطَلِّقِ لَهَا أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَبْلَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُعْتِقُ فَلَهُ تَزَوُّجُهَا بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ عِدَّةِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ يَطَؤُهَا قَبْلَ الْعِتْقِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا فَأَعْتَقَهَا عَقِبَ الشِّرَاءِ وَعَقَدَ عَلَيْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا وَلَا يَكْفِي فِي إسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ عِتْقُهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ إنْ انْقَضَتْ إلَخْ) أَيْ أَوْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَلَكِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ مَوْتِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهِ إذَا كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً ثُمَّ أَعْتَقَهَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَلَا تَكْفِيهَا تِلْكَ الْعِدَّةُ السَّابِقَةُ عَلَى الْعِتْقِ كَمَا إنَّهُ لَا يَكْفِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ الْحَاصِلُ قَبْلَهُ إذَا كَانَ اسْتَبْرَأَهَا وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: عُلِمَ أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا خُفْيَةً وَإِلَّا فَلَا اسْتِبْرَاءَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَكْتَفِي بِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَالْغَيْبَةِ الْحَاصِلَيْنِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَتَكْتَفِي بِالِاسْتِبْرَاءِ السَّابِقِ عَلَى الْعِتْقِ) أَيْ وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ الِاسْتِبْرَاءَ فَتَحْصُلُ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا مَاتَ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ غَيْرَهَا وَلَوْ اُسْتُبْرِئَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَهُ أَوْ كَانَ سَيِّدُهَا غَائِبًا عَنْهَا قَبْلَهُ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الْوُصُولُ إلَيْهَا، وَأَمَّا إنْ أَعْتَقَهَا فَأُمُّ الْوَلَدِ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا، وَلَوْ كَانَتْ قَدْ اُسْتُبْرِئَتْ قَبْلَهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَهُ أَوْ كَانَ سَيِّدُهَا غَائِبًا ثُمَّ أَرْسَلَهُ أَيْ الْعِتْقَ لَهَا، وَأَمَّا غَيْرُ أُمِّ الْوَلَدِ فَتُسْتَبْرَأُ أَيْضًا مَا لَمْ تَكُنْ اُسْتُبْرِئَتْ قَبْلَهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَهُ أَوْ كَانَ غَائِبًا قَبْلَهُ، وَإِلَّا اكْتَفَتْ بِذَلِكَ، وَلَا تَحْتَاجُ لِاسْتِئْنَافِ اسْتِبْرَاءٍ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ إلَخْ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: بِحَيْضَةٍ أَنَّ الْقَرْءَ هُنَا لَيْسَ هُوَ الطُّهْرَ كَالْعِدَّةِ بَلْ الدَّمُ فَبِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهِ حَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ فَلِلْمُشْتَرِي التَّمَتُّعُ بِغَيْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ.
(قَوْلُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ حَيْضُهَا) أَيْ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ عَادَتِهَا الْمُعْتَادَةِ لِلنِّسَاءِ، وَهُوَ إتْيَانُهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَادَتَهَا أَنْ تَأْتِيَهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَتْ عَادَتَهَا أَنَّ الدَّمَ يَأْتِيهَا بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ إلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَقَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ أَيْ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُمَا الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ عَادَتَهَا أَنَّهَا لَا تَحِيضُ إلَّا بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ إلَّا لِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إلَى تِسْعَةٍ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ أَوْ تَكْتَفِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ الْأَوَّلُ سَمَاعُ يَحْيَى وَالثَّانِي سَمَاعُ عِيسَى وَهُوَ الرَّاجِحُ فَعُلِمَ أَنَّ مُعْتَادَةَ الْحَيْضِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ
(كَالصَّغِيرَةِ) الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ (وَالْيَائِسَةِ) مِنْ الْحَيْضِ (وَنَظَرَ النِّسَاءُ) الْعَارِفَاتُ، وَالْجَمْعُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيمَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ فَتَأَخَّرَ لِغَيْرِ رَضَاعٍ وَمَرَضٍ وَفِي الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ لَا فِيمَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَلَا فِيمَنْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ وَمَرَضٍ وَلَا فِي صَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ (فَإِنْ ارْتَبْنَ) بِجَسِّ بَطْنٍ (فَتِسْعَةُ) أَشْهُرٍ فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَإِلَّا مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ.
(وَ) اُسْتُبْرِئَتْ الْحَامِلُ (بِالْوَضْعِ) لِجَمِيعِ حَمْلِهَا، وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ (كَالْعِدَّةِ) فَلَا يَكْفِي بَعْضُهُ وَتَرَبَّصَتْ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ إنْ ارْتَابَتْ.
(وَحَرُمَ) عَلَى الْمَالِكِ (فِي زَمَنِهِ الِاسْتِمْتَاعُ) بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ مِنْ وَطْءٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ حَامِلًا أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ اشْتِبَاهٍ، وَهِيَ بَيِّنَةُ الْحَمْلِ مِنْ سَيِّدِهَا فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا، وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ نَحْوُهُ فِي الْعِدَّةِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ شَرَعَ فِي مَفَاهِيمِ قُيُودِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَلَا اسْتِبْرَاءَ) عَلَى صَغِيرَةٍ (إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ) كَبِنْتِ ثَمَانٍ فَأَقَلَّ وَهَذَا مَفْهُومُ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ (أَوْ) أَطَاقَتْهُ لَكِنْ (حَاضَتْ تَحْتَ يَدِهِ) أَيْ عِنْدَهُ وَلَمْ تَحْصُلْ إسَاءَةُ ظَنٍّ (كَمُودَعَةٍ) وَمَرْهُونَةٍ وَأَمَةِ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (وَمَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ، وَلَمْ تَخْرُجْ) لِلتَّصَرُّفِ فِي حَوَائِجِهَا (وَلَمْ يَلِجْ) أَيْ يَدْخُلْ (عَلَيْهَا سَيِّدُهَا) ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ مَلَكَهَا بِوَجْهٍ أَوْ بَتَّ الْبَيْعَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَا اسْتِبْرَاءَ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا بِالْحَيْضِ، وَلَمْ يَحْصُلْ إسَاءَةُ ظَنٍّ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ تُوقَنْ الْبَرَاءَةُ.
(أَوْ)(أَعْتَقَ) أَمَتَهُ الْمَوْطُوءَةَ لَهُ (وَتَزَوَّجَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ (أَوْ)(اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَإِنْ) كَانَ الشِّرَاءُ لَهَا (بَعْدَ الْبِنَاءِ) بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ، وَوَطْؤُهُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهُ مُبَاحًا، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا إسْقَاطَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ: أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ سِتَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ تَكْتَفِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ، فَإِنَّ مُعْتَادَةَ الْحَيْضِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ خَمْسِ سِنِينَ أَوْ عَشَرَةٍ عَلَى مَا قِيلَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَيْضِ، وَلَا تَكْتَفِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعِدَّةَ ثَبَتَتْ بِالْقُرْآنِ فَشُدِّدَ فِيهَا، وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ فَقَدْ ثَبَتَ بِخَبَرِ آحَادٍ.
(قَوْلُهُ: كَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ) هَاتَانِ تَمَامُ السِّتَّةِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِ بِحَيْضَةٍ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ تَأَخَّرَتْ أَوْ أَرْضَعَتْ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ كَالْيَائِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ عَادَتُهَا إلَخْ) أَيْ فَإِذَا نَظَرَ النِّسَاءُ الْعَارِفَاتُ لِمَنْ ذُكِرَ، وَقُلْنَ: إنَّهَا لَا حَمْلَ بِهَا فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِالثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ (قَوْلُهُ لَا فِيمَنْ عَادَتُهَا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الْأَرْبَعَ يُكْتَفَى فِيهَا بِالثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ غَيْرِ نَظَرِ النِّسَاءِ، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ نَظَرَ النِّسَاءِ خَاصٌّ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ دُونَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ هُوَ مُحَصِّلُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ إلَخْ) صَوَابُهُ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ، وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا زَالَتْ أَوْ بَقِيَتْ بِحَالِهَا، وَإِلَّا بِأَنْ زَادَتْ مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ قَبْلَ التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا حَلَّتْ بِمُجَرَّدِ زَوَالِهَا، وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ الرِّيبَةُ بَعْدَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ حَلَّتْ بِمُجَرَّدِ تَمَامِ التِّسْعَةِ، وَإِنْ زَادَتْ مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ نَقْلُ بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ
(قَوْلُهُ: وَتَرَبَّصَتْ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ إنْ ارْتَابَتْ) أَيْ إنْ ارْتَابَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ بِجَسِّ بَطْنٍ تَرَبَّصَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا) بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ: إنَّهُ جَائِزٌ وَاخْتَارَ بْن مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ الْحُرْمَةِ لِاحْتِمَالِ انْفِشَاشِ الْحَمْلِ
(قَوْلُهُ: كَمُودَعَةٍ وَمَرْهُونَةٍ) أَيْ حَاضَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي أَمَةِ زَوْجَتِهِ وَأَمَةِ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَمَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى أَمَةً بِالْخِيَارِ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ فَحَاضَتْ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَأَمْضَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ، وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا) هَذَانِ الْقَيْدَانِ رَاجِعَانِ لِلْمُودَعَةِ، وَمَا بَعْدَهَا، وَهِيَ الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ، فَإِنْ تَخَلَّفَ قَيْدٌ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِسُوءِ الظَّنِّ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَطْأَهُ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ) أَيْ وَالِاسْتِبْرَاءُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ بِوُجُوبِهِ لَيُفَرِّقَ بَيْنَ وَلَدِهِ بِوَطْءِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبَيْنَ وَلَدِهِ مِنْ وَطْءِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا الْقَوْلَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَأَمَّا بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ وُجُوبُ اسْتِبْرَائِهِ إنَّمَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ، وَوَطْؤُهُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ، وَالِاسْتِبْرَاءُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَوَهَّمًا اهـ وَعِبَارَةُ بْن وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُقَابِلَ وَهُوَ ابْنُ كِنَانَةَ إنَّمَا يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ قَبْلَ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا مَا لَمْ يَقْصِدْ بِتَزَوُّجِهِ لَهَا إسْقَاطَ الِاسْتِبْرَاءِ الَّذِي يُوجِبُهُ الشِّرَاءُ الْحَاصِلُ بَعْدُ وَإِلَّا عُومِلَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) هَذِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا كَانَ يَطَؤُهَا أَوَّلًا بِالْمُلْكِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ بَاعَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (الْمُشْتَرَاةَ) لَهُ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ دَخَلَ) بِهَا قَبْلَ شِرَائِهَا (أَوْ) لَمْ يَبِعْهَا وَلَكِنَّهُ (أَعْتَقَ) بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ (أَوْ مَاتَ) بَعْدَ مَا دَخَلَ وَاشْتَرَى (أَوْ) كَانَ الزَّوْجُ مُكَاتَبًا فَاشْتَرَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا وَ (عَجَزَ) هَذَا الزَّوْجُ (الْمُكَاتَبُ) فَرَجَعَتْ لِسَيِّدِهِ بِأَنْ انْتَزَعَهَا مِنْهُ (قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ) الْحَاصِلِ بِالشِّرَاءِ ظَرْفٌ تَنَازَعَهُ الْأَفْعَالُ الْأَرْبَعَةُ (لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدٍ) فِيمَا عَدَا الْعِتْقَ أَيْ لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدٍ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا أَوْ انْتَزَعَهَا مِنْ مُكَاتَبِهِ عِنْدَ عَجْزِهِ (وَلَا زَوْجٍ) يُرِيدُ تَزَوُّجَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ (إلَّا بِقَرْأَيْنِ) أَيْ طُهْرَيْنِ (عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ مِنْ قُرْأَيْنِ وَبِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُمَا عِدَّةُ فَسْخِ النِّكَاحِ النَّاشِئِ مِنْ شِرَاءِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ فَسْخِ نِكَاحِ الْأَمَةِ قُرْآنِ كَعِدَّةِ طَلَاقِهَا، وَمَفْهُومُ وَقَدْ دَخَلَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ كَفَتْ حَيْضَةُ الِاسْتِبْرَاءِ، وَأَشَارَ إلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ بِقَوْلِهِ (وَ) إنْ بَاعَ الْمَدْخُولَ بِهَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ وَطْءِ الْمِلْكِ اُسْتُبْرِئَتْ (بِحَيْضَةٍ) ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْمِلْكِ هَدَمَ عِدَّةَ فَسْخِ النِّكَاحِ (كَحُصُولِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ بَيْعٍ وَمَا مَعَهُ (بَعْدَ حَيْضَةٍ) حَصَلَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ فَإِنَّهَا تَكْتَفِي بِحَيْضَةٍ أُخْرَى تُكْمِلُ بِهَا عِدَّةَ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَتُغْنِي عَنْ حَيْضَةِ الِاسْتِبْرَاءِ (أَوْ) حُصُولِ مَا ذُكِرَ بَعْدَ (حَيْضَتَيْنِ) فَعَلَيْهَا حَيْضَةُ الِاسْتِبْرَاءِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ إذَا عَتَقَتْ بَعْدَ الْحَيْضَتَيْنِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ تُعْتَقُ بَعْدَهُمَا فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ حَيْضَةً كَمَا مَرَّ.
(أَوْ حَصَلَتْ) عَطْفٌ عَلَى لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ أَيْ وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ وَلَا إنْ حَصَلَتْ أَيْ أَسْبَابُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ حُصُولِ مِلْكٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (فِي أَوَّلِ) نُزُولِ (الْحَيْضِ) فَتَكْتَفِي بِهِ غَيْرُ أُمِّ الْوَلَدِ.
(وَهَلْ) اكْتِفَاؤُهَا بِهِ (إلَّا أَنْ يَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ) أَيْ مِقْدَارُ حَيْضَةٍ كَافِيَةٍ فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ فَإِنْ مَضَى قَدْرُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ اسْتَأْنَفَتْ ثَانِيَةً (أَوْ) مَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِهَا إلَّا أَنْ يَمْضِيَ (أَكْثَرُهَا) يَعْنِي الْحَيْضَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ فَالْمُرَادُ بِأَكْثَرِهَا أَقْوَاهَا انْدِفَاقًا، وَهُمَا الْيَوْمَانِ الْأَوَّلَانِ مِنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ الَّتِي اعْتَادَتْهَا؛ لِأَنَّ الدَّمَ فِيهِمَا أَكْثَرُ انْدِفَاقًا مِنْ بَاقِي الْحَيْضَةِ (تَأْوِيلَانِ) فَعُلِمَ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ انْتِقَالُ الْمِلْكِ قَبْلَ مُضِيِّ قَدْرِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ اكْتَفَتْ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ اتِّفَاقًا وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَهَا وَبَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِهَا انْدِفَاقًا لَمْ تَكْتَفِ بِهَا، وَاسْتَأْنَفَتْ أُخْرَى اتِّفَاقًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَصَارَ يَطَؤُهَا بِالنِّكَاحِ وَهَذِهِ كَانَ يَطَؤُهَا بِالنِّكَاحِ فَصَارَ يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ الْحُرَّ أَوْ الْعَبْدَ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَهِيَ زَوْجَةٌ ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَلَا تَحِلُّ لِسَيِّدِهَا الْمُشْتَرِي وَلَا لِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ إلَّا بِقَرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ بَعْدَهُ وَطْءُ الْمِلْكِ أَوْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ شِرَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَلَا تَحِلُّ لِمَنْ تَزَوَّجَهَا غَيْرَ الْمُعْتِقِ إلَّا بِقَرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ أَوْ مَاتَ بَعْدَ شِرَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَلَا تَحِلُّ لِلْوَارِثِ وَلَا لِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ الْوَارِثُ إلَّا بِقَرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُكَاتَبًا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا تَحِلُّ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ، وَلَا لِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ ذَلِكَ السَّيِّدُ إلَّا بِقَرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ وَرَجَعَتْ لِسَيِّدِهِ فَلَا تَحِلُّ لِسَيِّدِهِ وَلَا لِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ السَّيِّدُ إلَّا بِقَرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: تَنَازَعَهُ الْأَفْعَالُ الْأَرْبَعَةُ) أَيْ وَهِيَ بَاعَ وَأَعْتَقَ وَمَاتَ وَعَجَزَ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَا إلَخْ) أَيْ إنَّ قَوْلَهُ لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدٍ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْعِتْقِ وَقَوْلَهُ وَلَا زَوْجٍ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ بَاعَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي حِلِّهَا لِلسَّيِّدِ أَوْ الزَّوْجِ حَيْضَةُ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ اُسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَةٍ) هَذَا وَاضِحٌ فِي الْعِتْقِ وَالْمَوْتِ، وَكَذَا فِي عَجْزِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مَا يَظْهَرُ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي اسْتِبْرَاؤُهَا بِحَيْضَةٍ، وَيَجُوزُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَحُصُولِهِ بَعْدَ حَيْضَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ أَنْ بَنَى بِهَا فَحَاضَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ حَيْضَةً فَأَعْتَقَهَا أَوْ بَاعَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي فِي حِلِّهَا لِلْمُشْتَرِي وَلِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ الْمُشْتَرِي وَلِمَنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلِلْوَارِثِ وَلِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ الْوَارِثُ بِحَيْضَةٍ أُخْرَى بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ الْبَيْعِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَا مَعَهُ أَيْ مِنْ الْعِتْقِ وَالْمَوْتِ (قَوْلُهُ أَوْ حُصُولِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ حَيْضَتَيْنِ) أَيْ حَصَلَتَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا فَحَاضَتْ عِنْدَهُ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِمَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ.
(قَوْلُهُ: فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا) أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعِتْقَ لَا يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ إلَّا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ قَبْلَهُ اسْتِبْرَاءٌ، وَإِلَّا بِأَنْ تَقَدَّمَهُ اسْتِبْرَاءٌ كَمَا هُنَا فَلَا يُوجِبُهُ، وَهَذَا فِي الْقِنِّ، وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ عِتْقَهَا يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ مُطْلَقًا تَقَدَّمَهُ اسْتِبْرَاءٌ آخَرُ، أَمْ لَا فَقَوْلُهُ: أَوْ حَيْضَتَيْنِ رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي الْقِنِّ
(قَوْلُهُ: أَيْ أَسْبَابُ الِاسْتِبْرَاءِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ حَصَلَتْ رَاجِعٌ لِلْأَسْبَابِ الْمَفْهُومَةِ ضِمْنًا مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ، وَقَوْلُهُ: وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَيْ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ الْمِلْكِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا مِثْلِ مَوْتِ الْمَالِكِ أَوْ عِتْقِهِ لَهَا (قَوْلُهُ فَتَكْتَفِي بِهِ غَيْرُ أُمِّ الْوَلَدِ) أَيْ وَأَمَّا هِيَ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا أَوْ عَتَقَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ
وَمَا بَيْنَهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ.
(أَوْ)(اسْتَبْرَأَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ عِنْدَ إرَادَتِهِ وَطْأَهَا تَعَدِّيًا مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ الِابْنُ وَطِئَهَا (ثُمَّ) بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ غَيْرِ مَاءِ ابْنِهِ (وَطِئَهَا) الْأَبُ فَقَدْ مَلَكَهَا بِالْقِيمَةِ بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهَا، وَحَرُمَتْ عَلَى ابْنِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ صَارَ فِي مَمْلُوكَةٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا، وَكَذَا لَوْ اسْتَبْرَأَهَا الِابْنُ فَوَطِئَهَا أَبُوهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (وَتُؤُوِّلَتْ) أَيْضًا (عَلَى وُجُوبِهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ لِفَسَادِ وَطْئِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَ مِلْكَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا بِتَلَذُّذِهِ، وَلَوْ بِالْوَطْءِ بَلْ يَكُونُ لِلِابْنِ التَّمَاسُكُ بِهَا فِي عُسْرِ الْأَبِ وَيُسْرِهِ (وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ) مِنْ الْأَشْيَاخِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا الْأَبُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ وَطِئَهَا الِابْنُ لَحُرِّمَتْ عَلَى الْأَبِ فَلَا يَمْلِكُهَا الْأَبُ بِوَطْئِهِ.
(وَيُسْتَحْسَنُ) الِاسْتِبْرَاءُ لِبَائِعِهَا (إنْ غَابَ عَلَيْهَا مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ) أَوْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْضًا) وَاسْتَقَرَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ
ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ وَهِيَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الِاسْتِبْرَاءِ وَلَوْ كَانَتْ اُسْتُبْرِئَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بِأَنْ حَصَلَ الْمِلْكُ بَعْدَ نُزُولِ الدَّمِ يَوْمًا وَقَبْلَ تَمَامِ الْيَوْمِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَسْتَأْنِفُ الِاسْتِبْرَاءَ وَعَلَى الثَّانِي لَا تَسْتَأْنِفُ هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ إذَا حَصَلَ مُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي أَوَّلِ حَيْضَتِهَا اكْتَفَتْ بِذَلِكَ وَلَا تَحْتَاجُ فِي اسْتِبْرَائِهَا لِحَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ وَإِذَا حَصَلَ الْمُوجِبُ بَعْدَ أَكْثَرِ حَيْضِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْنَافِ فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي الْمُرَادِ بِأَكْثَرِ الْحَيْضِ هَلْ الْمُرَادُ أَكْثَرُهُ زَمَانًا أَوْ أَكْثَرُهُ انْدِفَاقًا، وَالْأَوَّلُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالثَّانِي لِابْنِ مَنَاسٍ فَإِذَا كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ سِتَّةَ أَيَّامٍ وَمَلَكَهَا بَعْدَ نُزُولِهِ عَلَيْهَا يَوْمَيْنِ اكْتَفَتْ بِذَلِكَ الْحَيْضِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ حَصَلَ بَعْدَ أَكْثَرِهِ انْدِفَاقًا أَيْ سَيَلَانًا وَجَرْيًا، وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ حَصَلَ الْمُوجِبُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ اكْتَفَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ لَا يَحْصُلَ بَعْدَ أَكْثَرِهِ زَمَنًا ثُمَّ إنَّ ابْنَ الْمَوَّازِ قَيَّدَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ إذَا حَصَلَ الْمُوجِبُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ اكْتَفَتْ بِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْمُوجِبُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ مِنْ الْحَيْضِ يَكْفِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَتْ وَلَوْ بَقِيَ أَكْثَرُ زَمَانِ الْحَيْضِ كَمَا لَوْ كَانَ عَادَتُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ فَمَلَكَهَا بَعْدَ نُزُولِ الدَّمِ عَلَيْهَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَهُ بَعْضًا لَهُ بَالٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الِاسْتِبْرَاءِ لِتَقَدُّمِ حَيْضَةِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَهَلْ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَأْوِيلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ خَارِجٌ عَنْ التَّأْوِيلَيْنِ وَالتَّأْوِيلَانِ إنَّمَا هُمَا فِي تَفْسِيرِ أَكْثَرِ حَيْضِهَا فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ هَلْ الْمُرَادُ أَكْثَرُهُ انْدِفَاقًا أَوْ زَمَانًا كَمَا عَلِمْت
(قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَبْرَأَ أَبٌ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهَا) أَيْ وَتَلَذُّذِهِ بِهَا (قَوْلُهُ: فَوَطِئَهَا أَبُوهُ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَائِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهَا بِالْقِيمَةِ فَصَارَ وَطْؤُهُ فِي مَمْلُوكَةٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ) أَيْ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْأَبِ ثَانِيًا مِنْ وَطْئِهِ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ الْأَوَّلِ لِفَسَادِ ذَلِكَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ اسْتَبْرَأَ أَبٌ أَفَادَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْأَبُ اسْتَبْرَأَهَا ابْتِدَاءً قَبْلَ وَطْئِهِ (قَوْلُهُ: لَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ اتِّفَاقًا) أَيْ مِنْ وَطْئِهِ الَّذِي حَصَلَ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ اسْتِبْرَاءٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَطِئَهَا الِابْنُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ وَطْءِ أَبِيهِ لَحَرُمَتْ عَلَى أَبِيهِ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا، وَلَوْ كَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ وَطْئِهِ مِنْ مَاءِ ابْنِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْلِكُهَا الْأَبُ بِوَطْئِهِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ تُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ مَتَى وَطِئَهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا عَلَى الِابْنِ، وَحَرَّمَهَا عَلَيْهِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا ثُمَّ إنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ أَبِيهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا قَبْلَ وَطْءِ أَبِيهِ حَرُمَتْ عَلَى الِابْنِ فَقَطْ دُونَ أَبِيهِ
(قَوْلُهُ وَيُسْتَحْسَنُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ رَبَّ الْأَمَةِ إذَا بَاعَهَا بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ بَعْدَ أَنْ غَابَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا رَدَّهَا لِلْبَائِعِ فَيُسْتَحَبُّ لِلْبَائِعِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَإِنْ جَازَ لَهُ الْوَطْءُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ مُخْتَارًا فَلَا يَتَأَتَّى لَهُ رَدُّهَا فَهِيَ مَأْمُونَةٌ مِنْ وَطْئِهِ فَلِذَا كَانَ اسْتِبْرَاءُ الْبَائِعِ لَهَا مَنْدُوبًا لَا وَاجِبًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِلْبَائِعِ وَرَدَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ بَعْدَ أَنْ غَابَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تُسْتَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي كَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ مِنْ وَطْئِهِ وَهُمْ إذَا لَمْ يُرَاعُوا الْمَانِعَ الشَّرْعِيَّ لَزِمَهُمْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ أَمِينٍ كَالْمُودَعِ وَالْمُرْتَهِنِ ثُمَّ رُدَّتْ لِرَبِّهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ اسْتِبْرَاؤُهَا وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ الْبِسَاطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ وَبَهْرَامَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مَنْدُوبٌ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْ مُطْلَقًا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِغَيْرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّأْوِيلَ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقٌ وَأَمَّا تَأْوِيلُ الِاسْتِحْبَابِ فَقِيلَ مُطْلَقٌ وَقِيلَ إنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي خَاصَّةً.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهِ) الَّذِي فِي ح بَعْدَ نُقُولٍ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْهَا أَنَّ اسْتِحْبَابَ الِاسْتِبْرَاءِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ
نَوْعٌ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ إلَّا أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِمَزِيدِ أَحْكَامٍ وَلِذَا أَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ فَقَالَ (وَتَتَوَاضَعُ) الْأَمَةُ (الْعَلِيَّةُ) أَيْ الرَّائِعَةُ الْجَيِّدَةُ الَّتِي تُرَادُ لِلْفِرَاشِ وُجُوبًا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا أَوْ لَا (أَوْ وَخْشٌ) بِسُكُونِ الْخَاءِ أَيْ خَسِيسَةٌ تُرَادُ لِلْخِدْمَةِ (أَقَرَّ الْبَائِعٌ بِوَطْئِهَا) فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ فَلَا مُوَاضَعَةَ وَإِنَّمَا يَسْتَبْرِئُهَا الْمُشْتَرِي (عِنْدَ مَنْ يُؤْمَنُ) مُتَعَلِّقٌ بِتَتَوَاضَعُ فَحَقِيقَةُ الْمُوَاضَعَةِ جَعْلُ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَاةِ زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا عِنْدَ أَمِينٍ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ مِنْ رَجُلٍ ذِي أَهْلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ (وَالشَّأْنُ) أَيْ الْمُسْتَحَبُّ (النِّسَاءُ) وَظَاهِرُهُ أَنَّ الرَّجُلَ الْأَمِينَ الَّذِي لَا أَهْلَ، وَلَا مَحْرَمَ لَهُ يَكْفِي وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكِفَايَةِ.
(وَإِذَا)(رَضِيَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (بِغَيْرِهِمَا) أَيْ بِوَضْعِهَا عِنْدَ غَيْرِهِمَا (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْتِقَالُ) عَمَّا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُهَا مِنْ عِنْدِهِ إلَّا لِوَجْهٍ، وَأَمَّا إذَا رَضِيَا بِأَحَدِهِمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْتِقَالُ، وَمَفْهُومُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُمَا مَعًا الِانْتِقَالَ (وَنُهِيَا) نَهْيَ كَرَاهَةٍ (عَنْ) وَضْعِهَا عِنْدَ (أَحَدِهِمَا) الْمَأْمُونِ وَإِلَّا حَرُمَ.
(وَهَلْ يُكْتَفَى) فِي الْمُوَاضَعَةِ (بِوَاحِدَةٍ) مِنْ النِّسَاءِ، وَتُصَدَّقُ فِي إخْبَارِهَا عَنْ حَيْضِهَا (قَالَ) الْمَازِرِيُّ (يُخَرَّجُ) أَيْ يُقَاسَ (عَلَى التُّرْجُمَانِ) أَيْ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ هَلْ يُكْتَفَى فِيهِ بِوَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ أَوْ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ فَلَا يَكْفِي الْوَاحِدُ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي الْمُتَرْجِمِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ هُنَا الِاكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدَةِ.
(وَلَا مُوَاضَعَةَ فِي) أَمَةٍ (مُتَزَوِّجَةٍ) اشْتَرَاهَا غَيْرُ زَوْجِهَا كَمَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَغَابَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا وَرَدَّ الْبَيْعَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَإِنَّ الْبَائِعَ لَا يَسْتَبْرِئُهَا وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ أَبُو الْفَرَجِ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَكَذَلِكَ أَيْضًا ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ مُطْلَقٌ وَعَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ حَمَلَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوُهُ لِلْبِسَاطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ وَتَبِعَهُمَا عبق وَشَارِحُنَا
(قَوْلُهُ: نَوْعٌ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ) أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْأَعَمَّ وَهُوَ مُطْلَقُ الْكَشْفِ عَنْ حَالِ الرَّحِمِ الشَّامِلِ لِلْمُوَاضَعَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِمَزِيدِ أَحْكَامٍ) وَذَلِكَ كَالنَّفَقَةِ وَالضَّمَانِ وَشَرْطِ النَّقْدِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ فِي زَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى الْبَائِعِ، وَضَمَانُهَا مِنْهُ، وَشَرْطُ النَّقْدِ مُفْسِدٌ لِبَيْعِهَا بِخِلَافِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ مُدَّتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَضَمَانُهَا مِنْهُ، وَالنَّقْدُ فِيهِ، وَلَوْ بِشَرْطٍ لَا يَضُرُّ.
(قَوْلُهُ: وَتَتَوَاضَعُ الْعَلِيَّةُ) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ وَخْشٌ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا أَيْ إذَا كَانَ الْبَائِعُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا مِنْ وَطْئِهِ، وَإِلَّا فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا كَمَا نَقَلَهُ بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا، وَخْشًا أَوْ عَلِيَّةً بِالنَّظَرِ لِحَالِهَا عِنْدَ النَّاسِ لَا بِالنَّظَرِ لِحَالِهَا عِنْدَ مَالِكِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُوَاضَعَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يُرِيدَ الْمُشْتَرِي الْوَطْءَ فَلَيْسَتْ كَالِاسْتِبْرَاءِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَلِيَّةَ يُنْقِصُ الْحَمْلُ مِنْ ثَمَنِهَا، وَالْوَخْشُ إذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا يُخْشَى أَنْ تَكُونَ حَمَلَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَسْتَبْرِئُهَا الْمُشْتَرِي) أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَطَأَهَا وَإِلَّا فَلَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَنَّهُ فِي الْفَرْدَيْنِ اللَّذَيْنِ يُقَالُ فِيهِمَا مُوَاضَعَةٌ تَجْرِي عَلَيْهِمَا أَحْكَامُ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ لُزُومِ النَّفَقَةِ وَالضَّمَانِ مُدَّتَهَا عَلَى الْبَائِعِ، وَفِي غَيْرِهِمَا تَجْرِي أَحْكَامُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ لُزُومِ النَّفَقَةِ وَالضَّمَانِ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عَلَى مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمُوَاضَعَةَ كَمَا تَكُونُ فِيمَنْ تَحِيضُ تَكُونُ فِي غَيْرِهَا كَالصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ (قَوْلُهُ: يَكْفِي) أَيْ وَضْعُهَا عِنْدَهُ أَيْ وَهُوَ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وَضْعِهَا عِنْدَ مَنْ لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا مَحْرَمَ جَوَازُ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَدَمٌ أَوْ أَصْحَابٌ قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: يَكْفِي أَيْ فِي تَحْصِيلِ الْوَاجِبِ وَقَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكِفَايَةِ، وَهُوَ مُفَادُ قَوْلِ الذَّخِيرَةِ وَمِنْ شَرْطِ الْأَمِينِ إذَا كَانَ رَجُلًا أَنْ يَكُونَ مُتَزَوِّجًا
(قَوْلُهُ: عَمَّا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ) وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِيمَنْ تُوضَعُ عِنْدَهُ حَيْثُ عَيَّنَ الْمُشْتَرِي غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا رَضِيَا بِأَحَدِهِمَا) أَيْ مَعَ ارْتِكَابِ النَّهْيِ، وَقَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْتِقَالُ أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: وَنُهِيَا) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ لَا مَعًا فَالنَّهْيُ يَتَعَلَّقُ بِالْبَائِعِ إذَا وُضِعَتْ عِنْدَهُ خَوْفًا مِنْ تَسَاهُلِهِ مِنْ إصَابَتِهَا نَظَرًا لِكَوْنِهَا فِي ضَمَانِهِ، وَيَتَعَلَّقُ بِالْمُشْتَرِي إذَا وُضِعَتْ عِنْدَهُ خَوْفًا مِنْ تَسَاهُلِهِ فِي إصَابَتِهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ نَظَرًا لِعَقْدِ الْبَيْعِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ تَعَلُّقُ النَّهْيِ بِهِمَا مَعًا لِإِقْرَارِ الثَّانِي لِمَنْ وُضِعَتْ عِنْدَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) أَيْ فَالنَّهْيُ إمَّا نَهْيُ كَرَاهَةٍ أَوْ حُرْمَةٍ
(قَوْلُهُ: قَالَ الْمَازِرِيُّ يُخَرَّجُ إلَخْ) أَيْ يُخَرَّجُ الْخِلَافُ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي التُّرْجُمَانِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّخْرِيجَ لِلْمَازِرِيِّ مِنْ عِنْدِهِ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَجْرَاهُ التُّونُسِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَائِفِ الْوَاحِدِ وَالتُّرْجُمَانِ اهـ وَلَا شَكَّ أَنَّهُمَا قَبْلَ الْمَازِرِيِّ اهـ بْن وَالتُّرْجُمَانُ هُوَ الَّذِي يُفَسِّرُ لُغَةً بِلُغَةٍ وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ كَجُلْجُلَانٍ وَبِفَتْحِهِمَا كَزَعْفَرَانٍ وَبِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِضَمِّ ثَالِثِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ) أَيْ بَلْ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي الْمُتَرْجِمِ) أَيْ إنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ التُّرْجُمَانَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَدُّدِ؛ لِأَنَّهُمَا شَاهِدَانِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْحَاكِمِ خِلَافًا لِمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ مِنْ كِفَايَةِ التُّرْجُمَانِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ هُنَا الِاكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدَةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَكَفَتْ وَاحِدَةٌ لَكَانَ أَوْلَى
(قَوْلُهُ: وَلَا مُوَاضَعَةَ فِي أَمَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ اشْتَرَاهَا غَيْرُ زَوْجِهَا) وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي مُوَاضَعَتِهَا لِدُخُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ اشْتَرَاهَا
لَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا (وَ) لَا فِي (حَامِلٍ) مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا لِعِلْمِ الْمُشْتَرِي بِشُغْلِ الرَّحِمِ بِالْوَلَدِ (وَ) لَا فِي (مُعْتَدَّةٍ) مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ؛ إذْ الْعِدَّةُ تُغْنِي عَنْ الْمُوَاضَعَةِ وَعَنْ الِاسْتِبْرَاءِ (وَ) لَا فِي (زَانِيَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ النَّاشِئَ عَنْ الزِّنَا لَا يَلْحَقُ بِالْبَائِعِ وَلَا بِغَيْرِهِ (كَالْمَرْدُودَةِ) لِبَائِعِهَا (بِعَيْبٍ أَوْ فَسَادٍ) لِلْبَيْعِ (أَوْ إقَالَةٍ إنْ لَمْ يَغِبْ الْمُشْتَرِي) عَلَى الْأَمَةِ فَلَا مُوَاضَعَةَ؛ إذْ لَا اسْتِبْرَاءَ فِي هَذِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْغَيْبَةِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْمُوَاضَعَةُ إنْ ظَنَّ الْوَطْءَ، أَوْ لَمْ يَظُنَّ وَرُدَّتْ لِفَسَادِ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ أَوْ رُدَّتْ لِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ وَدَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ.
(وَفَسَدَ) بَيْعُ الْمُوَاضَعَةِ (إنْ نَقَدَ) الْمُشْتَرِي فِيهِ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ (بِشَرْطٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ، وَكَذَا يُفْسِدُهُ شَرْطُ النَّقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ (لَا) إنْ نَقَدَ (تَطَوُّعًا) فَلَا يَفْسُدُ وَهَذَا حَيْثُ وَقَعَ الْبَيْعُ بَتًّا فَلَوْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ لَمُنِعَ النَّقْدُ وَلَوْ تَطَوُّعًا.
(وَفِي الْجَبْرِ) أَيْ جَبْرِ الْمُشْتَرِي (عَلَى إيقَافِ الثَّمَنِ) أَيَّامَ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ وَعَدَمِ جَبْرِهِ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ يَدِهِ حَتَّى تَرَى الدَّمَ فَيَدْفَعَهُ لِلْبَائِعِ (قَوْلَانِ وَ) إذَا قُلْنَا بِالْإِيقَافِ فَتَلِفَ كَانَتْ (مُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِهِ) وَهُوَ الْبَائِعُ إذَا رَأَتْ الدَّمَ وَالْمُشْتَرِي إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَوْ هَلَكَتْ أَيَّامَ الْمُوَاضَعَةِ، وَمَا شَرَحْنَا عَلَيْهِ مِنْ تَأْخِيرِ قَوْلِهِ: وَمُصِيبَتُهُ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ: وَفِي الْجَبْرِ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِيقَافِ، وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بَعْدَ الْجَبْرِ فَكَذَلِكَ إنْ وَقَفَ بِتَرَاضِيهِمَا.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعِدَّةِ مُنْفَرِدَةً، وَالِاسْتِبْرَاءُ كَذَلِكَ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا لَوْ اجْتَمَعَا مُتَّفِقَيْنِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
غَيْرُ زَوْجِهَا نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ وَأَوْلَى لَوْ اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا الْمُسْتَرْسِلُ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا فِي حَامِلٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ زَوْجٍ نَعَمْ تُسْتَبْرَأُ بِوَضْعِ حَمْلِهَا، وَفَائِدَةُ كَوْنِ وَضْعِ الْحَمْلِ اسْتِبْرَاءً لَا مُوَاضَعَةً لُزُومُ النَّفَقَةِ وَالضَّمَانِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ لِعِلْمِ الْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي مُوَاضَعَتِهَا (قَوْلُهُ وَلَا فِي زَانِيَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا زَنَتْ الْأَمَةُ فَبَاعَهَا الْمَالِكُ بَعْدَ زِنَاهَا فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي مُوَاضَعَتُهَا وَيَنْتَظِرُ حَيْضَةً يَسْتَبْرِئُهَا بِهَا فَنَفْيُ الْمُوَاضَعَةِ عَنْهَا لَا يُنَافِي وُجُوبَ اسْتِبْرَائِهَا، وَفَائِدَةُ كَوْنِ هَذِهِ الْحَيْضَةِ اسْتِبْرَاءً لَا مُوَاضَعَةً تَرَتُّبُ النَّفَقَةِ وَالضَّمَانِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا اسْتَبْرَأَهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْمُوَاضَعَةُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا غَابَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ أَوْ لِفَسَادٍ أَوْ بِإِقَالَةٍ فَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ مُوَاضَعَتُهَا بِمَعْنَى اسْتِبْرَائِهَا إنْ ظَنَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ وَطِئَهَا حِينَ غَابَ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ وَطِئَهَا، وَكَانَ الرَّدُّ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي كَمَا إذَا رَدَّهَا الْمُشْتَرِي لِفَسَادِ الْبَيْعِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا بِقَصْدِ الْمِلْكِ أَوْ كَانَ رَدَّهَا لِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ تَعَلُّقِ ضَمَانِهَا بِهِ بِأَنْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ قَبْلَ رُؤْيَةِ الدَّمِ، أَوْ رَدَّهَا لِفَسَادِ الْبَيْعِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا بِنِيَّةِ الْمِلْكِ بَلْ قَبَضَهَا ائْتِمَانًا عَلَى اسْتِبْرَائِهَا فَلَا يَسْتَبْرِئُهَا الْبَائِعُ إذَا رُدَّتْ إلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْمُوَاضَعَةُ مُرَادُهُ بِهَا الِاسْتِبْرَاءُ أَيْ اسْتِبْرَاءُ الْبَائِعِ لَهَا وَقَوْلُهُ: وَرُدَّتْ لِفَسَادٍ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا رُدَّتْ لِفَسَادٍ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ، وَهَذَا قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ: أَوْ لَمْ يَظُنَّ، وَمُرَادُهُ بِالْقَبْضِ قَبْضُهَا بِقَصْدِ الْمِلْكِ كَمَا عَلِمْت
(قَوْلُهُ)(وَفَسَدَ بَيْعُ الْمُوَاضَعَةِ) أَيْ الْبَيْعُ الْمَدْخُولُ فِيهِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ نَصًّا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ، وَأَوْلَى إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَرَى الدَّمَ فَيَمْضِيَ الْبَيْعُ فَيَكُونَ الْمَدْفُوعُ ثَمَنًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَرَاهُ فَيُرَدَّ الْبَيْعَ فَيَكُونَ مَا نَقَدَهُ سَلَفًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُفْسِدُهُ شَرْطُ النَّقْدِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَفَسَدَ إنْ شَرَطَ النَّقْدَ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ إنَّمَا هُوَ شَرْطُهُ وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ بِالْفِعْلِ، وَإِنَّمَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ النَّقْدِ إذَا اشْتَرَطُوا الْمُوَاضَعَةَ أَوْ جَرَى بِهَا الْعُرْفُ فَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ وَلَا جَرَى الْعُرْفُ بِهَا بَلْ بِعَدَمِهَا كَمَا فِي مِصْرَ لَمْ يَفْسُدْ الْبَيْعُ بِشَرْطِ النَّقْدِ، وَيُحْكَمُ بِالْمُوَاضَعَةِ، وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى رَدِّ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ، وَلَوْ طُبِعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ جَوَازُ النَّقْدِ وَلَوْ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ: لَمُنِعَ النَّقْدُ وَلَوْ تَطَوُّعَا) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ مُدَّةَ الْخِيَارِ فَإِذَا مَضَتْ فَسَخَهُ فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا حَتَّى تَرَى الدَّمَ اهـ عَدَوِيٌّ
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَظْهَرُ مِنْهُمَا الْجَبْرُ الَّذِي هُوَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِيقَافِ) أَيْ وَأَوْقَفَاهُ بِالْفِعْلِ بِيَدِ عَدْلٍ فَتَلِفَ (قَوْلُهُ: إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ وَأَمَّا إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ قَبْلَ الْحَيْضَةِ، وَقَدْ تَلِفَ الثَّمَنُ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي قَبُولِهَا بِالْعَيْبِ أَوْ الْحَمْلِ بِالثَّمَنِ التَّالِفِ، وَتَصِيرُ مُصِيبَتُهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَكَانَتْ مُصِيبَةُ الثَّمَنِ التَّالِفِ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ) أَيْ تَقْدِيمُ قَوْلِهِ: وَمُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِيقَافِ وَنَصُّهُ هَكَذَا وَمُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِهِ وَفِي الْجَبْرِ عَلَى إيقَافِ الثَّمَنِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: بِتَرَاضِيهِمَا) أَيْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُوقَفْ فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالَهُ مَعَهُ