المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الكفاءة في النكاح] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٢

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[سُنَن الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُحَرِّمَ بِالْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌(بَابُ الذَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ الْمُبَاحِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمُحَرَّمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمَكْرُوهُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابٌ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌ الْعَقِيقَةِ وَحُكْمِهَا

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمِين وَشَرَائِطه]

- ‌[كَفَّارَة الْيَمِين]

- ‌(فَصْلٌ) فِي النَّذْرِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[بَابٌ الْجِهَادَ]

- ‌(فَصْلٌ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ

- ‌[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ]

- ‌[بَاب بَعْضُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ مِنْ الْأَحْكَامِ]

- ‌(بَابٌ) فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[أَقْسَام النِّكَاح الْفَاسِد]

- ‌[الْكِفَاءَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَوَانِعِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصَلِّ خِيَار أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا وَالْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ]

- ‌ مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْل وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فِرَاقهُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ

- ‌[الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلِ فِي شُرُوط الصَّدَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم تَنَازُع الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاح وَالصَّدَاق أَوْ مَتَاع الْبَيْت وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ]

- ‌[فَصَلِّ الْوَلِيمَة]

- ‌[فَصَلِّ الْقَسْم بَيْن الزَّوْجَات فِي الْمَبِيت]

- ‌ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَلَام عَلَى الْخُلْعِ]

- ‌(فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ)

- ‌[فَصَلِّ أَرْكَان الطَّلَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ)

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[بَاب الظِّهَار وَأَرْكَانَهُ وَكَفَّارَتَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[كِنَايَات الظِّهَار]

- ‌[بَاب اللِّعَان وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌ أَسْبَابُ اللِّعَانِ

- ‌[عدة الْحُرَّة]

- ‌(فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌بَابِ تَدَاخُلِ الْعَدَدِ

- ‌[بَاب أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب أَسْبَابَ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّفَقَةِ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةُ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَضَانَةِ]

الفصل: ‌[الكفاءة في النكاح]

مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الْمُتَحَمِّلِ بِهِ (حَتَّى يُقَرِّرَ) لَهَا صَدَاقًا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (وَتَأْخُذَ الْحَالَّ) أَصَالَةً أَوْ بَعْدَ أَجَلِهِ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ حَيْثُ امْتَنَعَتْ (التَّرْكُ) بِأَنْ يُطَلِّقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ أَوْ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ الْمُتَحَمِّلُ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَأَمَّا مَا فِيهِ رُجُوعٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا إذَا صُرِّحَ بِالْحَمَالَةِ مُطْلَقًا أَوْ كَانَ بِلَفْظِ الضَّمَانِ وَوَقَعَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ إنْ طَلَّقَ غَرِمَ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَإِنْ دَخَلَ غَرِمَ الْجَمِيعَ.

(وَبَطَلَ) الضَّمَانُ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ وَصَحَّ النِّكَاحُ (إنْ)(ضَمِنَ) شَخْصٌ مَهْرًا بِلَفْظِ الْحَمْلِ (فِي مَرَضِهِ) الْمَخُوفِ (عَنْ وَارِثٍ) ابْنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمَاتَ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ أَوْ عَطِيَّةٌ لَهُ فِي الْمَرَضِ (لَا) إنْ تَحَمَّلَ عَنْ (زَوْجِ ابْنَةٍ) غَيْرُ وَارِثٍ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَيَجُوزُ فِي الثُّلُثِ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ خُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ يَتْرُكَ النِّكَاحَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَلَمَّا كَانَتْ الْكَفَاءَةُ مَطْلُوبَةً فِي النِّكَاحِ عَقَّبَ الْمُصَنِّفُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ بِالْكَلَامِ عَلَيْهَا فَقَالَ [دَرْسٌ](وَالْكَفَاءَةُ) وَهِيَ لُغَةً الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُقَارَبَةُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالتَّعَذُّرِ التَّعَسُّرُ أَيْ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَتَعَذَّرُ الْأَخْذُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مَلِيًّا لَمْ يَكُنْ لَهَا الِامْتِنَاعُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الزَّوْجِ) سَيَأْتِي أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ بَعْدَ الدُّخُولِ حَتَّى تَأْخُذَ مَا حَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ فَيُحْمَلُ مَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ عَلَى الزَّوْجِ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِهِ وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ مِنْ الْمُتَحَمِّلِ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ أَمْ لَا، وَأَمَّا تَعْمِيمُ الشَّارِحِ فِيمَا هُنَا فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ فِيمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يُقَرِّرَ لَهَا) أَيْ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ، وَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى اتِّبَاعِ غَيْرِ الزَّوْجِ لَمْ تَدْخُلْ عَلَى تَسْلِيمِ سِلْعَتِهَا مَجَّانًا وَقَوْلُهُ: حَتَّى يُقَرِّرَ لَهَا صَدَاقًا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَقَالَ عج عَنْ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ حَتَّى يُعَيِّنَ وَتَقْبِضَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَخْذُ مُتَعَذِّرًا فَلَا فَائِدَةَ فِي تَقْدِيرِ الصَّدَاقِ وَحْدَهُ وَعَلَى هَذَا فَيَخْتَلِفُ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ الَّذِي فِيهِ الصَّدَاقُ عَلَى الزَّوْجِ وَاَلَّذِي فِيهِ الصَّدَاقُ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي الْأَوَّلِ مُجَرَّدُ التَّقْرِيرِ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَلَهَا طَلَبُ التَّقْدِيرِ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ أَجَلِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَحَلَّ أَجَلُهُ وَتَسْوِيَتُهُ بَيْنَ الْحَالِّ ابْتِدَاءً وَبَيْنَ مَا حَلَّ بَعْدَ التَّأْجِيلِ مِنْ أَنَّ لَهَا الِامْتِنَاعَ حَتَّى تَقْبِضَهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إنَّمَا يَكُونَانِ سَوَاءً لَوْ كَانَ الصَّدَاقُ عَلَى الزَّوْجِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى التَّحَمُّلِ بِهِ فَلَيْسَ لَهَا الْمَنْعُ مِنْ التَّمْكِينِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَالِّ أَصَالَةً دُونَ مَا حَلَّ بَعْدَ أَجَلِهِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ حَيْثُ امْتَنَعَتْ مِنْ الدُّخُولِ وَتَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْ الْمُتَحَمِّلِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: التَّرْكُ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا مِنْ عِنْدِهِ وَيَتْبَعَ بِهِ الْحَامِلَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى غُرْمِ شَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ الْحَامِلُ عَدِيمًا فَمَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَرْجِعُ إلَخْ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ الدُّخُولِ لِتَعَذُّرِ خَلَاصِ الصَّدَاقِ مِنْ الْمُلْتَزِمِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ الصَّدَاقَ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ يُطَلِّقَهَا فَإِنْ دَفَعَهُ مِنْ عِنْدِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُلْتَزِمِ إنْ كَانَ الْتِزَامُهُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ وَكَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْحَمَالَةِ أَوْ الضَّمَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُلْتَزِمُ الْتَزَمَهُ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ وَكَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْتِزَامُهُ عَلَى وَجْهِ الْحَمَالَةِ أَوْ الضَّمَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا يَغْرَمُ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَإِنْ دَخَلَ غَرِمَ الْجَمِيعَ

(قَوْلُهُ: وَبَطَلَ إلَخْ) قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْتِزَامَ الْمَهْرِ حَمْلٌ وَحَمَالَةٌ وَضَمَانٌ فَإِنْ كَانَ حَمْلًا فَلَا يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ حَمَالَةً رَجَعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ ضَمَانًا رَجَعَ إنْ كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا إنْ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ حِينَهُ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ مَهْرًا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ لِوَارِثٍ كَانَ الضَّمَانُ بَاطِلًا لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَبَضَتْهُ مِنْ الضَّامِنِ، ثُمَّ مَاتَ رَدَّتْهُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا، وَقَدْ دَخَلَ أَوْ أَرَادَ الدُّخُولَ أَوْ صَغِيرًا وَدَخَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ اتَّبَعَتْهُ الزَّوْجَةُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَرِيضُ ضَمِنَ الْمَهْرَ لِلْوَارِثِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ عَلَى وَجْهِ الْحَمَالَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ نَظَرًا لِكَوْنِهِ تَبَرُّعًا فِي الصُّورَةِ، وَلَوْ لَاحَظُوا أَنَّ فِيهِ الرُّجُوعَ لَأَجَازُوهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَنْ وَارِثٍ صِحَّتُهُ أَيْ الضَّمَانِ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ مِنْ غَيْرِ وَارِثٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ قَرِيبٍ وَيَكُونُ وَصِيَّةً مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ الزَّائِدَ خُيِّرَ الزَّوْجُ إمَّا أَنْ يَدْفَعَ الزَّائِدَ وَيَدْخُلَ وَإِمَّا أَنْ يَفُكَّ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا عَنْ زَوْجِ ابْنَةٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: عَنْ زَوْجِ ابْنَةٍ) أَيْ رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَتَهُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِكَوْنِ الْمَالِ تَأْخُذُهُ بِنْتُهُ الَّتِي هِيَ وَارِثَةٌ لَهُ.

[الْكِفَاءَة فِي النِّكَاح]

(قَوْلُهُ: مَطْلُوبَةً) أَيْ لِأَجْلِ دَوَامِ الْمَوَدَّةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْكَفَاءَةُ) أَيْ الْمَطْلُوبَةُ فِي النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: الدِّينُ وَالْحَالُ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ الْمُمَاثَلَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَالِ فَهِيَ لُغَةً مُطْلَقُ الْمُمَاثَلَةِ أَوْ الْمُقَارَبَةِ، وَأَمَّا اصْطِلَاحًا فَهِيَ الْمُمَاثَلَةُ فِيمَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُقَارَبَةُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ

ص: 248

وَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَمْرَانِ (الدِّينُ) أَيْ التَّدَيُّنُ أَيْ كَوْنُهُ ذَا دِينٍ أَيْ غَيْرَ فَاسِقٍ لَا بِمَعْنَى الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ وَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُهَا، إذْ لَيْسَ لَهُمَا تَرْكُهُ وَتَأْخُذُ كَافِرًا إجْمَاعًا (وَالْحَالُ) أَيْ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ لَهَا الْخِيَارَ فِي الزَّوْجِ لَا الْحَالُ بِمَعْنَى الْحَسَبِ وَالنَّسَبِ وَإِنَّمَا تُنْدَبُ فَقَطْ (وَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ) أَيْ لَهُمَا مَعًا (تَرْكُهَا) وَتَزْوِيجُهَا مِنْ فَاسِقٍ سِكِّيرٍ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَإِلَّا رَدَّهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ رَضِيَتْ لِحَقِّ اللَّهِ حِفْظًا لِلنُّفُوسِ، وَكَذَا تَزْوِيجُهَا مِنْ مَعِيبٍ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْخِيَارِ أَنَّ الثَّانِيَ أَيْ السَّلَامَةَ مِنْ الْعَيْبِ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ فِيهِ كَلَامٌ.

(وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ رَضِيَ) بِغَيْرِ كُفْءٍ (فَطَلَّقَ) غَيْرُ الْكُفْءِ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا (امْتِنَاعٌ) اسْمُ لَيْسَ أَيْ لَيْسَ لَهُ امْتِنَاعٌ مِنْ تَزْوِيجِهَا لَهُ ثَانِيًا حَيْثُ طَلَبَهَا وَرَضِيَتْ بِهِ (بِلَا) عَيْبٍ (حَادِثٍ) غَيْرَ الْأَوَّلِ يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ لِأَنَّ رِضَاهُ أَوَّلًا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الِامْتِنَاعِ وَيُعَدُّ عَاضِلًا إنْ امْتَنَعَ فَإِنْ حَدَثَ عَيْبٌ بِأَنَّ زَادَ فِسْقُهُ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ.

(وَلِلْأُمِّ التَّكَلُّمُ فِي) إرَادَةِ (تَزْوِيجِ الْأَبِ) ابْنَتَهُ (الْمُوسِرَةَ الْمَرْغُوبَ فِيهَا مِنْ) ابْنِ أَخٍ لَهُ (فَقِيرٌ) أَوْ غَيْرِهِ بِأَنْ تَرْفَعَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَنْظُرَ فِيمَا أَرَادَهُ الْأَبُ هَلْ هُوَ صَوَابٌ.

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَتَتْ امْرَأَةٌ مُطَلَّقَةٌ إلَى مَالِكٍ فَقَالَتْ: إنَّ لِي ابْنَةً فِي حِجْرِي مُوسِرَةً مَرْغُوبًا فِيهَا، فَأَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ ابْنِ أَخٍ لَهُ فَقِيرٍ أَفَتَرَى لِي فِي ذَلِكَ مُتَكَلَّمًا؟ قَالَ: نَعَمْ إنِّي لَأَرَى لَك مُتَكَلَّمًا. انْتَهَى.

فَقَوْلُهُ: إنِّي لَأَرَى لَك بِالْإِثْبَاتِ (وَرُوِيَتْ) أَيْضًا (بِالنَّفْيِ) أَيْ لَا أَرَى لَك مُتَكَلَّمًا (ابْنِ الْقَاسِمِ) قَالَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْصَافَ الَّتِي اعْتَبَرُوهَا فِي الْكَفَاءَةِ سِتَّةٌ أَشَارَ لَهَا بَعْضٌ قَوْلُهُ:

نَسَبٌ وَدِينٌ صَنْعَةٌ حُرِّيَّةٌ

فَقْدُ الْعُيُوبِ وَفِي الْيَسَارِ تَرَدُّدٌ

فَإِنْ سَاوَاهَا الرَّجُلُ فِي السِّتَّةِ فَلَا خِلَافَ فِي كَفَاءَتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا ذُكِرَ لِقَوْلِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ: إنَّهَا الْمُمَاثَلَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَالِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْمُمَاثَلَةُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بَاقِي الْأَوْصَافِ فَمَتَى سَاوَاهَا الرَّجُلُ فِيهِمَا فَقَطْ كَانَ كُفُؤًا.

(قَوْلُهُ: الْحَسَبِ) هُوَ مَا يُعَدُّ مِنْ مَفَاخِرِ الْآبَاءِ كَالْكَرَمِ وَالْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ، وَقَوْلُهُ: النَّسَبِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعْلُومَ الْأَبِ لَا كَوْنِ أَحَدِهِمَا لَقِيطًا أَوْ مَوْلًى إذًا لَا نَسَبَ لَهُ مَعْلُومٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُنْدَبُ) أَيْ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِمَا فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: أَيْ لَهُمَا مَعًا) أَيْ فَإِنْ تَرَكَتْهَا امْرَأَةٌ بِأَنْ رَضِيَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَلَمْ يَرْضَ الْوَلِيُّ بِتَرْكِهَا فَلِلْأَوْلِيَاءِ الْفَسْخُ مَا لَمْ يَدْخُلْ فَإِنْ دَخَلَ فَلَا فَسْخَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ تَرَكَتْهَا فَحَقُّ الْوَلِيِّ بَاقٍ وَالْعَكْسُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ فَاسِقٍ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فِي الْكَفَاءَةِ فَإِذَا أَسْقَطَا حَقَّهُمَا مِنْهَا وَزَوَّجَهَا مِنْ فَاسِقٍ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ

وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ظَاهِرَ مَا نَقَلَهُ ح وَغَيْرُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ ابْنُ رَحَّالٍ مَنْعُ تَزْوِيجِهَا مِنْ الْفَاسِقِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ كَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَلَا لِلْوَلِيِّ الرِّضَا بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مُخَالَطَةَ الْفَاسِقِ مَمْنُوعَةٌ وَهَجْرُهُ وَاجِبٌ شَرْعًا فَكَيْفَ بِخُلْطَةِ النِّكَاحِ فَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَتَزَوَّجَهَا فَفِي الْعَقْدِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لُزُومُ فَسْخِهِ لِفَسَادِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَابْنُ سَلْمُونٍ الثَّانِي أَنَّهُ صَحِيحٌ وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ الثَّالِثُ لِأَصْبَغَ إنْ كَانَ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ رَدَّهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ وَظَاهِرُ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ عَوْدُ ضَمِيرِ تَرَكَهَا لِلْحَالِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ اهـ بْن وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ كَمَا شَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ.

(قَوْلُهُ: حِفْظًا) أَيْ لِوُجُوبِ حِفْظِ النُّفُوسِ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا رَضِيَ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَزَوَّجَهَا مِنْهُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَأَرَادَ عَوْدَهَا فَرَضِيَتْ الزَّوْجَةُ وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ حَيْثُ لَمْ يَحْدُثْ مَا يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ وَيُعَدُّ عَاضِلًا أَمَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَهِيَ زَوْجَةٌ فَلَا كَلَامَ لَهَا وَلَا لِوَلِيِّهَا

(قَوْلُهُ: مِنْ فَقِيرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ابْنُ أَخٍ لَهُ أَوْ غَيْرُهُ وَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ أَخٍ الْوَاقِعَ فِي الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ مُخْرَجٌ عَلَى سُؤَالِ سَائِلٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا أَنَّهُ أَسْقَطَ الْمُطَلَّقَةَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْأُمِّ لِمَا ذَكَرْنَا وَقَوْلُهُ: فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ أَيْ وَغَيْرِ الْأَبِ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَخَاصٌّ بِهَا مُطَلَّقَةٌ أَمْ لَا وَمِثْلُ الْفَقِيرِ مَنْ يَغُرُّ بِهَا عَنْ أُمِّهَا مَسَافَةَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْفَرْعِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إلَّا لِكَخَصِيٍّ أَيْ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُجْبِرَ بِنْتَهُ عَلَى التَّزْوِيجِ بِخَصِيٍّ وَنَحْوَهُ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلْخِيَارِ، وَأَمَّا الْفَقْرُ فَلَمْ يَذْكُرُوهُ فَلَهُ جَبْرُهَا وَلَا كَلَامَ لِأَحَدٍ حَتَّى الْأُمِّ فَكَيْفَ يُحْكَمُ هُنَا لَهَا بِالتَّكَلُّمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ مُعْتَبَرٌ فِي الْكَفَاءَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ أَوْ غَيْرِ ابْنِ الْأَخِ.

(قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ صَوَابٌ) أَيْ فَيُمَكِّنُهُ مِمَّا أَرَادَ أَوْ غَيْرُ صَوَابٍ فَيَمْنَعُهُ مِمَّا أَرَادَهُ.

(قَوْلُهُ: بِالْإِثْبَاتِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ نَعَمْ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَرِوَايَةُ الْإِثْبَاتِ أَصَحُّ وَلِذَا قَدَّمَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ كَمَا أَنَّهُ قَدَّمَ قَوْلَ مَالِكٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إشْعَارًا بِتَرْجِيحِهِ عَلَيْهِ اهـ. لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِشْكَالِ أَنَّ الرَّاجِحَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ لَا تَكَلُّمَ لَهَا إلَّا لِضَرَرٍ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَرُوِيَتْ أَيْضًا بِالنَّفْيِ) أَيْ قَالَ نَعَمْ إنِّي لَا أَرَى لَك مُتَكَلَّمًا وَفِيهِ أَنَّ النَّفْيَ لَمْ يَسْتَقِمْ مَعَ قَوْلِهِ نَعَمْ وَيَخْتَلُّ الْمَعْنَى وَيَتَنَاقَضُ كَلَامُهُ بَعْضُهُ مَعَ بَعْضٍ

ص: 249

بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ وَأَنَا أَرَاهُ مَاضِيًا أَيْ فَلَا تَكَلُّمَ لَهَا (إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ) فَلَهَا التَّكَلُّمُ (وَ) اُخْتُلِفَ فِي جَوَابِ (هَلْ) هُوَ (وِفَاقٌ) أَوْ خِلَافٌ فَقِيلَ وِفَاقٌ بِتَقْيِيدِ كَلَامِ الْإِمَامِ بِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ أَوْ بِالضَّرَرِ عَلَى رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ فَوَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ يَكُونُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لِقَوْلِهِ أَرَاهُ رَاضِيًا أَيْ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَيَقُولُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ لَكِنَّ هَذَا الثَّانِيَ إنَّمَا بِقَوْلٍ يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ وَقِيلَ خِلَافٌ بِحَمْلِ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى إطْلَاقِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ بِالْإِثْبَاتِ أَوْ النَّفْيِ أَيْ كَانَ هُنَاكَ ضَرَرٌ أَمْ لَا وَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ وَعَدَمِهِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (تَأْوِيلَانِ)(وَالْمُولَى) أَيْ الْعَتِيقُ (وَغَيْرُ الشَّرِيفِ) أَيْ الدَّنِيءُ فِي نَفْسِهِ كالمسلماني أَوْ فِي حِرْفَتِهِ كَحَمَّارٍ وَزَبَّالٍ (وَالْأَقَلُّ جَاهًا) أَيْ قَدْرًا أَوْ مَنْصِبًا (كُفْءٌ) لِلْحُرَّةِ أَصَالَةً وَالشَّرِيفَةِ وَذَاتِ الْجَاهِ أَكْثَرَ مِنْهُ (وَفِي) كَفَاءَةِ (الْعَبْدِ) لِلْحُرَّةِ وَعَدَمِ كَفَاءَتِهِ لَهَا عَلَى الْأَرْجَحِ (تَأْوِيلَانِ) .

(وَحَرُمَ) عَلَى الشَّخْصِ (أُصُولُهُ) وَهُوَ كُلُّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ، وَإِنْ عَلَا (وَفُصُولُهُ) ، وَإِنْ سَفَلُوا (وَلَوْ خُلِقَتْ) الْفُصُولُ (مِنْ مَائِهِ) أَيْ الْمُجَرَّدِ عَنْ عَقْدٍ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ شُبْهَةٍ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَاؤُهُ الْغَيْرُ الْمُجَرَّدِ عَنْ ذَلِكَ، فَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِبِنْتٍ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ بِذَكَرٍ حَرُمَ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ تَزَوُّجُ بِنْتِهِ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الذَّكَرِ تَزَوُّجُ فُرُوعِ أَبِيهِ مِنْ الزِّنَا وَأُصُولِهِ (وَزَوْجَتُهُمَا) أَيْ تَحْرُمُ زَوْجَةُ الْأُصُولِ الذُّكُورِ عَلَى الْفُرُوعِ الذُّكُورِ وَزَوْجَةُ الْفُرُوعِ الذُّكُورِ عَلَى الْأُصُولِ، وَكَذَا يَحْرُمُ زَوْجُ الْأُصُولِ الْإِنَاثِ عَلَى الْفُرُوعِ الْإِنَاثِ وَزَوْجُ الْفُرُوعِ الْإِنَاثِ عَلَى الْأُصُولِ الْإِنَاثِ فَلَوْ حَذَفَ التَّاءَ لَشَمِلَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَيْضًا.

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ نَعَمْ مَعْنَاهُ أُجِيبُ سُؤَالَكَ تَقْرِيرٌ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ لِسَحْنُونٍ مَا تَقَدَّمَ نَقْلًا عَنْ مَالِكٍ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَا أَرَاهُ) أَيْ مَا يَفْعَلُهُ الْأَبُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ) أَيْ لِحُصُولِ ضَرَرٍ بَيِّنٍ لَهَا بِسَبَبِ الْفَقْرِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَأَنَا أَرَاهُ مَاضِيًا إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا لِضَرَرٍ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ.

(قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ) أَيْ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ وِفَاقٌ أَيْ لِكَلَامِ مَالِكٍ أَوْ مُخَالِفٌ لَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافٌ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وِفَاقٌ. وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ لِلْوِفَاقِ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا نَقَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالثَّانِي مِنْهُمَا لِأَبِي عِمْرَانَ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ هَذَا الثَّانِيَ) أَيْ التَّوْفِيقَ الثَّانِيَ.

(وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ خِلَافٌ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَالرَّاجِحُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَوْلَى وَغَيْرُ الشَّرِيفِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَاءَةِ الْمُمَاثَلَةُ فِي النَّسَبِ وَالْحَسَبِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْعَبْدِ تَأْوِيلَانِ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ كَمَا فِي الشَّارِحِ تَبَعًا لشب وَفِي عبق أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ كُفْءٌ وَهُوَ الْأَحْسَنُ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ التَّفْصِيلُ فَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَبْيَضِ فَهُوَ كُفْءٌ؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَحْرَارِ وَبِهِ الشَّرَفُ فِي عُرْفِ مِصْرِنَا وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَسْوَدِ فَلَيْسَ بِكُفْءٍ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَنْفِرُ مِنْهُ وَيَقَعُ بِهِ الذَّمُّ لِلزَّوْجَةِ اهـ عَدَوِيٌّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي عَبْدِ أَبِيهَا وَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ خُلِقَتْ) أَيْ هَذَا إذَا خُلِقَتْ الْفُصُولُ مِنْ مَائِهِ الْغَيْرِ الْمُجَرَّدِ عَنْ عَقْدٍ بَلْ وَلَوْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْعَقْدِ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ الصِّفَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: الْمُجَرَّدِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي قَوْلِهِ لَا تَحْرُمُ الْبِنْتُ الَّتِي خُلِقَتْ مِنْ الْمَاءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْعَقْدِ وَعَمَّا يُشْبِهُهُ مِنْ الشُّبْهَةِ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ قَالَ سَحْنُونٌ وَهُوَ خَطَأٌ صُرَاحٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ خَطَأٌ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِنْتًا لَوَرِثَتْهُ وَوَرِثَهَا وَجَازَ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا وَإِجْبَارُهَا عَلَى النِّكَاحِ وَذَلِكَ كُلُّهُ مُنْتَفٍ عِنْدَنَا.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَائِهِ) وَمِثْلُ مَنْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ مَنْ شَرِبَتْ مِنْ لَبَنِ امْرَأَةٍ زَنَى بِهَا إنْسَانٌ فَتَحْرُمُ تِلْكَ الْبِنْتُ عَلَى ذَلِكَ الزَّانِي الَّذِي شَرِبَتْ مِنْ مَائِهِ وَهَذَا هُوَ مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا) أَيْ تِلْكَ الْبِنْتَ.

(قَوْلُهُ: فُرُوعِ أَبِيهِ مِنْ الزِّنَا) أَيْ الْكَائِنِ ذَلِكَ الْأَبِ مِنْ الزِّنَا.

(قَوْلُهُ: وَزَوْجَتُهُمَا) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الشَّخْصِ وَفَصْلِهِ يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَزَوَّجَهَا أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ، وَإِنْ عَلَوْا أَوْ أَحَدٌ مِنْ بَنِيهِ، وَإِنْ سَفَلُوا وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَابْنَةِ زَوْجَةِ أَبِيهِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا وَلَدَتْهَا أُمُّهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ بِأَبِيهِ فَتَحِلُّ لَهُ إجْمَاعًا، وَأَمَّا إذَا وَلَدَتْهَا أُمُّهَا بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ بِأَبِيهِ وَفَارَقَتْهُ فَقِيلَ بِحِلِّهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ بِحُرْمَتِهَا وَثَالِثُهَا يُكْرَهُ نِكَاحُهَا الْأَوَّلُ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي سَمَاعُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ نَقَلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ طَاوُسٍ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا يُحَرِّمُ زَوْجُ الْأُصُولِ الْإِنَاثَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجِ أُمِّهَا وَلَا بِزَوْجِ أُمَّهَاتِ أُمِّهَا وَلَا بِزَوْجِ أُمِّ أَبِيهَا وَلَا بِزَوْجِ أُمَّهَاتِ أُمِّ أَبِيهَا وَلَا بِزَوْجِ أُمِّ جَدِّهَا وَلَا بِزَوْجِ أُمَّهَاتِهَا.

(قَوْلُهُ: وَزَوْجُ الْفُرُوعِ الْإِنَاثَ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةُ بِزَوْجِ بِنْتِهَا وَلَا بِزَوْجِ بَنَاتِ بِنْتِهَا، وَإِنْ سَفَلْنَ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ حَذَفَ التَّاءَ لَشَمِلَ هَاتَيْنِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَوْ حَذَفَهَا وَشَمِلَ

ص: 250

(وَ) حَرُمَ عَلَى الشَّخْصِ (فُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ) وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَذُرِّيَّتُهُمْ، وَإِنْ سَفَلُوا (وَ) حَرُمَ عَلَيْهِ (أَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ) بِخِلَافِ ذُرِّيَّتِهِ كَبِنْتِ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْخَالَةِ فَحَلَالٌ (وَ) حَرُمَ بِالْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ (أُصُولُ زَوْجَتِهِ) وَهُنَّ أُمَّهَاتُهَا، وَإِنْ عَلَوْنَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] (وَ) حَرُمَ (بِتَلَذُّذِهِ) بِزَوْجَتِهِ (وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَوْ بِنَظَرٍ) إنْ وُجِدَ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ لَا إنْ قَصَدَ فَقَطْ (فُصُولَهَا) وَهُنَّ كُلُّ مَنْ لَهَا عَلَيْهِنَّ وِلَادَةٌ مُبَاشِرَةٌ أَوْ بِوَاسِطَةٍ ذَكَرًا وَأُنْثَى، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] فَسَّرَ الْإِمَامُ الدُّخُولَ بِالتَّلَذُّذِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] لِجَرْيِهِ عَلَى الْغَالِبِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَظَرٍ أَيْ فِيمَا عَدَا الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَأَمَّا هُمَا فَلَا يَحْرُمُ فِيهِمَا إلَّا اللَّذَّةُ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ الْقُبْلَةِ (كَالْمِلْكِ) تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ لَكِنَّ الْمُحَرَّمَ هُنَا التَّلَذُّذُ بِهَا لَا مُجَرَّدُ الْمِلْكِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى سَيِّدِهَا أُصُولُهَا وَفُصُولُهَا وَلَا تَحْرُمُ هِيَ عَلَى أُصُولِهِ وَفُصُولِهِ إلَّا إذَا تَلَذَّذَ بِهَا وَشُبْهَةُ الْمِلْكِ مِثْلُهُ وَلَا بُدَّ فِي التَّحْرِيمِ مِنْ بُلُوغِهِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْبُلُوغُ وَلَا إطَاقَةُ الْوَطْءِ فَتَلَذُّذُهُ بِالصَّغِيرَةِ جِدًّا كَافٍ فِي التَّحْرِيمِ (وَحُرِّمَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ (وَإِنْ فَسَدَ إنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ) بِأَنْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ بِصِحَّتِهِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ كَمُحْرِمٍ وَشِغَارٍ وَتَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا فَعَقْدُهُ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَالصَّحِيحِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أُجْمِعَ عَلَى فَسَادِهِ (فَ) الْمُحَرَّمُ (وَطْؤُهُ) ، وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ (إنْ دَرَأَ) وَطْؤُهُ (الْحَدَّ) عَنْ الْوَاطِئِ كَنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ وَذَاتِ مَحْرَمٍ وَرَضَاعٍ غَيْرَ عَالِمٍ فَإِنْ عَلِمَ حُدَّ إلَّا الْمُعْتَدَّةُ فَقَوْلَانِ فَإِنْ لَمْ يَدْرَأْ الْحَدَّ كَانَ مِنْ الزِّنَا.

(وَفِي) نَشْرِ حُرْمَةِ (الزِّنَا خِلَافٌ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ عَدَمُ نَشْرِهِ الْحُرْمَةَ فَيَجُوزُ لِمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِفُرُوعِهَا وَأُصُولِهَا وَلِأَبِيهِ وَابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (وَإِنْ)(حَاوَلَ) زَوْجٌ (تَلَذُّذًا بِزَوْجَتِهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الصُّورَتَيْنِ لَكَانَ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَأُصُولُ زَوْجَتِهِ وَبِتَلَذُّذِهِ إلَخْ تَكْرَارًا مَعَ هَذَا وَيَكُونُ كَلَامُهُ هُنَا مُوهِمًا أَنَّ فُصُولَ الزَّوْجَةِ يَحْرُمْنَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ عَيْنُ الصَّوَابِ اهـ بْن

(قَوْلُهُ: وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ فُصُولُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَهُمْ إخْوَتُهُ أَشِقَّاءٌ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ.

(وَقَوْلُهُ: وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ) أَيْ مَا عَدَا الْأَصْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الَّذِي عَدَا الْأَصْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْجَدُّ الْأَقْرَبُ وَالْجَدَّةُ الْقُرْبَى وَابْنُ الْأَوَّلِ عَمٌّ أَوْ خَالٌ وَابْنَتُهُ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ، وَأَمَّا أَوْلَادُهُمْ فَحَلَالٌ.

(قَوْلُهُ: لَا إنْ قَصَدَ) أَيْ التَّلَذُّذَ فَقَطْ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَحْصُلَ لَذَّةٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ إلَخْ) أَيْ فَمَتَى تَلَذَّذَ بِالْمَرْأَةِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُهَا كَانَتْ فِي حِجْرِهِ وَكَفَالَتِهِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: كَالْمِلْكِ) إنْ جَعَلَ تَشْبِيهًا فِي قَوْلِهِ وَبِتَلَذُّذِهِ، وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَوْ بِنَظَرِ فُصُولِهَا لَا يُسْتَثْنَى شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَتَى تَلَذَّذَ بِأُمِّهِ، وَلَوْ مَجُوسِيَّةً حَرُمَ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا وَبَنَاتُ بَنَاتِهَا، وَإِنْ جَعَلَ تَشْبِيهًا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَحَرُمَ أُصُولُهُ إلَى هُنَا يُسْتَثْنَى الْعَقْدُ فَإِنَّ عَقْدَ الْأَبِ فِي النِّكَاحِ يُحَرِّمُ عَلَى الِابْنِ وَعَقْدَ الِابْنِ يُحَرِّمُ عَلَى الْأَبِ وَعَقْدَ الشِّرَاءِ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا لِأَنَّ الْمِلْكَ لَيْسَ الْمُبْتَغَى مِنْهُ الْوَطْءَ بَلْ الْخِدْمَةَ، وَالِاسْتِعْمَالُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَالتَّحْرِيمُ فِي الْمِلْكِ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّلَذُّذِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَحَرُمَ أُصُولُهُ إلَى هُنَا فَإِذَا تَلَذَّذَ بِأَمَةٍ حَرُمَتْ عَلَى أُصُولِهِ، وَإِنْ عَلَوْا وَعَلَى فُصُولِهِ، وَإِنْ سَفَلُوا، وَكَذَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجَارِيَةُ الَّتِي تَلَذَّذَ بِهَا أَحَدُ آبَائِهِ أَوْ مِنْ أَبْنَائِهِ، وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّلَذُّذُ بِجَارِيَةٍ مِنْ فُصُولِ أَوَّلِ أُصُولِهِ أَوْ بِجَارِيَةٍ مِنْ أَوَّلِ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ مِنْ أُصُولِهِ وَإِذَا تَلَذَّذَ بِجَارِيَةٍ، وَلَوْ بِنَظَرٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهَا وَفُصُولُهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِي التَّحْرِيمِ مِنْ بُلُوغِهِ) أَيْ لَا بُدَّ فِي التَّحْرِيمِ الْحَاصِلِ بِالتَّلَذُّذِ مِنْ بُلُوغِهِ فَوَطْءُ الصَّغِيرِ لِلْأَمَةِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَلَوْ كَانَ مُرَاهِقًا عَلَى الرَّاجِحِ فَلَا تَحْرُمُ مَوْطُوءَتُهُ عَلَى أُصُولِهِ وَلَا عَلَى فُصُولِهِ وَلَا تَحْرُمُ بَنَاتُهَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا التَّحْرِيمُ الْحَاصِلُ بِالْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِعَقْدِ الصَّغِيرِ، وَلَوْ لَمْ يَقْوَ عَلَى الْوَطْءِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَوَطْءُ الْأَمَةِ الصَّغِيرَةِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَالْكَبِيرَةِ فَتَحْرُمُ عَلَى أُصُولِ وَاطِئِهَا وَعَلَى فُصُولِهِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا اللَّاتِي سَتَلِدُهُنَّ.

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ الْعَقْدُ) أَيْ وَنَشَرَ الْعَقْدُ الْحُرْمَةَ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ حَرُمَتْ عَلَى أُصُولِهِ وَعَلَى فُصُولِهِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهَا هَذَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا بَلْ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ وَقَوْلُهُ: وَحَرُمَ الْعَقْدُ أَيْ عَقْدُ النِّكَاحِ لِكَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الصَّغِيرِ مُحَرَّمٌ بِخِلَافِ وَطْئِهِ الْأَمَةَ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَلَوْ كَانَ مُرَاهِقًا كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا عَقْدُ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ إذَا رَدَّهُ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ ارْتَفَعَ مِنْ أَصْلِهِ بِالرَّدِّ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ عَقْدُ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِمَا لِكَوْنِهِ غَيْرَ لَازِمٍ كَعَقْدِ الرَّقِيقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَيْسَ هَذَا كَالْعَقْدِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَنَّ الْفَاسِدَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ لَازِمٌ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى حِلِّهِ بِخِلَافِ نِكَاحِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى حِلِّهِ وَقِيلَ إنَّهُ مُحَرَّمٌ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَقْدِ الْمُحَرَّمِ كَوْنُهُ لَازِمًا اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ وَاَلَّذِي صَوَّبَهُ بْن هَذَا الْقَوْلَ الْأَخِيرَ وَذَكَرَ أَنَّهُ نَصَّ فِي التَّهْذِيبِ عَلَى تَحْرِيمِ عَقْدِ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ: فَالْمُحَرَّمُ وَطْؤُهُ) فِي كَبِيرِ خش أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَطْءِ مَا يَشْمَلُ إرْخَاءَ السُّتُورِ، وَلَوْ تَقَارَرُوا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ وَمِثْلُ الْوَطْءِ مُقَدِّمَاتُهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْوَطْءِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ عَالِمٍ) قَيْدٌ فِي عَدَمِ الْحَدِّ عَنْ الثَّلَاثَةِ وَمِثْلُ الثَّلَاثَةِ الْخَامِسَةُ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَدْرَأْ

ص: 251

(فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ (فَتَرَدُّدٌ) فِي تَحْرِيمِ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُرْتَضَى وَعَدَمُهُ.

(وَإِنْ)(قَالَ أَبٌ) عِنْدَ قَصْدِ ابْنِهِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ أَنَا (نَكَحْتهَا) أَيْ عَقَدْت عَلَيْهَا (أَوْ) قَالَ (وَطِئْت) هَذِهِ (الْأَمَةَ) أَوْ تَلَذَّذْتُ بِهَا وَهِيَ فِي مِلْكِي (عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ ذَلِكَ) أَيْ الْعَقْدَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَمِلْكَ مِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَلَذَّذ بِهَا (وَأَنْكَرَ) الِابْنُ مَا قَالَهُ الْأَبُ (نُدِبَ) لَهُ (التَّنَزُّهُ) وَلَا يَجِبُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ تَقَدُّمُ مِلْكِ الْأَبِ لَهَا وَلَمْ يُفْشَ قَوْلُ الْأَبِ قَبْلَ ذَلِكَ (وَفِي وُجُوبِهِ) أَيْ التَّنَزُّهِ (إنْ فَشَا) قَوْلُ الْأَبِ قَبْلَ ذَلِكَ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ إنْ وَقَعَ.

(وَ) حَرُمَ (عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ جَمْعُ خَمْسٍ) مِنْ النِّسَاءِ (وَ) جَازَ (لِلْعَبْدِ الرَّابِعَةُ) وَلَيْسَ مُرَادُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الرَّابِعَةُ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ (أَوْ) جَمْعُ (ثِنْتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةٌ) أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (ذَكَرًا) وَالْأُخْرَى أُنْثَى (حَرُمَ) وَطْؤُهَا لَهُ فَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ وَأَمَتُهَا فَيَجُوزُ جَمْعُهُمَا فِي نِكَاحٍ لِأَنَّهُ إذَا قُدِّرَتْ الْمَالِكَةُ ذَكَرًا جَازَ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ بِالْمِلْكِ وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ وَبِنْتُ زَوْجِهَا أَوْ أُمُّ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّا إذَا قَدَّرْنَا الْمَرْأَةَ ذَكَرًا لَمْ يَحْرُمْ وَطْءُ أُمِّ زَوْجِهَا وَلِابْنَتِهِ بِنِكَاحٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَبِنْتُ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ قَالَ عج:

وَجَمْعُ مَرْأَةٍ وَأُمِّ الْبَعْلِ

أَوْ بِنْتِهِ أَوْ رِقِّهَا ذُو حِلٍّ

(كَوَطْئِهِمَا) أَيْ الثِّنْتَيْنِ (بِالْمِلْكِ) فَيَحْرُمُ، وَأَمَّا جَمْعُهُمَا فِي الْمِلْكِ لَا الْوَطْءِ بَلْ لِلْخِدْمَةِ أَوْ إحْدَاهُمَا لَهَا وَالثَّانِيَةُ لِلْوَطْءِ فَلَا يَحْرُمُ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْحَدَّ أَيْ فَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّهَا ذَاتُ مَحْرَمٍ أَوْ ذَاتُ رَضَاعٍ أَوْ أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ وَأَنَّهَا خَامِسَةٌ وَقَوْلُهُ: إلَّا الْمُعْتَدَّةُ فَقَوْلَانِ أَيْ إلَّا الْعَالِمُ بِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ فَفِي حَدِّهِ قَوْلَانِ

(قَوْلُهُ: فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا) أَيْ وَبِأُمِّهَا، وَلَوْ كَانَ الِالْتِذَاذُ بِمُجَرَّدِ اللَّمْسِ كَمَا فِي المج، وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ التَّلَذُّذَ بِبِنْتِ زَوْجَتِهِ لِظَنِّهَا زَوْجَتَهُ وَلَمْ يَلْتَذَّ فَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ عَلَى الصَّحِيحِ وَاللِّوَاطُ بِابْنِ زَوْجَتِهِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ.

(قَوْلُهُ: ظَانًّا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ تَلَذَّذَ بِالْبِنْتِ عَمْدًا جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَفِي الزِّنَا خِلَافٌ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ.

(قَوْلُهُ: فَتَرَدُّدٌ) لَا يُقَالُ: إنَّ التَّلَذُّذَ بِبِنْتِ الزَّوْجَةِ غَلَطًا هَذَا وَطْءُ شُبْهَةٍ وَوَطْءُ الشُّبْهَةِ يَحْرُمُ اتِّفَاقًا فَلِمَ جَرَى التَّرَدُّدُ هُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا وَطْءُ شُبْهَةٍ، إذْ وَطْءُ الشُّبْهَةِ هُوَ الْوَطْءُ غَلَطًا فِيمَنْ تَحِلُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلِذَا كَانَ وَطْءُ أُخْتِ الزَّوْجَةِ غَلَطًا مُحَرِّمًا بَنَاتَهَا عَلَى زَوْجِ أُخْتِهَا الْوَاطِئِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَوَطْؤُهَا وَطْءُ شُبْهَةٍ، وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ بِبِنْتِ الزَّوْجَةِ غَلَطًا فَلَيْسَ وَطْءَ شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلِذَا جَرَى فِيهِ التَّرَدُّدُ اهـ خش لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ يُحَرِّمُ اتِّفَاقًا فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: قِيلَ: إنَّهُ يُحَرِّمُ. وَقِيلَ: لَا يُحَرِّمُ. وَالثَّالِثُ: الْوَقْفُ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي الْقَلْشَانِيِّ وَابْنِ نَاجِيٍّ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ) اعْلَمْ أَنَّ التَّرَدُّدَ جَارٍ فِي كُلٍّ مِنْ التَّلَذُّذِ بِالْوَطْءِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ التَّحْرِيمُ فِيهِمَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمِثْلُهُ فِي تت وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وعج

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ أَبٌ) أَيْ أَوْ وُجِدَ فَالْمُرَادُ بِالْأَبِ كُلُّ مَنْ يَحْرُمُ عَلَى الْوَلَدِ نِكَاحُ زَوْجَتِهِ.

(قَوْلُهُ: نُدِبَ التَّنَزُّهُ) أَيْ التَّبَاعُدُ عَنْهَا، قَالَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ: وَيَنْبَغِي إذَا صَدَّقَتْ الْحُرَّةُ الْأَبَ أَنْ تُؤْخَذَ بِإِقْرَارِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَزَوَّجَ الْوَلَدَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِمَا تَقُولُهُ الْأَمَةُ لِاتِّهَامِهَا فِي مَحَبَّةِ الْوَلَدِ أَوْ ضِدِّهَا اهـ عَدَوِيٌّ.

(تَنْبِيهٌ) مَنْ مَلَكَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ وَطِئَهَا أَمْ لَا فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا تَحِلُّ، وَبِهِ الْعَمَلُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ فِي الْعُلَى وَقَالَ: يُنْدَبُ التَّبَاعُدُ عَنْهَا فِي الْوَخْشِ وَلَا تَحْرُمُ الْإِصَابَةُ، وَكَذَا إنْ بَاعَهَا الْأَبُ لِابْنِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ، ثُمَّ غَابَ الْبَائِعُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ فَلَا تَحِلُّ مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَتْ مِنْ الْعُلَى فَلَوْ أَخْبَرَ الْبَائِعُ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِعَدَمِ الْإِصَابَةِ صُدِّقَ فَإِنْ بَاعَهَا الْأَبُ لِأَجْنَبِيٍّ وَالْأَجْنَبِيُّ بَاعَهَا لِلْوَلَدِ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَبَ الْبَائِعَ أَخْبَرَ الْأَجْنَبِيَّ بِعَدَمِ إصَابَتِهَا وَالْأَجْنَبِيَّ أَخْبَرَ الْوَلَدَ بِذَلِكَ فَهَلْ يُصَدَّقُ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْأَجْنَبِيَّ إنْ كَانَ شَأْنُهُ الصِّدْقَ فِي إخْبَارِهِ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِعِيَاضٍ وَالثَّانِي لِأَبِي عِمْرَانَ.

(قَوْلُهُ: الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ الْأَبِ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَفَشْوُهُ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ

(قَوْلُهُ: جَمْعُ خَمْسٍ مِنْ النِّسَاءِ) أَيْ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ لَكِنْ إنْ جَمَعَهُنَّ فِي عَقْدٍ فُسِخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ، وَإِنْ كَانَ فِي عُقُودٍ فُسِخَ نِكَاحُ الْخَامِسَةِ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ لِلْعَبْدِ الرَّابِعَةُ) أَيْ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ فِيهَا سَوَاءٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الْحُدُودِ فَكَانَ طَلَاقُهُ نِصْفَ طَلَاقِ الْحُرِّ كَمَا فِي الْحُدُودِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ) وَهُوَ، وَإِنْ قَالَ بِهِ ابْنِ وَهْبٍ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ فَلَا يُحْمَلُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَيِّنٌ لِمَا بِهِ الْفَتْوَى.

(قَوْلُهُ: أَوْ جَمْعُ اثْنَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ كَالْأُخْتَيْنِ وَالْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا أَوْ أُخْتِهَا وَكَالْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَّةٌ لِلْأُخْرَى أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا خَالَةٌ لِلْأُخْرَى فَالْأُولَى كَمَا إذَا تَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْ رَجُلَيْنِ بِأُمِّ الْآخَرِ وَأَتَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبِنْتٍ فَكُلٌّ مِنْ الْبِنْتَيْنِ عَمَّةٌ لِلْأُخْرَى وَالثَّانِيَةُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْ رَجُلَيْنِ بِبِنْتِ الْآخَرِ وَأَوْلَدَهَا بِنْتًا فَكُلٌّ مِنْ الْبِنْتَيْنِ خَالَةٌ لِلْأُخْرَى.

(قَوْلُهُ: لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةُ) الظَّاهِرُ أَنَّ أَيَّةَ هُنَا مَوْصُولَةٌ حُذِفَ مِنْهَا الْمُضَافُ إلَيْهِ وَالصِّلَةُ وَالتَّقْدِيرُ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّتُهُمَا أَرَدْت ذَكَرًا أَيْ لَوْ قَدَّرْت الَّتِي أَرَدْت مِنْهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ وَطْؤُهُ لِلْأُخْرَى.

(قَوْلُهُ: كَوَطْئِهِمَا بِالْمِلْكِ) اعْلَمْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ

ص: 252

(وَ) لَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ كَأُخْتَيْنِ وَكَامْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فِي نِكَاحٍ (فُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ) مِنْهُمَا (صَدَّقَتْ) الزَّوْجَ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ وَأَوْلَى إنْ عُلِمَ بِبَيِّنَةٍ (وَإِلَّا) تُصَدِّقُهُ بِأَنْ قَالَتْ: أَنَا الْأُولَى أَوْ قَالَتْ: لَا عِلْمَ عِنْدِي وَلَا بَيِّنَةَ فُسِخَ نِكَاحُهَا بِطَلَاقٍ عَمَلًا بِإِقْرَارِهَا وَ (حَلَفَ) الزَّوْجُ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ وَمَا هِيَ الْأُولَى إنْ اُطُّلِعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ (لِلْمَهْرِ) أَيْ لِسُقُوطِ نِصْفِهِ عَنْهُ الْوَاجِبِ لَهَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا الْأُولَى وَأَنَّ نِكَاحَهَا صَحِيحٌ وَلِذَا لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لَوْ دَخَلَ بِهَا لِوُجُوبِ الْمَهْرِ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ وَيَبْقَى عَلَى نِكَاحِ الْأُولَى بِدَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ فَلَوْ نَكَلَ غَرِمَ لَهَا النِّصْفَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ قَالَتْ لَا عِلْمَ عِنْدِي وَبَعْدَ يَمِينِهَا إنْ قَالَتْ: أَنَا الْأُولَى فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ سَقَطَ حَقُّهَا وَقَوْلُهُ: (بِلَا طَلَاقٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ صُدِّقَتْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ وَإِلَّا لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ وَأَخَّرَهُ لِيُشَبِّهَ بِهِ قَوْلَهُ (كَأُمٍّ وَابْنَتِهَا) أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ كُلِّ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ جَمَعَهُمَا (بِعَقْدٍ) أَيْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَيُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ لَكِنْ تَخْتَصُّ الْأُمُّ وَبِنْتُهَا بِتَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ إلَّا أَنَّ لِتَأْبِيدِهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهِمَا أَوْ لَا يَدْخُلَ بِوَاحِدَةٍ أَوْ يَدْخُلَ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ فَأَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهُمَا) مَعًا (إنْ دَخَلَ) بِهِمَا وَعَلَيْهِ صَدَاقُهُمَا (وَلَا إرْثَ) إنْ مَاتَ لِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ (وَإِنْ تَرَتَّبَتَا) فِي الْعَقْدِ بِأَنْ عَقَدَ عَلَى إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ الْفَسْخُ بِلَا طَلَاقٍ وَتَأْبِيدُ تَحْرِيمِهَا إنْ دَخَلَ بِهِمَا وَعَدَمُ الْمِيرَاثِ وَلُزُومُ الصَّدَاقِ فَعُلِمَ أَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، وَلَوْ قَالَ كَأَنْ تَرَتَّبَتَا كَانَ أَحْسَنَ وَأَشَارَ لِلْوَجْهِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

اللَّتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا لِأَجْلِ الْوَطْءِ أَمَّا أَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ وَهُوَ مَا مَرَّ، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ وَمِلْكٍ وَسَيَأْتِي، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْمِلْكِ فَقَطْ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا

(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ) أَيْ وَأَفْرَدَ كُلًّا مِنْهُمَا بِعَقْدٍ، وَأَمَّا لَوْ جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ فَسَيَأْتِي بَعْدُ فِي قَوْلِهِ كَأُمٍّ وَبِنْتِهَا بِعَقْدٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ خَالَتِهَا) أَيْ أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا أَوْ بِنْتِ أُخْتِهَا أَوْ أُمِّهَا أَوْ بِنْتِهَا.

(قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إنْ عُلِمَ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ إنْ دَخَلَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى وَإِلَّا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهَا لِإِقْرَارِهَا بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا وَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ حِينَئِذٍ وَالْفَسْخُ بِلَا طَلَاقٍ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا تُصَدِّقُهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُصَدِّقْهُ بِأَنْ قَالَتْ أَنَا الْأُولَى أَوْ لَا عِلْمَ عِنْدِي فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فُسِخَ بِطَلَاقٍ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ وَحَلَفَ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ لِأَجْلِ إسْقَاطِ النِّصْفِ الْوَاجِبِ لَهَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا الْأُولَى وَأَنَّ نِكَاحَهَا صَحِيحٌ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ لَهَا النِّصْفَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ قَالَتْ: لَا عِلْمَ عِنْدِي؛ لِأَنَّهَا شِبْهُ دَعْوَى الِاتِّهَامِ وَبَعْدَ يَمِينِهَا إنْ قَالَتْ: أَنَا الْأُولَى فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا أَصْلًا، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ فُسِخَ النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ وَكَانَ لَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا بِالْبِنَاءِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَبَقِيَ عَلَى نِكَاحِ الْأُولَى بِدَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَتْ: أَنَا الْأُولَى) أَيْ وَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ أَنْتِ الثَّانِيَةُ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَالَتْ: لَا عِلْمَ عِنْدِي أَيْ، وَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ: أَنْتِ ثَانِيَةٌ.

(قَوْلُهُ: الْوَاجِبِ لَهَا) أَيْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِّ عَلَى تَقْدِيرٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ إنْ حَلَفَهُ لِأَجْلِ سُقُوطِ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَنْهُ لَا يَمِينَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ) أَيْ بِطَلَاقٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا الْأُولَى.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ نَكَلَ) أَيْ فِي حَالَةِ مَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَذَا بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَحَلَفَ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ وَإِلَّا) أَيْ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِمَا بَعْدَهَا وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ فَسْخَهُ بِطَلَاقٍ دَخَلَ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا قَبْلَ إلَّا وَهُوَ مَا إذَا صَدَّقَتْ الزَّوْجَ عَلَى أَنَّهَا ثَانِيَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كُلِّ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ) أَيْ كَالْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا أَوْ بِنْتِ أُخْتِهَا.

(قَوْلُهُ: فَيُفْسَخُ) أَيْ أَبَدًا.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ تَخْتَصُّ الْأُمُّ وَبِنْتُهَا) أَيْ عَنْ بَقِيَّةِ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ لِتَأْبِيدِهِ) أَيْ تَأْبِيدِ تَحْرِيمِ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا الْمَجْمُوعَتَيْنِ فِي عَقْدٍ.

(قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهِمَا) الْمُرَادُ بِالدُّخُولِ مُطْلَقُ التَّلَذُّذِ.

(قَوْلُهُ: وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهُمَا) أَيْ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا وَوَطِئَهُمَا فَإِنَّهُمَا يَحْرُمَانِ عَلَيْهِ أَبَدًا يُرِيدُ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ بِأَنْ كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ يَعْتَقِدُ حِلَّ نِكَاحِ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى نِكَاحِهِ هَلْ يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْ الْوَاطِئِ بِأَنْ كَانَ يَجْهَلُ أَنَّهَا بِنْتُهَا أَوْ لَا يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُ بِأَنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا بِنْتُهَا وَيَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ مِنْ تَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ يَدْرَأُ الْحَدَّ وَإِلَّا كَانَ زِنًا فَلَا يَحْرُمَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ صَدَاقُهُمَا) أَيْ وَعَلَيْهِمَا الِاسْتِبْرَاءُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ.

(قَوْلُهُ: إنْ مَاتَ) أَيْ قَبْلَ الْفَسْخِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ) أَيْ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُجْمَعَ عَلَى فَسَادِهِ لَا يُوجِبُ الْمِيرَاثَ، وَلَوْ حَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ الْفَسْخِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَتَّبَتَا) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُبَالَغَةً وَأَنَّ الْمَعْنَى هَذَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا بَلْ، وَإِنْ تَرَتَّبَتَا فِي الْعَقْدِ وَتَكُونُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْفَسْخِ بِلَا طَلَاقٍ وَتَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ إنْ دَخَلَ بِهِمَا وَلُزُومُ الصَّدَاقِ وَعَدَمُ الْمِيرَاثِ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ إنْ شَرْطِيَّةً وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُبَالَغَةِ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهَا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا وَاحِدٌ

ص: 253

وَكَانَتَا بِعَقْدٍ فُسِخَ نِكَاحُهُمَا وَ (حَلَّتْ الْأُمُّ) بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَا أَثَرَ لِعَقْدِهِ عَلَى الْبِنْتِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى فَسَادِهِ وَإِذَا حَلَّتْ الْأُمُّ فَأَوْلَى الْبِنْتُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُمِّ لَا يُحَرِّمُ الْبِنْتَ إذَا كَانَ صَحِيحًا فَأَوْلَى إذَا كَانَ فَاسِدًا وَسَكَتَ عَنْ الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَهُوَ أَنْ يَدْخُلَ بِوَاحِدَةٍ، وَقَدْ كَانَ جَمَعَهُمَا بِعَقْدٍ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ مَنْ لَمْ يَدْخُلُ بِهَا وَتَحِلُّ الَّتِي دَخَلَ بِهَا مِنْهُمَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ (وَإِنْ) تَرَتَّبَتَا وَ (مَاتَ) قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهِمَا (وَلَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ) مِنْهُمَا (فَالْإِرْثُ) بَيْنَهُمَا لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَجَهْلِ مُسْتَحِقِّهِ (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ صَدَاقِهَا) الْمُسَمَّى لَهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَمَّلَهُ وَكُلٌّ تَدَّعِيهِ وَالْوَارِثُ يُنَاكِرُهَا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا.

وَشُبِّهَ فِي الْإِرْثِ وَالصَّدَاقِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ قَوْلُهُ: (كَأَنْ) تَزَوَّجَ خَمْسًا فِي عُقُودٍ أَوْ أَرْبَعَةً فِي عَقْدٍ وَأَفْرَدَ الْخَامِسَةَ وَ (لَمْ تُعْلَمْ الْخَامِسَةُ) فَالْإِرْثُ بَيْنَهُنَّ أَخْمَاسًا وَلِمَنْ مَسَّهَا مِنْهُنَّ صَدَاقُهَا فَإِنْ دَخَلَ بِالْجَمِيعِ فَلَهُنَّ خَمْسَةُ أَصْدِقَةٍ وَبِأَرْبَعٍ فَلِكُلٍّ صَدَاقُهَا وَلَلَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا نِصْفُ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَامِسَةٍ وَالْوَارِثُ يُكَذِّبُهَا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَبِثَلَاثٍ فَلِكُلٍّ صَدَاقُهَا وَلِلْبَاقِي صَدَاقٌ وَنِصْفٌ يَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ قَسْمِ صَدَاقٍ وَنِصْفٍ عَلَيْهِمَا وَبِاثْنَتَيْنِ، فَلِلْبَاقِي صَدَاقَانِ وَنِصْفٌ وَبِوَاحِدَةٍ فَلِلْبَاقِي ثَلَاثَةُ أَصْدِقَةٍ وَنِصْفٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا وَثُمُنُ صَدَاقِهَا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَأَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ صَدَاقِهَا.

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَمَا بَعْدَهَا مُتَرَتِّبٌ.

(قَوْلُهُ: وَكَانَتَا بِعَقْدٍ إلَخْ) احْتِرَازًا عَمَّا إذَا عَقَدَ عَلَيْهِمَا عَقْدَيْنِ مُتَرَتِّبَيْنِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَيُفْسَخُ عَقْدُ الثَّانِيَةِ فَقَطْ بِلَا خِلَافٍ وَيُمْسِكُ الْأُولَى كَانَتْ الْأُمَّ أَوْ الْبِنْتَ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الَّتِي فُسِخَ نِكَاحُهَا الْأُمَّ فَهِيَ حَرَامٌ أَبَدًا، وَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتَ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ الْأُولَى وَهِيَ الْأُمُّ وَيَتَزَوَّجَهَا وَهَذَا مَعَ عِلْمِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَأَمَّا مَعَ جَهْلِ ذَلِكَ فَقَدْ مَرَّ نَحْوُهُ فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ صَدَّقَتْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَحَلَّتْ الْأُمُّ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ حِلِّهَا إجْرَاءً لِلْفَاسِدِ مَجْرَى الصَّحِيحِ.

(قَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ عَلَى فَسَادِهِ) أَيْ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْعَقْدِ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتَ إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ.

(قَوْلُهُ: فَأَوْلَى إذَا كَانَ فَاسِدًا) أَيْ فَالْحَاصِلُ أَنَّ حِلْيَةَ الْبِنْتِ لَا خِلَافَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ عَلَى الْأُمِّ لَا يُحَرِّمُ الْبِنْتَ فَالْأَوْلَى الْفَاسِدُ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي حِلِّيَّةٌ الْأُمِّ وَعَدَمِ حِلِّيَّتِهَا وَالْمَشْهُورُ حِلِّيَّتُهَا وَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حِلْيَتِهَا.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ كَانَ جَمَعَهُمَا بِعَقْدٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ جَمَعَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ مُتَرَتِّبَيْنِ وَدَخَلَ بِوَاحِدَةٍ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الَّتِي دَخَلَ بِهَا الْأُولَى ثَبَتَ عَلَيْهَا بِلَا خِلَافٍ إنْ كَانَتْ الْبِنْتَ وَفُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ وَتَأَبَّدَتْ، وَإِنْ كَانَ الْمَدْخُولُ بِهَا الْأُمَّ فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ يَثْبُتُ نِكَاحُ الْأُمِّ وَقِيلَ إنَّهُمَا يَحْرُمَانِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبِنْتِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَلَوْ كَانَ فَاسِدًا، وَإِنْ دَخَلَ بِالثَّانِيَةِ وَكَانَتْ الْبِنْتَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ وَكَانَ لَهَا صَدَاقُهَا وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمَّ حُرِّمَتَا أَبَدًا أَمَّا الْأُمُّ فَلِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتَ، وَأَمَّا الْبِنْتُ فَلِأَنَّ الدُّخُولَ بِالْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتَ، وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا كَمَا هُنَا وَلَا مِيرَاثَ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ وَابْنَتِهَا مُتَرَتِّبَيْنِ وَمَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ وَلَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّ الْإِرْثَ بَيْنَهُمَا لِثُبُوتِ سَبَبِهِ وَجَهْلِ مُسْتَحِقِّهِ وَيَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّ بِالْمَوْتِ تُكْمِلُ عَلَيْهِ الصَّدَاقَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا الْوَارِثُ يُنَاكِرُهَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ نِصْفُ الصَّدَاقَيْنِ فَيُعْطِي لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا سَوَاءٌ اخْتَلَفَ الصَّدَاقَانِ أَوْ اسْتَوَيَا فِي الْقَدْرِ.

(قَوْلُهُ: وَكُلٌّ تَدَّعِيهِ) أَيْ تَدَّعِي أَنَّهَا تَسْتَحِقُّهُ لِكَوْنِهَا الْأُولَى فَنِكَاحُهَا صَحِيحٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْوَارِثُ يُنَاكِرُهَا) أَيْ وَيَقُولُ لَهَا أَنْتِ ثَانِيَةٌ فَلَا صَدَاقَ لَك لِفَسَادِ نِكَاحِك.

(قَوْلُهُ: فَيُقْسَمُ) أَيْ كُلُّ صَدَاقٍ مِنْ الصَّدَاقَيْنِ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ تَزَوَّجَ خَمْسًا فِي عُقُودٍ) أَيْ ثُمَّ مَاتَ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَرْبَعَةً فِي عَقْدٍ وَأَفْرَدَ الْخَامِسَةَ أَيْ أَوْ جَمَعَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فِي عَقْدٍ وَأَفْرَدَ مَا بَقِيَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِعَقْدٍ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ دَخَلَ بِالْجَمِيعِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعْلِمْ الْخَامِسَةَ وَقَوْلُهُ: فَلَهُنَّ خَمْسَةُ أَصْدِقَةٍ أَيْ وَالْمِيرَاثُ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ أَخْمَاسًا.

(قَوْلُهُ: تَدَّعِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَامِسَةٍ) أَيْ فَنِكَاحُهَا صَحِيحٌ وَيَتَكَمَّلُ لَهَا الصَّدَاقُ بِالْمَوْتِ وَقَوْلُهُ: وَالْوَارِثُ يُكَذِّبُهَا أَيْ فَيَقُولُ إنَّهَا خَامِسَةٌ فَنِكَاحُهَا مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا.

(قَوْلُهُ: وَلِلْبَاقِي صَدَاقٌ وَنِصْفٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ وَاحِدَةً مِنْهُمَا رَابِعَةٌ قَطْعًا وَالْأُخْرَى يُحْتَمَلُ أَنَّهَا غَيْرُ خَامِسَةٍ وَأَنَّ الْخَامِسَةَ غَيْرُهَا مِنْ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَالْوَارِثُ يُنَازِعُهَا فَيُقْسَمُ الصَّدَاقُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ لِلْبَاقِيَتَيْنِ صَدَاقٌ وَنِصْفٌ.

(قَوْلُهُ: فَلِلْبَاقِي صَدَاقَانِ وَنِصْفٌ) لِأَنَّ لِاثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ صَدَاقَهُنَّ قَطْعًا وَصَدَاقَ الثَّالِثَةِ يُنَازِعُ فِيهِ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: وَاحِدَةٌ مِنْ اللَّاتِي لَمْ يَدْخُلْنَ خَامِسَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَهُنَّ يَقُلْنَ: الْخَامِسَةُ لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنَّا بَلْ مِنْ اللَّتَيْنِ دَخَلَ بِهِمَا قُلْنَا: ثَلَاثَةُ أَصْدِقَةٍ كَوَامِلَ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ الصَّدَاقُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْوَارِثِ وَبَيْنَهُنَّ فَيَصِيرُ صَدَاقَانِ وَنِصْفٌ، وَإِذَا قَسَمَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةٍ خَصَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا وَثُلُثُ رُبْعِهِ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: خَمْسَةُ أَسْدَاسِ صَدَاقِهَا وَقَوْلُهُ: ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا وَثُمُنُهُ أَيْ وَإِنْ شِئْت قُلْتَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعَةُ أَثْمَانِهِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَأَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ

ص: 254

(وَحَلَّتْ)(الْأُخْتُ) الثَّانِيَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ فَلَوْ قَالَ كَالْأُخْتِ لَكَانَ أَشْمَلَ أَيْ إذَا أَرَادَ وَطْءَ الثَّانِيَةِ بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ حَلَّتْ لَهُ (بِبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ) بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ أَوْ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ) عَنْ السَّابِقَةِ (بِعِتْقٍ، وَإِنْ لِأَجَلٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَنْعُ وَطْءِ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ (أَوْ كِتَابَةٍ) عَطْفٌ عَلَى زَوَالِ مِلْكٍ لَا عَلَى عِتْقٍ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا يَزُولُ بِهَا الْمِلْكُ فَإِنْ عَجَزَتْ لَمْ تَحْرُمْ الْأُخْرَى (أَوْ إنْكَاحٍ) أَيْ عَقْدٍ (يَحِلُّ) وَطْؤُهُ (الْمَبْتُوتَةَ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ حَصَلَ فِيهِ وَطْءٌ حَلَّتْ بِهِ الْمَبْتُوتَةُ بِأَنْ يَكُونَ صَحِيحًا لَازِمًا أَوْ فَاسِدًا يَمْضِي بِالدُّخُولِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِحِلِّ الْمَبْتُوتَةِ الدُّخُولَ بِهَا (أَوْ أَسْرٍ) لَهَا؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْيَأْسِ (أَوْ إبَاقِ إيَاسٍ) لَا يُرْجَى مَعَهُ عَوْدُهَا وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا فِي مَوْطُوءَةٍ بِمِلْكٍ فَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَ بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحِ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا (أَوْ بَيْعٍ دُلِّسَ فِيهِ) وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُدَلَّسْ فَيَحِلُّ بِمُجَرَّدِ وَطْءٍ كَأُخْتِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَسَحْنُونٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا الْخَامِسَةُ، وَظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ لِلْمَشْهُورِ وَأَجَابَ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْإِرْثِ وَالصَّدَاقِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ مِنْ جِهَةِ قِسْمَةِ الْمُحَقَّقِ وُجُوبُهُ وَهُوَ صَدَاقٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ إلَخْ يُقْسَمُ عَلَى امْرَأَتَيْنِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَالْمُحَقَّقُ وُجُوبُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ يُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةٍ اهـ بْن

(قَوْلُهُ: وَحَلَّتْ الْأُخْتُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ تَلَذَّذَ بِأَمَتِهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّلَذُّذُ بِأُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا مَثَلًا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ إلَّا إذَا أَبَانَ الْأُولَى إنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً أَوْ زَالَ مِلْكُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ) وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى فَرْجِهَا فَإِنْ ادَّعَتْ احْتِبَاسَ الدَّمِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِأَجْلِ النَّفَقَةِ لِانْقِضَاءِ سَنَةٍ فَإِنْ ادَّعَتْ بَعْدَهَا تَحْرِيكًا نَظَرَهَا النِّسَاءُ فَإِنْ صَدَّقْنَهَا تَرَبَّصَ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ تَرَبُّصٌ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَهَلْ مَنْعُ الرَّجُلِ مِنْ نِكَاحٍ كَالْأُخْتِ فِي مُدَّةِ عِدَّةِ تِلْكَ الْمُطَلَّقَةِ يُسَمَّى عِدَّةً أَوْ لَا قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَعْتَدُّ فِيهَا الرَّجُلُ ثَانِيهَا مَنْ تَحْتَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَرَبُّصِهِ حَتَّى تَخْرُجَ الْأُولَى مِنْ الْعِدَّةِ إنْ كَانَ طَلَاقُهَا رَجْعِيًّا كَمَا يَأْتِي، وَالثَّالِثَةُ إذَا مَاتَ رَبِيبُهُ وَادَّعَى أَنَّ زَوْجَتَهُ حَامِلٌ فَيَجِبُ أَنْ يَتَجَنَّبَ زَوْجَتَهُ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ لِيَنْظُرَ هَلْ زَوْجَتُهُ حَامِلٌ فَيَرِثَ حَمْلُهُ أَوْ غَيْرُ حَامِلٍ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ قَدْ يَتَجَنَّبُهَا فِي غَيْرِ هَذَا كَاسْتِبْرَائِهِ مِنْ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّجَنُّبُ لِغَيْرِ مَعْنًى طَرَأَ عَلَى الْبُضْعِ.

(قَوْلُهُ: يُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْوَطْءُ بِالتَّأْجِيلِ لَمَا أُبِيحَ لَهُ وَطْءُ الْأُخْتِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابَةٍ) أَيْ لِلْأَمَةِ السَّابِقَةِ فَيَحِلُّ بِهَا مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ أَحْرَزَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ عَجْزِهَا خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ: لَا تَحِلُّ مُحَرَّمَةُ الْجَمْعِ بِكِتَابَةِ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ: لَمْ تَحْرُمْ الْأُخْرَى) أَيْ بَلْ لَهُ الِاسْتِرْسَالُ عَلَيْهَا وَتَرْكُ الْأُولَى الَّتِي عَجَزَتْ وَلَهُ تَرْكُ الْأُخْرَى وَالِاسْتِرْسَالُ عَلَى الَّتِي عَجَزَتْ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ حِلِّيَّةٌ الْأُخْتِ بِتَدْبِيرِ السَّابِقَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ نَعَمْ مِثْلُ الْعِتْقِ لِأَجْلِ عِتْقِ الْبَعْضِ، وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ عَلَيْهِ عِتْقُهَا لِدَيْنٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ إنْكَاحٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ أَمَةً وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا إذَا حَرُمَ فَرْجُ الْأُولَى بِإِنْكَاحٍ يُحِلُّ وَطْأَهُ الْمَبْتُوتَةَ بِأَنْ يَكُونَ صَحِيحًا لَازِمًا أَوْ فَاسِدًا يَمْضِي بِالدُّخُولِ فَتَحِلُّ الْأُخْتُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَقْدٌ يُحِلُّ وَطْأَهُ الْمَبْتُوتَةَ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِحِلِّ الْمَبْتُوتَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِالنِّكَاحِ الَّذِي يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ الدُّخُولَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُحَلِّلُهَا إلَّا الدُّخُولُ لَا الْعَقْدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْيَأْسِ) أَيْ وَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ الْأَسْرَ بِالْيَأْسِ بِخِلَافِ الْإِبَاقِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مَظِنَّةٍ لِلْإِيَاسِ قَيَّدَهُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي مَوْطُوءَةٍ بِمِلْكٍ) أَيْ وَأَمَّا مَنْ تُوطَأُ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَحِلُّ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ مَعَهَا بِأَسْرِهَا أَوْ إبَاقِهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي حَالِ أَسْرِهَا طَلَاقًا بَائِنًا حَلَّ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا، وَأَمَّا إنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَمْ تَحِلَّ كَأُخْتِهَا إلَّا بِمُضِيِّ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ أَسْرِهَا لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا وَتَأَخُّرِهِ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا لِاحْتِمَالِ رَيْبَتِهَا وَحَيْضِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً هَذَا إذَا كَانَ الْإِبَاقُ أَوْ الْأَسْرُ لَيْسَ بِفَوْرِ وِلَادَتِهَا وَإِلَّا حَلَّتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعٍ دُلِّسَ فِيهِ) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ الْمَبِيعَةِ بَيْعًا صَحِيحًا كَافٍ فِي حِلِّيَّةِ مَنْ يَحْرُمُ اجْتِمَاعُهَا مَعَهَا مَا لَمْ يَكُنْ اشْتَرَطَ فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ مُوَاضَعَةً أَوْ خِيَارًا وَعُهْدَةً وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ الْأُخْتُ إلَّا إذَا خَرَجَتْ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ، وَكَذَا مِنْ أَمَدِ الْخِيَارِ وَالْعُهْدَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْعُهْدَةِ وَالْخِيَارِ مِنْ الْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَكَتَمَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكَ بِهَا وَأَحْرَى إنْ لَمْ يُعْلَمْ الْبَائِعُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُدَلِّسْ) وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُدَلِّسِ؛ لِأَنَّ فِيهِ خِلَافًا هَلْ يَكُونُ بِمُجَرَّدِهِ كَافِيًا فِي حِلِّ الْأُخْتِ أَمْ لَا اهـ بْن

ص: 255

(لَا) بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ (فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ) بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فِي الْبَيْعِ وَبِدُخُولٍ فِي النِّكَاحِ فَلَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ فَإِنْ فَاتَ حَلَّتْ (وَ) لَا (حَيْضٍ وَ) لَا (عِدَّةِ شُبْهَةٍ) أَيْ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ (وَ) لَا (رِدَّةٍ) مِنْ أَمَةٍ، وَأَمَّا مِنْ زَوْجَةٍ، وَلَوْ أَمَةً فَتَحِلُّ بِهِ الْأُخْتُ لِفَسْخِ النِّكَاحِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا بِبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَحِلَّ فِي الْحَيْضِ وَمَا بَعْدَهُ لِقِصَرِ زَمَانِهِ وَالْغَالِبُ فِي الرِّدَّةِ الرُّجُوعُ لِلْإِسْلَامِ (وَ) لَا (إحْرَامَ) بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ لِقِصَرِ زَمَانِهِ أَيْضًا (وَظِهَارٍ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى رَفْعِ حُرْمَتِهِ بِالْكَفَّارَةِ (وَاسْتِبْرَاءٍ) مِنْ زِنًا وَقِيلَ مُرَادُهُ بِهِ الْمُوَاضَعَةُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى (وَ) لَا بَيْعِ (خِيَارٍ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْحَلٌّ (وَ) بَيْعِ (عُهْدَةِ ثَلَاثٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُرَدُّ فِيهَا بِكُلِّ حَادِثٍ وَالْحَوَادِثُ كَثِيرَةٌ وَزَمَنُهَا قَصِيرٌ بِخِلَافِ عُهْدَةِ السَّنَةِ فَتَحِلُّ كَالْأُخْتِ لِطُولِ زَمَنِهَا وَنُدُورِ أَدْوَائِهَا (وَ) لَا (إخْدَامِ سَنَةٍ) أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ بِخِلَافِ السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ (وَ) لَا (هِبَةَ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ) بِلَا عِوَضٍ كَوَلَدِهِ قَبْلَ حُصُولِ مُفَوِّتٍ وَعَبْدِهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الِاعْتِصَارُ (بِبَيْعٍ) كَيَتِيمَةِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الشِّرَاءُ أَيْ، وَإِنْ بِشِرَاءٍ مِنْهُ.

(بِخِلَافِ صَدَقَةٍ) عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ (إنْ حِيزَتْ) بِأَنْ حَازَهَا لَهُ غَيْرُ الْمُتَصَدِّقِ بِالْكَسْرِ، إذْ لَا يَكْفِي فِي حِلِّهَا حَوْزُهُ هُوَ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَيَكْفِي الْحَوْزُ الْحُكْمِيُّ كَأَنْ أَعْتَقَهَا أَوْ وَهَبَهَا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَوْزِ لِمُضِيِّ فِعْلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ كَالْهِبَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَخْذَهَا مِنْهُ بِالشِّرَاءِ جَبْرًا (وَ) بِخِلَافِ (إخْدَامِ) الْمَوْطُوءَةِ (سِنِينَ) كَثِيرَةً كَأَرْبَعَةٍ فَأَعْلَى وَمِثْلُ الْكَثِيرَةِ حَيَاةُ الْمُخْدِمِ (وَوُقِفَ) عَنْهُمَا (إنْ وَطِئَهُمَا) الْأُولَى إنْ تَلَذَّذَ بِهِمَا (لِيُحَرِّمَ) وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ (فَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: لَا بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ) مُقْتَضَى كَلَامِ بْن عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ إنْكَاحٍ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ أَنْ يَقْصُرَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ عَلَى خُصُوصِ الْبَيْعِ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ إذَا كَانَ يَمْضِي بِالدُّخُولِ تَحِلُّ بِهِ الْأُخْتُ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ بِالْفِعْلِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا حَيْضٍ) أَيْ لَا يَحِلُّ كَالْأُخْتِ حُرْمَةَ الْأُولَى عَلَيْهِ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ) تَقْيِيدُهُ الْعِدَّةَ بِالشُّبْهَةِ حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَكَانَ النِّكَاحُ وَحْدَهُ مُحَرَّمًا وَالْعِدَّةُ مِنْ تَوَابِعِهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالْعِدَّةِ الِاسْتِبْرَاءُ؛ لِأَنَّ مَا يُوجِبُهُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ مِنْ التَّرَبُّصِ يُسَمَّى اسْتِبْرَاءً لَا عِدَّةً وَإِطْلَاقُ الْعِدَّةِ عَلَيْهِ مَجَازٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَحِلَّ) أَيْ الْأُخْتُ وَقَوْلُهُ: فِي الْحَيْضِ أَيْ حَيْضِ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ: الرُّجُوعُ لِلْإِسْلَامِ) أَيْ لِخَوْفِ الْقَتْلِ.

(قَوْلُهُ: وَظِهَارٍ) مِثْلُهُ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ السَّابِقَةِ، وَلَوْ بِحُرِّيَّتِهَا فَلَا تَحِلُّ بِهِ الْأُخْرَى كَمَا قَالَهُ ح.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ: مُرَادُهُ بِهِ الْمُوَاضَعَةُ) حَاصِلُهُ أَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ جَعَلَ قَوْلَهُ وَاسْتِبْرَاءٍ وَخِيَارٍ وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ مُرْتَبِطَةً بِقَوْلِهِ وَبَيْعٍ دُلِّسَ فِيهِ عَلَى أَنَّهَا قَيْدٌ فِيهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالِاسْتِبْرَاءِ الْمُوَاضَعَةُ وَكَأَنَّهُ قَالَ مَحَلُّ كَوْنِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، وَلَوْ دُلِّسَ فِيهِ كَافِيًا بِمُجَرَّدِهِ فِي حِلِّيَّةٌ الْأُخْتِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُوَاضَعَةٌ أَوْ خِيَارٌ أَوْ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِهِ كَافِيًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَنَتَيْنِ) أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي بِخِلَافِ إخْدَامِ سِنِينَ فَإِنَّ مُقَابَلَتَهُ لِلسَّنَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا قَابَلَ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ.

(قَوْلُهُ: وَهِبَةٍ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ) الْمُرَادُ بِالْهِبَةِ هُنَا هِبَةُ غَيْرِ الثَّوَابِ بِدَلِيلِ الِاعْتِصَارِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ بَيْعٌ وَلَا اعْتِصَارَ فِي الْبَيْعِ فَجَعْلُ بَعْضِهِمْ هِبَةَ الثَّوَابِ دَاخِلَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ ظَاهِرٍ.

(قَوْلُهُ: كَوَلَدِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَمَفْهُومُ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ أَنَّ الْهِبَةَ لِغَيْرِهِ تَحِلُّ بِهِ كَالْأُخْتِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ إنْ حِيزَتْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا اعْتِصَارَ فِي الصَّدَقَةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى مَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ) أَيْ وَهُوَ عَبْدُهُ وَابْنُهُ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالْيَتِيمُ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ حَازَهَا لَهُ إلَخْ نَاظِرٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ صَغِيرًا فِي حِجْرِهِ وَقَوْلُهُ: وَيَكْفِي إلَخْ نَاظِرٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ كَبِيرًا.

(قَوْلُهُ: إنْ حِيزَتْ) هَذَا شَرْطٌ بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّيَّةِ الْأُخْتِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِصِحَّةِ الصَّدَقَةِ فَيَكْفِي حَوْزُهُ لِمَحْجُورِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ) أَيْ كَمَا فِي ح نَقْلًا عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ.

(قَوْلُهُ: كَالْهِبَةِ) أَيْ فِي كَوْنِهَا لَا تَحِلُّ بِهَا الْأُخْتُ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ إلَخْ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ أَخْذَهَا مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا لَا يُقَالُ إنَّ شِرَاءَ الْوَلِيِّ مَالَ مَحْجُورِهِ لَا يَجُوزُ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ نَزْعُهَا بِالْبَيْعِ مِنْ مَحْجُورِهِ الْيَتِيمِ قُلْت إنَّ الْمُمْتَنِعَ شِرَاءُ مَالِ مَحْجُورِهِ الَّذِي لَمْ يَهَبْهُ لَهُ، وَأَمَّا مَا وَهَبَهُ لَهُ فَيُكْرَهُ لَهُ شِرَاؤُهُ وَلَا يَكُونُ مَمْنُوعًا مَنْعَ تَحْرِيمٍ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ إخْدَامِ سِنِينَ) فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشْعَارٌ بِمَنْعِ وَطْءِ الْمُخْدِمَةِ، وَلَوْ قَلَّ زَمَنُ الْخِدْمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا مَا حَلَّتْ الْأُخْتُ وَبِهَذَا صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْأَمَةَ الْمُخْدِمَةَ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا قَلَّ زَمَنُ الْخِدْمَةِ أَوْ كَثُرَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ تَحِلَّ الْأُخْتُ إذَا قَلَّ زَمَنُ الْخِدْمَةِ لِقِصَرِ الزَّمَانِ

ص: 256

وَطِئَ أَيْ الَّتِي وَطِئَهَا بَعْدَ الْأُخْرَى (اسْتَبْرَأَهَا) لِفَاسِدِ مَائِهِ الْحَاصِلِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ، وَإِنْ أَبْقَى الْأُولَى فَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ يَعُدْ لِوَطْئِهَا بَعْدَ وَطْءِ الْأُخْرَى أَوْ زَمَنِ الْإِيقَافِ.

، ثُمَّ أَشَارَ إلَى جَمْعِ الْأُخْتَيْنِ بِنِكَاحٍ وَمِلْكٍ وَفِيهِ صُورَتَانِ سَبْقُ النِّكَاحِ لِلْمِلْكِ وَعَكْسُهُ وَأَشَارَ لِلْأُولَى بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (عَقَدَ) عَلَى إحْدَى مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ (فَاشْتَرَى) بَعْدَ عَقْدِهِ كَأُخْتِهَا (فَالْأُولَى) هِيَ الَّتِي تَحِلُّ وَهِيَ ذَاتُ الْعَقْدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ الْمُشْتَرَاةِ (فَإِنْ وَطِئَ) الْمُشْتَرَاةَ أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا صَارَ بِمَنْزِلَةِ وَطْءِ الْأُخْتَيْنِ فَيُوقَفُ عَنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا عَلَى مَا سَبَقَ وَأَشَارَ لِلثَّانِيَةِ وَهِيَ سَبْقُ الْمِلْكِ بِقَوْلِهِ (أَوْ عَقَدَ) عَلَى الْأُخْتِ (بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ) لَهُ عَلَيْهَا (فَكَالْأَوَّلِ) أَيْ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَوُقِفَ إنْ وَطِئَهُمَا لِيُحَرِّمَ فَقَوْلُهُ: فَكَالْأَوَّلِ جَوَابٌ عَنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ.

(وَ) حُرِّمَتْ (الْمَبْتُوتَةُ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِلْحُرِّ أَوْ اثْنَتَيْنِ لِلْعَبْدِ، وَلَوْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلِهَا فَأَحْنَثَتْهُ قَصْدًا أَوْ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهُوَ فَاسِدٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي الْأَوَّلِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الثَّانِي أَيْ حَرُمَ وَطْؤُهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ عَلَى مَنْ أَبَتَّهَا (حَتَّى يُولِجَ) أَيْ يَدْخُلَ فِي الْقُبُلِ (بَالِغٌ) وَقْتَ الْإِيلَاجِ، وَلَوْ صَبِيًّا وَقْتَ الْعَقْدِ.

(قَدْرَ الْحَشَفَةِ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَشَفَةٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ حَشَفَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إيلَاجِهَا أَنْزَلَ أَوْ لَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فَلَا يَكْفِي صَبِيٌّ وَلَا كَافِرٌ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً قَدْ أَبَتَّهَا مُسْلِمٌ (بِلَا مَنْعٍ) شَرْعِيٍّ فَيَخْرُجُ الْإِيلَاجُ فِي دُبُرٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، وَلَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِمَا وَقَبْلَ الْغُسْلِ وَإِحْرَامٍ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ (وَلَا نَكِرَةَ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِيلَاجِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ أَقَرَّا بِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَالْإِحْرَامِ وَالْحَيْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَثُرَ زَمَنُ الْخِدْمَةِ فَإِنَّ حِلَّهَا ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَطِئَ) أَيْ الثَّانِيَةَ مِنْ حَيْثُ الْوَطْءِ

(قَوْلُهُ: أَوْ عَقَدَ إلَخْ) هَذَا الْعَقْدُ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُعْجِبُنِي وَحُمِلَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَنَصُّهَا مَنْ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ، ثُمَّ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْجِبُنِي نِكَاحُهُ وَلَا أَفْسَخُهُ وَيُوقَفُ إمَّا أَنْ يُطَلِّقَ أَوْ يُحَرِّمَ الْأَمَةَ وَقَوْلُهُ: يُطَلِّقُ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهُوَ بَائِنٌ وَهُوَ مُحَرَّمٌ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ بِأَنْ عَقَدَ نِكَاحَ إحْدَى أُخْتَيْنِ بَعْدَ شِرَائِهِ لِلْأُخْرَى وَقَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِهَا فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إنْ أَبْقَى الْأُولَى وَهِيَ الَّتِي اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ لَا لِلْخِدْمَةِ أَبَانَ الثَّانِيَةَ الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ وُقِفَ عَنْ الْأُولَى أَيْ كَفَّ عَنْهَا وَيُوكَلُ لِأَمَانَتِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِزَوَالِ مِلْكِهَا بِعِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ وَلَا بِكِتَابَتِهَا أَوْ إنْكَاحِهَا.

(قَوْلُهُ: كَحُكْمِ الْفَرْعِ الْأَوَّلِ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوقَفَ عَنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ أَيَّتَهمَا شَاءَ أَمَّا الْمَنْكُوحَةُ بِفِرَاقِهَا بِالْبَيْنُونَةِ أَوْ بِفِرَاقِ الْمَمْلُوكَةِ بِزَوَالِ الْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِلْحُرِّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فِي مَرَّاتٍ أَوْ وَقَعَ مَرَّةً وَاحِدَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِلُزُومِ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَنُسِبَ فِي النَّوَادِرِ هَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ مُغِيثٍ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَنَسَبَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا لِأَشْهَبَ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِجْمَاعِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلِهَا إلَخْ) كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَدَخَلَتْهَا قَاصِدَةً حِنْثَهُ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مُعَامَلَةً لَهَا بِنَقِيضِ قَصْدِهَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ شَاذٌّ وَالْمَشْهُورُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهُوَ فَاسِدٌ عِنْدَنَا) أَيْ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَالشِّغَارِ، وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَنْكِحَةَ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا وَمَذْهَبُنَا فَسَادُهَا فَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ فِي هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ ثَلَاثًا حَرُمَتْ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ: إنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الطَّلَاقُ نَظَرًا لِصِحَّةِ النِّكَاحِ عَلَى مَذْهَبِ الْغَيْرِ وَلَا يَتَزَوَّجُهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ لَمْ يُفْسَخْ نِكَاحُهُ نَظَرًا لِمَذْهَبِهِ مِنْ فَسَادِ النِّكَاحِ وَعَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ فَيَكُونُ هَذَا النِّكَاحُ الثَّانِي صَحِيحًا.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا فَإِنَّ عَقَدَ عَلَيْهَا عَبْدًا، وَلَوْ مِلْكًا لِلزَّوْجِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَكَانَ بَالِغًا وَأَوْلَجَ فِيهَا حَشَفَتَهُ فَقَدْ حَلَّتْ فَلَوْ كَانَ مِلْكًا لِلزَّوْجِ وَوَهَبَهُ لَهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَكَانَ لِمُطَلِّقِهَا الْعَقْدُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا) هَذَا الْقَيْدُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي لَازِمٌ؛ لِأَنَّ اللُّزُومَ يَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ وَالصِّحَّةَ تَسْتَلْزِمُ الْإِسْلَامَ.

(قَوْلُهُ: بِلَا مَنْعٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِيلَاجِ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ الْمَنْعِ مِنْهُ شَرْعًا.

(قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُ الْإِيلَاجُ فِي دُبُرٍ) أَيْ فَلَا فَيَكُونُ الْإِيلَاجُ فِيهِ وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ كَافِيًا فِي حِلِّيَّتِهَا لِمُبِتِّهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بَلَا مَنْعٍ شَرْطُ كَوْنِهَا مُطِيقَةً لِأَنَّ وَطْءَ مَنْ لَا تُطِيقُ جِنَايَةٌ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ اُنْظُرْ ح.

(قَوْلُهُ: وَصَوْمٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ كَانَ تَطَوُّعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عِنْدَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْوَطْءُ فِي الْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ يُحِلُّهَا وَقِيلَ إنَّ مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَطْءِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا الْوَطْءُ فِيمَا عَدَاهُمَا كَصِيَامِ التَّطَوُّعِ وَالْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ يُحِلُّهَا اتِّفَاقًا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن وَوَجْهُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ يَفْسُدُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ فَبَقِيَّةُ الْوَطْءِ لَا مَنْعَ فِيهِ بِخِلَافِ رَمَضَانَ

ص: 257

أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمَا إقْرَارٌ وَلَا إنْكَارٌ فَإِنْ أَنْكَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تَحِلَّ (بِانْتِشَارٍ) ، وَلَوْ بَعْدَ الْإِيلَاجِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ تَامًّا (فِي نِكَاحٍ) فَلَا تَحِلُّ مَبْتُوتَةٌ بِوَطْءِ سَيِّدِهَا (لَازِمٍ) لِلزَّوْجَيْنِ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ فَلَا تَحِلُّ بِوَطْءِ مَحْجُورٍ كَعَبْدٍ أَوْ سَفِيهٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ فِي الْعَقْدِ إلَّا بِوَطْءٍ بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَلَا ذِي عَيْبٍ أَوْ مَغْرُورٍ إلَّا بِوَطْءٍ بَعْدَ الرِّضَا (وَعِلْمِ خَلْوَةٍ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَثَبَتَتْ بِامْرَأَتَيْنِ لَا بِتَصَادُقِهِمَا (وَ) عِلْمِ (زَوْجَةٍ فَقَطْ) بِالْوَطْءِ لَا مَجْنُونَةٍ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ نَائِمَةٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ الزَّوْجُ فَتَحِلُّ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ كَمَجْنُونٍ (وَلَوْ) كَانَ الْمُولِجُ (خَصِيًّا) وَهُوَ الْمَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ دُونَ الذَّكَرِ إنْ عُلِمَتْ بِهِ حَالَ الْوَطْءِ وَإِلَّا فَهُوَ نِكَاحٌ مَعِيبٌ (كَتَزْوِيجِ) مَبْتُوتَةٍ (غَيْرِ مُشْبِهَةٍ) لِنِسَائِهِ وَأَوْلَجَ (لِيَمِينٍ) أَيْ تَزَوَّجَهَا لِأَجْلِ يَمِينٍ حَلَفَهَا لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْت طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ بِدَنِيئَةٍ فَطَلَّقَهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِمَنْ بَتَّهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ، إذْ لَا يَبَرُّ إلَّا إذَا تَزَوَّجَ مَنْ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ نِسَائِهِ (لَا بِفَاسِدٍ) ، وَلَوْ دَخَلَ (إنْ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنْ ثَبَتَ بَعْدَهُ حَلَّتْ (بِوَطْءٍ ثَانٍ وَفِي) حِلِّهَا بِالْوَطْءِ (الْأَوَّلِ) الَّذِي حَصَلَ بِهِ الثُّبُوتُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّزْعَ وَطْءٌ وَعَدَمِ حِلِّهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَطْءٍ وَهُوَ الْأَحْوَطُ هُنَا (تَرَدُّدٌ) ثُمَّ مَثَّلَ لِلْفَاسِدِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالدُّخُولِ بِقَوْلِهِ (كَمُحَلِّلٍ) وَهُوَ مَنْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ لِغَيْرِهِ (وَإِنْ) نَوَى التَّحْلِيلَ (مَعَ نِيَّةِ إمْسَاكِهَا مَعَ الْإِعْجَابِ) لِانْتِفَاءِ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ عَلَى الدَّوَامِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ النِّكَاحِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ (وَنِيَّةُ الْمُطَلِّقِ) التَّحْلِيلُ (وَنِيَّتُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ التَّحْلِيلُ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ (لَغْوٌ) لَا أَثَرَ لَهَا فَهِيَ غَيْرُ مُضِرَّةٍ فِي التَّحْلِيلِ إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ الْمُحَلِّلُ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّ لِلزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ حُرْمَةً.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمَا إقْرَارٌ وَلَا إنْكَارٌ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّدْقُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي حِلِّهَا بِالْمَجْنُونِ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ نَعَمْ إذَا سُئِلَا حَاضِرَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ إقْرَارِهِمَا.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْكَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تَحِلَّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَهُ، وَلَوْ بَعْدَ طُولٍ مَا لَمْ يَحْصُلْ تَصَادُقٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِنْكَارِ وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِالْإِنْكَارِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ تَصَادُقُهُمَا بَعْدَ الْإِنْكَارِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ.

(قَوْلُهُ: بِانْتِشَارٍ) أَيْ مُلْتَبِسًا ذَلِكَ الْإِيلَاجُ بِانْتِشَارٍ لِلذَّكَرِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْإِيلَاجِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الِانْتِشَارُ حَاصِلًا عِنْدَ الْإِيلَاجِ أَيْ إدْخَالِ الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ الِانْتِشَارُ بَعْدَ الْإِيلَاجِ أَيْ دُخُولِهِ فِيهِ.

(تَنْبِيهٌ) لَا بُدَّ فِي حِلِّيَّةٌ الْمَبْتُوتَةِ أَنْ لَا يَكُونَ الْإِيلَاجُ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ وَأَنْ لَا يَلُفَّ عَلَى الذَّكَرِ خِرْقَةً كَثِيفَةً وَفِي حِلِّيَّتِهَا مَعَ الْخِرْقَةِ الْخَفِيفَةِ خِلَافٌ فَظَاهِرُ عبق الْحِلِّيَّةِ وَفِي الْبَدْرِ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ مَعَهَا لِمَنْعِ الْعُسَيْلَةِ وَكَلَامُ عبق أَظْهَرُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ) وَذَلِكَ فِي كُلِّ نِكَاحٍ فِيهِ خِيَارٌ لِأَحَدِهِمَا كَمَا مَثَّلَ وَقَوْلُهُ: وَالْمَغْرُورَةِ أَيْ بِحُرِّيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَعِلْمِ زَوْجَةٍ فَقَطْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَتْ بِهِ حَالَ الْوَطْءِ) أَيْ إنْ عَلِمَتْ بِكَوْنِهِ خَصِيًّا حَالَ الْوَطْءِ لِأَنَّهَا إذَا عَلِمَتْ بِذَلِكَ وَسَكَتَتْ حَتَّى أَتَمَّ الْوَطْءَ كَانَ النِّكَاحُ لَازِمًا وَلَا خِيَارَ لَهَا.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ نِكَاحٌ مَعِيبٌ) .

أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحِلُّهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ.

(قَوْلُهُ: فَتَزَوَّجَ بِدَنِيئَةٍ) .

أَيْ وَأَوْلَجَ فِيهَا حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا.

(قَوْلُهُ: لَا بِفَاسِدٍ) أَيْ لَا تَحِلُّ بِوَطْءٍ مُسْتَنِدٍ لِنِكَاحٍ فَاسِدٍ.

(قَوْلُهُ: بِوَطْءٍ ثَانٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مُرْتَبِطٍ بِالْمَفْهُومِ وَهُوَ ثُبُوتُهُ بَعْدَهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ التَّرَدُّدُ لِلْبَاجِيِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّزْعَ وَطْءٌ أَمْ لَا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَثَّلَ لِلْفَاسِدِ إلَخْ) إنَّمَا جَعَلَ قَوْلَهُ كَمُحَلِّلٍ تَمْثِيلًا لِلْفَاسِدِ لَا تَشْبِيهًا بِهِ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ غَيْرُ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُشَبَّهُ بِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: كَمُحَلِّلٍ) أَيْ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أَبَتَّهَا زَوَّجَهَا بِنِيَّةِ إحْلَالِهَا لَهُ أَوْ بِنِيَّةِ الْإِحْلَالِ مَعَ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ إنْ أَعْجَبَتْهُ فَإِنَّ نِكَاحَهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَلَا تَحِلُّ بِوَطْئِهِ لِمُبِتِّهَا لِانْتِفَاءِ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ الْمُطْلَقَةِ الْمُشْتَرَطَةِ شَرْعًا فِي الْإِحْلَالِ لِمَا خَالَطَهَا مِنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ إنْ لَمْ تُعْجِبْهُ.

(قَوْلُهُ: مَعَ الْإِعْجَابِ) بِأَنْ نَوَى التَّحْلِيلَ إنْ لَمْ تُعْجِبْهُ وَإِمْسَاكُهَا إنْ أَعْجَبَتْهُ.

(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ إلَخْ) أَيْ وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالْبِنَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ مَهْرُ الْمِثْلِ نَظَرًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى وَجْهِ التَّحْلِيلِ أَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلْقَوَاعِدِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الصَّدَاقِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنْ يُحِلَّهَا، وَلَوْ نَوَى أَنْ يُحِلَّهَا دُونَ شَرْطٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلِيَائِهَا عَلِمَ ذَلِكَ الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَكَانَ لَهَا الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى قَوْلًا وَاحِدًا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ لَكِنَّهُ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَالْفَسْخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَهُ فَالْفَسْخُ بِطَلَاقٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ قَالَ الْبَاجِيَّ وَعِنْدِي أَنْ يَدْخُلَهُ الْخِلَافُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ هَلْ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا وَهُوَ تَخْرِيجٌ ظَاهِرٌ اُنْظُرْ بْن وَمَا قَالَهُ الْبَاجِيَّ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ الْمُحَلِّلُ) أَيْ فَالْمُعْتَبَرُ فِي تَحْلِيلِهَا وَعَدَمِ تَحْلِيلِهَا نِيَّةُ الْمُحَلِّلِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ وَمَحَلُّ فَسَادِ النِّكَاحِ إذَا قَصَدَ الْمُحَلِّلُ تَحْلِيلَهَا مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ مَنْ يَرَاهُ كَشَافِعِيٍّ وَإِلَّا كَانَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَيُصَيِّرُ الْمَسْأَلَةَ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهَا

ص: 258