المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) لذكر المفقود وأقسامه - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٢

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[سُنَن الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُحَرِّمَ بِالْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌(بَابُ الذَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ الْمُبَاحِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمُحَرَّمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمَكْرُوهُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابٌ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌ الْعَقِيقَةِ وَحُكْمِهَا

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمِين وَشَرَائِطه]

- ‌[كَفَّارَة الْيَمِين]

- ‌(فَصْلٌ) فِي النَّذْرِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[بَابٌ الْجِهَادَ]

- ‌(فَصْلٌ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ

- ‌[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ]

- ‌[بَاب بَعْضُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ مِنْ الْأَحْكَامِ]

- ‌(بَابٌ) فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[أَقْسَام النِّكَاح الْفَاسِد]

- ‌[الْكِفَاءَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَوَانِعِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصَلِّ خِيَار أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا وَالْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ]

- ‌ مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْل وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فِرَاقهُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ

- ‌[الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلِ فِي شُرُوط الصَّدَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم تَنَازُع الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاح وَالصَّدَاق أَوْ مَتَاع الْبَيْت وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ]

- ‌[فَصَلِّ الْوَلِيمَة]

- ‌[فَصَلِّ الْقَسْم بَيْن الزَّوْجَات فِي الْمَبِيت]

- ‌ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَلَام عَلَى الْخُلْعِ]

- ‌(فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ)

- ‌[فَصَلِّ أَرْكَان الطَّلَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ)

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[بَاب الظِّهَار وَأَرْكَانَهُ وَكَفَّارَتَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[كِنَايَات الظِّهَار]

- ‌[بَاب اللِّعَان وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌ أَسْبَابُ اللِّعَانِ

- ‌[عدة الْحُرَّة]

- ‌(فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌بَابِ تَدَاخُلِ الْعَدَدِ

- ‌[بَاب أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب أَسْبَابَ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّفَقَةِ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةُ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَضَانَةِ]

الفصل: ‌(فصل) لذكر المفقود وأقسامه

(وَالتَّطَيُّبَ وَعَمَلَهُ) أَيْ التَّطَيُّبِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّطَيُّبِ (وَالتَّجْرَ فِيهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا صَنْعَةٌ غَيْرَهُ إذَا كَانَتْ تُبَاشِرُ مَسَّهُ بِنَفْسِهَا، وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ (وَ) تَرَكَتْ وُجُوبًا (التَّزَيُّنَ) أَيْ فِي بَدَنِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (فَلَا تَمْتَشِطُ بِحِنَّاءٍ أَوْ كَتَمٍ) بِفَتْحَتَيْنِ صَبْغٌ يُذْهِبُ حُمْرَةَ الشَّعْرِ وَلَا يُسَوِّدُهُ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّزَيُّنِ بِاللِّبَاسِ (بِخِلَافِ نَحْوِ الزَّيْتِ) مِنْ كُلِّ دُهْنٍ لَا طِيبَ فِيهِ (وَالسِّدْرِ وَ) بِخِلَافِ (اسْتِحْدَادِهَا) أَيْ حَلْقِ عَانَتِهَا فَيَجُوزُ (وَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَلَا تَطْلِ جَسَدَهَا) بِنَوْرَةٍ (وَلَا تَكْتَحِلُ) وَلَوْ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَيَجُوزُ (وَإِنْ بِمُطَيِّبٍ وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا) وُجُوبًا حَيْثُ كَانَ مُطَيِّبًا.

[دَرْسٌ]

(فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

الْأَرْبَعَةِ (وَلِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ) بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ بِدَلِيلِ مَا يَذْكُرُهُ فِي غَيْرِ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ (الرَّفْعُ لِلْقَاضِي وَالْوَلِيِّ) أَيْ حَاكِمِ السِّيَاسَةِ (وَوَالِي الْمَاءِ) وَهُوَ السَّاعِي أَيْ جَابِي الزَّكَاةِ إنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي بَلَدِهَا غَيْرُ جَائِرٍ بِأَخْذِ مَالٍ مِنْهَا لِيَكْشِفُوا عَنْ حَالَ زَوْجِهَا (وَإِلَّا) يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ (فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) مِنْ صَالِحِي بَلَدِهَا، وَلَهَا أَنْ لَا تَرْفَعَ وَتَرْضَى بِالْمَقَامِ مَعَهُ فِي عِصْمَتِهِ حَتَّى يَتَّضِحَ أَمْرُهُ، أَوْ تَمُوتَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ فِي الرَّفْعِ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ، وَالنَّقْلُ أَنَّهَا إنْ أَرَادَتْ الرَّفْعَ، وَوَجَدَتْ الثَّلَاثَةَ وَجَبَ لِلْقَاضِي فَإِنْ رَفَعَتْ لِغَيْرِهِ حَرُمَ عَلَيْهَا وَصَحَّ وَإِنْ رَفَعَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي بَطَلَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَاضٍ فَتُخَيَّرُ فِيهِمَا فَإِنْ رَفَعَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِهِمَا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ.

(فَيُؤَجَّلُ الْحُرُّ أَرْبَعَ سِنِينَ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا) مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ (وَ) يُؤَجِّلُ (الْعَبْدُ نِصْفَهَا) سَنَتَانِ (مِنْ) حِينِ (الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ) بِالْبَحْثِ عَنْهُ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُظَنُّ ذَهَابُهُ إلَيْهَا مِنْ الْبُلْدَانِ بِأَنْ يُرْسِلَ الْحَاكِمُ رَسُولًا بِكِتَابٍ لِحَاكِمِ تِلْكَ الْأَمَاكِنِ مُشْتَمِلٍ عَلَى صِفَةِ الرَّجُلِ وَحِرْفَتِهِ وَنَسَبِهِ لِيُفَتِّشَ عَنْهُ فِيهَا.

(ثُمَّ) بَعْدَ الْأَجَلِ الْكَائِنِ بَعْدَ كَشْفِ الْحَاكِمِ عَنْ أَمْرِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ (اعْتَدَّتْ) عِدَّةً (كَالْوَفَاةِ) أَيْ كَعِدَّةِ الْوَفَاةِ الْحُرَّةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلرَّجُلِ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَهِيَ لَابِسَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّطَيُّبَ) فَإِنْ تَطَيَّبَتْ قَبْلَ وَفَاةِ زَوْجِهَا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ بِوُجُوبِ نَزْعِهِ وَغَسْلِهِ، كَمَا إذَا أَحْرَمَتْ وَلِلْبَاجِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهَا لَا تَنْزِعُهُ وَكَذَا نَقَلَ الشَّاذِلِيُّ عَنْ الْقَرَافِيِّ وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ أَحْرَمَتْ فَإِنَّ الْمُحْرِمَةَ أَدْخَلَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا بِخِلَافِ مَوْتِ الزَّوْجِ اُنْظُرْ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ) قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ اُخْتُلِفَ فِي دُخُولِهَا الْحَمَّامَ، فَقِيلَ: لَا تَدْخُلُهُ أَصْلًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ ضَرُورَةٍ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تَدْخُلُهُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ الثَّانِي فَيَجُوزُ دُخُولُهُ مَعَ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ظَاهِرٌ فَقَطْ لَا صَرِيحٌ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِضَرُورَةٍ يَرْجِعُ لِهَذَا أَيْضًا اهـ بْن (قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرُورَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا الْمَرَضُ لَا مُطْلَقُ الْحَاجَةِ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ: وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِمُطَيَّبٍ) مُبَالَغَةٌ فِي الْمُسْتَثْنَى فَقَطْ وَهُوَ جَوَازُ الْكُحْلِ لِضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ مُطَيِّبًا) أَيْ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ مَسْحُهُ وَإِذَا كَانَ مُطَيِّبًا وَمَسَحَتْهُ فَلْتَمْسَحْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ أَيْ تَمْسَحُ مَا هُوَ زِينَةٌ

[فَصْلٌ لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ]

(فَصْلٌ لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ) أَيْ وَهُوَ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ مُمْكِنُ الْكَشْفِ عَنْهُ فَيَخْرُجُ الْأَسِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ، وَيَخْرُجُ الْمَحْبُوسُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ الْكَشْفُ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ: أَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ أَيْ وَهِيَ الْمَفْقُودُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ أَوْ فِي زَمَنِ الْوَبَاءِ أَوْ فِي الْقِتَالِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ أَوْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: وَلِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً إلَخْ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحُرَّةُ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً (قَوْلُهُ: أَيْ حَاكِمِ السِّيَاسَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَالِيًا أَوْ غَيْرَهُ أَيْ كَالْبَاشَا وَأَغَاةِ الإنكشارية وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: أَيْ جَابِي الزَّكَاةِ) إنَّمَا سُمِّيَ وَالِيَ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ لِجِبَايَةِ الزَّكَاةِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْمَوَاشِي عَلَى الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ) أَيْ أَوْ وُجِدَ وَلَكِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَشْفِ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهَا مَالًا (قَوْلُهُ: فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) هَكَذَا عِبَارَةُ الْأَئِمَّةِ وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ فَلِصَالِحِي جِيرَانِهَا، وَقَوْلُ عبق وَالْوَاحِدُ كَافٍ اعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ قَائِلًا لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَلَا أَظُنُّهُ يَصِحُّ قَالَهُ بْن وَكَذَا رَدَّ عج فِي وَسَطِهِ كِفَايَةُ الِاثْنَيْنِ فَضْلًا عَنْ الْوَاحِدِ قَائِلًا: التَّحْقِيقُ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ إنْ وُجِدَ الثَّلَاثَةُ فِي بَلَدِهَا.

(قَوْلُهُ فَإِنْ رَفَعَتْ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِلْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ (قَوْلُهُ: فَتُخَيَّرُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الرَّفْعِ لِلْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ

(قَوْلُهُ:)(فَيُؤَجَّلُ) أَيْ الْمَفْقُودُ الْحُرُّ أَرْبَعَ سِنِينَ سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا دَعَتْهُ قَبْلَ غَيْبَتِهِ لِلدُّخُولِ أَوْ لَا وَالْحَقُّ أَنَّ تَأْجِيلَ الْحُرِّ بِأَرْبَعِ سِنِينَ وَالْعَبْدِ بِنِصْفِهَا تَعَبُّدِيٌّ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ) أَيِّ مِنْ حِينِ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْجِيلٍ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَيُؤَجِّلُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِالْبَحْثِ عَنْهُ) أَيْ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ مِنْ هُنَا نَقَلَ الْمَشَذَّالِيُّ عَنْ السُّيُورِيِّ أَنَّ الْمَفْقُودَ الْيَوْمَ يُنْتَظَرُ بِهِ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ لِعَدَمِ مَنْ يَبْحَثُ عَنْهُ الْآنَ وَأَقَرَّهُ تِلْمِيذُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُرْسِلَ إلَخْ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلْبَحْثِ عَنْهُ وَأُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الطَّالِبَةُ هَذَا إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ اعْتَدَّتْ كَالْوَفَاةِ) أَيْ وَعَلَيْهَا الْإِحْدَادُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ كَذَا فِي بْن وَإِنَّمَا قَالَ كَالْوَفَاةِ الْمُفِيدُ أَنَّهَا لَيْسَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ حَقِيقَةً لِمُغَايَرَةِ الْمُشَبَّهِ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْوِيتٌ أَيْ حُكْمٌ بِالْمَوْتِ لَا مَوْتٌ حَقِيقَةً، وَاعْلَمْ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ الْمَذْكُورَةِ تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا يَأْتِي هُنَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا إنْ تَمَّتْ أَيْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا، وَقَالَ النِّسَاءُ: لَا رِيبَةَ بِهَا وَإِلَّا انْتَظَرَتْهَا أَوْ تَمَامَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَذَلِكَ لِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ حِينِ

ص: 479

وَالْأَمَةُ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ مَوْتُهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهَا كَمَا قَالَ (وَسَقَطَتْ بِهَا) أَيْ فِيهَا أَيْ الْعِدَّةِ (النَّفَقَةُ) .

(وَلَا تَحْتَاجُ) الزَّوْجَةُ (فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْأَجَلِ (لِإِذْنٍ) مِنْ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ حَصَلَ بِضَرْبِ الْأَجَلِ أَوَّلًا.

(وَلَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ) أَيْ اخْتِيَارُ الْبَقَاءِ فِي عِصْمَتِهِ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ اتِّفَاقًا.

(وَقُدِّرَ طَلَاقٌ) مِنْ الْمَفْقُودِ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ يُفِيتُهَا عَلَيْهِ (يَتَحَقَّقُ) وُقُوعُهُ (بِدُخُولِ) الزَّوْجِ (الثَّانِي) عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ جَاءَ الْأَوَّلُ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَبَعْدَ الدُّخُولِ بَانَتْ مِنْ الْأَوَّلِ وَتَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ الْمَهْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ بِهَا، وَاسْتُشْكِلَ تَقْدِيرُ هَذَا الطَّلَاقِ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ مَعَ تَقْدِيرِ مَوْتِهِ، وَعِدَّتُهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ.

(فَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ) وَهُوَ الْمَفْقُودُ (إنْ) كَانَ قَدْ (طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ) قَبْلَ فَقْدِهِ يَعْنِي بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ إذَا دَخَلَ بِهَا الثَّانِي ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ عِصْمَةِ الْمَفْقُودِ الْمُقَدَّرَ وُقُوعُهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعِدَّةِ قَدْ حَقَّقَ وُقُوعَهَا دُخُولُ الثَّانِي فَصَارَتْ بَعْدَ فِرَاقِهَا بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ لِلْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ بِوَطْءٍ مِنْ الثَّانِي يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا بِانْتِشَارٍ لَا نَكِرَةَ فِيهِ إلَى آخِرِ الشُّرُوطِ.

(فَإِنْ)(جَاءَ) الْمَفْقُودُ (أَوْ) لَمْ يَجِئْ وَ (تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ) تَبَيَّنَ أَنَّهُ (مَاتَ)(فَكَالْوَلِيَّيْنِ) أَيْ فَحُكْمُهَا فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كَحُكْمِ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ يُزَوِّجُهَا كُلٌّ مِنْ رَجُلٍ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِتَلَذُّذِ الثَّانِي بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَتَكُونُ لِلْمَفْقُودِ فِيمَا إذَا جَاءَ، أَوْ تَبَيَّنَ حَيَاتُهُ أَوْ مَوْتُهُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَقَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ عَالِمًا بِمَا ذُكِرَ وَتَفُوتُ عَلَيْهِ وَتَكُونُ لِلثَّانِي إنْ تَلَذَّذَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ، وَفَائِدَةُ كَوْنِهَا لِلْأَوَّلِ فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ مَوْتُهُ فَسْخُ نِكَاحِ الثَّانِي، وَإِرْثُهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَوَرِثَتْ) الزَّوْجَةُ (الْأَوَّلَ) أَيْ الْمَفْقُودَ (إنْ قُضِيَ لَهُ بِهَا) وَذَلِكَ فِي أَحْوَالٍ أَرْبَعَةٍ أَنْ يَمُوتَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَلَمْ يَعْقِدْ الثَّانِي، أَوْ عَقَدَ وَلَمْ يَدْخُلْ أَوْ دَخَلَ عَالِمًا.

(وَلَوْ)(تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فِي عِدَّةٍ) مِنْ الْأَوَّلِ أَيْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ (فَكَغَيْرِهِ) مِمَّنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ، وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ إنْ تَلَذَّذَ فِيهَا أَوْ وَطِئَ وَلَوْ بَعْدَهَا.

وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ زَوْجَةَ الْمَفْقُودِ تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ ذَكَرَ سَبْعَ مَسَائِلَ يُتَوَهَّمُ مُسَاوَاتُهَا لِذَلِكَ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مُخَالِفٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

التَّأْجِيلِ كَذَا فِي عبق نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ وَمَضَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ الْمَذْكُورَةُ، وَلَمْ تَرَ الْحَيْضَ لِكَوْنِ عَادَتِهَا الْحَيْضَ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ مَرَّةً هَلْ تَنْتَظِرُ الْأَقْرَاءَ الثَّلَاثَةَ أَوْ تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ تَمَامِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ فَتَنْظِيرُ عج فِي ذَلِكَ قُصُورٌ كَمَا قَالَهُ بْن

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ إذْنَهُ) أَيْ فِي الْعِدَّةِ بَلْ وَكَذَلِكَ فِي التَّزْوِيجِ حَصَلَ بِضَرْبِهِ الْأَجَلَ أَوَّلًا

(قَوْلُهُ: وَبَعْدَ الْفَرَاغِ) أَيْ مِنْ الْعِدَّةِ اتِّفَاقًا اعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ فَلَيْسَ لَهَا اخْتِيَارُ الْبَقَاءِ فِي عِصْمَتِهِ اتِّفَاقًا وَأَمَّا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَقَبْلَ كَمَالِهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَهَا الْبَقَاءُ مَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْعِدَّةِ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ عَلَى عِصْمَتِهِ إذَا تَمَّتْ الْأَرْبَعُ سِنِينَ، وَأَمَّا فِي خِلَالِهَا أَيْ الْأَرْبَعِ سِنِينَ مُدَّةِ الْأَجَلِ فَلَهَا الْبَقَاءُ

(قَوْلُهُ: وَقُدِّرَ) أَيْ وَقَدَّرَ الشَّارِعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مِنْ الْمَفْقُودِ حِينَ شُرُوعِهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: يُفِيتُهَا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى احْتِمَالِ حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي) أَيْ وَبَعْدَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا وَأَوْلَى قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ: كَانَ أَيْ الْأَوَّلُ أَحَقَّ بِهَا (قَوْلُهُ وَتَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ الْمَهْرِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ بِهَا قِيَاسًا عَلَى الْمَيِّتِ وَالْمُعْتَرِضِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لَهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ لَهَا الْمَهْرَ بَلْ لَهَا نِصْفُهُ فَقَطْ ثُمَّ إنْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ أَوْ ثَبَتَ مَوْتُهُ كَمَّلَ لَهَا وَنَسَبَ ح هَذَا الْقَوْلَ لِلْبَاجِيِّ عَنْ سَحْنُونٍ وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ وَاَلَّذِي فِي الْمُتَيْطِيِّ أَنَّ الَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا فَهَلْ يُعَجِّلُ جَمِيعَهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَوْ يَبْقَى عَلَى تَأْجِيلِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ أَرْجَحَ مَعَ حُلُولِ مَا أُجِّلَ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْوِيتٌ لَا مَوْتٌ حَقِيقَةً وَنَصُّ الْخِلَافِ الْجَارِي فِي الصَّدَاقِ الْمُؤَجَّلِ يَجْرِي فِي غَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ اُخْتُلِفَ فِي صَدَاقِ مَنْ لَمْ يَبْنِ بِهَا فَقَالَ مَالِكٌ لَهَا جَمِيعُهُ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَابْنُ دِينَارٍ نِصْفُهُ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ دَفَعَهُ لَهَا لَمْ يَنْزِعْ مِنْهَا، وَإِلَّا أُعْطِيت نِصْفَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَبْقَى الْمُؤَجَّلُ لِأَجَلِهِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يُعَجِّلُ نِصْفَهُ وَيُؤَخِّرُ نِصْفَهُ لِمَوْتِهِ بِالتَّعْمِيرِ وَلِسَحْنُونٍ يُعَجِّلُ جَمِيعَهُ اهـ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ح.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِأَجْلِ فَوَاتِهَا عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي إذَا تَبَيَّنَ حَيَاتُهُ؛ إذْ لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى تَقْدِيرِ مَوْتِهِ لَمْ تَفُتْ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَدِّرُ وَفَاتَهُ لِأَجْلِ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَيُقَدِّرَ طَلَاقَهُ لِأَجْلِ أَنْ تَفُوتَ عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي وَلِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ حِلِّيَّتُهَا لِلْأَوَّلِ إذَا كَانَ طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ قَبْلَ فَقْدِهِ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ لَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى

(قَوْلُهُ فَتَكُونُ لِلْمَفْقُودِ فِيمَا إذَا جَاءَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا تَكُونُ لَهُ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ، وَهِيَ مَجِيئُهُ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ تَبَيَّنَ مَوْتُهُ فِي أَرْبَعَةٍ، وَهِيَ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ، أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ عَالِمًا فَتَكُونُ لِلْمَفْقُودِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: إنْ تَلَذَّذَ) أَيْ سَوَاءٌ جَاءَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ تَفُوتُ فِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: إنْ قَضَى إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ قَضَى لَهَا بِالثَّانِي كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ

ص: 480

فَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُهُ فَقَالَ (وَأَمَّا إنْ)(نُعِيَ لَهَا) زَوْجُهَا بِأَنْ أُخْبِرَتْ بِمَوْتِهِ فَاعْتَمَدَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ فَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي، وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ، أَوْ حَكَمَ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ حَاكِمٌ.

(أَوْ)(قَالَ) الزَّوْجُ (عَمْرَةُ طَالِقٌ مُدَّعِيًا) زَوْجَةً (غَائِبَةً) اسْمُهَا كَذَلِكَ قَصَدَ طَلَاقَهَا بِهِ وَلَهُ زَوْجَةٌ حَاضِرَةٌ اسْمُهَا عَمْرَةُ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ سِوَاهَا فَلَمْ يُصَدَّقْ (فَطَلَّقَ عَلَيْهِ) الْحَاضِرَةَ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْغَائِبَةِ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ (ثُمَّ أَثْبَتَهُ) أَيْ أَثْبَتَ أَنَّ لَهُ زَوْجَةً غَائِبَةً تُسَمَّى عَمْرَةَ فَتُرَدُّ إلَيْهِ الْحَاضِرَةُ وَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّانِي.

(وَذُو) زَوْجَاتٍ (ثَلَاثٍ وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ) عَلَى أَنْ يُزَوِّجَاهُ فَزَوَّجَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاحِدَةً، وَسَبَقَ عَقْدُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ فَفَسَخَ نِكَاحَ الْأُولَى مِنْهُمَا ظَنًّا أَنَّهَا الثَّانِيَةُ لِكَوْنِهَا خَامِسَةً فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا الرَّابِعَةُ لِكَوْنِهَا ذَاتَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَلَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَتَعَيَّنُ فَسْخُ نِكَاحِهَا لِكَوْنِهَا خَامِسَةً وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهَا.

(وَالْمُطَلَّقَةُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ) فَتَزَوَّجَهَا ثَانٍ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَدَخَلَ (ثُمَّ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا) عَنْ الْمُطَلِّقِ بِأَنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ أَرْسَلَهَا وَأَنَّهَا وَصَلَتْهَا أَوْ أَنَّهُ تَرَكَهَا عِنْدَهَا أَوْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّانِي.

(وَذَاتُ) الزَّوْجِ (الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا) الْمُقَرَّرَةِ لَهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا الْمَفْقُودِ، وَأَحْرَى لَوْ تَزَوَّجَتْ فِي الْأَجَلِ (فَيُفْسَخُ) نِكَاحُهَا ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهَا اسْتَبْرَأَتْ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ وَتَزَوَّجَتْ بِثَالِثٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمَفْقُودَ كَانَ قَدْ مَاتَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ قَبْلَ نِكَاحِ الثَّانِي فَإِنَّ دُخُولَ الثَّالِثِ لَا يُفِيتُهَا عَلَى الثَّانِي.

(أَوْ)(تَزَوَّجَتْ بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ) لِزَوْجِهَا الْمَفْقُودِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ إلَّا بِقَوْلِهَا فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ، وَدَخَلَ بِهَا فَفُسِخَ نِكَاحُهَا فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ بِثَالِثٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ فِي الْوَاقِعِ لِثُبُوتِ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ قَبْلَهُ فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّالِثِ وَتُرَدُّ لِلثَّانِي لِظُهُورِ صِحَّتِهِ فِي الْوَاقِعِ.

(أَوْ) تَزَوَّجَتْ امْرَأَةُ شَخْصٍ غَائِبٍ (بِشَهَادَةِ) رَجُلَيْنِ (غَيْرِ عَدْلَيْنِ) عَلَى مَوْتِهِ (فَيُفْسَخُ) لِعَدَمِ عَدَالَةِ الشُّهُودِ فَتَزَوَّجَتْ ثَالِثًا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَدَخَلَ بِهَا (ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ نِكَاحُ الْمُتَزَوِّجِ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْعَدْلَيْنِ (كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ) لِكَوْنِ الْعُدُولِ أَرَّخُوا مَوْتَهُ بِتَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ تَنْقَضِي فِيهِ عِدَّتُهَا قَبْلَ نِكَاحِهِ فَتُرَدُّ إلَيْهِ وَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّالِثِ فَقَوْلُهُ: (فَلَا تَفُوتُ) وَاحِدَةٌ مِنْ السَّبْعِ (بِدُخُولٍ) جَوَابُ إمَّا.

(وَالضَّرْبُ) أَيْ ضَرْبُ الْأَجَلِ (لِوَاحِدَةٍ) مِنْ نِسَاءِ الْمَفْقُودِ قَامَتْ دُونَ غَيْرِهَا (ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ، وَإِنْ أَبَيْنَ) أَيْ الْبَاقِيَاتُ مِنْ كَوْنِ الضَّرْبِ لِمَنْ قَامَتْ ضَرْبًا لَهُنَّ، وَطَلَبْنَ ضَرْبَ أَجَلٍ آخَرَ فَلَا يُضْرَبُ لَهُنَّ أَجَلٌ مُسْتَأْنَفٌ بَلْ يَكْفِي أَجَلُ الْأُولَى مَا لَمْ يَخْتَرْنَ الْمُقَامَ مَعَهُ بِأَنْ اخْتَرْنَهُ فَلَهُنَّ ذَلِكَ وَتَسْتَمِرُّ لَهُنَّ النَّفَقَةُ.

(وَبَقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ) عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَلَا يُضْرَبُ لَهَا أَجَلٌ وَلَا تُعْتَقُ بَلْ تَسْتَمِرُّ لِمُدَّةِ التَّعْمِيرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَقَدَ عَلَيْهَا، وَدَخَلَ بِهَا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ غَيْرَ عَالِمٍ ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ فَلَا تَرِثُهُ

(قَوْلُهُ فَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُهُ) أَيْ دُخُولُ الثَّانِي، وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ أُخْبِرَتْ بِمَوْتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُ لَهَا بِالْمَوْتِ عُدُولًا أَوْ غَيْرَ عُدُولٍ وَقَوْلُهُ: حَكَمَ بِمَوْتِهِ إلَخْ أَيْ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ بِالْمَوْتِ عَدْلَيْنِ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِغَيْرِ الْعَدْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي) وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَلَوْ حَكَمَ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ حَاكِمٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَاتِ الْمَفْقُودِ وَهَذِهِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَفْقُودِ اسْتَنَدَ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ بِثُبُوتِ فَقْدِهِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ فَلَمْ يُبَالِ بِمَجِيئِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَالْمَنْعِيُّ لَهَا زَوْجُهَا إنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَوْتِهِ فَقَدْ اسْتَنَدَ إلَى شَهَادَةٍ ظَهَرَ خَطَؤُهَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ حَاكِمٌ فَوَاضِحٌ، وَقَوْلُنَا: وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ أَيْ فِي وُجُودِ الْفَقْدِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمَنْعِيَّ لَهَا زَوْجُهَا لَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي، وَلَوْ حُكِمَ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي مُطْلَقًا حُكِمَ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ أَوْ لَا، وَقِيلَ: تَفُوتُ إنْ حُكِمَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِذَا رَجَعَتْ لِلْأَوَّلِ فَتَعْتَدُّ مِنْ الثَّانِي بِثَلَاثِ حِيَضٍ أَوْ ثَلَاثَةِ شُهُورٍ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ فِي بَيْتِهِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُ فِيهِ مَعَهُ، وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَإِنْ مَاتَ الْقَادِمُ اعْتَدَّتْ مِنْهُ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَلَا تُرْجَمُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ فَاشِيًّا؛ لِأَنَّ النَّعْيَ لَهَا أَيْ الْإِخْبَارَ بِمَوْتِهِ شُبْهَةٌ

(قَوْلُهُ: فَلَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ بِدُخُولِ الثَّانِي وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ مِنْ ذَلِكَ الثَّانِي وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ

(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ فَوَاتِهَا عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي فِي هَذِهِ هُوَ مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِإِسْقَاطٍ دُونَ سُقُوطٍ، وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ الْإِسْقَاطَ لَا يَلْزَمُهَا؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ، وَقَبْلَ وُجُوبِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تُرَدُّ لِلْأَوَّلِ إذَا دَخَلَ بِهَا الثَّانِي، وَهُوَ مَا لِلْقَرَافِيِّ

(قَوْلُهُ)(فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا) أَيْ لِأَجْلِ عَدَمِ ثُبُوتِ مَوْتِ زَوْجِهَا الْمَفْقُودِ،

وَقَوْلُهُ: فَاعْتَدَّتْ أَيْ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّالِثِ أَيْ وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ دَعْوَاهَا مَوْتَهُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ عَنْهَا الْحَدَّ كَذَا فِي عبق وَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: بِشَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ) أَيْ شَهَادَتِهِمَا عَلَى مَوْتِ الْأَوَّلِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: فَتَزَوَّجَتْ ثَالِثًا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ) أَيْ عَلَى مَوْتِ الزَّوْجِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ نِكَاحِهِ) أَيْ نِكَاحِ الْمُتَزَوِّجِ بِشَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَيْنَ أَيْ الْبَاقِيَاتُ مِنْ كَوْنِ الضَّرْبِ لِمَنْ قَامَتْ إلَخْ) بَلْ وَكَذَا إنْ أَبَيْنَ مِنْ الْقِيَامِ وَمِنْ الرَّفْعِ حِينَ قَامَتْ الْأُولَى ثُمَّ قُمْنَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُضْرَبُ لَهُنَّ أَجَلٌ مُسْتَأْنَفٌ بَلْ يَكْفِي أَجَلُ الْأُولَى اهـ بْن قَالَ ح وَكَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ مَعَ مَا نَقَلَ

ص: 481

أَوْ لِثُبُوتِ مَوْتِهِ (وَ) كَذَا (مَالُهُ) فَيُورَثُ حِينَئِذٍ وَتُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

(وَ) بَقِيَتْ (زَوْجَةُ الْأَسِيرِ وَ) زَوْجَةُ (مَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ)(لِلتَّعْمِيرِ) إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهُمَا وَإِلَّا فَلَهُمَا التَّطْلِيقُ كَمَا لَوْ خَشِيَتَا الزِّنَا (وَهُوَ) أَيْ التَّعْمِيرُ أَيْ مُدَّتُهُ (سَبْعُونَ) سَنَةً مِنْ يَوْمِ وُلِدَ وَتُسَمِّيهَا الْعَرَبُ دَقَّاقَةَ الْأَعْنَاقِ (وَاخْتَارَ) الشَّيْخَانِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ الْقَابِسِيُّ (ثَمَانِينَ وَحُكِمَ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ) سَنَةً وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَلِذَا قَدَّمَهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سَنَةٍ) بِأَنْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ خَمْسَةَ عَشَرَ وَقَالَتْ أُخْرَى عِشْرُونَ (فَالْأَقَلُّ) أَيْ فَالْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ (وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى التَّقْدِيرِ) أَيْ التَّخْمِينِ لِلضَّرُورَةِ (وَحَلَفَ الْوَارِثُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الشَّهَادَةِ عَلَى التَّقْدِيرِ بِأَنَّ مَا شَهِدُوا بِهِ حَقٌّ، وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ مُعْتَمِدًا عَلَى شَهَادَتِهِمْ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ مَنْ يَظُنُّ بِهِ الْعِلْمَ فَإِنْ أَرَّخَتْ الْبَيِّنَةُ الْوِلَادَةَ فَلَا يَمِينَ.

(وَإِنْ)(تَنَصَّرَ) أَيْ كَفَرَ (أَسِيرٌ فَعَلَى الطَّوْعِ) يُحْمَلُ عِنْدَ الْجَهْلِ فَتَبِينُ زَوْجَتُهُ وَيُوقَفُ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا فَلِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ أَسْلَمَ كَانَ لَهُ.

(وَاعْتَدَّتْ) الزَّوْجَةُ (فِي مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ) بَعْضِهِمْ بَعْضًا (بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ إذْ يُحْتَمَلُ مَوْتُهُ آخِرَ الْقِتَالِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ابْنُ يُونُسَ وَالْمُتَيْطِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُنَّ إذَا قُمْنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لِلْأُولَى، وَبَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِنَّ وَلَا يَحْتَجْنَ إلَى عِدَّةٍ، قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ إذَا أَنْفَقْنَ مِنْ مَالِهِ فِي عِدَّةِ الْأُولَى ثُمَّ قُمْنَ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِنَّ بِمَا أَنْفَقْنَ مِنْ مَالِهِ مِنْ حِينَ أَخَذَ الْأُولَى فِي الْعِدَّةِ وَإِلَّا لَزِمَ تَرْجِيحُهُنَّ عَلَيْهَا بِلَا مُرَجِّحٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ لِثُبُوتِ مَوْتِهِ) هَذَا إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا مُسْتَمِرَّةً وَإِلَّا نَجَزَ عِتْقُهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُوَثِّقِينَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَقِيلَ: إنَّهَا تُطَالِبُ بِسَعْيِهَا فِي مَعَاشِهَا لِثُبُوتِ مَوْتِهِ أَوْ لِمُضِيِّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ فَتُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الشَّقَّاقِ وَابْنُ الْعَطَّارِ وَابْنُ الْقَطَّانِ وَزَادَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهَا تُزَوَّجُ (قَوْلُهُ: فَيُورَثُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ ثَبَتَ مَوْتُهُ أَوْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِمَوْتِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُرَادُ وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَ إذْ ثَبَتَ مَوْتُهُ أَوْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ مَعَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ وَارِثُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ لَا وَارِثُهُ يَوْمَ الْفَقْدِ وَلَا وَارِثُهُ يَوْمَ بُلُوغِهِ مُدَّةَ التَّعْمِيرِ بِدُونِ حُكْمٍ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ، وَأَقْوَالُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِأَنَّ مُسْتَحِقَّ إرْثِهِ وَارِثُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ لَا يَوْمَ بُلُوغِهِ سِنَّ تَمْوِيتِهِ

(قَوْلُهُ: وَبَقِيَتْ زَوْجَةُ الْأَسِيرِ وَمَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ لِلتَّعْمِيرِ) أَيْ ثُمَّ حُكِمَ بِمَوْتِهِ وَاعْتَدَّتْ زَوْجَةُ كُلٍّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَقُسِّمَ مَالُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ فَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْقَسْمِ لِتَرِكَتِهِ لَمْ يَمْضِ الْقَسْمُ وَيَرْجِعُ لَهُ مَتَاعُهُ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ خَشِيَتَا الزِّنَا) فَإِنَّ لَهُمَا التَّطْلِيقَ، وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهُمَا دَائِمَةً، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا شُكَّ فِي فَقْدِهِ هَلْ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْكُفْرِ كَالْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْكُفْرِ تَحْقِيقًا احْتِيَاطًا فِي زَوْجَتِهِ وَمَالِهِ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: وَحُكِمَ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ) ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ الْبَاجِيَّ فِي سِجِلَّاتِهِ قِيلَ: يُعَمِّرُ خَمْسًا وَسَبْعِينَ وبِهِ قَضَى ابْنُ زَرْبٍ اهـ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ مَنْ فُقِدَ وَقَدْ بَلَغَ سِنَّ التَّعْمِيرِ أَوْ جَاوَزَهُ كَمَنْ فُقِدَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى ابْنِ السَّبْعِينَ إذَا فُقِدَ لَهَا زِيدَ لَهُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ أَبُو عِمْرَانَ وَكَذَا ابْنُ الثَّمَانِينَ وَإِنْ فُقِدَ ابْنُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ زِيدَ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَإِنْ فُقِدَ ابْنُ مِائَةٍ اُجْتُهِدَ فِيمَا يُزَادُ لَهُ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: عَلَى التَّقْدِيرِ) أَيْ عَلَى مَا يُقَدِّرُونَهُ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِمْ أَيْ إنَّهُمْ يَشْهَدُونَ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِمْ وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِلتَّعَذُّرِ

(قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عِنْدَ الْجَهْلِ) أَيْ عِنْدَ جَهْلِ حَالِهِ مِنْ الطَّوْعِ وَالْإِكْرَاهِ، وَذَلِكَ إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ أَصْلًا أَوْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ إحْدَاهُمَا بِالطَّوْعِ وَالْأُخْرَى بِالْإِكْرَاهِ كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ قِيَامُهُمَا كَالْجَهْلِ إذَا عُدِمَ الْمُرَجِّحُ لِإِحْدَاهُمَا فَيَتَسَاقَطَانِ أَمَّا حَيْثُ وُجِدَ الْمُرَجِّحُ كَمَا هُنَا، وَهُوَ كَوْنُ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ مُثْبِتَةً، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النَّافِيَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ قِيَامُهُمَا كَالْجَهْلِ اهـ بْن وَلَوْ تَزَوَّجَتْ زَوْجَةُ مَنْ تَنَصَّرَ، وَشُكَّ فِيهِ هَلْ تَنَصَّرَ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مُكْرَهٌ فَكَامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ فِي كَوْنِهَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي غَيْرِ الْعَالِمِ، وَقِيلَ كَالْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا فَلَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ أَصْلًا وَأَمَّا لَوْ عُلِمَ إكْرَاهُهُ فَكَالْمُسْلِمِ تَبْقَى زَوْجَتُهُ فِي عِصْمَتِهِ وَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ) الَّذِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي هَذَا مَا نَصُّهُ فَتَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ وَيُقَسَّمُ مَالُهُ قِيلَ مِنْ يَوْمِ الْمَعْرَكَةِ قَرِيبَةً كَانَتْ الْمَعْرَكَةُ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ بَعِيدَةً وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقِيلَ بَعْدَ أَنْ يَتَلَوَّمَ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَنْصَرِفُ مِنْ هَرَبٍ أَوْ مِنْ انْهِزَامٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمَعْرَكَةُ عَلَى بُعْدٍ مِنْ بِلَادِهِ مِثْلِ إفْرِيقِيَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ ضُرِبَ لِامْرَأَتِهِ أَجَلُ سَنَةٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ وَتَتَزَوَّجُ وَيُقَسَّمُ مَالُهُ اهـ فَأَنْتَ تَرَاهُ عَزَا الْأَوَّلَ لِسَحْنُونٍ وَنَحْوُهُ فِي نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ وَعَزَا ابْنُ يُونُسَ الثَّانِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهَا شَارِحُ التُّحْفَةِ وَعَزَا الْمُتَيْطِيُّ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَزَا الثَّانِيَ لِلْعُتْبِيَّةِ وَوَافَقَهُ التَّوْضِيحُ فِي عَزْوِ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: جَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الثَّانِيَ خِلَافًا لِلْأَوَّلِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ تَفْسِيرًا لَهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِالتَّفْسِيرَيْنِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَتَهُمْ اخْتَلَفَتْ فِي الْأَوَّلِ فَعِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ مِنْ يَوْمِ الْمَعْرَكَةِ، وَعِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ شَاسٍ مِنْ

ص: 482

وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ، وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَنَّهَا رَأَتْهُ حَضَرَ الصَّفَّ فَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ خَرَجَ مَعَ الْجَيْشِ، فَقَطْ فَتَكُونُ زَوْجَتُهُ كَالْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ (وَهَلْ يُتَلَوَّمُ) أَيْ يُنْتَظَرُ مُدَّةً تَعْتَدُّ بَعْدَهَا بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ (وَيُجْتَهَدُ) فِي قَدْرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ تَعْتَدُّ بَعْدَ الِانْفِصَالِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ أَصْلًا (تَفْسِيرَانِ) لِقَوْلِ مَالِكٍ تَعْتَدُّ يَوْمَ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ فَبَعْضُهُمْ أَبْقَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ يُضْرَبُ لِامْرَأَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُسْتَقْصَى أَمْرُهُ وَيُسْتَبْرَأُ خَبَرُهُ (وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ وَانْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّلَوُّمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ (كَالْمُنْتَجَعِ) أَيْ الْمُرْتَحَلِ (لِبَلَدِ الطَّاعُونِ أَوْ فِي زَمَنِهِ) فَفُقِدَ أَوْ فُقِدَ فِي بَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ انْتِجَاعٍ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ بَعْدَ ذَهَابِ الطَّاعُونِ، وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْمَفْقُودِ.

(وَ) اعْتَدَّتْ (فِي الْفَقْدِ) لِلزَّوْجِ فِي الْقِتَالِ الْوَاقِعِ (بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ) كَائِنَةٍ (بَعْدَ النَّظَرِ) مِنْ السُّلْطَانِ فِي أَمْرِهِ وَالتَّفْتِيشِ عَنْهُ وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ الْمَفَاقِيدِ الْأَرْبَعَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِسُكْنَى الْمُعْتَدَّاتِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِنَّ، فَقَالَ:(وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ) بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا السُّكْنَى وُجُوبًا عَلَى الزَّوْجِ فَإِنْ مَاتَ اسْتَمَرَّتْ فِي الْبَائِنِ وَكَذَا فِي الرَّجْعِيِّ عَلَى تَفْصِيلٍ كَمَا يَأْتِي.

(أَوْ)(الْمَحْبُوسَةِ) أَيْ الْمَمْنُوعَةِ مِنْ نِكَاحٍ (بِسَبَبِهِ) بِغَيْرِ طَلَاقٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَعَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ شُرَّاحِهِ وَإِنَّمَا تَعَقَّبَهُ اللَّقَانِيُّ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ وَتَحْسِبُهَا مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاءِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ هِيَ التَّحْقِيقُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ الِالْتِقَاءِ وَالِانْفِصَالِ أَيَّامٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا مَاتَ يَوْمَ الِانْفِصَالِ فَلَوْ حَسِبَتْ مِنْ الِالْتِقَاءِ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ غَيْرَ كَامِلَةٍ فَتَحْسِبُ عِدَّتَهَا مِنْ يَوْمِ الِانْفِصَالِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْعِدَّةِ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إلْغَاءِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ: لَوْ كَانَ الْقِتَالُ أَيَّامًا أَوْ شَهْرًا فَمِنْ آخِرِ يَوْمٍ اهـ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ مِنْ يَوْمِ الْمُعْتَرَكِ وَكَذَا مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاءِ يَحْتَمِلُ مِنْ ابْتِدَاءِ الْمُعْتَرَكِ أَوْ انْتِهَائِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى انْتِهَائِهِ، وَكَذَلِكَ الِالْتِقَاءُ يُحْمَلُ عَلَى انْتِهَائِهِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْعِدَّةِ فَمَا فَعَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ حَسَنٌ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) إلَّا أَنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى مَا لِلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ كَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ عَلَى أَنَّ مَا لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ يُمْكِنُ جَعْلُهُ تَفْسِيرًا لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَأَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا مِنْ يَوْمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ الْمُرَادُ مِنْ يَوْمِ آخِرِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَهُوَ يَوْمُ الِانْفِصَالِ (قَوْلُهُ: وَيَجْتَهِدُ فِي قَدْرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ) فَإِذَا كَانَتْ الْمَعْرَكَةُ بَعِيدَةً مِنْ بَلَدِهِ يُوَسِّعُ فِي الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً يُقَلِّلُ فِيهَا بِالِاجْتِهَادِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ تَفْسِيرَانِ) وَلَمْ يَقُلْ: تَأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: فَبَعْضُهُمْ أَبْقَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ) أَيْ فَيَكُونُ خِلَافًا لِقَوْلِ أَصْبَغَ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ) أَيْ حَمَلَهُ عَلَى الْوِفَاقِ لَهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي زَمَنِهِ) أَيْ أَوْ الْمُرْتَحِلُ فِي زَمَنِهِ وَلَوْ لِبَلَدٍ لَا طَاعُونَ فِيهَا (قَوْلُهُ: فِي بَلَدِهِ) أَيْ الطَّاعُونِ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ سَنَةٍ كَائِنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَسْرِهِ عِنْدَ الْعَدُوِّ وَاعْتَرَضَهُ طفي بِأَنَّ الَّذِي فِي عِبَارَةِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَمُعِينِ الْحُكَّامِ وَجَمِيعِ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ سِوَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ السَّنَةَ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ لَا مِنْ بَعْدِ النَّظَرِ وَالتَّفْتِيشِ عَلَيْهِ قَالَ: وَلَمْ يَتَنَبَّهْ ح وَلَا غَيْرُهُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وَالْكَمَالُ لِلَّهِ

قُلْت مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ نَقَلَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَيْضًا عَنْ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ، وَوَقَعَ الْقَضَاءُ بِهِ فِي الْأَنْدَلُسِ قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَرْبُ السُّلْطَانِ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ الْيَأْسِ مِنْ الْمَفْقُودِ لَا مِنْ يَوْمِ قِيَامِ الزَّوْجَةِ عِنْدَهُ عَلَى مَا اُسْتُحْسِنَ مِنْ الْخِلَافِ، وَقَالَ ابْنُ عَاصِمٍ أَيْضًا عَقِبَ مَا مَرَّ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلِ أَشْهَبَ: إنَّهُ يَتَلَوَّمُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ؛ لِأَنَّ مَحْمَلَ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ يَوْمِ الْيَأْسِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ الرَّفْعِ فَعَبَّرَ بِالرَّفْعِ عَنْهُ تَجَوُّزًا اهـ فَقَدْ تَأَوَّلَ ابْنُ عَاصِمٍ عِبَارَةَ ابْنِ رُشْدٍ وَرَدَّهَا لِمَا بِهِ الْقَضَاءُ

(قَوْلُهُ: وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ الْمَفَاقِيدِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ الْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُؤَجَّلُ أَرْبَعَ سِنِينَ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ وَالْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَالْمَفْقُودُ بِأَرْضِ الشِّرْكِ كَالْأَسِيرِ وَحُكْمُهُمَا أَنْ تَبْقَى زَوْجَتُهُمَا لِانْتِهَاءِ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ ثُمَّ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَالْمَفْقُودُ فِي الْفِتَنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَحُكْمُهُ أَنْ تَعْتَدَّ زَوْجَتُهُ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ وَالْمَفْقُودُ فِي الْفِتَنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ وَحُكْمُهُ أَنْ يُؤَجَّلَ سَنَةً بَعْدَ النَّظَرِ وَالْكَشْفِ عَنْهُ ثُمَّ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ هَذَا حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ فِي الْأَقْسَامِ كُلِّهَا وَلَا لِإِذْنِ الْقَاضِي لِلزَّوْجَةِ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا عَلَى الزَّوْجِ) أَيْ إذَا كَانَ حَيًّا (قَوْلُهُ: اسْتَمَرَّتْ فِي الْبَائِنِ) أَيْ مُطْلَقًا كَانَ الْمَسْكَنُ مِلْكًا لَهُ أَوْ لَا نَقَدَ كِرَاءَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَمْ لَا، وَالْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ رَأْسُ الْمَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَفْصِيلٍ)

ص: 483

كَالْمَزْنِيِّ بِهَا غَيْرِ عَالِمَةٍ وَمُعْتَقَةٍ، وَمَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا لِفَسَادٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِعَانٍ (فِي حَيَاتِهِ السُّكْنَى) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْبُوسَةِ لَا بِمَا قَبْلَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهَا السُّكْنَى مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ وَاعْتُرِضَ عَلَى التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ فِي حَيَاتِهِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ السُّكْنَى لَا تُقَيَّدُ بِذَلِكَ بَلْ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ الْفَسْخِ وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ لَوَجَبَ لَهَا السُّكْنَى فَكَانَ عَلَيْهِ حَذْفُهُ.

(وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا) السُّكْنَى مُدَّةَ عِدَّتِهَا بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ دَخَلَ بِهَا) وَلَوْ صَغِيرَةً مُطِيقَةً (وَالْمَسْكَنُ) الَّذِي هِيَ سَاكِنَةٌ فِيهِ وَقْتَ الْمَوْتِ (لَهُ) بِمِلْكٍ (أَوْ) إجَارَةٍ وَ (نَقَدَ كِرَاءَهُ) كُلَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَوْ نَقَدَ الْبَعْضَ فَلَهَا السُّكْنَى بِقَدْرِهِ فَقَطْ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا مَاتَ، وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ، وَلَوْ حُكْمًا وَأَمَّا إنْ مَاتَ، وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ بَائِنًا فَالسُّكْنَى ثَابِتَةٌ لَهَا مُطْلَقًا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَمْ لَا، نَقَدَ الْكِرَاءَ أَمْ لَا؛ إذْ هِيَ مُطَلَّقَةٌ فَالسُّكْنَى لَهَا بِلَا شَرْطٍ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ (لَا بِلَا نَقْدٍ) لِلْكِرَاءِ فَلَا سُكْنَى لَهَا (وَهَلْ مُطْلَقًا) كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ لِلْوَرَثَةِ جَمِيعًا فَتَدْفَعُ الْأُجْرَةَ مِنْ مَالِهَا (أَوْ) لَا سُكْنَى لَهَا (إلَّا الْوَجِيبَةُ) فَهِيَ أَحَقُّ بِالسُّكْنَى فِي مَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْدِ (تَأْوِيلَانِ) .

(وَلَا) سُكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا (إنْ لَمْ يَدْخُلْ) بِهَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً (إلَّا أَنْ يُسْكِنَهَا) مَعَهُ فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّ إسْكَانَهَا عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ دُخُولِهِ بِهَا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ أَسْكَنَهَا مَعَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا (لِيَكُفَّهَا) عَمَّا يُكْرَهُ فَلَا سُكْنَى، وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَنَّ الْمَسْكَنَ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ وَفِي نُسْخَةٍ لِيَكْفُلَهَا بِلَامٍ بَعْدَ الْفَاءِ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَهُوَ الْحَضَانَةُ وَهِيَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي الصَّغِيرَةِ الْغَيْرِ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ فَحَضَانَتُهَا لَا تُوجِبُ سُكْنَاهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الدُّخُولِ ثُمَّ الرَّاجِحُ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى فَكَانَ عَلَيْهِ حَذْفُ الِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي وَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْمُطِيقَةِ، وَالْأَوَّلُ عَامٌّ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.

(وَسَكَنَتْ) الْمُعْتَدَّةُ مُطَلَّقَةً أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا (عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ) مَعَ زَوْجِهَا فِي حَيَاتِهِ شِتَاءً وَصَيْفًا (وَرَجَعَتْ لَهُ إنْ نَقَلَهَا) مِنْهُ وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ (وَاتُّهِمَ) عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا نَقَلَهَا لِيُسْقِطَ سُكْنَاهَا فِيهِ فِي الْعِدَّةِ أَيْ وَالشَّأْنُ أَنَّهُ يُتَّهَمُ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ فَلَيْسَتْ الْوَاوُ لِلْحَالِ (أَوْ كَانَتْ) مُقِيمَةً (بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَسْكَنِهَا وَقْتَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ إذَا كَانَتْ الْإِقَامَةُ بِغَيْرِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَسْكَنُ مِلْكًا لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَلَا سُكْنَى لَهَا فَالرَّجْعِيَّةُ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا مِثْلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَهِيَ فِي الْعِصْمَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهَا مُتَوَفًّى عَنْهَا بِدَلِيلِ انْتِقَالِهَا أَيْ الرَّجْعِيَّةِ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: كَالْمَزْنِيِّ بِهَا غَيْرَ عَالِمَةٍ) أَيْ فَإِنَّ لَهَا الصَّدَاقُ وَالسُّكْنَى عَلَى مَنْ زَنَى بِهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ عَالِمَةً فَلَا صَدَاقَ لَهَا، وَلَا سُكْنَى (قَوْلُهُ: إنَّ السُّكْنَى) أَيْ سُكْنَى الْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: فَكَانَ عَلَيْهِ حَذْفُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمُعْتَدَّةِ، وَلَا لِلْمَحْبُوسَةِ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْبَائِنَ لَهَا السُّكْنَى، وَلَوْ مَاتَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ الْمَحْبُوسَةُ لَهَا السُّكْنَى سَوَاءٌ طَلَعَ عَلَى مُوجِبِ الْحَبْسِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ قَوْلِهِ فِي حَيَاتِهِ مُتَعَلِّقًا بِالْمَحْبُوسَةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ مَنْ حُبِسَتْ فِي حَيَاتِهِ أَيْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ حَبْسِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي حَيَاتِهِ يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا التَّأْوِيلُ يَصِحُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ

(قَوْلُهُ وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا) هَذَا شَامِلٌ لِأُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: مُطِيقَةً) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُطِيقَةِ فَلَا سُكْنَى لَهَا إلَّا بِالشَّرْطِ الْآتِي وَهُوَ إذَا أَسْكَنَهَا قَبْلَ الْمَوْتِ مُطْلَقًا دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ: وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ وَمَنْ دَخَلَ بِصَغِيرَةٍ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا سُكْنَى لَهَا فِي الطَّلَاقِ، وَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَلَهَا السُّكْنَى إنْ كَانَ ضَمَّهَا إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقَلَهَا اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهَا ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَخَذَهَا لِيَكْفُلَهَا ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُكْنَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً قَبْلَ مَوْتِهِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْمَسْكَنُ إنْ مَاتَ الْمُطَلِّقُ.

(قَوْلُهُ: لَا بِلَا نَقْدٍ) هَذَا بَيَانٌ لِمُحْتَرَزِ الشَّرْطَيْنِ فِي وُجُوبِ السُّكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَجِيبَةً) أَيْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (قَوْلُهُ: أَوْ مُشَاهَرَةً) أَيْ وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَى الْمُدَّةِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ كَكُلِّ شَهْرٍ أَوْ كُلِّ سَنَةٍ أَوْ كُلِّ جُمُعَةٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ فِي الْوَجِيبَةِ وَأَمَّا الْمُشَاهَرَةُ فَلَا سُكْنَى لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ نَقَدَ الْكِرَاءَ كَانَ لَهَا السُّكْنَى سَوَاءٌ كَانَتْ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً اتِّفَاقًا وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَفِي الْمُشَاهَرَةِ لَا سُكْنَى لَهَا اتِّفَاقًا وَفِي الْوَجِيبَةِ تَأْوِيلَانِ

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسْكِنَهَا) أَيْ فَإِذَا أَسْكَنَهَا مَعَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَجَبَتْ لَهَا السُّكْنَى وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَسْكَنَ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهَا) أَيْ لِلصَّغِيرَةِ الَّتِي أَسْكَنَهَا مَعَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ لِأَجْلِ كَفَالَتِهَا ثُمَّ مَاتَ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا مَتَى أَسْكَنَهَا مَعَهُ فَلَهَا السُّكْنَى سَوَاءٌ كَانَتْ مُطِيقَةً أَمْ لَا إلَّا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً وَقَصَدَ بِإِسْكَانِهَا مَعَهُ كَفَالَتَهَا ثُمَّ مَاتَ فَلَا سُكْنَى لَهَا، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ عَامٌّ هُوَ الصَّوَابُ لَا خَاصٌّ بِالصَّغِيرَةِ كَمَا فِي عبق

(قَوْلُهُ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ مَعَ زَوْجِهَا فِي حَيَاتِهِ) الْأَوْلَى قَبْلَ طَلَاقِهَا وَفِي حَالِ حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَتْ لَهُ) أَيْ لِمَحَلِّ سُكْنَاهَا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ الْوَاوُ لِلْحَالِ) أَيْ بَلْ لِلِاسْتِئْنَافِ

ص: 484

غَيْرَ وَاجِبَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ إقَامَتُهَا بِغَيْرِهِ (لِشَرْطٍ) اشْتَرَطَهُ عَلَيْهَا أَهْلُ الرَّضِيعِ (فِي إجَارَةِ رَضَاعٍ) أَيْ شَرَطُوا عَلَيْهَا أَنْ لَا تَرْضِعَهُ إلَّا فِي دَارِ أَهْلِهِ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَتَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ (وَانْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ إنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُ الرَّضِيعِ بِرَضَاعِهِ بِمَسْكَنِهَا.

(وَ) رَجَعَتْ وُجُوبًا لِتَعْتَدَّ بِمَنْزِلِهَا (مَعَ ثِقَةٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ (إنْ)(بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ) بَعْدَ وُصُولِهَا لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ يَوْمًا وَاحِدًا (إنْ خَرَجَتْ ضَرُورَةً) أَيْ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ (فَمَاتَ) زَوْجُهَا (أَوْ طَلَّقَهَا) بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا (فِي) سَيْرِهَا وَبُعْدِهَا عَنْ مَنْزِلِهَا (كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ) دَخَلَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَرْجِعْ بَلْ تَسْتَمِرُّ كَمَا لَوْ دَخَلَتْ فِي الْإِحْرَامِ.

(وَ) رَجَعَتْ (فِي) الْحَجِّ (التَّطَوُّعِ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ النَّوَافِلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ خَرَجَ) الزَّوْجُ مَعَهَا (لِكَرِبَاطٍ) فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَ وَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجَتْ لَكَانَ أَحْسَنَ (لَا) إنْ كَانَ الْخُرُوجُ (لِمُقَامٍ) أَيْ إقَامَةٍ (هُنَاكَ) بِرَفْضِ سُكْنَى مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ (وَإِنْ وَصَلَتْ) مُبَالَغَةٌ فِيمَا قَبْلَ النَّفْيِ أَيْ تَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا، وَإِنْ وَصَلَتْ لِمَكَّةَ أَوْ لِمَحَلِّ الرِّبَاطِ وَكَذَا قَوْلُهُ:(وَالْأَحْسَنُ) رُجُوعُهَا (وَلَوْ أَقَامَتْ) فِي مَحَلٍّ كَالرِّبَاطِ (نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ) بِأَنْ أَقَامَتْ سَبْعَةً وَلَكِنَّ النَّقْلَ عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ أَنَّهَا تَرْجِعُ وَلَوْ أَقَامَتْ عَامًا (وَالْمُخْتَارُ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ (خِلَافُهُ) وَأَنَّهَا لَا تَرْجِعُ بَلْ تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ لَكِنَّ عَدَمَ رُجُوعِهَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَمَّا قَبْلَهَا فَتَرْجِعُ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ الْمُسْتَحْسَنُ.

ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ لَا لِمُقَامٍ بِقَوْلِهِ (وَفِي) سَفَرِ (الِانْتِقَالِ) وَرَفَضَ الْأَوَّلَ فَمَاتَ الزَّوْجُ أَوْ طَلَّقَ مُخَيَّرَةً (تَعْتَدُّ) إنْ شَاءَتْ (بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ أَبْعَدِهِمَا أَوْ بِمَكَانِهَا) أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَوْ قَالَ تَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ وَأَشْمَلَ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ لَهَا (الْكِرَاءُ) يَنْقُدُهُ عَنْهَا حَالَ كَوْنِهِ (رَاجِعًا) مَعَهَا حَيْثُ لَزِمَهَا الرُّجُوعُ لِعِدَّةِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَرْجِعْ مَعَهَا فَلَوْ قَالَ رَاجِعَةً بِالتَّأْنِيثِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ فَالْكِرَاءُ عَلَيْهَا لِانْتِقَالِ مَالِهِ لِلْوَرَثَةِ كَمَا لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ إذَا اعْتَدَّتْ حَيْثُ شَاءَتْ.

وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ وَرَجَعَتْ فِي كُلِّ الْأَقْسَامِ مُقَيَّدًا بِمَنْ طَرَأَ عَلَيْهَا مُوجِبُ الْعِدَّةِ قَبْلَ تَلَبُّسِهَا بِحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - كَمَا قَدَّمْنَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِأَنَّ جَعْلَهَا لِلْحَالِ يَقْتَضِي أَنَّ الِاتِّهَامَ شَرْطٌ فِي رُجُوعِهَا كَأَنْ يُطَلِّقَهَا بِالْقُرْبِ مِنْ نَقْلِهَا أَوْ يَمُوتَ بِالْقُرْبِ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي نَقَلَهَا فِيهِ بِخِلَافِ جَعْلِهَا لِلِاسْتِئْنَافِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَالشَّأْنَ اتِّهَامُهُ مُطْلَقًا، وَأُجْرَةُ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ وَقْتَ الْفِرَاقِ بِغَيْرِ مَسْكَنِهَا كَمَا فِي المج.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ وَاجِبَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا زَائِرَةً لَهُمْ

(قَوْلُهُ وَرَجَعَتْ وُجُوبًا لِتَعْتَدَّ بِمَنْزِلِهَا مَعَ ثِقَةٍ) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا خَرَجَتْ لِلْحَجِّ ضَرُورَةً مَعَ زَوْجِهَا فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ سَيْرِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ رُجُوعُهَا لِتَعْتَدَّ بِمَنْزِلِهَا إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ بَعْدَ وُصُولِهَا لَهُ، وَلَوْ يَوْمًا وَاحِدًا إنْ قُلْت مَتَى كَانَ الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ بَعْدَ سَيْرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهَا إذَا رَجَعَتْ تُدْرِكُ غَالِبَ الْعِدَّةِ فِي مَنْزِلِهَا فَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ الشَّرْطِ قُلْت يُمْكِنُ إقَامَتُهَا فِي مَحَلِّ الطَّلَاقِ لِمَرَضٍ اعْتَرَاهَا أَوْ لِانْتِظَارِ الثِّقَةِ الَّذِي يَرْجِعُ مَعَهُ تَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ أَعْنِي قَوْلَهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِجَمِيعِ الْمَسَائِلِ الَّتِي فِيهَا الرُّجُوعُ السَّابِقَةُ وَاللَّاحِقَةُ وَلِذَا لَوْ أَخَّرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ جَمِيعِهَا كَانَ أَحْسَنَ.

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ دَخَلَتْ فِي الْإِحْرَامِ) أَيْ وَلَوْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ سَفَرِهَا

(قَوْلُهُ: وَرَجَعَتْ فِي الْحَجِّ) أَيْ وَرَجَعَتْ فِي الْحَجِّ التَّطَوُّعِ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَإِنْ وَصَلَتْ بِمَكَّةَ وَرَجَعَتْ فِي غَيْرِهِ مِنْ النَّوَافِلِ كَالرِّبَاطِ، وَلَوْ وَصَلَتْ لِمَحَلِّ الرِّبَاطِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ خُرُوجُهَا هِيَ كَانَ الزَّوْجُ خَارِجًا مَعَهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ لَا إنْ كَانَ الْخُرُوجُ لِمُقَامٍ هُنَاكَ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَرْجِعَ لِمَحَلِّ سُكْنَاهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ رُجُوعُهَا، وَلَوْ أَقَامَتْ نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ إنَّهُ إذَا كَانَ الْحَجُّ تَطَوُّعًا أَوْ سَافَرَتْ لِرِبَاطٍ وَوَصَلَتْ لِمَكَّةَ أَوْ لِمَحَلِّ الرِّبَاطِ وَأَقَامَتْ هُنَاكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ سَبْعَةً وَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ فَالْأَحْسَنُ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ رُجُوعُهَا لِبَلَدِهَا مَعَ ثِقَةٍ لِتُتِمَّ عِدَّتَهَا بِمَحَلِّ سُكْنَاهَا لَكِنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مُحَمَّدًا اسْتَحْسَنَ الرُّجُوعَ فِي الْأَشْهُرِ، وَفِي السَّنَةِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ التُّونُسِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَهَذَا خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ الْمُصَنِّفُ فَلَعَلَّ مَا فِي الْمَتْنِ تَحْرِيفٌ وَأَنَّ الْأَصْلَ وَلَوْ أَقَامَتْ السَّنَةَ أَوْ الْأَشْهُرَ كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ قَالَهُ طفي وَقَوْلُ الزَّرْقَانِيِّ وَفِي قَوْلِهِ: السِّتَّةِ أَشْهُرٍ نَظَرٌ هَذَا النَّظَرُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَدَدَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُضَافٌ لِلْأَشْهُرِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَشْهُرٍ بَدَلًا مِنْ السِّتَّةِ لَا مُضَافٌ إلَيْهِ فَيَنْتَفِي الِاعْتِرَاضُ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ: مُخَيَّرَةً تَعْتَدُّ إنْ شَاءَتْ بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ أَبْعَدِهِمَا) أَيْ الْمَكَانَيْنِ الْمُنْتَقَلِ مِنْهُ، وَإِلَيْهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِمَكَانِهَا أَيْ الَّذِي هِيَ فِيهِ وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ، وَمَا قَرَّرَ بِهِ شَارِحُنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّخْيِيرِ فَقَدْ تَبِعَ فِيهِ غَيْرَهُ مِنْ الشُّرَّاحِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذِهِ أَقْوَالٌ، وَأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ سِتَّةَ أَقْوَالٍ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ لَهَا) أَيْ فِي حَالِ سَفَرِهَا لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ التَّطَوُّعِ كَالرِّبَاطِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي لُزُومِ الْكِرَاءِ لَهُ رُجُوعُهَا سَوَاءٌ رَجَعَ مَعَهَا أَوْ لَا وَكَمَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ رُجُوعِهَا فِي الطَّلَاقِ يَلْزَمُهُ أَيْضًا كِرَاءُ الْمَنْزِلِ الَّذِي تَرْجِعُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ إذَا اعْتَدَّتْ حَيْثُ شَاءَتْ) أَيْ فِي سَفَرِ الِانْتِقَالِ

(قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ نَبَّهَ عَلَى مَا إذَا طَرَأَ مُوجِبُ الْعِدَّةِ بَعْدَ تَلَبُّسِهَا بِحَقِّ اللَّهِ

ص: 485

(وَمَضَتْ)(الْمُحْرِمَةُ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (أَوْ الْمُعْتَكِفَةُ) إذَا طَرَأَتْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ عَلَى مَا هِيَ فِيهِ وَلَا تَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا لِتَعْتَدَّ بِهِ (أَوْ)(أَحْرَمَتْ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بَعْدَ مُوجِبِ الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ فَإِنَّهَا تَمْضِي عَلَى إحْرَامِهَا الطَّارِئِ (وَعَصَتْ) بِإِدْخَالِ الْإِحْرَامِ عَلَى نَفْسِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لِخُرُوجِهَا مِنْ مَسْكَنِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ اعْتِكَافٌ فَلَا تَنْفُذُ لَهُ بَلْ تَبْقَى بِبَيْتِهَا حَتَّى تُتِمَّ عِدَّتَهَا، وَكَذَا لَوْ طَرَأَ اعْتِكَافٌ عَلَى إحْرَامٍ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا تَخْرُجُ لِلطَّارِئِ بَلْ تَسْتَمِرُّ عَلَى السَّابِقِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ تُتِمُّ السَّابِقَ وَلَا تَخْرُجُ لِلَّاحِقِ إلَّا فِيمَا إذَا طَرَأَ إحْرَامٌ، وَعَصَتْ وَتَقَدَّمَتْ السِّتَّةُ فِي الِاعْتِكَافِ.

(وَلَا سُكْنَى لِأَمَةٍ) مُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ (لَمْ تُبَوَّأْ) أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَعَ زَوْجِهَا بَيْتٌ عِنْدَهُ وَإِلَّا فَلَهَا السُّكْنَى (وَلَهَا حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ لَمْ تُبَوَّأْ (الِانْتِقَالُ مَعَ سَادَتِهَا) إذَا انْتَقَلُوا مِنْ مَسْكَنِهِمْ (كَبَدْوِيَّةٍ) مُعْتَدَّةٍ (ارْتَحَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ) فَلَهَا الِارْتِحَالُ مَعَهُمْ حَيْثُ كَانَ يَتَعَذَّرُ لُحُوقُهَا بِهِمْ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: فَقَطْ عَمَّا إذَا ارْتَحَلَ أَهْلُ زَوْجِهَا فَقَطْ فَلَا تَرْتَحِلُ مَعَهُمْ وَتَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِهَا، فَإِنْ ارْتَحَلَ أَهْلُ كُلٍّ فَمَعَ أَهْلِهَا إنْ افْتَرَقُوا، وَإِلَّا فَمَعَ أَهْلِ زَوْجِهَا.

(أَوْ لِعُذْرٍ) أَيْ كَانْتِقَالِ بَدْوِيَّةٍ وَكَانْتِقَالٍ لِعُذْرٍ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ يَجُوزُ لِلْمُعْتَدَّةِ أَنْ تَنْتَقِلَ لِعُذْرٍ (لَا يُمْكِنُ الْمُقَامُ مَعَهُ بِمَسْكَنِهَا)(كَسُقُوطِهِ أَوْ خَوْفِ جَارِ سُوءٍ) أَوْ لُصُوصٍ (وَ) إذَا انْتَقَلَتْ (لَزِمَتْ الثَّانِيَ) إلَّا لِعُذْرٍ (وَ) إذَا انْتَقَلَتْ لَزِمَتْ (الثَّالِثَ) وَهَكَذَا، فَإِذَا انْتَقَلَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ رُدَّتْ بِالْقَضَاءِ قَهْرًا عَنْهَا.

(وَ) جَازَ لَهَا (الْخُرُوجُ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَمَضَتْ الْمُحْرِمَةُ أَوْ الْمُعْتَكِفَةُ) أَيْ مَضَتْ الْمُحْرِمَةُ عَلَى إحْرَامِهَا إنْ طَرَأَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ وَمَضَتْ الْمُعْتَكِفَةُ عَلَى اعْتِكَافِهَا إنْ طَرَأَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ أَوْ إحْرَامٌ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ أَحْرَمَتْ وَعَصَتْ وَقَالَ عِوَضَهُ كَالْمُعْتَدَّةِ إنْ اعْتَكَفَتْ لَا إنْ أَحْرَمَتْ لَوَفَّى بِالصُّوَرِ السِّتِّ كُلِّهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: إذَا طَرَأَتْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ) أَيْ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ اعْتِكَافٌ) أَيْ عَلَى عِدَّةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْفُذُ لَهُ) أَيْ فَلَا تَخْرُجُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَلَبِّسَةً بِإِحْرَامٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ عِدَّةٍ ثُمَّ يَطْرَأَ عَلَيْهَا وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَالصُّوَرُ الْعَقْلِيَّةُ تِسْعَةٌ وَالْوَاقِعِيَّةُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَلَبِّسَةَ بِالْإِحْرَامِ إمَّا أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ، وَالْمُتَلَبِّسَةُ بِالْعِدَّةِ إمَّا أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهَا إحْرَامٌ، أَوْ اعْتِكَافٌ وَالْمُتَلَبِّسَةُ بِالِاعْتِكَافِ إمَّا أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهَا إحْرَامٌ أَوْ عِدَّةٌ (قَوْلُهُ: فَتُتِمُّ السَّابِقَ وَلَا تَخْرُجُ لِلَّاحِقِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا تُتِمُّ السَّابِقَ فِي خَمْسَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُعْتَكِفَةً وَطَرَأَ عَلَيْهَا إحْرَامٌ أَوْ عِدَّةٌ أَوْ كَانَتْ مُحْرِمَةً وَطَرَأَ عَلَيْهَا اعْتِكَافٌ أَوْ عِدَّةٌ أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً وَطَرَأَ عَلَيْهَا اعْتِكَافٌ فَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهَا إحْرَامٌ مَضَتْ عَلَى إحْرَامِهَا

(قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ تَبِيتُ فِيهِ عِنْدَهُ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي لَمْ تُبَوَّأْ أَيْ لَمْ يُسْكِنْهَا زَوْجُهَا فِي بَيْتٍ لَا سُكْنَى لَهَا عَلَى الزَّوْجِ لَا فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ وَلَا فِي وَفَاةٍ بَلْ تَعْتَدُّ عِنْدَ سَادَاتِهَا، وَلَهَا الِانْتِقَالُ حِينَئِذٍ مَعَ سَادَاتِهَا إذَا انْتَقَلُوا كَمَا كَانَ لَهَا ذَلِكَ، وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ حَيْثُ لَمْ تُبَوَّأْ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ مِمَّنْ لَمْ تُبَوَّأْ وَلَا كَلَامَ لِزَوْجِهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْخِدْمَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ بِالتَّزْوِيجِ، وَأَمَّا الَّتِي بُوِّئَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَلَهَا السُّكْنَى فِي طَلَاقِهِ أَوْ مَوْتِهِ، وَلَيْسَ لِسَادَاتِهَا نَقْلُهَا مَعَهُمْ عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ وَمَنْ وَافَقَهُ وَلَهُمْ نَقْلُهَا مَعَهُمْ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَرَفَةَ كَمَا فِي بْن وَالْبَدْرِ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ يَتَعَذَّرُ لُحُوقُهَا بِهِمْ بَعْدَ الْعِدَّةِ) أَيْ لَوْ بَقِيَتْ مُعْتَدَّةً بِمَحَلِّ أَهْلِ زَوْجِهَا فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ لُحُوقُهَا بِأَهْلِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِمَحَلِّ زَوْجِهَا لَمْ تَرْتَحِلْ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالْبَدْوِيَّةِ عَنْ الْحَضَرِيَّةِ وَالْقَرَوِيَّةِ فَلَا تَرْتَحِلُ مَعَ أَهْلِهَا بَلْ تَعْتَدُّ بِمَحَلِّهَا فَإِذَا مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَكَانَتْ فِي حَضَرٍ أَوْ فِي قُرًى فَلَا يَجُوزُ انْتِقَالُهَا مَعَ أَهْلِهَا وَلَا مَعَ أَهْلِ زَوْجِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ كَمَا فِي الْجَلَّابِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَرْتَحِلُ مَعَهُمْ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهَا إذَا ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ مَشَقَّةٌ فِي عَوْدِهَا لِأَهْلِهَا أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الِانْتِقَالِ وَالْعَوْدِ الْمَشَقَّةُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهَا تُؤْمَرُ بِالِارْتِحَالِ مَعَهُمْ إذَا كَانَ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهَا فِي الْعَوْدِ لِأَهْلِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَمِثْلُهُ فِي بْن

(قَوْلُهُ وَكَانْتِقَالٍ لِعُذْرٍ) أَيْ إنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الِانْتِقَالُ لِمَا أَحَبَّتْ مِنْ الْأَمْكِنَةِ وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ خِلَافَهُ إلَّا لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ كَصَوْنِ نَسَبِهِ لِأَجْلِ عُذْرٍ لَا يُمْكِنُ الْمُقَامُ مَعَهُ بِمَسْكَنِهَا (قَوْلُهُ: كَسُقُوطِهِ) أَيْ وَكَوَحْشَةٍ لِانْتِقَالِ جِيرَانٍ، وَأَمَّا الْخَوْفُ فَيَأْتِي لَهَا بِمُؤْنِسَةٍ، وَلَا تَخْرُجُ وَالْمُؤْنِسَةُ تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَقَلَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِ مُطَلِّقِهَا رُدَّتْ بِالْقَضَاءِ أَيْ لِأَنَّ بَقَاءَهَا مُدَّةَ الْعِدَّةِ فِي مَكَانِهَا الَّذِي كَانَتْ سَاكِنَةً فِيهِ حِينَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى

(قَوْلُهُ وَجَازَ لَهَا)(الْخُرُوجُ) فِي حَوَائِجِهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ أَيْ وَأَوْلَى فِي النَّهَارِ وَمَحَلُّ جَوَازِ خُرُوجِهَا فِي طَرَفَيْ النَّهَارِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الزَّمَانُ مَأْمُونًا وَإِلَّا فَلَا تَخْرُجُ فِيهِمَا بَلْ نَهَارًا ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَهَا التَّطَرُّقُ نَهَارًا أَوْ الْخُرُوجُ سَحَرًا قُرْبَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَتَرْجِعُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ تَخْرُجَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَأَرَى أَنْ يُحْتَاطَ لِلْإِنْسَانِ فَتُؤَخِّرَ خُرُوجَهَا لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَتَأْتِيَ حِينَ غُرُوبِهَا، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ هُوَ اللَّائِقُ بِعُرْفِ هَذَا الزَّمَانِ فَالْمَدَارُ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَنْتَشِرُ النَّاسُ فِيهِ لِئَلَّا يَطْمَعَ فِيهَا أَهْلُ الْفَسَادِ اهـ بْن

ص: 486

(فِي حَوَائِجِهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ) الْمُرَادُ بِهِمَا مَا قَبْلَ الْفَجْرِ بِقَلِيلٍ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ لِلْعِشَاءِ فَجَعْلُهُمَا طَرَفَيْ النَّهَارِ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ.

(لَا) تَخْرُجُ (لِضَرَرِ جِوَارٍ) بِالنِّسْبَةِ (لِحَاضِرَةٍ) إذْ ضَرَرُ الْجِيرَانِ فِي حَقِّهَا لَيْسَ بِعُذْرٍ يُبِيحُ لَهَا الِانْتِقَالَ بِخِلَافِ الْبَدْوِيَّةِ (وَرَفَعَتْ) أَمْرَهَا (لِلْحَاكِمِ) لِيَكُفَّهُمْ عَنْهَا فَإِنَّ ظَهَرَ ظُلْمُهَا زَجَرَهَا، فَإِنْ زَالَ الضَّرَرُ، وَإِلَّا أَخْرَجَ الظَّالِمَ (وَأَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ (لِمَنْ يَخْرُجُ) أَيْ يُخْرِجُهُ الْحَاكِمُ (إنْ أَشْكَلَ) الْأَمْرُ عَلَيْهِ إمَّا لِعَدَمِ بَيِّنَةٍ أَوْ لِتَعَارُضِهَا.

(وَهَلْ لَا سُكْنَى لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا) مَعَهَا بِلَا كِرَاءٍ (ثُمَّ طَلَّقَهَا فَطَلَبَتْ مِنْهُ الْكِرَاءَ زَمَنَ الْعِدَّةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ أَوْ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْمُكَارَمَةَ قَدْ زَالَتْ (قَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي.

(وَسَقَطَتْ) أَيْ السُّكْنَى بِمَعْنَى الْأُجْرَةِ (إنْ أَقَامَتْ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَسْكَنِهَا الَّذِي لَزِمَهَا السُّكْنَى فِيهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَيْسَ لَهَا طَلَبُ أُجْرَةِ مَا خَرَجَتْ مِنْهُ، وَلَوْ أَكْرَاهُ زَوْجُهَا لِلْغَيْرِ (كَنَفَقَةِ وَلَدٍ هَرَبَتْ) أُمُّهُ مَثَلًا (بِهِ) مُدَّةً ثُمَّ جَاءَتْ تَطْلُبُهَا مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ وَلَا طَلَبَ لَهَا بِهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْضِعِهَا الَّذِي هَرَبَتْ إلَيْهِ، أَوْ عَلِمَ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ.

(وَ) جَازَ (لِلْغُرَمَاءِ بَيْعُ الدَّارِ فِي) عِدَّةِ (الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) بِشَرْطِ اسْتِثْنَاءِ مُدَّةِ عِدَّتِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَيُبَيِّنُ الْبَائِعُ، وَهُوَ الْغَرِيمُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ الدَّارَ يُعْتَدُّ فِيهَا، وَيَرْضَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ يَقُومُ مَقَامَ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَثْنُوا ذَلِكَ، وَلَا بَيَّنُوهُ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ ابْتِدَاءً وَلَكِنَّهُ صَحِيحٌ كَمَنْ بَاعَ دَارًا مُؤَجَّرَةً، وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ، وَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ.

(فَإِنْ) بِيعَتْ بِشَرْطِ سُكْنَاهَا مُدَّةَ الْعِدَّةِ (وَارْتَابَتْ) بِجَسِّ بَطْنٍ أَوْ تَأْخِيرِ حَيْضٍ (فَهِيَ) أَيْ الْمُعْتَدَّةُ (أَحَقُّ) بِالسُّكْنَى فِيهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إذْ لَا دَخْلَ لَهَا فِي التَّطْوِيلِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ الْبَيْعِ عَنْ نَفْسِهِ وَالتَّمَاسُكِ بِهِ.

(وَ) جَازَ (لِلزَّوْجِ) بَيْعُ الدَّارِ (فِي) عِدَّةِ مُطَلَّقَتِهِ (ذَاتِ الْأَشْهُرِ) كَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ بِشَرْطِ اسْتِثْنَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ أَوْ بَيَانِ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي كَمَنْ بَاعَهَا وَاسْتَثْنَى ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَهُوَ مَعْلُومٌ بِخِلَافِ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَبِيعَهَا لِجَهْلِ الْمُدَّةِ، وَقَوْلُهُ:

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: فِي حَوَائِجِهَا) أَيْ أَوْ لِعُرْسٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَا مَفْهُومَ لِحَوَائِجِهَا وَإِذَا خَرَجَتْ لِحَوَائِجِهَا أَوْ لِعُرْسٍ فَلَا تَبِيتُ بِغَيْرِ مَسْكَنِهَا

(قَوْلُهُ: لَا تَخْرُجُ لِضَرَرٍ) أَيْ كَمُشَاوَرَةٍ بَيْنَهُمْ، وَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ أَوْ خَوْفِ جَارِ سُوءٍ أَيْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ أَنَّهُ فِيمَنْ لَا يُمْكِنُهَا الرَّفْعُ وَهَذَا فِيمَنْ يُمْكِنُهَا اهـ خش (قَوْلُهُ لِحَاضِرَةٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحَاضِرَةٍ بِخِلَافِ الْبَدْوِيَّةِ إلَّا إنْ كَانَ فِي الْبَدْوِ حَاكِمٌ يُنْصِفُ فَالْمَدَارُ إذَنْ عَلَى وُجُودِ الْحَاكِمِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الْحَاضِرَةِ وَالْبَادِيَةِ فَمَتَى وُجِدَ الْحَاكِمُ الَّذِي يُزِيلُ الضَّرَرَ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ فَلَا تَنْتَقِلُ كَانَتْ حَضَرِيَّةً أَوْ بَدْوِيَّةً وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ جَازَ الِانْتِقَالُ كَانَتْ حَضَرِيَّةً أَوْ بَدْوِيَّةً وَالْمُصَنِّفُ كَالْمُدَوَّنَةِ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَضَرِيَّةِ وَالْبَدْوِيَّةِ نَظَرًا لِلشَّأْنِ مِنْ وُجُودِ الْحَاكِمِ فِي الْحَاضِرَةِ دُونَ الْبَادِيَةِ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ قُلْت ضَابِطُهُ إنْ قَدَرَتْ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِهَا بِوَجْهٍ مَا لَمْ تَنْتَقِلْ وَحَمَلَهَا ابْنُ عَاتٍ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَرْيَةِ وَالْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ بِهَا مَنْ تَرْفَعُ أَمْرَهَا إلَيْهِ بِخِلَافِ الْقَرْيَةِ غَالِبًا اهـ بْن

(قَوْلُهُ: لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا مَعَهَا) أَيْ فِي الْبَيْتِ الَّذِي تَمْلِكُ ذَاتَهُ أَوْ مَنْفَعَتَهُ.

(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوْلَى تَرَدُّدٌ أَيْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْأَوَّلُ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ لِابْنِ الْعَطَّارِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَكْوِيِّ وَرَدَّهُ ابْنُ رَاشِدٍ قَائِلًا: إنَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَكْوِيِّ وَهَمٌ اُنْظُرْ بْن وَلَكِنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ شَيْخُنَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ كَمَا فِي الشَّارِحِ والمج اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ طَاعَتْ لَهُ بِالسُّكْنَى مُدَّةَ الْعِصْمَةِ وَتَوَابِعِهَا فَلَا سُكْنَى لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا، أَوْ إنْ طَاعَتْ مُدَّةَ الْعِصْمَةِ فَقَطْ فَلَهَا السُّكْنَى قَوْلًا وَاحِدًا، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا اكْتَرَتْ الْمَسْكَنَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ مِلْكًا لَهَا قَبْلَهُ، وَأَمَّا لَوْ اكْتَرَتْهُ أَوْ مَلَكَتْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَطَتْ لَهُ فِي الْعَقْدِ السُّكْنَى فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَسَقَطَ الشَّرْطُ

(قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ أَوْ مِنْ طَلَاقٍ وَإِنَّمَا سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا تَرَكَتْ مَا كَانَ وَاجِبًا لَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدُ وَلَهَا عَنْهُ عِوَضٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكْرَاهُ زَوْجُهَا لِلْغَيْرِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ أَكْرَاهُ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِمَّا اكْتَرَى بِهِ الْأَوَّلُ وَمَا اكْتَرَتْ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَخَرَجَتْ مِنْ مَسْكَنِهَا وَأَقَامَتْ بِغَيْرِهِ إنَّمَا تَسْقُطُ سُكْنَاهَا، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَلَا تَسْقُطُ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ عَوْدِهَا لِمَحَلِّهَا وَمَا يَأْتِي فِي مُسْقِطَاتِ النَّفَقَةِ مِنْ أَنَّ خُرُوجَهَا بِلَا إذْنٍ وَعَجْزَهُ عَنْ رَدِّهَا مُسْقِطٌ لَهَا فَهُوَ خَاصٌّ بِمَنْ فِي الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: هَرَبَتْ أُمُّهُ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ أَوْ غَيْرُهَا، وَقَوْلُهُ مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ وَلِيَّهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ جَاءَتْ تَطْلُبُهَا) أَيْ النَّفَقَةَ مُدَّةَ هُرُوبِهَا بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ بِمَوْضِعِهَا وَقَدَرَ عَلَى رَدِّهَا لَمْ تَسْقُطْ

(قَوْلُهُ: وَلِلْغُرَمَاءِ إلَخْ) قَالَ ح أَبُو الْحَسَنِ اُخْتُلِفَ هَلْ لِلْوَرَثَةِ بَيْعُ الدَّارِ وَاسْتِثْنَاءُ الْعِدَّةِ فَأَجَازَهُ اللَّخْمِيُّ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدْرِي مَتَى يَصِلُ لِقَبْضِ الدَّارِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ فِيهِ فِي الدَّيْنِ اهـ بْن وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَمَّا إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَبَاعَهَا الْوَارِثُ لِطَلَبِ الْغَرِيمِ جَازَ اتِّفَاقًا

(قَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ لِلضَّرَرِ الَّذِي عَرَضَ لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا خِيَارَ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ الضَّرَرِ الطَّارِئِ فَهُوَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجِ بَيْعُ الدَّارِ إلَخْ) مِثْلُهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْأَشْهَرِ كَمَا قَالَهُ عج

ص: 487

فِي الْأَشْهُرِ أَيْ تَحَقَّقَ اعْتِدَادُهَا بِالْأَشْهُرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَ) فِي جَوَازِ الْبَيْعِ (مَعَ تَوَقُّعِ الْحَيْضِ) مَعَ مُطَلَّقَتِهِ كَبِنْتِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَامًا وَخَمْسِينَ وَمَنْعِهِ (قَوْلَانِ) .

(وَلَوْ)(بَاعَ) الْغَرِيمُ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَالزَّوْجُ فِي الْأَشْهُرِ فِي مُتَوَقَّعَةِ الْحَيْضِ الْمُرْتَابَةِ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّهُ (إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ) فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ فَمَرْدُودٌ (فَسَدَ) الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِزَوَالِهَا وَلِلتَّرَدُّدِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ.

(وَأُبْدِلَتْ) الْمُعْتَدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ أَيْ يَلْزَمُ زَوْجَهَا أَنْ يُبْدِلَهَا (فِي) الْمَسْكَنِ (الْمُنْهَدِمِ) مَسْكَنًا غَيْرَهُ (وَ) أُبْدِلَتْ فِي الْمَسْكَنِ (الْمُعَارِ) لِزَوْجِهَا (وَالْمُسْتَأْجَرِ) لَهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ (الْمُنْقَضِي الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ الْإِعَارَةِ أَوْ الْإِجَارَةِ، وَقَدْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ مَكَانًا آخَرَ إلَى تَمَامِ الْعِدَّةِ إنْ أَرَادَ رَبُّ الدَّارِ إخْرَاجَهَا وَلَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا فِيهِ بِرِضَا رَبِّهِ بِإِجَارَةٍ جَدِيدَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أُخْرَى، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ، وَأَمَّا مِنْ وَفَاةٍ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لَهَا السُّكْنَى إذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ أَوْ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ وَإِذَا انْهَدَمَ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْعَدَمَ كَوْنُهُ لَهُ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ السُّكْنَى.

(وَإِنْ) انْهَدَمَ الْمَسْكَنُ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَ (اخْتَلَفَا فِي مَكَانَيْنِ) فَطَلَبَتْ وَاحِدًا وَالزَّوْجُ غَيْرَهُ (أُجِيبَتْ) لِمَا طَلَبَتْهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ بِكَثْرَةِ كِرَائِهِ، أَوْ بِجِوَارِهَا لِغَيْرِ مَأْمُونٍ.

(وَامْرَأَةُ الْأَمِيرِ وَنَحْوَهُ) كَالْقَاضِي وَالْمُعَمِّرِ إذَا مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا، وَعُزِلَ وَقُدِّمَ غَيْرُهُ (لَا يُخْرِجُهَا الْقَادِمُ) حَتَّى تُتِمَّ عِدَّتَهَا بِهِ، إنْ لَمْ تَرْتَبْ بَلْ (وَإِنْ ارْتَابَتْ) بِجَسِّ بَطْنٍ أَوْ تَأَخُّرِ حَيْضٍ إلَى خَمْسِ سِنِينَ (كَالْحَبْسِ) عَلَى رَجُلٍ (حَيَاتَهُ) فَيُطَلِّقُ أَوْ يَمُوتُ لَا يُخْرِجُهَا الْمُسْتَحِقُّ بَعْدُ بِحَبْسِ غَيْرِهِ حَتَّى تُتِمُّ عِدَّتَهَا، وَإِنْ ارْتَابَتْ (بِخِلَافِ)(حَبْسِ مَسْجِدٍ) أَيْ دَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى إمَامِ مَسْجِدٍ كَائِنَةٍ (بِيَدِهِ) أَيْ بِيَدِ السَّاكِنِ مِنْ إمَامٍ أَوْ مُؤَذِّنٍ فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَ ثُمَّ عُزِلَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَمَعَ تَوَقُّعِ الْحَيْضِ قَوْلَانِ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَاسْتِثْنَاءِ سُكْنَاهَا مُدَّةَ الْبَرَاءَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا لَا اسْتِثْنَاءُ خُصُوصِ الْأَشْهُرِ، وَذَلِكَ بِحَيْثُ إنَّهَا إنْ حَاضَتْ تَمْكُثُ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْأَقْرَاءِ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ مَكَثَتْ الثَّلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ عبق وَاسْتِثْنَاءُ مُدَّةِ الْعِدَّةِ يَعْنِي عِدَّتَهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهَكَذَا قَرَّرَهُ طفي وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ بْن وَأَمَّا بَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ خُصُوصِ الْأَشْهُرِ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا ثُمَّ إنَّ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ وَمَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ فَقَدْ نَظَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطْرَأَ حَيْضُهَا وَمُدَّةُ الْعِدَّةِ بِهِ مَجْهُولَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَالِ وَاحْتِمَالِ الطَّوَارِئِ فَمَنْ نَظَرَ لِلْحَالِ أَجَازَ، وَمَنْ نَظَرَ لِاحْتِمَالِ الطَّوَارِئِ مَنَعَ وَعَلَى الْجَوَازِ لَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي إذَا حَصَلَ لَهَا حَيْضٌ، وَانْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مُجَوِّزًا لِذَلِكَ، وَعَلَى الْمَنْعِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْغُرَمَاءَ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا كَالزَّوْجِ، وَكَذَلِكَ الْغُرَمَاءُ فِي الْمُطَلَّقَةِ ذَاتِ الْأَشْهُرِ الْمُتَوَقِّعَةِ الْحَيْضَ الْمُرْتَابَةِ إذَا بَاعَا الدَّارَ وَقَالَا فِي عَقْدِ السِّلَعِ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ الْحَاصِلَةُ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ الَّتِي سَتَحْصُلُ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ جَوَازَهُ، وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ لِلْمُشْتَرِي، وَهَذَا حَاصِلُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَمَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ الْمَتْنَ تَبِعَ فِيهِ عبق وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنَّمَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ مُكْثِ الْمُعْتَدَّةِ إلَى زَوَالِ الرِّيبَةِ فَاسِدٌ، وَهَذَا هُوَ الْمَفْرُوضُ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ، وَبِهِ قَرَّرَ الْمَوَّاقُ، قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَلَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْمُكْثِ فِيهَا إلَى زَوَالِ الرِّيبَةِ كَانَ فَاسِدًا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَهَذَا عِنْدِي عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ لِلْمُبْتَاعِ الْخِيَارَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُلْزِمُهُ ذَلِكَ فَلَا تَأْخِيرَ لِلشَّرْطِ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِزَوْجِهَا أَنْ يُسْكِنَهَا فِيهِ أَيْ مَحَلِّ سُكْنَاهَا الْأَوَّلِ الَّذِي انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ أَوْ إعَارَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِنْ وَفَاةٍ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ وَانْهَدَمَتْ الدَّارُ الَّتِي لِلْمَيِّتِ، أَوْ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَإِنَّهُ لَا سُكْنَى لَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فَإِذَا انْهَدَمَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ مُسْتَأْجَرًا، وَقَوْلُهُ: وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ أَيْ إذَا كَانَ مُسْتَأْجَرًا وَانْهَدَمَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ وَفَاةٍ إذَا انْهَدَمَتْ مَقْصُورَتُهَا أُبْدِلَتْ بِمَقْصُورَةٍ أُخْرَى مِنْ مَقَاصِيرِ دَارِ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ بِتَمَامِهِ فَإِنَّهَا لَا تُبْدَلُ بِغَيْرِهَا وَلَوْ كَانَتْ لِلْمَيِّتِ دَارٌ أُخْرَى لِانْتِقَالِهَا لِلْوَرَثَةِ مَعَ عَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّهَا فِيهَا بِخِلَافِ الدَّارِ الَّتِي كَانَتْ مَقْصُورَتُهَا بِهَا وَانْهَدَمَتْ الْمَقْصُورَةُ فَإِنَّ الدَّارَ، وَإِنْ انْتَقَلَتْ لِلْوَرَثَةِ لَكِنْ تَعَلَّقَ حَقُّهَا بِهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِدَادِهَا فِيهَا

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ بِكَثْرَةِ كِرَائِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ كِرَائِهِ فَلَا تُجَابُ مَا لَمْ تَتَحَمَّلْ بِالزَّائِدِ، وَإِلَّا أُجِيبَتْ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُهَا الزَّائِدُ مِنْ الْأَكْثَرِ إنْ كَانَ مَا دَعَاهَا إلَيْهِ يَلِيقُ بِهَا اهـ بْن

(قَوْلُهُ: إلَى خَمْسِ سِنِينَ) هَذَا فِي الْمُرْتَابَةِ بِجَسِّ بَطْنٍ، وَأَمَّا الْمُرْتَابَةُ بِتَأَخُّرِ الْحَيْضَةِ فَسَنَةٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَالْحَبْسِ عَلَى رَجُلٍ حَيَاتَهُ) أَيْ وَبَعْدَ مَوْتِهِ يَكُونُ حَبْسًا عَلَى آخَرَ أَوْ مِلْكًا لَهُ وَأَمَّا لَوْ أَسْقَطَ الْمُطَلِّقُ حَقَّهُ فِي ذَلِكَ الْحَبْسِ لِإِنْسَانٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُكْنَى كَمَا قَالَهُ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ إسْقَاطَهُ هِبَةٌ مِنْهُ وَلَيْسَ لِلْمُطَلِّقِ هِبَةُ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ وَإِخْرَاجُهَا مِنْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَيْ دَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى إمَامِ مَسْجِدٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ مَوْقُوفَةً عَلَى

ص: 488

أَوْ أُفْرِغَ لِغَيْرِهِ عَنْ وَظِيفَتِهِ بَعْدَ طَلَاقِهَا فَلِلْإِمَامِ الثَّانِي إخْرَاجُ زَوْجَةِ الْأَوَّلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ دَارَ الْإِمَارَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَالْمَرْأَةُ لَهَا فِيهِ حَقٌّ بِخِلَافِ دَارِ الْإِمَامَةِ.

(وَلِأُمِّ وَلَدٍ يَمُوتُ عَنْهَا) السَّيِّدُ أَوْ يُعْتِقُهَا (السُّكْنَى) مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهَا الْمَبِيتُ فَهِيَ تُخَالِفُ الْحُرَّةَ فِي هَذَا (وَزِيدَ) لَهَا عَلَى السُّكْنَى (مَعَ الْعِتْقِ) أَيْ عِتْقِهِ لَهَا، وَهُوَ حَيٌّ لَا بِالْمَوْتِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (نَفَقَةُ الْحَمْلِ) إنْ كَانَ حَمْلٌ، وَأَمَّا فِي مَوْتِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِهَا؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ (كَالْمُرْتَدَّةِ) الْحَامِلِ لَهَا السُّكْنَى، وَنَفَقَةُ الْحَمْلِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا لَمْ تُؤَخَّرْ، وَاسْتُبْرِئَتْ إنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، وَلَهَا السُّكْنَى فَقَطْ (وَالْمُشْتَبِهَةِ) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ وَطْءَ شُبْهَةٍ إمَّا غَلَطًا، وَلَا زَوْجَ لَهَا، أَوْ لَهَا زَوْجٌ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِمَّا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ يَدْرَأُ الْحَدَّ كَمَنْ نَكَحَ ذَاتَ مَحْرَمٍ جَهْلًا فَحَمَلَتْ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى فَلَوْ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ دُونَهَا فَلَهَا السُّكْنَى فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ فَإِنْ عَلِمَتْ أَيْضًا فَزَانِيَةٌ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ فَقَوْلُهُ:(إنْ حَمَلَتْ) رَاجِعٌ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمُرْتَدَّةِ وَالْمُشْتَبِهَةِ.

(وَهَلْ)(نَفَقَةُ) الْمُشْتَبِهَةِ بِغَلَطٍ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ (ذَاتَ الزَّوْجِ) الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (إنْ لَمْ تَحْمِلْ) مِنْ الْوَاطِئِ لَهَا (عَلَيْهَا) نَفْسِهَا مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ لِلْحُرَّةِ وَحَيْضَةٍ لِلْأَمَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ بَلْ الصَّوَابُ فَالْوَاجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (أَوْ عَلَى الْوَاطِئِ) لَهَا غَلَطًا وَلَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلَانِ) فَإِنْ حَمَلَتْ فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى كَمَا تَقَدَّمَ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا لَكَانَتْ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى عَلَى زَوْجِهَا بِلَا خِلَافٍ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ الزَّوْجُ بِلِعَانٍ فَإِنْ نَفَاهُ فَعَلَى الْغَالِطِ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا فَاسْتَأْجَرَهَا الْإِمَامُ وَسَكَنَ فِيهَا فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا زَوْجَتُهُ إلَّا لِتَمَامِ أَجَلِهِ كَالْمُكْتَرَاةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ.

(قَوْلُهُ: فَلِلْإِمَامِ الثَّانِي إخْرَاجُ زَوْجَةِ الْأَوَّلِ) هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الْإِخْرَاجَ يَتَوَقَّفُ عَلَى جَمَاعَةِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَفِي الْمَوَّاقِ وَكَذَلِكَ زَوْجَةُ إمَامِ الْمَسْجِدِ السَّاكِنِ فِي دَارِهِ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَرَى جِيرَانُ الْمَسْجِدِ أَنَّ إخْرَاجَهَا مِنْ النَّظَرِ فَذَلِكَ لَهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ اهـ وَقَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ: اُخْتُلِفَ إذَا مَاتَ إمَامُ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الدَّارِ الْمُحْبَسَةِ عَلَيْهِ فَقِيلَ كَمَسْأَلَةِ الْأَمِيرِ قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ، وَبِهِ جَرَى عَمَلُ قُرْطُبَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاتٍ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ غَيْرَهُ وَقِيلَ تَخْرُجُ مِنْهَا إنْ أَخْرَجَهَا جَمَاعَةُ أَهْلِ الْمَسْجِدِ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُتَيْطِيِّ وَالْجَوَاهِرِ وَابْنِ فَتْحُونٍ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ اهـ فَانْظُرْ لِمَ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ اهـ بْن

(قَوْلُهُ: وَلِأُمِّ وَلَدٍ يَمُوتُ عَنْهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ فَلَهَا السُّكْنَى مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا وَذَلِكَ بِحَيْضَةٍ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا وَإِذَا أَعْتَقَهَا وَهُوَ حَيٌّ كَانَ لَهَا السُّكْنَى أَيْضًا وَكَانَ لَهَا النَّفَقَةُ إذَا كَانَتْ حَامِلًا (قَوْلُهُ: السُّكْنَى) أَيْ إذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَلْزَمُهَا الْمَبِيتُ) أَيْ فِي مَحَلِّ سُكْنَاهَا سَوَاءٌ مَاتَ سَيِّدُهَا أَوْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ إنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أُحِبُّ لَهَا الْمُوَاعَدَةَ فِيهَا وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا وَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَهُ: قُلْت قَوْلُهَا وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا خِلَافُ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ لَهَا الْمَبِيتُ فِي الْحَيْضَةِ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا مِنْ عِتْقٍ أَوْ وَفَاةٍ اهـ وَكَذَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ مَا نَصَّهُ ابْنُ الْمَوَّازِ لَهَا أَنْ تَبِيتَ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا مَاتَ السَّيِّدُ أَوْ أَعْتَقَهَا اهـ بْن فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ طَرِيقَةٌ مُرَجَّحَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِطَرِيقَةِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ لَمْ تُؤَخَّرْ) أَيْ مُدَّةً طَوِيلَةً كَالْحَامِلِ بَلْ إمَّا أَنْ تَرْجِعَ لِلْإِسْلَامِ أَوْ تُقْتَلَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ فَقَوْلُهُ وَاسْتُبْرِئَتْ أَيْ قَبْلَ قَتْلِهَا بِحَيْضَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَهَا السُّكْنَى فَقَطْ) أَيْ عَلَى زَوْجِهَا فِي مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ، وَاسْتَشْكَلَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ ثُبُوتَ السُّكْنَى لِلْمُرْتَدَّةِ بِأَنَّهَا تُسْجَنُ حَتَّى تَتُوبَ أَوْ تُقْتَلَ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُفْرَضُ فِيمَا إذَا غَفَلَ عَنْ سَجْنِهَا أَوْ كَانَ السَّجْنُ فِي بَيْتِهَا (قَوْلُهُ وَالْمُشْتَبِهَةِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي غَلِطَ بِهَا تَارَةً تَكُونُ لَا زَوْجَ لَهَا وَتَارَةً تَكُونُ لَهَا زَوْجٌ، وَإِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَتَارَةً تَكُونُ مَدْخُولًا بِهَا وَتَارَةً لَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ فَإِنْ حَمَلَتْ فَالنَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى عَلَى الْغَالِطِ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَالسُّكْنَى عَلَيْهِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ الْغَالِطِ فَسُكْنَاهَا، وَنَفَقَتُهَا عَلَى الْغَالِطِ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَالسُّكْنَى عَلَى الْغَالِطِ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْغَالِطِ عَلَى الرَّاجِحِ وَأَمَّا لَوْ بَنَى بِهَا زَوْجُهَا فَنَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا عَلَى زَوْجِهَا حَمَلَتْ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَنْفِيَ الزَّوْجُ حَمْلَهَا بِلِعَانٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَهَا السُّكْنَى عَلَى الزَّوْجِ مَا لَمْ يَلْتَحِقْ بِالْغَالِطِ فَإِنْ لَحِقَ بِهِ فَالنَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى حِينَئِذٍ عَلَى الْغَالِطِ.

(قَوْلُهُ: فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَلَهَا السُّكْنَى فَقَطْ وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الرَّاجِحِ

(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَالثَّانِي عَنْ بَعْضِ التَّعَالِيقِ وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ يَقُولُ تَرَدُّدٌ اهـ ثُمَّ إنَّ حِكَايَةَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ عَلَى الْوَاطِئِ وَوَهَّمَهُ فِيهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَعِبَارَتُهُ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ عَلَيْهَا

ص: 489