الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَشْكَلَ الْفَرْعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى النِّكَاحِ وَلَوَاحِقِهِ مِنْ طَلَاقٍ وَفَسْخٍ وَظِهَارٍ وَلِعَانٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ عِدَّةٍ وَاسْتِبْرَاءٍ وَسُكْنَى وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْعِدَّةِ فَقَالَ [دَرْسٌ](بَابٌ) تَعْتَدُّ حُرَّةٌ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَأَسْبَابُهَا طَلَاقٌ وَمَوْتٌ وَأَنْوَاعُهَا ثَلَاثَةٌ قَرْءٌ وَأَشْهُرٌ، وَحَمْلٌ وَأَصْنَافُ الْمُعْتَدَّةِ مُعْتَادَةٌ وَآيِسَةٌ وَصَغِيرَةٌ وَمُرْتَابَةٌ بِغَيْرِ سَبَبٍ، أَوْ بِهِ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ، وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ وَبِالنَّوْعِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْقَرْءُ فَقَالَ (تَعْتَدُّ حُرَّةٌ، وَإِنْ كِتَابِيَّةً) طَلَّقَهَا مُسْلِمٌ أَوْ أَرَادَ نِكَاحَهَا مِنْ طَلَاقِ ذِمِّيٍّ (أَطَاقَتْ الْوَطْءَ) وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا إنْ لَمْ تُطِقْهُ فَلَا تُخَاطَبْ بِهَا وَإِنْ وَطِئَهَا (بِخَلْوَةٍ) زَوْجٌ (بَالِغٌ) خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَوْ زِيَارَةٍ، وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا حَيْثُ كَانَ مُطِيقًا أَوْ هِيَ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ أَوْ صَائِمَةً لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْمُطِيقَةِ مِنْ وَطْئِهِ لَا صَبِيٍّ، وَلَوْ قَوِيَ عَلَى الْوَطْءِ إذَا طَلَّقَ عَنْهُ وَلِيُّهُ لِمَصْلَحَةٍ (غَيْرُ مَجْبُوبٍ) وَأَمَّا الْمَجْبُوبُ فَلَا عِدَّةَ بِخَلْوَتِهِ وَلَا بِوَطْئِهِ أَيْ عِلَاجِهِ وَإِنْزَالِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (أَمْكَنَ شَغْلُهَا) فِيهَا، وَلَوْ قَالَ وَطْؤُهَا (مِنْهُ) كَانَ أَوْضَحَ (وَإِنْ نَفَيَاهُ) أَيْ الْوَطْءَ بِأَنْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ فِي الْخَلْوَةِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ (وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا) بِنَفْيِ الْوَطْءِ فِيمَا هُوَ حَقٌّ لَهُمَا فَلَا نَفَقَةَ لَهُمَا وَلَا يَتَكَمَّلُ لَهَا الصَّدَاقُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِيهَا أَيْ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمَا أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ اجْتِمَاعًا أَوْ انْفِرَادًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
قُلْنَ: إنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ (قَوْلُهُ: فَأَشْكَلَ الْفَرْعُ الثَّانِي إلَخْ) أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ السِّتَّةَ قَاطِعَةٌ وَمُوجِبَةٌ لِلْحَدِّ مَا لَمْ يُقَدِّرْ اللَّهُ بِسُؤَالِ النِّسَاءِ وَيُخْبِرْنَ بِأَنَّهُ يَتَأَخَّرُ، فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَيُدْرَأُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ سُؤَالَهُنَّ شُبْهَةٌ، وَمُفَادُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يُطْلَبُ سُؤَالُهُنَّ ابْتِدَاءً بَلْ إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَسُئِلَ النِّسَاءُ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي الْحَدُّ إذَا أَخْبَرْنَ بِالتَّأْخِيرِ، وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ: سُئِلَ النِّسَاءُ طُلِبَ سُؤَالُهُنَّ ابْتِدَاءً إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ سُئِلَ النِّسَاءُ فِيهِ حَذْفُ الْعَاطِفِ أَيْ وَسُئِلَ النِّسَاءُ أَيْ وَقُدِّرَ سُؤَالُهُنَّ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ
[عدة الْحُرَّة]
بَابٌ تَعْتَدُّ حُرَّةٌ (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعِدَّةِ وَهِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي جُعِلَتْ دَلِيلًا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لِفَسْخِ النِّكَاحِ أَوْ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ يَعْنِي أَنَّ هَذَا أَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَكُونُ لِبَرِّيَّةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كِتَابِيَّةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً بَلْ وَإِنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَوْ طَلَّقَهَا ذِمِّيٌّ وَأَرَادَ مُسْلِمٌ نِكَاحَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ لُبَابَةَ مِنْ أَنَّ مَنْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا لِصِغَرٍ سَوَاءٌ كَانَتْ بِنْتَ سَبْعٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَا عَلَى الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا يُخْشَى حَمْلُهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ الَّتِي لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا إنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ بَلَغَتْهَا فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا مُجَرَّدُ عِلَاجٍ (قَوْلُهُ بِخَلْوَةٍ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ بِسَبَبِ خَلْوَةِ بَالِغٍ يَعْنِي بِزَوْجَتِهِ تَنْزِيلًا لِلْخَلْوَةِ بِهَا مَنْزِلَةَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّتُهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِزَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ خَلْوَةَ الْبَالِغِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةً وَلَا اسْتِبْرَاءً قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ هِيَ حَائِضٌ) الْأَوْلَى أَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ كَانَ مَرِيضًا.
(قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْمُطِيقَةِ مِنْ وَطْئِهِ) أَيْ مِنْ وَطْءِ الْبَالِغِ، وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا وَانْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ حَمْلِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَعَلَّهُ مَشَى عَلَى مُقَابِلِ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْإِمْكَانَ الْمُثْبَتُ هُنَا، فَالْمُرَادُ بِهِ الْإِمْكَانُ الْعَقْلِيُّ، وَأَمَّا الْمَنْفِيُّ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْعَادِيُّ فَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْإِمْكَانَ الْعَقْلِيَّ فِي غَيْرِ الْمُطِيقَةِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِلْقَرَافِيِّ الْقَائِلِ إنْ أَنْزَلَ الْخَصِيُّ أَوْ الْمَجْبُوبُ اعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُمَا بِسَبَبِ خَلْوَتِهِمَا كَمَا أَنَّهُمَا يُلَاعِنَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلَا فَلَا لِعَانَ عَلَيْهِمَا، وَلَا عِدَّةَ عَلَى زَوْجَتَيْهِمَا لَا بِخَلْوَتِهِ وَلَا بِعِلَاجِهِ (قَوْلُهُ: أَمْكَنَ شُغْلُهَا) أَيْ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي الْخَلْوَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ حَمْلِهَا فَالْمُتَبَادَرُ مِنْ شُغْلِهَا شُغْلُ رَحِمِهَا بِالْحَمْلِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِشُغْلِهَا وَطْؤُهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِوَطْئِهَا لَا إيهَامَ فِيهِ بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِشُغْلِهَا فَإِنَّهُ يُوهِمُ الْمَشْيَ عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَمْكَنَ شُغْلُهَا مِنْهُ عَمَّا إذَا كَانَ مَعَهَا فِي الْخَلْوَةِ نِسَاءٌ مُتَّصِفَاتٌ بِالْعِفَّةِ وَالْعَدَالَةِ أَوْ وَاحِدَةٌ كَذَلِكَ وَعَنْ خَلْوَةِ لَحْظَةٍ تَقْصُرُ عَنْ زَمَنِ الْوَطْءِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهَا فِي الْخَلْوَةِ نِسَاءٌ مِنْ شِرَارِ النِّسَاءِ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُمَكِّنُ مِنْ نَفْسِهَا بِحَضْرَتِهِنَّ دُونَ الْمُتَّصِفَاتِ بِالْعِفَّةِ وَالْعَدَالَةِ فَإِنَّهُنَّ يَمْنَعْنَهَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَيَاهُ) أَيْ هَذَا إذَا أَقَرَّا أَوْ أَحَدُهُمَا بِالْوَطْءِ فِي تِلْكَ الْخَلْوَةِ بَلْ، وَإِنْ نَفَيَاهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِالْخَلْوَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ، وَلَا يَتَكَمَّلُ لَهَا الصَّدَاقُ هَذَانِ مُرَتَّبَانِ عَلَى إقْرَارِهَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِيهَا هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ بِعَدَمِهِ
(لَا) تَعْتَدُّ (بِغَيْرِهَا) أَيْ الْخَلْوَةِ (إلَّا أَنْ تُقِرَّ) هِيَ فَقَطْ (بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ فَتَعْتَدُّ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ وَكَذَّبَتْهُ وَلَمْ تَعْلَمْ خَلْوَةً فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِ فَيَتَكَمَّلُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ وَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَظْهَرَ حَمْلٌ) بِهَا مَعَ إنْكَارِهِ الْوَطْءَ وَلَمْ تُعْلَمْ خَلْوَةٌ (وَلَمْ يَنْفِهِ) بِلِعَانٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ وَإِنْ لَاعَنَ اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وَضْعِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَكِنْ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْفِهِ وَطَلَّقَ يُسَمَّى عِدَّةً، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعِدَّةِ مِنْ تَوَارُثٍ وَرَجْعَةٍ وَنَفَقَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا نَفَاهُ بِلِعَانٍ فَإِنَّهُ يُسَمَّى اسْتِبْرَاءً، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ (بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعْتَدُّ (أَطْهَارٍ) بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ مِنْ أَقْرَاءٍ فَالْقَرْءُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتُضَمُّ هُوَ الطُّهْرُ لَا الْحَيْضُ
(وَ) عِدَّةُ (ذِي الرِّقِّ) وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُبَعَّضَةً مِنْ زَوْجِهَا حُرًّا أَوْ عَبْدًا (قُرْآنِ) بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَلَوْ قَالَ: ذَاتِ الرِّقِّ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ ذَا لِلْمُذَكَّرِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الشَّخْصُ ذِي الرِّقِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعْتَدَّ هُوَ الزَّوْجَةُ.
(وَالْجَمِيعُ) مِنْ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ لِلْحُرَّةِ وَالْقُرْأَيْنِ لِذَاتِ الرِّقِّ (لِلِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ (لَا) الْقَرْءُ (الْأَوَّلُ فَقَطْ) هُوَ الَّذِي لِلِاسْتِبْرَاءِ، وَالْبَاقِي تَعَبُّدٌ خِلَافًا لِزَاعِمِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَالْجَمِيعُ لِلِاسْتِبْرَاءِ لِقَوْلِ ابْنُ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ.
وَالْعِدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَنْ اعْتَادَتْ الْحَيْضَ فِي أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ بَلْ (وَلَوْ اعْتَادَتْهُ فِي كَالسَّنَةِ) مَرَّةً وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْخَمْسَ سِنِينَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَأَمَّا مَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ كُلَّ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا مَرَّةً فَاَلَّذِي لِأَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: لَا تَعْتَدُّ بِغَيْرِهَا) أَيْ كَقُبْلَةٍ أَوْ ضَمَّةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُقِرَّ بِهِ) أَيْ بِوَطْءِ الْبَالِغِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ لَهُ خَلْوَةٌ بِهَا وَكَذَّبَهَا فِي ذَلِكَ وَأَوْلَى إذَا صَدَّقَهَا فَتَعْتَدُّ وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ: وَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْخَلْوَةِ وَذَاكَ فِيهَا، وَالْمُقَرُّ بِهِ سَابِقًا النَّفْيُ، وَالْمُقَرُّ بِهِ هُنَا الْوَطْءُ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى) أَيْ مُدَّةَ الْعِدَّةِ الَّتِي لَا تَلْزَمُهَا، وَالْحَقُّ أَنَّ مُؤَاخَذَتَهُ إنَّمَا هُوَ بِتَكْمِيلِ الصَّدَاقِ إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ رَشِيدَةً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَأَمَّا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى فَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا مُطْلَقًا إلَّا إذَا صَدَّقَتْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ أَيْ وَالْكِسْوَةُ رَاجِعْ مَا تَقَدَّمَ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَظْهَرَ حَمْلٌ بِهَا) أَيْ إذَا لَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا وَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ يَنْفِهِ الزَّوْجُ بِلِعَانٍ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: مَعَ إنْكَارِهِ الْوَطْءَ) الْأَوْلَى مَعَ إنْكَارِهَا الْوَطْءَ لِأَجْلِ أَنْ يُقَابِلَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ) أَيْ وَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ) أَيْ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ الزَّوْجِ لِعَدَمِ الْبِنَاءِ بِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ التَّوَارُثِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى (قَوْلُهُ: بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ الَّذِي اعْتَدَّتْ مِنْ طَلَاقِهِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ، أَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، وَكَانَ يَدْرَأُ الْحَدَّ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِذَلِكَ، وَطَلَّقَهَا وَإِلَّا كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الِاسْتِبْرَاءَ كَمَا لَوْ نَكَحَ أُخْتَهُ نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا عَالِمًا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَطْهَارٍ) اعْلَمْ أَنْ كَوْنَ الْأَقْرَاءِ الَّتِي تَعْتَدُّ بِهَا الْمَرْأَةُ هِيَ الْأَطْهَارُ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُوَافِقِيهِ مِنْ أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْحَيْضُ وَاسْتَدَلَّ الثَّلَاثَةُ بِأَنَّ الْقَرْءَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، وَوُجُودُ التَّاءِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَعْدُودَ مُذَكَّرٌ وَهُوَ الطُّهْرُ وَأَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ بِأَنَّ الَّذِي بِهِ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ الْحَيْضُ لَا الطُّهْرُ.
(قَوْلُهُ: بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ مِنْ أَقْرَاءٍ) أَيْ وَلَيْسَ نَعْتًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّعْتِ التَّخْصِيصُ فَيُوهِمُ أَنَّ الْأَقْرَاءَ أَطْهَارٌ وَغَيْرُ أَطْهَارٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَوْنُهُ صِفَةً كَاشِفَةً فَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فِي النَّعْتِ، وَلَا تَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَأَجَازَهَا الْكُوفِيُّونَ إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَضَايِفَانِ لَفْظًا كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَالْقَرْءُ إلَخْ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ أَيْ إنَّهُ يَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَرْءَ الَّذِي هُوَ مُفْرَدُ الْأَقْرَاءِ هُوَ الطُّهْرُ لَا الْحَيْضُ وَقَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْقَافِ حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ الْقَرْءُ.
(قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعْتَدَّ هُوَ الزَّوْجَةُ) أَيْ فَلَا يُقَالُ إنَّ الشَّخْصَ ذَا الرِّقِّ صَادِقٌ بِالذَّكَرِ.
(قَوْلُهُ: وَالْجَمِيعُ لِلِاسْتِبْرَاءِ) هَذَا الْقَوْلُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلْقَاضِي عِيَاضٍ وَرَجَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْهَا مَا يَقْتَضِي الْقَوْلَيْنِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الذِّمِّيَّةِ فَيَلْزَمُهَا الثَّلَاثَةُ أَقْرَاءٍ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَرْءُ الطَّلَاقِ فَقَطْ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ التَّعَبُّدِ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ) أَيْ لِسُقُوطِ الْعِدَّةِ عَنْ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَوْ كَانَتْ الْعِدَّةُ هِيَ الْقَرْءَ الْأَوَّلَ، وَالِاثْنَانِ لِلتَّعَبُّدِ لَمَا كَانَ لِتَخْصِيصِهِمَا بِالْمَدْخُولِ بِهَا مَعْنًى؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ لَا عِلَّةَ لَهُ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا يَلْزَمُهَا، وَالْقُرْآنِ اللَّذَانِ لِلتَّعَبُّدِ دُونَ قَرْءِ الِاسْتِبْرَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَالْعِدَّةُ الْمَذْكُورَةُ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ الثَّلَاثَةُ أَقْرَاءٍ لِلْحُرَّةِ وَالْقُرْآنِ لِلْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اعْتَادَتْهُ فِي كَالسَّنَةِ) رَدَّ بِلَوْ مَا حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّهَا تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ السَّنَةِ وَلَا تَنْتَظِرُ الْأَقْرَاءَ وَأَنْكَرَ وُجُودَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ) أَيْ فَإِذَا مَضَتْ الْخَمْسُ سِنِينَ عَادَتُهَا وَلَمْ تَحِضْ فَقَدْ حَلَّتْ وَإِنْ أَتَاهَا الْحَيْضُ انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُهَا وَلَمْ تَحِضْ فَقَدْ حَلَّتْ، وَإِنْ حَاضَتْ انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُهَا فَقَدْ حَلَّتْ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَتَاهَا الدَّمُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا مَرَّةً) الْمُرَادُ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ سِنِينَ الَّتِي هِيَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ
أَنَّهَا هَلْ تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ قِيَاسًا عَلَى مَنْ يَأْتِيهَا فِي عُمْرِهَا مَرَّةً أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الَّتِي تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ مَحْصُورَةٌ فِي مَسَائِلَ سَتَأْتِي لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَقِيلَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ كَمَنْ عَادَتُهَا كَالسَّنَةِ.
ثُمَّ إنْ جَاءَ وَقْتُ حَيْضِهَا بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ مَثَلًا وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَقْتَ مَجِيئِهَا حَلَّتْ وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الثَّالِثَةَ فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ حَيْضِهَا حَلَّتْ عَلَى كُلِّ حَالٍ هَكَذَا نَصُّوا.
(أَوْ أَرْضَعَتْ) فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَى السَّنَةِ مَا دَامَتْ تُرْضِعُ طَالَ أَوْ قَصُرَ فَإِنْ انْقَطَعَ الرَّضَاعُ اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ حَتَّى أَتَتْ عَلَيْهَا سَنَةٌ مِنْ يَوْمَ قَطَعَتْ الرَّضَاعَ حَلَّتْ، وَالْأَمَةُ فِي السَّنَةِ كَالْحُرَّةِ.
(أَوْ)(اُسْتُحِيضَتْ وَ) قَدْ (مَيَّزَتْ) بَيْنَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ بِرَائِحَةٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ كَثْرَةٍ فَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ.
(وَلِلزَّوْجِ) الْمُطَلِّقِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (انْتِزَاعُ وَلَدِ) الْمُطَلَّقَةِ (الْمُرْضِعِ) لِيَتَعَجَّلَ حَيْضَهَا (فِرَارًا مِنْ أَنْ تَرِثَهُ) إنْ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرِيضًا وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَ غَيْرِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ آجَرَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ بِعِلْمِهِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا (أَوْ لِيَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا) مَثَلًا (أَوْ رَابِعَةً) غَيْرَهَا (إذَا لَمْ يَضُرَّ) الِانْتِزَاعُ (بِالْوَلَدِ) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا وَلَا مَالَ لِلْأَبِ وَلَا لِلْوَلَدِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا.
(وَإِنْ)(لَمْ تُمَيِّزْ) الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُطَلَّقَةُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ (أَوْ)(تَأَخَّرَ) حَيْضُ الْمُطَلَّقَةِ (بِلَا سَبَبٍ) أَصْلًا (أَوْ) بِسَبَبِ أَنَّهَا (مَرِضَتْ) قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَانْقَطَعَ حَيْضُهَا (تَرَبَّصَتْ) فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ (تِسْعَةً) مِنْ الْأَشْهُرِ اسْتِبْرَاءً لِزَوَالِ الرِّيبَةِ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْحَمْلِ غَالِبًا (ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ) وَحَلَّتْ بَعْدَ السَّنَةِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَشُبِّهَ فِي الثَّلَاثَةِ قَوْلُهُ: (كَعِدَّةِ مَنْ لَمْ تَرَ الْحَيْضَ) لِصِغَرٍ، وَهِيَ مُطِيقَةٌ أَوْ لِكَوْنِهَا لَمْ تَرَهُ أَصْلًا.
(وَ) عِدَّةُ (الْيَائِسَةِ) مِنْ الْحَيْضِ فَإِنَّهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ بِرِقٍّ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ إلَخْ (وَتُمِّمَ) الشَّهْرُ الْأَوَّلُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا (مِنْ الرَّابِعِ فِي الْكَسْرِ) فَتَأْخُذُ مِنْ الرَّابِعِ أَيَّامًا بِقَدْرِ الْأَيَّامِ الَّتِي مَضَتْ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ ثُمَّ إنْ كَانَ كَامِلًا فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا زَادَتْ يَوْمًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ فَجَاءَ نَاقِصًا أَخَذَتْ مِنْ الرَّابِعِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَتَعْتَبِرُهُمَا بِالْأَهِلَّةِ مِنْ كَمَالٍ أَوْ نَقْصٍ كَالْأَوَّلِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ فَجْرِهِ.
(وَلَغَا) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ بَطَلَ فَلَمْ يُحْسَبْ (يَوْمُ الطَّلَاقِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: أَنَّهَا هَلْ تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا بَيَّنَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ كَالْآيِسَةِ هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ) وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَالصَّوَابُ أَنَّ كَلَامَ أَبِي عِمْرَانَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ عَادَتُهَا أَنْ تَحِيضَ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ مَرَّةً كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَالنَّاصِرِ نَقْلًا عَنْهُ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ فِي أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: كَالسَّنَةِ) أَيْ كَمَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَخَمْسِ سِنِينَ
(قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْخَمْسِ سِنِينَ أَوْ تَمَامِ الْعَشْرِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ أَتَاهَا الدَّمُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: هَكَذَا نَصُّوا) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا نَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَمَنْ يَتَأَخَّرُ حَيْضُهَا كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ عِدَّتُهَا سَنَةٌ بَيْضَاءُ إنْ لَمْ تَحِضْ لِوَقْتِهَا، وَإِلَّا فَأَقْرَاؤُهَا وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا
(قَوْلُهُ: فَإِنْ انْقَطَعَ الرَّضَاعُ اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ) أَيْ إنْ أَتَاهَا الْحَيْضُ
(قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجِ انْتِزَاعُ إلَخْ) هَذَا إذَا تَأَخَّرَ حَيْضُهَا عَنْ زَمَنِهِ الْمُعْتَادِ لِأَجْلِ الرَّضَاعِ أَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ حَيْضَهَا يَأْتِيهَا فِي زَمَنِهِ الْمُعْتَادِ، وَلَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ أَجَلِ الرَّضَاعِ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ انْتِزَاعُهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ إضْرَارَهَا اهـ بْن
وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمُرْضِعَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَمَكَثَتْ سَنَةً لَمْ تَحِضْ لِأَجْلِ الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَ مِنْهَا وَلَدَهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَمُوتَ فَتَرِثَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْوَلَدِ لِكَوْنِهِ يَقْبَلُ غَيْرَ أُمِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنْهَا وَإِذَا كَانَ لَهُ انْتِزَاعُهُ رَعْيًا لَحِقَ غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ فَأَحْرَى لِحَقِّ نَفْسِهِ بِأَنْ يَنْتَزِعَهُ لِيَسْتَعْجِلَ حَيْضَهَا لِأَجْلِ سُقُوطِ نَفَقَتِهَا أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ جَمْعُهَا مَعَهَا كَأُخْتِهَا أَوْ خَامِسَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ: لِيَتَعَجَّلَ إلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَخْلُصَ مِنْ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْوَلَدِ) لَا يُقَالُ: إنَّ الْحَقَّ فِي الرَّضَاعِ لِلْأُمِّ إذَا طَلَبَتْهُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا عُذْرٌ يُسْقِطُ حَقَّهَا فِي إرْضَاعِهِ، وَأَمَّا حَضَانَتُهَا فَبَاقِيَةٌ، وَعَلَى الْأَبِ أَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِمَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا) تَصْوِيرٌ لِلْمَنْفِيِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَضَرَّ الِانْتِزَاعُ بِالْوَلَدِ لَمْ يَجُزْ انْتِزَاعُهُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِكَلَامِ الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَتْ) مُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ أَنَّهَا كَالْمُرْضِعِ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُرْضِعَ قَادِرَةٌ عَلَى إزَالَةِ ذَلِكَ السَّبَبِ فَكَانَتْ قَادِرَةً عَلَى الْأَقْرَاءِ بِخِلَافِ الْمَرِيضَةِ فَإِنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ السَّبَبِ فَأَشْبَهَتْ الْيَائِسَةَ، وَمِثْلُ تَأَخُّرِ الْحَيْضِ لِمَرَضٍ تَأَخُّرُهُ لِطَرِبَةٍ (قَوْلُهُ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةً) وَتُعْتَبَرُ تِلْكَ التِّسْعَةُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ) وَقِيلَ إنَّ السَّنَةَ كُلَّهَا عِدَّةٌ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ كَمَا يُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْأَئِمَّةِ، إذْ يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ التَّأْبِيدِ بِتَزَوُّجِهَا فِي التِّسْعَةِ وَبِالتَّأْبِيدِ فِي تَزَوُّجِهَا بَعْدَهَا كَمَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِمَنْعِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالرَّجْعَةِ فِي التِّسْعَةِ وَإِبَاحَةِ ذَلِكَ بَعْدَهَا تَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَشُبِّهَ فِي الثَّلَاثَةِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ أَشْهُرٍ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِرِقٍّ) مُقَابِلُ لَوْ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَمَةَ الْمُسْتَحَاضَةَ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَاَلَّتِي تَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِلَا
الْمَسْبُوقُ بِالْفَجْرِ فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَخَذَتْ مِنْ الرَّابِعِ يَوْمَيْنِ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ نَاقِصًا، وَتَحِلُّ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ يُلْغَى يَوْمُ الْمَوْتِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ.
(وَلَوْ)(حَاضَتْ) مَنْ تَرَبَّصَتْ سَنَةً (فِي) أَثْنَاءِ (السَّنَةِ) وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا (انْتَظَرَتْ) الْحَيْضَةَ (الثَّانِيَةَ) أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ، فَإِنْ تَمَّتْ السَّنَةَ، وَلَمْ تَرَ الْحَيْضَ حَلَّتْ مَكَانَهَا (وَ) إنْ رَأَتْ الْحَيْضَ فِيهَا وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ (الثَّالِثَةَ) أَيْ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ لَا دَمَ فِيهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَاكْتَفَتْ بِالثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَحِلُّ بِأَقْرَبِ الْأَجَلَيْنِ مِنْ الْحَيْضِ أَوْ تَمَامِ السَّنَةِ.
(ثُمَّ إنْ)(احْتَاجَتْ) مَنْ تَرَبَّصَتْ سَنَةً (لِعِدَّةٍ) أُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ (فَالثَّلَاثَةُ) الْأَشْهُرِ عِدَّتُهَا مَا لَمْ تَرَ فِيهَا الدَّمَ، وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ أَيْ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ
وَلَمَّا كَانَ اسْتِبْرَاءُ الْحُرَّةِ مُسَاوِيًا لِعِدَّتِهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَ) عَلَى الْحُرَّةِ الْمُطِيقَةِ (إنْ وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ) بِغَلَطٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ إجْمَاعًا كَمُحَرَّمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ.
(وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ) زَوْجَتَهُ زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا مِمَّا ذُكِرَ أَيْ يَحْرُمُ إذَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ وَإِلَّا فَلَا (وَلَا يَعْقِدُ) زَوْجٌ عَلَيْهَا زَمَنَهُ (أَوْ)(غَابَ) عَلَى الْحُرَّةِ (غَاصِبٌ أَوْ سَابٍ أَوْ مُشْتَرٍ) لَهَا جَهْلًا بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ فِسْقًا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ مَظِنَّةُ الْوَطْءِ (وَلَا يُرْجَعُ لَهَا) أَيْ لِقَوْلِهَا فِي عَدَمِ الْوَطْءِ أَيْ لَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ عَبَّرَ بِذَلِكَ لَكَانَ أَوْضَحَ.
وَقَوْلُهُ: (قَدْرُهَا) فَاعِلُ وَجَبَ أَيْ قَدْرُ الْعِدَّةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فَذَاتُ الْأَقْرَاءِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَالْمُرْتَابَةُ وَمَنْ مَعَهَا سَنَةٌ، وَالصَّغِيرَةُ وَالْيَائِسَةُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ.
(وَفِي) إيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي (إمْضَاءِ الْوَلِيِّ) الْغَيْرِ الْمُجْبَرِ نِكَاحَ مَنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهِيَ شَرِيفَةٌ، وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ اطَّلَعَ الْوَلِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَأَمْضَاهُ وَكَذَا سَفِيهٌ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ عَبْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَدَخَلَ فَأَمْضَاهُ الْوَلِيُّ بَعْدَ الْعِلْمِ نَظَرًا لِفَسَادِ الْمَاءِ وَعَدَمِ إيجَابِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ (أَوْ) إيجَابِهِ فِي (فَسْخِهِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
سَبَبٍ أَوْ بِسَبَبِ مَرَضٍ أَوْ طَرِبَةٍ عِدَّتُهَا شَهْرَانِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ شَهْرٌ وَنِصْفٌ، وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْحَمْلَ لَمَّا كَانَ لَا يَظْهَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ قُلْنَا بِاشْتِرَاكِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي السَّنَةِ وَعَدَمِ اخْتِلَافِهِمَا فِيهَا كَالْأَقْرَاءِ اهـ تَوْضِيحٌ
(قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقُ بِالْفَجْرِ) صِفَةٌ لِلطَّلَاقِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْفَجْرِ حَسِبَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ الْأَشْهُرِ، وَقَوْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَيْ مِنْ الشَّهْرِ
(قَوْلُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَحِلُّ بِأَقْرَبِ الْأَجَلَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهَا تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَلَوْ مَضَتْ لَهَا سَنَةٌ بَيْضَاءُ
(قَوْلُهُ مُسَاوِيًا لِعِدَّتِهَا) أَيْ إلَّا فِي اللِّعَانِ وَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا فَإِنَّ اسْتِبْرَاءَهَا فِي هَذِهِ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) أَيْ لَا يَدْرَأُ الْحَدَّ كَنِكَاحِ الْمَحْرَمِ عَالِمًا بِهَا أَمَّا إنْ كَانَ يَدْرَأُ الْحَدَّ فَالْوَاجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ لَا الِاسْتِبْرَاءُ كَنِكَاحِ الْمُحَرَّمِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ جَهْلًا بِذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى دَخَلَ، وَقَدْ أَجْمَلَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ تَبَعًا لعبق التَّابِعِ لِابْنِ غَازِيٍّ وَالْحَقُّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ) أَيْ مِنْهُ قَبْلَ وَطْئِهَا بِالزِّنَا وَالشُّبْهَةِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا أَيْ فَلَا يَحْرُمُ بَلْ قِيلَ بِكَرَاهَةِ الْوَطْءِ، وَقِيلَ بِجَوَازِهِ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ ابْنُ يُونُسَ لَكِنْ فِي الْبَيَانِ أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي ظَاهِرَةِ الْحَمْلُ هُوَ التَّحْرِيمُ نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَكَذَا فِي فَتَاوَى الْبُرْزُلِيِّ نَقْلًا عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ وَفِي الْمِعْيَارِ أَخَّرَ نَوَازِلَ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الْعُقْبَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُنْفَشُ الْحَمْلُ فَيَكُونُ قَدْ خَلَطَ مَاءَ غَيْرِهِ بِمَائِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَامِلَ إذَا زَنَتْ هَلْ يَجُوزُ لِزَوْجِهَا الَّذِي حَمَلَتْ مِنْهُ قَبْلَ الزِّنَا وَطْؤُهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ أَوْ لَا يَجُوزُ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ قِيلَ بِالْجَوَازِ وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَقِيلَ بِالْحُرْمَةِ أَمَّا لَوْ حَمَلَتْ مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ غَصْبٍ لَحَرُمَ عَلَى زَوْجِهَا وَطْؤُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَعْقِدُ زَوْجٌ عَلَيْهَا زَمَنَهُ) أَيْ زَمَنَ الِاسْتِبْرَاءِ مِمَّا ذُكِرَ إنْ كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ الْأَزْوَاجِ فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَجَبَ فَسْخُهُ فَإِنْ انْضَمَّ لِلْعَقْدِ تَلَذُّذٌ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَذُّذُ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ كَانَ التَّلَذُّذُ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْمُقَدِّمَاتِ، وَكَانَ التَّلَذُّذُ فِي زَمَنِهِ لَا بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَابَ غَاصِبٌ إلَخْ) أَيْ غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا اهـ بْن
(قَوْلُهُ: فَذَاتُ الْأَقْرَاءِ ثَلَاثَةٌ) أَيْ إنْ كَانَتْ حُرَّةً كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَيْ وَحَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ كَانَتْ أَمَةً، قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَإِذَا زَنَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ غُصِبَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ وَطْئِهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً اُسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَةٍ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ غَيْرَ ذَاتِ زَوْجٍ اهـ بْن وَقَوْلُهُ: فَذَاتُ الْأَقْرَاءِ ثَلَاثَةٌ أَيْ وَلَوْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِرَضَاعٍ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُرْتَابَةُ أَيْ هِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَمَنْ مَعَهَا أَيْ مَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِمَرَضٍ وَبِلَا سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ كَالْمَرَضِ وَالرَّضَاعِ فَيُصَدَّقُ بِمَا إذَا تَأَخَّرَ لِطَرِبَةٍ
(قَوْلُهُ: وَفِي إيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي إمْضَاءِ الْوَلِيِّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ شَرِيفَةً وَوَكَّلَتْ رَجُلًا مِنْ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَقَدَ لَهَا بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهَا الْخَاصِّ غَيْرِ الْمُجْبَرِ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ اطَّلَعَ وَلِيُّهَا عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الطَّوْلِ فَأَجَازَ نِكَاحَهَا وَأَمْضَاهُ أَوْ أَنَّهُ فَسَخَهُ، وَأَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ وَطْءِ زَوْجِهَا الْحَاصِلِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ نَظَرًا لِفَسَادِ الْمَاءِ أَوْ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ الْغَيْرِ الْمُجْبَرِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُجْبَرًا لَتَحَتَّمَ الْفَسْخُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِمْضَاءُ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ)
وَأَرَادَ الزَّوْجُ تَزَوُّجَهَا بَعْدَهُ بِإِذْنِهِ وَعَدَمُ إيجَابِهِ (تَرَدُّدٌ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِيجَابِ فِيهِمَا.
(وَاعْتَدَّتْ) الْمُطَلَّقَةُ (بِطُهْرِ الطَّلَاقِ) أَيْ بِالطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ (وَإِنْ لَحْظَةً) يَسِيرَةً بَلْ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ فَنَزَلَ الدَّمُ عَقِبَ النُّطْقِ بِالْقَافِ بِلَا فَصْلٍ حَسِبَتْهُ طُهْرًا (فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ حَيْضَةِ الثَّالِثَةِ) بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذِهِ أَيْ بِمُجَرَّدِ نُزُولِ الدَّمِ إنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِطَاعِهِ بَعْدَ نُزُولِهِ (أَوْ) بِأَوَّلِ حَيْضَةِ (الرَّابِعَةِ إنْ طَلُقَتْ بِكَحَيْضٍ) دَخَلَ النِّفَاسُ بِالْكَافِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ الطُّهْرُ الثَّالِثُ بِرُؤْيَةِ الرَّابِعَةِ وَرَتَّبَ عَلَى قَوْلِهِ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
قَوْلُهُ (وَهَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ) الْعَقْدَ (بِرُؤْيَتِهِ) أَيْ الدَّمِ فِي أَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ بَلْ تَصْبِرُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ لَهُ بَالٌ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ أَوْ لَا يَنْبَغِي، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِحِلِّهَا بِرُؤْيَةِ الدَّمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَلْ الْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ يَنْبَغِي عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى حَمْلِهِ عَلَى النَّدْبِ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَحِلُّ لَا يُنَافِي النَّدْبَ (تَأْوِيلَانِ) الْأَظْهَرُ الْوِفَاقُ وَلَوْ قَالَ أَشْهَبُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَبْيَنَ.
(وَرَجَعَ فِي)(قَدْرِ الْحَيْضِ هُنَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ (هَلْ هُوَ يَوْمٌ) فَأَكْثَرُ فَلَا يَكْفِي بَعْضُ الْيَوْمِ (أَوْ) هُوَ (بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ يَوْمٍ لَهُ بَالٌ بِأَنْ زَادَ عَلَى سَاعَةٍ فَلَكِيَّةٍ لَا مُطْلَقِ بَعْضِ الدَّمِ (لِلنِّسَاءِ) الْعَارِفَاتِ بِذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْحَيْضِ فِي النِّسَاءِ بِالنَّظَرِ إلَى الْبُلْدَانِ فَقَدْ يَكُونُ أَقَلُّهُ يَوْمًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ بِاعْتِبَارِ بِلَادِهِنَّ وَقَدْ يَكُونُ أَقَلُّهُ بَعْضَ يَوْمٍ عِنْدَ بَعْضٍ آخَرَ بِاعْتِبَارِ بِلَادِهِنَّ أَيْضًا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ هُنَا عَنْ بَابِ الْعِبَادَةِ فَإِنَّ أَقَلَّهُ فِيهِ دَفْعَةٌ.
(وَ) رَجَعَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ وَإِلَّا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ الزَّوْجُ تَزَوُّجَهَا بَعْدَهُ بِإِذْنِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ فَسْخِ الْوَلِيِّ، فَإِنَّ الْعِدَّةَ وَاجِبَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) مُقْتَضَى نَقْلِ التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ أَنَّهُمَا فِي الْفَسْخِ تَأْوِيلَانِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَنَسَبَ وُجُوبَ الِاسْتِبْرَاءِ لِسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَعَدَمَهُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ هُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِيهِمَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِيجَابِ فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ
(قَوْلُهُ: بِالطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَحْظَةً) إنْ قُلْت: يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْعِدَّةَ قُرْآنِ، وَبَعْضُ قَرْءٍ ثَالِثٍ وَقَدْ قَالَ الْمَوْلَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] قُلْت إطْلَاقُ الْجَمْعِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ شَائِعٌ قَالَ تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] مَعَ أَنَّهُ شَهْرَانِ، وَبَعْضُ ثَالِثٍ فَهُوَ نَظِيرُ مَا هُنَا (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ) أَيْ لِلْمُطَلَّقَةِ فِي طُهْرٍ (قَوْلُهُ: أَيْ بِمُجَرَّدِ) أَيْ أَنَّهَا تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ نُزُولِ الدَّمِ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ نُزُولِهِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ انْقِطَاعُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْقَدْرُ الْمُعْتَبَرُ مِنْهُ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ انْقَطَعَ رُجِعَ فِيهِ لِلنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: وَرَتَّبَ عَلَى قَوْلِهِ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ قَوْلَهُ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ قَوْلَهُ: وَهَلْ يَنْبَغِي إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِمَا مَعًا أَيْ عَلَى قَوْلِهِ: فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَعَلَى قَوْلِهِ أَوْ الرَّابِعَةِ إنْ طَلُقَتْ بِكَحَيْضٍ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إذَا طَلُقَتْ فِي كَحَيْضٍ مِنْ كَوْنِهَا تَحِلُّ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ النِّكَاحَ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِهَا عِنْدَ أَشْهَبَ
(قَوْلُهُ: وَهَلْ يَنْبَغِي إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْبِغَاءِ تَعْجِيلُ الْعَقْدِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ، وَعَدَمُ انْبِغَاءِ تَعْجِيلِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ التَّأْوِيلَانِ بِالْوِفَاقِ، وَالْخِلَافُ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَحَاصِلُ الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ: تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَقَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِ الدَّمِ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ أَشْهَبُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَجَّلَ النِّكَاحُ بِأَوَّلِ الدَّمِ، فَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ يَنْبَغِي عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَهُوَ تَأْوِيلُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ نَدْبَ عَدَمِ التَّعْجِيلِ لَا يُنَافِي الْحِلِّيَّةَ بِأَوَّلِ الدَّمِ، أَوْ خِلَافٌ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ يَنْبَغِي عَلَى الْوُجُوبِ، وَهُوَ تَأْوِيلُ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ لِقَوْلِهِ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَى الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّأْوِيلَيْنِ وَلِذَا قِيلَ: صَوَابُ الْمُصَنِّفِ لَوْ قَالَ: وَفِيهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِرُؤْيَتِهِ، وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ تَصْبِرُ) أَيْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: تَحِلُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهَا تَحِلُّ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ يَقُولُ: بِنَدْبِ تَأْخِيرِ الْعَقْدِ حَتَّى يَمْضِيَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ فَإِنْ عَجَّلَتْ بِرُؤْيَتِهِ وَتَزَوَّجَتْ وَلَمْ يَنْقَطِعْ كَانَ تَزَوُّجُهَا وَاقِعًا بَعْدَ الْعِدَّةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ بَعْضُ يَوْمٍ لَهُ بَالٌ كَأَنْ تَزَوَّجَهَا وَاقِعًا فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْسِبُ ذَلِكَ الدَّمَ حَيْضَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَوَاقِعًا بَعْدَ الْعِدَّةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَأَبِي عِمْرَانَ كَمَا فِي ح
(قَوْلُهُ لِلنِّسَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَرَجَعَ إنْ قُلْت قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ يُعَارِضُ قَوْلَهُ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّ مُقْتَضَى حِلِّهَا بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي قَدْرِهِ قُلْت: لَا مُعَارَضَةَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّ مُجَرَّدَ رُؤْيَةِ أَوَّلِ
(فِي أَنَّ)(الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ أَوْ) الْمَقْطُوعَ (أُنْثَيَاهُ) هَلْ (يُولَدُ لَهُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ أَوْ لَا) هَذَانِ ضَعِيفَانِ؛ إذْ الْحَقُّ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلُ سُؤَالُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ كَحُذَّاقِ الْأَطِبَّاءِ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِسُؤَالِ النِّسَاءِ فِي مِثْلِ هَذَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً وَالرَّاجِحُ فِي الثَّانِي أَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ أَحَدٍ.
(وَ) رَجَعَ فِي (مَا تَرَاهُ الْآيِسَةُ) أَيْ الْمَشْكُوكُ فِي يَأْسِهَا وَهِيَ بِنْتُ الْخَمْسِينَ إلَى السَّبْعِينَ (هَلْ هُوَ حَيْضٌ) أَوْ لَا (لِلنِّسَاءِ) نَائِبُ فَاعِلِ رَجَعَ فَدَمُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ الْخَمْسِينَ حَيْضٌ قَطْعًا، وَمَنْ بَلَغَتْ السَّبْعِينَ لَيْسَ بِحَيْضٍ قَطْعًا، فَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ فِيهِمَا (بِخِلَافِ)(الصَّغِيرَةِ) تَرَى الدَّمَ (إنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا) كَبِنْتِ تِسْعٍ فَإِنَّهُ حَيْضٌ قَطْعًا وَلَا يُرْجَعُ فِيهِ لِلنِّسَاءِ لَا بِنْتِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ فَمَا تَرَاهُ دَمُ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ.
(وَ) إذَا رَأَتْ مُمْكِنَةُ الْحَيْضِ الدَّمَ أَثْنَاءَ عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَشْهُرِهَا (انْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ) وَأَلْغَتْ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ
وَلَمَّا كَانَ الْحَيْضُ هُنَا يُخَالِفُ الْحَيْضَ فِي الْعِبَادَةِ نَبَّهَ عَلَى اسْتِوَاءِ الطُّهْرِ فِي الْبَابَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَالطُّهْرُ) هُنَا (كَالْعِبَادَةِ) أَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ.
(وَإِنْ)(أَتَتْ) مُعْتَدَّةٌ (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ) مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ وَطْئِهِ عَنْهَا لَا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ (لَحِقَ) الْوَلَدُ (بِهِ) أَيْ بِالزَّوْجِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيْثُ لَمْ تَتَزَوَّجْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الدَّمِ الثَّالِثِ كَافٍ فِي حِلِّهَا لِلْأَزْوَاجِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِمْرَارُ، فَإِنْ انْقَطَعَ رُجِعَ فِيهِ لِلنِّسَاءِ، فَإِنْ قُلْنَ: إنَّ مِثْلَ هَذَا يَكُونُ حَيْضًا كَأَنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَإِنْ قُلْنَ: إنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ حَيْضًا كَأَنْ تَزَوَّجَهَا فِيهَا وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ كَلَامُ الشَّارِحِ سَابِقًا وَبَعْضُهُمْ تَأَوَّلَ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ السَّابِقَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَنَّ الْحَيْضَ عِنْدَهُ فِي بَابِ الْعِدَّةِ كَهُوَ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ فَالْمُصَنِّفُ مَشَى أَوَّلًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُنَا عَلَى قَوْلٍ آخَرَ
(قَوْلُهُ: فِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ) أَيْ فَقَطْ أَيْ، وَأَمَّا الْمَجْبُوبُ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَى زَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أُنْثَيَاهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَائِمُ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: هَذَانِ ضَعِيفَانِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ الْأَوَّلَ تَبِعَ فِيهِ الْمَوَّاقَ؛ إذْ نَقَلَ نَصَّ عِيَاضٍ فِي أَنَّ الرَّجُلَ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ يُرْجَعُ فِيهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَلَمْ يَقُلْ لِلنِّسَاءِ وَأَجَابَ طفي بِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ تَرْجِعُ لِلنِّسَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُهُنَّ، فَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ النِّسَاءُ، وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ وَعِيَاضٍ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ عِيَاضًا جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بِالرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الطِّبِّ وَالتَّشْرِيحِ خِلَافُ مَذْهَبِ الْكِتَابِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَعْرِفَةُ الْوِلَادَةِ وَهَذَا بَابُ النِّسَاءِ وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ الثَّانِي فَتَبِعَ فِيهِ ح حَيْثُ اعْتَمَدَ قَوْلَ صَاحِبِ النُّكَتِ إذَا كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ وَالْخُصْيَتَيْنِ فَلَا تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَجْبُوبَ الْخُصْيَتَيْنِ قَائِمَ الذَّكَرِ فَعَلَى امْرَأَتِهِ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُ يَطَأُ بِذَكَرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ قَائِمَ الْخُصْيَتَيْنِ فَهَذَا إنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوَهُ حَفِظْت عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْقَرَوِيِّينَ اهـ قَالَ طفي: وَكَلَامُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمُؤَلِّفَ كَمَا تَقَدَّمَ اعْتَمَدَ هُنَا كَلَامَ عِيَاضٍ، وَنَصُّهُ: إذَا كَانَ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ أَوْ بَعْضِهِ، وَهُوَ قَائِمُ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا دُونَ الذَّكَرِ فَهَذَا الَّذِي قَالَ فِيهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْكِلُ إذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ أَوْ بَعْضُهُ دُونَ أُنْثَيَيْهِ أَوْ أُنْثَيَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا دُونَ الذَّكَرِ هَلْ يَنْسَلُّ وَيَنْزِلُ أَمْ لَا فَنَسَبَ الْمَسْأَلَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ كَمَا تَرَى وَكَأَنَّ ح لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ عِيَاضٍ وَعَلَى وُقُوفِهِ عَلَيْهِ فَلَا مُوجِبَ لِتَرْجِيحِ كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ، وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلَى كَلَامِ عِيَاضٍ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: لِلنِّسَاءِ) الْجَمْعُ فِي كَلَامِهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَيُكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ بِشَرْطِ سَلَامَتِهَا مِنْ جُرْحَةِ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهَا الْإِخْبَارُ لَا الشَّهَادَةُ
(قَوْلُهُ: وَإِذَا رَأَتْ مُمْكِنَةُ الْحَيْضِ) أَيْ وَإِذَا رَأَتْ الصَّغِيرَةُ مُمْكِنَةُ الْحَيْضِ الدَّمَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَأَلْغَتْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَشْهُرِ إنْ قُلْتَ: إنَّ مُمْكِنَةَ الْحَيْضِ إذَا رَأَتْ الدَّمَ لَا تَكُونُ صَغِيرَةً؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ فَكَيْفَ يُسَمِّيهَا الْمُصَنِّفُ صَغِيرَةً قُلْت تَسْمِيَتُهَا صَغِيرَةً مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ اعْتِبَارُ مَا كَانَ
(قَوْلُهُ: أَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ) أَيْ فَإِذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ قَبْلَ تَمَامِهِ لَمْ تَحْتَسِبْ بِذَلِكَ الطُّهْرِ، وَضَمَّتْهُ إلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الدَّمِ، وَلَا يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ نِصْفُ شَهْرٍ يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَاعْتَدَّتْ بِطُهْرِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَحْظَةً؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ، وَهِيَ طَاهِرٌ وَبَقِيَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ لَحْظَةً مِنْ تَمَامِ نِصْفِ الشَّهْرِ ثُمَّ أَتَاهَا الْحَيْضُ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطُّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ وَحَاضَتْ عَقِبَهُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَتْ مُعْتَدَّةٌ بَعْدَهَا بِوَلَدٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مِنْ وَفَاةٍ، وَمَفْهُومُ بَعْدَهَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ قَبْلَ كَمَالِهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِهِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ نَكَحَتْ امْرَأَةٌ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ قَبْلَ حَيْضَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَتَحْرُمُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ حَيْضَةٍ فَهُوَ لِلثَّانِي إنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمَ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: إذَا نَكَحَتْ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِزَمَنٍ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أُلْحِقَ بِالثَّانِي إنْ كَانَتْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ حَيْضَةٍ مِنْ الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ فَيَلْحَقَ بِالْأَوَّلِ، وَلَا يَلْزَمُهَا لِعَانٌ؛ لِأَنَّهُ نَفَاهُ إلَى فِرَاشٍ فَإِنْ نَفَاهُ الْأَوَّلُ وَلَاعَنَ أَيْضًا لَاعَنَتْ وَانْتَفَى عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَتْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ حَيْضَةٍ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ فَيَلْحَقَ بِالثَّانِي وَتُلَاعِنَ هِيَ فَإِنْ نَفَاهُ الثَّانِي أَيْضًا وَلَاعَنَ وَلَاعَنَتْ انْتَفَى عَنْهُمَا جَمِيعًا (قَوْلُهُ: لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ) فَإِنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ
غَيْرَهُ أَوْ تَزَوَّجَتْ وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي وَيُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ النَّاكِحِ فِي الْعِدَّةِ (إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ) الزَّوْجُ (بِلِعَانٍ) فَلَا يَلْحَقُ بِهِ.
(وَتَرَبَّصَتْ) الْمُعْتَدَّةُ (إنْ ارْتَابَتْ بِهِ) أَيْ بِالْحَمْلِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ (وَهَلْ) تَتَرَبَّصُ (خَمْسًا) مِنْ السِّنِينَ (أَوْ أَرْبَعًا خِلَافٌ) فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَزَادَتْ الرِّيبَةُ مَكَثَتْ حَتَّى تَرْتَفِعَ. (وَفِيهَا لَوْ)(تَزَوَّجَتْ) الْمُعْتَدَّةُ (قَبْلَ) مُضِيِّ (الْخَمْسِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَوَلَدَتْ لِخَمْسَةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي (لَمْ يَلْحَقْ) الْوَلَدُ (بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَمَّا عَدَمُ لُحُوقِهِ بِالْأَوَّلِ فَلِزِيَادَتِهِ عَلَى الْخَمْسِ سِنِينَ بِشَهْرٍ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِوِلَادَتِهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ (وَحُدَّتْ) لِلْجَزْمِ بِأَنَّهُ مِنْ زِنًا (وَاسْتُشْكِلْت) أَيْ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَدَمَ لُحُوقِهِ بِالْأَوَّلِ وَحَدَّهَا حَيْثُ زَادَتْ عَلَى الْخَمْسِ بِشَهْرٍ؛ إذْ التَّقْدِيرُ بِالْخَمْسِ لَيْسَ بِفَرْضٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَتَّى إنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا بِشَهْرٍ تَقْتَضِي عَدَمَ اللُّحُوقِ، وَهَذَا الِاسْتِشْكَالُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ خَمْسٌ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ أَرْبَعٌ فَلَا إشْكَالَ.
(وَعِدَّةُ الْحَامِلِ) حُرَّةً أَوْ أَمَةً (فِي وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ) بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْوَفَاةِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لَا بَعْضِهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا، وَلِلزَّوْجِ رَجْعَتُهَا قَبْلَ خُرُوجِ بَاقِيهِ أَوْ الْآخَرِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ يَلْحَقُ بِصَاحِبِ الْعِدَّةِ فَلَوْ كَانَ مِنْ زِنًا فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فِي الْوَفَاةِ وَالْأَقْرَاءِ فِي الطَّلَاقِ إنْ وُضِعَتْ قَبْلَ مُضِيِّهَا، وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الْوَضْعَ فَالْمَدَارُ عَلَى أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَتَحْتَسِبُ بِالْأَشْهُرِ مِنْ يَوْمِ الْوَفَاةِ وَبِالْأَقْرَاءِ مِنْ يَوْمِ الْوَضْعِ وَتَعُدُّ النِّفَاسَ قَرْءًا أَوَّلًا فَلَا تَحْتَسِبُ بِمَا حَاضَتْهُ قَبْلَ النِّفَاسِ زَمَنَ الْحَمْلِ (وَإِنْ) كَانَ الْحَمْلُ (دَمًا اجْتَمَعَ) وَعَلَامَةُ كَوْنِهِ حَمْلًا أَنَّهُ إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لَمْ يَذُبْ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْعِدَّةِ لِأَزِيدَ مِنْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ فَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ دُخُولِ الثَّانِي فَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَفِيهَا إلَخْ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ دُخُولِ الثَّانِي لَحِقَ بِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَزَوَّجَتْ) أَيْ قَبْلَ الْحَيْضِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ انْقِطَاعِ وَطْءِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِالثَّانِي
(قَوْلُهُ: وَتَرَبَّصَتْ الْمُعْتَدَّةُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُطَلَّقَةً أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا، وَقَوْلُهُ: إنْ ارْتَابَتْ بِهِ أَيْ إنْ شَكَّتْ فِيهِ بِسَبَبِ جَسٍّ فِي بَطْنِهَا (قَوْلُهُ: وَهَلْ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا إلَخْ) ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ أَقْصَاهُ أَرْبَعَ سِنِينَ أَوْ خَمْسًا ثَالِثُ رِوَايَاتِ الْقَاضِي سَبْعًا، وَرَوَى أَبُو عُمَرَ سِتًّا وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْأُولَى، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي الْمَشْهُورَ وَعَزَى الْبَاجِيَّ الثَّانِيَةَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ الْمُتَيْطِيِّ بِالْخَمْسِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَزَادَتْ الرِّيبَةُ) أَيْ بِأَنْ زَادَ كِبَرُ بَطْنِهَا مَكَثَتْ إلَخْ، وَأَمَّا لَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَاسْتَمَرَّتْ الرِّيبَةُ عَلَى حَالِهَا، وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهَا زِيَادَةٌ حَلَّتْ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ بَقَائِهَا أَبَدًا حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ اُنْظُرْ بْن وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ حَرَكَةَ مَا فِي بَطْنِهَا حَرَكَةُ حَمْلٍ، وَإِلَّا لَمْ تَحِلَّ أَبَدًا كَمَا فِي شب (قَوْلُهُ: لَوْ تَزَوَّجَتْ الْمُعْتَدَّةُ) أَيْ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ، وَالْمُرَادُ الْمُعْتَدَّةُ الْمُرْتَابَةُ فَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُرْتَابَةِ إذْ هِيَ مَحَلُّ الْإِشْكَالِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَتُحَدُّ قَطْعًا قَالَهُ بَعْضُهُمْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْحَقْ بِوَاحِدٍ) أَيْ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ نَكَحَ حَامِلًا (قَوْلُهُ: وَحُدَّتْ) أَيْ وَحَيْثُ لَمْ يَلْحَقْ بِوَاحِدٍ حُدَّتْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْبَعْضِ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وبن (قَوْلُهُ: فَلَا إشْكَالَ) أَيْ فِي عَدَمِ لُحُوقِ الْوَلَدِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَحَدَهَا، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْإِشْكَالَ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ سِتُّ سِنِينَ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ سَبْعٌ فَالْخِلَافُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَحْظَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَضْعُ بَعْدَهُمَا بِلَحْظَةٍ (قَوْلُهُ لَا بَعْضِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ ثُلُثَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ الْقَائِلِ: إنَّهَا تَحِلُّ بِوَضْعِ ثُلُثَيْ الْحَمْلِ بِنَاءً عَلَى تَبَعِيَّةِ الْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ، وَخُولِفَتْ قَاعِدَةُ تَبَعِيَّةِ الْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ هُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِلِاحْتِيَاطِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ خُرُوجِ بَعْضِهِ، وَقُطِعَ ذَلِكَ الْبَعْضُ الْخَارِجُ فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ عِدَّتُهَا بَاقِيَةٌ مَا دَامَ فِيهَا عُضْوٌ مِنْهُ وَعِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ تَحِلُّ إذَا كَانَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ الْخَارِجِ (قَوْلُهُ وَاحِدًا كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ بَاقِيهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْحَمْلُ وَاحِدًا (قَوْلُهُ: وَالْآخَرِ) أَيْ إنْ كَانَ الْحَمْلُ مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ: يَلْحَقُ بِصَاحِبِ الْعِدَّةِ) أَيْ لَاحِقًا بِهِ بِالْفِعْلِ، أَوْ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ كَالْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ) أَيْ الْوَلَدُ مِنْ زِنًا كَمَا لَوْ اسْتَبْرَأَهَا زَوْجُهَا مِنْ وَطْئِهِ بِحَيْضَةٍ ثُمَّ زَنَتْ، وَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَمَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَوَضَعَتْ ذَلِكَ الْحَمْلَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّهَا) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَشْهُرِ وَالْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا انْتَظَرَتْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ مَضَتْ قَبْلَ وَضْعِهَا انْتَظَرَتْ الْوَضْعَ وَقَوْلُهُ: عَلَى أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ أَيْ الْوَضْعِ وَانْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَوْ الْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ وَتَحْتَسِبُ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا وَضَعَتْ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ، وَقُلْنَا: لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فِي الْوَفَاةِ وَثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ فِي الطَّلَاقِ فَتَحْتَسِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَعُدُّ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَجَعَلَهُ عِيَاضٌ مَحَلَّ نَظَرٍ، وَأَنَّ
(وَإِلَّا) تَكُنْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَامِلًا (فَكَالْمُطَلَّقَةِ) أَيْ فَعِدَّتُهَا - كَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ - ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَقُرْآنِ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ.
(إنْ فَسَدَ) نِكَاحُهَا فَسَادًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، وَقَدْ دَخَلَ بِهَا وَيَأْتِي حُكْمُ غَيْرِ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ (كَالذِّمِّيَّةِ) الْحُرَّةِ غَيْرِ الْحَامِلِ (تَحْتَ ذِمِّيٍّ) يَمُوتُ عَنْهَا أَوْ يُطَلِّقُهَا وَأَرَادَ مُسْلِمٌ تَزَوُّجَهَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا، وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ، وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِي صِحَّتِهِ وَقَدْ مَاتَ زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ (فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ) كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا كَانَتْ هِيَ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً وَكَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ.
بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (رَجْعِيَّةً) فَتُنْقَلُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ يَمُوتُ مُطَلِّقُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ بَلْ تَسْتَمِرُّ عَلَى عِدَّةِ طَلَاقِهَا.
(إنْ تَمَّتْ) الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ لِلْحُرَّةِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا) بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي كُلِّ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا، وَتُوُفِّيَ عَنْهَا عَقِبَ طُهْرِهَا، وَمِثْلُهُ لَوْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ فَأَوْلَى إنْ حَاضَتْ فِيهَا (وَقَالَ النِّسَاءُ لَا رِيبَةَ بِهَا) بِأَنْ قَطَعْنَ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَتِمَّ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ حَيْضِهَا بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ أَثْنَاءَهَا، وَلَمْ تَحِضْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ، وَلَمْ تُمَيِّزْ أَوْ تَأَخَّرَتْ لِمَرَضٍ عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضِهَا، وَقَالَ النِّسَاءُ: بِهَا رِيبَةٌ (انْتَظَرَتْهَا) أَيْ الْحَيْضَةَ، أَوْ تَمَامَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ، وَإِلَّا انْتَظَرَتْ رَفْعَهَا أَوْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ (إنْ دَخَلَ بِهَا) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ: إنْ تَمَّتْ إلَخْ أَيْ هَذَا التَّفْصِيلُ إنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَإِلَّا حَلَّتْ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
الَّذِي حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثِ حِيَضٍ بَعْدَ الْوَضْعِ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَالْمُطَلَّقَةِ) وَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ هُنَا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا مَبِيتَ عَلَيْهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ لَا عِدَّةٌ اهـ بْن
(قَوْلُهُ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ
(قَوْلُهُ: صَحِيحًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِي صِحَّتِهِ إلَخْ) جَعْلُهُ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ كَالصَّحِيحِ هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ، وَفِيهِ الْإِرْثُ (قَوْلُهُ: فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ) أَيْ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَإِنَّمَا حَذَفَ التَّاءَ لِحَذْفِ الْمَعْدُودِ، وَلَا يُقَدَّرُ الْمَعْدُودُ لَيَالِيَ لِئَلَّا يَلْزَمَ مَحْذُورٌ شَرْعِيٌّ، وَهُوَ جَوَازُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ كَانَ الْمَعْدُودُ الْمُقَدَّرُ اللَّيَالِيَ وَحْدَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ قَوْلُ أَهْلِ التَّارِيخِ: تُرَاعَى اللَّيَالِي، مُرَادُهُمْ بِهِ أَنَّهُمْ يُغَلِّبُونَ حُكْمَهَا عَلَى الْأَيَّامِ لِسَبْقِهَا عَلَيْهَا، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْمَعْدُودَ مَجْمُوعُ اللَّيَالِيِ وَأَيَّامِهَا
(قَوْلُهُ وَإِنْ رَجْعِيَّةً فَتَنْتَفِلُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ) أَيْ بِالْأَقْرَاءِ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ أَيْ الْأَشْهُرِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الرَّجْعِيَّةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَلَوْ حَصَلَتْ الْوَفَاةُ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ الثَّالِثِ بِيَوْمٍ
(قَوْلُهُ: إنْ تَمَّتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ الْحُرَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَهِيَ غَيْرُ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ بِشَرْطَيْنِ حَيْثُ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا: الْأَوَّلُ: أَنْ تُتِمَّ تِلْكَ الْمُدَّةَ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا
الثَّانِي: أَنْ تَقُولَ النِّسَاءُ إذَا رَأَيْنَهَا فِيمَا إذَا تَمَّتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا إنَّهُ لَا رِيبَةَ بِهَا وَقَوْلُنَا حَيْثُ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ، وَلَوْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَادَتَهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا أَنَّهُ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ سَابِقٍ عَلَى الْمَوْتِ فَتَكْتَفِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَلَا يُحْتَاجُ هُنَا لِسُؤَالِ النِّسَاءِ أَنَّهُ لَا رِيبَةَ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ النِّسَاءُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ إنَّهُ لَا رِيبَةَ حَمْلٍ بِهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِهَا الْحَيْضُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِكَوْنِ عَادَتِهَا أَنَّهُ لَا يَأْتِيهَا إلَّا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَادَتَهَا أَنْ تَحِيضَ أَثْنَائِهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَحِضْ) أَيْ بِلَا سَبَبٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ بِأَنْ كَانَ تَأَخُّرُهُ بِلَا سَبَبٍ أَصْلًا أَوْ لِطَرِبَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ) اعْلَمْ أَنْ مَحَلَّ كَوْنِهَا تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ، أَوْ تَمَامَ التِّسْعَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَادَتُهَا قَبْلَ الِاسْتِحَاضَةِ إتْيَانَ حَيْضِهَا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ الْعِدَّةِ، وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا مَنْ يَتَأَخَّرُ زَمَنُ حَيْضِهَا عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةٍ تَعْتَدُّ بِهَا كَمَا مَرَّ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَخَّرَتْ لِمَرَضٍ) أَيْ أَوْ كَانَتْ عَادَتَهَا أَنْ تَأْتِيَهَا الْحَيْضَةُ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ فَتَأَخَّرَتْ لِمَرَضٍ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَقِيلَ: إنَّ تَأْخِيرَ الْحَيْضَةِ لِمَرَضٍ كَتَأْخِيرِهَا لِرَضَاعٍ فَتَكْتَفِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَلَا تَحْتَاجُ لِتَمَامِ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الِاتِّفَاقَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَمَّتْ) أَيْ الْأَشْهُرُ الْمَذْكُورَةُ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ النِّسَاءُ بِهَا رِيبَةٌ) أَيْ بِهَا رِيبَةُ حَمْلٍ أَوْ ارْتَابَتْ هِيَ مِنْ نَفْسِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَمَامَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ فَتَنْتَظِرُ أَوَّلَ الْأَجَلَيْنِ فَإِنْ حَاضَتْ أَوَّلًا لَا تَنْتَظِرُ تَمَامَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ تَمَّتْ الْأَشْهُرُ الْمَذْكُورَةُ أَوَّلًا انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ أَيْ عِنْدَ حُصُولِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَإِنْ لَمْ تَزُلْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَإِلَّا إلَخْ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ مَاشِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ بَقَاءَهَا عَلَى حَالِهَا مِثْلُ زَوَالِهَا وَقَوْلُهُ: فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا تَمَّتْ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا، وَقَالَ النِّسَاءُ: بِهَا رِيبَةُ حَمْلٍ
(وَتَنَصَّفَتْ) عِدَّةُ الْوَفَاةِ (بِالرِّقِّ) وَلَوْ بِشَائِبَةٍ فَهِيَ شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ حَيْثُ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً أَوْ شَابَّةً لَمْ تَرَ الْحَيْضَ أَصْلًا أَوْ رَأَتْهُ فِيهَا وَلَوْ مَدْخُولًا بِهَا فِي الْجَمِيعِ.
(وَإِنْ)(لَمْ تَحِضْ) وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا وَعَادَتُهَا الْحَيْضُ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ فِيهَا وَتَأَخَّرَ (فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) عِدَّتُهَا (إلَّا أَنْ تَرْتَابَ فَتِسْعَةٌ) إنْ لَمْ تَرَ الْحَيْضَ قَبْلَهَا فَإِنْ رَأَتْهُ أَثْنَاءَهَا حَلَّتْ فَإِنْ بَقِيَتْ الرِّيبَةُ انْتَظَرَتْ زَوَالَهَا أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ.
(وَلِمَنْ وَضَعَتْ) إثْرَ مَوْتِ زَوْجِهَا (غَسْلُ زَوْجِهَا) وَيُقْضَى لَهَا بِذَلِكَ (وَلَوْ تَزَوَّجَتْ) غَيْرَهُ لَكِنْ بَعْدَ تَزْوِيجِ غَيْرِهِ يُكْرَهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ أَنَّ الْأَحَبَّ نَفْيُهُ إنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ.
(وَلَا يُنْقَلُ الْعِتْقُ) لِأَمَةٍ مُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ (أَوْ مَوْتٍ لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ) بَلْ تَسْتَمِرُّ عَلَى عِدَّتِهَا؛ إذْ الْعِتْقُ لَا يُوجِبُ عِدَّةً بِخِلَافِ لَوْ مَاتَ زَوْجُ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَثْنَاءَ عِدَّتِهَا فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ وَفَاةٍ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يُوجِبُ عِدَّةً، وَكَذَا لَوْ طَلُقَتْ الْأَمَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَأَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا الْمُطَلِّقُ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ وَهُوَ بِالْمَوْتِ لَمَّا نَقَلَهَا صَادَفَهَا حُرَّةً فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ لِلْوَفَاةِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا قُرْأَيْنِ.
(وَلَا) يَنْقُلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ (مَوْتُ زَوْجٍ) ذِمِّيٍّ (ذِمِّيَّةً أَسْلَمَتْ) بَعْدَ الْبِنَاءِ وَمَكَثَتْ تَسْتَبْرِئُ مِنْهُ، وَقُلْنَا: يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا إنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَمَاتَ كَافِرًا قَبْلَ تَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ فَتَسْتَمِرُّ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ) : (وَتَنَصَّفَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا غَيْرَ حَامِلٍ، وَإِلَّا فَهِيَ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ (قَوْلُهُ: وَخَمْسُ لَيَالٍ) أَيْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا.
(قَوْلُهُ: كَانَتْ صَغِيرَةً إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ لَا يُمْكِنُ حَيْضُهَا كَبِنْتِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ أَوْ كَانَ يُمْكِنُ حَيْضُهَا، وَلَمْ تَحِضْ كَبِنْتِ تِسْعٍ أَمَّا الْأُولَى فَعِدَّتُهَا شَهْرَانِ، وَخَمْسُ لَيَالٍ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ: تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ: أَوْ آيِسَةً الَّذِي فِي ح أَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ قَالَ الْعَلَّامَةُ بْن وَالصَّوَابُ شَرْحُ الْمُصَنِّفِ بِمَا فِي ح مِنْ تَخْصِيصِ قَوْلِهِ وَتَنَصَّفَتْ بِالرِّقِّ بِالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ حَيْضُهَا وَالشَّابَّةِ الَّتِي لَمْ تَرَ الْحَيْضَ أَصْلًا وَبِاَلَّتِي رَأَتْهُ فِي شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ وَتَخْصِيصُ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بِالصَّغِيرَةِ الَّتِي يُمْكِنُ حَمْلُهَا وَالْآيِسَةِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ حَمْلُهَا أَمْ لَا وَبِاَلَّتِي عَادَتُهَا الْحَيْضُ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسِ لَيَالٍ؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ بِثَلَاثَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ لَمْ تَحِضْ مَعْنَاهُ، وإنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا حَيْضٌ فِي الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسِ لَيَالٍ وَهَذَا صَادِقٌ بِالثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَرْتَابَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ إذْ مَا ذُكِرَ لَا يُمْكِنُ فِيهِ رِيبَةٌ وَالْمَعْنَى لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِمَّنْ تَحِيضُ فِي الشَّهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ، وَلَمْ تَحِضْ فِيهَا لِتَأَخُّرِهِ عَنْ عَادَتِهَا لِغَيْرِ رَضَاعٍ وَمَرَضٍ فَإِنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةٍ بَلْ بِتِسْعَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ: تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا مَضَتْ التِّسْعَةُ، وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الرِّيبَةَ بِرَفْعِ الدَّمِ فَقَطْ لَا بِحَبْسِ الْبَطْنِ، وَأَمَّا إذَا ارْتَابَتْ الْأَمَةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِحَبْسِ الْبَطْنِ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ إنْ لَمْ تَحِضْ قَبْلَ تَمَامِهَا، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا حَلَّتْ، وَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَتَمَّتْ التِّسْعَةُ حَلَّتْ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ أَوْ بَقِيَتْ بِحَالِهَا، فَإِنْ زَادَتْ انْتَظَرَتْ زَوَالَهَا، أَوْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ، فَإِنْ مَضَى أَقْصَاهُ حَلَّتْ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ وُجُودُهُ بِبَطْنِهَا، فَإِنْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ حِلِّهَا مِنْ نُزُولِهِ وَلَا يَكْفِي مُضِيُّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُمْكِنُ حَيْضُهَا كَبِنْتِ سِتِّ سِنِينَ اعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ اتِّفَاقًا وَمِثْلُهَا الْكَبِيرَةُ الَّتِي لَمْ تَرَ الْحَيْضَ أَصْلًا أَوْ يَأْتِيهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَأَتَاهَا بِالْفِعْلِ وَإِنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا كَبِنْتِ تِسْعٍ، أَوْ ثَمَانٍ أَوْ كَانَتْ يَائِسَةً فَقَوْلَانِ قِيلَ: كَذَلِكَ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً، وَكَانَ مِنْ عَادَتِهَا أَنْ تَحِيضَ بَعْدُ كَالشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسِ لَيَالٍ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فِيهَا، وَلَمْ تَحِضْ فَالْمَشْهُورُ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ وَحِّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَدْخُولًا بِهَا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا بَلْ، وَلَوْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فِي الْجَمِيعِ فَهَذِهِ صُوَرٌ ثَمَانِيَةٌ تَعْتَدُّ بِهَا الْأَمَةُ مِنْ الْوَفَاءِ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَحِضْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا حَيْضٌ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِيهَا وَتَأَخَّرَ إلَخْ) مَشَى فِي هَذِهِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: قَبْلَهَا) أَيْ فِي أَثْنَائِهَا قَبْلَ تَمَامِهَا والمصنف فِي الْمَنَاسِك
(قَوْلُهُ: وَلَا يُنْقَلُ الْعِتْقُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَمَةَ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا أَوْ مَاتَ عَنْهَا ثُمَّ إنَّهَا عَتَقَتْ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا فَإِنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الَّتِي هِيَ قُرْآنِ وَلَا عَنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ الَّتِي هِيَ شَهْرَانِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ إلَى عِدَّةِ الْحُرَّةِ الَّتِي هِيَ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ فِي الطَّلَاقِ وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ فِي الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّ النَّاقِلَ عَنْ مَالِكٍ مَا أَوْجَبَ عِدَّةً أُخْرَى كَطُرُّوِ الْمَوْتِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، وَالْعِتْقُ لَا يُوجِبُ عِدَّةً أُخْرَى (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ) أَيْ الَّتِي تَعْتَدُّ بِهَا فِي الْوَفَاةِ
(قَوْلُهُ: وَلَا مَوْتُ زَوْجِ ذِمِّيَّةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الذِّمِّيَّةَ إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ دُخُولِ زَوْجِهَا الذِّمِّيِّ بِهَا فَشَرَعَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْهُ فَمَاتَ كَافِرًا قَبْلَ تَمَامِ اسْتِبْرَائِهَا فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ وَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَإِنْ كَانَ أَمْلَكَ بِهَا إذَا أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْبَائِنِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْبِنَاءِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَوَهُّمِ الِانْتِقَالِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا إذَا مَاتَ وَلَوْ أَسْلَمَتْ (قَوْلُهُ: فَمَاتَ كَافِرًا) أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ إسْلَامِهِ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ كَمَا فِي خش.
(وَإِنْ)(أَقَرَّ) صَحِيحٌ (بِطَلَاقٍ) بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ (مُتَقَدِّمٍ) عَلَى وَقْتِ إقْرَارِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ (اسْتَأْنَفَتْ) امْرَأَتُهُ (الْعِدَّةَ مِنْ) وَقْتِ (إقْرَارِهِ) فَيُصَدَّقُ فِي الطَّلَاقِ لَا فِي إسْنَادِهِ لِلْوَقْتِ السَّابِقِ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إسْقَاطِ الْعِدَّةِ، وَهِيَ حَقٌّ لِلَّهِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ، فَالْعِدَّةُ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أَسْنَدَتْ الْبَيِّنَةُ الطَّلَاقَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي (وَلَمْ يَرِثْهَا) الزَّوْجُ إنْ مَاتَتْ (إنْ انْقَضَتْ) الْعِدَّةُ (عَلَى دَعْوَاهُ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً عَلَى مُقْتَضَى دَعْوَاهُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا (وَوَرِثَتْهُ) إنْ مَاتَ (فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ حَيْثُ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُقَرُّ بِهِ رَجْعِيًّا إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ (إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: اسْتَأْنَفَتْ أَيْ إنَّ مَحَلَّ الِاسْتِئْنَافِ مَا لَمْ تَشْهَدْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنْ شَهِدَتْ لَهُ فَالْعِدَّةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي أَسْنَدَتْ الْبَيِّنَةُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فِيهِ، وَالْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ فِي هَذَا، وَكَذَا الْمُنْكِرُ إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَقِيلَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ.
(وَلَا يَرْجِعُ) الْمُطَلِّقُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ (بِمَا أَنْفَقَتْ الْمُطَلَّقَةُ) مِنْ مَالِهِ قَبْلَ عِلْمِهَا بِالطَّلَاقِ (وَيَغْرَمُ مَا تَسَلَّفَتْ) وَأَنْفَقَتْهُ وَكَذَا مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا لِعُذْرِهَا بِعَدَمِ عِلْمِهَا بِالطَّلَاقِ فَإِنْ أَعْلَمَهَا، أَوْ عَلِمَتْ بِعَدْلَيْنِ رَجَعَ عَلَيْهَا لَا بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ يَمِينٍ فَلَا رُجُوعَ (بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْوَارِثِ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْوَرَثَةُ بِمَا أَنْفَقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِلْوَرَثَةِ
وَلَمَّا كَانَتْ عِدَّةُ الْمُسْتَبْرَأَةِ، وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ الْغَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِغَيْرِ سَبَبٍ، وَالْمَرِيضَةُ سَنَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَاسْتِبْرَاؤُهَا فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَقَدْ يَجْتَمِعُ الْمُوجِبَانِ لِحِلِّهَا بَيْنَ مَا يُبْرِيهَا مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ)(اشْتَرَيْت) أَمَةً (مُعْتَدَّةَ طَلَاقٍ) وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا رِيبَةٌ حَلَّتْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِطَلَاقٍ) حَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَقَرَّ بِطَلَاقٍ مُتَقَدِّمٍ إمَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَإِمَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ فِي حَالِ مَرَضِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لَهُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ وَإِمَّا أَنْ يُنْكِرَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مِنْهُ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ مَرِيضٌ مَعَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَهَاتَانِ حَالَتَانِ فَجُمْلَةُ الْأَحْوَالِ سِتَّةٌ فَمَتَى شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ أُرِّخَتْ الْبَيِّنَةُ وَتَرِثُهُ فِي تِلْكَ الْعِدَّةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ فِي الْمَرَضِ أَوْ إنْكَارُهُ فِيهِ لَكِنَّ الْبَيِّنَةَ أَسْنَدَتْ الطَّلَاقَ لِلصِّحَّةِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ أُرِّخَتْ وَإِنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ فَمِنْ الْآنَ فَهُوَ قَوْلٌ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَالْعِدَّةُ تُسْتَأْنَفُ مِنْ يَوْمِ الْإِخْبَارِ وَتَرِثُهُ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَرِثَتْهُ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ مِنْ الْآنَ وَلَا يَرِثُهَا إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى دَعْوَاهُ وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَى دَعْوَاهُ، وَإِلَّا فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا حَيْثُ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى دَعْوَاهُ تَوَارَثَا، وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَإِلَّا فَلَا تَوَارُثَ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: إنْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ) أَيْ وَإِلَّا وَرِثَهَا، وَالْفَرْضُ أَنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ فَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا أَصْلًا انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَيْ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ) أَيْ وَأَمَّا إنْ صَدَّقَتْهُ فَلَا تَرِثُهُ إذَا مَاتَ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ إذَا كَانَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّ مَحَلَّ الِاسْتِئْنَافِ) أَيْ اسْتِئْنَافِ الزَّوْجَةِ الْعِدَّةَ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَالْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ) أَيْ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ بَيِّنَةٌ وَرِثَتْهُ أَبَدًا إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُنْكِرُ) أَيْ لِلطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ: إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَيْ بِالطَّلَاقِ فَالْعِدَّةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي أُسْنِدَتْ إلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَقِيلَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَرَفَةَ الطَّرِيقَتَيْنِ وَنَصُّهُ وَمَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِطَلَاقِهِ فَعِدَّتُهُ مِنْ يَوْمِ تَارِيخِهَا إنْ لَمْ يُنْكِرْهُ وَإِلَّا فَفِي كَوْنِهَا مِنْ يَوْمِ تَارِيخِهَا إنْ اتَّحَدَ أَوْ مِنْ يَوْمِ آخِرِهِ إنْ تَعَدَّدَ أَوْ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ مُطْلَقًا طَرِيقَا عِيَاضٍ عَنْ الْمَذْهَبِ مَعَ الصِّقِلِّيِّ عَنْ الشَّيْخِ وَابْنِ مُحْرِزٍ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الطَّرِيقَ الثَّانِيَةَ هِيَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: وَيَغْرَمُ مَا تَسَلَّفَتْ) لَكِنَّهُ لَا يُلْزَمُ بِالْغَبْنِ اتِّفَاقًا مِثْلُ أَنْ تَشْتَرِيَ مَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ لِأَجَلٍ فَتَبِيعَهُ بِدِينَارٍ فِي نَفَقَتِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ مَا زَادَتْهُ فِي الشِّرَاءِ عَلَى الدِّينَارِ الَّذِي بَاعَتْ بِهِ بِاتِّفَاقٍ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: تَسَلَّفَتْ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَعَزَاهُ ح لِرِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ، وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: لَا يَغْرَمُ لَهَا مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعْلَمَهَا) أَيْ بِالطَّلَاقِ أَوْ عَلِمَتْهُ بِعَدْلَيْنِ أَيْ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ عِلْمِهَا وَقَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهَا أَيْ مِنْ حِينِ عِلْمِهَا (قَوْلُهُ لَا بِعَدْلٍ) أَيْ لَا إنْ عَلِمَتْ بِالطَّلَاقِ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ عِلْمِهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ، وَلَا يُنْظَرُ لِثُبُوتِ الْمَالِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ يَمِينٍ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَا إنْ عَلِمَتْ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِعَدْلٍ وَيَمِينٍ وَلَا صِحَّةَ لِذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْوَارِثِ) أَيْ وَبِخِلَافِ الْوَارِثِ يُنْفِقُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ وَأَوْلَى بَعْدَ الْعِلْمِ فَإِنَّ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لِانْتِقَالِ الْمَالِ لَهُمْ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَحْصُلْ لَهَا رِيبَةٌ)
إنْ مَضَى قُرْآنِ لِلطَّلَاقِ وَحَيْضَةٌ لِلشِّرَاءِ فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ شَيْئًا مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ حَلَّتْ لِلْمُشْتَرِي بِقَرْأَيْنِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ قَرْءٍ مِنْهَا حَلَّتْ مِنْهُمَا بِالْقَرْءِ الْبَاقِي أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْقُرْأَيْنِ حَلَّتْ مِنْ الشِّرَاءِ بِحَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ هَذَا إذَا لَمْ تَرْتَفِعْ حَيْضَتُهَا.
أَمَّا إنْ اشْتَرَاهَا (فَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا) أَيْ تَأَخَّرَتْ لِغَيْرِ رَضَاعٍ (حَلَّتْ) لِمُشْتَرِيهَا (إنْ مَضَتْ) لَهَا (سَنَةٌ لِلطَّلَاقِ) عِدَّةُ الْمُسْتَرَابَةِ (وَثَلَاثَةٌ) مِنْ الْأَشْهُرِ (لِلشِّرَاءِ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهَا تَحِلُّ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ، فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ طَلَاقِهَا حَلَّتْ بِمُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَبَعْدَ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ فَبِمُضِيِّ سَنَةٍ وَشَهْرٍ وَبَعْدَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا فَبِمُضِيِّ سَنَةٍ وَشَهْرَيْنِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَبَعْدَ سَنَةٍ فَبِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَأَمَّا مَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِرَضَاعٍ فَلَا تَحِلُّ بِقَرْأَيْنِ.
(أَوْ) اُشْتُرِيَتْ أَمَةً (مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ)(فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) وَهُمَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَحَيْضَةُ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ لَمْ تَسْتَرِبْ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إنْ تَأَخَّرَتْ حَيْضَتُهَا فَإِنْ ارْتَابَتْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ
وَلَمَّا ذَكَرَ أَقْسَامَ الْعِدَّةِ وَكَانَ الْإِحْدَادُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَهُوَ تَرْكُ الْمَرْأَةِ الزِّينَةَ مُدَّةَ عِدَّةِ الْوَفَاةِ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَتَرَكَتْ) الْمَرْأَةُ (الْمُتَوَفَّى عَنْهَا)(فَقَطْ) لَا الْمُطَلَّقَةُ وُجُوبًا (وَإِنْ صَغُرَتْ) وَيَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِوَلِيِّهَا (وَلَوْ كِتَابِيَّةً) مَاتَ زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ (وَمَفْقُودًا زَوْجُهَا) وَقَدْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ (التَّزْيِينَ بِالْمَصْبُوغِ) مِنْ الثِّيَابِ حَرِيرًا كَانَتْ أَوْ كَتَّانًا أَوْ قُطْنًا أَوْ صُوفًا (وَلَوْ) كَانَ (أَدْكَنَ) بِدَالِ مُهْمَلَةٍ لَوْنٌ فَوْقَ الْحُمْرَةِ وَدُونَ السَّوَادِ (إنْ وَجَدَتْ غَيْرَهُ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِبَيْعِهِ وَاسْتِخْلَافِ غَيْرِهِ (إلَّا الْأَسْوَدَ) فَلَا تَتْرُكُ لُبْسَهُ إلَّا إذَا كَانَتْ نَاصِعَةَ الْبَيَاضِ أَوْ كَانَ هُوَ زِينَةَ قَوْمٍ فَيَجِبُ تَرْكُهُ (وَ) تَرَكَتْ (التَّحَلِّيَ) أَيْ لُبْسَ الْحُلِيِّ مُطْلَقًا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَوَجَبَ نَزْعُهُ عِنْدَ طُرُوُّ الْمَوْتِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ بِتَأَخُّرِ حَيْضِهَا، وَهَذَا حَلٌّ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا (قَوْلُهُ: إنْ مَضَى قُرْآنِ لِلطَّلَاقِ) أَيْ إنْ صَدَقَ عَلَيْهَا أَنَّهُ مَضَى مِنْ طَلَاقِهَا قُرْآنِ، وَمِنْ شِرَائِهَا قَرْءٌ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ حِينَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْقُرْأَيْنِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ مُعْتَدَّةً لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ شِرَاءِ الْمُعْتَدَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ ذَكَرَهَا لِتَتْمِيمِ الصُّوَرِ
(قَوْلُهُ: فَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ تَأَخَّرَتْ لِغَيْرِ رَضَاعٍ) بَلْ تَأَخَّرَتْ لِمَرَضٍ أَوْ بِلَا سَبَبٍ أَصْلًا أَوْ لِطَرِبَةٍ أَوْ لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ مَضَتْ لَهَا سَنَةٌ) أَيْ إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مَضَى سَنَةٌ مِنْ طَلَاقِهَا أَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مَضَى ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ شِرَائِهَا لَكِنَّ السَّنَةَ الَّتِي مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ مِنْهَا اسْتِبْرَاءٌ، وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْهَا عِدَّةٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: عِدَّةُ الْمُسْتَرَابَةِ فِيهِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا هِيَ الثَّلَاثَةُ أَشْهُرٍ الْأَخِيرَةِ، وَأَمَّا التِّسْعَةُ الْأُولَى فَهِيَ اسْتِبْرَاءٌ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ مُعْتَدَّةً إلَخْ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ عَشَرَةٍ أَوْ أَحَدَ عَشَرَ وَأَمَّا إذَا اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ أَوْ سَبْعَةٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ فَلَا يُقَالُ إنَّهَا اُشْتُرِيَتْ مُعْتَدَّةً بَلْ يُقَالُ إنَّهَا اُشْتُرِيَتْ مُسْتَبْرَأَةً أَوْ إنْ كَانَتْ تَمْكُثُ سَنَةً فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ النُّكْتَةَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ تِسْعَةٍ، وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا الْمُنَاسَبَةُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ مُعْتَدَّةً.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ تِسْعَةٍ) أَيْ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَبَعْدَ سَنَةٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ مُعْتَدَّةً إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهَا لِأَجْلِ تَتْمِيمِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِرَضَاعٍ) أَيْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَمَيَّزَتْ وَقَوْلُهُ: فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِقَرْأَيْنِ أَيْ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ، وَيَأْتِي التَّدَاخُلُ فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ أَصْلًا مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ حَلَّتْ مِنْهُمَا بِقَرْأَيْنِ وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ قَرْءٍ مِنْ الطَّلَاقِ حَلَّتْ مِنْهُمَا بِالْقَرْءِ الْبَاقِي، وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ مُضِيِّ قُرْأَيْنِ حَلَّتْ بِحَيْضَةٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ
(قَوْلُهُ: وَهُمَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ) أَيْ فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْحَيْضَةِ انْتَظَرَتْهَا وَإِنْ أَتَتْ الْحَيْضَةُ قَبْلَ فَرَاغِ تِلْكَ الْمُدَّةِ انْتَظَرَتْ كَمَالَهَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَسْتَرِبْ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ حَيْضُهَا عَنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا فِيهَا وَأَتَاهَا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) أَيْ وَحَيْضَةُ الِاسْتِبْرَاءِ وَقَوْلُهُ: إنْ تَأَخَّرَتْ حَيْضَتُهَا أَيْ إنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنَّ الْحَيْضَ لَا يَأْتِيهَا فِي الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسِ لَيَالٍ فَإِذَا كَانَتْ عَادَتُهَا كَذَلِكَ فَتَحِلُّ بِالثَّلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ حَصَلَتْ الْحَيْضَةُ قَبْلَ تَمَامِهَا وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ ارْتَابَتْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الدَّمُ فِي الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسِ لَيَالٍ وَتَأَخَّرَ عَنْ ذَلِكَ أَوْ ارْتَابَتْ بِجَسِّ بَطْنٍ وَقَوْلُهُ: تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ أَيْ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا مِنْ الْوَفَاةِ تِسْعَةٌ وَكَذَلِكَ اسْتِبْرَاؤُهَا لِنَقْلِ الْمِلْكِ فَيَتَدَاخَلَانِ فَإِنْ زَادَتْ الرِّيبَةُ لَمْ تُوطَأْ حَتَّى تَذْهَبَ
(قَوْلُهُ بِالْمَصْبُوغِ) أَيْ وَلَهَا لُبْسُ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَلْبَسُ الْبَيَاضَ كُلَّهُ رَقِيقَهُ وَغَلِيظَهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَمَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَى الْمَنْعِ مِنْ رَقِيقِ الْبَيَاضِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَدَارَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعَوَائِدِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْكَافِي: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لُبْسُهَا لِشَيْءٍ تَتَزَيَّنُ بِهِ بَيَاضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدْكَنَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَصْبُوغُ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ أَوْ أَخْضَرَ بَلْ وَلَوْ كَانَ أَدْكَنَ وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالتَّمْرِ هِنْدِيٍّ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ نَزْعُهُ) أَيْ الْحُلِيُّ عِنْدَ طُرُوُّ الْمَوْتِ