الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْدَ تَفْوِيضِ الزَّوْجِ لَهُ وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ (وَ) مَحَلُّ السُّقُوطِ إذَا (لَمْ يَشْهَدْ بِبَقَائِهِ) عَلَى حَقِّهِ مِمَّا جَعَلَهُ لَهُ الزَّوْجُ مِنْ أَمْرِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ مَعَ عَدَمِ الْإِشْهَادِ عَلَى بَقَائِهِ عَلَى حَقِّهِ دَلِيلٌ بِقَرِينَةِ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَلَا يَنْتَقِلُ النَّظَرُ إلَيْهَا (فَإِنْ أَشْهَدَ) أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حَقِّهِ (فَفِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ) طَالَتْ الْغَيْبَةُ أَوْ قَصَرَتْ (أَوْ يَنْتَقِلُ) الْحَقُّ (لِلزَّوْجَةِ قَوْلَانِ) لَكِنْ فِي الْبَعِيدَةِ خَاصَّةً وَكَتَبَ لَهُ فِي الْقَرِيبَةِ بِإِسْقَاطِ مَا بِيَدِهِ أَوْ إمْضَاءِ مَا جُعِلَ لَهُ وَلَا يَنْتَقِلُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى الرَّاجِحِ
(وَإِنْ مَلَّكَ) أَمْرَ زَوْجَتِهِ (رَجُلَيْنِ) بِأَنْ قَالَ مَلَّكْتُكُمَا أَمْرَهَا أَوْ أَمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا أَوْ قَالَ طَلِّقَاهَا إنْ شِئْتُمَا (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْقَضَاءُ) بِطَلَاقِهَا دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا مُنَزَّلَانِ مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ الْوَاحِدِ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ كَالْوَكِيلَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي وَطْئِهَا زَالَ مَا بِيَدِهِمَا فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلثَّانِي كَلَامٌ (إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ) بِأَنْ يَقُولَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا: طَلِّقْ زَوْجَتِي أَوْ مَلَّكْتُك أَمْرَهَا أَوْ يَقُولَ لَهُمَا: جَعَلْت لِكُلٍّ مِنْكُمَا طَلَاقُهَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقَضَاءُ وَتَسْمِيَةُ هَذَا رِسَالَةً مَجَازٌ إذْ حَقِيقَةُ الرِّسَالَةِ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا: بَلِّغَاهَا أَنِّي قَدْ طَلَّقْتهَا وَفِي هَذِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يُبَلِّغْهَا أَحَدٌ مِنْهُمَا وَحَمْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ بَعِيدٌ فَتَدَبَّرْ
(فَصْلٌ فِي رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ)
وَهُوَ عَوْدُ الزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ لِلْعِصْمَةِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ وَيَتَعَلَّقُ الْبَحْثُ فِيهَا بِأَرْبَعَةِ أُمُورٍ الْمُرْتَجِعِ وَالْمُرْتَجَعَةِ وَسَبَبِ الرَّجْعَةِ وَأَحْكَامِ الْمُرْتَجَعَةِ قَبْلَ الِارْتِجَاعِ، وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ مُرَتَّبَةً هَكَذَا فَقَالَ (يَرْتَجِعُ) أَيْ يَجُوزُ أَوْ يَصِحُّ ارْتِجَاعُ (مَنْ يَنْكِحُ) أَيْ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ فَلَا يَصِحُّ ارْتِجَاعُ مَجْنُونٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَيْهَا النَّظَرُ فَالْغَيْبَةُ بَعْدَ التَّفْوِيضِ مُخَالِفَةٌ لِلْغَيْبَةِ قَبْلَهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إذَا غَابَ بَعْدَ تَوْكِيلِهِ بِحُضُورِهِ كَانَ ظَالِمًا فَيَسْقُطُ حَقُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا حَالَ التَّوْكِيلِ فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عِنْدَهُ فَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ فَلِذَا انْتَظَرَ إنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً وَانْتَقَلَ النَّظَرُ لَهَا إنْ كَانَتْ بَعِيدَةً وَلَا يُنْتَظَرُ قُدُومُهُ لِمَا يَلْحَقُهَا مِنْ الضَّرَرِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ غَيْبَتِهِ بَعْدَ التَّفْوِيضِ وَغَيْبَتِهِ قَبْلَهُ طَرِيقَةٌ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ بَشِيرٍ وَأَجْرَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْغَيْبَةَ بَعْدَ التَّفْوِيضِ عَلَى الْغَيْبَةِ قَبْلَهُ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ قُرْبِ الْغَيْبَةِ وَبَعْدَهَا وَاخْتَارَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ تَفْوِيضِ الزَّوْجِ لَهُ) أَيْ طَلَاقَهَا عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ أَشْهَدَ) أَيْ عِنْدَ غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ وَكَتَبَ لَهُ فِي الْقَرِيبَةِ بِإِسْقَاطِ مَا بِيَدِهِ) أَيْ وَإِذَا كَتَبَ لَهُ بِإِسْقَاطِ مَا بِيَدِهِ أَوْ إمْضَائِهِ فَأَسْقَطَهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ النَّظَرُ لِلزَّوْجَةِ وَانْظُرْ لَوْ مَاتَ مَنْ فُوِّضَ لَهُ أَمْرُهَا وَلَمْ يُوصِ بِهِ لِأَحَدٍ فَهَلْ يَنْتَقِلُ لَهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ أَوْصَى بِهِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ اهـ خش (قَوْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ) وَقِيلَ إنَّهُ يَنْتَقِلُ مَا جُعِلَ لَهُ لِلزَّوْجَةِ فِي الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ وَثَالِثُهَا لَمَّا كَانَ ضَعِيفًا لَمْ يَحْمِلْ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ إلَخْ) أَيْ فَإِيقَاعُ الطَّلَاقِ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لَغْوٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ سَوَاءٌ حَمَلْت الرِّسَالَةَ عَلَى الْمَجَازِيَّةِ أَوْ الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فِي التَّمْلِيكِ عَلَى مَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ قَوْلُهُ وَإِنْ مَلَّكَ رَجُلَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ يَقُولُ لَهُمَا جَعَلْت لِكُلٍّ مِنْكُمَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَوْ يَقُولُ لَهُمَا طَلِّقَا زَوْجَتِي وَلَمْ يَقُلْ إنْ شِئْتُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ أَيْ لِكُلٍّ مِنْكُمَا طَلَاقُ زَوْجَتِي فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِالطَّلَاقِ عَمَلًا بِالْأَحْوَطِ فِي الْفُرُوجِ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ.
وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا قَالَ: طَلِّقَا زَوْجَتِي فَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى الرِّسَالَةِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِالطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّمْلِيكَ وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى التَّوْكِيلِ فَلَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا مَعًا وَلَهُ عَزْلُهُمَا، وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى التَّمْلِيكِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا مَعًا وَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُمَا وَالْأَوَّلُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى وَالثَّالِثُ لِأَصْبَغَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى وَتَبِعَهُ بَهْرَامُ فِي الشَّامِلِ وعج وَالشَّيْخُ سَالِمٌ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ) أَيْ بِحَيْثُ يُقَالُ إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ أَرْسَلَهُمَا لِيُبَلِّغَاهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا فَلِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقَضَاءُ أَيْ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَوَجْهُ الْبُعْدِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِتَفْسِيرِ الْقَضَاءِ بِالْإِخْبَارِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ يُوهِمُ أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إخْبَارِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَقَعُ وَلَوْ لَمْ يُخْبِرَاهَا
[فَصْل فِي رَجْعَة الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ]
فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ عَوْدُ إلَخْ) الضَّمِيرُ لِلرَّجْعَةِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ عَوْدَ الْبَائِنِ لِلْعِصْمَةِ بِتَجْدِيدِ عَقْدٍ لَا يُسَمَّى رَجْعَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ يُسَمَّى مُرَاجَعَةً لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُفَاعَلَةَ تَقْتَضِي الْحُصُولَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ: مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ) أَيْ وَهُوَ الْعَاقِلُ فَأَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ إنَّمَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْعَقْلِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَمِ الْإِحْرَامِ، وَعَدَمِ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُحْرِمِ وَالْمَرِيضِ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ طَرَأَ عَلَيْهِمَا مَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّتِهِ، وَقَوْلُهُ: أَيْ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ دَخَلَ فِيهِ الصَّبِيُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَهْلِيَّةَ النِّكَاحِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ صَحِيحٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ مِنْ وَلِيِّهِ وَقَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ؛ لِأَنَّ طَلَاقَهُ إمَّا بَائِنٌ بِأَنْ يُطَلِّقَ عَنْهُ وَلِيُّهُ بِعِوَضٍ أَوْ بِدُونِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا مَرَّ وَالْأَوَّلُ بَائِنٌ قَطْعًا وَكَذَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ كَلَا وَطْءٍ أَوْ غَيْرُ لَازِمٍ
وَلَا سَكْرَانَ وَلَمَّا أَوْهَمَ كَلَامُهُ إخْرَاجَ الْمُحْرِمِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرِيضِ نَصَّ عَلَى دُخُولِهِمْ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ أَهْلِيَّةَ النِّكَاحِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعَارِضِ فَقَالَ (وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ مِنْهُمَا، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمَرِيضَ، وَلَوْ مَخُوفًا، وَلَيْسَ فِيهِ إدْخَالُ وَارِثٍ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَرِثُ (وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ) عَطْفٌ عَلَى إحْرَامٍ؛ لِأَنَّ إذْنَ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ إذَنْ لَهُ فِي تَوَابِعِهِ وَمِثْلُ الْعَبْدِ السَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ فَلَا تَتَوَقَّفُ رَجْعَتُهُمَا عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ وَالْغَرِيمِ فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ يَجُوزُ رَجْعَتُهُمْ، وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهُمْ ابْتِدَاءً
وَأَشَارَ لِلْأَمْرِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُرْتَجَعَةُ بِقَوْلِهِ (طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ) مَفْعُولُ يَرْتَجِعُ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْبَائِنِ كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمُخَالَعَةِ (فِي عِدَّةِ) نِكَاحٍ (صَحِيحٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَرْتَجِعُ وَخَرَجَ بِهِ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَبِالصَّحِيحِ الْفَاسِدُ (حَلَّ وَطْؤُهُ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ صَحِيحٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَنِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ وَطْأَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ لَا يَجُوزُ أَوْ صَحِيحٍ لَازِمٍ، وَلَكِنْ وَطِئَ وَطْئًا حَرَامًا كَالْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ
وَأَشَارَ إلَى الْأَمْرِ الثَّالِثِ وَهُوَ السَّبَبُ بِقَوْلِهِ (بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ) أَيْ قَصْدٍ لِلرَّجْعَةِ، وَسَوَاءٌ الْقَوْلُ الصَّرِيحُ (كَرَجَعْتُ) زَوْجَتِي لِعِصْمَتِي وَارْتَجَعْتُهَا وَرَاجَعْتُهَا وَرَدَدْتُهَا لِنِكَاحِي (وَ) الْمُحْتَمَلُ نَحْوَ (أَمْسَكْتُهَا) إذْ يُحْتَمَلُ أَمْسَكْتهَا تَعْذِيبًا (أَوْ نِيَّةٍ) فَقَطْ (عَلَى الْأَظْهَرِ) وَالْمُرَادُ بِهَا الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ لَا مُجَرَّدُ الْقَصْدِ، وَهِيَ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ رَجْعَةٌ فِي الْبَاطِنِ لَا الظَّاهِرِ فَيَجُوزُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَطْؤُهَا وَمُعَاشَرَتُهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَيَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْ ذَلِكَ إنْ رُفِعَ لَهُ (وَصَحَّحَ خِلَافَهُ) وَهُوَ أَنَّ النِّيَّةَ فَقَطْ لَا رَجْعَةَ بِهَا وَعَلَيْهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِأَنْ يُطَلِّقَ هُوَ اهـ خش (قَوْلُهُ: وَلَا سَكْرَانَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِحَلَالٍ اهـ خش (قَوْلُهُ وَالْعَبْدِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ خُرُوجُهُ لِظُهُورِ دُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ صَحِيحٌ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ وَالْمَرِيضِ فَإِنَّهُ يُتَوَهَّمُ خُرُوجُهُمَا لِفَسَادِ نِكَاحِهِمَا (قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَى دُخُولِهِمْ) الْأَوْلَى بَالَغَ عَلَى دُخُولِهِمْ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ إلَخْ أَيْ وَالْمُبَالَغَةُ تَقْتَضِي دُخُولَ مَا بَعْدَهَا فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُلْتَبِسٍ بِمَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِإِحْرَامٍ أَوْ مَرَضٍ (قَوْلُهُ: وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُصَاحِبًا لِكَإِحْرَامٍ، وَالْأَوْضَحُ جَعْلُهَا لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ وَإِنْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِإِحْرَامٍ وَنَحْوِهِ كَمَرَضٍ (قَوْلُهُ: وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمَرِيضَ) الْأَوْلَى الْمَرَضَ، وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهِ أَيْ فِي ارْتِجَاعِ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ فِيهَا أَيْ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْعَبْدِ) أَيْ فِي كَوْنِ رَجْعَتِهِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ (قَوْلُهُ: فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ) وَهُوَ الْمُحْرِمُ وَالْمَرِيضُ وَالْعَبْدُ وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ
(قَوْلُهُ طَالِقًا) بَيَانٌ لِمَوْضُوعِ الِارْتِجَاعِ لَا قَيْدٌ فِيهِ، وَأَتَى بِهِ لِأَجْلِ التَّوَصُّلِ لِلْوَصْفِ بِقَوْلِهِ: غَيْرَ بَائِنٍ؛ إذْ هُوَ الْمُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْبَائِنِ، وَقِيلَ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الزَّوَاجِ ابْتِدَاءً فَلَا يُسَمَّى رَجْعَةً
(قَوْلُهُ غَيْرَ بَائِنٍ) هَذَا يُغْنِي عَنْ جَمِيعِ الْقُيُودِ الَّتِي بَعْدَهُ فَذِكْرُهَا مَعَهُ زِيَادَةُ بَيَانٍ (قَوْلُهُ: وَبِالصَّحِيحِ الْفَاسِدُ) أَيْ خَرَجَ بِالصَّحِيحِ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ الَّذِي يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ سَوَاءً فُسِخَ بَعْدَهُ أَوْ طَلَّقَ فَلَا رَجْعَةَ كَخَامِسَةٍ، وَجَمَعَ كَأُخْتٍ مَعَ أُخْتِهَا، وَلَوْ مَاتَتْ الْأُولَى أَوْ طَلُقَتْ لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ، فَإِذَا فُسِخَ هَذَا النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ رَجْعَتُهَا فِي عِدَّةِ ذَلِكَ النِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ وَطْأَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ لَا يَجُوزُ) فَإِذَا اطَّلَعَ السَّيِّدُ عَلَى نِكَاحِهِ بَعْدَ وَطْئِهِ وَرَدَّهُ أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ اطِّلَاعِ سَيِّدِهِ فَلَا رَجْعَةَ خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ بَعْضِهِمْ صِحَّةَ الرَّجْعَةِ فِيمَا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ اطِّلَاعِ سَيِّدِهِ وَتَوَقُّفِهَا عَلَى إجَازَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَحِيحٍ لَازِمٍ) أَيْ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْوَطْءِ فِي صَحِيحٍ لَازِمٍ لَكِنْ وَطِئَ وَطْئًا حَرَامًا (قَوْلُهُ: كَالْحَيْضِ) أَيْ كَالْوَطْءِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَوْ فِي حَالَةِ الْإِحْرَامِ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَوْ الْإِحْرَامِ فَقَطْ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ هَذَا الْوَطْءِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا لِبَيْنُونَتِهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا
(قَوْلُهُ: الْقَوْلُ الصَّرِيحُ) أَيْ فِي الرَّجْعَةِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: إذْ يُحْتَمَلُ أَمْسَكْتهَا تَعْذِيبًا) أَيْ وَتَحْتَمِلُ أَمْسَكْتهَا فِي عِصْمَتِي زَوْجَةً فَإِذَا أَتَى بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُحْتَمِلِ، وَقَصَدَ بِهِ الرَّجْعَةَ حَصَلَتْ (قَوْلُهُ أَوْ نِيَّةً فَقَطْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُصَاحَبَةِ فِعْلٍ لَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوَّاهُ شَيْخُنَا وَقَوَّى بْن وَغَيْرُهُ مُقَابِلَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا مُجَرَّدُ الْقَصْدِ) أَيْ لِعَوْدِهَا لِعِصْمَتِهِ فَلَا تَحْصُلُ بِهِ رَجْعَةٌ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ النِّيَّةُ وَقَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ وَهُوَ الْكَلَامُ النَّفْسَانِيُّ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ) أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ خِلَافَهُ) هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمُصَحِّحُ لَهُ ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ الْمَذْهَبَ وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ بِلُزُومِ الطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَرَدَّهُ ابْنُ بَشِيرٍ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَا رَجْعَةَ بِهَا) أَيْ فِي الْبَاطِنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَطْؤُهَا وَلَا مُعَاشَرَتُهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْبَاطِنِ وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَلَا يُمَكِّنُهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَطْئِهَا وَلَا
فَلَوْ نَوَى ثُمَّ وَطِئَ أَوْ بَاشَرَ بَعْدَ بُعْدٍ فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ بِيَسِيرٍ فَقَوْلَانِ وَأَمَّا لَوْ نَوَى فَجَامَعَ أَوْ بَاشَرَ فَقَدْ قَارَنَهَا فِعْلٌ فَرَجْعَةٌ اتِّفَاقًا (أَوْ بِقَوْلٍ) صَرِيحٍ بِلَا نِيَّةٍ (وَلَوْ هَزْلًا) لَكِنَّ الرَّجْعَةَ بِالْهَزْلِ (فِي الظَّاهِرِ) فَقَطْ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ (لَا الْبَاطِنِ) فَلَا يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا إلَّا إذَا جَدَّدَ نِيَّةً فِي الْعِدَّةِ أَوْ عَقْدًا بَعْدَهَا (لَا) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ (بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ) لِلرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا (بِلَا نِيَّةٍ كَأَعَدْتُ الْحِلَّ وَرَفَعْت التَّحْرِيمَ) فَالْأَوَّلُ يُحْتَمَلُ لِي وَلِغَيْرِي وَالثَّانِي يُحْتَمَلُ عَنِّي وَعَنْ غَيْرِي (وَلَا) تَصِحُّ رَجْعَةٌ (بِفِعْلٍ دُونَهَا) أَيْ دُونَ النِّيَّةِ وَلَوْ بِأَقْوَى الْأَفْعَالِ (كَوَطْءٍ) فَأَوْلَى مُبَاشَرَةٍ (وَلَا صَدَاقَ) عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَطْءِ الْخَالِي عَنْ نِيَّةِ الِارْتِجَاعِ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ (وَإِنْ اسْتَمَرَّ) عَلَى هَذَا الْوَطْءِ الْخَالِي عَنْ النِّيَّةِ أَوْ لَمْ يَسْتَمِرَّ (وَانْقَضَتْ) عِدَّتُهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا (لَحِقَهَا طَلَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا وَلَا مِنْ مِيرَاثِهَا.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَى ثُمَّ وَطِئَ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ النِّيَّةَ بِمَعْنَى الْقَصْدِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِتَفْرِيعِ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بُعْدٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَنْقَضِ وَقَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النِّيَّةِ وَالْفِعْلِ إذَا كَانَ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي فِي الرَّجْعَةِ وَقَوْلُهُ فَرَجْعَةٌ اتِّفَاقًا أَيْ لِاجْتِمَاعِ النِّيَّةِ وَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَدَّمَتْ) أَيْ عَلَى الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ هَزْلًا) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلَوْ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْهَزْلَ هُوَ الْخَالِي عَنْ نِيَّةٍ فَلَوْ كَانَتْ الْوَاوُ لِلْمُبَالَغَةِ لَاتَّحَدَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَمَا بَعْدَهَا، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبِقَوْلٍ هَزْلًا كَانَ أَحْسَنَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ مَخْصُوصٌ بِالْمُحْتَمَلِ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِأَمْسَكْتُهَا وَرَجَعَتْ بِدُونِ زَوْجَتِي فَإِنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ: وَبِقَوْلٍ وَلَوْ هَزْلًا أَيْ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ مَعَ نِيَّةٍ بَلْ وَلَوْ مُجَرَّدًا عَنْهَا وَهُوَ الْهَزْلُ وَبِهَذَا يَنْتَفِي التَّكْرَارُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ جَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ وَإِهْمَالِ لَوْ (قَوْلُهُ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ) أَيْ وَيَحْكُمُ لَهُ بِالْمِيرَاثِ مِنْهَا إنْ مَاتَتْ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَيْضًا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مِيرَاثِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ صِيغَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَأَرْكَانٌ وَشُرُوطٌ مِنْ صَدَاقٍ وَاسْتِئْذَانٍ فَقَوِيَ أَمْرُهُ فَكَانَ الْهَزْلُ فِيهِ كَالْعَدَمِ، وَلَمَّا ضَعُفَ أَمْرُ الرَّجْعَةِ بِكَوْنِ صِيغَتِهَا مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فَقَطْ أَثَّرَ هَزْلَهُ فِيهَا فِي الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ هَزْلًا غَيْرِ مُحْتَمِلٍ لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ وَأَمَّا بِقَوْلٍ غَيْرِ مُحْتَمِلٍ لَهَا أَصْلًا مَعَ نِيَّةٍ كَاسْقِنِي الْمَاءَ نَاوِيًا بِهِ الرَّجْعَةَ فَهَلْ تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِهِ أَوْ لَا تَرَدَّدَ فِيهِ عج وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ إلْحَاقَ الرَّجْعَةِ بِالنِّكَاحِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهَا بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحَرِّمُ، وَالرَّجْعَةُ تُحَلِّلُ اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: دُونَهَا) أَيْ وَأَمَّا الْفِعْلُ مَعَ النِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ، وَالدُّخُولُ عَلَيْهَا مِنْ جُمْلَةِ الْفِعْلِ فَإِنْ نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ كَفَى قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الرَّجْعَةَ تَحْصُلُ بِالْقَوْلِ مَعَ النِّيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَوْلُ صَرِيحًا أَوْ مُحْتَمَلًا وَكَذَلِكَ بِالْفِعْلِ مَعَ النِّيَّةِ وَأَمَّا الْفِعْلُ وَحْدَهُ أَوْ الْقَوْلُ الْمُحْتَمَلُ وَحْدَهُ فَلَا تَحْصُلُ بِهِمَا رَجْعَةٌ وَالْقَوْلُ الصَّرِيحُ وَحْدَهُ تَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ فِي الظَّاهِرِ لَا فِي الْبَاطِنِ وَأَمَّا النِّيَّةُ وَحْدَهَا فَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْقَصْدِ فَلَا تَحْصُلُ بِهَا رَجْعَةٌ أَصْلًا وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ فَقِيلَ تَحْصُلُ بِهَا الرَّجْعَةُ فِي الْبَاطِنِ لَا فِي الظَّاهِرِ وَقِيلَ لَا تَحْصُلُ بِهَا مُطْلَقًا لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا (قَوْلُهُ: وَلَا صَدَاقَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ رَجْعَةٍ حَرَامًا وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيَسْتَبْرِئُهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ إذَا ارْتَجَعَهَا وَلَا يَرْتَجِعُهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْوَطْءِ بَلْ بِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَرْتَجِعُهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى بَاقِيَةً فَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى فَلَا يَنْكِحُهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِالْعَقْدِ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ فُسِخَ، وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ الْحَاصِلِ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) أَيْ فِي الْقِسْمَيْنِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ طَلَّقَهَا) أَيْ ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: لَحِقَهَا طَلَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ وَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ الطَّلَاقُ اللَّاحِقُ لَهَا رَجْعِيًّا، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ رَجْعَةٌ، وَهُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ عبق وَفَائِدَتُهُ لُزُومُ طَلَاقٍ بَعْدَهُ وَتَأْتَنِفُ لَهُ عِدَّةً، وَعَلَيْهِ فَيُلْغَزُ بِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ رَجْعِيٍّ تُؤْتَنَفُ لَهُ الْعِدَّةُ وَلَا رَجْعَةَ مَعَهُ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ الطَّلَاقُ اللَّاحِقُ بَائِنًا، وَبِهِ جَزَمَ بْن حَيْثُ قَالَ: وَيَكُونُ هَذَا الطَّلَاقُ اللَّاحِقُ بَائِنًا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَجْعِيًّا لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَائِلَ بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ هُنَا هُوَ أَبُو عِمْرَانَ وَقَدْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُمَا وَالطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَكُونُ بَائِنًا كَمَا مَرَّ فِي شَرْطِ الرَّجْعَةِ الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لَلَزِمَ إقْرَارُهُ عَلَى الرَّجْعَةِ الْأُولَى، وَالْمَشْهُورُ بُطْلَانُهَا فَهُوَ بَائِنٌ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَمُرَاعَاةِ مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُجَرَّدِ لُحُوقِ الطَّلَاقِ لَا فِي تَصْحِيحِ الرَّجْعَةِ بِالْفِعْلِ
مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِصِحَّةِ رَجْعَتِهِ بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ، وَأَمَّا التَّلَذُّذُ بِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ فَلَا يَلْحَقُهُ بِهِ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْعِدَّةِ؛ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ رَجْعَةٌ
(وَلَا) تَصِحُّ رَجْعَةٌ (إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ عُلِمَ عَدَمُهُ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ هَذَا إذَا لَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ أَصْلًا أَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ بَلْ (وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ) الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِتَصَادَقَا أَيْ، وَإِنْ تَصَادَقَا قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى الْوَطْءِ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ مِنْهُ إلَّا بِعِلْمِ الدُّخُولِ أَيْ الْخَلْوَةِ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ، وَلَمْ يَنْفِهِ فَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَنْفِي التُّهْمَةَ
(وَأُخِذَا) أَيْ (الزَّوْجَانِ بِإِقْرَارِهِمَا) بِالْوَطْءِ أَيْ أُخِذَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الِارْتِجَاعِ فَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ، وَتَكْمِيلُ الصَّدَاقِ وَيَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ وَعَدَمُ حِلِّهَا لِغَيْرِهِ مُدَّتَهَا وَشَبَّهَ فِي الْحُكْمَيْنِ وَهُمَا عَدَمُ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَالْأَخْذُ بِإِقْرَارِهِمَا، قَوْلُهُ:(كَدَعْوَاهُ) أَيْ الزَّوْجِ (لَهَا) أَيْ لِلرَّجْعَةِ (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ أَيْ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِيهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ لَهَا مَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ عَلَى الدَّوَامِ وَكَذَا إنْ صَدَّقَتْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
دُونَ نِيَّةٍ اهـ كَلَامُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ الَّذِي وَطِئَ فِي عِدَّتِهِ رَجْعِيٌّ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ وَالثَّانِي بَائِنٌ لُحُوقُهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْحَقُهُ الطَّلَاقُ إلَّا نَسْقًا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
(قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ) أَيْ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الرَّجْعَةَ تَكُونُ بِمُجَرَّدِ الْفِعْلِ بِدُونِ نِيَّةٍ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ؛ إذْ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: إنَّ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ ضَعِيفٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَإِنْ أَسَرَتْهُ الْبَيِّنَةُ لَحِقَهَا اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ الوانشيريسي (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ) أَيْ فَهُوَ كَمُطَلِّقٍ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَالطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لَاحِقٌ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ
(قَوْلُهُ: وَلَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ) أَيْ خَلْوَةٌ حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا ثَبَتَ النِّكَاحُ بِشَاهِدَيْنِ، وَثَبَتَتْ الْخَلْوَةُ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ، وَتَقَارَرَ الزَّوْجَانِ بِالْإِصَابَةِ فَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ وَلَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا، وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْوَطْءِ لِلزَّوْجَةِ، وَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ فَلَا وَطْءَ فَلَا رَجْعَةَ، وَلَوْ تَصَادَقَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَأَوْلَى إذَا تَصَادَقَا بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا شُرِطَ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ وَطْءٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَلَوْ ارْتَجَعَهَا لَأَدَّى إلَى ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِلَا عَقْدٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا صَدَاقٍ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ عُلِمَ عَدَمُهُ) أَيْ كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ فِي بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ وَطَلَّقَهَا، وَعُلِمَ عَدَمُ دُخُولِهِ بِهَا لِكَوْنِهَا لَمْ تَأْتِ بَلَدَهُ، وَلَمْ يَذْهَبْ هُوَ لِبَلَدِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ) أَيْ كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ فِي بَلْدَةٍ وَطَلَّقَهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ عَدَمَ عِلْمِ الدُّخُولِ أَعَمُّ مِنْ عِلْمِ عَدَمِ الدُّخُولِ حَيْثُ جَعَلَ عَدَمَ عِلْمِ الدُّخُولِ صَادِقًا بِعِلْمِ عَدَمِ الدُّخُولِ وَبِعَدَمِ الْعِلْمِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَظْهَرَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ (قَوْلُهُ بِنَفْيِ التُّهْمَةِ) أَيْ تُهْمَةِ ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِلَا عَقْدٍ وَوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ
(قَوْلُهُ وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا) يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ تَصْدِيقِهِمَا فِي دَعْوَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ سَوَاءٌ كَانَ إقْرَارُهُمَا بِالْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى إقْرَارِهِ هُوَ، وَقَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ وَعَدَمُ حِلِّهَا لِغَيْرِهِ مُدَّتَهَا بَيَانٌ لِلْمُتَرَتِّبِ عَلَى إقْرَارِهَا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ بْن أَنَّ مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمَا بِالْوَطْءِ أُخِذَ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْآخَرُ أَمْ لَا وَكَذَا قَوْلُهُ: كَدَعْوَاهُ إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ، وَأَمَّا هِيَ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ أُخِذَتْ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهَا، وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ فَرْضُ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا اجْتَمَعَا عَلَى الْإِقْرَارِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الِارْتِجَاعِ) أَيْ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلِارْتِجَاعِ فَلَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِمَا؛ إذْ لَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ حَتَّى يُعْلَمَ الدُّخُولُ.
(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى) أَيْ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَامِسَةُ (قَوْلُهُ: مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ) أَيْ فَإِذَا انْقَضَتْ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ أُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا مَعًا، وَإِنْ رَجَعَا أَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَلَا يُؤَاخَذُ الرَّاجِعُ وَيُؤَاخَذُ غَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ تَبَعًا لعج وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُ مَا فِي الْمَقَامِ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: كَدَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَ زَوْجَتَهُ فِي الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا مُصَدِّقٍ مِمَّا يَأْتِي فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَدَّقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْخَلْوَةَ عُلِمَتْ بَيْنَهُمَا لَكِنْ يُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ، وَهِيَ أَنَّهَا زَوْجَةٌ عَلَى الدَّوَامِ فَيَجِبُ لَهَا مَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ، وَكَذَا تُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهَا إنْ صَدَّقَتْهُ، وَلَا يُمَكَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ فَلَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ لُزُومَ مَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ مَشْرُوطٌ بِتَصْدِيقِهَا كَمَا يَأْتِي فَإِنْ كَذَّبَتْهُ لَمْ تُؤَاخَذْ بِذَلِكَ لِإِقْرَارِهَا بِسُقُوطِ ذَلِكَ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالرَّجْعَةِ، وَلَا مُصَدِّقٌ أَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ، أَوْ كَانَ يَبِيتُ عِنْدَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا هِيَ) أَيْ
(إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ) شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَكَذَا فِيمَا قَبْلَهَا إنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ أُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا مُطْلَقًا تَمَادَيَا أَوْ لَا فَإِنْ رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ (عَلَى الْأَصْوَبِ وَلِلْمُصَدِّقَةِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (النَّفَقَةُ) وَالْكِسْوَةُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي الْأُولَى، وَتُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ أَبَدًا فِي الثَّانِيَةِ، وَذَكَرَ هَذَا وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ: وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا، وَمِنْ قَوْلِهِ: إنْ تَمَادَيَا إلَخْ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَا تَطْلُقُ) عَلَيْهِ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ قَامَتْ (لِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ) إذْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَهَا وَلَيْسَتْ هِيَ زَوْجَةً فِي الْحُكْمِ (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (جَبْرُهَا) أَيْ جَبْرُ الْمُصَدِّقَةِ وَجَبْرُ وَلِيِّهَا (عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ بِرُبُعِ دِينَارٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
يَجِبُ عَلَيْهَا لَهُ مَا يَجِبُ لِلزَّوْجِ مَا عَدَا الِاسْتِمْتَاعَ فَلَا يَجُوزُ التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ حَيْثُ صَدَّقَتْهُ عَلَى الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ) أَيْ عَلَى الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَكَذَا فِيمَا قَبْلَهَا إنْ انْقَضَتْ إلَخْ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ لعج.
وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا سَوَاءٌ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ أَوْ لَا إنْ اسْتَمَرَّتْ الْعِدَّةُ، فَإِنْ انْقَضَتْ فَلَا يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا إلَّا إذَا تَمَادَيَا، وَإِلَّا عُمِلَ بِرُجُوعِهِمَا أَوْ رُجُوعِ أَحَدِهِمَا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ دَعْوَاهُ الرَّجْعَةَ بَعْدَ الْعِدَّةِ يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا أَبَدًا إذَا تَمَادَيَا عَلَى الْإِقْرَارِ فَإِنْ رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ، وَقَالَ بَهْرَامُ وتت إنَّ قَوْلَهُ: إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ شَرْطٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَقَطْ.
وَحَاصِلُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا وَرَاجَعَهَا لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ، وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ وَيُؤَاخَذَانِ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِمَا مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ فِيهَا فَإِنْ رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ كَمَا أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِقْرَارِهِمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَأَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ الرَّجْعَةَ فِيهَا، وَصَدَّقَتْهُ فَإِنَّهُمَا يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا أَبَدًا مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ دَوَامِهِمَا عَلَى التَّصْدِيقِ، وَقَالَ الطِّخِّيخِيُّ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ إنَّ قَوْلَهُ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا لَكِنَّ طَرِيقَتَهُمَا مُخَالِفَةٌ لِطَرِيقَةِ عج.
وَحَاصِلُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُمَا لَا يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا مُدَّةَ دَوَامِهِمَا عَلَى التَّصْدِيقِ وَكَذَلِكَ فِي الْأُولَى كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنْ رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ قَوْلُهُ: إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَقَطْ فَيَقُولَانِ: إنَّهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا فِي الْعِدَّةِ مُطْلَقًا تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ أَمْ لَا، وَلَا يُؤَاخَذَانِ بِهِ بَعْدَهَا، وَأَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا إلَّا مُدَّةَ دَوَامِهِمَا عَلَى التَّصْدِيقِ فَإِنْ حَصَلَ رُجُوعٌ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمُوَافِقَةُ لِلنَّقْلِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: إنْ انْقَضَتْ إلَخْ) فَإِذَا انْقَضَتْ وَتَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ لَزِمَهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ) أَيْ فَإِذَا رَجَعَا مَعًا وَكَذَّبَا أَنْفُسَهُمَا لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ وَجَازَ لَهَا التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ، وَإِذَا رَجَعَتْ هِيَ فَقَطْ جَازَ لَهَا التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا لِتَكْذِيبِهَا لَهُ فِي إقْرَارِهِ وَإِنْ رَجَعَ هُوَ فَقَطْ سَقَطَ الْإِنْفَاقُ عَنْهُ وَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلِلْمُصَدِّقَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ الْمُصَدِّقَةِ عَلَى الْوَطْءِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْمُصَدِّقَةِ عَلَى الرَّجْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ هَذَا وَإِنْ اُسْتُفِيدَ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا وَلَا مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا إنْ تَمَادَى الْمُقِرُّ عَلَى إقْرَارِهِ لَكِنْ مُؤَاخَذَةُ الرَّجُلِ بِالنَّفَقَةِ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ إذَا تَمَادَى عَلَى الْإِقْرَارِ مَشْرُوطَةٌ بِتَصْدِيقِهَا لَهُ فَلَوْ كَذَّبَتْهُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهَا لِإِقْرَارِهَا بِسُقُوطِهَا عَنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّوْجَ يَتَعَلَّقُ بِهِ بِسَبَبِ إقْرَارِهِ حَقَّانِ حَقٌّ لِلزَّوْجَةِ مِنْ جِهَةِ النَّفَقَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَحَقٌّ لِلَّهِ كَمَنْعِ الْخَامِسَةِ مَثَلًا وَحُرْمَةِ أُصُولِ الزَّوْجَةِ وَفُصُولِهَا وَأَمَّا هِيَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لِأَجْلِ إقْرَارِهَا إلَّا حَقُّ اللَّهِ وَهُوَ الْعِدَّةُ، وَحُرْمَةُ تَزَوُّجِهَا بِالْغَيْرِ أَمَّا أَخْذُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِحَقِّ اللَّهِ فَبِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَقَعَ تَصْدِيقٌ مِنْ الْآخَرِ أَمْ لَا، وَأَمَّا أَخْذُ الزَّوْجِ بِحَقِّ الزَّوْجَةِ فَمَشْرُوطٌ بِتَصْدِيقِهَا لِقَوْلِهِ فِي الْإِقْرَارِ لِأَهْلٍ لَمْ يُكَذِّبْهُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْعِدَّةِ) قَدْ عَلِمَتْ مَا فِيهِ وَأَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤَاخَذُ كُلٌّ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ مُدَّةَ الْعِدَّةِ فَقَطْ وَلَوْ لَمْ يَتَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ، وَحِينَئِذٍ إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ كَانَ لَهَا التَّزَوُّجُ فَالْأَوْلَى قَصْرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ هِيَ زَوْجَةً فِي الْحُكْمِ) أَيْ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ بِحَيْثُ يَثْبُتُ لَهَا كُلُّ مَا يَثْبُتُ لِلزَّوْجَاتِ (قَوْلُهُ: جَبْرُ الْمُصَدِّقَةِ) أَيْ عَلَى الْوَطْءِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَالْمُصَدِّقَةِ عَلَى الرَّجْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لَكِنَّ الْجَبْرَ فِي الْأُولَى فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ
فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ عَقَدَ الْحَاكِمُ
(وَلَا) تَصِحُّ رَجْعَةٌ (إنْ أَقَرَّ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ (فَقَطْ) وَكَذَّبَتْهُ (فِي) خَلْوَةِ (زِيَارَةٍ) وَطَلَّقَهَا؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَهَا كُلُّ الصَّدَاقِ بِإِقْرَارِهِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ احْتِيَاطًا (بِخِلَافِ) إقْرَارِهِ فَقَطْ فِي خَلْوَةِ (الْبِنَاءِ) فَلَهُ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ وَالْبِنَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي إقْرَارُهُ فَقَطْ وَلَا بُدَّ مِنْ إقْرَارِهِمَا مَعًا عَلَى الْوَطْءِ أَوْ حَمْلٍ، وَلَمْ يَنْفِهِ بِلِعَانٍ كَمَا تَقَدَّمَ
(وَفِي إبْطَالِهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ حَالًا وَمَآلًا وَلَا تَصِحُّ رَأْسًا (إنْ لَمْ تُنَجَّزْ) بِأَنْ عُلِّقَتْ عَلَى شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ وَلَوْ مُحَقَّقًا (كَغَدٍ) كَأَنْ قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتهَا؛ لِأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنْ النِّكَاحِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ لِأَجَلٍ وَلِاحْتِيَاجِهَا لِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ (أَوْ) تَبْطُلُ (الْآنَ فَقَطْ) فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا قَبْلَ الْغَدِ فَإِذَا جَاءَ الْغَدُ صَحَّتْ وَحَلَّتْ لَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ رَجْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَعْلِيقُهَا وَتَنْجِيزُهَا وَعَلَيْهِ لَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهَا بِمَجِيئِهِ (تَأْوِيلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ فَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ
(وَلَا) رَجْعَةَ (إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ) أَيْ مَنْ أَرَادَ الْغَيْبَةَ وَقَدْ كَانَ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى دُخُولِ دَارٍ مَثَلًا وَخَافَ أَنْ تُحْنِثَهُ فِي غَيْبَتِهِ (إنْ دَخَلَتْ) وَوَقَعَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فِي غَيْبَتِي (فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا) ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِنِيَّةٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَشَبَّهَ فِي بُطْلَانِ الرَّجْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ) الْمُتَزَوِّجَةِ بِعَبْدٍ (نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا) أَيْ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ (بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا) كَأَنْ تَقُولَ: إنْ عَتَقْت فَقَدْ اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت زَوْجِي فَإِنَّهُ لَغْوٌ، وَلَوْ أَشْهَدَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَهَا اخْتِيَارُ خِلَافِهِ إنْ عَتَقَتْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عج مِنْ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ إنْ تَمَادَيَا عَلَى الْإِقْرَارِ وَأَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْعِدَّةِ فَلَا جَبْرَ بَعْدَهَا اُنْظُرْ بْن وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ جَبْرُهَا وَجَبْرُ وَلِيِّهَا عَلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهَا لِحَقِّ اللَّهِ فِي ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِغَيْرِ شُرُوطِهِ، وَذَلِكَ يَزُولُ بِوُجُودِ الْعَقْدِ الْجَدِيدِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ عَقَدَ الْحَاكِمُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ، وَانْظُرْ هَلْ لَهَا جَبْرُهُ عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أَوْ لَا تَأَمَّلَ
(قَوْلُهُ: وَلَا إنْ أَقَرَّ بِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِشَاهِدَيْنِ وَاخْتَلَى بِهَا فِي حَالِ زِيَارَتِهِ لَهَا، وَثَبَتَتْ الْخَلْوَةُ بِامْرَأَتَيْنِ مَثَلًا، وَادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَهَا وَكَذَّبَتْهُ وَطَلَّقَهَا، وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا فَلَا تَتِمُّ لَهُ تِلْكَ الرَّجْعَةُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا، وَيُحْكَمُ بِكَوْنِ الطَّلَاقِ بَائِنًا، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِلْخَلْوَةِ (قَوْلُهُ: فِي خَلْوَةِ زِيَارَةٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْخَلْوَةَ بَيْنَهُمَا ثَابِتَةٌ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَكَذَا يُقَالُ فِي خَلْوَةِ الْبِنَاءِ بَعْدُ وَقَوْلُهُ: فِي خَلْوَةِ زِيَارَةٍ أَيْ إذَا كَانَتْ الزِّيَارَةُ مِنْهُ لَهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَارَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَارَةُ مِنْهَا لَهُ فَيُصَدَّقُ إذَا أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ كَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَنْشَطُ فِي بَيْتِهِ دُونَ بَيْتِ غَيْرِهِ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي أَنَّهُمَا إذَا كَانَا زَائِرَيْنِ مِثْلَ مَا إذَا كَانَ زَائِرًا وَحْدَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَهَا كُلُّ الصَّدَاقِ بِإِقْرَارِهِ) نَقَلَ هَذَا ابْنُ نَاجِيٍّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ كَمَا فِي ح وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُكْمِلُ لَهَا حَتَّى تَرْجِعَ لِتَصْدِيقِهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ وَهُمَا الْمُشَارُ إلَيْهِمَا فِي الصَّدَاقِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارُ الرَّشِيدَةَ كَذَلِكَ أَوْ إنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا تَأْوِيلَانِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) تَعَقَّبَهُ بْن قَائِلًا اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ هَذَا وَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاَلَّذِي فِي ح مَا نَصُّهُ وَهَذَا الْقَوْلُ أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ فِي التَّوْضِيحِ هُنَا وَذَكَرَ فِي الْعُمْدَةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَقَطْ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الزِّيَارَةِ وَالِاهْتِدَاءِ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ أَيْضًا اهـ فَلَمْ يَذْكُرْ ح تَرْجِيحًا وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَصِحُّ إذَا أَقَرَّ بِالْوَطْءِ فِي خَلْوَةِ الْبِنَاءِ لَا الزِّيَارَةِ اهـ كَلَامُ بْن وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الشَّامِلِ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخَلْوَتَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رَجَحَ
(قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتهَا) أَيْ فَلَا يَكُونُ هَذَا رَجْعَةً الْآنَ وَلَا غَدًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَكُونُ لِأَجَلٍ) أَيْ فَكَمَا لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ فِي نِكَاحٍ كَمَا تَقُولُ: اعْقِدْ لِي عَلَى بِنْتِك الْآنَ، وَحِلِّيَّةُ الْوَطْءِ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْغَدِ لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ فِي الرَّجْعَةِ كَأَنْ يَقُولَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا (قَوْلُهُ: وَلِاحْتِيَاجِهَا لِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ) أَيْ لِلْقَوْلِ أَوْ لِلْفِعْلِ أَيْ وَلَا نِيَّةَ هُنَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا قَبْلَ الْغَدِ) هَذَا التَّفْرِيعُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا قَبْلَ الْغَدِ حُكْمُ مَنْ لَمْ تُرَاجَعْ فَحَقُّهُ فِي الرَّجْعَةِ حِينَئِذٍ بَاقٍ فَإِذَا وَطِئَهَا، وَهُوَ يَرَى أَنَّ رَجْعَتَهُ صَحِيحَةٌ فَقَدْ قَارَنَ فِعْلُهُ نِيَّتَهُ فَكَيْفَ لَا يَكُونُ رَجْعَةً اهـ بْن (قَوْلُهُ: قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ) أَيْ بِأَنْ وَلَدَتْ أَوْ نَزَلَ عَلَيْهَا الدَّمُ الثَّالِثُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ مِنْهُمَا لِعَبْدِ الْحَقِّ وَالثَّانِي لِابْنِ مُحْرِزٍ
(قَوْلُهُ: لَا تَكُونُ إلَّا بِنِيَّةٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ) أَيْ إلَّا بِنِيَّةٍ تَحْدُثُ بَعْدَ الطَّلَاقِ السَّابِقِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ كَإِنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ فَهِيَ طَالِقٌ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَنَّ الطَّلَاقَ حَقٌّ عَلَى الرَّجُلِ أَيْ حَقٌّ يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ، وَالرَّجْعَةُ حَقٌّ لَهُ فَالْحَقُّ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْزَمُ بِالْتِزَامِهِ، وَالْحَقُّ الَّذِي لَهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ، وَلَوْ أَشْهَدَ بِهِ
(بِخِلَافِ) الزَّوْجَةِ (ذَاتِ الشَّرْطِ) أَيْ الَّتِي شَرَطَ لَهَا الزَّوْجُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ تَسَرَّى أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ بَيْتِ أَبِيهَا (تَقُولُ) قَبْلَ حُصُولِ مَا ذَكَرَ (إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته) فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا وَلَيْسَ لَهَا الِانْتِقَالُ إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَقَامَهَا مَقَامَهُ فِي تَمْلِيكِهِ إيَّاهَا مَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ نَحْوَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَكَذَلِكَ هِيَ، وَهَذَا يُفِيدُ - كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ - لُزُومَ مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ الطَّلَاقِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ اخْتِيَارِ زَوْجِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ
وَلَمَّا ذَكَرَ الْمَوَاضِعَ الَّتِي لَا تَصِحُّ فِيهَا الرَّجْعَةُ ذَكَرَ مَا تَصِحُّ فِيهِ بِقَوْلِهِ (وَصَحَّتْ رَجَعْته إنْ قَامَتْ) لَهُ (بَيِّنَةٌ) بَعْدَ الْعِدَّةِ (عَلَى إقْرَارِهِ) بِالْوَطْءِ فِيهَا أَيْ أَوْ بِالتَّلَذُّذِ بِهَا فِيهَا، وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ (أَوْ) عَلَى مُعَايَنَةِ (تَصَرُّفِهِ) لَهَا (وَمَبِيتِهِ) عِنْدَهَا (فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ وَادَّعَى الرَّجْعَةَ بِهَا، وَأَمَّا شَهَادَتُهَا عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُعَايَنَةٍ لِمَا ذَكَرَ فَلَا يُعْمَلُ بِهَا ثُمَّ إنْ أَرَادَ بِالتَّصَرُّفِ التَّصَرُّفَ الْخَاصَّ بِالْأَزْوَاجِ كَأَكْلٍ مَعَهَا وَغَلْقِ بَابٍ عَلَيْهَا دُونَ أَحَدٍ مَعَهُمَا فَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ إذْ يَكْفِي أَحَدُهُمَا، وَإِنْ أَرَادَ الْعَامَّ كَشِرَاءِ نَفَقَةٍ وَفَاكِهَةٍ مِنْ السُّوقِ وَبَعْثِهَا لَهَا كَانَتْ الْوَاوُ عَلَى حَقِيقَتِهَا لَكِنْ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ مُعَايَنَةَ الْمَبِيتِ وَحْدَهَا تَكْفِي فِي تَصْدِيقِهِ فَأَوْلَى إذَا انْضَمَّ إلَيْهَا التَّصَرُّفُ الْعَامُّ
(أَوْ قَالَتْ) الْمُطَلَّقَةُ عِنْدَ قَصْدِهِ ارْتِجَاعَهَا أَنَا (حِضْت ثَالِثَةً) فَلَا رَجْعَةَ لَك عَلَيَّ (فَأَقَامَ) الزَّوْجُ (بَيِّنَةً) شَهِدَتْ (عَلَى قَوْلِهَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ هَذَا الْقَوْلِ (بِمَا يُكَذِّبُهَا) بِأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا قَالَتْ: لَمْ أَحِضْ أَصْلًا أَوْ لَمْ أَحِضْ ثَالِثَةً وَلَيْسَ بَيْنَ قَوْلَيْهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ فِيهِ فَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ رَجَعَتْ لِتَصْدِيقِهِ
(أَوْ أَشْهَدَ) الزَّوْجُ (بِرَجْعَتِهَا) فِي الْعِدَّةِ (فَصَمَتَتْ) يَوْمًا أَوْ بَعْضَهُ (ثُمَّ قَالَتْ كَانَتْ) عِدَّتِي قَدْ (انْقَضَتْ) قَبْلَ إشْهَادِكَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَقِيلَ: إنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُسْتَوِيَتَانِ فِي لُزُومِ مَا أَوْقَعَتَاهُ قَبْلَ حُصُولِ سَبَبِ خِيَارِهِمَا وَهُوَ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ وَقِيلَ إنَّهُمَا مُسْتَوِيَتَانِ فِي عَدَمِ لُزُومِ مَا أَوْقَعَتَاهُ قَبْلَ حُصُولِ سَبَبِ خِيَارِهِمَا وَهُوَ لِلْبَاجِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ مَعَ فَضْلٍ عَنْ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَى فِعْلِهِ أَمْرُهَا بِيَدِهَا، وَأَمَّا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ فَلَا خِيَارَ لَهَا اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي يُحْكَى عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ سَأَلَ فِيهَا مَالِكًا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ ذَاتِ الشَّرْطِ وَالْأَمَةِ فَقَالَ لَهُ: أَتَعْرِفُ دَارَ أَبِي قُدَامَةَ وَكَانَتْ دَارًا يَلْعَبُ فِيهَا الْأَحْدَاثُ بِالْحَمَامِ مُعَرِّضًا لَهُ بِقِلَّةِ التَّحْصِيلِ فِيمَا سَأَلَ عَنْهُ وَتَوْبِيخًا لَهُ عَلَى تَرْكِ إعْمَالِ نَظَرِهِ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَا يَسْأَلَ إلَّا عَنْ أَمْرٍ مُشْكِلٍ اهـ اُنْظُرْ بْن قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: وَالْإِنْصَافُ أَنَّ سُؤَالَهُ وَارِدٌ؛ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاتِّحَادِهِمَا فِي الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ اخْتِيَارَ الْأَمَةِ قَبْلَ الْعِتْقِ فِعْلٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ لَهَا بِالشَّرْعِ وَأَمَّا ذَاتُ الشَّرْطِ فَاخْتِيَارُهَا لِمَا اخْتَارَتْهُ فِعْلٌ لِلشَّيْءِ بَعْدَ وُجُوبِهِ لَهَا بِالتَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ لَا مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ اخْتِيَارِ زَوْجِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُقِمْهَا مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَقَامَهَا مَقَامَهُ فِي الطَّلَاقِ فَإِذَا قَالَتْ: إنْ فَعَلَ زَوْجِي مَا ذَكَرَ فَقَدْ اخْتَرْتُهُ ثُمَّ فَعَلَ فَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ وَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ الْفِرَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ادَّعَى أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ وَطِئَهَا أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا، وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِذَلِكَ الرَّجْعَةَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الرَّجْعَةَ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ حِينَئِذٍ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ قَدْ عُلِمَتْ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ، وَحَيْثُ كَانَتْ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ مَعَ دَعْوَاهُ أَنَّهُ نَوَى بِهَا الرَّجْعَةَ فَلَوْ دَخَلَ عَلَى مُطَلَّقَةٍ وَبَاتَ عِنْدَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ ارْتَجَعَهَا فَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الرَّجْعَةُ وَلَا تَرِثُهُ، وَلَا يَلْزَمُهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُ احْتِمَالًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ قِيَامَ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّجْعَةِ فِي الْعِدَّةِ تَصِحُّ بِهِ الرَّجْعَةُ وَهُوَ وَإِنْ صَحَّ فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّ النَّصَّ عَلَيْهِ قَلِيلُ الْجَدْوَى لِكَوْنِهِ جَلِيًّا فَالصَّوَابُ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مُعَايَنَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَقَامَ بَعْدَ الْعِدَّةِ بَيِّنَةً مِنْ الرِّجَالِ تَشْهَدُ عَلَى مُعَايَنَةٍ إلَخْ وَإِنَّمَا قُلْنَا: مِنْ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ هُنَا لَا تَنْفَعُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ رَجْعَتَهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ، وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى الرَّجْعَةَ بِهَا) أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِذَلِكَ رَجْعَتَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ) أَيْ عَلَى إقْرَارِهِ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ يَبِيتُ عِنْدَهَا وَيَتَصَرَّفُ لَهَا (قَوْلُهُ: فَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ) وَبِأَوْ عَبَّرَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لِإِرَادَتِهِمْ التَّصَرُّفَ الْخَاصَّ بِالْأَزْوَاجِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ الْعَامَّ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي لَا يَخْتَصُّ بِالْأَزْوَاجِ (قَوْلُهُ: كَانَتْ الْوَاوُ عَلَى حَقِيقَتِهَا) وَبِالْوَاوِ عَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِإِرَادَةِ التَّصَرُّفِ الْعَامِّ الَّذِي يَقَعُ مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: تَكْفِي فِي تَصْدِيقِهِ) أَيْ إنْ نَوَى بِذَلِكَ رَجْعَتَهَا
(قَوْلُهُ فَأَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً) أَيْ مِنْ الرِّجَالِ لَا مِنْ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهَا عَلَى إقْرَارِهَا بِعَدَمِ الْحَيْضِ لَا عَلَى رُؤْيَةِ الدَّمِ حَتَّى يَكْفِيَ النِّسَاءُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَهِدَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ الَّتِي أَقَامَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ أَحِضْ ثَالِثَةً) هَكَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ بِاللَّامِ وَالْأَوْلَى ثَانِيَةً بِالنُّونِ، وَإِلَّا فَهِيَ تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بَيْنَ قَوْلَيْهَا) أَيْ قَوْلِهَا حِضْت ثَالِثَةً وَقَوْلِهَا لَمْ أَحِضْ
بِرَجْعَتِي فَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ وَتُعَدُّ نَادِمَةً وَمَفْهُومُ صَمَتَتْ أَنَّهَا لَوْ بَادَرَتْ بِالْإِنْكَارِ لَمْ يَصِحَّ إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ
(أَوْ) أَيْ وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ إنْ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِيهَا وَكَذَّبَتْهُ فَلَمْ يُصَدَّقْ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ (وَلَدَتْ) وَلَدًا كَامِلًا (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وَطْءِ الثَّانِي لَحِقَ بِالْأَوَّلِ لِظُهُورِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْهُ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي (وَرُدَّتْ) إلَى (الْأَوَّلِ بِرَجْعَتِهِ) الَّتِي ادَّعَاهَا وَلَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حِينَ الطَّلَاقِ كَانَتْ حَامِلًا، وَعِدَّةُ الْحَامِلِ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ (وَلَمْ تَحْرُمْ) الزَّوْجَةُ (عَلَى) الزَّوْجِ (الثَّانِي) تَأْبِيدًا إذَا مَاتَ الْأَوَّلُ أَوْ طَلَّقَهَا؛ لِأَنَّا لَمَّا أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي تَزَوَّجَ ذَاتَ زَوْجٍ لَا مُعْتَدَّةً
(وَإِنْ) رَاجَعَهَا وَ (لَمْ تَعْلَمْ بِهَا) أَيْ بِالرَّجْعَةِ (حَتَّى انْقَضَتْ) الْعِدَّةُ (وَتَزَوَّجَتْ أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ) الْمُرَاجَعَةَ (سَيِّدٌ فَكَالْوَلِيَّيْنِ) فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهُ رَاجَعَهَا فَاتَتْ عَلَى الْمُرَاجِعِ، وَإِلَّا فَلَا
ثُمَّ ذَكَرَ الْأَمْرَ الرَّابِعَ وَهُوَ أَحْكَامُ الْمُرْتَجَعَةِ بِقَوْلِهِ (وَالرَّجْعِيَّةُ) وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ الَّتِي يَمْلِكُ مُطَلِّقُهَا رَجْعَتَهَا (كَالزَّوْجَةِ) الْغَيْرِ الْمُطَلَّقَةِ فِي لُزُومِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالتَّوَارُثِ وَالظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (إلَّا فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْأَكْلِ مَعَهَا) وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْفَظُهَا (وَصُدِّقَتْ) الْمُطَلَّقَةُ (فِي) دَعْوَى (انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْقَرْءِ وَالْوَضْعِ) سِقْطًا أَوْ غَيْرَهُ (بِلَا يَمِينٍ) وَلَوْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا أَوْ خَالَفَهَا الزَّوْجُ فَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا تَوَارُثَ (مَا أَمْكَنَ) أَيْ مُدَّةَ إمْكَانِ تَصْدِيقِهَا (وَسُئِلَ النِّسَاءُ) إنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فِي مُدَّةٍ يَنْدُرُ انْقِضَاؤُهَا فِيهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَصْلًا أَوْ لَمْ أَحِضْ ثَانِيَةً
(قَوْلُهُ: وَتُعَدُّ نَادِمَةً) أَيْ بِقَوْلِهَا: كَانَتْ عِدَّتِي قَدْ انْقَضَتْ قَبْلَ إشْهَادِك بِرَجْعَتِي
(قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ رُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَهِيَ أَجْوَدُ مِنْ نُسْخَةِ أَوْ وَلَدَتْ؛ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا تَصِحُّ فِيهِ الرَّجْعَةُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَرُدَّتْ لِرَجْعَتِهِ حَشْوًا ثُمَّ إنَّ الْمَسْأَلَةَ يَصِحُّ تَقْرِيرُهَا بِمَا هُوَ فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فَادَّعَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ وَتَزَوَّجَتْ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ بِرَجْعَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَصِحُّ تَقْرِيرُهَا بِمَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق مِنْ أَنَّهُ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَكَذَّبَتْهُ فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ بِرَجْعَتِهِ، وَبِهَذَا قَرَّرَهَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ: رُدَّتْ لِلْأَوَّلِ بِرَجْعَتِهِ مُشْكِلٌ عَلَى هَذَا؛ إذْ الْأَوَّلُ إنَّمَا حَصَلَ مِنْهُ دَعْوَى الِارْتِجَاعِ لَا إنْشَاءُ الرَّجْعَةِ؛ إذْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ دَعْوَى الِارْتِجَاعِ نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ إنْشَاءِ الِارْتِجَاعِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ، وَالْإِنْشَاءُ لَا يَحْتَمِلُهُمَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ: رُدَّتْ لِلْأَوَّلِ بِرَجْعَتِهِ أَيْ الَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَنْشَأَهَا؛ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إنَّهَا تُرَدُّ إلَيْهِ لِقِيَامِ دَلِيلِ صِدْقِهِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ أَنْشَأَ ارْتِجَاعَهَا تَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي) أَيْ وَلِأَقَلَّ مِنْ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: بِرَجْعَتِهِ الَّتِي ادَّعَاهَا) أَيْ الَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَنْشَأَهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَمَّا أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ خش وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ تَزَوُّجَ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ يُؤَبِّدُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ وَفِي بْن أَنَّ مَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ رَجْعِيَّةً مِنْ غَيْرِهِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يَتَأَبَّدُ عَلَيْهِ تَحْرِيمُهَا كَالْبَائِنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَّلِ النِّكَاحِ
(قَوْلُهُ: فَكَالْوَلِيَّيْنِ) أَيْ فَكَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهُ) أَيْ بِأَنَّ مُطَلِّقَهَا رَاجَعَهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي عَالِمًا بِأَنَّ مُطَلِّقَهَا رَاجَعَهَا، أَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الثَّانِي إلَّا مُجَرَّدُ الْعَقْدِ لَمْ تَفُتْ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ الْأَوَّلُ عَقْدَهَا عَلَى الثَّانِي سَاكِتًا فَتَفُوتُ عَلَيْهِ، وَتَكُونُ لِلثَّانِي، وَعَقْدُهُ صَحِيحٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ حُضُورَ الْأَوَّلِ عَقْدَ الثَّانِي تَكْذِيبٌ لِبَيِّنَتِهِ الشَّاهِدَةِ بِالرَّجْعَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ قَوْلِهِ فِي الطَّلَاقِ كَبَيْعِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا، فَإِنَّ عَقْدَ الثَّانِي يُفْسَخُ، وَيُعَدُّ طَلَاقًا مِنْ الْأَوَّلِ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: الِاسْتِمْتَاعُ) أَيْ وَلَوْ بِنَظَرٍ لِشَعْرٍ أَوْ لِوَجْهٍ وَكَفَّيْنِ بِلَذَّةٍ، وَأَمَّا نَظَرُهُ لِوَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا بِلَا لَذَّةٍ فَجَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَالدُّخُولُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ الْخَلْوَةُ بِهَا وَالسُّكْنَى مَعَهَا فَقَطْ وَأَمَّا سُكْنَاهُ مَعَهَا فِي دَارٍ جَامِعَةٍ لَهُ وَلِلنَّاسِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ أَعْزَبَ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْلُ مَعَهَا) أَيْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ حَرَامٌ وَكَذَا كَلَامُهَا وَلَوْ كَانَتْ نِيَّتُهُ رَجْعَتَهَا، وَإِنَّمَا شَدَّدَ عَلَيْهِ هَذَا التَّشْدِيدَ لِئَلَّا يَتَذَكَّرَ مَا كَانَ فَيُجَامِعَهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْفَظُهَا) هَذَا رَاجِعٌ لِلْأَكْلِ مَعَهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ مَعَهَا أَدْخَلُ فِي الْمُوَادَّةِ فَمُنِعَ مِنْهُ لِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْفَظُهَا (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ وَلَوْ أَمَةً إذَا رَاجَعَهَا زَوْجُهَا فَقَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ خَالَفَهَا الزَّوْجُ إنْ كَانَ قَدْ مَضَى زَمَنٌ مَنْ طَلَاقِهَا يُمْكِنُ فِيهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِمَا ادَّعَتْ غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَلَوْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا (قَوْلُهُ: سِقْطًا أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ خِلَافًا لِلرَّجْرَاجِيِّ الْقَائِلِ لَا تُصَدَّقُ إذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ سِقْطٍ (قَوْلُهُ أَيْ مُدَّةً إلَخْ) أَيْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يُمْكِنُ تَصْدِيقُهَا فِيهَا إمْكَانًا
كَالشَّهْرِ لِجَوَازِ أَنْ يُطَلِّقَهَا أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ وَهِيَ طَاهِرٌ فَيَأْتِيهَا الْحَيْضُ وَيَنْقَطِعُ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ يَأْتِيهَا لَيْلَةَ السَّادِسَ عَشَرَ، وَيَنْقَطِعُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَيْضًا ثُمَّ يَأْتِيهَا آخِرَ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ بَعْدَ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالطُّهْرِ فِي الْأَيَّامِ وَلَك أَنْ تُلْغِزَ بِهَا فَتَقُولَ: مَا امْرَأَةٌ مَدْخُولٌ بِهَا غَيْرُ حَامِلٍ طَلُقَتْ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ، وَلَمْ يَفُتْهَا صَوْمٌ وَلَا صَلَاةٌ مِنْهُ (وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا) إذَا قَالَتْ: كُنْت كَاذِبَةً فِي قَوْلِي: قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَا تَرِثُهُ إنْ مَاتَ (وَ) لَا يُفِيدُهَا دَعْوَاهَا (أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ) مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ (وَانْقَطَعَ) قَبْلَ اسْتِمْرَارِهِ الْمُعْتَبَرِ وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهَا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ (وَلَا) يُفِيدُهَا إذَا قَالَتْ: إنِّي كَذَبْت فِي قَوْلِي حِضْت الثَّالِثَةَ أَوْ وَضَعْت (رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا) فَصَدَّقْنَهَا وَقُلْنَ لَيْسَ بِهَا أَثَرُ حَيْضٍ وَلَا وَضْعٍ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِنَّ وَقَدْ بَانَتْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا ذَلِكَ
(وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا) أَيْ الرَّجْعِيَّةِ (بَعْدُ كَسَنَةٍ) مِنْ طَلَاقِهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَادِيًا لِكَوْنِ تِلْكَ الْمُدَّةِ يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ فِيهَا غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا (قَوْلُهُ: كَالشَّهْرِ) أَيْ فَإِنْ شَهِدَتْ لَهَا أَنَّ النِّسَاءَ قَدْ يَحِضْنَ لِمِثْلِ هَذَا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ، وَهَلْ بِيَمِينٍ أَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَوْلَانِ وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَسَأَلَ النِّسَاءَ لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ: مَا أَمْكَنَ؛ لِأَنَّهَا إذَا ادَّعَتْ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ الِانْقِضَاءُ فِيهِ غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا صُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ، وَلَا حَاجَةَ لِسُؤَالِ النِّسَاءِ بَلْ هُوَ مُقْتَضٍ رَاجِعٌ لِمَا إذَا ادَّعَتْ مَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْقِضَاءُ إلَّا نَادِرًا فَإِنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا فِي مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهَا غَالِبًا وَلَا نَادِرًا لَمْ تُصَدَّقْ، وَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ.
(قَوْلُهُ لِجَوَازِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا كَانَ الشَّهْرُ يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ فِيهِ لِجَوَازِ إلَخْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضُرُّ إتْيَانُ الْحَيْضِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ فَجْرِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا قَالَتْ أَوْ لَا عِنْدَ إرَادَةِ الزَّوْجِ رَجْعَتَهَا: عِدَّتِي قَدْ انْقَضَتْ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ وَضْعٍ، وَقُلْتُمْ: إنَّهَا مُصَدَّقَةٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَإِذَا قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: كُنْت كَاذِبَةً، وَإِنَّ عِدَّتِي لَمْ تَنْقَضِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْهَا نَدَمًا وَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ (قَوْلُهُ: فَلَا تَحِلُّ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا دَاعِيَةٌ لِنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَصَدَاقٍ وَشُهُودٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُفِيدُهَا دَعْوَاهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَرَادَ رَجْعَتَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهَا رَأَتْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَقَالَتْ: كُنْت أَظُنُّ دَوَامَهُ فَانْقَطَعَ قَبْلَ اسْتِمْرَارِهِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يُفِيدُهَا ذَلِكَ، وَقَدْ بَانَتْ بِقَوْلِهَا الْأَوَّلِ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا قَالَهُ ابْنَ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَهَا الْكِسْوَةُ وَالنَّفَقَةُ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهَا، وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ: إنَّ قَبُولَ قَوْلِهَا فِيمَا عَدَا الرَّجْعَةَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْفُرُوجِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى مَا عَدَاهُ قَالَ بْن: وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لَكِنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا: إنَّهُ انْقَطَعَ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجْعَةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَمَادَ بِهَا الدَّمُ وَعَاوَدَهَا عَنْ بُعْدٍ أَيْ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ، وَأَمَّا إنْ عَاوَدَهَا عَنْ قُرْبٍ فَهَلْ الرَّجْعَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ ثَالِثَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَعَتْ الرَّجْعَةُ فِيهَا فَتَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ أَوْ لَا تَبْطُلُ تِلْكَ الرَّجْعَةُ، وَرُجُوعُ الدَّمِ عَنْ قُرْبٍ كَرُجُوعِهِ عَنْ بُعْدٍ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عِيَاضٍ، وَنَصُّ أَبِي الْحَسَنِ عِيَاضٍ: وَاخْتَلَفُوا إذَا رَاجَعَهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ هَذَا الدَّمِ وَعَدَمِ تَمَادِيهِ ثُمَّ رَجَعَ هَذَا الدَّمُ بِقُرْبٍ هَلْ هِيَ رَجْعَةٌ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَبَانَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ ثَالِثَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَعَتْ الرَّجْعَةُ فِيهَا فَتَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ رَجَعَ الدَّمُ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ أَنَّهُ حَكَى الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ بَعْدَهُمَا: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ - يَعْنِي التَّفْصِيلَ عِنْدِي - أَصْوَبُ اهـ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقُرْبَ هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ طُهْرٌ تَامٌّ، إذَا عَلِمْتَ هَذَا فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَوْلَهَا: انْقَطَعَ الدَّمُ لَا يُفِيدُ أَيْ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ لَا أَنَّهُ نَفْيٌ لِقَبُولِ قَوْلِهَا مُطْلَقًا، وَيُحْمَلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا إذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ عَنْ قُرْبٍ، وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ قَبُولُ قَوْلِهَا أَيْ مُطْلَقًا حَتَّى فِي الرَّجْعَةِ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ عَنْ بُعْدٍ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَرَادَ رَجْعَتَهَا فَقَالَتْ: حِضْت ثَالِثَةً أَوْ وَضَعْت ثُمَّ قَالَتْ: إنِّي كَذَبْتَ فِي قَوْلَيْ: حِضْت ثَالِثَةً أَوْ وَضَعْت فَرَأَى النِّسَاءُ إلَيْهَا فَصَدَّقْنَهَا وَقُلْنَ لَيْسَ بِهَا أَثَرُ حَيْضٍ وَلَا وَضْعٍ فَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُ نَفْسِهَا، وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا وَتَصْدِيقُهُنَّ لَهَا وَبَانَتْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا: حِضْتَ ثَالِثَةً أَوْ وَضَعْت إذَا كَانَ فِي مِقْدَارٍ تَحِيضُ فِيهِ النِّسَاءُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا حَيْثُ قُلْتُمْ الْمَذْهَبُ قَبُولُ قَوْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ دُونَ هَذِهِ أَنَّهَا فِي هَذِهِ قَدْ صَرَّحَتْ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهَا وَلَمْ تَسْتَنِدْ لِمَا تُعْذَرُ بِهِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَوْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ: وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا بِقَوْلِهِ: وَإِنْ رَأَتْهَا النِّسَاءُ نَقِيَّةً كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ كَالتَّتِمَّةِ لَهَا اهـ عبق
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا إلَخْ) حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ
الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ فَالْأَوْلَى حَذْفُهَا لِإِيهَامِهَا خِلَافَ الْمُرَادِ (فَقَالَتْ: لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً) أَوْ اثْنَتَيْنِ وَالْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ فَقَالَتْ لَمْ تَنْقَضِ فَأَنَا أَرِثُهُ (فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعٍ وَ) لَا (مَرِيضَةً لَمْ تُصَدَّقْ) فَلَا تَرِثُهُ، وَلَوْ وَافَقَتْ عَادَتَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ (إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ) أَيْ تُظْهِرُ عَدَمَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا وَتَكَرَّرَ مِنْهَا ذَلِكَ حَتَّى ظَهَرَ لِلنَّاسِ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينٍ، وَتَرِثُهُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْ عَامَيْنِ، وَأَمَّا الْمُرْضِعُ وَالْمَرِيضَةُ فَيُصَدَّقَانِ مُدَّتَهُمَا بِلَا يَمِينٍ ثُمَّ فَصَّلَ فِيمَا دُونَ السُّنَّةِ، وَأَنَّهَا تَارَةً تُصَدَّقُ بِيَمِينٍ وَتَارَةً بِلَا يَمِينٍ فَقَالَ:(وَحَلَفَتْ) إذَا مَاتَ قَبْلَ السَّنَةِ مِنْ طَلَاقِهَا (فِي) دَعْوَاهَا عَدَمَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَقَدْ مَضَى مِنْ وَقْتِ طَلَاقِهَا (كَالسِّتَّةِ) الْأَشْهُرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا قَبْلَ السَّنَةِ وَافَقَتْ عَادَتَهَا أَوْ خَالَفَتْ وَلَمْ تَكُنْ مُرْضِعًا وَلَا مَرِيضَةً وَلَا أَظْهَرَتْ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ (لَا) فِي (كَالْأَرْبَعَةِ) أَشْهُرٍ (وَعَشْرٍ) فَلَا تَحْلِفُ بَلْ تُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَظَاهِرُ النَّقْلِ حَلِفُهَا فَلَوْ قَالَ وَحَلَفَتْ فِيمَا دُونَ عَامٍ لَطَابَقَ النَّقْلَ مَعَ الِاخْتِصَارِ
(وَنُدِبَ) لِلزَّوْجِ (الْإِشْهَادُ) عَلَى الرَّجْعَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الطَّلَاقِ فَقَالَتْ: لَمْ أَحِضْ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ إلَى الْآنَ أَصْلًا، أَوْ لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَيْنِ وَلَمْ أَدْخُلْ فِي الثَّالِثَةِ فَلَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ أَمْرَيْنِ تَارَةً تُظْهِرُ فِي حَالِ حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا احْتِبَاسَ دَمِهَا، وَتُكَرِّرُ ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ مِنْ قَوْلِهَا، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينٍ وَتَرِثُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ وَتَارَةً لَمْ تَكُنْ تُظْهِرُهُ فِي حَالِ حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَلَا تَرِثُ لِدَعْوَاهَا أَمْرًا نَادِرًا وَالتُّهْمَةُ حِينَئِذٍ قَوِيَّةٌ وَأَمَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهَا إلَى سَنَةٍ وَادَّعَتْ عَدَمَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَتَرِثُهُ لَكِنْ بِيَمِينٍ إنْ كَانَتْ لَمْ تُظْهِرْ انْحِبَاسَ الدَّمِ حَالَ حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا، وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهَا إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ صُدِّقَتْ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ مُطْلَقًا هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعَةٍ وَلَا مَرِيضَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مُرْضِعَةً أَوْ مَرِيضَةً فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَتَرِثُهُ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ فَوْقَ الْعَامِ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ وَالرَّضَاعَ يَمْنَعَانِ الْحَيْضَ غَالِبًا فَلَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ) الْحَقُّ أَنَّهَا مُدْخِلَةٌ لِمَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ، وَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقُ مِنْ ذِكْرِ السَّنَةِ فَهُوَ فَرْضُ مِثَالٍ لَا يُخَصِّصُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَافَقَتْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا خَالَفَتْ عَادَتَهَا بَلْ، وَلَوْ وَافَقَتْهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَحَلُّ عَدَمِ تَصْدِيقِهَا بَعْدَ السَّنَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِظْهَارِ مَا لَمْ تُوَافِقْ عَادَتَهَا، وَإِلَّا صُدِّقَتْ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَالْمُرْضِعِ وَالْمَرِيضَةِ، وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَنْ كَانَتْ تُظْهِرُ احْتِبَاسَ الدَّمِ حَالَ حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا، وَمَنْ لَمْ تَكُنْ تُظْهِرُهُ هُوَ قَوْلُ الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى: إنَّهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا أَيْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ أَمْ لَا وَهَذَا الْخِلَافُ حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَا إذَا ادَّعَتْ ذَلِكَ بَعْدَ السَّنَةِ أَوْ بِقُرْبِ انْسِلَاخِهَا ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الْعَامِ أَوْ الْعَامَيْنِ فَلَا يَنْبَغِي أَنَّهَا تُصَدَّقُ إلَّا أَنْ تَكُونَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ قَالَ طفي وَحَيْثُ جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَيْدِ الْإِظْهَارِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلسَّنَةِ فَفِي حَمْلِهِ عَلَيْهَا نَظَرٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَيَكُونَ بِمَفْهُومِهِ جَارِيًا عَلَى مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى فَيَنْتَفِيَ عَنْهُ الِاعْتِرَاضُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَيْ تُظْهِرُ عَدَمَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) أَيْ تُظْهِرُ احْتِبَاسَ دَمِهَا وَأَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ (قَوْلُهُ: وَتَكَرَّرَ مِنْهَا ذَلِكَ إلَخْ) لَمْ يَكُنْ فِي الرِّوَايَةِ تَكَرُّرٌ، وَإِنَّمَا فِيهَا تَذَكُّرُ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (قَوْلُهُ فَيُصَدَّقَانِ مُدَّتَهُمَا) أَيْ فَيُصَدَّقَانِ فِي دَعْوَى عَدَمِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّعْوَى فِي مُدَّتِهِمَا أَيْ الْمَرَضِ وَالرَّضَاعِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَرِيضَةً أَوْ مُرْضِعَةً فِي كُلِّ الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهَا - فِي هَذِهِ الْحَالَةِ - عَدَمَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ سَنَةً فَأَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً أَوْ مُرْضِعَةً فِي بَعْضِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَادَّعَتْ عَدَمَ الِانْقِضَاءِ بَعْدَ الْفِطَامِ وَبَعْدَ زَوَالِ الْمَرَضِ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ حُكْمَ الْمُرْضِعِ بَعْدَ الْفِطَامِ كَاَلَّتِي لَا تُرْضِعُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ مَعَ الرَّضَاعِ لَيْسَ بِرِيبَةٍ اتِّفَاقًا وَحِينَئِذٍ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينٍ بَعْدَ الْفِطَامِ بِسَنَةٍ فَأَكْثَرَ إذَا كَانَتْ تُظْهِرُهُ فِي حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا، وَمِثْلُهَا الْمَرِيضَةُ إذَا ادَّعَتْ عَدَمَ الِانْقِضَاءِ وَاحْتِبَاسَ الدَّمِ بَعْدَ الْمَرَضِ بِسَنَةٍ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ لَا تُظْهِرُهُ لَا تُصَدَّقُ، وَلَوْ بِيَمِينٍ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ بَعْدَ الْفِطَامِ بِأَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينٍ.
(قَوْلُهُ: عَدَمَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) أَيْ لِاحْتِبَاسِ الدَّمِ (قَوْلُهُ: وَعَشْرٍ) أَيْ عَشْرِ لَيَالٍ وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَأَرْبَعَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُدْخِلَةٌ لِمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ لِلسِّتَّةِ، وَالْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ لَا فِي كَالْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَلَيْهَا مُؤَاخَذَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي الْكَافِيَةِ
وَإِنْ تُعَرِّفْ ذَا إضَافَةٍ فَمَعْ
…
آخَرَ اجْعَلْ أَلْ وَغَيْرُ ذَا امْتَنَعْ
وَهَذَا مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَيُدْخِلُونَ أَلْ عَلَى كُلٍّ مَنْ الْجُزْأَيْنِ قَالَ الرَّضِيُّ: وَنَقَلَ السِّيرَافِيُّ جَوَازَ دُخُولِهَا عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ نَحْوَ الْأَلْفِ دِينَارٍ اهـ
(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ
(وَأَصَابَتْ مَنْ مَنَعَتْ) نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ (لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ الْإِشْهَادِ فَتُثَابُ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِ رُشْدِهَا، وَالْمُعْتَبَرُ إشْهَادُ غَيْرِ سَيِّدِهَا وَوَلِيِّهَا (وَشَهَادَةُ السَّيِّدِ) وَالْوَلِيِّ (كَالْعَدَمِ)
وَلَمَّا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ الطَّلَاقِ الْمُتْعَةُ بَيَّنَ أَحْكَامَهَا بِقَوْلِهِ (وَ) نُدِبَتْ (الْمُتْعَةُ) وَهِيَ مَا يُعْطِيهِ الزَّوْجُ، وَلَوْ عَبْدًا لِزَوْجَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ زِيَادَةً عَلَى الصَّدَاقِ لِجَبْرِ خَاطِرِهَا (عَلَى قَدَرِ حَالِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] (بَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ تَرْجُو الرَّجْعَةَ فَلَا كَسْرَ عِنْدَهَا وَلِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَهَا قَبْلَهَا ثُمَّ ارْتَجَعَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِهَا (أَوْ) إلَى (وَرَثَتِهَا) إنْ مَاتَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمَيْنِ الدَّفْعَ لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا قَوْلُهُ: (كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ) طَلَاقًا بَائِنًا (فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ) وَلَوْ لَزِمَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالطَّوْلِ (لَا فِي فَسْخٍ) مُحْتَرَزُ مُطَلَّقَةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَالَ بِوُجُوبِهِ (قَوْلُهُ وَأَصَابَتْ) أَيْ فَعَلَتْ صَوَابًا أَيْ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: مَنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ) أَيْ بَعْدَ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: فَتُثَابُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ وَلَا تَكُونُ بِذَلِكَ عَاصِيَةً لِزَوْجِهَا فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ) أَيْ فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ السَّيِّدِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ (قَوْلُهُ وَالْوَلِيِّ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلسَّيِّدِ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْوَلِيِّ كَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ: كَالْعَدَمِ) أَيْ فَلَا يَحْصُلُ الْمَنْدُوبُ بِإِشْهَادِهِمَا لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ وَادَّعَى الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ وَشَهِدَ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْوَلِيُّ مَعَ غَيْرِهِ كَانَتْ الشَّهَادَةُ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ فِي الْوَلِيِّ بَيْنَ الْمُجْبِرِ وَغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: وَنُدِبَتْ الْمُتْعَةُ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقْضَى بِهَا وَلَا تُحَاصَصُ بِهَا الْغُرَمَاءُ؛ إذْ لَا يُقْضَى بِمَنْدُوبٍ، وَلَا يُحَاصَصُ بِهِ الْغُرَمَاءُ، وَقِيلَ: إنَّهَا وَاجِبَةٌ إنْ قُلْتَ: إنَّ حَقًّا وَعَلَى فِي الْآيَةِ يَقْتَضِيَانِ الْوُجُوبَ، قُلْت: الْمُرَادُ بِالْحَقِّ الثَّابِتُ الْمُقَابِلُ لِلْبَاطِلِ وَالْمَنْدُوبُ وَالْأَمْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ عَلَى لِلنَّدَبِ بِقَرِينَةِ التَّقْيِيدِ بِالْمُحْسِنِينَ وَالْمُتَّقِينَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَاتِ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِمَا (قَوْلُهُ: لِجَبْرِ خَاطِرِهَا) أَيْ مِنْ الْأَلَمِ الْحَاصِلِ لَهَا بِسَبَبِ الْفِرَاقِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّدْبَ مُعَلَّلٌ بِمَا ذَكَرَ وَفِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ عَنْ ابْنِ سَعْدُونٍ: قَوْلُهُمْ: الْمُتْعَةُ لِلتَّسَلِّي وَجَبْرِ الْخَاطِرِ فِيهِ اعْتِرَاضٌ؛ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ قَدْ تَزِيدُهَا أَسَفًا عَلَى زَوْجِهَا بِتَذَكُّرِهَا حُسْنَ عِشْرَتِهِ وَكَرِيمَ صُحْبَتِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا شَرْعٌ غَيْرُ مُعَلَّلٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يُمَتِّعْهَا حَتَّى مَاتَتْ وُرِثَتْ عَنْهَا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّسَلِّي (قَوْلُهُ عَلَى قَدْرِ إلَخْ) الْأَوْلَى وَعَلَى قَدْرِ حَالِهِ لِيُفِيدَ أَنَّهَا فِي نَفْسِهَا مَنْدُوبَةٌ، وَأَنَّ كَوْنَهَا عَلَى قَدْرِ حَالِهِ مَنْدُوبٌ آخَرُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنْ قُلْت: أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفَقَةِ حَيْثُ رُوعِيَ فِي النَّفَقَةِ حَالُهُمَا، وَفِي الْمُتْعَةِ حَالُهُ فَقَطْ، قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ انْكَسَرَ خَاطِرُهَا بِالْفِرَاقِ، وَالْفِرَاقُ جَاءَ مِنْ قَبْلِهِ فُرُوعِي فِيهَا حَالُهُ، وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ مُسْتَمِرَّةٌ فَلِمَشَقَّتِهَا رُوعِيَ فِيهَا حَالُهُمَا.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتْعَةَ تَكُونُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنًا إلَّا أَنَّهَا تُدْفَعُ لِلْبَائِنِ إثْرَ طَلَاقِهَا، وَلِلرَّجْعِيَّةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ تَرْجُو الرَّجْعَةَ فَلَا أَلَمَ عِنْدَهَا بِخِلَافِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ بِهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتَتْلَفُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ لَا يَرْجِعُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا كَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ (قَوْلُهُ: إنْ مَاتَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تُمْنَعْ؛ لِأَنَّهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ تَسْتَحِقُّهَا، وَمَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ كَانَ لِوَرَثَتِهِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهَا إلَّا بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْعِدَّةِ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يُمَتِّعَهَا، أَوْ رَدَّهَا لِعِصْمَتِهِ قَبْلَ دَفْعِهَا لَهَا سَقَطَتْ عَنْهُ بَائِنَةً كَانَتْ أَوْ رَجْعِيَّةً كَذَا فِي عبق وَالظَّاهِرُ تَخْرِيجُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ نَدْبَهَا مُعَلَّلٌ بِجَبْرِ الْخَاطِرِ أَوْ تَعَبُّدِيٌّ فَعَلَى الثَّانِي تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا وَكَانَ مَرِيضًا مَرَضًا مَخُوفًا يَوْمَ الطَّلَاقِ أُخِذَتْ مِنْهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ فِي الرَّجْعِيَّةِ وَيَوْمَ الطَّلَاقِ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أُمِرَ بِهَا لِجَبْرِ كَسْرِ الْخَاطِرِ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا وَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ طَلَبِهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا إذَا طَرَأَ الْمَرَضُ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ غَيْرُ وَارِثَةٍ (قَوْلُهُ: كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ طَلَاقًا بَائِنًا) أَيْ فَتُدْفَعُ لَهَا الْمُتْعَةُ إنْ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ لِوَرَثَتِهَا إنْ مَاتَتْ، وَالْمُرَادُ كُلُّ مُطَلَّقَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِطَلَاقِهَا وَعَلَى الثَّانِي يُسْتَثْنَى الْمُرْتَدَّةُ دُونَ الْأَوَّلِ وَبِقَوْلِ الشَّارِحِ طَلَاقًا بَائِنًا صَحَّ التَّشْبِيهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ عَاشِرٍ كَمَا فِي بْن أَنَّ فِي التَّشْبِيهِ رِكَّةُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهِ تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، وَالْعِبَارَةُ السَّلِسَةُ أَنْ لَوْ قَالَ: وَالْمُتْعَةُ عَلَى قَدَرِ حَالِهِ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ أَوْ وَرَثَتِهَا وَبَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ إلَخْ اهـ
(تَنْبِيهٌ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرْتَدَّةَ لَا مُتْعَةَ لَهَا، وَلَوْ عَادَتْ لِلْإِسْلَامِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ مُتْعَتِهَا أَيْضًا إذَا ارْتَدَّ الزَّوْجُ سَوَاءٌ عَادَ لِلْإِسْلَامِ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فِي نِكَاحٍ) هَذَا لَغْوٌ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ نِكَاحٍ لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ لَازِمٍ وَقَوْلِهِ لَازِمٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا وَلَزِمَ بِفَوَاتِهِ كَالْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ إذَا طُلِّقَ فِيهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ