الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) لَغَا (مَشْيٌ) أَيْ إتْيَانٌ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا (لِلْمَدِينَةِ) الْمُشَرَّفَةِ بِسَيِّدِ الْعَالَمِينَ (أَوْ إيلْيَاءَ) بِالْمَدِّ وَرُبَّمَا قُصِرَ، وَيُقَالُ أَيْلَةٌ كَنَخْلَةٍ بَيْتُ الْمَقْدِسِ (إنْ لَمْ يَنْوِ) أَوْ يَنْذُرْ (صَلَاةً) أَوْ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا (بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يُسَمِّهِمَا) أَيْ الْمَسْجِدَيْنِ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ أَوْ سَمَّاهُمَا لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ وَحِينَئِذٍ (فَيَرْكَبُ) ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَهَلْ) لُزُومُ الْإِتْيَانِ فِي ذَلِكَ مُطْلَقًا، وَ (إنْ كَانَ) النَّاذِرُ مُقِيمًا (بِبَعْضِهَا) فَاضِلًا أَوْ مَفْضُولًا (أَوْ) يَلْزَمُهُ (إلَّا لِكَوْنِهِ) مُقِيمًا (بِأَفْضَلَ) فَلَا يَلْزَمُهُ إتْيَانُ الْمَفْضُولِ (خِلَافٌ وَالْمَدِينَةُ) الْمُنَوَّرَةُ بِأَنْوَارِ أَفْضَلِ الْخَلْقِ (أَفْضَلُ) عِنْدَنَا مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (ثُمَّ مَكَّةُ) فَبَيْتُ الْمَقْدِسِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ السَّمَاءَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَرْضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.
دَرْسٌ (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الْجِهَادَ (الْجِهَادُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَكُونُ (فِي أَهَمِّ جِهَةٍ) فَإِنْ اسْتَوَتْ الْجِهَات خُيِّرَ الْإِمَامُ (كُلَّ سَنَةٍ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ الْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ (وَإِنْ)(خَافَ) الْمُجَاهِدُ (مُحَارِبًا) فِي طَرِيقِهِ أَوْ طَرْؤُهُ عَلَى مَالٍ أَوْ حَرِيمٍ حَالَ الِاشْتِغَالِ بِالْجِهَادِ فَلَا يَسْقُطُ الْجِهَادُ (كَزِيَارَةِ الْكَعْبَةِ) أَيْ إقَامَةِ الْمَوْسِمِ بِالْحَجِّ كُلَّ سَنَةٍ (فَرْضُ كِفَايَةٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» .
وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ لِمَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لِأَجْلِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ ن، وَكَذَا إذَا نَذَرَ إتْيَانَ ثَغْرٍ لِأَجْلِ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ لَزِمَهُ إتْيَانُهُ لَا لِاعْتِكَافٍ عَلَى مَا مَرَّ، وَأَمَّا إذَا نَذَرَ إتْيَانَ مَسْجِدٍ غَيْرَ الثَّلَاثَةِ لِأَجْلِ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ اعْتِكَافٍ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ النَّاذِرِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَقَوْلَانِ قِيلَ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ مَاشِيًا وَاسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْمَشْيِ إلَى الْمَسْجِدِ مِنْ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَأْتِ مِثْلُهُ فِي الرَّاكِبِ، وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ أَصْلًا، وَإِذَا نَذَرَ الْإِتْيَانَ لِمَسْجِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِصَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا بِبَعْضِهَا، وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ فِيهِ أَفْضَلُ فَلَا يَلْزَمُ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: وَلَغَا مَشْيٌ لِلْمَدِينَةِ أَوْ إيلْيَاءَ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ أَوْ السَّيْرَ أَوْ الذَّهَابَ لِلْمَدِينَةِ أَوْ لِإِيلِيَاء أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِمَا لَا مَاشِيًا وَلَا رَاكِبًا، وَمَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِ الْإِتْيَانِ إلَيْهِمَا إنْ لَمْ يَنْوِ أَوْ يَنْذُرَ صَلَاةً، وَلَوْ نَفْلًا أَوْ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يُسَمِّ الْمَسْجِدَيْنِ لَا الْبَلَدَيْنِ فَإِنْ نَوَى صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا فِي الْمَسْجِدَيْنِ أَوْ سَمَّاهُمَا لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَالْمَدِينَةُ أَفْضَلُ) أَيْ لِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «الْمَدِينَةُ خَيْرٌ مِنْ مَكَّةَ» نَقَلَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَحَيْثُ كَانَتْ الْمَدِينَةُ أَفْضَلَ فَيَكُونُ الثَّوَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْعَمَلِ فِي مَسْجِدِهَا مِنْ صَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَكْثَرَ مِنْ الثَّوَابِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْعَمَلِ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ.
[بَابٌ الْجِهَادَ]
(بَابٌ فِي الْجِهَادِ)(قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) ظَاهِرُهُ مَعَ الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْجُزُولِيُّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَالْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَإِذْلَالِ الْكُفْرِ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ مَعَ الْخَوْفِ وَنَافِلَةٌ مَعَ الْأَمْنِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْوَى اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ) أَيْ وَالْمَطْلُوبُ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ أَنْ يَكُونَ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَاتٍ، وَكَانَ ضَرَرُهُ فِي بَعْضِهَا أَكْثَرَ مِنْ ضَرَرِهِ فِي غَيْرِهَا فَإِنْ أَرْسَلَ الْإِمَامُ لِغَيْرِ الْأَهَمِّ أَثِمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّقَانِيِّ فَإِنْ اسْتَوَتْ الْجِهَاتُ فِي الضَّرَرِ خُيِّرَ الْإِمَامُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي يَذْهَبُ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُسْلِمِينَ كِفَايَةٌ لِجَمِيعِ الْجِهَاتِ، وَإِلَّا وَجَبَ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنْ كَانَ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ يُعَيَّنُ الْقِتَالُ فِيهَا، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ " يَكُونُ " إلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ لَا بِالْجِهَادِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ فَرْضُ كِفَايَةٍ إلَّا إذَا تَعَدَّدَتْ الْجِهَةُ، وَفِيهَا أَهَمُّ وَغَيْرُهُ وَوَقَعَ فِي الْأَهَمِّ مِنْهَا مَعَ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَلَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي جِهَةٌ وَاحِدَةٍ أَوْ جِهَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا أَهَمُّ أَوْ فِيهَا أَهَمُّ وَجَاهَدَ فِي غَيْرِهِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ التَّقْدِيرِ فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ فِي الْأَهَمِّ فَرْضُ عَيْنٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا إذَا كَانَ الْخَوْفُ فِي جِهَةٍ أَوْ جِهَاتٍ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَهَمُّ أَوْ فِيهَا وَجَاهَدَ فِي غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: كُلَّ سَنَةٍ) أَيْ بِأَنْ يُوَجِّهَ الْإِمَامُ كُلَّ سَنَةٍ طَائِفَةً وَيَزُجُّ بِنَفْسِهِ مَعَهَا أَوْ يُخْرِجَ بَدَلَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ لِيَدْعُوَهُمْ لِلْإِسْلَامِ وَيُرَغِّبَهُمْ فِيهِ ثُمَّ يُقَاتِلَهُمْ إذَا أَبَوْا مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ الْجِهَادُ) أَيْ؛ لِأَنَّ قِتَالَ الْكُفَّارِ أَهَمُّ مِنْ قِتَالِ الْمُحَارِبِينَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قِتَالُ الْمُحَارِبِينَ أَفْضَلُ مِنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ وَصَوَّبَ ابْنُ نَاجِيٍّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَفْضَلَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَأَفْضَلِيَّتِهِ عَلَيْهِ خِلَافِيَّةٌ وَالنَّظَرُ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ فَإِنْ اسْتَوَيَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ (قَوْلُهُ: أَيْ إقَامَةِ الْمَوْسِمِ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ زِيَارَتَهَا
(وَلَوْ مَعَ وَالٍ) أَيْ أَمِيرٍ (جَائِرٍ) فِي أَحْكَامِهِ ظَالِمٍ فِي رَعِيَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَادِرًا يَنْقُضُ الْعَهْدَ فَلَا يَجِبُ مَعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ (عَلَى كُلِّ حُرٍّ ذَكَرٍ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِفَرْضُ كِفَايَةٍ (كَالْقِيَامِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ) غَيْرَ الْعَيْنِيِّ، وَهِيَ الْفِقْهُ وَالتَّفْسِيرُ وَالْحَدِيثُ وَالْعَقَائِدُ، وَمَا تَوَقَّفْت عَلَيْهِ مِنْ نَحْوٍ وَتَصْرِيفٍ وَمَعَانٍ وَبَيَانٍ وَحِسَابٍ وَأُصُولٍ لَا فَلْسَفَةٍ، وَهَيْئَةٍ، وَلَا مَنْطِقٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا عَرُوضٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ بِهَا حِفْظُهَا وَإِقْرَاؤُهَا وَتَدْوِينُهَا وَتَحْقِيقُهَا (وَالْفَتْوَى) وَهِيَ الْإِخْبَارُ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِلْزَامِ (وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ (وَالْقَضَاءِ) ، وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِالْحُكْمِ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَرَفْعِ الْهَرْجِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ (وَالشَّهَادَةِ) أَدَاءً وَتَحَمُّلًا إنْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ (وَالْإِمَامَةِ) الْكُبْرَى (وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَيْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعًا بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ كُلٍّ، وَأَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى ارْتِكَابِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ مَفْسَدَةً، وَأَنْ يَظُنَّ الْإِفَادَةَ.
وَالْأَوَّلَانِ شَرْطَانِ لِلْجَوَازِ فَيَحْرُمُ عِنْدَ فَقْدِهِمَا وَالثَّالِثُ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ فَيَسْقُطُ عِنْدَ عَدَمِ ظَنِّ الْإِفَادَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَمُرْتَكِبُهُ يَرَى تَحْرِيمَهُ لَا إنْ كَانَ يَرَى حِلَّهُ أَوْ يُقَلِّدُ مَنْ يَقُولُ بِالْحِلِّ (وَالْحِرَفِ الْمُهِمَّةِ) أَيْ الَّتِي بِهَا صَلَاحُ النَّاسِ، وَإِقَامَةُ مَعَاشِهِمْ كَالْخِيَاطَةِ وَالنَّجَّارَةِ وَالْحِيَاكَةِ وَالْفِلَاحَةِ لَا كَقَصْرِ ثَوْبٍ وَنَقْشٍ وَطَرْزٍ (وَرَدِّ السَّلَامِ) ، وَلَوْ مِنْ قَارِئِ قُرْآنٍ وَآكِلٍ أَوْ مُصَلٍّ لَكِنْ بِالْإِشَارَةِ، وَلَا يَطْلُبُ بِالرَّدِّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا وَكَذَا يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى مُلَبٍّ وَمُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ لَكِنْ بَعْدَ الْفَرَاغِ إنْ بَقِيَ الْمُسْلِمُ لَا عَلَى قَاضِي حَاجَةٍ وَوَاطِئٍ، وَلَا عَلَى مُسْتَمِعِ خُطْبَةٍ كَشَابَّةٍ (وَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ) وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ (وَفَكِّ الْأَسِيرِ) ، وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يُفَكُّ بِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِي مَالِهِ.
(وَتَعَيَّنَ) الْجِهَادُ (بِفَجْءِ الْعَدُوِّ) عَلَى قَوْمٍ (وَإِنْ) تَوَجَّهَ الدَّفْعُ (عَلَى امْرَأَةٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِطَوَافٍ فَقَطْ أَوْ عُمْرَةٍ، وَأَفْرَدَ هَذَا عَنْ نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ لِمُشَارَكَتِهِ لِلْجِهَادِ فِي الْوُجُوبِ كُلَّ سَنَةٍ بِخِلَافِ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ لَا فِي كُلِّ سَنَةٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فَرْضِيَّةَ إقَامَةِ الْمَوْسِمِ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الشَّعِيرَةِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظُوا فَرْضَ الْكِفَايَةِ نَعَمْ ثَوَابُ الْفَرْضِ يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّتِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ وَالٍ جَائِرٍ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُغَازِي مَعَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ غَادِرًا يَنْقُضُ الْعَهْدَ) أَيْ وَلَوْ مَعَ كَافِرٍ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ حُرٍّ إلَخْ) هَذَا يَشْمَلُ الْكَافِرَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ بِأَنْ يَقْتُلَ غَيْرَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَيْفَ يَكُونُ الْجِهَادُ وَاجِبًا عَلَى الْكَافِرِ وَقَدْ عَدَّ ابْنُ رُشْدٍ الْإِسْلَامَ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ. اهـ. بْن، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَرِدُ هَذَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ رُشْدٍ الْوُجُوبُ الَّذِي يُطَالَبُ بِسَبَبِهِ الْإِمَامُ وَوُلَاةُ الْأُمُورِ، وَالْكُفَّارُ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ وَإِنْ قُلْنَا بِخِطَابِهِمْ بِالْفُرُوعِ وَأَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَلَيْهَا عَذَابًا زَائِدًا عَلَى عَذَابِ الْكُفَّارِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْفِقْهُ) أَيْ الْعُلُومُ الشَّرْعِيَّةُ غَيْرُ الْعَيْنِيِّ الْفِقْهِ إلَخْ.
وَأَمَّا الْوَاجِبُ الْعَيْنِيُّ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي مَعْرِفَةِ بَابٍ مُعَيَّنٍ بَلْ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ لَا يَقْدُمَ عَلَى أَمْرٍ مِنْ طَهَارَةٍ وَصَلَاةٍ وَغَيْرِهِمَا حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ، وَلَوْ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) فَقَدْ نَهَى عَنْ قِرَاءَتِهِ الْبَاجِيَّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَعِيَاضٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ تَعَلُّمِهِ لِتَوَقُّفِ الْعَقَائِدِ عَلَيْهِ وَتَوَقُّفِ إقَامَةِ الدِّينِ عَلَيْهَا وَرَدَّ ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ عَقَائِدِ الدِّينِ إلَّا الْعَقِيدَةُ الَّتِي يُشَارِكُ فِيهَا الْعَوَامُّ وَإِنَّمَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُمْ بِصِفَةِ الْمُجَادَلَةِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ الْإِخْبَارُ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِلْزَامِ) لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْقِيَامِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ بِإِطْعَامِ جَائِعٍ وَسِتْرِ عَوْرَةٍ حَيْثُ لَمْ تَفِ الصَّدَقَاتُ وَلَا بَيْتُ الْمَالِ بِذَلِكَ، وَبِالْمُعَاوَنَةِ عَلَى رَدِّ مَا أَخَذَهُ اللِّصُّ لِصَاحِبِهِ، وَبِرَدِّ الظَّالِمِ عَلَى الْمَظْلُومِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِخْبَارُ) فِيهِ نَظَرٌ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْقَضَاءَ إنْشَاءُ الْإِخْبَارِ بِالْحُكْمِ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ (قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ كُلٍّ) أَيْ مِنْ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا وَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَظُنَّ الْإِفَادَةَ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَنَّ الْإِفَادَةِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ التَّأْدِيَةِ إلَى مُنْكَرٍ أَكْبَرَ مِنْهُ لَكِنَّ ثَمَرَةَ التَّعْدَادِ تَظْهَرُ عِنْدَ اخْتِلَالِ الْقُيُودِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَّ الثَّانِي يَحْرُمُ، وَإِذَا اخْتَلَّ الثَّالِثُ يَجُوزُ أَوْ يُنْدَبُ (قَوْلُهُ: وَآكِلٍ) الَّذِي ذَكَرَهُ ح فِي بَابِ الْأَذَانِ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْآكِلِ، وَلَا يَرِدُ اُنْظُرْهُ، وَذَكَرَ عج أَنَّ السَّلَامَ كَمَا يُطْلَبُ مِنْ الْقَادِمِ يُطْلَبُ مِنْ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا السَّلَامُ عَلَى الْكُفَّارِ فَإِنْ سَلَّمُوا عَلَيْنَا بِإِخْلَاصٍ وَجَبَ عَلَيْنَا الرَّدُّ. (قَوْلُهُ: كَشَابَّةٍ) أَيْ سَلَّمَ عَلَيْهَا بَالِغٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهَا الرَّدُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ لَا يَحْصُلُ لَهُمْ ضَرَرٌ بِذَلِكَ، وَإِلَّا ارْتَكَبَ أَخَفَّ الضَّرَرَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَجَّهَ الدَّفْعُ عَلَى امْرَأَةٍ وَرَقِيقٍ) فِيهِ إنْ تَوَجَّهَ الدَّفْعُ هُوَ عَيْنُ فَرْضِيَّةِ الْجِهَادِ عَلَيْهِمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَتَوَجَّهَ الدَّفْعُ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ التَّوَجُّهُ عَلَى امْرَأَةٍ وَهَذَا غَيْرُ مَعْقُولٍ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَى امْرَأَةٍ مُبَالَغَةً فِي مَحْذُوفٍ، وَالْمَعْنَى: وَتَعَيَّنَ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْأَحَدُ امْرَأَةً، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا قَالَ الْجُزُولِيُّ: وَيُسْهَمْ إذْ ذَاكَ لِلْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ
وَرَقِيقٍ (وَ) تَعَيَّنَ (عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ إنْ عَجَزُوا) عَنْ كَفِّ الْعَدُوِّ بِأَنْفُسِهِمْ (وَ) تَعَيَّنَ أَيْضًا (بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ) شَخْصًا، وَلَوْ امْرَأَةً وَعَبْدًا (وَسَقَطَ) الْجِهَادُ بَعْدَ التَّعْيِينِ كَمَا لَا يَجِبُ ابْتِدَاءً (بِمَرَضٍ وَصِبًا وَجُنُونٍ، وَعَمًى، وَعَرَجٍ وَأُنُوثَةٍ وَعَجْزٍ عَنْ) تَحْصِيلِ شَيْءٍ (مُحْتَاجٍ لَهُ) مِنْ سِلَاحٍ وَنَفَقَةٍ ذَهَابًا، وَإِيَابًا (وَرِقٍّ) ، وَلَوْ بِشَائِبَةِ إنْ لَمْ يُعَيَّنَ كَمَا مَرَّ (وَدَيْنٍ حَلَّ) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ، وَإِلَّا خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ (كَوَالِدَيْنِ) أَيْ كَالسُّقُوطِ بِمَنْعِ أَحَدِ وَالِدَيْنِ دَنِيَّةً شَفَقَةٍ (فِي) كُلِّ (فَرْضِ كِفَايَةٍ) ، وَلَوْ عِلْمًا كِفَائِيًّا فَلَا يَخْرُجُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا حَيْثُ كَانَ فِي بَلَدِهِ مَنْ يُفِيدُ، وَإِلَّا خَرَجَ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا إنْ كَانَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ (بِبَحْرٍ أَوْ) بَرٍّ (خَطِرٍ) بِكَسْرِ الطَّاءِ إلَّا الْجِهَادَ فَلَهُمَا الْمَنْعُ مِنْهُ وَلَوْ بِبَرٍّ آمِنٍ، وَإِلَّا الْعِلْمَ الْكِفَائِيَّ فَلَا يَمْنَعَانِهِ إذَا خَلَا مَحَلُّهُمَا عَمَّنْ يَقُومُ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِأَنَّ الْجِهَادَ صَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا حَيْثُ لَمْ يَفْجَأْهُمْ الْعَدُوُّ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَلِذَا لَا يُسْهَمُ لَهُمْ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَرَقِيقٍ) ، وَكَذَا صَبِيٌّ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْقِتَالِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ) أَيْ وَتَعَيَّنَ عَلَى مَنْ بِمَكَانٍ مُقَارِبٍ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ إنْ عَجَزَ مَنْ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ عَنْ الدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَمَحَلُّ التَّعْيِينِ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ إنْ لَمْ يَخْشَوْا عَلَى نِسَائِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ مِنْ عَدُوٍّ بِتَشَاغُلِهِمْ بِمُعَاوَنَةِ مَنْ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ، وَإِلَّا تَرَكُوا إعَانَتَهُمْ.
(قَوْلُهُ: وَبِتَعْيِينِ الْإِمَامِ) أَيْ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ لِلْجِهَادِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا مُطِيقًا لِلْقِتَالِ أَوْ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا أَوْ وَلَدًا أَوْ مَدِينًا، وَيَخْرُجُونَ وَلَوْ مَنَعَهُمْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ وَرَبُّ الدَّيْنِ وَالْمُرَادُ بِتَعْيِينِهِ عَلَى الصَّبِيِّ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ وَبِتَعْيِينِ الْإِمَامِ إلْجَاؤُهُ عَلَيْهِ وَجَبْرُهُ عَلَيْهِ كَمَا يَلْزَمُ بِمَا فِيهِ إصْلَاحُ حَالِهِ لَا بِمَعْنَى عِقَابِهِ عَلَى تَرْكِهِ كَذَا ذَكَرَ طفى فَلَا يُقَالُ إنَّ تَوَجُّهَ الْوُجُوبِ لِلصَّبِيِّ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْرَأَةً، وَعَبْدًا) أَيْ أَوْ صَبِيًّا مُطِيقًا لِلْقِتَالِ كَمَا فِي النَّوَادِرِ كَذَا فِي عبق (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّعْيِينِ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ مَحَلَّةَ قَوْمٍ، وَهَذَا خَارِجٌ مَخْرَجَ الْمُبَالَغَةِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَسَقَطَ بِمَرَضٍ وَجُنُونٍ إلَخْ، وَلَوْ طَرَأَ ذَلِكَ بَعْدَ التَّعْيِينِ، وَالسُّقُوطُ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَانِعِ الطَّارِئِ كَالْمَرَضِ وَالْجُنُونِ وَالْعَمَى وَالْعَرَجِ وَالْعَجْزِ عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَفِي مَجَازِهِ إذَا كَانَ الْمَانِعُ غَيْرَ طَارِئٍ كَالصِّبَا وَالْأُنُوثَةِ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِمَا أَوَّلًا حَتَّى يَسْقُطَ فَالسُّقُوطُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا بِمَعْنَى عَدَمِ اللُّزُومِ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَلَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ وَالْأُنْثَى، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعَيَّنَا أَوْ عُيِّنَا غَيْرَ مُطِيقَيْنِ، وَإِلَّا لَزِمَهُمَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِ إلَخْ) أَيْ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى اخْتِلَافُ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا اخْتَلَفَ سَقَطَ الْوُجُوبُ وَسَوَاءٌ كَانَ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ أَوْ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ مَحَلَّهُ كَمَا فِي النَّفْرَاوِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ) أَيْ بِبَيْعِ مَا عِنْدَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا فِي زَمَانٍ يَلْزَمُ عَلَى انْقِضَائِهِ فَوَاتُ الْجَيْشِ لَهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إدْرَاكِهِ بَعْدَ سَفَرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ) أَيْ: وَإِلَّا يَقْدِرُ عَلَى وَفَائِهِ أَوْ كَانَ غَيْرَ حَالٍّ وَلَا يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ، فَإِنْ حَلَّ فِي غَيْبَتِهِ وَعِنْدَهُ مَا يُوَفِّي مِنْهُ وَكُلُّ مَنْ يَقْضِيهِ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: كَوَالِدَيْنِ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي السُّقُوطِ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَمَنْعِ وَالِدَيْنِ دَنِيَّةً أَيْ وَسَقَطَ الْجِهَادُ بِسَبَبِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَسْقُطُ كُلُّ فَرْضِ كِفَايَةٍ بِمَنْعِ الْوَالِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ سُكُوتِ الْآخَرِ أَوْ إجَازَتِهِ عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: بِبَحْرٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْ كَوَالِدَيْنِ فِي كُلِّ فَرْضٍ إذَا كَانَ السَّفَرُ لِتَحْصِيلِهِ فِي بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ خَطِرٍ.
وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كُلَّ فَرْضِ كِفَايَةٍ لِلْوَالِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا الْمَنْعُ مِنْهُ إذَا كَانَ السَّفَرُ لِتَحْصِيلِهِ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ الْخَطِرِ لَا إنْ كَانَ فِي بَرٍّ آمِنٍ قَالَ الشَّارِحُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْجِهَادُ فَإِنَّ لَهَا مَنْعَ الْوَلَدِ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ لَهُ فِي بَرٍّ آمِنٍ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا طَلَبُ الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ إذَا خَلَا مَحَلُّهُمَا عَمَّنْ يُفِيدُهُ فَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ لَهُ مُطْلَقًا كَانَ فِي بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ خَطِرٍ أَوْ آمِنٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُفِيدُهُ فَلَهُمَا الْمَنْعُ مِنْ السَّفَرِ لَهُ مُطْلَقًا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ لِلْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا الْمَنْعَ مِنْ السَّفَرِ لِطَلَبِ الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ إنْ كَانَ فِي بَلَدِهِمَا مَنْ يُفِيدُهُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ طَرِيقَةٌ لِلطُّرْطُوشِيِّ وَنَصُّهُ: وَلَوْ مَنَعَهُ أَبَوَاهُ مِنْ الْخُرُوجِ لِلْفِقْهِ وَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ وَمَرَاتِبِهِ وَمَرَاتِبِ الْقِيَاسِ فَإِنْ كَانَ مَنْ يُفِيدُ ذَلِكَ مَوْجُودًا بِبَلَدِهِ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِإِذْنِهِمَا، وَإِلَّا خَرَجَ، وَلَا طَاعَةَ لَهُمَا فِي مَنْعِهِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ دَرَجَةِ الْمُجْتَهِدِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَاعْتَرَضَ هَذَا الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ طَاعَةَ الْأَبَوَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ لِأَجْلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّ لِلْأَبَوَيْنِ أَنْ يَمْنَعَا مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مُطْلَقًا جِهَادًا أَوْ عِلْمًا كِفَائِيًّا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَانَ السَّفَرُ لِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي الْبَرِّ الْخَطِرِ أَوْ الْمَأْمُونِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ غَازِيٍّ، وَقَالَ صَوَابُ قَوْلِهِ: بِبَحْرٍ كَتِجَارَةِ بَحْرِ أَوْ بَرٍّ خَطَرٍ لِيَصِيرَ تَشْبِيهًا فِي الْمَنْعِ، وَلَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْجِهَادِ، وَأُورِدَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَبَيْنَ التِّجَارَةِ لِمَعَاشِهِ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهَا إذَا كَانَ السَّفَرُ لَهُمَا بِبَحْرٍ أَوْ بَرٍّ خَطِرٍ لَا بِبَرٍّ آمِنٍ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَمَّا كَانَ يَقُومُ بِهِ
(لَا جَدٍّ) فَلَا مَنْعَ لَهُ (وَ) أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ (الْكَافِرُ كَغَيْرِهِ) فَلَهُ الْمَنْعُ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْجِهَادِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ بِخِلَافِ الْجِهَادِ فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ قَصْدِ تَوْهِينِ الْإِسْلَامِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُفِيدُ الشَّفَقَةَ وَنَحْوَهَا (وَدُعُوا) وُجُوبًا (لِلْإِسْلَامِ) ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ أَمْ لَا مَا لَمْ يُعَاجِلُونَا بِالْقِتَالِ، وَإِلَّا قُوتِلُوا (ثُمَّ) إنْ أَبَوْا مِنْ قَبُولِهِ دُعُوا إلَى أَدَاءِ (جِزْيَةٍ) إجْمَالًا إلَّا أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ تَفْصِيلِهَا (بِمَحَلٍّ يُؤْمَنُ) مُتَعَلِّقٌ بِالْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُجِيبُوا أَوْ أَجَابُوا وَلَكِنْ بِمَحَلٍّ لَا تَنَالهُمْ أَحْكَامُنَا فِيهِ، وَلَمْ يَرْتَحِلُوا لِبِلَادِهِمْ (قُوتِلُوا وَقُتِلُوا) أَيْ جَازَ قَتْلُهُمْ (إلَّا) سَبْعَةً (الْمَرْأَةَ) فَلَا تُقْتَلُ (إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا) فَيَجُوزُ قَتْلُهَا إنْ قَتَلَتْ أَحَدًا أَوْ قَاتَلَتْ بِسِلَاحٍ كَالرِّجَالِ وَلَوْ بَعْدَ أَسْرِهَا لَا إنْ قَاتَلَتْ بِكَرْمَيْ حَجَرٍ فَلَا تُقْتَلُ وَلَوْ حَالَ الْقِتَالِ (وَ) إلَّا (الصَّبِيَّ) الْمُطِيقَ لِلْقِتَالِ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَيَجْرِي فِيهِ مَا فِي الْمَرْأَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ.
(وَ) إلَّا (الْمَعْتُوهَ) أَيْ ضَعِيفَ الْعَقْلِ فَالْمَجْنُونُ أَوْلَى (كَشَيْخٍ فَانٍ) لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْقِتَالِ (وَزَمِنٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ عَاجِزٍ (وَأَعْمَى) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (وَرَاهِبٍ مُنْعَزِلٍ) عَنْ أَهْلِ دِينِهِ (بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ) لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَالنِّسَاءِ حَالَ كَوْنِهِمْ (بِلَا رَأْيٍ) وَتَدْبِيرٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْغَيْرُ كَانَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ التِّجَارَةِ، وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ الَّذِي لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا حَتَّى فِي الْبَرِّ الْمَأْمُونِ خُصُوصُ الْجِهَادِ، وَإِنْ غَيْرَهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَالْعِلْمِ الزَّائِدِ عَلَى الْحَاجَةِ فَهُوَ كَالتِّجَارَةِ فَلَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ لِتَحْصِيلِهِ إذَا كَانَ لَيْسَ فِي بَلَدِهِمَا مَنْ يُفِيدُهُ حَيْثُ كَانَ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ الْخَطَرِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَا جَدٍّ) عَطْفٌ عَلَى وَالِدَيْنِ أَيْ يَسْقُطُ فَرْضُ الْجِهَادِ بِمَنْعِ وَالِدَيْنِ لَا بِمَنْعِ جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ، وَإِنْ كَانَ بِرُّهُمَا وَاجِبًا فَيَسْتَرْضِيهِمَا لِيَأْذَنَا لَهُ فَإِنْ أَبَيَا خَرَجَ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ) أَيْ كَالْأَبِ الْمُسْلِمِ، وَقَوْلُهُ: فَلَهُ الْمَنْعُ فِي غَيْرِهِ أَيْ فِي كُلِّ فَرْضِ كِفَايَةٍ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِقَرِينَةٍ تُفِيدُ الشَّفَقَةَ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْجِهَادِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ لِسَحْنُونٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ وَارْتَضَاهُ اللَّقَانِيِّ وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْوَالِدَ الْكَافِرَ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ الْجِهَادِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ مَنْعَهُ كَرَاهَةُ إعَانَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ شَفَقَةٌ عَلَيْهِ، وَفِي كَبِيرِ خش لَوْ طَلَبَتْ أُمُّ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَةُ حَمْلَهَا لِلْكَنِيسَةِ هَلْ يَحْمِلُهَا أَوْ لَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ فَإِنْ طَلَبَتْ دَرَاهِمَ لِلْقِسِّيسِ فَلَا يُعْطِيهَا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَإِذَا دُعُوا أَوَّلَ الثَّالِثِ قُوتِلُوا فِي أَوَّلِ الرَّابِعِ بَعْدَ دَعْوَتِهِمْ فِيهِ لِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ وَامْتِنَاعِهِمْ وَلَا يُدْعَوْنَ لِلْإِسْلَامِ لَا فِي بَقِيَّةِ الثَّالِثِ، وَلَا فِي أَوَّلِ الرَّابِعِ.
(قَوْلُهُ: بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ) أَيْ دَعْوَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمْ لَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ إنَّهُمْ لَا يُدْعَوْنَ لِلْإِسْلَامِ أَوَّلًا إلَّا إذَا لَمْ تَبْلُغْهُمْ دَعْوَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمَّا مَنْ بَلَغَتْهُمْ فَلَا يُدْعَوْنَ إلَى الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعَاجِلُونَا بِالْقِتَالِ) أَيْ أَوْ يَكُونُ الْجَيْشُ قَلِيلًا، وَمِنْ هَذَا كَانَتْ إغَارَةُ سَرَايَاهُ عليه الصلاة والسلام (قَوْلُهُ: ثَمَّ جِزْيَةٌ) أَيْ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ.
(قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ) أَيْ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِمَا مَعْنًى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ اصْطِلَاحًا بِمَحْذُوفٍ أَيْ فَإِنْ أَجَابُوا لِذَلِكَ اكْتَفَى بِهِ مِنْهُمْ إذَا كَانُوا بِمَحَلٍّ يُؤْمَنُ غَدْرُهُمْ فِيهِ لِكَوْنِهِمْ تَنَالُهُمْ فِيهِ أَحْكَامُنَا.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُجِيبُوا) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: قُوتِلُوا) أَيْ أَخَذَ فِي قِتَالِهِمْ وَجَازَ قَتْلُهُمْ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمَرْأَةَ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا) الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ مِنْ الْوَاوِ مِنْ قُوتِلُوا وَالثَّانِي مِنْ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ أَيْ فَلَا تُقْتَلُ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا، وَفِي سَبَبِهِ أَيْ إلَّا بِسَبَبِ مُقَاتَلَتِهَا فَتُقْتَلُ حَالَ مُقَاتَلَتِهَا وَبَعْدَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُقْتَلُ إلَّا فِي حَالِ مُقَاتَلَتِهَا فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ ثَمَانِيَةَ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَقْتُلَ أَحَدًا أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تُقَاتِلَ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا إنْ تُؤْسَرَ أَوْ لَا فَإِنْ قَتَلَتْ أَحَدًا بِالْفِعْلِ جَازَ قَتْلُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَاتَلَتُهَا بِسِلَاحٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَالْحِجَارَةِ، سَوَاءٌ أُسِرَتْ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا فَإِنْ قَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ كَالرِّجَالِ جَازَ قَتْلُهَا أَيْضًا أُسِرَتْ أَمْ لَا، وَإِنْ قَاتَلَتْ بِرَمْيِ الْحِجَارَةِ فَلَا تُقْتَلُ بَعْدَ الْأَسْرِ اتِّفَاقًا، وَلَا فِي حَالَةِ الْمُقَاتَلَةِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَهَاتَانِ الْحَالَتَانِ مُسْتَثْنَاتَانِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ أَسْرِهَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ قَتْلِهَا بَعْدَ الْأَسْرِ إذَا قَتَلَتْ أَحَدًا، وَقَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى، وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تُقْتَلُ الْمَرْأَةُ إذَا أُسِرَتْ مُطْلَقًا وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ إنْ قَتَلَتْ أَحَدًا جَازَ قَتْلُهَا، وَإِلَّا فَلَا، اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الْمَرْأَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ) أَيْ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ فِي سِتَّةِ أَحْوَالٍ كَالْمَرْأَةِ، وَيَمْتَنِعُ قَتْلُهُ فِي حَالَتَيْنِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ قَتْلُهُ حَالَ الْمُقَاتَلَةِ، وَبَعْدَ أَسْرِهِ يَتَعَيَّنُ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ فِيهِ أَصْلَحَ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: فَالْمَجْنُونُ أَوْلَى) أَيْ إذَا كَانَ مُطْبَقًا فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانَا قُتِلَ (قَوْلُهُ: أَيْ عَاجِزٍ) يَعْنِي عَنْ الْقِتَالِ لِكَوْنِهِ مَرِيضًا بِإِقْعَادٍ أَوْ شَلَلٍ أَوْ فَلْجٍ أَوْ جُذَامٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَالنِّسَاءِ) أَيْ، وَأَمَّا رُهْبَانُ الْكَنَائِسِ الْمُخَالِطُونَ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَالنِّسَاءِ عِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّمَا نَهَى عَنْ قَتْلِهِمْ لِاعْتِزَالِهِمْ أَهْلَ دِينِهِمْ وَتَبَاعُدِهِمْ عَنْ مُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ لَا لِفَضْلِ تَرَهُّبِهِمْ بَلْ هُمْ أَبْعَدُ مِنْ اللَّهِ مِنْ غَيْرِهِمْ لِشِدَّةِ كُفْرِهِمْ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرَاهِبٍ، وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْقَتْلِ الرَّاهِبَةُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُقْتَلُ سَوَاءٌ اُعْتُبِرَ تَرَهُّبُهَا أَوْ أُلْغِيَ
قُيِّدَ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ (وَ) إذَا لَمْ يُقْتَلُوا (تُرِكَ لَهُمْ) مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ (الْكِفَايَةُ فَقَطْ) أَيْ مَا يَكْفِيهِمْ حَيَاتَهُمْ عَلَى الْعَادَةِ، وَقُدِّمَ مَالُهُمْ عَلَى مَالِ غَيْرِهِمْ، وَيُؤْخَذُ مَا يَزِيدُ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلَا لِلْكُفَّارِ مَالٌ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُوَاسَاتُهُمْ إنْ أَمْكَنَ (وَ) إنْ تَعَدَّى أَحَدٌ عَلَى قَتْلٍ مَنْ ذُكِرَ (اسْتَغْفَرَ) أَيْ تَابَ وُجُوبًا (قَاتِلُهُمْ) قَبْلَ حَوْزِهِمْ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ، وَكُلُّ مَنْ لَا يُقْتَلُ يَجُوزُ أَسْرُهُ إلَّا الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ بِلَا رَأْيٍ (كَمَنْ) أَيْ كَقَتْلِ مَنْ (لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ) فَلَيْسَ عَلَى قَاتِلِهِ سِوَى الِاسْتِغْفَارِ.
(وَإِنْ حِيزُوا) أَيْ مَنْ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُمْ سِوَى الرَّاهِبِ وَالرَّاهِبَةِ أَنْ صَارُوا مَغْنَمًا، وَقَتَلَهُمْ شَخْصٌ (فَقِيمَتُهُمْ) عَلَى قَاتِلِهِمْ يَجْعَلُهَا الْإِمَامُ فِي الْغَنِيمَةِ (وَالرَّاهِبُ وَالرَّاهِبَةُ) الْمُنْعَزِلَانِ بِلَا رَأْيٍ (حُرَّانِ) فَلَا يُؤْسَرَانِ، وَلَا يُقْتَلَانِ، وَإِنْ كَانَ لَا دِيَةَ عَلَى قَاتِلِهِمَا وَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ قُتِلُوا قَوْلَهُ:(بِقَطْعِ مَاءٍ) عَنْهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَغْرَقُوا (وَآلَةٍ) كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَمَنْجَنِيقٍ، وَلَوْ فِيهِمْ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانِ (وَبِنَارٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا) ، وَقَدْ خِيفَ مِنْهُمْ (وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ) فَإِنْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا أَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ لَمْ يُحْرَقُوا بِهَا، وَيَجُوزُ قَتْلُهُمْ بِهَا بِالشَّرْطَيْنِ (وَإِنْ) كُنَّا، وَإِيَّاهُمْ أَوْ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ (بِسُفُنٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِلْمَنْطُوقِ (وَ) قُوتِلُوا (بِالْحِصْنِ بِغَيْرِ تَحْرِيقٍ) بِنَارٍ (وَتَغْرِيقٍ) بِمَاءٍ، وَهَذَا كَالتَّخْصِيصِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ بِقَطْعِ مَاءٍ وَآلَةٍ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَإِنَّمَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ سَحْنُونٍ وَسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ فِي لَغْوِ تَرَهُّبِهَا وَاعْتِبَارِهِ صَيْرُورَتَهَا حُرَّةً بِالتَّرَهُّبِ فَلَا تُسْتَرَقُّ، وَعَدَمُ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ السَّبْعَةِ الْمَذْكُورَةِ يُفِيدُ قَتْلَ الْأُجَرَاءِ وَالْحَرَّاثِينَ وَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ مِنْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ بَلْ يُؤْسَرُونَ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ الْمَاجِشَونِ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ حَبِيبٍ وَحَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَائِلًا وَهُوَ الْأَحْسَنُ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ فِي أَهْلِ دِينِهِمْ كَالْمُسْتَضْعَفِينَ كَذَا فِي بْن وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ فِي حَالٍ، وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمَصْلَحَةِ بِنَظَرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: قَيَّدَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الشَّيْخِ الْفَانِي، وَمَا بَعْدَهُ لَا يُقْتَلُونَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَأْيٌ وَتَدْبِيرٌ فِي الْحُرُوبِ لِقَوْمِهِمْ، وَإِلَّا قُتِلُوا وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرُ رَأْيُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الرَّأْيَ فِي تَرْكِ رَأْيِهَا (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يُقْتَلُوا تُرِكَ لَهُمْ الْكِفَايَةُ) أَيْ، وَإِذَا لَمْ يُقْتَلُوا، وَلَمْ يُؤْسَرُوا تَرَكَ إلَخْ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْكِفَايَةِ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ لَا يُقْتَلُ، وَلَا يُؤْسَرُ سَوَاءٌ كَانَ لَا يَجُوزُ أَسْرُهُ كَالرَّاهِبِ أَوْ كَانَ أَسْرُهُ جَائِزًا، وَلَكِنْ تُرِكَ مِنْ غَيْرِ أَسْرٍ كَالْبَاقِي، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُمْ الْكِفَايَةَ فَقَطْ أَيْ لَا كُلَّ مَا لَهُمْ هُوَ الْأَشْهَرُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُقْتَلُونَ، وَلَا يُؤْسَرُونَ يُتْرَكُ لَهُمْ مَا يَتَمَعْيَشُونَ مِنْهُ كَالْبَقَرَةِ وَالْغُنَيْمَاتِ وَالْبَغْلَةِ وَالنُّخَيْلَاتِ وَمَا يَقُومُ بِمَعَاشِهِمْ، وَيُؤْخَذُ الْبَاقِي أَوْ يُخَرَّبُ أَوْ يُحْرَقُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ يُتْرَكُ لَهُمْ أَمْوَالُهُمْ كُلُّهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ مَالُهُمْ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ (قَوْلُهُ: مُوَاسَاتُهُمْ) أَيْ مِنْ مَالِهِمْ (قَوْلُهُ: وَاسْتَغْفَرَ قَاتِلُهُمْ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَلَا دِيَةٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّاهِبِ وَالرَّاهِبَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا يُقْتَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ وَهُوَ مُفَادُ النَّقْلِ عَنْ الْبَاجِيَّ كَمَا فِي طفى وَمَا فِي خش مِنْ أَنَّ الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ يَلْزَمُ قَاتِلَهُمَا دِيَتُهُمَا لِأَهْلِ دِينِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا حُرَّانِ فَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ، اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ.
(قَوْلُهُ: إلَّا الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَسْرُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا حُرَّانِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ الْمَعْتُوهِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالزَّمِنِ وَالْأَعْمَى فَإِنَّهُمْ وَإِنْ حَرُمَ قَتْلُهُمْ يَجُوزُ أَسْرُهُمْ، وَيَجُوزُ تَرْكُهُمْ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ، وَمِنْ غَيْرِ أَسْرٍ وَحِينَئِذٍ يُتْرَكُ لَهُمْ الْكِفَايَةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ عَلَى قَاتِلِهِ سِوَى الِاسْتِغْفَارِ) أَيْ سَوَاءٌ قَتَلَهُ فِي غَيْرِ جِهَادٍ أَوْ فِي جِهَادٍ قَبْلَ أَنْ يُدْعَوْا لِلْإِسْلَامِ أَوْ الْجِزْيَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَقْتُولُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُتَمَسِّكٍ بِكِتَابٍ أَوْ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِكِتَابٍ مُؤْمِنًا بِنَبِيِّهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِلُزُومِ الدِّيَةِ لِقَاتِلِ هَذَا الْأَخِيرِ.
(قَوْلُهُ: سِوَى الرَّاهِبِ وَالرَّاهِبَةِ) أَيْ وَأَمَّا هُمَا فَلَا يُحَازَانِ لِأَنَّهُمَا لَا يُؤْسَرَانِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ وَالرَّاهِبُ وَالرَّاهِبَةُ حُرَّانِ (قَوْلُهُ: الرَّاهِبُ وَالرَّاهِبَةُ الْمُنْعَزِلَانِ بِلَا رَأْيٍ حُرَّانِ) التَّقْيِيدُ بِلَا رَأْيٍ خَاصٍّ بِالرَّاهِبِ لِمَا مَرَّ أَنَّ رَأْيَ الْمَرْأَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّ الرَّأْيَ فِي تَرْكِ رَأْيِهَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا وَقَدْ خِيفَ مِنْهُمْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْخَوْفِ فَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْ تَرَكْنَاهُمْ، اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ لَمْ يُحْرَقُوا بِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ خِفْنَا مِنْهُمْ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا لِابْنِ الْحَاجِبِ التَّوْضِيحُ هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِلْمَنْطُوقِ) قِيلَ الْأَوْلَى جَعْلُهَا رَاجِعَةً لِلْمَفْهُومِ أَيْ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ غَيْرُ النَّارِ أَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ فَإِنَّهُمْ لَا يُقَاتَلُونَ بِالنَّارِ وَلَوْ بِسُفُنٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الشَّرْطَانِ جَازَ قَتْلُهُمْ بِالنَّارِ اتِّفَاقًا فِي السُّفُنِ كَالْحِصْنِ فَلَا مَحَلَّ لِلْمُبَالَغَةِ عَلَى السُّفُنِ.
وَقَدْ يُقَالُ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَأْتِ بِلَوْ الَّتِي لِرَدِّ الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا أَتَى بِإِنْ، وَالْمُبَالَغَةُ يَكْفِي فِي صِحَّتِهَا مُجَرَّدُ دَفْعِ التَّوَهُّمِ، وَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ النَّارَ تُتْلِفَ حَقَّ الْغَازِينَ فِي السُّفُنِ (قَوْلُهُ: وَبِالْحِصْنِ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ، وَقُوتِلُوا فِي غَيْرِ الْحِصْنِ بِقَطْعِ مَاءٍ وَآلَةٍ، وَفِي الْحِصْنِ بِغَيْرِ تَحْرِيقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كَالتَّحْصِيصِ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ صَوَابٍ
(مَعَ ذُرِّيَّةٍ) أَوْ نِسَاءٍ أَيْ، وَقُوتِلُوا بِالْحِصْنِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرَ حَالَ كَوْنِهِمْ مَعَ ذُرِّيَّةٍ أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ) أَوْ نِسَاءٍ (تُرِكُوا) لِحَقِّ الْغَانِمِينَ (إلَّا لِخَوْفٍ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَ) إنْ تَتَرَّسُوا (بِمُسْلِمٍ) قُوتِلُوا، وَ (لَمْ يُقْصَدْ التُّرْسُ) بِالرَّمْيِ وَإِنْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لِأَنَّ دَمَ الْمُسْلِمِ لَا يُبَاحُ بِالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ (إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ) فَإِنْ خِيفَ سَقَطَتْ حُرْمَةُ التُّرْسِ، وَجَازَ رَمْيُهُ (وَحَرُمَ نَبْلٌ سُمَّ) أَيْ حُرِّمَ عَلَيْنَا رَمْيُهُمْ بِنَبْلٍ أَوْ رُمْحٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مَسْمُومٌ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُعَادَ مِنْهُمْ إلَيْنَا كَذَا عَلَّلُوا.
(وَ) حَرُمَ عَلَيْنَا (اسْتِعَانَةٌ بِمُشْرِكٍ) وَالسِّينُ لِلطَّلَبِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ لَمْ يُمْنَعْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (إلَّا لِخِدْمَةٍ) مِنْهُ لَنَا كَنُوتِيٍّ أَوْ خَيَّاطٍ أَوَلِهَدْمِ حِصْنٍ.
(وَ) حَرُمَ (إرْسَالُ مُصْحَفٍ لَهُمْ) ، وَلَوْ طَلَبُوهُ لِيَتَدَبَّرُوهُ خَشْيَةَ إهَانَتِهِمْ لَهُ وَأَرَادَ بِالْمُصْحَفِ مَا قَابَلَ الْكِتَابَ الَّذِي فِيهِ الْآيَةُ وَنَحْوُهَا (وَ) حَرُمَ (سَفَرٌ بِهِ) أَيْ بِالْمُصْحَفِ (لِأَرْضِهِمْ) ، وَلَوْ مَعَ جَيْشٍ كَبِيرٍ، وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ كُتُبُ الْحَدِيثِ فِيمَا يَظْهَرُ (كَمَرْأَةٍ) مُسْلِمَةٍ فَيَحْرُمُ السَّفَرُ بِهَا لِدَارِ الْحَرْبِ (إلَّا فِي جَيْشٍ آمِنٍ) بِالْمَدِّ فَيَجُوزُ.
(وَ) حُرِّمَ (فِرَارٌ) مِنْ الْعَدُوِّ (إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ) الَّذِينَ مَعَهُمْ سِلَاحٌ (النِّصْفَ) مِنْ عَدَدِ الْكُفَّارِ كَمِائَةٍ مِنْ مِائَتَيْنِ (وَلَمْ يَبْلُغُوا) أَيْ الْمُسْلِمُونَ (اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا) فَإِنْ بَلَغُوا حُرِّمَ الْفِرَارُ وَلَوْ كَثُرَ الْكُفَّارُ جِدًّا مَا لَمْ تَخْتَلِفْ كَلِمَتُهُمْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِالْحِصْنِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ.
(قَوْلُهُ: مَعَ ذُرِّيَّةٍ) أَيْ وَنِسَاءٍ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي الْحِصْنِ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: حَالَ كَوْنِهِمْ مَعَ ذُرِّيَّةٍ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ذُرِّيَّةُ جَازَ رَمْيُهُمْ بِالنَّارِ وَتَغْرِيقُهُمْ فَفِي الْمَوَّاقِ الْحُصُونُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْمُقَاتِلَةُ أَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيْ وَإِلَّا قُوتِلُوا بِمَا ذَكَرَ مِنْ النَّارِ وَالْمَاءِ، وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ وَالْأُسَارَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَتَرَّسُوا) أَيْ الْكُفَّارُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِمْ فِي الْحِصْنِ وَقَوْلُهُ: تُرِكُوا أَيْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مِنْ تَرْكِهِمْ بِغَيْرِ قِتَالٍ فَيُقَاتَلُونَ حِينَئِذٍ، وَقَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَيْ عَلَى جِنْسِهِمْ، وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا. اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ قُوتِلُوا) أَيْ، وَأَوْلَى إذَا تَتَرَّسُوا بِأَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فَيُقَاتَلُونَ، وَلَا يُتْرَكُونَ وَيَنْبَغِي ضَمَانُ قِيمَتِهِ عَلَى مَنْ رَمَاهُمْ قِيَاسًا عَلَى مَا يُرْمَى مِنْ السَّفِينَةِ لِلنَّجَاةِ مِنْ الْغَرَقِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا إتْلَافُ مَالٍ لِلنَّجَاةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا) أَيْ جِنْسُ أَنْفُسِنَا الْمُتَحَقِّقُ فِي بَعْضِ الْجَيْشِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ) هَذَا شَرْطٌ فِي عَدَمِ قَصْدِ التُّرْسِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِمْ إذَا تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ يُقَاتَلُونَ وَلَا يُقْصَدُ التُّرْسُ إذَا لَمْ يُخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ أَيْ بِأَنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِمْ أَصْلًا أَوْ خِيفَ عَلَى أَقَلِّ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى نِصْفِهِمْ فَإِنْ خِيفَ عَلَى أَكْثَرِهِمْ جَازَ رَمْيُ التُّرْسِ وَالْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ هُنَا جَمَاعَةُ الْجَيْشِ الْمُقَاتِلِينَ لِلْكُفَّارِ دُونَ الْمُتَتَرَّسِ بِهِمْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ عَلَى أَكْثَرِ الْجَيْشِ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَى التُّرْسُ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ الْمُتَتَرَّسُ بِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ حَرُمَ عَلَيْنَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ رَمَوْنَا بِهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: كَذَا عَلَّلُوا) أَيْ، وَهُوَ لَا يُنْتِجُ الْحُرْمَةَ وَاَلَّذِي فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ فَحَمَلَهَا الْمُؤَلِّفُ عَلَى التَّحْرِيمِ
(قَوْلُهُ: بِمُشْرِكٍ) الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْكَافِرِ لَا خُصُوصُ مَنْ يُشْرِكُ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْخَاصِّ، وَإِرَادَةِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُمْنَعْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا هُوَ سَمَاعُ يَحْيَى خِلَافًا لِأَصْبَغَ حَيْثُ قَالَ بِالْمَنْعِ فِي هَذِهِ أَيْضًا ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا اخْتَلَطُوا بِالْمُسْلِمِينَ فِي طَلَائِعِهِمْ وَسَرَايَاهُمْ وَأَذِنَ لَهُمْ الْإِمَامُ، وَأَصَابُوا مَغْنَمًا قُسِّمَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ يُخَمَّسُ دُونَ مَا أَصَابَهُمْ فَإِنْ خَرَجُوا وَحْدَهُمْ فَمَا أَصَابُوهُ فَهُوَ لَهُمْ، وَلَا يُخَمَّسُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا لِخِدْمَةٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي أَيْ إلَّا إذَا كَانَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ فِي خِدْمَةٍ لَنَا فَلَا تَحْرُمُ وَالْمُحَرَّمُ إنَّمَا هُوَ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ فِي الْقِتَالِ (قَوْلُهُ: أَوَلِهَدْمِ حِصْنٍ) أَيْ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ مِتْرَاسٍ أَوْ لَغَمٍ.
(قَوْلُهُ: مَا قَابَلَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ الْجُزْءَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُرْسِلَ الْكِتَابَ لِدَارِ الْحَرْبِ، وَفِيهِ الْآيَاتُ مِنْ الْقُرْآنِ الْقَلِيلَةِ وَالْأَحَادِيثُ نَدْعُوهُمْ بِذَلِكَ لِلْإِسْلَامِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: وَأَرَادَ إلَخْ جَوَابٌ عَمَّا اعْتَرَضَ بِهِ اللَّقَانِيِّ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِرْسَالُ مُصْحَفٍ يَقْتَضِي أَنَّ إرْسَالَ مَا دُونَهُ كَالْجُلِّ لَا يَحْرُمُ، وَهُوَ يُعَارِضُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ: الْآتِي فِيمَا يَجُوزُ وبَعَثَ كِتَابٌ فِيهِ كَالْآيَةِ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْآيَةِ لَا يَجُوزُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِالْمُصَنَّفِ مَا قَابَلَ الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ الْآيَةُ وَنَحْوُهَا فَيَشْمَلُ الْجُزْءَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَسَفَرٌ بِهِ لِأَرْضِهِمْ) أَيْ مَخَافَةَ أَنْ يَسْقُطَ مِنَّا وَلَا نَشْعُرُ بِهِ فَيَأْخُذُونَهُ فَتَنَالُهُ الْإِهَانَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي جَيْشٍ آمِنٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَهُوَ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ، وَأَمَّا الْمُصْحَفُ فَيَحْرُمُ السَّفَرُ بِهِ لِأَرْضِهِمْ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ الْجَيْشُ آمِنًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُسْلِمَةَ تُنَبِّهُ عَلَى نَفْسِهَا عِنْدَ فَوَاتِهَا وَالْمُصْحَفُ قَدْ يَسْقُطُ، وَلَا يُشْعَرُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ فِرَارٌ) أَيْ فِي الْجِهَادِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ كِفَائِيًّا أَوْ عَيْنِيًّا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ) أَيْ فَإِذَا بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ نِصْفَ الْعَدُوِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْفِرَارُ مَا لَمْ يَكُنْ مَدَدُ الْكُفَّارِ حَاصِلًا وَلَا مَدَدَ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثُرَ الْكُفَّارُ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ مَدَدُهُمْ مُتَّصِلًا وَلَا مَدَدَ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَخْتَلِفْ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى
(إلَّا تَحَرُّفًا) لِقِتَالٍ بِأَنْ يُظْهِرَ مِنْ نَفْسِهِ الْهَزِيمَةَ لِيَتْبَعَهُ الْعَدُوُّ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ لِيَقْتُلَهُ (وَ) إلَّا (تَحَيُّزًا) إلَى فِئَةٍ يَتَقَوَّى بِهِمْ، وَهَذَا (إنْ خِيفَ) أَيْ خَافَ الْمُتَحَيِّزُ خَوْفًا بَيِّنًا مِنْ الْعَدُوِّ، وَقَرُبَ الْمُنْحَازُ إلَيْهِ.
(وَ) حُرِّمَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ (الْمُثْلَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ الْعُقُوبَةُ الشَّنِيعَةُ كَرَضِّ الرَّأْسِ، وَقَطْعِ الْأُذُنِ أَوْ الْأَنْفِ إذَا لَمْ يُمَثِّلُوا بِمُسْلِمٍ، وَإِلَّا جَازَ.
(وَ) حُرِّمَ (حَمْلُ رَأْسِ) الْكَافِرِ (لِبَلَدٍ أَوْ) إلَى (وَالٍ) أَيْ أَمِيرِ جَيْشٍ، وَأَمَّا فِي الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْقَتْلُ فَجَائِزٌ.
(وَ) حُرِّمَ (خِيَانَةُ أَسِيرٍ) مُسْلِمٍ عِنْدَهُمْ (أُؤْتُمِنَ) عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهِمْ حَالَ كَوْنِهِ (طَائِعًا) بَلْ (وَلَوْ) أُؤْتُمِنَ (عَلَى نَفْسِهِ) بِعَهْدٍ مِنْهُ أَنْ لَا يَهْرُبَ أَوْ لَا يَخُونَهُمْ فِي مَالِهِمْ أَوْ بِلَا عَهْدٍ نَحْوَ أَمَّنَاك عَلَى نَفْسِك أَوْ عَلَى مَالِنَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِمْ شَيْئًا وَلَوْ حَقِيرًا، فَإِنْ لَمْ يُؤْتَمَنْ أَوْ أُؤْتُمِنَ مُكْرَهًا فَلَهُ الْهُرُوبُ، وَلَهُ أَخْذُ كُلِّ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ مَالٍ أَوْ نِسَاءٍ أَوْ ذُرِّيَّةٍ وَلَوْ بِيَمِينٍ، وَلَوْ حَنِثَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ يَمِينِهِ الْإِكْرَاهُ.
(الْغُلُولُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْخِيَانَةُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ حَوْزِهَا، وَلَيْسَ مِنْهُ أَخْذُ قَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّ مِنْهَا إذَا كَانَ الْأَمِيرُ جَائِرًا لَا يَقْسِمُ قِسْمَةً شَرْعِيَّةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ (وَأَدَّبَ) الْغَالَّ بِالِاجْتِهَادِ (إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ) لَا إنْ جَاءَ تَائِبًا وَلَوْ بَعْدَ الْقَسْمِ وَتَفَرُّقِ الْجَيْشِ وَتَعَذُّرِ الرَّدِّ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَنْهُمْ بَعْدَ دَفْعِ خُمُسِهِ لِلْإِمَامِ (وَجَازَ)(أَخْذُ مُحْتَاجٍ) مِنْ الْغَانِمِينَ، وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ حَاجَتُهُ حَدَّ الضَّرُورَةِ وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا مَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُهُمْ جَازَ الْفِرَارُ مُطْلَقًا، وَلَوْ بَلَغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ حُرِّمَ الْفِرَارُ إنْ بَلَغُوا نِصْفَ الْعَدُوِّ فَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ نِصْفِهِ جَازَ لَهُمْ الْفِرَارُ إنْ لَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ فَعَلِمْتَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ، وَلَمْ يَبْلُغُوا إلَخْ قَيْدٌ فِي الْمَفْهُومِ لَا فِي الْمَنْطُوقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَحُرِّمَ فِرَارٌ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ وَجَازَ إنْ نَقَصُوا وَلَمْ يَبْلُغُوا إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا تَحَرُّفًا) اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ صُورَةُ فِرَارٍ مُنْقَطِعٍ نَظَرًا لِلْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّفَ لَيْسَ فِرَارًا فِي الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ جَوَازُ التَّحَيُّزِ إلَى فِئَةٍ يَتَقَوَّى بِهَا (قَوْلُهُ: وَقَرُبَ الْمُنْحَازُ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ انْحِيَازُهُ إلَى فِئَةٍ خَرَجَ مَعَهَا أَمَّا لَوْ خَرَجُوا مِنْ بَلَدٍ وَالْأَمِيرُ مُقِيمٌ فِي بَلْدَةٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْفِرَارُ حَتَّى يَنْحَازَ إلَيْهِ كَذَا فِي ح وَقَوْلُهُ: وَقَرُبَ الْمُنْحَازُ إلَيْهِ أَيْ، وَلَمْ يَكُنْ الْمُتَحَيِّزُ أَمِيرًا لِجَيْشٍ فَأَمِيرُ الْجَيْشِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِرَارُ، وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّحَيُّزِ وَلَوْ أَدَّى لِهَلَاكِ نَفْسِهِ وَبَقَاءِ الْجَيْشِ مِنْ غَيْرِ أَمِيرٍ مَا لَمْ يَفِرَّ جَمِيعُ الْجَيْشِ عِنْدَ هَلَاكِهِ (قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ) أَيْ، وَأَمَّا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ فَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَهُمْ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْقَتْلِ، وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ تَمْثِيلٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ، وَإِلَّا جَازَ التَّمْثِيلُ بِهِمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ.
(قَوْلُهُ: وَحَمْلُ رَأْسِ كَافِرٍ) أَيْ عَلَى رُمْحٍ، وَقَوْلُهُ: لِبَلَدٍ أَيْ ثَانٍ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ مَاكِثًا فِيهَا أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ إلَى وَالٍ أَيْ، وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدِ الْقِتَالِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْبَلَدِ) أَيْ، وَأَمَّا حَمْلُهَا فِي بَلَدِ الْقِتَالِ لَا لِلْوَالِي فَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْبُغَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ حَمْلِ رَأْسِ الْحَرْبِيِّ لِبَلَدٍ ثَانٍ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ كَاطْمِئْنَانِ الْقُلُوبِ بِالْجَزْمِ بِمَوْتِهِ وَإِلَّا جَازَ فَقَدْ «حُمِلَ لِلنَّبِيِّ رَأْسُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ مِنْ خَيْبَرَ لِلْمَدِينَةِ» .
(قَوْلُهُ: حَرُمَ خِيَانَةُ أَسِيرٍ) أَيْ فِيمَا أَمِنَ عَلَيْهِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: طَائِعًا) أَيْ بِالِائْتِمَانِ سَوَاءٌ كَانَ الِائْتِمَانُ مُصَرَّحًا بِهِ مِثْلُ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَمَنَّاك عَلَى مَالِنَا أَوْ عَلَى كَذَا أَوْ كَانَ غَيْرُ مُصَرَّحٍ بِهِ كَمَا إذَا أُعْطِيَ الْأَسِيرُ مَا يَخِيطُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّرِقَةُ مِنْهُ لِعُمُومِ خَبَرِ «أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنْ ائْتَمَنَك» إنْ قُلْت الْفَرْضُ أَنَّهُ أَسِيرٌ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى مِنْهُ طَوْعٌ قُلْت يُمْكِنُ ذَلِكَ فِيمَنْ أُسِرَ ابْتِدَاءً فَلَمَّا وَصَلَ لِبِلَادِهِمْ أَحَبُّوهُ وَأَطْلَقُوهُ، وَأَعْجَبَتْهُ بِلَادَهُمْ لِكَثْرَةِ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ.
(قَوْلُهُ: بِعَهْدٍ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُمْ عَاهَدَتْكُمْ عَلَى أَنِّي لَا أَخُونُكُمْ فِي مَالِكُمْ أَوْ عَلَى أَنِّي لَا أَهْرَبُ بَعْدَ أَنْ قَالُوا لَهُ أَمَنَّاك عَلَى أَنْفُسِنَا أَوْ عَلَى أَمْوَالِنَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا عَهْدٍ) أَيْ أَوْ اُؤْتُمِنَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَخْذِ عَهْدٍ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالُوا لَهُ أَمَنَّاك عَلَى نَفْسِك أَوْ عَلَى أَمْوَالِنَا أَوْ عَلَى حَرِيمِنَا وَأَوْلَادِنَا وَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ عَاهَدْتُكُمْ عَلَى أَنِّي لَا أَخُونَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْهُرُوبُ) فَإِنْ تَنَازَعَ الْأَسِيرُ وَمَنْ أَمِنَهُ هَلْ وَقَعَ الِائْتِمَانُ عَلَى الطَّوْعِ أَوْ الْإِكْرَاهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِيَمِينٍ) أَيْ أَخَذُوهُ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ أَنْ أَمَّنُوهُ مُكْرَهًا وَاَللَّهِ لَا أَخُونُكُمْ فِي مَالِكُمْ أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَهْرَبُ. وَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ أَنَّ الْأَسِيرَ إذَا عَاقَدَهُمْ عَلَى الْفِدَاءِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إذَا عَجَزَ بَلْ يَسْعَى جَهْدَهُ، وَيُوصِلُهُ لَهُمْ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ، وَذَكَرَ خِلَافًا فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ إذَا اُقْتُرِضَ الْفِدَاءُ مِنْ حَرْبِيٍّ فَانْظُرْهُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ جَاءَ تَائِبًا) أَيْ، وَأَتَى بِمَا سَرَقَ فَلَا يُؤَدَّبُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْقَسْمِ وَتَفَرُّقِ الْجَيْشِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْحَقُّ أَنَّهُ إنْ جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الْقَسْمِ فَلَا يُؤَدَّبُ، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَهُ وَبَعْدَ تَفَرُّقِ الْجَيْشِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ، وَيَتَصَدَّقُ بِمَا أَخَذَهُ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي ح وَالتَّوْضِيحِ، وَمَنْ تَابَ بَعْدَ الْقَسْمِ وَافْتِرَاقِ الْجَيْشِ أُدِّبَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ قِيَاسًا عَلَى الشَّاهِدِ يَرْجِعُ بَعْدَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ افْتِرَاقَ الْجَيْشِ كَنُفُوذِ الْحُكْمِ بَلْ هُوَ أَشَدُّ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْغُرْمِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ فِي الْجَيْشِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَخْذُ مُحْتَاجٍ) أَيْ مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ قَسْمِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْأَخْذِ فَإِنْ مَنَعَهُ الْإِمَامُ مِنْ الْأَخْذِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ
وَلَمْ يَكُنْ الْأَخْذُ عَلَى وَجْهِ الْغُلُولِ (نَعْلًا أَوْ حِزَامًا) مُعْتَادًا (وَإِبْرَةً وَطَعَامًا) وَغَيْرَ ذَلِكَ (وَإِنْ) كَانَ (نِعَمًا) يَذْبَحُهَا، وَيَرُدُّ جِلْدَهَا لِلْغَنِيمَةِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ (وَعَلَفًا) لِدَابَّتِهِ (كَثَوْبٍ) يَلْبَسُهُ (وَسِلَاحٍ) يُقَاتِلُ بِهِ (وَدَابَّةٍ) يَرْكَبُهَا لِيُقَاتِلَ عَلَيْهَا أَوْ يَرْجِعَ بِهَا لِبَلَدِهِ أَوْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ (لِيَرُدَّ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلِذَا فَصَلَهُ بِهَا أَيْ أَنَّ جَوَازَ مَا ذَكَرَ إذَا أَخَذَهُ بِنِيَّةِ رَدِّهِ لَا إنْ نَوَى التَّمْلِيكَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا أَخَذَ بِنِيَّةِ التَّمْلِيكِ فَقَطْ.
وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْكَافِ فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا (وَرَدَّ) وُجُوبًا (الْفَضْلَ) أَيْ الْفَاضِلَ عَنْ حَاجَتِهِ مِنْ كُلِّ مَا أَخَذَهُ مِمَّا بَعْدَ الْكَافِ، وَمَا قَبْلَهَا (إنْ كَثُرَ) بِأَنْ كَانَ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَا إنْ كَانَ يَسِيرًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ أَوْ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) رَدُّ مَا أَخَذَهُ لِتَفَرُّقِ الْجَيْشِ (تَصَدَّقَ بِهِ) كُلِّهِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَمَضَتْ الْمُبَادَلَةُ) بَلْ وَتَجُوزُ ابْتِدَاءً (بَيْنَهُمْ) أَيْ بَيْنَ الْمُجَاهَدِينَ فَمَنْ أَخَذَ لَحْمًا أَوْ عَسَلًا أَوْ قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا وَأَخَذَ غَيْرُهُ خِلَافَ ذَلِكَ جَازَ لَهُمَا الْمُبَادَلَةُ، وَلَوْ بِتَفَاضُلٍ فِي طَعَامٍ رِبَوِيٍّ مُتَّحِدِ الْجِنْسِ قَبْلَ الْقَسْمِ لَا بَعْدَهُ.
(وَ) جَازَ بِمَعْنَى أُذِنَ لِلْإِمَامِ (بِبَلَدِهِمْ إقَامَةُ الْحَدِّ) إذْ هُوَ وَاجِبٌ (وَ) جَازَ (تَخْرِيبٌ) لِدِيَارِهِمْ (وَقَطْعُ نَخْلٍ وَحَرْقٌ) لِزَرْعِهِمْ وَأَشْجَارِهِمْ (إنْ أَنْكَى) أَيْ كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ لَهُمْ أَيْ إغَاظَةٌ وَرُجِيَتْ لِلْمُسْلِمِينَ (أَوْ) لَمْ تُنْكِ، وَ (لَمْ تُرْجَ) فَالْجَوَازُ فِي صُورَتَيْنِ، فَإِنْ أَنْكَى وَلَمْ تُرْجَ تَعَيَّنَ التَّخْرِيبُ، وَإِنْ لَمْ تُنْكِ وَرُجِيَتْ وَجَبَ الْإِبْقَاءُ.
فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ (وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (أَنَّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّخْرِيبِ، وَمَا مَعَهُ (مَنْدُوبٌ) أَيْ إذَا لَمْ تُرْجَ، وَكَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ، وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا التَّخْرِيبُ (كَعَكْسِهِ) أَيْ إبْقَاؤُهَا إذَا رُجِيَتْ وَلَمْ تُنْكِ، وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا الْإِبْقَاءُ وَالْمَذْهَبُ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ لَا يُفِيدُهُ، وَمَا لِابْنِ رُشْدٍ ضَعِيفٌ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
نَهَاهُمْ الْإِمَامُ ثُمَّ اُضْطُرُّوا إلَيْهِ جَازَ لَهُمْ أَخْذُهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِنَهْيِهِ أَبُو الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذْ ذَاكَ عَاصٍ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ. اهـ. بْن.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ الْأَخْذُ عَلَى وَجْهِ الْغُلُولِ) حَالٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُحْتَاجٌ أَيْ جَازَ أَخْذُ مُحْتَاجٍ حَيْثُ كَانَ أَخْذُهُ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاجِ لَا إنْ كَانَ أَخْذُهُ عَلَى وَجْهِ الْغُلُولِ وَالْخِيَانَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ: مُعْتَادًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ مِثْلُ أَحْزِمَةِ الْمُلُوكِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمُحْتَاجُ لَهُ نِعَمًا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِيَجْلِسَ عَلَيْهِ أَوَلِيَجْعَلَهُ قِرْبَةً مَثَلًا فَلَا يَرُدُّهُ (قَوْلُهُ: لِيَرُدَّ) لَيْسَتْ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ الْعِلَّةُ فِي أَخْذِ مَا ذُكِرَ الِانْتِفَاعُ، وَلَا لِلصَّيْرُورَةِ؛ لِأَنَّ عَاقِبَةَ أَخْذِ مَا ذُكِرَ وَثَمَرَتُهُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى عَلَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [الإسراء: 109] فَالْمَعْنَى، وَأَخَذَ مَا ذُكِرَ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ جَوَازَ مَا ذَكَرَ) أَيْ أَخْذِ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّوْبِ وَالسِّلَاحِ وَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: مِمَّا بَعْدَ الْكَافِ، وَمَا قَبْلَهَا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ فَقَطْ دُونَ مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ يُرَدُّ بِعَيْنِهِ كَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَالسِّلَاحِ، وَلَا مَعْنَى لِلْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِيمَا يُرَدُّ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّ مَا أَخَذَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ) الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِهِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَصَدَّقَ بِهِ كُلِّهِ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ مِنْهُ حَتَّى يَبْقَى الْيَسِيرُ فَإِذَا صَارَ الْبَاقِي يَسِيرًا جَازَ لِذَلِكَ الْآخِذُ أَكْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ الْحَاجَةِ يَسِيرًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: بَلْ وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ كَرَاهَتِهِ ابْتِدَاءً، وَمُضِيُّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَعَلَيْهِ مَشَى تت (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَفَاضُلٍ) أَيْ، وَكَذَا تَمْضِي لَهُمْ الْمُبَادَلَةُ مَعَ غَيْرِهِمْ وَتَجُوزُ لَكِنْ إنْ سَلِمَتْ مِنْ الرِّبَا فِي هَذِهِ، وَإِلَّا مُنِعَتْ؛ لِأَنَّ الرِّبَا إنَّمَا هُوَ مُغْتَفَرٌ لِلْغُزَاةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ مُنِعَ الرِّبَا قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ جَوَازُ اجْتِمَاعِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ هُنَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُعَاوَضَةً حَقِيقِيَّةً ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ جَوَازِ التَّفَاضُلِ فِيمَا بَيْنَ الْغُزَاةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ مِنْ صِنْفٍ وَاحْتِيجَ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ إلَّا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الرِّبَا بَلْ يُمْنَعُ وَبِهَذَا قَيَّدَ الْجَوَازَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وعج، وَقَيَّدَ بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَتَبِعَهُ عبق وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمُ اعْتِمَادِهِ، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَسْمِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ جَازَ لَهُمَا الْمُبَادَلَةُ.
(قَوْلُهُ: وَبِبَلَدِهِمْ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا صَدَرَ مُوجِبُ حَدٍّ كَزِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ مِنْ أَحَدٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْجَيْشِ أَوْ كَانَ أَسِيرًا أَوْ مِمَّنْ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَجِبُ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِبَلَدِهِمْ، وَلَا يُؤَخَّرُ حَتَّى يَرْجِعَ لِبَلَدِنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ بِبَلَدِهِمْ حُصُولُ مَفْسَدَةٍ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ ذَلِكَ لِلرُّجُوعِ لِبَلَدِنَا لَا سِيَّمَا إنْ خِيفَ عِظَمُهَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَرُجِيَتْ) أَيْ قَبْلَ التَّخْرِيبِ وَالْقَطْعِ، وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ مَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ مِنْ وُجُوبِ التَّخْرِيبِ، وَمَا مَعَهُ إذَا كَانَ فِيهِ إنْكَاءٌ، وَلَمْ يُرْجَ بَقَاءُ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَالْعَقَارِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ النَّدْبِ فَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ لَا يُفِيدُهُ) أَيْ لَا يُفِيدُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ
(وَ) جَازَ (وَطْءُ أَسِيرٍ) مُسْلِمٍ (زَوْجَةً أَوْ أَمَةً) لَهُ أُسِرَتَا مَعَهُ إنْ أَيْقَنَ أَنَّهُمَا (سَلِمَتَا) مِنْ وَطْءِ الْكَافِرِ لَهُمَا؛ لِأَنَّ سَبْيَهُمْ لَا يَهْدِمُ نِكَاحَنَا وَلَا يُبْطِلُ مِلْكَنَا، وَأَرَادَ بِالْجَوَازِ عَدَمَ الْحُرْمَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مَكْرُوهٌ خَوْفًا مِنْ بَقَاءِ ذُرِّيَّتِهِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ (وَ) جَازَ (ذَبْحُ حَيَوَانٍ) لَهُمْ عَجَزَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ قِيلَ الْمُرَادُ إزْهَاقُ رُوحِهِ لَا الذَّبْحُ الشَّرْعِيُّ (وَعَرْقَبَتُهُ) أَيْ قَطْعُ عُرْقُوبِهِ (وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ) وُجُوبًا لِلْإِرَاحَةِ مِنْ التَّعْذِيبِ (وَفِي) جَوَازِ إتْلَافِ (النَّحْلِ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ (إنْ كَثُرَتْ) نِكَايَةً لَهُمْ فَإِنْ قَلَّتْ كُرِهَ (وَلَمْ يَقْصِدْ) بِالْإِتْلَافِ (عَسَلَهَا) أَيْ أَخْذَهُ وَأَمَّا إنْ قَصَدَ الْمُسْلِمُونَ بِإِتْلَافِهَا أَخْذَ عَسَلِهَا فَيَجُوزُ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَكَرَاهَتُهُ (رِوَايَتَانِ)(وَحُرِقَ) الْحَيَوَانُ نَدْبًا بَعْدَ إتْلَافِهِ (إنْ أَكَلُوا الْمَيْتَةَ) أَيْ اسْتَحَلُّوا أَكْلَهَا فِي دِينِهِمْ، وَقِيلَ التَّحْرِيقُ وَاجِبٌ وَرَجَعَ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانُوا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ قَبْلَ فَسَادِهِ وَجَبَ التَّحْرِيقُ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ عَدَمُ انْتِفَاعِهِمْ بِهِ، وَقَدْ حَصَلَ (كَمَتَاعٍ) لَهُمْ أَوَلِمُسْلِمٍ (عَجَزَ عَنْ حَمْلِهِ) أَوْ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَيَتْلَفُ بِحَرْقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِئَلَّا يَنْتَفِعُوا بِهِ.
(وَ) جَازَ لِلْإِمَامِ (جَعْلُ الدِّيوَانِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ دِيوَانًا لِطَائِفَةٍ يَجْمَعُهَا وَتُنَاطُ بِهِمْ أَحْكَامٌ وَالدِّيوَانُ بِكَسْرِ الدَّالِ عَلَى الصَّحِيحِ اسْمٌ لِلدَّفْتَرِ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ أَسْمَاءُ أَنْوَاعِ الْجُنْدِ الْمُجَاهِدِينَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
إنَّمَا تَعَرَّضَ أَوَّلًا لِصُورَتَيْ الْجَوَازِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ حَمْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ كَعَكْسِهِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا التَّخْرِيبُ وَاَلَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْإِبْقَاءُ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ نَصَّ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْوُجُوبَ، وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ حَمْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صُورَتَيْ الْجَوَازِ وَحَمْلِ قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْهُمَا بِغَيْرِ صَوَابٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَذَكَرَهُ فِي الْبَدْرِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَوَطْءُ أَسِيرٍ) أَيْ بِدَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: إنْ أَيْقَنَ أَنَّهُمَا سَلِمَتَا مِنْ وَطْءِ الْكَافِرِ) فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ ذَلِكَ بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ فِي وَطْءِ الْكَافِرِ لَهُمَا بِأَنْ غَابَ عَلَيْهِمَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهُمَا إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَا تَصْدُقُ الْمَرْأَةُ فِي دَعْوَاهَا عَدَمَ وَطْءِ الْكَافِرِ لَهَا عِنْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ أَيْقَنَ أَنَّهُمَا سَلِمَتَا مِثْلُ تَيَقُّنِ السَّلَامَةِ ظَنُّ سَلَامَتِهِمَا مِنْ وَطْءِ السَّابِي فَيَجُوزُ وَطْؤُهُمَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِاسْتِبْرَاءٍ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ) أَيْ وَطْءُ الْأَسِيرِ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَذَبْحُ حَيَوَانٍ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إذَا عَجَزَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ حَمْلِ مَالِ الْكُفَّارِ أَوْ عَنْ حَمْلِ بَعْضِ مَتَاعِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُتْلِفُونَهُ لِئَلَّا يَنْتَفِعَ بِهِ الْعَدُوُّ، سَوَاءٌ الْحَيَوَانُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْرُوفِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَاخْتُلِفَ مَاذَا يُتْلَفُ بِهِ الْحَيَوَانُ فَقَالَ الْمِصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ تُعَرْقَبُ أَوْ تُذْبَحُ أَوْ يُجْهَزُ عَلَيْهَا، وَقَالَ الْمَدَنِيُّونَ يُجْهَزُ عَلَيْهَا، وَكَرِهُوا أَنْ تُعَرْقَبَ أَوْ تُذْبَحَ. اهـ. وَمِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهِ تَعْلَمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ هُنَا دَرَجَ عَلَى قَوْلِ الْمِصْرِيِّينَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّ الْوَاوَ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ أَوَّلًا وَثَانِيًا كَمَا فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ اجْتِمَاعَ الثَّلَاثَةِ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا إذْ لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، وَلَا مَعْنَى لَهُ حِينَئِذٍ. وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَقِبَ عَرْقَبَتِهِ غَيْرُ صَوَابٍ إذْ لَوْ كَانَ يُجْهِزُ عَلَيْهِ فَمَا فَائِدَةُ عَرْقَبَتِهِ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَبَثٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ، وَيَجُوزُ الْإِجْهَازُ عَلَيْهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى ذَبْحُ، وَإِنْ كَانَ تَغْيِيرُهُ الْأُسْلُوبَ يُشْعِرُ بِمَا قَالُوهُ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ مَا قُلْنَا لِيُطَابِقَ النَّقْلَ. اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: قِيلَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ مُكَرَّرًا مَعَ الْإِجْهَازِ عَلَيْهِ فَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذَّبْحِ الشَّرْعِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) جُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ اتِّفَاقًا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ (قَوْلُهُ: وَكَرَاهَتُهُ إلَخْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا كَثِيرَةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ إنْ قَصَدَ بِإِتْلَافِهَا أَخْذَ عَسَلِهَا كَانَ إتْلَافُهَا جَائِزًا اتِّفَاقًا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ عَسَلِهَا فَإِنْ قَلَّتْ كُرِهَ إتْلَافُهَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَثُرَتْ فَرِوَايَتَانِ بِجَوَازِ إتْلَافِهَا وَكَرَاهَتِهِ، وَالصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ صُورَةُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ إتْلَافِهِ) أَيْ بِالْإِجْهَازِ عَلَيْهِ أَوْ الْعَرْقَبَةِ أَوْ الذَّبْحِ، وَقَوْلُهُ: إنْ أَكَلُوا الْمَيْتَةَ أَيْ إنْ اسْتَحَلُّوا أَكْلَهَا، وَلَوْ ظَنًّا لِئَلَّا يَنْتَفِعُوا بِهِ فَإِنْ كَانُوا لَا يَسْتَحِلُّونَ أَكْلَ الْمَيْتَةِ لَمْ يُطْلَبْ التَّحْرِيقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا وَالْأَظْهَرُ طَلَبُ تَحْرِيقِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اسْتَحَلُّوا أَكْلَ الْمَيْتَةِ أَمْ لَا لِاحْتِمَالِ أَكْلِهِمْ لَهُ حَالَ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إلَخْ) هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ دِيوَانًا) أَيْ كَأَنْ يَجْعَلَ دَفْتَرًا تُكْتَبُ فِيهِ أَسْمَاءُ الْعَسَاكِرِ الْمِصْرِيَّةِ أَوْ الشَّامِيَّةِ أَوْ الْحَلَبِيَّةِ إلَخْ، وَمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَطَاءِ الَّذِي يَجْعَلُهُ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِلدَّفْتَرِ إلَخْ) أَيْ كَالدَّفْتَرِ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ أَسْمَاءُ عَسَاكِرِ مِصْرَ وَجُنْدِهَا الَّذِينَ يَخْرُجُونَ إلَى الْجِهَادِ بِعَطَاءٍ أَيْ جَامَكِيَّةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُمْ أَنْوَاعُ عَرَبٍ وَإنْكِشَارِيَّةٌ وَجُمَلِيَّةٌ وَجَاوِيشِيَّةٌ وَمُتَفَرِّقَةٌ وَجَرَاكِسَةٌ وَاِسْبَاهِيَّةٌ، وَقَدْ كَتَبَ بِذَلِكَ الدَّفْتَرِ أَسْمَاءَ جُنْدِ كُلِّ نَوْعٍ مِمَّا ذَكَرَ، وَمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْعَسْكَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ إلَّا بِقَدْرِ حَاجَتِهِ الْمُعْتَادَةِ لِأَمْثَالِهِ وَأَمَّا أَخْذُهُ زِيَادَةً عَنْهَا فَيَحْرُمُ بِخِلَافِ مُرَتَّبِ تَدْرِيسٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَامَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ أَخْذُهُ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ إعْطَاؤُهُ لِلْمُتَّصِفِ بِالْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا دُونَ الدِّيوَانِ كَذَا فِي عبق وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ لِلْعَسْكَرِ الْأَخْذَ
بِعَطَاءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَ) جَازَ (جُعْلٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ (مِنْ قَاعِدٍ) يَدْفَعُهُ (لِمَنْ يَخْرُجُ عَنْهُ) لِلْجِهَادِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْجُعْلُ هُوَ عَطَاءَ الْجَاعِلِ مِنْ الدِّيوَانِ أَوْ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ عِنْدِهِ (إنْ كَانَا) أَيْ الْجَاعِلُ وَالْخَارِجُ عَنْهُ (بِدِيوَانٍ) وَاحِدٍ أَيْ بِأَنْ كَانَا مِنْ أَهْلِ عَطَاءٍ وَاحِدٍ كَدِيوَانِ مِصْرَ فَإِنَّهُ وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُمْ كَمُتَفَرِّقَةٍ وَجَرَاكِسَةٍ وَجَاوِيشِيَّةٍ، وَأَهْلُ الشَّامِ أَهْلُ دِيوَانٍ وَاحِدٍ، وَأَهْلُ الرُّومِ أَهْلُ دِيوَانٍ فَلَا يَخْرُجُ شَامِيٌّ عَنْ مِصْرِيٍّ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْخَرْجَةُ وَاحِدَةً وَلَمْ يُعَيِّنْ الْإِمَامُ شَخْصَ الْخَارِجِ، وَأَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ عِنْدَ حُضُورِ الْخَرْجَةِ أَيْ صَرْفِهَا لِأَهْلِ الدِّيوَانِ، وَالسَّهْمُ لِلْقَاعِدِ لَا لِلْخَارِجِ، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَهُمَا كَمَالٍ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ فَتَأَمَّلْ.
(وَ) جَازَ (رَفْعُ صَوْتِ مُرَابِطٍ) وَحَارِسِ بَحْرٍ (بِالتَّكْبِيرِ) فِي حَرَسِهِمْ لَيْلًا وَنَهَارًا؛ لِأَنَّهُ شِعَارُهُمْ، وَمِثْلُهُ رَفْعُهُ بِتَكْبِيرِ الْعِيدِ وَبِالتَّلْبِيَةِ، وَكَذَا التَّهْلِيلُ وَالتَّسْبِيحُ الْوَاقِعُ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَيْ مِنْ الْجَمَاعَةِ لَا الْمُنْفَرِدِ، وَالسِّرُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَفْضَلُ وَوَجَبَ إنْ لَزِمَ مِنْ الْجَهْرِ التَّشْوِيشُ عَلَى الْمُصَلِّينَ أَوْ الذَّاكِرِينَ (وَكُرِهَ التَّطْرِيبُ) أَيْ التَّغَنِّي بِالتَّكْبِيرِ.
(وَ) جَازَ (قَتْلُ عَيْنٍ) أَيْ جَاسُوسٍ يَطَّلِعُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَنْقُلُ أَخْبَارَهُمْ لِلْعَدُوِّ (وَإِنْ أَمِنَ) أَيْ دَخَلَ بِلَادَنَا بِأَمَانٍ؛ لِأَنَّ التَّأْمِينَ لَا يَتَضَمَّنُ كَوْنَهُ عَيْنًا، وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ وَلَا يَجُوزُ عَقْدٌ عَلَيْهِ (وَالْمُسْلِمُ) الْعَيْنُ (كَالزِّنْدِيقِ) يُقْتَلُ إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ تَوْبَةٌ، وَإِنْ جَاءَ تَائِبًا قُبِلَتْ.
(وَ) جَازَ (قَبُولُ الْإِمَامِ) ، وَأَمِيرِ الْجَيْشِ (هَدِيَّتَهُمْ) إنْ كَانَ فِيهِمْ مَنَعَةٌ وَقُوَّةٌ، لَا إنْ ضَعُفُوا وَأَشْرَفَ الْإِمَامُ عَلَى أَخْذِهِمْ، وَقَصَدُوا تُوهِينَ الْمُسْلِمِينَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ جُعِلَ الدِّيوَانِ وَلَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِعَطَاءٍ) أَيْ بِسَبَبِ عَطَاءٍ (قَوْلُهُ: وَجَازَ جُعْلٌ مِنْ قَاعِدٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ طَائِفَةً لِلْجِهَادِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَجْعَلَ جُعْلًا لِمَنْ يَخْرُجُ بَدَلًا عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا وَاحِدًا، وَذَكَرَ الشَّارِحُ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ: هُوَ عَطَاءُ الْجَاعِلِ) أَيْ جَامَكِيَّتُهُ الَّتِي يَأْخُذُهَا مِنْ الدِّيوَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرًا مُعَيَّنًا) سَوَاءٌ كَانَ قَدْرُ عَطَائِهِ مِنْ الدِّيوَانِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَا بِدِيوَانٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ لِكَوْنِهَا إجَارَةً مَجْهُولَةَ الْعَمَلِ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَقَعُ لِقَاءٍ أَمْ لَا، وَلَا كَمْ مُدَّةَ اللِّقَاءِ، وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ إذَا كَانَا مِنْ دِيوَانٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا عَلَى الْآخَرِ فَخُرُوجُ الْمَجْعُولِ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْجُعْلِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا خَرَجَ، وَرُبَّمَا لَمْ يَخْرُجْ (قَوْلُهُ: وَأَهْلُ الشَّامِ أَهْلُ دِيوَانٍ) أَيْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُمْ الإنكشارية وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: وَيَشْتَرِطُ أَيْضًا) أَيْ فِي جَوَازِ دَفْعِ الْجُعْلِ عَنْ الْقَاعِدِ لِمَنْ يَخْرُجُ بَدَلًا عَنْهُ أَنْ تَكُونَ الْخَرْجَةُ أَيْ لِلْجِهَادِ بَدَلًا عَنْهُ الَّتِي يُجَاعِلُهُ عَلَيْهَا وَاحِدَةً كَأُجَاعِلُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَخْرُجَ بَدَلًا عَنِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَأَمَّا لَوْ تَقَاعَدَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا حَصَلَ الْخُرُوجُ لِلْجِهَادِ خَرَجَ نَائِبًا عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ فَالْمُرَادُ بِالْخَرْجَةِ الْمَرَّةُ مِنْ الْخُرُوجِ لِلْغَزْوِ وَكَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعَيِّنْ الْإِمَامُ شَخْصَ الْخَارِجِ) الْأَوْلَى شَخْصَ الْقَاعِدِ أَيْ، وَإِنَّمَا عَيَّنَهُ بِالْوَصْفِ كَأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ يَخْرُجُ مِنْ الْجَاوِيشِيَّةِ بِمِصْرَ أَوْ مِنْ الإنكشارية مِائَةٌ فَيَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ قَبْلَ تَعْيِينِهِ بِالشَّخْصِ أَنْ يَجْعَلَ لِنَفْسِهِ بَدَلًا، وَيَقْعُدَ وَكَأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ: يَخْرُجُ أَصْحَابُ فُلَانٍ أَوْ أَهْلُ النَّوْبَةِ الصَّيْفِيَّةِ أَوْ الشَّتْوِيَّةِ فَيَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَنِيبَ فَإِنْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ بِالشَّخْصِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ، وَقَالَ التُّونُسِيُّ إنَّمَا يَجُوزُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ) أَيْ دَفْعُهُ لِلْخَارِجِ بَدَلًا عَنْهُ عِنْدَ حُضُورِ الْخَرْجَةِ أَيْ عِنْدَ صَرْفِ الْجَامِكِيَّةِ لِأَهْلِ الدِّيوَانِ (قَوْلُهُ: وَالسَّهْمُ) أَيْ مِنْ الْغَنِيمَةِ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ رَفْعُ صَوْتِ مُرَابِطٍ بِالتَّكْبِيرِ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَانَ الْمُرَابِطُ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً كَانَ التَّكْبِيرُ عَقِبَ الصَّلَاةِ أَوْ لَا وَاَلَّذِي فِي الْمَدْخَلِ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ الْمُرَابِطُ جَمَاعَةً، وَكَانَ التَّكْبِيرُ عَقِبَ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا كُرِهَ لَهُ رَفْعُ صَوْتِهِ بِالتَّكْبِيرِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا كَانَ الْمُرَابِطُ جَمَاعَةً وَكَانَ التَّكْبِيرُ عَقِبَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فِي حَرَسِهِمْ) أَيْ فِي أَمَاكِنِ حَرَسِهِمْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا التَّهْلِيلُ) أَيْ أَنَّ مِثْلَ التَّكْبِيرِ فِي نَدْبِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِهِ التَّهْلِيلُ وَالتَّسْبِيحُ الْوَاقِعُ عَقِبَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الْجَمَاعَةِ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرَفْعُ صَوْتِ مُرَابِطٍ بِالتَّكْبِيرِ وَلِمَا مَاثَلَهُ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ. (قَوْلُهُ: وَالسِّرُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَ مِنْ تَكْبِيرِ الْمُرَابِطِ وَالْعِيدِ وَالتَّلْبِيَةِ وَتَسْبِيحِ الْجَمَاعَةِ وَتَهْلِيلِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ أَيْ مِنْ الْجَهْرِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَ فَالْجَهْرُ فِيهِ أَفْضَلُ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْجَوَازُ هُنَا بِرُجْحَانِيَّةٍ عَلَى الصَّوَابِ لَا بِمَرْجُوحِيَّةٍ خِلَافًا لعبق (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ) أَيْ إسْرَارُ الْمُرَابِطِ بِالتَّكْبِيرِ، وَإِسْرَارُ الْجَمَاعَةِ بِالتَّسْبِيحِ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ قَتْلُ عَيْنٍ) أَيْ كَافِرٍ قَالَ سَحْنُونٌ مَا لَمْ يَرَ الْإِمَامُ اسْتِرْقَاقَهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ اسْتِرْقَاقَهُ لَا يَدْفَعُ إذَايَتَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمِنَ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يُؤْمَنْ بِأَنْ دَخَلَ بِلَادَنَا بِلَا أَمَانٍ مُسْتَخْفِيًا وَصَارَ عَيْنًا بَلْ وَإِنْ أَمِنَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ عَقْدٌ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ عَقْدُ الْأَمَانِ عَلَى التَّجَسُّسِ فَضَمِيرُ عَلَيْهِ لِوَصْفِ الشَّخْصِ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ قَبُولُ الْإِمَامِ) أَيْ فِي حَالَةِ الْجِهَادِ، وَقِيَامِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ ضَعُفُوا إلَخْ) أَيْ فَلَا تُقْبَلُ حِينَئِذٍ لَكِنْ مَعَ الْعَمَلِ بِمَا قَصَدُوهُ، وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِنْ قَبُولِهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا
(وَهِيَ) أَيْ الْهَدِيَّةُ (لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ يَخْتَصُّ بِهَا (إنْ كَانَتْ مِنْ بَعْضٍ) مِنْهُمْ لَهُ (لِكَقَرَابَةٍ) أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ مُكَافَأَةٍ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بَلَدَ الْعَدُوِّ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَتْ لَا لِكَقَرَابَةٍ فَهِيَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِلَا تَخْمِيسٍ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِلَادَهُمْ، وَإِلَّا فَغَنِيمَةٌ تُخَمَّسُ (وَ) هِيَ (فَيْءٌ) تُرْصَدُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِلَا تَخْمِيسٍ (إنْ)(كَانَتْ) الْهَدِيَّةُ لِلْإِمَامِ (مِنْ الطَّاغِيَةِ) أَيْ مَلِكِهِمْ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ) الْإِمَامُ (بَلَدَهُ) أَيْ إقْلِيمَهُ كَانَتْ لِكَقَرَابَةٍ أَمْ لَا فَإِنْ دَخَلَهَا فَغَنِيمَةٌ لِلْجَيْشِ تُخَمَّسُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْهَدِيَّةِ لِلْإِمَامِ كَمَا هُوَ صَرِيحُهُ فَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ فَهِيَ لَهُ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ لِكَقَرَابَةٍ أَوْ لَا دَخَلَ الْإِمَامُ بِلَادَهُمْ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَيْرُ لَهُ كَلِمَةٌ وَجَاءَ عِنْدَ الْإِمَامِ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الْإِمَامِ. (وَ) جَازَ (قِتَالُ رُومٍ) ، وَهُمْ الْإِفْرِنْجُ (وَتُرْكٍ) فَغَيْرُهُمْ أَوْلَى وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى مَنْ ذَكَرَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ حَدِيثَ اُتْرُكُوا الْحَبَشَةَ مَا تَرَكُوكُمْ أَوْ اُتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِرْشَادِ، وَأَنَّ قِتَالَ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْلَى، وَفِي نُسْخَةٍ نَوْبٍ بَدَلُ رُومٍ، وَيُرَادُ بِهِمْ الْحَبَشَةُ وَإِنْ كَانَ النَّوْبُ غَيْرَهُمْ فِي الْأَصْلِ، وَهِيَ الصَّوَابُ لِمُوَافَقَتِهَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ، وَأَمَّا الرُّومُ فَلَمْ يَرِدْ النَّهْيُ عَنْ قِتَالِهِمْ حَتَّى يَعْتَنِي بِالنَّصِّ عَلَيْهِمْ (وَ) جَازَ (احْتِجَاجٌ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (بِقُرْآنٍ) إنْ أَمِنَ سَبَّهُمْ لَهُ أَوْ لِمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا حَرُمَ وَالْمُرَادُ تِلَاوَتُهُ عَلَيْهِمْ (وَبَعْثُ كِتَابٍ) لَهُمْ (فِيهِ كَالْآيَةِ) وَالْآيَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ إنْ أَمِنَ السَّبَّ وَالِامْتِهَانَ.
(وَ) جَازَ (إقْدَامُ الرَّجُلِ) الْمُسْلِمِ (عَلَى كَثِيرٍ) مِنْ الْكُفَّارِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) قَصْدُهُ (لِيُظْهِرَ شَجَاعَةً) بَلْ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) ، وَأَنْ يَظُنَّ تَأْثِيرَهُ فِيهِمْ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ.
(وَ) جَازَ (انْتِقَالٌ مِنْ) سَبَبِ (مَوْتٍ لِآخَرَ) كَحَرْقِهِمْ سَفِينَةً إنْ اسْتَمَرَّ فِيهَا هَلَكَ، وَإِنْ طَرَحَ نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ هَلَكَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَهِيَ لَهُ إلَخْ) حَاصِلُ صُوَرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْمُهْدِي إمَّا الطَّاغِيَةُ أَوْ بَعْضُ جُنْدِهِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا لِكَقَرَابَةٍ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَالْمُهْدَى لَهُ إمَّا الْإِمَامُ أَوْ بَعْضُ جُنْدِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لِلْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ الطَّاغِيَةِ فَهِيَ لِلْإِمَامِ إنْ كَانَتْ لِكَقَرَابَةٍ كَانَتْ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ قَرَابَةٍ فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ فَفَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدُ فَغَنِيمَةٌ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لِلْإِمَامِ مِنْ الطَّاغِيَةِ فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ فَفَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدُ فَغَنِيمَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِكَقَرَابَةٍ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ فَهِيَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِكَقَرَابَةٍ أَوْ لَا بَعْدَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ أَوْ قَبْلَهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى مَنْ ذَكَرَ) أَيْ عَلَى جَوَازِ قِتَالِ مِنْ ذَكَرَ دُونَ غَيْرِهِمْ مَعَ أَنَّ غَيْرَهُمْ كَالْحَبَشَةِ وَالْقِبْطِ وَالزِّنْجِ كَذَلِكَ يَجُوزُ قِتَالُهُمْ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى الْإِرْشَادِ) أَيْ أَنَّ الْأَمْرَ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِرْشَادِ لِمَا هُوَ الْأَفْضَلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ كَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا لِلْإِهَانَةِ نَحْوَ {كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [الإسراء: 50] فَالنَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام أَرْشَدَنَا وَدَلَّنَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَتْرُكَ مُقَاتَلَتَهُمْ وَنَشْتَغِلَ بِمُقَاتَلَةِ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لِكَوْنِهِ أَوْلَى لِقُوَّةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّرْكُ وَاجِبًا عَلَيْنَا، وَإِذَا كَانَ تَرْكُ مُقَاتَلَتِهِمْ جَائِزًا كَانَ قِتَالُهُمْ جَائِزًا كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ النُّوَبُ غَيْرَهُمْ فِي الْأَصْلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ النُّوَبَ فِي الْأَصْلِ صِنْفٌ مِنْ السُّودَانِ (قَوْلُهُ: لِمُوَافَقَتِهَا الْحَدِيثَ) أَيْ وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ قِتَالِ الرُّومِ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِمْ بِخِلَافِ الْحَبَشَةِ فَقَدْ قِيلَ بِمَنْعِ قِتَالِهِمْ هُمْ وَالتُّرْكُ.
(تَنْبِيهٌ) الرُّومُ أَوْلَادُ رُومِ بْنِ عِيصُوِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ سُمُّوا بِاسْمِ أَبِيهِمْ، وَهُمْ الَّذِينَ تُسَمِّيهِمْ أَهْلُ هَذِهِ الْبِلَادِ بِالْإِفْرِنْجِ، وَهُمْ فِرَقٌ كَثِيرَةٌ كَالْإِنْجِلِيزِ وَالْفِرِنْسِيسِ وَدِبْرَهْ وَنِيمْسَهْ وَمَوْسَقَهْ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَأَمَّا التُّرْكُ فَهُمْ جِيلٌ مِنْ النَّاسِ لَا كِتَابَ لَهُمْ مِنْ أَوْلَادِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ تُرِكُوا مِنْ يَأْجُوجَ، وَمَأْجُوجَ خَلْفَ السَّدِّ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا تَوَلَّدَ لِسَانُهُمْ مِنْ الْفَارِسِيِّ مَعَ شَيْءٍ مِنْ الْعَرَبِيِّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا حُرِّمَ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَيْهِمْ مَعَ السَّبِّ نَافِعًا، وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ الْجَوَازِ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ بِالِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ بِالْقُرْآنِ تِلَاوَتُهُ عَلَيْهِمْ أَيْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِقْدَامُ الرَّجُلِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ لَا إلَى الشَّرْطِ كَمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُهُ. اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ يَظُنَّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَوَازَ إقْدَامِ الْوَاحِدِ عَلَى الْكَثِيرِ مُقَيَّدٌ بِأَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ وَأَنْ يَظُنَّ تَأْثِيرَهُ فِيهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ لِلْكَمَالِ لِمَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ الِافْتِخَارِ فِي الْحَرْبِ فَمَفْهُومُهُ الْكَرَاهَةُ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ خش مِنْ الْحُرْمَةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ تَأْثِيرَهُ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ وَلَوْ عَلِمَ ذَهَابَ نَفْسِهِ كَمَا فِي عبق، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمَنْعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] .
(قَوْلُهُ: مِنْ سَبَبِ إلَخْ) إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ سَبَبًا؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ وَالتَّعَدُّدُ إنَّمَا هُوَ فِي أَسْبَابِهِ
، وَمَنْ لَمْ يَمُتْ بِالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْرِهِ
…
تَعَدَّدَتْ الْأَسْبَابُ وَالْمَوْتُ وَاحِدٌ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَحَ نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ هَلَكَ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ طَرْحُ نَفْسِهِ فِي الْبَحْرِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ
(وَوَجَبَ) الِانْتِقَالُ (إنْ رَجَا) بِهِ (حَيَاةً أَوْ طُولَهَا) ، وَلَوْ حَصَلَ لَهُ مَعَهَا مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ الْمَوْتِ لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ قَوْلَهُ (كَالنَّظَرِ) مِنْ الْإِمَامِ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ (فِي الْأَسْرَى) قَبْلَ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ (بِقَتْلٍ) ، وَيُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ (أَوْ مَنٍّ) بِأَنْ يُتْرَكَ سَبِيلُهُمْ، وَيُحْسَبُ مِنْ الْخُمُسِ (أَوْ فِدَاءٍ) مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا بِالْأَسْرَى الَّذِينَ عِنْدَهُمْ أَوْ بِمَالٍ (أَوْ) ضَرْبِ (جِزْيَةٍ) عَلَيْهِمْ، وَيُحْسَبُ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا (أَوْ اسْتِرْقَاقٍ) ، وَيَرْجِعُ لِلْغَنِيمَةِ، وَهَذِهِ الْوُجُوهُ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ الْمُقَاتِلَةِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ فَلَيْسَ فِيهِمْ إلَّا الِاسْتِرْقَاقُ أَوْ الْفِدَاءُ (وَلَا يَمْنَعُهُ) أَيْ الِاسْتِرْقَاقَ (حَمْلٌ) لِأَمَةٍ (بِمُسْلِمٍ) كَأَنْ يَتَزَوَّجَ مُسْلِمٌ كِتَابِيَّةً حَرْبِيَّةً بِبَلَدِ الْحَرْبِ ثُمَّ تُسْبَى حَامِلًا أَوْ يَتَزَوَّجُ كَافِرٌ كَافِرَةً وَيُسْلِمُ ثُمَّ تُسْبَى حَامِلًا، وَقَدْ أَحْبَلَهَا حَالَ كُفْرِهِ أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَهِيَ رَقِيقَةٌ لِسَابِيهَا، وَالْحَمْلُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا رِقُّهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَرِقٌّ) كَأَمَةٍ (إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ) أَيْ فِي حَالَ كُفْرِ أَبِيهِ ثُمَّ أَسْلَمَ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْوُسْطَى لَا إنْ حَمَلَتْ بِهِ حَالَ إسْلَامِ أَبِيهِ كَمَا فِي الطَّرَفَيْنِ فَحُرٌّ.
(وَ) وَجَبَ لَهُمْ (الْوَفَاءُ بِمَا) أَيْ بِالشَّرْطِ الَّذِي (فَتَحَ لَنَا) الْحِصْنَ أَوْ الْقَلْعَةَ أَوْ الْبَلَدَ (بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (بَعْضُهُمْ) كَأَفْتَحُ لَكُمْ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَهْلِي أَوْ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِي أَوْ بَنِي فُلَانٍ، وَيَكُونُ هُوَ آمِنًا مَعَ مَنْ طَلَبَ لَهُ الْأَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُ الْأَمَانَ لِأَحَدٍ إلَّا مَعَ طَلَبِهِ لِنَفْسِهِ (وَ) وَجَبَ الْوَفَاءُ (بِأَمَانِ الْإِمَامِ)(مُطْلَقًا) بِبَلَدِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ سَلَاطِينِ الْمُسْلِمِينَ أَمَّنَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ الْأَمَانُ لِإِقْلِيمٍ أَوْ عَدَدٍ مَحْصُورٍ (كَالْمُبَارِزِ) يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا شَرَطَهُ مِنْ الْقِتَالِ (مَعَ قِرْنِهِ) بِكَسْرِ الْقَافِ الْمُكَافِئُ لَهُ فِي الشَّجَاعَةِ رَاجِلَيْنِ أَوْ رَاكِبَيْنِ فَرَسَيْنِ أَوْ بَعِيرَيْنِ بِسَيْفٍ أَوْ خِنْجَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَإِنْ أُعِينَ) الْقِرْنُ الْكَافِرُ (بِإِذْنِهِ قُتِلَ) الْمُعَانُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْمُعِينِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ قُتِلَ الْمُعِينُ فَقَطْ.
(وَ) جَازَ (لِمَنْ)(خَرَجَ) لِلْمُبَارَزَةِ (فِي) جُمْلَةِ (جَمَاعَةٍ) مُسْلِمِينَ (لِمِثْلِهَا) مِنْ الْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ شَخْصٍ لِآخَرَ عِنْدَ الْعَقْدِ لَكِنْ عِنْدَ الْقِتَالِ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقِرْنٍ (إذَا فَرَغَ) الْمُسْلِمُ (مِنْ قِرْنِهِ الْإِعَانَةُ) لِغَيْرِهِ عَلَى قِرْنِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْجَمْعَ مُقَابِلٌ لِلْجَمْعِ (وَأُجْبِرُوا) أَيْ أَهْلُ الْحِصْنِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ أَيْ يَعْلَمَ أَنَّهُ إنْ مَكَثَ مَاتَ حَالًا، وَإِنْ رَمَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ مَاتَ حَالًا، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ نَزَلَ الْبَحْرَ مَكَثَ حَيًّا وَلَوْ دَرَجَةً، أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَإِنْ مَكَثَ مَاتَ حَالًا وَجَبَ عَلَيْهِ النُّزُولُ فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَوَجَبَ إنْ رَجَا حَيَاةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ الِانْتِقَالُ) أَيْ مِنْ سَبَبِ الْمَوْتِ لِسَبَبٍ آخَرَ، وَقَوْلُهُ: إنْ رُجِيَ بِهِ أَيْ بِالِانْتِقَالِ بِمَعْنَى الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الرَّجَاءُ عَلَى جِهَةِ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ) أَيْ قِيمَةُ الْأَسِيرِ الْمَقْتُولِ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَضِيعُ عَلَى الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُتْرَكُ سَبِيلُهُمْ) أَيْ مَجَّانًا مِنْ غَيْرِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُمْ لَا عَاجِلًا، وَلَا آجِلًا (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ) أَيْ مَنْ مَنَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَأَعْتَقَهُ مِنْ الْخُمُسِ الَّذِي لِبَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِدَاءٍ مِنْ الْخُمُسِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَحْصُلُ الْفِدَاءُ بِمَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ وَيَضُمُّهُ لِلْغَنِيمَةِ، أَوْ يَحْصُلُ الْفِدَاءُ بِرَدِّ الْأَسْرَى الَّذِينَ عِنْدَهُمْ وَحِينَئِذٍ فَيُحْسَبُ الْقَدْرُ الَّذِي يُفَكُّ بِهِ الْأَسْرَى مِنْ عِنْدَهُمْ مِنْ الْخُمُسِ. (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِمْ) أَيْ، وَيُحْسَبُ قِيمَةُ الْأَسْرَى الَّذِينَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا وَالْجِزْيَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهُمْ كُلَّ عَامٍ مَحَلُّهَا بَيْتُ الْمَالِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تُحْسَبُ مِنْ الْخُمُسِ هُوَ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ اللَّخْمِيِّ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الثَّلَاثَةَ تُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا رِقُّهُ) أَيْ رِقُّ الْحَمْلِ.
(قَوْلُهُ: فَحُرٌّ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا مِلْكَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ لَا سَابِي أُمِّهِ وَلَا غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: بِبَلَدٍ إلَخْ) أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْإِمَامُ حِينَ أَعْطَى الْأَمَانَ لِلْحَرْبِيِّ فِي بَلَدٍ مِنْ بِلَادِهِ أَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ سُلْطَانٍ آخَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: أَمِنَهُ) أَمِنَ الْإِمَامُ الْحَرْبِيَّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَنَفْسِهِ، وَأَهْلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَدٌ مَحْصُورٌ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَمَانُ بَعْدَ الْفَتْحِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: كَالْمُبَارِزِ) أَيْ فَإِذَا بَرَزَ لِلْمَيْدَانِ وَاحِدٌ مِنْ شُجْعَانِ الْمُسْلِمِينَ وَطَلَبَ أَنَّ قَرِينَهُ فُلَانٌ الْكَافِرُ يَبْرُزُ لَهُ فَقَالَ ذَلِكَ الْكَافِرُ بِشَرْطِ أَنْ نُقَاتِلَ مَاشِيَيْنِ أَوْ رَاكِبَيْنِ عَلَى خَيْلٍ أَوْ إبِلٍ أَوْ نَتَقَاتَلُ بِالسُّيُوفِ أَوْ الرِّمَاحِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُوَفِّيَ لِقِرْنِهِ بِمَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُبَارِزِ الْقَتْلَ مِنْ قِرْنِهِ الْكَافِرِ فَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُعَانُ بِوَجْهٍ لِأَجْلِ الشَّرْطِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ إعَانَةُ الْمُسْلِمِ وَدَفْعِ الْمُشْرِكِ عَنْهُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ مُبَارَزَتَهُ عَهْدٌ عَلَى أَنْ لَا يَقْتُلَهُ إلَّا مَنْ بَارَزَهُ قَالَ الْمَوَّاقُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَلَا تَرَى أَنَّ الْعِلْجَ الْمُكَافِئَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْسِرَهُ لَوَجَبَ عَلَيْنَا إنْقَاذُهُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَفْعُهُ عَنْهُ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلَ كَمَا فِي الْبِسَاطِيِّ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْقَافِ) أَيْ وَجَمْعُهُ أَقْرَانٌ وَقَوْلُهُ: الْمُكَافِئُ أَيْ الْمُمَاثِلُ (قَوْلُهُ: فِي الشُّجَاعَةِ) أَيْ أَوْ الْعِلْمِ أَوْ الْبَطْشِ وَالْقِتَالِ، وَأَمَّا الَّذِي يُقَارِنُك فِي سِنِّك فَهُوَ قَرْنٌ بِالْفَتْحِ وَقَرِينٌ وَجَمْعُهُ قُرَنَاءُ كَمَا فِي الْمَشَارِقِ (قَوْلُهُ: قُتِلَ الْمُعِينُ فَقَطْ) أَيْ وَتُرِك الْمُعَانُ لِمُبَارِزِهِ يَتَقَاتَلَانِ حَتَّى يَحْصُلَ مَا يُرِيدُهُ اللَّهُ؛ لِأَنَّ مُبَارَزَتُهُ عَهْدٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ إلَّا مَنْ بَارَزَهُ فَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ، وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ أَعَانَهُ بِإِذْنٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ حُمِلَ عَلَى الْإِذْنِ إنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا رَاطَنَهُ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا يَقُولُ فَجَاءَ عَقِبَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِذْنِ.
(قَوْلُهُ: وَأُجْبِرُوا أَيْ أَهْلُ الْحِصْنِ إلَخْ)
أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ مَنْ قَدِمَ بِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْكُفَّارِ الْحَرْبِيِّينَ إذَا نَزَلُوا بِأَمَانٍ (عَلَى) مُقْتَضَى (حُكْمِ مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ إنْ كَانَ) مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ (عَدْلًا) فِيمَا حَكَّمُوهُ فِيهِ مِنْ تَأْمِينٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلَ شَهَادَةٍ فَيَشْمَلُ الْعَبْدَ وَالصَّغِيرَ كَذَا قِيلَ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَدْلُ الشَّهَادَةِ فَغَيْرُهُ مِنْ صَغِيرٍ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا إلَخْ (وَعَرَفَ الْمَصْلَحَةَ) لِلْمُسْلِمِينَ أَيْ إذَا أَنْزَلَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ فَحَكَمَ بِالْقَتْلِ أَوْ الْأَسْرِ أَوْ بِضَرْبِ جِزْيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أُجْبِرُوا عَلَى حُكْمِهِ، وَلَا يُرَدُّونَ لِمَأْمَنِهِمْ إنْ أَبَوْا (وَإِلَّا) بِأَنْ انْتَفَى الشَّرْطَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا (نَظَرَ الْإِمَامُ) فِيمَا حَكَمَ بِهِ إنْ كَانَ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَتَوَلَّى الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ، وَلَا يَرُدُّهُمْ لِمَأْمَنِهِمْ ثُمَّ شَبَّهَ فِي نَظَرِ الْإِمَامِ قَوْلَهُ:(كَتَأْمِينِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْإِمَامِ (إقْلِيمًا) أَيْ عَدَدًا غَيْرَ مَحْصُورٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدَ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَمَّنَ غَيْرُ الْإِمَامِ دُونَ إقْلِيمٍ بِأَنْ أَمَّنَ عَدَدًا مَحْصُورًا أَوْ وَاحِدًا (فَهَلْ يَجُوزُ) ابْتِدَاءً، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ فِيهِ خِيَارٌ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ (أَوْ) لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَلَكِنْ (يُمْضَى) إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ ثُمَّ الْجَوَازُ ابْتِدَاءً أَوْ مُضِيُّهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَمَانِ الْوَاقِعِ (مِنْ مُؤَمِّنٍ مُمَيِّزٍ) وَالْأَوْلَى حَذْفُ مُؤَمِّنٍ (وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ رِقًّا أَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ لَا) إنْ كَانَ الْمُؤَمِّنُ (ذِمِّيًّا أَوْ خَائِفًا مِنْهُمْ) حَالَ عَقْدِ الْأَمَانِ فَلَا يَمْضِي؛ لِأَنَّ كُفْرَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى سُوءِ النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ وَخَوْفَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً دُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَوْلُهُ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ لَا، وَلَوْ قَدَّمَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ، وَلَوْ صَغِيرًا يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ فِيهِ الْخِلَافُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَلَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَلَوْ قَالَ مِنْ صَغِيرٍ مُمَيِّزٍ إلَخْ كَانَ أَحْسَنَ.
(وَسَقَطَ الْقَتْلُ) لِتَأْمِينِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا أَمْضَاهُ (وَلَوْ) وَقَعَ الْأَمَانُ (بَعْدَ الْفَتْحِ) ، وَكَذَا يَسْقُطُ غَيْرُهُ مِنْ جِزْيَةٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ أَوْ فِدَاءٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ أَنَّهُ إذَا حَاصَرَ الْجَيْشُ حِصْنًا، وَأَرَادُوا قَتْلَ مَنْ فِيهِ فَقَالَ أَهْلُ الْحِصْنِ نَنْزِلُ لَكُمْ مِنْهُ عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ أَوْ رَاضِينَ بِحُكْمِ فُلَانٍ فِينَا الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْجَيْشِ فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إنْزَالُهُمْ مِنْ الْحِصْنِ أَوْ الْقَلْعَةِ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ بَلْ عَلَى حُكْمِهِ ثُمَّ إذَا كَانُوا مُتَرَجِّينَ أَنَّ فُلَانًا يَحْكُمُ فِيهِمْ بِحُكْمٍ هَيِّنٍ كَفِدَاءٍ فَلَمَّا نَزَلُوا حَكَمَ فِيهِمْ بِالْقَتْلِ أَوْ الْأَسْرِ لِمَا رَآهُ مِنْ
الْمَصْلَحَةِ
أُجْبِرُوا عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمْ بَعْدَ نُزُولِهِمْ وَحُكْمُ فُلَانٍ فِيهِمْ لَا نَرْضَى بِحُكْمِهِ لِأَنَّنَا كُنَّا نَظُنُّ أَنَّهُ يَرْأَفُ بِنَا فَوَجَدْنَاهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ قَدِمَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَدِمَ بِلَادَنَا حَرْبِيُّونَ بِتِجَارَةٍ وَطَلَبُوا الدُّخُولَ بِأَمَانٍ، وَقَالُوا نَرْضَى بِمَا يَحْكُمُ بِهِ عَلَيْنَا فُلَانٌ مِنْ أَخْذِ مَا يُرْضِيهِ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي بِأَيْدِينَا فَإِذَا دَخَلُوا، وَقَالَ حَكَمْت بِالْعُشْرِ فَأَبَوْا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى مَا حَكَمَ بِهِ فُلَانٌ مِنْ أَخْذِ الْعُشْرِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) أَيْ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ الْعَدَالَةُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي كُلِّ حَاكِمٍ وَهِيَ لَا تَتَجَزَّأُ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ عَدْلًا فِيمَا حَكَّمُوهُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاكِمُ عَامًّا أَوْ خَاصًّا وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ عَدْلُ الشَّهَادَةِ، وَهُوَ الْحُرُّ الذَّكَرُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ السَّالِمُ مِنْ الْفِسْقِ. اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: كَتَأْمِينِ غَيْرِهِ) أَيْ فَإِذَا أَمَّنَ غَيْرُ الْإِمَامِ إقْلِيمًا وَجَبَ نَظَرُ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَتَوَلَّى الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَأْمِينَ الْإِقْلِيمِ مِنْ خَصَائِصِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدَ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْهِنْدُ وَالْحِجَازُ، وَمِصْرُ وَبَابِلُ وَالرُّومُ وَالتُّرْكُ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَالصِّينُ وَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالشَّامُ فَمِنْ مِصْرَ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الدِّيَةِ وَالْمِيقَاتِ وَالْيَمَنُ وَالْحَبَشَةُ مِنْ الْحِجَازِ، وَكُلُّ إقْلِيمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقَالِيمِ سَبْعُمِائَةِ فَرْسَخٍ فِي مِثْلِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْسَبَ مِنْ ذَلِكَ جَبَلٌ، وَلَا وَادٍ وَالْبَحْرُ الْأَعْظَمُ مُحِيطٌ بِذَلِكَ، وَمُحِيطٌ بِهِ بِجَبَلِ قَافٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى حَذْفُ مُؤَمِّنٍ) هَذَا إذَا جُعِلَ مُؤَمِّنٌ مَأْخُوذًا مِنْ الْأَمَانِ أَوْ مِنْ التَّأْمِينِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنْ الْإِيمَانِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: لَا ذِمِّيًّا مُحْتَرَزُهُ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مِنْ مُؤْمِنٍ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ فِي مَحَلِّ الْحَالِ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) سَبَبُهُمَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ قَوْلُ مَالِكٍ أَمَانُ الْمَرْأَةِ جَائِزٌ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَا عِنْدِي أَمَانُ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْأَمَانَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ بِالِاجْتِهَادِ ابْنُ يُونُسَ، جَعَلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ خِلَافًا وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ وِفَاقًا فَقَوْلُهُ أَمَانُهَا جَائِزُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا إبَاحَةَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ كَمُلَتْ فِيهِ سِتَّةُ شُرُوطٍ وَهِيَ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورِيَّةُ وَعَدَمُ الْخَوْفِ مِنْهُمْ إذَا أَعْطَى أَمَانًا كَانَ كَأَمَانِ الْإِمَامِ فِي الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَلَا يَتَعَقَّبُ وَلَوْ كَانَ خَسِيسًا لَا يُسْأَلُ عَنْهُ إذَا غَابَ وَلَا يُشَاوَرُ إنْ حَضَرَ وَلَوْ كَانَ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ، فَإِنْ وَقَعَ الْأَمَانُ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ أُنْثَى فَفِيهِ الْخِلَافُ، وَإِنْ صَدَرَ مِنْ كَافِرٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ، أَوْ مِنْ خَائِفٍ مِنْهُمْ كَانَ غَيْرَ مُنْعَقِدٍ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ) أَيْ فِي جَوَازِهِ ابْتِدَاءً، وَعَدَمُ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً بَلْ إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ مَضَى وَإِنْ رَدَّهُ رُدَّ.
(قَوْلُهُ: إذَا أَمْضَاهُ) هَذَا شَرْطٌ فِيمَا يَحْتَاجُ لِإِمْضَاءٍ كَتَأْمِينِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ لِعَدَدٍ مَحْصُورٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَكَتَأْمِينِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْبَالِغِ إقْلِيمًا أَمَّا تَأْمِينُ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْبَالِغِ الْمُسْلِمِ الْعَدَدَ الْمَحْصُورَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ الْقَتْلُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ مَاضٍ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ)
إنْ وَقَعَ قَبْلَهُ فَالْأَمَانُ بَعْدَ الْفَتْحِ لَا يُسْقِطُ إلَّا الْقَتْلُ وَلِلْإِمَامِ النَّظَرُ فِي بَقِيَّةِ الْأُمُورِ، وَقَبْلَهُ عَامٌ فِي إسْقَاطِ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ الْأَمَانُ مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ يَكُونُ (بِلَفْظٍ) عَرَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ) أَيْ يَفْهَمُ الْحَرْبِيُّ مِنْهَا الْأَمَانَ وَإِنْ قَصَدَ الْمُسْلِمُ بِهَا ضِدَّهُ، وَيَثْبُتُ الْأَمَانُ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ بِبَيِّنَةٍ لَا بِقَوْلِ الْمُؤَمِّنِ كُنْتُ أَمَّنْتُهُمْ بِخِلَافِ الْإِمَامِ، ثُمَّ شَرَطَ الْأَمَانَ (إنْ لَمْ يَضُرَّ) بِالْمُسْلِمِينَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ
مَصْلَحَةٌ
أَوْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ وَعَدَمُ الضَّرَرِ فَإِنْ أَضَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ وَجَبَ رَدُّهُ (وَإِنْ ظَنَّهُ) أَيْ ظَنَّ الْأَمَانَ (حَرْبِيٌّ) مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ لَهُ، وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْمُؤَمِّنُ كَأَنْ خَاطَبَ مُسْلِمٌ صَاحِبَهُ أَوْ خَاطَبَ حَرْبِيًّا بِكَلَامٍ فَظَنَّهُ الْحَرْبِيُّ أَمَانًا (فَجَاءَ) مُعْتَمِدًا عَلَى ظَنِّهِ (أَوْ)(نَهَى) الْإِمَامُ (النَّاسَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ التَّأْمِينِ (فَعَصَوْا) نَهْيَهُ، وَأَمَّنُوا (أَوْ نَسُوا أَوْ جَهِلُوا) أَيْ لَمْ يَعْلَمُوا نَهْيَهُ.
(أَوْ)(جَهِلَ) الْحَرْبِيُّ (إسْلَامَهُ) أَيْ إسْلَامَ الْمُؤَمِّنِ لَهُ بِأَنْ أَمَّنَهُ ذِمِّيٌّ فَاعْتَقَدَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ (لَا) إنْ عَلِمَ أَنَّهُ ذِمِّيٌّ وَجَهِلَ (إمْضَاءَهُ) بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ أَمَانَهُ مَاضٍ كَأَمَانِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ فَلَا يُمْضَى، وَهُوَ فَيْءٌ (أُمْضِيَ) الْأَمَانُ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ (أَوْ رُدَّ) الْحَرْبِيُّ (لِمَحَلِّهِ) أَيْ لِمَحَلِّ التَّأْمِينِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَلَا اسْتِرْقَاقُهُ (وَإِنْ)(أُخِذَ) الْحَرْبِيُّ حَالَ كَوْنِهِ (مُقْبِلًا) إلَيْنَا (بِأَرْضِهِمْ) مُتَعَلِّقٌ بِأُخِذَ (وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ) مِنْكُمْ (أَوْ) أُخِذَ (بِأَرْضِنَا) ، وَمَعَهُ تِجَارَةٌ (وَقَالَ) لَنَا إنَّمَا دَخَلْت أَرْضَكُمْ بِلَا أَمَانٍ لِأَنِّي (ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ أَوْ) أُخِذَ (بَيْنَهُمَا) ، وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ (رُدَّ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (لِمَأْمَنِهِ) أَيْ لِمَحَلِّ أَمْنِهِ، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَلَا أَسْرُهُ، وَلَا أَخْذُ مَالِهِ.
(وَإِنْ)(قَامَتْ قَرِينَةٌ) عَلَى صِدْقِهِ أَوْ كَذِبِهِ (فَعَلَيْهَا) الْعَمَلُ فَإِنْ قَامَتْ عَلَى كَذِبِهِ رَأَى الْإِمَامُ فِيهِ رَأْيَهُ مِنْ قَتْلٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَإِنْ رُدَّ) مُؤَمَّنٌ تَوَجَّهَ لِبَلَدِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ لَهَا (بِرِيحٍ فَعَلَى أَمَانِهِ) الْأَوَّلِ لَا يُعْتَرَضُ لَهُ (حَتَّى يَصِلَ) لِبَلَدِهِ أَوْ لِمَأْمَنِهِ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ وُصُولِهِ لَهَا، فَقِيلَ فَيْءٌ، وَقِيلَ إنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا، وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي رَدِّهِ وَإِنْزَالِهِ.
(وَإِنْ)(مَاتَ) الْمُسْتَأْمِنُ (عِنْدَنَا فَمَالُهُ) وَدِيَتُهُ إنْ قُتِلَ (فَيْءٌ) فِي بَيْتِ الْمَالِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) بِبَلَدِنَا (وَارِثٌ) فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ فِي دِينِهِمْ وَلَوْ ذَا رَحِمٍ فَمَالُهُ لَهُ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَمْ لَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَأَوْلَى بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى فَتْحِ الْحِصْنِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ لِمُؤَمِّنِهِ قَتْلُهُ، وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ أَمَانِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مُؤَمِّنِهِ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي سُقُوطِ الْقَتْلِ بِالتَّأْمِينِ بَعْدَ الْفَتْحِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُؤَمِّنِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ اتِّفَاقًا كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وح، وَمُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي تَأْمِينِ غَيْرِ الْإِمَامِ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَأَمَّا تَأْمِينُ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ الْقَتْلُ اتِّفَاقًا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ. اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ) أَيْ الْأَمَانُ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ إلَخْ) كَفَتْحِنَا لَهُمْ الْمُصْحَفَ وَحَلِفِنَا أَنْ نَقْتُلَهُمْ فَظَنُّوا ذَلِكَ أَمَانًا، وَمَعْنَى كَوْنِ هَذَا أَمَانًا أَنَّهُ يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ لَكِنْ يُخَيِّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ لِمَأْمَنِهِ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ اشْتِرَاطِ قَصْدِ الْأَمَانِ وَبَيْنَ مَا فِي الْمَوَّاقِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فَحُمِلَ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَلَى الْأَمَانِ الْمُنْعَقِدِ الَّذِي لَا يُرَدُّ، وَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَلَى مَا يَشْمَلُ تَخْيِيرَ الْإِمَامِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِمَامِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْأَمَانُ بِقَوْلِهِ كُنْتُ أَمَّنْتُهُمْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ أَوْ اسْتَوَتْ إلَخْ) فَالشَّرْطُ فِي لُزُومِ الْأَمَانِ عَدَمُ الضَّرَرِ لَا وُجُودُ الْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَضَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ) أَيْ كَمَا لَوْ أَمَّنَ جَاسُوسًا أَوْ طَلِيعَةً أَوْ مَنْ فِيهِ مَضَرَّةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ) أَيْ أَوْ بِإِشَارَةٍ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْمُؤَمِّنُ الْأَمَانَ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: أَوْ خَاطَبَ حَرْبِيًّا بِكَلَامٍ إلَخْ) كَقَوْلِ الْمُسْلِمِ لِرَئِيسِ مَرْكَبِ الْعَدُوِّ أَرْخِ قَلْعَك أَوْ لِشَخْصٍ مِنْهُمْ بِالْفَارِسِيَّةِ " مَتَرْسْ " أَيْ لَا تَخَفْ فَظَنُّوا ذَلِكَ أَمَانًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ إسْلَامَهُ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُمْ فَيْءٌ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ إمْضَاءَهُ) أَيْ حُكْمَ إمْضَائِهِ وَهُوَ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يُمْضَى أَيْ، وَلَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ الْجَهْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ رُدَّ لِمَحَلِّهِ) أَوَلِلتَّخْيِيرِ أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إمْضَائِهِ أَوْ رَدِّهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ قَبْلَ التَّأْمِينِ سَوَاءٌ كَانَ يَأْمَنُ فِيهِ أَوْ يَخَافُ فِيهِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ فِي حَالِ مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ وَلَا فِي حَالِ تَوَجُّهِهِ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ بَيْنَهُمَا) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يُرَدُّ فِي هَذِهِ لِمَأْمَنِهِ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَقِيلَ إنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ، وَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ كَمَا فِي ح وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَخَذَ بِحِدْثَانِ مَجِيئِهِ، وَإِلَّا خُيِّرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقٍ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ) أَيْ كَعَدَمِ وُجُودِ سِلَاحٍ مَعَهُ وَقَوْلُهُ: (أَوْ كَذِبِهِ) أَيْ كَوُجُودِهِ مَعَهُ، وَقَوْلُهُ: فَعَلَيْهَا الْعَمَلُ أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى أَمَانِهِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَلَهُ بَعْدَ رَدِّهِ نُزُولُهُ بِمَكَانِهِ الَّذِي كَانَ بِهِ قَبْلَ السَّفَرِ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُلْزِمَهُ الذَّهَابُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى أَمَانِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَجَعَ إلَخْ) نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَأْمَنَهُ فَفِي حِلِّ أَخْذِهِ وَتَخْيِيرِ الْإِمَامِ فِي إنْزَالِهِ آمِنًا وَرَدِّهِ، ثَالِثُهَا إنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا الْأَوَّلُ لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالثَّانِي لِمُحَمَّدٍ وَالثَّالِثُ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا) أَيْ أَخَذَ فَيْئًا، وَإِلَّا رَدَّهُ الْإِمَامُ لِمَأْمَنِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْزَالِهِ) أَيْ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا إلَخْ) الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ إمَّا أَنْ يَمُوتَ عِنْدَنَا، وَإِمَّا أَنْ يَمُوتَ فِي بَلَدِهِ وَيَكُونُ لَهُ مَالٌ
(وَلَمْ يَدْخُلْ) بَلَدَنَا (عَلَى التَّجْهِيزِ) بَلْ دَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ وَلَوْ بِالْعَادَةِ، أَوْ جَهِلَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَوْ لَا عَادَةَ، وَكَذَا إنْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ الْعَادَةُ ذَلِكَ وَطَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَنَا فِيهِمَا، وَمَحَلُّ كَوْنِ مَالِهِ فَيْئًا مَا لَمْ يَنْقُضْ الْعَهْدَ وَيُحَارِبْ فَيُؤْسَرُ قُتِلَ أَوْ لَمْ يُقْتَلْ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ أَسَرَهُ، وَمَالُهُ لِمَنْ قَتَلَهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) مَالُهُ (لِقَاتِلِهِ) مِنْ جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ (إنْ) نَقَضَ الْعَهْدَ، وَ (أُسِرَ ثُمَّ قُتِلَ) أَيْ أَوْ لَمْ يُقْتَلْ فَلَا مَفْهُومَ لِلْقَتْلِ ثُمَّ إنْ كَانَ مَنْ أَسَرَهُ مِنْ الْجَيْشِ أَوْ مُسْتَنِدًا لَهُ خُمِّسَ كَسَائِرِ الْغَنِيمَةِ، وَإِلَّا اخْتَصَّ بِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذِهِ عَنْ قَوْلِهِ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا إلَخْ، وَفِي قَوْلِهِ وَإِلَّا أَرْسَلَ مَعَ دِيَتِهِ إلَخْ وَفِي قَوْلِهِ كَوَدِيعَتِهِ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الثَّلَاثِ (وَإِلَّا) بِأَنْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ ذَلِكَ، وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فِيهَا (أُرْسِلَ) مَالُهُ (مَعَ دِيَتِهِ) إنْ قُتِلَ ظُلْمًا أَوْ فِي مَعْرَكَةٍ قَبْلَ أَسْرِهِ (لِوَارِثِهِ) ، وَلَا حَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ.
فَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِلشَّرْطِ الثَّانِي فَقَطْ أَيْ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ (كَوَدِيعَتِهِ) الَّتِي تَرَكَهَا عِنْدَنَا وَسَافَرَ لِبَلَدِهِ فَمَاتَ فَتُرْسَلُ لِوَارِثِهِ (وَهَلْ) مُطْلَقًا (إنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ أَسْرٍ (أَوْ) هِيَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ لَا تُرْسَلُ (قَوْلَانِ) وَمَحَلُّهُمَا إذَا دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ ذَلِكَ، وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فَإِنْ طَالَتْ كَانَ مَالُهُ وَلَوْ وَدِيعَةً فَيْئًا، كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أُسِرَ فِي الْمَعْرَكَةِ اخْتَصَّ بِهِ آسِرُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ جَيْشًا، وَلَا مُسْتَنِدًا لَهُ، وَإِلَّا خُمِّسَ كَمَا مَرَّ، وَوَدِيعَتُهُ كَذَلِكَ.
(وَ) لَوْ قَدِمَ حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَمَعَهُ سِلَعٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (كُرِهَ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ عَلَى الرَّاجِحِ (لِغَيْرِ الْمَالِكِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
عِنْدَنَا نَحْوَ وَدِيعَةٍ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْسَرَ، وَأَمَّا أَنْ يُقْتَلَ فِي مَعْرَكَةٍ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ: وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ، وَأَشَارَ لِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ: كَوَدِيعَتِهِ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ كَمَا فِي خش وَالشَّيْخِ سَالِمٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَشَارَ لِلثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ: وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَ فَهُوَ قَسِيمٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلِمَا بَعْدَهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ رُجُوعُهُ لَهُمَا خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ عبق عَنْ شَيْخِهِ وَتَبِعَهُمَا الشَّارِحُ، وَأَشَارَ لِلرَّابِعَةِ بِقَوْلِهِ، وَهَلْ إنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ قَوْلَانِ هَذَا تَحْقِيقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ عبق مِنْ الْخَلَلِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الصَّقَلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ حُكْمُ مَالِهِ عِنْدَنَا فِي مَوْتِهِ بِبَلَدِهِ كَمَوْتِهِ عِنْدَنَا، وَمَالُهُ فِي مَوْتِهِ بَعْدَ أَسْرِهِ لِمَنْ أَسَرَهُ، وَلَوْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ فَفِي كَوْنِهِ لِوَارِثِهِ أَوْ فَيْئًا لَا يُخَمَّسُ نَقْلَا الصَّقَلِّيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ. اهـ.
وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: كَوَدِيعَتِهِ، الْمَالُ الْمَتْرُوكُ عِنْدَنَا لَا خُصُوصُ الْوَدِيعَةِ الْعُرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ) أَيْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي حَاجَتَهُ ثُمَّ يَذْهَبُ لِبِلَادِهِ (قَوْلُهُ: وَطَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَنَا فِيهِمَا) أَيْ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْخَمْسِ يَكُونُ مَالُهُ وَدِيَتُهُ فَيْئًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ مَعَ مَالِهِ يَكُونُ لِمَنْ أَسَرَهُ إذَا لَمْ يُقْتَلْ، وَقَوْلُهُ: وَمَالُهُ لِمَنْ قَتَلَهُ أَيْ إذَا قُتِلَ (قَوْلُهُ: أَيْ أَوْ لَمْ يُقْتَلْ) أَيْ أَوْ حَارَبَ وَأُسِرَ وَلَمْ يُقْتَلْ بَلْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَمَالُهُ لِمَنْ أَسَرَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا مَفْهُومَ لِلْقَتْلِ) إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْتَلْ بَلْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَمَالُهُ لِمَنْ أَسَرَهُ، وَإِنْ قُتِلَ فَمَالُهُ لِقَاتِلِهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذِهِ عَنْ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ يَقُولُ وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا فَمَالُهُ فَيْءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ، وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ كَوَدِيعَتِهِ، وَهَلْ إنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ أَوْ فَيْءٍ قَوْلَانِ وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَ ثُمَّ قُتِلَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا فَمَالُهُ فَيْءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ، وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ مَا لَمْ يُؤْسَرْ حَيًّا ثُمَّ يَمُوتُ، وَإِلَّا كَانَ مَالُهُ لِآسِرِهِ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أُرْسِلَ مَالُهُ لِوَارِثِهِ مَا لَمْ يُؤْسَرْ حَيًّا ثُمَّ يَمُوتُ، وَإِلَّا كَانَ مَالُهُ لِآسِرِهِ، وَوَدِيعَتُهُ تُرْسَلُ لِوَارِثِهِ مَا لَمْ يُؤْسَرْ عِنْدَنَا وَيَمُوتُ، وَإِلَّا كَانَتْ لِآسِرِهِ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ.
وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَ ثُمَّ قُتِلَ لَيْسَ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَهُ، وَلَا لِمَا بَعْدَهُ بَلْ هُوَ كَلَامُ مُسْتَقِلٌّ عَلَى حِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ) أَيْ، وَمَاتَ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: أَوْ فِي مَعْرَكَةٍ) الصَّوَابُ حَذْفُ ذَلِكَ إذْ لَا دِيَةَ لَهُ إنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِوَارِثِهِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فِي بَلَدِهِ أُرْسِلَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ مُطْلَقًا إلَخْ) أَيْ، وَهَلْ يُرْسَلُ مَالُهُ وَوَدِيعَتُهُ لِوَارِثِهِ حَيْثُ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ وَمَاتَ عِنْدَنَا، وَإِنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ فَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا أُرْسِلَ مَالُهُ لِوَارِثِهِ وَلِقَوْلِهِ كَوَدِيعَتِهِ فَالْقَوْلَانِ لَا يَخْتَصَّانِ الْوَدِيعَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا زَعَمَهُ عبق بَلْ مَوْضُوعُهُمَا الْمَالُ الْمَتْرُوكُ عِنْدَنَا مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ، وَمِنْ فَرْضِهِمَا فِي الْوَدِيعَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْمَالِ الْمُسْتَوْدَعِ الْمَتْرُوكُ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ لَا خُصُوصُ الْوَدِيعَةِ الْعُرْفِيَّةِ. اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيْءٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْوَدِيعَةِ وَالْأَوْلَى وَهُمَا أَيْ الْمَالُ الْوَدِيعَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ الْوَدِيعَةِ الْمَالَ الْمَتْرُوكَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ لَا خُصُوصَ الْوَدِيعَةِ الْعُرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ) أَيْ بَلْ مَاتَ عِنْدَنَا بِقُرْبِ دُخُولِهِ عِنْدَنَا أَوْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ وَمَاتَ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَتْ) أَيْ، وَمَاتَ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: وَوَدِيعَتُهُ كَذَلِكَ) أَيْ تَكُونُ لِآسِرِهِ يَخْتَصُّ بِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ جَيْشًا، وَلَا مُسْتَنَدًا إلَيْهِ، وَإِلَّا خُمِّسَتْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدِمَ حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلُوا بِلَادَنَا بِالْقَهْرِ وَنَهَبُوا مِنْهَا أَمْتِعَةً وَأَرَادُوا بَيْعَهَا فِيهَا فَلَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْهُمْ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ أَرْبَابِهَا فَلَهُمْ أَخْذُهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ مَجَّانًا وَأَمَّا إنْ
(اشْتِرَاءُ سِلْعَةٍ) أَيْ سِلَعِ الْمَالِكِ إمَّا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَسْلِيطًا لَهُمْ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَتَقْوِيَةً لَهُمْ عَلَيْهَا أَوْ لِأَنَّهُ بِشِرَائِهَا يُفَوِّتُهَا عَلَى الْمَالِكِ كَمَا قَالَ (وَفَاتَتْ بِهِ) أَيْ بِاشْتِرَاءِ غَيْرِ الْمَالِكِ عَلَى الْمَالِكِ فَلَيْسَ لَهُ إلَيْهَا سَبِيلٌ بِثَمَنٍ، وَلَا غَيْرِهِ (وَ) فَاتَتْ أَيْضًا (بِهِبَتِهِمْ لَهَا) لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إمَّا؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ يُحَقِّقُ مِلْكَهُمْ أَوْ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَهْدِ صَارَ لَهُ حُرْمَةٌ لَيْسَتْ لَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِخِلَافِ مَا بَاعُوهُ أَوْ وَهَبُوهُ بِدَارِهِمْ فَإِنَّ لِرَبِّهِ أَخْذَهُ بِالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَمَجَّانًا فِي الْهِبَةِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَانْتُزِعَ) مِنْ الْمُسْتَأْمِنِ (مَا سَرَقَ) مِنَّا زَمَنَ الْعَهْدِ (ثُمَّ عِيدَ بِهِ بِبَلَدِنَا) بَعْدَ ذَهَابِهِ لِدَارِ الْحَرْبِ عَادَ بِهِ السَّارِقُ أَوْ غَيْرُهُ لَكِنْ إنْ عَادَ بِهِ السَّارِقُ قُطِعَ، وَلَوْ شَرَطَ عِنْدَ الْعَهْدِ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ شَيْءٌ مِمَّا سَرَقَ وَلَا تُقَامُ عَلَيْهِ حُدُودُ الْمُسْلِمِينَ، لَا يُوَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) مُتَعَلِّقٌ بِانْتُزِعَ (لَا) يُنْتَزَعُ مِنْهُمْ (أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ) أَسَرُوهُمْ ثُمَّ (قَدِمُوا بِهِمْ) بِأَمَانٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُمْ يُنْتَزَعُونَ مِنْهُمْ جَبْرًا بِالْقِيمَةِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَبِهِ الْعَمَلُ (وَمَلَكَ) الْحَرْبِيُّ (بِإِسْلَامِهِ) جَمِيعَ مَا بِيَدِهِ مِمَّا غَصَبَهُ أَوْ سَرَقَهُ أَوْ نَهَبَهُ (غَيْرَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) مِنْ رَقِيقٍ وَلَوْ مُسْلِمًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ وَذِمِّيٍّ وَغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا الْحُرُّ الْمُسْلِمُ فَلَا يَمْلِكُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَلَا حَبْسًا مُحَقَّقًا، وَلَا مَا سَرَقَهُ زَمَنَ عَهْدِهِ، وَلَا دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا وَدِيعَةً، وَلَا مَا اسْتَأْجَرَهُ مِنَّا حَالَ كُفْرِهِ (وَفُدِيَتْ أُمُّ الْوَلَدِ) بِقِيمَتِهَا وُجُوبًا عَلَى سَيِّدِهَا لِشَبَهِهَا بِالْحُرَّةِ، وَاتَّبَعَتْ ذِمَّتَهُ إنْ أُعْسِرَ.
(وَ) مَلَكَ مِنْ مُدَبَّرٍ، وَمُعْتَقٍ لِأَجْلِ مَا يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ (عَتَقَ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِ سَيِّدِهِ) فَإِنْ حُمِلَ بَعْضُهُ رُقَّ بَاقِيهِ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ (وَ) عَتَقَ (مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْأَجَلِ (وَلَا يُتْبَعُونَ) الْأَوْلَى وَلَا يُتْبَعَانِ أَيْ لَا يَتْبَعُهُمَا مَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا (بِشَيْءٍ) وَلَعَلَّهُ جَمْعٌ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ جُمِعَ لِرُجُوعِهِ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَيْضًا (وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ) فِي الْمُدَبَّرِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهُ وَرُقَّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
اشْتَرَاهَا بِقَصْدِ الْفِدَاءِ لِرَبِّهَا فَالْأَحْسَنُ أَخْذُهَا بِالْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ بِلَادَ الْإِسْلَامِ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ بِأَخْذِ الْكُفَّارِ لَهَا بِالْقَهْرِ مَا دَامَتْ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ قَائِمَةً فِيهَا (قَوْلُهُ: اشْتِرَاءُ سِلَعِهِ) أَيْ مِنْ الْحَرْبِيِّ الَّذِي دَخَلَ بِهَا بِلَادَنَا بِأَمَانٍ (قَوْلُهُ: أَوْ؛ لِأَنَّهُ بِشِرَائِهَا يُفَوِّتُهَا عَلَى الْمَالِكِ) هَذَا التَّعْلِيلُ هُوَ الظَّاهِرُ، وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ فَيَأْتِي أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمَالِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ شِرَاؤُهَا، وَلِذَا رَدَّهُ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَبِهِبَتِهِمْ لَهَا) أَيْ بَعْدَ دُخُولِهِمْ بِهَا بِلَادَنَا بِأَمَانٍ، وَأَمَّا مَا أَخَذُوهُ مِنْ بِلَادِنَا نَهْبًا وَوَهَبُوهُ فِيهَا فَلَا يَمْلِكُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَلَا يَفُوتُ عَلَى مَالِكِهِ بِالْهِبَةِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي قَبُولِ الْهِبَةِ كَالشِّرَاءِ، وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ، وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ اشْتِرَاءُ سِلْعَةٍ وَاتِّهَابُهَا أَيْ قَبُولُ هِبَتِهَا وَبَعْضُهُمْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْكَرَاهَةِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ، وَالتَّعْلِيلُ الثَّانِي فِي كَرَاهَةِ الشِّرَاءِ مَوْجُودٌ فِي الْهِبَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَرْبِيَّ (قَوْلُهُ: لَا أَحْرَارَ مُسْلِمُونَ قَدِمُوا بِهِمْ) سَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا فَلَا تُنْزَعُ مِنْهُمْ جَبْرًا عَلَيْهِمْ لَا بِالْقِيمَةِ، وَلَا بِدُونِهَا، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ الرُّجُوعِ بِهِمْ بِلَادَهُمْ كَمَا لَا يُنْزَعُ مِنْهُمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي قَدِمُوا بِهَا عِنْدَنَا بِأَمَانٍ، وَقَدْ كَانُوا أَخَذُوهَا غَصْبًا أَوْ نَهْبًا لَا سَرِقَةً كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا مَا أَخَذُوهُ مِنْ بِلَادِنَا بَعْدَ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَيْهَا بِالْقَهْرِ، وَقَدَرْنَا عَلَى نَزْعِهِ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبُوا بِهِ لِبِلَادِهِمْ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ بِلَادَ الْإِسْلَامِ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ بِمُجَرَّدِ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَيْهَا بَلْ حَتَّى تَنْقَطِعَ إقَامَةُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ عَنْهَا، وَأَمَّا مَا دَامَتْ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ أَوْ غَالِبُهَا قَائِمَةً فِيهَا فَلَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ.
(قَوْلُهُ: الْقَوْلُ الْآخَرُ) يَعْنِي لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا الْعَزْوُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْآخَرُ فَهُوَ أَنْ يُنْتَزَعَ مِنْهُمْ بِالْقِيمَةِ الْإِنَاثُ دُونَ الذُّكُورِ هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ يُنْتَزَعُونَ مِنْهُ جَبْرًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا (قَوْلُهُ: وَمَلَكَ بِإِسْلَامِهِ غَيْرَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) أَيْ سَوَاءٌ قَدِمَ إلَيْنَا فِي حَالِ كُفْرِهِ بِأَمَانٍ أَوْ لَمْ يَقْدُمْ حَالَ كُفْرِهِ لَكِنْ قَدِمَ حَالَ إسْلَامِهِ، وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ، وَأَقَامَ بِبَلَدِهِ فَسَيَأْتِي فِي آخَرِ الْبَابِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَمَالُهُ وَوَلَدُهُ إلَخْ فَقَوْلُ خش قَدِمَ بِأَمَانٍ وَأَقَامَ بِبَلَدِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ بْن؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَدِمَ بِذَلِكَ حَالَ إسْلَامِهِ لَا يَمْلِكُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِأَنَّهُ إذَا قَامَ بِبَلَدِهِ فَلَهُ حُكْمٌ آخَرُ، وَلَيْسَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الرَّقِيقِ وَالذِّمِّيِّ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُرُوضِ كَالْكُتُبِ وَالسِّلَاحِ وَالْأَمْوَالِ، وَإِذَا مَلَكَ مَا ذَكَرَ بِإِسْلَامِهِ جَازَ الشِّرَاءُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا حَبْسًا) أَيْ، وَلَا يَمْلِكُ حَبْسًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا مَا سَرَقَهُ زَمَنَ عَهْدِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ شُبْهَةَ الْمِلْكِ لَهُمْ إنَّمَا هِيَ ظَاهِرَةٌ فِيمَا أَخَذُوهُ عَلَى طَرِيقِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَمِثْلُ الْمَسْرُوقِ اللُّقَطَةُ فَلَا يَمْلِكُهَا وَتُؤْخَذُ مِنْهُ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: وَلَا دَيْنًا تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ مِنْ شَيْءٍ اشْتَرَاهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ وَاقْتَرَضَهُ مِنْهُ، وَلَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةُ وَالسَّلَفُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ حَالَ كُفْرِهِ (قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهَا) أَيْ عَلَى أَنَّهَا قِنٌّ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ فِدَائِهَا مَا لَمْ تَمُتْ أَوْ يَمُتْ سَيِّدُهَا، وَإِلَّا فَلَا فِدَاءَ لِمَوْتِهَا فِي الْأَوَّلِ وَخُرُوجِهَا حُرَّةً فِي الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: رُقَّ بَاقِيهِ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَتَقَ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْهُ وَرُقَّ بَاقِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَرُقَّ كُلُّهُ) أَيْ لِعَدَمِ حَمْلِ الثُّلُثِ لِشَيْءٍ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ مَدِينًا دِينًا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ بِتَمَامِهَا هِيَ وَذَلِكَ الْعَبْدُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ أَيْ لِحَمْلِ
لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ بَيْنَ إسْلَامِهِ لَهُ أَوْ أَخْذِهِ وَدَفَعَ قِيمَتَهُ لَهُ كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ الْجَانِي؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ هُنَا لَمْ يَكُنْ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ فَكَذَا وَارِثُهُ، وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ إنْ أَدَّى لِلَّذِي أَسْلَمَ وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ عَقَدَهَا، وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهِ وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ
(وَحُدَّ زَانٍ) بِحَرْبِيَّةٍ أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ قَلَّ الْجَيْشُ أَوْ كَثُرَ (وَ) قُطِعَ (سَارِقٌ) نِصَابًا (وَ) لَوْ قَدْرَ حَقِّهِ أَوْ دُونَهُ (إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ) لَا إنْ لَمْ يُحَزْ فَلَا يُقْطَعُ (وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ) غَيْرُ الْمَوَاتِ مِنْ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ، وَكَذَا الدُّورُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى صِيغَةٍ مِنْ الْإِمَامِ، وَلَا لِتَطْيِيبِ نَفْسِ الْمُجَاهِدِينَ، وَلَا يُؤْخَذُ لِلدُّورِ كِرَاءٌ بِخِلَافِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ عَدَمِ أَخْذِ كِرَاءٍ لَهَا، وَعَدَمِ بَيْعِهَا مَا دَامَتْ بِبُنْيَانِ الْكُفَّارِ الَّتِي صَادَفَهَا الْفَتْحُ مَوْجُودَةٌ أَمَّا إذَا انْهَدَمَتْ وَجَدَّدَ النَّاسُ أَبْنِيَةً جَازَ حِينَئِذٍ أَخْذُ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعُ، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَالْإِرْثِ كَمَا هُوَ الْآنَ فِي مَكَّةَ، وَمِصْرَ وَغَيْرِهِمَا، وَأَوْلَى لَوْ تَجَدَّدَتْ بَلَدٌ بِأَرْضٍ بَرَاحٍ كَالْقَاهِرَةِ وَلَوْ كَانَ أَصْلُ الْأَرْضِ وَقْفًا لِأَنَّ الْبِنَاءَ مَمْلُوكٌ، وَأَمَّا أَرْضُ الزِّرَاعَةِ فَيُصْرَفُ خَرَاجُهَا فِيمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُؤَلِّفُ قَرِيبًا وَالْكَلَامُ فِيهَا لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ وَلَا تُورَثُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْفَلَّاحِينَ وَلَهُ وَرَثَةٌ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ الذُّكُورَ تَخْتَصُّ بِالْأَرْضِ دُونَ الْإِنَاثِ كَمَا فِي بَعْضِ قُرَى الصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إجْرَاؤُهُمْ عَلَى عَادَتِهِمْ عَلَى مَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَادَةَ وَالْعُرْفَ صَارَتْ كَالْإِذْنِ مِنْ السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ.
وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ أَوَنَائِبُهُ أَنْ يَمْنَعَ الْوَرَثَةَ مِنْ وَضْعِ يَدِهِمْ عَلَيْهَا وَيُعْطِيهَا لِمَنْ يَشَاءُ، وَقَدْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَتْحِ بَابٍ يُؤَدِّي إلَى الْهَرْجِ وَالْفَسَادِ؛ وَلِأَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ نَوْعَ اسْتِحْقَاقٍ، وَأَيْضًا الْعَادَةُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ حُكْمِ السَّلَاطِينِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ رِعَايَةً
لِحَقِّ الْمَصْلَحَةِ
نَعَمْ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَالْأَمْرُ لِلْمُلْتَزِمِ، وَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ فَتَاوَى مَعْزُوَّةٍ لِبَعْضِ أَئِمَّتِنَا كَالشَّيْخِ الْخَرَشِيِّ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي وَالشَّيْخِ يَحْيَى الشَّاوِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ تُورَثُ فَهِيَ فَتْوَى بَاطِلَةٌ لِمُنَافَاتِهَا مَا تَقَدَّمَ وَغَالِبُهُمْ قَدْ شَرَحَ هَذَا الْمُخْتَصَرَ، وَلَمْ يَذْكَرْ الْإِرْثَ، وَلَا بِالْإِشَارَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْفَتَاوَى مَكْذُوبَةٌ عَلَيْهِمْ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا، وَذَلِكَ (كَ) أَرْضِ (مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَخُمِّسَ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْأَرْضِ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ أَيْ يُقْسَمُ أَخْمَاسًا خُمُسٌ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَالْأَرْبَعَةُ لِلْمُجَاهِدِينَ تُقْسَمُ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَمَحَلُّ وَقْفِ الْأَرْضِ وَتَخْمِيسِ غَيْرِهَا (إنْ أُوجِفَ) أَيْ قُوتِلَ (عَلَيْهِ) ، وَلَوْ حُكْمًا كَهَرَبِهِمْ قَبْلَ الْمُقَاتَلَةِ بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ بِلَادَهُمْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الثُّلُثِ بَعْضَهُ.
(قَوْلُهُ: لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ جَاءَ إلَيْنَا مُسْلِمًا أَوْ دَخَلَ بِأَمَانٍ ثُمَّ أَسْلَمَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ الْجَانِي) أَيْ فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ عَنْ مُدَبَّرٍ جَانٍ خُيِّرَ وَارِثُهُ إمَّا أَنْ يَدْفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَيَأْخُذَ الْمُدَبَّرَ أَوْ يُسَلِّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَحُدَّ زَانٍ بِحَرْبِيَّةٍ) أَيْ زَنَى بِهَا قَبْلَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ أَيْ زَنَى بِهَا بَعْدَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ، وَقَوْلُهُ: إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَسَارِقٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَكَسَارِقٍ بِالْكَافِ لِأَجْلِ أَنْ يَظْهَرَ رُجُوعُ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَهَا، وَهَذَا وَالصَّوَابُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَدَمُ الْحَدِّ لِلشُّبْهَةِ، وَعَدَمُ الْقَطْعِ حَتَّى يَسْرِقَ نِصَابًا فَوْقَ حَظِّهِ اُنْظُرْ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ) أَيْ جُمِعَ فِي مَكَان بِالْفِعْلِ بِحَيْثُ صَارَ مُعَيَّنًا بَيْنَ أَيْدِي الْمُجَاهِدِينَ قَبْلَ قَسْمِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ الْإِمَامَ يَقْسِمُ الْأَرْضَ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ، وُقِفَتْ قَالَ طفى لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ إنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا إذْ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ فِيهَا هَلْ يَقْسِمُهَا كَغَيْرِهَا أَوْ يَتْرُكُهَا لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى، وَقْفِهَا تَرْكُهَا غَيْرُ مَقْسُومَةٍ لَا الْوَقْفُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْحَبْسُ، وَأَقَرَّهُ بْن، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِوَقْفِهَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُتْرَكُ لِلْمَصَالِحِ، وَلَا مَعْنَى لِلْوَقْفِ وَالتَّحْبِيسِ إلَّا ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ بِالْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ مَا كَانَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَالشَّارِحُ قَدْ قَالَ إنَّ هَذَا الْوَقْفَ لَا يَحْتَاجُ لِصِيغَةٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ لِلدُّورِ كِرَاءٌ) أَيْ بَلْ هِيَ كَالْمَسَاجِدِ لِمَنْ سَبَقَ، وَفِي بْن عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ لِلدُّورِ كِرَاءٌ وَيَكُونُ فِي الْمَصَالِحِ كَخَرَاجِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ (قَوْلُهُ: وأَوْلَى لَوْ تَجَدَّدَتْ بَلَدٌ) أَيْ أَوْلَى فِي جَوَازِ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: قَرِيبًا) أَيْ بِقَوْلِهِ فَخَرَاجُهَا وَالْخُمُسُ وَالْجِزْيَةُ (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِيهَا) أَيْ فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ لِلسُّلْطَانِ أَيْ فَيُمَكِّنُ مِنْهَا مَنْ شَاءَ وَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَتَحْتَ يَدِهِ أَرْضٌ يَزْرَعُهَا، وَيُؤَدِّي خَرَاجَهَا فَالنَّظَرُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ يُعْطِيهَا لِمَنْ يَشَاءُ، وَلَا تُورَثُ عَنْ ذَلِكَ الْمَيِّتِ نَعَمْ وَارِثُهُ أَوْلَى وَأَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ وَقْفِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَرْضٍ لِلْمُجَاهِدِينَ كَالْغَنِيمَةِ فَإِنَّهَا تُورَثُ عَمَّنْ مَاتَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ جَرَتْ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجِبُ إلَخْ) جَوَابُ الشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ مَاتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ الْكَلَامِ لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ (قَوْلُهُ: نَوْعَ اسْتِحْقَاقٍ) أَيْ مِنْ جِهَةِ تَحْرِيكِهِ لِلْأَرْضِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ الَّذِي لَوْلَاهُ لَخَرِسَتْ الْأَرْضُ وَتَلِفَتْ فَهُوَ شِبْهُ الْخُلُوِّ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ (قَوْلُهُ: لِلْمُلْتَزِمِ) أَيْ هُوَ نَائِبُ السُّلْطَانِ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا لِمَنْ يَشَاءُ (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاتِهَا مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا وَقْفٌ، وَقَدْ يُقَالُ الْقَوْلُ بِوَقْفِيَّةِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَلْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى الْجَيْشِ فَلَعَلَّ تِلْكَ
عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَأَمَّا لَوْ هَرَبُوا قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْشِ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ مَا انْجَلُوا عَنْهُ فَيْئًا مَوْضِعُهُ بَيْتُ الْمَالِ، وَكَذَا لَوْ هَرَبُوا بَعْدَ خُرُوجِهِ، وَقَبْلَ نُزُولِهِ بَلَدَهُمْ عَلَى مَا لِلْبَاجِيِّ (فَخَرَاجُهَا) أَيْ الْأَرْضِ.
(وَالْخُمُسُ) الَّذِي لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ (وَالْجِزْيَةُ) الْعَنْوِيَّةُ وَالصُّلْحِيَّةُ وَالْفَيْءُ، وَعُشُورُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَخَرَاجُ أَرْضِ الصُّلْحِ، وَمَا صُولِحَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَرْبِ، وَمَا أَخَذَهُ مِنْ تِجَارَتِهِمْ مَحَلُّهَا بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِاجْتِهَادِهِ فِي مَصَالِحِهِمْ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَيَبْدَأُ بِالصَّرْفِ نَدْبًا (لِآلِهِ صلى الله عليه وسلم) ، وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ، وَيُوَفِّرُ نَصِيبَهُمْ لِمَنْعِهِمْ مِنْ الزَّكَاةِ (ثُمَّ لِلْمَصَالِحِ) الْعَائِدِ نَفْعُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَتَرْمِيمِهَا وَالْقَنَاطِرِ، وَعِمَارَةِ الثُّغُورِ وَالْغَزْوِ، وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَقَضَاءِ دَيْنِ مُعْسِرٍ، وَعَقْلِ جِرَاحٍ وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ، وَإِعَانَةِ حَاجٍّ وَتَزْوِيجِ أَعْزَبَ، وَإِعَانَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمِنْ ذَلِكَ الصَّرْفُ عَلَى نَفْسِهِ، وَعِيَالِهِ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ (وَبُدِئَ) مِنْ الْمَصَالِحِ وُجُوبًا بَعْدَ الْآلِ (بِمَنْ فِيهِمْ الْمَالُ) أَيْ بِمَنْ فِي بَلَدِهِمْ الْخَرَاجُ أَوْ الْخُمُسُ أَوْ الْجِزْيَةُ فَيُعْطَوْنَ حَتَّى يُغْنَوْا كِفَايَةَ سَنَةٍ إنْ أَمْكَنَ (وَنُقِلَ لِلْأَحْوَجِ الْأَكْثَرُ) مِنْ الْمَالِ إنْ كَانَ هُنَاكَ أَحْوَجُ مِمَّنْ فِيهِمْ الْمَالُ (وَنَفَّلَ) الْإِمَامُ أَيْ زَادَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ خَاصَّةً (السَّلَبَ) بِالْفَتْحِ مَا يُسْلَبُ، وَيُسَمَّى النَّفَلُ الْكُلِّيَّ وَغَيْرَهُ وَيُسَمَّى الْجُزْئِيَّ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ السَّلَبِ كَانَ أَشْمَلَ (لِمَصْلَحَةٍ) مِنْ شَجَاعَةٍ وَتَدْبِيرٍ (وَلَمْ تَجُزْ) أَيْ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ، وَقِيلَ تَحْرُمُ، وَهُوَ ظَاهِرُهُ (إنْ لَمْ يَنْقَضِ الْقِتَالُ) بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْعَدُوِّ، وَأَنَّ (مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ السَّلَبُ) أَوْ مَنْ جَاءَنِي بِشَيْءٍ مِنْ عَيْنٍ أَوْ مَتَاعٍ فَلَهُ رُبْعُهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ يَصْرِفُ نِيَّتَهُمْ لِقِتَالِ الدُّنْيَا فَلِذَا جَازَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْفَتْوَى بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنْ نَظَرًا
لِلْمَصْلَحَةِ
وَدَفْعِ الْهَرَجِ أَوْ يُقَالُ الْأَرْضُ، وَإِنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ لِلْمُزَارِعِينَ فِيهَا حَقٌّ يُشْبِهُ الْخُلُوَّ مِنْ جِهَةِ تَحْرِيكِهِمْ الْأَرْضَ وَالْعِلَاجُ فِيهَا وَالْخُلُوّ يُورَثُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُخَمَّسُ بَلْ هُوَ فَيْءٌ يُصْرَفُ بِتَمَامِهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُخَمَّسُ إلَّا مَا أُوجِفَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعَلَّمِ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْغَنِيمَةَ تُخَمَّسُ، وَأَمَّا مَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ دُونَ قِتَالٍ فَعِنْدَنَا لَا يُخَمَّسُ، وَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُخَمَّسُ كَالْغَنِيمَةِ وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ، وَأَقَرَّاهُ فَأَنْتَ تَرَى الْمَازِرِيَّ لَمْ يَعْزُ الْقَوْلَ بِالتَّخْمِيسِ إلَّا لِلشَّافِعِيِّ مَعَ سَعَةِ حِفْظِهِ قَالَهُ طفى (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَرْضُ) أَيْ الْمَأْخُوذَةُ عَنْوَةً، وَقَهْرًا بِالْمُقَاتَلَةِ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: وَالْخُمُسُ) أَيْ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ وَهُوَ مَا نِيلَ بِالْقِتَالِ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ، وَكَذَا خُمُسُ الرِّكَازِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: وَفِي نُدْرَتِهِ الْخُمُسُ كَالرِّكَازِ (قَوْلُهُ: الْعَنْوِيَّةُ وَالصُّلْحِيَّةُ) أَيْ الْمَضْرُوبَةُ عَلَى أَهْلِ الْعَنْوِيَّةِ، وَأَهْلِ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: وَخَرَاجُ أَرْضِ الصُّلْحِ) ، وَذَلِكَ إذَا صَالَحُونَا عَلَى أَنَّ كُلَّ فَدَانٍ عَلَيْهِ كَذَا، وَقَوْلُهُ:(وَمَا صُولِحَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَرْبِ) ، وَذَلِكَ كَمَا إذَا صَالَحَ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى دَفْعِ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَيِّنَ الْقَدْرَ الَّذِي عَلَى كُلِّ رَأْسٍ أَوْ كُلِّ فَدَانٍ مِنْ الْأَرْضِ، وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ الْجِزْيَةَ الصُّلْحِيَّةَ وَخَرَاجَ أَرْضِ الصُّلْحِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَمَا أُخِذَ مِنْ تِجَارَتِهِمْ) وَيُزَادُ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ مَالُ الْمُرْتَدِّ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ وَالْمَالُ الَّذِي جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ، وَمَالُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَهَذِهِ جِهَاتُ بَيْتِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: وَيُوَفِّرُ) أَيْ يَكْثُرُ وَيَعْظُمُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا ذَكَرَ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَوْلُهُ: الصَّرْفُ أَيْ صَرْفُ الْإِمَامِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَوْ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَهُ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَبْدَأُ مِنْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إنَّهُ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ، وَعِيَالِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْآلِ) أَيْ فَالْبُدَاءَةُ هُنَا إضَافِيَّةٌ بِخِلَافِ الْبَدَاءَةِ بِالْآلِ فَإِنَّهَا حَقِيقِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ: وَنَقَلَ لِلْأَحْوَجِ الْأَكْثَرَ) أَيْ وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَمَّنْ فِيهِمْ الْمَالُ لِغَيْرِهِمْ الْأَكْثَرَ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَحْوَجَ مِنْهُمْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرُ فُقَرَاءِ الْبَلَدِ الَّتِي جُبِيَ فِيهَا الْمَالُ أَكْثَرَ احْتِيَاجًا مِنْهُمْ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ الْقَلِيلَ لِأَهْلِ الْبَلَدِ الَّتِي جُبِيَ فِيهَا الْمَالُ ثُمَّ يَنْقُلُ الْأَكْثَرَ لِغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: وَنَفَّلَ مِنْهُ السَّلَبَ) اعْلَمْ أَنَّ النَّفَلَ هُوَ مَا يُعْطِيهِ الْإِمَامُ مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ لِمُسْتَحِقِّهَا لِمَصْلَحَةٍ، وَهُوَ جُزْئِيٌّ، وَكُلِّيٌّ فَالْأُولَى مَا يَثْبُتُ بِإِعْطَائِهِ بِالْفِعْلِ كَأَنْ يَقُولَ خُذْ يَا فُلَانُ هَذَا الدِّينَارَ أَوْ الْبَعِيرَ مَثَلًا وَالثَّانِي مَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: مَا يُسْلَبُ) أَيْ مَا يُنْزَعُ مِنْ الْمَقْتُولِ وَقَوْلُهُ: وَيُسَمَّى أَيْ مَا يُسْلَبُ مِنْ الْمَقْتُولِ، وَقَوْلُهُ: النَّفَلُ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَقَوْلُهُ: الْكُلِّيُّ أَيْ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّلَبَ أَيْ وَنَفَّلَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ السَّلَبِ وَقَوْلُهُ: (وَيُسَمَّى الْجُزْئِيَّ) أَيْ النَّفَلَ الْجُزْئِيَّ (قَوْلُهُ: كَانَ أَشْمَلَ) أَيْ لِشُمُولِهِ لِلنَّفَلِ الْكُلِّيِّ وَهُوَ السَّلَبُ، وَالْجُزْئِيِّ وَهُوَ مَا يُعْطِيهِ لَهُ بِفِعْلٍ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ تَنْفِيلَ غَيْرِ السَّلَبِ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ تَنْفِيلِ السَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ الْعَامُّ مَعَ كَثْرَتِهِ فَالْخَاصُّ الْقَلِيلُ أَوْلَى وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ لِشَخْصٍ لَمَّا عَلِمَ مِنْ شَجَاعَتِهِ أَوْ تَدْبِيرِهِ إذَا قَتَلْتَ قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ أَوْ أَعْطَاهُ دِينَارًا أَوْ بَعِيرًا فَإِنَّهُ يُحْسَبُ سَلَبُ الْقَتِيلِ أَوْ الدِّينَارُ أَوْ الْبَعِيرُ مِنْ الْخُمُسِ لَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْعَدُوِّ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِعَدَمِ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ، وَقَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ أَيْ
إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ (وَمَضَى) الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ (إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ) الْإِمَامُ (قَبْلَ) حَوْزِ (الْمَغْنَمِ) فَإِنْ أَبْطَلَهُ اُعْتُبِرَ إبْطَالُهُ فِيمَا بَعْدَ الْإِبْطَالِ لَا فِيمَا قَبْلَهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ إبْطَالُهُ بَعْدَ الْمَغْنَمِ بَلْ كُلُّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا اسْتَحَقَّ مَا رَتَّبَهُ لَهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَلَوْ كَانَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ.
وَلَمَّا كَانَ قَوْلُ الْإِمَامِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبَهُ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْأَشْخَاصِ، وَفِي كُلِّ سَلَبٍ بَيَّنَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ (وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ) دُونَ الذِّمِّيِّ مَا لَمْ يُنَفِّذْهُ لَهُ الْإِمَامُ (سَلَبٌ) مِنْ حَرْبِيٍّ (اُعْتِيدَ) وُجُودُهُ مَعَ الْمَقْتُولِ حَالَ الْحَرْبِ كَدَابَّتِهِ الْمَرْكُوبَةِ لَهُ أَوْ الْمَمْسُوكَةِ بِيَدِهِ أَوْ يَدِ غُلَامِهِ لِلْقِتَالِ وَسَرْجِهِ وَلِجَامِهِ وَدِرْعِهِ وَسِلَاحِهِ وَمِنْطَقَتِهِ، وَمَا فِيهَا مِنْ حُلِيٍّ وَثِيَابِهِ الَّتِي عَلَيْهِ (لَا سِوَارٌ وَصَلِيبٌ، وَعَيْنٌ) ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ (وَدَابَّةٌ) غَيْرُ مَرْكُوبَةٍ، وَلَا مَمْسُوكَةٍ لِلْقِتَالِ بَلْ جَنِيبُ إمَامِهِ بِيَدِ غُلَامِهِ لِلِافْتِخَارِ فَلَا يَكُونُ لِلْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ، وَلَهُ الْمُعْتَادُ (وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ) قَوْلَ الْإِمَامِ لِبُعْدٍ أَوْ غَيْبَةٍ إذْ سَمَاعُ بَعْضِ الْجَيْشِ كَافٍ (أَوْ تَعَدَّدَ) السَّلَبُ بِتَعَدُّدِ الْقَتْلَى فَلَهُ الْجَمِيعُ (إنْ لَمْ يَقُلْ قَتِيلًا) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ قَاتِلًا (وَإِلَّا) بِأَنْ عَيَّنَ قَاتِلًا بِأَنْ قَالَ إنْ قَتَلْت يَا فُلَانُ قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ فَقَتَلَ أَكْثَرَ (فَالْأَوَّلُ) لَهُ سَلَبُهُ فَقَطْ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا فَنِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَتَلَهُمَا مَعًا، وَقِيلَ لَهُ الْأَقَلُّ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَالْأَكْثَرُ فِي الثَّانِي.
(وَلَمْ يَكُنْ) السَّلَبُ (لِكَمْرَأَةٍ) مِنْ صَبِيٍّ وَرَاهِبٍ مُنْعَزِلٍ وَزَمِنٍ وَشَيْخٍ فَانٍ (إنْ لَمْ تُقَاتِلْ) قِتَالَ الرِّجَالِ فَإِنْ قَاتَلْت بِالسِّلَاحِ أَوْ قَتَلْت أَحَدًا فَسَلَبُهَا لِقَاتِلِهَا (كَالْإِمَامِ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ سَلَبٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ (إنْ لَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ) ، وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ (أَوْ) لَمْ (يَخُصَّ نَفْسَهُ) بِأَنْ قَالَ إنْ قَتَلْت أَنَا قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَابَى نَفْسَهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْقَاتِلِ (الْبَغْلَةُ) الْأُنْثَى (إنْ قَالَ) الْإِمَامُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا (عَلَى بَغْلٍ) فَهُوَ لَهُ لِصِدْقِ الْبَغْلِ عَلَى الْأُنْثَى بِخِلَافِ مِنْ قَتَلَ قَتِيلًا عَلَى بَغْلَةٍ فَهِيَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ الذَّكَرُ لِعَدَمِ صِدْقِ الْبَغْلَةِ عَلَى الْبَغْلِ الذَّكَرِ (لَا إنْ كَانَتْ) الدَّابَّةُ (بِيَدِ غُلَامِهِ) غَيْرُ مَمْسُوكَةٍ لِلْقِتَالِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَهِيَ كَمَا مَرَّ.
(وَقَسَّمَ) الْإِمَامُ (الْأَرْبَعَةَ) الْأَخْمَاسِ الْبَاقِيَةِ (لِحُرٍّ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْإِمَامُ، وَقَوْلُهُ:(مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا) فَاعِلٌ يَجُزْ، أَيْ لَمْ يَجُزْ هَذَا اللَّفْظُ وَكَذَا مَا كَانَ بِمَعْنَاهُ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَدُوِّ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُجَاهِدِينَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِفَسَادِ نِيَّتِهِمْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ) أَيْ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا أَيْ مَنْ كَانَ قَتَلَ قَتِيلًا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إذَا كَانَ الْقِتَالُ قَدْ انْقَضَى كَيْفَ يَقُولُ لَهُمْ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كَانَ قَتَلَ قَتِيلًا فِي الْمَاضِي.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبْطَلَهُ) أَيْ أَظْهَرَ الرُّجُوعَ عَنْهُ قَبْلِ حَوْزِ الْمَغْنَمِ (قَوْلُهُ: فِيمَا بَعْدَ الْإِبْطَالِ) أَيْ فَإِنْ قَتَلَ قَتِيلًا بَعْدَ الْإِبْطَالِ فَلَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ وَإِنْ كَانَ قَتَلَ قَتِيلًا قَبْلَ الْإِبْطَالِ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ إبْطَالُهُ بَعْدَ الْمَغْنَمِ) أَيْ بَعْدَ حَوْزِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مِنْ أَقَلِّ الْغَنِيمَةِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مَا رَتَّبَهُ مِنْ الْخُمُسِ بَلْ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْغَنِيمَةِ كَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ فَلَهُ دِينَارٌ مِنْ الْخُمُسِ أَوْ مِنْ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ) أَيْ إذَا قَالَ الْإِمَامُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُنَفِّذْهُ لَهُ الْإِمَامُ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَلَكِنْ إنْ حَكَمَ بِهِ مَضَى؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ فَلَا يَتَعَقَّبُ فِيهِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: اُعْتِيدَ وُجُودُهُ مَعَ الْمَقْتُولِ) ، وَيَثْبُتُ كَوْنُهُ قَتِيلَهُ بِعَدْلَيْنِ إنْ شَرَطَ الْإِمَامُ الْبَيِّنَةَ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ اُنْظُرْ ح. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْمُعْتَادُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مُبَالَغَةً فِي اسْتِحْقَاقِ الْقَاتِلِ السَّلَبَ الْمُعْتَادَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ الْإِمَامِ) أَيْ قَوْلُهُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ (قَوْلُهُ: كَافٍ) أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِ السَّلَبِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ) أَيْ وَإِذَا كَانَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَجْعَلُ عَدَمَ قَوْلِهِ ذَلِكَ شَرْطًا مَعَ أَنَّهُ مُنَافٍ لِلْمَوْضُوعِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ) وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ إنْ قَتَلْت قَتِيلًا وَبَيْنَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مُشْكِلٌ إذْ فِي كِلَيْهِمَا النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ، وَهِيَ تَعُمُّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ الْفَاعِلَ كَانَ غَيْرَ دَاخِلٍ عَلَى اتِّسَاعِ الْعَطَاءِ وَحِينَئِذٍ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْعَطَاءُ، وَلَوْ وَاحِدًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَإِنَّ الْعُمُومَ يُقَوِّي الْعُمُومَ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَهُ الْأَقَلُّ) أَيْ الْأَقَلُّ مِنْ السَّلَبَيْنِ فِيمَا إذَا تَعَدَّدَ الْمَقْتُولُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا إذَا قَتَلَهُمَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَقَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ أَيْ مِنْ السَّلَبَيْنِ، وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِي أَيْ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي، وَهُوَ مَا إذَا قَتَلَهُمَا مَعًا.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لِكَمْرَأَةٍ) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ سَلْبٌ اُعْتِيدَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ السَّلَبُ الْمُعْتَادُ مِنْ كَمَرْأَةٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ كَمَرْأَةٍ فَلَا يَكُونُ سَلَبَهَا إذْ سَلَبُهَا لِقَاتِلِهَا إذْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهَا وَلَا قَتْلُ مَنْ ذَكَرَ مَعَهَا هَذَا إذَا لَمْ تُقَاتِلْ قِتَالَ الرِّجَالِ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ هَذَا أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِكَمْرَأَةٍ بِمَعْنَى مِنْ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ سَلَبُ إلَخْ) أَيْ فَكَمَا أَنَّ سَلَبَ الْمَقْتُولِ الْمُعْتَادِ يَكُونُ لِقَاتِلِهِ الْمُسْلِمِ إذَا قَالَ الْإِمَامُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ كَذَلِكَ يَكُونُ سَلَبُهُ لِقَاتِلِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ) أَيْ إنْ لَمْ يَقُلْ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مِنْكُمْ فَلَهُ سَلَبُهُ بِأَنْ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلْبُهُ بِدُونِ مِنْكُمْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ مِنْكُمْ فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ مَمْسُوكَةٍ لِلْقِتَالِ عَلَيْهَا) أَيْ فَلَيْسَتْ لِقَاتِلِهِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مَمْسُوكَةً بِيَدِ غُلَامِهِ لِلْقِتَالِ عَلَيْهَا، وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ فَرَسُهُ أَوْ بَغْلُهُ، وَمَا مَرَّ
ذَكَرٍ (مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ حَاضِرٍ) لِلْقِتَالِ صَحِيحٍ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَمَرِيضٍ شَهِدَ إلَخْ (كَتَاجِرِ، وَأَجِيرٍ إنْ قَاتَلَا) ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ شَهِدَا صَفَّ الْقِتَالِ (أَوْ خَرَجَا بِنِيَّةِ غَزْوٍ) ، وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلَا (لَا ضِدَّهُمْ) مِنْ عَبْدٍ وَكَافِرٍ وَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ وَغَائِبٍ (وَلَوْ قَاتَلُوا إلَّا الصَّبِيَّ فَفِيهِ إنْ أُجِيزَ) مِنْ الْإِمَامِ (وَقَاتَلَ) ، وَهُوَ مُطِيقٌ لِلْقِتَالِ (خِلَافٌ، وَلَا يُرْضَخُ) أَيْ لَا يُعْطَى (لَهُمْ) أَيْ لِمَنْ لَا يُسْهَمْ لَهُ مِنْ الْأَضْدَادِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالرَّضْخُ مَالٌ مَوْكُولٌ تَقْدِيرُهُ لِلْإِمَامِ مَحَلُّهُ الْخُمُسُ كَالنَّفْلِ (كَمَيِّتٍ) آدَمِيٍّ أَوْ فَرَسٍ (قَبْلَ اللِّقَاءِ) أَيْ الْقِتَالِ فَلَا يُرْضَخُ لَهُ وَلَا يُسْهَمُ (وَأَعْمَى، وَأَعْرَجَ) إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ (وَأَشَلَّ) وَأَقْطَعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ رَأْيٌ وَتَدْبِيرٌ (وَمُتَخَلِّفٌ) بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ (لِحَاجَةٍ إنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ) حَاجَتُهُ (بِالْجَيْشِ) وَإِلَّا أُسْهِمَ لَهُ (وَضَالٍّ) عَنْ الْجَيْشِ (بِبَلَدِنَا وَإِنْ) ضَلَّ بِمَعْنَى رُدَّ (بِرِيحٍ) لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ وَلِمَنْ رُدَّ بِرِيحٍ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ اخْتِيَارًا (بِخِلَافِ) ضَالٍّ (بِبَلَدِهِمْ) فَيُسْهَمُ لَهُ (وَ) بِخِلَافِ (مَرِيضٍ شَهِدَ) الْقِتَالَ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضُهُ عَنْهُ فَإِنْ مَنَعَهُ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ تَدْبِيرٌ (كَفَرَسٍ رَهِيصٍ) وَالرَّهْصُ مَرَضٌ فِي بَاطِنِ قَدَمِهِ مَنْ وَطْئِهِ عَلَى حَجَرٍ وَنَحْوِهِ كَالْوَقْرَةِ فَيُسْهَمُ لَهُ لِكَوْنِهِ بِصِفَةِ الْأَصِحَّاءِ (أَوْ)(مَرِضَ) الْفَرَسُ أَوْ الْغَازِي (بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ عَلَى) حَوْزِ (الْغَنِيمَةِ) ، (وَإِلَّا) بِأَنْ مَرِضَ قَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ قَبْلَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ وَاسْتَمَرَّ مَرِيضًا حَتَّى انْقَضَى الْقِتَالُ، وَلَمْ يُقَاتِلْ (فَقَوْلَانِ) نَظَرًا لِدُخُولِهِ بَلَدَ الْحَرْبِ صَحِيحًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي قَوْلِهِ أَوْ دَابَّةٍ فِيمَا إذَا قَالَ فَلَهُ سَلَبُهُ فَلَا تَكْرَارَ، وَقَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَتْ بِيَدِ غُلَامِهِ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بِيَدِهِ أَوْ مَرْبُوطَةً بِمِنْطَقَتِهِ فَهِيَ لِقَاتِلِهِ كَمَا قَالَ تت وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ رَاكِبًا لِغَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: ذَكَرٍ) أَيْ فَالْمَرْأَةُ لَا يُسْهَمُ لَهَا، وَلَوْ قَاتَلَتْ إلَّا إذَا تَعَيَّنَ الْجِهَادُ عَلَيْهَا بِفَجْءِ الْعَدُوِّ، وَإِلَّا أَسْهَمَ لَهَا كَمَا قَالَ الْجُزُولِيُّ (قَوْلُهُ: حَاضِرٍ لِلْقِتَالِ) أَيْ، وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: إنْ قَاتَلَا إلَخْ) ، وَقِيلَ يَكْفِي فِي الْإِسْهَامِ لِلتَّاجِرِ وَالْأَجِيرِ شُهُودُ الْقِتَالِ، وَقِيلَ بِعَدَمِ الْإِسْهَامِ لِلْأَجِيرِ مُطْلَقًا وَلَوْ قَاتَلَ فَفِي الْأَجِيرِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَفِي التَّاجِرِ قَوْلَانِ. اُنْظُرْ بْن. وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ خُرُوجَ التَّاجِرِ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ وَخُرُوجَ الْأَجِيرِ بِقَصْدِ الْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَا بِنِيَّةِ غَزْوٍ) ظَاهِرُهُ كَانَتْ نِيَّةُ الْغَزْوِ تَابِعَةً أَوْ مَتْبُوعَةً، وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ نِيَّةُ الْغَزْوِ تَابِعَةً أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُمَا فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا كَانَتْ مَتْبُوعَةً أَوْ كَانَتَا مَقْصُودَتَيْنِ مَعًا. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَاتَلُوا) الضَّمِيرُ لِلْجَمَاعَةِ الَّذِينَ شَمَلَهُمْ لَفْظُ الضِّدِّ، وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِمَا عَدَا ضِدِّ حَاضِرٍ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْقِتَالُ مَعَ الْغَيْبَةِ وَرَدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْإِسْهَامِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَضْدَادِ إذَا قَاتَلَ وَالْخِلَافُ مَوْجُودٌ فِي الذِّمِّيِّ إذَا قَاتَلَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ فَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ إنْ أُجِيزَ، وَقَاتَلَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ شَهَرَهُ، وَهُوَ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ لَكِنَّهَا لَا تَتَقَيَّدُ بِالْمَشْهُورِ نَعَمْ شَهَرَ الْفَاكِهَانِيُّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ إذَا حَضَرَ صَفَّ الْقِتَالِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ، وَيَلْزَمُ مِنْ تَشْهِيرِهِ تَشْهِيرُ مَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ. اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُرْضَخُ لَهُمْ) الضَّمِيرُ لِلْجَمَاعَةِ الَّذِينَ شَمَلَهُمْ لَفْظُ الضِّدِّ أَيْ لَا يُعْطَى هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ لَا يُسْهَمُ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ الْخُمُسِ (قَوْلُهُ: وَالرَّضْخُ) أَيْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ، وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَهُوَ إعْطَاءُ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: وَأَعْمَى، وَأَعْرَجَ) أَيْ كَذَلِكَ لَا يُسْهَمُ لَهُمْ، وَلَا يُرْضَخُ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ أَيْ الْأَعْرَجُ رَاكِبًا وَرَاجِلًا فَيُسْهَمُ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ تت مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلْأَعْرَجِ مُطْلَقًا وَلَوْ قَاتَلَ، وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا الْقَيْدِ فِي الْأَعْمَى أَيْضًا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَتَعَلَّقُ بِالْجَيْشِ) أَيْ إنْ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ مِنْهَا نَفْعٌ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أُسْهِمَ لَهُ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَعَلَّقَتْ بِالْجَيْشِ بِأَنْ عَادَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَمِيرِ الْجَيْشِ مِنْهَا نَفْعٌ أُسْهِمَ لَهُ فَالْأَوَّلُ كَإِقَامَتِهِ فِي بَلَدِ الْمُسْلِمِينَ لِأَجْلِ تَسَوُّقِ طَعَامٍ أَوْ سِلَاحٍ لِلْجَيْشِ وَالثَّانِي كَتَخَلُّفِهِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ لِأَجْلِ تَمْرِيضِ ابْنٍ أَوْ أَخٍ أَمِيرِ الْجَيْشِ (قَوْلُهُ: وَضَالٍّ عَنْ الْجَيْشِ بِبَلَدِنَا) أَيْ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَتْحِ وَفَرَاغِ الْجِهَادِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ ضَلَّ عَنْ الْجَيْشِ بِبَلَدِنَا وَلِمَنْ رُدَّ بِرِيحٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ رَدَّتْهُمْ الرِّيحُ لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُمْ مَعَ أَصْحَابِهِمْ الَّذِينَ وَصَلُوا وَغَنِمُوا، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا، وَلَوْ ضَلَّ رَجُلٌ مِنْ الْعَسْكَرِ فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى غَنِمُوا فَلَهُ سَهْمُهُمْ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الَّذِينَ رَدَّتْهُمْ الرِّيحُ. اهـ. وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ تَشْهِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: شَهِدَ الْقِتَالَ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضُهُ عَنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرَضُ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ أَوْ حَصَلَ لَهُ فِي ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ أَوْ حَصَلَ لَهُ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ مَنَعَهُ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إذَا كَانَ الْمَرَضُ طَرَأَ لَهُ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ أَوْ فِي ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ فَإِنْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ أُسْهِمَ لَهُ اتِّفَاقًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى شَهِدَ فَهُوَ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِمَرِيضٍ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْقِتَالَ صَحِيحًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ مَرَضٌ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى حَوْزِ الْغَنِيمَةِ
وَالْمَرَضِ الْمَانِعِ (وَ) يُسْهَمُ (لِلْفَرَسِ مَثَلًا) سَهْمُ (فَارِسِهِ) فَلِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِرَاكِبِهِ سَهْمٌ كَمَا أَنَّ لِمَنْ لَا فَرَسَ لَهُ سَهْمًا وَاحِدًا وَلِلْفَرَسِ الَّذِي لَا يُسْهَمُ لِرَاكِبِهِ سَهْمَانِ كَالْعَبْدِ، وَلِلْفَرَسِ السَّهْمَانِ
(وَإِنْ) كَانَ الْقِتَالُ (بِسَفِينَةِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ حَمْلِ الْخَيْلِ فِي الْجِهَادِ إرْهَابُ الْعَدُوِّ (أَوْ)(كَانَ الْفَرَسُ بِرْذَوْنًا) وَأَجَازَهُ الْإِمَامُ، وَهُوَ الْعَظِيمُ الْخِلْقَةِ الْغَلِيظُ الْأَعْضَاءِ، وَالْعِرَابُ الْمَمْدُوحَةُ ضُمْرٌ وَأَرَقُّ أَعْضَاء (وَهَجِينًا) مِنْ الْخَيْلِ لَا الْإِبِلِ إذْ لَا يُسْهَمُ لَهَا، وَهُوَ مَا أَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ نَبَطِيَّةٌ أَيْ رَدِيئَةٌ، وَعَكْسُ الْهَجِينِ مُقْرِفٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَقْرَفُ، وَهُوَ مَا أُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ، وَأَبُوهُ نَبَطِيٌّ (وَصَغِيرًا يَقْدِرُ بِهَا) أَيْ بِالثَّلَاثَةِ (عَلَى الْكَرِّ) عَلَى الْعَدُوِّ (وَالْفَرِّ) مِنْهُ.
(وَ) يُسْهَمُ لِفَرَسٍ (مَرِيضٍ رُجِيَ) بُرْؤُهُ، وَقَدْ شَهِدَ بِهِ الْقِتَالَ مِنْ ابْتِدَائِهِ صَحِيحًا ثُمَّ حَدَثَ لَهُ الْمَرَضُ فِي بَقِيَّتِهِ (وَ) لِفَرَسٍ (مُحَبَّسٍ) وَسَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ لَا لِلْمُحَبِّسِ، وَلَا فِي مَصَالِحِهِ كَعَلَفٍ وَنَحْوِهِ (وَ) لِفَرَسٍ (مَغْصُوبٍ) وَسَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ إنْ غُصِبَ (مِنْ الْغَنِيمَةِ) فَقَاتَلَ بِهِ فِي غَنِيمَةٍ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِلْجَيْشِ (أَوْ) غَصَبَهُ (مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ) بِأَنْ غَصَبَهُ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ وَسَهْمَاهُ لِلْغَاصِبِ وَلِرَبِّهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (وَ) الْمَغْصُوبُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجَيْشِ أَيْ مِنْ آحَادٍ سَهْمَاهُ (لِرَبِّهِ) إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَسَهْمَاهُ لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِرَبِّهِ (لَا أَعْجَفَ) عَطْفٌ عَلَى فَرَسٍ رَهِيصٍ فَهُوَ مَجْرُورٌ بِالْفَتْحَةِ نِيَابَةً عَنْ الْكِسْرَةِ لِلْوَصْفِيَّةِ وَوَزْنُ الْفِعْلِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ، وَهُوَ الْهَزِيلُ الَّذِي لَا نَفْعَ بِهِ (أَوْ كَبِيرٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَ) لَا (بَغْلٍ وَبَعِيرٍ وَ) فَرَسٍ (ثَانٍ) لِغَازٍ.
(وَ) الْفَرَسُ (الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ سَهْمَاهُ (لِلْمُقَاتِلِ) عَلَيْهِ وَحْدَهُ (وَدَفَعَ أَجْرَ) حِصَّةِ (شَرِيكِهِ) كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ (وَ) الْغَانِمُ (الْمُسْتَنِدُ لِلْجَيْشِ) وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ أَذِنَ لَهُ الْوَالِي فِي الْخُرُوجِ أَوْ لَا (كَهُوَ) أَيْ كَالْجَيْشِ فِيمَا غَنِمَ فِي غَيْبَتِهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَيْشِ كَمَا أَنَّ الْجَيْشَ يُقْسَمُ عَلَيْهِ مَا غَنِمَهُ فِي غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِنَادَهُ لِلْجَيْشِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُسْتَنِدُ مِمَّنْ يُقْسَمُ لَهُ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا فَمَا غَنِمَهُ فَلِلْجَيْشِ إلَّا إذَا كَانَ مُكَافِئًا لَهُ فِي الْقُوَّةِ أَوْ يَكُونُ هُوَ الْغَالِبُ فَتُقْسَمُ الْغَنِيمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ أَنْ تُخَمَّسَ ثُمَّ يُخَمَّسُ سَهْمُ الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً (وَإِلَّا) يَسْتَنِدْ فِي غَنِيمَتِهِ لِلْجَيْشِ أَيْ لَمْ يَتَقَوَّ بِهِ بَلْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ (فَلَهُ) مَا غَنِمَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْجَبَ مَنْعَهُ عَنْ الْقِتَالِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ.
وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَالْأَوْلَى قَصْرُ قَوْلِهِ أَوْ مَرِضَ إلَخْ عَلَى الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ الْمَرِيضَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِسْهَامِ لَهُ شُهُودُ الْقِتَالِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ يُرْجَى بُرْؤُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْمَرَضِ) أَيْ وَنَظَرًا لِلْمَرَضِ الْمَانِعِ مِنْ الْقِتَالِ فَمَنْ نَظَرَ لِذَلِكَ قَالَ بِعَدَمِ الْإِسْهَامِ لَهُ، وَمَنْ نَظَرَ لِدُخُولِهِ بِلَادَ الْحَرْبِ وَتَكْثِيرِهِ لِسَوَادِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا قَالَ يُسْهَمُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا شَهِدَ الْقِتَالَ مَعَ مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ سَوَاءٌ حَصَلَ لَهُ الْمَرَضُ قَبْلَ دُخُولِ بِلَادِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ أَوْ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ وَهَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثَةُ دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَمَرِيضٌ شَهِدَ وَأَمَّا إذَا مَنَعَهُ الْمَرَضُ مِنْ شُهُودِ الْقِتَالِ فَإِنْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ، وَهَذَا مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ، وَأَمَّا إذَا طَرَأَ لَهُ قَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، وَقَبْلَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ فَقَوْلَانِ بِالْإِسْهَامِ لَهُ، وَعَدَمِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيُسْهَمُ لِفَرَسٍ مَرِيضٍ رُجِيَ إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَمَرِيضٍ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى فَرَسٍ رَهِيصٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَمَرِيضًا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَدْخُولِ الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ أَنْسَبُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَقَدْ شَهِدَ بِهِ الْقِتَالَ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شُهُودُ الْقِتَالِ بَلْ الْفَرَسُ إذَا رُجِيَ بُرْؤُهُ يُسْهَمَ لَهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ، وَهُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْقِتَالُ عَلَيْهِ لِمَرَضِهِ لَكِنَّهُ يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُمْكِنُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ أَوْ قَاتَلَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي الْإِنْسَانِ، وَلِذَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ. اهـ بْن. .
(قَوْلُهُ: سَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ) أَيْ فَإِنْ قَاتَلَا عَلَيْهِ مَعًا فَالسَّهْمَانِ بَيْنَهُمَا إنْ تَسَاوَيَا فِي الْقِتَالِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلِكُلِّ مَا خَصَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأُجْرَةِ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدِ مِنْهُمَا نِصْفَ الْفَرَسِ، وَقَاتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهَا يَوْمَيْنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ سَهْمًا، وَلَوْ قَاتَلَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَالْآخَرُ يَوْمَيْنِ فَالْأَوَّلُ يَأْخُذُ ثُلُثَيْ السَّهْمَيْنِ وَالْآخَرُ يَأْخُذُ ثُلُثَهُمَا وَيَدْفَعُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بِنِسْبَةِ مَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْفَرَسِ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ الْفَرَسِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا يَدْفَعُ الَّذِي رَكِبَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ لِمَنْ رَكِبَهُ يَوْمَيْنِ دِرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْغَانِمُ الْمُسْتَنِدُ لِلْجَيْشِ) أَيْ الْمُتَقَوِّي بِهِ بِأَنْ كَانَ حَالُ انْفِرَادِهِ سَائِرًا تَحْتَ ظِلِّهِ، وَلَا اسْتِقْلَالَ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي غَيْبَةٍ) أَيْ غَيْبَةِ ذَلِكَ الْمُسْتَنِدِ عَنْ الْجَيْشِ (قَوْلُهُ: فَيُقْسَمُ) أَيْ مَا غَنِمَهُ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ بِنَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ اسْتِنَادَهُ لِلْجَيْشِ) الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لِاسْتِنَادِهِ لِلْجَيْشِ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ مُكَافِئًا) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَنِدُ الَّذِي لَا يُسْهَمُ لَهُ مُكَافِئًا لِلْجَيْشِ فِي الْقُوَّةِ أَوْ يَكُونُ هُوَ أَيْ الْمُسْتَنِدُ الْغَالِبُ أَيْ الَّذِي غَلَبَ عَلَى الْكُفَّارِ، وَهَزَمَهُمْ (قَوْلُهُ: فَتُقْسَمُ الْغَنِيمَةِ) أَيْ مُنَاصَفَةً، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَنِدُ طَائِفَةً قَلِيلَةً. اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الْأَحْرَارِ) أَيْ الَّذِينَ هُمْ الْجَيْشُ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يُخَمَّسُ سَهْمُ الْمُسْلِمِينَ أَيْ الْجَيْشِ
يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ الْجَيْشِ فَلَا يُنَافِي تَخْمِيسَهُ (كَمُتَلَصِّصِ) أَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ يَخْتَصُّ بِهِ، وَهُوَ مِثَالٌ لِمَا قَبْلَهُ (وَخَمَّسَ مُسْلِمٌ) مَا أَخَذَهُ (وَلَوْ) كَانَ الْمُسْلِمُ (عَبْدًا عَلَى الْأَصَحِّ) وَظَاهِرُهُ أَنَّ اللِّصَّ الْمُسْلِمَ يُخَمَّسُ، وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ لِلْغَزْوِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا خَرَجَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا يُخَمَّسُ (لَا ذِمِّيٌّ) فَلَا يُخَمَّسُ بَلْ يَخْتَصُّ بِمَا أَخَذَهُ اسْتَنَدَ لِلْجَيْشِ أَوْ لَا.
(وَ) لَا (مَنْ عَمِلَ) مِنْ أَهْلِ الْجَيْشِ (سَرْجًا أَوْ سَهْمًا) أَوْ قَدَحًا أَوْ قَصْعَةً، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ مَا كَانَ مَعْمُولًا فِي بُيُوتِهِمْ لَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَإِنْ دَقَّ بَلْ هُوَ غَنِيمَةٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ (وَالشَّأْنُ) الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ (الْقَسْمُ) لِلْغَنَائِمِ (بِبَلَدِهِمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْجِيلِ مَسَرَّةِ الْغَانِمِينَ وَغَيْظِ الْكَافِرِينَ (وَهَلْ) الْإِمَامُ (يَبِيعُ) سِلَعَ الْغَنِيمَةِ، النَّقْلُ هَلْ يَنْبَغِي لَهُ بَيْعُهَا (لِيَقْسِمَ) أَثْمَانَهَا خَمْسَةَ أَقْسَامٍ أَرْبَعَةٌ لِلْجَيْشِ وَخُمُسٌ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ لَا يَنْبَغِي لَهُ الْبَيْعُ بَلْ يُخَيَّرُ فِي الْبَيْعِ وَفِي قَسْمِ الْأَعْيَانِ (قَوْلَانِ) فِيمَا إذَا أَمْكَنَ الْبَيْعُ هُنَاكَ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ قَسْمُ الْأَعْيَانِ (وَأُفْرِدَ) وُجُوبًا فِي الْقَسْمِ (كُلُّ صِنْفٍ) مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ لِيَقْسِمَهُ أَخْمَاسًا (إنْ أَمْكَنَ) حِسًّا بِاتِّسَاعِ الْغَنِيمَةِ وَشَرْعًا بِأَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَفْرِيقِ أُمٍّ عَنْ وَلَدِهَا قَبْلَ الْإِثْغَارِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) الْأَوْلَى عَلَى الْمُخْتَارِ.
(وَأَخَذَ) شَخْصٌ (مُعَيَّنٌ) أَيْ مَعْرُوفٌ بِعَيْنِهِ حَاضِرٌ (وَإِنْ) كَانَ (ذِمِّيًّا مَا عُرِفَ) أَنَّهُ (لَهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَسْمِ (مَجَّانًا) بِغَيْرِ شَيْءٍ (وَحَلَفَ أَنَّهُ مِلْكُهُ) أَيْ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ الْآنَ (وَحُمِلَ لَهُ) إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ غَائِبًا، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْحَمْلِ (إنْ كَانَ) الْحَمْلُ (خَيْرًا) لَهُ وَيَحْلِفُ أَيْضًا أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ مَا بَاعَهُ، وَلَا وَهَبَهُ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ (وَإِلَّا) يَكُنْ حَمْلُهُ خَيْرًا مِنْ بَيْعِهِ بَلْ بَيْعُهُ خَيْرٌ وَاسْتَوَتْ مَصْلَحَةُ بَيْعِهِ وَحَمْلِهِ (بِيعَ لَهُ) وَحُمِلَ ثَمَنُهُ لَهُ (وَ) إذَا قُسِّمَ مَا عُرِفَ مَالِكُهُ (لَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ) وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِلَا ثَمَنٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَأَمَّا سَهْمُ الْمُسْتَنِدِ الْمُكَافِئِ أَوْ الْغَالِبِ فَلَا يُخَمَّسُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ ذِمِّيًّا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَهَلْ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ أَوْ يُخَمَّسُ سَهْمُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْعَبْدِ الْمُتَلَصِّصِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ اُنْظُرْهُ.
(قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ دُونَ الْجَيْشِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُخَمِّسُهُ (قَوْلُهُ: مَا أَخَذَهُ) أَيْ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى وَجْهِ التَّلَصُّصِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ حُرًّا بَلْ، وَلَوْ عَبْدًا وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُخَمَّسُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى وَجْهِ التَّلَصُّصِ إلَّا إذَا كَانَ حُرًّا لَا إنْ كَانَ عَبْدًا.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ: لَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَهُ وَلَعَلَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ لِلْغَزْوِ) أَيْ جِهَارًا بَلْ خَرَجَ لِمُجَرَّدِ التَّلَصُّصِ خِفْيَةً (قَوْلُهُ: وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ وَهُوَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا خَرَجَ لَهُ) أَيْ خَرَجَ لِلْغَزْوِ جِهَارًا وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ خَرَجَ لِأَجْلِ التَّلَصُّصِ خِفْيَةً فَلَا يُخَمَّسُ (قَوْلُهُ: اسْتَنَدَ لِلْجَيْشِ أَوْ لَا) فِيهِ أَنَّ الذِّمِّيَّ الْمُسْتَنِدَ لِلْجَيْشِ إنْ كَانَ مُكَافِئًا لِلْجَيْشِ قَسَّمَ مَا غَنِمَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُنَاصَفَةً، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَافِئٍ كَانَ مَا غَنِمَهُ لِلْجَيْشِ خَاصَّةً، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَأَيْنَ الِاخْتِصَاصُ فَالْأَوْلَى حَمْلُ قَوْلِهِ لَا ذِمِّيَّ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ لِلْجَيْشِ بِأَنْ كَانَ مُتَلَصِّصًا تَأَمَّلْ وَقَدْ يُقَالُ يَصِحُّ حَمْلُهُ أَيْضًا عَلَى مَا إذَا كَانَ مُسْتَنِدًا لِلْجَيْشِ، وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانُوا مُكَافِئِينَ لِلْمُسْلِمِينَ فَنِصْفُ الْغَنِيمَةِ الَّذِي يَخُصُّهُمْ لَا يُخَمَّسُ، وَالنِّصْفُ الَّذِي يَخُصُّ الْمُسْلِمِينَ يُخَمَّسُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ عَمِلَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُخَمَّسُ ذَلِكَ بَلْ يَخْتَصُّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالشَّأْنُ الْقَسْمُ بِبَلَدِهِمْ) أَيْ، وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْغَانِمُونَ جَيْشًا، وَأَمِنُوا مِنْ كَرِّ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ فَإِنْ خَافُوا كَرَّةَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ وَكَانُوا سَرِيَّةً أَخَّرُوا الْقَسْمَ حَتَّى يَعُودُوا لِلْجَيْشِ أَوْ لِمَحَلِّ الْأَمْنِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْإِمَامُ يَبِيعُ سِلَعَ الْغَنِيمَةِ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا فِي عبق تَبَعًا لعج، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي لِابْنِ عَرَفَةَ وَالْفَاكِهَانِيِّ عَنْ سَحْنُونٍ، وَهُوَ صَاحِبُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَ لَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي بِالتَّخْيِيرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ اُنْظُرْ طفى وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ النَّقْلَ هَلْ يَنْبَغِي لَهُ بَيْعُهَا لِيَقْسِمَ أَثْمَانَهَا أَوْ لَا يَنْبَغِي لَهُ الْبَيْعُ بَلْ يُخَيَّرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا أَمْكَنَ الْبَيْعُ) أَيْ بِأَنْ وَجَدَ مُشْتَرٍ يَشْتَرِي بِالْقِيمَةِ لَا بِالْغَبْنِ. (قَوْلُهُ: وَأَفْرَدَ) أَيْ وَإِذَا اخْتَارَ الْإِمَامُ قِسْمَةَ الْأَعْيَانِ أَفْرَدَ كُلَّ صِنْفٍ وُجُوبًا فِي الْقَسْمِ عَلَى حِدَتِهِ أَيْ: وَلَا يَضُمُّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضِ، وَقِيلَ يَضُمُّ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَمْكَنَ الْإِفْرَادُ، وَإِلَّا ضُمَّتْ الْأَصْنَافُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ لَمْ يُرَجِّحْ هُنَا شَيْئًا وَإِنَّمَا نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي اخْتَارَ هَذَا هُوَ اللَّخْمِيُّ كَذَا قَالَ الْمَوَّاقُ وَرَدَّهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّهُ قَدْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ التَّرْجِيحِ لِابْنِ يُونُسَ، وَذَكَرَ نَصَّهُ فَانْظُرْهُ.
(قَوْلُهُ: حَاضِرٌ) أَيْ لِقَسْمِ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذِمِّيًّا) أَيْ لِمُشَارَكَتِهِ لِلْمُسْلِمِ فِي عِصْمَةِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ غَائِبًا) أَيْ عَنْ مَحَلِّ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ أَيْضًا أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ مَا بَاعَهُ إلَخْ) تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ عبق نَقْلًا عَنْ الْبِسَاطِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ النَّقْلُ أَنَّ الْغَائِبَ الَّذِي يَحْمِلُ لَهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَمْلَهُ لَهُ إنَّمَا هُوَ بِرِضَا الْجَيْشِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لِمُنَازَعَةِ الْجَيْشِ لَهُ. اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِيعَ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ رَبِّهِ فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ لَا صِلَةُ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُبَاعُ لِمَالِكِهِ وَلَوْ جُعِلَتْ اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى كَانَ أَوْلَى لِإِفَادَةِ لُزُومِ الْبَيْعِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ بَعْدَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا قَسَّمَ) أَيْ
(إلَّا لِتَأَوُّلٍ) بِأَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَالْأَوْزَاعِيِّ إنَّ الْحَرْبِيَّ يَمْلِكُ مَالَ الْمُسْلِمِ فَيَمْضِي الْقَسْمُ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ إلَّا بِالثَّمَنِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يَمْضِ إذَا لَمْ يَتَأَوَّلْ بِأَنْ قَسَّمَهُ مُتَعَمِّدًا لِلْبَاطِلِ أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ جَهْلًا أَوْ قَصْدًا لِلْبَاطِلِ يَجِبُ نَقْضُهُ إجْمَاعًا، وَإِنْ وَافَقَ قَوْلَ عَالِمٍ (لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) رَبُّهُ بِعَيْنِهِ، وَلَا نَاحِيَتِهِ كَمِصْرِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ فِي الْجُمْلَةِ كَمُصْحَفٍ، وَكُتُبِ حَدِيثٍ كَالْبُخَارِيِّ فَلَا يُحْمَلُ بَلْ يُقْسَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْمُجَاهِدِينَ وَلَا يُوقَفُ وَالنَّصُّ أَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ ابْتِدَاءً فَإِخْرَاجُهُ مِنْ أَخْذِ مُعَيَّنٍ أَوْ مَنْ لَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ غَيْرُ مُخَلِّصٍ، وَالْمُخَلِّصُ إخْرَاجُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَحُمِلَ لَهُ فَتَأَمَّلْ (بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ) تُوجَدُ عِنْدَهُمْ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تُقْسَمُ بَلْ تُوقَفُ اتِّفَاقًا ثُمَّ إنْ عُرِفَ رَبُّهَا حُمِلَتْ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا.
(وَبِيعَتْ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَ) خِدْمَةُ (مُدَبَّرٍ) وُجِدَا فِي الْغَنِيمَةِ، وَعُرِفَ أَنَّهُمَا لِمُسْلِمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهُمَا خَيْرًا لَهُ ثُمَّ إنْ جَاءَ السَّيِّدُ فَلَهُ فِدَاؤُهُمَا بِالثَّمَنِ وَلَهُ تَرْكُهُمَا فَيَصِيرُ حَقُّ مُشْتَرِيهَا فِي الْخِدْمَةِ، وَيَخْرُجُ عِنْدَ الْأَجَلِ حُرًّا، وَاسْتُشْكِلَ بَيْعُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ بِأَنَّ غَايَتَهَا مَوْتُ السَّيِّدِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى بَيْعِهَا أَنَّهُ يُؤَاجَرُ إلَى زَمَنٍ مَعْلُومٍ تُظَنُّ حَيَاةُ السَّيِّدِ إلَيْهِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَعَبْدٌ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا ثُمَّ مَا زَادَ مِنْ الْخِدْمَةِ عَنْ ذَلِكَ يَكُونُ كَاللُّقَطَةِ فَيُوضَعُ خَرَاجُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى. فَإِنْ جَهِلَ السَّيِّدُ فَالْخَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي، فَلْيُتَأَمَّلْ.
(وَ) بِيعَتْ (كِتَابَةٌ) لِمُكَاتَبٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَإِذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ عَلَى الْجَيْشِ الشَّيْءَ الَّذِي عُلِمَ مَالِكُهُ قَبْلَ الْقَسْمِ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا حِينَ الْقَسْمِ كَمَا فَرَضَ ابْنُ بَشِيرٍ أَوْ غَائِبًا كَمَا فَرَضَ ابْنُ يُونُسَ لَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا لِتَأَوُّلٍ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ الَّذِي قَسَّمَ الْغَنِيمَةَ (قَوْلُهُ: كَالْأَوْزَاعِيِّ) مَا قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ مِثْلُهُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ. اهـ.
بْن (قَوْلُهُ: أَوْ قَصْدًا لِلْبَاطِلِ) أَيْ عَلَى مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُخَلِّصٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْجَوَازَ ابْتِدَاءً لِصِدْقِهِ بِالْوَقْفِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ جَوَازُ قَسْمِهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: وَالْمُخَلِّصُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنْ جَعَلَ مَخْرَجًا مِنْ قَوْلِهِ، وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ إلَخْ يَكُونُ الْمَعْنَى، وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ وَإِنْ ذِمِّيًّا مَا عُرِفَ لَهُ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَلَا يَأْخُذُهُ وَهَلْ يُقْسَمُ عَلَى الْجَيْشِ أَوْ يُوقَفُ يُحْتَمَلُ، وَإِنْ جَعَلَ مَخْرَجًا مِنْ قَوْلِهِ، وَلَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ كَانَ الْمَعْنَى لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَإِنَّهُ يَمْضِي قَسْمُهُ وَهَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً قَسْمُهُ أَوْ لَا يَجُوزُ يُحْتَمَلُ فَالْجَوَازُ ابْتِدَاءً غَيْرُ مَعْلُومٍ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْمُخَلِّصُ أَنْ يُجْعَلَ عَطْفًا عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ وَحُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا إذْ مَعْنَاهُ وَحُمِلَ مَا كَانَ خَيْرًا لِرَبِّهِ إنْ تَعَيَّنَ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ رَبُّهُ فَلَا يُحْمَلُ لَهُ بَلْ يُقْسَمُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ رَبُّهُ فَلَا يُحْمَلُ لَهُ صَادِقٌ بِأَنْ يُقْسَمَ أَوْ يُوقَفَ فَهُوَ مِثْلُ إخْرَاجِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ. (قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْ) أَمْرٌ بِالتَّأَمُّلِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ إخْرَاجَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَحُمِلَ لَهُ مُمَاثِلٌ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ فِي احْتِمَالِهِ لِلْقَسْمِ وَالْوَقْفِ فَلَمْ يَتِمَّ الْجَوَابُ، وَأَصْلُ الْإِشْكَالِ لِبَهْرَامَ وَالْجَوَابُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: تُوجَدُ عِنْدَهُمْ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهَا لُقَطَةٌ قَالَ طفى هَذَا التَّقْرِيرُ لِبَهْرَامَ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَمُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ لِأَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ مَا أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ فِيهِ شُبْهَةُ الْمِلْكِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ حَصَلَ لَهُمْ سَوَاءٌ أَخَذُوهُ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا فَإِنَّهَا تُوقَفُ فَالْمُرَادُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ اللُّقَطَةِ فَإِنَّ الْمَالِكَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فِيهِمَا، وَقَالُوا هُنَا أَيْ إذَا وُجِدَ مَالٌ لِمُسْلِمٍ غَيْرُ مُعَيَّنٍ بِالْقَسْمِ، وَعَدَمُ الْإِيقَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَاتَّفَقُوا عَلَى الْإِيقَافِ فِي اللُّقَطَةِ الْآتِيَةِ فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ عَلَى الْجُمْلَةِ فَهَلْ يُقْسَمُ أَوْ يُوقَفُ لِصَاحِبِهِ كَاللُّقَطَةِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى مِلْكِ الْغَانِمِينَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ اُنْظُرْ طفى. اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهُمَا) أَيْ أَوْ لِمُعَيَّنٍ حَمْلُهُمَا خَيْرًا لَهُ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْمَلُ الثَّمَنُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ جَاءَ السَّيِّدُ فَلَهُ فِدَاؤُهُمَا إلَخْ) هَذَا صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ بَيْعُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهُ خَيْرًا فَغَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ حِينَئِذٍ لَازِمٌ لِلسَّيِّدِ نَقْضُهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَلَهُ فِدَاؤُهُمَا) أَيْ مِمَّنْ اشْتَرَى خِدْمَتَهُمَا بِثَمَنِ الْخِدْمَةِ وَقَوْلُهُ: فِي الْخِدْمَةِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ وَالْمُرَادُ فَيَصِيرُ حَقُّ مُشْتَرِي الْخِدْمَةِ فِيهَا فَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ مُشْتَرِيهِ لَلْأَجَلِ خَرَجَ حُرًّا وَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهِ إلَّا الْخِدْمَةُ لِلْأَجَلِ وَقَدْ اسْتَوْفَاهَا الْمُشْتَرِي وَإِنْ جَاءَ رَبُّهُ بَعْدَ نِصْفِ خِدْمَتِهِ مَثَلًا خُيِّرَ فِي فِدَائِهِ عَمَّا بَقِيَ يُبْقِيهِ الثَّمَنُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا زَادَ مِنْ الْخِدْمَةِ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي يَكُونُ كَاللُّقَطَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إذَا عَاشَ الْمُدَبَّرُ وَسَيِّدُهُ بَعْدَهَا تَكُونُ الْخِدْمَةُ الزَّائِدَةُ عَلَيْهَا كَاللُّقَطَةِ تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِافْتِرَاقِ الْجَيْشِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِأَعْيَانِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَهِلَ السَّيِّدُ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ ظَنُّ الزَّمَانِ الَّذِي يَعِيشُ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: فَالْخَمْسَةَ عَشَرَ أَيْ فَلْيُؤَجَّرْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا.
جُهِلَ رَبُّهُ فَإِنْ أَدَّى لِلْمُشْتَرِي عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا رُقَّ لَهُ فَإِنْ عَلِمَ سَيِّدُهُ فَوَلَاؤُهُ لَهُ (لَا أُمُّ وَلَدٍ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى كِتَابَةٌ، وَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ لَا تُبَاعُ خِدْمَةُ أُمِّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ جُهِلَ رَبُّهَا إذْ لَيْسَ لِسَيِّدِهَا فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ وَهُوَ لَغْوٌ فَيُنْجَزُ عِتْقُهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ وَمَا بَعْدَهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَكَيْفِيَّتُهَا مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ السَّيِّدِ أَنْ تَقُولَ أَشْهَدَنَا قَوْمٌ يُسَمُّونَهُمْ أَنَّ سَيِّدَهُ دَبَّرَهُ مَثَلًا وَلَمْ نَسْأَلْهُمْ عَنْ اسْمِ رَبِّهِ، أَوْ سَمُّوهُ وَنَسِينَاهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُعَيَّنِ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْقَسْمِ (أَخْذُهُ) مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ وَإِنْ أَبَى (بِثَمَنِهِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْبَيْعِ لِيَقْسِمَ ثَمَنَهُ وَبِيعَ وَعَلِمَ الثَّمَنَ، وَبِقِيمَتِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِقِسْمَةِ الْأَعْيَانِ أَوْ جَهْلِ الثَّمَنِ (وَأَخَذَ بِالْأَوَّلِ) مِنْ الْأَثْمَانِ (إنْ تَعَدَّدَ) الْبَيْعُ (وَأُجْبِرَ) السَّيِّدُ (فِي)(أُمِّ الْوَلَدِ) إذَا بِيعَتْ أَوْ قُسِّمَتْ بَعْدَ تَقْوِيمِهَا جَهْلًا بِهَا (عَلَى الثَّمَنِ) أَيْ عَلَى أَخْذِهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ أَوْ قُوِّمَتْ بِهِ فِي الْمَقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ قِيمَتِهَا إذَا كَانَ مَلِيًّا (وَاتُّبِعَ بِهِ إنْ أُعْدِمَ) ، وَأَمَّا لَوْ قُسِّمَتْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ فَيَأْخُذُهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغْنَمِ مَجَّانًا، وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْفِدَاءِ (إلَّا أَنْ تَمُوتَ هِيَ أَوْ سَيِّدُهَا) قَبْلَ الْفِدَاءِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَوْتِهَا وَلَا فِي تَرِكَتِهِ إنْ مَاتَ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ (فِدَاءُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُدَبَّرٍ) بِيعَتْ خِدْمَتُهُمَا عَلَى مَا مَرَّ أَوْ ذَاتُهُمَا جَهْلًا بِهِمَا فَيَرْجِعَانِ (لِحَالِهِمَا) الْأَوَّلِ مِنْ التَّدْبِيرِ أَوْ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ (وَ) لَهُ (تَرْكُهُمَا) لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِمَنْ وَقَعَا فِي سَهْمِهِ جَهْلًا بِهِمَا (مُسْلِمًا لِخِدْمَتِهِمَا) إلَى الْأَجَلِ فِي الْأَوَّلِ، وَإِلَى اسْتِيفَاءِ مَا أَخَذَهُ بِهِ فِي الثَّانِي (فَإِنْ)(مَاتَ الْمُدَبِّرِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَهُوَ السَّيِّدُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: جُهِلَ رَبُّهُ) أَيْ وُجِدَ فِي الْغَنِيمَةِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ وَجُهِلَ رَبُّهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قَسْمِهَا مُكَاتَبٌ، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُهُ فَإِنَّهُ تُبَاعُ كِتَابَتُهُ وَتُقْسَمُ عَلَى الْجَيْشِ إذْ لَمْ يَبْقَ لِسَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ فِيهِ إلَّا الْكِتَابَةُ وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ خِدْمَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَلَا تُبَاعُ رَقَبَتُهُ، وَلَا تُؤَاجَرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُلِمَ سَيِّدُهُ) أَيْ بَعْدَ بَيْعِ الْكِتَابَةِ وَأَدَائِهَا لِلْمُشْتَرِي وَعِتْقِهِ فَوَلَاؤُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لَا تُبَاعُ خِدْمَةُ أُمِّ وَلَدٍ) أَيْ وُجِدَتْ فِي الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَغْوٌ) أَيْ، وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ لَغْوٌ وَالِاسْتِمْتَاعُ لَا يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ (قَوْلُهُ: فَيُنْجَزُ عِتْقُهَا) تَبِعَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ قَالَ بْن، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى السَّيِّدِ إذَا ظَهَرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُخَلِّي سَبِيلَهَا وَتُتْرَكُ عَلَى حَالِهَا فَلَوْ بِيعَتْ جَهْلًا وَجَاءَ رَبُّهَا أَخَذَهَا مَجَّانًا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَنْ تَقُولَ) أَيْ الْبَيِّنَةُ، وَقَوْلُهُ: يُسَمُّونَهُمْ أَيْ يَذْكُرُونَ أَسْمَاءَهُمْ بِأَنْ يَقُولُوا أَشْهَدْنَا فُلَانًا، وَفُلَانًا (قَوْلُهُ: وَلَهُ بَعْدَهُ أَخْذُهُ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا وَأُخِذَ مُعَيَّنٌ وَإِنْ ذِمِّيًّا مَا عُرِفَ لَهُ قَبْلَهُ مَجَّانًا ثُمَّ إنَّ هَذَا يَشْمَلُ مَا قُسِّمَ جَهْلًا أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ عُلِمَ بِأَنَّهُ لِمُسْلِمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ مُعَيَّنٍ وَقَسَّمَ مُتَأَوِّلًا. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَبِقِيمَتِهِ) أَيْ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَسْمِ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ، وَيَوْمَ أَخْذِ رَبِّهِ لَهُ عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ، وَمِثْلُ مَا قُسِّمَ مَا بِيعَ مِنْ خِدْمَةِ مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَكِتَابَةٍ فَإِنَّ لَهُ أَخْذَهُ بِثَمَنِهِ، وَأَمَّا مَا قُسِّمَ بِلَا تَأَوُّلٍ فَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ مَجَّانًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ جَهْلِ الثَّمَنِ) أَيْ، وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْبَيْعِ لِيَقْسِمَ وَبِيعَ، وَلَكِنْ جَهِلَ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بِالْأَوَّلِ مِنْ الْأَثْمَانِ إنْ تَعَدَّدَ الْبَيْعُ) هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ، وَقِيلَ: إنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْأَخْذِ بِأَيِّ ثَمَنٍ شَاءَ كَالشَّفِيعِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي أُمِّ الْوَلَدِ) أَيْ الَّتِي وُجِدْت فِي الْغَنِيمَةِ لِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ قُسِّمَتْ) أَيْ بَعْدَ تَقْوِيمِهَا أَيْ أَوْ بِيعَتْ وَقُسِّمَ ثَمَنُهَا (قَوْلُهُ: مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهَا تُبَاعُ مَعَ الْعِلْمِ أُمُّ وَلَدٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن.
وَقَوْلُهُ: فَيَأْخُذُهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا أَيْ، وَكَذَا مِمَّنْ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفِدَاءِ) أَيْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفِدَاءِ كَمَا فِي نَقْلِ الْبَاجِيَّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ سَحْنُونٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالْفِدَاءِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْفِدَاءِ وَجَبَ الْفِدَاءُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَوْتِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْفِدَاءِ تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ وَقَدْ تَعَذَّرَ بِمَوْتِهَا، وَقَوْلُهُ: وَلَا فِي تَرِكَتِهِ إنْ مَاتَ أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ حُرَّةً بِمَوْتِهِ وَالْفِدَاءُ لَيْسَ دَيْنًا ثَابِتًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِتَخْلِيصِ الرَّقَبَةِ وَقَدْ فَاتَ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ فِدَاءُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ، وَلَهُ بَعْدَهُ أَخْذُهُ بِثَمَنِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ ذَكَرَ هَذَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: مُسْلِمًا لِخِدْمَتِهِمَا لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي الْمَقَاسِمِ مُدَبَّرٌ أَوْ مُعْتَقَ لِأَجَلٍ لِمُسْلِمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ تُبَاعُ خِدْمَتُهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَرْكُهُمَا لِلْمُشْتَرِي) أَيْ الَّذِي اشْتَرَى خِدْمَتَهُمَا أَوْ ذَاتَهمَا جَهْلًا (قَوْلُهُ: مُسْلِمًا لِخِدْمَتِهِمَا) عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّقَاضِي كَمَا قِيلَ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَيَنْبَنِي عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ إنْ اسْتَوْفَى مِنْ الْخِدْمَةِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ قَبْلَ الْأَجَلِ بَلْ يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْخِدْمَةَ لِلْأَجَلِ وَإِنْ كَثُرَتْ، وَإِنْ انْقَضَى الْأَجَلُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ لَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ بَعْدَهُ، وَيَنْبَنِي عَلَى الثَّانِي الرُّجُوعُ وَالِاتِّبَاعُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَى اسْتِيفَاءِ مَا) أَيْ الْخِدْمَةُ الَّتِي أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِي أَيْ، وَهُوَ الْمُدَبَّرُ فَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
(قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ) لِمَا قُوِّمَ بِهِ وَاشْتُرِيَ بِهِ (فَحُرٌّ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَاتُّبِعَ بِمَا بَقِيَ كَمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قُسِّمَا) جَهْلًا بِحَالِهِمَا (وَلَمْ يُعْذَرَا فِي سُكُوتِهِمَا) عَنْ الْإِخْبَارِ بِحَالِهِمَا (بِأَمْرٍ) مِنْ صِغَرٍ أَوْ بَلَاهَةٍ أَوْ عُجْمَةٍ فَيُتْبَعَانِ بِمَا وَقَعَ بِهِ فِي (الْقَسْمِ) مَعَ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهِمَا اتِّفَاقًا فَإِنْ عُذِرَا بِأَمْرٍ مِمَّا مَرَّ لَمْ يُتْبَعَا بِشَيْءٍ (وَإِنْ)(حَمَلَ) الثَّالِثُ (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ الْمُدَبَّرِ عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ وَ (رُقَّ بَاقِيهِ) لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ (وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ) فِيمَا رُقَّ مِنْهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي اُشْتُرِيَ بِهِ، وَهَذَا إذَا بِيعَتْ رَقَبَتُهُ لِاعْتِقَادِ رِقِّهِ، وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ خِدْمَتُهُ لِلْعِلْمِ بِتَدْبِيرِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ.
(بِخِلَافِ)(الْجِنَايَةِ) مِنْ الْمُدَبَّرِ يُسَلِّمُهُ سَيِّدُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُمَّ يَمُوتُ السَّيِّدُ وَثُلُثُهُ يَحْمِلُ بَعْضَهُ فَإِنَّ وَارِثَهُ يُخَيَّرُ فِيمَا رُقَّ مِنْهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ رِقًّا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَفِدَائِهِ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ)(أَدَّى الْمُكَاتَبُ) الَّذِي بِيعَتْ رَقَبَتُهُ جَهْلًا بِحَالِهِ أَوْ قُسِّمَتْ كَذَلِكَ (ثَمَنَهُ) لِمُبْتَاعِهِ أَوْ آخِذِهِ (فَعَلَى حَالِهِ) يَرْجِعُ مُكَاتَبًا، وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ كِتَابَتُهُ فَأَدَّاهَا خَرَجَ حُرًّا، وَأَمَّا لَوْ بِيعَ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ فَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ (فَقِنٌّ) مُطْلَقًا سَوَاءٌ (أَسْلَمَ) لِصَاحِبِ الثَّمَنِ (أَوْ فُدِيَ) أَيْ فَدَاهُ السَّيِّدُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اُشْتُرِيَ بِهِ مِنْ الْقَاسِمِ أَوْ دَارِ الْحَرْبِ وَلَمَّا كَانَ الْحَرْبِيُّ لَا يَمْلِكُ مَالَ الْمُسْلِمِ بَلْ وَلَا الذِّمِّيُّ مِلْكًا تَامًّا بَلْ إنَّمَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ فَقَطْ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَعَلَى الْآخِذِ) لِشَيْءٍ مِنْ الْمَغْنَمِ رَقِيقًا أَوْ غَيْرِهِ (إنْ عَلِمَ) أَنَّهُ جَارٍ (بِمِلْكِ) شَخْصٍ (مُعَيَّنٍ) مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُسَوِّغَةِ لِقَسْمِهِ إمَّا لِعَدَمِ تَعْيِينِ رَبِّهِ عِنْدَ أَمِيرِ الْجَيْشِ أَوْ لِكَوْنِهِ يَرَى قَسْمَهُ، وَلَوْ تَعَيَّنَ رَبُّهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ (تُرِكَ تَصَرُّفٌ) فِيهِ (لِيُخَيِّرَهُ) أَيْ لِيُخَيِّرَ رَبَّهُ هَلْ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكُهُ لَهُ.
(وَإِنْ) اقْتَحَمَ النَّهْيُ وَ (تَصَرَّفَ) بِاسْتِيلَادٍ وَنَحْوَهُ (مَضَى) تَصَرُّفُهُ لِشُبْهَةِ الْكُفَّارِ وَلَيْسَ لِمَالِكِهِ أَخْذُهُ (كَالْمُشْتَرِي) سِلْعَةً لِمُعَيَّنٍ (مِنْ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْخِدْمَةِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ أَيْ الْمُدَبَّرُ بِمَا بَقِيَ إنَّمَا يَأْتِي هَذَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ التَّرْكَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهِ التَّقَاضِي، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَعَتَقَ لَمْ يُتَّبَعْ بِشَيْءٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ فِي الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجْلٍ إذَا بِيعَتْ خِدْمَتُهُمَا لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَالِكِهِمَا أَوْ بِيعَتْ ذَاتُهُمَا جَهْلًا بِحَالِهِمَا كَمَا فِي. بْن وخش. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْذَرَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَمْ يُعْذَرَا فِي سُكُوتِهِمَا بِأَمْرٍ، أَيْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا عُذْرٌ فِي سُكُوتِهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُذِرَا إلَخْ) فَإِنْ تَنَازَعَا مَعَ مَنْ اشْتَرَاهُمَا فَقَالَا إنَّمَا كَانَ السُّكُوتُ لِعُذْرٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا قَرِينَةَ عَلَى صِدْقِ وَاحِدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ دُونَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ الْخِيَارِ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ خِدْمَتُهُ) أَيْ وَمَاتَ سَيِّدُهُ وَحَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهُ وَرُقَّ بَاقِيهِ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا إذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ شَيْئًا مِنْهُ وَالظَّاهِرُ رِقُّ جَمِيعِهِ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ كَمَا إذَا رُقَّ بَعْضُهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قُسِّمَتْ كَذَلِكَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عُرِفَ لِمُعَيَّنٍ بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ: لِمُبْتَاعِهِ) أَيْ لِمُشْتَرِيهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ آخِذُهُ أَيْ فِي سَهْمِهِ (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ مُكَاتَبًا) أَيْ لِسَيِّدِهِ، يُؤَدِّي إلَيْهِ كِتَابَتَهُ وَيَخْرُجُ حُرًّا، وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لَهُ (قَوْلُهُ: فَأَدَّاهَا) أَيْ لِلْمُشْتَرِي خَرَجَ حُرًّا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا بِيعَتْ رَقَبَتُهُ فَأَدَّى ثَمَنَهُ رَجَعَ مُكَاتَبًا، وَإِذَا بِيعَتْ كِتَابَتُهُ فَأَدَّاهَا خَرَجَ حُرًّا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ بِيعَ مَعَ الْعِلْمِ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ رَقَبَتُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ مُكَاتَبًا فَلَا يَغْرَمُ سَيِّدُهُ لِمُشْتَرِيهِ شَيْئًا لَا ثَمَنًا، وَلَا كِتَابَةً، وَيَرْجِعُ مُكَاتَبًا لِسَيِّدِهِ قَهْرًا عَنْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَدَّى لَهُ نُجُومَ الْكِتَابَةِ خَرَجَ حُرًّا، وَإِلَّا رُقَّ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ) أَيْ عَنْ أَدَاءِ الثَّمَنِ لِمُشْتَرِيهِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَسْلَمَ) أَيْ أَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ لِصَاحِبِ الثَّمَنِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَوْ دَارِ الْحَرْبِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمَقَاسِمِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إذَا فِدَاهُ أَنْ يُحَاسِبَ الْمُشْتَرِيَ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِدَاءَهُ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْآخِذِ إلَخْ) أَيْ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُسَوِّغَةِ لِأَخْذِهِ مِنْهَا بِأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهَا أَوْ قَوَّمَ عَلَيْهِ فِي سَهْمِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ رَبِّهِ عِنْدَ الْقَسْمِ سَوَاءٌ كَانَ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ إنْ عَلِمَ بَعْدَ الْقَسْمِ أَنَّهُ جَارٍ فِي مِلْكِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ تُرِكَ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يُخَيَّرَ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ أَوْ تَرْكِهِ لَهُ فَإِنْ تَصَرَّفَ بِاسْتِيلَادٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ أَنْ يُخَيِّرَهُ مَضَى تَصَرُّفُهُ هَذَا إذَا كَانَ أَخَذَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهَا بِنِيَّةِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ فَقَوْلَانِ فِي إمْضَاءِ تَصَرُّفِهِ وَعَدَمِ إمْضَائِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ جَارٍ بِمِلْكِ شَخْصٍ) أَيْ فِي مِلْكِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَيْ إنْ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَسْمِ سَوَاءٌ كَانَ حِينَ الْقَسْمِ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا سِلْعَةُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا سِلْعَةَ وَاحِدِ مِنْهُمَا لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ وَإِنَّمَا عَلِمَتْ بَعْدَ الْقَسْمِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِوَجْهٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَخْذِ، وَقَوْلُهُ: الْمُسَوِّغَةِ لِقَسْمِهِ الْأَوْلَى لِأَخْذِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِهِ يَرَى قَسْمَهُ لَوْ تَعَيَّنَ رَبُّهُ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ تَعَيَّنَ رَبُّهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا رَأَى الْإِمَامُ قَسْمَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِمَالِكِهِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِمَنْ صَارَ إلَيْهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَلَا يَصِحُّ إدْخَالُ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي كَلَامِهِ هُنَا فَالصَّوَابُ أَنْ يُصَوِّرَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ كَمَا فِي ح بِمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لِمُعَيَّنٍ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ الْقَسْمُ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: كَالْمُشْتَرِي مِنْ)
(حَرْبِيٍّ) فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فَإِنْ تَصَرَّفَ (بِاسْتِيلَادٍ) مَضَى، وَأَحْرَى بِعِتْقٍ نَاجِزٍ، وَكَذَا بِكِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ، وَكَذَا بِبَيْعٍ فِي الْمُشْتَرَى مِنْ حَرْبِيٍّ بِخِلَافِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَلَا يَمْضِي بِالْبَيْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُهُ بِاسْتِيلَادٍ رَاجِعٌ لِكُلِّ مَنْ تَصَرَّفَ، وَمَضَى (إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ) مِنْ الْغَنِيمَةِ (عَلَى) نِيَّةِ (رَدِّهِ لِرَبِّهِ) بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ لِنَفْسِهِ فَهَذَا رَاجِعٌ لِلْمُشْتَرَى مِنْ الْغَنِيمَةِ فَقَطْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَخَذَهُ بِنِيَّةِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ فَأَعْتَقَ أَوْ اسْتَوْلَدَ (فَقَوْلَانِ) فِي الْإِمْضَاءِ، وَعَدَمِهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ.
(وَفِي) إمْضَاءِ الْعِتْقِ (الْمُؤَجَّلِ)(تَرَدُّدٌ) وَالرَّاجِحُ الْإِمْضَاءُ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا كَانَ يَمْضِي التَّدْبِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ فَأَوْلَى الْعِتْقُ الْمُؤَجَّلُ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذَا التَّرَدُّدِ (وَلِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَخْذُ مَا وَهَبُوهُ) أَيْ الْحَرْبِيُّونَ (بِدَارِهِمْ) ، وَكَذَا بِدَارِنَا قَبْلَ تَأْمِينِهِمْ (مَجَّانًا) مَعْمُولٌ لِأَخَذَ (وَ) إنْ بَذَلُوهُ لَنَا (بِعِوَضٍ) أَخَذَهُ مَالِكُهُ (بِهِ) بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ، وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ هُنَاكَ (إنْ لَمْ يَبِعْ) أَيْ إنْ لَمْ يَبِعْهُ آخِذُهُ مِنْهُمْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ الْمُعَاوِضُ عَلَيْهِ (فَيَمْضِي) الْبَيْعُ، وَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَيْهِ سَبِيلٌ (وَلِمَالِكِهِ) الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ حِينَئِذٍ (الثَّمَنُ) عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ مَجَّانًا (أَوْ الزَّائِدُ) عَلَيْهِ إنْ أَخَذَهُ بِعِوَضٍ كَأَنْ يَأْخُذَهُ بِمِائَةٍ وَيَبِيعَهُ بِمِائَتَيْنِ فَيَأْخُذَ الْمِائَةَ الزَّائِدَةَ (وَالْأَحْسَنُ) أَيْ الْأَرْجَحُ (فِي) الْمَالِ (الْمَفْدِيِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الدَّالِ كَالْمَشْوِيِّ اسْمُ مَفْعُولٍ أَصْلُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْحَرْبِيِّ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنْ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّصَرُّفِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ اشْتِرَاءُ سِلَعِهِ، وَفَاتَتْ بِهِ وَبِهِبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَصَرَّفَ بِاسْتِيلَادٍ مَضَى) الْمُرَادُ بِالِاسْتِيلَادِ أَنْ يَطَأَ الْجَارِيَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَيُوَلِّدُهَا، وَأَمَّا مُجَرَّدُ وَطْئِهَا فَلَا يُفِيتُهَا عَلَى رَبِّهَا بَلْ يُخَيَّرُ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِعِتْقٍ نَاجِزٍ) أَيْ خَالِصٍ عَنْ التَّعْلِيلِ عَلَى دَفْعِ دَرَاهِمَ أَوْ مُضِيِّ أَجَلٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَأْخُوذٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَلَا يَمْضِي) أَيْ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَبِالْأَوَّلِ إنْ تَعَدَّدَ قَالَ بْن وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ قَدْ أُخِذَ مِنْ الْعَدُوِّ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ فَكَانَ أَقْوَى فِي رَدِّهِ لِرَبِّهِ وَالْمُشْتَرَى مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إنَّمَا دَفَعَهُ الْحَرْبِيُّ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ طَوْعًا، وَلَوْ شَاءَ مَا دَفَعَهُ فَهُوَ أَقْوَى فِي إمْضَاءِ مَا فَعَلَ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَأْخُذْ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ فَوْتِ مَا أَخَذَ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِالِاسْتِيلَادِ وَمَا مَعَهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِنِيَّةِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُخَيَّرَ رَبُّهُ فَإِنْ تَصَرَّفَ بِدُونِ تَخْيِيرِهِ مَضَى تَصَرُّفُهُ اتِّفَاقًا سَوَاءٌ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ أَوْ رَدِّهِ لِرَبِّهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ) بِفَوَاتِهِ عَلَى رَبِّهِ وَإِمْضَاءِ التَّصَرُّفِ بِالْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ، وَعَدَمِ فَوَاتِهِ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا يَمْضِي الْعِتْقُ وَلَا مَا مَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ وَالْأَوَّلُ لِلْقَابِسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْكَاتِبِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمَحَلُّ لِلتَّرَدُّدِ. اهـ. بْن.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُؤَجَّلِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ حَرْبِيٍّ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَعُرِفَ ذَلِكَ الْعَبْدُ لِمُعَيَّنٍ فَتَصَرَّفَ فِيهِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِالْعِتْقِ لِأَجَلٍ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَ سَيِّدَهُ فَهَلْ يَمْضِي ذَلِكَ الْعِتْقُ أَوْ لَا تَرَدُّدٌ لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ، وَهُوَ فِيمَا إذَا أَخَذَهُ لَا لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ فَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ إلَخْ، وَقَدْ قَدَّمَهُ خش هُنَاكَ، وَهُوَ حَسَنٌ غَيْرَ أَنَّهُ خِلَافُ النُّسَخِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ يَمْضِي التَّدْبِيرُ) أَيْ وَيُفَوِّتُهُ عَلَى رَبِّهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْلِمُ إلَخْ) صُورَتُهَا رَجُلٌ دَخَلَ بِلَادَ الْحَرْبِ فَوَهَبَهُ حَرْبِيٌّ سِلْعَةً أَوْ عَبْدًا هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ وَأَغَارَ عَلَيْهِ الْحَرْبِيُّ وَأَخَذَهُ فَإِذَا قَدِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّ رَبَّهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ يَأْخُذُ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِدَارِنَا قَبْلَ تَأْمِينِهِمْ) أَيْ، وَأَمَّا مَا بَاعُوهُ أَوْ وَهَبُوهُ بِدَارِنَا بَعْدَ تَأْمِينِهِمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُفَوَّتُ عَلَى رَبِّهِ (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ، وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ) فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وح أَنَّ الْوَاجِبَ مِثْلُ الْعِوَضِ فِي مَحَلِّهِ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا كَمَنْ أَسْلَفَ عَرَضًا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِثْلُهُ فِي مَوْضِعِ السَّلَفِ نَعَمْ إنْ عَجَزَ عَنْ الْمِثْلِ فِي مَحَلِّهِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي الْعِوَضِ، وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا وَنَصُّ التَّوْضِيحِ إنَّمَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِالثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا دَفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ حَيْثُ لَقِيَهُ فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ عَرَضًا دَفَعَ إلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ إنْ كَانَ الْوُصُولُ إلَيْهَا يُمْكِنُ كَمَنْ أَسْلَفَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِثْلُهُ بِمَوْضِعِ السَّلَفِ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ إلَيْهَا فَعَلَيْهِ هُنَا قِيمَةُ ذَلِكَ الْمَكِيلِ بِبَلَدِ الْحَرْبِ. اهـ. بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ رَبَّهُ إذَا أَرَادَ أَخْذَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا لَكِنْ إنْ كَانَ عَيْنًا دَفَعَهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ دَفَعَهُ بِمَحَلِّ الْمُعَاوَضَةِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَبِغَيْرِهِ إنْ سَاوَتْ قِيمَتُهُ بِمَوْضِعِ الدَّفْعِ قِيمَتَهُ بِمَوْضِعِ الْمُعَاوَضَةِ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِ هُنَا.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ أَخْذِهِ مِنْ الْحَرْبِيِّ بِهِبَةٍ وَمَسْأَلَةِ أَخْذِهِ مِنْهُ بِمُعَاوَضَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ) أَيْ وَالْقَوْلُ الْأَحْسَنُ بِمَعْنَى الْأَرْجَحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْمَفْدِيِّ مِنْ لِصٍّ أَخَذَهُ بِالْفِدَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَا فُدِيَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ؛ وَلِأَنَّهُ وَلَوْ أَخَذَهُ رَبُّهُ مِمَّنْ فَدَاهُ وَخَلَّصَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ مَعَ كَثْرَةِ اللُّصُوصِ لَسَدَّ هَذَا الْبَابَ مَعَ كَثْرَةِ حَاجَةِ
مَفْدَوِيٌ (مِنْ لِصٍّ) وَنَحْوِهِ كَمُحَارِبٍ وَغَاصِبٍ وَظَالِمٍ مِنْ كُلِّ مَالٍ أُخِذَ مِنْ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ إلَيْهِ إلَّا بِالْفِدَاءِ (أَخَذُهُ بِالْفِدَاءِ) الَّذِي يُفْدَى بِهِ مِثْلُهُ عَادَةً إذَا لَمْ يَفْدِهِ لِيَمْتَلِكَهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ خَلَاصُهُ بِلَا شَيْءٍ أَوْ بِدُونِ مَا دُفِعَ أَخَذَهُ فِي الْأَوَّلِ بِلَا شَيْءٍ كَمَا لَوْ فَدَاهُ لِيَتَمَلَّكَهُ، وَفِي الثَّانِي بِمَا يَتَوَقَّفُ خَلَاصُهُ عَلَيْهِ عَادَةً، وَمُقَابِلُ الْأَحْسَنِ أَخْذُهُ بِلَا شَيْءٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ اللِّصَّ لَيْسَ لَهُ شُبْهَةُ مِلْكٍ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ) مِنْ السَّيِّدِ (لِمُعَاوِضٍ) أَيْ لِمَنْ عَاوَضَ عَلَى عَبْدٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ (مُدَبَّرٌ وَنَحْوُهُ) كَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ لَا أُمِّ وَلَدٍ فَيُجْبَرُ عَلَى فِدَائِهَا (اُسْتُوْفِيَتْ خِدْمَتُهُ) أَيْ يَسْتَوْفِيهَا الْمُعَاوِضُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى عِوَضِهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوفِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فِي الْمُدَبَّرِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ بِأَنْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوْ حَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ التَّوْفِيَةِ (هَلْ يُتْبَعُ) الْعَبْدُ (إنْ عَتَقَ بِالثَّمَنِ) الْمُعَاوَضِ بِهِ كُلِّهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَمْلِيكًا وَلَا يُحَاسِبُهُ بِشَيْءٍ مِمَّا اسْتَوْفَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْفَائِدَةِ أَوْ الْغَلَّةِ الَّتِي يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي (أَوْ بِمَا بَقِيَ) عَلَيْهِ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَقَاضِيًا، وَهُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلَانِ)(وَعَبْدُ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ) دُونَ سَيِّدِهِ (حُرٌّ) وَكَذَا إنْ لَمْ يُسْلِمْ (إنْ فَرَّ) إلَيْنَا (أَوْ) أَسْلَمَ، وَ (بَقِيَ حَتَّى غَنِمَ) قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ فَحُرٌّ أَيْضًا (لَا إنْ)(خَرَجَ) فَارًّا إلَيْنَا (بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ) أَيْ السَّيِّدِ أَيْ خَرَجَ مُصَاحِبًا لِإِسْلَامِ سَيِّدِهِ فَهُوَ رَقِيقٌ لَهُ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
النَّاسِ إلَيْهِ ابْنُ نَاجِيٍّ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ (قَوْلُهُ: مَفْدَوِيٌ) اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ أَحَدُهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ، وَقُلِبَتْ ضَمَّةُ الدَّالِ كَسْرَةً لِمُنَاسَبَةِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: كَمُحَارِبٍ وَغَاصِبٍ وَظَالِمٍ) قَالَ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ مِنْ ذَلِكَ الْكَاشِفُ الَّذِي يَمْسِكُ زَرْعَ أَوْ بَهَائِمَ إنْسَانٍ ظُلْمًا فَيَفْدِيهِ إنْسَانٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَالٍ أَخَذَ) الْأَوْلَى مِنْ كُلِّ آخِذِ مَالٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَفْدِهِ لِيَتَمَلَّكَهُ) هَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ هَارُونَ فَإِنْ فَدَاهُ لِيَتَمَلَّكَهُ أَخَذَ مِنْهُ مَجَّانًا ابْنُ نَاجِيٍّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَ مَنْ ذَهَبَ لِلْقَوْلِ الثَّانِي فَيَرْجِعَانِ لِلْوِفَاقِ. اهـ بْن. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ أُجْرَةٍ لِلْفَادِي إنْ كَانَ قَدْ دَفَعَ الْفِدَاءَ مِنْ عِنْدِهِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّافِعُ لِلْفِدَاءِ غَيْرَهُ فَفِي جَوَازِ دَفْعِ الْأُجْرَةِ لَهُ مَجَالٌ لِلنَّظَرِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ فَدَاهُ لِيَتَمَلَّكَهُ أَوْ فَدَاهُ بِقَصْدِ دَفْعِهِ لِرَبِّهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اشْتَرَى مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ مِنْ اللُّصُوصِ أَوْ مِنْ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ غَيْرَ عَالِمٍ بِكَوْنِهِ مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ ثُمَّ قَدِمَ بِهِ فَعَرَفَهُ رَبُّهُ فَأَسْلَمَهُ لِمُشْتَرِيهِ وَلَمْ يَدْفَعْ الْعِوَضَ وَيَأْخُذُهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَوْفِي خِدْمَتَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا دَفَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ فَيَخْدُمُ الْمُدَبَّرُ لِمَوْتِ سَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ، وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ يَخْدُمُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ أَوْ جَاءَ الْأَجَلُ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَقَدْ وَفَّيَا مَا فَدَيَا بِهِ فَلَا كَلَامَ أَنَّهُمَا يَعْتِقَانِ وَلَا يُتْبَعَانِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يُوَفِّيَا ذَلِكَ فَهَلْ يَتْبَعُهُمَا الَّذِي عَاوَضَ عَلَيْهِمَا بِجَمِيعِ مَا عَاوَضَ عَلَيْهِمَا بِهِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَا اغْتَلَّهُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَالْفَائِدَةِ أَوْ لَا يَتْبَعُهُمَا إلَّا بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِمَا فَقَطْ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: أَيْ يَسْتَوْفِيهَا الْمُعَاوِضُ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ مَا دَفَعَ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ، وَلَا يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْعِوَضِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ اُسْتُوْفِيَتْ خِدْمَتُهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّوْفِيَةِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ الْخِدْمَةِ بِقَدْرِ مَا دَفَعَ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَمْلِيكًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إسْلَامَ السَّيِّدِ لَهُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَقَاضِيًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إسْلَامَ السَّيِّدِ لَهُ عَلَى وَجْهِ التَّقَاضِي فَكُلُّ بَعْضٍ مِنْ الْخِدْمَةِ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضٍ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ) اعْتَمَدَ فِي تَرْجِيحِهِ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ كَمَا قَالَ عج وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الرَّاجِحُ لِتَصْدِيرِهِ بِالْأَوَّلِ، وَعَطَفَ الثَّانِيَ عَلَيْهِ بِقِيلَ. اهـ بْن.
فَإِنْ قُلْت إنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ السَّيِّدُ الْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ لِمَنْ فِي سَهْمِهِ وَقُوِّمَا عَلَيْهِ أَوْ اشْتَرَاهُمَا مِنْ الْمَغَانِمِ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ أَوْ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يُوَفِّيَا مَا وَقَعَا بِهِ فِي الْمَغَانِمِ فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهُمَا بِشَيْءٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّسْلِيمَ تَمْلِيكٌ وَعَلَى أَنَّهُ تَقَاضٍ فَإِنَّهُمَا يُتْبَعَانِ بِمَا بَقِيَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَقَعَا فِي الْمَغَانِمِ يَعْنِي لَمْ يُؤْخَذَا مِنْ الْعَدُوِّ بِمُعَاوَضَةٍ بَلْ بِطَرِيقِ الْغَلَبَةِ فَقَوِيَ أَمْرُ الْمَالِكِ الْأَصْلِيِّ وَضَعُفَ أَمْرُ الْآخِذِ كَمَا سَبَقَ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ هُنَا فَإِنَّهُ مُشْتَرَى مِنْ الْعَدُوِّ وَلَمْ يُؤْخَذْ قَهْرًا عَنْهُمْ إذْ لَوْ شَاءُوا مَا دَفَعُوهُ فَقَوِيَ أَمْرُ الْآخِذِ مِنْهُمْ بِاخْتِيَارِهِمْ كَمَا سَبَقَ.
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ وَالثَّانِي لِمُحَمَّدٍ، وَعَلَيْهِمَا لَوْ اسْتَوْفَى مِنْ الْخِدْمَةِ فِدَاءَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ فَفِي كَوْنِ بَاقِيهَا لَهُ أَوْ لِرَبِّهِ قَوْلَاهُمَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يُسْلِمْ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُسْلِمْ لَكِنَّهُ أَتَى بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: أَوْ بَقِيَ حَتَّى غَنِمَ، فَإِنَّ قَيْدَ الْإِسْلَامِ مُعْتَبَرٌ فِيهِ، الْحَاصِلُ أَنَّ عَبْدَ الْحَرْبِيِّ إذَا فَرَّ إلَيْنَا قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ كَانَ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ غَنِمَ نَفْسَهُ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ وَسَوَاءٌ كَانَ فِرَارُهُ قَبْلَ نُزُولِ الْجَيْشِ فِي بِلَادِهِمْ أَوْ كَانَ بَعْدَ نُزُولِهِ فِيهَا، وَلَا وَلَاءَ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ لَهُ إنْ أَسْلَمَ، وَكَذَا يَكُونُ حُرًّا إذَا أَسْلَمَ وَبَقِيَ حَتَّى غَنِمَ قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا إذَا فَرَّ إلَيْنَا بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ أَوْ مُصَاحِبًا لِإِسْلَامِهِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِرِقِّهِ لِسَيِّدِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ أَيْ السَّيِّدِ) مَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ