المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إلَّا لِرَضَاعٍ فَيُنْدَبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (كَلِعَانٍ) - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٢

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[سُنَن الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُحَرِّمَ بِالْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌(بَابُ الذَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ الْمُبَاحِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمُحَرَّمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمَكْرُوهُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابٌ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌ الْعَقِيقَةِ وَحُكْمِهَا

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمِين وَشَرَائِطه]

- ‌[كَفَّارَة الْيَمِين]

- ‌(فَصْلٌ) فِي النَّذْرِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[بَابٌ الْجِهَادَ]

- ‌(فَصْلٌ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ

- ‌[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ]

- ‌[بَاب بَعْضُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ مِنْ الْأَحْكَامِ]

- ‌(بَابٌ) فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[أَقْسَام النِّكَاح الْفَاسِد]

- ‌[الْكِفَاءَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَوَانِعِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصَلِّ خِيَار أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا وَالْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ]

- ‌ مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْل وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فِرَاقهُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ

- ‌[الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلِ فِي شُرُوط الصَّدَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم تَنَازُع الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاح وَالصَّدَاق أَوْ مَتَاع الْبَيْت وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ]

- ‌[فَصَلِّ الْوَلِيمَة]

- ‌[فَصَلِّ الْقَسْم بَيْن الزَّوْجَات فِي الْمَبِيت]

- ‌ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَلَام عَلَى الْخُلْعِ]

- ‌(فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ)

- ‌[فَصَلِّ أَرْكَان الطَّلَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ)

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[بَاب الظِّهَار وَأَرْكَانَهُ وَكَفَّارَتَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[كِنَايَات الظِّهَار]

- ‌[بَاب اللِّعَان وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌ أَسْبَابُ اللِّعَانِ

- ‌[عدة الْحُرَّة]

- ‌(فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌بَابِ تَدَاخُلِ الْعَدَدِ

- ‌[بَاب أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب أَسْبَابَ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّفَقَةِ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةُ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَضَانَةِ]

الفصل: إلَّا لِرَضَاعٍ فَيُنْدَبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (كَلِعَانٍ)

إلَّا لِرَضَاعٍ فَيُنْدَبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (كَلِعَانٍ) فَلَا مُتْعَةَ فِيهِ (وَ) لَا فِي (مِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ هُوَ الْمَالِكَ فَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَوْزِهِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ فَهُوَ وَمَا مَعَهُ لَهَا وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ قَوْلَهُ:(إلَّا مَنْ اخْتَلَعَتْ) مِنْهُ بِعِوَضٍ دَفَعْته لَهُ أَوْ دَفَعَ عَنْهَا بِرِضَاهَا وَإِلَّا مُتِّعَتْ (أَوْ فُرِضَ) أَيْ سُمِّيَ (لَهَا) الصَّدَاقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ ابْتِدَاءً تَفْوِيضًا (وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ) ؛ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ نِصْفَ الصَّدَاقِ مَعَ بَقَاءِ سِلْعَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا مُتِّعَتْ (وَ) إلَّا (مُخْتَارَةً) نَفْسَهَا (لِعِتْقِهَا) تَحْتَ الْعَبْدِ (أَوْ) مُخْتَارَةً نَفْسَهَا (لِعَيْبِهِ) سَوَاءٌ كَانَ بِهَا عَيْبٌ أَيْضًا أَوْ لَا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا كَمَا لَوْ رَدَّهَا الزَّوْجُ لِعَيْبِهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا غَارَّةٌ وَأَمَّا لِعَيْبِهِمَا مَعًا فَلَهَا الْمُتْعَةُ (وَ) إلَّا (مُخَيَّرَةً وَمُمَلَّكَةً) ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الطَّلَاقِ مِنْهَا وَلَمَّا كَانَتْ الْإِيلَاءُ قَدْ يَتَسَبَّبُ عَنْهَا الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ نَاسَبَ ذِكْرُهَا عَقِبَ الرَّجْعِيِّ فَقَالَ

[دَرْسٌ]

‌(بَابُ الْإِيلَاءِ

يَمِينُ) زَوْجٍ (مُسْلِمٍ) وَلَوْ عَبْدًا وَمُرَادُهُ بِالْيَمِينِ مَا يَشْمَلُ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ أَوْ الْتِزَامِ نَحْوِ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مَشْيٍ لِمَكَّةَ أَوْ نَذْرٍ، وَلَوْ مُبْهَمًا نَحْوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ وَطِئْتُك أَوْ لَا أَطَؤُك (مُكَلَّفٍ) لَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فَلَا يَنْعَقِدُ لَهُمَا إيلَاءٌ كَالْكَافِرِ (يُتَصَوَّرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِقَوْلِهِ لَازِمٍ عَنْ غَيْرِ اللَّازِمِ وَهُوَ شَيْئَانِ الْأَوَّلُ الْفَاسِدُ الَّذِي لَمْ يَمْضِ بِالدُّخُولِ وَالثَّانِي الصَّحِيحُ غَيْرُ اللَّازِمِ كَنِكَاحِ ذَاتِ الْعَيْبِ فَإِنَّهَا إنْ رَدَّتْهُ لِعَيْبِهِ، أَوْ رَدَّهَا لِعَيْبِهَا فَلَا مُتْعَةَ، وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: لَا فِي فَسْخٍ، وَإِلَى الثَّانِي أَشَارَ بِقَوْلِهِ أَوْ مُخْتَارَةً لِعَيْبِهِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِرَضَاعٍ فَيُنْدَبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْفَسْخُ لِأَجْلِ رَضَاعٍ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْأَوَّلُ كَمَا إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ الرَّضَاعَ وَأَنْكَرَتْ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ صَدَّقَتْهُ أَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ لَا نِصْفَ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَمَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا بَعْضَ صَاحِبِهِ فَالْمُتْعَةُ لِحُصُولِ الْأَلَمِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْبَعْضِ يَمْنَعُ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مُتِّعَتْ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ دُفِعَ عَنْهَا بِرِضَاهَا بَلْ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ بِعِوَضٍ أَصْلًا بَلْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ مُتِّعَتْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا) أَيْ بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا تَفْوِيضًا، وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا شَيْئًا قَبْلَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: تَحْتَ الْعَبْدِ) أَيْ حَالَ كَوْنِهَا تَحْتَ الْعَبْدِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: لِعِتْقِهَا عَنْ الَّتِي اخْتَارَتْ نَفْسَهَا لِتَزْوِيجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا أَوْ ثَانِيَةٍ لِكَوْنِهِ شَرَطَ لَهَا ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهَا تُمَتَّعُ؛ لِأَنَّ الْفِرَاقَ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِ الْمُخْتَارَةِ لِعِتْقِهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لِعَيْبِهِمَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ رَدَّهَا الزَّوْجُ لِعَيْبِهِمَا (قَوْلُهُ نَاسَبَ إلَخْ) أَيْ نَظَرًا لِمَا بَيْنَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ مِنْ الِارْتِبَاطِ، وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ مِنْ حَيْثِيَّةِ اعْتِبَارِ خُصُوصِيَّةِ السَّبَبِ تَقْدِيمَ الْإِيلَاءِ عَلَى الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ، وَالطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ مُسَبَّبٌ، وَالسَّبَبُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُسَبَّبِ طَبْعًا، فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَضْعًا لِأَجْلِ أَنْ يُوَافِقَ الْوَضْعُ الطَّبْعَ تَأَمَّلْ.

[بَابُ الْإِيلَاءِ]

(بَابُ الْإِيلَاءِ) بَابُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: الْإِيلَاءُ يَمِينٌ إلَخْ) أَيْ الْإِيلَاءُ شَرْعًا، وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الشَّيْءِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: الْحَلِفُ بِاَللَّهِ) كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك أَصْلًا أَوْ مُدَّةَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الْتِزَامِ نَحْوِ عِتْقٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِنَحْوِ مَا ذَكَرَ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ وَالطَّلَاقُ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي فُلَانٍ أَوْ فَعَلَيَّ دِينَارٌ صَدَقَةً، أَوْ فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ، أَوْ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ صَلَاةُ مِائَةِ رَكْعَةٍ، أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ (قَوْلُهُ: أَوْ نَذْرٍ وَلَوْ مُبْهَمًا) أَيْ أَوْ الْتِزَامِ نَذْرٍ، وَلَوْ مُبْهَمًا، وَالْأَوْلَى حَذْفُ وَلَوْ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ: أَوْ الْتِزَامِ نَحْوِ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ إلَخْ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلَوْ زَائِدَةً (قَوْلُهُ: نَحْوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ وَطِئْتُك إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى إيلَاءٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ فَفِيهَا خِلَافٌ فَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ الْخِلَافُ فِي نَحْوِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أَطَأَك أَوْ لَا أَقْرَبَك، وَنَصُّهُ: وَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أَقْرَبَك فَهُوَ مُولٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: لَيْسَ بِمُولٍ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أُكَلِّمَك وَهُوَ نَذْرٌ فِي مَعْصِيَةٍ اهـ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أَطَأَك أَوْ لَا أَقْرَبَك فِي مَعْنَى عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ انْتَفَى وَطْؤُك أَوْ مُقَارَبَتُك، وَالْمُعَلَّقُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لَازِمٌ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي فِيمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْ لَا أَقْرَبَك أَوْ أَنْ لَا أَطَأَك مُؤَوَّلٌ بِمَصْدَرٍ مُبْتَدَأٍ وَمَا قَبْلَهُ خَبَرٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ: عَدَمُ مُقَارَبَتِك أَوْ عَدَمُ وَطْئِك نَذْرٌ عَلَيَّ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ وَإِنَّمَا هُوَ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ وَأَمَّا إنْ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ نَحْوَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ وَطِئْتُك فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَيْسَ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَجْهٌ خِلَافًا لعبق؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ نَذْرٌ مُبْهَمٌ مَخْرَجُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ فَلَا مَعْصِيَةَ فِيهِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ لَهُمَا إيلَاءٌ) أَيْ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالسَّكْرَانِ بِحَرَامٍ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ مِنْهُمَا كَمَا يَشْمَلُهُمَا التَّعْرِيفُ (قَوْلُهُ: كَالْكَافِرِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ مِنْ الْكَافِرِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] الْآيَةَ فَإِنَّ الْمَوْصُولَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَجَوَابُهُ مَنْعُ بَقَاءِ الْمَوْصُولِ عَلَى عُمُومِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] فَإِنَّ الْكَافِرَ لَا تَحْصُلُ لَهُ مَغْفِرَةٌ وَلَا رَحْمَةٌ بِالْفَيْئَةِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْكَافِرَ يُعَذَّبُ عَذَابَ الْكُفْرِ وَعَذَابَ الْمَعْصِيَةِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ غُفْرَانُ الذَّنْبِ

ص: 426

أَيْ يُمْكِنُ (وِقَاعُهُ) جِمَاعُهُ (وَإِنْ مَرِيضًا) مَرَضًا لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ وَخَرَجَ الْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ وَالشَّيْخُ الْفَانِي وَنَحْوُهُمْ (بِمَنْعِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى مُتَعَلِّقَةٌ بِيَمِينٍ أَيْ يَمِينِ مَنْ ذُكِرَ عَلَى تَرْكِ (وَطْءِ زَوْجَتِهِ) تَنْجِيزًا بَلْ (وَإِنْ تَعْلِيقًا) كَأَنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ كَذَا وَوَصَفَ الزَّوْجَةَ بِقَوْلِهِ (غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ) وَأَمَّا هِيَ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ فِيهَا إنْ قَصَدَ مَصْلَحَةَ الْوَلَدِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ وَإِلَّا فَمُولٍ (وَإِنْ) كَانَتْ الزَّوْجَةُ الَّتِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا (رَجْعِيَّةً) فَيَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا كَاَلَّتِي فِي الْعِصْمَةِ وَرَدَّهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ، وَالْوَقْفُ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ لَهَا حَقٌّ فِيهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالْفَيْئَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُمْكِنُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُتَصَوَّرُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ مَعْنَاهُ يُتَعَقَّلُ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا عَلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ فَمَعْنَاهُ يُمْكِنُ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ يُتَعَقَّلَ أَوْ بِفَتْحِهَا أَيْ يُمْكِنُ إمْكَانًا عَادِيًا وِقَاعُهُ حَالًا أَوْ مَآلًا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الشَّيْخَ الْفَانِيَ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ؛ لِأَنَّ الْإِمْكَانَ عَقْلِيٌّ لَا عَادِيٌّ وَقَوْلُهُ يُمْكِنُ وِقَاعُهُ أَيْ يُمْكِنُ الْوِقَاعُ مِنْ جِهَتِهِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ مِنْ جِهَتِهَا أَمْ لَا فَيَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ إذَا أَمْكَنَ الْوِقَاعُ مِنْ جِهَتِهِ، وَلَوْ كَانَتْ رَتْقَاءَ أَوْ عَفْلَاءَ أَوْ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا.

(قَوْلُهُ: مَرَضًا لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ) أَيْ فَإِنْ مَنَعَهُ فَلَا إيلَاءَ كَمَا فِي عبق وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ كَالصَّحِيحِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ وِقَاعُهُ حَالًا يُمْكِنُ مَآلًا فَالْأُولَى إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا نَصُّهُ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لُحُوقُ الْإِيلَاءِ لِلْمَرِيضِ مُطْلَقًا، وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْجِمَاعِ فَلَا مَعْنَى لِانْعِقَادِ الْإِيلَاءِ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ آلَى الصَّحِيحُ ثُمَّ مَرِضَ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ بِالْجِمَاعِ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ التَّفْصِيلَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ اهـ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ لُحُوقِ الْإِيلَاءِ لِلْمَرِيضِ إذَا أَطْلَقَ، وَأَمَّا إذَا قَيَّدَهُ بِمُدَّةِ مَرَضِهِ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرَضُ مَانِعًا مِنْ الْوَطْءِ أَوْ لَا، وَلَوْ طَالَ الْمَرَضُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الضَّرَرَ فَيُطَلَّقَ عَلَيْهِ حَالًا لِأَجْلِ قَصْدِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمْ) أَيْ كَالْمَرِيضِ مَرَضًا يَمْنَعُ الْوَطْءَ حَالًا بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: بِمَنْعِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ صَرِيحَةً فِي مَنْعِ الْوَطْءِ نَحْوَ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ مُسْتَلْزِمَةً لِذَلِكَ كَحَلِفِهِ أَنْ لَا يَلْتَقِيَ مَعَهَا أَوْ لَا يَغْتَسِلَ مِنْ جَنَابَةٍ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ مَا إذَا حَلَفَ عَلَى هِجْرَانِ الزَّوْجَةِ أَيْ عَلَى تَرْكِ كَلَامِهَا، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُصِيبُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالزَّوْجَةِ السُّرِّيَّةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَإِذَا حَلَفَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ بِذَلِكَ إيلَاءٌ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الزَّوْجَةَ الْكَبِيرَةَ وَالصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ، وَلَكِنْ لَا يُضْرَبُ لَهَا الْأَجَلُ حَتَّى تُطِيقَ، وَشَمِلَ أَيْضًا الْمَدْخُولَ بِهَا وَغَيْرَهَا لَكِنْ لَا يُضْرَبُ لَهَا الْأَجَلُ إلَّا مِنْ الدُّعَاءِ لِلدُّخُولِ، وَمُضِيِّ مُدَّةَ التَّجْهِيزِ، وَشَمِلَ أَيْضًا الزَّوْجَةَ الْكَائِنَةَ فِي عِصْمَتِهِ حِينَ الْحَلِفِ وَالْمُتَجَدِّدَةَ بَعْدَ الْحَلِفِ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك إلَّا بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ، وَنَوَى إنْ تَزَوَّجَهَا فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ.

(قَوْلُهُ: الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْوَطْءِ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ لَا مَحْلُوفٌ بِهِ (قَوْلُهُ: تَنْجِيزًا) أَيْ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَصَنِيعُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ تَعْلِيقًا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: يَمِينٌ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُبَالَغَةً فِي زَوْجَتِهِ أَوْ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ يَكُونُ مُنْجَزًا وَمُعَلَّقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي لُزُومِ الْإِيلَاءِ بَيْنَ كَوْنِ الْيَمِينِ مُنْجَزًا أَوْ مُعَلَّقًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ مَنْعِ الْوَطْءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مُنْجَزًا، أَوْ مُعَلَّقًا كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك مَا دُمْت فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْبَلَدِ عَلَى مَا يَأْتِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الزَّوْجَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا مُنْجَزَةً أَوْ مُعَلَّقَةً.

(قَوْلُهُ: فَعَلَيَّ كَذَا) أَيْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا هِيَ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ فِيهَا) فَإِذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ مَا دَامَتْ تُرْضِعُ أَوْ حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا أَوْ مُدَّةَ الرَّضَاعِ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ أَصْبَغُ: يَكُونُ مُولِيًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَقَوْلُ أَصْبَغَ أَوْفَقُ بِالْقِيَاسِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ قَوْلُ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا قَالَ: وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَصَدَ بِحَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ إصْلَاحَ الْوَلَدِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمُولٍ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ مُجَرَّدَ الِامْتِنَاعِ فَمُولٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجْعِيَّةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ غَيْرَ مُطَلَّقَةٍ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَإِذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ مُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ كَانَ مُولِيًا يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ وَيُؤْمَرُ بَعْدَ انْقِضَائِهِ بِالْفَيْئَةِ فَيَرْتَجِعُ لِيُصِيبَ أَوْ يُطَلَّقَ عَلَيْهِ أُخْرَى فَإِنْ قُلْت لَا حَاجَةَ لِطَلَاقٍ ثَانٍ إذَا لَمْ يَفِئْ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ الَّذِي شَأْنُ الْمَوْلَى إيقَاعُهُ حَاصِلٌ قُلْت إنَّمَا اُحْتِيجَ لِلطَّلَاقِ الثَّانِي إذَا لَمْ يَفِئْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ارْتَجَعَ

ص: 427

وَظَاهِرٌ أَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ لَا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِيُصِيبَ أَوْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ طَلْقَةً أُخْرَى (أَكْثَرَ) ظَرْفٌ لِلْمَنْعِ وَلَوْ قَلَّ الْأَكْثَرُ كَيَوْمٍ (مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) لِلْحُرِّ (أَوْ) أَكْثَرَ مِنْ (شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ وَلَا يَنْتَقِلُ) الْعَبْدُ لِأَجَلِ الْحُرِّ إذَا حَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ (بِعِتْقِهِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَقَرُّرِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ عَلَيْهِ وَيَتَقَرَّرُ فِي الصَّرِيحِ بِالْحَلِفِ وَفِي غَيْرِهِ بِالْحُكْمِ فَلَوْ كَانَتْ مُحْتَمَلَةً وَعَتَقَ قَبْلَ الرَّفْعِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ بِعِتْقِهِ لِأَجَلِ الْحُرِّ

ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ الْإِيلَاءِ وَبَدَأَ بِغَامِضِهَا فَقَالَ (كَوَاللَّهِ لَا أُرَاجِعُك) وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَهُوَ مُولٍ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَفِئْ وَلَمْ يَرْتَجِعْ طُلِّقَ عَلَيْهِ أُخْرَى وَبَنَتْ عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى فَتَبِينُ مِنْهُ بِتَمَامِهَا

(أَوْ) وَاَللَّهِ (لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي) الْوَطْءَ (أَوْ) حَتَّى (تَأْتِيَنِي) لَهُ وَلَا يُفِيدُهُ تَقْيِيدُهُ بِسُؤَالِهَا أَوْ الْإِتْيَانِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعَرَّةٌ عِنْدَ النِّسَاءِ وَلَا يَكُونُ رَفْعُهُ لِلسُّلْطَانِ سُؤَالًا يَبَرُّ بِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَكَتَمَ وَمَحَلُّ كَوْنِ الرَّجْعِيَّةِ يَلْحَقُهَا الْإِيلَاءُ فَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ لِيُصِيبَ أَوْ يُطَلَّقَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا قَبْلَ فَرَاغِ الْأَجَلِ بِأَنْ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ كَانَ الْحَيْضُ يَأْتِيهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً مَثَلًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ إلَخْ) رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الرَّجْعَةَ وَإِنْ كَانَتْ حَقًّا لَهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا إنْ أَبَاهَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا شَدَّدَ بِالْحَلِفِ شُدِّدَ عَلَيْهِ بِلُزُومِ الْإِيلَاءِ، أَوْ أَنَّ الْقَوْلَ بِلُزُومِ الْإِيلَاءِ لِلرَّجْعِيَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ لَا يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فَمَا هُنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَّ الْأَكْثَرُ كَيَوْمٍ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِزِيَادَةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ وَأَمَّا الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَا يَكُونُ بِهِ مُولِيًا وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّهُ مُولٍ بِالْأَرْبَعَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ الِاخْتِلَافُ فِي فَهْمِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] هَلْ الْفَيْئَةُ مَطْلُوبَةٌ خَارِجَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ فِيهَا فَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا يُطْلَبُ بِالْفَيْئَةِ إلَّا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا بَعْدَهَا، وَحَيْثُ كَانَتْ الْفَيْئَةُ مَطْلُوبَةً بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بِالْحَلِفِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُطْلَبُ بِالْفَيْئَةِ فِيهَا وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ مُرُورِهَا وَتَمَسُّكِ مَنْ قَالَ بِالْمَشْهُورِ بِمَا تُعْطِيهِ الْفَاءُ مِنْ قَوْلِهِ {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] فَإِنَّهَا تَسْتَلْزِمُ تَأَخُّرَ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا فَتَكُونُ الْفَيْئَةُ مَطْلُوبَةً بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلِأَنَّ إنْ الشَّرْطِيَّةَ تُصَيِّرُ الْمَاضِيَ بَعْدَهَا مُسْتَقْبَلًا فَلَوْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً فِي الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرِ لَبَقِيَ مَعْنَى الْمَاضِي بَعْدَهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ دُخُولِهَا وَهُوَ بَاطِلٌ، وَتَمَسُّكُ الْمُقَابِلِ بِأَنَّ الْفَاءَ لَيْسَتْ لِلتَّعْقِيبِ بَلْ لِمُجَرَّدِ السَّبَبِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ تَأَخُّرُ الْمُسَبَّبِ عَنْ السَّبَبِ فِي الزَّمَانِ بَلْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْمُقَارَنَةُ وَرَأَى أَيْضًا أَنَّهُ حَذَفَ كَانَ بَعْدَ حَرْفِ الشَّرْطِ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ كَانُوا فَاءُوا، وَإِنْ لَا تَقْلِبُ كَانَ عَنْ الْمُضِيِّ لِتَوَغُّلِهَا فِيهِ كَمَا قِيلَ فَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْإِيلَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِلْحُرِّ وَأَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ وَأَمَّا قِيَامُ الزَّوْجَةِ بِطَلَبِ الْفَيْئَةِ فَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا أَكْثَرَ لِلْحُرِّ وَبَعْدَ شَهْرَيْنِ لَا أَكْثَرَ لِلْعَبْدِ فَالْأَجَلُ الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِيهِ غَيْرُ الْأَجَلِ الَّذِي لَهَا الْقِيَامُ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَتَقَرَّرُ) أَيْ الْأَجَلُ فِي الصَّرِيحِ أَيْ فِي الْيَمِين " الصَّرِيحِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَقَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُحْتَمَلُ لِلْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ وَالْحَالُ أَنَّ قُدُومَهُ مُحْتَمَلٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْيَمِينُ مُحْتَمَلَةً

(قَوْلُهُ: فَهُوَ مُولٍ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ إلَخْ) جَوَابُ إذَا مَحْذُوفٌ أَيْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ بِالْمُرَاجَعَةِ وَالْإِصَابَةِ فَإِنْ لَمْ يَفِئْ إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِذَا بِالْوَاوِ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَاَللَّهِ لَا أُرْجِعُك فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ فَإِنْ لَمْ يَفِئْ بَعْدَهَا طُلِّقَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى، وَهَذَا إذَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَجَلِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذْ اقَالَ لَهَا: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي الْوَطْءَ أَوْ حَتَّى تَأْتِيَنِي لِلْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ فَإِنْ فَاءَ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَوَطِئَهَا بِدُونِ سُؤَالٍ مِنْهَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ ثُمَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَسْأَلَهُ الْوَطْءَ أَوْ تَأْتِيَ إلَيْهِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ سَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ لَيْسَ بِمُولٍ، وَعَابَ قَوْلَهُ وَلَدُهُ حِينَ عَرَضَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ: لَا وَجْهَ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ وَاسْتَصْوَبَ مَا قَالَهُ وَلَدُهُ نَظَرًا لِمَشَقَّةِ سُؤَالِ الْوَطْءِ عَلَى النِّسَاءِ وَإِتْيَانِهِنَّ إلَيْهِ فَالْغَالِبُ عَدَمُ حُصُولِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَتَّى تَأْتِينِي لَهُ) أَيْ إذَا دَعَوْتُك (قَوْلُهُ: تَقْيِيدُهُ) أَيْ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعَرَّةٌ) أَيْ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ سُؤَالِ الْوَطْءِ وَالْإِتْيَانِ إلَيْهِ مَعَرَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ رَفْعُهَا لِلسُّلْطَانِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَضْرِبَ أَجَلًا

ص: 428

وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَأْتِيَهُ

(أَوْ) قَالَ: وَاَللَّهِ (لَا أَلْتَقِي مَعَهَا) الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ إذَا قَصَدَ بِالِالْتِقَاءِ الْوَطْءَ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَصَدَ الِالْتِقَاءَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ بِمُولٍ (أَوْ) وَاَللَّهِ (لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الِالْتِقَاءِ وَالْغُسْلِ عَدَمُ الْوَطْءِ عَقْلًا فِي الْأَوَّلِ وَشَرْعًا فِي الثَّانِي (أَوْ لَا أَطَؤُك حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ) فَهُوَ مُولٍ (إذَا تَكَلَّفَهُ) أَيْ كَانَ عَلَيْهِ فِي خُرُوجِهِ مِنْهَا كُلْفَةٌ أَيْ مَشَقَّةٌ وَمُؤْنَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِهِ وَيَضْرِبُ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ صَرِيحَةٌ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ وَكَذَا فِي الْآتِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّفْهُ فَلَيْسَ بِمُوَلٍّ فَإِنْ خَرَجَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ (أَوْ فِي هَذِهِ الدَّارِ إذَا لَمْ يُحْسِنْ خُرُوجَهَا) أَوْ خُرُوجَهُ مِنْهَا (لَهُ) أَيْ لِلْوَطْءِ لِلْمَعَرَّةِ الَّتِي تَلْحَقُهَا أَوْ تَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْ أَحَدَهُمَا مَعَرَّةٌ بِذَلِكَ فَلَا

(أَوْ) وَاَللَّهِ (إنْ لَمْ أَطَأْك فَأَنْت طَالِقٌ) وَتَرَكَ وَطْأَهَا فَمُولٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُولٍ؛ إذْ بَرَّهُ فِي وَقْتِهَا (أَوْ) وَاَللَّهِ (إنْ وَطِئْتُك) فَأَنْت طَالِقٌ فَمُولٍ وَيُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا وَيَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ، وَقِيلَ: وَلَوْ بِبَعْضِهَا بِنَاءً عَلَى التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ فَالنَّزْعُ حَرَامٌ، وَالْمُخَلِّصُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَنَوَى) وُجُوبًا (بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ) أَوْ بِالنَّزْعِ (الرَّجْعَةَ وَإِنْ) كَانَتْ الزَّوْجَةُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا (غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا) ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ صَارَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَا بَائِنًا فَيَنْوِي بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ فَلَوْ كَانَتْ الْأَدَاةُ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ نَحْوَ كُلَّمَا وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلْإِيلَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَأْتِيَهُ) أَيْ لِمَشَقَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَيْ فَإِنْ سَأَلَتْهُ أَوْ أَتَتْهُ فِي الْأَجَلِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَانْحَلَّ عَنْهُ الْإِيلَاءُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سَحْنُونٍ وَابْنِهِ، وَمِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاسْتَصْوَبَهُ طفي وبن خِلَافًا لِمَا فِي عبق تَبَعًا لتت مِنْ عَدَمِ انْحِلَالِ الْيَمِينِ

(قَوْلُهُ: الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ) أَيْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَأَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ الِالْتِقَاءَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ بِمُولٍ) أَيْ وَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ رَفَعَتْهُ الْبَيِّنَةُ أَوْ لَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نَقْلًا عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ إذَا رَفَعَتْهُ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ مِنْهَا إنْ قَصَدَ مَعْنَاهُ الصَّرِيحَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْغُسْلِ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفًا مِنْ الْغُسْلِ الْمُوجِبِ لِحِنْثِهِ كَانَ مُولِيًا، وَضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ لَا مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ، وَإِنْ أَرَادَ مَعْنَاهُ اللَّازِمِيَّ، وَهُوَ عَدَمُ وَطْئِهَا فَالْحِنْثُ بِالْوَطْءِ وَيَكُونُ مُولِيًا، وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ الْيَمِينِ الصَّرِيحَةِ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا الْمَعْنَى الصَّرِيحِيَّ وَالِالْتِزَامِيَّ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الصَّرِيحِ أَوْ الِالْتِزَامِيِّ احْتِمَالَانِ، وَاسْتَصْوَبَ ابْنُ عَرَفَةَ الثَّانِيَ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَطَؤُك حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَطَؤُهَا حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ وَكَانَ عَلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا مَشَقَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِهِ وَكَثْرَةِ مَالِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا وَيَكُونُ مُولِيًا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَيُقَالُ لَهُ إمَّا أَنْ تُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِك أَوْ تَطَأَ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ وَإِلَّا طَلَّقْنَاهَا عَلَيْك إذَا فَرَغَ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِمُولٍ) أَيْ لَكِنَّهُ لَا يُتْرَكُ بَلْ يُقَالُ لَهُ إمَّا أَنْ تُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِك أَوْ اُخْرُجْ وَطَأْ إنْ كُنْت صَادِقًا فِي عَدَمِ تَحَتُّمِ الْيَمِينِ حَتَّى تَخْلُصَ مِنْ الْإِيلَاءِ فَإِنْ أَبَى وَلَمْ يَخْرُجْ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَإِنْ فَاءَ وَكَفَّرَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَرَجَ) أَيْ فَإِنْ تَكَلَّفَ الْمَشَقَّةَ وَخَرَجَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ سَوَاءٌ وَطِئَ أَمْ لَا وَفِي خش أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي خُرُوجِهِ مَشَقَّةٌ كَانَ مُولِيًا وَلَوْ تَكَلَّفَ الْخُرُوجَ وَسَلَّمَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَالْحَقُّ مَا لِشَارِحِنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْ أَحَدَهُمَا مَعَرَّةٌ بِذَلِكَ فَلَا) أَيْ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ وَيُقَالُ لَهُ طَأْ بَعْدَ خُرُوجِك إنْ كُنْت صَادِقًا أَنَّك لَسْت بِمُولٍ أَوْ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِك فَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ خُرُوجَهُ وَتَكَلَّفَ الْخُرُوجَ وَخَرَجَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَصَارَ لَا إيلَاءَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَتَرَكَ وَطْأَهَا) أَيْ فَإِذَا انْقَضَى أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَلَا يَتَأَتَّى مُطَالَبَتُهُ بِالْفَيْئَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ حَتَّى يُطَالَبَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ لَا أَتْرُكُ وَطْأَكِ: فَإِنْ انْتَفَى وَطْؤُكِ وَتَرَكْتُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ نَعَمْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَزْمِهِ عَلَى الضِّدِّ أَوْ تَبَيُّنِ الضَّرَرِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُولٍ) أَيْ وَهُوَ مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَنّهُ يَمِينٌ تَمْنَعُهُ مِنْ الْجِمَاعِ وَحِينَئِذٍ إذَا تَضَرَّرَتْ مِنْ امْتِنَاعِهِ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ لَا لِلْإِيلَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ وَإِلَّا فَلَا إيلَاءَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ بِرَّهُ فِي وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ وَطِئْتُك إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَيُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْئِهَا حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى الْإِيلَاءِ وَإِنْ وَطِئَهَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ وَحِينَئِذٍ فَالنِّزَاعُ حَرَامٌ، وَكَذَا اسْتِمْرَارُ الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ حَرَامٌ فَالْمُخَلِّصُ لَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ أَنْ يَنْوِيَ الرَّجْعَةَ بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا) أَيْ سَوَاءٌ نَوَى بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ أَمْ لَا كَذَا فِي عبق تَبَعًا لِاسْتِظْهَارِ الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ إذَا لَمْ يَنْوِ الرَّجْعَةَ كَمَا يُفِيدُهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ نَزْعَهُ حَرَامٌ وَالْوَسِيلَةُ لِلْحَرَامِ حَرَامٌ اهـ بْن

ص: 429

وَلَهَا حِينَئِذٍ الْقِيَامُ بِالضَّرَرِ (وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ) الثَّلَاثِ (إنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ) أَنْ لَا يَطَأَهَا وَقَامَتْ بِحَقِّهَا (وَهُوَ الْأَحْسَنُ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ (أَوْ ضُرِبَ الْأَجَلُ) لِاحْتِمَالِ رِضَاهَا بِالْبَقَاءِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ (قَوْلَانِ فِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (وَ) عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ (لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَطْءِ (كَالظِّهَارِ) بِأَنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِأَنَّهُ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ يَصِيرُ مُظَاهِرًا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا وَطْءٌ فِي مُظَاهَرٍ مِنْهَا، وَهُوَ حَرَامٌ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ، وَهُوَ بِيَمِينِهِ مُولٍ بِمُجَرَّدِهَا فَإِنْ تَجَرَّأَ وَوَطِئَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ

(لَا كَافِرٍ) فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ وَهَذَا مُحْتَرَزُ مُسْلِمٍ (وَإِنْ أَسْلَمَ) بَعْدَ حَلِفِهِ (إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَلَهَا حِينَئِذٍ الْقِيَامُ بِالضَّرَرِ) أَيْ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَفِي تَعْجِيلِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَاسْتَحْسَنَهُ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ وَبَاقِي الْوَطْءِ حَرَامٌ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا وَحَكَى اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَتَسْتَمِرُّ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ الْأَجَلُ فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ فَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَطَؤُهَا وَإِنْ لَمْ تَرْضَ طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَاحِدَةً لِلْإِيلَاءِ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ إلَخْ أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنَهُ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ: وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاق أَيْ بَعْدَ الرَّفْعِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ كَمَا فِي خش وَفِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنَهُ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ اهـ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّعْجِيلِ وَإِنْ لَمْ تَرْفَعْهُ إنَّمَا هُوَ لِمُطَرِّفٍ كَمَا عَزَاهُ لَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فَيَقُولَانِ بِتَعْجِيلِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ بَعْدَ الرَّفْعِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إنْ حَلَفَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَنْ لَا أَطَأَكِ أَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ) لِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ، وَبَاقِي الْوَطْءِ حَرَامٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ ضُرِبَ الْأَجَلُ) أَيْ وَبَعْدَهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ وَلَا تُطْلَبُ مِنْهُ فَيْئَةٌ إذْ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ الرَّجْعَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ لِاحْتِمَالِ رِضَاهَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا لِكَوْنِهِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْوَطْءِ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ: كَالظِّهَارِ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ) الصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ حَتَّى يُكَفِّرَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ لَا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْرَبَهَا وَالْكَفَّارَةُ لَا تُجْزِئُهُ قَبْلَ انْعِقَادِ الظِّهَارِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْمُعَلَّقِ كَفَّارَتُهُ قَبْلَ لُزُومِهِ فَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا لَا يَقْرَبُهَا أَصْلًا وَيَكُونُ مُولِيًا فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ فَلَا تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ بَلْ إمَّا أَنْ تَرْضَى بِالْمَقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ أَوْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْوَطْءِ فَإِنْ تَجَرَّأَ وَوَطِئَ سَقَطَ الْإِيلَاءُ، وَانْعَقَدَ الظِّهَارُ فَلَا يَقْرَبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَتَضَرَّرَتْ بِتَرْكِ الْوَطْءِ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ.

(قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ) أَيْ فَلَا يَقْرَبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يُكَفِّرَ، وَإِذَا لَمْ يَطَأْ لَمْ تُطَالِبْهُ بِالْفَيْئَةِ الَّتِي هِيَ الْكَفَّارَةُ فِي الْمُظَاهِرِ مِنْهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تُجْزِئُ إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الْعَوْدِ، وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا بَعْدَ انْعِقَادِ الظِّهَارِ، وَهُوَ لَمْ يَنْعَقِدْ قَبْلَ الْوَطْءِ فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِشَيْءٍ لَا يُجْزِئُ، وَإِنَّمَا لَهَا الطَّلَبُ بِالطَّلَاقِ، أَوْ تَبْقَى مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ اهـ عَدَوِيٌّ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا أَبَدًا؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ لَهَا يُؤَدِّي لِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَإِذَا تَضَرَّرَتْ زَوْجَتُهُ رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي فَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ فَإِذَا تَمَّ الْأَجَلُ فَلَا تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ، وَإِنَّمَا تُطَالِبُهُ بِالطَّلَاقِ أَوْ تَبْقَى مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ، وَفَائِدَةُ ضَرْبِ الْأَجَلِ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهَا احْتِمَالُ أَنْ تَرْضَى بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ فَإِنْ تَجَرَّأَ وَوَطِئَ انْحَلَّ عَنْهُ الْإِيلَاءُ وَلَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فَلَا يَقْرَبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَتَضَرَّرَتْ بِتَرْكِ الْوَطْءِ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ حَالًا

(قَوْلُهُ: وَهَذَا مُحْتَرَزُ مُسْلِمٍ) أَيْ فَهُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ لَفْظِهِ وَقَوْلُ عبق يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ سَبْقُ قَلَمٍ؛ لِأَنَّ يَمِينَ اسْمٌ جَامِدٌ لَا يَعْمَلُ عَمَلَ الْفِعْلِ فَلَا يَعْمَلُ الرَّفْعَ فِي مَحَلِّ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ لَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِحَلِفِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا) أَيْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ؛ إذْ الْإِسْلَامُ

ص: 430

فَنَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ

(وَلَا) إيلَاءَ فِي وَاَللَّهِ (لِأَهْجُرَنَّهَا أَوْ لَا كَلَّمْتهَا) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ الْوَطْءَ (أَوْ لَا وَطِئْتهَا لَيْلًا أَوْ) لَا وَطِئْتهَا (نَهَارًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعُمَّ الْأَزْمِنَةَ

(وَاجْتَهَدَ) الْحَاكِمُ بِلَا ضَرْبِ أَجَلِ إيلَاءٍ (وَطَلَّقَ) عَلَى الزَّوْجِ (فِي) حَلِفِهِ (لَأَعْزِلَنَّ) عَنْهَا بِأَنْ يُمْنِيَ خَارِجَ الْفَرْجِ (أَوْ) حَلِفِهِ (لَا أَبِيتَنَّ) عِنْدَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَالْوَحْشَةِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ لَا أَبِيت مَعَهَا فِي فِرَاشٍ مَعَ بَيَاتِهِ مَعَهَا فِي بَيْتٍ (أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ ضَرَرًا) فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ كَانَ حَاضِرًا بَلْ (وَإِنْ غَائِبًا) وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: ضَرَرًا بَلْ إذَا تَضَرَّرَتْ هِيَ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:(أَوْ سَرْمَدَ) أَيْ دَوَامَ (الْعِبَادَةِ) وَرَفَعَتْهُ فَيُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَطَأَ أَوْ تُطَلِّقَهَا أَوْ يُطَلَّقَ عَلَيْك (بِلَا) ضَرْبِ (أَجَلٍ) لِلْإِيلَاءِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعِ لَكِنَّ الْغَائِبَ لَا بُدَّ مِنْ طُولِ غَيْبَتِهِ سَنَةً فَأَكْثَرَ وَلَا بُدَّ مِنْ الْكِتَابَةِ إلَيْهِ إمَّا أَنْ يَحْضُرَ أَوْ تَرْحَلَ امْرَأَتُهُ إلَيْهِ أَوْ يُطَلِّقَ فَإِنْ امْتَنَعَ تُلُوِّمَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَطُلِّقَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّطْلِيقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ كِتَابَةٍ إلَيْهِ إنْ عُلِمَ مَحَلُّهُ، وَأَمْكَنَ، وَلَا بُدَّ مِنْ خَوْفِهَا عَلَى نَفْسِهَا الزِّنَا، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ جِهَتِهَا لَا بِمُجَرَّدِ شَهْوَتِهَا لِلْجِمَاعِ

(وَلَا) إيلَاءَ (إنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِيَمِينِهِ حُكْمٌ) لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ الَّتِي تَلْحَقُهُ بِهِ (كَكُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ) إنْ وَطِئْتُك أَوْ إنْ وَطِئْتُك فَكُلُّ دِرْهَمٍ أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ (أَوْ خَصَّ بَلَدًا قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا) كَقَوْلِهِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ حُرٌّ إنْ وَطِئْتُك، أَوْ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ مِنْهَا صَدَقَةٌ إنْ وَطِئْتُك فَلَا يَكُونُ مُولِيًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

يُسْقِطُهُ (قَوْلُهُ: فَنَحْكُمُ بَيْنَهُمْ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ وَتَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ وَيُؤَجَّلُ كَالْمُسْلِمِ وَإِلَّا فَلَا

(قَوْلُهُ: لَأَهْجُرَنَّهَا) الْهِجْرَانُ عَدَمُ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ الْوَطْءَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهَا إنْ تَضَرَّرَتْ بِتَرْكِ الْكَلَامِ وَالْهَجْرِ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا يَكُونُ مُولِيًا فِي قَوْلِهِ: لَأَهْجُرَنَّهَا أَوْ لَا كَلَّمْتهَا إذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ يَمَسُّهَا وَإِلَّا كَانَ مُولِيًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَعُمَّ) أَيْ فِي يَمِينِهِ الْأَزْمِنَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَيْ إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ بِأَنْ عَمَّ الزَّمَنَ فَإِنْ قَيَّدَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَكُونُ مُولِيًا

(قَوْلُهُ: وَاجْتَهَدَ وَطَلَّقَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَعْزِلَنَّ عَنْ زَوْجَتِهِ زَمَنًا يَحْصُلُ بِهِ ضَرَرُهَا أَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ عِنْدَهَا أَوْ تَرَكَ وَطْأَهَا ضَرَرًا مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ أَوْ أَدَامَ الْعِبَادَةَ وَتَضَرَّرَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ وَأَرَادَتْ الطَّلَاقَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَجْتَهِدُ فِي طَلَاقِهَا عَلَيْهِ وَمَعْنَى الِاجْتِهَادِ فِي الطَّلَاقِ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ فَوْرًا بِدُونِ أَجَلٍ أَوْ يَضْرِبَ لَهُ أَجَلًا وَاجْتَهَدَ فِي قَدْرِهِ مِنْ كَوْنِهِ دُونَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنْ عَلِمَ لَدَدَهُ وَإِضْرَارَهُ طَلَّقَ عَلَيْهِ فَوْرًا، وَإِلَّا أَمْهَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ لَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ فَإِذَا انْقَضَى أَجَلُ التَّلَوُّمِ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ طُلِّقَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ هَذَا إذَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ وَأَمَّا إنْ رَضِيَتْ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَا أَبِيتُ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ) أَيْ فَإِنَّ هَذَا لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ كَمَا فِي عبق نَقْلًا عَنْ تت وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَبِيتُ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ الْمَوَدَّةَ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ تَوْلِيَتَهُ ظَهْرَهُ لَهَا مِنْ جُمْلَةِ الضَّرَرِ الْمُوجِبِ لِلطَّلَاقِ، وَهَذَا أَشَدُّ (قَوْلُهُ: بَلْ إذَا تَضَرَّرَتْ هِيَ إلَخْ) فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ لِعَلَّةٍ نَزَلَتْ بِهِ أَوْ قَطَعَهُ خَطَأً فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً: لَا مَقَالَ لَهَا، وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ: لَهَا الْقِيَامُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ تَعَمَّدَ قَطْعَهُ أَوْ شَرِبَ دَوَاءً لِيَقْطَعَ بِهِ لَذَّةَ النِّسَاءِ أَوْ شَرِبَهُ لِعِلَاجِ عِلَّةٍ، وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ يُذْهِبُ بِذَلِكَ شَهْوَةَ النِّسَاءِ أَوْ شَاكٌّ كَانَ لَهَا الْفِرَاقُ إذَا لَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ.

(قَوْلُهُ: بِلَا ضَرْبِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَطَلَّقَ، وَالْمَنْفِيُّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَقَطْ وَهُوَ صَادِقٌ بِأَنْ يُطَلِّقَ حَالًا أَوْ يُتَلَوَّمُ لَهُ مُدَّةً بِاجْتِهَادِهِ لَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ فَيُضْرَبُ لَهُ فِيهَا أَجَلُ الْإِيلَاءِ، فَإِنْ انْقَضَى، وَلَمْ يَفِ طُلِّقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْغَائِبَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَا يُطَلَّقُ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْوَطْءَ لِغَيْبَتِهِ إلَّا إذَا طَالَتْ مُدَّةُ الْغَيْبَةِ، وَذَلِكَ كَسَنَةٍ فَأَكْثَرَ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الْغِرْيَانِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ: السَّنَتَانِ وَالثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ بِطُولٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، وَلَا بُدَّ أَنْ تَخْشَى الزِّنَا عَلَى نَفْسِهَا، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا، وَتُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ حَيْثُ طَالَتْ مُدَّةُ الْغَيْبَةِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ شَهْوَتِهَا لِلْجِمَاعِ فَلَا يُوجِبُ طَلَاقَهَا، وَيُزَادُ عَلَى هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْإِرْسَالُ إلَيْهِ إنْ عُلِمَ مَحَلُّهُ، وَأَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا دَائِمَةً، وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ حَالًا لِعَدَمِ النَّفَقَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ وَأَمْكَنَ) أَيْ الْإِرْسَالُ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ: لِلْحَرَجِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ (قَوْلُهُ: صَدَقَةٌ) أَيْ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَمَّمَ فِي يَمِينِهِ فَهِيَ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ بِهَا حُكْمٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَ مِلْكِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ خَصَّ بَلَدًا فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا كُلُّ يَمِينٍ لَا حِنْثَ فِيهَا بِالْوَطْءِ فَلَيْسَ بِمُولٍ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا هُوَ مُولٍ قَبْلَ الْمِلْكِ؛ إذْ يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ عَقْدُ يَمِينٍ فِيمَا يَمْلِكُ مِنْ رَأْسٍ أَوْ مَالٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ مُولِيًا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ مِنْهَا شَيْئًا

ص: 431

فَإِنْ مَلَكَ مِنْهَا عَبْدًا، أَوْ مَالًا فَمُولٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا ثُمَّ مَلَكَ مِنْهَا فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلَّ مَا مَلَكَهُ مِنْهَا بَعْدَ الْوَطْءِ

(أَوْ) حَلَفَ (لَا وَطِئْتُك فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّتَيْنِ) فَلَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ؛ لِأَنَّهُ يَتْرُكُ وَطْأَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَطَأُ ثُمَّ يَتْرُكُ الْوَطْءَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَطَأُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ السَّنَةِ إلَّا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَهِيَ دُونَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ (أَوْ) حَلَفَ لَا وَطِئَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا (مَرَّةً) فَلَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ (حَتَّى يَطَأَ وَتَبْقَى الْمُدَّةُ) لِلْإِيلَاءِ لِلْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ

(وَلَا) إيلَاءَ (إنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) فَقَطْ (أَوْ) قَالَ (إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ) الْأَشْهُرِ، وَهُوَ حُرٌّ أَوْ الشَّهْرَيْنِ، وَهُوَ عَبْدٌ فَلَا إيلَاءَ لِقُصُورِهَا عَنْ الْأَجَلِ، وَلَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ إذَا لَمْ يَطَأْ (نَعَمْ إنْ وَطِئَ) أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ (صَامَ بَقِيَّتَهَا) وَلَوْ يَوْمًا فَقَطْ

(وَالْأَجَلُ) الَّذِي يُضْرَبُ لِلْمَرْأَةِ، وَلَهَا الْقِيَامُ بَعْدَ مُضِيِّهِ وَهُوَ (أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَشَهْرَانِ لِلْعَبْدِ مَبْدَؤُهُ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ) عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ رَفْعٌ (إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ) الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ مَثَلًا أَوْ لَا أَطَؤُك وَأَطْلَقَ أَوْ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي لَتَنَاوَلَ يَمِينُهُ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ أَوْ عُمُرِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا أَطَؤُك وَأَطْلَقَ (لَا إنْ) لَمْ تَكُنْ صَرِيحَةً بَلْ (احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ) مِنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَأَكْثَرَ وَهِيَ عَلَى بِرٍّ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ الْغَائِبُ أَوْ يَمُوتَ عَمْرٌو فَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ أَيْ الْحُكْمِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ مَلَكَ مِنْهَا عَبْدًا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَطَأَ وَامْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفًا مِنْ عِتْقِ ذَلِكَ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فَمُولٍ) أَيْ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَإِنْ فَاءَ بِأَنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الَّذِي مَلَكَهُ مِنْهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِالْمَالِ الَّذِي مَلَكَهُ مِنْهَا انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: كُلُّ مَا مَلَكَهُ مِنْهَا بَعْدَ الْوَطْءِ) أَيْ وَلَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى مَمْلُوكٍ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ) أَيْ بِمُجَرَّدِ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا مِنْ الْوَطْءِ بِيَمِينِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُطَالَبُ بِالْوَطْءِ فَإِنْ وَطِئَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ الْمَرَّتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْمَرَّةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ نُظِرَ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَأَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ فَهُوَ مُولٍ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي أَقَلَّ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ

(قَوْلُهُ وَلَا إنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ) أَيْ إذَا كَانَ حُرًّا، وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ شَهْرَيْنِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ حَتَّى يَزِيدَ عَلَى الْمَشْهُورِ

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الصَّرَاحَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا بِتَرْكِ الْوَطْءِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الْوَطْءِ صَرِيحًا أَوْ اسْتِلْزَامًا فَالْأَوَّلُ نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي وَاَللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ مِنْهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ إمَّا صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا وَأَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَالصَّرَاحَةُ وَلَوْ حُكْمًا كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك أَصْلًا لَكِنَّ عِبَارَتَهُ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ، هَذَا مُحْتَرَزُ الشَّرْطِ الثَّانِي وَهُوَ صَرَاحَةُ الْمُدَّةِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الصَّرَاحَةَ لَيْسَتْ مُنْصَبَةً عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ بَلْ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ الْمُرَادُ بِالْحَلِفِ عَلَى الْحِنْثِ الْحَلِفُ عَلَى غَيْرِ تَرْكِ الْوَطْءِ كَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ دَارَ فُلَانٍ أَوْ إنْ لَمْ أُسَاكِنْ فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِذَا حَلَفَ كَذَلِكَ فَيُمْنَعُ مِنْ الزَّوْجَةِ مِنْ الْآنَ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ مُنِعَ مِنْهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ مُحْتَرَزُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَوْنُ الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ كَانَ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ أَوْ مُحْتَمَلَةً وَلَا يَكُونُ الْأَجَلُ مِنْ الرَّفْعِ إلَّا إذَا حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ أَيْ عَلَى غَيْرِ تَرْكِ الْوَطْءِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ أَوْ فِي قَوْلِهِ: أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ وَكَانَ حَلِفُهُ عَلَى حِنْثٍ كَمَا فِي إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالْمَنْظُورُ لَهُ قَوْلُهُ: وَكَانَ حَلِفُهُ عَلَى حِنْثٍ فَخَرَجَ نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ فَإِنَّ الْيَمِينَ وَإِنْ احْتَمَلَتْ أَقَلَّ مِنْ الْمُدَّةِ لَكِنْ لَيْسَتْ عَلَى حِنْثٍ فَالْأَجَلُ فِيهَا مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيلَاءَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَكُونُ فِيهِ مُولِيًا مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ وَذَلِكَ إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ صَرَاحَةً أَوْ الْتِزَامًا وَكَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقِسْمٌ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَذَلِكَ الَّذِي يَحْلِفُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَيَفْعَلَنَّ فِعْلًا فَلَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ، وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَذَلِكَ إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ وَكَانَتْ يَمِينُهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ مُحْتَمِلَةً لَهَا وَلِغَيْرِهَا فَقِيلَ: إنَّ الْأَجَلَ فِي هَذِهِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ، وَقِيلَ: مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى الْأَوَّلِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ خِلَافُ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ الْغَائِبُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ قُدُومِهِ (وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ) أَيْ الْأَجَلَ فِي

ص: 432

كَالصَّرِيحَةِ (أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ) يَعْنِي وَاحْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ عَطَفُ الْمُصَنِّفُ بِأَوْ فَلَوْ أَتَى بِالْوَاوِ لَكَانَ مَاشِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ أَيْ فَمُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ كَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ مُنِعَ مِنْهَا فَرَفَعَتْهُ (فَ) الْأَجَلُ (مِنْ الرَّفْعِ وَ) هُوَ يَوْمُ (الْحُكْمِ) فَلَوْ قَالَ فَمِنْ الْحُكْمِ لَكَانَ أَبْيَنَ، وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْأَجَلِ فِي الصَّرِيحِ مِنْ الْيَمِينِ أَنَّهَا إذَا رَفَعَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَهُوَ حُرٌّ أَوْ شَهْرَيْنِ، وَهُوَ عَبْدٌ لَا يَسْتَأْنِفُ لَهُ الْأَجَلَ، وَإِنْ رَفَعَتْهُ قَبْلَ مُضِيِّ ذَلِكَ حُسِبَ لَهُ مَا بَقِيَ ثُمَّ طُلِّقَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعُدْ بِالْوَطْءِ، وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْأَجَلِ فِي الْحِنْثِ الْمُحْتَمَلَةِ مِنْ الْحُكْمِ أَنَّهُ إنْ مَضَى الْأَجَلُ قَبْلَ الرَّفْعِ ثُمَّ رَفَعَتْهُ ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ فَقَوْلُهُ: وَالْأَجَلُ أَيْ أَجَلُ الضَّرْبِ وَهُوَ غَيْرُ أَجَلِ الْإِيلَاءِ أَيْ الَّذِي يَكُونُ بِهِ مُولِيًا وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا مَرَّ (وَهَلْ الْمُظَاهِرُ) الَّذِي قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يُعَلِّقْ ظِهَارَهُ عَلَى وَطْئِهَا فَمُنِعَ مِنْهَا قَبْلَ الْفَيْئَةِ (إنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ) الَّذِي هُوَ فَيْئَةٌ (وَامْتَنَعَ) مِنْ إخْرَاجِهَا (كَالْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي يَمِينُهُ صَرِيحَةٌ فَالْأَجَلُ مِنْ الْيَمِينِ أَيْ حَلِفِهِ بِالظِّهَارِ (وَعَلَيْهِ اُخْتُصِرَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (أَوْ كَالثَّانِي) أَيْ الَّذِي يَمِينُهُ مُحْتَمَلَةٌ فَيَكُونُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَمْ تَكُنْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ (وَهُوَ الْأَرْجَحُ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ (أَوْ) الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ (مِنْ) وَقْتِ (تَبَيُّنِ الضَّرَرِ) وَهُوَ يَوْمُ امْتِنَاعِهِ مِنْ التَّكْفِيرِ (وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِقِيَامِ عُذْرِهِ (كَالْعَبْدِ) يُظَاهِرُ، وَفَيْئَتُهُ بِالصَّوْمِ فَقَطْ (وَلَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ) بِالصَّوْمِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَهِيَ الرُّجُوعُ إلَى مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِسَبَبِ الْيَمِينِ، وَهُوَ الْوَطْءُ (أَوْ يُمْنَعُ الصَّوْمَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ) لِإِضْرَارِهِ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ أَوْ خَرَاجِهِ فَيَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ وَتَجْرِي فِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْطُوقِ، وَقِيلَ: لَا إيلَاءَ عَلَى الْعَبْدِ الْقَادِرِ عَلَى الصَّوْمِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْيَمِينِ الْمُحْتَمِلَةِ لِأَقَلَّ مِنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: كَالصَّرِيحَةِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْأَجَلَ فِي الصَّرِيحَةِ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَكْثَرُ إلَخْ) أَيْ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ أَوْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَبَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ ظِهَارِهِ فَإِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَامْتَنَعَ عَنْ إخْرَاجِهَا لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ حِينَئِذٍ وَإِذَا قُلْتُمْ بِلُزُومِ الْإِيلَاءِ لَهُ فَهَلْ هُوَ كَالْأَوَّلِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعَلِّقْ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِمَحَلِّ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَأَمَّا الَّذِي عَلَّقَ ظِهَارَهُ عَلَى وَطْئِهَا بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِذَا تَمَّ الْأَجَلُ فَلَا تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ وَإِنَّمَا تَطْلُبُ مِنْهُ الطَّلَاقَ أَوْ تَبْقَى بِلَا وَطْءٍ فَإِذَا تَجَرَّأَ وَوَطِئَ انْحَلَّتْ عَنْهُ الْإِيلَاءُ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ اُخْتُصِرَتْ الْمُدَوَّنَةُ) أَيْ اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ الْبَرَاذِعِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ إذَا كَانَ فِيهَا جُمْلَةُ أَقْوَالٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّ الْبَرَاذِعِيَّ فِي اخْتِصَارِهَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَا يَظْهَرُ لَهُ اعْتِمَادُهُ مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ) قَالَ الْمَوَّاقُ: لَمْ أَجِدْ لِابْنِ يُونُسَ تَرْجِيحًا هُنَا، وَنَحْوُهُ لِابْنِ غَازِيٍّ وَإِنَّمَا اسْتِحْسَانُ ذَلِكَ الْقَوْلِ لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكُلٌّ لِمَالِكٍ وَالْوَقْتُ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ أَحْسَنُ أَيْ وَقْفُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ ضَرْبِ السُّلْطَانِ لَهُ الْأَجَلَ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ لَوْ قَالَ عَلَى الْأَحْسَنِ بَدَلَ قَوْلِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا) أَيْ فَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ بَلْ إمَّا أَنْ تَرْضَى بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ وَإِمَّا أَنْ يُطَلَّقَ عَلَيْهِ حَالًا فَإِنْ قَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ كَفَّرَ وَرَاجَعَهَا وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَخْ قَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الْعُسْرُ وَالْعَجْزُ عَنْ الصِّيَامِ بَعْدَ عَقْدِ الظِّهَارِ، وَأَمَّا إنْ عَقَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَجْزِ عَنْ حِلِّهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا لِقَصْدِ الضَّرَرِ بِالظِّهَارِ أَوْ بَعْدَ ضَرْبِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ وَانْقِضَائِهِ رَجَاءَ أَنْ يُحْدِثَ اللَّهُ لَهُ مَالًا يُكَفِّرُ مِنْهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَحْدُثَ لَهَا رَأْيٌ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ (قَوْلُهُ: لِقِيَامٍ) أَيْ لِوُجُودِ عُذْرِهِ (قَوْلُهُ: يُظَاهِرُ) أَيْ يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي.

(قَوْلُهُ وَفَيْئَتُهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ فَيْئَتَهُ أَيْ رُجُوعَهُ لِمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِسَبَبِ الْيَمِينِ بِالصَّوْمِ أَيْ بِالتَّكْفِيرِ بِالصَّوْمِ (قَوْلُهُ: لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ) أَيْ لَا يُرِيدُ التَّكْفِيرَ بِالصَّوْمِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَرَادَهُ وَمَنَعَهُ مِنْهُ السَّيِّدُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَهَذَانِ هُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ فَكَالْحُرِّ لَا يَدْخُلُهُ إيلَاءٌ وَلَا حُجَّةَ لِزَوْجَتِهِ وَإِنْ مَنَعَهُ بِوَجْهٍ غَيْرِ جَائِزٍ رَدَّهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ فَصُوَرُ الْعَبْدِ أَرْبَعٌ اهـ وَهَذَا التَّقْرِيرُ لِابْنِ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ لِبَهْرَامَ

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَامْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ بِالصَّوْمِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ السَّيِّدُ مِنْهُ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُكَفِّرَ بِهِ فَمَنَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْرِبُ لَهُ أَجَلَ الْإِيلَاءِ بَلْ يُقَالُ لَهَا: إمَّا أَنْ تَمْكُثِي مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ، أَوْ يُنَجَّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَعَلَى هَذَا فَالْعَبْدُ لَيْسَ كَالْحُرِّ الَّذِي قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ، وَامْتَنَعَ وَاعْتَرَضَ طفي كَلَامَ بَهْرَامَ بِأَنَّهُ وَإِنْ وَافَقَ ظَاهَرَ الْمُوَطَّإِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَى ظَاهِرِهِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَ الْبَاجِيَّ

ص: 433

إذَا امْتَنَعَ أَوْ مُنِعَ بِوَجْهِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَالتَّشْبِيهُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ قَدَرَ

(وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ بِزَوَالِ مِلْكِ مَنْ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي (حَلَفَ بِعِتْقِهِ) أَيْ عَلَّقَهُ عَلَى وَطْئِهَا كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ وَامْتَنَعَ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ فَإِذَا زَالَ مِلْكُ الْعَبْدِ بِمَوْتٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ يَنْحَلُّ عَنْهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ وَطْئِهَا كَانَ مُضَارًّا فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَتْ بِلَا ضَرْبِ أَجَلٍ (إلَّا أَنْ يَعُودَ) الرَّقِيقُ لِمِلْكِهِ ثَانِيًا (بِغَيْرِ إرْثٍ) فَإِنَّ الْإِيلَاءَ يَعُودُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِزَمَنٍ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَمَّا إنْ عَادَ الْعَبْدُ كُلُّهُ إلَيْهِ بِإِرْثٍ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ جَبْرِيٌّ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (كَالطَّلَاقِ الْقَاصِرِ) أَيْ كَمَا يَعُودُ الْإِيلَاءُ بِعَوْدِ الزَّوْجَةِ لِعِصْمَتِهِ فِي الطَّلَاقِ الْقَاصِرِ (عَنْ الْغَايَةِ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ الثَّلَاثَ (فِي) الزَّوْجَةِ (الْمَحْلُوفِ بِهَا) أَيْ بِطَلَاقِهَا بِأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى وَطْءِ أُخْرَى فَإِذَا قَالَ: إنْ وَطِئْت عَزَّةَ فَهِنْدٌ طَالِقٌ فَقَدْ حَلَفَ بِطَلَاقِ هِنْدٍ فَهِيَ مَحْلُوفٌ بِهَا وَعَزَّةُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَ هِنْدٍ عَلَى وَطْئِهَا فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ وَطْءِ عَزَّةَ كَرَاهَةَ أَنْ يَلْزَمَهُ طَلَاقُ هِنْدٍ كَانَ مُولِيًا، فَإِذَا طَلَّقَ هِنْدًا دُونَ الثَّلَاثِ انْحَلَّ عَنْهُ الْإِيلَاءُ فِي عَزَّةَ بِمُجَرَّدِهِ فِي الْبَائِنِ وَبَعْدَ الْعِدَّةِ فِي الرَّجْعِيِّ، وَجَازَ لَهُ وَطْءُ عَزَّةَ، فَإِنْ عَادَتْ هِنْدٌ لِعِصْمَتِهِ عَادَ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ فِي عَزَّةَ فَإِنْ بَلَغَ طَلَاقُ هِنْدَ الْغَايَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي عَزَّةَ، فَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا، وَأَمَّا عَزَّةُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا فَيَعُودُ فِيهَا الْإِيلَاءُ، وَلَوْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا ثُمَّ رَجَعَتْ بَعْدَ زَوْجٍ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا دَامَ طَلَاقُ الْمَحْلُوفِ بِهَا لَمْ يَبْلُغْ الْغَايَةَ فَقَوْلُهُ:(لَا) فِي الْمَحْلُوفِ (لَهَا) وَهِيَ عَزَّةُ فِي الْمِثَالِ وَاللَّامُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي شَرْحِهِ عَلَيْهِ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ التَّكْفِيرَ بِالصَّوْمِ وَمَنَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّكْفِيرِ بِالصَّوْمِ، وَامْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ بِهِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ السَّيِّدُ فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْإِيلَاءِ لَهُ بَلْ هُوَ مُولٍ، وَيَجْرِي فِي مَبْدَأِ الْأَجَلِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فَتَحَصَّلَ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ غَازِيٍّ لَا يَسْلَمُ مِنْ حَيْثُ جَعْلُهُ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا مَنَعَهُ السَّيِّدُ وَفِيمَا إذَا امْتَنَعَ هُوَ وَكَذَا كَلَامُ بَهْرَامَ لَا يَسْلَمُ مِنْ حَيْثُ جَعْلُهُ عَدَمَ لُحُوقِ الْإِيلَاءِ مُطْلَقًا وَصَارَ حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إنْ مَنَعَهُ السَّيِّدُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ لَا يَلْحَقُهُ الْإِيلَاءُ بَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ، وَإِنْ امْتَنَعَ هُوَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ الْإِيلَاءُ، وَفِي مَبْدَأِ الْأَجَلِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ أَنَّهُ إذَا مَنَعَهُ السَّيِّدُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا كَالْحُرِّ إلَّا أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْإِيلَاءِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهُوَ مَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ فِي مَبْدَأِ الْأَجَلِ خِلَافٌ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهُوَ مَا إذَا مَنَعَهُ السَّيِّدُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُولٍ فَلَا خِلَافَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا مَنَعَهُ السَّيِّدُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إنْ رَفَعَتْهُ اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ.

(قَوْلُهُ إذَا امْتَنَعَ) أَيْ مِنْ الصَّوْمِ

(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَّقَهُ) أَيْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ الْمُصَنِّفُ مِمَّا يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِيلَاءُ وَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا تَنْحَلُّ بِهِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ تَنْحَلُّ عَنْهُ وَسَوَاءٌ أَخَرَجَ الْعَبْدُ عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ بِاخْتِيَارِهِ أَمْ لَا كَبَيْعِ سُلْطَانٍ لَهُ فِي فَلَسِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ وَطْئِهَا) أَيْ بَعْدَ انْحِلَالِ الْإِيلَاءِ عَنْهُ بِزَوَالِ مِلْكِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعُودَ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِغَيْرِ إرْثٍ لَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَعُودَ فَلَا تَنْحَلُّ بَلْ الْمُرَادُ فَيَعُودُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَعَوْدُهَا غَيْرُ عَدَمِ الِانْحِلَالِ، وَأَجَلُهُ حِينَئِذٍ مِنْ يَوْمِ الْعَوْدِ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً أَوْ مُحْتَمِلَةً عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ إلَّا وَهُوَ عَوْدُ الْإِيلَاءِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا قَبْلَهَا وَهُوَ انْحِلَالُهَا اهـ عَدَوِيٌّ فَلَوْ عَادَ مِلْكُهُ لِبَعْضِهِ وَطُولِبَ بِالْفَيْئَةِ فَوَطِئَ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ مِنْهُ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ عَادَ الْعَبْدُ إلَيْهِ كُلُّهُ بِإِرْثٍ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا عَوْدُ بَعْضِهِ بِإِرْثٍ وَبَعْضُهُ بِشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ فَكَعَوْدِ كُلِّهِ بِغَيْرِ إرْثٍ فَيَغْلِبُ غَيْرُ الْإِرْثِ عَلَى الْإِرْثِ، وَيَعُودُ الْإِيلَاءُ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَبْلُغْ الثَّلَاثَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: فَهِنْدُ طَالِقٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ وَطِئْت عَزَّةَ فَهِنْدٌ طَالِقٌ فَالشَّرْطُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَطْءُ عَزَّةَ، وَالْجَزَاءُ مَحْلُوفٌ بِهِ، وَهُوَ طَلَاقُ هِنْدٍ، وَلَمَّا كَانَ الْوَطْءُ وَاقِعًا فِي عَزَّةَ قِيلَ لَهَا: مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا، وَلَمَّا كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا عَلَى هِنْدٍ، قِيلَ لَهَا: مَحْلُوفٌ بِهَا (قَوْلُهُ: مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: عَادَ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُؤَجَّلْ كَالْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ أُجِّلَ وَبَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: عَادَ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ فِي عَزَّةَ) أَيْ فَإِنْ وَطِئَ عَزَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّوَاجِ أَوْ فِي عِدَّةِ هِنْدٍ حَنِثَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي هِنْدٍ (قَوْلُهُ: فَيَعُودُ فِيهَا الْإِيلَاءُ، وَلَوْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) فِي شب أَنَّ مَا فِي الْمُصَنِّفِ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاَلَّذِي فِيهَا أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ كَالْمَحْلُوفِ بِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَمَتَى طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ تَعُدْ

ص: 434

بِمَعْنَى عَلَى مَعْنَاهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقُصُورُ فِيهَا عَنْ الْغَايَةِ بَلْ يَعُودُ أَبَدًا مَا دَامَ طَلَاقُ الْمَحْلُوفِ بِهَا لَمْ يَبْلُغْ الْغَايَةَ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ عَدَمَ الْعَوْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ، وَلَا يَصِحُّ إبْقَاءُ اللَّامِ عَلَى بَابِهَا؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا أَيْ لِأَجْلِهَا وَهِيَ الْحَامِلَةُ عَلَى الْيَمِينِ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَلُّقُ الْإِيلَاءِ بِهَا كَأَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْت غَيْرَك أَوْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَالَّتِي أَطَؤُهَا أَوْ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ

(وَ) انْحَلَّ الْإِيلَاءُ (بِتَعْجِيلِ) مُقْتَضَى (الْحِنْثِ) كَعِتْقِ الْعَبْدِ الْمَحْلُوفِ بِعِتْقِهِ أَنْ لَا يَطَأَ أَوْ طَلَاقِ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَنْ لَا يَطَأَ بَائِنًا فَإِذَا قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ فَفُلَانَةُ طَالِقٌ أَوْ فَعَلَيَّ التَّصَدُّقِ بِدَارِي أَوْ بِهَذَا الدِّرْهَمِ فَجَعَلَ ذَلِكَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ (وَبِتَكْفِيرِ مَا) أَيْ يَمِينٍ (يُكَفَّرُ) كَحَلِفِهِ بِاَللَّهِ لَا يَطَؤُهَا فَكَفَّرَ قَبْلَ الْوَطْءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْحَلَّ إيلَاؤُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ (فَلَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ، وَلَوْ صَغِيرَةً لَا لِوَلِيِّهَا (وَلِسَيِّدِهَا) الَّذِي لَهُ حَقٌّ فِي الْوَلَدِ (إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا) لِصِغَرٍ أَوْ رَتْقٍ أَوْ مَرَضٍ (الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ) مُضِيِّ (الْأَجَلِ بِالْفَيْئَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُطَالَبَةِ (وَهِيَ) أَيْ الْفَيْئَةُ (تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ) كُلِّهَا (فِي الْقُبُلِ) وَهَذَا تَفْسِيرُهَا فِي غَيْرِ الْمُظَاهِرِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ فَيْئَتَهُ تَكْفِيرُهُ، وَفِي غَيْرِ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمَا بَعْدُ وَأَمَّا الْمُمْتَنِعُ وَطْؤُهَا فَإِنْ كَانَ لِصِغَرٍ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا حَتَّى تُطِيقَ الْوَطْءَ وَإِنْ كَانَ لِرَتْقٍ أَوْ مَرَضٍ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِالْفَيْئَةِ بِمَعْنَى مَغِيبِ الْحَشَفَةِ حَالًا بَلْ بِمَعْنَى الْوَعْدِ بِهَا إذَا زَالَ الْمَانِعُ، وَلَمَّا كَانَ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْبِكْرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْإِيلَاءُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ} [الإسراء: 109](قَوْلُهُ: عَدَمَ الْعَوْدِ) أَيْ عَدَمَ عَوْدِ الْإِيلَاءِ إذَا عَادَتْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا لِلْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: لِزَوْجَتِهِ إلَخْ) أَيْ كَهِنْدٍ، وَقَوْلُهُ: إنْ وَطِئْت غَيْرَك أَيْ كَعَزَّةِ فَهِنْدٌ مَحْلُوفٌ لَهَا أَيْ لِأَجْلِهَا وَلَا يُتَصَوَّرُ تَعَلُّقُ الْإِيلَاءِ بِهَا

(قَوْلُهُ: وَبِتَعْجِيلِ الْحِنْثِ) قَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَدَاخُلٌ فِي هَذِهِ الْمَعْطُوفَاتِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَصْدُقُ عَلَى بَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ الْعِتْقِ، وَيَزِيدُ هَذَا بِصِدْقِهِ عَلَى الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ كَمَا يَزِيدُ الْأَوَّلُ بِصِدْقِهِ عَلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: الْمَحْلُوفُ بِعِتْقِهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ بِمُخَالَفَتِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْوَطْءُ فِي الْمِثَالِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِتَعْجِيلِهِ تَعْجِيلَهُ نَفْسَهُ بَلْ الْمُرَادُ تَعْجِيلُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ؛ فَلِذَا قَدَّرَ الشَّارِحُ مُقْتَضَى أَيْ مَا يَقْتَضِيهِ الْحِنْثُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ هَذَا وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ هُنَا بِالْحِنْثِ مَا يُوجِبُهُ الْحِنْثُ كَالْعِتْقِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ: مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَنْ لَا يَطَأَ) أَيْ وَيَصُومَ الْأَيَّامَ الْمَحْلُوفَ بِصَوْمِهَا أَنْ لَا يَطَأَ (قَوْلُهُ: بَائِنًا) أَيْ وَكَذَا رَجْعِيًّا إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ فَفُلَانَةُ طَالِقٌ) أَيْ فَتَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ إذَا كَانَ بَائِنًا وَبِقَضَاءِ الْعِدَّةِ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: انْحَلَّتْ يَمِينُهُ) أَيْ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ انْحِلَالِ الْيَمِينِ طُلِّقَ عَلَيْهِ حَالًا لِلضَّرَرِ، إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ (قَوْلُهُ: وَبِتَكْفِيرِ مَا يُكَفَّرُ) أَيْ قَبْلَ الْحِنْثِ كَالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ كَإِنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ نَذْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرَةً) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ مَجْنُونَةً فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ حَالَ إفَاقَتِهَا، وَفِي حَالِ جُنُونِهَا لَا يَثْبُتُ لَهَا طَلَبٌ، وَمِثْلُهَا الْمُغْمَى عَلَيْهَا، وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِمَا كَلَامٌ حَالَ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ بَلْ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُمَا.

(قَوْلُهُ وَلِسَيِّدِهَا) أَيْ وَلِسَيِّدِ الزَّوْجَةِ إذَا كَانَتْ أَمَةً وَكَذَا لَهَا الْحَقُّ أَيْضًا لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ عَنْ أَصْبَغَ فَلَوْ تَرَكَ سَيِّدُهَا وَقْفَهُ فَلَهَا وَقْفُهُ وَسَمِعَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ تَرَكَتْ الْأَمَةُ وَقْفَ زَوْجِهَا الْمُولِي كَانَ لِسَيِّدِهَا وَقْفُهُ اهـ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ، وَهَذَا إذَا كَانَ لِلسَّيِّدِ حَقٌّ فِي الْوَلَدِ وَكَانَ يُرْجَى مِنْهَا الْوَلَدُ أَمَّا إنْ كَانَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ لِكَوْنِ الْوَلَدِ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ بِهَا أَوْ بِالزَّوْجِ عُقْمٌ كَانَ الطَّلَبُ بِالْفَيْئَةِ لَهَا خَاصَّةً (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا) أَيْ إنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الزَّوْجَةِ لَهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَلِسَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِالْفَيْئَةِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا فَإِنْ كَانَ وَطْؤُهَا مُمْتَنِعًا عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا كَالرَّتْقَاءِ وَالْمَرِيضَةِ وَالْحَائِضِ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا وَلَا لِوَلِيِّهَا وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْقَيْدِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ: إنَّ الْمُطَالَبَةَ ثَابِتَةٌ مُطْلَقًا، وَتَكُونُ الْفَيْئَةُ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْوَطْءِ بِالْوَعْدِ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي لَك الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَغْيِيبُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَيْئَةَ الرُّجُوعُ لِمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِالْيَمِينِ وَهُوَ الْوَطْءُ وَالرُّجُوعُ لِمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ مُصَوَّرٌ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ: تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ كُلِّهَا) أَيْ أَوْ قَدْرِهَا مِمَّنْ لَا حَشَفَةَ لَهُ وَقَوْلُهُ: فِي الْقُبُلِ أَيْ فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ مِنْهُ لَا فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ الِانْتِشَارُ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ، وَقَالَ بَعْضُ أَشْيَاخِ عج: يَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ كَالتَّحْلِيلِ لِعَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودِهَا الَّذِي هُوَ إزَالَةُ الضَّرَرِ بِدُونِهِ، وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِالِانْتِشَارِ دَاخِلَ الْفَرْجِ، وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِتَغْيِيبِهَا مَعَ لَفِّ خِرْقَةٍ تَمْنَعُ اللَّذَّةَ أَوْ تَمْنَعُ كَمَالَهَا.

(قَوْلُهُ: فِي الْقُبُلِ) أَيْ وَأَمَّا تَغْيِيبُهَا فِي الدُّبُرِ أَوْ بَيْنَ فَخِذَيْهَا، أَوْ فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ مِنْ قُبُلِهَا فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: تَكْفِيرُهُ) أَيْ تَكُونُ بِتَكْفِيرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ بِمَعْنَى الْوَعْدِ بِهَا إلَخْ) أَيْ فَالْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ ثَابِتَةٌ مُطْلَقًا امْتَنَعَ وَطْؤُهَا أَمْ لَا، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ بَعْدَ الْأَجَلِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا مُرَادُهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْفَيْئَةِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَهُوَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ حَالًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذْ كَانَ وَطْؤُهَا مُمْتَنِعًا لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ لَكِنْ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْوَعْدُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ

ص: 435

بِدُونِ افْتِضَاضِهَا لَا يَكْفِي قَالَ

(وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ) فَلَا يَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ فِيهَا بِدُونِهِ وَإِنْ حَنِثَ، ثُمَّ شَرَطَ فِي تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَالِافْتِضَاضِ الْإِبَاحَةَ.

بِقَوْلِهِ: (إنْ حَلَّ) مَا ذُكِرَ، فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ كَفِي حَيْضٍ لَمْ تَنْحَلَّ الْإِيلَاءُ، وَإِنْ حَنِثَ فَيُطْلَبُ بِالْفَيْئَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حِنْثِهِ وَانْحِلَالِ يَمِينِهِ انْحِلَالُ الْإِيلَاءِ بِحَيْثُ يَسْقُطُ عَنْهُ الطَّلَبُ بِالْفَيْئَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَنَدَ امْتِنَاعُهُ مِنْ الْوَطْءِ لِيَمِينٍ ثَبَتَ مُطَالَبَتُهُ بِالْفَيْئَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهِيَ الْحَلَالُ، وَلَوْ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ (وَلَوْ) كَانَ تَغَيُّبُهَا (مَعَ جُنُونٍ) لِلزَّوْجِ بِخِلَافِ جُنُونِهَا إنْ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ كَمَا سَبَقَ (لَا بِوَطْءٍ بَيْنَ فَخِذَيْنِ) أَوْ فِي دُبُرٍ فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ (وَحَنِثَ) فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَلَا يَسْقُطُ عِنْدَ الطَّلَبِ بِالْفَيْئَةِ مَا دَامَ لَمْ يُكَفِّرْ فَإِنْ كَفَّرَ سَقَطَ عَنْهُ الْإِيلَاءُ بِمُجَرَّدِ التَّكْفِيرِ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْفَرْجَ) فَلَا يَحْنَثُ فِيمَا بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ

(وَطُلِّقَ) عَلَيْهِ (إنْ قَالَ) بَعْدَ أَنْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ بَعْدَ الْأَجَلِ (لَا أَطَأُ) بَعْدَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالطَّلَاقِ فَيَمْتَنِعَ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِالْفَيْئَةِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهَا أُمِرَ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ امْتَنَعَ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ عَدَمِهِ بِلَا تَلَوُّمٍ عَلَى الصَّحِيحِ (وَإِلَّا) يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ بِأَنْ قَالَ: أَطَأُ وَوَعَدَ بِهِ (اُخْتُبِرَ مَرَّةً وَمَرَّةً) أَيْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ (وَصُدِّقَ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

إذَا زَالَ الْمَانِعُ (قَوْلُهُ: بِدُونِ) أَيْ بِالتَّغْيِيبِ بِدُونِ افْتِضَاضٍ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ شَرَطَ فِي تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ شَرَطَ فِي كَوْنِهِمَا تَنْحَلُّ بِهِمَا الْإِيلَاءُ أَيْ تَسْقُطُ بِهِمَا الْمُطَالَبَةُ بِالْوَطْءِ (قَوْلُهُ: إنْ حَلَّ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ وَالِافْتِضَاضِ (قَوْلُهُ لَمْ تَنْحَلَّ الْإِيلَاءُ) أَيْ لَمْ تَسْقُطْ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَنِثَ) أَيْ وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ (قَوْلُهُ: فَيُطْلَبُ بِالْفَيْئَةِ) أَيْ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَطْءِ الْحَرَامِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حِنْثِهِ وَانْحِلَالِ يَمِينِهِ) أَيْ بِهَذَا الْوَطْءِ الْحَرَامِ وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الْوَطْءَ الْحَرَامَ يَحْنَثُ بِهِ، وَتَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ، وَحَيْثُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ انْحَلَّتْ الْإِيلَاءُ؛ لِأَنَّهَا سَبَبُهُ أَيْ سَبَبُ الْإِيلَاءِ بِمَعْنَى الْمُطَالَبَةِ بِالْوَطْءِ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إنْ حَلَّ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْوَطْءَ الْحَرَامَ تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ، وَإِذَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ زَالَ طَلَبُ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ سَبَبٌ لِطَلَبِ الْوَطْءِ، وَقَدْ زَالَ السَّبَبُ فَلْيَزُلْ الْمُسَبَّبُ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ حَلَّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ انْحِلَالَ الْيَمِينِ مُسْتَلْزِمٌ لِانْحِلَالِ الْإِيلَاءِ أَيْ الْمُطَالَبَةِ بِالْفَيْئَةِ مُطْلَقًا بَلْ إنْ كَانَ انْحِلَالُ الْيَمِينِ بِوَطْءٍ حَلَالٍ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمًا لِانْحِلَالِ الْإِيلَاءِ أَيْ الْمُطَالَبَةِ وَإِنْ كَانَ انْحِلَالُ الْيَمِينِ بِوَطْءٍ حَرَامٍ أَوْ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ فَمَا زَالَ مُطَالَبًا بِالْفَيْئَةِ، وَلَمْ يَسْقُطْ طَلَبُهَا.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ الْحَلَالُ) أَيْ وَهِيَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ عَلَى وَجْهٍ حَلَالٍ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ أَيْ بِوَطْءٍ حَرَامٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ جُنُونٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ فِي حَالِ جُنُونِهِ فَيْئَةٌ هُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَأَصْبَغُ وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ لَكِنْ قَالَ أَصْبَغُ: يَحْنَثُ بِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فَيْئَةً كَمَا تَقَدَّمَ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ: إنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ لَيْسَ فَيْئَةً لَكِنْ لَا يُطَالَبُ بِهَا قَبْلَ إفَاقَتِهِ لِعُذْرِهِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ، وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ أَنَّهُ عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ فَيْئَةٌ مَعَ بَقَاءِ الْيَمِينِ أَنَّهُ يُسْتَأْنَفُ لَهُ الْأَجَلُ، وَعَلَى مَا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ يُكْتَفَى بِالْأَجَلِ الْأَوَّلِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِلزَّوْجِ) أَيْ فَتَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ لِنَيْلِهَا بِوَطْئِهِ مَا تَنَالُ فِي صِحَّتِهِ فَإِذَا آلَى مِنْهَا وَهُوَ عَاقِلٌ ثُمَّ جُنَّ وَطَلَبَتْهُ بِالْفَيْئَةِ وَفَاءً حَالَ جُنُونِهِ تَسْقُطُ مُطَالَبَتُهُ بِهَا، وَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا صَحَّ اُسْتُؤْنِفَ لَهُ أَجَلٌ مِنْ يَوْمِ وَطْئِهِ لِبَقَاءِ يَمِينِهِ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ أَصْبَغُ: إذَا فَاءَ حَالَ جُنُونِهِ سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُ بِالْفَيْئَةِ، وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ بَعْدَ إفَاقَتِهِ لِعَدَمِ بَقَاءِ يَمِينِهِ لِحِنْثِهِ فِيهَا بِوَطْئِهِ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: إنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ حَالَ جُنُونِهِ وَلَا يَكُونُ وَطْؤُهُ فَيْئَةً وَيُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ إفَاقَتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ ثَانٍ وَيُكْتَفَى بِالْأَجَلِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا هُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جُنُونِهَا) أَيْ فَإِنَّ وَطْأَهَا فِي حَالَتِهِ لَغْوٌ لَا تَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ أَيْ لَا تَسْقُطُ بِهِ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ، وَإِنْ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ) أَيْ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَفَّرَ سَقَطَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَّرَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَ سَقَطَ إيلَاؤُهُ فَكَيْفَ إذَا وَطِئَ ثُمَّ كَفَّرَ وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ بِغَيْرِ الْفَرْجِ، وَقَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَتَكْفِيرُ مَا يُكَفَّرُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يَنْوِي الْفَرْجَ) أَيْ إنَّ مَحَلَّ حِنْثِهِ وَلُزُومِهِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ نَوَى عِنْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا يَعْنِي فِي فَرْجِهَا فَإِنْ كَانَ نَوَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ لِمُطَابَقَةِ نِيَّتِهِ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ وَلَا تَلْزَمُهُ بِهِ كَفَّارَةٌ وَالْإِيلَاءُ بَاقٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ يُؤْمَرَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَطُلِّقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إلَخْ) أَيْ وَيَجْرِي هُنَا الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ فِي امْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ مِنْ كَوْنِهِ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ) أَيْ عِنْدَ طَلَبِهِ بِهَا أَطَأُ (قَوْلُهُ: اُخْتُبِرَ) أَيْ بِمُدَّةٍ يُؤَخِّرُهُ الْحَاكِمُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ مَرَّةً) أَيْ اخْتِبَارًا مَرَّةً وَمَرَّةً فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ، وَقَوْلُهُ: إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَيْ، وَيَكُونُ اخْتِبَارُهُ الْمَرَّاتِ الثَّلَاثَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَفِي قَوْلِهِ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ قَوْلَهُ: مَرَّةً ثَالِثًا أَوْ يَقُولَ: اُخْتُبِرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِيُوَافِقَ النَّقْلَ (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَ) أَيْ الْمُولِي وَقَوْلُهُ: بِيَمِينٍ أَيْ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ: صُدِّقَ فَالْمُرَادُ بِيَمِينٍ

ص: 436

بِيَمِينٍ (إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الْوَطْءَ بِكْرًا كَانَتْ، أَوْ ثَيِّبًا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَبَقِيَتْ عَلَى حَقِّهَا، وَإِلَّا بَقِيَتْ زَوْجَةً كَمَا لَوْ حَلَفَ (وَإِلَّا) بِأَنْ مَضَتْ مُدَّةُ الِاخْتِبَارِ، وَلَمْ يَدَّعِ الْوَطْءَ أَوْ ادَّعَاهُ وَأَبَى الْحَلِفَ وَحَلَفَتْ (أُمِرَ بِالطَّلَاقِ) فَإِنْ طَلَّقَ (وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ)

(وَفَيْئَةُ الْمَرِيضِ) الْعَاجِزِ عَنْ الْوَطْءِ (وَالْمَحْبُوسِ) الْعَاجِزِ عَنْ خَلَاصِ نَفْسِهِ (بِمَا يَنْحَلُّ بِهِ) الْإِيلَاءُ مِنْ زَوَالِ مِلْكٍ، وَتَكْفِيرِ مَا يُكَفَّرُ، وَتَعْجِيلِ مُقْتَضَى الْحِنْثِ وَإِبَانَةِ الزَّوْجَةِ الْمَحْلُوفِ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ هَذَا إنْ أَمْكَنَ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ) أَيْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ (مِمَّا تُكَفَّرُ) أَيْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَكْفِيرُهَا (قَبْلَهُ) أَيْ الْحِنْثِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّكْفِيرِ الِانْحِلَالُ (كَطَلَاقٍ فِيهِ رَجْعَةٌ) لَا بَائِنَ (فِيهَا) أَيْ فِي الزَّوْجَةِ الْمُولَى مِنْهَا كَإِنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَلَا يُمْكِنُ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ وَطِئَ لَحِقَهُ طَلْقَةٌ أُخْرَى؛ إذْ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ يَلْزَمُهُ طَلَاقُهَا إنْ طَرَأَ مُوجِبُهُ (أَوْ) طَلَاقٌ فِيهِ رَجْعَةٌ (فِي غَيْرِهَا) كَقَوْلِهِ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ: إنْ وَطِئْتُك فَفُلَانَةُ طَالِقٌ وَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا بِخِلَافِ الْبَائِنِ فَيَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ (وَ) كَ (صَوْمٍ) مُعَيَّنٍ (لَمْ يَأْتِ) زَمَنُهُ؛ إذْ لَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ زَمَنِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ (وَعِتْقٍ) وَصَدَقَةٍ وَمَشْيٍ لِمَكَّةَ وَصَوْمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ) ؛ إذْ لَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يَنْفَعْهُ، وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ بِالْحِنْثِ (فَالْوَعْدُ) جَوَابُ الشَّرْطِ أَيْ فَفَيْئَةُ الْمَرِيضِ أَوْ الْمَحْبُوسِ الْمَذْكُورِ تَكُونُ بِالْوَعْدِ بِالْوَطْءِ إذَا زَالَ الْمَانِعُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ لَا بِالْوَطْءِ مَعَ الْمَانِعِ لِتَعَذُّرِهِ بِالْمَرَضِ أَوْ السِّجْنِ (وَبَعَثَ) بَعْدَ الْأَجَلِ (لِلْغَائِبِ) الْمُولِي (وَإِنْ) بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ (بِشَهْرَيْنِ) ذَهَابًا مَعَ الْأَمْنِ لَا أَكْثَرَ فَلَهَا الْقِيَامُ بِالْفِرَاقِ، وَأُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الطَّالِبَةُ (وَلَهَا الْعَوْدُ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَإِذَا قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِدُونِ يَمِينٍ.

(قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ فِي مُدَّةِ الِاخْتِبَارِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ أَيْ إنْ كَانَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً رَشِيدَةً كَانَتْ أَوْ سَفِيهَةً وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً سَقَطَتْ عَنْهَا الْيَمِينُ وَطُلِّقَ عَلَيْهِ حَالًا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَلَفَ) أَيْ فَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ لِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ

(قَوْلُهُ: وَفَيْئَةُ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ) أَيْ إذَا مَضَى أَجَلُ الْإِيلَاءِ، وَهُمَا بِتِلْكَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: الْعَاجِزِ عَنْ الْوَطْءِ) أَيْ وَأَمَّا الْمَرِيضُ الْقَادِرُ عَلَى الْوَطْءِ وَالْمَحْبُوسُ الْقَادِرُ عَلَى الْخَلَاصِ بِمَا لَا يُجْحِفُ بِهِ فَفَيْئَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَنْحَلُّ بِهِ) أَيْ وَلَا تَكُونُ الْفَيْئَةُ فِي حَقِّهِمَا بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِمَا عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ زَوَالِ مِلْكٍ) أَيْ مِنْ زَوَالِ مِلْكِ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي حَلَفَ بِعِتْقِهِ (قَوْلُهُ وَتَكْفِيرُ مَا) أَيْ الْيَمِينِ الَّتِي يَجُوزُ تَكْفِيرُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ وَهِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ وَالنَّذْرُ الْمُبْهَمُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا (قَوْلُهُ: وَتَعْجِيلُ مُقْتَضَى الْحِنْثِ) أَيْ مَا يَقْتَضِيهِ الْحِنْثُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْكِنُ التَّكْفِيرُ) أَيْ انْحِلَالُ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: لَحِقَهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا طَلَّقَ ضَرَّتَهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدُ.

(قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا ارْتَجَعَهَا وَوَطِئَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ فُلَانَةُ الْمَحْلُوفُ بِطَلَاقِهَا (قَوْلُهُ: وَطَلَّقَهَا) أَيْ فُلَانَةَ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَائِنِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَ فُلَانَةَ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ عَاوَدَهَا بَعْدَ زَوْجٍ وَوَطِئَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا فَلَا تَطْلُقُ فُلَانَةُ الْمَحْلُوفُ بِطَلَاقِهَا لِانْحِلَالِ الْإِيلَاءِ بِمُجَرَّدِ بَيْنُونَتِهَا (قَوْلُهُ: وَكَصَوْمٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَأْتِ زَمَنُهُ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ، وَقَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ رَجَبٍ فَهَذِهِ الْيَمِينُ لَا يُمْكِنُ انْحِلَالُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ؛ إذْ لَوْ صَامَ رَجَبَ قَبْلَ إتْيَانِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: لَمْ يَأْتِ زَمَنُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى زَمَنُهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا انْقَضَى قَبْلَ وَطْئِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ فَاتَ (قَوْلُهُ: وَعِتْقٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ بِدِينَارٍ أَوْ صَوْمُ يَوْمٍ أَوْ مَشْيٌ لِمَكَّةَ فَلَا يُمْكِنُ انْحِلَالُ تِلْكَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْحِنْثِ؛ إذْ لَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْحِنْثِ بِالْوَطْءِ لَمْ يَنْفَعْهُ، وَيَلْزَمُهُ بَدَلُهُ إذَا وَطِئَ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْحِنْثِ) أَيْ قَبْلَ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: بِالْحِنْثِ) أَيْ إذَا وَطِئَ (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورِ) أَيْ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَكْفِيرُ يَمِينِهِ قَبْلَ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: إذَا زَالَ الْمَانِعُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَرَضُ وَالْحَبْسُ.

(قَوْلُهُ: وَبَعَثَ لِلْغَائِبِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ضُرِبَ لِلْمُولِي الْأَجَلُ فَوُجِدَ عِنْدَ انْقِضَائِهِ غَائِبًا غَيْبَةَ مَسَافَةِ شَهْرَيْنِ فَأَقَلَّ فَإِنَّهُ يَبْعَثُ إلَيْهِ لِيَعْلَمَ مَا عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ طُلِّقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ لَهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ مَعْلُومَ الْمَوْضِعِ وَإِلَّا فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَرْفَعْهُ لِلْحَاكِمِ لِتَمْنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ حَيْثُ أَرَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَإِلَّا مَنَعَهُ فَإِنْ أَبَى أَخْبَرَهُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ طُلِّقَ عَلَيْهِ فَفَائِدَةُ إخْبَارِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يَبْعَثُ لَهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ، وَطَلَبَتْ الْفَيْئَةَ (قَوْلُهُ: مَعَ الْأَمْنِ) أَيْ وَاثْنَا عَشَرَ يَوْمًا مَعَ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مَعَ الْخَوْفِ يُقَاوِمُ خَمْسَةً مَعَ الْأَمْنِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْعَوْدُ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْمَرْأَةَ الْمُولَى مِنْهَا إذَا حَلَّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَرَضِيَتْ بِالْمَقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ وَأَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْفَيْئَةِ إسْقَاطًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِزَمَنٍ ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ الرِّضَا فَطَلَبَتْ الْقِيَامَ

ص: 437

لِلْقِيَامِ بِالْإِيلَاءِ (إنْ رَضِيَتْ) أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ أَجَلٍ كَامْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا صَبْرَ لِلنِّسَاءِ عَلَيْهِ (وَتَتِمُّ) أَيْ تَصِحُّ (رَجْعَتُهُ) بَعْدَ أَنَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ (إنْ انْحَلَّ) إيلَاؤُهُ بِوَطْءٍ بِعِدَّةٍ أَوْ تَكْفِيرٍ أَوْ انْقِضَاءِ أَجَلٍ أَوْ تَعْجِيلِ حِنْثٍ (وَإِلَّا) يَنْحَلُّ إيلَاؤُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (لَغَتْ) رَجْعَتُهُ أَيْ بَطَلَتْ وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ مِنْ الْعِدَّةِ

(وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ فِي) قَوْلِهِ لِزَوْجَتَيْهِ (وَإِنْ وَطِئَتْ إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ طَلَّقَ الْحَاكِمُ) عَلَيْهِ (إحْدَاهُمَا) بِالْقُرْعَةِ عِنْد الْمُصَنِّفِ أَوْ يَجْبُرُهُ عَلَى طَلَاقِ أَيَّتِهِمَا شَاءَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَالْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ مُوَلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ رَفَعَتْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ هُمَا مَعًا ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ الْيَمِينِ ثُمَّ إنْ فَاءَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى، وَإِلَّا طَلُقَتَا مَعًا مَا لَمْ يَرْضَيَا بِالْمَقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ

(وَفِيهَا فِيمَنْ حَلَفَ) بِاَللَّهِ (لَا يَطَأُ) زَوْجَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (وَاسْتَثْنَى) بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّهُ (مُولٍ) وَلَهُ الْوَطْءُ بِلَا كَفَّارَةٍ وَاسْتُشْكِلَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ حَلٌّ لِلْيَمِينِ فَكَيْفَ يَكُونُ مَعَهُ مُولِيًا وَالثَّانِي كَيْفَ يَكُونُ مُولِيًا وَيَطَأُ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ (وَحُمِلَتْ) لِدَفْعِ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ (عَلَى مَا إذَا رُفِعَ) لِلْحَاكِمِ (وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) أَنَّهُ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حَلَّ الْيَمِينِ بِقَرِينَةِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ (وَأَوْرَدَ) عَلَى هَذَا الْجَوَابِ قَوْلَ الْإِمَامِ أَيْضًا (لَوْ) حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا ثُمَّ (كَفَّرَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ وَلَمْ يَطَأْ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ (وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْهَا، وَإِنَّمَا هِيَ عَنْ يَمِينٍ أُخْرَى بِقَرِينَةِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَتَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ عَنْهُ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا (وَفُرِّقَ) بَيْنَهَا (بِشِدَّةِ الْمَالِ) عَلَى النَّفْسِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهُوَ الْكَفَّارَةُ وَخِفَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأُولَى؛ فَلِذَا كَانَ الْقَوْلُ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالْفَيْئَةِ فَلَهَا أَنْ تُوقِفَهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ وَمِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ وَأَمَّا لَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا إسْقَاطًا مُقَيَّدًا بِمُدَّةٍ فَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ أُقِيمُ مَعَهُ سَنَةً لَعَلَّهُ أَنْ يَفِيءَ فَلَيْسَ لَهَا الْعَوْدُ إلَّا بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ.

(قَوْلُهُ: لِلْقِيَامِ بِالْإِيلَاءِ) أَيْ بِطَلَبِ الْفَيْئَةِ (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَتْ أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْقِيَامِ) أَيْ بِالْفَيْئَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ رَضِيَتْ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَكْفِيرٍ) أَيْ تَكْفِيرِ مَا يُكَفَّرُ فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَعْجِيلِ حِنْثٍ أَيْ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ فِي الْعِدَّةِ، وَمِثْلُ انْحِلَالِ الْإِيلَاءِ رِضَا الزَّوْجَةِ الْمُولَى مِنْهَا بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إنَّ رَجْعَتَهَا بَاطِلَةٌ مَعَ الرِّضَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَنْحَلُّ إيلَاؤُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَقَوْلُهُ: لَغَتْ رَجْعَتُهُ أَيْ الْحَاصِلَةُ فِي الْعِدَّةِ أَيْ كَانَتْ مُلْغَاةً أَيْ بَاطِلَةً لَا أَثَرَ لَهَا

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ وَطِئْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ وَطْءِ كُلٍّ مِنْهُمَا خَوْفًا مِنْ طَلَاقِ الْأُخْرَى كَانَ مُولِيًا مِنْهُمَا فَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ إذَا قَامَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا مِنْ الْيَمِينِ فَإِذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ طَلُقَتْ الْأُخْرَى وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ، وَإِنْ أَبَى مِنْ وَطْءِ إحْدَاهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إحْدَاهُمَا هَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يُجْبِرُهُ عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ فَيَخْتَارُ الزَّوْجُ وَاحِدَةً يُطَلِّقُهَا أَوْ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ وَاحِدَةً بِالْقُرْعَةِ وَإِلَّا فَطَلَاقُ وَاحِدَةٍ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَسْتَدْعِي تَعْيِينَ مَحَلِّهِ، وَفِي تَطْلِيقِ وَاحِدَةٍ يُعَيِّنُهَا الْحَاكِمُ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي أَيْضًا اُنْظُرْ كَلَامَهُ فِي بْن

[دَرْسٌ](بَابٌ)(قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ وَامْتَنَعَ مِنْ وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مُولٍ) أَيْ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَقَوْلُهُ: وَلَهُ الْوَطْءُ أَيْ وَإِذَا طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ بَعْدَ الْأَجَلِ كَانَ لَهُ الْوَطْءُ وَإِذَا وَطِئَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يَكُونُ مَعَهُ مُولِيًا) مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ حَلًّا لِلْيَمِينِ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا لِلضَّرَرِ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: كَيْفَ يَكُونُ مُولِيًا وَيَطَأُ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ) مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ مُولِيًا أَنَّهُ إذَا وَطِئَ يُكَفِّرُ لِانْحِلَالِ يَمِينِهِ بِالْحِنْثِ (قَوْلُهُ: وَحُمِلَتْ) أَيْ وَحُمِلَ كَلَامُ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَجْلِ دَفْعِ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ لِدَفْعِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا رُفِعَ لِلْحَاكِمِ) أَيْ عَلَى مَا إذَا رَفَعَتْهُ الزَّوْجَةُ لِلْحَاكِمِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حَلَّ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّبَرُّكَ وَالتَّأْكِيدَ بِقَرِينَةِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَلَّ الْيَمِينِ وَأَمَّا الْمُفْتِي فَيُصَدِّقُهُ فِي إرَادَةِ حَلِّ الْيَمِينِ فَلَا يُفْتِيهِ بِلُحُوقِ الْإِيلَاءِ وَحِينَئِذٍ فَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ حَالًا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ:) أَيْ فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْ هَذَا الْإِيلَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَتَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ عَنْهُ) أَيْ فَلَا يُطَالَبُ بِفَيْئَةٍ وَإِذَا اسْتَمَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ طُلِّقَ عَلَيْهِ حَالًا لِلضَّرَرِ (قَوْلُهُ: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَهَلَّا سَوَّى بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إمَّا بِحُكْمِ هَذِهِ أَوْ بِحُكْمِ هَذِهِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بِشِدَّةٍ الْمَالَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُكَفِّرَ فِي الثَّانِيَةِ أَتَى بِأَشَدِّ الْأُمُورِ عَلَى النَّفْسِ، وَهُوَ إخْرَاجُ الْمَالِ فَكَانَ أَقْوَى فِي رَفْعِ التُّهْمَةِ فَلِذَا قُبِلَ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأُولَى فَلَيْسَ شَدِيدًا عَلَى النَّفْسِ بَلْ مُجَرَّدُ لَفْظٍ لَا كُلْفَةَ فِيهِ فَلَا يَكُونُ رَافِعًا لِلتُّهْمَةِ فَلِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ

ص: 438