الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تَأْوِيلَانِ) أَرْجَحُهُمَا الْأَوَّلُ
(وَصَرِيحُهُ) أَيْ الظِّهَارِ أَيْ صَرِيحُ لَفْظِهِ (بِظَهْرٍ) أَيْ بِلَفْظِ ظَهْرِ امْرَأَةٍ (مُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ (أَوْ عُضْوِهَا أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ) اُعْتُرِضَ جَعْلُهُ هَذَيْنِ مِنْ الصَّرِيحِ بَلْ هُمَا مِنْ الْكِنَايَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ عُضْوِهَا إلَخْ
(وَلَا يَنْصَرِفُ) صَرِيحُهُ (لِلطَّلَاقِ) إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فِي الْفَتْوَى بِخِلَافِ كِنَايَتِهِ فَإِنَّهُ إذَا نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ (وَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَهُ) أَيْ الظِّهَارِ
(إنْ نَوَاهُ) أَيْ الطَّلَاقَ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ (مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ) مَعْنَاهُ فِي الْقَضَاءِ فَلَوْ صَرَّحَ بِهِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِإِقْرَارِهِ عِنْدَ الْقَاضِي يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ: نَوَيْت الطَّلَاقَ فَقَطْ بِلَفْظٍ صَرِيحِ الظِّهَارِ وَرُوفِعَ فَهَلْ يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ لِلَفْظِهِ وَبِالطَّلَاقِ مَعَهُ لِنِيَّتِهِ فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يَنْوِي أَوْ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فَقَطْ كَمَا لَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَشَبَّهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ (كَأَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ) أَنْتِ حَرَامٌ (كَأُمِّي) فَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَ الظِّهَارِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَقَطْ أَوْ يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا
(وَكِنَايَتُهُ) الظَّاهِرَةُ، وَهِيَ مَا سَقَطَ فِيهِ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ الظَّهْرِ أَوْ ذِكْرِ مُؤَبَّدِ التَّحْرِيمِ فَالْأَوَّلُ نَحْوُ أَنْتِ (كَأُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي)
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَحَلُّ عَدَمِ صِحَّةِ الظِّهَارِ فِيهَا مَا لَمْ يَنْوِ إنْ عَجَزَتْ وَإِلَّا لَزِمَهُ إذَا عَجَزَتْ أَيْ وَمِثْلُ الْمُكَاتَبَةِ الْمُحْبَسَةُ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا مُحَرَّمٌ دَائِمًا فَالظِّهَارُ لَا يَصِحُّ فِيهَا أَصْلًا، وَأَمَّا الْمُخْدَمَةُ فَقَدْ نَصَّ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى حُرْمَةِ وَطْئِهَا لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ حُرْمَتَهَا لِعَارِضٍ وَهُوَ خَوْفُ وِلَادَتِهَا مِنْهُ فَتَبْطُلُ الْخِدْمَةُ الْمُعْطَاةُ فَيَصِحُّ الظِّهَارُ فِيهَا كَصِحَّتِهِ فِي الْحَائِضِ وَالْمُحَرَّمَةِ قَالَهُ بَعْضٌ اهـ بْن وَالْأَمَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ كَالْمُكَاتَبَةِ لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا، وَلَوْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا بَعْدَ الصِّيغَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَقَيَّدَ عَدَمَ صِحَّةِ الظِّهَارِ مِنْهَا بِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ إنْ طَلُقَتْ وَإِلَّا لَزِمَهُ الظِّهَارُ مِنْهَا إنْ طَلُقَتْ.
(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلَانِ أَيْضًا فِي الْمَذْهَبِ فَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَالثَّانِي عَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِسَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوَّلُهُمَا
(قَوْلُهُ: وَصَرِيحُهُ) أَيْ وَلَفْظُهُ الصَّرِيحُ أَيْ لَفْظُهُ الدَّالُّ عَلَيْهِ صَرَاحَةً (قَوْلُهُ: بِظَهْرٍ مُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ) أَيْ وَأَمَّا تَشْبِيهُهَا بِظَهْرٍ مُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا بِلِعَانٍ أَوْ نِكَاحٍ فِي الْعِدَّةِ فَهُوَ كَالتَّشْبِيهِ بِظَهْرِ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي كَوْنِهِ مِنْ الْكِنَايَةِ لَا مِنْ الصَّرِيحِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَكَذَا كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافًا لِقَوْلِ عبق بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ لِعَانٍ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فِي الْفَتْوَى) أَيْ وَإِنَّمَا يُلْزِمُهُ الْمُفْتِي بِالظِّهَارِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُؤْخَذُ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِهِ الظِّهَارُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَلَا يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ فِي الْفَتْوَى، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي الْقَضَاءِ زِيَادَةً عَلَى الظِّهَارِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ تَأْوِيلَانِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْقَضَاءِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الِانْصِرَافِ فِي الْفَتْوَى فَقَدْ تَبِعَ خش وعبق وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ عَكْسُهُ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ صَوَابٍ، وَحَرَّرَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ فِي حَوَاشِي التَّوْضِيحِ الْمَسْأَلَةَ وَكَذَا ح بِنَقْلِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ النَّاصِرُ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ فِي الْفَتْوَى وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا فِي الْقَضَاءِ وَأَنَّ رِوَايَةَ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ ظِهَارٌ فِيهِمَا فَقَطْ، وَأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ مُؤَوَّلَةٌ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِرِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ بَعْضِ الشُّيُوخِ بِرِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنْ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ أَنَّهُمَا فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي اهـ كَلَامُهُ
(قَوْلُهُ: فَهَلْ يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ لِلَفْظِهِ) أَيْ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ) أَيْ فَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الِانْصِرَافِ لِلطَّلَاقِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ: الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ، وَأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ لَهُ حُكْمٌ فِي نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُضْمَرَ بِهِ غَيْرُهُ كَالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَوْ أَضْمَرَ بِهِ غَيْرَهُ لَمْ يَصِحَّ، وَأَنَّهُ لَوْ أَضْمَرَ هُوَ بِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ زَادَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ، وَقَالَ: أَرَدْت بِذَلِكَ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا حَلَفَ بِهِ وَهُوَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: وَشَبَّهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ) أَيْ لَا بِقَيْدِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ فِي جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّشْبِيهِ فِي التَّأْوِيلَيْنِ مُطْلَقًا هُوَ الصَّوَابُ وَبِذَلِكَ قَرَّرَ ح وَقَرَّرَهُ خش تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ عَلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فَيُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى وَيُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا فِي الْقَضَاءِ إذَا نَوَاهُمَا فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَزِمَهُ الظِّهَارُ اهـ وَأَصْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ ح اهـ بْن
[كِنَايَات الظِّهَار]
(قَوْلُهُ: كَأُمِّي) أَيْ أَوْ كَرَأْسِ أُمِّي أَوْ يَدِهَا مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْتِ أُمِّي إلَخْ) قَدْ نَقَلَ ح أَنَّ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَنْتِ أُمِّي يَلْزَمُ بِهِ الطَّلَاقُ إنْ نَوَاهُ، وَإِلَّا فَظِهَارٌ، وَأَنَّ الرَّجْرَاجِيَّ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا رِوَايَةُ عِيسَى هَذِهِ، وَالثَّانِيَةُ رِوَايَةُ أَشْهَبَ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ الطَّلَاقُ الْبَتَاتُ، وَلَا يَلْزَمُ بِهِ ظِهَارٌ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ
(إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ) لِزَوْجَتِهِ أَيْ أَنَّهَا مِثْلُهَا فِي الشَّفَقَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ، وَمِثْلُ الْكَرَامَةِ الْإِهَانَةُ، وَالثَّانِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) قَالَ أَنْت عَلَيَّ (كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ) تَحِلُّ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ (وَنُوِّيَ فِيهَا) أَيْ فِي الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ بِقِسْمَيْهَا فَإِنْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ صُدِّقَ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ فَقَوْلُهُ:(فِي الطَّلَاقِ) أَيْ فِي قَصْدِ الطَّلَاقِ وَهُوَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ ضَمِيرِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ، وَإِذَا صُدِّقَ فِي قَصْدِ الطَّلَاقِ (فَالْبَتَاتُ) لَازِمٌ لَهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إنْ لَمْ يَنْوِ أَقَلَّ
ثُمَّ شَبَّهَ فِي لُزُومِ الْبَتَاتِ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (كَأَنْتِ كَفُلَانَةٍ الْأَجْنَبِيَّةِ) وَلَمْ يَذْكُرْ الظَّهْرَ وَلَا مُؤَبَّدَةَ التَّحْرِيمِ فَيَلْزَمُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا لَكِنَّهُ يَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ الظِّهَارَ فَإِنْ نَوَاهُ لَزِمَهُ فِي الْفَتْوَى كَمَا قَالَ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ) أَيْ الظِّهَارَ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ زَوْجٌ (مُسْتَفْتٍ) فَيُصَدَّقُ، وَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ
(أَوْ) قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ (كَابْنِي أَوْ غُلَامِي) فَيَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنَّهُ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إنْ قَالَ: أَنْتِ أُمِّي فِي يَمِينٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ مُظَاهِرٌ مُحَمَّدٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ فَيَكُونَ الْبَتَاتُ وَلَا يَنْفَعُهُ أَنَّهُ نَوَى وَاحِدَةً فَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَنْتِ أُمِّي فِيهَا قَوْلَانِ قِيلَ يَلْزَمُهُ بِهَا الظِّهَارُ مَا لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْبَتَاتُ وَلَا يَنْوِي فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ وَمَا لَمْ يَنْوِ الْكَرَامَةَ أَوْ الْإِهَانَةَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِهِ ظِهَارٌ أَصْلًا، وَيَلْزَمُ بِهِ الْبَتَاتُ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ فَلَيْسَ كِنَايَةً عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ) هَذَا رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ فَيَلْزَمُهُ بِذَلِكَ الظِّهَارُ إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ فَالْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ هُنَا يَصْرِفُهَا عَنْ الظِّهَارِ النِّيَّةُ بِخِلَافِ كِنَايَةِ الطَّلَاقِ فَلَا يَصْرِفُهَا عَنْهُ إلَّا الْبِسَاطُ لَا النِّيَّةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَوْلُهُ: إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ أَوْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الطَّلَاقَ فَيَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ سَحْنُونٌ مَنْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ ثُمَّ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ ثُمَّ دَخَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ يَوْمِ الْحِنْثِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ اعْتِبَارًا بِيَوْمِ الْحَلِفِ، وَالثَّانِي أَحْسَنُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْيَوْمَ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ مَتَى دَخَلْتُهَا وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِهَا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ إنَّمَا يَلْزَمُ يَمِينُهُ فِيمَا كَانَ لَهُ يَوْمَ حَلَفَ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقَابِلَ كَلَامِ سَحْنُونٍ هُوَ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَيَكُونُ هُوَ الرَّاجِحَ كَمَا فِي بْن وَقَوْلُهُ: كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ، وَكَذَا ظَهْرُ فُلَانَةَ الْمُلَاعَنَةِ الَّتِي لَاعَنَهَا أَوْ فُلَانَةَ الَّتِي نَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ كَمَا مَرَّ عَنْ بْن (قَوْلُهُ: وَنَوَى فِيهَا) أَيْ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ فِيهَا بِقِسْمَيْهَا وَهُمَا مَا إذَا أَسْقَطَ لَفْظَ الظَّهْرِ أَوْ أَسْقَطَ مُؤَبَّدَ التَّحْرِيمِ فِي قَصْدِ الطَّلَاقِ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْت كَأُمِّي أَوْ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا إنْ نَوَى عَدَدًا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ كَمَا أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا يَلْزَمُهُ فِيهَا الثَّلَاثُ مُطْلَقًا نَوَى عَدَدًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْوِ أَقَلَّ) رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا فَاللَّازِمُ لَهُ الْبَتَاتُ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ نَوَى أَقَلَّ
(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَنْوِي) أَيْ تُقْبَلُ نِيَّتُهُ الْأَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) أَيْ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ الثَّلَاثُ) أَيْ فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا أَوَّلًا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَزِمَهُ الظِّهَارُ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَمَا أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مُسْتَفْتٍ وَلِقَوْلِهِ: وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْت كَفُلَانَةٍ الْأَجْنَبِيَّةِ وَنَوَى بِهِ الظِّهَارَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، وَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالْبَتَاتُ فِي الْقَضَاءِ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لعبق مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى بِهِ الظِّهَارَ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ؛ إذْ الْحَقُّ أَنَّهُ كَمَا تُقْبَلُ نِيَّةُ الظِّهَارِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا تُقْبَلُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا حَيْثُ كَانَ الزَّوْجُ مُسْتَفْتِيًا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مُسْتَفْتٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَلَمْ يَخُصَّهُ أَحَدٌ لَا بِالْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا بِغَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ) أَيْ مِنْ الثَّلَاثِ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ مِنْ الطَّلَاقِ مَعَ الظِّهَارِ
(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَابْنِي أَوْ غُلَامِي) فِي الْعُتْبِيَّةِ مَا نَصُّهُ قَالَ أَصْبَغُ: سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ ابْنِي أَوْ غُلَامِي إنَّهُ ظِهَارٌ ابْنِ رُشْدٍ وَلَوْ قَالَ: كَابْنِي أَوْ غُلَامِي وَلَمْ يُسَمِّ الظَّهْرَ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ وَاخْتَارَهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ لَا يَكُونُ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا وَأَنَّهُ لَمُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ
(أَوْ) أَنْت عَلَيَّ (كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ) فَإِنَّهُ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ فَالْبَتَاتُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إلَّا لِنِيَّةٍ أَقَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْبَتَاتِ وَلَوْ نَوَى الظِّهَارَ وَهُوَ مُسْتَفْتٍ وَقَوْلُهُ كَابْنِي أَوْ غُلَامِي مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَظَهْرِ ابْنِي أَوْ غُلَامِي أَنَّهُ ظِهَارٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ
ثُمَّ ذَكَرَ كِنَايَتَهُ الْخَفِيَّةَ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَ) الظِّهَارُ (بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ) أَيْ الظِّهَارَ (بِهِ) كَاذْهَبِي وَانْصَرِفِي وَكُلِي وَاشْرَبِي
(لَا) يَلْزَمُ (بِإِنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي) مَثَلًا وَلَمْ يَنْوِ بِهِ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا بِنِيَّتِهِ (أَوْ) قَالَ (لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي) وَلَمْ يَنْوِ بِهِ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ لَا أُرَاجِعُك حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) فِي الثَّلَاثَةِ حَتَّى يَنْوِيَ شَيْئًا
(وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ إنْ عَادَ) بِأَنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ (ثُمَّ ظَاهَرَ) ثَانِيًا كَأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَدَخَلَتْ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ فَوَطِئَ أَوْ كَفَّرَ ثُمَّ قَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا وَلَوْ عَبَّرَ بِأَنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ لَكَانَ صَوَابًا؛ إذْ مُجَرَّدُ الْعَوْدِ لَا يَكْفِي فِي التَّعَدُّدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (أَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ) مِنْ الزَّوْجَاتِ أَوْ الْإِمَاءِ (مَنْ دَخَلَتْ) مِنْكُنَّ الدَّارَ (أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ أَوْ أَيَّتُكُنَّ) دَخَلَتْهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِدُخُولِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (لَا إنْ) قَالَ لِنِسْوَةٍ إنْ (تَزَوَّجْتُكُنَّ) فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ تَزَوَّجَ جَمِيعَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا فَلْيَكُنْ طَلَاقًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ لَا ظِهَارَ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ الطَّلَاقَ اهـ مِنْ رَسْمِ الْوَصَايَا مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ اهـ بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْت كَابْنِي أَوْ غُلَامِي وَلَمْ يُسَمِّ الظَّهْرَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَتَاتًا وَلَوْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ بِهِ ظِهَارٌ وَلَا طَلَاقٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ) أَيْ مِنْ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ إلَخْ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْبَتَاتِ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ نَافِعٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ رَبِيعَةُ مَنْ قَالَ أَنْت مِثْلُ كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ فَهُوَ مُظَاهِرٌ اهـ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ، أَوْ وِفَاقٌ وَهُوَ الَّذِي فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَائِلًا: يَكُونُ قَوْلُ رَبِيعَةَ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْبَتَاتِ ثُمَّ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ كَانَ مُظَاهِرًا ابْنُ يُونُسَ، وَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا، وَالظِّهَارُ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي وَالْمَيْتَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَيْ لِتَقْدِيمِهِ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مُسْتَفْتٍ عَلَيْهِمَا وَقَوْلُهُ: لُزُومُ الْبَتَاتِ أَيْ فِي كَابْنِي وَغُلَامِي وَمَا بَعْدَهُمَا وَقَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى بِذَلِكَ الظِّهَارَ وَهُوَ مُسْتَفْتٍ أَيْ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ - حِينَئِذٍ - الظِّهَارَ عِنْدَ الْمُفْتِي كَمَا لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ ابْنِي، أَوْ غُلَامِي فَهُوَ مُظَاهِرٌ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَلْزَمُ ظِهَارٌ، وَلَا طَلَاقٌ، وَإِنَّهُ لَمُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ وَالْغُلَامَ مُحَرَّمَانِ عَلَيْهِ كَالْأُمِّ أَوْ أَشَدَّ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ ظِهَارٌ وَلَا طَلَاقٌ اهـ وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَمَّنْ قَالَ لِرَجُلٍ: أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي وَأُخْتِي وَزَوْجَتِي فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ فِيهَا نَصًّا، وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ ظِهَارٌ أَخْذًا مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ، فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ أُخِذَ بِهِ اهـ وَالْمُرَادُ بِعَكْسِ التَّشْبِيهِ قَوْلُهُ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ
(قَوْلُهُ: وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَوَاهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوْ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجِ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابٍ لَا يَلْزَمُ بِهِ غَيْرُهُ إذَا نَوَاهُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ يَمِينٍ بِاَللَّهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْت بِذَلِكَ الظِّهَارَ لَزِمَهُ الظِّهَارُ عَمَلًا بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ النِّيَّةِ، وَالطَّلَاقُ عَمَلًا بِمَا ظَهَرَ مِنْ لَفْظِهِ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا بِنِيَّتِهِ) هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ كَمَا فِي النَّوَادِرِ وَكَمَا فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ فَتُّوحٍ فَإِنَّهُ قَدْ نَسَبَ فِيهَا ذَلِكَ الْقَوْلَ لِسَحْنُونٍ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَرَوَى ابْنُ ثَابِتٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي كَانَ ظِهَارًا وَكَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي
(قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت إلَخْ) التَّعْلِيقُ هُنَا لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَحْسَنَ، فَإِذَا قَالَ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ وَطِئَ وَكَفَّرَ، وَقَالَ لَهَا ذَلِكَ ثَانِيًا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فَإِذَا كَفَّرَ وَقَالَ لَهَا ثَالِثًا لَزِمَتْهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: إذْ مُجَرَّدُ الْعَوْدِ) أَيْ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ لَا يَكْفِي فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ عَادَ أَيْ عَزَمَ عَلَى وَطْئِهَا وَعَلَى إمْسَاكِهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا ذَلِكَ ثَانِيًا قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ وَطْءٌ بِالْفِعْلِ وَلَا كَفَّارَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ) دَرَجَ فِي هَذَا عَلَى التَّعَدُّدِ نَظَرًا لِمَعْنَى الْكُلِّيَّةِ، وَفِي قَوْلِهِ: أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ عَلَى عَدَمِهِ نَظَرًا لِمَعْنَى الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ مَعَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِمِثْلِ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ فِي
لَكِنْ لَا يَقْرَبُ الْأُولَى حَتَّى يُكَفِّرَ ثُمَّ إذَا تَزَوَّجَ الْبَاقِيَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
(أَوْ) قَالَ (كُلُّ امْرَأَةٍ) أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي أَوَّلِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ ظَاهَرَ مِنْ) جَمِيعِ (نِسَائِهِ) فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ كَأَنْتُنَّ عَلَيَّ ظَهْرَ أُمِّي فَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ (أَوْ كَرَّرَهُ) أَيْ لَفْظَ الظِّهَارِ لِوَاحِدَةٍ بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ وَلَوْ فِي مَجَالِسَ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ كَذَلِكَ وَلَمْ يُفْرِدْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ (أَوْ عَلَّقَهُ) فِي التَّكْرِيرِ (بِمُتَّحِدٍ) كَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ دَخَلَتْهَا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) فِي الْخَمْسَةِ الَّتِي أَوَّلُهَا لَا إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ (كَفَّارَاتٌ فَتَلْزَمُهُ)
(وَلَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرِ الَّذِي لَزِمَهُ كَفَّارَاتٌ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ (الْمَسُّ) بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (بَعْدَ) إخْرَاجِ كَفَّارَةٍ (وَاحِدَةٍ عَلَى الْأَرْجَحِ) ؛ لِأَنَّهَا هِيَ اللَّازِمَةُ عَنْ ظِهَارِهِ بِالْأَصَالَةِ، وَالزَّائِدُ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ نَذْرٌ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَوْدُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ (وَحَرُمَ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ أَيْ قَبْلَ كَمَالِهَا وَأَوْلَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (الِاسْتِمْتَاعُ) بِالْمُظَاهَرِ مِنْهَا بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ وَلَهُ النَّظَرُ لِلْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ فَقَطْ بِلَا لَذَّةٍ (وَعَلَيْهَا) وُجُوبًا (مَنْعُهُ) مِنْهُ قَبْلَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (وَوَجَبَ) عَلَيْهَا (إنْ خَافَتْهُ) أَيْ خَافَتْ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِ (رَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ) لِيَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ
(وَجَازَ كَوْنُهُ مَعَهَا) فِي بَيْتٍ، وَدُخُولُهُ عَلَيْهَا (إنْ أُمِنَ) عَلَيْهَا مِنْهُ
(وَسَقَطَ) الظِّهَارُ (إنْ تَعَلَّقَ) بِشَيْءٍ (وَلَمْ يَتَنَجَّزْ) مَا عَلَّقَهُ (بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَقَطَ فَإِذَا قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مَا يُكَمِّلُ الثَّلَاثَ قَبْلَ دُخُولِهَا الدَّارَ سَقَطَ الظِّهَارُ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجِ وَدَخَلَتْ الدَّارَ فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ لِذَهَابِ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا وَهَذِهِ عِصْمَةٌ أُخْرَى
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْأُخْرَى فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْكِيَ الْخِلَافَ فِي الْفَرْعَيْنِ مَعًا أَوْ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى التَّعَدُّدِ فِيهِمَا أَوْ عَلَى عَدَمِهِ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَكَلَامُهُ مُشْكِلٌ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ، وَقَدْ يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ التَّعَدُّدِ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ مِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعَدُّدِ فِي كُلِّ مَنْ دَخَلَتْ قَالَ الْبَاجِيَّ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ اهـ بْن
وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِيهَا الْخِلَافُ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَقْرَبُ الْأُولَى) أَيْ إذَا تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقُودٍ، أَيْ وَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ فَلَا يَقْرَبُ وَاحِدَةً حَتَّى يُكَفِّرَ ثُمَّ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ وَلَوْ بِمَجَالِسَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَهُ بِمُتَّحِدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الظِّهَارِ مَا نَصُّهُ: مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ظِهَارًا بَعْدَ ظِهَارٍ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مَعًا بِغَيْرِ فِعْلٍ أَوْ جَمِيعًا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ أَوْ الْأَوَّلُ بِفِعْلٍ وَالثَّانِي بِغَيْرِ فِعْلٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِمَا جَمِيعًا إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ عَلَيْهِ فِي كُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةً فَيَلْزَمُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا إذَا كَانَا جَمِيعًا بِفِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَوْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِغَيْرِ فِعْلٍ وَالثَّانِي بِفِعْلٍ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ اهـ وَهَذَا نَفْسُ مَا فِي ح (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَهُ فِي التَّكْرِيرِ) أَيْ فِي حَالِ التَّكْرِيرِ
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) هُوَ لِلْقَابِسِيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ اهـ مَوَّاقٌ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَيْ فِي صِحَّةِ تِلْكَ الْكَفَّارَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَقَوْلُهُ: الْعَوْدُ أَيْ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي كَفَّرَهَا أَوَّلًا أَيْ وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَزِمَهُ كَفَّارَاتٌ عَنْ امْرَأَةٍ أَنْ يَمَسَّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ الْجَمِيعَ فَيُشْتَرَطُ الْعَوْدُ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَبْلَهَا الِاسْتِمْتَاعُ) أَيْ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ كُلِّ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ النَّوَادِرِ (قَوْلُهُ بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ) هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَمُقَابِلُهُ حُرْمَةُ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْوَطْءِ وَجَوَازُ الْمُقَدِّمَاتِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ بِالظِّهَارِ الْوَطْءُ وَمُقَدَّمَاتُهُ، وَقِيلَ: الْمُحَرَّمُ بِهِ الْوَطْءُ فَقَطْ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَحْرُمُ عَلَى الْمُظَاهِرِ قَبْلَ تَمَامِ الْكَفَّارَةِ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْوَطْءِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَعَلَى الثَّانِي إنَّمَا يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْوَطْءِ وَتَجُوزُ الْمُقَدِّمَاتُ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ
(قَوْلُهُ: وَسَقَطَ إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ) أَيْ سَقَطَ الظِّهَارُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ إنْ عَلَّقَ ذَلِكَ الظِّهَارَ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ الظِّهَارُ الَّذِي عَلَّقَهُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَالْمُرَادُ بِالسُّقُوطِ عَدَمُ اللُّزُومِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ نَقْلًا عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَإِنَّ الْيَمِينَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي إسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ بِيعَتْ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ بَعْدَهَا مَا ظَاهَرَ مِنْهَا وَاشْتَرَاهَا مِمَّنْ بِيعَتْ مِنْهُ لَمْ تَعُدْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عَوْدُهَا لَهُ بَعْدَ بَيْعِ الْغُرَمَاءِ كَعَوْدِهَا لَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ لِعَدَمِ تُهْمَتِهِ فِي بَيْعِهِمْ دُونَ بَيْعِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِ عَدَمِ عَوْدِ الْيَمِينِ بِعَدَمِ التُّهْمَةِ أَنَّ يَمِينَهُ لَا تَعُودُ عَلَيْهِ بِعَوْدِهَا لَهُ بِإِرْثٍ، وَأَمَّا إذَا بَاعَ أَمَةً لِيَمِينٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ يَحْنَثَ فِي الْيَمِينِ أَيْ قَبْلَ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَحَصَلَ بَعْدَ مَا اشْتَرَاهَا فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ذَهَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَى أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَعُودُ عَلَيْهِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهَا تَعُودُ
وَأَوْلَى لَوْ دَخَلْت الدَّارَ قَبْلَ عَوْدِهَا لَهُ فَلَوْ تَنَجَّزَ الظِّهَارُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ بِأَنْ دَخَلَتْ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَعَادَتْ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَنَجَّزَ لَمْ يَسْقُطْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَمَفْهُومٌ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَوْ أَبَانَهَا بِدُونِ الثَّلَاثِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَدَخَلَتْ الدَّارَ لَزِمَهُ الظِّهَارُ (أَوْ تَأَخَّرَ) الظِّهَارُ فِي اللَّفْظِ عَنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ (كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) أَوْ أَلْبَتَّةَ (وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) فَإِنَّهُ يَسْقُطُ لِعَدَمِ وُجُودِ مَحَلِّهِ وَهُوَ الْعِصْمَةُ كَمَا لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَهُوَ دُونَ الثَّلَاثِ (كَقَوْلِهِ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا أَنْت طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِأَوَّلِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَتَصِيرُ أَجْنَبِيَّةً وَمِثْلُهَا الْمَدْخُولُ بِهَا فِي الْبَائِنِ (لَا إنْ تَقَدَّمَ) الظِّهَارُ عَلَى الطَّلَاقِ فِي اللَّفْظِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَا يَسْقُطُ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (أَوْ صَاحَبَ) الطَّلَاقَ فِي الْوُقُوعِ لَا فِي اللَّفْظِ (كَإِنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) أَوْ عَكْسُهُ بِالْأَوْلَى فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَمَسُّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْمَشْرُوطِ يَقَعُ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ، وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهَا فِي الْوُقُوعِ
(وَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ فَقَالَ هِيَ أُمِّي فَظِهَارٌ) فَإِنْ تَزَوَّجَهَا لَا يَمَسُّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ وَصْفَهَا بِالْكِبَرِ أَوْ الْكَرَامَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
(وَتَجِبُ) الْكَفَّارَةُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا (بِالْعَوْدِ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ) لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ نَاسِيًا تَحَتُّمًا لَا يَقْبَلُ السُّقُوطَ سَوَاءٌ بَقِيَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ طَلَّقَهَا قَامَتْ بِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ حَقًّا لِلَّهِ (وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ) كَرَّرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ) وَلَوْ قَدَّمَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ: وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ أَغْنَاهُ عَنْ التَّكْرَارِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النُّسَخِ كَذَلِكَ (وَ) الْعَوْدُ (هَلْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ) فَقَطْ (أَوْ) هُوَ الْعَزْمُ (مَعَ) نِيَّةِ (الْإِمْسَاكِ) فِي الْعِصْمَةِ أَيْ لَا يُفَارِقُهَا عَلَى الْفَوْرِ أَيْ يُمْسِكُهَا مُدَّةً لَا يُفْهَمُ مِنْهَا الْفِرَاقُ فَوْرًا فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِمْسَاكَ أَبَدًا بَلْ مُدَّةً وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
إلَيْهِ اهـ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ أَصْوَبُ اُنْظُرْ ح.
(قَوْلُهُ: وَأَوْلَى لَوْ دَخَلْت الدَّارَ) أَيْ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَ عَوْدِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِأَوَّلِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ عَدَمُ لُزُومِ الظِّهَارِ وَلَوْ نَسَّقَهُ عَقِبَ الطَّلَاقِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ مَا إذَا قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَوْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ نَسَقًا فَإِنَّ الْمَشْهُورَ لُزُومُ الثَّلَاثِ مَعَ أَنَّهَا بَانَتْ بِأَوَّلِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، وَأَجَابَ أَبُو مُحَمَّدٍ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا عُدَّ كَوُقُوعِهِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا كَذَلِكَ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي صَيْرُورَتِهَا أَجْنَبِيَّةً بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ الْمَدْخُولُ بِهَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِكَخُلْعٍ (قَوْلُهُ: أَوْ صَاحَبَ إلَخْ) قَالَ عبق وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَطَفَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ بِمَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ كَثُمَّ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ أَبْطَلَ مَزِيَّةَ التَّرْتِيبِ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا وَقَالَ بْن هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فَفِي أَبِي الْحَسَنِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ هِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَلْزَمْهُ الظِّهَارُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ لِمَا وَقَعَ مُرَتَّبًا عَلَى الطَّلَاقِ اهـ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: إنَّمَا لَزِمَاهُ مَعًا فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ، وَلَوْ عَطَفَ الظِّهَارَ بِثُمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ اهـ بْن وَبِالْجُمْلَةِ الْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ يَقُولُ: يَلْزَمُ الظِّهَارُ عِنْدَ الْعَطْفِ بِثُمَّ نَظَّرَا إلَى أَنَّ التَّعْلِيقَ أَبْطَلَ مَزِيَّةَ التَّرْتِيبِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَقُولُ بِعَدَمِ لُزُومِ الظِّهَارِ نَظَرًا إلَى أَنَّ أَجْزَاءَ الْمَشْرُوطِ إذَا عُطِفَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِثُمَّ لَمْ تَقَعْ مَعًا بَلْ تَكُونُ مَرْتَبَةً فَلَمْ يَجِدْ الظِّهَارُ لَهُ مَحَلًّا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْمَشْرُوطِ) أَيْ الَّذِي هُوَ جُزْءُ الشَّرْطِ يَقَعُ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ، وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهَا فِي الْوُقُوعِ أَيْ وَإِذَا وَقَعَا مَعًا وَجَدَ الظِّهَارُ لَهُ مَحَلًّا، وَعِبَارَةُ الْقَرَافِيِّ فِي الْفُرُوقِ إذَا قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ فَدَخَلَ الدَّارَ لَا يُمْكِنُنَا أَنَّ نَقُولَ: لَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَلَا الْعِتْقُ قَبْلَ الطَّلَاقِ بَلْ وَقَعَا مُرَتَّبَيْنِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ وُجُودُ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَا نَقُولُ: إنَّ الطَّلَاقَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الظِّهَارِ حَتَّى يَمْنَعَهُ بَلْ الشَّرْطُ اقْتَضَاهُمَا اقْتِضَاءً وَاحِدًا فَلَا تَرْتِيبَ فِي ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: فَظِهَارٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ أَيْ إنَّ قَوْلَهُ هِيَ أُمِّي قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ التَّعْلِيقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ أُمِّي فَإِنْ تَزَوَّجَهَا كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهَا، وَمَفْهُومُ عُرِضَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا هِيَ أُمِّي لَمْ يَلْزَمْهُ بِتَزَوُّجِهَا ظِهَارٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حِينَ الظِّهَارِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ فَهِيَ كَظَهْرِ أُمِّهِ قَبْلَ نُطْقِهِ فَلَمْ يَزِدْ نُطْقُهُ بِهِ شَيْئًا، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُعَلِّقْهُ عَلَى تَزْوِيجِهَا أَمَّا إنْ عَلَّقَهُ وَتَزَوَّجَهَا فَلَا يَمَسُّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ
(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ) الْمُرَادُ هُنَا بِوُجُوبِهَا بِالْعُودِ صِحَّتُهَا وَإِجْزَاؤُهَا بِهِ لَا حَقِيقَةُ الْوُجُوبِ وَهُوَ طَلَبُهُ بِهَا طَلَبًا أَكِيدًا بِدَلِيلِ سُقُوطِهَا بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ كَمَا يَأْتِي فَإِنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ الْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ لَا تُجْزِئُهُ وَفِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْوُجُوبِ عَنْ الصِّحَّةِ مُخَالَفَةٌ لِاصْطِلَاحِهِمْ
(تَأْوِيلَانِ) وَخِلَافٌ (وَسَقَطَتْ) الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْعَوْدِ الْمَذْكُورِ وَأَوْلَى قَبْلَهُ (إنْ لَمْ يَطَأْ) الْمُظَاهَرَ مِنْهَا (بِطَلَاقِهَا) الْبَائِنِ لَا الرَّجْعِيِّ أَيْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهَا مَادَامَ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ
(وَ) سَقَطَتْ بِ (مَوْتِهَا) أَوْ مَوْتِهِ
(وَهَلْ تُجْزِئُ) الْكَفَّارَةُ بِالْإِطْعَامِ (إنْ) فَعَلَ بَعْضَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَ (أَتَمَّهَا) بَعْدَهُ وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا وَطِئَهَا بِلَا تَكْفِيرٍ أَوْ لَا تُجْزِئُ، وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا فِي الْبَائِنِ أَوْ الرَّجْعِيِّ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ ارْتِجَاعَهَا، وَأَمَّا إذَا نَوَاهُ وَعَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ أَجْزَأَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ وَأَمَّا الصِّيَامُ فَلَا يُجْزِئُ اتِّفَاقًا
(وَهِيَ) أَيْ الْكَفَّارَةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ عَلَى التَّرْتِيبِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْقُرْآنِ أَوَّلُهَا (إعْتَاقُ رَقَبَةٍ لَا جَنِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْعِتْقِ لَمْ يَكُنْ رَقَبَةً
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ قَالَ: وَتَصِحُّ بِالْعَوْدِ كَانَ أَحْسَنَ وَأَمَّا حَمْلُ الشَّارِحِ الْوُجُوبَ عَلَى الْوُجُوبِ الْمُوَسَّعِ فَلَا يَظْهَرُ تَأَمَّلْ اهـ بْن وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ فَائِدَةَ هَذَا الْوُجُوبِ مُقَيَّدَةٌ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِدَوَامِ الْمَرْأَةِ فِي عِصْمَتِهِ فَإِذَا طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ سَقَطَ ذَلِكَ الْوُجُوبُ.
(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ وَخِلَافٌ) أَيْ تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَخِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ أَيْ إنَّ الْمَذْهَبَ فِيهِ قَوْلَانِ شُهِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَحُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعَوْدُ إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ اهـ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ إرَادَةِ إمْسَاكِ الْعِصْمَةِ فَهُمَا رِوَايَتَانِ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا تَقْتَضِيهِ الْمُدَوَّنَةُ مِنْ ذَلِكَ فَابْنُ رُشْدٍ فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ مُجَرَّدُ الْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ بِقَيْدِ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعَزْمِ عَلَى الْإِمْسَاكِ وَقَالَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ فَقَوْلُهَا وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ أَيْ الْعَزْمُ عَلَيْهِ مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ إرَادَةُ الْوَطْءِ وَفَهِمَ عِيَاضٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ الْعَزْمِ عَلَى الْإِمْسَاكِ وَقَالَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْإِمْسَاكِ غَيْرُ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ إذْ قَدْ يَنْوِي إمْسَاكَهَا وَتَمُوتُ وَقَدْ تَدُومُ عِصْمَتُهَا وَهُوَ خَالِي الذِّهْنِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ تَظْهَرُ إذَا عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ وَالْإِمْسَاكِ ثُمَّ طَلَّقَ أَوْ مَاتَتْ فَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ وَعِنْدَ عِيَاضٍ لَا تَسْقُطُ وَكَذَا إنْ كَفَّرَ بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ فَعَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ لَا تُجْزِيهِ وَعَلَى مَا لِعِيَاضٍ تُجْزِيهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَمَعَ الْإِمْسَاكِ إشَارَةٌ لِتَأْوِيلِ عِيَاضٍ، وَأَمَّا ابْنُ رُشْدٍ فَإِنَّمَا تَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ دَوَامِ الْعِصْمَةِ لِقَوْلِهَا إذَا حَصَلَ الْفِرَاقُ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ لِتَأْوِيلِ ابْنِ رُشْدٍ وَشَهَرَهُ وَالثَّانِي لِتَأْوِيلِ عِيَاضٍ وَشَهَرَهُ
(قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ بِمَوْتِهَا) أَيْ أَوْ مَوْتِهِ أَيْ بَعْدَ الْعَزْمِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْوَطْءِ فَلَا تَسْقُطُ بَلْ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ إذَا مَاتَ
(قَوْلُهُ: مَحَلُّهُمَا فِي الْبَائِنِ أَوْ الرَّجْعِيِّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ عَبْدِ الْحَقِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمْ كَالصَّرِيحِ فِي التَّأْوِيلَيْنِ إنَّمَا مَحَلُّهُمَا إذَا أَتَمَّهَا قَبْلَ مُرَاجَعَتِهَا، وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، وَقَدْ عَمِلَ فِي الْكَفَّارَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ إتْمَامُهَا، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ إنْ أَرَادَ الْعَوْدَةَ اهـ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ عَلَى الْوِفَاقِ إذَا كَانَ رَجْعِيًّا، وَعَلَى الْخِلَافِ إنْ كَانَ بَائِنًا فَإِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُتِمَّهَا وَإِنْ أَتَمَّهَا لَمْ يُجْزِهِ، وَعِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْجَمِيعِ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ فِي الْجَمِيعِ اهـ وَأَمَّا إتْمَامُهَا بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ فَقَدْ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَرْعًا مُسْتَقِلًّا فَقَالَ: إذَا تَزَوَّجَهَا يَوْمًا مَا، وَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ صَوْمًا ابْتَدَأَهَا وَإِنْ كَانَتْ طَعَامًا بَنَى عَلَى مَا كَانَ أَطْعَمَ قَبْلَ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ لِجَوَازِ تَفْرِقَةِ الطَّعَامِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَصَحُّ مَا انْتَهَى إلَيْنَا اهـ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ إلَخْ الْأَوْلَى حَيْثُ لَمْ يَرْتَجِعْهَا، وَأَمَّا إذَا ارْتَجَعَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَفْرِقَةُ الطَّعَامِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالرَّجْعِيَّةِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى إعَادَتِهَا لِعِصْمَتِهِ كَانَ طَلَاقُهَا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصِّيَامُ فَلَا يُجْزِئُ) أَيْ فَلَا يُجْزِئُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ أَتَمَّهُ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَقَبْلَ إعَادَتِهَا لِعِصْمَتِهِ أَوْ بَعْدَ إعَادَتِهَا لَهَا لِوُجُوبِ تَتَابُعِهِ
(قَوْلُهُ: وَهِيَ إعْتَاقُ إلَخْ) ذَكَرَ تت عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِكُلِّ وَجْهٍ فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا، وَإِنْ طَالَ أَمَدُ عَجْزِهِ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ كَذَا فِي عبق آخِرَ الْبَابِ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَتَعَقَّبَهُ بْن بِأَنَّ دُخُولَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ عَلَيْهِ يُنَافِي مَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَهَلْ الْمُظَاهِرُ إنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ إلَخْ أَنَّ مَفْهُومَ الْقَيْدِ أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ التَّكْفِيرِ لَا يَدْخُلُهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَلَا حُجَّةَ لِزَوْجَتِهِ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ
(وَ) لَوْ وَقَعَ (عَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ) بِعِتْقِهِ السَّابِقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (وَ) لَا (مُنْقَطِعٍ خَبَرُهُ) حِينَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ رَقَبَةً مُحَقَّقَةً لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ أَوْ تَغَيُّبِهِ وَلَوْ وَقَعَ وَظَهَرَتْ سَلَامَتُهُ حِينَ الْعِتْقِ أَجْزَأَ بِخِلَافِ الْجَنِينِ (مُؤْمِنَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْقُرْبَةُ بِهَا، وَالْكُفْرُ يُنَافِيهَا (وَفِي) إجْزَاءِ عِتْقِ (الْأَعْجَمِيِّ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ مَجُوسِيٍّ كَبِيرٍ وَكِتَابِيٍّ صَغِيرٍ لَا يَعْقِلُ دِينَهُ (تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ فِي الْكِتَابِيِّ الصَّغِيرِ الْإِجْزَاءُ نَظَرًا لِجَبْرِهِ مَعَ صِغَرِهِ فَشَأْنُهُ الْإِيمَانُ، وَلَمْ يُرَجِّحُوا فِي الْمَجُوسِيِّ الْكَبِيرِ شَيْئًا، وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ الصَّغِيرُ فَيُجْزِئُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ حُكْمًا
ثُمَّ رَتَّبَ عَلَى تَأْوِيلِ الْإِجْزَاءِ قَوْلَهُ (وَفِي الْوَقْفِ) أَيْ وَقْفِ الْمُظَاهِرِ عَنْ وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَيْ مَنْعِهِ مِنْهُ (حَتَّى يُسْلِمَ) الْأَعْجَمِيُّ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَمْ يُجْزِهِ، وَعَدَمُ الْوَقْفِ لِجَبْرِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يَأْبَاهُ غَالِبًا فَحُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ فَكَأَنَّهُ مُسْلِمٌ (قَوْلَانِ) وَهُمَا جَارِيَانِ حَتَّى فِي صَغِيرِ الْمَجُوسِ
(سَلِيمَةٍ عَنْ قَطْعِ إصْبَعٍ) وَاحِدٍ وَلَوْ بِآفَةٍ وَأَوْلَى يَدٌ أَوْ رِجْلٌ أَوْ شَلَلُهَا (وَ) مِنْ (عَمًى) وَكَذَا غِشَاوَةٌ لَا يُبْصِرُ مَعَهَا إلَّا بِعُسْرٍ لَا خَفِيفَةٍ، وَأَعْشَى وَأَجْهَرَ فَيُجْزِئُ (وَبُكْمٍ) وَهُوَ عَدَمُ النُّطْقِ كَانَ مَعَهُ صَمَمٌ أَمْ لَا (وَجُنُونٍ، وَإِنْ قَلَّ) بِأَنْ يَأْتِيَهُ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ (وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ) بِأَنْ بَلَغَ صَاحِبُهُ النَّزْعَ، وَإِلَّا أَجْزَأَ (وَقَطْعِ) إحْدَى (أُذُنَيْنِ) وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْصِلْهَا (وَصَمَمٍ) وَهُوَ عَدَمُ السَّمْعِ أَوْ ثِقَلُهُ فَلَا يَضُرُّ الْخَفِيفُ (وَهَرَمٍ وَعَرَجٍ شَدِيدَيْنِ، وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ) وَإِنْ قَلِيلَيْنِ (وَفَلَجٍ) يُبْسِ الشِّقِّ وَكَذَا يُبْسُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَعَ) أَيْ وَلَوْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَأَعْتَقَ الْجَنِينَ عَنْ ظِهَارِهِ وَقَوْلُهُ: عَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ أَيْ وَلَا يُجْزِئُ كَفَّارَةٌ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَيِّتًا أَوْ مَعِيبًا حِينَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجَنِينِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا وَضَعَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِصِفَةِ مَنْ يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْعِتْقِ لَا يُسَمَّى رَقَبَةً، وَانْظُرْ لَوْ أَعْتَقَ حَمْلَ أَمَتِهِ عَنْ ظِهَارِهِ ظَانًّا عَدَمَ وَضْعِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَضَعَتْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ هَلْ يُجْزِئُ نَظَرًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ لَا يُجْزِئُ نَظَرًا لِظَنِّهِ وَاسْتَظْهَرَ بَهْرَامُ وعبق الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ) أَيْ مِنْ عِتْقِهَا أَيْ وَلِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا ذَكَرَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، وَأَطْلَقَهَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَغَيْرِهِ كَانَتْ كَذَلِكَ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ أَنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ شَرْطُهُ اتِّحَادُ السَّبَبِ، وَالسَّبَبُ هُنَا فِي الْكَفَّارَاتِ مُخْتَلِفٌ (قَوْلُهُ: مَنْ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) تَأَوَّلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَتَأَوَّلَهَا غَيْرُهُ وَهُوَ ابْنُ اللَّبَّادِ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُهُمَا عَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُ اتِّفَاقًا) الَّذِي فِي ح تَعْمِيمُ الْخِلَافِ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَهَلْ الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، أَوْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْكَبِيرِ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ يُشْتَرَى مُفْرَدًا عَنْ أَبَوَيْهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُجْزِئُ، وَتَعْمِيمُ الْخِلَافِ أَوْلَى اهـ بْن وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ الصَّغِيرُ إلَخْ مِنْ النَّظَرِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْوَقْفِ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ لَوْ عَتَقَ الْأَعْجَمِيُّ كَفَّارَةً هَلْ يُوقَفُ إلَخْ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَالْإِجْزَاءُ أَمْرٌ ابْتِدَائِيٌّ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ بِالْفِعْلِ عِنْدَ تَحْرِيرِهِ ابْتِدَاءً، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ وَعَلَى الْأَصَحِّ فَهَلْ يُوقَفُ عَنْ امْرَأَتِهِ حَتَّى يُسْلِمَ الْأَعْجَمِيُّ، وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُسْلِمْ لَمْ يُجْزِهِ أَوْ لَهُ وَطْؤُهَا وَتُجْزِيهِ إنْ مَاتَ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ لِلْمُتَأَخِّرِينَ، الثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: سَلِيمَةٍ عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ) أَيْ وَلَوْ زَائِدًا إنْ أَحَسَّ وَسَاوَى غَيْرَهُ فِي الْإِحْسَاسِ لَا إنْ كَانَ مَيِّتًا أَوْ يُحِسُّ بِهِ إحْسَاسًا غَيْرَ مُسَاوٍ لِإِحْسَاسِ غَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّ قَطْعُهُ حِينَئِذٍ كَذَا قَالَ عج وَقَالَ اللَّقَانِيُّ: الْمُضِرُّ إنَّمَا هُوَ قَطْعُ الْإِصْبَعِ الْأَصْلِيَّةِ، وَأَمَّا الزَّائِدَةُ فَلَا يَضُرُّ قَطْعُهَا وَلَوْ سَاوَى غَيْرَهُ فِي الْإِحْسَاسِ بِهِ، وَدَرَجَ عَلَيْهِ خش وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِقَطْعٍ يُفِيدُ أَنَّ نَقْصَ الْأُصْبُعِ خِلْقَةً لَا يَضُرُّ، وَاسْتَظْهَرَ اللَّقَانِيُّ أَنَّهُ يَضُرُّ، وَقَوْلُهُ: إصْبَعٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَقْصَ مَا دُونَهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَلَوْ أُنْمُلَتَيْنِ وَبَعْضَ أُنْمُلَةٍ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَأُنْمُلَةٌ يَقْتَضِي أَنَّ قَطْعَ أُنْمُلَةٍ وَبَعْضَ أُنْمُلَةٍ يَضُرُّ فَقَدْ تَعَارَضَ مَفْهُومُ مَا هُنَا وَمَفْهُومُ مَا يَأْتِي فِي الْأُنْمُلَتَيْنِ وَفِي الْأُنْمُلَةِ وَبَعْضِ الْأُخْرَى، وَالْمُعْتَبَرُ مَفْهُومُ مَا هُنَا كَمَا يُفِيدُ ح.
(قَوْلُهُ: وَأَعْشَى وَأَجْهَرَ) الْأَوَّلُ مَنْ لَا يُبْصِرُ لَيْلًا، وَالثَّانِي مَنْ لَا يُبْصِرُ فِي الضَّوْءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ كَانَ بِهِ جُنُونٌ فَلَا يُجْزِئُ وَإِنْ قَلَّ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إذَا كَانَ يَأْتِيهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً فَلَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ (قَوْلُهُ: وَقَطْعِ أُذُنَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّ قَطْعَ الْأُذُنَيْنِ مَانِعٌ مِنْ الْإِجْزَاءِ سَوَاءٌ قَطَعَهُمَا مِنْ أَصْلِهِمَا أَوْ قَطَعَ أَشْرَافَهَا أَيْ أَعْلَاهُمَا، وَأَمَّا الْأُذُنُ الْوَاحِدَةُ فَالْمُضِرُّ قَطْعُهَا مِنْ أَصْلِهَا، وَأَمَّا قَطْعُ أَعْلَاهَا فَقَطْ فَلَا يَضُرُّ كَمَا يَأْتِي وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ قَطْعَ الْوَاحِدَةِ مِنْ أَصْلِهَا لَا يَضُرُّ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ إحْدَى (قَوْلُهُ: وَهَرَمٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْهَرَمِ الشَّدِيدُ مَا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ التَّكَسُّبُ بِصَنْعَةٍ تَلِيقُ بِهَرَمِهِ وَكِبَرِ سِنِّهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْهَرَمُ مَانِعًا دُونَ الصِّغَرِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الصَّغِيرِ مُسْتَقْبَلَةٌ (قَوْلُهُ: يُبْسُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ طَرِيَّةً
(بِلَا شَوْبِ) أَيْ مُخَالَطَةِ (عِوَضٍ) فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ كَعِتْقِهِ عَنْ ظِهَارِهِ عَلَى دِينَارٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَمَّا بِمَا فِي يَدِهِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ فَيُجْزِئُ مَا لَا شَوْبَ عِوَضٍ فِيهِ
(لَا) يُجْزِئُ (مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ) إلَّا بِشَرْطِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهَا رَقَبَةٌ غَيْرُ كَامِلَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ وَضَعَ مِنْ قِيمَتِهَا شَيْئًا لِأَجْلِ الْعِتْقِ (مُحَرَّرَةٍ لَهُ) أَيْ لِلظِّهَارِ أَيْ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي تَحْرِيرِهَا هُوَ إعْتَاقُهَا لَهُ (لَا مَنْ) تَبَيَّنَ أَنَّهُ (يُعْتَقُ عَلَيْهِ) بِقَرَابَةٍ كَأَخِيهِ، أَوْ تَعْلِيقٍ كَإِنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ أَوْ التَّعْلِيقِ لَا الظِّهَارِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ غَيْرَ عَالِمٍ حِينَ الْعِتْقِ فَلَا يُجْزِئُ
(وَفِي) الْإِجْزَاءِ حَيْثُ قَالَ (إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ) حُرٌّ (عَنْ ظِهَارِي) ؛ لِأَنَّهُ مَا عَتَقَ إلَّا عَنْ الظِّهَارِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَيُعَدُّ قَوْلُهُ: عَنْ ظِهَارِي نَدَمًا بَعْدَ قَوْلِهِ: إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ (تَأْوِيلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الْإِجْزَاءُ نَقْلًا وَعَقْلًا (وَ) بِلَا شَوْبِ (الْعِتْقِ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى عِوَضٍ وَفِي نُسْخَةٍ وَلَا عِتْقٍ بِالتَّنْكِيرِ (لَا مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا) كَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ لِوُجُودِ شَائِبَةٍ فِي الْجَمِيعِ (أَوْ أَعْتَقَ نِصْفًا) مَثَلًا (فَكَمَّلَ عَلَيْهِ) بِالْحُكْمِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ (أَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ النِّصْفَ الْبَاقِيَ ثَانِيًا بِأَنْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ كُلُّهَا لَهُ فَلَا يُجْزِي؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِجْزَاءِ عِتْقُ الْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً (أَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا) مِنْ الْعَبِيدِ (عَنْ أَرْبَعٍ) مِنْ النِّسْوَةِ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ أَوْ اثْنَيْنِ عَنْ ثَلَاثٍ أَوْ وَاحِدًا عَنْ اثْنَتَيْنِ فَلَا يُجْزِي بَلْ لَوْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ، وَإِنْ أَرْبَعًا عَنْ أَرْبَعٍ لَمْ يُجْزِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ
(وَيُجْزِئُ أَعْوَرُ وَمَغْصُوبٌ) ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ الْغَاصِبِ (وَمَرْهُونٌ وَجَانٍ إنْ اُفْتُدِيَا) بِدَفْعِ الدَّيْنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَكَذَا إنْ أَسْقَطَ رَبُّ الْحَقِّ حَقَّهُ، فَلَوْ قَالَ: إنْ خَلَصَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ، وَمَفْهُومُ إنْ افْتَدَيَا أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَفْتَدِيَا فَلَا يُجْزِئُ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُ النَّقْلُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: بِلَا شَوْبٍ) نَعْتٌ ثَانٍ لِرَقَبَةٍ أَيْ مُلْتَبِسَةٍ بِعَدَمِ مُخَالَطَةِ عِوَضٍ لِعِتْقِهَا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا فِي ذِمَّتِهِ
(قَوْلُهُ: لَا مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مُحْتَرَزَاتِهِ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ ذِكْرِهِ بَعْدَ كُلِّ وَصْفٍ مُحْتَرَزَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ رَقَبَةٌ كَائِنَةٌ بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ لَا مُشْتَرَاةٌ لِلْعِتْقِ وَذِكْرِهِ لِتَأْوِيلِ الرَّقَبَةِ بِالْمَمْلُوكِ (قَوْلُهُ: فِي تَحْرِيرِهَا) أَيْ تَخْلِيصِهَا مِنْ الرِّقِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا الظِّهَارِ) أَيْ وَإِذَا كَانَ السَّبَبُ فِي تَخْلِيصِ تِلْكَ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّيَّةِ لَيْسَ الْعِتْقَ لِأَجْلِ الظِّهَارِ، بَلْ الْعِتْقُ لِلْقَرَابَةِ أَوْ التَّعْلِيقِ فَلَا تُجْزِئُ كَفَّارَةً (قَوْلُهُ غَيْرَ عَالِمٍ حِينَ الْعِتْقِ) أَيْ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْقَرَابَةِ أَوْ التَّعْلِيقِ حِينَ الْعِتْقِ
(قَوْلُهُ: وَفِي إنْ اشْتَرَيْته إلَخْ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَإِنْ اشْتَرَاهُ، وَهُوَ مُظَاهِرٌ فَلَا يُجْزِيهِ اهـ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ يُجْزِيهِ اهـ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ فَابْنُ يُونُسَ حَمَلَهَا عَلَى الْعُمُومِ فَيَكُونُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافًا، وَالْبَاجِيِّ حَمَلَهَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُلْ: عَنْ ظِهَارِي فَإِنْ ذَكَرَهُ مَعَهُ فَالْإِجْزَاءُ فَيَكُونُ وِفَاقًا اهـ بْن فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَأْوِيلَانِ أَيْ بِالْإِجْزَاءِ عَلَى الْوِفَاقِ، وَعَدَمِهِ عَلَى الْخِلَافِ، وَحَمَلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا وَطَرَحَ كَلَامَ الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ حَيْثُ وَقَعَ مِنْهُ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ مَا ظَاهَرَ أَمَّا إنْ عَلَّقَ ثُمَّ ظَاهَرَ فَيُتَّفَقُ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَخَالَفَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي ذَلِكَ قَائِلًا: الْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ فِي جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَبِلَا شَوْبِ الْعِتْقِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى " عِوَضٍ " سَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ مُنْكَرًا أَوْ مُعَرَّفًا لِجَوَازِ عَطْفِ الْمَعْرِفَةِ عَلَى النَّكِرَةِ، وَالْمَعْنَى: خَالِيَةٌ عَنْ شَائِبَةِ عِوَضٍ وَعِتْقٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا شَائِبَةُ عِتْقٍ فَلَا يُجْزِئُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ حَامِلًا وَأَعْتَقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعِتْقِ الْوَلَدِ عَلَيْهِ فِي بَطْنِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا عِتْقٍ بِالتَّنْكِيرِ) أَيْ وَبِلَا شَوْبِ عِتْقٍ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ شَائِبَةٍ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ شَائِبَةِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: أَيْ النِّصْفَ الْبَاقِيَ ثَانِيًا) أَيْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ النِّصْفَ الْأَوَّلَ عَنْ ظِهَارِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ أَطْلَقَ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّشْرِيكَ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَرْبَعًا عَنْ أَرْبَعٍ
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ إنْ نَقَصَ عَدَدُ الرِّقَابِ عَنْ عَدَدِ الظِّهَارِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ سَاوَى عَدَدُ الرِّقَابِ عَدَدَ الظِّهَارِ أَجْزَأَ وَلَوْ دُونَ تَعْيِينٍ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الشَّرِكَةَ فِي الرِّقَابِ فَإِنْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ فِيهَا مُنِعَ وَلَوْ كَانَ عَدَدُ الرِّقَابِ أَزْيَدَ مِنْ عَدَدِ الْمُظَاهَرِ مِنْهُنَّ كَأَنْ يُعْتِقُ خَمْسَةً عَنْ أَرْبَعَةٍ قَاصِدًا التَّشْرِيكَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّشْرِيكَ كَمَا يَمْنَعُ فِي الرِّقَابِ يَمْنَعُ أَيْضًا فِي الصَّوْمِ لِوُجُوبِ تَتَابُعِهِ، وَأَمَّا فِي الِاطِّعَامِ فَلَا يَمْنَعُ إلَّا إذَا كَانَ فِي حِصَّةِ كُلِّ مِسْكِينٍ
(قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ أَعْوَرُ) أَيْ وَهُوَ مَنْ فَقَدَ النَّظَرَ بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْوَاحِدَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنَيْنِ، وَيَرَى بِهَا مَا يَرَى بِهِمَا وَدِيَتُهَا دِيَتُهُمَا مَعًا أَلْفُ دِينَارٍ وَالْقَوْلُ بِإِجْزَاءِ الْأَعْوَرِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْخِلَافُ فِي الْأَنْقَرِ الَّذِي فُقِئَتْ حَبَّةُ عَيْنِهِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُجْزِئُ اتِّفَاقًا كَمَا يُجْزِئُ مَنْ فَقَدَ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ بَعْضَ نَظَرِهَا (قَوْلُهُ وَمَغْصُوبٌ) أَيْ فَيُجْزِئُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عِتْقُهُ بَلْ وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ رَبُّ الْحَقِّ) أَيْ رَبُّ الدَّيْنِ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ) أَيْ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ الْإِجْزَاءِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْإِجْزَاءِ إذَا أَخَذَهُ ذُو الْجِنَايَةِ وَالدَّيْنِ وَبَطَلَ الْعِتْقُ اهـ بْن
(وَمَرَضٍ وَعَرَجٍ خَفِيفَيْنِ وَ) يُجْزِي (أُنْمُلَةٌ) أَيْ نَاقِصُهَا، وَلَوْ مِنْ إبْهَامٍ (وَجَدْعٍ) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ قَطْعٍ (فِي أُذُنٍ) لَمْ يُوعِبْهَا بِدَلِيلٍ فِي
(وَ) يُجْزِي (عِتْقُ الْغَيْرِ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) لَهُ الْمُظَاهِرُ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ عَادَ) الْمُظَاهِرُ قَبْلَ الْعِتْقِ بِأَنْ وَطِئَ وَعَزَمَ عَلَيْهِ (وَرَضِيَهُ) حِينَ بَلَغَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ
(وَكُرِهَ الْخَصِيُّ وَنُدِبَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَصُومَ) يَعْنِي مَنْ يَعْقِلُ ذَلِكَ أَيْ يَعْقِلُ ثَوَابَ فِعْلِهِمَا وَعِقَابَ تَرْكِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ مَنْ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ
النَّوْعُ الثَّانِي الصِّيَامُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ لِمُعْسِرٍ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْعِتْقِ (وَقْتَ الْأَدَاءِ) لِلْكَفَّارَةِ أَيْ إخْرَاجِهَا (لَا قَادِرٍ) عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ رَقَبَةٌ، أَوْ ثَمَنُهَا أَوْ مَا يُسَاوِي ثَمَنَهَا مِنْ شَيْءٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْعِتْقِ (بِمِلْكِ) شَيْءٍ (مُحْتَاجٍ إلَيْهِ) مِنْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (لِكَمَرَضٍ وَمَنْصِبٍ) وَمَسْكَنٍ لَا فَضْلَ فِيهِ وَكُتُبِ فِقْهٍ وَحَدِيثٍ مُحْتَاجٍ لَهَا (أَوْ) كَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ (بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ) لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا (ظَاهَرَ مِنْهَا) بِحَيْثُ اتَّحَدَ مَحَلُّ الظِّهَارِ وَتَعَلُّقِ الْكَفَّارَةِ فَيُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِهِ مِنْهَا، وَلَا يَنْتَقِلُ لِلصَّوْمِ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ حَلَّتْ لَهُ بِلَا كَفَّارَةٍ (صَوْمُ شَهْرَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى:" إعْتَاقُ " بِثُمَّ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْآتِي ثُمَّ تَمْلِيكٌ فَهُوَ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَهِيَ أَيْ الْكَفَّارَةُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ مُرَتَّبَةٌ إعْتَاقٌ ثُمَّ صَوْمٌ كَائِنٌ لِمُعْسِرٍ (بِالْهِلَالِ) كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ حَالَ كَوْنِ صَوْمِهِمَا (مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ) وُجُوبًا (وَ) مَنْوِيَّ (الْكَفَّارَةِ) عَنْ الظِّهَارِ وَيَكْفِي نِيَّةُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ (وَ) لَوْ ابْتَدَأَ الصَّوْمَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ (تَمَّمَ) الشَّهْرَ (الْأَوَّلَ إنْ انْكَسَرَ مِنْ) الشَّهْرِ (الثَّالِثِ) وَكَذَا لَوْ مَرِضَ أَثْنَاءَ أَحَدِهِمَا أَوْ فِيهِمَا فَإِنَّهُ يُتَمِّمُ مَا مَرِضَ فِيهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا
(وَلِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ عَبْدِهِ الْمُظَاهِرِ مِنْ الصَّوْمِ (إنْ أَضَرَّ) الصَّوْمُ (بِخِدْمَتِهِ) حَيْثُ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ (وَلَمْ يُؤَدِّ خَرَاجَهُ) حَيْثُ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخَرَاجِ، فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَهِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ، فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ (وَتَعَيَّنَ) الصَّوْمُ (لِذِي الرِّقِّ) فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ مُكَاتَبًا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ؛ إذْ الرِّقُّ لَا يُحْرِزُ غَيْرَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَمَرَضٍ) أَيْ وَذُو مَرَضٍ وَذُو عَرَجٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي ذِي الْعَيْبِ لَا فِي الْعَيْبِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُوعِبْهَا إلَخْ) فِي بْن عَنْ طفي اغْتِفَارُ قَطْعِ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ اسْتَوْعَبَهَا الْقَطْعُ لِقَوْلِ الْأُمَّهَاتِ: لَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ فَيَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى إجْزَاءِ مَقْطُوعِ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَرَضِيَهُ) أَيْ رَضِيَ بِإِعْتَاقِ الْغَيْرِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الرِّضَا بَعْدَ الْعِتْقِ بِالْفِعْلِ
(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ الْخَصِيُّ) أَيْ عِتْقُهُ كَفَّارَةً (قَوْلُهُ: أَنْ يُصَلِّيَ) أَيْ وَنُدِبَ عِتْقُ مَنْ يُصَلِّي وَيَصُومُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَنْ يَعْقِلُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ وَيَصُمْ بِالْفِعْلِ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ لِمُعْسِرٍ عَنْهُ) عَدَّاهُ بِعَنْ لَا بِالْبَاءِ مَعَ أَنَّ مَادَّةَ الْمُعْسِرِ تَتَعَدَّى بِهَا لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى عَاجِزٍ (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْأَدَاءِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَقْتُ إخْرَاجِهَا فَمَتَى كَانَ وَقْتَ أَدَائِهَا عَاجِزًا عَنْ الْعِتْقِ صَحَّ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ وَلَوْ كَانَ وَقْتَ الْوُجُوبِ قَادِرًا عَلَى الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ وَقْتَ الْأَدَاءِ قَادِرًا عَلَى الْعِتْقِ فَلَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ وَلَوْ كَانَ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَاجِزًا عَنْ الْعِتْقِ، وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْعِتْقِ وَقْتُ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الْعَوْدُ فَإِذَا كَانَ وَقْتَ الْعَوْدِ عَاجِزًا عَنْ الْعِتْقِ أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ وَقْتَ الْأَدَاءِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ وَقْتَ الْعَوْدِ فَلَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ، وَإِنْ كَانَ وَقْتَ الْأَدَاءِ عَاجِزًا عَنْ الْعِتْقِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: لَا قَادِرٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعِتْقِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَادِرَ مُقَابِلٌ لِلْعَاجِزِ لَا لِلْمُعْسِرِ فَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ ضُمِّنَ مُعْسِرٌ مَعْنَى عَاجِزٍ وَلِأَنَّهُ مَفْهُومٌ غَيْرُ شَرْطٍ، وَلِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَدَابَّةٍ احْتَاجَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِكَمَرَضٍ (قَوْلُهُ: وَمَسْكَنٍ) عَطْفٌ عَلَى عَبْدٍ وَقَوْلُهُ: لَا فَضْلَ فِيهِ أَيْ لَا زِيَادَةَ فِيهِ عَلَى مَا يَسْكُنُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَسْكَنَ الْمَذْكُورَ مُحْتَاجٌ لَهُ لِلسُّكْنَى فِيهِ وَقَوْلُهُ: مُحْتَاجٍ لَهَا أَيْ لِلْمُرَاجَعَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ ظَاهَرَ مِنْهَا) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ عِتْقَهَا كَفَّارَةً مَشْرُوطٌ بِالْعَزْمِ عَلَى وَطْئِهَا، وَالْعَزْمُ عَلَى وَطْئِهَا حَرَامٌ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ بِالْعِتْقِ، وَإِذَا حَرُمَ وَطْؤُهَا بَعْدُ حَرُمَ الْعَزْمُ عَلَى وَطْئِهَا؛ لِأَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ الْعَزْمُ عَوْدًا فَلَا تَتَأَتَّى الْكَفَّارَةُ بِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعْتِقَهَا؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا عَوْدَ هُنَا
وَأُجِيبُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ حُرْمَةَ الْعَوْدِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِوَطْئِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ بِالْفِعْلِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ بِهِ، وَالْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ سَابِقٌ عَلَى الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ الْكَفَّارَةِ، وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَهِيَ حَالَ الْعَزْمِ فِي مِلْكِهِ، وَشَرْطُ التَّنَاقُضِ اتِّحَادُ الزَّمَانِ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ بَعْدَ عِتْقِهَا كَفَّارَةً عَنْ ظِهَارِهَا (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي نِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ نِيَّةُ التَّتَابُعِ، وَنِيَّةُ كَوْنِ الصَّوْمِ كَفَّارَةً عَنْ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: تَمَّمَ الْأَوَّلَ) أَيْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا (قَوْلُهُ: إنْ انْكَسَرَ) أَيْ إنْ حَصَلَ فِيهِ انْكِسَارٌ بِأَنْ لَمْ يَبْتَدِئْ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ بَلْ مِنْ أَثْنَائِهِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ) أَيْ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ الصَّوْمِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ إلَخْ أَيْ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ قُدْرَتِهِ لَا يُجْزِيهِ الْإِطْعَامُ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوْ عَجَزَ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ وَمَعْنَى تَعَيُّنِهِ عَلَى الْعَاجِزِ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِهِ
(وَ) تَعَيَّنَ الصَّوْمُ أَيْضًا (لِمَنْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ) وَهِيَ هُنَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ (وَقَدْ الْتَزَمَ) قَبْلَ ظِهَارِهِ (عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُ) بِأَنْ قَالَ: كُلُّ رَقِيقٍ أَمْلِكُهُ فِي مُدَّةِ كَذَا فَهُوَ حُرٌّ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ يَبْلُغُهَا عُمُرُهُ ظَاهِرًا فَقَوْلُهُ: (لِعَشْرِ سِنِينَ) أَيْ مَثَلًا، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عِتْقُهُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ الظِّهَارِ بَلْ عَنْ الْيَمِينِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّقَبَةَ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّرَةً لِلظِّهَارِ
(وَإِنْ أَيْسَرَ) الشَّارِعُ فِي الصَّوْمِ (فِيهِ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْهُ بِأَنْ قَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ (تَمَادَى) عَلَى صَوْمِهِ وُجُوبًا كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ (إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ) أَيْ الصَّوْمَ بِمُفْسِدٍ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ، وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ (وَنُدِبَ الْعِتْقُ) أَيْ الرُّجُوعُ لَهُ (فِي) صَوْمٍ (كَالْيَوْمَيْنِ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الثَّالِثَ، وَأَمَّا لَوْ أَيْسَرَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِلْعِتْقِ، وَلَوْ أَتَمَّ الْيَوْمَ، وَلَمْ يَشْرَعْ فِي الثَّانِي كَمَا أَنَّ النَّدْبَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الرَّابِعِ ثُمَّ إذَا أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ وَجَبَ إتْمَامُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ (وَلَوْ تَكَلَّفَهُ) أَيْ الْعِتْقَ (الْمُعْسِرُ) بِأَنْ تَدَايَنَ (جَازَ) يَعْنِي مَضَى وَأَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْرُمُ كَمَا إذَا كَانَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ وَقَدْ يُكْرَهُ كَمَا إذَا كَانَ بِسُؤَالٍ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ وَلَوْ كَانَ عَادَتُهُ السُّؤَالَ وَيُعْطِي
(وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ) أَيْ الصَّوْمِ (بِوَطْءِ) الْمَرْأَةِ (الْمُظَاهَرِ مِنْهَا) حَالَ الْكَفَّارَةِ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ وَيَبْتَدِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ (أَوْ) بِوَطْءِ (وَاحِدَةٍ مِمَّنْ) تُجْزِئُ (فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ (وَإِنْ) حَصَلَ وَطْؤُهَا لِمَنْ ذَكَرَ (لَيْلًا) نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ غَالِطًا بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا غَيْرُهَا، وَاحْتَرَزَ عَنْ وَطْءِ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا لَيْلًا عَمْدًا فَلَا يَضُرُّ (كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ) تَشْبِيهٌ فِي قَطْعِ التَّتَابُعِ، فَإِذَا وَطِئَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ وَاحِدَةً مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي أَثْنَاءِ الْإِطْعَامِ أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا مُدٌّ وَاحِدٌ بَطَلَ إطْعَامُهُ وَابْتَدَأَهُ أَمَّا وَطْءُ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ نَهَارًا عَامِدًا فَلَا يَضُرُّ، وَعَبَّرَ فِي الْإِطْعَامِ بِالْبُطْلَانِ لِعَدَمِ التَّتَابُعِ فِيهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَنَاسَبَهُ الِانْقِطَاعُ (وَ) انْقَطَعَ صَوْمُهُ أَيْضًا (بِفِطْرِ السَّفَرِ) أَيْ بِفِطْرِهِ فِي سَفَرِهِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ (أَوْ) بِفِطْرٍ (بِمَرَضٍ) فِي سَفَرِهِ (هَاجَهُ) سَفَرُهُ وَلَوْ تَوَهُّمًا (لَا إنْ) تَحَقَّقَ أَنَّهُ (لَمْ يُهِجْهُ) بَلْ هَاجَ بِنَفْسِهِ أَوْ هَاجَهُ غَيْرُهُ
ثُمَّ شَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَلِمَنْ طُولِبَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِذِي الرِّقِّ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا الْتَزَمَ عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُهُ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا فَظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَقَامَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ وَطَالَبَتْهُ بِالْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ إذْ لَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي الْتَزَمَ فِيهَا الْعِتْقَ بَلْ عَنْ الْيَمِينِ فَلَوْ أَعْتَقَ الْغَيْرَ عَنْ الْمُلْتَزَمِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ عَادَ وَرَضِيَهُ أَجْزَأَهُ إنْ لَمْ يَسْأَلْهُ لَا إنْ سَأَلَهُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: طُولِبَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُطَالَبْ بِالْفَيْئَةِ لَا يَتَعَيَّنُ الصَّوْمُ فِي حَقِّهِ ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ لَمْ تُطَالِبْهُ لَمَا أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ، وَصَبَرَ لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَأَعْتَقَ
(قَوْلُهُ: فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ) أَيْ فَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: تَمَادَى عَلَى صَوْمِهِ وُجُوبًا إلَخْ) وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ وُجُوبِ الرُّجُوعِ لِلْعِتْقِ قَبْلَ تَمَامِ يَوْمِ الْوُجُوبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا فِيهِمَا بِعَيْنِهِ لَكِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ اهـ بْن وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ الْيَسَارُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَمَا بَعْدَهُ وَجَبَ التَّمَادِي عَلَى الصَّوْمِ وَإِنْ حَصَلَ الْيَسَارُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَ كَمَالِهِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي وَجَبَ الرُّجُوعُ لِلْعِتْقِ مَعَ وُجُوبِ إتْمَامِ صَوْمِ الْأَوَّلِ إذَا حَصَلَ الْيَسَارُ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ فِطْرُهُ، وَإِنْ حَصَلَ الْيَسَارُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الثَّالِثِ، وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ نُدِبَ لَهُ الرُّجُوعُ لِلْعِتْقِ، وَوَجَبَ إتْمَامُ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْيَسَارُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ فِطْرُهُ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ) أَيْ مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي يُنْدَبُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا مِنْ الصَّوْمِ لِلْعِتْقِ أَوْ يَجِبُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَضَى وَأَجْزَأَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّكَلُّفُ جَائِزًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مَمْنُوعًا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَحْرُمُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا الْجَوَازَ بِالْمُضِيِّ وَالْإِجْزَاءِ، وَلَمْ نُبْقِهِ عَلَى حَالِهِ مِنْ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْرُمُ إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ تَكَلُّفَ الْمُعْسِرِ الْعِتْقَ قَدْ يَحْرُمُ، وَقَدْ يُكْرَهُ إلَخْ وَالْمُصَنِّفُ عَبَّرَ بِجَازِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَجْزَأَ كَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ التَّكْلِيفَ الْمَمْنُوعَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا كَانَ) أَيْ وَفَاؤُهُ بِسُؤَالٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السُّؤَالَ) أَيْ لِأَجَلِ وَفَاءِ الدَّيْنِ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا لِلتَّكْثِيرِ فَهُوَ حَرَامٌ
(قَوْلُهُ وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِوَطْءِ الْمُظَاهَرَةِ مِنْهَا) أَيْ وَأَمَّا الْقُبْلَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ لَهَا فَلَا يَقْطَعَانِهِ كَمَا شَهَرَهُ ابْنُ عُمَرَ وَقِيلَ: يَقْطَعَانِهِ وَشَهَرَهُ الزَّنَاتِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ وَاحِدَةٍ إلَخْ) هَذَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُنَّ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (قَوْلُهُ بَطَلَ إطْعَامُهُ وَابْتَدَأَهُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: الْوَطْءُ لَا يُبْطِلُ الْإِطْعَامَ الْمُتَقَدِّمَ مُطْلَقًا، وَالِاسْتِئْنَافُ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا قَالَ {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] فِي الْعِتْقِ وَالصَّوْمِ، وَلَمْ يَقُلْهُ فِي الْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ) أَيْ فَلَا يَبْطُلُ الْإِطْعَامُ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّوْمِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَتَابِعًا نَاسَبَهُ الِانْقِطَاعُ (قَوْلُهُ: هَاجَهُ سَفَرُهُ) أَيْ حَرَّكَهُ سَفَرُهُ، وَهَذَا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَرَضَ بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَأَكْلِ شَيْءٍ يَعْلَمُ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يُضَرُّ بِهِ ثُمَّ أَفْطَرَ، وَعَلَى هَذَا فَيُجْعَلُ الضَّمِيرُ فِي: هَاجَهُ لِلشَّخْصِ أَيْ هَاجَهُ الشَّخْصُ بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ بْن وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ أَوْ هَاجَهُ غَيْرُهُ الْأَوْلَى حَذْفُهُ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا
عَدَمَهُ فِي كَفَّارَةِ غَيْرِهِ مِنْ قَتْلٍ وَصَوْمٍ وَنَذْرٍ مُتَتَابِعٍ بِقَوْلِهِ (كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَإِكْرَاهٍ) عَلَى الْفِطْرِ (وَظَنِّ غُرُوبٍ) وَبَقَاءِ لَيْلٍ (وَفِيهَا وَ) لَا بِفِطْرِ (نِسْيَانٍ) فَلَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي ظِهَارٍ، وَلَا غَيْرِهِ وَقَضَاهُ مُتَّصِلًا بِصِيَامِهِ
(وَ) انْقَطَعَ التَّتَابُعُ (بِالْعِيدِ إنْ تَعَمَّدَهُ) بِأَنْ صَامَ ذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ لِظِهَارِهِ مُتَعَمِّدًا صَوْمَ يَوْمِ الْأَضْحَى فِي كَفَّارَتِهِ (لَا) إنْ (جَهِلَهُ) أَيْ جَهِلَ كَوْنَ الْعِيدِ يَأْتِي فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ، وَأَمَّا جَهْلُ حُرْمَةِ صَوْمِ الْعِيدِ بِأَنْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ فَلَا يَنْفَعُهُ (وَهَلْ) مَحَلُّ عَدَمِ الْقَطْعِ بِجَهْلِهِ وَإِجْزَائِهِ (إنْ صَامَ الْعِيدَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ) بِأَنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْمُفْطِرَاتِ فِيهَا ثُمَّ قَضَاهَا مُتَّصِلَةً بِصَوْمِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَفْطَرَهَا لَمْ يُجْزِهِ وَ (اسْتَأْنَفَ) الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِهِ (أَوْ) عَدَمُ الْقَطْعِ مُطْلَقٌ وَ (يُفْطِرُهُنَّ) أَيْ أَيَّامَ النَّحْرِ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِإِمْسَاكِهِ (وَيَبْنِي) أَيْ يَقْضِيهَا مُتَّصِلَةً بِصِيَامِهِ (تَأْوِيلَانِ) وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الْيَوْمُ الرَّابِعُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ صَوْمُهُ بِاتِّفَاقِهِمَا وَيُجْزِيهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: أَوْ يُفْطِرُهُنَّ أَنَّهُ يُطْلَبُ بِفِطْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِمْسَاكُ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَفْطَرَ فِيهَا هَلْ يَبْنِي أَوْ يَنْقَطِعَ تَتَابُعُهُ ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ صَوْمُ الْجَمِيعِ يَقْضِي مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ خَاصَّةً عَلَى الرَّاجِحِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا جَهِلَهُ وَصَامَهُ كَالْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَهَلْ يَبْنِي أَوْ يَسْتَأْنِفُ تَأْوِيلَانِ - لَوَفَّى بِالْمُرَادِ
(وَجَهِلَ) أَيْ وَحُكْمُ جَهْلِ (رَمَضَانَ) عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ يُضَرُّ بِهِ
(قَوْلُهُ: عَدَمَهُ فِي كَفَّارَةِ غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَلَوْ مَلَّكَهَا الزَّوْجُ أَمْرَهَا (قَوْلُهُ: كَحَيْضٍ) أَيْ كَمَا لَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُ الصَّوْمِ سَوَاءٌ كَانَ كَفَّارَةَ قَتْلٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ كَانَ نَذْرًا مُتَتَابِعًا بِالْحَيْضِ، وَمَا مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَظَنِّ غُرُوبٍ) أَيْ فَأَفْطَرَ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَبَقَاءِ لَيْلٍ) أَيْ فَتَسَحَّرَ بَعْدَ الْفَجْرِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِفِطْرِ نِسْيَانٍ) أَيْ بِغَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ بِهِ نَهَارًا فِي غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَأَمَّا فِيهَا فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ بِهِ تَتَابُعُهُ وَإِنْ لَيْلًا نَاسِيًا ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: إنَّهُ يَقْطَعُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَمَّا تَفْرِيقُ الصَّوْمِ نِسْيَانًا كَمَا لَوْ بَيَّتَ الْفِطْرَ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَيْثُ عَذَرَهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّوْمِ بِالنِّسْيَانِ كَمَا عَذَرَهُ بِالنِّسْيَانِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ فَإِذَا أَكَلَ نَاسِيًا أَوْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ قَضَى ذَلِكَ، وَوَصَلَهُ بِصِيَامِهِ فَإِنْ تَرَكَ وَصْلَهُ بِصِيَامِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُتَعَمِّدًا اسْتَأْنَفَ صِيَامَهُ
(قَوْلُهُ: وَبِالْعِيدِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا بِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَيْ وَانْقَطَعَ التَّتَابُعُ بِنَفْسِ الْعِيدِ وَقَوْلُهُ: إنْ تَعَمَّدَهُ أَيْ إنْ تَعَمَّدَ صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ اللَّذَيْنِ يَعْلَمُ أَنَّ فِيهِمَا الْعِيدَ سَوَاءٌ صَامَ يَوْمَ الْعِيدِ، أَوْ لَمْ يَصُمْهُ أَصْلًا نَاسِيًا أَوْ مُتَعَمِّدًا (قَوْلُهُ: مُتَعَمِّدًا صَوْمَ يَوْمِ الْأَضْحَى) بَلْ وَكَذَا إنْ صَامَهُ نَاسِيًا أَوْ لَمْ يَصُمْهُ أَصْلًا مُتَعَمِّدًا أَوْ نَاسِيًا فَالتَّعَمُّدُ فِي الْمُصَنِّفِ لَيْسَ مُنْصَبًّا عَلَى صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق بَلْ التَّعَمُّدُ مُنْصَبٌّ عَلَى صَوْمِ الزَّمَنِ الَّذِي يَأْتِي فِيهِ، وَأَمَّا الْفِطْرُ وَالصَّوْمُ فَسَيَأْتِي التَّعْوِيضُ لَهُمَا فِي التَّأْوِيلَيْنِ بَعْدُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا جَهْلُ حُرْمَةِ صَوْمِ الْعِيدِ) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ الْعِيدَ يَأْتِي فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفَعُهُ) أَيْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عِيَاضٍ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ كَجَهْلِ الْعَيْنِ وَاسْتَظْهَرَهُ جَدّ عج (قَوْلُهُ: وَهَلْ مَحَلُّ عَدَمِ الْقَطْعِ) أَيْ عَدَمِ قَطْعِ التَّتَابُعِ وَقَوْلُهُ: بِجَهْلِهِ أَيْ بِجَهْلِهِ كَوْنَ الْعِيدِ يَأْتِي فِي صَوْمِهِ (قَوْلُهُ: إنْ صَامَ الْعِيدَ إلَخْ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ صَامَ ذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ لِظِهَارٍ عَلَيْهِ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ خَطَأً لَمْ يُجْزِهِ، قَالَ مَالِكٌ: إلَّا مَنْ فَعَلَهُ بِجَهَالَةٍ، وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِ فَعَسَى أَنْ يُجْزِيَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي حَمْلِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ أَفْطَرَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَطْ، أَوْ أَفْطَرَ الْأَيَّامَ كُلَّهَا، ثَالِثُهَا عَلَى أَنَّهُ صَامَ أَيَّامَ النَّحْرِ كُلَّهَا، الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَصَّارِ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْكَاتِبِ اهـ زَادَ ابْنُ يُونُسَ فِي الثَّالِثِ أَنَّهُ يَقْضِيهَا وَيَبْنِي قَالَ: وَهَذَا الثَّالِثُ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ، وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْإِجْزَاءِ إذَا أَفْطَرَ أَيَّامَ النَّحْرِ كُلَّهَا هُوَ الْأَصَحُّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمِ الْقَطْعِ) أَيْ عَدَمِ قَطْعِ التَّتَابُعِ، وَقَوْلُهُ: مُطْلَقٌ أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَلْ عَدَمُ قَطْعِ التَّتَابُعِ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ صَامَهَا أَوْ أَفْطَرَ فِيهَا (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْكَاتِبِ، وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَصَّارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَقَوْلُهُ: أَوْ يُفْطِرُهُنَّ (قَوْلُهُ: بِاتِّفَاقِهِمَا) أَيْ التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُطْلَبُ بِفِطْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ) أَيْ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِمْسَاكُ فِيهِمَا) أَيْ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ لَكِنْ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى جِهَةِ النَّدْبِ عَلَى الثَّانِي وَقَوْلُهُ: هَلْ يَبْنِي أَيْ وَهَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ أَيْ وَهُوَ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: إذَا أَفْطَرَ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: يَقْضِي مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ، وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ خَاصَّةً) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ صَاحِبَ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ ابْنُ الْكَاتِبِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَصُومُهَا، وَيَقْضِيهَا كُلَّهَا فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ ابْنَ الْكَاتِبِ قَالَ: لَا يُجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَصُومَهَا كُلَّهَا وَيَقْضِيَهَا وَيَبْنِيَ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: وَجَهِلَ رَمَضَانَ) أَيْ وَجَهِلَ كَوْنَ رَمَضَانَ يَأْتِي فِي زَمَنِ صَوْمِهِ كَجَهْلِ كَوْنِ الْعِيدِ يَأْتِي فِي زَمَنِ صَوْمِهِ فِي عَدَمِ قَطْعِ التَّتَابُعِ
كَمَا إذَا ظَنَّ أَنَّ شَعْبَانَ رَجَبٌ وَرَمَضَانَ شَعْبَانُ (كَالْعِيدِ) فِي أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَيَبْنِي بَعْدَ الْعِيدِ مُتَّصِلًا؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ عُذْرٌ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ
(وَ) انْقَطَعَ التَّتَابُعُ (بِفَصْلِ الْقَضَاءِ) الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ عَنْ صِيَامِهِ وَيَبْتَدِئُ صَوْمَهُ مِنْ أَوَّلِهِ (وَشُهِرَ أَيْضًا الْقَطْعُ) أَيْ قَطْعُ التَّتَابُعِ (بِالنِّسْيَانِ) أَيْ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ نِسْيَانًا فَهُوَ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ انْفِصَالِ الْقَضَاءِ، وَلَيْسَ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ آنِفًا وَفِيهَا وَنِسْيَانٍ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ نِسْيَانٍ وَشُهِرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَيْضًا مُتَعَلِّقًا بِالْقَطْعِ لَا بِالتَّشْهِيرِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا وَفِيهَا وَنِسْيَانٍ أَيْ لَا يُبْطِلُهُ الْفِطْرُ نَاسِيًا، وَعَلَى قَوْلِهِ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ قَوْلُهُ:(فَإِنْ لَمْ يَدْرِ بَعْدَ صَوْمِ أَرْبَعَةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ صَامَهَا (عَنْ ظِهَارَيْنِ مَوْضِعَ يَوْمَيْنِ) مَفْعُولُ يَدْرِ نَسِيَهُمَا وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُمَا مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ أَوَّلُهُمَا آخِرُ الْأُولَى، وَثَانِيهِمَا أَوَّلُ الثَّانِيَةِ (صَامَهُمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ الْآنَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ فَلَا يَنْتَفِلُ عَنْهَا حَتَّى يُتِمَّهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِطْرَ النِّسْيَانِ لَا يُبْطِلُهُ (وَقَضَى شَهْرَيْنِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأُولَى، أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ أَحَدُهُمَا آخِرُ الْأُولَى، وَالثَّانِي أَوَّلُ الثَّانِيَةِ، وَقَدْ بَطَلَتْ الْأُولَى بِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَهَذَا إذَا عُلِمَ اجْتِمَاعُهُمَا (وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَفْطَرَهُمَا نِسْيَانًا، كَمَا لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَهُمَا مِنْ افْتِرَاقِهِمَا (صَامَهُمَا) الْآنَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا حَتَّى يُكْمِلَهَا، وَصَامَ شَهْرَيْنِ أَيْضًا فَقَطْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأُولَى أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْهَا، وَالثَّانِي مِنْ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ:(وَقَضَى الْأَرْبَعَةَ) فَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ نَاسِيًا مُبْطِلٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: كَمَا إذَا ظَنَّ إلَخْ) أَيْ كَمَنْ صَامَ شَعْبَانَ لِظِهَارِهِ ظَانًّا أَنَّهُ رَجَبٌ، وَأَنَّ رَمَضَانَ شَعْبَانُ فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ صَوْمَهُ فِي شَعْبَانَ، وَأَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَصَامَهُ لِفَرْضِهِ، وَأَكْمَلَ ظِهَارَهُ بِشَوَّالٍ (قَوْلُهُ: وَيَبْنِي بَعْدَ الْعِيدِ مُتَّصِلًا) أَيْ وَيَجْرِي فِي يَوْمِ الْعِيدِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ كَمَا فِي الْبَدْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ) مُقَابِلُهُ أَنَّ جَهْلَ رَمَضَانَ لَيْسَ كَالْعِيدِ فَلَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ، وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَهِلَ رَمَضَانَ أَنَّ عِلْمَهُ بِهِ لَا يُجْزِيهِ عَنْ وَاحِدٍ سَوَاءٌ صَامَهُ عَلَى ظِهَارِهِ أَوْ شَرَّكَ فِيهِ فَرْضَهُ وَظِهَارَهُ
(قَوْلُهُ: وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَكَلَ نَاسِيًا أَوْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ أَوْ ظَنَّ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَ فِيهِ وَوَصَلَ الْقَضَاءَ بِصِيَامِهِ فَإِنْ تَرَكَ وَصْلَ الْقَضَاءِ بِصِيَامِهِ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ، وَاسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِهِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا إنْ تَرَكَ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِتَفْرِيطِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعْذَرُ فِي تَفْرِيقِهِ الْقَضَاءَ بِالنِّسْيَانِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْذَرْ بِالنِّسْيَانِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ وَعُذِرَ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ نِسْيَانًا مَعَ أَنَّ الَّذِي أَفْطَرَ نَاسِيًا قَدْ أَتَى فِي خِلَالِ الصَّوْمِ بِيَوْمٍ لَا صَوْمَ فِيهِ كَمَا أَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ صَوْمِهِ وَالْقَضَاءِ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ بِيَوْمٍ لَا صَوْمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ فَصْلَ النِّسْيَانِ يُبَيِّتُ فِيهِ الصَّوْمَ بِخِلَافِ فَصْلِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّتْهُ فِيهِ كَذَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ أَيْ بِمَا يَجُوزُ أَدَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ، وَأَفْطَرَهُ، وَأَمَّا إذَا فَصَلَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ فِيهِ وَأَفْطَرَهُ عَمْدًا فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ كَيَوْمِ الْعِيدِ.
(قَوْلُهُ: وَشُهِرَ أَيْضًا إلَخْ) الْمُشْهِرُ لَهُ ابْنُ رُشْدٍ لَا ابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا لعبق وَمُقَابِلُ ذَلِكَ الْمَشْهُورُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلُهُ: نِسْيَانًا) أَيْ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءً لِتَفْرِيطِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ آنِفًا وَفِيهَا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ ابْنَ رَاشِدٍ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ فِي أَثْنَاءِ الْكَفَّارَةِ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَشَهَرَهُ وَحِينَئِذٍ فَمُقَابِلُهُ قَوْلٌ شَاذٌّ لَا مَشْهُورٌ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ نِسْيَانٍ) أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا (قَوْلُهُ: لَا بِالتَّشْهِيرِ) لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ نِسْيَانٍ بِأَنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فِيهِ خِلَافٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ هُوَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ اتِّفَاقًا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي النِّسْيَانِ، وَوَجْهُ اقْتِضَائِهِ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى شُهِرَ قَطْعُ التَّتَابُعِ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ نَاسِيًا، كَمَا شُهِرَ أَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ عَمْدًا يَقْطَعُهُ (قَوْلُهُ: نَسِيَهُمَا) أَيْ أَفْطَرَ فِيهِمَا نِسْيَانًا.
(قَوْلُهُ: صَامَهُمَا وَقَضَى شَهْرَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّ صَوْمَ الْيَوْمَيْنِ وَقَضَاءَ الشَّهْرَيْنِ - حَيْثُ عُلِمَ اجْتِمَاعُ الْيَوْمَيْنِ - مُتَفَرِّعٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ أَوْ أَنَّهُ يَقْطَعُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ أَمَّا تَفَرُّعُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَقَدْ بَيَّنَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا تَفَرُّعُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الشَّاذِّ فَوَجْهُهُ أَنَّهُ حَيْثُ عُلِمَ اجْتِمَاعُهُمَا لَمْ تَبْطُلْ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى كُلِّ احْتِمَالٍ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا مِنْ الْأَوْلَى مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مِنْ الْيَوْمَيْنِ آخِرَ الْأُولَى، وَالثَّانِي أَوَّلَ الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ الْأُولَى وَحْدَهَا وَإِنْ كَانَا مِنْ الثَّانِيَةِ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ وَحْدَهَا لِقَطْعِ التَّتَابُعِ بِالْفِطْرِ نِسْيَانًا وَإِنْ كَانَا أَوَّلَ الثَّانِيَةِ أَوْ كَانَا آخِرَهَا لَمْ يَبْطُلْ إلَّا هُمَا، وَيُطَالَبُ بِقَضَائِهِمَا مُتَّصِلًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ) أَيْ مُجْتَمِعَيْنِ أَوْ مُفْتَرَقَيْنِ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأُولَى) أَيْ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا) أَيْ أَنَّهُ شَكَّ هَلْ هُمَا مُجْتَمِعَانِ أَوْ مُفْتَرِقَانِ وَهَلْ هُمَا مِنْ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ أَحَدُهُمَا
وَهُوَ ضَعِيفٌ كَالْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِصِيَامِهَا مَعَ قَضَاءِ الْأَرْبَعَةِ
(ثُمَّ) عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الصَّوْمِ (تَمْلِيكُ) أَيْ إعْطَاءُ (سِتِّينَ مِسْكِينًا أَحْرَارًا مُسْلِمِينَ) بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِسِتِّينَ، وَبِالنَّصْبِ صِفَةٌ لِمِسْكِينٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى مَسَاكِينَ (لِكُلٍّ) مِنْهُمْ (مُدٌّ وَثُلُثَانِ) بِمُدِّهِ عليه الصلاة والسلام (بُرًّا) تَمْيِيزٌ لِبَيَانِ جِنْسِ الْمُخْرَجِ إنْ اقْتَاتُوهُ (وَإِنْ اقْتَاتُوا) أَيْ أَهْلَ بَلَدِ الْمُكَفِّرِ (تَمْرًا أَوْ) اقْتَاتُوا (مُخْرَجًا فِي الْفِطْرِ) مِنْ شَعِيرٍ أَوْ سُلْتٍ أَوْ أُرْزٍ أَوْ دُخْنٍ أَوْ ذُرَةٍ (فَعِدْلُهُ) شِبَعًا لَا كَيْلًا خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ قَالَ عِيَاضٌ: مَعْنَى عِدْلِهِ شِبَعًا أَنْ يُقَالَ: إذَا شَبِعَ الرَّجُلُ مِنْ مُدِّ حِنْطَةٍ كَمْ يُشْبِعُهُ مِنْ غَيْرِهَا فَيُقَالُ: كَذَا فَيُخْرِجُ ذَلِكَ أَيْ سَوَاءٌ زَادَ عَنْ مُدِّ هِشَامٍ أَوْ نَقْصَ، وَكَلَامُ الْبَاجِيَّ أَوْجَهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا قَالَ الْإِمَامُ:(وَلَا أُحِبُّ) فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ) لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا بِالْهِشَامِيِّ (كَفِدْيَةِ الْأَذَى) فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْحَجِّ فِي الْفِدْيَةِ: وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ فَمَعْنَى لَا أُحِبُّ لَا يُجْزِئُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْإِمَامِ: لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا بِالْهِشَامِيِّ، فَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ بُلُوغُهُ أَجْزَأَ (وَهَلْ) الْمُظَاهِرُ (لَا يَنْتَقِلُ) عَنْ الصَّوْمِ لِلْإِطْعَامِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ (إلَّا إنْ أَيِسَ) حِينَ الْعَوْدِ الَّذِي يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ (مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ كَانَ الْمُظَاهِرُ حِينَئِذٍ مَرِيضًا فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَكْفِي شَكُّهُ (أَوْ) يَكْفِي فِي الِانْتِقَالِ إلَى الطَّعَامِ (إنْ شَكَّ) فِي قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَأَوْلَى إنْ ظَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ لَا إنْ ظَنَّهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّقْدِيرَ: أَوْ يَنْتَقِلُ إنْ شَكَّ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَا يَنْتَقِلُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ (قَوْلَانِ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ فِي الشَّكِّ فَقَطْ هَلْ يَكْفِي فِي الِانْتِقَالِ أَوْ لَا ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ الْأُولَى، وَالْآخَرُ مِنْ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) أَيْ الْقَوْلُ بِقَضَاءِ الْأَرْبَعَةِ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ كَالْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ أَيْ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِصِيَامِهِمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ مَعَ قَضَاءِ الْأَرْبَعَةِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: قَدْ يُقَالُ بَلْ لَهُ وَجْهٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ اجْتِمَاعُهُمَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا مِنْ الْأُولَى مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا مُجْتَمِعَيْنِ أَوْ مُفْتَرِقَيْنِ فَتَبْطُلُ وَحْدَهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ فَتَبْطُلُ وَحْدَهَا سَوَاءٌ كَانَا مُجْتَمَعَيْنِ أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَحَدَهُمَا مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِي أَوَّلُ الثَّانِيَةِ فَتَبْطُلُ الْأُولَى فَقَطْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِي مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ فَيَبْطُلَانِ مَعًا فَتُقْضَى الْأَرْبَعَةُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا مُجْتَمِعَيْنِ وَأَنَّهُمَا أَوَّلُ الثَّانِيَةِ، فَلَمْ يَبْطُلْ إلَّا هَذَانِ الْيَوْمَانِ فَلِذَا صَامَهُمَا، وَقَضَى الْأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَوْمَهُ الْيَوْمَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَفْطَرَ فِيهِمَا أَوَّلُ الثَّانِيَةِ، وَقَضَى الْأَرْبَعَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ أَحَدَهُمَا مِنْ الْأُولَى، وَالثَّانِي مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: صِفَةً لِمِسْكِينٍ) هَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ جَعْلُهُ حَالًا مِنْ سِتِّينَ لِتَخْصِيصِهِ بِالتَّمْيِيزِ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَعْنَى إلَخْ) أَيْ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ نَعْتُ الْمُفْرَدِ بِالْجَمْعِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مُدٌّ وَثُلُثَانِ) أَيْ فَمَجْمُوعُهَا مِائَةُ مُدٍّ بِمُدِّهِ عليه الصلاة والسلام وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ صَاعًا؛ لِأَنَّ الصَّاعَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ (قَوْلُهُ: إنْ اقْتَاتُوهُ) أَيْ أَهْلُ بَلَدِ الْمُكَفِّرِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُخْرَجًا) أَيْ أَوْ اقْتَاتُوا شَيْئًا مِمَّا يَخْرُجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَعَطْفُهُ عَلَى التَّمْرِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَقَدْ أَجَازَهُ بَعْضُهُمْ كَعَكْسِهِ بِأَوْ، وَبَعْضُهُمْ مَنَعَهُ وَعَلَيْهِ فَيُقَالُ هُنَا أَوْ مُخْرَجًا فِي الْفِطْرِ أَيْ مِنْ غَيْرِ التَّمْرِ (قَوْلُهُ: فَعِدْلُهُ) أَيْ فَالْوَاجِبُ إخْرَاجُ الْمُعَادِلِ لِمَا ذَكَرَ مِنْ الْأَمْدَادِ مِنْ ذَلِكَ الْمُقْتَاتِ، وَالْمُعْتَبَرُ الْمُعَادَلَةُ فِي الشِّبَعِ لَا فِي الْكَيْلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ مِنْ مُدِّ حِنْطَةٍ) الْمُرَادُ الْمَدُّ الْهِشَامِيُّ، وَهُوَ مُدٌّ وَثُلُثَانِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: عَنْ مُدِّ هِشَامٍ) أَيْ ابْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْقُرَشِيِّ الْمَخْزُومِيِّ كَانَ عَامِلًا عَلَى الْمَدِينَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن.
(قَوْلُهُ: وَلَا أُحِبُّ إلَخْ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ فِي الظِّهَارِ وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى وَقَدْ حَمَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْكَرَاهَةِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ: إنَّهُ يُجْزِئُ ذَلِكَ فِيهِمَا وَحَمَلَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ عَلَى التَّحْرِيمِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: إنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا، وَبِقَوْلِهَا: وَيُجْزِئُ ذَلِكَ فِيمَا سِوَاهُمَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ فَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي الظِّهَارِ وَالْفِدْيَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ) أَيْ عِوَضًا عَنْ الْمُدَّيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ فِدْيَةِ الْأَذَى سِتَّةُ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ بِمُدِّهِ عليه الصلاة والسلام (قَوْلُهُ: لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ يَبْلُغُ مُدًّا بِالْهِشَامِيِّ بَلْ الْمَدُّ الْهِشَامِيُّ يَزِيدُ عَنْهُمَا عَادَةً (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْعَوْدِ (قَوْلُهُ: فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْ، وَأَوْلَى إذَا جَزَمَ بِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: فَأَوْلَى إنْ ظَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ) أَيْ أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَا يَنْتَقِلُ) أَيْ عَلَى كُلِّ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي التَّقْدِيرِ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُ قَوْلِهِ: أَوْ إنْ شَكَّ عَلَى قَوْلِهِ: إنْ أَيِسَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَوْ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إنْ شَكَّ فَيُفِيدُ أَنَّ الْآيِسَ لَا يَنْتَقِلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي الشَّكِّ) أَيْ فِي الشَّكِّ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَإِذَا جَزَمَ بِالْقُدْرَةِ أَوْ ظَنَّهَا فَلَا يَنْتَقِلُ لِلْإِطْعَامِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ انْتَقَلَ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَالْخِلَافُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ فَلَا يَنْتَقِلُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَنْتَقِلُ
(وَتُؤُوِّلَتْ) بِالْوِفَاقِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِالْخِلَافِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا تَقَدَّمَ (عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ) بِالصَّوْمِ ثُمَّ طَرَأَ لَهُ مَرَضٌ يَمْنَعُهُ إكْمَالَهُ؛ فَلِذَا لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَّا مَعَ الْيَأْسِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ لِلدُّخُولِ تَأْثِيرًا فِي الْعَمَلِ بِالتَّمَادِي وَالثَّانِي لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ فَكَفَى الشَّكُّ فِي الِانْتِقَالِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ
(وَإِنْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ) مِسْكِينًا بِأَنْ أَعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مُدٍّ هِشَامِيٍّ (فَكَالْيَمِينِ) إذَا أَطْعَمَ فِيهَا عِشْرِينَ لِكُلِّ نِصْفٍ مُدٌّ فَلَا يُجْزِئُ وَلَهُ نَزْعُ مَا بِيَدِ سِتِّينَ هُنَا إنْ بَيَّنَ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ بِالْقُرْعَةِ، وَيُكْمِلُ السِّتِّينَ وَهَلْ إنْ بَقِيَ بِأَيْدِيهِمْ تَأْوِيلَانِ
(وَلِلْعَبْدِ إخْرَاجُهُ) أَيْ الطَّعَامِ (إنْ أَذِنَ) لَهُ (سَيِّدُهُ) فِيهِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ الصِّيَامِ، وَأَمَّا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فَلَا يُجْزِيهِ الْإِطْعَامُ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ، وَمِنْ عَجْزِهِ فِي الْحَالِ اشْتِغَالُهُ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ أَوْ سَعْيُهُ فِي الْخَرَاجِ (وَفِيهَا) عَنْ مَالِكٍ (أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ) عَنْ ظِهَارِهِ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ (فِي الْإِطْعَامِ) وَالْوَاوُ لِلْحَالِ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْقَادِرِ عَلَى الصِّيَامِ وَالْعَاجِزِ (وَهَلْ هُوَ وَهْمٌ) أَيْ غَلَطٌ (لِأَنَّهُ) أَيْ الصَّوْمُ هُوَ (الْوَاجِبُ) عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ (أَوْ) لَيْسَ بِوَهْمٍ، وَإِنَّمَا (أَحَبُّ لِلْوُجُوبِ) فَكَأَنَّهُ قَالَ وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي أَنْ يَصُومَ وُجُوبًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَوَّلُ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَإِذَا تَظَاهَرَ الْعَبْدُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الصَّوْمُ وَلَا يُطْعِمُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ فَحَمْلُهُ عَلَى الْوَهْمِ وَهْمٌ (أَوْ أَحَبُّ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي (لِلسَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ) لَهُ مِنْ الصَّوْمِ فَالْأَحَبِّيَّةُ تَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ أَيْ أَنَّ إذْنَهُ لَهُ فِي الصَّوْمِ أَحَبُّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ حَيْثُ كَانَ لِلسَّيِّدِ كَلَامٌ فِي مَنْعِهِ مِنْ الصَّوْمِ بِأَنْ أَضَرَّ بِهِ فِي خِدْمَتِهِ أَوْ خَرَاجِهِ وَلَا يَخْفَى بَعْدُ هَذَا التَّأْوِيلُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَلَى الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ) هَذَا التَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ لِابْنِ شَبْلُونٍ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ بِالْخِلَافِ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ، وَعَكَسَ تت هَذَا الْعَزْوَ وَتَبِعَهُ خش وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَا؛ إذْ هُوَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا) أَيْ فَالْأَوَّلُ يَقُولُ لَا يَكْفِي الِانْتِقَالُ مَعَ الشَّكِّ سَوَاءٌ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا، وَالثَّانِي يَقُولُ بِالْكِفَايَةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجْزِيهِ الْإِطْعَامُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّوْمَ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: إنْ بَيَّنَ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيَانِ أَنْ يُعَيِّنَ نَوْعُ الْكَفَّارَةِ مِنْ ظِهَارٍ أَوْ يَمِينٍ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: هَذَا مِنْ كَفَّارَتِي (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ بَقِيَ بِأَيْدِيهِمْ) أَيْ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي التَّكْمِيلِ لِلسِّتَّيْنِ أَنْ يَكُونَ مَا أَخَذُوهُ، أَوَّلًا بَاقِيًا بِأَيْدِيهِمْ لِوَقْتِ التَّكْمِيلِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ
(قَوْلُهُ: مَعَ عَجْزِهِ عَنْ الصِّيَامِ) أَيْ فِي الْحَالِ وَفِي الِاسْتِقْبَالِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ صِحَّةِ جَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى عَلَى أَمَّا لَوْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ، وَيَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَاللَّامُ لِلتَّخْيِيرِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ، وَيَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَهُ الْإِطْعَامُ، وَلَهُ تَرْكُهُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إمَّا بِفَرَاغِ عَمَلِ سَيِّدِهِ أَوْ بِتَأْدِيَةِ خَرَاجِهِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَهُ الصَّبْرَ كَذَا قِيلَ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ وَتَرَجَّاهُ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَلَا يُجْزِيه الْإِطْعَامُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ الْكَفَّارَةَ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّوْمِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُ حَالًا وَرَجَا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يُجْزِيهِ الْإِطْعَامُ، وَيُؤَخَّرُ الصَّوْمُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وُجُوبًا هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا رَجَا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْإِطْعَامِ وَلَهُ أَنْ يَصْبِرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ وَهُوَ الْأَوْلَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا أَحَبُّ إلَيَّ إلَخْ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا ظَاهَرَ الْعَبْدُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الصَّوْمُ وَلَا يُطْعِمُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الِاطِّعَامِ وَالصَّوْمِ أَحَبُّ إلَيَّ وَظَاهِرُهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى الصَّوْمِ أَوْ عَاجِزًا عَنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا بَلْ الصَّوْمُ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَلَا يُطْعِمُ مَنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ الصَّوْمُ هُوَ الْوَاجِبُ حُمِلَ قَوْلُ الْإِمَامِ: وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ عَلَى الْوَهْمِ لِقَوْلِهِ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَصُومَ) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: وَهَمٌ) هُوَ بِالْفَتْحِ الْغَلَطُ اللِّسَانِيُّ، وَأَمَّا بِالسُّكُونِ فَهُوَ الْغَلَطُ الْقَلْبِيُّ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَصِحُّ إرَادَتُهُ أَيْ إنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ وَالصَّوْمُ وَاجِبٌ فَالْتَوَى لِسَانُهُ، وَقَالَ أَحَبُّ إلَيَّ أَوْ إنَّهُ سَبَقَ قَلْبَهُ أَيْ الْإِمَامَ لِلْيَمِينِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ بِسَبَبِ اعْتِقَادِهِ أَنَّ السَّائِلَ سَأَلَهُ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ وَهَمٌ أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ) أَيْ وَكَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَبُّ مَعْنَاهُ إلَخْ) هَذَا التَّأْوِيلُ لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ الْبَغْدَادِيِّ (قَوْلُهُ: أَحَبُّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ) أَيْ لِعَدَمِ تَقَرُّرِ مِلْكِ الْعَبْدِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَوْ يَشُكُّ فِي مِلْكِهِ أَوْ أَنَّ مِلْكَهُ ظَاهِرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَضَرَّ بِهِ) أَيْ بِأَنْ أَضَرَّ الصَّوْمُ بِهِ فِي خِدْمَتِهِ وَخَرَاجِهِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذْنُهُ لَهُ فِي الصَّوْمِ وَعَدَمِ مَنْعِهِ مِنْهُ أَحَبُّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنْعِهِ مِنْ الصَّوْمِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الصَّوْمُ لَا يَضُرُّ بِهِ
(أَوْ) أَحَبُّ (لِمَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ الصَّوْمَ) أَيْ عِنْدَ مَنْعِ سَيِّدِهِ لَهُ مِنْ الصَّوْمِ (أَوْ) أَحَبُّ مَحْمُولَةٌ (عَلَى) الْعَبْدِ (الْعَاجِزِ حِينَئِذٍ) أَيْ فِي الْحَالِ بِكَمَرَضٍ (فَقَطْ) يَرْجُو زَوَالَهُ وَالْقُدْرَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (تَأْوِيلَاتٌ) خَمْسَةٌ (وَفِيهَا) قَالَ مَالِكٌ (إنْ أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ (أَنْ يُطْعِمَ) أَوْ يَكْسُوَ (فِي) كَفَّارَةِ (الْيَمِينِ) بِاَللَّهِ تَعَالَى أَجْزَأَهُ (وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ) وَالصَّوْمُ أَبْيَنُ عِنْدِي اهـ وَوَجْهُ الشَّيْءِ أَيْ النَّقْلِ الَّذِي فِي قَلْبِهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ أَوْ يَشُكُّ فِي مِلْكِهِ، أَوْ أَنَّ مِلْكَهُ ظَاهِرِيٌّ فَهُوَ كَلَا مِلْكَ
(وَلَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ) بِأَنْ يُطْعِمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا نَاوِيًا تَشْرِيَكَ الْكَفَّارَتَيْنِ فِيمَا يَدْفَعُهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَعْيَانَ الْمَسَاكِينِ فَيُكْمِلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مُدًّا بِأَنْ يَدْفَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفَ مُدٍّ، وَهَلْ إنْ بَقِيَ بِيَدِهِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى مَا مَرَّ
(وَلَا) يُجْزِئُ (تَرْكِيبُ صِنْفَيْنِ) فِي كَفَّارَةٍ كَصِيَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَإِطْعَامِ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا
(وَلَوْ نَوَى) الْمُظَاهِرُ الَّذِي لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ، أَوْ أَكْثَرُ (لِكُلٍّ) مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ مَثَلًا (عَدَدًا)
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَصْلًا فَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ مِنْ الصَّوْمِ فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ كَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَمْنَعَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَبُّ لِمَنْعِ السَّيِّدِ إلَخْ) هَذَا تَأْوِيلُ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَيْ إنَّ أَحَبَّ رَاجِعٌ لِلْعَبْدِ عِنْدَ مَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ مِنْ الصَّوْمِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا أَضَرَّ بِالْعَبْدِ فَيُنْدَبُ لِلْعَبْدِ إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ أَنْ يَصْبِرَ لَعَلَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَفَّرَ بِالْإِطْعَامِ حَالًا أَجْزَأَهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَحَبَّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَبْدِ الْعَاجِزِ إلَخْ) هَذَا التَّأْوِيلُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ عَلَى بَابِهَا وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَبْدِ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ الْآنَ لِكَمَرَضٍ يَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ فَالْأَحَبُّ أَنْ يَصْبِرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ، وَيُكَفِّرَ بِهِ، وَاعْتَرَضَ هَذَا ابْنَ مُحْرِزٍ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُسْتَطِيعًا لِلصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ، وَإِلَّا لَزِمَهُ التَّكْفِيرُ بِالْإِطْعَامِ حَالًا ابْنُ بَشِيرٍ وَقَدْ بَنَى ابْنُ مُحْرِزٍ اعْتِرَاضَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّ الْقَادِرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ أَمَّا عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ فَيَصِحُّ الِاعْتِذَارُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ) هَذَا مِنْ كَلَامِ سَحْنُونٍ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ أَثَرُ الَّتِي قَبْلَهَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ كُلٍّ مِنْ التَّأْوِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ أَيْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ فَالتَّأْوِيلُ الثَّالِثُ حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ فَالْأَوْلَى لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَامِحَهُ مِنْ الْعَمَلِ وَيَأْذَنَ لَهُ فِي الصَّوْمِ وَلَا يَمْنَعَهُ مِنْهُ، وَإِذْنُهُ لَهُ فِيهِ أَحَبُّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي إطْعَامِ الْعَبْدِ ثِقَلًا لِعَدَمِ تَقَرُّرِ مِلْكِ الْعَبْدِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، أَوْ يَمْلِكُ مِلْكًا ظَاهِرِيًّا، أَوْ يَشُكُّ فِي مِلْكِهِ، وَحَاصِلُ الرَّابِعِ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا أَضَرَّ بِالْعَبْدِ وَمَنَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ وَأَذِنَ لَهُ بِالْإِطْعَامِ فَيُنْدَبُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَصْبِرَ لَعَلَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَلَا يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ حَالًا وَإِنْ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ فِي إطْعَامِ الْعَبْدِ ثِقَلًا
وَحَاصِلُ الْخَامِسِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ الْآنَ، وَيَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ فَالْأَحَبُّ لَهُ أَنْ يَصْبِرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ، وَلَا يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ حَالًا وَإِنْ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ فِي إطْعَامِ الْعَبْدِ ثِقَلًا.
(قَوْلُهُ: أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ) أَيْ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ مِلْكَهُ ظَاهِرِيٌّ أَيْ كَمَا يَقُولُ مَالِكٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَشُكُّ فِي مِلْكِهِ أَيْ يَتَرَدَّدُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَلَا نَدْرِي مَنْ الْمُصِيبُ فِي الْوَاقِعِ فَنَحْنُ نَجْزِمُ ظَاهِرًا بِأَنَّهُ يَمْلِكُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ أَوْ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَنَشُكُّ هَلْ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ هَذَا أَوْ هَذَا فَقَوْلُهُ: أَوْ يَشُكُّ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: لِلْخِلَافِ الْمُؤَدِّي لِلشَّكِّ بِالنَّظَرِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَانَ أَحْسَنَ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ) أَيْ فِي حَظِّ كُلِّ مِسْكِينٍ بِأَنْ يُجْعَلَ حَظُّ كُلِّ مِسْكِينٍ مِنْ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ مَأْخُوذًا عَنْ كَفَّارَتَيْنِ، وَحَظُّ كُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ بِمُدِّ هِشَامٍ، وَأَمَّا إعْطَاءُ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ بِمُدِّ هِشَامٍ عَنْ كَفَّارَتَيْنِ فَهَذَا يُجْزِئُ قَطْعًا فَتَصْوِيرُ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا كَمَا فِي تت وَبَهْرَامَ غَيْرُ حَسَنٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُطْعِمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مُدٌّ، وَيَقْصِدُ أَنَّ كُلَّ مُدٍّ نِصْفُهُ مِنْ إحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ، وَنِصْفُهُ الثَّانِي مِنْ الْكَفَّارَةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَدْفَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مُدٍّ) ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدِّ لَا يَجْتَزِئُ بِهِ فَإِذَا دَفَعَ لَهُ نِصْفَ مُدٍّ كَانَ مُكَمِّلًا لِكَفَّارَةٍ، وَكُلُّ سِتِّينَ كَفَّارَةٌ، وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ الْمَسَاكِينَ فَيُكْمِلَ لِلسِّتِّينَ بِأَنْ يُعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُدٌّ، وَيُنْتَزَعَ مِنْ الْبَاقِي بِالْقُرْعَةِ فَالْمُدُّ الَّذِي يُعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ تَمَامُ مُدِّ كَفَّارَةٍ، وَالنِّصْفُ الثَّانِي تَمَامُ مُدٍّ مِنْ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ
(قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ تَرْكِيبُ صِنْفَيْنِ) الْأَوْلَى تَرْكِيبُ كَفَّارَةٍ مِنْ صِنْفَيْنِ، وَأَمَّا تَرْكِيبُهَا مِنْ فَرْدَيْ صِنْفٍ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ كَأَنْ يُعَشِّيَ وَيُغَدِّيَ ثَلَاثِينَ وَيُعْطِيَ ثَلَاثِينَ أُخَرَ ثَلَاثِينَ مُدًّا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مِنْ إجْزَاءِ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ أَوْ يُعْطِيَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا ثَلَاثِينَ مُدًّا مِنْ الْبُرِّ وَيُعْطِيَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا ثَلَاثِينَ مُدًّا مِنْ شَعِيرٍ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى لِكُلٍّ عَدَدًا) هَذَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى صُورَتَيْنِ خَاصَّتَيْنِ بِالْإِطْعَامِ