المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب أحكام الرضاع] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٢

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[سُنَن الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُحَرِّمَ بِالْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌(بَابُ الذَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ الْمُبَاحِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمُحَرَّمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمَكْرُوهُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابٌ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌ الْعَقِيقَةِ وَحُكْمِهَا

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمِين وَشَرَائِطه]

- ‌[كَفَّارَة الْيَمِين]

- ‌(فَصْلٌ) فِي النَّذْرِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[بَابٌ الْجِهَادَ]

- ‌(فَصْلٌ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ

- ‌[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ]

- ‌[بَاب بَعْضُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ مِنْ الْأَحْكَامِ]

- ‌(بَابٌ) فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[أَقْسَام النِّكَاح الْفَاسِد]

- ‌[الْكِفَاءَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَوَانِعِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصَلِّ خِيَار أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا وَالْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ]

- ‌ مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْل وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فِرَاقهُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ

- ‌[الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلِ فِي شُرُوط الصَّدَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم تَنَازُع الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاح وَالصَّدَاق أَوْ مَتَاع الْبَيْت وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ]

- ‌[فَصَلِّ الْوَلِيمَة]

- ‌[فَصَلِّ الْقَسْم بَيْن الزَّوْجَات فِي الْمَبِيت]

- ‌ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَلَام عَلَى الْخُلْعِ]

- ‌(فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ)

- ‌[فَصَلِّ أَرْكَان الطَّلَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ)

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[بَاب الظِّهَار وَأَرْكَانَهُ وَكَفَّارَتَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[كِنَايَات الظِّهَار]

- ‌[بَاب اللِّعَان وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌ أَسْبَابُ اللِّعَانِ

- ‌[عدة الْحُرَّة]

- ‌(فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌بَابِ تَدَاخُلِ الْعَدَدِ

- ‌[بَاب أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب أَسْبَابَ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّفَقَةِ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةُ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَضَانَةِ]

الفصل: ‌[باب أحكام الرضاع]

وَعُلِمَ تَقَدُّمُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (وَلَمْ يُعْلَمُ السَّابِقُ) مِنْهُمَا فَلَا يَخْلُو حَالُهُمَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ (فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ) شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ (أَوْ جُهِلَ) مِقْدَارُ مَا بَيْنَهُمَا هَلْ هُوَ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ مُسَاوٍ (فَعِدَّةُ حُرَّةٍ) تَجِبُ عَلَيْهَا فِي الْوَجْهَيْنِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ سَبْقِ مَوْتِ السَّيِّدِ فَيَكُونُ الزَّوْجُ مَاتَ عَنْهَا حُرَّةً (وَمَا تُسْتَبْرَأُ بِهِ الْأَمَةُ) وَهِيَ حَيْضَةٌ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ لَا وَقَدْ حَلَّتْ لِلسَّيِّدِ وَمَاتَ عَنْهَا بَعْدَ حِلِّ وَطْئِهِ لَهَا فَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ إلَّا بَعْدَ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ (وَ) عَلَيْهَا (فِي الْأَقَلِّ) كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا شَهْرَانِ فَأَقَلُّ (عِدَّةُ حُرَّةٍ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ لَا فَيَكُونُ الزَّوْجُ مَاتَ عَنْهَا حُرَّةً، وَلَيْسَ عَلَيْهَا حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدِهَا عَلَى تَقْدِيرِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ لَا (وَهَلْ) حُكْمُ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا (قَدْرُهَا) أَيْ قَدْرُ عِدَّةِ الْأَمَةِ (كَأَقَلَّ) فَيُكْتَفَى بِعِدَّةِ حُرَّةٍ (أَوْ أَكْثَرَ) فَتَمْكُثُ عِدَّةَ حُرَّةٍ وَحَيْضَةً فِي ذَلِكَ (قَوْلَانِ) .

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الرَّضَاعِ وَمَا يَحْرُمُ مِنْهُ وَمَا لَا يَحْرُمُ فَقَالَ [دَرْسٌ](بَابٌ حُصُولُ) أَيْ وُصُولُ (لَبَنِ امْرَأَةٍ) لِلْجَوْفِ وَلَوْ شَكًّا لِلِاحْتِيَاطِ (وَإِنْ) كَانَتْ الْمَرْأَةُ (مَيِّتَةً وَصَغِيرَةً) لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَعَجُوزًا قَعَدَتْ عَنْ الْوَلَدِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ تَقَدُّمُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَا مَعًا فَالْأَصْلُ أَنَّهَا أَمَةٌ لَكِنْ تَعْتَدُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ احْتِيَاطًا كَمَا فِي النَّقْلِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ سَابِقٌ أَلْبَتَّةَ بِأَنْ مَاتَا مَعًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّرْطُ أَعْنِي قَوْلَهُ: فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا إلَخْ مَانِعٌ مِنْ الصِّدْقِ بِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ إلَّا بَعْدَ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَهَا مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ مَوْتِ سَيِّدِهَا أَوَّلًا لَا يَلْزَمُهَا بِسَبَبِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَحِينَئِذٍ لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدِهَا ثُمَّ لَمَّا مَاتَ زَوْجُهَا، وَهِيَ حُرَّةٌ لَزِمَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَبِتَقْدِيرِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ لَا يَلْزَمُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ ثُمَّ يَلْزَمُهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ لِكَوْنِهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ عِدَّةِ وَفَاةِ زَوْجِهَا حَلَّتْ لِسَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرَ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ فَلِأَجْلِ هَذَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِالْأَمْرَيْنِ، وَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ شَبْلُونٍ وَالثَّانِي فَسَّرَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ

[بَاب أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]

(بَابُ الرَّضَاعِ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ التَّاءِ وَتَرْكِهَا فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ، وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ الْكَسْرَ مَعَ التَّاءِ أَيْ أَنْكَرَ ثُبُوتَ ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: رَضِعَ مِنْ بَابِ تَعِبَ فِي لُغَةِ نَجْدٍ وَمِنْ بَابِ ضَرَبَ فِي لُغَةِ تِهَامَةَ وَأَهْلِ مَكَّةَ يَتَكَلَّمُونَ بِهِمَا اهـ قَالَ عِيَاضٌ: ذَكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الْخَارِجِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ لَبَنٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ لِبَانٌ، وَاللَّبَنُ يُقَالُ لِلْخَارِجِ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ غَيْرِهِنَّ وَلَكِنْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا خِلَافُ قَوْلِهِمْ فَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام «لَبَنُ الْفَحْلِ مُحَرِّمٌ» اهـ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يَبْعُدُ حَمْلُ مَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْمَجَازِ أَوْ التَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ: لَبَنِ امْرَأَةٍ) أَيْ لَا لَبَنِ ذَكَرٍ فَلَا يُحَرِّمُ، وَلَوْ كَثُرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَبَنَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَمَا فِي عبق عَنْ تت وَقَوْلُهُ: امْرَأَةٍ أَيْ آدَمِيَّةٍ، وَأَمَّا لَبَنُ الْجِنِّيَّةِ فَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بَيْنَ مُرْتَضِعَيْهَا كَذَا فِي عبق وَتَوَقَّفَ فِيهِ وَلَدُهُ وَشَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي نِكَاحِهِمْ (قَوْلُهُ: لِلْجَوْفِ) أَيْ لِجَوْفِ الرَّضِيعِ لَا إنْ وَصَلَ لِلْحَلْقِ وَرُدَّ فَلَا يُحَرِّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَذَا فِي عبق وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي التَّحْرِيمِ هُوَ الْوُصُولُ لِلْجَوْفِ هُوَ الْوَاقِعُ فِي عِبَارَةِ الْكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ بَشِيرٍ هُوَ الْوُصُولُ لِلْحَلْقِ اُنْظُرْ طفي (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكًّا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ وُصُولُهُ لِلْجَوْفِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ وُصُولُهُ مَشْكُوكًا فِيهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وُصُولُ لَبَنِ امْرَأَةٍ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَلَوْ مَصَّهُ؛ لِأَنَّ " لَبَنَ " اسْمُ جِنْسٍ إفْرَادِيٍّ يَصْدُقُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ مَيِّتَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ حَيَّةً بَلْ وَلَوْ كَانَتْ مَيِّتَةً دَبَّ الطِّفْلُ فَرَضَعَهَا أَوْ حَلَبَ مِنْهَا وَعَلِمَ أَنَّ الَّذِي بِثَدْيِهَا لَبَنٌ ابْنُ نَاجِيٍّ وَكَذَا إنْ شَكَّ هَلْ هُوَ لَبَنٌ أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَبَنٌ حَرَّمَ وَإِلَّا فَلَا مُخَالِفَ لَهُ وَظَاهِرُ ح اعْتِمَادُ مَا لِابْنِ نَاجِيٍّ قَالَهُ عبق قَالَ بْن: وَالظَّاهِرُ انْتِفَاءُ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ بِأَنْ يَكُونَ الشَّكُّ الَّذِي نَفَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الشَّكَّ فِي وُجُودِ اللَّبَنِ وَعَدَمِهِ، وَالشَّكُّ الَّذِي أَثْبَتَ بِهِ التَّحْرِيمَ هُوَ الشَّكُّ فِي الْمَوْجُودِ هَلْ هُوَ لَبَنٌ أَمْ لَا فَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَاضِحٌ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مَيِّتَةً رُدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَوْلِ الشَّاذِّ بِعَدَمِ تَحْرِيمِ لَبَنِ الْمَيِّتَةِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَقَعُ بِغَيْرِ الْمُبَاحِ وَلَبَنُ الْمَيِّتَةِ نَجِسٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا يَحْرُمُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَأَنَّهُ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ) إنَّمَا قَيَّدَ الصَّغِيرَةَ بِعَدَمِ إطَاقَةِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ أَمَّا لَوْ أَطَاقَتْهُ لَنُشِرَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَعَجُوزًا قَعَدَتْ عَنْ الْوَلَدِ) أَيْ عَنْ الْوِلَادَةِ أَيْ فَلَبَنُهَا مُحَرِّمٌ، وَهَذَا مُقْتَضَى مَا لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَبَنُ الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ لِكِبَرٍ لَغْوٌ لَا أَعْرِفُهُ بَلْ فِي مُقَدِّمَاتِهِ تَقَعُ الْحُرْمَةُ بِلَبَنِ الْبِكْرِ وَالْعَجُوزِ الَّتِي لَا

ص: 502

وَإِنْ وَصَلَ لِجَوْفِهِ (بِوَجُورٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مَا يُدْخَلُ فِي وَسَطِ الْفَمِ أَوْ مَا صُبَّ فِي الْحَلْقِ مِنْ اللَّبَنِ (أَوْ سَعُوطٍ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ مَا صُبَّ فِي الْأَنْفِ (أَوْ حُقْنَةٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ دَوَاءٌ يُصَبُّ فِي الدُّبُرِ، وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِحُصُولِ وَالْوَجُورُ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ نَوْعٌ مِنْ مُطْلَقِ اللَّبَنِ فَالْمَعْنَى لَا يَسْتَقِيمُ أُجِيبُ بِأَنَّ الْبَاءَ بَاءُ الْآلَةِ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْآلَةُ الْمُوصِلَةُ لِلْجَوْفِ، وَجُورًا أَيْ آلَةَ وَجُورٍ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْمُضَافِ وَقَوْلُهُ:(تَكُونُ غِذَاءً) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ صِفَةٌ لِلْحُقْنَةِ فَقَطْ عَلَى الرَّاجِحِ أَيْ شَرْطُ تَحْرِيمِ الْحُقْنَةِ كَوْنُهَا غِذَاءً بِالْفِعْلِ وَقْتَ انْصِبَابِهَا، وَإِنْ احْتَاجَ بَعْدَ ذَلِكَ لِغِذَاءٍ بِالْقُرْبِ، وَأَمَّا مَا وَصَلَ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ (أَوْ خُلِطَ) لَبَنُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ وَكَانَ غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا لِغَيْرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (لَا غُلِبَ) بِضَمِّ الْغَيْنِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ طَعْمٌ فَلَا يَحْرُمُ فَلَوْ خُلِطَ لَبَنُ امْرَأَةٍ بِلَبَنِ أُخْرَى صَارَ ابْنًا لَهُمَا مُطْلَقًا تَسَاوَيَا أَمْ لَا (وَلَا) إنْ كَانَ (كَمَاءٍ أَصْفَرَ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِلَبَنٍ (وَبَهِيمَةٍ) ارْتَضَعَ عَلَيْهَا صَبِيٌّ وَصَبِيَّةٌ فَلَا يَحْرُمُ (وَ) لَا (اكْتِحَالٍ بِهِ) أَوْ وَصَلَ مِنْ أُذُنٍ أَوْ مَسَامِّ الرَّأْسِ (مُحَرِّمٌ) اسْمُ فَاعِلٍ خَبَرُ قَوْلِهِ حُصُولُ أَيْ نَاشِرٌ لِلْحُرْمَةِ (إنْ حَصَلَ فِي الْحَوْلَيْنِ) مِنْ يَوْمِ الْوِلَادَةِ (أَوْ بِزِيَادَةِ الشَّهْرَيْنِ) عَلَيْهِمَا (إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ) الصَّبِيُّ بِالطَّعَامِ عَنْ اللَّبَنِ (وَلَوْ فِيهِمَا) أَيْ الْحَوْلَيْنِ اسْتِغْنَاءً بَيِّنًا بِحَيْثُ لَا يُغْنِيهِ اللَّبَنُ عَنْ الطَّعَامِ لَوْ عَادَ إلَيْهِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَسَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِغْنَاءُ فِيهِمَا بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِبَقَاءِ التَّحْرِيمِ إلَى تَمَامِهِمَا.

(مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ) مِنْ الذَّوَاتِ مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ مُحَرِّمٌ فَالْمُحَرَّمُ مِنْ النَّسَبِ سَبْعٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] إلَى قَوْلِهِ {وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: 23] وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الْآيَةِ بِمَا حَرَّمَهُ الرَّضَاعُ إلَّا بِالْأُمِّ وَالْأُخْتِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

تَلِدُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ إنْ كَانَ لَبَنًا لَا مَاءً أَصْفَرَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: إنْ بِوَجُورٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ وُصُولُ اللَّبَنِ لِجَوْفِ الرَّضِيعِ بِرَضَاعٍ أَيْ مَصٍّ بَلْ وَلَوْ كَانَ بِوَجُورٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَا صُبَّ فِي الْحَلْقِ) أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ أَيْ وَوَصَلَ لِلْجَوْفِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: مَا صُبَّ فِي الْأَنْفِ) أَيْ وَوَصَلَ لِلْجَوْفِ (قَوْلُهُ لَا يَسْتَقِيمُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ وُصُولُ اللَّبَنِ لِلْجَوْفِ بِنَوْعٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ آلَةُ وَجُورٍ) أَيْ أَوْ آلَةُ سَعُوطٍ أَوْ آلَةُ حُقْنَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْمُضَافِ) أَيْ وَإِلَّا لَاقْتَضَى الْكَلَامُ أَنَّ الْوَجُورَ وَمَا بَعْدَهُ آلَةٌ مُوصِلَةٌ لِلْجَوْفِ لَا نَوْعٌ مِنْ اللَّبَنِ فَيُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ

هَذَا وَالْحَقُّ أَنَّ الْوَجُورَ وَالسَّعُوطَ فِعْلُ الشَّخْصِ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ صَبُّ اللَّبَنِ فِي وَسَطِ الْفَمِ أَوْ فِي الْحَلْقِ، وَالثَّانِي صَبُّ اللَّبَنِ فِي الْأَنْفِ وَحِينَئِذٍ فَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُقْنَةِ الِاحْتِقَانُ وَهُوَ صَبُّ اللَّبَنِ فِي الدُّبُرِ وَقَوْلُهُ: تَكُونُ غِذَاءً الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْحُقْنَةِ لَا بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا وَصَلَ مِنْ اللَّبَنِ لِلْجَوْفِ مِنْ الْأُذُنِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ مَسَامِّ الرَّأْسِ لَا يُحَرِّمُ، وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُولُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ لِلْحُقْنَةِ فَقَطْ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَجَعَلَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ قَوْلَهُ: تَكُونُ غِذَاءً قَيْدًا فِي الثَّلَاثَةِ، وَدَرَجَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَامِلِهِ، وَتَبِعَهُ تت وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ بْن وَذَكَرَ نُقُولًا تُفِيدُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهَا إنْ شِئْت (قَوْلُهُ: مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ) أَيْ كَالْفَمِ وَالْأَنْفِ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ أَيْ كَوْنُهُ غِذَاءً بَلْ تُحَرِّمُ وَإِنْ كَانَ مَصَّةً (قَوْلُهُ: مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ) أَيْ أَوْ دَوَاءٍ، وَقَوْلُهُ: وَكَانَ أَيْ لَبَنُ الْمَرْأَةِ غَالِبًا عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ طَعْمٌ) أَيْ لِاسْتِهْلَاكِهِ.

(قَوْلُهُ: صَارَ ابْنًا لَهُمَا تَسَاوَيَا أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَقِيلَ بِإِلْغَاءِ الْمَغْلُوبِ مِنْهُمَا كَالطَّعَامِ وَالْقَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورَ قَالَ عبق: وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّبَنَ يُحَرِّمُ إذَا جُبِّنَ أَوْ سُمِّنَ، وَاسْتَعْمَلَهُ الرَّضِيعُ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ وَلَا إنْ كَانَ مَا رَضَعَهُ الطِّفْلُ مِنْ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ مَاءً أَصْفَرَ أَوْ غَيْرَهُ كَمَاءٍ أَحْمَرَ مِمَّا لَيْسَ بِلَبَنٍ فَلَا يُحَرِّمُ وَهَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ: لَبَنِ وَأَمَّا تَغَيُّرُ طَعْمِ اللَّبَنِ أَوْ رِيحِهِ فَيُحَرِّمُ وَكَذَا إنْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ يَسِيرًا بِغَيْرِ الصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ أَوْ بِهِمَا حَيْثُ كَانَ لَبَنًا كَالْمِسْمَارِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: وَلَا كَمَاءٍ أَصْفَرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَبَهِيمَةٍ) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ: امْرَأَةٍ وَقَوْلُهُ: وَاكْتِحَالٍ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ بِوَجُورٍ أَوْ سَعُوطٍ (قَوْلُهُ أَوْ وَصَلَ مِنْ أُذُنٍ) أَيْ وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُولُهُ لِلْجَوْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِزِيَادَةِ إلَخْ) أَيْ أَوْ فِي الشَّهْرَيْنِ الزَّائِدَيْنِ عَلَى الْحَوْلَيْنِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَوْ إنَّ الْإِضَافَةَ لِلْبَيَانِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الرَّضَاعَ إذَا حَصَلَ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ وَالْحَوْلَيْنِ لَا يُحَرِّمُ، وَلَوْ كَانَ بَعْدَهُمَا بِيَوْمٍ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ) أَيْ بَعْدَ الْفِطَامِ كَمَا قَالَ بِحَيْثُ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ اسْتَمَرَّ الرَّضَاعُ مِنْ غَيْرِ فِطَامٍ كَانَ مُحَرِّمًا فِي مُدَّتِهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِالطَّعَامِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِيهِمَا) أَيْ فَإِنْ اسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ بَعْدَ الْفِطَامِ كَانَ غَيْرَ مُحَرِّمٍ، وَلَوْ كَانَ الِاسْتِغْنَاءُ فِي الْحَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِغْنَاءُ فِيهِمَا إلَخْ) صَوَابُهُ وَسَوَاءٌ رَضَعَ فِيهِمَا بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ إنَّمَا يُعْتَبَرَانِ بَيْنَ الِاسْتِغْنَاءِ وَالْعَوْدِ لِلرَّضَاعِ، وَحَاصِلُ الْفِقْهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الرَّضَاعُ فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِأَنْ لَمْ يُفْطَمْ أَصْلًا أَوْ فُطِمَ وَلَكِنْ أَرْضَعَتْهُ بَعْدَ فِطَامِهِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ نَشَرَ الْحُرْمَةَ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ اسْتَغْنَى فَإِمَّا أَنْ يَحْصُلَ الرَّضَاعُ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ، فَإِنْ كَانَ بِمُدَّةٍ بَعِيدَةٍ لَمْ يُعْتَبَرْ وَكَذَا إنْ كَانَ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ

ص: 503

وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» فَأُمُّك مِنْ الرَّضَاعِ مَنْ أَرْضَعَتْك أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ لَهُ عَلَيْك وِلَادَةٌ وَأُمَّهَاتُهَا، وَأُخْتُك مَنْ رَضَعَتْ مَعَك عَلَى امْرَأَةٍ، وَكُلُّ بِنْتٍ وَلَدَتْهَا مُرْضِعَتُك أَوْ فَحْلُهَا الْمَنْسُوبُ لَهُ ذَلِكَ اللَّبَنُ وَبِنْتُك كُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْهُ زَوْجَتُك بِلَبَنِك أَوْ أَرْضَعَتْهَا بِنْتُك مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وَأَخَوَاتُ الْفَحْلِ عَمَّاتُك وَأَخَوَاتُ الْمُرْضِعِ خَالَاتُك وَبَنَاتُ الْأَخِ مَنْ أَرْضَعَتْهُ زَوْجَةُ أَخِيك بِلَبَنِهِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ مَنْ أَرْضَعَتْهُ أُخْتُك وَمِثْلُ النَّسَبِ الصِّهْرُ.

وَاسْتَثْنَى الْعُلَمَاءُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّ مَسَائِلَ وَأَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (إلَّا)(أُمَّ أَخِيك أَوْ) أُمَّ (أُخْتِك) فَإِنَّهَا تَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أُمُّك أَوْ امْرَأَةُ أَبِيك وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أَخَاك أَوْ أُخْتَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك (وَأُمَّ وَلَدِ وَلَدِك) هِيَ مِنْ النَّسَبِ إمَّا بِنْتُك أَوْ زَوْجَةُ ابْنِك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك، وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ وَلَدَ وَلَدِك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك (وَ) إلَّا (جَدَّةَ وَلَدِك) هِيَ أُمُّك أَوْ أُمُّ زَوْجَتِك وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَدَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك أُمُّهَا (وَأُخْتُ وَلَدِك) هِيَ بِنْتُك أَوْ رَبِيبَتُك وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ وَلَدَك فَلَكَ نِكَاحُ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ (وَ) إلَّا (أُمَّ عَمِّكَ وَعَمَّتِك) هِيَ إمَّا جَدَّتُك أَوْ زَوْجَةُ جَدِّك، وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ عَمَّك أَوْ عَمَّتَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك (وَأُمَّ خَالِك وَخَالَتُك) هِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا (فَقَدْ لَا يَحْرُمْنَ) هَذِهِ السِّتَّةُ (مِنْ الرَّضَاعِ) وَقَدْ يَحْرُمْنَ لِعَارِضٍ كَمَا لَوْ رَضَعَتْ بِنْتٌ مَعَ وَلَدِك عَلَى زَوْجَتِك أَوْ عَلَى أُمِّك فَصَارَتْ بِنْتَك أَوْ أُخْتَك.

(وَقُدِّرَ الطِّفْلُ) الرَّضِيعُ (خَاصَّةً) دُونَ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ (وَلَدًا لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ وَلِصَاحِبِهِ) زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ فَكَأَنَّهُ حَصَلَ مِنْ بَطْنِهَا وَظَهْرِهِ (مِنْ) حِينِ (وَطْئِهِ) لَهَا الَّذِي أَنْزَلَ فِيهِ (لِانْقِطَاعِهِ) أَيْ اللَّبَنِ (وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ) كَثِيرَةٍ وَلَوْ طَلَّقَهَا فَأَوْلَادُهُ مِنْ غَيْرِهَا مَا تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ عَلَى الرَّضَاعِ إخْوَةٌ لِذَلِكَ الطِّفْلِ (وَ) لَوْ تَأَيَّمَتْ، وَفِي ثَدْيِهَا لَبَنٌ مِنْ الْأَوَّلِ، وَوَطِئَهَا ثَانٍ وَأَنْزَلَ (اشْتَرَكَ) الزَّوْجُ الثَّانِي (مَعَ) الزَّوْجِ (الْقَدِيمِ) فِي الْوَلَدِ الَّذِي أَرْضَعَتْهُ بَعْدَ وَطْءِ الثَّانِي، وَلَوْ كَثُرَتْ الْأَزْوَاجُ كَانَ ابْنًا لِلْجَمِيعِ مَا دَامَ لَبَنُ الْأَوَّلِ فِي ثَدْيِهَا، وَثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَصَاحِبِ اللَّبَنِ.

(وَلَوْ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَمَذْهَبُهَا أَنَّ الرَّضَاعَ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ لَا يُحَرِّمُ سَوَاءٌ حَصَلَ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ وَمُقَابِلُهُ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ فِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُ يُحَرِّمُ إلَى تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ وَلَوْ حَصَلَ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ رَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ وَهَذَا هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إلَخْ

قَوْلُهُ: «مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» أَيْ فَيُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ حُرْمَةُ بَقِيَّةِ السَّبْعَةِ الْكَائِنَةِ مِنْ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ اللَّبَنُ) أَيْ الَّذِي رَضَعْتَهُ (قَوْلُهُ: وَأَخَوَاتُ الْفَحْلِ) أَيْ فَحْلٍ مِنْ مُرْضِعَتِك الْمَنْسُوبِ لَهُ ذَلِكَ اللَّبَنُ الَّذِي رَضَعْته (قَوْلُهُ وَأَخَوَاتُ الْمُرْضِعِ) أَيْ الَّتِي أَرْضَعَتْك (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ النَّسَبِ) أَيْ فِي كَوْنِ الرَّضَاعِ يُحَرِّمُ مَا حَرَّمَهُ الصِّهْرُ فَيُحَرِّمُ الرَّضَاعُ مَا حَرَّمَهُ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّضَاعَ يُحَرِّمُ مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ وَمَا حَرَّمَهُ الصِّهْرُ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ وَمَا حَرَّمَتْهُ الصِّهَارَةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْك أُمُّ زَوْجَتِك وَبِنْتُهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُخْتُهَا وَخَالَتُهَا وَعَمَّتُهَا وَبِنْتُ أَخِيهَا وَبِنْتُ أُخْتِهَا كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ: إلَّا أُمَّ أَخِيك إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ نَسَبًا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أُمُّ أَخٍ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أُمٌّ أَوْ زَوْجَةُ أَبٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الرَّضَاعِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي وَلِذَا اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي جَعْلِهِ هَذَا اسْتِثْنَاءً وَتَخْصِيصًا وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الْعُدُولُ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى لَا النَّافِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ امْرَأَةُ أَبِيك) أَيْ وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك (قَوْلُهُ: هِيَ أُمُّك) أَيْ هِيَ مِنْ النَّسَبِ أُمُّك (قَوْلُهُ: وَأُخْتَ وَلَدِك) وَكَذَلِكَ أُخْتُ أَخِيك فَهِيَ نَسَبًا إمَّا أُخْتُك أَوْ بِنْتُ زَوْجَةِ أَبِيك وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك، وَأَمَّا رَضَاعًا فَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْك، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَقَدَّرَ الطِّفْلَ خَاصَّةً إلَخْ (قَوْلُهُ: هِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا) أَيْ فَهِيَ نَسَبًا إمَّا جَدَّتُك أَوْ زَوْجَةُ جَدِّك، وَأَمَّا لَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ خَالَك أَوْ خَالَتَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك (قَوْلُهُ: لِعَارِضٍ) أَيْ كَكَوْنِ أُخْتِ وَلَدِك مِنْ الرَّضَاعِ اتَّصَفَتْ بِكَوْنِهَا بِنْتَك أَوْ أُخْتَك مِنْهُ أَيْضًا كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحُ وَكَكَوْنِ أُمِّ أَخِيك أَوْ أُخْتِك مِنْ الرَّضَاعِ اتَّصَفَتْ بِكَوْنِهَا أُخْتَك مِنْهُ أَيْضًا بِأَنْ رَضَعْت أَنْتَ مَعَهَا عَلَى ثَدْيٍ وَكَكَوْنِ أُمِّ وَلَدِ وَلَدِك وَجَدَّةِ وَلَدِك أُخْتَك أَوْ جَدَّتَك مِنْ الرَّضَاعِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: فَصَارَتْ بِنْتَك أَوْ أُخْتَك) فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ أُخْتًا لِوَلَدِك مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا أَنَّهُ عَرَضَ لَهَا كَوْنُهَا بِنْتًا لَك أَوْ أُخْتًا لَك فَحُرِّمَتْ عَلَيْك لِذَلِكَ

(قَوْلُهُ: دُونَ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ) أَيْ وَدُونَ أُصُولِهِ، وَهَذَا مُرَادُهُ بِخَاصَّةٍ، وَأَمَّا فُرُوعُ ذَلِكَ الطِّفْلِ فَإِنَّهُمْ كَهُوَ فِي حُرْمَةِ الْمُرْضِعَةِ وَأُمَّهَاتِهَا وَبَنَاتِهَا وَعَمَّاتِهَا وَخَالَاتِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ حَصَلَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَحْرُمُ عَلَى ذَلِكَ الطِّفْلِ مُرْضِعَتُهُ وَأُصُولُهَا وَفُصُولُهَا وَعَمَّاتُهَا وَخَالَاتُهَا، وَيَحْرُمُ أَيْضًا عَلَيْهِ أُصُولُ الرَّجُلِ وَفُصُولُهُ وَعَمَّاتُهُ وَخَالَاتُهُ، وَيَحْرُمُ ذَلِكَ الطِّفْلُ إنْ كَانَتْ بِنْتًا وَفُصُولُهَا عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ دُونَ أُصُولِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ وَطْئِهِ لَهَا الَّذِي أَنْزَلَ فِيهِ) أَيْ لَا مِنْ حِينِ عَقْدِهِ عَلَيْهَا وَلَا مِنْ حِينِ وَطْئِهِ لَهَا بِغَيْرِ إنْزَالٍ فِيهِ فَإِذَا رَضَعَ وَلَدٌ عَلَى امْرَأَةٍ ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا رَجُلٌ أَوْ رَضَعَهَا بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا وَقَبْلَ وَطْئِهِ لَهَا أَوْ رَضَعَهَا بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا وَلَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الرَّضِيعُ ابْنًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِهِ) أَيْ لِانْقِطَاعِ اللَّبَنِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الرَّجُلِ

ص: 504

حَصَلَ اللَّبَنُ (بِحَرَامٍ) أَيْ بِسَبَبِ وَطْءٍ حَرَامٍ (لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ) كَمَا إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ ذَاتِ لَبَنٍ أَوْ حَدَثَ مِنْ وَطْئِهِ لَبَنٌ فَكُلُّ رَضِيعٍ شَرِبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ يَكُونُ ابْنًا لِصَاحِبِهِ أَوْ تَزَوَّجَ بِمُحَرَّمَةٍ أَوْ بِخَامِسَةٍ عَالِمًا فَأَوْلَى فِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ لَوْ كَانَ بِحَرَامٍ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ بِمَا ذُكِرَ جَاهِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ فَمَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ لَا يَلْحَقَ الْوَلَدُ بِهِ ضَعِيفٌ.

(وَحُرِّمَتْ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ صَاحِبِ اللَّبَنِ (إنْ أَرْضَعَتْ) بِلَبَنِهِ (مَنْ) أَيْ طِفْلًا (كَانَ) أَيْ الطِّفْلُ (زَوْجًا لَهَا) سَابِقًا فَصُورَتُهَا تَزَوَّجَتْ رَضِيعًا بِوِلَايَةِ أَبِيهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَلَيْهِ لِمَصْلَحَةٍ فَتَزَوَّجَتْ بَالِغًا وَطِئَهَا فَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ الطِّفْلَ الَّذِي كَانَ زَوْجَهَا فَتَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ (لِأَنَّهَا) وَالْحَالَةُ هَذِهِ (زَوْجَةُ ابْنِهِ) مِنْ الرَّضَاعِ فَالْبُنُوَّةُ طَرَأَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ (كَمُرْضِعَةِ مُبَانَتِهِ) بِالْإِضَافَةِ أَيْ كَتَحْرِيمِ زَوْجَةٍ أَرْضَعَتْ رَضِيعَةً كَانَ أَبَانَهَا زَوْجُهَا، وَصُورَتُهَا تَزَوَّجَ بِرَضِيعَةٍ وَطَلَّقَهَا وَعِنْدَهُ زَوْجَةٌ كَبِيرَةٌ وَطِئَهَا وَبِهَا لَبَنٌ أَرْضَعَتْ تِلْكَ الرَّضِيعَةَ الَّتِي كَانَ أَبَانَهَا فَإِنَّ الْمُرْضِعَةَ تَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ (أَوْ مُرْتَضِعٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ مُبَانَتِهِ يَعْنِي وَاللَّبَنُ مِنْ غَيْرِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ مِنْ الثَّانِي فَأَرْضَعَتْ طِفْلَةً فَهَذِهِ الرَّضِيعَةُ تَحْرُمُ عَلَى مَنْ كَانَ طَلَّقَهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ رَضَاعًا فَتَقْدِيرُ الْمُصَنِّفِ وَكَتَحْرِيمِ رَضِيعَةٍ مُرْتَضِعَةٍ مِنْ مُطَلَّقَتِهِ فَمُرْتَضِعٌ بِكَسْرِ الضَّادِ اسْمُ فَاعِلٍ.

(وَإِنْ)(أَرْضَعَتْ) امْرَأَةٌ تَحِلُّ لَهُ بَنَاتُهَا وَلَمْ يَكُنْ تَلَذَّذَ بِهَا (زَوْجَتَيْهِ) الرَّضِيعَتَيْنِ (اخْتَارَ) وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَكَذَا لَوْ كُنَّ أَكْثَرَ لِصَيْرُورَتِهِنَّ إخْوَةً مِنْ الرَّضَاعِ (وَأَنَّ الْأَخِيرَةَ) عَقْدًا أَوْ رَضَاعًا (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (قَدْ بَنَى) أَيْ تَلَذَّذَ (بِهَا) أَيْ بِالزَّوْجَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْ (حَرُمَ الْجَمِيعُ) الْمُرْضِعَةُ لِلْعَقْدِ عَلَى الرَّضِيعَتَيْنِ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ، وَالرَّضِيعَتَانِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِزَوْجَتِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ الْمُرْضِعَةِ هَذَا إذَا انْقَطَعَ عَقِبَ الْمُفَارَقَةِ بَلْ وَإِنْ اسْتَمَرَّ اللَّبَنُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ سِنِينَ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَتَمَادَى اللَّبَنُ بِهَا لِخَمْسِ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ وَأَرْضَعَتْ وَلَدًا كَانَ ذَلِكَ الرَّضِيعُ ابْنًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ فَأَوْلَادُ ذَلِكَ الرَّجُلِ مِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مَا تَقَدَّمَ عَلَى الرَّضَاعِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ إخْوَةٌ لِذَلِكَ الرَّضِيعِ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَمَنْ أَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَبَنَاتُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَبَنَاتُ فَحْلِهَا مَا تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ إخْوَةٌ لَهُ أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَنَاتِ الْمَرْأَةِ وَالْفَحْلِ عَلَى الرَّضَاعِ أَوْ تَأَخَّرَ مِنْهُنَّ عَنْهُ إخْوَةٌ لِذَلِكَ الصَّبِيِّ فَيَجُوزُ لِأَخِ ذَلِكَ الطِّفْلِ وَلِأَصْلِهِ نِكَاحُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَنِكَاحُ بَنَاتِهَا دُونَهُ وَدُونَ فُرُوعِهِ

(قَوْلُهُ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ) عِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اللَّبَنُ فِي وَطْءٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ مُحَرَّمٍ أَوْ زِنًا يُحَرِّمُ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَكَمَا لَا تَحِلُّ لَهُ ابْنَتُهُ مِنْ الزِّنَا كَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ مَنْ أَرْضَعَتْهَا الْمَزْنِيُّ بِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ لَبَنُهُ، وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ وَإِنْ لَمْ يَلْحَقُ بِهِ، وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ فَلَا يُحَرِّمُ بِلَبَنِهِ مِنْ قِبَلِ فَحْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنَّهُ يُحَرِّمُ، وَذَلِكَ أَصَحُّ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا تَقَعُ بِذَلِكَ حُرْمَةٌ حَيْثُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ إنْ كَانَ ابْنَهُ، قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذَا خَطَأٌ مَا عَلِمْتُ مَنْ قَالَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ اهـ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: صَوَابُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِحَرَامٍ إلَّا أَنْ لَا يَلْحَقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَوْ بِحَرَامٍ لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ اهـ بْن وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ وَعَدَمِ نَشْرِهَا فِي الْوَطْءِ الْحَرَامِ الَّذِي لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَلْحَقُ بِهِ فَلَا خِلَافَ فِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَزَوَّجَ بِمُحَرَّمَةٍ) أَيْ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَقَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ أَيْ الْمُحَرَّمُ وَالْخَامِسَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) صَوَابُهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ نَشْرُ الْحُرْمَةِ، وَلَا يُقَالُ: هَذَا مُعَارِضٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِالزِّنَا حَلَالٌ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ أَيْ إنَّ الزِّنَا لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بَيْنَ أُصُولِ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَفُرُوعِهَا وَبَيْنَ الزَّانِي، وَمَا هُنَا فِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الْمُرْتَضِعِ وَبَنَاتِ الرَّجُلِ

(قَوْلُهُ: أَوْ مُرْتَضِعٍ مِنْهَا) أَيْ وَكَتَحْرِيمِ شَخْصٍ مُرْتَضِعٍ مِنْهَا وَالْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ رَضَاعًا) أَيْ وَالدُّخُولُ بِالْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ وَلَوْ طَرَأَتْ الْأُمُومَةُ كَمَا هُنَا وَقَيَّدَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُمَّهَاتِ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ اسْمُ فَاعِلٍ) أَيْ مِنْ ارْتَضَعَ وَهُوَ وَاقِعٌ عَلَى الصَّغِيرَةِ؛ إذْ هِيَ الْمُرَادُ تَحْرِيمُهَا، وَذَكَرَ الْوَصْفَ لِكَوْنِهَا بِمَعْنَى الشَّخْصِ، وَأَمَّا الْمُرْتَضَعُ مِنْهَا بِفَتْحِ الضَّادِ فَهِيَ الْمُبَانَةُ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا

(قَوْلُهُ تَحِلُّ لَهُ بَنَاتُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً وَلَا مَفْهُومَ لِهَذَا بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا أَرْضَعَتْ حَلِيلَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ قَبْلَ التَّلَذُّذِ بِهَا زَوْجَتَيْهِ الرَّضِيعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا حَرُمَ الْجَمِيعُ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ تَلَذَّذَ بِهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ كَأَنْ تَلَذَّذَ بِهَا فَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأَخِيرَةَ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الَّتِي يَخْتَارُهَا الْأَخِيرَةَ مِنْهُمَا عَقْدًا أَوْ رَضَاعًا إنْ تَرَتَّبَتَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ اخْتِيَارِ وَاحِدَةٍ مِنْ الزَّوْجَتَيْنِ الرَّضِيعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ زَوْجَةٌ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْر: لَا يَخْتَارُ وَاحِدَةً بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَفُرِّقَ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هُنَا بَيْنَهُمَا صَحِيحًا، وَطَرَأَ مَا أَفْسَدَهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ مُتَزَوِّجِ الْأُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ وَقَعَ فَاسِدًا

ص: 505

لِلتَّلَذُّذِ بِأُمِّهِمَا مِنْ الرَّضَاعِ (وَأُدِّبَتْ الْمُتَعَمِّدَةُ) بِإِرْضَاعِهَا مَنْ ذُكِرَ (لِلْإِفْسَادِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَمِّدَةٍ (وَفُسِخَ نِكَاحُ) الزَّوْجَيْنِ الْمُكَلَّفَيْنِ (الْمُتَصَادِقَيْنِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الرَّضَاعِ بِأُخُوَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَوْ سَفِيهَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (كَقِيَامِ بَيِّنَةٍ) يَثْبُتُ بِهَا الرَّضَاعُ (عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا) بِهِ (قَبْلَ الْعَقْدِ) وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْعَقْدِ أَقَامَهَا أَحَدُهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا أَوْ قَامَتْ احْتِسَابًا وَمَفْهُومُ الْإِقْرَارِ قَبْلَ الْعَقْدِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ بَعْدَهُ هُوَ الزَّوْجُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَةُ لَمْ يُفْسَخْ لِاتِّهَامِهَا عَلَى مُفَارَقَتِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ ادَّعَاهُ فَأَنْكَرَتْ إلَخْ وَلَمْ يُتَّهَمْ هُوَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ (وَلَهَا) إذَا فُسِخَ (الْمُسَمَّى) الْحَلَالُ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ (بِالدُّخُولِ) سَوَاءٌ عَلِمَا أَوْ جَهِلَا أَوْ عَلِمَ فَقَطْ (إلَّا أَنْ تَعْلَمَ فَقَطْ) بِالرَّضَاعِ وَأَنْكَرَ الْعِلْمَ (فَكَالْغَارَّةِ) لِلزَّوْجِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَتَزَوَّجَتْ فِيهَا عَالِمَةً بِالْحُكْمِ فَلَهَا رُبْعُ دِينَارٍ بِالدُّخُولِ وَلَا شَيْءَ لَهَا قَبْلَهُ.

(وَإِنْ)(ادَّعَاهُ) الزَّوْجُ أَيْ ادَّعَى الرَّضَاعَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ (فَأَنْكَرَتْ)(أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ) فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ (وَلَهَا النِّصْفُ) ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ لِيَفْسَخَ بِلَا شَيْءٍ (وَإِنْ)(ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ)(لَمْ يَنْدَفِعْ) النِّكَاحُ عَنْهَا بِالْفَسْخِ لِاتِّهَامِهَا عَلَى قَصْدِ فِرَاقِهِ (وَلَا تَقْدِرُ عَلَى طَلَبِ الْمَهْرِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَيْ لَا تُمَكَّنُ مِنْ طَلَبِ ذَلِكَ وَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِإِقْرَارِهَا بِفَسَادِ الْعَقْدِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ لَمْ يُفْسَخْ وَلَا مَهْرَ لَهَا قَبْلَهُ لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ.

(وَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ) بِالرَّضَاعِ بَيْنَ وَلَدَيْهِمَا الصَّغِيرَيْنِ (مَقْبُولٌ قَبْلَ) عَقْدِ (النِّكَاحِ) فَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ (لَا بَعْدَهُ) فَلَا يُقْبَلُ كَإِقْرَارِهِمَا بِرَضَاعِ وَلَدَيْهِمَا الْكَبِيرَيْنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ لِلتَّلَذُّذِ بِأُمِّهِمَا مِنْ الرَّضَاعِ) أَيْ وَالتَّلَذُّذُ بِالْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ (قَوْلُهُ: مَنْ ذُكِرَ) أَيْ وَهُوَ الزَّوْجَتَانِ الرَّضِيعَتَانِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَمِّدَةٍ) أَيْ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَعَمِّدَةَ لِلْإِفْسَادِ تُؤَدَّبُ لِعِلْمِهَا بِالتَّحْرِيمِ الْمُوجِبِ لِلتَّأْدِيبِ لَا بِأُدِّبَتْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَعَمِّدَةَ تُؤَدَّبُ لِلْإِفْسَادِ الْحَاصِلِ مِنْهَا فَلَا يُعْلَمُ هَلْ تَعَمَّدَتْ الْإِفْسَادَ الْمُقْتَضِي لِعِلْمِهَا بِالتَّحْرِيمِ الْمُوجِبِ لِلتَّأْدِيبِ أَوْ تَعَمَّدَتْ الْإِرْضَاعَ وَلَمْ تَتَعَمَّدْ لِلْإِفْسَادِ لِكَوْنِهَا جَاهِلَةً (قَوْلُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ) تَنَازَعَهُ فُسِخَ وَالْمُتَصَادِقِينَ أَيْ إنَّهُمَا إذَا تَصَادَقَا عَلَى الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ كَانَ تَصَادُقُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْفَسْخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ بِهَا الرَّضَاعُ) أَيْ وَهِيَ رَجُلَانِ وَرَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَامْرَأَتَانِ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ الْإِقْرَارِ قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا كَانَا مُنْكِرَيْنِ لَهُ لَكِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْمَفْهُومِ هُوَ عَيْنُ الْحُكْمِ فِيمَا إذَا ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ، وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ ادَّعَاهُ فَأَنْكَرَتْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعَقْدِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِقْرَارٍ لَا بِقِيَامٍ؛ لِأَنَّ قِيَامَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْعَقْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَهَا إذَا فُسِخَ) أَيْ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَيْهِ أَوْ لِقِيَامِ بَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ عَلِمَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا عَالِمَيْنِ بِالرَّضَاعِ حِينَ الْعَقْدِ هَذَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُتَصَادِقَيْنِ عَلَيْهِ وَفِيمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَا هَذَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُتَصَادِقَيْنِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ فَكَالْغَارَّةِ لِلزَّوْجِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ فَكَالْغَارَّةِ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فَيَكُونُ حَوَالَةً عَلَى مَعْلُومٍ لَا عَلَى مَجْهُولٍ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدًا، وَهُوَ اسْتِحْقَاقُهَا لِرُبْعِ دِينَارٍ فَقَطْ لِئَلَّا يَخْلُوَ الْبُضْعُ عَنْهُ اهـ بْن

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعَقْدِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَاهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَأَنْكَرَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا فِي فَسْخِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ وَقَعَ فَاسِدًا عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، وَيَلْزَمُهُ كُلُّ الصَّدَاقِ لِدُخُولِهِ عَالِمًا بِهِ (قَوْلُهُ: أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْقِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْغُرْمِ؛ إذْ لَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغُرْمِ الصَّدَاقِ؛ إذْ لَوْ عُمِلَ بِهِ لَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ إلَخْ) وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ، وَهِيَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ، وَفُرْقَةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَفَسْخَ الْمُتَرَاضِعَيْنِ وَهِيَ هَذِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَتْهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِاتِّهَامِهَا عَلَى قَصْدِ فِرَاقِهِ) أَيْ وَلَا مُخَلِّصَ لَهَا مِنْ الزَّوْجِ إلَّا بِالْفِدَاءِ مِنْهُ، أَوْ يُطَلِّقُ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنْ طَلَّقَ بِاخْتِيَارِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا تُقَدَّرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ إذَا حَصَلَتْ مُفَارَقَةٌ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْمَوْتِ) أَيْ وَحَصَلَتْ الْمُفَارَقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَهْرَ لَهَا قَبْلَهُ) أَيْ وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ حَصَلَتْ الْمُفَارَقَةُ قَبْلَهُ كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ بِمَوْتِهِ

(قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ مَقْبُولٌ) قَالَ طفي: كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهِ الْأَبُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَهُوَ الِابْنُ الصَّغِيرُ، وَالِابْنَةُ الْبِكْرُ كَذَا النَّقْلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ بِالصِّغَرِ فِي الْبِنْتِ وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ) أَيْ إذَا كَانَ إقْرَارُهُمَا قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ سَوَاءٌ فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَهُ فَلَا يُقْبَلُ) أَيْ وَلَوْ كَانَا عَدْلَيْنِ أَوْ حَصَلَ فَشْوٌ مِنْ النَّاسِ قَبْلَ إقْرَارِهِمَا، وَحِينَئِذٍ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لَا يُفْسَخُ (قَوْلُهُ: كَإِقْرَارِهِمَا بِرَضَاعِ وَلَدَيْهِمَا الْكَبِيرَيْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ كَانَ الْإِقْرَارُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدَانِ الْكَبِيرَانِ سَفِيهَيْنِ، وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ السَّفِيهَيْنِ كَالصَّغِيرَيْنِ وَحِينَئِذٍ

ص: 506

فَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْكَبِيرَيْنِ كَأَجْنَبِيَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمَا عَدْلَيْنِ، أَوْ فُشُوٍّ قَبْلَهُ كَمَا يَأْتِي وَشَمِلَ قَوْلُهُ: الْأَبَوَيْنِ أَبَاهُ وَأَبَاهَا أَوْ أَبَا أَحَدِهِمَا وَأُمَّ الْآخَرِ، وَلَا يَشْمَلُ أُمَّهُمَا لِدُخُولِ هَذِهِ فِي قَوْلِهِ: امْرَأَتَيْنِ وَشَبَّهَ فِي الْقَبُولِ قَبْلَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ قَوْلَهُ: (كَقَوْلِ أَبِي أَحَدِهِمَا) فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَبْلَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ بِأَنْ يَقُولَ رَضَعَ ابْنِي مَعَ فُلَانَةَ أَوْ بِنْتِي مَعَ فُلَانٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُغْنِي عَمَّا قَبْلَهَا لِفَهْمِهَا مِنْ هَذِهِ بِالْأَوْلَى (وَ) إذَا قُبِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَأَرَادَ النِّكَاحَ بَعْدَ ذَلِكَ (لَا يُقْبَلُ مِنْهُ) بَعْدَ ذَلِكَ (أَنَّهُ أَرَادَ الِاعْتِذَارَ) بِأَنْ يَقُولَ إنَّمَا فَعَلْته لِعَدَمِ إرَادَةِ النِّكَاحِ وَإِنْ حَصَلَ عَقْدٌ فُسِخَ (بِخِلَافِ) قَوْلِ (أُمِّ أَحَدِهِمَا) أَرْضَعْته أَوْ أَرْضَعْتُهَا مَعَ ابْنِي مَثَلًا وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى إقْرَارِهَا أَوْ رَجَعَتْ عَنْهُ اعْتِذَارًا (فَالتَّنَزُّهُ) مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَلَيْسَتْ كَالْأَبِ، وَلَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إنْ فَشَا مِنْهَا ذَلِكَ قَبْلَ إرَادَةِ النِّكَاحِ وَجَبَ التَّنَزُّهُ وَقُبِلَ قَوْلُهَا، وَأَوْلَى أُمُّ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقُبِلَ إقْرَارُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَهُ الِاعْتِذَارُ لَأَفَادَ الرَّاجِحَ بِلَا كُلْفَةٍ.

(وَيَثْبُتُ) الرَّضَاعُ (بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ) أَيْ مَعَ امْرَأَةٍ (وَبِامْرَأَتَيْنِ) إنْ فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا فِي الصُّورَتَيْنِ (قَبْلَ الْعَقْدِ) لَا إنْ لَمْ يَفْشُ ذَلِكَ مِنْهُمَا فَلَا يَثْبُتُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَبَ وَالْأُمَّ فِي الْبَالِغَيْنِ، وَالْأُمَّ مَعَ امْرَأَةٍ أُخْرَى فِي الْبَالِغَيْنِ كَمَا مَرَّ (وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ) أَيْ عَدَالَةُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَعَدَالَةُ الْمَرْأَتَيْنِ (مَعَ الْفُشُوِّ) أَوْ لَا تُشْتَرَطُ إلَّا مَعَ عَدَمِهِ، وَأَمَّا مَعَهُ فَلَا لِقِيَامِ الْفُشُوِّ مَقَامَهَا (تَرَدُّدٌ) وَالرَّاجِحُ لَا تُشْتَرَطُ (وَ) يَثْبُتُ (بِرَجُلَيْنِ) عَدْلَيْنِ اتِّفَاقًا فَشَا أَوْ لَا وَغَيْرُ الْعَدْلَيْنِ لَا يُقْبَلَانِ إلَّا مَعَ فُشُوٍّ قَبْلَهُ فَالتَّرَدُّدُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا.

(قَوْلُهُ: فَهُمَا إلَخْ) هَذَا كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَفَادَ بِهِ أَنَّهُ يَجْرِي فِي إقْرَارِ الْأَبَوَيْنِ بِرَضَاعِ وَلَدَيْهِمَا الْكَبِيرَيْنِ مَا جَرَى فِي إقْرَارِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ إقْرَارَ الْأَبَوَيْنِ بِرَضَاعِ وَلَدَيْهِمَا الْكَبِيرَيْنِ لَا يُقْبَلُ أَصْلًا (قَوْلُهُ أَوْ فُشُوٍّ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ إقْرَارِهِمَا (قَوْلُهُ: لِدُخُولِ هَذِهِ فِي قَوْلِهِ امْرَأَتَيْنِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَثَبَتَ بِامْرَأَتَيْنِ إنْ فَشَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمَا بِهِ إلَّا إذَا فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِ أَبِي أَحَدِهِمَا) هَذَا تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ إنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ حَيْثُ كَانَ وَلَدُهُ غَيْرَ بَالِغٍ وَكَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: تُغْنِي عَمَّا قَبْلَهَا) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ مَقْبُولٌ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا قُبِلَا) أَيْ إذَا قُبِلَ إقْرَارُ أَبَوَيْهِمَا لِكَوْنِ الْوَلَدَيْنِ صَغِيرَيْنِ أَوْ إقْرَارُ أَبَوَيْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ) أَيْ إنَّهُ أَرَادَ الِاعْتِذَارَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ، وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ عج أَنَّهُ يَنْبَغِي الْعَمَلُ عَلَيْهَا إذَا وُجِدَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ عَقْدٌ فُسِخَ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَوَلَّى الْأَبُ الْمُقِرُّ ذَلِكَ الْعَقْدَ أَوْ لَا بِأَنْ رَشَدَ الْوَلَدُ وَعَقَدَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ مَحَلُّ الْفَسْخِ إنْ تَوَلَّى الْأَبُ الْعَقْدَ، وَإِلَّا فَلَا وَالْأَوَّلُ أَقْوَى (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أُمِّ أَحَدِهِمَا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعَقْدَ لِلْأَبِ فَصَارَ ذَلِكَ كَإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى هَذَا يَتَطَرَّقُ الْخِلَافُ فِي الْأُمِّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّهَا كَالْوَصِيِّ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا الْعَاقِدُ وَإِنْ كَانَتْ تُوَكِّلْ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ أَوْ رَجَعَتْ عَنْهُ اعْتِذَارًا) بِأَنْ تَقُولَ: أَنَا كُنْت كَاذِبَةً فِي إقْرَارِي بِرَضَاعِهَا إنَّمَا أَرَدْت مَنْعَهُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ حَيْثُ قَالَ: إنَّهَا كَالْأَبِ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْعَاقِدِ لِلنِّكَاحِ فَكَانَتْ كَالْأَبِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى) أَيْ فِي قَبُولِ الْقَوْلِ وَوُجُوبِ التَّنَزُّهِ قَوْلُ أُمِّهِمَا مَعًا

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يُعْمَلُ فِي غَيْرِ الرَّشِيدِ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَوْ أُمًّا وَأَوْلَى بِإِقْرَارِهِمَا مَعًا فَيُفْسَخُ إذَا وَقَعَ وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُمَا بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ: إنْ فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فُشُوُّهُ مِنْ غَيْرِهِمَا كَمَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ خِلَافًا لِمَا فِي عبق وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: وَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بِهِ وَإِنْ فَشَا قَوْلُهُمَا بِهِ قَبْلَ نِكَاحِ الرَّضِيعَيْنِ يُثْبِتُهُ وَهُوَ مِثْلُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ نَعَمْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي مَعْنَى الْفُشُوِّ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ فَقَالَ: وَفِي كَوْنِ الْفُشُوِّ الْمُعْتَبَرِ فِي شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ فُشُوَّ قَوْلِهَا ذَلِكَ قَبْلَ شَهَادَتِهَا أَوْ فُشُوَّ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ قَوْلِهَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَبِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ يُثْبِتُ الرَّضَاعَ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ عَدَمِ الْفُشُوِّ إذَا كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ) أَيْ كَمَا يَشْمَلُ أُمَّهُمَا إذَا كَانَا صَغِيرَيْنِ أَوْ بَالِغَيْنِ فَلَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَتِهِمَا إلَّا إذَا فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا تُشْتَرَطُ إلَّا مَعَ عَدَمِهِ) الْأَوْلَى أَوْ لَا تُشْتَرَطُ مَعَهُ وَقَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ الْأُولَى لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ذَكَرَتْ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالرَّضَاعِ إلَّا مَعَ الْفُشُوِّ كَمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا الْفُشُوُّ إذَا كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَيْنِ اللَّخْمِيَّ وَابْنَ رُشْدٍ اخْتَلَفَا هَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ مَعَ الْفُشُوِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ مَعَهُ فَالْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ فَقَوْلُ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق أَوْ لَا يُشْتَرَطُ إلَّا مَعَ عَدَمِهِ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا مَعَ عَدَمِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ جَعَلَ الْفُشُوَّ شَرْطًا فِي شَهَادَتِهِمَا فَلَوْ قَالَ: أَوْ لَا يُشْتَرَطُ مَعَهُ لَكَانَ جَارِيًا عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَطْ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ وَبِرَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَانِ صَغِيرَيْنِ أَوْ كَبِيرَيْنِ شَهِدَا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَالتَّرَدُّدُ) أَيْ فَيَجْرِي التَّرَدُّدُ السَّابِقُ

ص: 507