المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سنن الإحرام بحج أو عمرة] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٢

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[سُنَن الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُحَرِّمَ بِالْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌(بَابُ الذَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ الْمُبَاحِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمُحَرَّمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[الْمَكْرُوهُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابٌ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌ الْعَقِيقَةِ وَحُكْمِهَا

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمِين وَشَرَائِطه]

- ‌[كَفَّارَة الْيَمِين]

- ‌(فَصْلٌ) فِي النَّذْرِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[بَابٌ الْجِهَادَ]

- ‌(فَصْلٌ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ

- ‌[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ]

- ‌[بَاب بَعْضُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ مِنْ الْأَحْكَامِ]

- ‌(بَابٌ) فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[أَقْسَام النِّكَاح الْفَاسِد]

- ‌[الْكِفَاءَة فِي النِّكَاح]

- ‌ مَوَانِعِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصَلِّ خِيَار أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا وَالْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ]

- ‌ مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْل وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فِرَاقهُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ

- ‌[الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلِ فِي شُرُوط الصَّدَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم تَنَازُع الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاح وَالصَّدَاق أَوْ مَتَاع الْبَيْت وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ]

- ‌[فَصَلِّ الْوَلِيمَة]

- ‌[فَصَلِّ الْقَسْم بَيْن الزَّوْجَات فِي الْمَبِيت]

- ‌ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَلَام عَلَى الْخُلْعِ]

- ‌(فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ)

- ‌[فَصَلِّ أَرْكَان الطَّلَاق]

- ‌[فَصْل حُكْم النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ)

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[بَاب الظِّهَار وَأَرْكَانَهُ وَكَفَّارَتَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[كِنَايَات الظِّهَار]

- ‌[بَاب اللِّعَان وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌ أَسْبَابُ اللِّعَانِ

- ‌[عدة الْحُرَّة]

- ‌(فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌بَابِ تَدَاخُلِ الْعَدَدِ

- ‌[بَاب أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب أَسْبَابَ النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّفَقَةِ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةُ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَضَانَةِ]

الفصل: ‌[سنن الإحرام بحج أو عمرة]

بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ الْقَعْدَةِ، أَوْ نَظَرُوا فَلَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ فَأَكْمَلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَيَجْزِيهِمْ (فَقَطْ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ " الْجَمُّ "، وَفِي قَوْلِهِ " بِعَاشِرٍ " لِيَحْتَرِزَ بِالْأَوَّلِ عَنْ خَطَإِ الْبَعْضِ - وَلَوْ أَكْثَرَهُمْ - وَالثَّانِي عَنْ خَطَئِهِمْ فَوَقَفُوا بِالثَّامِنِ وَلَمْ يَسْتَدْرِكُوا الْوُقُوفَ بِالتَّاسِعِ (لَا) الْمَارُّ (الْجَاهِلُ) بِعَرَفَةَ فَلَا يَجْزِيهِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ مَرَّ أَيْ يَكْفِي الْحُضُورُ وَلَوْ مَرَّ الْعَالِمُ بِأَنَّهُ عَرَفَةُ لَا الْجَاهِلُ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ قَوْلَهُ (كَبَطْنِ عُرَنَةَ) بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالنُّونِ وَادٍ بَيْنَ الْعَلَمَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى حَدِّ عَرَفَةَ وَالْعَلَمَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى حَدِّ الْحَرَمِ فَلَيْسَتْ عُرَنَةُ بِالنُّونِ مِنْ عَرَفَةَ بَلْ وَلَا مِنْ الْحَرَمِ (وَأَجْزَأَ) الْوُقُوفُ (بِمَسْجِدِهَا) أَيْ عُرَنَةَ بِالنُّونِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَرَفَةَ بِالْفَاءِ وَنُسِبَ لِذَاتِ النُّونِ لِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ حَائِطُهُ الْقَلْبِيُّ الَّذِي مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ لَسَقَطَ فِي عُرَنَةَ بِالنُّونِ (بِكُرْهٍ) لِمَا قِيلَ: إنَّهُ مِنْ عُرَنَةَ بِالنُّونِ.

(وَ) مَنْ عَلَيْهِ الْعِشَاءُ أَوْ الْمَغْرِبُ وَخَافَ عَدَمَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْفَجْرِ إنْ ذَهَبَ لِعَرَفَةَ، وَإِنْ صَلَّى فَاتَهُ الْحَجُّ (صَلَّى وَلَوْ فَاتَ) لِأَنَّ مَا تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهِ الْقَتْلُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَكِنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى تَقْدِيمُ الْوُقُوفِ عَلَى الصَّلَاةِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَرْكَانِ شَرَعَ فِي بَيَانِ السُّنَنِ وَبَدَأَ بِسُنَنِ أَوَّلِهَا فَقَالَ (وَالسُّنَّةُ) لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ صَبِيًّا، أَوْ حَائِضًا، أَوْ نُفَسَاءَ أَرْبَعٌ: أَوَّلُهَا (غُسْلٌ مُتَّصِلٌ) بِالْإِحْرَامِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ فَلَوْ اغْتَسَلَ غُدْوَةً، وَأَحْرَمَ وَقْتَ الظُّهْرِ لَمْ يُجْزِهِ وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِشَدِّ رِحَالِهِ، وَإِصْلَاحِ جِهَازِهِ (وَلَا دَمَ) فِي تَرْكِهِ وَلَوْ عَمْدًا وَقَدْ أَسَاءَ.

ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ " مُتَّصِلٌ " بِقَوْلِهِ (وَنُدِبَ) الْغُسْلُ (بِالْمَدِينَةِ لِلْحُلَيْفِيِّ) أَيْ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فَيَأْتِي لَابِسًا لِثِيَابِهِ فَإِذَا أَحْرَمَ مِنْهَا تَجَرَّدَ (وَ) نُدِبَ الْغُسْلُ (لِدُخُولِ غَيْرِ حَائِضٍ) وَنُفَسَاءَ (مَكَّةَ) لِأَنَّ الْغُسْلَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلطَّوَافِ فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ إلَّا مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الطَّوَافُ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

إلَى أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي لَا أَنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مُسَبَّبٌ عَنْ الْخَطَأِ لَا سَبَبٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ لَيْلَةُ الثَّلَاثِينَ مِنْ الْقَعْدَةِ) أَيْ فَكَمَّلُوا عِدَّتَهُ ثَلَاثِينَ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَظَرُوا أَيْ أَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً فَنَظَرُوا فَلَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ وَأَكْمَلُوا عِدَّةَ ذِي الْقَعْدَةِ ثَلَاثِينَ. (قَوْلُهُ: فَأَكْمَلُوا الْعِدَّةَ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ وَقَفُوا فِي تَاسِعِ الْحِجَّةِ فِي ظَنِّهِمْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ لِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَوْ أَخْطَأَ الْجَمُّ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَأَمَّا لَوْ أَخْطَئُوا فِي الْعَدَدِ بِأَنْ عَلِمُوا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، ثُمَّ نَسُوهُ فَوَقَفُوا فِي الْعَاشِرِ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِيهِمْ وَأَمَّا مَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوُقُوفُ فِي وَقْتِهِ كَالصَّوْمِ قَالَهُ سَنَدٌ وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصَّوْمِ مِنْ قَوْلِهِ لَا بِمُنْفَرِدٍ إلَّا كَأَهْلِهِ وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ اهـ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: عَنْ خَطَئِهِمْ فَوَقَفُوا بِالثَّامِنِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْإِجْزَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي إجْزَاءِ الْوُقُوفِ فِي الثَّامِنِ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ وَأَمَّا إذَا عَلِمُوا بِهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْوَقْتِ فَلَا يُجْزِئُ اتِّفَاقًا وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا اُنْظُرْ ح إذَا عَلِمْت هَذَا فَإِذَا تَذَكَّرُوا فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ فَيَقِفُونَ اتِّفَاقًا لَيْلَةَ الْعَاشِرِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَذَكَّرُوا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ فَهَلْ يَقِفُونَ لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَيُجْزِئُهُمْ وَبِهِ قِيلَ وَعَلَيْهِ مَشَى عبق، أَوْ لَا يَجْزِيهِمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا قَالَهُ عبق ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: لَا الْمَارُّ الْجَاهِلُ) أَشَارَ بِتَقْدِيرِ الْمَارِّ إلَى أَنَّ الْجَهْلَ بِعَرَفَةَ إنَّمَا يَضُرُّ الْمَارَّ وَأَمَّا مَنْ اسْتَقَرَّ بِهَا وَاطْمَأَنَّ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ جَهْلُهُ بِهَا كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْوُقُوفِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: بِكُرْهٍ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَعَ الْإِجْزَاءِ أَخَذَهُ مِمَّا حَكَاهُ الْجَلَّابُ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ وَهَذَا قَوْلٌ صَدَّرَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْقَرَافِيُّ وَصَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَشَهَّرَهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ جُلِّ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ مُرَاعَاةَ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَلِأَنَّ مَا لَا يُقْضَى إلَّا مِنْ بُعْدٍ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى مَا يُقْضَى بِسُرْعَةٍ.

[سُنَن الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

(قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ السُّنَنِ) أَيْ سُنَنِ كُلِّ رُكْنٍ. (قَوْلُهُ: أَرْبَعٌ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّلْبِيَةَ لَيْسَتْ سُنَّةً، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ فَالسُّنَنُ خَمْسَةٌ لَا أَرْبَعَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الِاتِّصَالُ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ وَقَوْلُهُ: غَدْوَةً أَيْ أَوَّلَ النَّهَارِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الِاتِّصَالَ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ وَأَنَّهُ إذَا اغْتَسَلَ غَدْوَةً وَأَخَّرَ الْإِحْرَامَ وَقْتَ الظُّهْرِ لَمْ يُجْزِهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ حَيْثُ جَعَلَ الِاتِّصَالَ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْإِحْرَامِ بِشَدِّ رِحَالِهِ أَيْ لَا يَكُونُ هَذَا مُبْطِلًا لِلِاتِّصَالِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَسَاءَ) أَيْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا.

(قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْإِحْرَامُ مِنْهَا وَاجِبًا كَمَا إذَا كَانَ الشَّخْصُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَدْبًا كَمَا لَوْ كَانَ مِصْرِيًّا مَرَّ بِالْحُلَيْفَةِ. (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي) أَيْ لِذِي الْحُلَيْفَةِ بَعْدَ غُسْلِهِ فِي الْمَدِينَةِ لَابِسًا لِثِيَابِهِ فَإِذَا أَحْرَمَ مِنْهَا تَجَرَّدَ قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَتَجَرَّدُ عَقِبَ غُسْلِهِ بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا أَتَى بَعْدَ ذَلِكَ لِلْحُلَيْفَةِ أَحْرَمَ مِنْهَا كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَصَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَاسْتَحَبَّ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَغْتَسِلَ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ يَتَجَرَّدَ مَكَانَهُ فَإِذَا وَصَلَ لِذِي الْحُلَيْفَةِ أَحْرَمَ مِنْهَا وَذَلِكَ أَفْضَلُ وَبِالْمَدِينَةِ اغْتَسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَتَجَرَّدَ وَلَبِسَ ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ وَلَمَّا وَصَلَ لِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكَعَ وَأَهَلَّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغُسْلَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلطَّوَافِ) أَيْ لَا لِدُخُولِ مَكَّةَ فَاللَّامُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِدُخُولِ مَكَّةَ بِمَعْنَى " عِنْدَ " -.

ص: 38

(بِطُوًى) مُثَلَّثُ الطَّاءِ وَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَبِطُوًى لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ (وَ) نُدِبَ أَيْضًا (لِلْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ وَلَوْ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَوَقْتُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَيَتَدَلَّكُ فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ تَدْلِيكًا خَفِيفًا.

(وَ) ثَانِي السُّنَنِ (لُبْسُ إزَارٍ) فِي وَسَطِهِ (وَرِدَاءٍ) عَلَى كَتِفَيْهِ (وَنَعْلَيْنِ) أَيْ أَنَّ السُّنَّةَ هَذِهِ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ التَّجَرُّدَ وَاجِبٌ فَلَوْ الْتَحَفَ بِرِدَاءٍ، أَوْ كِسَاءٍ أَجْزَأَهُ وَخَالَفَ السُّنَّةَ.

(وَ) ثَالِثُ السُّنَنِ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ (تَقْلِيدُ هَدْيٍ) إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ تَطَوُّعًا، أَوْ لِعَامٍ مَضَى وَكَانَ مِمَّا يُقَلَّدُ لَا غَنَمًا، وَأَمَّا مَا يَجِبُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّمَا يُقَلَّدُ بَعْدَهُ (ثُمَّ إشْعَارُهُ) إنْ كَانَ مِمَّا يُشْعَرُ كَالْإِبِلِ فَالتَّقْلِيدُ وَالْإِشْعَارُ سُنَّةٌ لِلْإِحْرَامِ بِالْقَيْدَيْنِ لَا مُطْلَقًا.

(ثُمَّ) رَابِعُ السُّنَنِ (رَكْعَتَانِ وَالْفَرْضُ مُجْزٍ) عَنْهُمَا وَفَاتَهُ الْأَفْضَلُ وَأَفَادَ بِثُمَّ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الْإِشْعَارَ عَنْ التَّقْلِيدِ وَالرَّكْعَتَيْنِ عَنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ أَيْ نَدْبًا فِيهِمَا لَكِنَّ النَّصَّ تَقْدِيمُ الرُّكُوعِ عَلَى التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ.

ثُمَّ بَيَّنَ الْوَقْتَ الَّذِي يُحْرِمُ فِيهِ نَدْبًا بَعْدَ فِعْلِ مَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ (يُحْرِمُ الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى) عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشْيِهَا (وَالْمَاشِي إذَا مَشَى) وَلَا يَنْتَظِرُ الْخُرُوجَ إلَى الْبَيْدَاءِ.

(وَتَلْبِيَةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ خَامِسَةٌ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي " وَإِنْ تُرِكَتْ أَوَّلَهُ فَدَمٌ " أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَاتِّصَالُهَا بِالْإِحْرَامِ وَاجِبٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ يَسِيرُ الْفَصْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ السُّنَّةَ اتِّصَالُهَا بِالْإِحْرَامِ حَقِيقَةً فَإِنْ تَرَكَهُ فَإِنْ انْضَمَّ لِذَلِكَ طُولٌ لَزِمَهُ الدَّمُ فَقَوْلُهُ " وَتَلْبِيَةٌ " عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَاتِّصَالُ تَلْبِيَةٍ (وَجُدِّدَتْ) نَدْبًا (لِتَغَيُّرِ حَالٍ) كَقِيَامٍ وَقُعُودٍ وَصُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَرُكُوبٍ وَمُلَاقَاةِ رِفَاقٍ (وَخَلْفَ صَلَاةٍ) وَلَوْ نَافِلَةً (وَهَلْ) يَسْتَمِرُّ الْمُحْرِمُ بِحَجٍّ يُلَبِّي (لِمَكَّةَ) أَيْ لِدُخُولِهَا.

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: بِطُوًى) أَيْ إنْ أَتَى مِنْ جِهَتِهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ مِنْ جِهَتِهَا فَيُقَدِّرُ مَا بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَيَتَدَلَّكُ) فِيهِمَا أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى غُسْلًا إلَّا مَعَ الدَّلْكِ وَقَوْلُهُ: تَدْلِيكًا خَفِيفًا أَيْ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ فَيُخَافُ مِنْ شِدَّةِ الدَّلْكِ قَتْلُ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ أَوْ قَلْعُ شَيْءٍ مِنْ الشَّعْرِ وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ يَقُولُ: إنَّهُ لَا يَتَدَلَّكُ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ: يَتَدَلَّكُ فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ غُسْلُ الْإِحْرَامِ فَيَتَدَلَّكُ فِيهِ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ السُّنَّةَ هَذِهِ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ أَصْلُهُ لح وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَبَحَثَ فِيهِ طفى بِأَنَّ جَعْلَ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ سُنَّةً يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ وَإِنَّهُ مُعْتَمَدٌ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ أَنَّ تِلْكَ الْهَيْئَةَ الِاجْتِمَاعِيَّةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَمَا نَسَبَهُ التَّوْضِيحُ لِابْنِ شَاسٍ وَصَاحِبِ الذَّخِيرَةِ مِنْ السُّنِّيَّةِ قَالَ طفى الظَّاهِرُ مِنْهُمَا خِلَافُهُ فَالْأَوْلَى مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بَهْرَامُ وتت مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ السُّنَّةِ التَّجَرُّدُ وَمِثْلُهُ لِعِيَاضٍ وَصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَبِهِ عَبَّرَ فِي مَنَاسِكِهِ، وَقَوْلُ ح - يَبْعُدُ أَنْ يُرِيدَ التَّجَرُّدَ مِنْ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ يَأْثَمُ تَارِكُهُ - غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُنْجَبِرَةِ بِالدَّمِ مُخْتَلِفٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالْوَاجِبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالسُّنَّةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّأْثِيمِ وَعَدَمِهِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَكَانَ مِمَّا يُقَلَّدُ) أَيْ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَأَمَّا مَا يَجِبُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا إذَا لَزِمَهُ لِأَجْلِ تَمَتُّعٍ، أَوْ قِرَانٍ وَقَوْلُهُ: إنَّمَا يُقَلَّدُ بَعْدَهُ أَيْ فَإِنْ قُلِّدَ قَبْلَهُ خَالَفَ الْأَوْلَى فَقَطْ. (قَوْلُهُ: بِالْقَيْدَيْنِ) أَيْ كَوْنِ الْهَدْيِ مَسُوقًا لِتَطَوُّعٍ، أَوْ لِأَجْلِ مَا لَزِمَهُ عَنْ مَاضٍ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُقَلَّدُ، أَوْ يُشْعَرُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَكْعَتَانِ) أَيْ فَأَكْثَرُ فَهُوَ اقْتِصَارٌ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهُ مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ رَكْعَتَانِ فَقَطْ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ وَقْتَ جَوَازٍ، وَإِلَّا انْتَظَرَهُ بِالْإِحْرَامِ مَا لَمْ يَكُنْ مُرَاهَقًا، وَإِلَّا أَحْرَمَ وَتَرَكَهُمَا كَمَا أَنَّ الْمَعْذُورَ مِثْلَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ يَتْرُكُهُمَا. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْضُ مُجْزِئٌ) أَيْ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَامُ عَقِبَ نَافِلَةٍ وَحِينَئِذٍ فَلِلْإِحْرَامِ صَلَاةٌ تَخُصُّهُ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِإِيقَاعِ الْإِحْرَامِ عَقِبَ صَلَاةٍ وَلَوْ فَرْضًا لَكِنْ إنْ كَانَتْ نَفْلًا فَقَدْ أَتَى بِسُنَّةٍ وَمَنْدُوبٍ، وَإِنْ فَعَلَهُ بَعْدَ فَرْضٍ فَقَدْ أَتَى بِسُنَّةٍ فَقَطْ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ خُصُوصُ الْعَيْنِيِّ، أَوْ وَلَوْ بِالْعُرُوضِ كَجِنَازَةٍ تَعَيَّنَتْ وَنَذْرِ نَفْلٍ وَهَلْ السُّنَّةُ الْمُؤَكَّدَةُ كَالْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الْإِشْعَارَ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ الْهَدْيُ يَجُوزُ فِيهِ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ كَالْإِبِلِ وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْإِشْعَارُ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِيهِ التَّقْلِيدُ كَالْبَقَرِ فَلَا يَظْهَرُ فِيهِ التَّرْتِيبُ. (قَوْلُهُ: أَيْ نَدْبًا فِيهِمَا) حَاصِلُهُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُنْصَبَّةٌ عَلَى ذَاتِ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَأَنَّ التَّعْبِيرَ بِثُمَّ يُفِيدُ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ مَنْدُوبٌ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ النَّصَّ أَيْ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: نَدْبًا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " يُحْرِمُ الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى وَالْمَاشِي إذَا مَشَى " عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَلَوْ أَحْرَمَ الرَّاكِبُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَحْرَمَ الْمَاشِي قَبْلَ مَشْيِهِ كَفَاهُ ذَلِكَ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: إلَى الْبَيْدَاءِ) أَيْ الصَّحْرَاءِ وَبَطْنِ الْوَادِي.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ السُّنَّةَ اتِّصَالُهَا) أَيْ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي ذَاتِهَا وَأَنَّ تَجْدِيدَهَا مُسْتَحَبٌّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّلْبِيَةَ فِي ذَاتِهَا وَاجِبَةٌ، وَعَدَمَ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْإِحْرَامِ بِكَثِيرٍ وَاجِبٌ أَيْضًا، وَمُقَارَنَتَهَا لِلْإِحْرَامِ، وَاتِّصَالَهَا بِهِ سُنَّةٌ، وَتَجْدِيدَهَا مُسْتَحَبٌّ هَذَا هُوَ أَرْجَحُ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَهُ) أَيْ الِاتِّصَالَ وَلَمْ يَأْتِ بِالسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ: لَزِمَهُ الدَّمُ أَيْ لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ وَانْضِمَامِ الطُّولِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْفَصْلُ يَسِيرًا فَلَا دَمَ إذْ لَمْ يَحْصُلْ سِوَى تَرْكِ السُّنَّةِ وَهُوَ يَسِيرُ الْفَصْلِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ دَمًا. (قَوْلُهُ: أَيْ وَاتِّصَالُ تَلْبِيَةٍ) أَيْ اتِّصَالُهَا وَمُقَارَنَتُهَا لِلْإِحْرَامِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ التَّلْبِيَةَ وَاجِبَةٌ.

ص: 39

فَيَقْطَعُ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى فَيُعَاوِدُهَا حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَرُوحُ إلَى مُصَلَّاهَا (أَوْ لِلطَّوَافِ) أَيْ لِابْتِدَائِهِ وَالشُّرُوعِ فِيهِ (خِلَافٌ) وَالْمُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ إلَخْ.

(وَإِنْ تُرِكَتْ) التَّلْبِيَةُ (أَوَّلَهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ (فَدَمٌ إنْ طَالَ) وَلَوْ رَجَعَ وَلَبَّى لَا يَسْقُطُ عَنْهُ (وَ) نُدِبَ (تَوَسُّطٌ فِي عُلُوِّ صَوْتِهِ وَ) نُدِبَ تَوَسُّطٌ (فِيهَا) أَيْ فِي التَّلْبِيَةِ فَلَا يُكْثِرُ جِدًّا حَتَّى يَلْحَقَهُ الضَّجَرُ وَلَا يُقَلِّلُ حَتَّى تَفُوتَهُ الشَّعِيرَةُ (وَعَاوَدَهَا بَعْدَ سَعْيٍ، وَإِنْ بِالْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ (لِرَوَاحِ مُصَلَّى عَرَفَةَ) بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنْ وَصَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ لَبَّى إلَيْهِ.

(وَمُحْرِمُ مَكَّةَ) مِنْ أَهْلِهَا أَوْ مُقِيمٍ بِهَا وَلَا يَكُونُ إلَّا بِحَجٍّ مُفْرِدًا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَمَكَانُهُ لَهُ لِلْمُقِيمِ مَكَّةُ (يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ) أَيْ ابْتِدَاءُ تَلْبِيَتِهِ الْمَسْجِدُ وَانْتِهَاؤُهَا إلَى مُصَلَّى عَرَفَةَ كَغَيْرِهِ.

(وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ) مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ (وَفَائِتَ الْحَجِّ) أَيْ الْمُعْتَمِرُ لِفَوَاتِ الْحَجِّ بِأَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَلَمْ يَتَمَادَ عَلَيْهِ بَلْ فَاتَهُ بِحَصْرٍ، أَوْ مَرَضٍ فَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ يُلَبِّي كُلٌّ مِنْهُمَا (لِلْحَرَمِ) أَيْ إلَيْهِ لَا إلَى رُؤْيَةِ الْبُيُوتِ.

(وَ) الْمُعْتَمِرُ (مِنْ الْجِعْرَانَةِ وَالتَّنْعِيمِ) يُلَبِّي (لِلْبُيُوتِ) أَيْ إلَى دُخُولِ بُيُوتِ مَكَّةَ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ.

ثُمَّ ذَكَرَ سُنَنَ الطَّوَافِ فَقَالَ (وَ) السُّنَنُ (لِلطَّوَافِ) أَرْبَعٌ أَيْضًا أَوَّلُهَا (الْمَشْيُ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ فِي الْوَاجِبِ كَمَا قَالَ (وَإِلَّا) بِأَنْ رَكِبَ، أَوْ حَمَلَ (فَدَمٌ) وَاجِبٌ (لِقَادِرٍ) عَلَى الْمَشْيِ (لَمْ يُعِدْهُ) فَإِنْ أَعَادَهُ مَاشِيًا بَعْدَ رُجُوعِهِ لَهُ مِنْ بَلَدٍ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَمَا دَامَ بَاقِيًا بِمَكَّةَ فَيُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ مَاشِيًا وَلَوْ مَعَ الْبُعْدِ وَلَا يُجْزِيهِ دَمٌ وَالسَّعْيُ كَالطَّوَافِ فِي الْمَشْيِ وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ.

(وَ) ثَانِيهَا (تَقْبِيلُ حَجَرٍ) أَسْوَدَ (بِفَمٍ أَوَّلَهُ) أَيْ أَوَّلَ الطَّوَافِ وَكَذَا يُسَنُّ اسْتِلَامُ الرُّكْنِ الْيَمَانِي بِيَدِهِ وَيَضَعُهَا عَلَى فِيهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَأَنَّ السُّنَّةَ اتِّصَالُهَا بِالْإِحْرَامِ مِثْلُهُ لح قَائِلًا وَأَمَّا التَّلْبِيَةُ فِي نَفْسِهَا فَوَاجِبَةٌ وَيَجِبُ أَيْضًا أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِحْرَامِ بِطَوِيلٍ، وَحَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ لُزُومَ الدَّمِ يُنَافِي السُّنِّيَّةَ وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ مِنْ أَنَّ اصْطِلَاحَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُنْجَبِرَةِ بِالدَّمِ مُخْتَلِفٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرْ عَنْهَا بِالْوَاجِبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالسُّنِّيَّةِ وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّأْثِيمِ وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَقْطَعُ) أَيْ عِنْدَ دُخُولِهَا وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَطُوفَ أَيْ لِلْقُدُومِ. (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْأَوَّلُ مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَالثَّانِي مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تُرِكَتْ أَوَّلَهُ) أَيْ عَمْدًا، أَوْ نِسْيَانًا وَمِثْلُ الطُّولِ مَا لَوْ تَرَكَهَا جُمْلَةً وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تُرِكَتْ أَوَّلَهُ فَدَمٌ مَفْهُومُ الظَّرْفِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا فِي أَثْنَائِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَصَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَالتُّونُسِيُّ وَصَاحِبُ التَّلْقِينِ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ قَالُوا: أَقَلُّهَا مَرَّةٌ، وَإِنْ قَالَهَا، ثُمَّ تَرَكَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ قَالَ ح وَشَهَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُوبَ الدَّمِ وَنَصَّهُ فَإِنْ لَبَّى حِينَ أَحْرَمَ وَتَرَكَ فَفِي لُزُومِ الدَّمِ ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يُعَوِّضْهَا بِتَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ لِلْمَشْهُورِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيِّ اهـ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَإِنْ ابْتَدَأَ بِهَا وَلَمْ يُعِدْهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ فِي أَقْوَى الْقَوْلَيْنِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ كَلَامُ ح.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُكْثِرُ) أَيْ مِنْ التَّلْبِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَاوَدَهَا) أَيْ اسْتِحْبَابًا كَمَا قِيلَ، وَفِي المج وَعَاوَدَهَا وُجُوبًا بَعْدَ سَعْيٍ فَإِنْ لَمْ يُعِدْهَا أَصْلًا بَعْدَهُ فَدَمٌ عَلَى الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ التَّلْبِيَةِ مَرَّةٌ فَإِنْ قَالَهَا وَتَرَكَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَيْ وَإِنْ كَانَ جَالِسًا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الزَّوَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَوَاحٍ أَيْ إلَى أَنْ يَرُوحَ وَيُصَلِّيَ لِمُصَلَّى عَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِذَا وَصَلَ لِمُصَلَّى عَرَفَةَ وَزَالَتْ الشَّمْسُ فَلَا يُعَاوِدُهَا بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَالْمَرْجُوعُ عَنْهُ أَنْ يَسْتَمِرَّ يُلَبِّي إلَى أَنْ يَصِلَ لِمَحَلِّ الْوُقُوفِ وَلَا يَقْطَعَ إذَا وَصَلَ لِمُصَلَّى عَرَفَةَ فَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُصَلَّى عَرَفَةَ فَإِنَّهُ يُلَبِّي إلَى أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ إذَا كَانَ إحْرَامُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُلَبِّي لِلزَّوَالِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَصَلَ) أَيْ لِمُصَلَّى عَرَفَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ لَبَّى لِلزَّوَالِ فَإِنْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ قَبْلَ وُصُولِهِ لَبَّى لِوُصُولِهِ فَيُعْتَبَرُ الْأَقْصَى مِنْهُمَا وَمُصَلَّى عَرَفَةَ هُوَ مَسْجِدُ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ إلَّا بِحَجٍّ مُنْفَرِدًا) أَيْ وَلَا يَكُونُ الْمُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا بِحَجٍّ مُفْرِدًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمِرَ وَالْقَارِنَ يُحْرِمَانِ مِنْ الْحِلِّ. (قَوْلُهُ: إلَى مُصَلَّى عَرَفَةَ) أَيْ إلَى وُصُولِهَا بَعْدَ الزَّوَالِ.

(قَوْلُهُ: وَفَائِتَ الْحَجِّ) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ مُدْرِكَ الْحَجِّ وَفَائِتَ الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: بَلْ فَاتَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوُصُولِ لِمَكَّةَ وَقَوْلُهُ: فَتَحَلَّلَ أَيْ فَعَزَمَ عَلَى التَّحَلُّلِ. (قَوْلُهُ: لِلْحَرَمِ) أَيْ لِدُخُولِ الْحَرَمِ أَيْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَوْلُهُ: لَا إلَى رُؤْيَةِ الْبُيُوتِ أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمِرُ مِنْ الْجِعْرَانَةِ) أَيْ وَهُوَ الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) قَدْ عَلِمْتَ الْجَوَابَ عَنْهُ مِمَّا مَرَّ. (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ وَاجِبٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَشْيَ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَاجِبٌ عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهِ فَلَا دَمَ عَلَى عَاجِزٍ طَافَ أَوْ سَعَى رَاكِبًا، أَوْ مَحْمُولًا وَأَمَّا الْقَادِرُ إذَا طَافَ، أَوْ سَعَى مَحْمُولًا أَوْ رَاكِبًا فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ مَاشِيًا مَا دَامَ بِمَكَّةَ وَلَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ حِينَئِذٍ كَمَا يُؤْمَرُ الْعَاجِزُ بِإِعَادَتِهِ إنْ قَدَرَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، وَإِنْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ لِإِعَادَتِهِ وَيَلْزَمُهُ دَمٌ فَإِنْ رَجَعَ وَأَعَادَهُ مَاشِيًا سَقَطَ الدَّمُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْوَاجِبِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَأَمَّا الطَّوَافُ غَيْرُ الْوَاجِبِ فَالْمَشْيُ فِيهِ سُنَّةٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا دَمَ عَلَى تَارِكِ الْمَشْيِ فِيهِ قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ) قَالَ بْن وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَاجِزِ عَدَمُ الْقُدْرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ الْمَرَضُ الَّذِي يَشُقُّ مَعَهُ الْمَشْيُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.

(قَوْلُهُ: وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ بِفَمٍ) ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ سُنَّةٌ.

ص: 40

مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ أَوَّلَهُ أَيْضًا وَتَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَاسْتِلَامُ الْيَمَانِي فِي بَاقِي الْأَشْوَاطِ مُسْتَحَبٌّ (وَفِي الصَّوْتِ) بِالتَّقْبِيلِ (قَوْلَانِ) بِالْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ وَكَرِهَ مَالِكٌ السُّجُودَ وَتَمْرِيغَ الْوَجْهِ عَلَيْهِ (وَلِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ) إنْ قَدَرَ (ثُمَّ عُودٍ) إنْ لَمْ يَقْدِرْ بِالْيَدِ فَلَا يَكْفِي الْعُودُ مَعَ إمْكَانِ الْيَدِ وَلَا الْيَدُ مَعَ إمْكَانِ التَّقْبِيلِ (وَوُضِعَا) أَيْ الْيَدُ أَوْ الْعُودُ (عَلَى فِيهِ) مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ وَالْمُعْتَمَدُ التَّكْبِيرُ مَعَ التَّقْبِيلِ وَاللَّمْسِ بِالْيَدِ وَالْعُودِ (ثُمَّ) إنْ تَعَذَّرَ الْعُودُ (كَبَّرَ) فَقَطْ مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ بِيَدِهِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَرَاتِبِ بَيْنَ الشَّوْطِ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ.

(وَ) ثَالِثُهَا (الدُّعَاءُ بِلَا حَدٍّ) فِي الدُّعَاءِ وَالْمَدْعُوِّ بِهِ جَمِيعًا فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ.

(وَ) رَابِعُهَا وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ (رَمَلُ رَجُلٍ فِي) الْأَشْوَاطِ (الثَّلَاثَةِ)(الْأُوَلِ) فَقَطْ (وَلَوْ) كَانَ الطَّائِفُ (مَرِيضًا وَصَبِيًّا حُمِلَا) عَلَى دَابَّةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَيَرْمُلُ الْحَامِلُ وَتُحَرَّكُ الدَّابَّةُ كَمَا تُحَرَّكُ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ (وَلِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ) فَلَا يُكَلَّفُ فَوْقَهَا.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ سُنَنِ السَّعْيِ وَهِيَ أَرْبَعٌ فَقَالَ (وَ) السُّنَّةُ الْأُولَى (لِلسَّعْيِ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ) الْأَسْوَدِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَنُدِبَ أَنْ يَمُرَّ بِزَمْزَمَ فَيَشْرَبَ مِنْهَا، ثُمَّ يَخْرُجَ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا نَدْبًا.

(وَ) الثَّانِيَةُ (رُقِيُّهُ) أَيْ الرَّجُلِ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كُلَّمَا وَصَلَ لِأَحَدِهِمَا لَا مَرَّةً فَقَطْ (كَامْرَأَةٍ إنْ خَلَا) الْمَوْضِعُ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ مِنْ مُزَاحَمَتِهِمْ، وَإِلَّا وَقَفَتْ أَسْفَلَهُمَا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ السُّنَّةُ الْقِيَامُ عَلَيْهِمَا إلَّا مِنْ عُذْرٍ فَإِنْ جَلَسَ فِي أَعْلَى الصَّفَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَلَوْ عَبَّرَ بِقِيَامِهِ عَلَيْهِمَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الرُّقِيِّ الْقِيَامُ الْمَطْلُوبُ وَقِيلَ الْقِيَامُ مَنْدُوبٌ زَائِدٌ عَلَى سُنَّةِ الرُّقِيِّ فَلَا اعْتِرَاضَ.

(وَ) السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ لِلرَّجُلِ فَقَطْ (إسْرَاعٌ بَيْنَ) الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إلَى الْمَرْوَةِ حَالَ ذَهَابِهِ فَقَطْ لَا فِي الْعَوْدِ مِنْهَا إلَى الصَّفَا (فَوْقَ الرَّمَلِ) فِي الْأَطْوَافِ الْأَرْبَعَةِ.

(وَ) الرَّابِعَةُ (دُعَاءٌ) بِلَا حَدٍّ عِنْدَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِمَنْ يَرْقَى وَغَيْرِهِ.

(وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ (وَوُجُوبِهِمَا) مُطْلَقًا.

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي كُلّ طَوَافٍ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا، أَوْ تَطَوُّعًا وَهُوَ الَّذِي نَسَبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلتَّلْقِينِ وَلِنَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ كَالْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ كُلُّهُ خِلَافُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِلَامٌ أَيْ تَقْبِيلٌ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي ابْتِدَاءِ طَوَافِهِ إلَّا فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: بِالْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ) الَّذِي فِي ح عَنْ زَرُّوقٍ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْإِبَاحَةِ رَجَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: وَتَمْرِيغَ الْوَجْهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. (قَوْلُهُ: وَلِلزَّحْمَةِ) أَيْ وَجَازَ عِنْدَ الزَّحْمَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ لَمْسٌ أَيْ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّهْذِيبِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَالرِّسَالَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ يُكَبِّرُ إذَا تَعَذَّرَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ وَالْعُودِ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ فِي تَوْضِيحِهِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَالصَّوَابُ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ كَمَا عَلِمْتَ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَرَمَلُ رَجُلٍ) أَيْ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا رَمَلَ عَلَيْهِنَّ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ لَهُنَّ اهـ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) أَيْ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ وَالْعُمْرَةِ فَقَطْ وَنُدِبَ الرَّمَلُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَنْ فَاتَهُ الْقُدُومُ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَلِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ) أَيْ وَالْمَطْلُوبُ فِي الرَّمَلِ عِنْدَ الزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) أَيْ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي السَّعْيِ.

(قَوْلُهُ: رُقِيُّهُ عَلَيْهِمَا) اعْلَمْ أَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِمُطْلَقِ الرُّقِيِّ وَلَوْ عَلَى سُلَّمٍ وَاحِدٍ وَلَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَصْعَدَ عَلَى أَعْلَاهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُرَادُ الرُّقِيُّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ فَمَنْ رَقِيَ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ فَقَدْ أَتَى بِبَعْضِ السُّنَّةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لَا مَرَّةً فَقَطْ) أَيْ لَا رُقِيُّهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَرَّةً فَقَطْ. (قَوْلُهُ: كَامْرَأَةٍ) أَيْ كَمَا يُسَنُّ رُقِيُّ الْمَرْأَةِ عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: السُّنَّةُ الْقِيَامُ) أَيْ الْوُقُوفُ. (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ سُنَّةً وَلَا دَمَ فِي تَرْكِهَا وَقَوْلُهُ: فَلَوْ عَبَّرَ أَيْ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ بِقِيَامِهِ أَيْ بَدَلَ " رُقِيُّهُ ". (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْقِيَامُ مَنْدُوبٌ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ) أَيْ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي السُّنَنِ لَا فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ.

(قَوْلُهُ: وَإِسْرَاعٌ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ) ذَكَرَ ح عَنْ سَنَدٍ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِسْرَاعِ يَكُونُ قَبْلَ الْمِيلِ الْأَوَّلِ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِسْرَاعِ مِنْ عِنْدِ الْمِيلِ الْأَوَّلِ الَّذِي مِنْ رُكْنِ الْمَسْجِدِ نَحْوُهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي الْمَوَّاقِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ: بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ أَيْ وَهُمَا الْعَمُودَانِ اللَّذَانِ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوَّلُهُمَا فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ تَحْتَ مَنَارَةِ بَابِ عَلِيٍّ وَالثَّانِي بَعْدَ قُبَالَةِ رِبَاطِ الْعَبَّاسِ وَهُنَاكَ مِيلَانِ آخَرَانِ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ مِنْ الصَّفَا لِلْمَرْوَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ. (قَوْلُهُ: حَالَ ذَهَابِهِ) أَيْ لِلْمَرْوَةِ وَقَوْلُهُ: لَا فِي الْعَوْدِ أَيْ لَا يُسْرِعُ فِي حَالَةِ الْعَوْدِ مِنْهَا لِلصَّفَا وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ سَنَدٍ وَالْمَوَّاقِ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِسْرَاعَ خَاصٌّ بِالذَّهَابِ لِلْمَرْوَةِ وَلَا يَكُونُ فِي حَالِ الْعَوْدِ لِلصَّفَا وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْإِسْرَاعَ ذَهَابًا، وَإِيَابًا وَارْتَضَى بْن ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ وَأَيَّدَهُ بِالنُّقُولِ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَطْوَافِ الْأَرْبَعَةِ) الْأَوْلَى فِي الْأَشْوَاطِ الْأَرْبَعَةِ أَعْنِي الذَّهَابَ مِنْ الصَّفَا لِلْمَرْوَةِ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الصَّفَا إلَخْ) الصَّوَابُ أَنَّهُ يُسَنُّ الدُّعَاءُ لِمَنْ يَسْعَى مُطْلَقًا فِي حَالِ رُقِيِّهِ، وَفِي حَالَ سَعْيِهِ أَيْضًا وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالرُّقِيِّ عَلَيْهِمَا.

ص: 41

(تَرَدُّدٌ) الْمَشْهُورُ وُجُوبُهُمَا فِي الْوَاجِبِ أَيْ وَالتَّرَدُّدُ فِي غَيْرِهِ مُسْتَوٍ (وَنُدِبَا) أَيْ نُدِبَ قِرَاءَتُهُمَا (كَالْإِحْرَامِ) أَيْ كَنَدْبِ قِرَاءَةِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ (بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى التَّوْحِيدِ فِي مَقَامِ التَّجْرِيدِ (وَ) نُدِبَا أَيْ إيقَاعُهُمَا (بِالْمَقَامِ) أَيْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ أَيْ خَلْفَهُ لَا دَاخِلَهُ.

(وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ بِالْمُلْتَزَمِ) بَعْدَ الطَّوْفِ وَرَكْعَتَيْهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْحَائِطِ فَيَلْتَزِمُهُ وَيَعْتَنِقُهُ وَاضِعًا صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ عَلَيْهِ بَاسِطًا كَفَّيْهِ وَيُسَمَّى بِالْحَطِيمِ.

(وَ) نُدِبَ (اسْتِلَامُ) أَيْ تَقْبِيلُ (الْحَجَرِ) الْأَسْوَدِ بِكُلِّ شَوْطٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَلَمْسُ الرُّكْنِ (الْيَمَانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ وَ) نُدِبَ (اقْتِصَارٌ عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم) وَهِيَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك، وَكَرِهَ مَالِكٌ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا.

(وَ) نُدِبَ (دُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا) أَيْ ضُحًى (وَ) دُخُولُ (الْبَيْتِ) أَيْ الْكَعْبَةِ نَهَارًا، أَوْ لَيْلًا (وَ) نُدِبَ دُخُولُ مَكَّةَ (مِنْ كَدَاءٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ مُنَوَّنًا (لِمَدَنِيٍّ) أَيْ لِمَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ (وَ) دُخُولُ (الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) الْمَعْرُوفِ الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ (وَ) نُدِبَ (خُرُوجُهُ) أَيْ الْمَدَنِيِّ أَيْضًا (مِنْ كُدًى) بِضَمِّ الْكَافِ وَالْقَصْرِ.

(وَ) نُدِبَ لِمَنْ طَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَأَمَرْنَاهُ بِتَأْخِيرِ الرُّكُوعِ لِحِلِّ النَّافِلَةِ بِالْغُرُوبِ وَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ (رُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ) صَلَاةِ (الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ غَالِبِ الْعِبَارَاتِ كَذَا ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ النَّفْرَاوِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ.

(قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالثَّانِي اخْتَارَهُ الْبَاجِيَّ وَقَالَ سَنَدٌ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُنَاكَ قَوْلٌ آخَرُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَهُوَ أَنَّهُمَا وَاجِبٌ بَعْدَ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَسُنَّةٌ بَعْدَ الطَّوَافِ الْغَيْرِ الْوَاجِبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ بَشِيرٍ فِي التَّنْبِيهِ قَالَ ح وَهُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ مِنْ الْمَشْهُورِ فَهُوَ اخْتِيَارُ لعج فَقَدْ عَلِمْتَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ الْمَقَالَاتِ أَرْبَعَةٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ خَلْفَهُ) أَيْ خَلْفَ الْبِنَاءِ الْمُحِيطِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَجَرِ الَّذِي كَانَ يَقِفُ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمُ عِنْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ وَكَانَ إسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَقِيلَ إنَّهُ الْحَجَرُ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمُ حِينَ أَذَّنَ لِلنَّاسِ بِالْحَجِّ وَقَدْ وَرَدَ مِنْ الْجَنَّةِ وَأَنَّ فِيهِ أَثَرُ أَقْدَامِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام.

(قَوْلُهُ: بِالْمُلْتَزَمِ) عِنْدَهُ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى " عِنْدَ ". (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى بِالْحَطِيمِ) أَيْ لِأَنَّهُ يُدْعَى عِنْدَهُ عَلَى الظَّالِمِ فَيُحْطَمُ أَيْ يُهْلَكُ أَوْ لِأَنَّهُ أَيْ تُحْطَمُ عِنْدَهُ الذُّنُوبُ بِالْمَغْفِرَةِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْأَوَّلِ) أَيْ وَأَمَّا اسْتِلَامُهُ فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ فَسُنَّةٌ وَقَوْلُهُ: وَلَمْسُ الرُّكْنِ الْيَمَانِي أَيْ فِي كُلِّ شَوْطٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَأَمَّا لَمْسُهُ فِي الْأَوَّلِ فَسُنَّةٌ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: لَبَّيْكَ) مَعْنَاهُ إجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ أَيْ أَجَبْتُك لِلْحَجِّ حِينَ أَذَّنَ إبْرَاهِيمُ بِهِ فِي النَّاسِ كَمَا أَجَبْتُك أَوَّلًا حِينَ خَاطَبْتَ الْأَرْوَاحَ بِأَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ كَذَا قِيلَ وَالْأَحْسَنُ أَنَّ مَعْنَاهُ امْتِثَالًا لَك بَعْدَ امْتِثَالٍ فِي كُلِّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ. (قَوْلُهُ: إنَّ الْحَمْدَ) رُوِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَبِفَتْحِهَا عَلَى التَّعْلِيلِ وَالْكَسْرُ أَجْوَدُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ ثَعْلَبٌ لِأَنَّ مَنْ كَسَرَ جَعَلَ مَعْنَاهُ إنَّ الْحَمْدَ لَك عَلَى كُلِّ حَالٍ وَمَنْ فَتَحَ قَالَ مَعْنَاهُ لَبَّيْكَ لِهَذَا السَّبَبِ. (فَائِدَةٌ) تُكْرَهُ الْإِجَابَةُ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ بِالتَّلْبِيَةِ لِقَوْلِ التَّهْذِيبِ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُلَبِّيَ مَنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَرَآهُ خُرْقًا مِمَّنْ فَعَلَهُ وَالْخُرْقُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْحُمْقُ وَسَخَافَةُ الْعَقْلِ وَأَمَّا إجَابَةُ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّلْبِيَةِ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم كَذَا فِي التَّوْضِيحِ. وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ هَارُونَ أَنَّ الَّذِي كَرِهَهُ الْإِمَامُ إنَّمَا هُوَ اسْتِعْمَالُ تَلْبِيَةِ الْحَجِّ فِي غَيْرِهِ كَاِتِّخَاذِهَا وِرْدًا كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْعِبَادَةِ فِي غَيْرِهَا وَأَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِمَنْ نَادَاهُ لَبَّيْكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ بَلْ هُوَ حُسْنُ أَدَبٍ، وَفِي الشِّفَاءِ عَنْ عَائِشَةَ «مَا نَادَاهُ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا أَهْلِ مِلَّتِهِ إلَّا قَالَ لَبَّيْكَ» وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَهُمْ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: نَهَارًا، أَوْ لَيْلًا) أَيْ كَمَا هُوَ النَّقْلُ وَلِذَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الظَّرْفَ عَلَى الْمَعْطُوفِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَذْفِ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ مُقْتَضَى كَوْنِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ مِنْ الْبَيْتِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ فَقَدْ أَتَى بِهَذَا الْمُسْتَحَبِّ بَلْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحِجْرَ كُلَّهُ مِنْ الْبَيْتِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَحِينَئِذٍ فَيُقْصَرُ عَلَيْهِ إذَا اشْتَدَّتْ الزَّحْمَةُ عَلَى الْبَيْتِ. (قَوْلُهُ: مِنْ كَدَاءٍ) أَيْ وَهِيَ الطَّرِيقُ الصُّغْرَى الَّتِي أَعْلَى مَكَّةَ الَّتِي يُهْبَطُ فِيهَا إلَى الْأَبْطَحِ وَالْمَقْبَرَةُ بَعْضُهَا عَنْ يَسَارِك وَبَعْضُهَا عَنْ يَمِينِك فَإِذَا دَخَلْت مِنْهَا أَخَذْتَ كَمَا أَنْتَ لِلْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ لَا وَأَمَّا مَنْ أَتَى مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الدُّخُولُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مَدَنِيًّا وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِكُلِّ حَاجٍّ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ كَدَاءٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ طَرِيقَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي دَعَا فِيهِ إبْرَاهِيمُ رَبَّهُ أَنْ يَجْعَلَ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ وَمُفَادُ عج اعْتِمَادُ مَا لِلْفَاكِهَانِيِّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَمَحَلُّ نَدْبِ دُخُولِ مَكَّةَ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِزَحْمَةٍ، أَوْ ضِيقٍ أَوْ أَذِيَّةِ أَحَدٍ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ تَرْكُ الدُّخُولِ مِنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَنُدِبَ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِ الدَّاخِلِ. (قَوْلُهُ: الْمَعْرُوفِ الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ) أَيْ وَيُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ كُدًى) وَهِيَ الطَّرِيقُ الَّتِي بِأَسْفَلِ مَكَّةَ الْمَعْرُوفَةُ بِبَابِ شُبَيْكَةَ.

ص: 42

فَمَصَبُّ النَّدْبِ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ.

(وَ) نُدِبَ صَلَاةُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (بِالْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ فَلَوْ صَلَّاهُمَا خَارِجَهُ أَجْزَأَهُ أَوْ أَعَادَهُمَا مَا دَامَ عَلَى وُضُوئِهِ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُرَاهَقٍ وَنَحْوَهُ يُسَنُّ لَهُ الرَّمَلُ فِي طَوَافِ قُدُومِهِ، أَوْ طَوَافِ عُمْرَتِهِ الرُّكْنِيِّ بَيَّنَ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِي مَوْضِعَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَ) نُدِبَ (رَمَلُ) رَجُلٍ (مُحْرِمٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ بِهِمَا (مِنْ كَالتَّنْعِيمِ) وَالْجِعْرَانَةِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ طَوَافِهِ (أَوْ) مُحْرِمٍ مِنْ الْمِيقَاتِ وَلَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ فَيَرْمُلُ (بِالْإِفَاضَةِ) أَيْ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (لِمُرَاهَقٍ) وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَنْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ، أَوْ نِسْيَانِهِ بَلْ وَلَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ بِخِلَافِ مَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ وَتَرَكَ الرَّمَلَ فِيهِ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا فَلَا يُنْدَبُ الرَّمَلُ فِي الْإِفَاضَةِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لِكَمُرَاهِقٍ لَكَانَ أَحْسَنَ (لَا) يُنْدَبُ الرَّمَلُ فِي طَوَافِ (تَطَوُّعٍ وَوَدَاعٍ) .

(وَ) نُدِبَ (كَثْرَةُ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ وَنَقْلُهُ) إلَى الْبِلَادِ.

(وَ) نُدِبَ (لِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) الْمُمْكِنَةُ مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ.

(وَ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (خُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرِ) يَوْمِ (السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَاحِدَةٌ) فَلَا يَجْلِسُ فِي وَسَطِهَا وَالرَّاجِحُ الْجُلُوسُ فَهُمَا خُطْبَتَانِ وَإِنَّهُمَا سُنَّةٌ (يُخْبِرُ) النَّاسَ (فِيهَا بِالْمَنَاسِكِ) الَّتِي تُفْعَلُ مِنْهَا إلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ (وَ) نُدِبَ (خُرُوجُهُ) يَوْمَ الثَّامِنِ وَيُسَمَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ (لِمِنًى قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ) قَصْرًا بِوَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ (وَ) نُدِبَ (بَيَاتُهُ بِهَا) وَصَلَاةُ الصُّبْحِ بِهَا (وَ) نُدِبَ (سَيْرُهُ) مِنْهَا (لِعَرَفَةَ بَعْدَ الطُّلُوعِ) لِلشَّمْسِ وَلَا يُجَاوِزُ بَطْنَ مُحَسِّرٍ قِبَلَهُ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مِنًى (وَ) نُدِبَ (نُزُولُهُ بِنَمِرَةَ) مَوْضِعٌ بِعَرَفَةَ فَالْإِمَامُ يُعَلِّمُهُمْ فِي خُطْبَتَيْهِ جَمِيعَ هَذِهِ الْمَنْدُوبَاتِ.

(وَ) نُدِبَ (خُطْبَتَانِ) وَالرَّاجِحُ أَنَّهُمَا سُنَّةٌ (بَعْدَ الزَّوَالِ) يَوْمَ عَرَفَةَ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: فَمَصَبُّ النَّدْبِ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ) أَيْ وَأَمَّا كَوْنُهُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَاسْتِحْبَابُهُ مَعْلُومٌ مِنْ كَرَاهَةِ النَّافِلَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُقَدِّمُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ عَلَى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لِأَجْلِ اتِّصَالِهِمَا بِالطَّوَافِ حِينَئِذٍ وَلَا يَفُوتُهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِتَقْدِيمِهِمَا لِخِفَّتِهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَبِالْمَسْجِدِ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا وَبِالْمَقَامِ وَكَأَنَّهُ حَاوَلَ التَّنْبِيهَ عَلَى فَضِيلَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعَ أَنَّهُ أَمْرٌ مُقَرَّرٌ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِفَقْدِ شَرْطِهِ) أَيْ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ نِسْيَانِهِ وَقَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ أَيْ تَرْكَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ لَا قُدُومَ عَلَيْهِ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ سَوَاءٌ كَانَ مَكِّيًّا، أَوْ آفَاقِيًّا فَإِنَّهُ يَرْمُلُ نَدْبًا فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ اهـ خش. (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ مَنْ فَقَدَ شَرْطَهُ، أَوْ نَسِيَهُ أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ.

(قَوْلُهُ: الْمُمْكِنَةُ) أَمَّا غَيْرُهَا مِثْلُ الِاسْتِقْبَالِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ إلَخْ) فَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْ تَذَكَّرَ حَدَثًا، أَوْ أَصَابَهُ حَقْنٌ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَبْنِيَ فَإِنْ أَتَمَّ سَعْيَهُ كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَاسْتَخَفَّ مَالِكٌ اشْتِغَالَهُ بِالْوُضُوءِ وَلَمْ يَرَهُ مُخِلًّا بِالْمُوَالَاةِ الْوَاجِبَةِ فِي السَّعْيِ لِيَسَارَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَاحِدَةٌ) بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِخُطْبَةٍ وَبِالنَّصْبِ حَالٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ نَكِرَةً لِوَصْفِهَا بِالظَّرْفِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ نَدْبِ تِلْكَ الْخُطْبَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا سُنَّةٌ، ثُمَّ إنَّ الْخَطِيبَ يَفْتَتِحُ تِلْكَ الْخُطْبَةَ بِالتَّلْبِيَةِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ افْتَتَحَهَا بِالتَّكْبِيرِ وَقِيلَ إنَّهُ يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ مُطْلَقًا كَانَ مُحْرِمًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ عَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَزَاهُ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَشْهُورَ هُوَ الْأَوَّلُ وَلَكِنَّ عَزْوَ ابْنِ عَرَفَةَ الثَّانِيَ لِلْمُدَوَّنَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ أَرْجَحُ مِنْ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: يُخْبِرُ النَّاسَ فِيهَا بِالْمَنَاسِكِ الَّتِي تُفْعَلُ مِنْهَا إلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ) مِنْ خُرُوجِهِمْ لِمِنًى فِي ثَانِي يَوْمٍ وَصَلَاتِهِمْ بِهَا لِلظُّهْرِ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ قَصَرُوا صَلَاتَهُمْ أَيْضًا الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَمَبِيتِهِمْ بِهَا لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَصَلَاتِهِمْ الصُّبْحَ صَبِيحَتَهَا بِمِنًى وَذَهَابِهِمْ لِعَرَفَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَتَحْرِيضِهِمْ عَلَى النُّزُولِ بِنَمِرَةَ. (قَوْلُهُ: وَخُرُوجُهُ لِمِنًى) أَيْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَمَنْ بِهِ، أَوْ بِدَابَّتِهِ ضَعْفٌ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ آخِرَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ إذَا خَرَجَ بَعْدَ الزَّوَالِ يَخْرُجُ قَبْلَهُ قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ فِي آخِرِ الْمُخْتَارِ إذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا لِلضَّرُورِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُحَصِّلُونَ فِيهِ الْمَاءَ لِعَرَفَةَ وَيُسَمَّى أَيْضًا يَوْمَ النَّقْلَةِ. .

(تَنْبِيهٌ) يُكْرَهُ الْخُرُوجُ لَهَا بِقَصْدِ النُّسُكِ قَبْلَ يَوْمِهَا كَمَا يَكْرَهُ الْخُرُوجُ لِعَرَفَةَ بِقَصْدِ النُّسُكِ قَبْلَ يَوْمِهَا وَيَوْمُهَا هُوَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ وَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ فَيَكْرَهُ الْخُرُوجُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ يَوْمِهِ وَلَوْ بِتَقْدِيمِ الْأَثْقَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَافَقَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ إذَا وَافَقَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَالْأَفْضَلُ صَلَاةُ الظُّهْرِ بِمِنًى لِأَجْلِ الْإِسْرَاعِ بِالْمُنَاسِبِ وَلَا يُصَلِّي جُمُعَةً بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ لِمِنًى لِإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْحَرَمِ وَهَذَا إذَا كَانُوا مُسَافِرِينَ وَأَمَّا الْمُقِيمُونَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَجَّ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الذَّهَابِ لِمِنًى. (قَوْلُهُ: وَبَيَاتُهُ بِهَا) أَيْ لَيْلَةَ التَّاسِعِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ نُزُولُهُ) أَيْ فَإِذَا وَصَلَ لِعَرَفَةَ نُدِبَ نُزُولُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي خُطْبَتَيْهِ) أَيْ الَّتِي يَخْطُبُهُمَا فِي مَكَّةَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ.

(قَوْلُهُ: وَخُطْبَتَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ) فَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَصَلَّى بَعْدَهُ أَوْ صَلَّى بِغَيْرِ خُطْبَةٍ أَجْزَأَهُ إجْمَاعًا.

ص: 43

يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهِمَا مَا بَقِيَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ مِنْ جَمْعِهِمْ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَوُقُوفِهِمْ بِهَا وَدَفْعِهِمْ مِنْهَا إلَى مُزْدَلِفَةَ وَمَبِيتِهِمْ بِهَا إلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ خُطْبَتِهِ (أُذِّنَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِلظُّهْرِ وَأُقِيمَ لَهَا وَالْإِمَامُ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَإِذَا فُرِغَ مِنْ الْإِقَامَةِ نَزَلَ الْإِمَامُ.

(وَجَمَعَ) اسْتِنَانًا (بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ) جَمْعَ تَقْدِيمٍ (إثْرَ الزَّوَالِ) بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ لِلْعَصْرِ مِنْ غَيْرِ تَنَفُّلٍ بَيْنَهُمَا وَمَنْ فَاتَهُ الْجَمْعُ مَعَ الْإِمَامِ جَمَعَ فِي رَحْلِهِ (وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ وَتَضَرُّعٌ) أَيْ تَذَلُّلٌ لَعَلَّهُ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ (لِلْغُرُوبِ وَ) نُدِبَ (وُقُوفُهُ) أَيْ حُضُورُهُ (بِوُضُوءٍ وَرُكُوبُهُ بِهِ) أَيْ بِالْوُقُوفِ (ثُمَّ) يَلِي الرُّكُوبَ (قِيَامٌ) لِلرِّجَالِ (إلَّا لِتَعَبٍ) .

(وَ) نُدِبَ (صَلَاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ) جَمْعًا وَالْمَذْهَبُ أَنَّ جَمْعَهُمَا بِهَا سُنَّةٌ إنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَسَارَ مَعَ النَّاسِ أَوْ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ اخْتِيَارًا فَإِنْ لَمْ يَقِفْ مَعَهُ، أَوْ تَخَلَّفَ عَجْزًا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ.

(وَ) نُدِبَ (بَيَاتُهُ بِهَا) أَيْ بِمُزْدَلِفَةَ وَأَمَّا النُّزُولُ بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ وَإِنْ لَمْ تُحَطَّ بِالْفِعْلِ فَوَاجِبٌ يُجْبَرُ بِالدَّمِ، وَلِذَا قَالَ (وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ) بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ (فَالدَّمُ) وَاجِبٌ عَلَيْهِ إلَّا لِعُذْرٍ.

(وَجَمَعَ) الْحَاجُّ الْعِشَاءَيْنِ اسْتِنَانًا (وَقَصَرَ) الْعِشَاءَ (إلَّا أَهْلُهَا) أَيْ الْمُزْدَلِفَةِ فَيُتِمُّونَ (كَمِنًى وَعَرَفَةَ) أَيْ أَهْلِهِمَا يُتِمُّونَ وَيَقْصُرُ غَيْرُهُمْ لِلسُّنَّةِ (وَإِنْ عَجَزَ) مَنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ عَنْ لَحَاقِ النَّاسِ فِي سَيْرِهِمْ لِمُزْدَلِفَةَ (فَبَعْدَ الشَّفَقِ) يَجْمَعُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ وَلَوْ فِي غَيْرِ مُزْدَلِفَةَ وَهَذَا (إنْ نَفَرَ مَعَ الْإِمَامِ) وَتَأَخَّرَ عَنْهُ لِعَجْزٍ بِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَمَا قَالَ أَبُو عِمْرَانَ. (قَوْلُهُ: يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا) الْمُحْوِجُ لِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمَا خُطْبَتَانِ حَقِيقَةً دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي الزَّمَنِ. (قَوْلُهُ: وَمَبِيتِهِمْ بِهَا) أَيْ وَجَمْعِهِمْ فِيهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَوُقُوفِهِمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَإِسْرَاعِهِمْ بِوَادِي مُحَسِّرٍ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ وَالنَّحْرِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ: مَتَى يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ يَوْمَ عَرَفَةَ أَبَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ خُطْبَتِهِ أَوْ وَهُوَ يَخْطُبُهَا قَالَ ذَلِكَ وَاسِعٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَإِنْ شَاءَ بَعْدَ مَا يَفْرُغُ مِنْ خُطْبَتِهِ اهـ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ أَذَّنَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ، ثُمَّ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ أَذَّنَ وَبَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا صَادِقٌ بِكَوْنِ الْأَذَانِ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَهَا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: بِأَذَانٍ، وَإِقَامَةٍ لِلْعَصْرِ) أَيْ بِأَذَانٍ ثَانٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الْجَلَّابِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَقِيلَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ الْمَوَّازِ. (قَوْلُهُ: جَمَعَ فِي رَحْلِهِ) فَإِنْ تَرَكَ الْجَمْعَ بِالْكُلِّيَّةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ كَمَا فِي اللُّمَعِ قَالَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ يُسْتَغْرَبُ أَنَّ الدَّمَ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ فَلَعَلَّهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ دُعَاءٌ) أَيْ وَنُدِبَ حَالَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ دُعَاءٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الظُّهْرَيْنِ مَجْمُوعَتَيْنِ مَقْصُورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَيْ حُضُورُهُ) إنَّمَا فَسَّرَ الْوُقُوفَ بِالْحُضُورِ لَا بِالْقِيَامِ عَلَى أَقْدَامِهِ لِئَلَّا يُنَافِيَ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ " وَرُكُوبُهُ بِهِ ". (قَوْلُهُ: وَرُكُوبُهُ بِهِ) أَيْ لِوُقُوفِهِ عليه الصلاة والسلام كَذَلِكَ وَلِكَوْنِهِ أَعْوَنَ عَلَى مُوَاصَلَةِ الدُّعَاءِ وَأَقْوَى عَلَى الطَّاعَةِ وَيُحْمَلُ النَّهْيُ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ الدَّوَابِّ كَرَاسِيَّ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ لِلدَّابَّةِ مَشَقَّةٌ، أَوْ أَنَّ نَدْبَ الرُّكُوبِ هُنَا مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِتَعَبٍ) أَيْ مِنْ الْقِيَامِ، أَوْ لِلدَّابَّةِ، أَوْ مِنْ رُكُوبِهَا أَوْ مِنْ إدَامَةِ الْوُضُوءِ فَيَكُونُ عَدَمُ ذَلِكَ أَفْضَلَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ.

(قَوْلُهُ: بِمُزْدَلِفَةَ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَخْذِهَا مِنْ الِازْدِلَافِ وَهُوَ التَّقَرُّبُ؛ لِأَنَّ الْحُجَّاجَ إذَا أَفَاضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ ازْدَلَفُوا إلَيْهَا أَيْ تَقَرَّبُوا بِالْمُضِيِّ إلَيْهَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّ جَمْعَهُمَا بِهَا سُنَّةٌ) أَيْ فَإِنْ صَلَّى قَبْلَهَا أَعَادَ إذَا أَتَاهَا فَإِذَا أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ قَبْلَ الشَّفَقِ قَالَ مَالِكٌ هَذَا مِمَّا لَا أَظُنُّهُ أَنْ يَكُونَ وَلَوْ كَانَ مَا أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَابْنُ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقِفْ مَعَهُ) أَيْ بِأَنْ وَقَفَ وَحْدَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَخَلَّفَ عَجْزًا أَيْ أَوْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَكِنْ تَخَلَّفَ عَنْ السَّيْرِ مَعَهُ لِعَجْزٍ وَقَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ حَاصِلُ مَا يَأْتِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَقِفْ مَعَ الْإِمَامِ لَا يَجْمَعُ بِمُزْدَلِفَةَ وَلَا بِغَيْرِهَا وَيُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الْحَاجِّ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَتَأَخَّرَ عَنْ السَّيْرِ مَعَ النَّاسِ لِعَجْزٍ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الشَّفَقِ جَمْعًا فِي أَيِّ مَحَلٍّ أَرَادَ.

(قَوْلُهُ: وَبَيَاتُهُ بِهَا) أَيْ لَيْلَةَ الْعَاشِرِ وَالْبَيَاتُ هُوَ الْإِقَامَةُ لَيْلًا سَوَاءٌ نَامَ، أَوْ لَا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا النُّزُولُ بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مُجَرَّدُ إنَاخَةِ الْبَعِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي. (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرْكُ النُّزُولِ بِهَا لِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَجَمَعَ الْحَاجُّ الْعِشَاءَيْنِ) أَيْ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ اسْتِنَانًا وَهَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ " وَصَلَاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ ". (قَوْلُهُ: وَقَصَرَ الْعِشَاءَ) أَيْ لِلسُّنَّةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ هُنَا مَسَافَةُ قَصْرٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَهْلُهَا) الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْقَصْرِ فَقَطْ وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَهُوَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ أَهْلِهَا وَغَيْرِهِمْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَهْلَهَا يَجْمَعُونَ وَيُتِمُّونَ وَغَيْرَهُمْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيَقْصُرُ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا فِي ح مِنْ جَعْلِ الِاسْتِثْنَاءِ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَجَمَعَ وَقَصَرَ أَيْ إلَّا أَهْلَهَا فَلَا يَجْمَعُونَ وَلَا يَقْصُرُونَ فَإِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ أَهْلِهِمَا يُتِمُّونَ) أَيْ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْأَهْلَيْنِ فِي بَلَدِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا فَيَقْصُرُ.

ص: 44

لَكَانَ أَحْسَنَ (وَإِلَّا يَقِفْ مَعَهُ فَكُلٌّ) مِنْ الْفَرْضَيْنِ يُصَلَّى (لِوَقْتِهِ) أَيْ فِي وَقْتِهِ مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ (وَإِنْ قُدِّمَتَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النُّزُولِ بِمُزْدَلِفَةَ وَقَدْ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الشَّفَقِ (أَعَادَهُمَا) بِمَحَلِّ النُّزُولِ وَهُوَ مُزْدَلِفَةُ نَدْبًا، وَإِنْ جُعِلَ الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلشَّفَقِ فَقَوْلُهُ أَعَادَهُمَا أَيْ الْمَغْرِبَ نَدْبًا إنْ بَقِيَ وَقْتُهَا وَالْعِشَاءَ وُجُوبًا لِبُطْلَانِهَا.

(وَ) نُدِبَ (ارْتِحَالُهُ) مِنْ مُزْدَلِفَةَ (بَعْدَ) صَلَاةِ (الصُّبْحِ مُغَلِّسًا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِغَلَسٍ أَيْ قَبْلَ حُصُولِ الضَّوْءِ.

(وَ) نُدِبَ (وُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يُكَبِّرُ) اللَّهَ (وَيَدْعُو) لِنَفْسِهِ وَالْمُسْلِمِينَ أَيْ لِلتَّكْبِيرِ وَالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ (لِلْإِسْفَارِ وَ) نُدِبَ (اسْتِقْبَالُهُ) أَيْ الْوَاقِفُ (بِهِ) أَيْ بِالْمَشْعَرِ جَاعِلًا لَهُ عَلَى يَسَارِهِ (وَلَا وُقُوفَ) مَشْرُوعٌ (بَعْدَهُ) أَيْ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى (وَلَا قَبْلَ) صَلَاةِ (الصُّبْحِ) بَلْ يُكْرَهُ (وَ) نُدِبَ (إسْرَاعٌ) بِدَابَّةٍ، أَوْ مَشْيٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا (بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ مُشَدَّدَةً وَادٍ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى بِقَدْرِ رَمْيَةِ الْحَجَرِ.

(وَ) نُدِبَ (رَمْيُهُ الْعَقَبَةَ) أَيْ جَمْرَتَهَا (حِينَ وُصُولِهِ) مِنًى (وَإِنْ رَاكِبًا) وَلَا يَصْبِرُ حَتَّى يَنْزِلَ.

(وَ) نُدِبَ (الْمَشْيُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَيَشْمَلُ الْمَشْيَ فِيهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ (وَحَلَّ بِهَا) أَيْ بِرَمْيِهَا وَكَذَا بِخُرُوجِ وَقْتِ أَدَائِهَا (غَيْرُ نِسَاءٍ) بِجِمَاعٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحٍ (وَ) غَيْرُ (صَيْدٍ) فَحُرْمَتُهُمَا بَاقِيَةٌ وَسَيَأْتِي الْوَاجِبُ فِيهِمَا (وَكُرِهَ الطِّيبُ) فَلَا فِدْيَةَ فِي فِعْلِهِ وَهَذَا هُوَ التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ.

(وَ) نُدِبَ (تَكْبِيرُهُ مَعَ) رَمْيِ (كُلِّ حَصَاةٍ) تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً.

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي جَمْعِهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ إنَّمَا هُوَ وُقُوفُهُ مَعَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ نَفَرَ مَعَهُ، أَوْ لَا كَمَا هُوَ النَّقْلُ وَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ نُفُورُهُ مَعَ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَنْفِرْ مَعَهُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا فَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُدِّمَتَا عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالْجَمْعِ لِكَوْنِهِ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَسَارَ مَعَ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى النُّزُولِ) هَذَا الْحَلُّ هُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ وُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) أَيْ فَإِذَا وَصَلَ لِلْمَشْعَرِ الْحَرَامِ نُدِبَ وُقُوفُهُ بِهِ إلَخْ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوُقُوفَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ سُنَّةٌ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَشَهَّرَهُ الْقَلْشَانِيُّ بَلْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنَّ الْوُقُوفَ بِهِ فَرِيضَةٌ وَلِذَا جَعَلَ الْبِسَاطِيُّ النَّدْبَ مُنْصَبًّا عَلَى الْقَيْدِ اُنْظُرْ طفى قَالَ عج وَهَلْ النَّدْبُ يَحْصُلُ بِالْوُقُوفِ، وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ وَيَدْعُ فَهُمَا مُسْتَحَبٌّ آخَرُ، أَوْ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْوُقُوفِ مَعَهُمَا، أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا وَالثَّانِي ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ لَا يَتَوَقَّفُ النَّدْبُ عَلَى التَّكْبِيرِ وَالدُّعَاءِ مَعًا بَلْ يَكْفِي مُقَارَنَتُهُ لِأَحَدِهِمَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ هُوَ الْبِنَاءُ الْمَعْلُومُ وَهُوَ الْمَسْجِدُ الَّذِي عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ لِمِنًى الَّذِي بَيْنَ جَبَلِ الْمُزْدَلِفَةِ وَالْجَبَلِ الْمُسَمَّى بِقُزَحَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَشْعَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّعَائِرِ أَيْ الطَّاعَاتِ وَمَعَالِمِ الدِّينِ وَمَعْنَى الْحَرَامِ أَيْ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الصَّيْدُ وَغَيْرُهُ كَقَطْعِ الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَرَمِ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُهُ: بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ أَيْ عِنْدَهُ أَوْ أَنَّ الْمَشْعَرَ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْبِنَاءِ يُطْلَقُ عَلَى مَا قَرُبَ مِنْهُ مِنْ الْفَضَاءِ. (قَوْلُهُ: لِلْإِسْفَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِوُقُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ اسْتِقْبَالُهُ أَيْ الْوَاقِفِ بِهِ) أَيْ نُدِبَ اسْتِقْبَالُ الْوَاقِفِ عِنْدَهُ لِلْقِبْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا وُقُوفَ مَشْرُوعٌ بَعْدَهُ) أَيْ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ وُقُوفِهِمْ بِهِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ الْوُقُوفِ بَعْدَ الْإِسْفَارِ مُسْتَفَادٌ مِنْ إغْيَائِهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ لِلْإِسْفَارِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَلَا وُقُوفَ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: ذَهَابًا) أَيْ فِي حَالَةِ الذَّهَابِ مِنْ مِنًى لِعَرَفَةَ فِي حَالَةِ الْإِيَابِ أَيْ الرُّجُوعِ مِنْ عَرَفَةَ لِمِنًى. (قَوْلُهُ: بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ) قِيلَ إنَّهُ سُمِّيَ ذَلِكَ الْوَادِي بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ لِحَسْرِ فِيلِ أَصْحَابِ الْفِيلِ فِيهِ أَيْ إعْيَائِهِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ نَزَلَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ فِيهِ اهـ خش قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الْحَقُّ أَنَّ قَضِيَّةَ الْفِيلِ لَمْ تَكُنْ بِوَادِي مُحَسِّرٍ بَلْ كَانَتْ خَارِجَ الْحَرَمِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا.

. (قَوْلُهُ: حِينَ وُصُولِهِ) هَذَا مَصَبُّ النَّدْبِ وَأَمَّا رَمْيُهَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ رَمْيِهَا حِينَ وُصُولِهِ إذَا وَصَلَ لِمِنًى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنْ وَصَلَ قَبْلَ الطُّلُوعِ كَاَلَّذِي يُرَخَّصُ لَهُ فِي التَّقْدِيمِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ لِمِنًى فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مِنًى قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَا يَصِحُّ رَمْيُهُ حِينَئِذٍ فَيَنْتَظِرُ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الرَّمْيَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَسَيَأْتِي أَنَّ وَقْتَهَا يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَمْتَدُّ وَقْتُ أَدَائِهَا إلَى الْغُرُوبِ وَأَنَّ تَأْخِيرَهَا لِلطُّلُوعِ مَنْدُوبٌ وَأَنَّ اللَّيْلَ وَقْتٌ لِقَضَائِهَا فَإِنْ أَخَّرَ إلَيْهِ قُدِّمَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَاكِبًا) أَيْ هَذَا إذَا وَصَلَ إلَيْهَا مَاشِيًا بَلْ، وَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا رَاكِبًا وَهَذَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ النَّدْبِ أَيْ أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَرْمِيَهَا حِينَ وُصُولِهِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي وَصَلَ عَلَيْهَا مِنْ رُكُوبٍ أَوْ مَشْيٍ فَلَا يَصْبِرُ حَتَّى يَنْزِلَ إذَا وَصَلَ رَاكِبًا وَلَا يَصْبِرُ حَتَّى يَرْكَبَ إذَا وَصَلَ إلَيْهَا مَاشِيًا؛ لِأَنَّ فِيهِ عَدَمَ الِاسْتِعْجَالِ بِرَمْيِهَا.

(قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْمَشْيَ فِيهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) أَيْ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِغَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ وَيَوْمَانِ لَهُ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْحَاجُّ رَجُلًا وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ فَيَحِلُّ بِرَمْيِهَا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ غَيْرُ رِجَالٍ وَصَيْدٍ.

(قَوْلُهُ: وَتَكْبِيرُهُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّكْبِيرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ سُنَّةٌ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ قَبْلَ رَمْيِهَا وَلَا بَعْدَهُ وَيَفُوتُ الْمَنْدُوبُ بِمُفَارَقَةِ الْحَصَاةِ لِيَدِهِ قَبْلَ النُّطْقِ بِالتَّكْبِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَقِفُ لِلدُّعَاءِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ رَمْيِ تِلْكَ الْجَمْرَةِ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَنْصَرِفَ.

ص: 45

(وَ) نُدِبَ (تَتَابُعُهَا) أَيْ تَتَابُعُ الرَّمْيِ بِالْحَصَيَاتِ فِي جَمِيعِ الْجِمَارِ (وَلَقْطُهَا) أَيْ لَقْطُ حَصَيَاتِ الْجِمَارِ كُلِّهَا لَا الْعَقَبَةِ فَقَطْ فَيُكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَجَرًا يَكْسِرُهُ وَيَلْقُطُهَا مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ إلَّا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَيُنْدَبُ لَقْطُهَا مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ.

(وَ) نُدِبَ (ذَبْحٌ قَبْلَ الزَّوَالِ) وَلَوْ قَبْلَ الشَّمْسِ (وَطَلَبُ)(بَدَنَتِهِ) إنْ ضَلَّتْ (لَهُ) أَيْ لِلزَّوَالِ أَيْ لِقُرْبِهِ بِحَيْثُ يَبْقَى قَدْرُ حَلْقِهِ (لِيَحْلِقَ) قَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَ نَحْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا وَخَشِيَ الزَّوَالَ حَلَقَ قَبْلَهُ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الْفَضِيلَتَانِ فَكُلٌّ مِنْ الذَّبْحِ وَالْحَلْقِ مَنْدُوبٌ قَبْلَ الزَّوَالِ مَكْرُوهٌ بَعْدَهُ (ثُمَّ) يُنْدَبُ (حَلْقُهُ) بَعْدَ الذَّبْحِ وَأَمَّا الْحَلْقُ فِي نَفْسِهِ فَوَاجِبٌ وَيَجُوزُ (وَلَوْ بِنُورَةٍ إنْ عَمَّ) الْحَلْقُ بِكُلِّ مُزِيلٍ لِلشَّعْرِ (رَأْسَهُ وَالتَّقْصِيرُ مُجْزٍ) لِمَنْ لَهُ الْحَلْقُ أَفْضَلُ إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ يَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَيَحُجُّ مِنْ عَامِهِ فَالتَّقْصِيرُ لَهُ أَفْضَلُ لِبَقَاءِ الشَّعَثِ فِي الْحَجِّ (وَهُوَ) أَيْ التَّقْصِيرُ (سُنَّةُ الْمَرْأَةِ) وَلَوْ بِنْتَ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ أَيْ طَرِيقَتُهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مُتَعَيَّنٌ فِي حَقِّهَا (تَأْخُذُ) مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهَا (قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ) ، أَوْ أَزْيَدَ، أَوْ أَنْقَصَ بِيَسِيرٍ (وَ) يَأْخُذُ (الرَّجُلُ) إنْ قَصَّرَ (مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ) مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ نَدْبًا فَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَطْرَافِهِ أَخْطَأَ وَأَجْزَأَ (ثُمَّ) بَعْدَ رَمْيِ الْعَقَبَةِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ (يُفِيضُ) أَيْ يَطُوفُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَنُدِبَ فِعْلُهُ فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ وَعَقِبَ حَلْقِهِ وَلَا يُؤَخِّرُهُ إلَّا قَدْرَ مَا يَقْضِي حَوَائِجَهُ وَاعْلَمْ.

أَنَّهُ يُفْعَلُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ مُرَتَّبَةٌ رَمْيُ الْعَقَبَةِ فَالنَّحْرُ فَالْحَلْقُ فَالْإِفَاضَةُ فَتَقْدِيمُ الرَّمْيِ عَلَى الْحَلْقِ وَالْإِفَاضَةِ وَاجِبٌ وَمَا عَدَاهُ مَنْدُوبٌ.

(وَحَلَّ بِهِ) أَيْ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ (مَا بَقِيَ) مِنْ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ وَطِيبٍ وَهُوَ التَّحَلُّلُ الْأَكْبَرُ (إنْ حَلَقَ) أَوْ قَصَّرَ وَكَانَ قَدْ سَعَى عَقِبَ الْقُدُومِ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِمُجَرَّدِ رَمْيِهَا. (قَوْلُهُ: وَتَتَابُعُهَا) أَيْ الْحَصَيَاتِ أَيْ تَتَابُعُ الرَّمْيِ بِهَا بِأَنْ يُتْبِعَ الثَّانِيَةَ لِلْأُولَى فِي الرَّمْيِ وَهَكَذَا مِنْ غَيْرِ تَرَبُّصٍ إلَّا بِمِقْدَارِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ كَوْنُهُمَا رَمْيَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَذَبْحٌ قَبْلَ الزَّوَالِ) أَيْ إنْ لَزِمَهُ هَدْيٌ أَوْ تَطَوَّعَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحٌ أَصْلًا وَيَحْلِقُ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الشَّمْسِ) أَيْ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ لِتَعَلُّقِهَا بِالصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَى أَهْلِ مِنًى فَلِذَا جَازَ لَهُمْ نَحْرُ الْهَدْيِ قَبْلَ الشَّمْسِ. (قَوْلُهُ: وَطَلَبُ إلَخْ) أَيْ وَنُدِبَ طَلَبُ بَدَنَتِهِ أَيْ هَدْيِهِ لِيَذْبَحَهُ وَالْمُرَادُ بِطَلَبِهَا تَحْصِيلُهَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ فَضَلَّتْ فَيُفَتِّشَ عَلَيْهَا، أَوْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ فَيَشْتَرِيهَا. (قَوْلُهُ: لِيَحْلِقَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَحْلِقَ بَعْدَ الذَّبْحِ قَبْلَ الزَّوَالِ هَكَذَا تَمَامُ التَّعْلِيلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُنْدَبُ حَلْقُهُ بَعْدَ الذَّبْحِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ النَّدْبَ مُنْصَبٌّ عَلَى التَّرْتِيبِ وَأَمَّا الْحَلْقُ فِي ذَاتِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى مَطْلُوبِيَّةِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تُفْعَلُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ الرَّمْيُ، ثُمَّ الذَّبْحُ ثُمَّ الْحَلْقُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِحْبَابِ إيقَاعِ الْحَلْقِ عَقِبَ الذَّبْحِ بَيْنَ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ إلَّا أَنَّ ابْنَ الْجَهْمِ مِنْ أَئِمَّتِنَا اسْتَثْنَى الْقَارِنَ فَقَالَ: لَا يَحْلِقُ حَتَّى يَطُوفَ كَأَنَّهُ لَاحَظَ عَمَلَ الْعُمْرَةِ وَالْعُمْرَةُ يَتَأَخَّرُ فِيهَا الْحَلْقُ عَنْ الطَّوَافِ وَرَدَّ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ بِالْإِجْمَاعِ وَنَازَعَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، ابْنُ عَرَفَةَ: وَمُؤَخِّرُ السَّعْيِ لِكَوْنِهِ مُرَاهَقًا كَغَيْرِهِ اتِّفَاقًا.

(تَنْبِيهٌ) إطْلَاقُهُ الْحَلْقَ يَتَنَاوَلُ الْأَقْرَعَ فَيَجُرُّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالشَّعْرِ فَتَنْتَقِلُ لِلْبَشَرَةِ عِنْدَ عَدَمِهِ كَالْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ وَمَنْ بِرَأْسِهِ وَجَعٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْحِلَاقِ أَهْدَى قَالَ بَعْضُهُمْ فَإِنْ صَحَّ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنُورَةٍ) رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ أَشْهَبَ لَا يَجْزِي الْحَلْقُ بِهَا لِلتَّعَبُّدِ اهـ بْن وَاسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ الْحَلْقَ فِي مُطْلَقِ إزَالَةِ الشَّعْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ بِنُورَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ إزَالَةُ الشَّعْرِ بِالْمُوسَى وَلَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ مَا صَحَّتْ الْمُبَالَغَةُ. (قَوْلُهُ: إنْ عَمَّ الْحَلْقُ) أَيْ وَأَمَّا حَلْقُ بَعْضِهِ فَكَالْعَدَمِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إنْ عَمَّ الْحَلْقُ بِكُلِّ مُزِيلٍ لِشَعْرِ رَأْسِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ إنْ عَمَّ قَيْدٌ فِي الْحَلْقِ بِالنُّورَةِ وَغَيْرِهَا - فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغَةِ وَلِمَا قَبْلَهَا - لَا قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بِنُورَةٍ فَقَطْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْحَلْقَ بِالْمُوسَى كَافٍ وَلَوْ لَمْ يَعُمَّ رَأْسَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَعْضَ الْآخَرَ الَّذِي لَمْ يَحْلِقْهُ لَمْ يُقَصِّرْهُ، وَإِلَّا كَفَى مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَالتَّقْصِيرُ مُجْزٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَبَّدَ شَعْرَهُ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْحَلْقُ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ ظَفَرَ أَوْ عَقَصَ، أَوْ لَبَّدَ فَعَلَيْهِ الْحِلَاقُ وَمِثْلُهُ فِي الْمُوَطَّإِ وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ بِعَدَمِ إمْكَانِ التَّقْصِيرِ وَرَدَّهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَغْسِلَهُ، ثُمَّ يُقَصِّرَ وَإِنَّمَا عَلَّلَ عُلَمَاؤُنَا تَعَيُّنَ الْحَلْقِ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ بِالسُّنَّةِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ لَهُ الْحَلْقُ أَفْضَلُ) أَيْ وَهُوَ الرَّجُلُ. (قَوْلُهُ: فَالتَّقْصِيرُ لَهُ أَفْضَلُ) مِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ عَقِبَ الْعُمْرَةِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: حَلْقُ الْمُعْتَمِرِ أَفْضَلُ مِنْ تَقْصِيرِهِ إلَّا أَنْ يَعْقُبَهُ الْحَجُّ بِيَسِيرِ أَيَّامٍ فَتَقْصِيرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ اهـ وَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَعْقُبَهُ إحْرَامُ الْحَجِّ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بِبَقَاءِ الشَّعَثِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ مُتَعَيَّنٌ) أَيْ وَاجِبٌ فِي حَقِّهَا وَلَوْ لَبَّدَتْ رَأْسَهَا فَإِنْ حَلَقَتْ رَأْسَهَا حَرُمَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ. (قَوْلُهُ: فَتَقْدِيمُ الرَّمْيِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ تَقْدِيمَ الرَّمْيِ عَلَى الِاثْنَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَاجِبٌ يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَأَمَّا تَقْدِيمُ الثَّانِي عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ، أَوْ تَقْدِيمُ الثَّالِثِ عَلَى الرَّابِعِ فَمُسْتَحَبٌّ فَالْمَرَاتِبُ سِتَّةٌ: الْوُجُوبُ فِي اثْنَيْنِ وَالنَّدْبُ فِي أَرْبَعَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَحَلَّ بِهِ) أَيْ وَجَازَ بِسَبَبِهِ مَا بَقِيَ أَيْ مِمَّا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ نِسَاءٍ) أَيْ مِنْ قُرْبَانِ النِّسَاءِ بِوَطْءٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَمِنْ عَقْدٍ عَلَيْهِنَّ. (قَوْلُهُ: إنْ حَلَقَ) أَيْ وَكَانَ قَدْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ أَوْ فَاتَ وَقْتُهَا وَكَانَ.

ص: 46

إلَّا بِسَعْيِهِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ.

(وَإِنْ) لَمْ يَكُنْ حَلَقَ وَ (وَطِئَ قَبْلَهُ) أَيْ الْحَلْقِ وَبَعْدَ الْإِفَاضَةِ (فَدَمٌ بِخِلَافِ الصَّيْدِ) إنْ أَصَابَهُ قَبْلَهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِخِفَّتِهِ عَنْ الْوَطْءِ وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ، أَوْ صَادَ قَبْلَ السَّعْيِ فَالدَّمُ (كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ) وَلَوْ سَهْوًا (لِبَلَدِهِ) وَلَوْ قَرُبَتْ فَدَمٌ وَكَذَا تَأْخِيرُهُ حَتَّى خَرَجَتْ أَيَّامُ الرَّمْيِ وَلَوْ مُقِيمًا بِمِنًى (أَوْ) تَأْخِيرِ (الْإِفَاضَةِ) ، أَوْ السَّعْيِ (لِلْمُحْرِمِ وَ) كَتَأْخِيرِ (رَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ) مِنْ الْعَقَبَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَالْأَوْلَى حَذْفُ " كُلِّ "(أَوْ) تَأْخِيرِ (الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْحَصَيَاتِ عَنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ النَّهَارُ (لِلَّيْلِ) وَهُوَ وَقْتُ الْقَضَاءِ، فَأَوْلَى لَوْ فَاتَ الْوَقْتَانِ فَدَمٌ وَاحِدٌ لِتَأْخِيرِ حَصَاةٍ أَوْ أَكْثَرَ إنْ كَانَ لِكَبِيرٍ يُحْسِنُ الرَّمْيَ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (لِصَغِيرٍ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ) أَوْ مَجْنُونٍ أَخَّرَهُ وَلِيُّهُمَا وَالدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ (أَوْ عَاجِزٍ) عُطِفَ عَلَى صَغِيرٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَدْ قَدَّمَ السَّعْيَ عِنْدَ الْقُدُومِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ السَّعْيَ فَلَا يَحِلُّ مَا بَقِيَ إلَّا بِفَعْلِهِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَإِنْ وَطِئَ، أَوْ صَادَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ السَّعْيِ فَعَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ هَدْيٌ وَفِي الثَّانِي الْجَزَاءُ، وَقَوْلُنَا وَكَانَ قَدْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ، أَوْ فَاتَ وَقْتُهَا احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا أَفَاضَ قَبْلَ رَمْيِهَا فَإِنَّهُ إذَا وَطِئَ حِينَئِذٍ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ إنْ وَطِئَ قَبْلَ فَوَاتٍ وَأَمَّا إنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَبَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَطِئَ بَعْدَ فِعْلِ الْجَمْرَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَفَاضَ، وَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي إنْ وَقَعَ بَعْدَ إفَاضَةِ وَعَقَبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَإِلَّا فَهَدْيٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْحَلْقِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ الْحَلْقِ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ اهـ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْمَوَّاقُ مِنْ عَوْدِ ضَمِيرٍ قَبْلَهُ عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّيْدِ إذْ الصَّيْدُ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فِيهِ الْجَزَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَأْخِيرُهُ) أَيْ الْحَلْقِ حَتَّى خَرَجَتْ أَيَّامُ الرَّمْيِ هَذَا خِلَافُ مَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ وَنَصُّهَا وَالْحِلَاقُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى أَحَبُّ إلَيَّ وَأَفْضَلُ، وَإِنْ حَلَقَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَوْ بَعْدَهَا، أَوْ حَلَقَ فِي الْحِلِّ فِي أَيَّامِ مِنًى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا حَلَقَ، أَوْ قَصَّرَ وَأَهْدَى. التُّونُسِيُّ: وَقَوْلُهَا إنْ أَخَّرَ ذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ بَلَدَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ يُرِيدُ: أَوْ طَالَ ذَلِكَ، وَقِيلَ إنْ خَرَجَتْ أَيَّامُ مِنًى وَلَمْ يَحْلِقْ فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا تَأْخِيرُهُ إلَخْ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لعج فَلَوْ حَذَفَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ وَكَذَا تَأْخِيرُهُ حَتَّى خَرَجَتْ إلَخْ وَقَالَ بَدَلَهُ وَكَذَا تَأْخِيرُهُ طَوِيلًا لَأَفَادَ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَتَقْيِيدُ التُّونُسِيِّ وَقَوْلُ خش كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ الْبَعِيدَةِ تَقْيِيدُهُ بِالْبَعِيدَةِ خِلَافُ الصَّوَابِ بَلْ الطُّولُ عِنْدَ التُّونُسِيِّ يَكْفِي فِي لُزُومِ الدَّمِ مُطْلَقًا اهـ بْن وَقَدْ أَشَارَ شَارِحُنَا لِلرَّدِّ عَلَى الخش بِقَوْلِهِ كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ وَلَوْ قَرُبَتْ. (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى حَذْفُ " كُلِّ ") أَيْ وَإِلَّا كَانَ نَفْسُ قَوْلِهِ أَوْ " الْجَمِيعِ " إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ كُلًّا بِمَعْنَى " أَيْ " وَحِينَئِذٍ فَهُوَ صُورَةٌ أُخْرَى. (قَوْلُهُ: جَمِيعِ الْحَصَيَاتِ) أَيْ لِجَمْرَةٍ أَوْ لِلْجِمَارِ كُلِّهَا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لِكَبِيرٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ لِكَبِيرٍ يُحْسِنُ الرَّمْيَ بَلْ، وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِصَغِيرٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِصَغِيرٍ إلَخْ) وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي لُزُومِ الدَّمِ لِتَأْخِيرِ حَصَاةٍ، أَوْ أَكْثَرَ عَنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ وَالْمَجْنُونَ يَرْمِي عَنْهُمَا مَنْ أَحَجَّهُمَا كَمَا أَنَّهُ يَطُوفُ عَنْهُمَا وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَإِلَّا نَابَ عَنْهُ إنْ قَبِلَهَا كَطَوَافٍ لَا كَتَلْبِيَةٍ وَرُكُوعٍ فَإِنْ لَمْ يَرْمِ عَنْهُ، أَوْ عَنْ الْمَجْنُونِ وَلِيُّهُمَا إلَى أَنْ دَخَلَ اللَّيْلُ فَالدَّمُ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ أَحَجَّهُمَا وَإِنْ رَمَى عَنْهُمَا فِي وَقْتِ الرَّمْيِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ فَرَمْيُ الْوَلِيِّ كَرَمْيِهِ بِخِلَافِ رَمْيِ النَّائِبِ عَنْ الْعَاجِزِ فَإِنَّ فِيهِ الدَّمَ - وَلَوْ رَمَى عَنْهُ فِي وَقْتِ الرَّمْيِ وَهُوَ وَقْتُ الْأَدَاءِ - إلَّا أَنْ يَصِحَّ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَيَرْمِيَ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ رَمَى عَنْهُ نَائِبُهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ وَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي يُحْسِنُ الرَّمْيَ فَإِنَّهُ يَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْمِ حَتَّى دَخَلَ اللَّيْلُ لَزِمَهُ الدَّمُ فَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِصَغِيرٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِوَلِيِّ صَغِيرٍ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الصَّغِيرَ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ فَكَيْفَ يُوصَفُ رَمْيُهُ بِالتَّأْخِيرِ، أَوْ بِعَدَمِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَرْمِي. (قَوْلُهُ: وَالدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ) أَيْ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِالرَّمْيِ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُمَا فِي الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: عُطِفَ عَلَى صَغِيرٍ) أَيْ فَهُوَ دَاخِلٍ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ وَإِنْ كَانَ تَأْخِيرُ الرَّمْيِ بِالنِّسْبَةِ لِنَائِبٍ عَاجِزٍ عَنْهُ بِنَفْسِهِ لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ إغْمَاءٍ طَرَأَ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْعَاجِزَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرَّمْيِ فَكَيْفَ يُوصَفُ رَمْيُهُ بِالتَّأْخِيرِ، أَوْ بِعَدَمِهِ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الْعَاجِزَ إذَا اسْتَنَابَ فِي الرَّمْيِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَا إثْمَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَنِبْ وَفَاتَهُ الرَّمْيُ بِالْمَرَّةِ لَزِمَهُ الدَّمُ وَأَثِمَ لِتَقْصِيرِهِ، ثُمَّ إذَا اسْتَنَابَ وَأَخَّرَ النَّائِبُ الرَّمْيَ لِلَيْلٍ لَزِمَهُ دَمٌ ثَانٍ لَكِنْ إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَانَ دَمُ التَّأْخِيرِ لَازِمًا لِلنَّائِبِ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَانَ لَازِمًا لِلْعَاجِزِ كَدَمِ الِاسْتِنَابَةِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّمِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ تَأْخِيرِ الرَّمْيِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِدَمِ الِاسْتِنَابَةِ وَعَلِمْتَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ.

ص: 47

وَالدَّمُ فِي مَالِهِ.

(وَيَسْتَنِيبُ) الْعَاجِزُ مَنْ يَرْمِي عَنْهُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ بِرَمْيِ النَّائِبِ وَفَائِدَةُ الِاسْتِنَابَةِ سُقُوطُ الْإِثْمِ (فَيَتَحَرَّى) الْعَاجِزُ (وَقْتَ الرَّمْيِ) عَنْهُ (وَيُكَبِّرُ) لِكُلِّ حَصَاةٍ كَمَا يَتَحَرَّى وَقْتَ دُعَاءِ نَائِبِهِ وَيَدْعُو (وَأَعَادَ) الرَّمْيَ (إنْ صَحَّ قَبْلَ الْفَوَاتِ) الْحَاصِلِ (بِالْغُرُوبِ مِنْ) الْيَوْمِ (الرَّابِعِ) فَإِنْ أَعَادَ قَبْلَ غُرُوبِ الْأَوَّلِ فَلَا دَمَ وَبَعْدَهُ فَالدَّمُ (وَقَضَاءُ كُلٍّ) مِنْ الْجِمَارِ وَلَوْ الْعَقَبَةَ يَنْتَهِي (إلَيْهِ) أَيْ إلَى غُرُوبِ الرَّابِعِ وَلَا قَضَاءَ لِلْيَوْمِ لِفَوَاتِ الرَّمْيِ بِغُرُوبِهِ (وَاللَّيْلُ) عَقِبَ كُلِّ يَوْمٍ (قَضَاءٌ) لِذَلِكَ الْيَوْمِ يَجِبُ بِهِ الدَّمُ.

(وَحُمِلَ) مَرِيضٌ (مُطِيقٌ) لِلرَّمْيِ (وَرَمَى) بِنَفْسِهِ وُجُوبًا.

(وَلَا يَرْمِي) الْحَصَاةَ (فِي كَفِّ غَيْرِهِ) لِيَرْمِيَهَا عَنْهُ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ.

(وَتَقْدِيمِ الْحَلْقِ) عَطْفٌ عَلَى " تَأْخِيرِ " مِنْ قَوْلِهِ كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ أَيْ إنَّ تَقْدِيمَ الْحَلْقِ عَلَى رَمْيِ الْعَقَبَةِ فِيهِ الدَّمُ أَيْ الْفِدْيَةُ لِتَقْدِيمِهِ عَلَى التَّحَلُّلَيْنِ لَا هَدْيٌ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْهَدْيِ (أَوْ) تَقْدِيمِ (الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ) فَدَمٌ أَيْ هَدْيٌ فَالدَّمُ هُنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ فَإِنْ قَدَّمَهُمَا عَلَى الرَّمْيِ فَفِدْيَةٌ وَهَدْيٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ " أَوْ الْإِفَاضَةِ " وُجُوبُ الدَّمِ وَلَوْ أَعَادَ الْإِفَاضَةَ بَعْدَ الرَّمْيِ الْأَظْهَرُ سُقُوطُهُ بَلْ فِي الْمَوَّاقِ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ إعَادَتُهَا بَعْدَ الرَّمْيِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ كَلَا فِعْلٍ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ لَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ (لَا إنْ خَالَفَ) عَمْدًا، أَوْ نِسْيَانًا (فِي غَيْرٍ) أَيْ غَيْرِ الصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ كَأَنْ حَلَقَ قَبْلَ الذَّبْحِ، أَوْ ذَبَحَ قَبْلَ الرَّمْيِ، أَوْ أَفَاضَ قَبْلَهُمَا فَلَا دَمَ.

(وَعَادَ) وُجُوبًا بَعْدَ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ (لِلْمَبِيتِ بِمِنًى) أَيْ فِيهَا وَالْأَفْضَلُ الْفَوْرُ وَلَوْ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَلَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بِمَكَّةَ (فَوْقَ) جَمْرَةِ (الْعَقَبَةِ) بَيَانٌ لِمِنًى لَا أَسْفَلَ مِنْهَا جِهَةَ مَكَّةَ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا (ثَلَاثًا) مِنْ اللَّيَالِي إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالدَّمُ فِي مَالِهِ أَيْ الْعَاجِزِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ لِعُذْرٍ كَمَا عَلِمْتَ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ.

(قَوْلُهُ: وَالدَّمُ فِي مَالِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِسَائِرِ الْأَرْكَانِ ابْتِدَاءً.

(قَوْلُهُ: وَيَسْتَنِيبُ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ الْحُكْمِ أَيْ وَحُكْمُهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَلَوْ أَسْقَطَ الْوَاوَ لِتَكُونَ الْجُمْلَةُ صِفَةً كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَيُكَبِّرُ لِكُلِّ حَصَاةٍ) أَيْ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ: كَيْ يَتَحَرَّى إلَخْ) أَيْ أَنَّ النَّائِبَ عَنْ الْعَاجِزِ إذَا وَقَفَ بَعْدَ الرَّمْيِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لِلدُّعَاءِ فَإِنَّ الْعَاجِزَ يَتَحَرَّى وَقْتَ دُعَاءِ نَائِبِهِ وَيَدْعُو. (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ) أَيْ الْعَاجِزُ - كَالْمَرِيضِ وَالْمُغَمَّى عَلَيْهِ - الرَّمْيَ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ أَعَادَ أَيْ الْعَاجِزُ الَّذِي رُمِيَ عَنْهُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ وَقَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ فَالدَّمُ أَيْ وَإِنْ أَعَادَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَالدَّمُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَعَادَ رَمْيَ الْيَوْمِ الثَّانِي قَبْلَ الْغُرُوبِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَبَعْدَهُ فَالدَّمُ وَكَذَا يُقَالُ فِي رَمْيِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ: اللَّيْلُ قَضَاءٌ) فِيهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ لِإِغْنَائِهِ عَنْهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ انْتِهَاءَ وَقْتِ الْقَضَاءِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الرَّابِعِ وَلَا شَكَّ فِي دُخُولِ اللَّيْلِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُغْنِيًا عَنْهُ لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ قَصْدًا لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَهُوَ أَنَّ اللَّيْلَ أَدَاءٌ وَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ النَّهَارُ وَقْتَ أَدَاءً لِلرَّمْيِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يُقْضَى إلَّا فِي مِثْلِ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ النَّهَارُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يُقْضَى لَيْلًا.

(قَوْلُهُ: وَحُمِلَ مَرِيضٌ) أَيْ وَكَذَا صَبِيٌّ وَقَوْلُهُ: مُطِيقٌ أَيْ قَادِرٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالصَّبِيَّ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ إطَاقَةٌ أَيْ قُدْرَةٌ عَلَى أَنْ يَرْمِيَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَرْمِي بِنَفْسِهِ وُجُوبًا إذَا وَجَدَ حَامِلًا يَحْمِلُهُ لِلْجَمْرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَرْمِي فِي كَفِّ غَيْرِهِ) هَذَا نَهْيٌ أَيْ أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَالنَّهْيُ قَدْ يُجَامِعُ الصِّحَّةَ وَقَدْ لَا يُجَامِعُهَا وَهُوَ الْغَالِبُ كَمَا هُنَا فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَجْزِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا يَرْمِي بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ.

(قَوْلُهُ: لِتَقْدِيمِهِ) أَيْ الْحَلْقِ عَلَى التَّحَلُّلَيْنِ أَيْ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْإِفَاضَةِ وَإِذَا وَقَعَ نُزُولٌ وَقَدَّمَ الْحَلْقَ عَلَى الرَّمْيِ وَرَمَى بَعْدَهُ أَمَرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ الْأَوَّلَ الْوَاقِعَ قَبْلَ الرَّمْيِ وَقَعَ قَبْلَ مَحِلِّهِ. (قَوْلُهُ: فَدَمٌ) أَيْ مَعَ الْإِجْزَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ الْإِفَاضَةُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا بَعْدَهُ وَأَنَّهُ إنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ فَسَدَ حَجُّهُ وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يَفْسُدُ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ إعَادَتُهَا) أَيْ طَلَبُ إعَادَتِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ أَعَادَهَا بَعْدَ الرَّمْيِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ كَلَا فِعْلٍ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ لَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى الرَّمْيِ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ تَأَمَّلْ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ اعْتَرَضَهُ طفى وَنَصُّهُ وَقَدْ وَقَعَ لِلْمَوَّاقِ تَوَرُّكٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ إذْ نَسَبَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَقَبِلَ عج كَلَامَهُ مُقَلِّدًا لَهُ وَمَا نَسَبَهُ لِلْمُدَوَّنَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَاللَّفْظُ الَّذِي أَتَى بِهِ لَيْسَ لَفْظَهَا وَلَمْ أَرَ أَحَدًا نَسَبَ إلَيْهَا عَدَمَ الْإِجْزَاءِ وَقَدْ جَعَلَ ح الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ أَفَاضَ قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الذَّبْحِ، أَوْ قَبْلَ الْحَلْقِ أَوْ قَبْلَهُمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: فَلَا دَمَ) أَيْ فِي صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الْخَمْسِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ الْفَوْرُ) أَيْ وَالْأَفْضَلُ الرُّجُوعُ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمِنًى فَوْرًا فَالتَّأْخِيرُ فِي مَكَّةَ حَيْثُ يُدْرِكُ الْمَبِيتَ بِمِنًى خِلَافُ الْأَفْضَلِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرُّجُوعَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى وَاجِبٌ وَالْفَوْرِيَّةَ فِي الرُّجُوعِ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِمِنًى) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى لِأَنَّ الَّذِي فَوْقَ الْعَقَبَةِ هُوَ مِنْ مِنًى؛ لِأَنَّ الْعَقَبَةَ حَدُّ مِنًى مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ وَعَلَى كَوْنِهِ بَيَانًا فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ لَا يُقَدِّرَ جَمْرَةً لِأَنَّ نَفْسَ الْجَمْرَةِ مِنْ مِنًى. (قَوْلُهُ: جِهَةَ مَكَّةَ) وَأَوْلَى إذَا بَاتَ دُونَهَا جِهَةَ.

ص: 48

(وَإِنْ تَرَكَ) الْمَبِيتَ بِهَا وَبَاتَ دُونَهَا جِهَةَ مَكَّةَ (جُلَّ لَيْلَةٍ) فَأَكْثَرَ (فَدَمٌ) وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ لِضَرُورَةٍ (أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ) وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ.

(وَلَوْ بَاتَ) الْمُتَعَجِّلُ (بِمَكَّةَ، أَوْ مَكِّيًّا) . لَكِنْ يُكْرَهُ التَّعْجِيلُ لِلْإِمَامِ (قَبْلَ الْغُرُوبِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعَجَّلَ (مِنْ) الْيَوْمِ (الثَّانِي) مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِمِنًى لَمْ يُبَحْ لَهُ التَّعْجِيلُ بَلْ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ وَرَمْيُ الثَّالِثِ وَبَيَّنَ ثَمَرَةَ التَّعْجِيلِ بِقَوْلِهِ (فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ) الْيَوْمِ (الثَّالِثِ) وَمَبِيتُ لَيْلَتِهِ.

(وَرُخِّصَ) جَوَازًا (لِرَاعٍ) لِإِبِلٍ فَقَطْ (بَعْدَ) رَمْيِ (الْعَقَبَةِ) يَوْمَ النَّحْرِ (أَنْ يَنْصَرِفَ) إلَى رَعْيِهِ وَيَتْرُكَ الْمَبِيتَ لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ (وَيَأْتِيَ) الْيَوْمَ (الثَّالِثَ) مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ (فَيَرْمِيَ) فِيهِ (لِلْيَوْمَيْنِ) الْيَوْمِ الثَّانِي الَّذِي فَاتَهُ وَهُوَ فِي رَعْيِهِ وَالثَّالِثِ الَّذِي حَضَرَ فِيهِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ تَعَجَّلَ وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ لِرَمْيِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالثَّالِثِ فِي الْمُصَنَّفِ ثَالِثَ أَيَّامِ الرَّمْيِ إذْ لَوْ أَخَّرَ لَهُ لَمْ يَجُزْ إذْ لَمْ يَتَعَدَّ التَّرْخِيصَ إلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ وَأَتَى ثَالِثَ أَيَّامِ الرَّمْيِ رَمَى لِلْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ، ثُمَّ يَرْمِي الثَّالِثَ الْحَاضِرَ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلتَّأْخِيرِ وَكَذَا يُرَخَّصُ لِصَاحِبِ السِّقَايَةِ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ خَاصَّةً فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ نَهَارًا لِلرَّمْيِ ثُمَّ يَنْصَرِفَ؛ لِأَنَّ ذَا السِّقَايَةِ يَنْزِعُ الْمَاءَ مِنْ زَمْزَمَ لَيْلًا وَيُفْرِغُهُ فِي الْحِيَاضِ.

(وَ) رُخِّصَ نَدْبًا (تَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ) مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَرْضَى وَنَحْوِهِمْ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَرَفَةَ أَوْ فِي مَكَّةَ لَكِنَّ الشَّارِحَ الْتَفَتَ لِلشَّأْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ) أَيْ لَا نِصْفَهَا وَالْمُرَادُ إنْ تَرَكَ غَيْرُ الْمُتَعَجِّلِ جُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ أَوْ تَرَكَ الْمُتَعَجِّلُ جُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ اللَّيْلَتَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ جُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ أَيِّ لَيْلَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ لِلْمُتَعَجِّلِ وَغَيْرِهِ إذْ الْمُتَعَجِّلُ لَا يَلْزَمُهُ بَيَاتُ الثَّالِثَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِوُجُوبِ بَيَاتِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَعَدَمِ وُجُوبِ بَيَاتِهَا قَصْدُ التَّعْجِيلِ وَعَدَمُ قَصْدِهِ فَإِنْ قَصَدَ التَّعْجِيلَ فَلَا يَلْزَمُهُ بَيَاتٌ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْجِيلَ لَزِمَهُ الْبَيَاتُ بِهَا وَيَلْزَمُهُ الدَّمُ إنْ تَرَكَ الْبَيَاتَ جُلَّ لَيْلَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَعَجِّلِ مَنْ قَصَدَ الذَّهَابَ لِمَكَّةَ كَانَ عُذْرٌ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيْلَةً كَامِلَةً، أَوْ الثَّلَاثَ لَيَالِي فَاللَّازِمُ دَمٌ وَاحِدٌ وَلَا يَتَعَدَّدُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ لِضَرُورَةٍ) أَيْ كَخَوْفٍ عَلَى مَتَاعِهِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ حَسْبَمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ فِيمَنْ حَبَسَهُ مَرَضٌ فَبَاتَ فِي مَكَّةَ فَإِنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَيْلَتَيْنِ) أَيْ أَوْ عَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى لَيْلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ) أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ لَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَلَا خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاتَ الْمُتَعَجِّلُ بِمَكَّةَ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ هَذَا إذَا أَرَادَ الْمُتَعَجِّلُ الْبَيَاتَ لَيْلَةَ رَابِعِ النَّحْرِ بِغَيْرِ مَكَّةَ بَلْ وَلَوْ أَرَادَ الْبَيَاتَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِمَكَّةَ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُتَعَجِّلُ آفَاقِيًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ مَكِّيًّا وَرَدَّ بِلَوْ فِي الْأُولَى قَوْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّ مَنْ بَاتَ بِمَكَّةَ فَقَدْ خَرَجَ بِهِ عَنْ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَرْمِيَ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ وَعَلَيْهِ الدَّمُ لِمَبِيتِهِ بِمَكَّةَ وَرَدَّ بِلَوْ فِي الثَّانِي مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا أَرَى التَّعْجِيلَ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ عُذْرٌ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مَرَضٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ قَبْلَ ذَلِكَ يَقُولُ لَا بَأْسَ بِتَعْجِيلِهِمْ وَهُمْ كَأَهْلِ الْآفَاقِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُكْرَهُ التَّعْجِيلُ لِلْإِمَامِ) أَيْ لِأَمِيرِ الْحَجِّ وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْجَوَازَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَأَمَّا هُوَ فَيُكْرَهُ لَهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْغُرُوبِ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ التَّعْجِيلِ أَنْ يُجَاوِزَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهَا إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِمِنًى وَرَمْيُ الثَّالِثِ وَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ رَمْيَهُ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ شَرْطِ التَّعْجِيلِ إذَا كَانَ الْمُتَعَجِّلُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُهُ مِنْ مِنًى قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْخُرُوجِ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ إنَّ مَنْ تَعَجَّلَ وَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ هَلْ يُتِمُّ، أَوْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالْإِتْمَامُ أَحْوَطُ وَأَمَّا مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ مِنْ الْحُجَّاجِ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النُّسُكِ كَالرُّعَاةِ إذَا رَمَوْا الْعَقَبَةَ وَتَوَجَّهُوا لِلرَّعْيِ فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الْحُجَّاجِ كَذَا فِي كَبِيرِ خش.

(قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ لِرَاعٍ) هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَعَادَ لِلْمَبِيتِ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْعَقَبَةِ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ لَا بِرَاعٍ أَيْ لِرَاعٍ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي بَعْدَ الْعَقَبَةِ إذْ هَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ رَاعٍ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ وَقَوْلُهُ: وَيَأْتِي الثَّالِثَ أَيْ فِي الثَّالِثِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوا لَيْلًا فَيَرْمُوا مَا فَاتَهُمْ رَمْيُهُ نَهَارًا وَاسْتَظْهَرَهُ ح وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ طفى لِقِصَرِ الرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا. (قَوْلُهُ: جَوَازًا) أَيْ مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِرَاعٍ لِإِبِلٍ فَقَطْ) أَيْ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِرُعَاةِ الْإِبِلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تَتَعَدَّى مَحَلَّهَا، وَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهَا نِزَاعٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ الْإِطْلَاقُ. (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي الْيَوْمَ الثَّالِثَ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ) الَّذِي هُوَ ثَانِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ لِرَمْيِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ) أَيْ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْمَبِيتِ وَلَا لِتَأْخِيرِ رَمْيِ الْيَوْمِ الثَّانِي لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ خَاصَّةً) أَيْ لَا فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ وَتَرْكِ الْإِتْيَانِ فِي الْيَوْمِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالْإِتْيَانِ فِي الثَّانِيَ عَشَرَ كَالرُّعَاةِ.

(قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ نَدْبًا تَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ) مَعْنَى التَّرْخِيصِ لَهُمْ فِي عَدَمِ الْبَيَاتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُمْ ثَوَابُ الْبَيَاتِ بِهَا فَلَا يُعْتَرَضُ.

ص: 49

(فِي الرَّدِّ) إلَى مِنًى (لِلْمُزْدَلِفَةِ) اللَّامُ بِمَعْنَى " مِنْ " وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَانَ أَوْلَى يَعْنِي يُرَخَّصُ فِي عَدَمِ بَيَاتِهِمْ لَيْلَةَ النَّحْرِ فِي مُزْدَلِفَةَ فَيَذْهَبُونَ لَيْلًا لِلْبَيَاتِ بِمِنًى وَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّرْخِيصَ فِي عَدَمِ النُّزُولِ فِي مُزْدَلِفَةَ بِالْكُلِّيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ " وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ فَالدَّمُ ".

(وَ) رُخِّصَ (تَرْكُ التَّحْصِيبِ) أَيْ النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ لَيْلَةَ الرَّابِعَ عَشَرَ (لِغَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ) وَأَمَّا الْمُقْتَدَى بِهِ فَلَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي تَرْكِهِ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ نَفْرُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلْيَدْخُلْ مَكَّةَ لِيُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بِأَهْلِهَا.

(وَ) إذَا عَادَ الْحَاجُّ يَوْمَ النَّحْرِ لِمِنًى (رَمَى كُلَّ يَوْمٍ) بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ الْجِمَارَ (الثَّلَاثَ) كُلَّ وَاحِدَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يَبْدَأُ بِاَلَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى ثُمَّ الْوُسْطَى الَّتِي بِالسُّوقِ (وَخَتَمَ بِالْعَقَبَةِ) فَجُمْلَةُ الْحَصَيَاتِ سَبْعُونَ لِغَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ وَتِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُتَعَجِّلِ وَوَقْتُ أَدَاءِ كُلٍّ (مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ) .

(وَصِحَّتُهُ) أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الرَّمْيِ مُطْلَقًا (بِحَجَرٍ) لَا طِينٍ وَمَعْدِنٍ كَمَا يَأْتِي (كَحَصًى) الْخَذْفِ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ الرَّمْيُ بِالْحَصْبَاءِ بِالْأَصَابِعِ، أَوْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْحَذْفُ بِالْحَصَى وَهُوَ قَدْرُ الْفُولِ، أَوْ النَّوَاةِ، أَوْ دُونَ الْأُنْمُلَةِ وَلَا يُجْزِي الصَّغِيرُ جِدًّا كَالْحِمَّصَةِ وَيَكْرَهُ الْكَبِيرُ خَوْفَ الْأَذِيَّةِ وَلِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَ (وَرَمْيٍ) مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ عُطِفَ عَلَى " حَجَرٍ " أَيْ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ كَوْنُهُ بِرَمْيٍ لَا وَضْعٍ، أَوْ طَرْحٍ فَلَا يُجْزِئُ (وَإِنْ بِمُتَنَجِّسٍ) لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَنُدِبَ إعَادَتُهُ بِطَاهِرٍ (عَلَى الْجَمْرَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَمْيٍ وَهُوَ الْبِنَاءُ وَمَا تَحْتَهُ مِنْ مَوْضِعِ الْحَصْبَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ الرَّمْيَ عَلَى الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَمَا وَقَفَ مِنْ الْحَصَيَاتِ بِالْبِنَاءِ مُجْزِئٌ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَلَا يَذْكُرُ التَّرَدُّدَ (وَإِنْ أَصَابَتْ) الْحَصَاةُ (غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ الْجَمْرَةِ ابْتِدَاءً مِنْ مَحْمِلٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُمْنَعُ الْإِجْزَاءُ (إنْ ذَهَبَتْ) بَعْدَ إصَابَتِهَا غَيْرَهَا إلَى الْجَمْرَةِ (بِقُوَّةٍ لَا) إنْ وَقَعَتْ (دُونَهَا) وَلَمْ تَصِلْ فَلَا تُجْزِئُ وَكَذَا إنْ جَاوَزَتْهَا وَوَقَعَتْ بِالْبُعْدِ عَنْهَا وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ دُونَهَا وَتَدَحْرَجَتْ حَتَّى وَصَلَتْ إلَيْهَا أَجْزَأَتْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ، ثُمَّ بَالَغَ عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ وُقُوعِهَا دُونَهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَطَارَتْ) الْوَاقِعَةُ حَصَاةً (غَيْرَهَا) فَوَصَلَتْ (لَهَا) أَيْ لِلْجَمْرَةِ لَمْ تُجْزِهِ (وَلَا) يُجْزِئُ (طِينٌ وَ) لَا (مَعْدِنٌ) كَذَهَبٍ وَحَدِيدٍ وَمَغْرَةٍ وَكِبْرِيتٍ لِاشْتِرَاطِ الْحَجَرِيَّةِ (وَفِي إجْزَاءِ مَا وَقَفَ) مِنْ الْحَصَيَاتِ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِأَنَّ الْبَيَاتَ بِهَا لَيْسَ أَمْرًا وَاجِبًا حَتَّى يُقَالَ رُخِّصَ لَهُمْ فِي تَرْكِهِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي الرَّدِّ) أَيْ فِي الرُّجُوعِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إلَى مِنًى إلَى أَنَّ مُتَعَلِّقَ الرَّدِّ مَحْذُوفٌ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّأْوِيلِ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَأَمَّا حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يَصِحُّ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الضُّعَفَاءَ يُرَخَّصُ لَهُمْ أَنْ يَنْصَرِفُوا مِنْ عَرَفَةَ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ الْغُرُوبِ كَمَا هُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ الرُّكْنَ الْوُقُوفُ نَهَارًا لَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَيَذْهَبُونَ لَيْلًا لِلْبَيَاتِ بِمِنًى) أَيْ بَعْدَ نُزُولِهِمْ لِمُزْدَلِفَةَ بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ فَالدَّمُ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الضُّعَفَاءِ وَغَيْرِهِمْ.

(قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ تَرْكُ التَّحْصِيبِ) هَذِهِ الرُّخْصَةُ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحُجَّاجِ إذَا لَمْ يَتَعَجَّلُوا أَنَّهُمْ إذَا رَمَوْا ثَالِثَ يَوْمٍ بَعْدَ الزَّوَالِ أَنْ يَنْصَرِفُوا لِمَكَّةَ فَإِذَا وَصَلُوا الْمُحَصَّبَ نُدِبَ لَهُمْ النُّزُولُ فِيهِ يُصَلُّونَ بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ثُمَّ يَدْخُلُونَ مَكَّةَ لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام وَهُوَ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ مُنْتَهِيًا لِلْمَقْبَرَةِ سُمِّيَ بِالْمُحَصَّبِ لِكَثْرَةِ الْحَصْبَاءِ فِيهِ مِنْ السَّيْلِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي تَرْكِهِ) أَيْ لِأَجْلِ إحْيَاءِ السُّنَّةِ وَالتَّرْكُ لَهُ مَكْرُوهٌ وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَجِّلًا، أَوْ يُوَافِقْ نَفْرُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ فِي تَرْكِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا عَادَ الْحَاجُّ) أَيْ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: وَقْتَ أَدَاءِ كُلٍّ مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ) أَيْ وَاللَّيْلُ عَقِيبَ كُلِّ يَوْمٍ قَضَاءٌ لَهُ كَمَا مَرَّ فَيَلْزَمُ الدَّمُ بِالتَّأْخِيرِ إلَيْهِ وَلَوْ بِحَصَاةٍ مِنْ جَمْرَةٍ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: بِحَجَرٍ) أَيْ كَوْنُ الْمَرْمِيِّ مِنْ جِنْسِ مَا يُسَمَّى حَجَرًا سَوَاءٌ كَانَ زَلَطًا، أَوْ رُخَامًا أَوْ صَوَّانًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْخَذْفُ بِمُعْجَمَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِالْأَصَابِعِ) بِأَنْ تَجْعَلَ الْحَصَاةَ بَيْنَ سَبَّابَتِك، وَإِبْهَامِك وَتَرْمِيَ بِهَا. (قَوْلُهُ: الْحَذْفُ بِالْحَصَى) أَيْ وَهُوَ الْحَذْفُ بِالْحَصَى سَوَاءٌ كَانَ بِالْأَصَابِعِ أَوْ بِالْيَدِ بِتَمَامِهَا وَالْأَوْلَى إبْدَالُ الْحَذْفِ بِالرَّمْيِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَدْرُ إلَخْ) الضَّمِيرُ لِحَصَى الْحَذْفِ. (قَوْلُهُ: مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ الرَّمْيِ كَوْنُهُ أَيْ الرَّمْيِ بِرَمْيٍ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَكُونُ شَرْطًا لِنَفْسِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّمْيَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الْمُرَادُ مِنْهُ الْإِيصَالُ لِلْجَمْرَةِ، وَالرَّمْيَ الَّذِي اُعْتُبِرَ شَرْطًا بِمَعْنَى الِانْدِفَاعِ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِيصَالِ لِلْجَمْرَةِ الِانْدِفَاعُ فَلَا يُجْزِئُ وَضْعُ الْحَصَاةِ بِيَدِهِ عَلَى الْجَمْرَةِ وَلَا طَرْحُهَا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ انْدِفَاعٍ وَلَا بُدَّ مِنْ الِانْدِفَاعِ لِكُلِّ حَصَاةٍ بِانْفِرَادِهَا فَإِنْ رَمَى السَّبْعَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ احْتَسَبَ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرَّمْيُ بِيَدِهِ لَا بِقَوْسٍ، أَوْ رِجْلِهِ، أَوْ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِمُتَنَجِّسٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْحَجَرُ طَاهِرًا بَلْ، وَإِنْ كَانَ مُتَنَجِّسًا فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِمُتَنَجِّسٍ زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَمْرَةِ) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ فَإِنْ رَمَى عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يُجْزِئُ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْبِنَاءُ وَمَا تَحْتَهُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّ الْجَمْرَةَ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْحَصَى. (قَوْلُهُ: عَلَى الثَّانِي) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْحَصَى تَحْتَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ الْجَمْرَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ ذَهَبَتْ إلَى الْجَمْرَةِ بِقُوَّةٍ) أَيْ مِنْ الرَّمْيِ لِاتِّصَالِ الرَّمْيِ بِالْجَمْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ دُونَهَا وَتَدَحْرَجَتْ إلَخْ) هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَنَدٍ ثَمَّ قَالَ: وَلَوْ.

ص: 50

(بِالْبِنَاءِ) فِي شُقُوقِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ لِأَرْضِ الْجَمْرَةِ - وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِمَا تَقَدَّمَ -، وَعَدَمِ إجْزَائِهِ (تَرَدُّدٌ) ، ثُمَّ عَطَفَ ثَالِثَ الشُّرُوطِ عَلَى قَوْلِهِ بِحَجَرٍ.

بِقَوْلِهِ (وَ) صِحَّتُهُ (بِتَرَتُّبِهِنَّ) أَيْ الْجِمَارِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِاَلَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى، ثُمَّ بِالْوُسْطَى وَيَخْتِمَ بِالْعَقَبَةِ.

فَإِنْ نَكَّسَ، أَوْ تَرَكَ الْأُولَى مَثَلًا، أَوْ بَعْضَهَا وَلَوْ سَهْوًا لَمْ يُجْزِهِ فَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ خُرُوجِ يَوْمِهَا وَرَمَى الْحَاضِرَةَ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَأَعَادَ) نَدْبًا (مَا حَضَرَ) وَقْتُهُ (بَعْدَ) فِعْلِ (الْمَنْسِيَّةِ) وُجُوبًا الْأَوْلَى " الْمَتْرُوكَةِ " أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْمُنَكَّسَةَ (وَ) إعَادَةِ (مَا بَعْدَهَا) وُجُوبًا أَيْضًا لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ الْكَائِنِ (فِي يَوْمِهَا فَقَطْ) فَلَا يُعِيدُ مَا رَمَاهُ فِي التَّالِي لِيَوْمِهَا فَلَوْ نَسِيَ مِنْ ثَانِي النَّحْرِ الْجَمْرَةَ الْأُولَى فَقَطْ وَفَعَلَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَرَمَى جَمِيعَ جَمَرَاتِ الثَّالِثِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ رَمْيِ الرَّابِعِ فَيَفْعَلُ الْمَنْسِيَّةَ وَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا مِمَّا هُوَ فِي يَوْمِهَا وَهُوَ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وُجُوبًا وَيُعِيدُ الْيَوْمَ الرَّابِعَ الْحَاضِرَ اسْتِحْبَابًا وَلَا يُعِيدُ جَمَرَاتِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ.

(وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ) أَيْ الرَّمْيِ فَإِذَا رَمَى الْأُولَى أَرْدَفَهَا بِالثَّانِيَةِ ثُمَّ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ وَلَا يَفْصِلُ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ إلَّا بِقَدْرِ مَا سَيَأْتِي مِنْ الدُّعَاءِ فَالتَّتَابُعُ لَهُ صُورَتَانِ تَتَابُعٌ بَيْنَ الْحَصَيَاتِ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ وَتَتَابُعٌ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ وَهُوَ مَا هُنَا فَلَا تَكْرَارَ وَالْأَصْوَبُ حَمْلُهُ عَلَى تَتَابُعِ الْحَصَيَاتِ بِدَلِيلِ تَذْكِيرِ الضَّمِيرِ وَالتَّفْرِيعِ فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ رَمَى) الْجِمَارَ الثَّلَاثَ (بِخَمْسٍ خَمْسٍ) وَتَرَكَ مِنْ كُلِّ جَمْرَةٍ حَصَاتَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي يَوْمِهِ أَوْ غَيْرِهِ (اعْتَدَّ بِالْخَمْسِ الْأُوَلِ) مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَكَمَّلَهَا بِحَصَاتَيْنِ وَرَمَى الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ وَلَا هَدْيَ إنْ ذَكَرَ فِي يَوْمِهِ فَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ " وَصِحَّتُهُ بِتَرَتُّبِهِنَّ "، وَعَلَى قَوْلِهِ " وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ " أَيْ فَلِأَجْلِ نَدْبِ التَّتَابُعِ لَمْ تَبْطُلْ الْخَمْسُ الْأُوَلُ وَلِأَجْلِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَطَلَ مَا بَعْدَهَا لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَقَعَتَا قَبْلَ إكْمَالِ الْأُولَى وَكَذَا قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ) أَوْ أَكْثَرَ تُرِكَتْ مِنْ أَيُّهَا وَسَوَاءٌ تَيَقَّنَ تَرْكَهَا، أَوْ شَكَّ (اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الْأُولَى) فَإِنْ تَحَقَّقَ إكْمَالَ الْأُولَى وَشَكَّ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

تَدَحْرَجَتْ فِي مَكَان عَالٍ فَرَجَعَتْ إلَيْهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ بَيْنَ شَيْخَيْ الْمُصَنِّفِ سَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ وَسَيِّدِي خَلِيلٍ الْمَكِّيِّ فَالْأَوَّلُ كَانَ يَمِيلُ إلَيْهِ الْمَنُوفِيُّ وَالثَّانِي كَانَ يُفْتِي بِهِ سَيِّدِي خَلِيلٌ الْمَكِّيُّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَّسَ، أَوْ تَرَكَ الْأُولَى مَثَلًا، أَوْ بَعْضَهَا وَلَوْ سَهْوًا لَمْ يَجْزِهِ) أَيْ مَا دَامَ يَوْمُ الْجَمْرَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْمُنَكَّسِ وَهُوَ الْمُقَدَّمُ عَنْ مَحِلِّهِ، وَإِعَادَةِ مَا بَعْدَهُ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْمُنَكَّسَ وَمَا بَعْدَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ تَارِكِ الرَّمْيِ بِالْكُلِّيَّةِ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ. (قَوْلُهُ: وَرَمَى الْحَاضِرَةَ) أَيْ وَبَعْدَ رَمْيِ الْحَاضِرَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ مَا حَضَرَ وَقْتُهُ) أَيْ وَأَعَادَ الرَّمْيَ الَّذِي حَضَرَ وَقْتُهُ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ فِعْلِ الْمَنْسِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِإِعَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِعَادَةِ) أَيْ وَبَعْدَ إعَادَةِ مَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ فِي يَوْمِهَا فَقَطْ نَعْتٌ لِمَا بَعْدَهَا أَيْ وَمَا بَعْدَهَا الْكَائِنِ فِي يَوْمِهَا. (قَوْلُهُ: الْجَمْرَةَ الْأُولَى) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَمِثْلُ مَا لَوْ نَكَّسَ بِأَنْ قَدَّمَ الْوُسْطَى عَلَى الْأُولَى فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْوُسْطَى وَالثَّالِثَةَ وُجُوبًا وَيُعِيدُ رَمْيَ الْيَوْمِ الْحَاضِرِ اسْتِحْبَابًا. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ الْمَنْسِيَّ مَعَ مَا بَعْدَهُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَاجِبٌ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ فَلِذَا أَعَادَ مَا بَعْدَ الْمَنْسِيَّةِ الْكَائِنَ فِي يَوْمِهَا وُجُوبًا. (قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابًا) لِأَنَّ إعَادَةَ الرَّابِعِ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْمَنْسِيِّ وَمَا حَضَرَ وَقْتُهُ وَاجِبٌ مَعَ الذِّكْرِ لَا مَعَ النِّسْيَانِ فَلِذَا اُسْتُحِبَّ إعَادَتُهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَرَتُّبَ مَا حَضَرَ وَقْتُهُ مَعَ الْفَائِتِ وَاجِبٌ مَعَ الذِّكْرِ وَأَمَّا تَرْتِيبُ الْفَائِتِ مَعَ مَا بَعْدَهُ فِي يَوْمِهِ فَوَاجِبٌ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعِيدُ جَمَرَاتِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ) أَيْ لِأَنَّ رَمْيَهُ صَحِيحٌ وَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهُ اهـ وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ لَوْ نَسِيَ الصُّبْحَ وَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ لِبَقَاءِ وَقْتِهِمَا وَلَا يُعِيدُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ لِخُرُوجِ وَقْتِهِمَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ الرَّمْيِ) أَيْ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ) أَيْ ثُمَّ أَرْدَفَ الثَّانِيَةَ بِالْجَمْرَةِ الثَّالِثَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ) أَيْ فِي دَرْسِ: وَلِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ وَتَتَابُعُهَا وَلَفْظُهَا. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْوَبُ حَمْلُهُ عَلَى تَتَابُعِ الْحَصَيَاتِ) فَالْمَعْنَى وَنُدِبَ تَتَابُعُ الرَّمْيِ فِي حَصَيَاتِ كُلِّ جَمْرَةٍ مِنْ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتَتَابُعُهَا فَهُوَ فِي تَتَابُعِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهَذَا التَّقْرِيرُ لعج وَمَا تَقَدَّمَ لِغَيْرِهِ فَإِنْ رَمَى بِخَمْسٍ خَمْسٍ أَيْ فَإِنْ رَمَى كُلَّ جَمْرَةٍ مِنْ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ بِخَمْسٍ سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا. (قَوْلُهُ: وَلَا هَدْيَ إنْ ذَكَرَ فِي يَوْمِهِ) وَأَمَّا إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، أَوْ فِي ثَانِي يَوْمٍ كَمَّلَ الْأُولَى بِحَصَاتَيْنِ وَرَمَى الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ وَلَزِمَهُ هَدْيٌ لِتَأْخِيرِ الرَّمْيِ لِوَقْتِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ: إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَصِحَّتُهُ بِتَرَتُّبِهِنَّ وَعَلَى قَوْلِهِ وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ فَلِأَجْلِ نَدْبِ التَّتَابُعِ لَمْ تَبْطُلْ السِّتُّ الْأُولَى وَلِأَجْلِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَطَلَ مَا بَعْدَهَا لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَقَعَا قَبْلَ كَمَالِ الْأُولَى وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ تَتَابُعِهِ طَرِيقَةٌ شَهَّرَهَا الْبَاجِيَّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ رَاشِدٍ وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهَا، وَطَرِيقَةُ سَنَدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ أَنَّ الْفَوْرَ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِيهِ مَعَ النِّسْيَانِ وَعَلَيْهَا فَلَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ حَصَاةً مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيُّهَا تَرَكَهَا، أَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ حَصَاةٍ مِنْ وَاحِدَةٍ وَعَدَمِ تَرْكِهَا وَعَلَى تَقْدِيرِ تَرْكِهَا لَمْ يَدْرِ مِنْ أَيُّهَا تَرَكَهَا فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِسِتٍّ مِنْ الْجَمْرَةِ.

ص: 51

اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الثَّانِيَةِ.

(وَأَجْزَأَ) الرَّمْيُ (عَنْهُ) أَيْ الرَّامِي (وَعَنْ صَبِيٍّ) وَنَحْوَهُ بَعْدَ الرَّمْيِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ قَبْلَهُ إنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ سَبْعًا وَعَنْ الصَّبِيِّ سَبْعًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ يَرْمِي جَمْرَةً وَاحِدَةً (حَصَاةً) عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ (حَصَاةً) عَنْ غَيْرِهِ إلَى آخِرِ كُلِّ جَمْرَةٍ لَا إنْ رَمَى الْحَصَاةَ الْوَاحِدَةَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ؛ لَمْ يُجْزِهِ.

وَلَمَّا كَانَ وَقْتُ أَدَاءِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَدْخُلُ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ بَيَّنَ هُنَا الْوَقْتَ الْأَفْضَلَ بِقَوْلِهِ (وَ) نُدِبَ (رَمْيُ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ يَوْمٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ) أَيْ بَعْدَ طُلُوعِهَا إلَى الزَّوَالِ حَيْثُ لَا عُذْرَ لَهُ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ عَقِبَهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ الرَّمْيُ أَوَّلَ يَوْمٍ بَلْ مَا بَعْدَهُ نُدِبَ (إثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ) صَلَاةِ (الظُّهْرِ) فَمَصَبُّ النَّدْبِ قَبْلَ الظُّهْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ دُخُولَ الزَّوَالِ شَرْطُ صِحَّةٍ فِيهَا.

(وَ) نُدِبَ (وُقُوفُهُ) أَيْ مُكْثُهُ وَلَوْ جَالِسًا (إثْرَ) رَمْيِ كُلٍّ مِنْ (الْأُولَيَيْنِ) لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ (قَدْرَ إسْرَاعِ) سُورَةِ (الْبَقَرَةِ) وَيَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ (وَ) نُدِبَ (تَيَاسُرُهُ فِي) وُقُوفِهِ لِلدُّعَاءِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ (الثَّانِيَةِ) أَيْ يَجْعَلُهَا عَلَى يَسَارِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَقَدَّمُ أَمَامَهَا بِحَيْثُ تَكُونُ جِهَةَ يَسَارِهِ لَا أَنَّهُ يَجْعَلُهَا مُحَاذِيَةً لَهُ عَنْ يَسَارِهِ وَأَمَّا الْأُولَى فَيَجْعَلُهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ مُسْتَقْبِلًا وَأَمَّا الْعَقَبَةُ فَيَرْمِيهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فِي بَطْنِ الْوَادِي وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَمَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ.

(وَ) نُدِبَ (تَحْصِيبُ الرَّاجِعِ) مِنْ مِنًى لِمَكَّةَ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْأُولَى لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْهَا فَيُكَمِّلُهَا بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَرْمِي الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ كَمَّلَ الْأُولَى وَفَعَلَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي يَوْمِهِ فَإِنْ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَحَقَّقَ تَرْكَ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ تُرِكَتْ وَهَلْ هِيَ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، أَوْ الثَّانِي فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِسِتٍّ مِنْ الْأُولَى فِي كِلَا الْيَوْمَيْنِ وَيُكَمِّلُ عَلَيْهَا وَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِتَأْخِيرِ رَمْيِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِلْيَوْمِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: مَوْضِعَ حَصَاةٍ أَيْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاتَيْنِ اعْتَدَّ بِخَمْسٍ مِنْ الْأُولَى وَهَكَذَا كُلَّمَا زَادَ الشَّكُّ اعْتَدَّ بِغَيْرِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ وَهَذَا أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى نَدْبِ التَّتَابُعِ وَأَمَّا عَلَى وُجُوبِهِ فَلَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ: اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الثَّانِيَةِ) أَيْ فَيُكَمِّلُهَا بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَرْمِي الثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ كَمَّلَ الثَّانِيَةَ وَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فِي يَوْمِهِ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَنْ يُرْمَى عَنْهُ وَلَوْ نِيَابَةً. (قَوْلُهُ: إنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ سَبْعًا إلَخْ) أَيْ هَذَا إنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ سَبْعًا لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَرَكَ التَّتَابُعَ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ وَذَلِكَ لِفَصْلِهِ بَيْنَ رَمْيِ كُلِّ جَمْرَتَيْنِ بِالرَّمْيِ عَنْ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ كَانَ يَرْمِي إلَخْ) رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ الْقَابِسِيِّ إنَّهُ يُعِيدُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ وَلَا بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَرُدَّ ذَلِكَ الْقَوْلُ بِأَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْحَصَيَاتِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَسِيرٌ وَتَتَابُعُ الْحَصَيَاتِ وَعَدَمُ الْفَصْلِ بَيْنَهَا مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ كَمَا مَرَّ قَالَ عبق فَإِنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ حَصَاتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ وَعَنْ الصَّبِيِّ مِثْلَهُ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ وَانْظُرْ هَلْ هَذَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْضًا أَمْ لَا قَالَ بْن الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَابِسِيَّ يَمْنَعُ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْحَصَيَاتِ وَهَذَا مِنْهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ رَمَى الْحَصَاةَ الْوَاحِدَةَ إلَخْ) أَيْ لَا إنْ رَمَى حَصَاةً بَعْدَ حَصَاةٍ إلَى آخِرِ السَّبْعِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ نَوَى أَنَّهَا عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ رَمْيُ الْعَقَبَةِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَدْ أَشَارَ لِذَلِكَ فِيمَا مَرَّ وَأَشَارَ هُنَا إلَى وَقْتِهِ الْأَفْضَلِ وَأَنَّهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَيُكْرَهُ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ عَنْ الزَّوَالِ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ لِمَرَضٍ، أَوْ نِسْيَانٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِي فِعْلِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ وَقْتَ قَضَائِهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لَهُ اللَّيْلُ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ طُلُوعِهَا) أَيْ لَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِالْمُقَارَنَةِ وَلَيْسَتْ بِمُرَادَةٍ إذْ حُكْمُهَا حُكْمُ مَا قَبْلَ الطُّلُوعِ مِنْ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَكُنْ الرَّمْيُ أَوَّلَ يَوْمٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ النَّفْيَ فِي قَوْلِهِ " وَإِلَّا " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ يَوْمٍ كَمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بَهْرَامُ لَا لَهُ وَلِقَوْلِهِ " طُلُوعَ شَمْسٍ " كَمَا قَالَ تت وَالْبِسَاطِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَرْمِ الْعَقَبَةَ أَوَّلَ يَوْمٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ فَيَنْدُبُ رَمْيُهَا إثْرَ الزَّوَالِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ وَقْتَ اسْتِحْبَابِهَا يَنْتَهِي بِالزَّوَالِ فَإِنْ فَعَلَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَوْ كَانَ بِإِثْرِهِ كَانَ فِعْلًا لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَتَقَدَّمُ أَمَامَهَا بِحَيْثُ تَكُونُ جِهَةَ يَسَارِهِ إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ ح وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَيَاسُرِهِ ذَهَابُهُ عَنْهَا لِجِهَةِ يَسَارِهَا بِأَنْ يَقِفَ أَمَامَهَا جِهَةَ يَسَارِهَا وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ يَسَارَهَا أَنْ تَكُونَ هِيَ جِهَةَ يَمِينِهِ كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَنَصُّهَا ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَيَنْصَرِفُ مِنْهَا إلَى الشِّمَالِ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَيَقِفُ أَمَامَهَا مِمَّا يَلِي يَسَارَهَا وَكَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ أَيْضًا وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ) وَذَلِكَ لِسَعَةِ مَوْضِعِ الْأَوَّلَيْنِ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَإِنَّ مَوْضِعَهَا ضَيِّقٌ فَالْوُقُوفُ عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ يُضَيِّقُ عَلَى الرَّامِينَ وَلِهَذَا لَا يَنْصَرِفُ الَّذِي يَرْمِيهَا عَلَى طَرِيقِهِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الَّذِي يَأْتِي لِلرَّمْيِ وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ مِنْ أَعْلَى الْجَمْرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَعَجِّلٍ وَلَمْ يَكُنْ رُجُوعُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا فَلَا يُنْدَبُ التَّحْصِيبُ وَمَحَلُّ نَدْبِ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِهِ إذَا وَصَلَهُ قَبْلَ ضِيقِ وَقْتِهَا بِأَنْ.

ص: 52

أَيْ نُزُولُهُ بِالْمُحَصَّبِ (لِيُصَلِّيَ) بِهِ (أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ) الظُّهْرَ وَالْعِشَاءَ وَمَا بَيْنَهُمَا.

(وَ) نُدِبَ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَلَوْ مَكِّيًّا، أَوْ قَدِمَ إلَيْهَا بِتِجَارَةٍ (طَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ) أَيْ أَرَادَ الْخُرُوجَ (لِكَالْجُحْفَةِ) وَنَحْوِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْمَوَاقِيتِ أَرَادَ الْعَوْدَ أَمْ لَا إلَّا الْمُتَرَدِّدَ لِمَكَّةَ لِحَطَبٍ وَنَحْوِهِ فَلَا وَدَاعَ عَلَيْهِ (لَا) لِقَرِيبٍ (كَالتَّنْعِيمِ) وَالْجِعْرَانَةِ مِمَّا دُونَ الْمَوَاقِيتِ (وَإِنْ صَغِيرًا) فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ الْوَدَاعُ (وَتَأَدَّى) الْوَدَاعُ (بِالْإِفَاضَةِ وَ) بِطَوَافِ (الْعُمْرَةِ) أَيْ سَقَطَ طَلَبُهُ بِهِمَا وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ طَوَافِ الْوَدَاعِ إنْ نَوَاهُ بِهِمَا (وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى) بَلْ يَخْرُجُ وَظَهْرُهُ لِلْبَيْتِ وَكَذَا فِي زِيَارَتِهِ عليه الصلاة والسلام (وَبَطَلَ) يَعْنِي كَوْنَهُ وَدَاعًا، وَإِلَّا فَهُوَ فِي نَفْسِهِ صَحِيحٌ (بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ بِمَكَّةَ) فَيُطْلَبُ بِإِعَادَتِهِ (لَا بِشُغْلٍ خَفَّ) وَلَوْ بَيْعًا فَلَا يَبْطُلُ أَيْ لَا يُطْلَبُ بِإِعَادَتِهِ (وَرَجَعَ لَهُ) إنْ بَطَلَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ (إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ) .

(وَحُبِسَ الْكَرِيُّ وَالْوَلِيُّ) مِنْ زَوْجٍ، أَوْ مَحْرَمٍ أَيْ جَبْرًا عَلَى إقَامَتِهِمَا مَعَ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ، أَوْ النُّفَسَاءِ (لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) مَنَعَهَا مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (قَدْرَهُ) ظَرْفُ " حُبِسَ " أَيْ قَدْرَ زَمَنِهِ فَإِنْ ارْتَفَعَ طَافَتْ الْإِفَاضَةَ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَصَلَهُ قَبْلَ الْعَصْرِ بِمِقْدَارِ مَا يُصَلِّي صَلَاةَ الظُّهْرِ أَمَّا لَوْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ جِدًّا بِحَيْثُ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ حَيْثُ أَدْرَكَهُ الْوَقْتُ وَلَا يُؤَخِّرُهَا لِلْمُحَصَّبِ وَقَوْلُهُ: وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ مِنْ مِنًى أَيْ سَوَاءٌ كَانَ آفَاقِيًّا، أَوْ مَكِّيًّا أَوْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَيَقْصُرُ الْمَكِّيُّ الصَّلَاةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْمُنَاسِبِ، وَأَوْلَى غَيْرُ الْمَكِّيِّ. (قَوْلُهُ: لِيُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ) اللَّامُ لِلْغَايَةِ لَا لِلتَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ نَدْبِ النُّزُولِ بِهِ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم أَيْ نُدِبَ تَحْصِيبُ الرَّاجِعِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ لِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شُكْرًا لِلَّهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُحَصَّبَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَحَالَفَتْ فِيهِ قُرَيْشٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يُبَايِعُونَ بَنِي هَاشِمٍ وَلَا يُنَاكِحُونَهُمْ وَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُمْ وَلَا يُعْطُونَهُمْ فَنَزَلَهُ النَّبِيُّ وَذَكَرَ اللَّهَ فِيهِ شُكْرًا لَهُ حَيْثُ أَظْفَرَهُ وَنَصَرَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ فَكَانَ مَجْلِسًا لِسُوءٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مَجْلِسًا لِخَيْرٍ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَدِمَ إلَيْهَا بِتِجَارَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا قَدِمَ إلَيْهَا بِنُسُكٍ بَلْ وَلَوْ قَدِمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَطَوَافُ الْوَدَاعِ إلَخْ) حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ مَكَّةَ إذَا قَصَدَ التَّرَدُّدَ لَهَا فَلَا وَدَاعَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَصَلَ لِلْمِيقَاتِ أَمْ لَا، وَإِنْ قَصَدَ مَسْكَنَهُ، أَوْ الْإِقَامَةَ طَوِيلًا فَعَلَيْهِ الْوَدَاعُ مُطْلَقًا، وَإِنْ خَرَجَ لِاقْتِضَاءِ دَيْنٍ، أَوْ زِيَارَةِ أَهْلٍ نَظَرَ فَإِنْ خَرَجَ لِنَحْوِ أَحَدِ الْمَوَاقِيتِ وَدَّعَ، وَإِنْ خَرَجَ لِدُونِهَا كَالتَّنْعِيمِ فَلَا وَدَاعَ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ ح. (قَوْلُهُ: لَا لِقَرِيبٍ كَالتَّنْعِيمِ وَالْجِعْرَانَةِ) أَيْ مَا لَمْ يَخْرُجْ لِيُقِيمَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَسْكَنَهُ، أَوْ لِيُقِيمَ فِيهِ طَوِيلًا، وَإِلَّا طُلِبَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَغِيرًا) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَنُدِبَ طَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ أَيْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْخَارِجُ صَغِيرًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَيَفْعَلُهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ. (قَوْلُهُ: وَتَأَدَّى إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ بَلْ لِيَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ مِنْ الْبَيْتِ الطَّوَافُ فَلِذَلِكَ يَتَأَدَّى بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، أَوْ الْعُمْرَةِ وَلَا يَكُونُ سَعْيُهُ لَهَا طَوْلًا حَيْثُ لَمْ يُقِمْ عِنْدَهَا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ التَّوْدِيعِ وَالْمُرَادُ بِتَأَدِّيهِ بِهِمَا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ أَوْ لِلْعُمْرَةِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ فَوْرِهِ أَنْ يَطُوفَ لِلْوَدَاعِ بَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الطَّلَبُ بِمَا ذُكِرَ وَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْوَدَاعِ إنْ نَوَاهُ بِمَا ذُكِرَ قِيَاسًا عَلَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ إلَخْ) النَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَخَرَجَ بِإِثْرِ ذَلِكَ فَلَا يَرْجِعُ مِنْ الْبَيْتِ وَوَجْهُهُ إلَيْهِ وَظَهْرُهُ لِخَلْفِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْأَعَاجِمُ عِنْدَ مُفَارَقَةِ عَظِيمٍ. (قَوْلُهُ: بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ بِمَكَّةَ) أَيْ أَوْ بِمَحَلٍّ دُونَ ذِي طُوًى وَأَمَّا لَوْ أَقَامَ بِذِي طُوًى أَوْ بِالْأَبْطَحِ يَوْمًا، أَوْ بَعْضَهُ لَمْ يَبْطُلْ وَدَاعُهُ وَالْمُرَادُ بِبَعْضِ الْيَوْمِ مَا زَادَ عَلَى السَّاعَةِ الْفَلَكِيَّةِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ) أَيْ الَّذِينَ يَسِيرُ بِسَيْرِهِمْ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا خَافَ مَنْعًا مِنْ الْكِرَاءِ.

. (قَوْلُهُ: وَحُبِسَ الْكَرِيُّ وَالْوَلِيُّ) أَيْ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ لَا لِلْوَدَاعِ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً، أَوْ مُعْتَادَةً إذَا حَاضَتْ، أَوْ نَفِسَتْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّ كَرِيَّهَا وَوَلِيَّهَا يُجْبَرَانِ عَلَى الْإِقَامَةِ مَعَهَا بِمِقْدَارِ حَيْضِهَا وَاسْتِظْهَارِهَا أَوْ مِقْدَارِ نِفَاسِهَا فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِظْهَارِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ أَمَدِ النِّفَاسِ طَافَتْ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْكَرِيُّ بِحَمْلِهَا أَمْ لَا حَمَلَتْ قَبْلَ الْكِرَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ نَفَقَتِهِ وَلَا نَفَقَةِ دَوَابِّهِ قَالَ ح وَيُسْتَحَبُّ لَهَا فِي النِّفَاسِ أَنْ تُعَيِّنَهُ بِالْعَلَفِ لَا فِي الْحَيْضِ لِقِصَرِ مُدَّتِهِ فَإِنْ مَضَى قَدْرُ حَيْضِهَا وَالِاسْتِظْهَارِ وَلَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا تَطُوفُ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ وَلَوْ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتَأَوَّلَهَا الشَّيْخُ بِمَنْعِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَفَسْخِ كِرَائِهَا لِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا اسْتَمَرَّ الدَّمُ نَازِلًا عَلَيْهَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِظْهَارِ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَةَ يَوْمًا لِلِاحْتِيَاطِ فَظَهَرَ أَنَّ لِلْفَسْخِ وَعَدَمِ الطَّوَافِ وَجْهًا وَهُوَ مُرَاعَاةُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ بِالِاحْتِيَاطِ فَقَوْلُ التَّوْضِيحِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تَطُوفُ وَلَا وَجْهَ لِلْفَسْخِ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الْحَبْسِ وَهِيَ أَمَدُ الْحَيْضِ قَدْ مَضَتْ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ قَدْرَ زَمَنِهِ) أَيْ زَمَنِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِظْهَارِ.

ص: 53