الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويمتنعان عِنْد بَعضهم فِي هَاء الضَّمِير، إِذا كَانَ قبلهَا ضم أَو كسر، أَو فرعهما، نَحْو:{يُعلمهُ الله} ، و {بمزحزحه} ، و {عقلوه} ، و {لِأَخِيهِ} ؛ لِأَن فِي النُّطْق بِبَعْض الكسرة مَعَ وجود الكسرة، أَو الْيَاء قبلهَا كلفة على الْوَاقِف، وَكَذَلِكَ النُّطْق بِبَعْض الضمة، أَو الْإِشَارَة إِلَى الضمة مَعَ وجود الضمة، أَو الْوَاو قبل الْهَاء فِيهِ كلفة أَيْضا، فَرَأَوْا أَن الْوَجْه فِي ذَلِك الإسكان.
هَذَا، مَعَ اسْتِقْرَار الْأَمر بِأَن الْهَاء الْوَاقِعَة بعد مَا تقدم مَكْسُورَة بعد الْكسر وفرعه، ومضمومة بعد الضَّم وفرعه، فَلم يتَأَكَّد الِاحْتِيَاج لبَيَان الْحَرَكَة.
وأجازهما بَعضهم مُطلقًا، وَلم يسْتَثْن شَيْئا.
قَالَ: لِأَن الْغَرَض بهما الدّلَالَة على كَيْفيَّة ذَلِك فِي الْوَصْل وَالْبَيَان.
الْوَقْف على مرسوم الْخط
.
اعْلَم أَن المُرَاد بالخط هُنَا: الْكِتَابَة.
وَهِي: تَصْوِير الْكَلِمَة بأحرف هجائها، بِتَقْدِير الِابْتِدَاء بهَا، وَالْوَقْف عَلَيْهَا.
وَمن ثمَّ رسمت همزَة الْوَصْل دون التَّنْوِين.
وَالْمرَاد بِالْكِتَابَةِ هُنَا: كِتَابَة الْمَصَاحِف العثمانية، الَّتِي أجمع الصَّحَابَة رضي الله عنهم عَلَيْهَا.
ومعرفته من الْمُهِمَّات.
وَلذَلِك أَكثر الْعلمَاء فِيهِ من التصنيف، قَدِيما وحديثاً.
وَقد أجمع أهل الْأَدَاء على لُزُوم اتِّبَاعه.
فَيُوقف على الْكَلِمَة على وفْق رسمها بِاعْتِبَار آخرهَا، من إِبْدَال، أَو حذف، أَو إِثْبَات، أَو وصل، أَو قطع، إِلَّا فِي أَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا محصورة فِي خَمْسَة أَقسَام، فَاخْتَلَفُوا فِيهَا، وَهِي مَقْصُودَة بِالذكر هُنَا. ثمَّ إِن وَافق اللَّفْظ الْخط فقياسي.
وَمِنْه: {يتسنه} بالبقرة، و {اقتده} بالأنعام، و {كِتَابيه} ، مَعًا، و {حسابيه} كَذَلِك، و {ماليه} و {سلطانيه} ، أربعتها بالحاقة،
و {ماهيه} بالقارعة، {لَكنا هُوَ} بالكهف، و {سلاسلا} ، و {قواريرا} الأول كِلَاهُمَا بالإنسان.
وَقد أَجمعُوا على الْوَقْف على السَّبْعَة الأول بهاء السكت، وعَلى الثَّلَاثَة بعْدهَا بِأَلف اتبَاعا للرسم فِي الْجَمِيع.
وَإِن اخْتلفُوا فِي ذَلِك وصلا.
أَو خَالفه بإبدال، أَو بِوَاحِد مِمَّا عطف عَلَيْهِ مِمَّا ذكر آنِفا فاصطلاحي.
فالمخالفة بِالْبَدَلِ - وَالْمرَاد بِهِ إِبْدَال حرف بآخر - محصورة فِي قسمَيْنِ: كَلِمَات مَخْصُوصَة، وأصل مطرد.
فَالْأول: {مرضات} فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع: بالبقرة اثْنَان، وَبِكُل من النِّسَاء، وَالتَّحْرِيم وَاحِد.
و {يَا أَبَت} فِي خَمْسَة مَوَاضِع: بِيُوسُف اثْنَان، وَبِكُل من مَرْيَم، والقصص، وَالصَّافَّات وَاحِد.
و {هَيْهَات} مَعًا، بالمؤمنون، و {ذَات بهجة} بالنمل، و {لات حِين} ب: ص، و {الآت} بِالنَّجْمِ.
فَوقف على هَذِه الكلها بتاء التَّأْنِيث، مُوَافقَة للرسم.
وَهِي لُغَة طَيئ.
وَعَلَيْهَا مَا أنْشدهُ أَبُو الْخطاب:
(الله نجاك بكفي مسلمت
…
من بعد وَبعد مَا وَبعد مت)
(صَارَت نفوس الْقَوْم عِنْد الغلصمت
…
وكادت الْحرَّة أَن تدعى أمت)
وَقَالَ بَعضهم: يَا أهل سُورَة البقرت، فَأُجِيب: مَا منا من يحفظ مِنْهَا آيت وَالْأَصْل المطرد: كل هَاء تَأْنِيث رسمت تَاء، وَهُوَ:{رحمت}
فِي سَبْعَة مَوَاضِع: الْبَقَرَة: {يرجون رحمت الله} ، والأعراف:{إِن رحمت الله} ، وَهود:{رحمت الله} ، وَمَرْيَم:{ذكر رحمت} ، وَالروم:{إِلَى أثر رحمت الله} ، والزخرف اثْنَان:{أهم يقسمون رحمت} ، و {رحمت رَبك} .
و {نعمت} ، فِي أحد عشر موضعا: ثَانِي كل من الْبَقَرَة، والمائدة، وَبِكُل من: آل عمرَان، ولقمان، وفاطر، وَالطور وَاحِد. وَثَانِي، وثالث: إِبْرَاهِيم، وَثَلَاث بالنحل بعد:{أفبنعمت الله يجحدون} .
و {سنت} ، فِي خَمْسَة مَوَاضِع، بِكُل من: الْأَنْفَال، وغافر وَاحِد، وبفاطر: ثَلَاث.
و {امرأت} ، فِي سَبْعَة مَوَاضِع، بِكُل من آل عمرَان، والقصص وَاحِد، وبيوسف: اثْنَان، وبالتحريم: ثَلَاث.
و {لعنت} ، بموضعين: آل عمرَان، والنور، و {كلمت رَبك} بالأعراف.
و {بقيت الله} بهود.
و {قرت عين} ، بالقصص و {فطرت الله} بالروم، و {شجرت} بالدخان.
و {جنت نعيم} بالواقعة، و {معصيت} مَعًا، بالمجادلة. و {ابنت عمرَان} ، بِالتَّحْرِيمِ.
فَوقف على ذَلِك كُله بِالتَّاءِ؛ اتبَاعا للرواية أَيْضا.
وَكَذَا مَا قَرَأَهُ بِالْجمعِ من كل من: {كَلِمَات رَبك} بالأنعام،
وغافر، وَمَوْضِعِي يُونُس، و {آيَات} ، و {غيابات} مَعًا، ثلاثتها بِيُوسُف.
و {آيَات} ، بالعنكبوت، و {الغرفات} بسبأ، و {بَيِّنَات} بفاطر، و {ثَمَرَات} بفصلت، و {جمالات} بالمرسلات، كَسَائِر الجموع.
وَهَذَا النَّوْع: قَالَ ابْن الْجَزرِي: أَجمعت الْمَصَاحِف على رسمه بِالتَّاءِ، إِلَّا ثَانِي موضعي يُونُس، وَإِلَّا مَوضِع غَافِر، فرسما بِالْهَاءِ فِي بَعْضهَا.
أَي: فِي الْمَصَاحِف.
وَاعْلَم أَن مَا سكتنا عَنهُ، من:{رحمت} ، وَمَا بعْدهَا فِي غير مَا ذكر رسم بهاء التَّأْنِيث اتِّفَاقًا.
والمخالفة بالإثبات: مَا حذف رسماً، وَهُوَ: هَاء السكت، وَأحد أحرف الْعلَّة الْوَاقِعَة قبل السَّاكِن.
فَالْأول: بعد (مَا) المستفهم بهَا، المجرورة بِالْبَاء، أَو اللَّام، أَو عَن، أَو فِي، أَو من، نَحْو:{بِمَ} ، و {لم} ، و {فيمَ} ، و {عَم} ، و {مِم} ، وَبعد:{هُوَ} ، و {هِيَ} ، وَنون الْإِنَاث، نَحْو:{هن} ، و {عَلَيْهِنَّ} ، و {مِثْلهنَّ} ، والتحتية الْمُشَدّدَة، من نَحْو:{عَليّ} ، و {إِلَيّ} ، و {بيَدي} ، وَالنُّون الْمَفْتُوحَة، نَحْو:
{الْعَالمين} ، و {الَّذين} ، و {المفلحون} ، و {يُؤمنُونَ} ، و {يُنْفقُونَ} ، و {يلتى} ، و {حسرتى} ، و {أسفى} ، و {ثمَّ} بِفَتْح الْمُثَلَّثَة.
فَوقف بعدمها من الْجَمِيع، اتبَاعا للرسم أَيْضا، وَإِن كَانَ مُخْتَار عُلَمَاء الْعَرَبيَّة إِثْبَاتهَا بعد (مَا) ، الْمَذْكُورَة، الَّذِي قَرَأَ بِهِ البزي فِيهَا؛ لِأَنَّهَا عوض عَن الْألف المحذوفة مِنْهَا؛ للْفرق بَينهَا وَبَين غَيرهَا.
وَالثَّانِي: وَهُوَ أحد أحرف الْعلَّة الْمَذْكُورَة.
فَأَما التَّحْتِيَّة فحذفت؛ لالتقاء الساكنين، تنوينا كَانَ السَّاكِن الثَّانِي، أَو لَا، وَلغيره، وَهَذَا يَأْتِي فِي الياءات الزَّوَائِد.
فالمحذوفة للتنوين ثَلَاثُونَ، وَقعت فِي سَبْعَة وَأَرْبَعين موضعا:{بَاغ} ثَلَاثًا، {عَاد} ، كَذَلِك، {موص} ، {ترَاض} مَعًا، {حام} ، {لآت} مَعًا، {غواش} ، {أيد} ، {هار} ، {لعال} ، {نَاجٍ} ، {هاد} خمْسا، {مستخف} ، {وَال} ، {واق} ثَلَاثًا، {وَاد} مَعًا، {بَاقٍ} ، {مفتر} ، {لَيَال} ثَلَاثًا، {قَاض} ، {زَان} ، {جَازَ} ، {بكاف} ، {مُعْتَد}
ثَلَاثًا، {فان} ، {آن} ، {دَان} ، {مهتد} ، {ملاق} ، {راق} .
والمحذوفة لغير تَنْوِين: أحد عشر وَقعت فِي سَبْعَة عشر موضعا: {يُؤْت الْحِكْمَة} ، {يُؤْت الله} ، {اخشون الْيَوْم} ، {يقْض الْحق} ، على قِرَاءَة أبي عَمْرو، وَغَيره، {ننج الْمُؤمنِينَ} ، {الواد الْمُقَدّس} مَعًا، {لهاد الَّذين} ، {وَاد النَّمْل} ، {الواد الْأَيْمن} ، {بهاد الْعمي} بالروم، {يردن الرَّحْمَن} ، {صال الْجَحِيم} ، {يناد المناد} ،
{تغن النّذر} ، {الْجوَار الْمُنْشَآت} ، {الْجوَار الكنس} .
فَوقف على الْجَمِيع بِلَا تحتية؛ اتبَاعا للرواية أَيْضا.
وَلَا خلاف فِي الْوَقْف على: {بهادي الْعمي} بالنمل، أَنه بالتحتية.
وَأما الْوَاو المحذوفة للساكن بعْدهَا، فَوَقَعت فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع:{يدع الْإِنْسَان} ، {يمح الله} ، {يدع الداع} ، {سَنَدع الزَّبَانِيَة} ، فَوقف كَغَيْرِهِ من بَقِيَّة السَّبْعَة، وَأبي جَعْفَر،
وَخلف من الْعشْرَة، بِلَا وَاو؛ اتبَاعا للرسم، أَيْضا. وَإِن رُوِيَ إِثْبَاتهَا - على الأَصْل - عَن قنبل، من طَرِيق ابْن شنبوذ.
كَمَا نَقله [ابْن] فَارس، فِي جَامعه.
وَقَرَأَ بِهِ يَعْقُوب، كَمَا نَص عَلَيْهِ الداني وَقَالَ: هَذِه قراءتي على أبي الْفَتْح، وَأبي الْحسن جَمِيعًا، وَبِذَلِك جَاءَ النَّص عَنهُ.
وَقَالَ ابْن الْجَزرِي: قد قَرَأت بِهِ من طريقيه.
وَأما الْألف المحذوفة لما ذكر، فَفِي كلمة وَاحِدَة، وَهِي:{أيه} ، فَوَقَعت فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع:{أيه الْمُؤْمِنُونَ} ، {أيه السَّاحر} ، {أيه الثَّقَلَان} .
فَوقف عَلَيْهَا بِغَيْر ألف، اتبَاعا للرواية، أَيْضا.
[وَأما] الْمُخَالفَة بالحذف: فَفِي: {كأي} ، فَقَط فِي سَبْعَة مَوَاضِع، بِكُل من: آل عمرَان، ويوسف، وَالْعَنْكَبُوت، والقتال، وَالطَّلَاق مَوضِع، وبالحج موضعان.
فَوقف عَلَيْهَا بالنُّون.
[وَأما] الْمُخَالفَة بوصل الْمَقْطُوع رسما، فَفِي كَلِمَتَيْنِ:{أيا مَا} ، آخر سُبْحَانَ، و {مَال} ، فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع:{فَمَال هَؤُلَاءِ} ، {مَال هَذَا الْكتاب} ، و {مَال هَذَا الرَّسُول} ، {فَمَال الَّذين كفرُوا} .
فَوقف على {مَا} دون {أيا} فِي الأولى، وعَلى اللَّام مُنْفَصِلَة فِي الثَّانِيَة، على مَا صرح بِهِ الشاطبي فِي الأولى، واقتضاه كَلَامه فِي الثَّانِيَة.
وَنَصّ عَلَيْهِمَا الداني.
وَقَالَ ابْن الْجَزرِي، بِالنِّسْبَةِ للأولى: الْأَكْثَرُونَ لم ينصوا فِيهَا بِشَيْء، وَالأَصَح جَوَاز الْوَقْف على كل من:{أيا} ، و {مَا} ، اتبَاعا للرسم.
وبالنسبة للثَّانِيَة: إِن بَعضهم صرح بوقفه على اللَّام، دون (مَا) وَالأَصَح: جَوَاز الْوَقْف على (مَا) ؛ لِأَنَّهَا كلمة برأسها؛ وَلِأَن كثيرا من الْأَئِمَّة والمؤلفين لم ينصوا فِيهَا عَن أحد بِشَيْء، فَكَانَت كَسَائِر الْكَلِمَات المفصولات، وَأما الْوَقْف على اللَّام، فمحتمل؛ لانفصالها خطا، وَلم يَصح فِي ذَلِك عندنَا نَص. انْتهى.
و [أما] الْمُخَالفَة بِقطع الْمَوْصُول، فَفِي:{ويكأن} ، و {ويكأنه} .
فَوقف على الْكَلِمَتَيْنِ بأسرهما.
قَالَ ابْن الْجَزرِي: لاتصالهما بِالْإِجْمَاع، وَهَذَا هُوَ الأولى بِالصَّوَابِ. انْتهى.