الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلاصة المسألة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت خمس، أو ست مرات، يدعو للمؤمنين، أو على الكافرين، وكان يقنت في الصلوات الخمس، ثم في المغرب، ثم في الفجر، فتوهّم من توهّم أنه داوم على ذلك، وراح بعض الضعفاء من أمثال أبي جعفر الرازي، يزيد في الحديث ويدرج، حتى صارت المداومة على القنوت في الفجر -عند بعضهم- سنة، وما هي بسنة، فقد أنكره من ذكرنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله أحد منهم، كما أنكره جمهور العلماء.
يتميز أهل الحديث عن غيرهم بأمور منها:
الأولى: لا يتعصبون لأحد من الأئمة، ولا يهضمون حق أحد منهم، فضلاً عن تجريحه.
وهذا وسط بين من يتعصب لعين إمام، حتى يجعله في مقام المعصوم، كما هو شأن بعض المتعصبين، وبين من يهضم حق إمام، ويقدح فيه، كما هو شأن بعض الحدثاء المتسرعين.
الثانية: يأخذون الأحكام من النصوص، مستعينين على فهمها بفهم الأئمة، فمحورهم النصوص، وطريقهم إليها علماء الأمة.
وهذا وسط بين من يتمسك بالنصوص متخلياً عن أئمته، معتمداً على فهم نفسه، وهذه طريقة الخوارج والمعتزلة وغيرهم، وبين من يجعل الأئمة محوره، منزلاً كلامهم منزلة النصوص! يدور حولها ويستنبط منها، بل إن بعضهم ليقدّمها على النصوص! وقد يحتج بعضهم بها في مواجهة النصوص، وهذه طريقة المتعصبة، والصوفية الغالية، والرافضة، الذين يقدمون أقوال أئمتهم على كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
الثالث: الأصل عند أهل الحديث الجمع بين النصوص، لا قبول بعض ورد بعض، فتراهم يسعون جاهدين للتوفيق بين النصوص، والأخذ بها جميعاً، في الوقت الذي يرى البصير كيف يجتال التعصب والتفلت أهله، فيأخذون من النصوص ما يوافق كلام أئمتهم، ضاربين بالنصوص عرض الحائط، وهذا غير موجود في أهل الحديث، الذين ليس لهم إمام متبوع في كل شيء إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولولا ضيق المقام، لسردت من الأدلة والأمثلة على ذلك ما يزداد به المنصف قناعة، بصحة مذهب أهل الحديث وقوته، واعتداله ووسطيته.