الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدد مرات قنوت النبي صلى الله عليه وسلم
-:
قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت أكثر من مرة.
الأول: قنوته عقب أحُد، وفيه أحاديث منها:
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد، وشج وجهه، حتى سال الدم على وجهه، وقال:((كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم، وهو يدعوهم إلى الله)).
[أخرجه مسلم (1791) والترمذي (3003) وأحمد (3/ 99) وغيرهم].
الثاني: قنوته للعن أعيان من قريش، وفي ذلك أحاديث منها:
عن سالم عن أبيه -ابن عمر-: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على صفوان ابن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، فنزلت:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} .
[أخرجه البخاري (8 - 226 فتح) والترمذي (3004) وأحمد (2 - 93)].
الثالث والرابع: دعاؤه للمستضعفين بمكة، ودعاؤه على مضر، وفي ذلك أحاديث منها:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة يقول: ((اللهم انج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين بمكة، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف)).
[أخرجه البخاري (2/ 4560) ومسلم (675) وأبو داود (1442) والنسائي (1073) وغيرهم].
وهذان قنوتان، وإن كان ظاهر الرواية أنه قنوت واحد.
فالأول: قنوته للمستضعفين بمكة.
والثاني: قنوته على مضر، وقد ساق أبو هريرة القنوتين، في حديث واحد، للدلالة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في قنوته يدعو للمسلمين، أو يدعو على الكافرين، ويستفاد ذلك من قوله:(فلربما) قد ساقها مساق التمثيل.
ثم لا يمكن أن يكون دعاؤه للمستضعفين، ودعاؤه على مضر في قنوت واحد، لتفاوت الزمنين، فدعاؤه للمستضعفين كان قبيل عمرة القضاء، كما أفاده أصحاب السير، وقد ثبت في الأحاديث السابقة: أن النبي صلى الله عليه وسلم توقف عن الدعاء لهم لما
رجعوا، وقد رجعوا في عمرة القضاء، وكانت في ذي القعدة سنة سبع للهجرة.
دلائل النبوة للبيهقي (4 - 176) أسد الغابة (5 - 92) والإصابة في ترجمة الوليد بن الوليد.
وأدق من ذلك ما ذكره الحافظ في الفتح (8 - 227) وعزاه لـ (فوائد الزيادات) وسكت عنه من حديث جابر قال: "رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة الأخيرة من صلاة الصبح، صبيحة خمس عشرة من رمضان فقال: ((اللهم أنج الوليد بن الوليد
…
)) وفيه: "فدعا بذلك خمسة عشر يوماً حتى إذا كان صبيحة يوم الفطر ترك الدعاء، فسأله عمر، فقال: ((أو ما علمت أنهم قدموا
…
)).
وهذه الرواية تؤكد أن دعاءه للمستضعفين كان مستقلاً عن دعائه على مضر.
ولم يتبين لي متى دعا على مضر.
وفي رواية أخري للبخاري (4560) جمع فيها الدعاء للمستضعفين والدعاء على مضر، والدعاء على رِعل وذكوان وعصية، في رواية واحدة، ومن المعلوم أن بينهما سنين.
الخامس: قنوته صلى الله عليه وسلم على قاتلي القراء في حادثة بئر معونة، وفي ذلك أحاديث منها:
عن أنس رضي الله عنه قال: "بعث النبي سبعين رجلاً لحاجة، يقال لهم القراء، فعرض لهم حيان من سليم: رعل وذكوان عن بئر يقال لها: بئر معونة، فقال القوم ما إياكم أردنا، إنما نحن مجتازون في حاجة النبي صلى الله عليه وسلم فقتلوهم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم شهراً في صلاة الغداة، وذلك بدء القنوت وما كنا نقنت".
[أخرجه البخاري (3860) ومسلم (677) وغيرهم].
قول أنس: "وذلك بدء القنوت
…
" وذلك حسب علمه، وكان ذلك في صفر من سنة أربع للهجرة.
كما أفاده أصحاب السير [السيرة لابن هشام 3/ 137][تاريخ الطبري 2/ 545][البداية والنهاية 4/ 71].
القنوت السادس: قنوته على المنافقين:
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الآخرة من الفجر يقول: ((اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً)) بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا
ولك الحمد، فأنزل الله تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} إلى قوله: {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} .
[أخرجه البخاري (4559) والنسائي (1078) وأحمد (6349)].
وزادا: "يدعو على أناس من المنافقين".
قال الشوكاني في (النيل 2/ 403): "وبهذه الرواية يعلم أن هؤلاء الذين لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قتلة القراء".
ويعارضها ما أخرجه البخاري (4070) مرسلاً، وأحمد (2/ 93) ، والترمذي (3004) كلاهما موصولاً.
عن ابن عمر قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على صفوان ابن أمية، وسهيل بن عمير، والحارث بن هشام، فنزلت الآية:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} .
واستغرب الترمذي سنده، ونقل عن البخاري عدم معرفته من حديث عمر بن حمزة، وعرفه من حديث الزهري.
وفي هذا إشارة إلي شذوذه، وحديث الزهري هو السابق في ذكر المنافقين.