المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشعاع الأول- أهمية الدعاء - القنوت

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌مباحث الكتاب

- ‌الشعاع الأول- أهمية الدعاء

- ‌ الدعاء حاجة نفسية:

- ‌الشعاع الثانيوجوب الاتباع وأهميته

- ‌معنى القنوت

- ‌مسألة رقم (1): مشروعية قنوت النوازل

- ‌وأما مشروعيته في مصالح المسلمين:

- ‌الأدلة على ذلك:

- ‌مواقف المسلمين من القنوت:

- ‌مذاهب العلماء في قنوت النازلة:

- ‌مذهب الصحابة:

- ‌ادعاء بعضهم النسخ:

- ‌الشبهة الأولى:

- ‌الشبهة الثانية:

- ‌وأما دليل مشروعيته في الوتر وفي قيام رمضان:

- ‌حكم المداومة على قنوت الفجر:

- ‌تصريح بعض الصحابة ببدعية الدوام على القنوت في الفجر:

- ‌أدلة من يرى ديمومة القنوت في الفجر:

- ‌خلاصة المسألة:

- ‌عدد مرات قنوت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ويتبين من عدد قنوت النبي:

- ‌مسألة رقم (2):في أي الصلوات يشرع

- ‌أدلة ذلك:

- ‌الأول: القنوت في الصلاة كلها:

- ‌الثاني: القنوت في الظهر والعشاء والفجر:

- ‌الثالث: القنوت في صلاة المغرب والفجر:

- ‌الرابع: القنوت في الفجر:

- ‌مسألة رقم (3):هل القنوت قبل الركوع أم بعده

- ‌أحاديث قنوته صلى الله عليه وسلم بعد الركوع:

- ‌أحاديث قنوته قبل الركوع:

- ‌مسألة رقم (4):مدة القنوت ومتى يترك

- ‌أدلة ذلك:

- ‌مسألة رقم (5):حكم الجهر به، والتأمين، ورفع الأيدي، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما دليل تأمين المأمومين:

- ‌مسألة رقم (6):صيغة الدعاء

- ‌مسألة رقم (7):حكم الدعاء للمعين أو عليه في القنوت

- ‌وفي ذلك أحاديث:

- ‌مسألة رقم (8):سبب نزول قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ومعناها

- ‌أما المذهب الباطل:

- ‌المذهب المرجوح:

- ‌المذهب الصحيح:

- ‌تنبيه علمي:

- ‌خلاصة هذه المسألة:

- ‌مسألة رقم (9):ممن القنوت ولمن

- ‌تتابع الصحابة على القنوت دون تقييد:

- ‌1 - أثر أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌2 - أثر أنس رضي الله عنه

- ‌3 - أثر ابن عباس رضي الله عنه

- ‌4 - أثر أبي موسى الأشعري رضي الله عنه

- ‌5 - أثر البراء بن عازب رضي الله عنه

- ‌6 - أثر معاوية رضي الله عنه

- ‌مسألة رقم (10):قنوت الوتر

- ‌مشروعية الدعاء في صلاة الوتر:

- ‌تنبيهان:

- ‌مسألة رقم (11):موضع قنوت الوتر

- ‌يكون موضع قنوت الوتر في الركعة الأخيرة بعد الفراغ من القراءة قبل الركوع:

- ‌وفي ذلك آثار:

- ‌مسألة رقم (12):حكم قنوت الوتر

- ‌مسألة رقم (13):حكم التكبير فيه ورفع الأيدي، والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الآثار:

- ‌مسألة رقم (14):قنوت رمضان

- ‌تنبيه منهجي مهم:

- ‌خلاصة البحث

- ‌قنوت الوتر:

- ‌وأخيراً:

الفصل: ‌الشعاع الأول- أهمية الدعاء

‌الشعاع الأول

- أهمية الدعاء

الدعاء من أجل العبادات، وأعلاها، ومن أعظم الطاعات، وأزكاها؛ وذلك لما فيه من تحقيق العبودية لله وحده، وتلبية حاجة النفس البشرية، التي جبلت عليها.

لقد كان من أجل العبادات وأنفعها؛ لما فيه من تعظيم للخالق، وقنوت وخضوع له، وأن الأمر والخلق كله بيده، فهو الذي يرزق، وهو الذي يستر، وهو الذي يحيي، وهو الذي يميت، وهو الذي يجعل من كل همّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً.

{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62].

{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} . [الطلاق: 2]

ص: 11

والدعاء انشراح للصدور، واطمئنان للقلوب.

{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3].

والتوجه لله وحده بالدعاء هو التقوى، والإخلاص له به هو مخها.

لقد كان الدعاء من أجل الطاعات وأزكاها؛ لما فيه من إظهار حقيقة ضعف المخلوق تجاه خالقه، وإقرار العبد بعبوديته وافتقاره له.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15].

وفي الدعاء: تحقيق عبادة الشكر في السراء، والصبر في الضراء، والالتجاء إليه في البأساء، والتوبة من الذنوب، والالتجاء إلى علام الغيوب، الذي يعلم حقائق الأمور ومآلها، والعبد لا يعلم حقيقة ذلك كله {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].

ص: 12

وهذه المعاني كلها من التوحيد والعبادة، والافتقار والحاجة، والذل والانكسار، والانقياد والطاعة.

وفي هذا خير عظيم للعبد، في دنياه وآخرته.

ومن أدرك هذه المعاني العظيمة التي يشملها الدعاء، أدرك معنى قوله صلى الله عليه وسلم:((الدعاء هو العبادة)) (1).

وقول إبراهيم عليه السلام:

{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [مريم: 48].

فتأمل كيف سمّى العبادة دعاء في ثلاثة مواضع، وفي آية واحدة، كما سمى عبادتهم لغير الله -أي كفرهم- دعاءً.

ووصف إبراهيم عليه السلام عبادته: دعاءً، وأوجبها على نفسه.

ثم خشي الله ورجاه: أن لا يضل بعبادته التي سماها دعاءً، لكي لا يكون شقي الدنيا والآخرة.

(1) سبق تخريجه ص 3.

ص: 13

وكلّما استشعر الداعي بعجزه وفقره، وقوة مدعوه وغناه، وقدرته وكرمه، ازداد إقبالاً عليه، وألحّ على مولاه، وطابت نفسه بدعائه.

وكلما استأنس الداعي بقرب مدعوه، واستماعه له، ورؤية حاله، وحبه تلبية دعاء داعية الموحد الصادق، وأنه هو الواحد الذي بيده الاستجابة ومنعها، وبيده الأمر كله، ازداد بذلك إيماناً، وازداد دعاءً {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].

{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62].

وكلما استشعر الداعي برحمة الله -المدعو- وفضله، ولطفه وحكمته، أضفى ذلك عليه شعوراً بالاطمئنان، وثقة في النفس، وإيناساً بالمدعو، واستخفافاً بالدنيا ومن فيها، واحتقاراً للأرض ومن عليها، إلا ذكر الله وما والاه، واستعظاماً للآخرة وما فيها، من طمع في دخول الجنّة، وشوق للقاء الرحمن.

{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: 85]. فأيّ مقام أعظم من هذا المقام؟ وأي لقاء أكبر من هذا اللقاء؟ لقاء الأنس والأمان، ومقام المهابة والجلال، فإذا اختلج هذا في قلب

ص: 14

الداعي، واستقر بين جوانحه، انشرح صدره، وزال همُّه، وفُرّج كربُه، وهانت عليه المصائب، وسهلت عليه الخطوب، وأتته الدنيا وهي راغمة، كل ذلك، بحقه وشروطه، وأحكامه وآدابه، ومن أهمها:

- اليقين بالاستجابة، وترك الاستعجال.

وعدم الاستجابة أو تأخرها، يكون لحكمة بالغة خفيّة، أو لذنب مانع، فليزداد العبد إيماناً بِحكْمة ربه، وتسليماً لحُكْمه.

وإذا علم العبد أن ما يدخره الله له عنده من الأجر العظيم عند تأخير الإجابة، أعظم وأنفع للعبد من تعجيل الإجابة، ازداد بذلك دعاء، وعلى الله إقبالاً؛ لأن لله في قدره وقضائه حكمٌ بالغة، لا تدركها العقول المحدودة، ولا تنالها الأفهام القاصرة، فمن سلّم غنم، ومن كابر ندم!

فكم من مصيبة كانت خيراً لصاحبها، ذكّرته بربّه، ودفعته إلى الإلحاح في دعائه، وردّته إلى توبته، وألجأته إلى خالقه، فاستشعر بأنسه، وطابت نفسه بلقائه.

وكم من تأخير استجابة كانت خيراً لصاحبها، أبقته على حال من الذّل والانكسار، واللجوء إلى خالقه الجبار، وهذه

ص: 15