الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأدلة على ذلك:
الأول: حديث أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركعة في صلاة شهراً، اللهم: أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف ". [أخرجه البخاري (52 - 15) ومسلم (رقم 675) وغيرهما].
ومعنى: "اجعلها عليهم سنين كسني يوسف".
قال النووي: "اجعلها سنين شداداً ذوات قحط وغلاء"(1).
قلت: وأصل: "سني": سنين، جمع سَنَة، وحذفت النون للإضافة.
وهذا الدعاء -كما يلاحظ- لا علاقة له بحادثة بئر معونة، التي قُتل فيها القرّاء، وإنما هو لنجاة بعض المسلمين، ولهلاك
(1) شرح مسلم (5 - 176)، (رقم 306)
بعض الكافرين، وليس هو نازلة كالحروب والزلازل، وما شابه ذلك، بل هو حاجة من حاجات المسلمين.
الثاني: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً قال:
"أن النبي? صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد، أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع
…
". [أخرجه البخاري (5 - 171) وأحمد (2 - 255). وغيرهما].
وعزاه الحافظ في الدراية (246) للصحيحين، ولم أعثر عليه في مسلم بهذا اللفظ، وإن كان أصل الحديث فيه (رقم 275)، ولكن ليس فيه: "كان إذا أراد
…
" ثم رأيت ابن كثير عزاه للبخاري دون مسلم، وكذلك شيخه المزّي في التحفة، عند قوله تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128].
وعزاه الحافظ في الدراية (195) لابن حبان بلفظ:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت في صلاة الصبح، إلا أن يدعو لقوم، أو على قوم".
وقال الحافظ: "وعند ابن خُزيمة مثله عن أنس، وإسناد كل منهما صحيح".
يعني: إسناد ابن حبان عن أبي هريرة، وابن خُزيمة عن أنس، وكذلك صحح في الفتح (8 - 226) إسناد ابن خُزيمة، ولكن لم يعزه لابن حبان.
وقد أخرجه ابن خُزيمة (1 - 314) رقم (620) عن أنس، ولم أعثر عليه في ابن حبان، والله أعلم.
الثالث: فعل أبي هريرة يرفعه للنبي صلى الله عليه وسلم.
فعن أبي سلمة رضي الله عنه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول:
"والله لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أبو هريرة يقنت في الظهر، والعشاء، وصلاة الصبح، ويدعو للمؤمنين، ويلعن الكفار". [أخرجه البخاري (1 - 258)، ومسلم (676) وغيرهما].
فهذه أدلة واضحة على جواز القنوت في غير نازلة، مما فيه مصلحة عامة للمسلمين، أو لبعضهم.
وقد روى هذا الحديث أيضاً ابن حبان (1981) وروى حديث أبي هريرة الأول (برقم 1986) ثم قال:
"في هذا الخبر بيان واضح، أن القنوت إنما يقنت في الصلوات عند حدوث حادثة، مثل ظهور أعداء الله على المسلمين، أو ظلم ظالم ظلم المرء به، أو تعدي عليه، أو أقوام أحب أن يدعو لهم، أو أسرى من المسلمين في أيدي المشركين، فأحب الدعاء لهم بالخلاص من أيديهم، أو ما يشبه هذه الأحوال".
قلت: أو سجناء في سجون الظلمة، أو مشردين من حكومات الطواغيت، أو فساد ظهر في البلاد، أو استهزاء بدين الله أظهر بين العباد، أو خشية غلبة الكفار على المسلمين، أو ما شابه ذلك.
وقال النووي في شرح مسلم (5 - 182):
"الصحيح المشهور أنه إن نزلت نازلة، كعدو، وقحط، ووباء، وعطش، وضرر ظاهر بالمسلمين، ونحو ذلك، قنتوا في جميع الصلوات المكتوبات".
قلت: وهذه سنة كادت أن تموت، إن لم تمت فعلاً في كثير من بلاد المسلمين.