الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
= الْكتاب الرَّابِع من الْقسم الثَّانِي فِي الْعُقُود المشاكلة للبيوع = وَوجه المشاكلة بَينهمَا أَنَّهَا تحتوي على متعاقدين بِمَنْزِلَة المتتابعين وعَلى عوضين بِمَنْزِلَة الثّمن والمثمون وَفِي الْكتاب اثْنَا عشر بَابا
الْبَاب الأول فِي الْإِجَارَة والجعل والكراء وَكلهَا بيع مَنَافِع فَفِي الْبَاب أَرْبَعَة فُصُول
(الْفَصْل الأول) فِي الْإِجَارَة وَهِي جَائِزَة عندالجمهور وأركانها أَرْبَعَة (الأول) الْمُسْتَأْجر (الثَّانِي) الْأَجِير وَيشْتَرط فيهمَا مَا يشْتَرط فِي الْمُتَبَايعين وَيكرهُ أَن يُؤَاجر الْمُسلم نَفسه من كَافِر (الثَّالِث) الْأُجْرَة (الرَّابِع) الْمَنْفَعَة وَيشْتَرط فِيهَا مَا يشْتَرط فِي الثّمن والمثمن على الْجُمْلَة وَأما على التَّفْصِيل فَأَما الْأُجْرَة فَفِيهَا مَسْأَلَتَانِ (الْمَسْأَلَة الأولى) أَن تكون مَعْلُومَة خلافًا للظاهرية وَيجوز اسْتِئْجَار الْأَجِير للْخدمَة وَالظّهْر بطعامه وَكسوته على الْمُتَعَارف خلافًا للشَّافِعِيّ وَلَو قَالَ أحصد زرعي وَلَك نصفه أَو أطحنه أَو أعصر الزَّيْت فَإِن ملكه نصفه الان جَازَ وَإِن أَرَادَ نصف مَا يخرج مِنْهُ لم يجز للْجَهَالَة (الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة) لَا يجب تَقْدِيم الْأُجْرَة بِمُجَرَّد العقد وَإِنَّمَا يسْتَحبّ تَقْدِيم جُزْء من الْأُجْرَة بِاسْتِيفَاء مَا يُقَابله من الْمَنْفَعَة إِلَّا إِن كَانَ هُنَاكَ شَرط أَو عَادَة أَن يقْتَرن بِالْعقدِ مَا يُوجب التَّقْدِيم مثل أَن تكون الْأُجْرَة عرضا معينا أَو طَعَاما رطبا أَو مَا أشبه ذَلِك أَو تكون الْإِجَارَة ثَابِتَة فِي ذمَّة الْأَجِير فَيجب تَقْدِيم الْأُجْرَة لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة رَأس المَال فِي السّلم وَقَالَ الشَّافِعِي تجب الْأُجْرَة بِنَفس العقد وَأما الْمَنْفَعَة فَيشْتَرط فِيهَا شَرْطَانِ (الأول) أَن تكون مَعْلُومَة إِمَّا بِالزَّمَانِ كالمياومة والمشاهرة وَأما بغاية الْعَمَل كخياطة ثوب وَلَا يجوز أَن يجمع بَينهمَا لِأَنَّهُ قد يتم الْعَمَل قبل الْأَجَل أَو بعده وَإِذا اسْتَأْجرهُ على رِعَايَة غنم بِأَعْيَانِهَا لزمَه رِعَايَة الْخلف عِنْد ابْن الْقَاسِم (الثَّانِي) أَن تكون الْمَنْفَعَة مُبَاحَة لَا مُحرمَة وَلَا وَاجِبَة أما الْمحرم فَلَا يجوز إِجْمَاعًا وَأما الْوَاجِب كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَام فَلَا تجوز الْأُجْرَة عَلَيْهِ وَتجوز الْإِجَارَة على الْإِمَامَة مَعَ الْأَذَان وَالْقِيَام بِالْمَسْجِدِ لَا على الصَّلَاة بانفرادها ومنعها ابْن حبيب مفترقا
ومجتمعا وأجازها ابْن عبد الحكم مفترقا ومجتمعا فروع أُجْرَة الْحجَّاج جَائِزَة خلافًا لقوم وكراء الْفَحْل للنزو على الْإِنَاث خلافًا لَهما وَالْإِجَارَة على تَعْلِيم الْقُرْآن جَائِزَة خلافًا لأبي حنيفَة وَتجوز الْإِجَارَة على الْأَذَان خلافًا لِابْنِ حبيب (الْفَصْل الثَّانِي) فِي الْجعل وَهُوَ الْإِجَارَة على مَنْفَعَة يضمن حُصُولهَا وَهُوَ جَائِز خلافًا لأبي حنيفَة وَالْفرق بَينه وَبَين الْإِجَارَة من ثَلَاثَة أوجه (الأول) أَن الْمَنْفَعَة لَا تحصل للجاعل إِلَّا بِتمَام الْعَمَل كرد الْآبِق والشارد بِخِلَاف الْإِجَارَة فَإِنَّهُ يحصل على الْمَنْفَعَة مِقْدَار مَا عمل وَلذَلِك إِذا عمل الْأَجِير فِي الْإِجَارَة بعض الْعَمَل حصل لَهُ من الْأُجْرَة بِحِسَاب مَا عمل وَلَا يحصل لَهُ فِي الْجعل شَيْء إِلَّا بِتمَام الْعَمَل وكراء السفن من الْجعل فَلَا تلْزم الْأُجْرَة إِلَّا بالبلاغ خلافًا لِابْنِ نَافِع (الثَّانِي) أَن الْعَمَل فِي الْجعل قد يكون مَعْلُوما وَغير مَعْلُوم كحفر بِئْر حَتَّى يخرج مِنْهَا المَاء وَقد يكون قَرِيبا أَو بَعيدا بِخِلَاف الْإِجَارَة فَلَا بُد أَن يكون الْعَمَل فِيهَا مَعْلُوما ويتردد بَين الْجعل وَالْإِجَارَة مشارطة الطَّبِيب على برْء الْمَرِيض والمعلم على تَعْلِيم الْقُرْآن (الثَّالِث) أَنه لَا يجوز شَرط تَقْدِيم الْأُجْرَة فِي الْجعل بِخِلَاف الْإِجَارَة وَإِنَّمَا يجوز الْجعل بِثَلَاثَة شُرُوط ((أَحدهَا)) أَن تكون الْأُجْرَة مَعْلُومَة ((الثَّانِي)) أَن لَا يضْرب للْعَمَل أجل ((الثَّالِث)) أَن يكون يَسِيرا عِنْد عبد الوهاب خلافًا لِابْنِ رشد (الْفَصْل الثَّالِث) فِي الْكِرَاء وَقد سمي إِجَارَة وَأَحْكَامه كلهَا كَالْإِجَارَةِ فِي أَرْكَانه وشروطه وَقد يخْتَص إسم الْإِجَارَة باستئجار الْآدَمِيّ وَيخْتَص إسم الْكِرَاء بالدواب والرباع وَالْأَرضين فَنَذْكُر هَا هُنَا مَا يخْتَص بِهِ هَذَا من الْأَحْكَام أما الدَّوَابّ فتكرى لأربعة أوجه للرُّكُوب فَيتَعَيَّن بالمسافة أَو بِالزَّمَانِ وَلَا يجمع بَينهمَا وَلَا يشْتَرط وصف الرَّاكِب خلافًا للشَّافِعِيّ وَيجب أَن يركبه مثله لَا أضرّ مِنْهُ وللحمل فَيجب أَن يصف مَا يحمل عَلَيْهَا ويعين الْمسَافَة أَو الزَّمَان فَإِن زَاد فِي حملهَا وعطبت فَإِن كَانَ مَا زَادهَا مِمَّا يعطب بِمثلِهِ فر بهَا مُخَيّر بَين أَخذ قيمَة كِرَاء مَا زَاد عَلَيْهَا من الْكِرَاء أَو قيمَة الدَّابَّة وَإِن كَانَت الزِّيَادَة مِمَّا لَا يعطب بِمثلِهِ فَلهُ كِرَاء الزِّيَادَة مَعَ الْكِرَاء الأول وَلَا خِيَار لَهُ ولإستقاء فيوصف أَيْضا وللحرث فيعين الزَّمَان أَو الأَرْض وَإِذا عرض فِي الْكِرَاء أَو الْإِجَارَة مَا يمْنَع التَّمَادِي انفسخا وكراء السفن وَالدَّوَاب على وَجْهَيْن معِين فِي دَابَّة بِعَينهَا أَو سفينة بِعَينهَا أَو مَضْمُون كَقَوْل أَكْرِي مِنْك دَابَّة أَو سفينة وَيجوز النَّقْد وَالتَّأْخِير فِي الكراءين مَعًا إِذا شرع فِي الرّكُوب وَإِذا مَاتَت الدَّابَّة انْفَسَخ الْكِرَاء أَن يكون فِي دَابَّة مَضْمُونَة غير مُعينَة فَعَلَيهِ أَن يَأْتِيهِ بِدَابَّة أُخْرَى وَأما الرباع فَتكون مياومة ومشاهرة ومسانهة إِلَى سنة أَو سنتَيْن لَا تَتَغَيَّر فِي مثلهَا وَيَقَع الْكِرَاء فِيهَا على وَجْهَيْن ((أَحدهمَا)) تعْيين الْمدَّة فيلزمهما وَلَيْسَ لأَحَدهمَا حل الْكِرَاء إِلَّا برضى الآخر ((وَالثَّانِي)) إِبْهَام الْمدَّة كَقَوْلِه أَكْرِي بِكَذَا وَكَذَا للشهر فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا حل الْكِرَاء مَتى شَاءَ وَيُؤَدِّي من الْكِرَاء بِحَسب مَا سكن وَمثل ذَلِك
قَالَ ابْن الْمَاجشون إِلَّا أَنه قَالَ يلْزمهُمَا الشَّهْر الأول فَإِن انْهَدم جَمِيعهَا انْتقض الْكِرَاء وَإِن انْهَدم بَعْضهَا لم يلْزم رَبهَا إصلاحها عِنْد ابْن الْقَاسِم خلافًا لغيره وَيجوز كراؤها من ذمِّي إِذا لم يشْتَرط فِيهَا بيع الْخمر وَالْخِنْزِير وَاخْتلف فِي كنس مراحيض الديار هَل هُوَ على رب الدَّار أَو على الْمُكْتَرِي وَقيل يحملون على الْعَادة وَيجوز كِرَاء بيُوت مَكَّة وَبَيْعهَا وفَاقا للشَّافِعِيّ وَقيل يمْنَع وفَاقا لأبي حنيفَة وَقيل يكره بِنَاء على إِن فتحهَا صلح أَو عنْوَة وَأما الأَرْض فَيجوز كراؤها بِشَرْطَيْنِ (الأول) أَن تكون بَيْضَاء أَو يكون سوادها يَسِيرا تَابعا لبياضها ومقداره الثُّلُث من قيمَة الْكِرَاء فَأَقل (الثَّانِي) أَن لَا تكرى بِمَا تنْبت سَوَاء كَانَ طَعَاما كالقمح أَو غير طَعَام كالكتان وَلَا بِطَعَام سَوَاء كَانَ ينْبت فِيهَا أَو لَا ينْبت كالعسل وَاللَّحم وَقَالَ ابْن نَافِع لَا تكري بشعير وَلَا قَمح وَلَا سلت وتكرى بِمَا سوى ذَلِك على أَن يزرع فِيهَا خلاف مَا تكرى بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز كراؤها بِالطَّعَامِ وَغَيره إِلَّا بِجُزْء مِمَّا يخرج مِنْهَا كالثلث وَالرّبع للْجَهَالَة وَأَجَازَ سعيد بن الْمسيب وَاللَّيْث بن سعد كراءها بِجُزْء مِمَّا يخرج مِنْهَا وَأخذ بِهِ بعض الأندلسيين وَهِي إِحْدَى الْمسَائِل الَّتِي خالفوا فِيهَا مَالِكًا وَأَجَازَ قوم كراءها بِكُل شَيْء وَمنع قوم كراءها مُطلقًا وَإِذا أكرى أَرضًا ليزرع فِيهَا صنفا فَلهُ أَن يزرع غَيره مِمَّا هُوَ مثله فِي مضرَّة الأَرْض أَو أقل ضَرَرا مِنْهُ لَا أَكثر ضَرَرا وَلَا يحط الْكِرَاء بِمَا يُصِيب الزَّرْع من جَائِحَة غير الْقَحْط وَلَا يجوز النَّقْد إِلَّا فِي الأَرْض المأمونة وَأما الْعرُوض كالثياب فَيجوز كراؤها وَاخْتلف فِي كِرَاء الْمُصحف وَفِي كِرَاء الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم لتزيين الحوانيت (الْفَصْل الرَّابِع) فِي مسَائِل مُتَفَرِّقَة وَهِي سِتّ (الْمَسْأَلَة الأولى) فِي فسخ الْكِرَاء وَالْإِجَارَة وَيُوجب الْفَسْخ وجود عَيبه أَو ذهَاب مَحل الْمَنْفَعَة كانهدام الدَّار كلهَا وغصبها فَإِن انْهَدم بَعْضهَا لم يَنْفَسِخ الْكِرَاء وَلم يجْبر رب الدَّار على إصلاحها وَحط عَن الْمُكْتَرِي مَا يَنُوب المنهدم عِنْد ابْن الْقَاسِم وَقَالَ غَيره يجْبر على إِصْلَاحه وَلَا يَنْفَسِخ بِمَوْت أحد الْمُتَعَاقدين وَلَا بِعُذْر طاريء على الْمُكْتَرِي مثل أَن يكتري حانوتا فيحرق مَتَاعه أَو يسرق خلافًا لأبي حنيفَة فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِن ظهر من مكتري الدَّار فسوق أَو سَرقَة لم يَنْفَسِخ الْكِرَاء وَلَكِن السُّلْطَان يكف أَذَاهُ وَإِن رأى أَن يُخرجهُ أخرجه وإكراها عَلَيْهِ وَبَيْعهَا على مَا لكها إِن ظهر ذَلِك مِنْهُ ويعاقبه (الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة) يجوز بيع الرباع وَالْأَرْض المكتراة خلافًا للشَّافِعِيّ وَلَا يَنْفَسِخ الْكِرَاء وَيكون وَاجِب الْكِرَاء فِي بَقِيَّة مُدَّة الْكِرَاء للْبَائِع وَلَا يجوز أَن يَشْتَرِطه المُشْتَرِي لِأَنَّهُ يؤول إِلَى الرِّبَا إِلَّا إِن كَانَ البيع بِعرْض وَإِن لم يعلم المُشْتَرِي أَن الأَرْض مكتراة فَذَلِك عيب لَهُ الْقيام بِهِ (الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة) من اكترى عرضا أَو دَابَّة لم يضمنهَا إِلَّا بِالتَّعَدِّي لِأَن يَده يَد أَمَانَة بِخِلَاف الصَّانِع فَإِنَّهُ يضمن مَا غَابَ عَلَيْهِ إِذا كَانَ قد نصب نَفسه للنَّاس وسنستوفي ذَلِك فِي تضمين الصَّانِع (الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة) من عمل لأحد عملا بِغَيْر أمره أَو أوصل نفعا من مَال أَو غَيره لزمَه دفع أجرته أَو مَا نابه إِن كَانَ من الْأَعْمَال الَّتِي لَا بُد لَهُ من