الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِخْلَاص فِي أَثْنَائِهِ أَو بعد الْفَرَاغ مِنْهُ فَيَنْبَغِي استئنافه وَقد يبدأه ممتزجا فَينْظر أَيهمَا أغلب فيناط بِهِ الحكم قَالَ بَعضهم الْعَمَل لأجل النَّاس شرك وَترك الْعَمَل لأجل النَّاس رِيَاء وَمَا يتَعَلَّق بالرياء تسميع النَّاس بِالْعَمَلِ والتزين للنَّاس بِإِظْهَار الْخَيْر فِي القَوْل أَو فِي الْفِعْل أَو فِي اللبَاس أَو غير ذَلِك والمداهنة والنفاق وَهُوَ إِظْهَار ضد مَا فِي قلبه (الثَّانِي) الْعجب وَهُوَ مُفسد للْعَمَل وَمَعْنَاهُ استعظام العَبْد لما يعْمل من الْعَمَل الصَّالح ونسيان منَّة الله بِهِ (الثَّالِث) الْغرُور وَهُوَ غلط النَّفس وَحَقِيقَته إعجاب بِمَا لَا خطر لَهُ أَو ركون إِلَى مَا لَا ينفع والمغترون أَصْنَاف كَثِيرَة من الْعلمَاء والعباد والمتصوفة وَأهل الدُّنْيَا وَغَيرهم (الرَّابِع) الْكبر وَهُوَ من المهلكات وَمَعْنَاهُ تعاظم الْإِنْسَان فِي نَفسه وتحقيره لغيره ثمَّ إِن التكبر لَهُ أَسبَاب فَمِنْهَا الْعلم وَالْعِبَادَة والحسب والشجاعة وَالْقُوَّة وَالْجمال وَالْمَال والجاه وَهُوَ دَرَجَات فأشده التكبر على الله وَرَسُوله وَهُوَ الَّذِي حمل أَكثر الْكفَّار على الْكفْر ثمَّ التكبر على أهل الدّين من الْعلمَاء والصلحاء وَغَيرهم بالازدراء بهم وَعدم الْقبُول لمناصحتهم ثمَّ التكبر على سَائِر الناء (الْخَامِس) الْحَسَد وَهُوَ حرَام وَمَعْنَاهُ تألم الْقلب بِنِعْمَة الله على عباده وَتمنى زَوَالهَا عَن الْمُنعم عَلَيْهِ فَإِن تمنى مثلهَا لنَفسِهِ وَلم يتمن زَوَالهَا عَن غَيره فَذَلِك غِبْطَة جَائِزَة (السَّادِس) الحقد وَهُوَ خلق مَذْمُوم يثير الْعَدَاوَة والبغضاء والإضرار بِالنَّاسِ (السَّابِع) الْغَضَب وَهُوَ مَنْهِيّ عَن فَيَنْبَغِي كظمه لِئَلَّا يعود إِلَى مُنكرَات الْأَقْوَال أَو الْأَفْعَال (الثَّامِن) التسخط من الأقدار وَهُوَ ضد التَّسْلِيم والرضى (التَّاسِع) خوف الْفقر وَهُوَ من الشَّيْطَان (الْعَاشِر) حب المَال وسنتكلم عَلَيْهِ فِي بَابه (الْحَادِي عشر) حب الجاغه وَهُوَ يُوقد إِلَى ارْتِكَاب الأخطار والتعرض للمهالك فِي الدُّنْيَا وَالدّين (الثَّانِي عشر) حب الْمَدْح وَهُوَ أقوى أَسبَاب الرِّيَاء (الثَّالِث عشر) كَرَاهَة الذَّم وَهُوَ أقوى أَسبَاب الْغَضَب والحقد (الرَّابِع عشر) طول الأمل وَسَببه نِسْيَان الْمَوْت وَهُوَ يُثمر شدَّة الْحِرْص على الدُّنْيَا والتهاون بِالآخِرَة (الْخَامِس عشر) كَرَاهَة الْمَوْت فَمن أحب لِقَاء الله أحب لقاءه وَمن كره لِقَاء الله كره لقاءه (السَّادِس عشر) تَعْظِيم الْأَغْنِيَاء لأجل غناهم واحتقار الْفُقَرَاء لأجل فَقرهمْ وَسَببه عَظمَة الدُّنْيَا فِي الْقُلُوب (السَّابِع عشر) نِسْيَان العَبْد عُيُوب نَفسه لَا سِيمَا إِن اشْتغل مَعَ ذَلِك بعيوب النَّاس (الثَّامِن عشر) خوف غير الله ورجاء غير الله وَهُوَ ضد التَّوْكِيل وَسَببه عدم الْيَقِين (التَّاسِع عشر) الْإِصْرَار على الذوب وَمَعْنَاهُ الْعَزْم على الدَّوَام عَلَيْهَا وَهُوَ ضد التَّوْبَة (الْعشْرُونَ) الْغَفْلَة وَهِي سَبَب كل شَرّ وضدها التفكر والتيقظ
الْبَاب التَّاسِع فِي المأمورات والمنهيات الْمُتَعَلّقَة بالأموال
أما المأمورات فَهِيَ ثَلَاثَة الزّهْد والورع والإنفاق وَأما المنهيات فَهِيَ ثَلَاثَة
أضداد هَذِه الثَّلَاثَة فضد الزّهْد الْحِرْص وضد الْوَرع كسب المَال من غير وَجهه وضد الْإِنْفَاق الْبُخْل وَيجمع كل وَاحِد مَعَ ضِدّه فِي فُصُول (الْفَصْل الأول) فِي الزّهْد وَمَعْنَاهُ قلَّة الرَّغْبَة فِي المَال أَو عدمهَا وَخُرُوج حب الدُّنْيَا من الْقلب والزهد الْكَامِل هُوَ الزّهْد فِي جَمِيع الحظوظ الدُّنْيَوِيَّة من الجاه وَالْمَال والتعظيم والمدح وشهرة الذّكر والتنعم بِطيب المأكل والملبس وفضول الْعَيْش وَغير ذَلِك وَلَيْسَ الزّهْد بترك الْحَلَال وَلَا إِضَاعَة المَال فقد يكون الْغَنِيّ زاهدا إِذا كَانَ قلبه مفرغا عَن الدُّنْيَا وَقد يكون الْفَقِير دنيويا إِذا اشْتَدَّ حرصه وَكَانَ معمور الْقلب بالدنيا مَسْأَلَة اخْتلفت النَّاس فِي المفاضلة بَين الْفقر والغنى فَذهب أَكثر الْفُقَهَاء إِلَى أَن الْغنى أفضل وَاسْتَدَلُّوا بِأَن الْغَنِيّ يقدر على أَعمال صَالِحَة وَلَا يقدر عَلَيْهَا الْفَقِير كالصدقة وَالْعِتْق وَبِنَاء الْمَسَاجِد وَذهب أَكثر الصُّوفِيَّة إِلَى أَن الْفَقِير أفضل وَاسْتَدَلُّوا بنصوص فِي هَذَا الْمَعْنى وَلَا يَصح التَّفْضِيل إِلَّا بعد تَفْصِيل وَهُوَ أَن من كَانَ يقوم بِحُقُوق الله فِي الْغنى وَلَا يقوم فِي الْفقر فالغنى أفضل لَهُ اتِّفَاقًا وَمن كَانَ بِالْعَكْسِ فالفقر أفضل لَهُ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا مَحل الْخلاف فِيمَن كَانَ يقوم بِحُقُوق الله فِي الْحَالَتَيْنِ والحقوق فِي الْغنى هُوَ أَدَاء الْوَاجِبَات والتطوع بالمندوبات وَالشُّكْر لله وَعدم الطغيان بِالْمَالِ والحقوق فِي الْفقر هِيَ الصَّبْر عَلَيْهِ والقناعة وَعدم التشوف للزِّيَادَة واليأس مِمَّا فِي أَيدي النَّاس وَللَّه در غَنِي شَاكر أَو فَقير صابر وَقَلِيل مَا هم (الْفَصْل الثَّانِي) فِي الْوَرع وَهُوَ على ثَلَاث دَرَجَات ورع عَن الْحَرَام وَهُوَ وَاجِب وورع عَن الشُّبُهَات وَهُوَ متأكد وَإِن لم يجب وورع عَن الْحَلَال مَخَافَة الْوُقُوع فِي الْحَرَام وَهُوَ فَضِيلَة وَهُوَ ترك مَا لَا بَأْس بِهِ حذرا مِمَّا بِهِ الْبَأْس وَالْأَصْل فِي هَذَا الْبَاب قَوْله صلى الله عليه وسلم الْحَلَال بَين وَالْحرَام بَين وَبَينهمَا أُمُور متشابهات لَا يعلمهُنَّ كثير من النَّاس فَمن اتَّقى الشُّبُهَات فقد اسْتَبْرَأَ لدينِهِ وَعرضه وَمن وَقع فِي الشُّبُهَات وَقع فِي الْحَرَام كَالرَّاعِي حول الْحمى يُوشك أَن يَقع فِيهِ إِلَى آخر الحَدِيث وَلذَلِك قيل أَن هَذَا الحَدِيث ربع الْعلم وَقيل ثلثه مَسْأَلَة فِي مُعَاملَة أَصْحَاب الْحَرَام وينقسم حَالهم قسمَيْنِ أَحدهمَا أَن يكون الْحَرَام قَائِما بِعَيْنِه عِنْد الْغَاصِب أَو السَّارِق أَو شبه ذَلِك فَلَا يحل شِرَاؤُهُ مِنْهُ وَلَا البيع بِهِ إِن كَانَ عينا وَلَا أكله إِن كَانَ طَعَاما وَلَا لبسه إِن كَانَ ثوبا وَلَا قبُول شَيْء من ذَلِك هبة وَلَا أَخذه فِي دين وَمن فعل شَيْئا من ذَلِك فَهُوَ كَالْغَاصِبِ وَالْقسم الثَّانِي أَن يكون الْحَرَام قد فَاتَ من يَده وَلزِمَ ذمَّته فَلهُ ثَلَاثَة أَحْوَال ((الْحَالة الأولى)) أَن يكون الْغَالِب على مَاله الْحَلَال فَأجَاز ابْن الْقَاسِم مُعَامَلَته وحرمها أصبغ ((وَالثَّانيَِة)) أَن يكون الغالبعلى مَاله الْحَرَام فتمنع مُعَامَلَته على وَجه الْكَرَاهَة عِنْد ابْن الْقَاسِم وَالتَّحْرِيم عِنْد أصبغ ((وَالثَّالِثَة)) أَن يكون مَاله كُله حَرَامًا فَإِن لم يكن لَهُ قطّ مَال حَلَال حرمت مُعَامَلَته وَإِن كَانَ لَهُ مَال حَلَال إِلَّا أَنه اكْتسب من الْحَرَام مَا أربى على مَاله واستغرق ذمَّته فَاخْتلف فِي جَوَاز مُعَامَلَته بِالْجَوَازِ وَالْمَنْع والتفرقة بَين مُعَامَلَته بعوض فَيجوز كَالْبيع وَبَين