الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجب الْأَدَاء وَلَا يحل لَهُ المطل (الثَّانِي) غَرِيم مُعسر غير عديم فَيُسْتَحَب تَأْخِيره وَهُوَ الَّذِي يجحف بِهِ الْأَدَاء وَيضْرب بِهِ (الثَّالِث) غَرِيم مُعسر عديم فَيجب تَأْخِيره إِلَى أَن يوسر وَقَالَ أَبُو حنيفَة لغرمائه أَن يلازموه ويدوروا مَعَه حَيْثُمَا دَار وَقَالَ عمر بن عبد العزيز وَابْن حَنْبَل لَهُم أَن يؤاجروه وَكَانَ الحكم فِي أول الْإِسْلَام أَن يُبَاع فِي دينه فنسخ لقَوْل الله تَعَالَى ((وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة)) (الْفَصْل الأول) فِي الحكم على المذيان فَإِذا عدا صَاحب الْحق غَرِيمه إِلَى القَاضِي بعد ثوبت الْحق وحلوله فَلَا يَخْلُو من وَجْهَيْن (الأول) أَن يَدعِي الْعَدَم (الثَّانِي) أَن لَا يَدعِي الْعَدَم فَأَما إِن ادّعى الْعَدَم فَلَا يقبل مِنْهُ لِأَن النَّاس محمولون على الملاء حَتَّى يثبت عدمهم فَأَما أَن يُعْطي رهنا أَو ضَامِنا بِوَجْهِهِ وَإِلَّا سجن اتِّفَاقًا حَتَّى يتَبَيَّن عَدمه ويتبين عَدمه إِن ثَبت بالشهود الْعُدُول وَيحلف بعد ذَلِك أَنه مَا لَهُ مَال وَلَا ظَاهر وَلَا بَاطِن لِأَن شَهَادَة الشُّهُود بِالْعدمِ هِيَ على نفي الْعلم وَيحلف هُوَ على الْبَتّ فَإِذا خلف بعد الثُّبُوت سرح وَسقط عَنهُ الطّلب حَتَّى يَسْتَفِيد مَالا وَيُؤَدِّي مِنْهُ فَإِن ادّعى صَاحب الْحق بعد ذَلِك أَنه قد اسْتَفَادَ مَالا لم يكا لَهُ أَن يحلفهُ وَأما الْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ إِذا لم يدع الْغَرِيم الْعَدَم فَإِنَّهُ يُؤمر بِالْأَدَاءِ فَإِن قَالَ أمهلوني بَيْنَمَا يَتَيَسَّر لي أعطي رهنا أَو ضَامِنا بِالْمَالِ لم يسجن ويؤخره القَاضِي مُدَّة على حسب قلَّة الدّين وكثرته وَذَلِكَ يرجع إِلَى اجْتِهَاد القَاضِي وَهَذَا إِذا لم يكن من أهل الناض فَإِن كَانَ من أهل الناض لم يُؤَخر وَأمر بِالْأَدَاءِ معجلا فَإِن امْتنع مِنْهُ سجن فَإِن ادّعى صَاحب الْحق أَن عِنْد الْغَرِيم ناضا وَأنكر الْغَرِيم حلف الْغَرِيم أَنه لَيْسَ عِنْده ناض فَإِن نكل عَن الْيَمين حلف صَاحب الْحق وأجبر الْغَرِيم على الْأَدَاء وَلم يُؤَخر فَإِن طلب صَاحب الْحق أَن يفتش دَار الْغَرِيم فَاخْتلف هَل يُمكن من ذَلِك أم لَا (الْفَصْل الثَّالِث) فِي سجن الْغَرِيم وَهُوَ على ثَلَاثَة أَنْوَاع ((الأول)) سجن من ادّعى الْعَدَم وجهلت حَالَته فيسجن حَتَّى يثبت عَدمه أَو يُعْطي ضَامِنا بِوَجْهِهِ ((الثَّانِي)) سجن من اتهمَ أَنه أخْفى مَالا وغيبه فَإِنَّهُ يسجن حَتَّى يُؤَدِّي أَو يثبت عَدمه إِلَى أَن يُعْطي ضَامِنا بِالْمَالِ ((الثَّالِث)) يسجن من أَخذ أَمْوَال النَّاس وتقعد عَلَيْهَا وَادّعى الْعَدَم فَتبين كذبه فَإِنَّهُ يحبس أبدا حَتَّى يُؤَدِّي أَمْوَال النَّاس أَو يَمُوت فِي السجْن وَقَالَ سَحْنُون يضْرب الْمرة بعد الْمرة حَتَّى يُؤَدِّي أَمْوَال النَّاس وَلَا ينجيه من ذَلِك إِلَّا ضَامِن بِالْمَالِ
الْبَاب الثَّانِي فِي التَّفْلِيس
الْفلس هُوَ عدم المَال والتفليس هُوَ خلع الرجل عَن مَاله للْغُرَمَاء فَإِذا أحَاط الدّين بِمَال أحد وَلم يكن فِي مَاله وَفَاء بديونه وَقَامَ الْغُرَمَاء عِنْد القَاضِي فَإِنَّهُ
يجْرِي فِي ذَلِك على الْمديَان أَحْكَام التَّفْلِيس وَهِي خَمْسَة (الأول) أَنِّي سجن اسْتِبْرَاء لأَمره (الثَّانِي) أَن تحل عَلَيْهِ الدُّيُون المؤجلة والمعجلة فِي الْمَذْهَب بعد سجنه أَو استتاره كَمَا تحل على الْإِنْسَان إِذا مَاتَ اتِّفَاقًا (الثَّالِث) أَن لَا يقبل إِقْرَاره بدين وَشبهه وَإِن كَانَ إِقْرَاره بعد الدُّيُون وَقبل التَّفْلِيس قبل فِيمَن لَا يتهم عَلَيْهِ وَلَا يقبل فِيمَن يتهم بالميل إِلَيْهِ من قريب أَو صديق فَإِن كَانَ إِقْرَاره بعد التَّفْلِيس لم يقبل أصلا وَلَكِن يجب فِي ذمَّته مَتى اسْتَفَادَ مَالا وَاخْتلف فِي إِقْرَاره بِمَال معِين كَالْوَدِيعَةِ بَيِّنَة والقراض فَقيل يقبل وَقيل لَا يقبل وَقيل يقبل إِن كَانَ على أصل الْقَرَاض والوديعة بَينه (الرَّابِع) أَن يحْجر عَلَيْهِ فَلَا ينفذ تصرفه فِي مَاله فَإِن تصرف فِيهِ بعد الدُّيُون وَقبل التَّفْلِيس نفذ مَا كَانَ تصرفه بعوض كَالْبيع وَلم ينفذ مَا كَانَ بِغَيْر عوض كالهية وَالْعِتْق وَاخْتلف فِي جَوَاز رَهنه وقضائه بعض غُرَمَائه دون بعض وَأما بعد التَّفْلِيس فَلَا ينفذ شَيْء من أَفعاله سَوَاء كَانَ بعوض أَو بِغَيْر عوض ((الْخَامِس)) قسم مَاله على الْغُرَمَاء بعد أَن يتْرك لَهُ مِنْهُ كسوته وَمَا يَأْكُلهُ أَيَّامًا هُوَ وَأَهله وَفِي الْوَاضِحَة الشَّهْر وَنَحْوه وَاخْتلف هَل تتْرك كسْوَة زَوجته وَهل تبَاع عَلَيْهِ كتب الْعلم ثمَّ يجْتَمع كل مَا وجد لَهُ من أصُول وعروض وَغير ذَلِك وتباع الْأُصُول وَالْعرُوض وَيقسم الْمَجْمُوع على الْغُرَمَاء فَإِن وفيى بِدِينِهِ سرح من السجْن وبريء من الدُّيُون وَإِن كَانَ مَاله لَا يقوم بالديون قسم قسْمَة المحاصة وَالْعَمَل فِي المحاصة أَن ينظر نِسْبَة مَاله من جَمِيع الدُّيُون وَيُعْطى كل وَاحِد من الْغُرَمَاء بِتِلْكَ النِّسْبَة دينه مِثَال ذَلِك إِذا كَانَ مالخ عشرَة دَنَانِير والديون عشرُون دِينَار فَيعْطى كل وَاحِد مِنْهُم نصف دينه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَاله عشرَة والديون ثَلَاثُونَ أعطي كل وَاحِد مِنْهُم ثلث دينه وَيحلف الْمُفلس أَنه لَيْسَ لَهُ مَال ظَاهر وَلَا بَاطِن يُؤَدِّي مِنْهُ بَقِيَّة دينه وَحِينَئِذٍ يسرح من السجْن وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ للْحَاكِم أَن يحجز على الْمُفلس وَلَا يَبِيع مَاله بل يحْبسهُ حَتَّى يُؤَدِّي أَو يَمُوت فِي السجْن مَسْأَلَة من بَاعَ سلْعَة ثمَّ أفلس المُشْتَرِي أَو مَاتَ قبل أَدَاء الثّمن فَلهُ ثَلَاثَة أَحْوَال (الأولى) يكون البَائِع أَحَق بسلعته فِي فلس المُشْتَرِي وَوجه ذَلِك إِذا كَانَت السّلْعَة بَاقِيَة بيد البَائِع وَكَذَلِكَ الصناع إِذا أفلس رب الْمَتَاع أَو مَاتَ وَالْمَتَاع بيد الصناع وَكَذَلِكَ الأَرْض أَحَق بالزرع فِي الْكِرَاء (الثَّانِيَة) يكون البَائِع أحل بالسلعة فِي فلس المُشْتَرِي دون مَوته وَهُوَ إِذا كَانَت السّلْعَة بَاقِيَة بيدالمشتري وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ أَحَق بهَا فِي الْمَوْت والفلس وَعكس أَبُو حنيفَة (الثَّالِثَة) يكون البَائِع فِيهَا سَوَاء مَعَ سَائِر الْغُرَمَاء فِي الْمَوْت والفلس وَهَذَا إِذا كَانَت السّلْعَة قد فَاتَت أَو ذهبت فرع قَالَ ابْن حَارِث اتَّفقُوا على أَن البَائِع إِذا وجد عين مَاله بيد المُشْتَرِي وَقد زَاد أَو نقص كَانَ لَهُ أَخذه على مَا يُوجب الحكم فِي الزِّيَادَة وَالنَّقْص وَقَالَ ابْن مُحرز إِن تَغَيَّرت تغيرا يَسِيرا فَالْحكم فِيهَا أَن صَاحبهَا أَحَق بهَا وَإِن تَغَيَّرت تغيرا كثيرا بَطل حق البَائِع فِيهَا وَإِن ترَتّب الدّين على الْمَيِّت أَو الْمُفلس من كِرَاء أَو إِجَارَة أَو شَيْء غير البيع فالغرماء كلهم سَوَاء